I LOVE YOU TOO MUCH MY DEAR" /�> I LOVE YOU TOO MUCH MY DEAR�� /> أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......

أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......


04-17-2005, 02:49 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=25&msg=1117230938&rn=113


Post: #1
Title: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 02:49 AM
Parent: #0

>





I LOVE YOU TOO MUCH MY DEAR

Post: #2
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Yasir Elsharif
Date: 04-17-2005, 02:54 AM
Parent: #1

so much

دعواتي وصلواتي معك أيها الأخ الحبيب.. الله يعافيك ويخليك.. مع السلام آلاف للأخت تيسير والأبناء حسام وأحمد..

Post: #3
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: banadieha
Date: 04-17-2005, 03:05 AM
Parent: #1


.Me too, Khatem


Kostawi

May Allah save Alkhatem

Post: #4
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: THE RAIN
Date: 04-17-2005, 03:06 AM
Parent: #1

هذا الإنسان يا كوستاوى
لا يوجد من "عينته" إثنان

هو واحد فقط
الخاتم عدلان

تميز وتفرد فى كل شئ

كل الدعوات والصلوات له بالشفاء والعافية

Post: #5
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Dr Mahdi Mohammed Kheir
Date: 04-17-2005, 03:12 AM
Parent: #1

الأخ كستاوى

تحياتى الطيبة

هذه لمسة أنسانية راقية تجاه الأخ العزيز الخاتم الذى يواجه أشد أنواع السرطان ضراوة وفتكا وألما بصبر نادر وشجاعة منقطعة النظير .

صلوا وأدعوا وتوجهوا مع الخاتم فى مرضه ومحنته , فما أدخر الخاتم جهدا قط فى القتال والنضال من الوطن , ومن أجلكم جميعا .. وبلا تمييز .

اللهم خفف عنه ألمه وأشفه من عضال مرضه

Post: #6
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: ودقاسم
Date: 04-17-2005, 03:14 AM
Parent: #1

اللهم امنحه الصحة والعافية ،،،
إني أحتاجه للسودان ، ولفقراء السودان , ولمنطقة غرب الجزيرة المنسية ،،،،

Post: #7
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: محمد صلاح
Date: 04-17-2005, 03:24 AM
Parent: #6

دعواتنا للأستاذ الخاتم بالشفاء التام والعاجل

Post: #8
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Giwey
Date: 04-17-2005, 03:29 AM
Parent: #6

لهفى عليك أيها الفتى الألمعى..
عافية والف عافية يا رب....



عبد الرحمن قوى

Post: #9
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 03:34 AM
Parent: #6

All
I know now is: How to wipe up my dry tears.
(And I am good at it)

Post: #10
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 03:59 AM
Parent: #9

The last article written by Khatim on Sudaneseonline



هذا مقالي للأضواء الغراء هذا الأسبوع، وهو يتعرض لمحاولات الدكتور عبد الله علي إبراهيم للإعدام المعنوي لعبد الخالق محجوب، بعد أن قتله أعداؤه جسديا.


بين الدكتور عبد الله على إبراهيم،
والأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب:

لا يكتفي الدكتور عبد الله علي إبراهيم، بأقل من الإعدام المعنوي لليسار، ممثلا في واحد من أوضأ رموزه: الأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب. ومن خلال إشارات مبثوثة في عدد لا يحصى من المقالات، يحاول عبد الله على إبراهيم أن يمدح عبد الخالق محجوب بأن ينسب إليه قيما ومواقف لم تكن حياة الشهيد وموته، إلا نفيا ودحضا لها. وإذا كان ما حدث لعبد الخالق محجوب صبيحة الثامن والعشرين من يوليو 1971، إعداما جسديا إجراميا نفذه حاكم معتوه، فإن رد فعل عبد الخالق عليه، قد مثل الدرجة العليا من التسامي الفردي، والبطولة الإنسانية، والشجاعة العقلية، التي ألهمت أجيالا من الشعراء والرسامين والمبدعين، بقدر ما ألهمت المناضلين في كل الدروب. ومصدر الإلهام هنا لم بكن تلك الوقفة الأسطورية وحدها، بل كانت السيرة كلها، والقيم التي أضاءت تلك السيرة، والتي لم يزدها الإعدام الجسدي إلا جلاء. أي أن عبد الخالق محجوب، لم يعد منذ تلك المأثرة الباهرة التي خطها بموته، سوى تلك القيم التي عاش من أجلها، وجاد بروحه ودمائه لإضاءتها وسقياها. وهو قد قال لنا بفعله ذاك: جسدي فداء لفكري، دمي زيت لقيمي، عبوري ثمن لبقاء معناي. فإذا أتي من ينسب لعبد الخالق قيما ومواقف نقيضة لما كان يؤمن به، ويرفعها علما على ذكراه، مع كل آيات التمجيد الزائفة وحسرات الفراق المفتعلة، فإنه يحاول إتيان جريمة أفظع من القتل الجسدي، وهي قتل المعنى. وهذا هو ما ظل يمارسه عبد الله علي إبراهيم منذ أن زلزلته الإنقاذ بحضورها الرهيب، وخلعت فؤاده وكسرت جبارته.
في كتابه عن الترابي كزعيم للتجديد الإسلامي في السودان، وعن إمكانية حكم البلاد بواسطة فئة القضاة الشرعيين، يورد عبد الله علي إبراهيم الإهداء التالي:
" إلى أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب
كنا قد إئتمرنا أو " تآمرنا" على شيئ من هذا الكتاب في فترة من الزمان عند منتصف ستينات القرن الماضي. واستعجلت أنت تخطو وئيدا شجاعا في السكة الخطرة. أو أبطأت أنا. وهذا بعض كسبي من " المحضر السابق" صدقة جارية لروحك السمح العذب، يا أيها الرجل الوسيم."
ألاحظ عرضا هنا إستخدام عبد الله على إبراهيم، في إهداء يوجهه إلى عبد الخالق محجوب، لمصطلحين أساسيين في فكر حسن عبد الله الترابي، هما مصطلح الإئتمار، الذي يفضله الترابي لمعناه المزدوج، الظاهر المتعلق بعقد المؤتمرات، والخفي الذي يعني التآمر، فالترابي يعشق مثل هذه المصطلحات ويهيم بها هياما لا فطام منه. ومصطلح "الكسب"، الذي يصور العمل السياسي والفكري، ليس كعطاء يجود به المرء طوعا على الآخرين، بل ككسب يأخذه الفرد عنوة من الجماعة، ويأخذه الحزب غصبا من المجتمع. وأتجاوز عن ظاهرة ذلك المستعجل الذي " يخطو وئيدا"، في مزاوجة مستحيلة بين نوعين من المشي، وأنفذ إلى جوهر فكرة عبد الله، وهي إشراك عبد الخالق في تأليف كتاب لم يكن ليتردد في إستنكار كل مقولة أساسية وردت فيه، ودحضها بحزم فكري عرفه عنه عبد الله قبل سواه. والدليل الذي يسوقه عبد الله على إشتراك عبد الخالق معه في فكرة هذا الكتاب، هو تآمر سري، بينه وبين عبد الخالق.
وهي فكرة ليست كاذبة فحسب، بل هي غبية كذلك. لقد أتهم عبد الخالق محجوب بالتآمر في أشياء كثيرة، في مراحل مختلفة من حياته، من مؤامرة الشيوعية الكبرى، وحتى مؤامرة الإنقلاب العسكري. وكانت الإتهامات ذات طابع سياسي واضح، لأن عبد الخالق كان قائدا سياسيا فذا، من أخمص قدميه إلى شعر رأسه. ولكن أحدا لم يتهم عبد الخالق بمؤامرة فكرية. في مسائل الفكر كان عبد الخالق واضحا كالشمس. بل كان يوصي الشيوعيين بأن يكونوا واضحين فكريا مثله، وألا ينحشروا في مواقع الدفاع، حتى لا يتهموا بالإنتهازية. فكيف يمكن لرجل هذا شأنه أن يتآمر مع عبد الله على أفكار هابطة مثل تولية شؤون الدستور والحكم لفئة القضاة الشرعيين، إذا كان ذلك هو الجزء من الكتاب موضوع التآمر، أو تنصيب الترابي زعيما للتجديد الديني، إذا كان موضوع التآمر هو الجزء الثاني من الكتاب؟ وكيف يمكن لعبد الخالق أن يتآمر على كل تاريخه الفكري؟
التآمر المشار إليه هنا، لا يعني سوى أن عبد الله، وقد سار في الدروب الموحشة، بدلا عن "السكة الخطرة"، يريد أن يدعي أنه يفعل ذلك وهو في صحبة رفيعة، كما يريد أن يتأبط ذراع عبد الخالق إلى قبره المعنوي، الذي أعده بدافع الكراهية العميقة التي تسمي نفسها حبا خالدا. وسأوضح ما أجملته هنا عندما أتناول في مقالات قادمة، كتاب عبد الله المدوّن بمداد التهافت المنطقي والمرجّب بعمد الحجج الخاوية.
وما أجمله عبد الله هنا في كلمة إهدائه المسمومة، فصله شيئا ما في مقدمته لكتاب عبد الخالق: أفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين الذي كتبه الشهيد أواخر الستينات. ولأن الرسالة التي حددها عبد الله علي إبراهيم لنفسه، إزاء عبد الخالق، لا يمكن أن تكون مستقيمة، وإلا كشفت نفسها للدحض المباشر، فإن إلتواءها قد ظهر هنا بأجلى ما يكون الظهور. إن عبد الله إذ يقدم لكتاب، ينتقد دون رحمة، وباستقامة فكرية عظيمة، عرفت عن الشهيد، أفكار الإخوان المسلمين، لا يورد حرفا واحدا، أو فكرة واحدة من الكتاب الذي بين يدي القاريئ، بل يلجأ إلى نسبة أفكار نقيضة لما ورد في الكتاب إلى مؤلفه، بإعتماد مراجع أخرى ليست بين يدي القارئ ولا يؤمل أن يحصل عليها حتى إذا شاء! والأخبار غير السارة بالنسبة لعبد الله، إننا حصلنا على بعضها، ونعمل على الحصول على الأخريات ولو طال السفر، فليكفهر وجهه ما شاء له الإكفهرار!
يقول عبد الله علي إبراهيم أن عبد الخالق محجوب، لم يكن معترضا على دعوة الدستور الإسلامي، عند ظهورها، بل كان محبذا لتلك الفكرة، منشرحا إزاءها، ومحتفيا بها. وربما يكون رد فعل كثير من القراء، وهم يطالعون هذه الدعوة الغليظة، أنني أتجنى على الرجل، وأرجمه بالغيب، وأتهمه بما لا يمكن أن يكون قد صدر عنه. ولا أستطيع أن أرد على هؤلاء إلا بكلمات عبد الله علي إبراهيم نفسه الواردة في مقدمته تلك لكتاب عبد الخالق. يقول في صفحة 11 ما يلي:
" ويذكر الشيء بالشيئ، فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد الدعوة إلى الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوى بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957، والدعوى إلى مثل هذا الدستور في طفولته بعد" (الدعوى بدلا عن الدعوة وطفولته بدلا عن طفولتها، نقلتها كما وردت في الأصل.)
ولكن التأييد المزعوم للدستور الإسلامي، المنسوب لعبد الخالق محجوب، وإيمانه ليس فقط بمشروعية الدعوة، بل بسدادها، لا يتوقف على مقال نشر عام 1957 عندما كان عمر عبد الخالق 30 عاما، بل يمتد معه في دعوى عبد الله حتى مماته على ما يبدو، يقول على ص 13 من مقدمته:
" وعليه لم يكن عبد الخالق في عام 1958م، كما لم يكن في عام 1965 م، ممن أستثقل أو إستفظع أو إسترجع –أي جعلها رجعية باطلاق- الدعوة إلى الدستور الإسلامي، بل كان أكبر همه فحص إن كانت الدعوة إليه قد جاءت من باب المواتاة السياسية أم أنها صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر، وعن عزيمة كتأمين السيادة الوطنية على أساس من العدل الإجتماعي. والدليل على رحابة صدر عبد الخالق لخطاب الدستور الإسلامي هو تنبيهه إلى أن المناقشات التي جرت حول وجوب تطبيقه في ما بعد ثورة أكتوبر 1964م " ولدت وعيا بين الناس لا سبيل إلى إنكاره ولفتت الإنتباه لأول مرة في بلدنا للنظر للدين من زاوية المؤثرات والتقدم الذي أصاب الإنسان في القرن العشرين."
وربما يكون روع القاريئ قد هدأ حاليا، بعد أن وقف من عبارات عبد الله، على أنني لم أنسب إليه ما لم يقله. فالعبارات رغم حظها الضئيل من الإبانة، ورغم ما فيها من اللغو والعويش، إلا أنها توضح موقف صاحبها بصورة كافية. إذن كان عبد الخالق محجوب منشرحا لدعوة الدستور الإسلامي، محتفيا بها، غير منكر ولا "مسترجع" لها. كل إعتراضات عبد الخالق محجوب، إنطوت على اعتبارات ثانوية، مثل أنها طرحت في غير محلها، وأنها لم تتشرب بصورة كافية بعداء الإستعمار، كما أنه لم يكن واثقا من أنها "صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر" أو كما قال!
هنا أيضا، يريد عبد الله علي إبرهيم، في مسيرته الهابطة، أن يقنع الناس أنه يسير في صحبة راقية. وهنا أيضا يحاول أن يسوق عبد الخالق محجوب إلى قبره المعنوي، بعد أن تكفل الآخرون بقتله الجسدي. والواقع أن عبد الخالق لم يكن في أية لحظة من لحظات حياته المدونة، من دعاة الدستور الإسلامي، سواء بتوضيحاتها أو بدون توضيحاتها. بل كان خصما لدودا، ومجادلا عميقا عارفا، ضد ذلك الدستور وتلك الدولة، وما كتابه هذا الذي يقدم له عبد الله علي إبراهيم، ولا يذكره بكلمة واحدة، سوى شهادة دامغة على ما نقول. مواقف عبد الخالق محجوب في المعركة الممتدة ضد الدستور الإسلامي معروفة وموثقة، وخطبه داخل الجمعية التأسيسية عندما كان نائبا من نوابها معروفة للجميع، تسميته لتلك الدعوة بالمشبوهة والرجعية معروفة كذلك، ويعرفها عبد الله علي إبراهيم أكثر من سواه. وهذه كلها شواهد سنوردها ونفصل أمرها. ولكنا هنا نكتفي بالدحض المنطقي لمقولات عبد الله علي إبراهيم المتهافتة حول موقف عبد الخالق محجوب. فإذا كانت الرواية التي أعتمدها عبد الله لتلك المقالة التي نشرها عبد الخالق صحيحة، وليس لدي ذرة من الثقة في أمانة عبد الله، فإن جوهر حجة عبد الخالق هي أن المعركة في ذلك الوقت، كانت هي الوحدة ضد هجمة الإستعمار، وليست الفرقة حول الدساتير. هذا لا يعني أن عبد الخالق كان يؤيد الدستور الإسلامي، بل كان يرى أن من يطرحونه إنما يريدون خلط الأوراق، والهروب من المعركة الماثلة إلى معارك أخرى سيأتي أوانها. فلنحارب الإستعمار جميعا كسودانيين، ثم نتعارك بعد ذلك حول الدساتير. وهذا موقف لا أستبعد أن يكون عبد الخالق قد وقفه بناء على التحليل الماركسي في التناقضات الأساسية والثانوية، المعروفة لدى عبد الله دون ريب. وبمعنى أوضح إذا كان عبد الخالق يدعو إلى دستور علماني، وقد كان يدعو إليه حتى إستشهاده، وهو بعض من معانيه الباقية، فإنه يقول دعونا نعرض حاليا عن طرح الدساتير، ودعونا نتوحد ضد الإستعمار وأذناب الإستعمار، وبعد أن نزيح ذلك الخطر فليطرح كل منا دستوره، وفي هذه الحالة فإنني سأعترض على دستوركم الإسلامي، طارحا دستورا علمانيا مستقيما. هذا كل ما يمكن أن يستشفه المحلل الأمين من مواقف عبد الخالق محجوب.
المهم أن عبد الخالق محجوب لو كان يدعو إلى الدستور الإسلامي، فإن معانيه كلها تكون قد جفت تقريبا، بقيام الدولة الإنقاذية الأصولية التي ألتحق عبد الله بخدمتها الفكرية، من مواقع الإلتواء والخفاء الشديد والنكران. وإذا كان ذلك مبتغى عبد الخالق، فإن إعدامه المعنوي يكون قد إكتمل. فكيف يمكن أن يكون عبد الخالق داعية للإشتراكية والعدالة والعلمانية والشيوعية، إذا كانت أحلامه تنتهي عند عتبة الدولة الدينية؟ ولست مندهشا لمحاولات عبد الله إعدام عبد الخالق معنويا، لأن ذلك يمثل بالنسبة إليه حاجة نفسية قاهرة. فهو لم يكن ليقدم على مثل تلك المحاولة لولا أنه اختار الإعدام المعنوي لذاته أولا، في مواجهته لأخطار لم يكن من ضمنها الموت. وذلك على النقيض تماما من عبد الخالق محجوب الذي اختار الفناء الجسدي، والبقاء المعنوي، وهو عارف تماما بتبعات خياره.
ولا يكتفي عبد الله بمقالات مجهولة كتبت عام 1957، بل يورد وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر كشاهد على أطروحته. وهذا ما سنعالجه في حلقة مقبلة.

Post: #11
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 04:07 AM
Parent: #10

The one before




الأخوات والإخوة
هذا مقالي لهذا الأسبوع للإجابة على سؤال:
أين سيذهب الذين ستبعدهم الإنقاذ إفساحا للحركة الشعبية. وإجابتي بأننا أمام دعم جديد للبنية السرية للإنقاذ وإنشاء مؤسسات إجرامية تستطيع الإفلات من العقاب. وهي قضية لم تلق حظها من الفضح حتى الآن.

إلى أين سيذهب هؤلاء؟
تدعيم البنية السرية لحكومة الإنقاذ.
فترة دقيقة تقتضي يقظة عالية.

مشاركة الحركة الشعبية في مؤسسات السلطة المركزية، بنسبة 28% ستؤدي إلى تغييرات ضخمة في البنية الحالية للإنقاذ. من الطبيعي أنه سينشب صراع حقيقي، من أجل البقاء، بين فئات الإنقاذ المختلفة. وربما يصل الصراع إلى درجة الشراسة الشخصية والفئوية التي أثبت الإنقاذيون أنها، عندهم، بلا حدود، ولا موانع، ولا عاصم من الأخلاق أو الشهامة. ولكن هذه الصراعات كلها لا ترقى إلى تهديد الوجود السياسي للإنقاذ، لأن أصحابها يعلمون أن بقاء الإنقاذ هو الحماية الحقيقية لهم جميعا، حتى وإن تفاوتت درجات هذه الحماية.
التحذير من قبل السلطة، أو من غيرها، بأن هناك فئات إنقاذية أكثر تطرفا، يمكن أن تنقض على النظام، وتتحلل من إلتزامات السلام، وتعيد البلاد إلى المربع الأول، تهديد غير واقعي، وله مرام أخرى تخدم السلطة ذاتها. فمعركة السلطة مع جناح الترابي، والذي لا يمكن أن نقول بصورة مطلقة أنه أكثر تطرفا من الحاكمين، إنحسم أو كاد. فمراهنة الترابي كلها، كانت هي الإطاحة ببعض الرموز الحالية وتحميلها خطايا الإنقاذ خلال إثنتي عشرة سنة، والبداية من جديد، "وبراءة الأطفال في عينيه". وهي لعبة أجادها الترابي، بسلخ الجلد السياسي والتنظيمي، والفكري في بعض الأحيان، لتنظيمه، كلما تلطخ هذا الجلد بجرائم وخطايا لم يعد قادرا على حملها، أو لم يعد فعالا وهو يحملها. وبعد سلخ ذلك الجلد كان الترابي يعتزم، دعوة الجميع للعمل السياسي في إطار التوالي، أي في إطار الثوابت الإنقاذية، بعد أن يرفدها ببعض الدماء من رفاقه القدامى في المشروع الإسلامي. وقد كانت تحركاته تجاه الصادق المهدي وإجتماعاته به في هذا الإطار. والقصة بعد ذلك معلومة. ويمكن للترابي أن يعزي نفسه، وهو أحوج ما يكون إلى العزاء، بأنه نجح كمعلم نقل كل معارفه، وبحذق شديد، إلى تلاميذه، رغم أنه فشل كصاحب رؤية كان عليه أن ينتبه إلى القابلية الإنقلابية للشر وعلى أصحابه تحديدا. كما كان عليه أن يعي أن الفعل الإنساني دوار، كما قال لوسيان سيف، وأنه يعود على صاحبه بالخير إذا كان خيرا، كما يعود عليه بالشر إن كان شريرا، ويكون مضاعفا في الحالتين. وأن ذلك يحدث مهما طال الزمن. وفي ثقافتنا كثير من العبر في هذا الشأن بالذات.
أقول أن الصراع مع الترابي إنحسم أو كاد، لأن الترابي كان يعتمد في تخطيطه على إنحياز كل مؤسساات السلطة إليه، في أي صراع يخوضه ضد مناوئيه. وهذا ما ثبت أنه خطؤه الأساسي. ولذلك وكلما تباعد العهد بين الترابي وبين مؤسسات السلطة، كلما قلت مقدراته بنفس هذه الدرجة على إسقاط السلطة أو حتى زعزعة أمنها. ويكفي أن محاولاته كلها، دحرت بمنتهى اليسر.
هل معنى ذلك أنه لا توجد مهددات للسلام حاليا؟
بالطبع لا. ولكن المهدد الأول للسلام هو السلطة ذاتها، وما مسلكها في دارفور وبورتسودان إلا شاهدا على ما نقول. ولا يعصم السلطة هنا عن السير إلى آخر الشوط في هذا التحلل، سوى العواقب الوخيمة التي تعلم أنها عائدة عليها دون ريب، محليا وإقليميا ودوليا.
السلطة تحمل داخلها كل الفئات المتطرفة، وقد ظلت تستخدمها جميعا، في تقسيم للأدوار أثبتت فيه براعة غير عادية. وهذا هو موضوعنا في هذا المقال. فبعد أن تحتد الصراعات وتهدأ، فإن شريحة كبيرة من الإنقاذيين، من أجهزة الأمن، والشرطة، ومن الجيش، ومن الخدمة المدنية، ستفقد مواقعها في الحالية. فأين سيذهب هؤلاء؟
لقد آن الأوان لنعكس السؤال الكبير للأستاذ الطيب صالح: من أين أتى هؤلاء؟ فنتساءل أين ستذهب هذه الفئات التي ستترك مواقعها في السلطة من الإنقاذيين العتاة؟
الإجابة على هذا السؤال هامة جدا، بل محورية، في تشكيل السلطة خلال السنوات الست القادمة، وفي إستبانة أساليب عملها، والمخاطر الجديدة المحدقة بالحركة الجماهيرية، في صعودها المرتقب.
الذين يقولون أن الذين يزاحون من السلطة سيغادرونها والغضب يفري أكبادهم، وسينضمون بالتالي إلى أي مشروع معارض ليقاتلوا من أجل إسترداد مواقعهم، لا يعلمون طبيعة الجبهة الإسلامية، أو يعرفونها ويريدون إخفاءها لشيئ في نفس يعقوب. فبعد أن تحسم عملية الخلع والتثبيت، بل وأثناءها، سيكون واضحا للجميع، أن المسألة لا تتعلق اساسا بالإبعاد النهائي،أو التخفيض أو الطرد، بل بتغيير المهام، والإنتقال إلى مواقع أكثر خطورة، ذات عائد مادي ومعنوي أكبر بما لا يقاس من الوظائف التي تركها هؤلاء وراءهم. أقول ذلك معتمدا على الشواهد التالية:
• من بين جميع القوى السياسية في السودان عرفت الجبهة الإسلامية بالبراعة غير العادية، في إستبقاء الصلات، مع مغادري صفوفها، بل وإسترضائهم وإرجاعهم في نهاية الأمر. وهو شيئ لا نجده لدى الأحزاب الأخرى. ولا اريد أن أخوض في الأسباب العصبوية والمافيوزية التي تجعلها تنجح في ذلك أو تجنح إليه، فهذا خارج نطاق مقالي.
• ظلت هذه السلطة تديرها هيئات سرية مثل المجلس الأربعيني، ومجالس الظل المختلفة، الأمنية والتجارية و الإجتماعية، التي تتحكم في كل مفصل من مفاصل الدولة، حتى أصبح ذلك طبيعة ثانية من طبائعها. بل إن حسن عبد الله الترابي، وعلي عثمان محمد طه، ظلا يحكمان من منازلهما، ومن خلال شبكات سرية، لسنوات عديدة في بداية الإنقاذ. هذه الظاهرة ما تزال موجودة، وإن باشكال ملطفة. وأعتقد أنها ستكتسب أهمية حاسمة في المرحلة المقبلة من مراحل الحكم الإنقاذي.
• الجبهة الإسلامية قدمت تنازلات في إتفاقيات نيفاشا تريد لها أن تكون التنازلات الأخيرة، على الأقل على مستوى المركز، وهي تعرف في نفس الوقت أن تلك التنازلات أضعفتها، وزادت من جرأة الحركة الجماهيرية ومقدرتها على التمدد والمواجهة. ولذلك فإنها تحتاج إلى أجهزة قمعية شرسة، وغير رسمية في نفس الوقت، حتى لا تتحمل مسؤولية أية مجازر ترتكب، أو خروق لحقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي. أي تعميم مسألة الميلشيات غير الرسمية التي تنكر صلتها بها، حتى الآن في دارفور.
• وجود الحركة الشعبية كعنصر سياسي جديد، يطرح واجبات أمنية ورقابية، وتخريبية كذلك، لا يمكن الإضطلاع بها من مواقع رسمية، لشراكتها في الحكم، ومقدرتها على كشف مثل هذه الأعمال، ولذلك من المهم أن توجد قوة غير رسمية، تقوم بكل هذه المهام، مع إمكانية التملص من نتائج أعمالها، بل وإدنتها، من قبل السلطة، إذا لزم الأمر.
• وجود حركة الترابي كعنصر جذب محتمل للعناصر الخارجة يجعل مهمة إسترضائها وإستيعابها مسألة حياة أو موت بالنسبة للسلطة.
لكل هذه الأسباب، ولغيرها مما لا يمكن حصره في مقال، فإنني أعتقد أن الذين سيغادرون السلطة، سيتحولون إلى هيئات موازية، أمنية، عسكرية، بوليسية، سياسية، إعلامية، دعائية وغيرها، تعمل تحت لافتات مناسبة، لتقوم بمهام لا يمكن للإنقاذ، التي تعاني من إزدحام بيتها، بل سررها، بوافدين غير مرغوب فيهم، أن تقوم بها مباشرة. وأننا سنشهد بالتالي إزدهارا خطيرا في الهيئات السرية ذات الوجود الشبحي والتي تؤثر في العملية السياسية بأياد خفية ولكنها شديدة الفعالية. كما سنشهد إنبعاثا جديدا للفترة الأولى من الإنقاذ، حينما كانت السلطة الجديدة، غير قادرة على الإفصاح عن هويتها الأصولية، لأمور تتعلق ببقائها. إن هذا الوضع، ولنفس الإعتبارات، يعيد نفسه من جديد.
لا أستبعد بالطبع أن تنضم بعض الفئات إلى الترابي. لا أستبعد أن تكون جروح البعض النفسية أكبر من الرتق، وأن يقدم هؤلاء على خيارات غير متوقعة. ولكنني أعتقد أن الأغلبية الساحقة من المبعدين، وهذا هو المهم، سيجري توظيفها وفق التصور الذي وضعته هنا. بل إنني أملك شهادة بليغة على ما أقول، في تصريح أدلى به صاحب الغفلات السعيدة، السيد وزير الخارجية الحالي، الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، إذ قال في مؤتمر صحافي يوم 14 يناير الماضي نقلته صحيفة الصحافة على الوجه التالي:

(رد على اسئلة الصحافيين ، ليل امس، حول مطالبة الحركة الشعبية بتولي وزارة الخارجية ، قال ( أنا سعيد جداً بأن الخارجية ستكون من المواقع التي تشغر لمصلحة السلام ، مع العلم أنه سيتم البت فيها خلال شهرين بعد وضع الدستور وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. واضاف أننا لن نتوقف عن العطاء ونعلم أننا سنغادرها ونعمل كأننا باقين)
قال وزير الخارجية آأنه ليس غاضبا ولا مغضوبا عليه، وأنه راض وسعيد لأننا " نعلم أننا سنغادرها ونعمل وكأننا باقين"!
يا للبلاغة المحكمة! يا للإقتصاد المدهش في كشف الأغوار! نغادرها ونعمل وكأننا باقين! هذه هي المسألة إذن؟
وزير الخارجية سيكون هو وزير خارجية الظل، وسيستفيد، من صلاته المباشرة بالرئيس ونائبه الثاني، ومن علاقاته الإقليمية في تحجيم وزير الخارجية الجديد، وإحباط مشاريعه وتحويل حياته إلى جحيم، خاصة وأن ثمة دولا معينة مستعدة لمعاونته في ذلك لخدمة مصالحها غير الخفية. وسيحدث ذلك في كل الوزارات، وخاصة الزراعة والري والثروة الحيوانية والصناعة، إذا كانت من نصيب الحركة الشعبية. وأنا أتكلم هنا بافتراضات محضة. وهذا ما يجب على الحركة الشعبية أن تفكر فيه منذ الآن.
ولكن المسألة الأهم هي الحركة الجماهيرية، وأجهزة القمع البديلة التي ستشكلها العناصر المبعدة. هذا هو الخطر الحقيقي. لأن هذه الفئات السرية، غير الخاضعة لأية رقابة، وغير المقيدة بأي قانون، والتي تتوفر لها إمكانيات هائلة، مادية ومالية وتقنية، وتغطيات مناسبة، من شركات وهيئات وتنظيمات، فضلا عما يتاح لها من المعلومات التي تتوفر للأجهزة الرسمية والتي ستنقلها بالتالي إلى هذه الأجهزة لاستغلالها بصورة غير رسمية، ستكون قادرة على ضرب الشعب في المواجع والمحزات والمقاتل.
هل من الممكن أن تنتبه المعارضة، وهي مشرذمة بصورة تدعو إلى الأسف، إلى هذه المخاطر؟ وهل في إمكانها أن تبحثها بصورة جادة، مساوية لجدية السلطة في إبتداعها، وتصوغ على أساس البحث سياسات مقابلة، كفيلة برد أذاها أو جزء منه؟ هل هي قادرة، حتى، على تبين هذا الخطر؟
أسئلة بالغة الأهمية تعتمد عليها حياة الناس وموتهم.
وأنا لا أشمل في المعارضة، بطبيعة الحال، كل من يشارك في السلطة، وخاصة قوى ما كان يعرف بالتجمع الوطني الديمقراطي، لأنها ببساطة لا يمكن أن تكون سلطة ومعارضة في نفس الوقت. أقصد بالمعارضة تنظيمات قوى الهامش، ومنظمات المجتمع المدني في المدن، والأحزاب الصغيرة هنا وهناك، وحزب الأمة الذي أعلن أنه سيكون في المعارضة.
وبالطبع فإن الخطوة الأولى في هزيمة هذه التوجهات هي كشفها، دون هوادة، ومتابعتها، وتوفير كل المعلومات المتاحة، عن مصائر هؤلاء الذي سيغاددرون صفوف السلطة غدا، ليحتلوا لهم مواقع أكثر مواتاة لضرب الحركة الجماهيرية، مع كل التغطيات التي تمكنهم من الإفلات من القصاص.
أين سيذهب هؤلاء هذا هو السوال الهام الجديد.
هذا هو سؤال اليوم والغد.

Post: #12
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 04:58 AM
Parent: #11

The one before



الإخوة والأخوات
هذا هو الخطاب الذي أود لو سمعته من الحركة الشعبية لتحرير السودان.وقد نشر صباح هذا اليوم بصحيفة الأضواء الغراء.
الخاتم عدلان





الخطاب الذي لم أسمعه بعد من الحركة الشعبية، ولا أستبعد سماعه بصورة مطلقة:
خروقات حقوق الإنسان جراح لم تندمل بعد
لا يمكن ولوج الجمهورية السودانية الثانية بضمائر مثقلة
سنعقد مؤتمرا قوميا لك القوى السياسية والمدنية

أيها المواطنون الكرام، السيدات والسادة، من نيمولي إلى حلفا، ومن الجنينة إلى همشكوريب وبورتسودان، لقد ألقى عليكم الدكتور جون قرنق من إستاد نيايو بنيروبي، كينيا، يوم 9 يناير، خطابا ضافيا عن إتفاقية السلام، دعاكم فيه جميعا إلى الإنضمام إلى السلام، باعتباره ملكا لكم جميعا، وليس لقرنق أو الحركة الشعبية، وليس لعلي عثمان أو المؤتمر الوطني. كما طرح فيه المباديء الأساسية للدستور الجديد، والخطوط العامة لبرنامجه لتنمية جنوب السودان وطريقة حكمه خلال السنوات الست الماضية. كما أعلن الدكتور قرنق ولوج البلاد أبواب الجمهورية الثانية للسودان الجديد. ولم يكن بمقدوره بطبيعة الحال، وفي خطاب ألقي في مناسبة إحتفالية وكان الأحرى أن يكون أقصر من ذلك، ما كان بإمكانه أن يغطي جميع القضايا التي تشغل بالكم وتتوقعون سماع وجهة الحركة الشعبية فيها.
وقد رجع الدكتور قرنق في خطابه ذاك 5000 سنة لينقب في تاريخ السودان عن أساس تقوم عليه الوحدة الطوعية لهذه البلاد، وليستجمع قوى جديدة لا للمناطحة كما تفعل الخراف، وإنما لتجميع القوة الكافية للإندفاع. وما دام الدكتور قرنق قد رجع إلى الوراء خمسة آلاف سنة، فإننا نريد في هذا الخطاب أن نرجع عقدين أو ثلاثة عقود إلى الوراء، لمناقشة بعض القضايا في حركتنا ذاتها، والأخطاء التي أرتكبتها في مسيرتها المتعرجة التي أوصلتها اليوم إلى إتفاقيات السلام. ونحن نعتبر هذه الرجعة مهمة جدا، لأن الإنطلاق نحو الجمهورية السودانية الثانية، وهو مصطلح ربما نستخدمه بديلا عن مصطلح السودان الجديد، إرضاء للبعض وتجاوزا لنسبية مفهوم "الجديد"، لا يمكن أن يحدث، إلا بضمائر نظيفة مرتاحة، وبتصفية الحسابات مع الماضي، والتخلي بوضوح عن كل ما لوثه من أخطاء أو خطايا.
ولعل القضية الأهم في ماضينا هي قضية حقوق الإنسان. ففي المراحل المختلفة لحربنا، والتي لم تكن في كل مراحلها حرب تحرير، وخاصة في السنوات 1991-1993، عندما إنحدرت إلى صراع داخلي مرير ودموي، إرتكبنا مجازر إقشعرت لها حتى أبدان المقاتلين أنفسهم المتعودين على رؤية الموت والدم. جمعيات حقوق الإنسان جميعا أوردت في تقاريرها أننا أرتكبنا مجازر في مختلف أركان الجنوب. بل إن بعضها ذكر بصريح القول أن ضحايا القتال الذي دار بيننا وبين الحركات التي إنشقت عنا، وعاد أغلبها إلينا، في الفترة المشار إليها، من القتلى والجرحى والمشردين المدنيين، كانوا أكثر من ضحايا الحرب الحكومية حتى ذلك الوقت. ولا يمكننا أن نكتفي بتجاهل مثل هذه التقارير، ولا يمكن أن نقنع باتهام المنظمات التي فضحتها بانها ذات دوافع ومقاصد إمبريالية أو إستعمارية، كما تفعل حكومة الخرطوم. لا يمكننا أن نكتفي بذلك، لأن ممثلينا أنفسهم إعترفوا بهذه الجرائم في مواقع مختلفة من تصريحاتهم الشفاهية وكتبهم المطبوعة . ولا نعتقد أنكم نسيتم رد الدكتور لام أكول، رئيس وفد المفاوضات مع الحكومة في عام 1989، عندما أجاب على سؤال من الرائد حسن ضحوي، حول عدد من المفقودين من قادة الحركة. فقد ذكر الدكتور لام يومها وبالحرف الواحد ما يلي:
(نعم نحن سجنا البعض وقتلنا آخرين، وسنقتل الكثيرين لأننا حركة تحرير لا تغامر بمصيرها.)
وكان رد الدكتور لام أكول، وكانت صراحته الدموية، موضع الرضا من قيادة الحركة حينها. ثم إنشق لام كول وكان أمينا لأيديولوجيته الدموية، فنكل بكل من خالفه في الموقف والرأي، مع أنه كان يرفع عاليا راية الديمقراطية. وقد أورد الدكتور منصور خالد، الذي لم يعترض على رد لام على حسن ضحوي، بل وافق عليه، أورد بعض الممارسات التي قام بها لام ورياك، عندما أنشقا، ومن ذلك إعدامهما دون محاكمة لسبعة من الضباط من رتبة الكوماندور إلى رتبة الملازم، وكان من بينهم النقيب كول دينق كول، شقيق الدكتور فرانسيس دينق " الذي قام جنودهم بشوائه حيا في برميل ساخن". الحركة إذن مسؤولة عن هذه التصفيات الدموية التي حدثت فيها وهي موحدة، ثم حدثت بعد إنشقاقها، لأن بعض مرتكبيها عادوا إلى صفوف الحركة وتربعوا على أعلى مؤسساتها القيادية، ولكن أكثرهم كان باقيا في الحركة ربما منذ تأسيسها. والمطالع لكتاب لام أكول "داخل ثورة إفريقية" يمكن أن يقف على مزيد من الجرائم الموصوفة بدقة كاملة، والموثقة بتواريخها وضحاياها وجلاديها.
وقد ذكرت منظمات حقوق الإنسان أننا ، فضلا عن ذلك، مارسنا التعذيب، وسجنا الناس في ظروف غير إنسانية دفعت بعضهم إلى الجنون، ونهبنا أبقار المواطنين وأستغللنا مواد اللإغاثة لصالح جنودنا.
هذه القضايا لا يمكن الحديث عن سودان جديد، وعن جمهورية سودانية ثانية بدون معالجتها بصورة واضحة وشفافة ومسؤولة. وأولى خطوات العلاج هي الإعتراف بها، وها نحن نعترف بها أمامكم، دون مواربة. لقد دعونا إلى تكوين لجنة للحقيقة والمصالحة على مستوى السودان للنظر في مثل هذه القضايا وتسجيلها والإعتراف بها، وإعادة الحقوق والإعتبار إلى ضحاياها. وربما لا يرغب الطرف الثاني الذي نتعاون معه حاليا، في إقامة مثل هذه اللجنة. ولكن هذا لا علاقة له بموضوعنا حاليا. نحن نتحدث عن جرائم إرتكبناها بأنفسنا ونملك وحدنا، ودون إستشارة أي طرف آخر، أن نعالجها مباشرة. إننا نفتح باب التحقيق في كل هذه الجرائم، من قبل لجان قضائية، تحدد المسؤولين عنها، وتعاقبهم على قدر جرمهم. ولا نقصد في ذلك فتح الجراح التي أوشكت أن تندمل، لأن مثل هذه الجراح لا تندمل، بل نقصد تصفية الحساب مع الماضي، والتحرر من الضمائر المثقلة، وتوفير جو حقيقي للإنتقال إلى مجتمع جديد. ونسبة لأننا نعرف أن هذه الجرائم لم تكن جزء من التحرير، لأن التحرير لا يعني قتل المدنيين والمسالمين والمستسلمين من الأعداء، دع عنك الأصدقاء ورفقاء السلاح والنضال، بل يعني حسن معاملتهم وإستمالتهم، وإعطائهم مثالا عمليا على جمال ما نقاتل من أجله. كما أن الذين قتلوا ولم يحاسبوا قمينون بأن يقتلوا مرة أخرى، لمجرد الخلاف السياسي.
ولهذه المسألة وجهها الآخر بالطبع. أي وجهها السياسي الصريح. إن الكثيرين، وخاصة في الشمال، أحجموا عن الإلتحاق بصفوفنا لهذه الأسباب نفسها، وسيستمر إحجامهم طالما بقيت هذه القضايا دون محاسبة. فما الذي يغري بالدخول في حركة تستهين بحياة الناس، وتتحدث عن العدل دون أن تمارسه؟
هذه قضية محورية كان يمكن أن نقول فيها أكثر مما قلنا حاليا، ولكننا نحب أن نتعرض بصورة مختصرة لقضايا أخرى، وربما نعود إلى هذه القضية لنطلعكم على الخطوات العملية التي قمنا بها.
عندما أسسنا الحركة في مارس 1984، طرحنا برنامجا شموليا، كعادة البرامج الثورية في تلك المرحلة: إقامة السودان الإشتراكي تحت حكم الحركة الشعبية لتحرير السودان. إذا حكمنا بهذا الهدف الإستراتيجي للبرنامج لقلنا بدون تردد أنه أنطوى وذهب في غياهب التاريخ. ولكننا لا ندفن الطفل مع المشيمة. فقد إحتوى برنامجنا ذاك على قضايا جوهرية نسير الآن على الطريق الصحيح لإنجازها. وقد كان من بين تلك القضايا إقامة سودان جديد ديمقراطي، وحل القضايا الوطنية والدينية في إطار علماني، وإعادة صياغة الحكومة المركزية، والعمل على إنهاء التنمية غير المتوازنة، ومحاربة العنصرية وخاصة في مظهرها الأكثر بشاعة الذي عرف بالكشة، ومحاربة ا لقبلية والطائفية، ومحاربة التخلف وبناء مجتمع زراعي صناعي متقدم. نقول إننا نسير على هذا الطريق، ولا نقول أننا أنجزناه ونعلم أننا لن ننجزه وحدنا. فنحن نعرف أن نصف الكأس ما يزال فارغا، ونعلم أن هناك من ينظر إلى هذا الجزء الفارغ، فيقول أننا لم ننجز شيئا مطلقا. وخطأ هؤلاء أنهم يتجاهلون أن الكأس كان فارغا. وكان يمكن أن يكونوا على حق لو أن الكأس كان مليئا فأفرغناه.
إننا يجب أن نقول أننا تركنا وراءنا كل الجوانب الشمولية في ذلك المشروع. وأننا نقبل التعددية، ليس في الشمال فقط بل في الجنوب على وجه التحديد. بمعنى أننا نتوقع أن تنشأ أحزاب جنوبية جديدة، وأن تعمل الأحزاب الجنوبية ا لقائمة بكل حرية في كل أنحاء الجنوب، بل في كل أنحاء السودان. كما أننا سنشجع بروز مجتمع مدني جنوبي حر ومعافى، ونسمح بقيام كل أنواع الجمعيات والمنظمات وإتحادات الطلاب، والنساء والشباب، التي لا تكون تابعة للحركة الشعبية لتحرير السودان، بل تكون مستقلة تماما، وتعمل وفق برامج وأولويات تصوغها بنفسها. إننا سنتفادى التجارب السلبية لشريكنا الجديد الذي حول كل هذه المنظمات إلى أذرع للحكومة وللتنظيم السياسي، وهي أذرع ستكون في النهاية ميتة. ونحن واعون تماما لأهمية نشوء تعددية حزبية في الجنوب، لأن الديمقراطية ستكون مزيفة بدون تعددية حزبية. ونذكر ذلك مع أنه بديهي لأن ممثلينا في مؤتمر كمبالا عام 2000 غضبوا غضبة مضرية عندما أثار المؤتمرون قضية التعددية السياسية في الجنوب، وقال أحدهم داخل المؤتمر، ، أن هذا نوع من العبث. وثمة إعتبار آخر هو أننا نريد أن نوضح لكم في الشمال، وبالمثال العملي، أننا يمكن أن نقيم ديمقراطية أفضل من تلك التي كانت قائمة عندكم.
يرتبط بهذه القضية تحول الحركة الشعبية نفسها من تنظيم عسكري، يقوم على التراتبية والطاعة، ودكتاتورية إتخاذ القرارات وفرديتها، إلى تنظيم مدني، شامل، تمثل الديمقراطية لحمته وسداه. ويمكن أن نورد حججا لا حصر لها بأن النضال من أجل أهدافنا ما كان يمكن أن يحدث بالطرق السلمية، وأن النضال المسلح يقتضي أنواعا محددة في التنظيم، لا تكون الديمقراطية إحدى أولوياته. ولكنا نعرف في نفس الوقت أننا أضعنا فرصا كثيرة لإنشاء حركة مدنية، مستقلة تنظيميا عن الجيش، وداعمة له ومتبنية للقضية وخادمة لها بوسائل أخرى، ربما تكون أكثر نجاعة في بعض الأحيان، ووسط بعض الفئات. من هذه الفرص الضائعة تجربة " لواء السودان الجديد". فهي مبادرة سياسية خنقت نفسها بخيوط صنعتها بأيديها. فبدلا من البداية بحركة سياسية، كانت مقوماتها موجودة في الشمال، يمكن أن تنشيء جناحا عسكريا فيما بعد، بدأت المسألة بإفتراض تحول الناس كلهم إلى جنود أنفار تابعين مباشرة للقائد الأعلى للجيش الشعبي. وما هكذا تورد الإبل بطبيعة الحال.
ونحن لن نكرر الخطأ من جديد، بإقامة الحركة السياسية على القوالب العسكرية، بل سنسعى إلى إستيعاب تجربة القوى الديمقراطية في الشمال، نجاحا وفشلا، لنقيم تنظيما مدنيا بحق، قائما على المؤسسية والديمقراطية والشفافية وجماعية الأداء والقرار. وربما يكون هذا، وليس النزعات العنصرية، رغم وجودها، هو الذي يحول بين الكثيرين من الشماليين، وبين الإنضمام إلى صفوفنا.
نعلم أنكم لا تحتاجون إلى إمام جديد، أو زعيم طائفة جديد، أو زعيم ديني جديد، أو شيخ طريقة جديد، أو طاغية عسكري جديد. نعلم أنكم تحتاجون إلى تنظيم ديمقراطي وفعال، وقيادة لا تدعي العصمة، ولا تضيق بالنقد، ومؤسسة حزبية تتعامل بمسؤولية مع برامجها وشعبها، ونحن سنحاول تقديم مثل هذه المنظمة ومثل هذه القيادة، والحكم لكم في نهاية الأمر، والحكم للتجربة والبيان العملي.
إذا رأيتم أننا نسير في إتجاه التحالف مع القوى الميتة في الشمال، ونحاول أن نرث بعضها، فمن حقكم أن تحكموا أننا لا نسير في الإتجاه الصحيح، وإذا رايتم أننا نستهين بقوى الإستنارة في الشمال، ونستعلي عليها بقلة عددها وتشرذمها، ونتيه عليها بقوتنا العسكرية ومواقعنا في السلطة، فأعرفوا أننا لا نسير في الطريق الصحيح وأننا نعبث بقضية التحالفات. وعلى كل حال فإننا إرتكبنا أخطاء كبيرة في قضية التحالفات بشكل عام. فتحالفنا على سبيل المثال مع الترابي والمؤتمر الشعبي، وهو تحالف إختياري لم يجبرنا أحد عليه، كان خاليا من كل نفع. فبالإضافة إلى أنه وضعنا في كفة واحدة مع الترابي، من حيث الإنتهازية والميكيافيلية، فإنه شجع الأخير على المبادرة بإشعال الحريق في دارفور، وهو حريق فشل العالم كله حتى الآن في إطفائه. وهذا يضاف إلى خطأ قديم إرتكبناه مع داؤد بولاد، الذي أرسلناه إلى موت محقق، مع أننا نعرف أن حرب العصابات لا مستقبل لها مطلقا إلا في ضوء حاضنة رؤوم، طبيعية، أو سياسية.
قضية أخيرة نلمسها لمسا خفيفا. نحن لسنا في تحالف إختياري مع السلطة، نحن في علاقة ضرورية سنكون أمينين في أداء إلتزاماتنا نحوها. ولكن هذا لا يكف أيادينا ولا يلزمنا بما لا لم تلزمنا به الإتفاقية. نحن مثلا نسعى إلى جعل السلام مقبولا قوميا، ونريد أن نحقق ذلك من خلال مؤتمر جامع لكل القوى السياسية والمدنية. ولا نتقيد بموقف الحكومة في هذه المسألة. سندعو إذن لهذا المؤتمر، الذي سيلتزم بالإتفاقية، لأن الإتفاقية غير قابلة للتعديل إلا بموافقة الطرفين، ووفق آليات محددة، ويضيف كل ما لا يتناقض معها من آراء وتصورات. ولن تكون هذه الإضافات عديمة الجدوى، بل ستكون خطوة في إتجاه تدعيم وحدة السودان. فإذا كانت الشريعة، ودعونا نتكلم بصراحة في ذلك، هي الصخرة التي يمكن أن تتكسر عليها وحدة السودان، فإن هذه القوى التي صاغت وثائق أسمرا للقضايا المصيرية، ستكون قادرة على تخطي هذه العقبة كما تخطتها في ذلك المؤتمر، فاتحة المجال بالتالي، لتحالفات جديدة في الإنتخابات المقبلة، لهزيمة الشريك الحالي، وأزالة العقبات الباقية أمام الوحدة. إننا سنذكركم دائما أن ما بيننا وبين المؤتمر الوطني هو نوع من زواج المسيار، ينقضي بإنقضاء أجله، وبعد إستبانة أن متعته ليست سوى متعة زائفة.
وفي هذا الصدد فإننا سنطرح عليكم " خطة طريق" واضحة نحو الوحدة، ونناقشها في هذا المؤتمر المقترح.
وحتى نلتقي في خطاب مقبل.
تصبحون على سلام.

