أرواح هائمة ...

الزمان: شتاء 1989
المكان: مدينة سواكن

حبات المطر الباردة تتساقط على وجوهنا من خلال

نوافذ البص العتيق الخالية من الزجاج .. الصمت

سيد المكان وهو من طبيعة أهل هذه المنطقة .. لايحبون

كثرة الحديث الكل يخلو مع نفسه .. كنت الوحيد بينهم

الذي عانى من الضوضاء التي تصدرها ماكينة الباص العتيق

فهي أشبه بصوت طاحونة في احدى القرى النائية ...............

يامنتصر

سلام ياجميل

ماعاوز اقاطعكـ

لكن والله لامن تجي سيرة المنطقة دي

( شعرة جلدي بتكلب....!!!!)

واصل السرد والحكي

سلام وتحايا ومتابعة وكده .

هذه زيارتي الثالثة لمدينة سواكن وفي كل مرة أزورها

ينتابني احساس بأن حجارتها قد نقصت عن المرة السابقة

التي زرتها فيها .. حتى أنني أيقنت أنه سيأتي يوم أزورها

فيه ولا أجد حجرا واحدا من بقاياها .. قصدت المدينة القديمة

هذه المرة لاأسأل أهلها أو على وجه الدقة من بقي منهم عن حقيقة

قصة ( شبح الباشا العثماني ) الذي تقول الرواية أنه كان يجوب

المدينة ليلا بحصانه ثم يختفي قبل طلوع الفجر ...................

تسلم هارون

ولك ان تعلم ان القصة ليست من نسج الخيال

ولا زلت أتتبع وأجمع ماخفي من تفاصيلها ...

طرحت سؤالي هذا قبل مجيئي الى سواكن على عدد من

أساتذة التاريخ وبعض المهتمين بالآثار .. فذكر معظمهم

أنها المرة الأولى التي يسمعوا فيها بالقصة .. بينما

قال البعض أنهم لا يستبعدون ان تكون القصة حقيقية

رغم عدم علمهم بها ..................

تناولت وجبة صيادية في مطعم صغير يطل على بقايا قصر الشناوي

.. سألت صاحب المطعم الذي تدل ملامحه على أنه ليس من أبناء المنطقة

: هل سمعت بقصة شبح أو طيف الباشا العثماني ؟ فأجاب بالنفي ثم أردف

قائلا : القصص التي سمعتها هنا جميعها حول القطط مشيرا بأصبعه نحو مجموعة

من القطط التفت حولنا وهي ترمقنا بنظرة استجداء .. بعد ذلك توجهت صوب

البوابة ( بوابة قصر الشناوي ) ووجهت السؤال لحارس البوابة .. فلم أجد

منه اجابة شافية .. داخل أطلال القصر الأثري طرحت السؤال على عدد من الزوار

فهزوا رؤوسهم علامة النفي ..................... نواصل

مساك خير منتصر.......

ايوه كده ... دي الكتابه ولا بلاش ...
واصل على الخط دا ,,, شكلك زول كتاااااااااااب ..

تحياتي ومساك ورد ...

