عبـكة : قومي من تحت الردمي, قومي من أحزانك قومي كذهرة لوز في نيسان

عالجنا خطتنا بتنسيق مسبق ليحل ثلاثتنا في البلد بالتزامن في زمن ضن فية اللقاء بعد أن بعثرنا عبث زمان مفرغ من الإحساس في فجاجات قريبة وبعيدة

اردنا أن يواسي بعضنا البعض بكسر العمود الفقري لعائلتنا الكبيرة في ربوع بلدتنا الحبيبة عبكة - أي رحيل الوالد علية الرحمة من أربعة سنوات باكيا قسوة الأيام الأليمة في شظايا وحدة حرمته من احتضان أحبائة العزيزين ولسان حالة يلهج ويقول يالهولي ومصيبتي فلربما لا نلتقي أيضا عند النشور الأتي بعد حين

حططنا الرحال بعاصمة البلاد بالتتابع يدفعنا شراع لهفة ممزوجة بمشاعر أسي وحنين دافق لتطييب خاطر هو الأخر مكسور( الوالدة ) بفعل شتات صغارها وأحفادها في مهاجرهم النائية - التئم شملنا المفقود منذ عقدين في خرطوم السودان وكل منا يحاول في صمت مريب قراءة وتلمس ما تبقي في حقيبة الذكريات المخفية في قاع الذاكرة الخربة لكل منا- التحم عقدناالمنثور في بلاد بعيدة كما أسلفت بأرض النيلين الندية التي كانت مسرحا لنهضات سادت ثم بادت وتحولت دراستيكالي إلي غابة ينعق ويمرح فيها البوم والغربان

والبص يشق مسارة في شريط أسفلتي ضيق ناهبا الطريق نهبا تذكرت يا سبحان الله ما كان يردده عمنا الراحل محمد شلك في أزمنة غابرة جميلة عند كل نازلة تسمك بوهجها الحزين خاصرة بعض من أسرنا الصغيرة التي أدمنت حب وعشق عبـــكة فقلت مخاطبا شقيقي الأصغر : لا تنتحب أخي وتذكر دائما مقولة عمنا محمد شلك بان ما آل اليه والدنا من مصير هو نفس الحال الذي ستؤول الية كل الخليقة في محاولة يائسة للتخفيف علية وطأة الشعور بالذنب تجاه ظروف الوحدة القاسية التي ترجل فيها والدنا عن راحلتة الدنيوية البيضاء تاركا وصية غالية لدي الوالدة بالصفح والسماح عن كل أحبائة الصغار والكبار بتقدير وإحساس عاليين بوحل وظروف الشتات التي كبلت خطي أولادة من الطيران والتحلق حول جسدة الطاهر وهو يلفظ أنفاسة الأخيرة في هذه الدنيا العجيبة

كان جو - منزلنا في المغترب والقابع في الطابق العلوي في بناية عتيقة - في حي لم يستطع حفر اسمة في بقايا الذاكرة الخربة - مشبعا بزمهرير رياح شتوية عنيفة لا ترحم - تثاقلت الخطى في الليلة ديك وأنا اهم بالقاء جسدي المتعب في مخدع الهم والبيات الشتوي الذي ينتظرني في سريرى - شعرت بنور الغرفة يضاء علي عجل وام عيالي تنتصب مشدوهة امام سريري الذي لفظتني منه قوة الكابوس أو بالأحري الحلم الذي احكم قبضتة علي مضاجعي وكنت ساعتئذ اصيح كطفل جريح وبأعلي صوتي : يا فـــانة وهي الكنية المحببة التي ننادي بها والدتنا العظيمة فاطنة بنت حرم : سامحينا بالله علي الجرم الذي سيصبح مكبلا لارواحنا حتى يؤول مصيرنا ايضا لتلك الاماكن السحيقة ونلتقي بعزيزنا الراحل فها نحن يافانة نسرع الخطي اليك زرافات ووحدانا بعد تحررنا من قيود الشتات التي غاصت باقدامنا في وحل الغربة اللعينة - تململت قليلا وأنا اتمتم بكلمات مبهمة وغريبة قبل ان افيق واكتشف بان سفري ذاك وأخواني المحفوف بعناية الرحمن لم يكن إلا محض هذيان ليلي ثقيل.