Post: #31
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: هشام هباني
Date: 04-17-2005, 08:25 AM
Parent: #9

لك الله ايها المناضل الشريف
وانت تناضل في جبهتين جبهة المرض اللعين وجبهة الدين السقيم

تمنياتي لك بعاجل الشفاء والعافية لتواصل مشوار النضال.


هشام هباني

Post: #13
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: نصار
Date: 04-17-2005, 05:06 AM
Parent: #1

لا ادري لماذا تزداد قناعتي كل يوم بان الاستاذ الخاتم
سوف ينهض من هذه _الوعكة_ اصلب مما كان و اقوي و اكثر
عافية،،

اللهم تقبل دعوات الضارعين لك و رد لنا الخاتم معافي من كل شر و داء و خفف عليه اللهم الام المرض

امين

Post: #14
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 05:14 AM
Parent: #13

نصار
لكن!

Post: #15
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Murtada Gafar
Date: 04-17-2005, 05:32 AM
Parent: #14

أمنياتي الأكيدة الأستاذ الخاتم عدلان ببلوغ الصحة، الأسئلة الصعبة أمام الشعب السوداني جد كثيرة و بعد لم نهتد لإجابات شافية، هلا قهرت المرض و أخذت مكانك للمساهمة. بقدر كبير من الإحترام أتذكر سفرك العظيم "حانت لحظة التغيير"، الشيوعي العدد 158، العدد الوحيد الذي ظللت أتذكر محتواه. الأخ كوستاوي شكرا على الموسيقى المصاحبة على قدر ما هي حزينة لكنها جميلة.

لك الود


مرتضى جعفر

Post: #16
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Amjad ibrahim
Date: 04-17-2005, 05:55 AM
Parent: #1

سلام جميعا

هذه صورة للاخ الخاتم و اسرته اتفقنا على نشرها في صفحة الحركة الالكترونية
لكننا و الى وقتنا هذا لم ننجز هذه الصفحة بالصورة المرضية

Post: #17
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Amjad ibrahim
Date: 04-17-2005, 05:58 AM
Parent: #1


الاستاذ الخاتم عدلان

Post: #18
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Amjad ibrahim
Date: 04-17-2005, 06:01 AM
Parent: #1


Post: #19
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Amjad ibrahim
Date: 04-17-2005, 06:06 AM
Parent: #1

سلام جميعا
اذا صار هذا البوست بفضل كوستاوي توثيق لبعض اعمال الاستاذ الخاتم المتميزة
فها هنا اضيف مقال الخطاب الذي لم يلقه قادة الانقاذ حتى يكمل الخطاب الذي لم
تلقه الحركة الشعبية



خطاب السلام الذي لم يلقه قادة الإنقاذ:


وقعت بنيروبي، بكينيا، يوم الأحد التاسع من يناير 2005، إتفاقية السلام السودانية بين حكومة الإنقاذ وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان. وحضر الإحتفال ضيوف كثيرون، ومهرت الإتفاقية بتوقيعات لا حصر لها. تعاقب الموقعين على مائدة الرئاسة، فقط لوضع توقيعاتهم الأنيقة، ربما يكون عملا مملا، فيه مظاهر كريكاتيرية واضحة. ولكنه في الواقع لم يكن كذلك. بل كان كل توقيع يحيط الإتفاقية بسياج من الضمانات، وبقدر من القوة وديناميات النفاذ التي إفتقدناها في كل الإتفاقات الأخرى، وخاصة من جانب حكومة الإنقاذ. بتوقيعاتهم هذه كتبت الإتفاقية على "الحور العتيق"، بدلا من ترك الأمر لحكومة الإنقاذ التي تجيد الكتابة على "رمل الطريق". وكانت التوقيعات تجري على خلفية من الفرح الشعبي الطليق، والرقص السوداني والكيني، الذي يشف عن التشكيل الجسدي للسلام والفرح. وقد أعجبتي بصورة خاصة فتيات الأشولي وهن يرقصن للخصب والنماء والبقاء.

ألقيت خطب كثيرة، كانت كلها إيجابية ومتفائلة. ولا شك أن الناس تابعوها باهتمام شديد. ولكن ثمة خطبتين لم تلقيا بعد، واحدة من قادة حكومة الإنقاذ، والأخرى من قادة الحركة الشعبية. وهما خطبتان تستندان إلى أمانة نادرة مع الذات، وإلى ثقة كبيرة في النفس والآخرين، وإلى شجاعة تخرج إلى العلن الخطرات العميقة للضمير الإنساني، وهو يخلق ويشهد مثل هذه الأحداث الكبيرة، سواء من مواقع السلطة أو المعارضة. وبالطبع فإنني لا أفترض أن هاتين الخطبتين ستلقيان أصلا. فما هكذا تسير الأمور في العالم الواقعي. ولكن من حقنا نحن، الذين لا نملك فؤوسا نسنها، كما يقول المثل، أن ننفذ إلى ما نتمنى أن يكون الصوت الداخلي للزعيم، وأن نضيف إليه الحقائق التي نعرفها. وإذا كان الخيال هو الأداة الوحيدة " لسماع" مثل ذلك الصوت من جانبنا فلماذا لا نستخدم خيالنا؟

سأبدا في هذه المقالة، بالخطبة التي لم يلقها زعماء الإنقاذ، وأنتقل في مقالة مقبلة إلى تلك التي لم تقلها الحركة الشعبية، وبالطبع فإن الخطبة ستكون أقرب إلى المسودة، منها إلى العمل المكتمل، لأني أريدها مفتوحة للإضافة والتعديل والحذف. وها هي الخطبة منسوبة لأحد كبار قادة الإنقاذ:

في مفاوضات إستمرت حوالي ثلاثين شهرا، بدء ببروتوكول مشاكوس، وإنتهاء بالتوقيع الحالي، إستطعنا أن نحقق السلام، وهو أكبر حدث تشهده البلاد منذ الإستقلال. ولكن الأمانة تقتضينا أن نقول أنه لولا جهود المجتمع الدولي، التي أنطوت على استخدام الجزرة والعصاة، ما كان ذلك سيحدث مطلقا. هكذا نبدأ صفحة جديدة، بتسمية الأشياء بأسمائها، والإعتراف للآخرين بجهودهم، لأن ذلك هو الشرط لكتابة تاريخ حقيقي للسودان، ولإرساء خطاب يستند إلى الحقيقة وليس إلى الأوهام. ونحن نعترف أن هذا المجتمع الدولي، لم يجيئ إلى السودان،و لم يسخر كل هذه الإمكانيات لحل المشكلة السودانية، ولم يجد علينا بكل هذه الخبرات في حل النزاعات، ولم يبذل كل هذه الوعود، ، من مواقع الإستكبار، أوبقصد الإهانة والتحقير والهيمنة، ولا لشن حرب صليبية جديدة. بل لأسباب أخرى تماما، يمكن إجمالها، في أن الدوافع الإنسانية النبيلة، والتعاطف الإنساني الكريم، صارت جزء لا يتجزأ من ثقافة العصر، ومن توجهات الشعوب، كما صارت شرطا لنجاح الحكومات في تلك البلاد المتقدمة وضمانة لبقائها على سدة الحكم. وفي ضوء هذه الحقيقة الباهرة، فإننا سنكف عن تقسيم العالم إلى دار للإسلام ودار للحرب، كما سننظر بجدية كبيرة إلى تلك القيم التي جعلت تلك المجتمعات على ما هي عليه من التعاطف والإستعداد للعون. وبالطبع فإننا لن ننسى مطلقا جيراننا الأفارقة الذين اجتمعوا على ضرورة حل النزاع السوداني، كما لم يجتمعوا على شيء، ونحن نعتذر لهم عما بدر منا من عداء. وسنبرهن لهم أننا لسنا أقل منهم كرما ونبلا. و لكن هذا كله لا ينفي ان سياسات هذه الدول، ترمي كذلك إلى خدمة مصالحها، بطريقة أو بأخرى، ولكن علينا أن نوسع مفهومنا للمصالح ليشمل بالإضافة إلى المصالح التجارية، التي نسعى لأن تكون عادلة، أبعادا أخرى ثقافية وإجتماعية وإنسانية.

إن فضيلة التواضع تجبرنا على القول أننا لم نحقق السلام لكل السودان. حققنا السلام في جنوب البلاد. وما تزال الجراح راعفة في دارفور، والتي أشعلنا حربها في رد فعل غير عقلاني، على خطر كان يمثله شيخ تربينا على يديه،2 ونعرف مقدراته في المكر، وقسوته في السعي إلى تحقيق الأهداف. ولم نتورع عن إطلاق قوى، رسمية وغير رسمية، أحرقت القرى، وقتلت الآلاف، وشردت أكثر من مليونين، من البسطاء الذين كانوا أحق بحمايتنا وكانت أقاليمهم تستصرخنا للتنمية والخدمات الأساسية للحاق بركب العصر. إننا إذ نقدم إعتذارا واضحا لا لبس فيه عن هذه الجريمة المنكرة، نعلن أنه لن يهدأ لنا بال ولن يغمض لنا جفن حتى تحل مأساة دارفور وفق نفس المنهج الذي حلت به مشكلة الجنوب. ونحن نعلن ذلك صادقين، لأننا أعلناه من قبل، وكنا نكذب على الجميع، ومنا من كذب حتى على نفسه.

بل نحن لم نحقق السلام في شمال السودان بكل اقاليمه. وليس خافيا علينا، أننا دخلنا في حرب مع المجتمع منذ إستيلائنا على السلطة في الثلاثين من يوينو 1989، وحتى هذه اللحظة. صحيح أنها كانت حربا " أقل حرارة وفتكا" مما حدث في الجنوب والغرب. ولكنها لم تكن، من الناحية النسبية، أقل من عدوان مستمر وإرهاب لا يتوقف. فقد حللنا الأحزاب والنقابات، والجمعيات والإتحادات، وصادرنا الممتكات، وأقمنا بيوت الأشباح، وقتلنا الطلاب وهم يقومون باحتجاجات سلمية، بل أبدناهم في العيلفون. وخلقنا جهازا للأمن لم يشهد السودان مثيلا له، من حيث قوته البشرية والمادية، ومن حيث شراسة بعض عناصره وعدم ترددها في القتل والتصفيات. وصغنا لهذا الجهاز قانونا يعفيه من كل مساءلة قانونية بصرف النظر عن فداحة الجرم. والشواهد موجودة ومعروفة. بل إننا حتى الآن لا نسمح حتى بمجرد المناقشة لقضايا هذا الجهاز، ونعتبره من المحرمات. كما أن من يخوضون في شؤونه، من طوال الالسنة، مثل الدكتور زهير السراج، يعرفون تماما عاقبة مثل هذا التطاول.

هذه الحرب مع المجتمع نحن مستعدون لإنهائها، ونحن مستعدون أن نسمع بصراحة من كل القوى السياسية والإجتماعية تصوراتها في هذا الشان. كما اننا نقبل تكوين لجنة للحقيقة والمصالحة، تكشف فيها جميع الجرائم، لتدان أخلاقيا، بعد إعتراف أصحابها بها، وليزاح هؤلاء من مواقعهم، لأنه سيكون من السذاجة أن نتوقع منهم سلوكا رشيدا بعد كل ما أرتكبوه. بل إننا نسمح للأسر التي فقدت أعزاءها وتضررت أن تتوجه للقضاء النزيه الذي سيقوم مع تنفيذ إتفاقيات السلام وسنقبل ألأحكام التي تصدرها هذه المحاكم، دون تردد. إننا لن نسمع صيحات من يطالبوننا بتشديد قبضتنا الأمنية، لأننا نعلم أكثر من غيرنا كم هي قوية هذه القبضة. فشعورنا منذ البداية بأن سلطتنا عارية من التأييد الشعبي، هو الذي جعلنا نقيم هذه الأجهزة ونبالغ في تقويتها وحمايتها. وقد آن للقبضة أن تتراخى. فنحن على الأقل لم ننعم بنومة هانئة، وخالية من الكوابيس، خلال 16 عاما، قضيناها مرابطين في الكباري ومقتحمين للبيوت ومراقبين لحركات الناس وسكناتهم. وقد حدث هذا، مع أننا جئنا نبشر بإطمئنان عمر بن الخطاب، ونومه تحت شجرة غير ظليلة في الغالب. ونحن نعلم تماما أن بيننا من العناصر من يعتقد أن التنازلات التي قدمناها في نيفاشا هي أقصى ما يمكن أن نقدمه. ولذلك يميل هذا البعض إلى " تقوية القبضة الأمنية" حتى لا يطمع طامع في مزيد. ولكننا نعرف أن ذلك خطأ لأنه يتنافى بصورة أساسية مع المنهج الذي أرسيناه في نيفاشا. وهو إطلاق الحريات والسير على طريق التحول الديمقراطي. تقوية القبضة الأمنية ليست سوى إجهاض كامل لمثل هذا التوجه. فبينما المقصود من إشاعة الحريات هو الإطمئنان وفتح الأبواب للمبادرة الشعبية في محاربة المتطرفين، فإن إحكام القبضة الأمنية يؤدي إلى إستمرار سياسة القمع التي خبرناها ووقفنا على عقمها.

نحن واعون بثغرات الإتفاق المتمثلة في ثنائيته. وقد كان لهذه الثنائية ظروفها السياسية، المحلية والدولية. وكانت المقولة الأساسية في دعم الثنائية هي أن من يشعل الحرب هو القادر على إيقافها. وهي حجة تفقد الكثير من وجهاتها بمجرد تحقيق السلام، لأن الهم ينصرف بعد ذلك إلى حشد كل القوى من أجل إنفاذه وتحويله إلى واقع معاش. نحن مستعدون لبحث هذا الأمر ولدينا إقتراح محدد سنقدمه في نهاية هذا الخطاب.

ولكن الأهم من كل ما ذكرنا، هو أن السلام وضعنا في تناقض لا ندري له حلا حتى الآن. وإذا كان من الممكن أن نختصر برنامجنا الذي سرنا عليه طوال الستة عشر الماضية، في كلمة واحدة لكانت هي الحرب. لقد قمنا بالإنقلاب، تحديدا لنقطع الطريق على إتفاق ليس شبيها فقط بما توصلنا إليه حاليا، بل كان إبرامه في ذلك الوقت سيجنب البلاد ملايين القتلى والمشردين وضياع مليارات الدولارات التي كانت البلاد تحتاج إليها في الإعمار والبناء. كما أن سياستنا العملية تلخصت بصورة غالبة في حشد القوى لتحقيق النصر في تلك الحرب، والذي كان يعني في حقيقة الأمر إبادة المزيد من الناس. نحن واعون تماما حاليا، أن برنامجنا هذا قد إنهار كليا. فإذا كنا نسمي ذلك جهادا، فقد عرفنا الآن أنك لا يمكن أن تجاهد ضد أبناء وطنك، ولا يمكن أن تجاهد ضد جيرانك لتفرض عليهم تصوراتك. ليس فقط لأن ذلك خطأ، بل كذلك لأننا في واقع الامر غير قادرين عليه. وقد تصرم الزمان الذي تنشر فيها الأديان بالسيوف، وتقوم الإقتصادات على الغنائم. بل إن الجهاد حتى في الدفاع عن الوطن، أصبح غير مقبول، لأن الذي يدافع عن الوطن عند العدوان، هو الجيش الوطني الذي لا ينبغي أن يقوم على أساس ديني. فماذا بقي من الجهاد إذن؟

بقي منه قدر كبير. بقي منه الجهاد الأكبر، جهاد النفس، لكبح غلوائها، للجم شراهتها، لتخفيف تعصبها وإنغلاقها، لفتح مسام التعاطف الإنساني في كل أقطارها، لإتساعها للآخر، أراء وقيما واسلوبا للحياة وحقا في تأكيد الذات والفخر حتى بما لا نراه أهلا للفخر. وفي حقيقة الأمر فإن هذا البعد من الجهاد، هو بالتحديد الذي فشلنا فيه فشلا ذريعا. ولذلك لذنا بالجهاد الأصغر هروبا من متطلبات هذا الجهاد الكبير، وخنوعا لإغراءات النفس الأمارة بالسوء، التي جعلتنا نجمع الثروات على حساب الوطن، ونتطاول في البنيان لخنق الجيران والتيه عليهم، ونهيم بالقوة التي فشلنا رغم كل المحاولات في تحويلها إلى مجد.

سقط برنامجنا كذلك في بسط ما أسميناه بالشريعة. فقد خفنا، والحق أحق أن يقال، من تنفيذ العقوبات التي أصدرناها، لأن تنفيذها كان يحولنا إلى "طالبان" أخرى، ويجعل المجتمع الدولي يتعامل معنا على هذا الاساس. وهذا موضوع ربما نطرقه بالتفصيل في خطاب آخر.

المهم أن برنامجنا انطوى، ربما إلى غير رجعة. بل نحن الآن ننفذ برنامجا، ليس بديلا فحسب، بل نقيضا أيضا لبرنامجنا الأصلي. وفي كل تاريخ الحكومات، فإن وضعنا فريد بحق. إن الحكومات الموضوعة تحت الوصاية الدولية هي وحدها التي تخدم برامج تملى عليها. ولكن ما دام البرنامج الذي ننفذه الآن أفضل من برنامجنا الأصلي، فإن في ذلك بعض العزاء. وهو وضع نحن مستعدون أيضا للحوار حوله. ولكننا على كل حال سنعيد صياغة برامجنا في ضوء هذا الواقع الجديد، ونتعامل مع شعبنا من مواقع التواضع والخضوع، لا الإستعلاء والجبروت، فهو وحده الحكم في نهاية المطاف، وهو وحده الذي يعرف مصالحه أكثر من أي حزب سياسي مهما كانت إدعاءات ذلك الحزب.

الإقتراح الذي نقدمه، دون أن نخرق بندا من إتفاقيات نيفاشا هو التالي: أعطتنا الإتفاقيات في قسمة السلطة، 52%، وأعطت جميع القوى السياسية في الشمال 14%، أي بالتحديد أعطت كل الأحزاب أقل قليلا من 27% من نصيبنا، وهذا إجحاف واضح، لن تقبله هذه الأحزاب، ولا يليق بها أن تقبله. ونحن نعلم أن تأييدها للإتفاق ضروري لإنجاحه. ونحن نقدر بالإضافة إلى ذلك أنها لا تريد أن تفقد الورقة الأخلاقية، في معارضة حكومتنا وكشف أخطائنا، بالإشتراك فيها. ولذلك نقترح أن نضم نصيبنا إلى نصيبهم ليصبح 66%، فنأخذ نحن 33%، ونتفق على إعطاء ال 33% الأخرى لممثلين، من الأقاليم وخاصة المهمشة في دارفور وكردفان والشرق وأقصى الشمال والوسط. فنحن لا نسعى للوحدة بين الجنوب والشمال فحسب، بل نريد لكل أجزاء وطننا أن تترابط وتتحد. ومستعدون بعد ذلك أن نبحث معهم أمر المساواة الإعلامية، ووسائل الوصول إلى الناس، وسنسمح لهم بإقامة الإذاعات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات، بطييعة الحال. كل حسب إمكانياته. ولكننا نتعهد من جانبنا ألا نمول حملتنا الإنتخابية من موارد الدولة، بل نفصل فصلا كاملا بين حزب يخصنا وحدنا ودولة تخص كل الناس. كما سنناقش معهم الضمانات الكاملة لنزاهة الإنتخابات وحريتها، وهذا أمر يمكن بحثه تفصيلا فيما بعد.

إننا إذ نقدم هذا الخطاب، نرجو أن يستقبله شعبنا بنفس الإخلاص الذي أملى علينا كتابته. ونعلم صعوبة هذه المسألة فطالما كذبنا عليه دون وازع.

وعاش السودان لأهله جميعا، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الدين أو الوضع الإجتماعي أو الآراء السياسية

Post: #20
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: حسام يوسف
Date: 04-17-2005, 06:17 AM
Parent: #19

مع اصدق الاماني للاستاذ العزيز الخاتم عدلان بالشفاء العاجل ونحن في انتظاره

Post: #21
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: خضر حسين خليل
Date: 04-17-2005, 06:29 AM
Parent: #1

شكراً كوستاوي أيها النبيل
عاجل الشفاء وكل الاماني للأستاز الخاتم عدلان قلماً ومفكرا

Post: #23
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: ABUKHALID
Date: 04-17-2005, 06:44 AM
Parent: #21


انقل هنا نص لقاء اجري مع الأستاذ الخاتم ونزل بهذا المنبر(tarig) متمنيا له عاجل الشفاء
ليسهم معنا جميعا في مسيرة هذا الوطن


إعجابا مني برد الأخ الخاتم عدلان على الدكتور عبدالله علي ابراهيم في البوست
((الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم ))
والذي قام مشكورا بنشره الأخ عبد المنعم عجب الفايا أردت أن تشاركوني المعرفة بخلفية الأستاذ الخاتم ، وهو نوع من أنواع التعبير بإعجابي بالأستاذ الخاتم ومقاله .... فإلى مجريات الحوار


الخاتم عدلان: الإحساس بالإعتباط والظلـم!!
الحزب الشيوعي ظلّ يمارس إهدار الكوادر مـنذ وجوده وحتى الآن!
لا أعتقد انني يمكن أن أتحوّل إلى متصوف
موت الأقارب ترك بصمات عميقة في نفسي!
نقد همش الحزب والترابي أكبر ديماجوج في تاريخ السودان
الصادق المهدي أسهم في تشويه الديمقراطية

نحت في ذاكرته/ عبد الله إبراهيم الطاهر– مجلة الخرطوم الجديدة

في صوته هدوء.. عميق الفكرة.. أحد إثنين قادا الإنشقاق العظيم داخل أكبر الأحزاب الشيوعيّة في الشرق الأوسط، له آراؤه الخاصّة والمتميزة، الخاتم عدلان زعيم حركة «حق»، أخذنا أدواتنا وجلسنا في دروب ذاكرته ننحت ونفتش عن نقوش توضح المسير وتجلي الطريق فكانت: نحتاً في الذاكرة.


ولدت ككثير من السُّودانيين في 1/1/1948م وهو تقدير قريب من الحقيقة، راجعته مع أبي وربطناه بأحداث كانت دائرة في ذلك الوقت..
كان الميلاد في قرية تقع على الجنوب من مدينة المناقل وتسمى العمارة نشأت بها وترعرعت حتى تم إلحاقي بمدرسة (كضيبات) الأولية وهي من المدراس العريقة القائمة حتى الآن. أما قصة الاسم المعروف الخاتم عدلان فهي ترجع الى تلك الفترة حين أخذني جدي عدلان للمدرسة وسئل عن إسمي فقال: هو الخاتم عدلان ومنذ ذلك اليوم إختفى إسم أبي عبد الهادي وسار على هذا الإسم رغم ان ناظر المدرسة في المرحلة المتوسطة كان قد نصحني بتعديله الى الإسم الحقيقي.. لم أكن أعي ذلك الأمر جيداً، كما أن أبي كان قد رفض تغيير الإسم خاصةً بعد وفاة جدي، فكان إسمي كبش الوفاء بذكرى جدي وعند عودتي مؤخراً الى الخرطوم أفردت وقتاً للحديث مع أبي حول هذا الامر.. فوجدته ما يزال مسروراً به. كانت نشأتي في الريف بخصائصه المعروفة قد صقلت شخصيتي كما أنضجتني مشقة الريف لمجابهة مصاعب الحياة.. من خلال اللهو العنيف والعراك مع البيئة في الرعي والزراعة والتنقل الشاق بين القرى في تلك الأيام..

موت الأقارب عنصر حاسم في حياتي

تلك أحداث ذات أهمية حاسمة في حياتي، موت أمي كنت في السادسة من عمري وشقيقتي قبلها، حيث كان إرتباطنا بوالدتنا قوياً للغياب الكثير لأبي خاصة في مواسم الزراعة وقضائه لموسم الخريف في قرية أم دكة الجعليين. وكانت والدتنا رحيمة بنا الى أبعد الحدود وبتفرغ كامل شأنها شأن كل نساء القرية يمثلن الملاذ الآمن والحضن الدافئ. موتها كان عملاً صاعقاً مزلزلاً.. كأنما قد إنتهت به الدنيا.. كانت مريضة (بحمي النفاس) بعد أن ولدت طفلاً ميتاً حتى جاء اليوم الأخير في حياتها كانت مسجاة وغائبة عن الوعي.. أذكر ذلك جيداً.. والحقيقة أن موت الأقارب ترك بصمات عميقة في نفسي وإحساس طفولي بالإعتباط والظلم، فقد توفيت خالتي فيما بعد ثم جدي عدلان وشعرت بأن هنالك أشياءً تحدث في الدنيا لا مبرر لها في مخيلتي كطفل فواجهني عبث الوجود منذ تلك اللحظات الأولى في حياتي لكنه فيما أعتقد أكسبني قوة نفسية بعد تلك القوة الجسدية في معارك الحياة كما أسلفت..
إنني أُدين لنشأتي الأولى بشكل كامل تضاف إليها قدرة كبيرة على الفهم والإستيعاب فيما يتعلق بالأحداث والدراسة بانطباع الأشياء في الذهن بصورة قوية. وكانت الدراسة في الواقع هي عزاء كل ذلك.. كانت طريقاً مختلفاً جداً عن المسار العادي الذي يسير عليه أترابي من أطفال القرية وربما تنبّهت بصورة غير كاملة الا أن هذا المسار هو الذي يوصلني الى الضياء. لذلك تفوقت في المدرسة وأحببتها من اللحظة الأولى حتى تخرجت في الجامعة التي كانت تبعد بي عن المحيط المباشر الذي عشت فيه لكنها ترجعني إليه من ناحية أخرى باستيعاب الظواهر التي علقت بفهمي في البداية وإستيعاب كيفية السيطرة على هذه الظواهر وإخضاعها للإرادة الإنسانية الواعية لرسم مسيرة عقلانيّة من الحياة الإعتباطية في ظل غياب الطب المتقدم والتعليم الواسع المنتشر وأشكال الحياة الحضرية الميسورة التي توفر الكثير من الأشياء.. أيضاً طول اليوم وقصره، فالكهرباء تطيل اليوم لكن في القرى مغيب الشمس كان إعلاناً لنهاية اليوم، اعتقد ان كل هذه الأشياء مكونات أساسية من النشأة الأولى تعمّقت بالقراءة والاطلاع .

زملاء في درب الدراسة

جمعتني صداقات حميمة بكثيرٍ من الزملاء منهم صديق عثمان وهو رجل مفكر كان قد إنقطع عن الدراسة في المرحلة الثانوية وكنا نتبادل الكتب والنقاش في القضايا الفلسفية وكان هناك تقارب في الأفكار بيننا، قرأنا سوياً كل ما وقع بين أيدينا من فلسفة وكانت قوة جذب كبيرة.. وهناك عدد آخر من الأصدقاء مثل المهندس أحمد السماني وهو صديقٌ منذ تلك الفترة رغم إختلافاتنا الفكرية، وهناك الكثير من الأصدقاء الإجتماعيين منهم شرف الدين بانقا ومن الصداقات التي عاشت معي حتى الآن صداقة محمد الحسن محيسي في أبي ظبي ودكتور مبيوع بالخرطوم والأستاذ حسن كباشي بالأمم المتحدة وهؤلاء يمثلون جيلاً مليئاً بالإيجابيات التي نراها تَندثر الآن..!

محطة أخرى

في المرحلة الوسطى في الستينات أي فترة الفريق عبود إشتركنا في نشاط مقاومة الديكتاتورية في تنظيم الإضرابات برفقة مجموعة من قادة الحركة الطلابية في ذلك الوقت حسن كباشي وعبدالباسط سبدرات وكان في الجانب الآخر دكتور الزبير بشير طه ودكتور مالك حسين، ومن الأشياء التي أذكرها في الثانوية إننا قد كنا في داخلية بحي الدرجة بمدينة مدني وفي الأيام الأولى جاء دكتور مالك حسين وأيقظ كل الطلاب في الداخلية إلا أنا ليأخذهم إلى قاعة كبيرة ويخطب فيهما للإنضمام للحركة الإسلامية وبالفعل نجح في ضم الـ 59 طالباً لجماعة الأخوان المسلمين، فوجئت عند الصباح بهذه الدراما وقد كانت لي مواقفي من الأخوان المسلمين منذ ذلك الوقت.
حقيقة لا أدري لماذا لم يدعوني مالك حسين مثل الباقين؟ لكنني أعتقد بأنّه ربما كان يعرف بأن هذا الطالب سيعرقل برنامج دعوته وكان يريد أن يسوقهم كالقطيع دون نقاش أو مجادلات فكرية لكن إستطعت بعد ذلك أن أقنع أصدقائي بأن قرارهم كان متسرعاً ويجب أن يعطوا أنفسهم الفرصة لدراسة كل التنظيمات، وعندما وصلنا السنة الرابعة تبقى ستة طلاب فقط بتنظيم الأخوان المسلمين. اسلوب التكويش الذي قام به مالك حسين هو أسلوب للتجنيد موجود في الحركة الإسلاميّة حتى هذه اللحظة ربما أُضيفت له إغراءات كثيرة، السلطة والجاه، المهم هو اسلوب يغيب عقل الآخر ويباغته ولا يعطيه فرصة للفكاك، هذا هو المنهج التجنيدي لهذه الحركة.

بداية تحديد المسار الفكري

أغلب الناس يبررون دخولهم للحزب الشيوعي بإعجابهم ببرنامجه السياسي ثم توسّعوا من بعد ذلك في فضاء فلسفته وبرنامجه الإجتماعي وهكذا، أما أنا بالنسبة لي فإن الموضوع مختلف جداً فقد دخلت الحزب الشيوعي لاعتبارات فكرية ولم أكن على إطلاع كامل على برنامجه السياسي التفصيلي وكان الموقف الفكري حاسماً بالنسبة لي، إذ أعتقدت انه يعلي قيمة الإنسان حتى يستطيع أن يعيد صياغة الكون بعقله ويمسك الأشياء بيده هذا هو المدخل ثم جاءت بعد ذلك تفاصيل البرنامج السياسي والمراحل النضالية وهذا مكون أساسي في شخصيتي، لذلك كان إقتناعي به ميسوراً وكانت هناك أولويات وأهمها مقاومة الديكتاتورية متمثلةً في حكم عبود، وأذكر في المرحلة الوسطى كان هناك أستاذ الإنجليزي دخل علينا يحمل في يده صحيفة ثم قرأ خبر إعدام الضباط الستة على رأسهم (كبيدة والصادق أحمد الحسن) وطلب مِنّا أن نقف دقيقة حداداً على أرواحهم وكانت بحق لحظة مؤثرة لا تُنسى.
المهم إنخرطنا في مقاومة حكم عبود وكُنّا في مظاهرات طوال اليوم تقريباً ثم شاركنا في أكتوبر بفعالية شديدة عن طريق جبهة الهيئات التي تكونت بقيادة البروفيسر فاروق محمد إبراهيم والمحامي عبد المنعم الإتحادي لا إذكر إسمه الآن وهو شخصية نارية كنا نتبعه أينما ذهب لنستمع إلى خطبه ذات اللغة الجميلة المقنعة.. واستطاع مع د. فاروق أن يهيئوا المدينة لتنفيذ العصيان المدني بصورة جماعية، واذكر خروجنا من المدرسة الثانوية بمدني لمجابهة البوليس الذي كان لديه أمر باستخدام الرصاص الحي، وفي إحدى المنعرجات سقط الشهيد حسن أحمد الذي كان من مواطني مدني، أعتقد أن كان له دور كبير في نضالات ثورة أكتوبر وإسقاط ديكتاتورية عبود. وكنت أفكر كان يمكن أن تصيبني تلك الرصاصة.
أنا درست بعض الكتيبات الماركسية جزءاً منها أخذته من عبد الوهاب محمد عبد الوهاب بعد أن حدثنا عنها أخذت منه (البيان الشيوعي) وأهم ما في هذه الكتب رواية للكاتب جوركي (أرني الله) في هذه الرواية جموعاً من الناس تذهب الى كنيسة العذراء وترفع فتاة مشلولة عسى ان تعيد اليها العذراء الحياه في رحيلها وبالفعل شفيت الفتاة وقد أرجع جوركي هذا الفعل للجماهير وكانت دلالتها عندي ان الانسان يمكن ان يسيطر على مصيره واتيانه المعجزات في مقاومة الطبيعة وقد تركت هذه الرواية أثراً في نفسي لا ينمحي، ثم قرأت رواية (الام) ايضاً للكاتب جوركي وهو يتحدّث عن الحلقات الشيوعية في روسيا وهذه الأسر البسيطة التي قاومت القيصر تلك كانت المؤثرات الأولى.
كان من الذين إنضموا معي للحزب الشيوعي أحمد العبيد من ود ربيعة وتدخل الحزب حينما تكون مرشحاً، وانا دخلت في اغسطس 1964م ولم تكتمل عضويتي إلاّ بعد أكتوبر، وكان من الذين أعانوني نظرياً وفكرياً هو أحمد العبيد وهو من الصوفيين حالياً وكان يمتاز بهدوء غير عادي حديثه بطئ ، حينما يصل الى نصف التعبير عن الفكرة أكون عرفتها، كان ثابتاً وواثقاً من نفسه وهو يتحدث عن هذه الأشياء، أنا مثلاً الآن حينما أتحدث عن الشيوعية يكون هناك مجالٌ للشكوك أو رأي آخر أو إيحاء بأنّ هذا غير كامل، ولكن احمد كان يلقي هذه المحاضرات بصورة ايمانية مطلقة، ومن الطبيعي ان ينتقل الى مجال ايماني آخر وهي الصوفية.
أنا لا أسمي التحول من الماركسية الى الصوفية هو تحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، عندما يتعلّق الأمر بالتصوف، فمثلاً حينما نتحدث عن شخص مثل أحمد سليمان تحرّك من أقصى اليسار الى اقصى اليمين لإنّه إنضم الى الإسلام السياسي ببرنامجه اليميني المتطرف الواضح، فهو في الحزب الشيوعي نفسه كان يمثل التطرف والمنهج الإنقلابي على المجتمع..
بالنسبة إلى إنتقال الشيوعي إلى التصوف أنا أفتكر انه يتحرك في نفس المجال، يتحرك في متواصل فكري واحد هو الإيمان، هم تعاملوا مع الماركسية من مواقع الإيمان وهؤلاء يمكن أن ينتقلوا إلى مواقع إيمانية أخرى دون شعور بالتناقض خاصّةً الصوفية لأنّها قائمة على الزهد والماركسية أيضاً تقوم على الزهد ونقاء السريرة ونقاء الضمير..
الشيوعيون دائماً من الغيِّريين الذين يفكرون في مشاكل الناس وحلها عكس الأنانيين الذين يفكرون في أنفسهم فقط، وهذا ليس بشكل مطلق، أنا أتحدث بصورة عامة.. أنا لا أندهش حينما يتحوّل شخص شيوعي إلى التصوف، المزاج الشيوعي الإيماني يمكن أن يتوافق ويجد نفسه في مجال صوفي ونظيف، ولا أعتقد إنّها إنقلاب في حياة الشخص ولا أعتقد أني يمكن أن أتحوّل إلى متصوف وذلك مربوطٌ بتحليلي لشخصيتي، أنا أريد أن أسيطر على مصيري..

حل الحزب

معركة حل الحزب الشيوعي خضناها في مدني، وكنت ما أزال في الثانوية، وكان من اصدقائي عبدالله السماني وكان في الكلية المهنية بمدني وهي بعيدة عن المدرسة الثانوية ولكن كلنا كنا في مكتبة الطلاب الشيوعيين في مدني، وكان هناك في المدرسة العربية تاج الأصفياء ودخلنا الحزب في نفس التاريخ، شاركنا في موكب في مدني وكان عبدالله السماني منفعلاً جداً حيث أحرق نفسه في الموكب بعد أن صب جالون جاز على نفسه وكان يندد بالمحجوب والصادق المهدي ويهتف حتى توفى.. وكانت خطب عز الدين علي عامر، محمد إبراهيم نقد وعمر مصطفى المكي مُؤثرة جداً على كل المستنيرين في السودان، ومعركة حل الحزب الشيوعي كانت معركة لظهور القوى الديمقراطية في عنفوانها وإتساعها الكبير وكان إنضمام الحزب الجمهوري بقيادة الشهيد محمود محمد طه الى هذه المعركة إضافة غير عادية و إيماناً برسالة الجمهوريين حول أن الحرية لنا ولسوانا وتصرفوا على هذا الأساس رغم عدائهم الفكري للحزب الشيوعي وكان ذلك من المواقف الكبيرة فعلاً والحقيقة الترجيح الذي قام به الحزب الجمهوري هو انضمامه، إنّ هذه قضية للديمقراطية فعلاً وليس قصة أجندة سياسية لحزب ما لانه لا يمكن أن يكون هناك إتفاق بين الحزب الجمهوري والحزب الشيوعي على أجندة سياسية إلاّ إذا كانت هذه الأجندة وطنية فعلاً وكلية مثل قضية الديمقراطية.. كانت معركة حل الحزب الشيوعي لها آثار بَعيدة جداً في ظهور هذه القوى الديمقراطية وكان لها آثار على كل المسيرة السياسية في السودان لاحقاً، والذين حلوا الحزب الشيوعي تحمّلوا مسؤولية تشويه الديمقراطية في السودان، مسؤولية إبعاد الرأي الآخر، ولم يكن يهدد الحكومة بالإسقاط بأي حال من الأحوال هم كانوا (11) أو (13) نائباً، وحتى لو كان هناك تهديدٌ وجودي ليس من حقهم إقصائهم مادام هؤلاء الناس يطرحون آراءهم بصورة ديمقراطية ليس من حق أحدهم أن يخرجهم..
والشئ المهم هو إحتقار القضاء والقضاء على إستقلاله مما أدى إلى إستقالة رئيس القضاء في ذلك الوقت بابكر عوض الله وقرار الصادق المهدي بأن هذا حكم تقريري وهي من الأشياء المشينة في الواقع..
ورغم أن الصادق المهدي الأعلى صوتاً ينادي بالديمقراطية حالياً إلاّ أنه أكثر شخص أسهم في تشويهها..!

حق وسقوط المشروع الماركسي

هناك محوران جزء سياسي وآخر فكري، وقد توصّلت منذ أوائل التسعينات إلى أنّ المشروع الماركسي للتغيير الإجتماعي سقط تماماً، ويجب أن يفكر الناس بطريقة أخرى، والموضوع الثاني هو مواجهة السُّلطة التي جاءت عن طريق الإنقلاب وقضت على كل مظاهر الديمقراطية وتحدت الناس لمواجهتها وقالت على رؤوس الأشهاد من أراد السلطة فليحارب من أجلها..
هاتان القضيتان حدثت فيهما مفارقة مع قيادة الحزب فيما يتعلّق بالقضية الثانية، أنا قدمت ورقة إسمها (تكتيكات فعّالة) من أجل النضال ضد (السلطة) ورفضت هذه الورقة بعد أن قبلت حصل إيحاء من الاستاذ نقد بأن هذه الورقة غير سلبية فغيّرت السكرتارية موقفها (180) درجة وقالت إنّ هذه الطريقة خاطئة ونحن براء منها، كانت تلك لحظة مريرة في حياتي بالإضافة إلى إكتشاف الكثير من النقائص والصور الكاذبة.
القضية الثانية تمّت مقاومة للورقة التي قدمتها عن التغيير وفحواها أن هذا المشروع سقط ونحن يجب أن نُفكر بطريقة جديدة وإنشاء حزب عادي للإنسان العادي، حزب يطلع بمهام النهضة الوطنية وتحقيق التنمية المتوازنة في البلاد والإستجابة لمطالب الناس، اليوم حزب غير مثقل بحمل أيديولوجي ثقيل مثل بناء الإشتراكيّة فالشيوعيّة. التي لا يمكن أن أتوجه بها إلى الناس في قريتي مثلاً للإيمان بها، أنا لم أكن أدعوا أهلي في قريتي للدخول الى الحزب الشيوعي لأنّ هذا يعني أشياءً ضخمة جداً لا أستطيع أن أناقشهم فيها دعك عن إقناعهم بها، لكن إذا كان الحزب خالياً من الأيدويولوجيا وموجهاً لخدمة الناس كما هم وفق احتياجاتهم الماثلة يمكن أن أدعوا كل الناس ويدخلوا ذرافات ووحداناً في هذا الحزب، ليتحوّل الحزب إلى قوى جماهيرية كبرى كما كان يحلم عبد الخالق محجوب، لم تطبع هذه الورقة إلاّ بعد عام كامل بعد أن اضطررتهم الى ذلك وبعد أن وزعت منها عشرين نسخة خارج قنوات الحزب ووجهت الورقة بعداء شديد من القيادة والكوادر الأخرى. وتلك المنطلقات التي كنت أنادي بها ينادي بها الحزب الآن بعد أن غادر صفوفه مئات الناس يأساً من التغيير، عملية الإهدار للكوادر ظلّ يمارسها الحزب منذ أن وجد وحتى الآن. وحق نشأت لكل هذه الأسباب، والحقيقة قفزت حق سواء بالداخل أو الخارج، ونمت بصورة لا أعلم أن هناك حزباً للقوى الحديثة نما بهذه الطريقة في أشهر قلائل ليصبح قوى محسوسة في كل الجامعات، ولكن حدثت ضربات وهذه واحدة من الأشياء المؤسفة ونعتبرها كبوة ونحن قادرون على تخطيها.

عبدالخالق محجوب

كان قائداً مُلهماً وذكياً وجريئاً، وكانت له رؤية ثاقبة ومقدرة غير عادية على إجتذاب الناس وتحت قيادته صار الحزب قوة يأبه لها من قِبل كل القوى السياسية في السودان ولم يكن أي حزب يبرم أي أمر دون أن يضع موقف الشيوعيين في الاعتبار، من الناحية الاجتماعية كان الحزب الشيوعي قوة تحسها في كل البيوت وكان للنفوذ الشخصي لعبد الخالق محجوب أثراً مباشراً في ذلك.

الصادق المهدي

من الصعب جداً أن تتحدّث عن الصادق المهدي في كلمات قليلة، لكن انا أعتقد في المحصلة النهائية أن تجربة الصادق المهدي كانت سلبية ودفع الشعب السوداني ثمناً غالياً لثقته به ولإيمانه بأنّه تعلّم من تجاربه ،وأنا أعتقد أن الصادق المهدي لم يتعلّم من تجاربه مطلقاً بل أن الصادق المهدي إرتكب خطأً جوهريّاً وهو إنه لم يفهم عدوه، كان يعتقد دائماً ومايزال أن الجبهة الإسلامية صديق وحليف أستراتيجي له وكانت الجبهة الإسلامية تعامله على طول الخط بإعتبار أنه عدوٌ وقد أطاحت به وهزمته وأهانته أيضاً. والقائد الذي لا يفهم عدوه ينهزم، من خلال مشاركة الصادق المهدي في حل الحزب الشيوعي من خلال تهاونه الكبير إزاء الجبهة الإسلاميّة القوميّة وهي تحضر لانقلابها وكان يعلم كل التفاصيل عن هذا الانقلاب لعب بذلك الصادق المهدي دوراً أساسياً في تدمير الديمقراطية السودانية.

محمد إبراهيم نقد

الأستاذ محمد ابراهيم نقد شخصية محبوبة وسط قطاعات كبيرة من الشعب السوداني للخصائص السودانية التي يتمتّع بها، اللغة البسيطة التي يعبر بها عن أفكاره ولحس الفكاهة والسخرية التي يكثر منها في خطابه ولكن على مستوى الحزب الشيوعي، أعتقد أن الأستاذ محمد إبراهيم نقد أنهى قوى ضخمة جداً وهمّش الحزب وأصبح لا يلعب دوراً يناسب تاريخه في الحياة السياسية السودانية.

حسن عبدالله الترابي

الترابي أكبر ديماجوج في تاريخ السُّودان.

السيد محمد عثمان الميرغني

ليس سياسياً، لا أتحدّث عنه في مجال السِّياسة يمكن أن أتحدّث عنه كزعيم روحي ينال إحتراماً كبيراً جداً من أقسام واسعة من الجماهير ولكن يفعل خيراً بنفسه وبهذه الجماهير إذا تنحى عن السياسة.
(عدل بواسطة tariq on 28-07-2004, 08:02 ص)
(عدل بواسطة tariq on 28-07-2004, 01:43 م)
(عدل بواسطة tariq on 28-07-2004, 01:44 م)
(عدل بواسطة tariq on 28-07-2004, 01:48 م)
(

Post: #22
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: صديق الموج
Date: 04-17-2005, 06:43 AM
Parent: #1

اللهم تقبل دعوات الضارعين لك و رد لنا الخاتم معافي من كل شر و داء و خفف عليه اللهم الام المرض

امين

Post: #24
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: عبدالماجد فرح يوسف
Date: 04-17-2005, 06:44 AM
Parent: #1

Get well man. We need you..

Post: #25
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Yasir Elsharif
Date: 04-17-2005, 07:18 AM
Parent: #1

تحدثنا قبل قليل، إلهام وأنا، مع الأستاذ الخاتم ووجدناه كالعهد به في روح معنوية طيبة، وقال لي: أنا الحمد لله كويس جدا، وقد وعدته أن أنقل سلامه لكم جميعا..

Post: #26
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: هميمة
Date: 04-17-2005, 07:19 AM
Parent: #1


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تف من خشمك يا ود يا كوستاوى !!!!!!!!!!!!


خاتم عائد اقوى واكبر من ما كان العدو يتصور...........


اوليس هو خاتم الرجال اجمعين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

Post: #27
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Maha Bashir
Date: 04-17-2005, 07:35 AM
Parent: #26

كوستاوي...