منتصر انتا زول رايع ياخي

دي الكتابة ولا بلاش

ذكرتني سواكن

عليك الله احكي

وكتر الاشجان علينا

_________
تعرف انا بجيبني عنوان البوست

لمن ادخلوا بلقاهوا تبعك

معليش على المقاطعة

واصل و كلي استماع

مساك حديقة داليا

شكرا علي الطلة والتشجيع .. تسلمي

كان اليوم جمعة .. اعتاد أهل بورتسودان وضواحيها قضاء أيام العطلات

بمدينة سواكن .. حضروا في ذلك اليوم فرادى وجماعات حتى ضاقت بهم

باحات وممرات القصر المتهالك .. والأدهى ان بعض الشباب والأسر أحضروا

معهم خراف وقاموا بذبحها وطبخها داخل حرم القصر الأثري دون أدنى احساس

بفداحة مافعلوه .. مما يعد خرقا واضحا لقوانين الحفاظ على الآثار والاعتناء

بها هذا ان وجد لدينا قوانين للحفاظ على آثارنا المهملة .. بما أنني حضرت

من أجل مهمة محددة وهي التحقق من قصة شبح أو طيف الباشا العثماني فقد اعتبرت

ان المهمة قد فشلت ولم يتبقى لي سوى مغادرة المدينة القديمة والعودة بخفي حنين

.. في طريقي الى الخارج وجدت بائع الأصداف البحرية فحدثتني نفسي الأمارة بالشراء

ان أنتقي بعضا منها .. سألت بائع الأصداف وأنا أقلب الأصداف بأيدي خبيرة فهذه ليست

المرة الأولى التي أشتري فيها أصداف من سواكن .. سألته: هل سمعت بقصة شبح الباشا العثماني ؟............... نواصل

شكرا حاتم

ده بس من ذوقك يا أمير ...........
صادق الود

أجابني بائع الأصداف وسط دهشتي وبكل برود: نعم سمعت بها

عندها تركت ما بيدي وطلبت منه أن يحكيها لي مقابل قيامي

بشراء ماتبقى لديه من أصداف .

قال:

أخبرني جدي بقصة الرجل الذي يهيم عبر شوارع المدينة بحصانه

ليلا متنقلا من شارع الى آخر .. ثم يتجه في نهاية المطاف الى

البحر قبل انقشاع الظلام ويتوارى عن الأنظار .. ظن الناس في

في بادئ الأمر أنه أحد رجال السواري .. الذين يطوفون حول المدينة

ليلا .. ولكن بعد أن شاهده أكثر من شخص وتطابق وصفهم له اتضح أنه

ليس من رجال السواري .. فأطلقوا عليه لقب ( الباشا العثماني )

لارتداءه زي الباشوات آنذاك من طربوش أحمر ورداء أسود بأزرار نحاسية

وخلافه .. أما حصانه فقد أجمع كل من شاهده من فوق المشربيات أنه ضخم

الجثة .. يفوق الحصان العادي حجما وارتفاعا ............. نواصل

في أحد الأيام بينما كان أحد الأهالي عائدا الى منزله

في ساعة متأخرة من الليل .. فاذا به يلتقي ب الباشا العثماني

وجها لوجه في أحد الأزقة قليلة الاضاءة .. فقد ذكر للأهالي في اليوم

الثاني وهو لايزال يعاني من حالة الرعب التي اعترته في ليلة البارحة

أنه لن ينسى ما بقي حيا تلك النظرة النارية التي رمقها به الباشا العثماني

عندما مر بجانبه .. ثم ذكر أمرا شديد الغرابة عندما قال أن حصان الباشا رغم

ضخامته لم يصدر صوتا عندما مر بجواره كأنه كان يمشي على الهواء وليس على الأرض

.. وأن الباشا كان يتلفت يمنة ويسرى كمن يبحث عن شئ ما .. انتشر الخبر وسط الأهالي

والمناطق المجاورة .. فصار الناس رهن منازلهم لا يغادرونها بعدحلول الظلام أيا كانت

الأسباب .. قامت السلطات بانارة كل الشوارع الرئيسية والفرعية .. وكذلك قامت قوات السواري

بتكثيف دورياتها طوال الليل .. مرت أيام وأسابيع لم يرى فيها أحد الشبح المتجول أو يسمع

عنه شيئا .. فاطمئنت قلوب الأهالي .. وذهب عنهم الخوف الذي زرعه فيهم الزائر الليلي الغامض

عادت الحياة الى طبيعتها .. وتنفست المدينة الصعداء بعد الليالي العصيبة التي عاشتها .. حتى

أتى ذلك اليوم .. حيث أقسم أحد الصيادين أنه رأى الباشا العثماني على حصانه يقف على حافة البحر

في مواجهة المدينة .. يطيل النظر الى الشوارع المضاءة .. ورجال السواري يجوبون الشوارع جيئة وذهابا

كقافلة من النمل . ( انتهت )

انتهت ........