اعتذار واجب لفنانتنا المبدعة الرقيقة ماجدة الرومي علي اقتباس مقطع من أنشودتها الوطنية الرئعة : بـــيروت

فيصل فانة .. هو انا ناقص ...؟؟ كل شئ ممكن الا ان تعود عبكة ؟؟ ذهب احمد طه وقبله ذهب كثيرون منذ ان غادرت البلاد منذ عقود ثلاث ومنذ الهجرة الكريهة ... من يعرفني انا الان ...؟؟ اجيال كثيرة توالت ... لا عبكة ولا الذين كانو بقيو .. رحل الي الفانية كثيرون وتشتت الاخرون ....حتي اسفيريا لا نلتقي ... نهرب من انفسنا فنهرب من بعضنا .. تتكلم عن الاسرة الكبيرة هل صارت كبيرة ؟ .. هل نحن ما زلنا كذلك؟؟؟
لا اريد ان اذهب الي خمستاشر فلا اجد معظم من عرفتهم؟ .. لايكفي ان تعرفني اجيال صغيرة اسما ....؟

ابوبكر
سلام
هي الحياة ياعزيزي بكري بسرمديتها العجيبة - الكل يغرف منها ما كسبت أيدية بنونا ومالا وشقاء - رحيل كبارنا الأعزاء في ظل عتمة من الوحدة الموحشة هو الأشد إيلاما والما- اما حبيبتنا عبــكة فستبقي دائما متأهبة ومتوثبة علي الأقل في مخايلنا ومخايل عشاقها السكاري

الي روح عبكة الهائمة في عليائها العالي

فيصل .. في مساء يوم صيفي من عام 1964 وانا طالب بعطبرة الثانوية ذهبت الي محطة السكة حديد لاكون في استقبال عبكة في قطار اتي من وادي حلفا في طريقه الي خشم القربة ...ذاك يوم لن انساه ابدا ... كل عبكة من اورون هوش الي كولن هوش الي دور ودتي وارتقو (بعض منها) وجزرنا العتيقة .. كنت اركض من اول القطار الي اخره اسلم واودع وووووووو!!!! صورة قاسية .. تحرك القطار وذهبت عبكة .... رجعت مكسور الخاطر الي المدرسة .. كانت حصة المذاكرة المسائية .. اخرجت مفتاح الشنطة من جيبي وحفرت صورة منزلنا علي سطح طاولة الدراسة .. بقيت الصورة حتي غادرت عطبرة بعد اعوام ثلاث ... قبلها لم ارسم شيئا ابدا الا بعض حشرات في كراسة في حصص في الاولية ... بعد سنوات وعند معاينة للدخول الي كلية المعمار سالني الاستاذ المصري بروفيسور احمد كمال عبدالفتاح من اين انت " نوبي من حلف؟ ماهي ملامح المعمار النوبي وهل يمكن ان ترسم لنا منزلا نوبيا؟ فرسمت نفس الصورة لبيتنا وخرجت .. كنت قد قررت الهجرة الي الدراسة في بولند فلذا لم اكن مهتما بالنتيجة .. ثاني يوم عدت الي مباني المعمار القديمة ووجدت جمعا يطالعون بورد الاعلانات .. كانت هناك قائمة الذين اجتازو المعاينة وجدت اسمي اول القائمة ... وهكذا قررت عبكة ان تجعل مني معماريا ....ّ
وذهبت بيوت عبكة وبقيت اصمم وابني بيوتا لغير عبكة ....

شكرا ابابكر فقد نقلتنا بقلمك الرشيق إلي ايام رحيبة رحابة عطبرة الجميلة شقيقة حلفابكل المقاييس فعلي جانبيها تتمدد جزر انيقة كما كان الحال في حلفا السليبة وفيها كان يتعملق شارع نيل أخاذ تحفة أشجار النيم العزيرة الخضرة ( حي السودنة الراقي ) وفيها وبها كان رهط من أهلنا الطيبين في أمبكول والداخلة وحي السوق وقوهة تجة علية الرحمة

هل ما زلت تذكر بقايا زكريات من رحلتنا تلك العجيبة ونحن صغار نمرح فيها من أولها إلي أخرها غير مدركين للمصير المجهول الذي كان يحملنا اليه القطار - كان العم الأنيق ميمان والخال محمود صالحين وأخونا التجاني ( حسب ظني ) ومحمد كدود وخالد زينبية قد أتو ألي عبكة في إجازات إضرارية لمرافقة الأهل إلي المثوي الذي لا أحب ان يطيل المقام فيه طويلا

أبوبكر

الصورة الجميلة التي تزين يسار اسمك هل هي لأبنتك النجيبة رشا - يخليها ليك يا رب

دي صورة غادة نوري ...هي في عمر رشا وتعرضت لحادث اضر بكبدها مما استوجب زراعة كبد وهي كلها امل في الله وفي كتائب الامل من شباب السودان التي تكافح لتوفيير قيمة العملية ...

ابوبكر
امنياتي الطيبة أن يمن الله لها بالشفاء العاجل وتحرر أختنا
غادة نوري من سقمها وآلامها

اللهم اشفها شفاء تاما غير منقوص يا رب العالمين