Quote:
أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان


الهم عافيه... يارب...ياقادر...ياكريم...

مهـــا

Post: #28
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: ست البنات
Date: 04-17-2005, 07:44 AM
Parent: #1

الخاتم عدلان ، هو خاتم المنى للشعب الذى هدته فجائع الأنقاذ وكيزانهم !

اللهم اشفه، وعافه ، وانصره على المرض ، وعلى أعدائه !

اللهم أبر به الوطن !

اللهم أمد فى عمره ، فهنالك ملايين من الغبش يحتاجون حزمه وعزيمته ، وسداد رأيه ،

وموزون كلامه ، وتوجيهه الرصين لأمة شارفت على الضياع بسبب سياسة صبية الأنقاذ الخرقاء

وتخبطهم !

ست البنات .






ست البنات .

Post: #29
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Sabri Elshareef
Date: 04-17-2005, 08:04 AM
Parent: #1

يا خاتم والاسرة
تحياتي وربنا يعطيك الصحة نحتاجك جميعا قلما ضواي وسط
عتماتنا التي طالت شفاك الله وللاسرة السلام

Post: #30
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Bushra Elfadil
Date: 04-17-2005, 08:25 AM
Parent: #29


أتمنى للأخ الخاتم عدلان الشفاء العاجل وتحياتي ومعزتي لتيسير التي أعرف قدرتها على تخفيف آلام خاتم وهو يقاسي المرض. تقاسمتما الابناء أحمد يشبه خاتم أكثر وحسام يشبه تيسير أكثر وأدرك ان المورثات ماكرة وستقلب الطاولة على تكهناتي في اي وقت . لكم تحيات باهر وعلا وامهما سمية وباسل (ويونس -أندريه) وامهما ميلا .وتحياتي لعدلان شقيق خاتم بلندن

تمساحة القلب
الى الخاتم عدلان

أين في تمساحة القلب المحبّة؟
قمطرت فاكهة فينا وأبّا
في زمان لا يدوم
واشتياقات لأحباب تولوا
في التخوم
ربضوا خلف الغمام
أو تشابوا للنجاة
وسط أمواج الزحام
أو تغذوا بالهموم
في بلاد أبدعت حرثاً وغرساًً
لا زقوم
والشجون
في بلاد سبقت ضوئيتين
(فرسما) كانت وروم
والحنين
لبلاد هطل الليل عليها
سائلاً
بمنايا وضريع
فطرها الفاشيُّ شبّا

وصديقٍ
في مضيقٍ
قال آه
قلبي المحزون أرخا سمعا
فتنادت خفقة منه ولبّا

من خشاش الأرض أهلى يأكلون
من قرون
كالسّوائم
مثل لصٍ
دخل الطاعون بين اللقمة الأولى وأحلام البطون
شاهراً سيفاً محلى بالجفاف

13 ابريل 2005




Post: #34
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: عبداللطيف خليل محمد على
Date: 04-17-2005, 09:28 AM
Parent: #30

ألف عافية يا رب العالمين و عودا حميدا معافى و بصحتين لأهلك و أبناءك و شعبك ..
آمين .

Post: #32
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Tragie Mustafa
Date: 04-17-2005, 09:17 AM
Parent: #1

الاستاذ الفاضل الخاتم عدلان

ادعوا الله لك صادقه بالشفاء

نحتاجك الان فى السودان

الان .........الان...........اكثر من اى وقت مضى.

ليس لانك زعيم لحركة حق و لكن كمثقف ووطنى سودانى

اختلفنا معك او اتفقنا اعتقد ان هنالك متسع فى

ذلك الوطن الكبير للجميع.

لازلنا نحلم بلقاءك

اذكر عندما قرأت عن ندوتك فى واشنطن

تمنيت ان اتمكن من الذهاب لحضورها فهى ليست

بعيده عن مكان اقامتى فى كندا

لكن بن لادن سامحه الله

افسد الدنيا علينا هنا

حيث صار دخول الولايات المتحده صعب جدا.

فكرت يومها ان ندعوك هنا فى كندا

لنتعرف على حركة حق

تابعنا شئ من كتاباتكم لكن هذا لايمنع انه

سمح القول من خشم سيده.

المهم يا ايها المناضل و المفكر الفذ

اناشدك ان تحارب المرض بسلاح اهل الغرب

وهو ان تحب الحياه وتتمسك بها اكثر

وصدقنى هى لن تخذلك ستتمسك بك ايضا

تيسير

اختى اعلم انه امتحان الهى كبير

لكن تستطيعى فعل الكثير للخاتم

كونى صلبه

كونىسعيده

متفائله

عاديه

احرصى على راحته

اعتقد بانه كان يستهلك نفسه فى العمل السياسى كثيرا

لكن الان عليه سماع نصيحة الاطباء

المعجزات ليس ببعيده

كثيرين هزموا السرطان

الخاتم ليس باقل منهم عزيمة ولاهمه

مع دعوات محبيه وصلواتهم

ستتحقق المعجزه ان شاء الله

نحتاجك الان يا خاتم

لكن صحتك اولا

رجاء لا تستهلك روحك هذه الايام

لك تحيه من اهل دارفور الصامده.

تراجى.

Post: #35
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Hussein Mallasi
Date: 04-17-2005, 09:29 AM
Parent: #32

امنياتي الصادقة للخاتم بتمام الصحة و العافية.

Post: #33
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: merfi
Date: 04-17-2005, 09:25 AM
Parent: #1

Thanks Kosta

To Khatim and his family all the best
Khatim has always survived the worst in Sudan
He will survive this battle and come back stronger than before
he knows the Sudanese need him and nothing imoportant to Khatim than that

Post: #36
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 10:06 AM
Parent: #33


المجد لشهداء الشرق.
قلت أكثر من مرة أن تنازلات السلطة في اتفاقيات نيفاشا هي التنازلات الأخيرة التي تنوي تقديمها،بعد ان أجبرت على ذلك إجبارا، وقلت أنها ستنقل الحرب الى الشمال، بكل العنف الذي تستطيعه. فكان التصعيد في مجزرة وجرائم دارفور، وتضاف الآن مواجهات ومجازر الشرق، التي لم تجف دماؤها بعد. لن تتوقف الإنتفاضات، ولن تتوقف المواجهات، لأن جماهير الشعب السوداني رأت بأم عينيها أنه يمكن إجبار السلطة على التنازل.
في ضوء هذا الواقع ما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به السودانيون في الشتات؟ هذا هو السؤال. ماهي إحتياجات المنتفضين الذين يمكن أن نلعب دورا في تلبيتها؟ ماهي الأشكال الفعالة التي يمكن أن توحدنا؟
دعونا من التجمع فهذا شطر مات. بقيت جماهيره وهي لا تحتاج إلى إذن من قياداتها لتنتظم في أعمال تضامن فعالة مع الإنتفاضات الحالية والمحتملة.
الخطوة الأولى في نظري، هي أن يدعو مؤتمر البجا في كل مكان إلى إجتماعات لكل القوى والأحزاب والأفراد في كل أقطار الشتات. ويحدد المجتمعون الخطوات المحددة التي يمكن القيام بها:
هناك التبرعات المالية والعينية للمصابين وأسر المعتقلين والمتظاهرين، وهذه يجب ألا تأخذ وقتا بل يأتي كل شخص بتبرعه وتفرض قيمة محددة على كل الراغبين وحسب ما يحددونه هم أنفسهم.
الخطوة الثانية هي أعمال الإحتجاج والتظاهر في كل الأقطار التي يمكن فيها الإحتجاج والتظاهر، ناس إتجلترا يقدموا عريضة قوية لتوني بلير رئيس الوزارء البريطاني، ناس أميركا يفعلون نفس الشيء لوزارة الخارجية الأميريكية، وهكذا في كل البلدان الأوربية. وترفع نفس المذكرات إلى كل البرلمانات ومنظمات حقوق الإنسان.
متابعة الأخبار أولا بأول، على غرار ما يقوم به الأخ خضر عطاالمنان، ويمكن رصد ميرانية له لتسهل الإتصال ليل نهار. ويمكن أن تكون هناك مراكز أخرى للإتصال.
نشر اسماء الشهداء والمعتقلين والمصابين، والتضامن معهم.
تشر أسماء القتلة، وضرورة التوثيق لهذه الجريمة التي يجب ألا تذهب الأرواح فيها هدرا، ولا تخضع لمغالطات النظام ومشايعيه.
التنسيق مع الصحافيين الغربيين الذين سيذهبون إلى هناك.
بحث إمكانية إرسال وفد للتضامن من كل أنحاء الشتات السوداني للتضامن مع أهلنا في الشرق، وليس ضروريا أن يكون هذا الوفد معلنا أو معروفا إلا عند وصوله إلى بورتسودان وبالنسبة للثوار أنفسهم.
مطالب الشرق عادلة وواقعية، وتوحي بنضج كبير في الحركة السياسية هناك. وهذه هي أقوى نقطة في هذه المواجهة، وسيكون مفهوما جدا أن يطالبوا بها بالنسبة للمجتمع الدولي الذي تابع مشكلة السودان في الجنوب ودارفور متابعة لصيقة وأصبح على إلمام كبير بتفاصيلها وبإجرام الحكومة الحالية.
فلنضرب على الحديد وهو ساخن
ولا نامت أعين الجبناء.
الخاتم عدلان

Post: #37
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: سجيمان
Date: 04-17-2005, 10:11 AM
Parent: #36



كلي ثقة في ان الخاتم اقوى من كل الامراض......


ودعواتي له ليل نهار......

Post: #38
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Muna Khugali
Date: 04-17-2005, 10:33 AM
Parent: #37

اصلي لآن يقوم الخاتم لأسـرته ولنـا..

أصـلي لأن يقاوم المـرض وينتصـر عليـه..

الخـاتم مـلأ أيامنـا فـي لنـدن بالنقـاشات الهـادفـة..
ونتمـني أن نرجـع ونستمـع بـإنتباه مشـدود الـي افكـاره وطـريقـة عـرضـه الجـاذبة الجمـيـلة..عنـدما يتحـدث اجلس فـي مكـاني فـي انتبـاه كـامـل
واعجـاب شـديد..
حـبي لخـاتـم ولتيسـير..وآواصـل الصـلاة مـن أجـل شـفاءه..

مـني عـوض خـوجـلـي

Post: #39
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Tumadir
Date: 04-17-2005, 10:41 AM
Parent: #37

قلبى عليك يا خاتم..


لماذا اخترت هذا العنوان الذى "يقطع القلب يا هجام؟؟" عمر طويل وعافية ان شا الله يا خاتم..

Post: #40
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: محمد أبوجودة
Date: 04-17-2005, 10:42 AM
Parent: #1

الاخ / Kostawi
لك التحية على هذا البوست الدّاعم للأخ / خاتم عدلان ، وهو يقاوم العِلَّة مقاومة الفرسان دون ان تُضعضـعه آلامها ، ولِنَـتـجلـَّد جميعاً إذن .. شكرا للموسيقى الرّاقية ،، والتى ســـــ"" تخـلـِّي نار "الخوف" برداً علَينا وســـلام "" .. وقد كتب الأخ / نصــّار :
Quote: لا ادري لماذا تزداد قناعتي كل يوم بان الاستاذ الخاتم سوف ينهض من هذه _الوعكة_ اصلب مما كان و اقوي و اكثر عافية،، اللهم تقبل دعوات الضارعين لك و رد لنا الخاتم معافي من كل شر و داء و خفف عليه اللهم الام المرض .. امين

اللهمَّ آمين ،، ودعواتنا وابتهالاتنا له بالشفاء العاجل وتتام العافية .. وإنّني ، والله ، يا "نصـّار" لأتمسـّك بنفس القناعة وأُأَمـِّل كثيراً في ان يجتاز العزيز/ خاتم عدلان ، هذه الصِّعاب والآلام .. فلنأمل جميعا ، فللرجل مكانة في قلوب الناس ابتناها بصدقِه وفِكرِه وتجربته ومعايشته آلام النّاس وعملِه الدؤوب للإسهام في تحقيق طموحات الناس في الحرية والعدلة والتنمية ..

هاهنا : مقال للأستاذ/ خاتم عدلان ،، منشور بجريدة الشرق الأوسط في الخامس من اغسطس 2002م ، عُقَيبَ التوقيع على بروتوكول مشـــاكوس يوليو2002م

إتفاق مشاكوس : 5 أغسطس /2002م
الاتفاق الذي أبرمته الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية، الجيش الشعبي لتحرير السودان، ببلدة مشاكوس الكينية، يوم السبت 20 يوليو 2002، أثار، وما يزال، جدلا واسعا داخل السودان وخارجه. هذا الجدل هام ومفيد لشعب السودان، لأنه يعزز قيم الحوار الديمقراطي في الساحة السياسية السودانية بعد 13عاما من الهياج والصراخ والديماغوجية المبثوثة من كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، والمكثفة من قبل المسؤولين الحكوميين والحزبيين، صغارهم وكبارهم. ومفيد لشعب السودان لأنه يكشف اهتمام الآخرين به، سواء كان هؤلاء جيرانا أقربين، أو قوى دولية تحركها دوافع متباينة، أو كتابا ومفكرين يهمهم أمر السودان. ولكن هذا الجدل يمكن أن يتحول الى متاهة يضيع فيها الرشد، إذا لم يقم على بعض الأسس، وإذا لم تحكمه بعض الضوابط، وهذا ما فضلت الإشارة إليه بوجود حقائق من الدرجة الأولى، تساعدنا إن انطلقنا منها على استبانة موقف موضوعي يمكن أن يقفه الجميع، وحقائق من الدرجة الثانية، تستحق اعطاءها، مع ذلك، الاعتبار المستحق، لأنها توفر قدرا من النوايا الحسنة الكفيلة بجعل هذا الاتفاق خيرا على كل الأطراف، التي يمكن تقسيمها هى الأخرى الى اطراف رئيسة واخرى ثانوية.ويمكن تلخيص حقائق الدرجة الاولى في ما يلي: يوقف الاتفاق حربا هي من أطول الحروب في أفريقيا والعالم المعاصر، اندلعت عام 1955 لتستمر 17 عاما، وتوقفت توقفا قلقا لعشر سنوات، ثم استمرت دون انقطاع لعشرين عاما تقريبا (1983 ـ 2002)، وقتل خلال هذه الحرب أكثر من مليونين من البشر، وشرد داخل الوطن وخارجه أكثر من اربعة ملايين، وحولت حياة الآخرين الى جحيم، ودمرت البنى التحتية الهشة والضئيلة في الجنوب واجهضت كل محاولة للتطور والنماء علي المستوى الوطني، لأنه لا توجد اية دولة نامية يمكن أن تمول حربا تكلفها أكثر من مليون دولار يوميا على مدى هذه السنين الطويلة، وتلتفت مع ذلك الى تنمية البلاد، حتى وإن رغبت في ذلك. بمجرد أن يضع الناس واقع الحرب الأليم وراء ظهورهم، فإنهم يلتفتون الى الحياة التي تليق بهم كبشر: يضمدون جراح الحرب الغائرة ويزيلون آثارها العميقة، ويلملمون أطراف النسيج الاجتماعي الممزق، فيعود الغائبون والنازحون واللائذون بالغابات والمعتصمون بالجبال، وتدب الحياة في الأوصال وتجري الدماء في العروق الميتة، وتبرق عيون الأطفال وتنتفض أجسادهم إذ تمسك اياديهم الصغيرة زجاجات الحليب او قصعات العصيدة الساخنة. أقام الاتفاق، على المستوى النظري حتى الآن، أساسا جديدا للنظام السياسي في السودان، هو الحكم الديمقراطي، والعدالة والاعتراف بالتعدد الديني والثقافي والإثني واللغوي، واحترام هذا التعدد فعليا والانطلاق منه واستيعابه في التشريع والتنفيذ والتعبير، والمساواة بين الجنسين، وحرية العبادة وأداء الشعائر الدينية دون استثناء لأحد. وهو أساس مختلف كليا عن «المشروع الحضاري» الذاهل عن الواقع، المفتقر الى الاستنارة، والتائه عن العصر والحضارة، الحامل هذياناته وشهوات أصحابه المكبوتة، على أسنة الرماح. أعطى الشعب في الجنوب حق تقرير المصير بعد فترة كافية تماما للوصول إلى موقف قائم على الحقائق وليس الأماني أو الوعود الكاذبة. وفتح الأبواب واسعة بالتالي لإمكانية إقامة الوحدة على أساس طوعي ووفق اختيار شعبي حر. وهي الصيغة الوحيدة التي يستحقها شعب السودان. ولكنه فتح الأبواب واسعة بنفس القدر إلى الانفصال. هذه هي «الحقيقة الغائبة» عن النظر السياسي المعارض في الشمال. ولكن فرص الوحدة يمكن أن تكون الراجحة إذا استوثق الجنوبيون أنها في مصلحتهم الآجلة والعاجلة، ولكنهم سيختارون الانفصال إذا رأوا غير ذلك. وهذه هي في واقع الأمر عقدة هذا الاتفاق وجوهره. إنه ينطوي على خيار أصعب من كل الخيارات التي تعرضت لها القوى السياسية في الشمال في كل تاريخها: إما أن يكون هناك نظام دستوري واحد في الشمال والجنوب، يجعل المواطن السوداني موفور الحقوق وغير خاضع للتمييز، في كل انحاء القطر، أو يلزم هذا المواطن «حدوده»، ويكف عن الذهاب إلى اجزاء من البلاد يرى أنها تصادر حقه في المساواة مع الآخرين، أي وببساطة شديدة يختار الانفصال. ومن نافلة القول ان مثل هذا الدستور لن يستند إلى المشروع الأصولي، لان هذا هو أساس الخلاف ونافورته الصاخبة الفوارة. كفكف هذا الاتفاق بصورة جزئية ولكنها حاسمة وغير قابلة للنكوص، المشروع الأصولي في صورته السودانية، والذي اشعل الساحة الوطنية بدعاوى الجهاد والأسلمة القسرية وإدراج التجويع والترهيب، وغيرها دون حرج، ضد اخوتهم في الوطن. كفكفة المشروع الأصولي ليست ظاهرة محلية سودانية بل هي ظاهرة عربية وإسلامية وعالمية. وهي ظاهرة طبيعية إذ انتبهت الشعوب والدول إلى أن قوى ظلامية اختطفت الدين كله لتسخره لخدمة اهداف غريبة عنه وعن جوهره، تؤدي في نهاية المطاف الى وضع المسلمين والإسلام في مواجهة الحضارة المعاصرة وهم الذين كانوا روادها. وإذا كانت مصر وليبيا والجزائر وتونس وغيرها من الدول العربية أعدت للأصوليين كل ما استطاعت من قوة، ودحرت مشروعهم، فإن من الطبيعي أن ترضى لشعب السودان ما ترضاه لشعوبها، فتبادر بمساعدته في إكمال ما بدأ. طرح الاتفاق بمجرد توقيعه القضايا الحقيقية في كل اجتماع بشري، قضايا التنمية، وتوفير الحاجات الأساسية، وبناء المدارس والمستشفيات والبيوت، واقامة الاسواق، والتوسع في الزراعة وبناء المصانع. فضلا عن حريات التنظيم والتعبير والحراك، المطروحة أصلا في الشمال والجنوب. هذه في اعتقادي هي الأسس السليمة التي يمكن ان تقود إلى اتخاذ موقف موضوعي، أطلق شعاره الرئيس الليبي معمر القذافي عندما قال «لن نكون سودانيين أكثر من السودانيين انفسهم». هذا معناه، كما اعتقد، أن ننطلق من مصلحتهم هم كما يعبرون عنها ويرونها، وليس كما نراها نحن من مواقع الوصاية او الزراية، وألا نعاملهم كهامش أو حاشية في بلاط أو كتاب، وألا نرفع في وجوههم هراوة ما، وألا نتطلع إلي أرضهم كخلاء تجرب فيه المشاريع من كل شاكلة، أو تجد فيه امتدادا لها وعمقا. وهذا يقودني الى حقائق الدرجة الثانية التالية:
وقع الاتفاق طرفان هما الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية، وهنا شعرت الأحزاب الاخرى بأنها همشت واستبعدت، وهذا شيء مفهوم ومشروع. وطالبت هذه القوى بان تكون طرفا في الاتفاق وان تشترك في حكومة وحدة وطنية تشرف على تنفيذه. ولم يرتفع صوت يعارض هذا المطلب، من غير المواقع الحكومية. ولكن توقيع هذه الأطراف ـ الشمالية ـ على الاتفاق كما هو قائم حاليا، يثير من المشاكل بقدر ما يحل منها، مع أن المشاكل التي يثيرها في اعتقادي، أهم وأخطر من تلك التي يحلها. فالاتفاق يعبر بالفعل عن توازن القوى القائم بين الحكومة والحركة، مضافا إليه البعد الدولي الذي لعب دورا حاسما، يشعر البعض بالحرج في الاعتراف به. ولكنه لا يعبر عن طبيعة العلاقة القائمة بين كل قوى المعارضة الشمالية، والمعبر عنها في مواثيق أسمرة، وبين الحركة الشعبية. توقيع القوى الشمالية على هذا الاتفاق يلزمها بقبول المشروع الأصولي كأساس للحكم في الشمال، وهذا يجعل انفصال الجنوب بعد سنوات الانتقال امرا محتوما. وهذا ما يجب أن تتفاداه هذه القوى. ويمكن للأحزاب الشمالية ان تستفيد من حقيقة أن الاتفاق ينص صراحة على الحكم الديمقراطي في كل البلاد، ويمكنها بالتالي من حشد قواها لهزيمة السلطة ديمقراطيا أو عن طريق انتفاضة شعبية جديدة، وتكون هي الطرف الآخر الذي يمثل الشمال في العلاقة مع الحركة الشعبية، وهنا فقط تستطيع أن تعود الى مواثيق أسمرة حيث يمكن أن يكون تقرير المصير طريقا إلى الوحدة. واستبدال الأطراف المتفاوضة ليس جديدا فقد فعله الأصوليون أنفسهم عن طريق الإنقلاب العسكري عام 1989وسيكون رد هذا الدين، عن طريق الديمقراطية والشرعية الشعبية، لهم مصدر راحة عميقة لشعب السودان. من حقائق الدرجة الثانية كذلك مصالح الدول المجاورة للسودان وخاصة مصر، فهي لا تريد دولة جديدة في حوض النيل، لأن ذلك يعقد عليها موقف المياه، ويجعل أداءها الدبلوماسي أكثر صعوبة. وربما تكون لمصر اسباب أهم وأعمق مما أوردنا، من حقها أن تعبر عنها. ولكن المهم أن مصر مهتمة بوحدة السودان وهذا عامل إيجابي يقدره السودانيون حق التقدير. يتيح الاتفاق لمصر أن تقيم علاقتها مع شعب السودان على أساس جديد ينطلق من إرادته الحرة ويخدم مصالحها المشروعة في نفس الوقت.

* كاتب سوداني
( []ويالَبـُـشرى السودان بأمثالك يا " خــاتم عدلان[/] ")

Post: #41
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: محمد أبوجودة
Date: 04-17-2005, 10:55 AM
Parent: #1

Quote:

تمساحة القلب
الى الخاتم عدلان

أين في تمساحة القلب المحبّة؟
قمطرت فاكهة فينا وأبّا
في زمان لا يدوم
واشتياقات لأحباب تولوا في التخوم
ربضوا خلف الغمام
أو تشابوا للنجاة وسط أمواج الزحام
أو تغذوا بالهموم
في بلاد أبدعت حرثاً وغرساًً
لا زقوم
والشجون
في بلاد سبقت ضوئيتين
(فرسما) كانت وروم
والحنين

لبلاد هطل الليل عليها
سائلاً بمنايا وضريع
فطرها الفاشيُّ شبّا

وصديقٍ
في مضيقٍ
قال آه
قلبي المحزون أرخا سمعا
قتنادت خفقة منه ولبّا


من خشاش الأرض أهلى يأكلون
من قرون
كالسّوائم

مثل لصٍ دخل الطاعون بين اللقمة الأولى وأحلام البطون
شاهراً سيفاً محلى بالجفاف


13 ابريل 2005



العزيز بشرى الفاضل ،،

لك التحية وألق الإبداع الذي يغسل الحنايا ممّا يشوبها ،،،،،،،،




وعامر المودّة ،،،/

Post: #42
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: إيمان أحمد
Date: 04-17-2005, 10:59 AM
Parent: #1

Dear Kostawi
!When I saw this, I couldn't help but write
We all wish Ustaz Khatim excellent health, speedy recovery and least pain
We recognize his conributions and value him as a remarkable person

Best wishes to Ustaz Khatim and his family
Thanks, Kostawi
Iman

Post: #43
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Mohamed Elbashir
Date: 04-17-2005, 11:50 AM
Parent: #1


نسأل الله له تمام العافيه و أن يعود بتمام الصحه لأسرته و بلده



تحياتي

Post: #44
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: elsharief
Date: 04-17-2005, 01:55 PM
Parent: #43

عاجل الشفاء للاستاذ الخاتم عدلان

انقل اليكم رد الاستاذ الخاتم فى بوست الترحيب



الأخوة والاخوات، البنين والبنات ( دون قصد التصغير أو التكبير لشخصي أو للآخرين ):
رجاء، عادل عبد العاطي، هالة قوتة، حنينة، راوية، دقنة، أسعد، بهاء، الساوي، إسماعيل وراق، الجندرية، ودقاسم، مهيرة، ابا، بن بن، قوي، مراويد، ديموكراسي، عصام جبرالله، عمر إبراهيم، الزنجي، حبيب شامي، ندا على، بلدي يا حبوب ونصار،
كثيرا ما أنعقد لساني من الحزن، في مسيرة متعرجة، معقدة، مرهقة. وقليلا ما انعقد من الفرح. ولكنه أنعقد اليوم وأناأقرأ رسائل ترحيبكم، بصدقها وحرارتها وصدورها من القلب ودخولها إليه. سرى شيئ في جسدي كثيرا ما اشتقت إليه، كثيرا ما أفتقدته في ليالي الغربة الطويلة الكزة الموحشة. كثيرا ما حلمت به. فيكم من أعرف، وفيكم من لم أتشرف بمعرفته للحواجز الكثيرة الماكرة، ولكنكم تحدثتم جميعا لغة أعرفها وتأسرني، لغة تعمر الوجدان، وتضيء مسارب النفس البعيدة الغائرة وتجمع الإنسان بذاته التي ظن أنه أغترب عنها إلى الأبد. هل أنا عاطفي؟ فيكم من لا يعتقد ذلك مطلقأ، فيكم من يظن أن قلبي قد من الصخر، وما أبعد هذا عن حقيقتي، ما أبعده عن حقيقتكم جميعا. كلكم عاطفيون، كلكم تشتاقون إلى مرحب حبابك، ويا حليلك يا ود أمي، وياحليلك يابت أمي، أهلا وسهلا، وشرفت البلد، تقولها الأم وتقولها الأخت، وتقولها الحبيبة، ويقولها الأب والأخ والجار والصديق. هذا شيئ غريب بحق، شعرت بأنني بمعنى ما عدت اليوم إلى وطني، وتحضرني كلمات بكري بأن هذا البورد صار وطنا عندما استعصى الوطن بحواجز الطغيان والكراهية والجهل والشره، التي ضربت حوله يوم هبت جماعة أتت من غياهب التاريخ، لتغتال الأحلام وتدك الحضارة باسم مشاريع تستعير إسم
الحضارة، وتلك قصة طويلة دامية.
إزدان يومي هذا بكم، دخلتم قلبي جميعا، من أتفق معه ومن أختلف،وسأظلم نفسي ظلما فادحا، قبل أن اظلم الآخرين، إذا لم أسترق اللحظات كلما سمح لي الزمان بأن أفعل ما أحب لا ما تجبرني الظروف على فعله، لاشارك في البورد، لأقرأ ولأكتب، وأحيي وأقبل التحايا. وقد فوجئت بهذه الإطلالة كما سمتها رجاء، ولا بد أن يدا خيرة هي التي دفعتني دفعتي هونا ودون أن أحس، فأعلنت وجودي اليوم دون أن أستعد. وقد أشعرتني بعض المساهمات بمسؤولية كبيرة لا أتهيبها، وأبدي استعدادي للمشاركة، وللإجابة على أية أسئلة مهما كانت صراحتها وبنفس الصراحة والوضوح. وأتمنى أن أكون عند حسن الكثيرين منكم.
دمتم جميعا وشكرا لكم
----------------------------------------------------------------------------------------------
الأعزاء ساين، عصام وداعة، طه، إلهام، عادل كديس، دوغما،كمال عباس، عبدالغفار سعيد، أنوار عبد الوهاب، تماضر شيخ الدين، عادل علي، أسامة الخاتم، أمجد، بكري، زمراوي:
التحايا لكم جميعا والشكر الجزيل على ترحيبكم بي. وأنا عند وعدي أنني سأكتب وأحاور وأشارك. القضايا كثيرة ومتشعبة، وخير وسيلة هي ما أقترحه الأخ أمجد حول تخصيص يوم بعينه، هو في هذه الحالة، يوم السبت 20 ديسمبر الحالي، لحوار ممتد حول القضايا التي تثار، وسأستعد منذ اللحظة لذلك اليوم، كما ساحاول تجويد فنيات التعامل مع البورد، في هذه الفترة، ومساعدة الأخ بكري في كشف بعض أسرار المهنة مرحب بها ومقدرة مسبقة.
سأدون كل القضيايا التي تطرح، ولن أهمل شيئا،وهي قد بدأت تتجمع منذ الآن، والإجابة على بعضها بمليون جنيه (مش سوداني بالمناسبة) كما يقول المثل.
أرحب من حيث المبدأ بالحوار مع كل من يود الحوار، ولكنني لا أميل إلى حصر الحوار في شخصين وتحويل الآخرين إلى متفرجين. وثمة نقطة أخرى هامة وهي أنني أحرص كثيرا على حسن الإستهلال!! وقد وفرتم لي أنتم هذه الفرصة ولن أضيعها لأتفرغ لدحض الإلتواءات والأكاذيب. نريده حوار للكبار فقط في الوقت الحالي، على الأقل.
واسمحوا لي أن أخص بالتحية أنوار عبد الوهاب، وأقول لها: أرسلت لكما أنت وإبراهيم، تهنئة بالمولود الجديد الذي عرفت الآن أن اسمه وضاح، وهو إسم جميل لطفل جميل. ولكني علمت في نفص الوقت بمرض إبراهيم. وحزنت لذلك كثيرا، وأتمنى له عاجل الشفاء، ولا أشك أنه سيشفى طالما نهض بالقضية بكري وحزبه البوردي العظيم، وطالما وحد إبراهيم شخصا مثلك يشد أزره ويرفع معنوياته ويفجر مكنوناته في المقاومة والصمود.له الشفاء وله التحية وكل الأمنيات الطيبة.
أخص بالشكر كذلك طه جعفر وإلهام عبد الخالف، وابنهما جعفر، وأتمنى أن نجتمع مرة أخرى في رحاب الوطن الكبير، وتحياتي عبرهم لمحمد عبد الخالق،ولكل أفراد الاسرتين الكبيرتين.
ولنلتقط كل حين خيط الحديث الرصين.
خاتم

Post: #45
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: elsharief
Date: 04-17-2005, 01:57 PM
Parent: #44



الأعزاء الشريف، عاطف عبد الله، كوفي، نادوس 2000، ياسر الشريف، عثمان حامد، مصطفي آدم، محمد المكي إبراهيم، بشرى الفاضل، بناديها، رجاء العباسي وحيدر:
التحايا لكم جميعا والمودة الصافية. وشكرا لهذا المزج اللطيف بين الحلم والعلم، يين السحابة الهطول وا لزهرة المشرئبة، بين ضوء القمر الفضي وسمسم الحقول الساهرة.
شكرا لك يا شريف ولغنائك الشجي، وشكرا لك يا عاطف وأنت تمد حبال التواصل. كتبت لك رسالة ردت لي لسبب لا أعرفه وسأحاول مرة أخرى، سلمت فيها عليك وعلى أسرتك وعلى صديقي وأخي عبد الجبار واسرته. وكانت أكثر أستفاضة مما أستطيعه هنا. لك الود وحياك الغمام.
وسلام عليك ياكوفي، وأرجو أن تخلع لي كوفيتك حتى أراك،في ضوء خافت ترتضيه. وأتمنى أن نجتمع يا نادوس على أكثر من صعيد.
وأشكرك أخي أبو ساندرا، أحترم حسرتك وبكاءك.وأرجو أن أدخل هنا قليلا إلى حافة النهر، دون أن أتوغل حاليا في الأعماق، لماذا يخرج الخارجون؟ لماذا يضطر بعض الناس لمغادرة مكان أودعوا فيه أجمل سني حياتهم، ووهبوه الشباب والعنفوان والتضحيات؟ الإجابات السهلة ما عادت تجدي، الوهن، التعب، الخيانة، الإنتهازية، الإنحرافات اليمينية أو اليسارية، التطلعات الذاتية، التذبذبات الفكرية للبرجوازية الصغيرة، تعجل النتائج: كل هذه الترسانة، التي كانت كفيلة بسحق كل المعارضين، لم تعد تجدي شيئا. وحتى لا تسيء فهمي، أنا لا أتهمك أنت بانك من المحتمين بهذه الترسانة المتآكلة، بل إن مساهمتك تبرئك تماما من مثل هذه التهمة. ولكني اتحدث عن ترسانة أطلقت عليّ سهامها وأصابني بعضها، ولكني ضمدت جراحي و سرت في طريقي. وذلك لسبب بسيط هو أنها مقولات عاجزة تماما عن توصيف وشرح وإضاءة الإرفضاض والإنفضاض الذي شهدته السنوات العشر الماضية. ولسبب آخر،هو أنه ما عادت صناعة الرأي العام، وخاصة عندما تكون مزاعم قاتلة ضد الافراد، بالسهولة التي كانت عليها في الخمسينات والستينات والسبعينيات.تلك حقبة أخرى وذاك وعي مختلف. أصبحت المعلومات متوفرة، الحساسية بحقوق الإنسان عالية، التعاطف مع الأفراد ضد المؤسسات في حالة وجود شبهة للظلم ولو كانت ضئيلة، أصبحت منتشرة وسط اقسام ضخمة من المجتمع. ولذلك يصبح إغتيال الشخصية صعبا جدا، في هذه الظروف. ولذلك عليك ألا تنظر فقط إلى المطرودين و الخارجين والمتسللين، بل عليك أن تنظر قبل كل ذلك إلى القوة الطاردة. هذه النظرة إلى الداخل تفيدنا جميعا وتحملنا إلى مرافئ النضح والرشد وتجعلنا نقول الحق ولو على أنفسنا.
نقطة أخرى هامة: أنا خرجت من الحزب الشيوعي، ولكن هل غادرت ساحة النضال من أجل العدالة الإجتماعية، التي أعدنا تعريفها بصورة تلائم العصر، هل تباطأنا في فضح الدكتاتورية الحاكمة وإلقاء الاضواء الساطعة على خفاياها وخباياها ودوافعها المجرمة. هل تنكرنا لجوهرنا كمناضلين غيريين نبر بوطننا قبل أولادنا؟ إذا نظرت إلى هذا كله، وتأملت الصورة في إتساعها وبأبعادها الكلية، سترى أننا أقرب إلى بعضنا مما تتصور، وستكفكف دموعك النبيلة، وستبحث عن الجوهر الذي يجمعنا ولن تكتفي بالمواعين التي ضاقت بنا، أو الجبب التي كبرناعليها أوالأحذية التي صارت تدمي أقدامنا.
مجرد رؤوس أقلام أرجو أن نتوفر عليها بالبحث والحوار.
ياسر الشريف وإلهام ومجتبى وامتثال وشريف وميشو، التحية لكم جميعا وما يزال عطر كرمكم يعمر الأفئدة أرجو أن تسمحوا لنا برد الجميل بزيارة قريبة هنا. تحياتي لكم جميعا، وتحيات تيسير وحسام وأحمد، الذين يذكرون تلك الفترة القصيرة بإعزاز خاص.
عثمان حامد، شكرا لكرمك وسماحتك ودعنا نساهم كلنا في طرح الأسئلة واجتراح الإجابات.
ويامصطفى مشتاقين. هذه المدينة التي نسكنها الآن جئتها قبلنا، وحضرت فيها الرسائل فوق الجامعية،قبل أن تتحول تلك الرسائل إلى وريقات صفراء وقبل أن تتحول الاقلام إلى كلاشنكوف، فلماذا حاربتها يا ترى؟أنا واثق أن الايام المضيئة ستعود والصفاء سيعود وسنلتقي في صقع ما من أصقاع الخرطوم التي احتل الغرباء قلبها، وسيكون محجوب هناك وسعاد.
وماذا أقول هنا، فقد أخرج لي حريشتيهما من الود شاعران، الاستاذ محمد المكي إبراهيم والدكتور بشرى الفاضل، إخضر ذراعاهما وفاض يراعاهمابالكلم النير الملهم العبقري. وأذكر زيارتك يامكي في تلك الحجرة المظلمة بالثورة، ومعك الصديق راشد، وأذكر الحديث والقهوة الراقية. وأذكر أشياء أخرى أيضا، سماية أحد أبنائك في ام درمان على ما أظن، والتي أولمت لنا فيهاعلى طريقةمن لا يخشى الفقر، ربما لأنه لم يذق طعم نقيضه، ولأ أقول الغنى لأن غناك الإنساني يكفينا ويزيد.وأذكر أشياء أخرى، أمتى: الوعي ،الحلم والغضب. كنا نقرأه بعد الايام المرهقة، ومعي أخوي خالد الكد وعبد القادر الرفاعي. أذكر ليلة مقمرة قرأت لهما فيها قصيدة القمر:
ظل هذا القمر العابث طول الليل يستغوي الحقولا،
ناشرا فضته الزرقاء، في اوراق زهرة،
وبإبريق رخام،
ظل حتى أحتقن السمسم بالحب ونام.
كنت اقرأ وأعلق وكان عبد القادر الرفاعي يتحول إلى ضحكة، هائلة، بعضها يزلزله وبعضها يزلزل الكون. ويقول لي أنت خبيث يا خاتم، الرجل أكثر براءة من ذلك، هذه المعاشرة الكونية في ذهنك أنت. ويشب خالد ليشعل النيران: قلت شنو يارو؟ خبيث مش كدة؟ وتصل الضحكة المديدة إلى ذرى أخرى: تلك أيامنا عشناها بكل ما يتسع له القلب الإنساني من الفرح، وقد كنت أنت صانعا لأجملها.ديوان أمتى صقلنا شعريا، استمددنامنه بعض معاييرنا عن الشعر الجيد، ومن المؤسف أن شعراء أكثر تواضعا في هذا العالم العربي، ملاوا الدنيا وشغلوا الناس، بينما ديوان أمتى لا يجد مكانه بوصفه واحدا من عيون الشعر العربي، وأعني خارج السودان. وحدثوني عن شاعر يمكن أن ينظم قصيدة مثل هايدي.
ويابشرى لك الود أيها الحميم. صوتك في أذني، ومطاردتك المحمومة للأفكار والعبارات والمعاني، ترسم صورا أخاذة في خيالي. ينظر إليك الكثيرون ويعتقدون أنك تهذي، تكلم نفسك، تتوغل في الفوضى، وأنت سعي دائب نحو الغرابة التي أكتشفت أنها اقصر الطرق إلى الحقائق العميقة المذهلة، تتحدث اللغة الكونية وتنظم القصائد الكونية، وتبكي بصيغة منتهى الدموع. دعني أطلب منك شيئا: لماذا لا تذهب إلى السودان في يناير القادم، علنا ندخل ديوانا قرويا مبذولا في ود البر او في ام دكة الجعليين. دعوة أمنية؟ ولكن الأماني تتحقق في بعض اللحظات النادرة. التحية لك ولأهلك، وللقصائد التي حطت على الغصن والتي توارت خلف الأفق.
أرجو أن أكون عند حسن ظنك يا أحمد سعيد ولك الود.
بناديها أشكرك، وأرجو أن تسمح لي بألا أخوض اليوم في قضايا " حق" التي سنتحدث عنها يوم 20 المقبل.
رجاء: لأنت الماء والخضرة. ترحيبك بي درة أضعها على جبيني. ولولا خوفي من زعل الدكتور اللطيف أمجد سلمان، لقلت أن مرعاي هذا أخصب من مرعى السعدان!
أخي العزيز حيدر بدوي: شكرا لعواطفك الخيرة. البارحة كنت مع باقر وحنان ونحن نلتقي كثيرا ونتهاتف كل يوم. كيف أنت وأسماء وهادف وسماح وآمنة. أرجو أن تكونوا جميعا بخير. ولماذا هذا الإنقطاع الطويل عن الزيارة. شرفنا، وسأتحدث إليك ومعي باقر، ونراك في اقرب فرصة ممكنة. وكل الشوائب تتلاشى ويبقى الود والإعزاز يأ أخي.
خاتم

Post: #46
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: elsharief
Date: 04-17-2005, 02:01 PM
Parent: #45



سلمت أبو آمنة،
الدم لا يتحول إلى ماء، وإذا تأمل الناس لكانوا قد رأوا أن تلك كانت " فالية الأفاعي."

شكرا خالد عويس،
تابعت بعض مساهماتك الرصينة وأشعر فعلا برفقة رائعة في هذا الفضاء الجميل. ومن متابعاتي المتقطعة في الفترة الماضية، شعرت أنكم ترسون هنا قواعد متينة للإختلاف الراقي، الذي تبرز منه خلاله الحقائق المركبة وتضاء المناطق المعتمة، وتتخذ المواقف المستنيرة، ويبقى مع ذلك الود والإحترام.
أتمنى أن أضيف إلى ذلك سطرا أو سطرين
خاتم

رقية العزيزة،
زمن طويل منذ الزيارة المشحونة بالود والنشاط عام 2001. ألهج بألسنة الكثيرين عندما أطالبك بتجديدها. وماذا يفعل معك الثلج والرماد، اللذان تحولا على يديك إلى عقد من المعاني النضيدة. لتدخل إلى صدرك الكائنات: الطير، الشجر، النهر، العمر و الفراشات، ولتشنف آذنيك زغرودة مجلجلة صافية تمتد عبر النيلين الأزرق والابيض بين شمبات وجامعة القاهرة.
لك الود كله والأماني

العزيز محمد الشيخ،
شكرا جزيلا لك وأتمنى ان أكون عند حسن ظنك
خاتم

أخي حيدر،
جميل أن نتمكن من لقائك عما قريب، حيث يطيب المقام لكل المقال.
تحياتي لك وللأسرة

شكرا لك يا تراث،
الأبواب مشرعة للإختلاف، القاعدة واسعة للإتفاق، والود باق في الحالتين
خاتم

Post: #47
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: elsharief
Date: 04-17-2005, 02:06 PM
Parent: #46



شكرا عجب الفيا،
ستسمع منى عن المترجمة وعن المتحف وعن ليلى ابو العلا، في وقت ليس ببعيد، دمت،
خاتم

شكرا ساري الليل،
أتمنى أن يفاجئك صبح واضح أغر، يغمرك بالضياء، يغسل عنك وعثاء السرى، ويضع رأسك على وسادة من الود الشفيف،
خاتم

شكرا بدر الدين على رحابتك وترحابك،
خاتم

شكرا فتحي،
مثل هذه الكلمات تحرك القلم وتجعل الأفكار تتقافز لتجد محلها على الورق.
سلمت،
خاتم

عزيزي الطيب بشير،
لم أشعر في يوم من الايام أنني من " الكبار" الذين تحدثت عنهم. أنا قروى، من أم دكة الجعليين، من قرى المناقل. ألبس العراقي والسروال مع أهلى وأعمل مع أبي في حواشته، ويحلف هو أن أرجع لأن النهار راح وأصر على الرجوع سويا رجلا برجل. أدخل على أهلى بيتا بيتا في العيد، أدخل بيوت البجا التي لا يدخلها الجعليون، وأدخل بيوت الكمبو التي لا يدخلها البجا ولا الجعليون، وآكل هناك وأشرب وأصطحب أخوتي الصغار في مسيرة تستمر عدة ساعات ليسلموا على خالاتهم وعماتهم ويتسللون هم الواحد إثر الآخر لمواعيد أكثر إغراء يكونوا قد ضربوها بليل، وأنهي الجولة وحدي، ولكني لا اترك بيتا لا أدخله. لست من الكبار يا أخي، ولا أودأن أكون. عاملني على هذا الاساس إن كنت تر يد إرضائى.
خاتم

شكرا أمبدويات،
وليكن إحترامنا لهذه التعدديات، مدخلنا لوحدة تتجاوزها جميعا بعد مسيرة طويلة صاعدة

الحسن بكري،
مرحبا بك في بلادك الشاهقة. وقد رحبت بي بصورة خالية من النعومة ولكنك ذكرت نضالي وأدبي، فاي نعومة أرجو ابعد من هذا؟ لا بد أن لك جوانب من العذوبة بخلت بها تماما في لقاءاتنا العابرة. وأنت تثير أسئلة عميقة حول أننا نراوح مكاننا منذ دولة الخليفة التي عاشت على النهب والفظاظة،رغم كل التبجيل الزائف من مؤرخين غير جادين مثل القدال. وفي الحقيقة أنا أعمل حاليا على تطوير مقولة حول المجتمعات المغلقة التي تفتقر إلى آليات الدفع نحو المستقبل،بل تملك بدلا عن ذلك آليات نكوصية ترجعها باستمرار إلى هاوية ماضوية بلا قرار. استعرت من بوبر مقولته حول المجتعمات المفتوحة والمجتمعات المغلقة، وطورتها لاصل إلى ما اسميته المجتمعات النكوصية. بمعني أن الدينمو الوحيد العامل، يدفع إلى الوراء وليس إلى الأمام. واضرب على ذلك أمثالا منها المجتمع السوداني. وأرجو أن يكتمل هذا العمل قريبا. في هذا الإطار أراجع مساهماتي الشخصية عارفا أنني لا أملك مقدرات هرقلية وواعيا بأنني أعمل داخل شروط إجتماعية وسياسية وفكرية لا استطيع ان أتخطاها.
أكتفي بهذا ولكن الخيط لن ينقطع.

عبد المنعم،
الكل لديه ما يقدمه. ألا ترى أنك تنسف بأربع كلمات كل المشاريع الشمولية، وتفصل من العمل كل مدعي النبوة في مجال التنظير الإجتماعي، ألا ترى أنك توظفنا جميعا في هذا الشغل الإنساني الجميل؟ دمت



Post: #48
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: elsharief
Date: 04-17-2005, 02:10 PM
Parent: #47


عزبزي منعم
كل لديه ما يساهم به ويقوله. الا ترى أنك نسفت ببضع كلمات كل المشاريع الشمولية، وأحلت إلى التقاعد كل الأنبياء الكذبة وأدعياء التنظير الإجتماعي للإنسانية منذ أن ولدت وحتى تموت؟ ألا ترى أنك وظفتنا جميعا في هذا الشغل الإنساني المنتج، وحجزت لنا المقاعد المريحة؟ وهل نطمع في شيء أكثر من ذلك؟


هذا هو المشروع الذي وقفنا له حياتنا، ابا عبيدة، وهذا هو حبل الإستمراية رغم مظاهر الإنقطاع،

العزيزة إشراقة،
تذكرينني بأيام عزيزة على النفس. وموقفي من تحرير النصف المقهور من المستمر الإنساني المسمى رجلا وأمرأة، أو كما قال أدونيس: هذا الإنسان التوأم المسمى رجلا وامرأة، من المواقف التي أعتز بها واتشرف، وقد لمست وترا رقيقا من روحي عندما أشرت إلى ذلك في مداخلتك هذه التي بين يدي. دعينا نلتقط ما تراخى من خيوط، ودعينانتعافى ونصح بتحرير نصفنا المقهور، ودعينا نتعامل مع الإنسان كمتصل جوهري يتخطى الحدود القاطعة، الجاهلة، بين الذكورة والأنوثة.

