يوم الثلاثاء الماضي تبنى مجلس النواب الامريكي مشروع قانون !!!!!!!!!!!!!

يوم الثلاثاء الماضي تبنى مجلس النواب الامريكي مشروع قانون يطلب من رئيس الولايات المتحدة تقديم تقرير للكونغرس حول 'التحريض على العنف ضد الامريكيين' في تلفزيونات الشرق الاوسط، وتبنى اعضاء مجلس النواب مشروع القانون باغلبية ساحقة من 395 صوتا مقابل ثلاثة اصوات. ويطلب القانون الجديد من الرئيس الامريكي رفع تقرير كل ستة اشهر حول هذه المسألة.
اللافت ان نص القانون اشار الى انه 'منذ سنوات ووسائل اعلام الشرق الاوسط تنشر وبطريقة متكررة تحريضا على العنف ضد الولايات المتحدة والامريكيين' مما يترتب على ذلك مخاطر كبيرة، وطالب القانون بـ'اجراءات عقابية' بحق مالكي الاقمار الفضائية الذين يسمحون لمحطات تلفزيونية ببث افكار ذات 'طابع ارهابي'.
المحطات المستهدفة من هذا القانون هي 'المنار' المدعومة من قبل 'حزب الله' اللبناني، و'الاقصى' التابعة لحكومة قطاع غزة بزعامة قيادات من حركة المقاومة الاسلامية 'حماس'. ومن غير المستبعد تطبيق هذا القانون على اي محطة عربية اخرى تجرؤ على انتقاد سياسات الهيمنة الامريكية في العالمين العربي والاسلامي، او استضافة شخصيات تمارس هذا الحق المشروع في اطار حرية الرأي.
اننا نستغرب صدور مثل هذا القانون من مجلس نواب يمثل دولة تدعي انها زعيمة العالم الليبرالي الحر، وتتولى مسؤولية دعم الحريات التعبيرية في العالم بأسره، وتصدر قوائم سنوية بالدول والانظمة التي تنتهك هذه الحريات.
التحريض على الارهاب وقتل الابرياء من الامور المدانة، علاوة على كونها غير مقبولة، ولكن هناك فرقا كبيرا بين التحريض على مقاومة الاحتلال والتحريض على الارهاب. فالأول حق مشروع كفلته القوانين والشرائع الدولية، والثاني جرمته الشرائع والقوانين نفسها.
وربما ينسى اعضاء مجلس النواب الافاضل ان بلادهم لا تمارس التحريض على قتل الابرياء فقط، وانما تمارسه فعلياً في العراق وافغانستان، فالطائرات دون طيار تقتل بصورة مستمرة ابرياء في افغانستان وباكستان تحت ذريعة مطاردة انصار طالبان وتنظيم 'القاعدة'، كما انها قتلت اكثر من مليون انسان في العراق بعد الغزو، ومليون آخر قبله اثناء الحصار.
القانون الامريكي الجديد لم يحدد الفوارق بين التحريض على الارهاب والقتل من ناحية ودعم المقاومة من ناحية اخرى، الأمر الذي قد يؤدي الى استخدام صيغته الغامضة هذه لمصادرة الحريات الاعلامية، واغلاق محطات عربية تمارس دورها المهني بشكل جيد، وتعطي مساحة لكل الآراء مثل قناة 'الجزيرة' التي تعرضت، وما زالت تتعرض، لانتقادات امريكية رسمية بسبب توفيرها الفرصة لبعض رجال المقاومة في افغانستان والعراق للتعبير عن آرائهم في انتقاد الحروب الامريكية الظالمة وغير الشرعية التي تستهدف بلديهم.
من الواضح ان الكونغرس الامريكي يريد عودة الاعلام العربي الى العصور الجاهلية، اي عصور الاعلام الرسمي البائس الذي يعظم الديكتاتورية والقمع والاستبداد، ويقاوم حرية التعبير بكل الطرق والوسائل، ولا يريد للحريات الاعلامية والتعبيرية التي تكسر الحواجز وتجتاح كل بقاع العالم، ان تصل الى المنطقة العربية.
كنا نتمنى لو ان رجال مجلس النواب الامريكي الافاضل يتذكرون بان محطات التلفزة العربية سواء التابعة لحزب الله او حماس، لا تهاجم السويد، ولا تحرض ضد مواطنيها، هذا اذا افترضنا ان رواية التحريض الامريكية هذه صحيحة، وهي ليست كذلك حتماً، لسبب بسيط وهو ان السويد او هولندا او البرازيل لا تحتل دولاً اخرى، وتقتل مئات الآلاف من ابنائها.