واضح أنك لست ود الجيران بل ود البيت. وسانقل كلامك هذا إلى باقر وعمر ومحمد وغيرهم وأعلم أنهم سيستجيبون رغم مشغولياتهم الكثيرة. خلينا على أتصال

أخي الاصغر عبد الغفار،
فقدت رقم تلفونك وأسفت على ذلك اشد الاسف.
إتصل بي غدا من فضلك، فهذه الإنقاطاعات لا معنى لها، تحياتي لاسرتك،


سلام أنوار وإبراهيم،
قلوبنا معكما ومع أسرتكما الرائعة والتحايا من تيسير وحسام وأحمد
خاتم

شكرا أبا مهيار على التحية ونشر المقال، ودعوة المشاركة. أرجو أن أشارك في أهم القضايا المطروحة في هذا الفضاء الديمقراطي الرحب.
خاتم

سلام أحمد،
لك الود. نحتاج جميعا لكورسات مركزة في فنون الحواة لحل هذه الطلاسم. ولكن المشكلة أننا عندما نفرغ من حل العقد المتشابكة، المتراكم بعضها فوق بعض،ربما لا نجد أمامنا سوى جرثومة صغيرة خبيثة كانت عند ولادتها نفسا بشرية سوية.
خاتم

شكرا ندى
وأتمنى أن نتعرف أكثر من خلال المساهمات
خاتم



Post: #49
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: قاسم المهداوى
Date: 04-17-2005, 02:19 PM
Parent: #1

kostawi

سلااااااااااام


عودنا اخينا الاكبر ومن نحب الاستاذ الخاتم عدلان ان لا مستحيل حتى ما وراء

الشمس . فما بالك وهذا الشى الذى الم به تحت شمسنا وبين ايدينا .

الى من احبنا الخاتم ود عدلان واثقون من انك ستظل الاقوى كل ما تعثرت بك الاشياء

منايا ان نراك موفور الصحه والعافيه .


المهداوى قاسم

Post: #50
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 04:12 PM
Parent: #49

حبي للخاتم كحبي لكم جميعا
إخترت أن يكون
My image
الخاتم و أسرته الصغيرة الكبيرة.
و بالتالي دعوة لكل الوطنيين لإختيار
the same image

الخاتم
is a strong man
إنتوأبكوا
(me included)
و هو يضحك


A public Private Message

Salah Alzain
Hashim
Merfi
Abdelaziz
Sidiq Abdelhadi
and others

Be good guys…love u

معروف
pls. call me

Post: #54
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: ودرملية
Date: 04-17-2005, 05:38 PM
Parent: #50

سلامات
وعوافي
بالرغم من نيتي التوقف عن الكتابة في المنبر الا انه من اجل هذا البديع الالمعي الخاتم عدلان تهون القواسي ويفيض الدعاء ...
ولك ياخاتم كل ما في قلبي من حب ..
وكل ما في روحي من حياة ..
لك كل الدعاء والامنيات ...
لك دعاء الطيبين الخيرين والشرفاء ..
اللهم بعزة نبيك الامي وبجلال وجهك وتمام نعمتك وكمال قدرتك نسألك سؤال المُلح بان تجعل العافية في بدن استاذنا وحبيبنا الخاتم عدلان ..
اللهم اكسيه ثوب العافية القشيب ورد له صحته وعافيته ليعود الينا بكامل جهوده وافكاره ..
اللهم اني اسالك بقدر عدد دقات القلوب وبعدد مافرجت من كروب بان تجعل الخاتم عدلان صحيح البدن وان تمنحه العافية والمعافاة الدائمة ...اللهم اني اسالك بكل اسم سميت به نفسك علمته خلقك او احتفظت به عندك ان تتم نعمتك عليه وان تتجلي علي الخاتم عدلان باسمك الشافي ..
اللهم اني ادعوك بكل دعاء الامهات لابنائهن بان تشفيه وتعافيه وترضيه وتطرد عنه خبث الامراض وبؤس الاعراض ..
اللهم اني ادعوك بكل مادعاك به نبيك المصطفي وبكل ما دعاك به من صحبه او الاولياء والصالحين بان ترد له صحته وتكسر شوكة علته وتبلغه مراده وان تسد حوجته باذنك ياقادر يامجيب ..
امين
امين
امين

Post: #51
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: jini
Date: 04-17-2005, 04:27 PM
Parent: #1

جيل ليس له قطع غيار

Pull up your socks and head on
JINI

Post: #52
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 04:44 PM
Parent: #51

Quote: جيل ليس له قطع غيار

Pull up your socks and head on
JINI


وعشان تكون إنسان
إنسان
ya
Abu algnoon (as I like to call u since 2001)

and I don't forget your tel. call to me
that day


شفت السودان ده كيف يا جني?
الأرواح الشريرة راكبه مواتر
و المواتر بتمشي أسرع
من
حميرنا

هل لنا من مخرج?

Post: #53
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: نادية عثمان
Date: 04-17-2005, 05:05 PM
Parent: #52

نعم كستاوى العزيز

دى هى الجرعة الكان محتاجها استاذ الخاتم اكتر من جرعة الكيماوى اللعين !!!

جرعة من الوفاء والحب الغامر مثل هذا الذى سكبتوه فى هذا الركن الحميم !!

ربنا يشفيهو باذن الله تعالى

ووافينا باخبارو ياكستاوى

وبلغه حبنا ..وبلغ اسرته الصغيرة الجميلة كامل مؤازرتنا وحبنا ..

Post: #55
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Marouf Sanad
Date: 04-17-2005, 06:27 PM
Parent: #53

نصر الدين ازيك

عاجل الشفاء للاستاذ الخاتم ,,

Post: #56
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 06:30 PM
Parent: #55

Merfi’s comment/question:



Khatim, Salaam

Thanks for a good read.


I agree with you that the GOS (NIF) program is a total failure and that the GOS was forced to accept what it had repeatedly refused; that is peace and sharing power.
I am also convinced that the GOS is no longer interested in following up on a failed ideological program BUT only to the extent that it can protect what they have stolen from wealth and power. In other words, if the GOS is assured that they can keep what they have stolen and there will be no accountability for the atrocities they have committed, they will in return give up their “ideological” constants and may even donate a Fatwa for free. However, there are some groups that benefited from Inghaz economically and those who are misguided by ideology. The GOS may depend on these groups to make the transition period a failure. Any thoughts of what the transition period would be in these circumstances?


Khatim’s comment/response:



dear merfi
Thank you so much for a very enlightening response. I agree with you that the NIF would trade its ideology, or at least some main planks of it, for the preservation of their present chunks of power.They would naturally depend, as you correctly opined, on those who have benefited, are benefiting, or standing a good chance of benefiting from the regime, either marginally or substantially. But being the holders of what Bertrand Russel calls "naked power" they would mainly depend on their security agencies and their arsenals of weapons. We would never be guilty of exaggeration, even if we reiterate this fact ad infinitum. It is my considered point of view that many would join the ranks of the government under the cover of peace, as if peace, though a central issue, is the only criterion by which you judge a government. We have to expose the convoluted logic of such people. The fight is destined to be more complicated than it used to be because of so many new elements imposed on a relatively simple situation, of a fascist government engaging either in open genocide or a low intensity war against the people. The most threatening aspect of the present situation, I think, is the relative weakness of the opposition on all counts. A situation for which I see no immediate remedy. The only hope is that the structural weakness of the opposition, would be off set by the structural weaknesses of a government which had totally lost the plot, and with initiatives of civil society and regional movements which would most probably move to centre stage. Our roles as intellectuals and politicians is to expose the political, ideological, and ethical bankruptcy of the regime, a role which we are trying to play in a modest way. I hope I would be able to say more about these issues. I warn you, however, that I would respond in Arabic for obvious reasons.
Thank you so much
Khatim

Post: #57
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Amjad ibrahim
Date: 04-17-2005, 07:19 PM
Parent: #1

موضوع الخاتم للاضواء في 14 ديسمبر 2004



تأملات في جنون الأمم:
بليون طفل يعيشون نهبا للحرب والفقر والأيدز.
نصف أطفال العالم سرق الكبار طفولتهم.
ضرورة صياغة برنامج لإنقاذ الطفولة في السودان.

عندما نقرأ تاريخ الأمم، نجد أنها ، مثل الأفراد، لها خصائصها المميزة، ورغائبها الجامحة، تغشاها مواسم من الاندفاع الطائش والتعلق المحموم، فلا تعبأ ولو للحظة بنتائج أفعالها وعواقبها. وكثيرا ما نجد جماعات كاملة تسدد أنظارها نحو هدف معين وتعبئ طاقاتها جميعا في مطاردته، ونشاهد ملايين الناس يأخذ بألبابهم وهم مشترك، ينطلقون وراءه كما تنطلق ذئاب وراء طريدة، حتى يصرف ألبابهم عنه وهم آخر، أكثر إغراء وأوغل في الغرابة والعبث. نرى أمة سيطرت عليها فجأة، من أعلاها إلى أدناها، نوازع التوسع العسكري وأمجاد التغلب، ونبصر أخرى وقد استولت على عقولها فكرة دينية تريد أن تنشرها بالمخاوف والسيوف ونزعات الإذعان لدى الضعفاء، أو تموت دونها. ولا نرى هذه أو تلك تفيق من ذهولها إلا بعد أن تكون قد أسالت أنهارا من الدماء، ودفنت ركاما من الجثث، وزرعت حقولا من البكاء والأنين والدموع، تجنيها أجيالها القادمة ، فتثقل عليها كهم مقيم.
والمال أيضا كان واحدا من أسباب جنون البشر، إذ يتحول شعب بكامله إلى مجموعة من المقامرين الذين يعلقون حياتهم كلها على صفقة مستحيلة أو كرة دائرة أو ورقة مغطاة.
وكما قيل عن حق، فإن البشر يفكرون كقطيع، ويصابون بالجنون كقطيع، ولكنهم يستردون وعيهم ببطء، وكل على حدة.
طافت بذهني هذه الأفكار التي عبر عنها عام 1841، تشارلس ماكاي، في كتابه: أوهام الشعوب وجنون الجماعات، وأنا أقرأ يوم الجمعة الماضي تقرير اليونيسيف عن حالة الأطفال في العالم. فثمة بليون طفل على ظهر هذا الكوكب الشقي، هم نصف أطفال العالم، يعانون من ثلاثة أخطار قاتلة: الحرب، والفقر والإيدز. واحد من كل ستة من أطفال العالم اليوم يعاني من الجوع الشديد، واحد من كل سبعة من أطفال العالم لا يحظى بأية درجة من الرعاية الصحية، واحد من كل خمسة لا يحصل على الماء النقي، وواحد من كل ثلاثة لا يعرف المراحيض أو دورات المياه. 120 مليون طفل لا يجدون طريقهم إلى المدارس، 180مليون يعملون في أبشع الظروف التي يمكن تصورها وهم ما يزالون أطفالا، مليونان من الأطفال، وخاصة من الفتيات، يجري إستغلالهن في تجارة الجنس، ومن بين 3.6 مليون من البشر ماتوا في الحروب منذ 1990، فإن 45% كانوا من الأطفال.
هذه صورة عالمنا في القرن الحادي والعشرين.
قالت كارول بيلامي، مديرة يونيسيف التنفيذية، في تدشين التقرير العاشر لحالة الأطفال في العالم، الذي أعده فريق من لندن سكول أوف إيكنوميكس، وجامعة بريستول، بالتعاون مع المنظمة:
( الفقر لا يأتي من حيث لا نحتسب، الحرب لا تنبثق من العدم، الإيدز لا ينتشر من تلقاء ذاته. هذه كلها خياراتنا.)
وإذا اخترنا نحن أن يكون نصف أطفال العالم مهددين بالحرب والفقر والإيدز، مما يسرق طفولتهم ويظلل كل حياتهم القصيرة والتعيسة، بألوان قاتمة، فإنما نكون قد أصبنا بجنون حقيقي، خاصة إذا كانت لدينا الإمكانيات لتغيير هذا الوضع تغييرا كليا بخيارات ليست مستحيلة بأية حال من الأحوال.
وإذا دخلنا من بوابة وضع الأطفال في العالم إلى واقعنا في السودان، معتمدين على تحليل تشارلس ماكاي، لوجدنا أننا أصبنا فعلا بالجنون لتوافر كل الشروط التي حددها في نصه المركز القصير: نوازع التوسع العسكري وأمجاد التغلب،والهوس الديني الذي يريد أن يفرض أفكارا سيئة الطبخ والإعداد والتقديم، لحزب سياسي بعيد عن الرشد، على كل البشرية، ثم حب المال والثراء من قبل شرهين أنانيين يريدون أن يهربوا من دائرة الندرة والإملاق على حساب الناس جميعا وفوق جثثهم في الغالب. وكانت وسائل هؤلاء، وما تزال، هي إشعال الحروب في كل بقاع السودان، وتعبئة طاقات البلاد كلها من أجل الهدم وليس من أجل البناء، وإشاعة الفقر عن طريق القصف الجوي وحرق القرى وتدمير المأوى وتشريد الناس في كل الجهات، وتحويل الإقتصاد إلى إقتصاد حرب موقوف بصورة كلية تقريبا على خدمة تجار الحروب وسدنتها.
والذي عانى أكثر من سواه في كل ذلك هم الأطفال، الذين كانوا على الدوام ضحايا حروب صنعها الكبار. وإذا كان ضحايا الحرب السودانية، في الجنوب والغرب، بما يصاحبها من الكوارث والأمراض، منذ 1989 وحتى الآن، أكثر من مليون شخص، فإن نصف هؤلاء كانوا من الأطفال. وإذا كان الذين فقدوا حياتهم نتيجة الحروب، على مستوى العالم منذ 1990، وحتى الآن ، هم حوالي اربعة ملايين ، فإن ربع هؤلاء من السودان.
ولكن مهلا: هل نحن مسئولون، كأمة عن كل ذلك؟
بالطبع لا، على الأقل لان الضحايا أنفسهم يدخلون في عداد هذه الأمة، ولا يمكن لضحية أن تكون مسئولة عن مصيرها. وربما تحدث ماكاي بهذا الإطلاق، لأن الذي كان في ذهنه، هو إنخراط أمة كاملة في حرب ضد جيرانها، أو ضد أعداء سعت إليهم وراء البحار. وهو ما كان يمكن أن يتفرغ له أصحاب ( المشروع الحضاري) بعد تطويع الأقوام السودانية الكافرة، أو إبادتها، والذي صار دونه الآن خرط القتاد. ولذلك فإن هذا النظام هو الذي يتحمل نصيب الأسد من المسؤولية عن كل هذا الخراب.
ولكن من الجانب الآخر هل نحن خالون كليا عن المسؤولية؟
لا أعتقد ذلك. لأن المعارضة السودانية التي سمحت لمثل هذا النظام أن يحكم طوال هذه السنين، مع أن الركيزة الوحيدة لبقائه كانت ضعف أعدائه، مسئولة عن ذلك دون شك. مسؤول عنه الميرغني الذي خنق التجمع الوطني الديمقراطي، حتى صار مسخا يجلب الهزء ويستحق الرثاء، ومسئول عنه الصادق المهدي، الذي غادر السودان خصيصا لإبطال المقاومة الفعالة للنظام، ومسئولون عنه آخرون كان تفوقهم الوحيد هو تفويت الفرص التي لا تحصى التي وفرها لهم المجتمع الإقليمي و العالمي، والإحجام عن الخيارات التي تفرضها المسؤولية أمام الشعوب في لحظات المحن التاريخية.
مسئولة عنه ثقافتنا التي تميز بين البشر، وتعجز أن تتعاطف بحق مع أطفال يموتون في الجنوب، وفتيات يغتصبن في الغرب، وشيوخ ونساء تقصفهن الطائرات. مسئولة عنه كل صانعات (زاد المجاهد) وكل اللائي إنطلقت حناجرهن بالزغاريد في ( عرس الشهيد ). ومسئول عنه كل مواطن كان يملك أن يحتج على كل ذلك، حتى ولو بقلبه، ولكنه لم يفعل.
والآن ها هي الدماء قد سالت أنهارا، وهاهو الفقر قد إنتشر وعم، وهاهم أطفال السودان، ما عدا قلة منهم في الداخل والخارج، يتخطفهم الموت، وينوشهم الفقر، و يسحقهم التشرد والمرض.
والأدهى من ذلك أن كل هذا يحدث دون تعاطف ملموس من قبل الناجين منا من هذا الخراب الشامل. وأكاد أقول أن مستوى التعاطف العالمي مع مأساة أطفال السودان، أعلى بكثير من مستوى التعاطف الإنساني داخل البلاد. وهذه من الحقائق المخيفة، التي يتجنب الكثيرون الحديث عنها، لأنها غير مقبولة وغير (لائقة سياسيا). ولكن ما بالتجاهل تعالج مثل هذه الإختلالات في التكوين النفسي لأمة ما. إن الأمر لا يخص الحكومة، فالجلاد لا يتوقع منه أن يتعاطف مع ضحاياه، بل يطلب المزيد منهم، بل يخص المواطن السوداني الشمالي. وكم سألني أصدقاء مقربون عن سر إهتمام العالم بدارفور، مضمرين أن التعاطف الإنساني لا يمكن أن يكون من القوة بحيث يحرك المجتمع الدولي، ومعبرين في نفس الوقت عن إفتقارهم للقدر الكافي منه.
صحيح أن المعاناة الإنسانية عندما تصل إلى حد البشاعة، يمكن أن تدمر مقدرة الفرد على التعاطف، لأن همه حينذاك يكون حماية نسيجه النفسي من عدوان الصور وبشاعة الأخبار المجسمة. وقد قال لي صديق إنجليزي، إنه لا يستطيع أن ينظر إلى صور المعاناة من دارفور وجنوب السودان، لأنه يخشى أن يفقد المقدرة على التعاطف مع كوارث إنسانية أقل فداحة. ولذلك نظم تبرعه الشهري إلى إحدى المنظمات، وصار يغلق جهاز التلفزيون كلما ورد خبر عن السودان. ولكن صحيح أيضا أننا كسودانيين يمكن أن نتعاطف مع بعضنا البعض لأننا نعيش جميعا في جو من المأساة الشاملة. ما يمنعنا عن ذلك هو نسيج نفسي، يجب أن نتعهده بالعلاج.
إن أول ما يمكن أن نفعله من أجل أطفال السودان هو إنهاء هذه الحرب اللعينة، بالضغط على النظام بكل الوسائل، ليس فقط من أجل التوقيع على إتفاقية السلام، فهذا أمر ضمنه لنا المجتمع الدولي عن طريق قرار مجلس الأمن الأخير، بل إجباره على إتباع سياسة نابذة للحرب، سواء في الجنوب أو دارفور أو شرق السودان. وإجباره على إنهاء حربه مع شعب السودان القائمة على القهر و الغلبة وسلب الحرية والكرامة. فنحن نعلم أن النظام قبل السلام صاغرا، كما نعلم في نفس الوقت أن الرقابة الدولية التي دفعته في إتجاه السلام، لن تكون دائمة. فالعالم يعج بالمشاكل التي تصرف أنظار المنظمات الدولية في كل لحظة عما كان يشغلها بالأمس. ويتحين النظام فرصة الغفلة من قبل المجتمع الدولي ليمارس إحترافه القديم لإشعال الحروب. الرقابة الوحيدة الدائمة هي الرقابة الذاتية من شعب السودان.
وبإنهاء الحرب تفتح الأبواب لتحسين أوضاع الأطفال، على وجه الخصوص، عن طريق توفير الرعاية الصحية والتعليم، والغذاء والكساء والمياه النقية والتحصين من الأمراض، ورفع نسبة الإنفاق القومي على التعليم والطفولة، وإنهاء التمييز بين الإناث والذكور والأطفال الذين ولدوا خارج مؤسسة الزواج، ومحاربة عمل الأطفال، ووقف تجنيدهم في الجيوش، وإيواء أطفال الشوارع، ومحاربة ختان الفتيات، وانتهاكات حقوق الطفولة. وغير ذلك من الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية حول حقوق الطفل وخاصة إتفاقية الأمم المتحدة لعام 2000 والتي وقعت عليها كل دول العالم تقريبا، بما فيها تلك التي وقعت بدوافع التضليل والنفاق.
ولا شك أن على المجتمع الدولي أن يلعب دورا هاما في كل ذلك. والحقيقة أن بشاعة الوضع الحالي، تتمثل في أن الخلاص منه ممكن تماما. فقد قدرت الأمم المتحدة عام 2000، أن برنامجها لرفع الفقر عن أطفال العالم يكلف 52 بليونا من الدولارات. ولكن العالم الذي عجز عن توفير جزء قليل من هذا المال طوال الأربع سنوات الماضية، صرف في العام الماضي، 712 بليونا من الدولارات على السلاح. وليست المسؤولية هنا هي مسؤولية الدول المصنعة للسلاح وحدها، بل هي قبل ذلك مسؤولية الدول التي تشتري السلاح، وعلى رأسها حكومة الإنقاذ. فشراء السلاح عملية إختيارية ولا تنطوي على أي إجبار من قبل الدول المصنعة. والأسلحة التي لا تجد من يشتريها تتساوى في قيمتها والتراب، كما حدث لترسانة الأسلحة السوفيتية الهائلة، أو على الأقل للجزء الأكبر منها. وعليك أنت أن تحدد هل تصرف أموال البترول، مثلا، على الغذاء والمستشفيات والمدارس، أم على آخر أدوات الفتك في الحروب. وقد أختار نظام الإنقاذ أن يصرف 45% من أموال البترول تقريبا على التسلح.
من أجل أطفالنا: علينا أن نقف بحزم في مواجهة هذا الجنون، خاصة وأن الشفاء صار ممكنا.

Post: #58
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-17-2005, 10:07 PM
Parent: #57




هذا عرض لكتاب أرى الإطلاع عليه ضرورة، سواء لتنظيم الأفكار أو حماية الملفات العقلية من هجمات الفيروسات الفكرية. وقد نشر يوم التاسع من يناير الحالي بصحيفة الشرق الأوسط الغراء.
خاتم




كيف تعمل الأفكار:

How Ideas Work The Essay
عرض الخاتم عدلان
ربما يكون الفكر العربي فوق المنطق، وربما يكون دونه. وسواء كان هذا أو ذاك فإنه لا يتقدم إلا به. هذه هي محورية المنطق في حياتنا الفكرية. وثمة منطق واحد للفكر لا "مناطق". هذه هي أهمية المنهج في أن يكون فكرنا منتجا. قليلون في التاريخ من حكموا أنفسهم بصرامة المنطق في كل ما قالوا وما فعلوا، وأقل منهم من فعل ذلك في حضارتنا الماضية والمعاصرة. ولذلك خفت موازيننا في ميدان المعرفة.
كتاب "كيف تعمل الأفكار: فكّر بيقين وتصرف بثقة" لمؤلفه كنت وورثينغتون، والصادر عن دار (No Nonsense Press Inc.)، يعيد الإعتبار للمنطق باعتباره ضرورة وجودية، أي باعتباره شرطا لوجود الإنسان وسعادته. ومثله مثل إيان راند، التي يشير إلى أهمية مساهمتها الفلسفية في أكثر من موقع من كتابه، ينطلق وورثنغتون من أرسطو، الاب الشرعي لعلم المنطق. ويقول أن أرسطو إهتم بالمنطق لأنه كان يتعامل مع عقله بالإجلال الذي يستحقه، وهو أمر علينا جميعا أن نتبعه فيه. وقد أرسى أرسطو قاعدة المنطق الصلبة عندما اكتشف قانون الهوية: وهو أن كل شيء له هوية متميزة، عن كل شيئ سواه. ولكن أرسطو إرتكب خطأين: الأول انه لم يوضح طبيعة المفاهيم بصورة كافية، والثاني أنه لم يفهم طبيعة التعميمات. وكانت نتيجة ذينك الخطأين أن الناس تعاملوا مع المنطق على الدوام بريبة وإستخفاف،بل وهجروه كليا في بعض الأحيان. الخطأ الأول حول طبيعة المفاهيم أجلته بصورة كلية إيان راند، في كتابها: مقدمة إلى المعرفة الموضوعية،
(An Introduction to Objectivist Epistemology)،
والخطا الثاني أجلاه هو شخصيا في كتابه هذا الذي نقدمه الآن إلى القراء. ولكن وورثنغتون لا يكتفي بإجلاء الخطا الثاني لارسطو، بل يحاول تقديم نظرية متكاملة حول كيفية عمل (كل) الأفكار. أي أنه يحاول أن يدخل إلى عالم العقل، فينظم مكوناته كلها، ويضعها في حزم متمايزة، ويحدد طريقة عملها، ويعطيك الفرصة، إن أردت، ألا تخلط بينها، لأن الخلط يعود عليك بعواقب وخيمة بالفعل. وهو مشروع بالغ الطموح، وربما يشوبه بعض الغرور، ولكنه مع ذلك واضح وضوح أغلب الحقائق الخطيرة. ويمكن تلخيصه في جملتين، لا هيغليتين ولا كانطيتين، لأن هذين ممن أفسدوا المنطق ونفروا منه، بل هما واضحتان وضوح نظرية أرخميدس، أو قانون نيوتن. البنية الفكرية تتكون من مفاهيم وأحكام ونتائج. تتولد المفاهيم عن طريقة معينة في تنظيم أشياء الواقع، وتتكون الأحكام عن طريقة معينة في تنظيم المفاهيم، وتتكون النتائج عن طريقة معينة في تنظيم الأحكام، والتي يمكن أن نسميها في هذه الحالة مقدمات. وتتمثل أهمية الكتاب في تطبيقاته لمقولاته النظرية، والنظرية اساسا تطبيق يا أهل النظريات التي لا تطبق!، على واقع الفكر، كما تتمثل طرافته في إستبانة الأخطاء الكبيرة التي نتجت عن الخلط بين هذه المكونات.
تكوين المفاهيم هو الإنفجار الأول في المعرفة الإنسانية، وهو يحدث للطفل عندما يتعلم إستخدام الكلمات التي تنقله من الوعي الحسي إلى الوعي الإدراكي، وتعطيه حرية غير محدودة، من حيث إحتمالاتها المفتوحة. وتنبثق المفاهيم عن الواقع وتشير إليه. فعندما يولد العقل، يكون، كما قال ارسطو تابولا رازا، أي ورقة بيضاء، تكتب عليها الحواس خطوطها الأولى. والحواس هي المنافذ الاساسية لعلاقة الإنسان بالواقع، إنها تزوده بالقاعدة التي تقوم عليها كل معرفة لاحقة، وهي أن الشيئ هو هو. تكوين المفاهيم هو منهج الإنسان في تنظيم أشياء الحس. إذ يعزل الإنسان خاصيتين متشابهتين أو أكثر ليكون منهما وحدة عقلية واحدة، ترمز لها كلمة محددة. المفهوم يشمل عددا غير محدود من الوقائع، بدء بتلك التي قام العقل بعزلها في البداية ونهاية بكل شبيهاتها في الماضي والحاضر والمستقبل. والتشابه هو المفتاح في هذه العملية. ولكن العقل الذي يعزل المتشابهات لا يحدد مواصفاتها، من حيث الكمية والحجم وغير ذلك، بل يترك المجال مفتوحا لإضافة اية قيمة. أي أن المفهوم شبيه هنا بالرمز في علم الجبر. فمع أنك يجب أن تعطي الرمز قيمة محددة، إلا أن تلك القيمة يمكن أن تكون مفتوحة، وتتسع باتساع الملكات التصورية لدى الإنسان.


آين راند تقول أن المفاهيم تعمل وفق نظام الملفات العقلية، مما يسمح لك بتخزين معرفتك، والإشارة إليها وإستدعائها عند الضرورة. ويحتوي كل ملف على كل الأشياء التي تملك خاصية معينة بينما يستبعد كل الأشياء التي لا تملك تلك الخاصية. كل ملفاتك العقلية هذه تقوم على مبدأ التمييز بين الاشياء ذات الخصائص المختلفة والجمع بين الأشياء ذات الخصائص المتشابهة. ولكن قليلين أولئك الذين يملكون ملفات دقيقة التنظيم. كما أن هذه الملفات معرضة دائما للهجوم، من فيروسات متجددة باستمرار ومن «هاكرز» بالغي المكر والذكاء. خذ مثلا مقولة دنغ هسياو بنغ الشهيرة: ليس المهم هو لون القطة، بل المهم هو مقدرتها على صيد الفئران. وهو قول صحيح لأنه يوضح أن لون القطة صفة غير جوهرية في صيد الفئران. ولكنه يريد أن يوحي من خلاله بأن نوع النظام الإجتماعي ليس جوهريا في تحصيل الثروة أو نيل الحرية. وهي مغالطة لا يمكن الدفاع عنها إلا بالمكر. وقد كان على دينغ، إذا كان يتوخى الحقيقة أن يقول: ليس المهم أن تكون القطة حبيسة أو طليقة، بل المهم أن تكون قادرة على صيد الفئران! وهو عبث محض كما ترى. ولكن هدف دينغ لم يكن هو الحقيقة، بل كان هدفه الهجوم على ملفاتك العقلية. وقد نجح الهجوم لدى عدد لا حصر له من أذكى البشر.
عملية تكوين المفاهيم توضح لنا أهمية التجريد، "فهو الطريقة التي تتكون عن طريقها المفاهيم، اي العملية الذهنية التي تفصل الخاصية المعينة عن حاملها، مركزة عليها، بدلا من التركيز على الحامل نفسه" (ص 39) وأنت تعلم أن الشيئ الحسي لا يمكن أن يوجد في موضعين في نفس الوقت، ولكن من خلال القوة غير العادية للتجريد، يمكنك أن توجد أماكن مختلفة له بطرق عديدة دون إفتراض وجوده المادي المباشر في تلك المواقع كلها.(ص 40)
الإنسان ليس أحد بصرا من الصقر، وليس أنفذ شما من الحوت، ليس أدق سمعا من الغزال، وليس الطف إحساسا من لقط. ولكنه يملك ما لا تملكه هذه الانواع كلها، وهو العقل الذي يكون المفاهيم. (ص 6)
عندما تكوّن مفاهيم جديدة من المفاهيم الحاضرة، فإنك ما تزال تمارس عملية التجريد، ولكنك تمارسها على مستوى أعلى. فأنت قد عزلت مسبقا بين الأشياء وخصائصها، لتكون مفاهيم على المستوى الأدنى من التجريد. ولكنك الآن تعزل الخصائص الجوهرية من غيرها، وبهذه الطريقة تكون مفاهيم على مستوى اعلى من التجريد. (مفهوم حيوان من مفاهيم كلب وقط وحصان، بالتركيز على الخصائص الجوهرية الجامعة بين هذه الأنواع)
مقدرتك على عزل الخصائص الجوهرية تمثل إنفجارا ثانيا في معرفتك. فمعرفتك تتراكم بسرعة خارقة عندما تجود عملية الضم والإبعاد عن طريق التركيز على الخصائص الجوهرية. وعملية التجريد على مستوى أعلى تمكنك من التحليق بعيدا عن المستوى الحسي، فتوغل في المستوى الإدراكي، ولكن إذا أغرتك هذه الحرية الآسرة فقررت أن تقطع الحبال التي تربطك بالواقع، فإنك تكون ببساطة قد ضعت. فمع أن التجريد هو وسيلتك للتحرر من الواقع الحسي، إلا انه ايضا هو طريق عودتك. وهذه العودة هامة دائما لتحقيق هدفين: الأول هو التأكد من سلامة العلاقة بين أحكامك والواقع، والثاني هو إزالة التناقضات بين أحكامك نفسها. وهما ظاهرتان فكريتان مترابطتان أشد الترابط. إذا لم تتطابق أحكامك مع الواقع فإنها تفقد أهميتها، وتصبح سرابا بدلا عن مشكاة. والواقع قابل للمعرفة، في تناقض صريح مع كانط، والتناقضات واجبة الإزالة وربما تكون أفضل بداية في إزالتها، هي نسف مقولته حول الشيئ في ذاته: والتي تقول في واقع الأمر أننا لا نبصر لأننا نرى، ولا نسمع لأننا نستقبل الأصوات، ولا نحس لأننا نشعر بالاشياء، ولا نشم لأننا نميز بين الروائح. اي إنها نوع من الهراء. الشيئ في ذاته نوع آخر من الهجوم على الملفات العقلية.
وبعد تكوين الأحكام إنطلاقا من المفاهيم، فإننا نكون قد استعددنا لمناقشة السببية، ثم الوصول أخيرا إلى أخطر أنواع المعرفة، وأبعدها أثرا وهي الإستنتاجات والفرضيات و النظريات.
وقد وجدت مناقشة ورثنغتون للسببية من أمتع فصول الكتاب،وهي على عكس ذلك لدى الكثيرين من المفكرين.
يحدد الكاتب علاقة السبب والنتيجة، باعتبارها علاقة السببية المكتملة. هذا يؤدي إلى ذاك، بصورة لا تؤدي الإستثناءات إلا إلى إثباتها. وإذا شئنا أن نجد له مكانا في تاريخنا الفلسفي فإنه ينحاز بصورة حاسمة إلى إبن رشد على حساب الغزالي. ومع أن ابا حامد لا ينفي السببية بإطلاق إلا انه يقلل من كفايتها مهددا بمسخها. وتلك قضية أخرى على كل حال. وبالنسبة إلى ورثنغتون، فإن السبب يجب أن يستوفي شرطين ليؤدي إلى النتيجة: هما الضرورة والكفاية. فالسحب ضرورية لحدوث المطر، ولكنها ليست كافية، ( أي يمكن أن تكون هناك سحب بلا مطر) والتهاب الزائدة الدودية كاف لحدوث الألم ولكنه ليس ضروريا، (أي يمكن أن يكون هناك سبب آخر.) اما إفراغ المركب لما يعادل وزنه من الماء، فهو أمر ضروري وكاف لطفوه على صفحة الماء. هذا هو السبب وتلك هي النتيجة.
هل كان طول أنف كليوباترا سببا كافيا لنشوء الإمبراطورية الرومانية؟ أم أن سبب نشوئها هو إسباغ الدستور الروماني حمايته على كل مواطنيها؟ هل الرق كان سببا كافيا لنشوب الحرب الأهلية الأميركية؟ وهل كان إطلاق المدافع من ولاية كارولاينا الجنوبية على "فورت صمتر" شيئا ضروريا لنشوب الحرب؟ أم أن التناقض في الدستور الاميركي الذي ينص على حرية الفرد، وعلى مشروعية الرق، في نفس الوقت، هو السبب في ذلك؟
ماذا عن القشة التي قصمت ظهر البعير؟ هل كانت كافية لقتل البعير الأسطوري؟ وما الفرق بين سقوط متوكل الهواري من الموقع المتآكل في سطح منزله، وسقوط سنمار من قمة القصر الذي شيده؟ وهل كان حلول القاضية ساندرا داي أوكونر، محل القاضي بوتر ستيورات، في المحكمة العليا الأميركية، عام 1981، سببا كافيا لوصفها بأنها قاتلة، لأنها أخلت بالتوازن المعادي لتنفيذ عقوبة الإعدام داخل المحكمة، لصالح تنفيذ العقوبة؟
في بحثك عن الإجابات لكل هذه الأسئلة يجب أن تنتبه إلى ضرورة أن السبب، ليكون سببا، يجب أن يستوفي شرطي: الضرورة والكفاية. وهذه العملية ليست سهلة كما تبدو، بل تحدث نتيجة نشاط عقلي مكثف، يتمثل في عملية تضييق المفاهيم وتوسيعها، والتمييز بين الجوهري وغير الجوهري فيها. كما أنها عملية مفتوحة للأخطاء. ويجب التنويه كذلك ان معالجة ورثنغتون لمنابع الخطأ الإنساني وكيفية مواجهته وتقويمه، تعد من أقوى نقاط الكتاب، ومن أكثرها فائدة لأمثالنا ممن لا يجيدون التعامل مع الأخطاء، لا من حيث الإعتراف بها، ولا من حيث منهج معالجتها، مع إسرافنا غير العادي في إرتكابها!!

والمنهج هو التنظيم التراتبي والتتابعي للخيارات الضرورية والكافية للوصول إلى هدف بعينه. وإتباع المنهج هو طريق نجاح الأفعال الإنسانية. لا يمكن دراسة الجبر قبل الحساب. وذلك يحدث بتحديد الأساسي والتمييز بينه وبين غير الأساسي. تحديد الأساسي مهم للأفعال الإنسانية لأنه يحدد لك نقطة البداية. عندما تعطس يجب أن تدير وجهك بعيدا عن الناس. هذا هو الشيئ الأساسي في الفعل الإنساني عند العطس. عندما تمرض تسعى للعلاج، عندما تجوع تأكل. ولكن كل هذا يقتضي منهجا. عبور الشارع يقتضي منهجا محددا هو النظر في كلا الإتجاهين.
عندما اختار الإنسان ان يصل إلى أهدافه دون منهج: لجأ إلى الحجامة لمعالجة الأمراض، وطعن صورة الحيوان للنجاح في صيده، وغرز الدبابيس في عين الصورة لإيذاء أعدائه، ورقص في الصحراء لجلب المطر، ونظم أساطير المياه لتفسير الظواهر الطبيعية، وحاول خلق العدالة بالمصادرة، وتوحيد الأمة بالشعارات، وتحرير فلسطين عن طريق غزو الكويت! هذا كله يشير إلى غياب المنهج، وإلى الخطأ في إستبانة حدود الإرادة الإنسانية. قال فرانسيس بيكون، لتسود الطبيعة عليك أن تطيعها، هذا هو المنهج العلمي. وقال المقهور على مر الدهور: لتنهض بالأمة وتوحدها، حررها من القيود ولا تقدها كالسوائم، هذا هو المنهج الإجتماعي والسياسي والأخلاقي.

يصل المرء إلى النتائج بتنظيم الأحكام، والتي يمكن أن نسميها الآن المقدمات، مثلما وصل إلى الأحكام بتنظيم المفاهيم. وهو ما يسمى بعملية الإستنتاج أو الإستدلال.
البرهان هو عملية إثبات النتيجة، أي ربط الفكرة بشواهدها. وكيف تصل الى النتيجة؟
إنك تبدأ بمقدمات، منها المقدمة العامة أو الشاملة، والتي تشمل كل وحدات المفهوم:
كل طلاب الصف إناث.
كل الناس فانون.

والمقدمة الشاملة هي نوع من المعرفة هامة لأية عملية إستدلال، وبدونها لا يمكن الوصول إلى أية نتيجة. القياس المنطقي يوضح هذه الحقيقة. المفكر توماس جيفرسون في القرن الثامن عشر حاول إثبات منطقية إعلان المستعمرات الأميركية إستقلالها عن إنجلترا. ومع أن تلك لم تكن أول ثورة يقوم بها الناس ضد الطغيان، إلا أن جيفرسون حاول أن يقيمها على أساس منطقي سليم وقاهر. وعندما صاغ جيفرسون إعلان الإستقلال فإنما أقامه أساسا على قياس منطقي. وجاءت صياغته على النحو التالي:
يقيم الناس الحكومات من أجل ضمان حقوقهم
هذه الحكومة (أي الحكومة البريطانية) فشلت في ضمان حقوق الأميركيين
إذن هذه الحكومة لا أساس لبقائها.
إكتشف جيفرسون هنا الوظيفة العامة للحكومات وهي ضمان حقوق الناس. ( جيفرسون لم يتحدث عن الحكومات العربية، فليطمئن ذوو الشأن!)
ولكن هل يمكن صياغة قاعدة أخرى مخالفة لقاعدة جيفرسون: مثلا:
يقيم الناس الحكومات لضمان مصالح الطبقات الحاكمة
هذه الحكومة تضمن مصالح الطبقات الحاكمة
إذن هذه الحكومة شرعية.
*
هذه الصيغة لا تقبلها الحكومات، لأن ضمان مصالح الحكام لا يتعزز إلا بادعاء خدمة الشعب، كما أنها لا تمثل شرعية لدى الشعب، إلا إذا كان شعبا من العبيد. وحتى هؤلاء الأخيرون ثاروا على أوضاعهم ومن أجل حقوقهم في الحياة والكرامة.
*
هناك مقدمات عامة يصل إليها المرء بالمشاهدة الحسية المباشرة:
كل طلاب الصف ذكور.
بمجرد النظر إليهم تصل إلى ذلك.
ولكن ماذا عن المقدمات التي لا يمكن إثبات صحتها بالمشاهدة الحسية:
كل طبيب مخ وأعصاب من الثدييات.
هذا تعميم لا يمكن إثباته بالمشاهدة الحسية لأن الأمر ينطوي على معاينة كل أطباء الأعصاب في العالم وإثبات أنهم من الثدييات.
هذه من المشاكل التي وردت في تاريخ الأفكار باعتبارها غير قابلة للحل. وقد عملت لعدة قرون على إشاعة عدم اليقين في المعرفة الإنسانية، وهو نفس الاثر الذي يمارسه الغزالي على الحضارة الإسلامية الآن في طعنه في كفاية السببية، دون إنكارها كليا. فالوقوف في هذا الفضاء بين اليقين وعدم اليقين هو الذي يشل العقل الإنساني.
إنك لا تصل إلى ذلك عن طريق الحس، بل عن طريق التجريد. والتجريد يحدث هنا على المستوى الأعلى الذي نصل إليه عن طريق تحديد الخصائص الجوهرية. إذا كانت العلاقة بين الصفة والموصوف، بين الحامل والمحمول، صحيحة، وقائمة، فإن المقولة العامة يمكن إثباتها
يوكليد قال إن الخطين المتوازيين لا يلتقيان. ليس لأنه أختبر كل الخطوط المتوازية الممكنة عقليا وواقعيا، ولكنه لأنه أنطلق من خاصية جوهرية في الخطين المتوازيين وهي أنهما لا يلتقيان.
وماذا عن التعميمات الهادية للفعل ا لبشري:
كل الناس يجب أن يكونوا أحرارا.
هل الحرية جوهرية للفعل الإنساني أم لا؟ هل يمكن للإنسان أن يمارس طبيعته كإنسان دون أن يكون حرا؟ هذا هو السؤال.
التعميمات ليست نتائج، إنها أحكام. بمعنى أنك لست مطالبا باختبار كل مكونات المقدمة العامة، إنك معني فقط بإثبات العلاقة الجوهرية بين الحامل والمحمول، بين الصفة والموصوف، فتصل إلى النتيجة. حتى أرسطو العظيم أخطأ في ذلك ولم يصححه المفكرون من بعده بل نحتوا خطأه في الصخر. وما يعتبره ورثنغتون مساهمة شخصية جوهرية من جانبه، في تاريخ المنطق، هو تصحيحه لهذا الخطأ الذي وقع فيه المعلم الأول العظيم. ويقول أن الطريقة الإحصائية هي المسؤولة عن هذه الأخطاء، عندما تؤخذ حرفيا وخارج نطاقها.
*
الإنتباه للعلاقات الجوهرية هو عصب المنطق كله، عندما تسقط شجرة في الغابة ولا يكون هناك شخص ليسمعها، هل تحدث صوتا؟
مشكلة طريفة. ولكن لا تصرف ذهنك إلى غير الجوهري فتتوه. إنتبه إلى الجوهري هنا: هل الأذن الإنسانية ضرورية لحدوث الصوت؟ أم أن الضروري لإحداث الصوت هو حركة الشجرة وهي تسقط وتحدث حركة محددة في الطبقة الهوائية المحيطة بها، إعتمادا على حجمها وسرعة سقوطها، وسرعة الريح... إلخ؟ ما هو الجوهري هنا؟
ليس الأذن الإنسانية بأية حال من الأحوال. إذا وجدت شجرة ساقطة، فاعرف أنها لحظة سقوطها، وإن كنت لم تسمعها، ولم يسمعها أحد سواك قد أحدثت صوتا.
الإنسان يعزز نتائجه بنوعين من الأدلة: الحقائق الموثوقة والمنهج السليم. إنه يربط إستنتاجاته بأدلتها في خطوتين. الخطوة الأولى يختبر فيها مقدماتها ويختبر الطريقة التي تعمل بها هذه المقدمات والعلاقات التي نظمت على أساسها: هل النتيجة تترتب على المقدمة بصورة صحيحة؟
صيغ القياس المنطقي (syllogism)، لتحقيق هذه الغاية. وهذا يكشف أن النتيجة تحتاج إلى مقدمتين على الأقل إحداهما عامة وشاملة. والثانية محدودة.
الخطوة الثانية هي التدليل على صحة المقدمات نفسها. المقدمة التي تستعصي على التدليل دائما هي المقدمة التعميمية. وهذه يدلل عليها كأحكام، وجمل مفيدة، وليس كنتائج، أي بتوضيح أن العلاقة بين الصفة والموصوف هي فعلا علاقة جوهرية وصحيحة وقائمة.
على هذا الأساس يمكن للإنسان أن يفكر بوضوح وأن يتصرف بثقة، أساسها اليقين المعرفي. فالأسطورة تحدثنا عن أن جحشا مات من الجوع لأنه لم يستطع أن يقرر بأية حزمة من القش يبدأ. وهذه مشكلة إنسانية تتعلق بالإختيار، خاصة عندما تتساوى أو تكاد قيمة الخيارات، سهولة أو صعوبة، أمام إنسان حر الأرادة، يمكن أن يختار هذا أو ذاك، مع مقدرته بالطبع على الإمتناع عن الفعل، واحتمال الموت في الحالة الأخيرة. اليقين المعرفي، الذي يحاول أن يزلزله أمثال هايزنبيرغ بمبدئه حول الشك المطلق، هو الذي يمكنك من الإختيار، بمعرفة الأساسي وا لجوهري، باستبانة المنهج السليم، والمبادئ المنطقية.
ويحاول ورثنغتون، كما حاولت قبله إين راند، أن تقيم على أساس المنطق نظاما إجتماعيا، هو الرأسمالية المنفلته «Lassez Faire». ولا يمكننا الدخول في تفاصيل ذلك هنا. فقط ننبه إلى أنه لا يتبع بنفس الصرامة المنطقية التي يدعيانها له.
هذا العرض حاول تحقيق مهمتين: الأولى إبراز أهم نقاط الكتاب. والثانية الحفز على قراءته. نجاح المهمة الأولى يتمثل في إستبانة ضرورة الثانية، وذلك لأن الثانية أهم بكثير من الأولى. وسيكون هذا شأن كل عرض أقدمه.
إنتهى

Post: #59
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: ABU QUSAI
Date: 04-18-2005, 02:51 AM
Parent: #58

نسأل الله تعالى أن يمن عليه بعاجل الشفاء ، وأن يعيده إلى أهله سالما ومعافي إنه ولي ذلك والقادر عليه .

Post: #60
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: عاطف عبدالله
Date: 04-18-2005, 04:46 AM
Parent: #59

التحية لك أيها المناضل والمفكر الفذ الخاتم عدلان
التحية لك ولأسرتك الكريمة
التحية لك وأنت الذي كتب عليك النضال منذ الصغر
التحية لك وقلوب الأوفياء ودعاء الأصدقاء يحيط بك
التحية لك متوشحة بالمحبة والمودة الصادقة
أتذكر في لقائنا الأخير حين قلت لك بأنك ربان السفينة وأن .... ، فأنظر الآن للقلوب المبحرة معك ، وتمسك بالحياة فأنت أحق بها منه ولو كان هو الحق نفسة.

Post: #61
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-18-2005, 11:13 PM
Parent: #60

الخاتم عدلان في الأضواء:


الآليات الترابية لاختطاف الدين
الخصائص البشرية والحيل الفكرية

لحظة إكتمال المشروع الشمولي، السياسي الإجتماعي، والذي يمثل الخير المطلق في أذهان أصحابه، هي نفسها، نظريا على الأقل، لحظة تبرير كل الوسائل في الوصول إليه. ولأن ذلك المشروع يمثل الخير المطلق، فإن الواقع الماثل بين اليدين، يمثل الشر بهذه الدرجة أو تلك. وإذا كانت الوسائل المستخدمة في الوصول إلى الخير المطلق، المترائي في الآفاق كإغراء لا يقاوم، تقع في إطار العالم الواقعي، المنتصب كعقبة كؤود أمام تحقيق ذلك المثال، فإنه لا يكون مستغربا أن تنطوي تلك الوسائل على الشر. ومن هنا فإن الفعلة الإجتماعيين من أنبياء المشروع، لا يتورعون عن التورط، بصورة مؤقتة، في شرور يبررونها بالإضطرار، ويعزون أنفسهم بأنهم سيتحللون منها على أعتاب المجتمع الجديد الذي يحلمون بإقامته، فيتطهر الخطاة من خطاياهم، ويغسل القتلة ايديهم من الدماء.
ولكن المفارقة الماساوية هي أن المؤقت يابى أن يزول لأنه أصبح طبيعة ثانية، والخطايا تستبد بالضمير وتستعبده، والدماء تعلق بالايادي كما علقت بيدي الليدي ماكبث، لا تغسلها مياه المحيطات ولا تزيل رائحتها كل عطور الهند العابرة للصحراء العربية والقارات. ولأن المجتمع المثالي نفسه لا يخلو من الإبتلاءات الجديدة، الأكثر خطرا من كل ما شهده بناة المشروع في المجتمع القديم، فإنهم يلجأون إلى وسائلهم الشريرة ذاتها، ولكن على مستوى أكبر، وبشراسة تفوق كل ما سبقها. ولا يفعلون ذلك من أجل الوصول إلى حلم يظل نقيا، مهما تورطوا هم في الأوحال، بل للدفاع عن وضع قائم تظهر خطاياهم بارزة على جبهته كما كانت تظهر أفعال وخطايا دوريان غراي، على وجهه، في مسرحية أوسكار وايلد الشهيرة.
وربما يكون هذا مدخلا مناسبا للبحث في الآليات التي استخدمها حسن عبد الله الترابي، وحركته، خلال اريعين عاما من المسيرة الدموية، المدفوعة ظعائنها بالحداة الكاذبين. وليس ثمة إدعاء بأننا قادرون على إحصاء هذه الآليات كلها، والوقوف على تجسيداتها المحددة في الواقع، إذ أن هذا جهد جماعي أنجز بعضه وبقي معظمه.
وربما تكون أولى الآليات وأهمها هي إعادة صياغة الإنسان نفسه وتأهيله لخدمة المشروع. ولا يوجد تنظيم سياسي في السودان إستطاع أن يعيد صياغة وتشكيل الطينة البشرية الوافدة عليه، مثل تنظيم الترابي المتعدد الأسماء. وقد صار ممكنا الإشتباه في كون الشخص أخا مسلما، أو جبهة إسلامية، بمجرد رؤيته، ولكن الشك يصبح يقينا بمجرد شروعه في الكلام وتعاطيه في لغة الجسد. وتتداعى حينها سلسلة كاملة من الأفعال والأقوال التي يمكن أن تنسبها إليه بهامش صغير من الخطأ لا يتجاوز هوامش الأخطاء في أفضل إستطلاعات الرأي الحديثة. هذا لا يشمل بالطبع المجموعات الصغيرة التي يرسلها التنظيم للغوص في التنظيمات الأخرى وكشف الثغرات التي يمكن نحرها بالإستناد عليها، فإولئك يصاغون في قوالب مختلفة، أكثر إتقانا ودقة، من القالب العام.
وبمجرد إكتمال اليقين لدى الوافد الجديد بأنه انخرط في خدمة أعظم المشاريع فإن ترسانة من الوسائل الناجعة تعرض عليه. ولا تستمد هذه الوسائل، قيمتها من ذاتها ، بل من عظمة المشروع، ومن وضاعة القوى التي تحاربه. ولعل أنجع هذه الوسائل على الإطلاق هي العنف، تهزم به الحجج الأقوى التي تبتدعها الشياطين، وثانيتها الأكذوبة، لتجعل الحقيقة هي ما نقول وليس ما نكتشف، و الإفتراء لتصوير العدو في الصورة التي نريد، وليس في الصورة التي تظهره عليها الوقائع، والابتزاز لإحراج الآخرين بالدين، ووضعهم دائما في مواقع الدفاع، أو إدخالهم قسرا إلى زرائب الكفر، والأنانية لأن الشخص الرباني أجدر بنيل نعم الله من الشخص الشيطاني، واقرب لأن يوظفها في خدمة الخير وبسط العدالة.
وإني لأزعم أن شخص حسن عبد الله الترابي كان هو التجسيد الأكمل لهذه الصورة التي رسمتها في هذه السطور.
دعونا نتأمله في لقطة قديمة ترجع إلى عام 1968، أي قبل ست وثلاثين وسنة. كان وقتها يجلس على نصر كبير حققه عن طريق الإبتزاز الديني لزعماء ذلك الزمان، الذين حركهم كالدمي في جريمة حل الحزب الشيوعي ودحر الديمقراطية الثانية، وكان يوشك أن يمرر، عن طريق آلية الإبتزاز الفتاكة ذاتها، ما سماه حينها بالدستور الإسلامي. دار حينذاك هذا الحوار معه بوصفه ممثلا لللجنة الفنية للدستور:
السيد موسى المبارك: جاء في مذكرة اللجنة الفنية نبذة عن الدستور الإسلامي في صفحة 7 أن يكون رأس الدولة مسلما، أود أن أسأل هل لغير المسلمين الحق في الإشتراك لانتخاب هذا الرئيس؟
الدكتور حسن الترابي: ليس هناك ما يمنع غير المسلمين من انتخاب الرئيس المسلم. الدولة تعتبر المسلمين وغير المسلمين مواطنين.
السيد فيليب عباس غبوش: أود أن أسأل يا سيدي الرئيس، فهل من الممكن للرجل غير المسلم أن يكون في نفس المستوى فيُختار ليكون رئيساً للدولة؟
الدكتور حسن الترابي: الجواب واضح يا سيدي الرئيس، فهناك شروط أهلية أخرى كالعمر والعدالة مثلاً، وأن يكون غير مرتكب جريمة، والجنسية، وما إلى مثل هذه الشروط القانونية.
السيد الرئيس: السيد فيليب عباس غبوش يكرر السؤال مرة أخرى.
السيد فيليب عباس غبوش: سؤالي يا سيدي الرئيس هو نفس السؤال الذي سأله زميلي قبل حين - فقط هذا الكلام بالعكس - فهل من الممكن أن يُختار في الدولة - في إطار الدولة بالذات- رجل غير مسلم ليكون رئيساً للدولة؟
الدكتور حسن الترابي: لا يا سيدي الرئيس.
(انتهى النص)
كان الترابي يتحرك على أرضية ثابتة عندما أجاب على سؤال الراحل موسى المبارك، لأن السؤال لم يكن ينطوي على خطر كبير، وهو هل يشارك غير المسلمين في إنتخاب الرئيس المسلم؟ أي هل من حقهم أن يختاروا من يتكفل بقمعهم؟ أجاب الترابي على السؤال بالإيجاب، ثم حاول أن يكسب لدستوره ما لم يكن ينطوي عليه، وهو أن الدولة تعتبر كل سكانها مواطنين، موحيا بمساواة لم تكن سوى وهم. ولكن الأب فيليب عباس غبوش، وقد انتبه لخطورته منذ وقت مبكر، يساله سؤال المواطنة الحقيقية، وسؤال الحقوق والمساواة: هل من الممكن للرجل غير المسلم ( غابت النساء عن وعي الرجلين، وهذه قضية أخرى) أن يكون رئيسا للدولة؟ ويقول الترابي أن الجواب واضح، وان هناك شروط أهلية أخرى كالعمر والعدالة... الخ. أي أنه يذهب ليعدد صفات أخرى لم يكن السائل مهتما بها، ليصرف إنتباهه عما يهمه بالفعل. ولكن الرئيس يدرك حيلة الترابي فيطلب من الأب غبوش تكرار السؤال، ولا يملك الترابي حينها إلا أن يقول: لا ياسيدي الرئيس.
هذه آليات في الخداع والمكر والتفادي والتضليل ظل الترابي يجودها طوال العقود وقد وصلت إلى قمتها في مسرحية الأسر والقصر، ثم بدأ السحر ينقلب على الساحر في جبرية لا ترد.
ويهمنا في هذه المسألة كذلك أن الترابي عندما أجاب فإنه كان يزعم أن ذلك لم يكن رايه هو بل هو راي الإسلام. ودعونا نقفز ثلاثين عاما لنقرأ المادة السابعة والثلاثين في الدستور الذي كتبه الترابي، والذي ما يزال قائما في السودان، حول نفس الموضوع الذي اثاره الأب فيليب غبوش عن الدستور الإسلامي:
شروط أهلية الرئيس في الدستور:
المادة37:
يشترط للترشيح لرئاسة الجمهورية أن يكون المرشح:
أ‌- سودانيا
ب‌- سليم العقل
ج- بالغا من العمر 40 سنة.
إختفت هنا إسلامية الرئيس. ولكن الترابي ظل ينطق باسم الإسلام في الحالتين. وليس غائبا علينا بالطبع إعتقاد الترابي بأن الأغلبية المسلمة لن تنتخب رئيسا غير مسلم، وأن إثبات الإسلام ليس سوى تحصيل الحاصل كما يقول في كتابه الجديد، ولكن المسألة هي مسألة الترشيح، التي يمنعها الدستور الإسلامي الأول، يبيحها الدستور الإسلامي الثاني، والناطق باسم الإسلاميين هو نفس الشخص.
إختطاف الإسلام من قبل الترابي وحركته:
وفي الحقيقة فإن اختطاف الإسلام، كنز الرأسمال المعنوي الذي لا يدانيه كنز، قد صار منهجا مكتملا لدى الترابي وحركته، ووصل إلى درجة التغيير الجوهري في شروط الإنتماء الإسلامي ذاتها. فإذا لم تكن تعمل على سيادة الإسلام السياسي، وإذا لم تتبن رؤية الترابي في ذلك ، فأنت لست مسلما. وقد حاول الترابي أن يحقق ذلك من خلال آليتين، أولاهما الخلط بين الدين والتدين، والثانية، وهي مشتقة من الأولى ومترتبة عليها، تحويل العمل السياسي كله إلى عبادة.
يقول الترابي في كتابه قضايا التجديد: نحو منهج أصولي:
الدين والتدين:
وليس الدين إلا محاولة توحيد بين المثال الأعلى المنزل من السماء، وواقع الإبتلاء الظرفي القائم في الأرض، فالمثال والواقع ينطويان على مفارقة هي صميم الإبتلاء. والتدين هو محاولة توحيدهما حتى تدار الحياة بظروفها المتقلبة بوجه يلتزم الحق الواحد في كل حال. فالمحاولات تتقلب مع تقلب الظروف والإبتلاءات، وصور التدين بسبب هذا العنصر قد تتقلب لتضمن ثبات جوهر الدين. ص 238 قضايا التجديد نحو منهج اصولي.
في هذا التعريف ليس هناك أي فرق بين الدين والتدين من حيث كونهما محاولة لتوحيد المثال والواقع. وكان يمكن أن يكون كلام الترابي مقبولا لو تصالح هو مع أشكال غير محدودة من التدين تناسب تعددية الرؤى في المجتمع البشري. ولكنه لا يقبل ذلك بل يقول أن تدينه هو التدين الوحيد، ويحكم كما رأينا، من نصوص أوردناها ويمكن أن نورد العشرات من أمثالها، بكفر كل الآخرين، الحاضرين منهم والغائبين. ولكننا نصدع الترابي بالقول الثقيل التالي:
ليس هناك مثال ديني سياسي!
ليس هناك مثال ديني للدولة، وليس هناك مثال ديني للحكم، وليس هناك مثال ديني للاقتصاد، وليس هناك مثال ديني لحل المشاكل الوطنية، وخاصة مشاكلنا السودانية الماثلة.
ليس هناك مثل هذا المثال بالنسبة لنا، وهذا واضح لأننا نقوله هنا، ولكن ليس هناك مثل هذا المثال بالنسبة لك ايضا وهذا ما سنقيم عليه الدليل من اقوالك المثبتة وأفعالك المشهودة

Post: #62
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-18-2005, 11:17 PM
Parent: #61

فكرة الترابي المحورية إسالة القداسة الدينية في نصوصه السياسية




الخاتم عدلان في الاضواء
ما أنزل الله... وما أنزل الترابي:
التكفير المنفلت يضع الترابي على رأس المتطرفين الغلاة:

كتب حسن عبد الله الترابي كتابه السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع في حالة نفسية شبيهة بتلك التي كتب بها سيد قطب كتابه معالم في الطريق في منتصف الستينات وهو في السجون الناصرية. بل توصل إلى نتائج مشابهة تماما لما توصل إليه سيد قطب من حيث تكفير المجتمعات وغربة الإسلام وتهميشه في الحياة. وربما تكون هذه استناجات غريبة جدا، على السياسيين السودانيين الذين استقبلوا الترابي وتعاملوا معه على اساس أنه عرف قدر الحرية والديمقراطية من خلال التجربة، وتاب إليها توبة نصوحا، ومنهم من شرع في التعاهد والتفاوض معه على هذا الاساس. كما برز من بين المثقفين النكوصيين من ينصبه مجددا للإسلام وباعثا لنهضة السودان الحديثة، ومنهم من يعلق عليه آمال الخلاص لشعب السودان. وهذا كله لأوهام نشرها الترابي نفسه عن نفسه.
يقول الترابي في كتابه هذا أن فصل الدين عن السياسة كفر صريح، بصرف النظر عن مراعاة من يفصلها لفرائض الدين في حياته الخاصة، أي أنه لا يشفع له أنه يؤمن بالله ورسوله، يقيم الصلاة ويخرج الزكاة ويصوم رمضان ويحج إلى البيت. ولا يكتفي الترابي بذلك، بل يقول أن المجتمعات الإسلامية التي فصلت الدين عن السياسة منذ الخلافة الأموية والدولة العباسية وما لحقهما من نظم حتى يومنا هذا، كلها كافرة وفاسقة وظالمة.
ويضج الكتاب في أغلب صفحاته التي فاقت الخمسمائة صفحة بمثل هذه الأحكام، ولكن يتفرد منه الفصل الأول المعنون " الدين والفصال" الذي كتب بمداد من الهوس الديني الذي صار عبادة سافرة للقوة والسلطة. وبينما يلجأ الترابي إلى بعض الحجج فإن حجته الأقوى هي إيراد آيات سورة المائدة التي تقول أن من لم يحكم بما أنزل الله أولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون.
ونحن سنورد مقتطفات توضح أن ما ذكرناه أعلاه لم يكن تقحما على الرجل أو إفتراء عليه. ثم نحاول بعد أن ذلك أن نوضح أن الترابي عندما حكم فإنما حكم بغير ما أنزل الله، وأن خطايا الكفر والفسوق والظلم، إذا كانت تصح على الناس لأنهم لا يحكمون بما أنزل الله، فإنما تصح عليه هو أولا وقبل كل الآخرين.
يقول الترابي:
" والقرآن صريح في خروج الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من الدين، لا يدعون كفارا بجملة الملة، ولكنهم من حيث ما فعلوا بالحكم كافرون، ظالمون وفاسقون، وقد ينسبون إلى الإسلام ولكن غشيهم الإرتياب ولما يدخل الإيمان في نفوسهم." ( ص 52)
ويلج الترابي بعد ذلك فيحدد أنواع الكفر، والتي منها كفر مطلق وأنواع خاصة من الكفر نورد منها ما يهمنا هنا:
" وقد يصدق الإنسان بأصل الرسالة الدينية ولكنه في الدنيا مفتون، مشرك، غير موحد، فإما حصر دينه في حياته الخاصة لأنها أقل عرضة لبلاءات الدنيا وضغوطها الكثيفة وخياراتها المختلفة...... وهذا الإنحصار بالدين هو اكثر الظواهر التي تعتري الديانات ضلالا يشق منهج التوحيد فيه. وإن من مقتضى ما سبق هجر ذلك الإنسان دينه في مجال السلطة وعلاقات السيطرة الآمرة والسياسة الحاكمة للمجتمع والمعيش ومعاملات تصريف المال والمتاع." ( ص 24-25"
أغلب الذين تلقوا تعليما غربيا كافرون، لأنهم لا يؤمنون بالإسلام السياسي:
"أما الشرائح الغالبة من المثقفين نتاج الثقافة الغربية فقد أصبحت لا تدين بدين الإسلام الذي يوحد الحياة كلها بسياستها عبادة، بل بدين الغرب الوضعي الذي طغى في مجالات التعليم ووسائل الثفافة وأهل هذه الشرائح لوظائف الحكم.." ( ص47)
غالب دول المسلمين فاسقة وخارجة عن حكم الله:
" غالبها دول سلطانها فاسق عن سلطان حكم الله." ( ص 76)
المسلمون أنفسهم منافقون:
" المسلمون جميعا غلب عليهم النفاق" ( ص 69)
هذا الخروج عن الدين ليس جديدا كما كان يعتقد سيد قطب، بل هو قديم قدم الإسلام ذاته:
" فقد ضل المسلمون عن الهدى منذ سقوط الخلافة الراشدة قرونا...."
وهذا الأمر لا يستثني اصحاب النبي، بل يشملهم ويتحملون خطيئته:
" وتلك خطيئة وقعت بين الصحابة، والخلف يؤثر الصمت لا يجرؤ على إنكارها لأنه يوقر الصحابة كانهم أئمة معصومون من الخطأ في الشريعة. " ( ص 47)
ولا يتوقف الأمر على الدين الإسلامي وحده بل يشمل كل الأديان التي صارت مسخا لا يهدي إلى الرشد:
" وظاهرة إنحسار غالب ديانات العالم، إمسخت فاصبحت هويات فارغة قد يهيج بينها التناكر الأعمى ولكنها لا تهدي في الحياة إلى رشد أو نظام." (ص 56)
ويمكننا أن نورد مقتطفات أكثر تؤكد هذه المعاني حتى درجة الإملال، لأن الرجل يردد حجة واحدة بتفاريع لا حصر لها شأن كل المدمنين، ولكن هذه تكفي في الدلالة على أن الترابي يكفر الإنسانية الحاضرة والغابرة، والآتية بطبيعة الحال، لأنها لا تؤمن بفكره. وقبل أن نذهب أبعد في موضوعنا نود أن نورد بعض الملاحظات على النصوص التي أوردناها أعلاه، رغما عن أنها تنطق عن نفسها:
أولا: ألاحظ عرضا أن الترابي يورد نص الآيتين 44 و45 ولا يورد نص الآية 47 " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون." لم يورد هذه الآية لخشيته من كشفها للسياق الذي وردت فيه الآيات الثلاث مجتمعة، والتي وجهت لأهل الكتاب. وهو يكشف هنا أن القرآن نفسه لا يقف عقبة أمام أهدافه المسبقة، والدنيوية البحتة. كما أن الترابي يفسر هذه الآيات من مواقع التطرف والغلو، لأن حركته الأم، حركة الأخوان المسلمين المصرية، بل وجماعة الجهاد، أعلنتا أنهما لن تكفرا المجتمع بالإستناد إلى تلك الآيات التي وردت في سياق خاص، والتي يؤدي تطبيقها إلى فتنة وطنية، بل وعالمية لا تبقي ولا تذر. والواقع أن تفسير الترابي يضعه صفا بصف مع تنظيم القاعدة والتنظيمات الأصولية الأخرى التي تكفر المجتمعات إستنادا إلى هذه الآيات بالذات. وإن واجب المثقف في حقيقة الأمر هو تجنيب المجتمع مزالق الفتنة وليس القذف به في مستنقعها كما يفعل الترابي دون تردد، في خيانة سافرة للعلم والثقافة. هذا إذا لم نذكر الحركات الإسلامية التي توصلت من تجاربها المريرة ، والكوارث التي جرتها على مجتمعاتها، أن خير توقير للدين هو جعله أمرا خاصا بين العبد وربه مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان.
ثانيا: إذا كانت الإنسانية بغالبيتها الساحقة كافرة في تعريف الترابي، وإذا كانت قد ظلت كذلك منذ موت النبي، فكيف له هو أن يحملها على الإيمان؟ كيف يحملها على الإيمان وقد كانت المجتمعات بسيطة فأصبحت مركبة، وكانت وسائل المعرفة محدودة فاصبحت لا حصر لها، وكان القاعدة الفكرية هشة فصارت تهزم الخيال في تعقيدها، وكانت التعددية غير معترف بها، فصارت الآن جزء لا يتجزأ من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟ هل لديه يا ترى غير العنف إن استطاع إليه سبيلا؟ أو ليس العنف جزء لا يتجزأ من مثل هذا المشروع الذي يطرحه الترابي ويبشر به في لغة صيغت من نسيج الهذيان؟
ثالثا: إذا كان الدين لا يحتوي في داخله على عناصر الهداية التي تحمل الناس على الإيمان، كما يوحي تحليله، فمن أين للترابي أن يأتي بهذه العناصر؟
رابعا: هل يمكن تبعيض الكفر والإيمان؟ بمعنى أن تكون مؤمنا من زاوية العبادات الشخصية كافرا من زاوية البرامج السياسية؟
رابعا: وهذا هو اعتراضنا الاساسي، فإن الترابي يحول السياسة وهي تختص اساسا بتوفير حقوق الناس وكرامتهم ومعاشهم، بصرف النظر عن مللهم ونحلهم وأديانهم وأجناسهم، ليتوفروا بعد ذلك على ممارسة أشكال ارقى من الوجود إذا شاءوا، وبمحض اختياراتهم، يحول هذه الممارسة الإنسانية البسيطة والمباشرة، إلى جدل أيديولوجي لا يمكن أن يوحد الشعب مطلقا، بل لا يمكن أن يوحد فئة واحدة أو حزبا واحدا أو جماعة منغلقة، حتى إذا كانت مرتبطة بآلاف الخيوط السرية والمعلنة، وتجربته الشخصية شاهد شاخص على ما نقول.
ولكن الترابي منذ ان ظهر في الحياة السياسية في السودان أوائل الستينات، ظل مصدرا للشقاق الوطني والفتنة الأهلية، لا يعيش إلا في ظلها ولا تزدهر مقدراته إلا في أجوائها. فهو قد كان باحثا عن السلطة والقوة منذ أن شب عن الطوق. وصار في مسيرته الشخصية المشؤومة مسئولا بصورة مباشرة، وبقدر طاقة الفرد على أن يكون سببا في الكارثة العامة، عن أربع فتن وطنية، أولاها حل الحزب الشيوعي، وثانيتها تحويل حرب الجنوب إلى حرب دينية، وثالثتها الإنقلاب على الديمقراطية ورابعتها المساهمة المعترف بها في استغلال المظالم الواقعة في دارفور، وهو الذي يستغل المظالم ويفاقمها دون أن يرفعها، فساهم في إشعال الحرب هناك وفتح المجال لعصبته الأقربين، ليدمروا ذلك الجزء من وطننا. وما يزال نهر الدماء يهدد بالجريان. كما كان له دور مباشر ومشهود كذلك في أكبر جريمة في تاريخ البلاد هي إغتيال الأستاذ محمود محمد طه لرأي يحمله عن الدين.
ما هو الجرح النفسي العميق الذي يجعل الترابي يحمل كل هذا الحقد على المجتمع؟ أو لم يكن في مقدوره أن يوظف طاقاته غير العادية في خدمة الناس وتيسير حياتهم، بدلا من هذا الشطط واللهاث والدم؟ أو ليس هناك بعد نفسي، يتخطى الطبقات والأديان والأعراق، يحرك هذا الرجل؟
ولماذا يريد الترابي أن يكون فوق جميع البشر، حارسا على ضمائرهم ومهيمنا على حيواتهم؟
أذكر أننا عندما كنا بمدرسة مدني الثانوية منتصف الستينات، اقام الترابي ندوة لجماعته من الإخوان المسملين. وعندما عاد الطلاب من تلك الندوة كانت تسري فيهم روح الهوس الذي ظل يتصاعد بعد ذلك، ومنهم من لم ينم تلك الليلة. واسترعت إنتباهي عبارة أحدهم عندما قال: أرأيت كيف يستشهد بالقرآن، حتى أن كلامه صار جزء من القرآن وصار القرآن جزء من كلامه؟
وأعتقد أن ذلك الطالب الذي لا أذكر اسمه حاليا، قد لخص سر الترابي تلخيصا لا مزيد على دقته وبلاغته. فمنذ أن أمسك الترابي بالقلم وأطلق اللسان، كان همه الأوحد أن يحقق مماهاة كاملة بين أفكاره الخاصة والنص القرآني. أي أن الجهد الأساسي للترابي انصب على ربط نصوصه بنصوص القرآن، وفتح القنوات بين تلك النصوص لتسيل القداسة القرآنية في النصوص الترابية. ولا يصعب على الترابي بعدها أن ينصب نفسه ناطقا باسم القرآن، ولا يصعب عليه وهو ينطق بفكره وأوهامه، أن يزعم أنه يحكم بما أنزل الله. ولا يصعب عليه بعد ذلك أن يجود هذه الممارسة بخلق وتطوير آليات غاية في الخفاء، مدسوسة في ثنايا نصوصه المتشحة بالغموض والإلتواء، تجرد الناس، وخاصة أتباعه من كل استقلال فكري، وتضعهم في حالة من الإنبهار والتنويم المغناطيسي، لا يفيقون منها، إلا بتراكم المصالح الدنيوية التي لا يمكن التنازل عنها حتى للإعتبارات الدينية، خاصة وهم يعرفون أن الإعتبارات الدينية خلطها الرجل بأهوائه الخاصة وأهدافه المفارقة. وهي نتيجة لا مفر منها بالنسبة لكل من يصل حد الإفراط في الإغتراف من المعين، حتى ولو كان معينا لا ينضب. إذ تتراكم التناقضات والأكاذيب، ويكون المقربون هم الذين يرون عري الإمبراطور بصورة لا تتوفر لسواهم من الناس. وبقدر ما كان السحر كليا، والإنجذاب كاملا، فإن النفور الذي يحل محلهما يقوى حتى يفوق الوصف والإحتمال.
لا نملك إلا أن نتوقف هنا لنكشف في الحلقات المقبلة الآليات التي تسوق للترابي أن يقول أن حكمه الخاص هو حكم الله.

Post: #63
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-18-2005, 11:25 PM
Parent: #62

ديمقراطية الترابي المزعومة تقدم الأحزاب كخراف للذبح الحلال

الخاتم عدلان




هل يمكن للترابي أن يكون بديلا لنظامه؟

الديمقراطية بالنسبة للترابي ليست طريقا " لتمكين الإسلام".

في ديمقراطية الترابي المزعومة تقدم الأحزاب السياسية الأخرى، ليس كبدائل ممكنة، بل كخراف للذبح الحلال.



لا يمكن هزيمة الإنقاذ، هزيمة سلمية ديمقراطية، ولكنها جذرية وحاسمة، إلا وفق برنامج سياسي شامل، يطرح تصورات وحلولا يقبلها الشعب، للمشاكل المعقدة التي ظل يعاني منها السودان عبر الحقب، وتفاقمت إلى درجة الحرج المفضي إلى التهلكة على عهد الإنقاذ. وبعد سقطته من الأعالي عاد حسن عبد الله الترابي ليطرح نفسه بديلا للنظام الذي بناه وشيده بيديه. وقد كتبت في مقالات سابقة عن تصوراتي لمصائر الصراع المسلح الدائر بينه وبين السلطة، وهو بالنسبة لي صراع عدو أمقته، اراه يسمل عينيه ويجدع أنفه، إنتقاما من وجهه وتنكيلا به! ما يهمني هنا هو هل يمكن للبرنامج الجديد الذي طرحه الترابي أن يكون بديلا للإنقاذ؟ وهذا ما سأناقشه في سلسلة من المقالات.

عندما كنت في طريقي إلى خارج السودان قبل عشر سنوات، قال لي رجل جمعتني وإياه مصادفات الأسفار، وهو يتحدث عن أهل الإنقاذ، أن " هؤلاء" لن يذهبوا إلا إذا أنشق منهم جناح. وعندما سالته كاتما غيظي من تحليله الذي لم يكن يخلو من حقيقة، ومن تصغيره وتصفيره وأزدرائه للمعارضة القائمة، قال لي ما معناه: إنهم يجيدون المعارضة وليس الحكم. وهو يعني بالطبع أنهم يجيدون الهدم وليس البناء. وهاهم مصداقا لقول ذلك الرجل الذي لم يحضر شهادة في السربون، قد هدموا السودان، بمعنى أنهم وهم الحاكمون، لم يكونوا سوى معارضة هادمة لكل آمال شعبنا، ليس في السعادة والرفاه، بل في العافية والوجود.

إنشقت الحركة الإسلامية، الربانية، المدبرة عن مكاسب الدنيا، العفيفة التي لا تزكي نفسها، المستعلية على المنصب والجاه، الميممة وجهها شطر الدين والمزكية لأفعالها بخلو ضمائر أصحابها من الضغائن والحسد والمباهاة. والاوصاف الواردة هنا كلها من قاموس الترابي، الذي اراد في كل ما كتب أن يشيع وهما كبيرا عن حركته، لم يصدقه في النهاية إلا هو. وصدقت فرضية ذلك الرجل المجهول، جاء الترابي بعد الإنشقاق ببرنامج جديد يريد أن يكون بديلا للنظام القائم. وقد الف كتابه المسمى " السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الاصول وسنن الواقع" ليطرح هذا البرنامج الجديد، معلنا إيمانه بالتعددية الحزبية التي أكتشف أنها ركن من أركان الإسلام، وبحق الأحزاب الكافرة في الوجود الشرعي والعمل السياسي الطليق، ومكتشفا لاول مرة أن القرآن يعطي الناس حق أن يؤمنوا وأن يكفروا وأن " السلطان" ليس من حقه أن يحاسبهم لأن شأنهم متروك لله.

ونحن سنورد إقتطافات محددة من هذا الكتاب، حتى يقف الناس على ما جاء في نص ليس قابلا للقراءة، من فرط تنطعه، وتوغله في ابتداع لغة خاصة، متداعية داخليا، مشوبة بالغموض، وتمثل في حد ذاتها هجوما سافرا على خصائص الإبانة والمباشرة في اللغة العربية الفصحى، حتى يسهل التنصل منها عندما تتغير الظروف، وتتهيأ من جديد لاجتياح المجتمع.

يقول الترابي:

" حرية الخلاف مذهبا والموالاة عليها تعددا حزبيا من أصول الحكمة والحكم في دين الإسلام." ( ص 207)

ثم يؤكد المعنى ذاته فيقول:

" فهدي الدين أن الحياة العامة فاسحة مسامحة لشتى الأحزاب، لكل وجهة هو موليها بغير إذن أو ترخيص من أمر مرسوم من سلطان الدولة، لئلا يقوم الوالي متسلطا لا يبيح لمن يخالفه مجال خلاف ونصح." ( ص 210)

ثم يصل إلى الدرجة القصوى في السماح ويعلن:

" ومهما تذهب الأحزاب وراء الحق إلى ما يحرمه الشرع أو يكرهه فضلا عما يكره الأمير، فإن سنة دولة المدينة أسوة بينة لترك من يحمل كفرا كتابيا أو منافقة مفضولة أو ترددا بين الكفر والإيمان ليعمل سياسة بتعبير رأي وموالاة عليه كما يشاء." ( ص 211)

وإذا تجاوزنا عن ركاكة العبارات الأخيرة والتواءاتها، فإننا نلاحظ أن الترابي لا يعترف بالتعددية الحزبية، الطليقة من الإذن والترخيص، فحسب، بل يسمح بالأحزاب الكافرة والمنافقة والمترددة بين الكفر والإيمان. وقد تداعت، بالمعنى الحرفي للكلمة، الأحزاب السياسية السودانية، أو أغلبها، مستقبلة الترابي بالأحضان، ومطمئنة نفسها بأنه صار من دعاة الديمقراطية الكبار ومن منظريها الذين لا يشق لهم غبار، متبعة بعض المثقفين الناشرين للأوهام، والذين نصبوه قائدا للبعث الإسلامي الجديد، قبل أن يسقط من سدة الحكم. فأين كل ذلك من الصدق؟ بل أين هو من تاريخ الرجل وفكره ودوره الممتد في الحياة السياسية السودانية، في الحكومة أو المعارضة؟ بل ما هو مكان هذه الاقوال ذاتها من بنيته الفكرية القائمة، في كتابه هذا المنشور ؟

أول ما يلحظه المرء هنا هو أن الترابي يتحدث من مواقع الملكية الفردية المطلقة للإسلام وللقرآن. فما يدلي به من آراء هو الإسلام، وما يبيحه ويحرمه هو ما يبيحه وما يحرمه الإسلام، والقرآن. وليس غريبا أن أول جملة وردت في كتابه المذكور، هي " هذا كتاب من وحي الإسلام". ومن بين كل أنواع جنون العظمة، والذهول عن الواقع والإفتتان بالنفس، فإن هذه أقصاها مدى. والملاحظة الثانية هي أن الأحزاب الأخرى، والتي يجود عليها بحرية العمل السياسي هي إما كافرة أو منافقة أو مترددة بين الكفر والإيمان. وهو هنا يقدمها إلى الشعب المسلم ككباش جاهزة للذبح، وليس كبدائل للحزب الإسلامي الذي يمثله هو دون سواه. أما الملاحظة الثالثة والأخيرة، فإن ما يتبرع به الترابي هنا هو من وحي الهزيمة الساحقة التي مني بها على غير ما كان يتوقع من أشخاص صنعهم بيديه، كادوا يسمونه " ولي الله"، ومن وحي المرارة التي لا توصف لراس لفظه الجسد بعد أن أنبت رؤوسا جديدة على طريقة الهايدرا.

عندما وصل إئتلاف حزب الأمة والإتحاد الديمقراطي إلى طريق مسدود عام 1988، لم يتردد الصادق المهدي، وفي سبيل الحفاظ على الحكم بأي ثمن، من مد يده إلى الجبهة الإسلامية لإشراكها في الحكم، لأنها كما كان يقول قد اختارت الديمقراطية بصورة نهائية. فكيف كانت الجبهة الإسلامية تفكر في تلك اللحظة التي لاحت فيها فرصة المشاركة في الحكم؟

على هذا السؤال يجيبنا حسن عبد الله الترابي في كتابه الآخر والذي كتبه وهو في قمة السطة وجاء بعنوان: الحركة الإسلامية في السودان: التطور والمنهج والكسب." والذي ربما يعتقد أننا نسيناه وهو يسطر كتابه الجديد. ونلاحظ عرضا أن "المنهج" في عنوان الكتاب، يجيئ لاحقا للتطور، أي أن التطور يحدث دون منهج، وهذا واحد من أسرار فكر الترابي الذي سنلخصه بتركيز في نهاية المقالات. يقول الترابي في ذلك الكتاب وهو يعرض المناظرات التي دارت داخل الجبهة إستجابة لدعوة الإشتراك في الحكم كما يلي:

" أولا: المناظرة بين استراتيجية التمكن أو الأخذ العام، أو استرايتجية التدرج أو الأخذ على خوف- أي بين الذين يرون أن منهج التحول الإسلامي الاسلم هو في قيام الحركة بديلا موازيا ومتميزا عن النظام الحزبي القائم ثم مجابهته وإجتثاثه جملة واحدة وتولي خلافته السياسية، والذين يرون بلوغ ذات النتيجة من خلال إدخال التحولات في السياق القائم شيئا فشيئا بما يربي الجماعة ويؤهلها تدرجا على احتمال المسؤوليات الأكبر" ( ص 222)

والمعنى الواضح هنا هو أن الفريقين المتناظرين، وهما كل قيادة الجبهة، كانا متفقين على مجابهة "النظام الحزبي القائم ثم اجتثاثه جملة واحدة وتولي خلافته السياسية" ومختلفين فقط في الوسائل تدرجا أو أخذا على خوف!

كانت الجبهة الإسلامية تناقش اجتثاث النظام الذي يجلس على قمته الصادق المهدي، وهو يدعوها إلى المشاركة في الحكم! وكان يتساءل وقد نقلت إليه أخبار الإنقلاب الوشيك: متى يعرف الناس أن الجبهة الإسلامية قد اختارت الديمقراطية كخيار نهائي؟ وكان علام الغيوب وصاحب المعارف الإلهامية جاهلا كليا، وما يزال، بطبيعة عدوه اللدود الذي اعتبره كل حياته صديقا حميما. وبدلا من أن تزداد الأحزاب السياسية الرجعية و" التقدمية" حكمة من كل ذلك فإنها تخف لتحتضن الترابي وتكافئه على عودته الكذوب إلى ساحة الديمقراطية الموهومة.

هذا رجل يفخر ما يزال بحل الحزب الشيوعي، الذي يمكن أن يؤرخ به إنهيار الديمقراطية اللبرالية في السودان:

" وشأن آخر كان محور تعبئة جليلة ولدت ضغطا حرك الإجراءات الرسمية ووعيا كيف الإتجاهات الشعبية هو حل الحزب الشيوعي- حين عبأت الحركة حملة جسدتها حجة المداولات السياسية وقوة التظاهرات الشعبية فتمخضت عن موقف سياسي غالب يدين الشيوعية وإجراء قانوني يحرمها." ( ص 201)

هذا رجل يتحدث بتشف يكشف عن نفس مريضة مستعصية على العلاج عن إعدام الشهيد محمود محمد طه، الذي يستكثر عليه حتى إسمه بوضعه بين قوسين:

" وقد كان صاحب الدعوى عدوا كائدا للحركة وليا لإسرائيل والغرب، ولكنه بمذاهبه ومواقفه لم يستخف الحركة لتنصرف إليه بالمجادلة والمجاهدة، بل صبرت على فتنته المحدودة، حتى لقي حتفه بحد الردة القضائي أيام النميري الذي كان الرجل نصيره قبل تطبيق الشريعة."

هذا النص المريض يغفل أن " كيد" محمود للحركة كان مجابهة فكرية لها في المنابر، وأن موالاته لإسرائيل كانت دعوة مفتوحة لهزيمتها حضاريا وليس عسكريا، كما يغفل أن حد الردة "القضائي" كان نوعا من الإجرام الصريح من حاكم معتوه، تدفعه قوى ماكرة حاقدة كان على راسها حسن عبد الله الترابي وجبهته الإسلامية.

هذا رجل يعلن في أكثر مواضع في كتابه ذاك أن "الديمقراطية" ليست هي طريق " الإسلام" للوصول إلى الحكم. فهو يقول عن حركته أنها بعد ثورة أكتوبر " تبينت مدى زيف الاشكال الديمقراطية في تمثيل إرادة الأمة" (ص 276) ويواصل فيقول ان الديمقراطية، حيثما كانت، خاطئة من حيث نظريتها ذاتها " فالحركة تعلم أنها في السودان أشد زيفا واسرع تلفا من جراء الخلل السياسي الداخلي والتدخل الإمبريالي الخارجي."

على هذه النظريات المبثوثة في كل مؤلفاته قام إنقلاب الثلاثين من يونيو 1989. وعلى هذا الأساس النظري هجم هجمته البربرية تلك على المجتمع، وبقيادة مباشرة من الترابي نشأت كل مؤسسات النظام القائمة حاليا. وبقلم الترابي كتب دستوره القائم على " التوالي" أي الإذعان الكامل من قبل القوى السياسية للنظام القائم، وبمبادرة الترابي صيغت كل قوانينه التي سيحاكم بها هي ذاتها على حد قول مقدمي القرابين وفاصلي الرؤوس عن الرقاب. وعلى نفسها جنت براقش التي سعت إلى حتفها بظلفها وعادت إليها الشرور التي فتحت صناديقها البندورية النكراء.



ما يهمنا إثباته هنا هو أن هذه النصوص ظلت هي الغذاء اليومي لحركة الترابي طوال أكثر من نصف قرن وأنه لم يتنازل عنها عن إقتناع، بل تنازل عنها مؤقتا بمقتضيات فقه الضرورة. وحتى لا يقال لنا أن الترابي يمكن أن يكون قد نادى بتلك الآراء وتنازل عنها حاليا فإننا نرجع إلى كتابه الحالي نفسه لنوضح ان التعددية الحزبية التي يدعو إليها، والحكم الديمقراطي الذي يدعيه ليست سوى أوهام محضة، أوردها الترابي وهو واثق من العودة إلى السلطة عن طريق " الأخذ العام" جملة واحدة، بعد أن يكون قد حيد القوى السياسية كلها بالوعود الفارغة. وهذا وغيره مما سنناقشه لاحقا



الخاتم عدلان للأضواء 12 أكتوبر 2004


Post: #64
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-18-2005, 11:34 PM
Parent: #63

تعالوا إلى كلمة سواء .. نقد الأقلام أم وقع الحسام؟

الخاتم عدلان




الإتفاقات التي أبرمت في نيافاشا، والمحادثات التي تدور في انجمينا، والمفاوضات الجارية في القاهرة، والقرارات الصادرة من المجتمع الدولي، والتصريحات التي يدلي بها المسئولون الإنقاذيون في كل محفل دولي، تشير كلها إلى أن البلاد سائرة في طريق التحول الديمقراطي. فهل يعتقد حكام الإنقاذ أن التحول الديمقراطي يعني نسخة جديدة من « التوالي »؟ هل يعتقدون أن كل هذه القوى ستأتي إلى الخرطوم لتسبح بحمدهم وتمدحهم وتزكي حكمهم للناس؟ أم أنهم يحلمون بأن يقلبوا لها ظهر المجن بمجرد وصولها إلى الخرطوم، وينكلوا بها كما نكلوا من قبل بكل حلفائهم، وكما داسوا بالنعال كل أتفاقياتهم؟ أم أنهم لا يبالون بدفعها من جديد في نفس الطريق الذي يسير فيه حاليا توأمها المنبوذ؟
الأجابة على هذا الأسئلة يجب أن تكون واضحة منذ البداية. فالسلطة تعلم تمام العلم أن كل هذه القوى تريد أن تطيح بها وتطوي صفحتها، وتقذف بمشروعها الحضاري وراء الظهور. هذه المواقف معلنة ولم تتغير. ومع ذلك فإن تغيرا جوهريا قد حدث. وهو أن هذه القوى كانت تعمل على الإطاحة بالإنقاذ بالعنف والسلاح، وقبلت، مجبرة وراضية، على تغيير أساليبها، متحولة إلى النضال السلمي، والنزال الديمقراطي، ولذلك أصرت على أن تكون أتفاقياتها ضامنة للعمل السلمي الجماهيري الواسع، والذي ينتهي بهزيمة الإنقاذ في صناديق الإقتراع، بعد كشف برامجها، وفضح الكلفة الباهظة التي كلفتها البلاد، والاضرار الفادحة التي ألحقتها بالناس، والأذى الجسيم الذي أوقعته بالنفوس والأجسام. وبعد توضيح ما لا يحتاج إلى التوضيح، من خوائها الروحي، وغربتها عن الجسد الإجتماعي، وشذوذها عن قواعد التعايش العالمي.
وحقيقة الأمر أن إسقاط السلطة عن طريق صناديق الإقتراع هو أفضل خيار تملكه السلطة نفسها حاليا. وهو خيار عادل إذا وضعنا في الإعتبار الحقائق التالية:
• جاءت السلطة عن طريق إنقلاب عسكري، إفتقر بصورة تدعو للعجب من مقومات النجاح. وما كانت لعبة القصر والاسر لتجدي شيئا مطلقا، لو كان على رأس السلطة المنهارة أي شخص غير الصادق المهدي، الذي تجاهل كل المعلومات التي كانت تصله من جميع الجهات بأن الجبهة الإسلامية كانت تدبر إنقلابا، فيفتي، وهو العبقري الذي لا معقب عليه، وصاحب المعارف الغيبية الذي لا يرى تحت قدميه، بأن الجبهة الإسلامية إنحازت بصورة كلية إلى الديمقراطية، بينما كان خنجرها المسموم يقنرب سريعا من خاصرته. لم يكن ذلك الإنقلاب جديرا بالنجاح، لا سياسيا، ولا عسكريا، ولا أيديولوجيا. والدليل على أن أهله ذاتهم كانوا يضعون الفشل كاحتمال ربما يكون راجحا، أنهم احتفلوا، إحتفالا رسميا معلنا، بمرور شهر على سلطتهم الجديدة! وما دامت الإنقاذ تعيش الآن عامها السادس عشر، وستكون قد شارفت العشرين عاما في الحكم عندما تجرى الإنتخابات، فإن ذلك يكفيها ويزيد، بمقاييس بقاء الأنظمة في عالم اليوم. تكفيها هذه المدة حتى ولو كان حكمها عادلا وخادما للمصلحة الوطنية العامة، فما بالك بحكم وضع البلاد كلها في كف عفريت، وعرض وجودها ووحدتها للخطر، وأذل شعبها وأجاعه وشتته في الآفاق؟ ولا يبشره في كل يوم جديد إلا بكارثة أكبر تلقف سابقاتها وتفتح الهاوية للمزيد.
• منذ استيلائهم على السلطة لم يضع الإنقاذيون يوما واحدا، فنهبوا ثروات البلاد، وحولوها إلى حساباتهم الخاصة، داخل وخارج السودان، وامتلكوا الموارد كلها بصفقات مشبوهة، واستولوا على ثمرات عرق الكادحين بالعنف الغليظ والقوة المنفلتة، وصاروا من أغنى أغنياء العالم وسط شعب من أفقر الشعوب. امتلكوا الشركات، والمصانع، والمزارع والبيوت، والسيارات. فعلوا ذلك بينما الشعب يتضور جوعا ويبحث عن غذاء الصغير ودواء المريضة، ودعامة الثاوية، وأكفان الموتى. جاءوا بالقرآن ولكنهم سرعان ما تحولوا إلى السلطان، وقاموا برفع المصاحف مع أن كل همهم كان اقتحام المصارف. وحق عليهم قول جوموا كنياتا عندما قال: كان الأفارقة من سكان البلاد الأصليين يملكون الأرض، وكان الإنجليز يملكون الإنجيل، وجاء القسس، فطلبوا من الأفارقة أن يغمضوا عيونهم، ويشبكوا أياديهم، ويؤدوا الصلاة، وعندما فتح الأفارقة عيونهم وجدوا أن الإنجليز يملكون الارض وهم يملكون الإنجيل! ولا شك أن السودانيين والأفارقة لا يرفضون "كتاب الله"، ولكنهم عرفوا القسس، كما عرفوا الإنقاذ، ولن تجوز عليهم اللعبة مرتين. وأقول أننا عندما نهزم الإنقاذ في صناديق الإقتراع، فإنه مهما بلغت كفاءة نظامنا القانوني والقضائي، فإننا لن نسترد شيئا كثيرا من الثروات الشخصية التي راكمها هؤلاء، وهربوها، وبددوها بالأسماء الوهمية والحسابات السرية. وعلى الإنقاذيين إذن أن يعتبروا صفقتهم رابحة، وكسبهم مضمون، ومسروقهم لن يرد. وإذا قارنوا أنفسهم بأنجح المغتربين السودانيين، الذين غادروا البلاد في السبعينات، فإنهم سيجدون ان ثرواتهم تزيد عنهم بعشرات المرات. ببساطة هي صفقة رابحة حتى ولو فقدوا السلطة صباح هذا اليوم.
• وليس خافيا على أحد، بما في ذلك الإنقاذيين أنفسهم، أنهم بينما تضخمت جيوبهم، فقد أفلسوا أيديولوجيا بصورة كاملة. فليس ثمة قيمة أخلاقية واحدة يمكن أن يدعوا انهم حافظوا عليها، أو أنهم يعيشون من أجلها. والواقع أن بابا جديدا للإفلاس الأخلاقي الشامل، قد انفتح عليهم بإنقسامهم على أنفسهم، وكشفهم لملفات بعضهم البعض، وسفورهم عن مخزوناتهم الفياضة من السباب والإشانة و التلويث. وربما يطمئن الشق الحاكم من الإنقاذ نفسه بأنه قادر على هزيمة مخططات الشق الملفوظ، الحقيقية والمتوهمة، ولكنه لا يعي بأنه بينما يسجل الإنتصارات العسكرية، على الطرف الآخر، فإنه يصاب بنزيف معنوي لا يتوقف. ويكون الطرفان خاسران بالتعادل، وهي نتيجة لا يحصل عليها إلا الإنقاذيون! هذا السحق الجسدي والنزيف المعنوي، لن يوقفه أحد، لطبيعة الإنقاذيين على الجانبين، إذ أن أيا منهما لا يستطيع أن يخفي عن الآخر شخصيته الحقيقية، أو أهدافه الخفية، أو بعده عن المباديء والقيم العليا التي يحاولون بيعها للآخرين، ويتقاضون ثمنها من متاع الدنيا الغرور ومن عبادة القوة والجاه والسلطان. وهو صراع يجعلهما عاجزين عن كسب المعارك الديمقراطية، كما هما عاجزان عن كسب المعارك العسكرية. ولم يبق إلا أن يختاروا نوع الهزيمة الذي يحفظ لهم ما سرقوه بليل، وما صادروه بظلم يهد الجبال.
• عندما يسقط الإنقاذيون عن طريق الديمقراطية، ويرتضوها، يمكنهم أن يواصلوا نشاطهم السياسي مثلهم مثل الأحزاب الأخرى، وبما ان الشعب السوداني يميل إلى الغفران، بل حتى إلى النسيان، فإنهم ربما أقنعوه مرة أخرى بأن ينتخبهم، بعد ان يكونوا قد غيروا ما بأنفسهم، كما فعل رجب طيب أردوغان، في تركيا، بأن حول حزبه إلى حزب علماني، دون أن يتنازل عن ركن واحد من أركان الإسلام، ودون أن ينتقص من تقواه الشخصية بالأكاذيب والإدعاءات. وقد طلب الإنقاذيون الغفران من " دول الإستكبار" ومن الغرب الصليبي، ودفعوا الإستحقاقات كاملة، وبلعوا الإهانات مرات، وطأطأوا الرؤوس حتى لم تعد قادرة على الأرتفاع. هل كثير على الشعب أن يطلبوا منه الغفران، ويبدوا استعدادهم كاملا لدفع الإستحقاقات؟ هم الذين يقررون ذلك.
• هذه الحجج وغيرها، توضح أن قبول الإنقاذ للتحول الديمقراطي هو الطريق الأفضل بالنسبة لها قبل غيرها. وطريق التحول الديمقراطي يفترض حرية الكلمة، وانفلاتها عن الرقابة والحذف والحجاب. ولذلك فإن الهجمة الإنقاذية على الصحف والصحفيين، وإيقافها لبعض الاعمدة، ومنها الحلقة السابقة من هذا العمود، وتهديدها للكلمة الحرة، فضلا عن أنه خرق واضح لمواثيق حقوق الإنسان، فإنه خرق كذلك لما وقعت عليه مبدئيا في نيفاشا، مع الحركة الشعبية. بل هو خرق لتصريحات رئيسها حول رفع الرقابة القبلية عن الصحف، في منشور مذاع على الناس. بل نكاد نقول أن السلطة بهجمتها هذه فإنها تكشف عن عدم جدية مخيفة حول جميع الإتفاقات المبرمة، وشبه المبرمة والتي في طريقها إلى الإبرام. فإذا كانت السلطة تعتقد أنها يمكن أن توقع كل هذه الإتفاقات وتعود مع ذلك إلى سيرتها القديمة، فتفرض وتقمع وتهدد وتقتل وتنكل، فإنها إنما تسير في طريق بالغ الخطورة عليها وعلى البلاد.
• الإنتقال إلى الديمقراطية مستحيل، بدون النشاط الجماهيري الحر، من اجتماعات ومؤتمرات وندوات، وبرامج تطرح، وأخرى تنتقد. وهذا كله غير ممكن بدون حرية الصحافة، وحق الناس في أن يقولوا ما يشاءون. ونحن نقول ما نقول، دون أن يكون ذلك تغطية لانقلاب عسكري، أو حركة مسلحة، أو مؤامرة أجنبية. نقوله لتعبئة الناس حول الخيارات التي نراها نافعة وصحيحة، ونقوله لفضح برنامج الإنقاذ الذي اورد البلاد والناس موارد التهلكة. لا نصانع في ذلك ولا نلوك كلماتنا، ولا نتقرب للطغاة، في السر أو في العلن، بالإيماءات الخجولة، أو الكلمة الخؤون. نملك أقلامنا وضمائرنا، ونمد شعبنا بما تعلمناه في خضم الصراع من أجل مصالحه ومستقبله. لا نبغي في ذلك مصلحة شخصية أو مجدا ذاتيا، أو مكسبا ماديا.
• والبديل للتحول الديمقراطي هو مواصلة السير في طريق الدكتاتورية والطغيان، وهو الطريق الذي تجده هذه السلطة أقرب إلى طبيعتها، وادنى إلى قلوب القائمين عليها. ولكنه أصبح ميسورا بنفس القدر بالنسبة إلى قوى كثيرة تعلمها السلطة ولا تستطيع أن تواجهها مجتمعة مهما فعلت. إن أبواب جهنم السبعة، يمكن أن تنفتح إذا تراجعت السلطة عن طريق التحول الديمقراطي. وقد أصاب العالم كله ضيق شديد بوجود الإنقاذ. وتكذب الإنقاذ على نفسها، وعلى الناس، إذا زعمت أنها قادرة على محاربة المجتمع الدولي، والإقليمي والحركة الشعبية والحركات الإحتجاجية في دارفور والشرق وكرفان وفي قلب الخرطوم وفي وسط السودان وواصلت قمعها لمنظمات المجتمع المدني، التي تتحرك بثقة لإحتلال موقعها المشروع في الشارع السياسي. هذه القوى كلها راغبة في التحول الديمقراطي، والراجح انها تستطيع أن تهزم الإنقاذ هزيمة نظيفة، ولكنها سلمية في الإنتخابات العامة القادمة. وليس أمام الإنقاذ إلا السير بصدق، ربما يكون غريبا عليها في البداية، على هذا الطريق، لأن البديل هو الهزيمة التي لا تبقي ولا تذر والتي تقضي على الأخضر واليابس.
• وتفعل الإنقاذ خيرا بنفسها وبالوطن، إذا انتبهت إلى أن تكميم الأفواه لم يعد ممكنا، وذلك بفضل وسائط النقل والإتصال، المتفلتة عن سيطرة الحكومات ومقصات الرقباء. وتفعل خيرا إذا أنتبهت إلى أن المقال الممنوع ينتشر أكثر من المقال المبلوع، والشواهد امامها كثيرة، والكتابة واضحة على الجدران. وهي ليست مطالبة بأكثر من استخدام عيونها وآذانها استخداما عاديا، خاليا من العبقرية والحذق لترى ما نراه.
• إننا نعرف أن مجتمعنا المدني، قد أصبح مهيئا بصورة جيدة للدفاع عن الحريات جميعا، وهو يعلم أنه سيجد في ذلك سندا غير محدود من قوى لا حصر لها، منها ويا للمفارقة، قوى ما تزال داخل السلطة نفسها. وقد آن الأوان للاصوات جيمعا أن ترتفع احتجاجا على كل خرق للحقوق الأساسية للإنسان، وعلى رأسها حرية الصحافة. ونقول للسلطة: أفسحوا المجال لنقد الأقلام، فهو أفضل من نقد الحسام.

نقلا عن الأضواء

Oct. 10, 2004

Post: #65
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-19-2005, 00:34 AM
Parent: #64

لطف الديمقراطية... وغلظة الطغيان


الخاتم عدلان

في مطالع القرون، وبدايات الأزمنة، تودع الشعوب شموسها الغاربة، تستجمع قواها، تلعق جراحها، تدفن موتاها وتنهض من الرماد، تشهر بلاغة تظلماتها في وجه ظالميها العتاة، وتكشف عريهم المسربل بالأكاذيب، تطوي صفحاتهم التي تهرأت من ثقل الخطايا، وتستقبل الأفق، وتوغل في الآمال والمغامرة، مقترحة مسارا جديدا للتاريخ، وأسلوبا جديدا للحياة، وعلاقة جديدة بالحضارة، ومكتشفة في أعمق أعماقها قوى لم تكن تحلم مجرد الحلم، بأنها ثاوية داخلها، هاجعة في كيانها الجمعي، تنتظر عودا من الثقاب، يلمسها لمسا خفيفا، لتنفجر وتنداح.
ولا يمكن لحزب سياسي، في هذا القرن الحادي والعشرين، أن تسقط دعاواه الأيديولوجية، وتنهار برامجه السياسية، ووعوده المضخمة، وتتراكم كبائره، حتى لا يرى منه شيئ سواها، ويصاب بالفالج السياسي الذي لا دواء له، وتنشق صفوفه الداخلية فتصبح اعضاؤه حربا عليه، يشهد كل عضو منها على ما كان يواليه من الأعضاء، لا يمكن لمثل هذا الحزب أن يستمر في الحكم مهما تمترس خلف الأسلحة، ومهما أوغل في عبادة القوة والسلطان، ومهما تمرغ سدنته في النعيم الدنيوي غير المقيم.
ولقد جاء الإسلاميون إلى الحكم بدعاوى كبيرة، ووصفات خلابة لمعالجة الأدواء السياسية والإجتماعية المستفحلة والمستعصية. قالوا أن المجتمع الذي سيبنونه في السودان، هو مجتمع الراشدين وعمر بن عبد العزيز. زعموا أنهم، مثلهم مثل عمر الأول الذي كان يشعر بمسؤولية شخصية عن عثرات كل بغال العراق، لن يناموا إذا عثرت بغلة في طمبرة، أو طويلة، أو حلفا أو حلايب. وأنهم بعد أن يقيلوا عثرات كل البغال، سينامون تحت الأشجار، من فرط إطمئنان الناس إلى العدالة المطلقة التي يستظلون بظلها، وشعورهم بالرضا التام عن حكامهم، وشعور هؤلاء الحكام أنفسهم بالأمن وصفاء الضمير. كما قالوا أن الناس، مثلهم مثل الدمشقيين في عهد عمر الثاني، لن يجدوا محتاجا يجودون عليه بالزكاة والصدقات، من فرط غناهم المادي وتخمتهم من متاع الحياة. أي أنهم كانوا يرفعون شعارات مثالية، موغلة في المبالغة، وغير قابلة للتحقيق، لإحراج كل القوى السياسية الأخرى وابتزازها دينيا، والإنفراد باستثمار الرأسمال الروحي الهائل الذي يمثله التاريخ الإسلامي، الحقيقي والمؤسطر، بالنسبة لأقسام كبيرة من الجماهير. وبالطبع فإن استخدام المثالي غير القابل للتحقيق، في وجه الواقعي غير المشمول بالرضا، وغير الملبي للحاجات، من الحجج التي غالبا ما تستعصي على المقاومة. وهي حجة مشتركة تقريبا في كل المشاريع الشمولية، وعلى رأسها " المشروع الحضاري"، يولدها مزيج خطر من الذكاء والمكر والسذاجة والآمال المسرفة، والفراغات المعرفية التي تملأ بالتفكير الرغبوي، أو الشطح، أو الدعوات أو الرقى.
ولكن مكر الزمان أكبر من مكر "الإنسان". فالمشاريع المثالية تتحول في مسيرة الزمان غير القابل للإرتداد، إلى واقع جديد قابل للتقييم والمحاكمة. وما زعمه الإسلاميون لمشروعهم من تفوق ساطع وإعجازي، على كل المشاريع " الوضعية"، يصلح بصورة عامة لمحاكمتهم بالوقائع الماثلة أمام أعيننا جميعا. وتثير الواقعتان اللتان أوردناهما عن العمرين، قضيتين جوهريتين في كل إجتماع بشرى، هما حق الناس جميعا في الطمأنينة والحياة، وحقهم في العدالة والكرامة. فأين نحن الآن من كل ذلك؟
لا يظلم الإنقاذ من يقول أنها استبدلت حق الحياة بقدر الفناء وضرورة الموت، لملايين الناس في جنوب البلاد وغربها وشرقها ووسطها. لا يظلمها من يقول أن نشاطها الأساسي منذ أن جاءت وحتى اللحظة الحاضرة، هو زراعة الجثث، في كل أنحاء البلاد، وزراعة الخوف في كل القلوب، وهي زراعة لا تنمو ولا تزدهر. مليون من الموتى في الجنوب، أربعة ملايين من المشردين في داخل البلاد، و مئات الآلاف من المهاجرين في كل أنحاء الارض. خمسون ألفا من القتلى في دارفور، وفق أقل التقديرات العالمية التي يرتفع بعضها بالرقم إلى 180 ألفا، وأكثر من مليون من المشردين وساكني الخيام، من الجوعى والمرضى والمشرفين على الموت. مئات القتلى من الطلاب والأطباء والمهندسين والموظفين والسياسيين في وسط البلاد، بعاصمتها القومية ومدنها الإقليمية، وما تزال الصحائف مفتوحة لمزيد من الضائعين الذين صاروا أرقاما واحصائيات. وأرض خراب يقصر عن تصوير مأساتها، خيال ت.س. إليوت، والذي كان كأنه يشير إلى الإنقاذ من منصة النبوءة الشعرية العالية، عندما تحدث عن الجثث المزروعة في الحدائق الخلفية للبيوت، في كناية عن اللاوعي والضمير، وعن رؤية الخوف في حفنة من التراب، كناية عن صيرورة أديم الأرض الممتدة، قبرا كبيرا لأناس فقدوا أرواحهم وجثث فقدت عظامها.
ذاك هو المثال وهذا هو الواقع. ذاك هو الحلم وهذا هو الكابوس، ذاك هو أسلوب للحياة، وهذا هو أسلوب للموت. ويمكن للإنقاذ أن تورد مئات الأسباب التي تبرر بها زراعة الجثث في كل أنحاء البلاد، ولن يجديها هذا شيئا. فالسلطة التي تجد مبررات
" وجيهة" لقتل الملايين من شعبها، غير جديرة بالبقاء، وغير مؤهلة للحكم، حتى لا نتحدث حاليا، عن أية تبعات أخرى.
ثم ماذا عن العدالة؟
95% من شعب السودان يعيش تحت مستوى الفقر وحوالي الواحد بالمائة تقريبا، هم الإنقاذيون أنفسهم، في السلطة والمعارضة، يعيشون فوق مستوى الغنى العالمي. وما الحقيقتان سوى وجهين لعملة إنقاذية واحدة. أكبر معدل لوفيات الأطفال في إفريقيا، أفقر مائدة على مستوى القارة كلها. أدنى الأجور وأعلى نسب البطالة. أسوأ نظام للخدمات الصحية والتعليمية والبيئية. أكبر النسب للأطفال المشردين. أكبر كتلة مشردة من السكان في العالم. أطول الحروب وأوسعها رقعة، في التاريخ الحديث. أضخم كارثة إنسانية في مجتمع القرن الحادي والعشرين. أكبر معدلات الحزن والتعاسة والإكتئاب المصاحبة كالظل لكل الكوارث التي عددناها. وأعلى معدلات الهوس والغيبوبة والهروب المتعدد الوجوه عن واقع لا يغري بالمواجهة ولا يستقبل أحدا بالأحضان.
هذا هو الحصاد المر للإنقاذ خلال عقد ونصف عقد من الزمان. أو هو بعض حصادها في واقع الأمر من حيث عدم مقدرتنا على الإحاطة بكل ما اقترفته، في هذا الحيز الضيق، وفي ضوء غل يدها هي نفسها، بقوة المجتمع الدولي، وبسطوة الحضارة المعاصرة، من ارتكاب بعض الجرائم التي كانت وما تزال جزء أصيلا من مشروعها الكلي. وهي تقف بالتالي عارية تماما من أية شرعية أخلاقية، إجتماعية أو سياسية يمكن أن تبقيها في الحكم. ولم يبق أمامها سوى التمترس خلف الأسلحة والأجهزة الأمنية، لتشتري بمزيد من القمع، سنوات قليلة تمد بها من عمرها وتضيف بها إلى رصيدها من الزراعات. وهو أمر لن يجديها في نهاية المطاف ولن ينقذها من طوفان الإرادة الشعبية المعبر عنه في صناديق الإقتراع.
لن يجديها هذا، لأنها ستجلس بعد التوقيع النهائي على إتفاقيات السلام، على نصف كرسي. وهي تجرجر رجليها وتبحث لها عن مخرج من التوقيع، لتعود بالأوضاع جميعا إلى مربعها الأول، بعد أن اصابها رعب شديد وهي تنظر إلى مستحقات السلام التي لا مهرب منها ولا مفر. كانت الوعود سهلة وميسورة، أما الوفاء بها فباهظ وثقيل. ومع أنها تعرف كيف تسرف في الوعود، إلا أنها لم تجرب مطلقا أن تفي حتى ببعضها. وقد وافقت على ما وافقت عليه، تحت وطأة الرعب الشديد، وهي تنتظر أن تهبط معجزة من السماء تنقذها من ورطتها المستحكمة، وفق فلسفة " الإبتلاء"، التي صاغها رجل يحاول المخارجة حاليا من إبتلائه الشخصي.
ولكن هيهات! فإذا كانت السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، فإنها كذلك لا تفتح أبوابها للهاربين من نتائج أفعالهم. وما دام المجتمع الدولي قد وضع قدمه على طريق المساءلة بالأفعال، لتملص السلطة من إلتزاماتها في دارفور، فإنه سيخب خببا لتنكرها لاتفاقيات السلام. وغالبا ما تمد السلطة لسانها لمثل هذا التحليل كما فعل الطغاة من قبلها، ولكنها لن تستطيع أن ترجعه بعد المد.
ومع أنها تجلس على نصف كرسي، فإن نزاعا شرسا يدور بينها وبين قرينها على هذا النصف نفسه، مما يجعلها في خيار عسير بين التهور والشطط الذي يمكن أن يجبر الآخرين جميعا على امتشاق الحسام، او تحمل معارضتهم السلمية التي ستلحق بها هزيمة أكثر لطفا من حيث المصائر الشخصية وأحتمالات النجاة. وهي وحدها التي ستقرر على كل حال.
تسقط النظم السياسية، والأشخاص في العالم المتحضر، لأسباب ربما تدعو بعضنا للضحك والإستخاف. فمن ضمن العوامل الحاسمة في تدني شعبية بوش الاب، وسقوطه في انتخابات ولايته الثانية عام 1991، أنه نظر إلى ساعته في أثناء إجابته على ناخبة سألته عما إذا كان أي من أصدقائه قد تضرر من الكساد الإقتصادي الذي كانت تعاني منه أميركا في تلك الفترة. نظرة بوش إلى ساعته، فسرها الناخبون الذين لم يحددوا مواقفهم بعد، The Swing Vote، كما يسمونهم، بأنها ضيق من المناظرة الجارية حينها بينه وبين بيل كلنتون الذي كان ينظر إليه بتركيز شديد. ونزلت شعبية آل غور بنسبة 10% في انتخابات عام 2000، لأدائه في المناظرات ولأنه قبل زوجته، أمام الكاميرات، بطريقة انطوت على بعض الخرق مما أدى إلى سقوطه في النهاية! وسقط حزب أزنار في أسبانيا، لأنه أرسل بضع مئات من الجنود إلى العراق. ويعاني توني بلير ذو الأغلبية البرلمانية غير المسبوقة في تاريخ إنجلترا الحديث، لانه كذب فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل العراقية. بعضنا يستدل بمثل هذه الأمثلة على شكلية الديمقراطية والديمقراطيين. ولكن حقيقة الامر هي أرتفاع الحساسية الشعبية في تقييم القادة، وتوخي الإستقامة الأخلاقية والحذق في كل تصرفاتهم، بما في ذلك تصرفاتهم غير السياسية. وإذا كان من حقنا أن نقيس على ذلك في بلدان عالمنا الثالث والأخير، لما أصبح الخميني زعيما للثورة الإيرانية. ففي طائرة عودته إلى طهران من باريس، كان بصحبته رهط من الصحافيين الغربيين الذين كانوا يحاولون فهم القائد الجديد، والوقوف على كنوزه من الحكمة ومكنوناته من الكاريزما التي جعلت الملايين تهتف باسمه، وترضى قيادته. رفض الخميني، الذي تربع على سجادة فرشها داخل الطائرة، أن يتحدث إلى الصحافيين ولو بكلمة واحدة. وعندما دخلت الطائرة المجال الجوي الإيراني، اقترب منه صحافي فرنسي وسأله: بماذا تشعر الآن يا فخامة آية الله؟ فأجاب الرجل، الذي غاب خمس عشرة سنة عن بلاده، وعاد إليها زعيما وقد غادرها مطرودا: بكلمة واحدة: " هشي"! ومعناها بالفارسية: لا شيئ. وتوصل الصحافي منذ تلك اللحظة إلى أن رجلا على هذا الخواء من العواطف، لا يمكن أن يقود شعبا إلى النجاة.
فكيف يمكن، ونحن نعيش في نفس الكوكب إحتمال الإنقاذ وحكام الإنقاذ؟
نريد لشعبنا أن يتخطى غلظة الطغيان والوصاية، ويسير على طريق اللطف الديمقراطي المعبر عنه بالأوراق الإنتخابية الأنيقة والمحكمة الطي. نريد أن نعتمد مقاييس في دقة موازين الذهب، للأشخاص والبرامج. نريد أن نقيم الديمقراطية القادمة على أساس وطيد من العدالة الإجتماعية والمساواة المبدئية والحقيقية بين الناس. وعلى أساس من البرامج الواقعية القابلة للتحقيق. نريد كل ذلك وتقف الإنقاذ عقبة كأداء، وتحديا شاخصا أمام الملايين وحاجزا أصم في وجه المستقبل. ولكن شعبنا قادر على هزيمتها، هراوة ودولارا، بحركته السلمية المنظمة والجريئة والمتعددة الوجوه. وهذا ما سنشير إليه في حلقاتنا المقبلة

Post: #66
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-19-2005, 00:42 AM
Parent: #65


الخاتم عدلان




خطابات الإسلاميين: الطيب مصطفى والحجج الأوهى من خيوط العنكبوت

تراجع الإنقاذ، وسيرها في طريق النهاية، يعكس ويشابه الخصائص العامة لبرنامجها الأصلي. وقد كان لبرنامج الإنقاذ، المسمى بالمشروع الحضاري، في سخرية جارحة من المشاريع والحضارات، ثلاث دوائر أساسية: دائرة محلية تتمثل في إخضاع السودان وأهله لقبضتها المحكمة، عن طريق النهب الإقتصادي الذي لا يعرف القواعد أو الحدود، وعن طريق القمع الدموي الذي لا يتوقف عند أية قيمة أخلاقية، أو إنسانية؛ ثم دائرة إقليمية تتمثل في بسط سلطة الجماعات الإسلامية المتطرفة،في كل الدول الإسلامية، بدء بالعربية منها، وفي كل الدول الإفريقية، بدء بالجيران، كما أوضح الدكتور غازي صلاح الدين لوزراء خارجية الإيغاد عام 1994. أما الدائرة الثالثة فهي العالمية، حيث يغزو المشروع الحضاري كل العالم، عن طريق الإرهاب، وتصدير الثورة، وتدشين الألفية، أم أنها المليونية؟، السعيدة لامبراطورية أرضية يحكمها أشياخ فوضتهم العناية الإلهية.

ولم تدخر الإنقاذ وسعا في تدشين حروبها على كل هذه المستويات، وفي نفس الوقت. وإذا تأملنا هذا المشروع بمنطق العقل، لقلنا أن القائمين عليه مجموعة فقدت رشدها، ولكننا إذا قلنا ذلك، وقد قلناه، فإن الرد علينا، من قبلهم، سهل وميسور، وهو أننا لا نفهم في الرياضيات السياسية العليا والدقيقة، التي تجعل فئة قليلة، في بلد فقير، وبإمكانيات قريبة من الصفر نسبيا، تتمكن من هزيمة قوى الإستكبار في كل العالم، بمحض الإرادة والتصميم. وإذا كنا نسخر، وقد سخرنا، من شعارات أن أميركا قد دنا عذابها، فما ذلك إلا لأن بصائرنا، فيما ظنوا وتوهموا، رانت عليها غشاوة تمنعها من رؤية القوى الهائلة، الكوكبية، المتأهبة لنصرة المشروع الحضاري.

على المستوى المحلي، إنتصر المشروع الحضاري، وما كان له أن ينتصر، بالمكر الثعلبي الذي يحمل بعض اصحابه إلى الأسر ويحمل الآخرين إلى القصر، وبالغفلة المفضية بأهلها إلى الإنتحار السياسي، من قبل حكام تلك الفترة، ومعارضيهم على السواء. وانتصر بإخلاء الساحة الإقتصادية من الرأسمالية العريقة، ومصادرة الثروات العامة والخاصة إنتصارا لمفهوم دولة الغنائم والجبايات، دولة الطفيلية المصاصة للدماء، والتي وصل عنفها ضد من جمعوا أموالهم وفق قواعد النشاط التجاري المحترمة، والمعترف بها، إلى درجة القتل والتصفية الجسدية، لحيازتهم قدرا قليلا من الدولارات. كما أخلت الساحة الفكرية والثقافية، من خيرة ممثليها، بكل ألوان طيفهم، لتفسح المجال، لصوت واحد مشروخ، يدعي احتكار الحقيقة ومعرفة الأسرار، ويعتقد أن الخطاب الإنساني إن لم يعتمد لغة العنف والإقصاء، والحرب والدمار، لا يكون جديرا باسم الخطاب..

إنتصرت الإنقاذ على المستوى المحلي، ولكنها هزمت هزيمة فادحة على المستوى الإقليمي نتيجة لأعمالها الإرهابية التي توجتها بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك عام 1995، كما هزمت هزيمة لا تقل فداحة على المستوى العالمي، نتيجة لأعمالها الإرهابية التي تمثلت في محاولة تفجير مبنى التجارة الدولي عام 1993، ومحاولة تفجير مبنى الأمم المتحدة في نفس العام، وأنتهت المهزلة بأحداث 11 سبتمبر 2001، عندما ووجهت السلطة العابثة بنتائج أعمالها، وبإيوائها لأسامة بن لادن وحركته الإرهابية، فخضعت خضوعا منكرا، وسجدت سجودا لا يصاحبه السهو، لقوى الإستكبار التي كان قد دنا عذابها، ولكن بالمعنى الصحيح للشعار، أي العذاب الذي توقعه هي على الإنقاذ وليس العكس.

وإذا كانت الهزيمتان على المستويين الإقليمي والدولي كاملتين ، فإن الأنقاذ بتوقيعها على أتفاقيات نيفاشا لإقتسام السلطة والثروة، وتقرير المصير، وإعطاء وضعية مميزة للمناطق المهمشة الثلاث، قد منيت بنصف هزيمة. وإذا أعطينا نسبا لهذه الدوائر الثلاث، من حيث أثرها على سقوط الإنقاذ كنظام: ولنقل 10% للدائرة العالمية، و15% للدائرة الإقليمية، و75% للدائرة الوطنية المحلية، فإن المشروع الكلي للإنقاذ يكون قد خسر بالنقاط. ومع أن هذه النسب اعتباطية إلا أن أي تعديل لها سيؤدي إلى نفس النتيجة. ولكن ذاكرة الإنقاذيين القصيرة، وهوائية شعاراتهم، تسعفهم هنا أيضا، إذ أن خطاباتهم الحالية توحي بأنهم ربما نسوا كليا، الأبعاد الأصلية لمشروعهم. فليس منهم من يتحدث الآن عن بناء الإمبراطورية الأصولية الشاملة، وحتى عندما تحرك أخيلة الأندلس ألسنة بعضهم، حلما وتمنيا وسلوى، فإنهم سرعان ما يسحبون تصريحاتهم. صار هم الإنقاذيين، بكل مجموعاتهم، هو هم الضبعة التي انفردت بالطريدة، ولا تريد أن يشاركها أحد في التهامها. ومع أن الهم مشترك بينهم جميعا، فإنهم يدافعون عنه بطرق وأساليب غاية في التباين. فمنهم من يقبل إتفاقات نيفاشا، مع محاولة جعلها التنازل الأخير الذي تقدمه الإنقاذ، ومنهم من يريد أن يقدم تنازلات أخرى طفيفة، لتوحيد الشمال ضد الجنوب والمهمشين، أقاليم وفئات، ومنهم من يمنى النفس بالبقاء عن طريق صفقة مع الحركة الشعبية تزور فيها الإنتخابات ويقهر فيها الخصوم، ومنهم من يتبنى موقفا أكثر جذرية فينادي بفصل الجنوب نفسه، باعتباره مصدر الهزيمة الداخلية للإنقاذ.

سأتناول هنا مواقف الداعين إلى انفصال الجنوب وعلى راسهم الناطق باسمهم السيد الطيب مصطفى، الذي كان وما يزال، أحد المشرفين على إعلام الإنقاذ وخطابها، والذي يستمد أهميته من موقعه ذاك، ومن علاقاته المباشرة بقمة السلطة. وأول ما لفت إنتباهي في طروحات السيد الطيب مصطفى، هو أنه بينما كان مع أخوته، يستخدم خطابا دينيا في ضرورة تعريب الجنوب وأسلمته، وإخضاعه عسكريا وسياسيا، وكسب أرضه "للإسلام" ، ويتبنى لغة دينية في وصف مآلات موتاه من الإسلاميين، الذين يسميهم الشهداء، فإنه يستخدم لغة علمانية صرفة في الدعوة إلى فصل الجنوب! وقد جاء "المنفستو" الذي نشره في يناير الماضي، داعيا فيه إلى فصل الجنوب، خاليا كليا من الإعتبارات الدينية. وليس ثمة إيحاء هنا، بأن السيد الطيب مصطفى قد تخلى عن خطابه الديني الأصولي، إذ سرعان ما يعود إليه عندما يصطدم بمعارضين لمشروعه، ولكن الإشارة تتعلق بإخضاعه الخطاب الديني للآخر العلماني، إذا أقتضت أغراضه الآنية ذلك، مثبتا أن " فقه الضرورة" لا تحده الحدود ولا تقف أمامه الحواجز بما في ذلك الدينية منها.

ويمكن تلخيص حجج الطيب مصطفى، ودون التورط معه في مكرور القول، في حجج قليلة هي التالية:

* نحن نحتاج إلى نهج جديد في التعامل مع قضية الجنوب، يجعلنا " نتجاوز العصبيات الصغيرة سواء كانت فكرية أو جهوية في سبيل الخروج من نفق الأزمة إلى بر الأمان."

* الجنوب هو السبب في تخلف الشمال، وذلك للخسائر البشرية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية التي نجمت عن حرب نصف القرن. ولولا حرب الجنوب لكان الشمال حاليا في وضع متفرد، على الأقل إفريقيا، من حيث نموه وتقدمه، لان كل الأموال والمقدرات التي اهدرت في الحرب كان يمكن أن تنصرف إلى التنمية.

* ليست هناك أية مقومات للوحدة بيننا وبين الجنوبيين وذلك لاختلاف " العرق والدين واللغة والعادات والتقاليد والوجدان والمشاعر المشتركة". وربما لوعي الجنوبيين أنفسهم بهذه الإختلافات فإنهم يسعون عمليا إلى الإنفصال رغم كل ما يردده زعماؤهم، من باب المكر والتكتيك، عن إيمانهم بوحدة البلاد. ويشهد على ذلك لقاء الأخ عبد العزيز الحلو بولاية أريزونا مع فرع الحركة الشعبية هناك، والذي دعت فيه مقاتلة من الجيش الشعبي، إلى طردالعرب من الجنوب. وقال فيه عبد العزيز الحلو، أن المحال التجارية والبارات لم يعد يملكها الجلابة او الإغريق بل يملكها تجار من المنطقة.

* بناء على تلك الحيثيات يدعو الطيب مصطفى إلى فصل الشمال عن الجنوب، وينادي بالإسراع في ذلك، لأن من الحكمة بتر العضو المصاب بالسرطان من الجسم، بدلا من تركه يعدي كل الجسم، ويؤدي إلى الفتك به في نهاية المطاف. وعلينا أن نتحلى هنا بحزم الجراحين، فلا نتردد في بتر الجزء المريض، حتى إذا كان بتره يؤدي بالضرورة إلى بتر أجزاء أخرى، وذلك عملا بنفس مبدأ التضحية بالجزء في سبيل الكل. أي أن احتمالات إنفصال جبال النوبة، على سبيل المثال، والمصير المجهول للمسلمين في الجنوب، يجب ألا يثنينا عن منهجنا في الجراحة القاسية. بل علينا أن نسرع بالإنفصال: " إنقاذا لمستقبل أجيالنا الجديدة وتكفيرا عن جريمة كبرى ارتكبناها في حق وطننا وأهلينا."

وسأحاول في هذا المقال أن أتعرض لحجج السيد الطيب مصطفى وتوضيح أنها بما تظهره وتبطنه، تعبر عن الإنهيار الذاتي للمشروع الحضاري، في دائرته الثالثة، والأخيرة، وهو عرض لا تخطئه العين، للهزيمة الكلية التي تنتظره. يقول السيد الطيب مصطفى أننا في حاجة إلى نهج جديد، في التعامل مع الجنوب، وتصل به الصراحة إلى القول بأن علينا أن" نتجاوز العصبيات الصغيرة سواء كانت فكرية أو جهوية في سبيل الخروج من نفق الأزمة إلى بر الأمان." وعندما يتحدث السيد الطيب مصطفى عن "عصبيات فكرية" فإنه يقصد أولا وأساسا، الفكر الذي قاد إلى إشعال الحرب في الجنوب بغرض اسلمته وتعريبه. وهو جوهر منهج المشروع الحضاري نحو الجنوب. وحينما يدعو إلى ذلك فإنما يدعو بصريح العبارة، ودون لف أو دوران، للتنازل عما ظلت الإنقاذ تصرخ من جميع أبواقها، وبأفواه كل دعاتها، بأنه واجب ديني لا يمكن التنازل عنه حتى إذا اجتمع على رفضه الثقلان. وعبأت الإنقاذ كل موارد البلاد، وجيشت الآلاف المؤلفة من زهرة شباب السودان، شمالا وغربا وجنوبا وشرقا ووسطا، لتحقيق ما أسمته واجبا دينيا مقدسا. بل أدرجت في حربها تلك من أجل نشر"الإسلام"، ليس الملائكة وحدهم، بل القرود والأشجار. ولم يبخل السيد الطيب مصطفى على هذه الحرب،بوسائل إعلامه وساحات فدائه، بل لم يبخل عليها حتى بفلذات كبده الأربعة، والذين توفي منهم أحبهم إليه. مما يوضح مدى إيمانه بتلك الفكرة، ومدى استعداده للتضحية من أجلها، كما يوضح في نفس الوقت، والحق أحق أن يقال، درجة من الإتساق الفكري، وتلازم القول والعمل، لم تتوفر للكثيرين من أخوته. مشكلة الطيب هي أن الموقف الفكري، المتمثل في التفسير الأصولي، الحرفي، للإسلام، والذي أعطاه كل شيء، وجاد له بأعز ما يملك، كان فكرا خاطئا، وعدوانيا، مجانبا لمقتضيات الرشد، ومتنكبا لطريق الوطنية ومصلحة الوطن. إن أي مشروع يعبيئ شباب أمة ما، ليس من أجل التنمية والخير والنماء، والإحتفال بالحياة والإقبال عليها، وإنما لقتل أخوة آخرين في الوطن، أو حملهم قسرا على الإيمان بأفكار يراها ولا يرونها، وتمجيد الموت والفناء، في غير معترك، لا يمكن أن يكون فكرا رشيدا. ولن تكون نتيجته سوى هذه المرارة الطاغية والمسمومة التي يعبر عنها السيد الطيب مصطفى في كل حرف يكتبه. ولا يرجى من الثاكلين والثاكلات إتزانا، إلا بعد لأي وحزم كبير وصبر جميل.

نحن فعلا في حاجة إلى منهج جديد نحو الجنوب، ومنهج جديد نحو الوطن، ومنهج جديد نحو السياسة. وإذا كان السيد الطيب مصطفى قد طوح من قبل، إلى جانب الإخضاع والقهر وفرض الصغار (بفتح الصاد) على الآخرين، فإنه بدعوته لانفصال الجنوب، وعدم مبالاته بانفصال أجزاء أخرى، إنما يطوح، في رد فعل نفسي قاهر، إلى الجهة المعاكسة تماما، ويدعو إلى تقليص الوطن، ليناسب قدرته هو ، وقدرة الإنقاذ على التحكم والسيطرة.

هذا المنهج الجديد، الذي تحتاجه بلادنا، أرسيت قواعده في نيفاشا، حيث طرحت القضايا الحقيقية التي تهم الشعب، وهي الديمقراطية، وإقتسام السلطة، والثروة، وإعطاء الناس حقهم في تقرير مصيرهم، واتخاذ القرارات المحددة لحيواتهم، بواسطتهم هم أنفسهم، وعلى أدنى المستويات إليهم. ورؤية نيفاشا ليست رؤية إنقاذية، إنها رؤية معاكسة لتوجهات الإنقاذ ومفروضة عليها، ليس من قبل المجتمع الدولي وحده، وإنما بواقع البسالة الاسطورية التي حاربت بها الحركة الشعبية، محاولات قهر شعبها وإذلاله وإبادته، على يدي دعاة المشروع الحضاري. وربما تحاول الإنقاذ حاليا، ومن خلال خلق منافذ جانبية، تنكرها عندما تشتد الضغوط، مثل دعوة الإنفصال، إلى تجريب بعض الحيل التي ربما تعينها على التنصل عن بعض ما التزمت به ولكن هيهات.

ولا يتورع الأستاذ الطيب مصطفى عن قلب الحقائق بصورة كلية، عندما يقول أن الجنوب هو سبب تأخر الشمال، لأن المقدرات البشرية والإقتصادية التي ضاعت هدرا في الحرب ضد الجنوب، كان يمكن أن تسخر لتنمية الشمال. صحيح بالطبع أن ضياع المقدرات والموارد كان يمكن، مع تغييرات أخرى جوهرية، أن تؤدي إلى تنمية الشمال والجنوب كليهما، إذا لم تقم تلك الحرب اللعينة. ولكن هل سعى الجنوب إلى إشعال تلك الحرب؟ هل استجدى الجنوب الإنقاذيين ليمطروه بالقنابل، ويرسلوا إليه الدبابين، والمهووسين والمأجورين لحرق الأخضر واليابس وقتل الأعزل والبريئ؟ هل كان الجنوب يستصرخ الرساليين ليهدوه إلى جادة الحق والصواب؟

لا تتحججوا بتمرد أغسطس 1955، فتلك حادثة إجرامية ومؤسفة، جرت فيها التحقيقات وحوكم فيها البعض، ولقوا جزاءهم. وكان يمكن لحكومة مسئولة أن تتخذها عبرة تستقي منها الدروس، وتحاول رفع الحيف التاريخي الذي ألم بشعب الجنوب، وبناء جسور الثقة بين الإخوة في الوطن، ورتق النسيج الوطني بما يؤلف الناس ويوحد أهدافهم. وما يزال السودان في انتظار مثل أولئك الحكام، وربما تكون نيفاشا قد وضعت أقدامه بصورة نتمنى لها الرسوخ، على هذا الطريق.

شعار أن حرب الجنوب هي السبب في تخلف الشمال، كلمة حق أريد بها باطل، كما قال على بن أبي طالب. وباطلها هو أن الحرب دمرت الجنوب واضرت به وآذته بأكثر من عشرات المرات مما فعلت ذلك بالشمال، وباطلها أن بعض المهووسين أرادوا عن طريقها فرض رؤاهم القاصرة على كل الوطن، وتشكيله على صور ذهنية كونوها في مرحلة المراهقة الفكرية والعمرية، ولا يريدون التنازل عنها، للمكاسب الدنيوية البحتة التي عادت عليهم عن طريقها، وباطلها أنها يمكن أن تتجاهل موت أكثر من مليونين من أهل الجنوب، شيوخا ونساء وأطفالا، لتتحدث عن ظلم الجنوب للشمال.

يقول الطيب مصطفى أنه لا توجد مقومات لتوحيد الجنوب والشمال، لاختلافات العرق والدين واللغة والعادات والتقاليد والوجدان والمشاعر المشتركة. وهب أن عبارته هذه صحيجة بصورة كاملة، وهي ليست كذلك كما سنوضح، فهل يمنع هذا من عيشنا معا؟ لا أعتقد ذلك، لأن قيام الحقوق على أساس المواطنة، والديمقراطية، وضمان المساواة، والعدالة، وتكافؤ الفرص، وحكم القانون والمساواة أمامه و في حماه،،و توفر الخدمات، وحماية الكرامة الإنسانية، ومحاربة التمييز والعنصرية والإستعلاء العرقي والديني، كفيلة باقناع الناس المختلفين بالعيش في كينونة جامعة لأن مصالحهم تقتضي ذلك، وليست مصالحهم سوى حقوقهم نفسها.

ولكن ، ولحسن الحظ، فإن عبارة السيد الطيب مصطفى ليست صحيحة. وهو نفسه يشهد بذلك. فقد قال هنا أن هناك اختلاف في الأعراق، ووضعه كعائق أمام الوحدة. ولكنه يقول في مقاله ذاته أن الزنوجة تجري في دمه ودماء أبنائه. وهذا قول عظيم، يوضح أن الطيب مصطفى قادر إذا أراد، أن ينطق بالحق وينشره بين الناس. فالزنوجة تجري في دمائنا جميعا، أنكرنا ذلك أم أقررناه. الزنوجة تجري في دمائنا جميعا، بصورة لا نستطيع أن نخفيها عن الناس، حتى ولو توهمنا أننا يمكن أن نخفيها عن أنفسنا. وقد صحا السودانيون صحوا مزلزلا على تلك الحقيقة في أقطار الشتات، عندما رفض العالم تمييزهم على أساس الشمال والجنوب، أو الغرب والشرق، ورأى فيهم شعبا واحدا، بينه تمايزات طفيفة في الألوان والقسمات، تكاد لا تراها العين الأجنبية، ولا تخرج عما ألفه هؤلاء الأجانب من أختلافات من هذا النوع بين شعوبهم نفسها. رفض العالم المتخلف حضاريا ان يميز بينهم معتبرا إياهم متساوين كليا في العبودية، ورفض العالم المتحضر أن يقبل أن سواد بعضهم مختلف عن سواد الآخرين، وتصرف أفضل ممثليه على أساس أن اللون لا يمكن أن يستخدم لسلب الكرامة الإنسانية، أو الإنتقاص من الحقوق. وحدة الأعراق، إذن، وليس اختلافها، هي الواقع الحقيقي للاغلبية الساحقة من أهل السودان. وقد آن الأوان للاعتراف بهذه الحقيقة التي هربنا منها كثيرا، وطاردتنا مطاردة النعمان للنابغة: وإنك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أن المنتأى عنك واسع وقد طالبت زعماءنا السياسيين، الذين " فلقونا" بأنسابهم الشريفة، أن يثوبوا إلى الحق، ويخرجوا لنا أشجار أنسابهم الإفريقية، ففي ذلك رتق لجروح غائرة حفروها في الجسد السوداني بالغرور والإستعلاء والأكاذيب.

ولان السيد الطيب مصطفى لا يستطيع أن يأكل تمره ويحتفظ به، في نفس الوقت، فإنه لا يمكن أن يقول أن الزنوجة تجري في دمه ودماء أبنائه ويتحدث في نفس الوقت عن اختلاف الأعراق. أما اختلاف الدين، فتلك حجة لا تصمد أمام الفحص الدقيق. ودعوني أشير هنا إلى نقطة ذكرتها في بداية هذا المقال، حول علوية نوع معين من الخطاب العلماني، سأبين أنه ليس صحيحا، على أي خطاب آخر في دعوة السيد الطيب مصطفى للإنفصال. فبحسب المشروع الحضاري فإن اختلاف الدين ، يدعو إلى الجهاد، وإلى توحيد الدين، ليكون كله لله، عن طريق السيف وغير السيف. ولكنه هنا، وفي مفارقة أخرى لذلك المشروع، الذي بانت شروخه الداخلية العميقة، يقول أن اختلاف الدين مدعاة للإنفصال. اختلاف الدين ليس مدعاة للإنفصال، لأن قيام الحقوق على أساس المواطنة يعني مساواة الناس في المجالات التي ذكرتها، وفي غيرها مما لم أذكر، بصرف النظر عن أديانهم. وإذا نظرنا إلى خارطة العالم اليوم، وطبقنا قاعدة أن أختلاف الدين يبرر تفكيك الأوطان، لما أبقينا إلا على أربع أو خمس نظم، في كل العالم، يمكن أن تستوفي شرط وحدة الدين. وقد تخطت البشرية، ومنظماتها، ومشاريعها لحقوق الإنسان، ذلك الوعي البدائي الذي يجعل وحدة الدين شرطا لوحدة الأوطان. ووصلت البشرية إلى ذلك من خلال ويلات وحروبات وخسائر لا يحصيها العد. وهذه في الحقيقة هي حجة العلمانية القاهرة في التمييز بين السياسي والديني، لمصلحتهما كليهما، ولمصلحة الإنسانية كلها، وشرط بقائها على هذا الكوكب. والعلمانية لا مهرب منها ولا مفر، لأنها حركة مجتمعات من أجل التحكم في مصائرها، بعيدا عن الأوصياء الأرضيين والسماويين، ولن ترد الإنسانية عن ذلك مواقف بعض الناطقين عن الهوى، والمتشبثين بأهداب الماضي البعيد.

ومع ذلك فإن القول بأن هناك اختلافات دينية مطلقة بين الشمال والجنوب، لا يسنده الواقع. ومن المفارقات العجيبة، ألا ينتبه السيد مصطفى إلى حجم المسلمين الجنوبيين، ولا يتعامل معهم إلا كلاجئين، في جمهورية الشمال التي تريد ضبعة الإنقاذ أن تنفرد بها كليا. وربما يكون موقفه ذاك ناتجا عن يأس شديد، من واقع تجربة الإنقاذ في نشر الإسلام في جنوب السودان. وإذا أخذنا ما أورده المؤرخ دوغلاس جونسون، في كتابه عن الأسباب العميقة لحروب السودان الأهلية، فإن الإنقاذيين كانوا مبشرين ممتازين بالمسيحية في الجنوب، لأن عدد الذين اعتنقوا المسيحية في الجنوب خلال عقد واحد من حكمهم، يفوق عدد الذين اعتنقوا ذلك الدين في كل الحقبة الإستعمارية بكل مؤسساتها الكنسية المتعددة، والكبيرة الإمكانيات، والطويلة المكث.

وفي تطور معاكس، وبالغ الدلالة على خطل توجهات الإنقاذ، وعلى المستوى الثقافي ككل، فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان، قد ساهمت مساهمة ضخمة في نشر اللغة العربية، باعتمادها لغة رسمية للخطاب بين جنودها ومؤسساتها، وهي المتهمة بمعاداة الإسلام واللغة العربية. وقد أبان الدكتور منصور خالد، في أكثر من واحد من مؤلفاته القيمة، كيف تصرفت الحركة الشعبية في هذه القضية، بأفق واسع، وروح وطنية عميقة، على عكس متهميها الذين لا يجيدون إلا التضليل. وما تهجمات الطيب مصطفى، على منصور خالد، بما تنطوي عليه من العنف اللفظي، والتصغير، والتي هي عينة معبرة عن خطاب الإسلاميين الأصوليين الذين يضلون طريقهم دائما إلى المجادلة الحسنة، ما تلك التهجمات سوى ضيق بمثل هذه الحقائق الجارحة التي يعبر عنها الدكتور منصور خالد. بعبارة أخرى فإن إيراد اختلاف اللغة كداع من دواعي الإنفصال، يعبر هو الآخر عن تجاهل مسبق، من أدعياء الحدب على العربية، لعملية تحدث أمام أعيننا تتمدد فيها اللغة العربية، لتصبح بالفعل لغة التخاطب المشترك في كل أنحاء هذه الوطن. أما العادات والتقاليد، فبصرف النظر عن تشابهها الصاعق للعين البصيرة، فإنه ليس سببا للإنفصال، بل هو مصدر للغنى ودعوة للتفاعل، ومستودع للنهوض الثقافي المتعدد الوجوه. وإذا تحدثنا عن المشاعر المشتركة فإنها تنشأ من خلال التجارب والمشاريع الوطنية التي يمكن أن يجمع أهل البلاد على إعطائها تفسيرا واحدا وإيجابيا: مثل التنمية، وإنتشار المدارس، والمستشفيات، وامتداد الطرق، وزيادة الدخول، وتوفر العمل، ونظافة الإنتخابات وعدالتها، وتولي الناس من جميع الأقاليم للوظائف الوطنية الكبرى لاعتبارات الكفاءة وحدها، وعلوية القانون على تمايزات الأفراد، كما توحد المشاعر كذلك بالنهضة العلمية، والثقافية، والأدبية، وتفجير ينابيع الفرح الشعبي والترفيه، وتسوية ميادين المنافسة الشريفة في كل أنواع الرياضيات، وفتح المجال أمام ظهور رموز وطنية موحدة، رول موديلز، في كل مجالات الحياة، ومن كل قوميات السودان. وليس غريبا أن تكون مثل هذه الرؤية غريبة كليا على أهل الإنقاذ، لأن ضخامة أنواتهم لا تسمح لخيالهم بالإنطلاق. ولأنهم كونوا مفاهيمهم الأولى عندما كانوا مسجونين في قفص الندرة الحديدي، الذي يولد الشراهة المفترسة والمتوحشة، وما يصاحبها من عواطف الكراهية والرغبة في الإقصاء .

الأسباب التي يوردها السيد الطيب مصطفى تحت باب الإختلافات، والتي يسوقها كدواع للإنفصال، أوهى في الحقيقة من خيوط العنكبوت، وهذا ما يحمله على مطاردة الهنات والأخطاء، ليثبت أن الحركة الشعبية، وليس هو ومنبره، هي التي تدعو إلى الإنفصال. ومن هنا أورد ما ذكرته تلك المقاتلة المجهولة في الجيش الشعبي، حول طرد العرب من الجنوب وبعض مناطق الشمال. وليس من شك أن عبارة تلك "المقاتلة"، هي عبارة خاطئة كليا، ولكنها لا تعبر في حقيقة الأمر عن الرأي الرسمي للحركة الشعبية لتحرير السودان، كما يعرف ذلك الطيب مصطفى دون ريب.

موقف الحركة الشعبية تعبر عنه بروتوكولات نيفاشا، وبروتوكول مشاكوس الإطاري، وهي بروتوكولات تغلب الخيار الوحدوي، وتضعه فوق كل الخيارات الأخرى، ولكنها تشير في نفس الوقت إلى ضرورة جعل الوحدة خيارا جذابا لأهل الجنوب ولكل أهل الأقاليم والمناطق والفئات المهمشة. وأضيف من جانبي إلى ضرورة جعل الوحدة جذابة لأهل الشمال أنفسهم، وتوضيح أن مصلحتهم تتمثل في إعادة صياغة المعادلات السياسية والثقافية التي قام عليها السودان المعاصر، بما فيها من اختلالات عميقة، جعلت فئة قليلة من الطفيليين العتاة، المنقادين لشهواتهم الضخمة وشهيتهم غير المحدودة للتملك والملذات، تستأثر بثروات البلاد وتدفع الملايين في الشمال إلى العيش تحت سقف الفقر والإملاق. ولا تكون الوحدة جذابة إلى على أنقاض الإنقاذ وإلحاق هزيمة كاملة بها عن طريق صناديق الإقتراع، وعن طريق تمسك المهمشين بقضاياهم والدفاع عنها بكل مرتخص وغال.

ولم ترد عبارة جعل الوحدة خيارا جذابا، إلا لأن أهل الجنوب لن يقبلوا الوحدة، بأية حال، إذا استمر النهج القديم، نهج الإنقاذ، كصيغة وحيدة للتعامل معهم من قبل الشماليين. ولا يكفي هنا أن يقول الشماليون أن الإنقاذ لا تمثلنا، بل هم مطالبون بأن يطرحوا بصورة إيجابية مثالا آخر للتعامل بين الشمال والجنوب. وهم مدعوون إلى ذلك بكل تنظيماتهم السياسية والاهلية ومنظمات مجتمعهم المدني. وعليهم أن يبدأوا في ذلك اليوم قبل الغد. وأن يكشفوا عن هذه الروح الجديدة في التعامل مع ملايين الجنوبيين الذين يعيشون الآن في الشمال. ولا ننسى أن الشباب، باستعدادهم الخير لقبول التوجهات الجديدة والتعبير عنها، يمكنهم أن يلعبوا دورا رائدا في هذا المجال.

ليس سرا كذلك أن قيادة الحركة الشعبية نفسها، يمكن أن تختار الإنفصال، إذا استمرت المعادلات والعقليات القديمة، عقليات الإستعلاء والإقصاء والتحقير والقمع، على ما كانت عليه قبل التوقيع على اتفاقات نيفاشا. وهذا هو جوهر ما عبر عنه عبد العزيز الحلو، في تلك الندوة بأريزونا التي أوردها الطيب مصطفى كدليل على حقد الحركة الشعبية وعنصريتها. ربما نجد ما نحتج عليه في خطبة الأخ عبد العزيز، من حيث استخدامه لتعميمات مثل الجلابة، التي يمكن أن يفهم منها البعض كل أهل الشمال، كما حاول الطيب مصطفى ان يثبـت، وربما ننبه عبد العزيز إلى ضرورة استخدام لغة ومصطلحات دقيقة عندما يتحد\ث عن هذه القضايا المعقدة، وأن يقاوم النزعة الشعبوية، ليطرح موقف الحركة الشعبية الواضح، وهو أنها تدعو إلى الوحدة كخيار مقدم، إذا حدثت التغييرات المحددة التي تعبر عنها بمصطلح السودان الجديد. ولكننا لا يمكن أن نقبل ما حاول أن يوحي به الطيب مصطفى حول أن الخطاب لم يكن سوى نفث حار للأحقاد العنصرية. فهو عندما يتحدث عن سيطرة الحركة الشعبية على الجنوب وبعض الأقاليم، وحول إقامة علاقات سياسية مع الأحزاب السياسية في الشمال، وحول محلية التجارة في تلك الأقاليم، وعدم حيازة الجلابة هناك على البارات والمحلات، إنما يعبر عن واقع ماثل أمام عينيه، وهو واقع التحرير. وإذا كان في فقه الضرورة ما يسمح للجلابة بامتلاك البارات في المناطق المحررة، فلا أعتقد ان الأخ عبد العزيز سيمانع في ذلك! كما يعبر كذلك عن أمان مشروعة للمهمشين في أن يصيروا أطباء ومهندسين، مثلهم مثل الطيب مصطفى، وأن يسكنوا الصافية أو المنشية، بناء على كدحهم وتفوقهم وليس عن طريق النهب والجباية. وهو أمر كان على عبد العزيز أن يكون صارما في توضيحه، لمقاومة التوجهات والنزعات الشعبوية، التي يمكن أن تكون تدشينا لطفيلية جديدة.

وبما أعرفه شخصيا عن عبد العزيز الحلو، فإنني أستطيع أن أقول أنه، على الأقل، أكثر وحدوية من الطيب مصطفى. ولذلك فإن إيراد خطابه في سياق التبرير للإنفصال ، محاولة غير موفقة. ومن النقاط الهامة التي أريد أن أنبه لها قادة الحركة الشعبية هنا، أن يحذوا حذو الدكتور قرنق نفسه، في الرد على التهجمات، سواء على الحركة ككل، أو على مواقفهم الشخصية. وقد توقعت من عبد العزيز الحلو، أن يتصدى لما قيل عنه ويفنده أمام الناس جميعا. وهو أمر يقوم به على خير وجه بعضهم، من سياسي السودان الجديد، مثل باقان أموم وياسر عرمان. ولكن الحركة تحتاج إلى النزول بكل ثقلها إلى معركة كسب العقول والقلوب الدائرة الآن شمالا وجنوبا، وتحتاج إلى كل كوادرها المقتدرة، وهي ليست بالقليلة. وبناء على نقاطه السابقة، والتي أوضحنا تهافتها، يدعو الطيب مصطفى إلى فصل الجنوب عن الشمال، ويورد حجة طبية، هي أن الحكمة تقتضي بتر العضو المصاب بالسرطان حتى لا يعدي بقية الجسم. ولا أريد أن أدخل في حجاج مع السيد الطيب مصطفى حول أن هذا ربما لا يكون الخيار الوحيد. ولكني أجيب عليه بسؤالين: هل أصيب الجسم السوداني، بسرطان بالجنوب، أم بسرطان بالإنقاذ؟ وهل الأسهل بتر الجنوب أم بتر الإنقاذ؟

حول هاذين السؤالين يدور الصراع الآن. ظللت أعتقد طوال السنوات الماضية أن هولاكو المغولي، يحكم السودان منذ الثلاثين من يونيو 1989، حتى قرأت مقال الطيب مصطفى الذي يحذر فيه من هولاكو آخر في طريقه إلى الخرطوم. وقد كنت صبورا فسمعت وقرأت حجج الطيب مصطفى حتى نهايتها، وتأكد لي تماما أن ما ظللت اعتقده طوال تلك السنين، كان صائبا وصحيحا، وأن تحذيرات الطيب مصطفى لا هدف لها سوى إعطاء هولاكو العجوز فرصا أخرى للحياة. وهذا ما سأوضحه في مقالة لاحقة.

الخاتم عدلان

عن الصحافة 21-22 اغسطس 20004


Post: #67
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-19-2005, 00:47 AM
Parent: #66

محاضرات د. عبد الله علي إبراهيم

الخاتم عدلان



أحب أولا أن أعبر عن شكري الجزيل للأخ عبد المنعم عجب الفيا، على وضعه لفكر صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في بؤرة الضوء، سواء محاضرته في أبوظبي التي نشرها عجب الفيا في هذا الموقع بعد نيل موافقة المحاضر على سلامة النص، وهو تقليد حميد اقتضته الأمانة ، أو ورقته بعنوان تحالف الهاربيين حول «مدرسة» الغابة والصحراء، أو كتاباته اليومية في الصحف السودانية. وبالطبع فإنني أوافقه على المجرى العام لحجته الراجحة كما يتضح من مداخلتي الحالية.

وأبدأ بأن هناك إختلال أعتبره جوهريا في نقاش أفكار عبد الله على إبراهيم، هو غياب الرجل نفسه عن ساحة الحوار. وهو غياب بغير حجة على ما أعتقد، لأن عبد الله، حسب ما ذكر في هذه المحاضرة وفي مواضع غيرها، مطلع على ما يدور في الإنترنت، وخاصة حول أفكاره وآرائه، وقد شاء مرة أن يرد عليها بصورة غير مباشرة في موضع غير موضعها. غياب عبد الله عن المحاورة يشعر بعض المشاركين فيها أنهم ربما يخرقون قواعد « الفروسية الفكرية» إذ ينازلون رجلا لا ينافح عن نفسه بما يملك من العدة والعتاد، بل ربما يشعر آخرون بأنه ألقى سلاحه وهرب من ميدان المعركة كليا. وهذا الغياب نفسه هو الذي دفع آخرين، لا يتفقون تماما مع عبد الله، إلى تبني قضيته، وربما بحماس أكثر من حماس صاحبها نفسه، وهذا يجلب التشويش أكثر مما يحقق الوضوح الذي هو بغية الجميع. وقد وصفت نصوصه بأوصاف ربما توحي إلى البعض بأنهم غير مؤهلين بصورة ما لمناقشتها، وتحت مثل هذه الأوصاف ترقد أنواع من المجاملة أو الغفلة، بل حتى المبالغة والتخويف، لا يبررها لعبد الله، ماضيه أو حاضره.

من أجل تلافي هذا الخلل الذي أشرت إليه أرجو أن نوجه الدعوة لعبد الله أن يشارك في التوضيح والشرح والرد، والدفاع، عما طرحه هنا من آراء، حتى نصل إلى نتيجة ما، بضمير مرتاح وشعور وافر باللياقة الفكرية.

النص المقدم هنا يصعب أن يطلق عليه مصطلح المحاضرة، فهو ينطوي على إهمال كبير وارتجال فتك بالإبانة فتكا غير رحيم، كما به من التهافت من حيث البناء المنطقي ما قل أن نجده حتى في نصوص العوام. وهي أمور يمكن إقامة الدليل عليها بالإقتطاف المباشر من النص المبذول بين يدينا، والذي تشهد كل عبارة فيه تقريبا على ما نقول. وربما يغريني توفر مثل هذه الأمثلة بكثرة جالبة للملل، على تتبعها وإبرازها، ولكني لا أريد أن أسير في هذا الطريق. أولا لأن فطنة القراء لا تحوجني إليه، وثانيا لأنني مهتم بالمفهومي في نص عبد الله، حتى وإن توارى تحت عويش من الكلام، أكثر من طريقته في التعبير عنه. ولن أتعرض للتعبير إلا في إطار ما أراه فضحا للمفهوم الثاوي تحت طياته.

أستطيع أن ألخص أهداف محاضرة عبد الله، مع تحفظي حول الإسم، فيما يلي:

نحن في السودان الشمالي ننتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، وهي سوية يمتنع معها التمييز بين أي شمالي أو آخر، سواء كان يساريا أو يمينيا، حاكما أو معارضا، غنيا أو فقيرا، مجاهدا من أجل المشروع الحضاري، أو مناضلا من أجل السلام، مشردا عن الوطن أو ناهبا لثرواته، قاهرا لشعبه أو خارجا ضد ذلك القهر، داعية للدولة الدينية أو مناديا بالدولة العلمانية. كلنا سواء: إذا ارتكب قادة الحكومات المتعاقبة، الديكتاتورية اوالديمقراطية، أخطاء قاتلة في حق الوطن، فإننا نكون كلنا قد ارتكبنا تلك الخطايا حتى وإن كانت ضدنا. إذا شن عبود والصادق المهدي وعمر البشير الحرب ضد الجنوبيين فإننا نكون كلنا قد شننا تلك الحرب حتى وإن عارضناها. أيادينا ملطخة بالدماء حتى وإن لم يطرأ لنا يوما أن نقتل احدا ولو في الأحلام. وعقابنا جميعا واحد لأننا مشتركون كلنا في الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنبا في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا.

يقول عبد الله في تسويقه لفكرته السابقة: « أصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض، تتكلم الآن مش عن حزب كذا وحزب كذا، ومن أخطأ في حق الجنوب. وإنما بتتكلم عن قطاع، عن « ريس»، عن عنصر، ودا مهم لأنو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر، يعني في تناولنا وفي نظرنا الثقافي والسياسي، يعني نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وإنو مثلا اليسار كان أحنى بالجنوب، اليسار الشمالي، والجمهوريين الشماليين. لكن السيد الصادق والنظر العام دي الوقت يقول نحن الشمال السوداني، تتعدد اللافتات والشمال السوداني واحد. ودا مهم لأنو نحن دي الوقت بنتكلم عن ريس، كمدخل لدراسة التعقيد الجاري في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب: أنا أحسن من ديل، أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلاني وكذا وكذا.»

الفكرة الثانية المرتبطة بهذه هي أن ما قامت به الجبهة الإسلامية في الجنوب ليس أسوأ مما قامت به كل الأحزاب الأخرى وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعا، وحقيقة أن القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها وحررته بطريقة خرقاء ومأزومة.

يتبع من كون القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها، وبصورة منطقية، أن تصغر وطنها ليتطابق مع ذاتها، وأن تترك ما عداه لمن لا ينتمي إليها، وهي دعوة إلى الإنفصال، يشارك عبد الله فيها عتاة العروبيين الإسلاميين وغلاتهم.

بعد أن يتساوى الوطن مع القومية العربية الإسلامية فإن الدعوة موجهة لنا جميعا لدخول برج الإنقاذ حتى وإن كنا نكرهه لأن دخوله يعني أننا لن نراه.

وإذا كانت هذه هي القضايا الاساسية التي طرحها عبد الله في هذه المحاضرة، فما هي علاقتها بالثقافة؟

الإجابة على هذا السؤال تدخلني إلى تكتيكات عبد الله في تسويق افكاره، وفي الإيحاء للكثيرين، من خلال هذه التكتيكات، وكما ظهر في تقديم الأخ محمد عبد القادر سبيل، بأنه عالم لا يشق له غبار، وأنه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا. وهي اوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد أن تكون كلية، وخاصة بعد أن سبق عليه كتاب الإنقاذ وزلزله نداؤها من ابواب الجحيم، وهو أمر سأوضحه في نهاية هذه المساهمة.

التكتيك الأول: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى. فعندما أراد عبد الله أن ينفي حجج المعارضة السودانية في إدانة الإنقاذ لأجندتها العروبية الإسلامية الأصولية قال:

« دا ما صحيح، الصحيح هو أنو نظام الإنقاذ مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث إنو لربما كان الأخير في زمانه ولكن جاء بما لم تستطعه الأوائل من حيث البشاعة « ضحكة» لكن البشاعة، إذا شئت إنه في بشاعة أو أنو في عنف، أو في، هو مستل من شفرة أساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها، لكن تأسست بشكل أساسي في فترة الحركة الوطنية.»

فهذا الحديث المكتسي جلال الثقافة خاو تماما من المعنى. فما معنى أن يكون الإنقلاب العسكري الذي نفذته الجبهة الإسلامية عن طريق التأمر يوم 30 يونيو، مستلا من شفرة ثقافية عربية أو غير عربية؟ الشفرة الوحيدة في إنقلاب الإنقاذ هي «سر الليل» الذي استخدمه الإنقلابيون في تلك الساعات الأولى من الصباح، وهي شفرة فشل في حلها أحمد قاسم فلقي حتفه صباح ذلك اليوم، رغم ما يحمله، حسب عبدالله، من شفرة ثقافية عربية أسلامية أصيلة. وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية، كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟ ومن كان يملك تلك الشفرة: الترابي مجدد العصر، الذي هجره المفتونون به عندما فقد السلطة، أم علي عثمان الذي أكتشف البعض قرابتهم معه بعد أن آلت إليه الأمور؟ وهل الشفرة الثقافية العربية الإسلامية واحدة؟ بحيث يتساوى فيها محمود محمد طه وقاتلوه؟ هل كل مسلم هو بالضرورة أخ مسلم؟ ما هذا الحديث الفج عن الشفرات الثقافية، بينما المقصود معنى سياسي واضح هو الدفاع عن الإنقاذ وجرائمها.

لا يستخدم عبد الله الثقافة وحدها في الدفاع عن آرائه السياسية، بل يستخدم كذلك الهراء المحض. وأنا استخدم كلمة «الهراء» هنا، بالمعنى الذي استخدمها به أحمد بن الحسين، عندما فسر الهراء بأنه : « الكلام بلا معاني»:

ولولا كونكم في الناس كانوا "هراء كالكلام بلا معاني"

. فلنستمع لعبد الله مرة أخرى وهو يحاول أن يدمغنا جميعا بما أقترفه نظام الجبهة الإسلامية من خطايا في حقنا، وأقصد نحن كجنوبيين وشماليين:

« نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء، لنا إشكال في شفرة ثقافتنا، وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقاتها التاريخية بحيث أنه يصبح مفهوم الفريق الناجي ضئيل جدا. وبحيث تكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها.» ولاحظ هنا أن الإستنتاج السياسي، وهو تجريم الجميع، واضح جدا ومقيل بلغة لا لبس فيها ولا غموض، لغة سياسية صافية، أما المبررات فهي الهراء المحض الذي لا معنى محددا له، والذي يلوذ بالشفرات والرموز والدلالات والشحنات.

لقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل أنا مسؤول عن الجرائم التي حاقت بأهلي في الجنوب؟ هل ساهمت فعلا في قهرهم؟ بل هل توانيت في استخدام كل ما أملك من طاقات للدفاع عنهم من مواقعي؟ وأجبت بضمير مرتاح: أنني لست مذنبا. صادقت الجنوبيين والجنوبيات منذ نعومة أظفاري، لم أشعر بتفوق عليهم، وإن شعرت بتفوق الكثيرين منهم عليّ، ولم أحتج في ذلك إلى جهد كبير، لأنني تحررت من أوهام التفوق العرقي وأنا لم أشب بعد عن الطوق، في عام 1969 اقترحت في أتحاد طلاب جامعة الخرطوم أن نبعث لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم التي ارتكبت ف الجنوب عامي 1965 و1966، وذهبنا في وفد من أربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، هم أبدون أقاو، وحاتم بابكر، وعبد الله حميدة وشخصي، وحققنا في جرائم الملكية في جوبا، وفي مذبحة العرس في واو، وهددنا مدير المديرية الإستوائية، يوسف محمد سعيد، بالسجن لأننا رفضنا لغته المسيئة ومفاهيمه النازية، وتضامنا مع صديقنا ورفيقنا أبدون أقاو، ضد تهجمه الشخصي. وعندما عدنا إلى الخرطوم عرضنا الحقائق الدامغة في مؤتمر صحافي غطته كل الصحف في اليوم التالي، وأصدرنا إدانتنا الدامغة للجيش السوداني و قيادته السياسية. وكنا نسعى إلى المواصلة لولا قيام إنقلاب مايو بعد ذلك بأقل من أسبوع. وفي 1970 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء جمعيتي الثقافة الوطنية والفكر التقدمي إلى جوبا وواو وملكال، وعشنا مع الناس واقمنا الفصول للطلاب والاسواق الخيرية لصالحهم وحلقات محو الأمية للكبار، وساعدنا النساء والعمال على التنظيم وخرجنا من كل ذلك بصداقات باقية حتى نهاية العمر. صادقت أخوتي الجنوبيين في الجامعة، وصار «بيتر نيوت كوك» أعز أصدقائي وأعتبره عالما، ديمقراطيا، مثقفا، وقانونيا ضليعا، ضمن مثقفين وعلماء كثر يعج بهم هذا السودان. أيدت نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ أن إنشئت، وأشدت ببرنامجها ودافعت عنها في جميع المنابر دفاع من لا يلوك كلماته أو يخشي في نصرة الحق لومة لائم. وناديت في رفق من يفهم ظروفها، والتعقيدات المحيطة بها، والشروط التاريخية التي لا تملك منها فكاكا، وليس المتحامل عليها من مواقع التآمر السياسي مع الطغاة الأصوليين، إلى تحولها إلى حزب سياسي من حلفا إلى نمولي كما يعبر قادتهأ، واقمت مع هؤلاء القادة أنفسهم ومع أسرهم علاقات حميمة وقوية.

كيف إذن يحملني عبد الله علي إبراهيم بدوافع تواطئه المذموم مع الجبهة الإسلامية الخطايا التي ارتكبها القتلة والمجرمون والمهووسون في نظام الإنقاذ أو خارجه؟ وقد تحدثت عن نفسي هنا، ليس لتفرد موقفي أو شخصي، بل لإعطاء مثال محدد لا يستطيع عبد الله أو غيره أن ينازعني عليه. مع علمي أن موقفي هذا هو الموقف المشترك، وإن اختلفت التفاصيل، لمئات الآلاف من أبناء وبنات وطننا الكبير الذين لا يكنون لأخوتهم الجنوبيين سوى الإعزاز. وليس سرا أن عشرات الآلاف من أبناء وبنات الشمال قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية طوال هذه السنين، وبلغوا في ذلك شأوا لم نبلغه.

هل معنى ذلك أن « الثقافة العربية الإسلامية» وحتى في أكثر صيغها رقيا، خالية من النزعات الإستعلائية، المحقرة للآخر والمقصية له من مجال الكرامة، أو حتى من مسرح الحياة نفسها؟ طبعا لا. ولكن القول بأننا جميعا مشتركون في هذه المفاهيم الحاطة من قدر الإنسان وكرامته، هو القول المرفوض والمردود في تهجمات عبد الله الغليظة علينا جميعا. شخصيا، لا أحمل من هذه النزعات شيئا كثيرا أو قليلا، بل سخرت عمري حتى الآن لمحاربتها ودفعت مستحقات موقفي. وهنا أيضا لا أتحدث عن تفرد شخصي، بل أريد أن أقيم الحجة على عبد الله بصلابة لا يستطيع أن يتخطاها أو يلتف حولها، وأعلم في نفس الوقت أن مئات الآلاف من أبناء السودان وبناته يحملون الموقف ذاته، ومنهم من يعبر عنه بعمق أكثر مما أستطيع، ويدفع مستحقاته بتحمل أقدار من الظلم لم تطالني بنفس الدرجة. كما أعرف أيضا أن عبد الله سار في هذا الطريق لبعض الوقت، وهاهو قد سبق عليه كتاب الإنقاذ، فتنكب ذلك الطريق، وصار يقبل من الثقافة العربية نفسها أكثر جوانبها معاداة للديمقراطية والإستنارة، وتغييبا للإنسان.

ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات. فغرضه من ذلك تحقيق سوية غير متمايزة من الشماليين جميعا، ليسوقهم، بالتخليط والتشويش، وبالإبتزاز الصريح المستند إلى الجدار القمعي الحاكم في السودان، والمعتمد في المدى البعيد على مستودعات التجهيل التي أشاعتها الإنقاذ، إلى خطيئة واحدة، وثقافة واحدة ، وتاريخ غفل من الفعلة، وجرائم غاب مرتكبوها في سديم الشفرات. ولا يجد عبد الله صعوبة في كل ذلك، نتيجة للتشويش الفكري الذي يعاني منه هو شخصيا، لإفتقاره للأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات.

ماهي هذه الشفرة الثقافية يا ترى؟ ما هي طبيعتها؟ كيف نفك رموزها ومن يملك تلك الرموز؟ أيملكها حسن عبد الله الترابي أم علي عثمان محمد طه أم البشير؟ أم يملكها عبد الله شخصيا ولا يريد أن يجود علينا بأسرارها؟ أمن ضمنها الأصولية الإسلامية والدولة الدينية، والحرب الممتدة، والتطهير العرقي والإسترقاق، وإضطهاد النساء والبتر والقطع والصلب والخلافة عن الله؟ أمن ضمنها الطغيان والدكتاتورية؟ أمن ضمنها النهب الإقتصادي والأثرة والأنانية والشراهة التي تغطي عوراتها بالنصوص المقدسة؟ أمن ضمنها تقسيم البلاد إلى حاكورات يملكها أهل الإنقاذ فيسدون أبواب الرزق على كل من عداهم من أهل هذه البلاد؟ أية شفرة يتحدث عنها عبد الله؟

يسهل على عبد الله أن يتحدث عن سوية غير متميزة، لأنه يعتقد أنه يمكن حتى الآن، أن نتحدث عن المجتمع، وهو هنا المجموعة الشمالية العربية المسلمة، في تصنيف عبد الله، وكأنها «جوهر» مستقل عن خصائصه! وهو في ذلك يتخطى إلى الوراء، وفي قفزات نكوصية مذهلة، إرث أكثر من ألفي عام من المنطق الفلسفي والعلمي، وتلك نقطة سنعود إليها في غير هذا السياق.

يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.

إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد. وهذا قول يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. كما لا تتعارض مع المسيحية أو الديانات العريقة المبجلة للطبيعة او للجوهر الإنساني، ولا تتعارض مع علوية الإنسان من حيث هو إنسان، بل تمتد بهذه العلوية إلى آفاق أكثر رحابة باستمرار, وتتسع الهوية السودانية الجامعة لكل الهويات العرقية الأصغر، ومنها الهوية العربية بخصائصها السودانية التي وصفناها. أقول السودانية، وأعتبرها مركز جملتي، لأن الأوطان تصبغ خصائصها وتعطي إسمها لكل الجماعات الوافدة عليها، وحتى وإن كانت وفادتهم تدشينا لعهد جهد جديد، ومرحلة تاريخية متطورة. وهي تعطيهم إسمها، وسماتها، وخيراتها، وتفرض عليهم واجبات حمايتها، وتصوغهم وفق قوانين اجتماعها، في نفس الوقت الذي تتسع لمواهبهم وثقافاتهم وألسنتهم وأديانهم أو تتبناها. وهذا أيضا يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. ولا ترفض الهوية السودانية الجامعة بالطبع، اللغة العربية، ولكنها لا ترفض كذلك اللغات الأخرى بل تحتفي بها. ونسبة لحاجة الجماعة الموحدة في الوطن إلى لغة مشتركة، فنحن نرشح اللغة العربية لتكون ذلك الوسيط، على أن تتطور هي نفسها لتكون لغة عالمية، علمانية لا يشعر المتحدث بها أنه ملزم، لهذا السبب، بالإيمان بدين غير دينه. أي فك الإرتباط الأيديولوجي بين اللغة والمكونات الثقافية الخاصة بجماعة في الوطن دون سواها، وتوسيع القطاع العلماني في التعبير بطابعه الإنساني الشامل، المتمايز عن الخطاب الديني الأصولي، الذي يحاول في كل مناسبة أن يستر ضعفه ويخفي تهافت منطقه، بالتحصن والتسلح والتصفح، بالنصوص المقدسة التي يحرفها عن مواضعها ويستغلها في استدامة أنماط تفكيره وإحكام أدوات سيطرته على العقول. وهو ما فعلته كل اللغات المتطورة في العصر الحالي، دون أن تكون عاجزة بالطبع عن التعبير عن القيم الدينية لمن يريد أن يعبر عن تلك القيم. ويتبع ذلك رفع الحرج، التأصيلي، الذي ابتليت به اللغة العربية على أيدي بعض ممثليها من حراس القديم، والمتمثل في تحفظها في الأخذ من اللغات السودانية الأخرى، من نيلية وحامية ونوبية بدويت، ومن الدارجة السودانية وترقية تعابيرها ورفعها كل يوم إلى مصاف اللغة الفصحى، كما ترفع الفرق الكروية التي تتميز في أدائها إلى المستويات الممتازة، باعتبار هذه اللغات هي المستودع الذي لا تنضب مياهه للتعبير اللغوي المعاصر والمتطور والذكي والطريف. وباعتبار قربها من الوجدان الشعبي ومقدرتها على التعبير عن أدق خلجاته. ويمتد رفع الحرج إلى الأخذ من اللغات العالمية كل ما تحتاج |ليه لغتنا لتكون بالفعل لغة للعلوم والفلسفة والإزدهار الأدبي والثقافي. ونخص هنا اللغة الإنجليزية، مذكرين بما حدث لهذه الأخيرة نفسها في بداية النهضة الصناعية، إذ تمثلت في ظرف عدة سنوات أكثر من عشرة ألاف كلمة من اللغة الفرنسية التي كانت أكثر تطورا منها، ليس في مجال اللاهوت، بل من حيث قابليتها للتعبير عن النهضة العلمية الكاسحة التي شهدتها بريطانيا في ذلك الوقت. ولا يساعد على تطور اللغة العربية في هذا الإتجاه، خطاب المهووسين من الأصوليين، الذين يريدون أن يوحوا في كل ما يكتبون بأن إجادة اللغة العربية مرتبطة باعتناق الإسلام. كما لا يساعد فيه ما يوغل فيه بعض اليساريين السابقين، من إبداء طقوس تدينهم في كل حرف يكتبونه، تملقا للمهووسين. وليربأ هؤلاء بإيمانهم من هذا الإستخدام غير الوقور. وهم على كل حال لن ينالوا رضا الأصولين ولن يأمنوا شرهم عن هذا الطريق. فأنت لا تأمن شر الإنقاذيين إلا بالإذعان لهم، إذعانا كليا، أو النهوض في وجوههم وكسر شوكتهم. فهم يفضلون الإذعان على الإيمان، في حالة التخيير بين هذا وذاك. وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فجنود إبن العاص كانت تصد أفواج الفلاحين المصريين عن دخول الدين الجديد، لأنهم حينها لن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والصغار هو الإذعان كما تعلمون. نرشح اللغة العربية، ونعتقد أنها يمكن أن تقوم بهذا الدور، دون استبعاد لأية لغة أخرى، وتجيئ المسألة كاقتراح لأن المجال مفتوح أمام تنافس لغوي لا يمكن حسم نتيجته بصورة مسبقة. وهذه أيضا من أمهات القضايا التي لا بد أن يدور حولها الحوار المفتوح والمثقف.

« الجماعة العربية الإسلامية »، التي يتحدث عنها عبد الله علي إبراهيم، هي جماعة عربية نقية العروبة، لم تخالطها دماء زنجية أو حامية، ربما لأن الجماعة العربية الإسلامية التي جاءت إلى السودان، أبادت شعبه الأصلي، من بناة الحضارات القديمة، الذين تمتد جذورهم إلى ما وراء التاريخ، والذين اختلطوا بهذه لأرض، يأخذون سيماءها وتأخذ سيماءهم، ويغيرونها بالفعل المديد، وتمتد فيهم وتخالط منهم الدماء. ربما أبادتهم القبائل العربية الباحثة عن الأرض والفضاء والماء والمرعى، والضائقة بمن لا ينتمون إلى شفرتها الجينية من الشعوب.« يسميها عبد الله الشفرة الثقافية» ربما ابادتهم هذه القبائل، لأننا لا نجد عند عبد الله تفسيرا لمقولته الذاهلة، حول النقاء العرقي لهذه القبائل، وحول أختفاء هذه الشعوب التي صارت أثرا بعد عين. إن أقل إتهام نوجهه لعبد الله هنا، هو أنه ذاهل كليا عن النتائج المترتبة على مقولته، وأنه عن طريق الخرق " بفتح الخاء والراء" الفكري القليل المثال أزال شعبا كاملا من الوجود دون أن يشعر أنه مطالب بأن يقول شيئا، ولو قليلا، عن هذه الصور التوراتية لزوال الشعوب. فهل جاءت القبائل العربية بنظرية عرفناها بعد ذلك عند اليهود، وهي قصة شعب بلا أرض، يبحث عن أرض بلا شعب؟ ولكن التاريخ والحقيقة أكثر حكمة من عبدالله، وأحكم منه كذلك جميع المؤرخين وعلماء الأنثربولوجيا والآثار، الذين قالوا، وأطنبوا في القول، أن الجماعات العربية الوافدة إلى السودان اختلطت بشعبه، وأن اختلاطها قد أذاب العنصرين في هوية جديدة، لا يمكن أن نسميها عربية خالصة إلا بمصادرة غافلة عن الحقيقة والواقع، ولا نفعل ذلك إلا لأننا نحقر جزء أصيلا من مكونات الهوية الجديدة، مما يفتح الأبواب لانفصامات النفس وفساد الوجدان وخلل العقل. ولا أحب أن أوحي من قريب أو بعيد، بأن عملية الإختلاط هذه شملت الجميع من العنصرين، بل لا أستطيع أن أحدد لها نسبا كمية دقيقة. كما لا أحب أن أتبع المنهج الشيلوخي في تقسيم الإنسان إلى أرطال من اللحم أو أوقيات من الدم، أضع لها قيما متفاوتة كما يفعل القصابون. ولكني اقول باطمئنان أن هذا الإختلاط وإن لم يشمل أغلبية العناصر السودانية العريقة، فإنه شمل الاغلبية العربية الوافدة، ودون أن يحط من شأن هؤلاء أو يعلي من أقدار أولئك. وهذه هي الحقيقة الهامة فعلا، وهي وحدها كافية لدحض مقولة عبد الله عن النقاء العرقي العربي.

والجماعة العربية المسلمة، في تعريف عبد الله، أصولية العقيدة محكومة بالشريعة الإسلامية في اقصى صورها بعدا عن العصر، وهي دعوة دعا إليها عبد الله مرارا وتكرارا، وطالب الآخرين بالإنتماء إليها. والجماعة العربية الإسلامية إنقاذية الإنتماء السياسي، منكفئة على ذاتها، رافضة للآخرين، كارهة للتعددية بكل أشكالها وألوانها. إنها سوية أيديولوجية غير متمايزة، مقولة ذهنية في ذهن مرهق مكدود، ذاهل عن العصر. أقول لعبد الله ولأمثال عبد الله، إنني شخصيا لا انتمي إلى هذه المقولة الذهنية. فليكف عن تصنيفي على هذا الأساس. إنني أنفي عن نفسي فكرة النقاء العرقي، بل تجري في عروقي دماء الأقوام السودانية العريقة، كما تجري في عروقي دماء عربية لا أنكرها ولا أتيه بها على الآخرين. وعندما أتحدث عن الدماء فإنني أتحدث بكثير من المجاز، لأن الموضوع الوراثة يتعلق بالحامض النووي، وبالمورّثات عموما، والتي تعطي الفرد خصائصه الجسدية، ومصطلح الدم، كمحدد للهوية، مثله مثل مصطلح القلب كمكمن للعواطف، مصطلح مجازي تخطته العلوم. ولا فرق بين دماء عربية أو زنجية، حامية أو سامية، ملكية أو عامية. كما يمكن للإنسان أن يغير دمه كليا ولا تتغير هويته في قليل أو كثير، وهو أمر يحدث أمام أعيننا كل يوم. ولا يقتصر الأمر على الذين يغيرون دماءهم لأمراض تصيبهم، بل إن الناس جميعا تتغير دماؤهم كليا أو جزئيا عدة مرات في العام الواحد. وقد آن لنا أن نتحرر من جهالاتنا "الدموية"! الدم حامل للحمض النووي ولكنه متمايز عنه تمايزا كليا. وإذا كان الأمر لا يتعلق بدماء نقية أو ملوثة، نحسها تجري في عروقنا، بل يتعلق بشفرة جينية، تكاد أن تكون، من فرط دقتها، مفهوما رياضيا، فإن جوهر المسألة يصبح هو قبولنا لأنفسنا وتأمل ذواتنا في مرايانا الخاصة، وليس النظر إليها بمرايا الآخرين. حينها سنكتشف كم هي جميلة هذه الهوية السودانية، وكم هي متمايزة عن الآخرين في نفس الوقت. ولكن مرايانا نفسها تحتاج إلى التطوير والصقل، لترى تلك القوى الهاجعة في بطن هذه الأم الرؤوم المعطاءة، "المملوءة الساقين أطفالا خلاسيين." وحينها سيكتشف السودانيون أن ما يطلبونه، أي يبحثون عنه، " قد تركوه ببسطام" كما نقل عبد الحي عن فتوحات إبن عربي المكية. فقد تميز السودانيون في كل أرض حلوا بها، لأنهم يملكون طاقة التميز والفوت، عندما يتعلق الأمر بالخصائص الجوهرية في الإنسان، أي علمه، وعمله، وأخلاقه وكرامته. أي لم يكن أكثرهم تفوقا، بالضرورة، أولئك الذين يحملون سمات خارجية أقرب إلى تلك المجتمعات الجديدة التي حلوا بها. ومن يتأمل هذا الأمر يعود إلى ذاته راضيا عنها مرضيا.

أتحدث عن نفسي في قضية الهوية، لدوافع ذكرتها تتعلق بالإختيار، وهذا زمن الخيارات الحاسمة، ولكني أعتقد أن ما أقوله عن نفسي ينطبق بصورة أو أخرى، وبهذه الدرجة أو تلك على كل هؤلاء المتحاورين حول الهوية، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، كما ينطبق على زعمائنا جميعا دون استثناء. ينطبق على الشريف زين العابدين الهندي، الذي قال أننا جئنا إلى هنا وتزوجنا الإفريقيات، ومن هنا جاءتنا هذه "الشناة"، في مناسبة حضرتها شخصيا، وفي قول أورده صديقي الباقر العفيف الذي تناول الهوية وكتب عنها ما لم يكتبه سواه، وحلل كلمات الهندي بما لا يحتمل الزيادة، كما تنطبق على أحمد الميرغني، وعلى أخيه محمد عثمان، وعلى الصادق المهدي، وعلى حسن عبد الله الترابي، وعلى محمد إبراهيم نقد وعلى عثمان محمد طه وغير هؤلاء. وقد طالبت هؤلاء جميعا، بأن يبرزوا " أشجار نسبهم" السودانية الحقيقية، التي يخفونها كما يخفي المرء عورته، كما ابرزوا من قبل أشجار نسبهم العربية المؤسطرة والمتخيلة، لأنهم إن فعلوا ذلك، فإنما يقدمون لأهلهم خدمة جليلة، تفتح لهم الطريق إلى التصالح مع أنفسهم، وإطراح الأوهام التي تضر ولا تفيد، عن أصلهم المتميز والمتفوق.

ثم يصل عبدالله بعد ذلك إلى قمة محاضرته، وهي في نفس الوقت قاعها، وهي دعوة الجميع إلى دخول برج الإنقاذ. يقول: « في هذا الصدد أري إنو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمي إلى النظم السيئة، مش النظم السياسية. ننتمي إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسوء. بقول كان البروفسور إدوارد سعيد ضرب مثل، وأنا أستعين بيهو هنا، قال إنو في كاتب فرنسي كان يكره برج أيفل جدا، لا يطيق رؤية برج إيفل، وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي، ويصبح برج إيفل بالنسبة له شبح وكذا، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل. قيل له: ليه. قال، لانو تلك اللحظة الوحيدة التي لا أرى فيها البرج «ضحكة». فيا أخوانا نظام الإنقاذ أنا بصفه بأنه برج أيفل لينا « ضحكة ». لا نطيقه، مزعج، كلنا عندنا مواقف حتى أنصاره « ضحكة ».»

دعوة عبد الله هنا هي أن ندخل برج الإنقاذ « ونأكل» منه حتى لا نراه. وهو يستعين على دعوته هذه، بالأمثلة، ويعاني في طرحها حرجا عظيما تنوء به الجبال، تظهره الضحكات العصبية المستوحشة، وتظهره العبارة المتهالكة، المستعصية على الفهم، ويظهره تداخل الكلام بعضه في بعض، و الزوغان في نهاية العبارة من معناها الواضح الصريح. ما الذي يجبر عبد الله على كل هذا العناء وهو المشفق على الجميع من الإرهاق؟ ودعونا هنا نناقش المثال الذي أورده عبد الله، وهو يقع في مجال المجاز، وإذا كانت لعبد الله مساهمة متميزة فهي في مجال المجاز وحده وليس سواه. رجل وحيد، غريب الأطوار، يكره برج إيفل، وليس غريبا أن يكون الرجل وحيدا وغريب الأطوار، لأن من يكره إنجازا حضاريا مثل برج إيفل يجب أن يكون كذلك. فهو يكره إنجازا حضاريا يمثل مصدر فخر للشعب الذي شيده، وتفخر به البشرية في عمومها لأن من عاداتها أن تفخر بمثل هذه الإنجازات. هذا الرجل يعتقد أن برج إيفل هو مظهره الخارجي وحده، أي هذا الإمتداد الفولاذي الذي يشق عنان السماء، وليس باطنه، بما فيه من عجائب هندسية ورؤية ساحرة، وأماكن للترويح عن النفس من ضمنها المطاعم التي يأكل فيها ذلك الرجل. رجل يجهل حقيقة يدركها كل الناس وليس السواح وحدهم، وهي أنك عندما تدخل برج إيفل فإنما تراه بصورة أفضل، بل يعتقد أنك إذ تدخله لن تراه. ما الذي يقابل هذا الرجل عندما يتعلق الأمر بمن يكرهون الإنقاذ؟ وما الذي يقابل برج إيفل عندما يتعلق الأمر ببنائها الداخلي؟

إن حقائق الواقع الماثلة تقول أن الاغلبية الساحقة من شعب السودان تكره الإنقاذ، لأسباب أقوى بكثير من تلك الأسباب التي تحمل بعض الشعوب على كراهية حكوماتها. والاغلبية الساحقة إن كرهت نظاما سياسيا فإنما تسقطه ولا تدخله. وهذا هو الطريق الذي يسير فيه شعب السودان حاليا، بعد أن ساعدته الحركة الشعبية لتحرير السودان على قطع نصف الطريق. ومهما تغيرت الأساليب فإن الغاية واحدة، وهو إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه طوبة طوبة، طال الزمن أم قصر. ولكن ذلك سيحدث عن طريق صعود الشعب السوداني مراقي جديدة في التمسك بحريته وحقوقه، وامتلاكه أدوات جديدة، سلمية في غالبها. وهذا أمر طبيعي فالإنقاذ بكل ما تمثله من فكر وممارسات عملية ليست سوى بثور علقت بهذا الجسم الجميل وهي لا شك زائلة. وهذا من طبائع الأشياء لأن الشعب الفرنسي، وليس ذلك الرجل الغريب الأطوار، إذا كره برج إيفل، فإنه سيقتلعه من " الجذور"، ليزيل الأذى عن خط باريس السماوي. ومن الناحية الأخرى، هل يمكن المقارنة بين الإنجاز الحضاري المتمثل في برج إيفل، و"المشروع الحضاري" المتمثل في الإنقاذ؟ ندخل برج إيفل فنأكل الفروي دوميغ، والكوت دو بوف،والفياند سينيان، وبعضنا يأكل شكروت الألزاس، وما يصاحبها من الأجبان والنبيذ المعتق.

فماذا نأكل عندما ندخل الإنقاذ؟ عبد الله نفسه يعطينا مثالا عمليا على ما يمكن أن نأكله، فمن ضمنه الدعوة الصريحة إلى الباطل الصريح ومن على رؤوس البيوت، وخيانة المثقف لواجبات التنوير وإستخذاؤه للطغاة، فقط لأنهم طغوا. وهو طريق لم يختره أولئك الفتية الذين حاضرهم عبد الله في أبي ظبي، أو نشر عليهم افكاره في السودان وفي بلدان الشتات. خيانة النفس، إذن، والتنكر لرسالة المثقف ، هي أفضل وجبة يمكن أن تقدمها إلينا الإنقاذ. ولكن ليس ذلك بالنسبة لها سوى "المقبلات". إذ تجيئ بعد ذلك الوجبة الرئيسة وهي مشاركتها في خطاياها جميعا، المكسوة بالقمع والمتوجة بالإبادة الجماعية للاقوام والشعوب، أما " التحلية" فهي إقامة الرفاه المادي للقلة الغليظة الحس، على خلفية من الإفقار المطلق لشعب كريم. "ثم ثانيا" كما يقول أحد أصدقائي وهو يطرح نقطته الخامسة: إذا كان ذلك الرجل يأكل في برج إيفل ويذهب إلى بيته، فهل يمكن الأكل في برج الإنقاذ والخروج منها بعد ذلك، وكل ليلة؟

أقول لصديقي عبد الله: دعوتك مرفوضة يا " أخا العرب"، لأنه مهما بلغ حب الناس لك، فإنه لا يبلغ مبلغا يجعلهم يختانون أنفسهم. فهم لم يحبوك على باطل، بل أحبوك على حق. فهل تسير وحدك في دربك الموحش؟ هل تواصل وحدك " رحلة بائسة"؟ هل تتوغل وحدك في صحراء الإنقاذ؟ هل تخوض وحدك في وحلها؟ وهل صار حتما مقضيا أن تقطع رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واحدة؟ الخيار خيارك يا عبد اللهّ. وأقول "وحدك" مشيرا إلى وحشتك في قطيع من الذئاب، وليس إلى خلو المكان من الآخرين، ومنوها بمجدك الذي بنيته على بسط ثوب الإستنارة عندما كتبت عن " الناس والكراسي" مذكرا اللبراليين الذين تعثرت ألسنتهم عن إدانة العدوان البربري على تراث الشعب، الذي قامت به عام 1968 هذه الفئة نفسها التي تدعو الناس إلى دخول برجها اليوم، بتلك اللحظات التي تعثرت فيها أرجلهم في باحات الرقص والمخاصرة في جامعات الغرب، وبذلك الفرح الخجول الذي لا يريدون أن يدفعوا مقابله شيئا.

سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.

في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الإعتذار": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الإستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. ( ترجمة غير رسمية). "رحلة " عبد الله القاسية من بداية محاضرته وحتى نهايتها أثبتت شيئا عكسيا تماما لمسيرة سقراط. فقد وضح أن هذا المفكر الوحيد في السودان، إن كان في السودان مفكر، كما قال مقدمه الكريم، هو الأكثر جهلا بموضوعه من جميع الذين كان يحاضرهم. ولا شك أنهم كانوا يمدون أرجلهم قليلا قليلا، كما فعل أبو حنيفة، كلما أوغل المحاضر في باطله وهرائه، حتى مدوها عن آخرها في نهاية المحاضرة، هذا إذا لم يفكر بعضهم في إطلاقها للريح. وأكاد أرى صديقي محمد الحسن محيسي، المتبحر في كثير من ضروب المعرفة، وهو يفعل ذلك تحديدا. وأحصر المقارنة مع سقراط هنا فقط، فالمقام لا يسمح بالحديث عن محاكمته وموته.

وأخيرا، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزنا كبيرا. وهو يعتقد أنه بالقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. أنظر إلى إشارته إلى موت جوزيف قرنق "الباسل"، مع أن محاضرته تلزمه أن يقول أن جوزيف قرنق مات من أجل قضية ليست قضيته، مات من أجل جماعة شمالية عربية مسلمة لا ينتمي إليها، مات من أجل وطن يضع عبد الله يده حاليا في أيادي من يريدون تمزيقه، وتقليصه ليكون في حجم مقدراتهم على القهر والتنكيل والسيطرة. أقول لصديقي عبد الله، خيارك الحالي يمكن ألا يكون نهائيا، إذا التفت قليلا إلى الوراء لترى أن مطارديك أصابهم الإعياء و " و الإرهاق غير الخلاق"، وبالرغم من أنهم لم يكفوا عن المطاردة إلا أن الصمود في وجههم ممكن وميسور، وقد استطاعه كثيرون لم يدقوا الطبول إعلانا عن صمود، فكيف تدق الطبول إعلانا عن هروب؟

July 10, 2004




Post: #68
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: salah elamin
Date: 04-20-2005, 02:51 AM
Parent: #67

استاذ الخاتم

فلتغطيك العافية .

وللاسرة الكريمة مزيد من الصمود
وسنري استاذنا الخاتم قريبا في سودان وطني ديمقراطي مزروع بالازهار في كل مكان
حتي لانترك لهم مكان لبناء السجون وبيوت الاشباح

سودان لا فيه اشباح لابيوتها

اشد علي يدك استاذ الخاتم وسلام لتيسير والاولاد

Post: #69
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Alia awadelkareem
Date: 04-20-2005, 03:02 AM
Parent: #68

القومة لقامة الوطن في عينيك

يديك العمر

والصحة

اللهم ترفق بة
اللهم عافية
بركة الاولياء والصالحين
وكل دقة قلب احبتة

شكرا كوستاوي


محبتي

Post: #70
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: فخرالدين عوض حسن
Date: 04-20-2005, 04:46 AM
Parent: #1

للاستاذ الاخ العزيز الخاتم

خالص مودتي وتقديري

واتضرع للعلي القدير ان يشفيه

ويخرج من هذه الوعكة اكثر صلابة وقوة


وانا اتفق مع الجميع علي القدرات الخلاقة والتميز في شخصية الخاتم

ولكن لدي ملاحظة اعتقد بانها جديرة بان اتوقف عندها

وهي

قوة شكيمة هذا الرجل

صلابته


قدرته الفذه في الدفاع عن رؤيته


ان الخاتم شخصية جديرة بالاحترام والتقدير

______



وقد استبشرنا خيرا في التجمع الوطني حينها ( النادي المغلق الان)

عندما حضر الخاتم اول مرة الي بريطانيا

وكان بحق اضافة ثرة للمعارضة الحقيقية

واجتمعناد. بشري هباني د. ادم بقادي

وكانت اول ندوة للتجمع شارك فيها الي جانب الخاتم الذي أثراها

الاستاذ التوم محمد التوم واحمد عقيل وفخرالدين عوض

وشارك في النقاش الراحلين خالد الكد وعزالدين علي عامر طيب الله ثراهما

وعقبها تعرضت العلاقة بين الاتحاديين وحركة حق الي برق ورعد

ولكن قلوبنا كانت ولازالت تنبض بحب كل من يعشق الوطن


والخاتم يعشق الوطن حتي الثمالة

وللخاتم واسرته كل الحب والتقدير

والامنيات بعاجل الشفاء




Post: #71
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-20-2005, 05:53 AM
Parent: #1

الخاتم عدلان الراجل السوداني بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني في الكرم والجود والهمة والبشاشة وكل شئ ... رغم إختلاف الناس معه فهو يعبر أيضاً عن جيل عريض له دوره المميز في الحركة السياسية السودانية ... هو أخ للجميع وأب للجميع وصديق للجميع ... له التحية والتجلة ... وربنا يحفظه ...
اللهم سهل له من أمره رشدا ... وأعطه الصحة والعافية .... وأنصره على المرض يا رحمن يا رحيم ...
آمين ...

Post: #72
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Amjad ibrahim
Date: 04-20-2005, 12:16 PM
Parent: #1

سلام جميعا

كتب الاخ الخاتم هذا الموضوع، بعد كتابته لعدة مقالات في الاضواء، و تحدث معي تلفونيا حين اتفقنا على نشر المقال هنا في صفحات سودانيز اون لاين، ان هذا المقال من افضل من كتبه في الفترة السابقة، و كان يتوقع ان لا يجد الاهتمام الكافي بعد عنوانه عن مواضيع الساحة الساخنة، و ان لموضوع ابن رشد دلالات عميقة، و اشارات لتاريخ يعيد نفسه باستمرار و بشكل مزعج، و كما قال الاخ الخاتم في حواره المفتوح في ديسمبر 2003، ان هناك تيار نكوصي باستمرار في ثقافات بعض الامم، و كان يعد المراجع لكتابة دراسة عميقة عن اسباب هذه الظاهرة في الدول التي نتقاسم معها نفس الثقافة، نتمنى ان يتعافي ليكمل محلاظاته الحصيفة في هذه المسائل و اليكم الموضوع مرة اخرى:-


انفاق وآ\فاق
الخاتم عدلان

أبو الوليد إبن رشد:
ما المنفى... وما هو الوطن؟

كان موت إبن رشد، الفيلسوف العقلاني، العربي الإسلامي، القرطبي، لحظة فريدة في تاريخ الفكر العالمي. فعندما مات أبو الوليد عن ثلاثة وسبعين عاما، كانت الحضارة التي انتمى إليها، وابدع داخلها، وحاول ترسيخ اقدامها على أرضية العقلانية المنسجمة مع ذاتها، ووقف بذلك كله على قمة منجزاتها المعرفية، قد ضاقت به، وضاقت عنه، وعبست في وجهه، بل ارتدت عليه بوجه غير رحيم، ونبذته نبذ النواة. ولكن حضارة أخرى، هي الحضارة الأوروبية الناهضة حينها، إنتهزت هذه الفرصة السانحة، ولم تضع وقتا ولا جهدا، ففتحت له ذراعيها، بل قلبها وعقلها، لأن القوى الناهضة داخل هذه الحضارة كانت متعطشة للأفكار الجديدة، متشوفة للإستنارة والضياء، وجائعة لثمرات العقل الناضجة.
وربما يعرف الكثيرون أن أبن رشد كان قمة فكرية سامقة. كان عالما في الفقة والقانون والكلام، فاشتغل بالقضاء، مواصلا تراثا عائليا مجيدا، ومترقيا في المعارف والمراتب حتى صار قاضيا للقضاة، بمسقط رأسه قرطبة. وكان عالما في الطب، ملما إلماما دقيقا بتراث غالين، وموسوعة الشيخ الرئيس إبن سينا في الطب، بل كان ممارسا بارعا وموفقا، مما أهله ليصبح طبيبا خاصا وصديقا مقربا من خليفة الموحدين بالمغرب، الأمير يوسف، ولابنه الخليفة يعقوب المنصور من بعده. ومع أن أبن رشد كان يمارس الطب في زمان غير زماننا، وبمعارف لا تقاس بمعارفنا، وبأدوات وأجهزة لايمكن مقارنتها بالأجهزة التي نملكها حاليا، إلا أنه لم يكن له مقابر تعرف باسمه شأن بعض الأطباء المعاصرين!!
كما أن ممارسته للطب كانت ممارسة راقية، لا يمكن تشبيهها بممارسة بعض المعاصرين، الذين محوا الفروق بين الطب وتجارةالماشية. نقول ذلك دون تعميم ودون ظلم لأولئك الذين يحافظون على نبل هذه المهنة العظيمة، رغم أن كل الظروف تعمل لغير صالحهم، بل تعاقب النابغين منهم، بلؤم وجحود، تقل نظائره.
ولم يتوقف إبن رشد على الممارسة، ولم يكتف بالتوفيق، بل ألف موسوعته الخاصة في الطب المعروفة باسم الكليات والتي تخرجت على يديها أجيال عديدة من أطباء تلك العصور.
كان ابن رشد عالما فلكيا، عارفا بعلوم الأوائل في الفلك، وخاصة اليونانيين، ومستقلا بمشاهداته الخاصة التي جعلته يستوثق من كروية الأرض عام 1153، عندما كان في إحدى زياراته العديدة والمديدة إلى المغرب، فشاهد نجوما لم يكن يشاهدها بالأندلس.
وكان ابن رشد معلما للأجيال، مؤسسا للمدارس، مؤلفا للمناهج ومقيما لحلقات المذاكرة الخصبة، الخالية من تأليه الذات. وكان قبل كل ذلك وبعده، فيلسوفا حاد الذكاء، باهر الرؤى، ألمعي العبارة، موسوعي المعرفة. وكأنما كان أبو الطيب يعنيه حين قال مادحا عبد الواحد بن العباس الكاتب:
الحازم اليقظ الأغر،
العالم الفطن الألد،
الأريحي الأروعا،
الكاتب اللبق الخطيب،
الواهب الندس اللبيب،
الهبرزي المصقعا.

فهاهنا فيوضات وسيول من المعاني، تتدفق فوق حواف الكلمات والبيوت، وتجعل البناء التقليدي للشعر يئن تحت وطأة الإبانة الجامحة، وهنا لهاث تحاول فيه موسوعية الواصف اللغوية، الإحاطة بموسوعية الموصوف الأخلاقية، في سباق يفوز فيه المتسابقان. وأعتذر لأبي الطيب لأن الصورة التي تقفز إلى ذهني ليست هي صورة عبد الواحد الكاتب الذي لا أعرف عنه الكثير، بل تقفز إلى ذهني صورة إبن رشد في رزانته المعممة وسمته الوقور، ونظرته النافذة .
ألف إبن رشد " تهافت التهافت" في الرد على تهجمات قوية، بليغة وشاملة، سطرها أبو حامدالغزالي في كتابة " تهافت الفلاسفة" المتنافس عليه بين الطلاوة والمغالطة، فاستطاع أن يواجه حججه بمنطق أكثر سدادا، وأن يشهر في وجه بروقها وصعواعقها ملقاط العقل الذي يبطل مفعولها ويتخطاها مواصلا مسيرته التي لا تخلو من العسر، في تربة تميل إلى الغزالي أكثر من ميلها إليه. ويضاعف من هذا الميل ويعززه، اللغة المألوفة للأكثرية من قراء ذلك الزمان، والحجج الأكثر قربا لوجدانهم، مقارنة بعبارة عصية وجافة تدعو لآراء غاية في التعقيد، ومنطق بالغ في الخفاء في بعض المواقع.
ولكن دور أبن رشد الفلسفي الذي يعد أكثر أهمية في سياق تاريخ الأفكار، هو شروحاته لفلسفة أرسطو في المنطق والطبيعة وما وراءها. أقول شروحاته وأضيف أنها لم تكن مجرد شروحات، بل كانت نشاطا عقليا، فاحصا وصبورا، يجلي الغوامض، ويظهر العلاقات الدقيقة، ويفك شفرات نصوص المعلم الأول المعروفة بكثافتها واقتصادها وإحكامها، وخلوها من الزوائد. بل يتخطى كل ذلك إلى التعميق والإضافة والعصرنة، وإلى إيجاد الخيوط الناسجة حيث لا توجد تلك الخيوط، وإلى التوطين الفكري لمواجهة المعضلات الفكرية الخاصة بالحضارة العربية الإسلامية، في ذروتها تلك التي بلغتها في زمنه وعلى يديه، وأيدي أمثاله من الفلاسفة المهضومي الحقوق في تاريخ تلك الحضارة.
وصل هذا العلامة إلى ما وصل إليه، لأنه أعلى من شأن العقل ومكانته، ورفعه على كل ما عداه، واهتدى بنوره في كل مساعيه، وشق به المجاهل في جرأة ونفاذ بصيرة. فبذل له العقل كنوزه جميعا، وأوصله إلى قمم الإنجاز المعرفي، التي اختصت بالوقوف على ذراها السامقة في ذلك الزمان الفلسفة العربية الإسلامية دون سواها.
ونسبة لأن ابن رشد أعلى مكانة العقل، فقد استطاع أن يرى بوضوح، أن جوهر العقل واحد، وذلك بصرف ا لنظر عن القوميات والتواريخ والأمكنة. فالعقل بالنسبة إليه لا يكون " فعالا" إلا من خلال وحدته. ولذلك لم يتردد، كما لم يتردد قبله أسلافه الميامين من الفلاسفة المسلمين العرب، في الأخذ من المعارف والحضارات الإغريقية أوالهندية أو الفارسية، دون حرج أو وجل. بل احتضنوا تلك الفلسفات وطوروها، ونظموا دررها في عقد فريد من المنطق الرصين.
ولا يمكن بالطبع، في هذا المقام، الدخول في أية تفاصيل حول نوع القضايا التي عالجها إبن رشد، فلذلك مواضعه ومجالاته، ولكن القضية الأهم هي مرجعيته العقلانية، وإيمانه بحرية الفكر، وبحدوى المحاورة، ودعوته لتأويل كل ما يبدو مخالفا لذلك من الشرع، للسماح بمزيد من التطور العقلي، وليس تكبيل العقل، وسد آفاقه، نزولا عند أهواء الرجعيين، وخضوعا لتلفيقات أصحاب المصالح.
هذا الوضع، لم يرق، بالطبع، للمتفيقهين وأمثالهم، إذ يصعب عليهم دائما العيش تحت ضياء العقل المنير، الهادي لطالبي العلم والمعرفة، والفاضح لعشاق الظلام. فتحرك هؤلاء، والغل يشوي صدورهم، و " الحقد يفري منهم الأكبادا"، للفتك بالرجل، والتنكيل به، والقضاء عليه وعلى إنجازاته الفكرية. وحركوا قوتهم ا لمتعددة الوجوه، والمعروفة القسمات، والمعروقتها أيضا، والمتمثلة دائما في مؤامرة محبوكة، وغوغاء من أنصاف المتعلمين وحثالات المأجورين، ودهماء تسعي بالإشاعات، وسلطان يخوض في مستنقع الفساد والتبذل، يستجيب لكل ضغط طالما لمح فيه فرصة لإطالة العمر ورفع مستويات الطغيان وصرف الاذهان عن المعضلات التي لا يملك لها حلا.
واستطاع هؤلاء، بعد تربص مديد بالشيخ الجليل، أن يجبروا الخليفة يعقوب المنصور، الذي كان قد قربه بوصية من أبيه، وزكته إليه خدماته الجليلة، فأسبغ عليه الحماية والرعاية، أجبروه، تحت وطأة الإبتزاز الديني، على إصدار مرسوم بعزل إبن رشد من كل مناصبه، ونفيه من قرطبة، بل وحرق جميع النسخ التي يمكن الحصول عليها من كتبه.
نفي إبن رشد إلى قرية أليسانةا لقريبة من قرطبة، والتي كان يسكنها اليهود، ثم نفي بعد ذلك خارج البلاد إلى المغرب. وتكفلت الغوغاء بالباقي: أحرقوا كتبه في أتون أشعلوه في كل المدن. ورأي العالم الشيخ حصاد عمره تلتهمه النيران، ورأى كتبه بخطوطها الرائعة وزخارفها الجميلة، التي خطها بأنامله الموهوبة، وهي تتلاشى في اللهب. كما رأى الكنوز التي خلفتها الإنسانية العاقلة من اليونانيين والفرس والهنود والعرب المسلمين، يبتلعها اللاعقل والجنون والمكر الوضيع. بل عاش ليرى " سفلة الدهماء"، كما سماها بحرقة مشروعة، وهي تطرده من الجامع القروي الصغير في أليسانة، وتمنعه هو وابنه من أداء الصلاة. وكانت تلك قمة المهانة الشخصية التي لحقت به، فهي تمثل لحظة منفلتة من السياق، يتناقض فيها الهوس الديني تناقضا كليا مع ذاته، ويصل في " حرصه المعتوه على الدين" إلى منع الناس من التدين!
الذين أحرقوا كتب إبن رشد كانوا يشعلون النار في رؤوسهم ذاتها، كانوا يحاولون القضاء على بلبال أفكارهم، وتناقضاتهم وقلقهم وإفتقارهم لليقين، بالقضاء على تجسيدها الخارجي الذي كانه أبن رشد. فما العقل سوى الشكوك والتناقضات والقلق، والأجهزة القائمة على حلها في العقل ذاته، ومن خلال الممارسة الفكرية والعملية؟ ولكن تلك الأجهزة لم تكن متوفرة للمهووسين، كان ذكاؤهم يوصلهم إلى مرحلة الشك، ويتركهم هناك في متاهته الموحشة، فيصيبهم رعب لا يوصف ولا يحتمل، يسعون إلى التخلص منه بأي ثمن. ولذلك كانوا، على مر الزمان، أكثر ميلا إلى البطش، وأخف خطى إلى مقارعة الحجة بالأيادي والسيخ وكل ما توفر من أجهزة الفتك وأسلحته، وأشد تعلقا بإغراق العقل في صخب الأهواء الجامحة، وتبديده في لهب النيران.
ويمكن أن نقول أن الحضارة العربية الإسلامية، حلت بها منذ تلك اللحظة ما أطلق عليها، من جانبي، "لعنة إبن رشد"، إذ لم تقم لها بعد ذلك قائمة، بل استسلمت للغباب، ولاذت بصمت القبور، ما عدا إشراقات متفرقة هنا وهناك. ولأن ما فعلته تلك الحضارة بابن رشد كان شاهدا على انحطاطها، فقد طويت راياتها بعد حين. وإذا كانت والدة الخليفة الأخير قد قالت له موبخة:
إبك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال

فإنما كانت تنعي فيما تنعي ذهاب العقل والإستسلام لأهواء الدهماء مع نبذ العقلاء من طراز إبن رشد.
بقي أن نقول أن فرادة موت إبن رشد، لا تتمثل فقط في حضارته التي نبذته بكل ما يمثله من سمو، بل تتمثل تلك الفرادة، على العكس من ذلك، في مآلات فكرة على يد الحضارة الأوروبية الناهضة، التي فتحت له كما قلنا، عقلها وقلبها، ودرست فكره في كل جامعات ذلك الزمان، رغم المقاومة الشرسة من الرجعيين أنفسهم في الجهة المقابلة. وتلك قصة شيقة نتعرض لها بعد حين.

Post: #73
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:00 PM
Parent: #1

لاتنحني

لاتنحني لو ينحني الصخر الاصم
وارتد وش الضئ غرب
لو عدي عكس الر يح شراع
وانهد حيلا فيك تعب
اتجرع الحنضل واقيف فوق المسامير بالغصب
لاتنحني .............. لاتنحني
ياقاهر العيشة الفقر يااقوي من جور السنين
فاضلك ايه وبتملكو غير صوتك الدوغري وسنين (حنين )
غير نجمك العالي الامين يهدي الضهابا المتعبين
غير منجلك وكدنكتك وتقاوي للجدب اللعين
لو سهدك ليل الهموم ............ لاتنحني
لو تسري من افقك نجوم........... لاتنحني
لو يحرقك لفح السموم ........... لاتنحني
ليك السلام وعليك سلام ........... لاتنحني
يامنتمي لفكرة ضد الانهزام ........ لاتنحني
مابت يوم والجار جيعان............. لاتنحن
ماشفت قدامك مهان وقدلت يافرس الرهان
يوم كبوتك انشاءالله مافال البنات
الزغردن غنوك ياجبل الثبات
وهتفن من مدن الشتات ......... لاتنحني
وهتفن من كل الشتات لاتنحني

Post: #74
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:18 PM
Parent: #1

لاتنحني ....... الكلام لمدني النخلي والالحات والاداء لسيف الجامعة والاختيار للاستاذ الخاتم عدلان .
في صيف 1998 كنا بالقاهرة الاستاذ الخاتم والصديق خالد سليمان وانا واسرة الاستاذ , ارسل الصديق مدني النخلي مجموعة من اشعاره لخاتم معي , قرأ خاتم ماارسل اليه وتوقف عند هذه القصيدة , وقال لي اريد هذه القصيدة ملحنة .
دعانا الاستاذ الصديق سيف الجامعة بمنزله العامر بالقاهرة علي شر ف خاتم , حدثت سيف عن رغبة خاتم . فوعدني بتلحين القصيدة واهدائها لخاتم وقد كان , معي شريط به القصيدة ملحنة بصوت سيف , سوف احاول انزالها بهذا البوست وايضا ارسالها لخاتم.

Post: #75
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:18 PM
Parent: #1

لاتنحني ....... الكلام لمدني النخلي والالحات والاداء لسيف الجامعة والاختيار للاستاذ الخاتم عدلان .
في صيف 1998 كنا بالقاهرة الاستاذ الخاتم والصديق خالد سليمان وانا واسرة الاستاذ , ارسل الصديق مدني النخلي مجموعة من اشعاره لخاتم معي , قرأ خاتم ماارسل اليه وتوقف عند هذه القصيدة , وقال لي اريد هذه القصيدة ملحنة .
دعانا الاستاذ الصديق سيف الجامعة بمنزله العامر بالقاهرة علي شر ف خاتم , حدثت سيف عن رغبة خاتم . فوعدني بتلحين القصيدة واهدائها لخاتم وقد كان , معي شريط به القصيدة ملحنة بصوت سيف , سوف احاول انزالها بهذا البوست وايضا ارسالها لخاتم.

Post: #80
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Marouf Sanad
Date: 04-20-2005, 06:38 PM
Parent: #75

Quote: يوم كبوتك انشاءالله مافال البنات
الزغردن غنوك ياجبل الثبات
وهتفن من مدن الشتات ......... لاتنحني
وهتفن من كل الشتات لاتنحني


الاخ العزيز بهاء
هذا هو الخاتم ,, وجميعنا ننحني له بالتحيه وننتظر عودته سريعا ,,

Post: #76
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:18 PM
Parent: #1

لاتنحني ....... الكلام لمدني النخلي والالحات والاداء لسيف الجامعة والاختيار للاستاذ الخاتم عدلان .
في صيف 1998 كنا بالقاهرة الاستاذ الخاتم والصديق خالد سليمان وانا واسرة الاستاذ , ارسل الصديق مدني النخلي مجموعة من اشعاره لخاتم معي , قرأ خاتم ماارسل اليه وتوقف عند هذه القصيدة , وقال لي اريد هذه القصيدة ملحنة .
دعانا الاستاذ الصديق سيف الجامعة بمنزله العامر بالقاهرة علي شر ف خاتم , حدثت سيف عن رغبة خاتم . فوعدني بتلحين القصيدة واهدائها لخاتم وقد كان , معي شريط به القصيدة ملحنة بصوت سيف , سوف احاول انزالها بهذا البوست وايضا ارسالها لخاتم.

Post: #77
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:18 PM
Parent: #1

لاتنحني ....... الكلام لمدني النخلي والالحات والاداء لسيف الجامعة والاختيار للاستاذ الخاتم عدلان .
في صيف 1998 كنا بالقاهرة الاستاذ الخاتم والصديق خالد سليمان وانا واسرة الاستاذ , ارسل الصديق مدني النخلي مجموعة من اشعاره لخاتم معي , قرأ خاتم ماارسل اليه وتوقف عند هذه القصيدة , وقال لي اريد هذه القصيدة ملحنة .
دعانا الاستاذ الصديق سيف الجامعة بمنزله العامر بالقاهرة علي شر ف خاتم , حدثت سيف عن رغبة خاتم . فوعدني بتلحين القصيدة واهدائها لخاتم وقد كان , معي شريط به القصيدة ملحنة بصوت سيف , سوف احاول انزالها بهذا البوست وايضا ارسالها لخاتم.

Post: #78
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:18 PM
Parent: #1

لاتنحني ....... الكلام لمدني النخلي والالحات والاداء لسيف الجامعة والاختيار للاستاذ الخاتم عدلان .
في صيف 1998 كنا بالقاهرة الاستاذ الخاتم والصديق خالد سليمان وانا واسرة الاستاذ , ارسل الصديق مدني النخلي مجموعة من اشعاره لخاتم معي , قرأ خاتم ماارسل اليه وتوقف عند هذه القصيدة , وقال لي اريد هذه القصيدة ملحنة .
دعانا الاستاذ الصديق سيف الجامعة بمنزله العامر بالقاهرة علي شر ف خاتم , حدثت سيف عن رغبة خاتم . فوعدني بتلحين القصيدة واهدائها لخاتم وقد كان , معي شريط به القصيدة ملحنة بصوت سيف , سوف احاول انزالها بهذا البوست وايضا ارسالها لخاتم.

Post: #79
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بهاء بكري
Date: 04-20-2005, 03:18 PM
Parent: #1

لاتنحني ....... الكلام لمدني النخلي والالحات والاداء لسيف الجامعة والاختيار للاستاذ الخاتم عدلان .
في صيف 1998 كنا بالقاهرة الاستاذ الخاتم والصديق خالد سليمان وانا واسرة الاستاذ , ارسل الصديق مدني النخلي مجموعة من اشعاره لخاتم معي , قرأ خاتم ماارسل اليه وتوقف عند هذه القصيدة , وقال لي اريد هذه القصيدة ملحنة .
دعانا الاستاذ الصديق سيف الجامعة بمنزله العامر بالقاهرة علي شر ف خاتم , حدثت سيف عن رغبة خاتم . فوعدني بتلحين القصيدة واهدائها لخاتم وقد كان , معي شريط به القصيدة ملحنة بصوت سيف , سوف احاول انزالها بهذا البوست وايضا ارسالها لخاتم.

Post: #81
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-20-2005, 11:27 PM
Parent: #79

love u all

Post: #82
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: jini
Date: 04-23-2005, 04:39 AM
Parent: #1

A GREAT FABULOUS,LEGENDARY,HISTORIC AND GORGEOUS CHAPTER OF SUDANESE PATRIOTISM HAS BEEN CLOSED
MAY ALLAH REST HIS SOUL IN PEACE AND SAVE SUDAN
jini

Post: #83
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: عبداللطيف خليل محمد على
Date: 04-23-2005, 04:46 AM
Parent: #82

لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

...

Post: #84
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-23-2005, 08:46 AM
Parent: #83

.

Post: #85
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Tumadir
Date: 04-23-2005, 09:06 AM
Parent: #84

.

Post: #86
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 04-23-2005, 09:34 AM
Parent: #1

...
...

Post: #87
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Afaf Rahim
Date: 04-23-2005, 09:39 AM
Parent: #86

We miss you and will always miss you so much

Post: #88
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-23-2005, 10:07 AM
Parent: #87

مات الخاتم ود عدلان
رغم نصيحتى له
ولن
يمت

>

Post: #89
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: nour tawir
Date: 04-23-2005, 10:15 AM
Parent: #1

اخونا العزيز كوستاوى

شائت مشيئة الرحمن الا يمسع دعاك

ولا نقول الا ما يرضى الله

وانا لله وانا اليه راجعون...

Post: #90
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: sharnobi
Date: 04-23-2005, 10:41 AM
Parent: #1

رحل
كنت اتمنى ان التقيك فى ربوع الوطن
افتح معاك نقاش لم ينتهى


كنت اختزن فى الذاكرة مواقف...
وكنت اجتهد لكى اعبى نفسى بروح الحوار
وكنت رغم الذى كان فى حلقى قصة حين ابيت ان تكون فى فى المكان الذى عرفناك فيه
وسط من زينت صودرهم.. كلام النضال..
رحلت....
لماذا ايها الذى رسم فى عقولنا.. خيال النضال

لا ادرى
سطرت اسمك... فى دفاتر الحضور بالحروف التى زينت صدور الرجال

انعيك
لرفاقك دربك
اصدقاؤك
الذين كانوا حول يرسمون الفرح
لعبد القادر الرفاعى
لمحمد وردى
لكل من كان يرتاح على ضفاف الابداع
كنت
يا خاتم
فصلا من الحزن حين افترقت بنا الدروب
وكنت فى الخيال مصدر للحزن ... لاننا كنا نحبك
ونرى فيك... ملامح.. التغير..
كنت نحتذى بك..
وكان حزننا الاول لفراقك من درب عرفناك فيه
ولكن رحيلك الفاجعة... اسدل على الحياة سواد
وصادر الكلام..
ايها العزيز
حين
ناجاك.. صديى نصر الدين هجام
وتوسلك ان لا تموت
انتابنى خوف .. حتى لم اتجرأ لكى اتطلع على الكلامات
ارهبنى عنوان البوست

ايها الرجل
لقد رحلت.. متسارعا...
عن وطن.. كنت تحلم به

ابكيك
بدمعتى ابت ان تجف
لك من الحزن بقدر
خفقات قلبك للوطن
وداعا
يا خاتم عدلان

Post: #91
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Maha Bashir
Date: 04-23-2005, 11:02 AM
Parent: #90

بسم الله الرحمن الرحيم
أنه يوم حزين حزين

لا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم ارحمه وأسكنه فسيح جناتك و الزمنا و أسرته و معارفه و السودان الصبر
يا له من فقد جلل ويا له من خبر؟؟؟؟؟؟؟
انا لله و انا اليه راجعون

Post: #92
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Sabri Elshareef
Date: 04-23-2005, 12:39 PM
Parent: #1

رحمه الله واغدق عليه الرحمة فكان كثير العطاء واسع الصدر
ذو بصر وبصيرة وخلق رفيع ومواقف يسرنا ان ننظر فيها ونستلهم
منها العبر يا خاتم نم قرير العين ونواصل في سكتك سكة الحرية
والعلمانية والدفاع عن البسطاء ربنا يتولاه بعنايته

Post: #93
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: بشري الطيب
Date: 04-23-2005, 12:44 PM
Parent: #1

..

,,

..
,,,,
.....
,,,,,,

Post: #94
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: hala alahmadi
Date: 04-23-2005, 12:50 PM
Parent: #93

Quote:
مات الخاتم ود عدلان
رغم نصيحتى له
ولن
يمت



******

Post: #95
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Hani Abuelgasim
Date: 04-23-2005, 01:24 PM
Parent: #1

ماذا عسانا أن نقول



لو أن الدمع يعيدك .. لذرفنا من أجلك بحارا ..

لكن الدمع يأبى إلا أن يحاول

Post: #96
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Outcast
Date: 04-23-2005, 02:24 PM
Parent: #95

Quote: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........


أنا لله و انا اليه راجعون ....

و لا عزاء لسوداننا ....

Post: #97
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: محمد عبدالرحمن
Date: 04-23-2005, 02:43 PM
Parent: #96

ورحل ..ذهب رغم النداء

تسامى ورحل ..

مبستما صامدا جسورا ..

اجمل الناس خلقا وفكرا وروحا ..رحل

له الرحمه ولنا حسن العزاء

Post: #98
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: نادية عثمان
Date: 04-23-2005, 07:39 PM
Parent: #97

قدّر الله ..وماشاء فعل !!

انها ارادة الرب اخى كستاوى

فقط فلنرفع الاكف داعين له بكامل الرحمة والمغفرة

رحمه الله رحمة واسعة

Post: #99
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-23-2005, 11:09 PM
Parent: #98

رحيل الخاتم عدلان.. الكاتب والمترجم في «الشرق الاوسط» والسياسي السوداني
لندن: «الشرق الأوسط»
4/24/2005
غيّب الموت فجر امس (السبت) الزميل الخاتم عدلان الكاتب والمترجم في جريدة «الشرق الأوسط»، بعد صبر وصراع مع داء السرطان. وحدثت الوفاة في منزله بشمال لندن.
والخاتم عدلان شخصية معروفة على المستويين الثقافي والسياسي في بلاده بالذات، وفي الاوساط الاعلامية والسياسية العربية. وعرف منذ شبابه كسياسي مبرز في حركة الطلبة، وكثيرا ما تعرض للاعتقال والملاحقة وأمضى في السجون فترات اعتقال وصلت سنواتها الى ثماني سنوات، كلها في فترة حكومة الرئيس السوداني الاسبق جعفر نميري.

وشق نعيه على اوساط الجالية السودانية والناشطين في الحركة الثقافية والاجتماعية في المملكة المتحدة وزملائه في الصحيفة والعمل العام.

ولد الخاتم عدلان عام 1949، في قرية «أم دكة الجعليين»، احدى قرى اقليم الجزيرة بوسط السودان. ودرس التعليم العام في مدينة مدني، والجامعي في جامعة الخرطوم التي تخصص فيها في علم الفلسفة واللغة العربية. وخلال عمله في «الشرق الأوسط»، التي التحق للعمل فيها عام 2001، ابدى عدلان ممارسة مهنية عالية، ترجم خلالها العديد من المقالات، كما شارك بالكتابة في صفحات الرأي وعالم النشر والثقافة.

ولعدلان العديد من المؤلفات، منها «آن أوان التغيير»، التي انتقد فيها التجربة الاشتراكية. كما ترجم العديد من الدراسات الفكرية والمقالات من العربية الى الانجليزية، وبالعكس، أشهرها رواية «المترجمة» للكاتبة السودانية ليلى أبو العلا (انجليزي ـ عربي)، ورواية «مذكرو» للكاتب مروان حامد الرشيد.وكان عدلان قد بدأ حياته الثقافية والسياسية مبكرا، منذ فترة الدراسة الثانوية، ولعب دورا سياسيا مشهودا في النشاطات السياسية والثقافية في جامعة الخرطوم. واختلف مع الحزب الشيوعي السوداني، وانتقد النظرية الاشتراكية وشكل حركة سياسية جديدة هي «الحركة السودانية للديمقراطية والتقدم»، التي غيرت اسمها اخيرا الى «حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، وظل رئيسا لها حتى وفاته.

وسيصلى على جثمانه بعد غد (الثلاثاء) في لندن، وينقل بعدها الجثمان الى الخرطوم، حيث سيوارى الثرى. ويقام المأتم اليوم وغدا في منزل الفقيد بمنطقة وود غرين:

26 Mayfair Gardens , London N17 ويمكن الاتصال بالهاتف:

07904698279 -

Post: #100
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Ehab Eltayeb
Date: 04-23-2005, 11:12 PM
Parent: #1

رحل عن دنيانا ..غيب الموت جسمه, ولم يغيب آثاره.. وذكراه..

فقد كتب اسمه باحرف من نور علي سجل النضال السوداني

التقيناه بواشنطون قبل شهر قاهرا بحبه للوطن.. ألم المرض.. ووطأة الحمي

حاملا بين ثناياه السودان.. حاديا.. وهاديا.. وقابضا علي جمر القضية..

ذهب ولم يساوم في رسالته ..وضع لبناتها..واداها..

ذهب الي ملك الملوك...

نسأل الله عز وجل ..ان ينزل عليه شآبيب الرحمة والمغفرة..

Post: #101
Title: اوعك تموت يالخاتم ود عدلان ...... بتطلعى انتى من صوت طفلة وسط اللمة.....
Author: Ahmed Daoud
Date: 04-23-2005, 11:50 PM
Parent: #1

رحل الفارس
المناضل الجسور
انه لفقد عظيم
ومصاب جلل
لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم..


أحمد داود NZ

Post: #102
Title: Re: اوعك تموت يالخاتم ود عدلان ...... بتطلعى انتى من صوت طفلة وسط اللمة.....
Author: محمد النعمان
Date: 04-24-2005, 01:43 AM
Parent: #101

ثمَّ إنك لن تكونَ "خاتمَ" رُسُـلِنا إلى الفكرةِ البديلة. محمد النعمان


لقد عاش غيرك – يا سيدي الخاتمُ – أرذلَ الخياراتِ وأسهلها ، ليكون له أن يموتَ في أرذل العمر.

أمّا أنتَ فقد اخترتَ – إمتثالاً للتاريخيِّ في الواقع ، وللعقلانيِّ في الذات – أن تعيش شرطَ اليساريِّ القاسي ، في غربته وتجلده ، في صدقه وتنسكه ، في نقده للذات كما في انكشافه المريع ِ ، أيضاً ، لقمع السلطةِ وبطشها.

وقد اسـتطعتَ – في ثباتٍ ومثابرةٍ – أن تمنحَ فضاءنا السـياسيَّ شاكلة ً راسخة من جسارةِ الفكرةِ وبسالةِ الفعل وجدارةِ الإنتماء إلى خيار ٍ نظيف.

وها أنتذا تذهبُ في ريعان العمر ، ومجـده.
فإن كنت قد مِتَ في ربيع المنافي – يا خاتمُ - فإنّ الذي قتلكَ ويقتلنا ، بالحقِّ ، لهو صيفُ هذا الوطن المختطف ، وسيفُ جلاديه المقدَس.

لقد كنا ، بالطبع ، نتوّقعُ موتك المعلن ، لكننا أيضاً لم ننتظره.

وكيف كان لنا أن نتقبّـل مستبسـلينَ ذلك المعنى الفظَّ في موتك وأن نعترفَ مستسلمينَ بأن اليسـار ، الضئيلَ في كَمِّه والمتشـظي في فعـله ، كان – في واقع الأمـر – على وشـك أن يخسـرَ ، برحيلكَ ، جـيلاً كامـلاً كـان أن أودع مبلـغَ تحصيله المعرفيّ وزبدة بصـيرته السـياسية في ذهـنك الوقّـاد ثم بعثك إلى الناس نظيفاً ، عفيفاً وجسوراً على النحو الذي صرت إليه؟

حين إلتقيتك قبل شهـور قـليلةٍ ، هنا بواشـنطون ، كنتَ – كعادتكَ – واضحَ الذهن ، عاشـقاً لأرضك لا مسـاوماً في معاركها التأسيسية ، رائياً دون توهُّم ٍٍ أو انفصام ومنفتحاً على الآخر كندٍّ سياسيٍّ دون شهوةٍ في استقطابٍ مقيت.

ثمّ رأيناك أيضاً وأنت تعلن – من موقعك كمفكر ٍ عضويّ – أن البروتوكولات التي تمَّ توقيعها بين الحركة الشعبية وإنقلابيي الإنقاذ إنما تتجاوز ، بفحوى بنودها الموقعة ، طرفيّ ذلك التوقيع وتتعدى مصالحهما المحدودة كتنظيمين سيتقـلدان السلطة حصراً. ففي حدود القراءة التي تبنيت نشرها على الناس ، فإن تلك البوتوكولات تنطوي على كسبٍ جذريّ ستشمل نتائج تطبيقاته كافة قطاعات الشعب السوداني.

كنت تتلفت قلقاً وأنت تبحث عما يرشح ويؤهل القوي الإجتماسياسية التي ينبغي أن تقع على عاتقها مهامُ إنفاذ ما اتفق عليه وأعباءُ حراسته بصمامةٍ واقتدار ، وذلك ضمن مشروع ٍ شامل للتحوّل الإجتماعيّ في السودان.
تلفتَ ملياً ، يا سيدي ، ولم تستثن ِ أحداً من قطاعات القوى الحديثة وطلائعها.

ثمّ إنه لم يرعبك أبداً مصطلح العلمـانية ، كما ظلّ يفعل بغيرك الأباطيل.

فقد تكرّس في خطابك كمصطلح ٍ طلق ومفهوم ٍ ثرٍّ لا يتلجلج كما هو شأنه في سيرك السياسةِ المحترفة.
لقد ذهبت واضحاً لا متفاصحاً ، يا سيدي ، إلى أن الدولة العلمانية هي شرط الوحدة الموضوعيّ كما إنها هي الضمانة المؤسسية التي تكفل تحقيق تلك القيم التي من شأنها وحدها الاستجابة لتطلعات الشعب السودانيّ في تعدده وتنوعه الإجتماثقافيّ.

لقد كرّست - يا خاتمُ – عمرك القليل لخدمة قضايا اليسار لأنك قد رأيت باكراً إنها هي ما بمقدوره أن يلبي الطموحات التاريخية لشعبك.
فإن كنت قد فعـلت ذلك يا سـيدي طوعاً وإختياراً ، فإنه لن يكون لأحـدٍ أن يقول الآن إنك قد "أفنيتَ" عمراً عمـيقاً في الدفاع عن مبادئك والزودِ عن حقِّ ممارستها.
من كان مثلك ، يا سيدي ، لا ينقضي بالموت فتنفد صلاحيته تماماً.

لإنْ كنت "خاتماً" ، ذلك الذي ذهب متوّجاً بمحبتنا وبإحترام غريمه وجلاده معاً
فاسمح لي أن أقول لك بأنك سوف لن تكونَ "خاتماً" لرسل هذا الشعب الذي أبدعك فأبدعتَ ، له وبه ، موقفاً حازماً وفعلاً عارفاً وفكرةً بديلة.
وما من أحدٍ بيننا سيبتدر درساً تاريخياً في مسائل الثورة والتحوّل إلا وألفاكَ متجذّراً في واعيته ، واضحاً فيها كعلامـةٍ فارقة.

فلك أن تذهبَ ، إذن ، يا خاتمُ ، حيث شئتَ أو شاءَ غيرك
فإنك قد كنتَ ، بالحقِّ ، ذلك اليساريّ الضخمَ
الذي امتحنه شعبه في أسوأ أحوال تاريخه اضطراباً وردّة ،
وامتحنته المعرفة في أكثر لحظاتها تحوّلاً وارتباكاً ،
لكنه – من بعدُ – لم يتراخَ و لم يسقط.


نعمان

Post: #103
Title: Re: اوعك تموت يالخاتم ود عدلان ...... بتطلعى انتى من صوت طفلة وسط اللمة.....
Author: nazar hussien
Date: 04-24-2005, 03:22 AM
Parent: #102

متل ود عدلان بيقولوا عليه رحل ولم يمت....فهو يمشي بيننا بروحه
وفكره....وسيظل يمشي...بيننا بذات الفكر الثاقب...والروح الكبيره
السامية...

تغمده الله برحمته وابدله دارا خيرا من دارنا....

فعزائي الصادق لك اخي كوستاوي ...انت اعني...وقبلك لاسرته الصغيره
صبرهم الله ...وقبل كل ذلك..عزائي اصدق لكل افراد الشعب السوداني
من اقصاه الي ادناه...غربه وشرقه...

وعلينا واجب ان نجمع كل ما اختطه الخاتم...في مسيرته الفكرية
ليكون نبراسا نضيء به ليالينا المعتمة...

Post: #104
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: ابو مهند
Date: 04-24-2005, 04:55 AM
Parent: #1


رحلت ولم تساوم

لمن تركتنا ياعدلان?
من من بعدك يسعدنا?,,وانت الذي قال قبل 12يوما من رحيلك انك سوف تهزم المرض اللعين بدعواتنا وحب الناس الطيبين لك!!!والله العظيم اننا نحب ونحب كلماتك الطيبات..هل قصرنا في دعواتنا وحبنا لك?

Post: #105
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Ibrahim Algrefwi
Date: 04-24-2005, 08:32 AM
Parent: #1

.......
.......

Post: #106
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-24-2005, 10:52 AM
Parent: #105

This piece was written by Dr. Sondra Hale on Sat. 4/23/2005.
(Intifada G. E.)


Another passing of a dear friend.

I knew Khatim when he was a university student in the 1970s. In
1971-72, when I was in Khartoum doing my dissertation research, the flat that I occupied in Amarat was considered a "safe" house for bringing Khatim (who was underground at that time) to socialize a bit. So, he would be brought by some mutual friends to my flat late at night and I had a great opportunity to have long political discussions with him. I remember that I was arguing a Maoist position then, and he was, of course, arguing a Marxist-Leinist position. I felt so privileged to be able to have long and heated discussions with him about Sudanese politics. It was an important part of my education.

Then in 1996 he was in Asmara, where I was doing some research for the
summer. We had not seen each other all those years, but he had heard I
was in town and came to visit me in my hotel. He had come for a brief time to celebrate the first anniversary of Al-Haq. We spent some time together because we had many years to catch up on. He had been in prison during some of my other Sudan visits. He also wanted to introduce me to his new party. We went to his headquarters, met some of his colleagues, and had more political discussions. Of course, by that time he had dropped out of the Party and was arguing very different politics (causing us to disagree more sharply). However, I always appreciated his humanity and his keen, wonderful mind. At that time he was keen to translate my book on gender politics into Arabic and we had communicated about that through these last few years. I am now so regretful that that project never happened. It would have been my most wonderful memory of him. For the last two years we had lost contact, for which I am now very regretful.

I will remember him always as one of the people in my life who was very
influential to my thinking, but also I will remember him as a fighter
for freedom and justice and as someone who sacrificed a great deal for his ideals. I will also remember him as a comrade someone who never quit. I will miss him.

My deep condolences to his friends and family. And my sadness for all of us.

Sondra

Post: #107
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-24-2005, 06:53 PM
Parent: #106

مشاهد، صور، فيديو من الندوة التي أحياها الاستاذ الخاتم عدلان بفلادلفيا في 19 فبراير 2005

http://www.snrphiladelphia.net/alkatim6.htm

Post: #108
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: برير اسماعيل يوسف
Date: 04-24-2005, 07:39 PM
Parent: #107

لقد مضي خاتم السودان كالنيزك و لم يستجب الموت لكل هذه الدعوات و الرجاءات... تري لماذا فعل الموت ذلك؟ الا يدري باننا بحاجة للخاتم الانسان الان و قبل اي وقت مضي؟ كم تعيس هو حالنا الان.

Post: #109
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-24-2005, 10:23 PM
Parent: #107

آخر لقاء جماهيري سياسى للشهيد الخاتم ود عدلان. مشاهد، ص... فيديو (أحمد المرضي)

Post: #110
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-26-2005, 06:16 PM
Parent: #109

http://khatimadlan.blogspot.com

Post: #111
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: إيمان أحمد
Date: 04-26-2005, 06:23 PM
Parent: #110

يا للحزن يا كوستاوي
ويا للأسي

Post: #112
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 04-26-2005, 07:00 PM
Parent: #111

لك و لنا العزاء يا أستاذه
و لا تحرمونا من
أدوات تخفيف الألم و الفجيعة
كونوا معنا
دائما
to help us on
الإجابة على الأسئلة الصعبة

welcome back

Post: #113
Title: Re: أوعك تموت ياالخاتم يا ود عدلان........ بتطلعى إنتي من صوت طفلة و سط اللمة......
Author: Kostawi
Date: 05-03-2005, 03:35 AM
Parent: #112

Very...very sad