عشــــة ناشــونـال ( عندمـا تكون الحبـّوبة بحجم الانتمـاء)

عشــــة ناشــونـال ( عندمـا تكون الحبـّوبة بحجم الانتمـاء)


06-11-2004, 10:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=246&msg=1189066242&rn=0


Post: #1
Title: عشــــة ناشــونـال ( عندمـا تكون الحبـّوبة بحجم الانتمـاء)
Author: حبيب نورة
Date: 06-11-2004, 10:40 PM



تعبٌ هو البرق الذي لا يضئ اقبية الخبايا ,, وغبيةٌ هي التواقيت التي
لا تنتهي بزمنٍ اّخر ...زمناً جديد ....ولكني ما ذلت أطارد فكرة الفكرة
و احاول الفكاك من شتاتي ..مع اني ألمحُ بعض الانبثاقات التي تلحُّ
في أطلالةٍ خجولة....لا تكاد تجد لها مكاناً في تزاحم مجاهيل الدياجي
التي تستعصي علي قدرة الاشراق ..مع ان القمر الناضج يكابد لكي يمدّ
أليّ انامل الضياء....ساعة ان تسلّل منه شعاع أبيض ابتلّت حواشيه
عندما تعرّض لحمام مطري منعش يغري بالكري ...فأتاني ناعساً و
في قمّة يأسهِ من ولادة عالم بلا أظلام...يبدو أنهُ اّثر الأنزواء والانتحار
في مياه النهر الذي يرقد في الجوار...وحقيقة الامر انه ألقي بنفسهِ
للموج قربناً لموسم الخصب بعد أن تدلّلت عروس النيل ..وغالت في مهرها

اما البيوت الطينية المتناثرة بغير انتظام...ونباح كلاب القرية فقد أعطت
أنطباعاً واضــحاً عن بدائيةٍ مستحدثة...لتلك المساكن الريفية المتناهية في
البساطة....وشكل الحياة في قرية ( ود كديس) أحدي قري الولاية الشمالية..


جدتي( عشوشة) تدفعني دفعاً للجنون بأسئلتها الكثيرة..وسيل صراخها
الذي لا ينقطع وهي تعلن للجميع وجودها وهيمنتها علي مقاليد الحكم
في المنزل...اللعنة فهي تشوش علي أفكاري!!...فهذه المراة تكثر من الحديث بصورة غريبة جداً ... لاتشعر حيالها ألا بالرغبة في الفرار ..وحقاً
لم يجني عليها أخي الاكبر حين أسماها ( عشة ناشونال) علي غرار
ماركة الراديوهات الشهيرة ( انترناشونال) ولكنها طيبة لدرجة تعجز عن
وصــفها حتي أذا أستعنت بجميع أشعار العرب في المديح..
وبعد ان تفنّنت في تعزيبي بشتي انواع الطلبات والمراسيل ..قررت ان
أخلي ساحة المعركة... و الجأ لأقرب مخرج طوارئ..ولكنها شعرت برغبتي
في الهروب...و انتهرتني قائلة : ياسين يا قاشرييييين !! يا ولد وين ماشي في نصايص الليل دة ؟

قلت ليها : يا حبوبة انا مارق اشوف الغنم دي مالها بتكورك في الزريبة!
قالت لي سمح يا ولدي لكن الرسول كان ما دخلت معاك ( السخيلات)
جوة البيت ...باقي السما دة بطنوا طامّة الليلة..ممكن المطرة تصب هسة.

وما صدقت لقيتلي حلل منها وربنا فكاني من الولية...ودخلت برّة ! لانو المرقة من بيت مزعج زي دة زي الدخلة للفردوس...والله الحاجة نضامة
ونجاضة...لا حولة لا قوة منها ومن كلاما الكتير دة..

قادتني خطواتي ألي جدار مائل يريد ان ينقضّ و لم يكن تحتهُ كنز..لذا
لم يقيمهُ احد...وقبالته صخرة ضخمة جاء بها السيل في موسم السيول
والامطار... ألقيت نفسي عليها.. وبدات في أستعراض الماضي كسيناريو
اجباري لا أستطيع الفرار منهُ ألا أليهِ . وفي هذه اللحظات بدأت السماء
تكـــحُّ قليلاً ... وخشيت أن يشتدُّ بها السعال فتمطر خاصةً و أن حمـّي
المناخ مرتفعة بعض الشئ هذا المساء.... والجو خانق وهذه اعراض الهطول.. حسب درايتي بمثل هذه الامور.!!
جدتي ( الحاجـّة عشة) كانت في الماضي امرأة سيئة الحظ في الزواج
وسؤ حظها هذا أسعدنا ولم يشقينا.... لاننا من خلالهِ تشرفنا بالأنتساب
ومصاهرة سبع قبائل سودانية... فكانت لا تكمل السنة مع زوج .. ألا وأحتملهُ الموت الي البعيد عنها قريباً من الله.. فكان هذا دأب الاقدار
دائماً معها....ماعدا زوجها الاول جدي( الحاج سليمان) الذي امهلتهُ الاقدار
كثيراً ... ومدذت لهُ بأسباب البقاء ...ومكث معها أربعة سنوات كاملة لا تنقص... و انجبت منه ابنها الكبير و ثلاث بنات ... وما ذالت تزكرهُ بالخير
كلما جاءت سيرة زوجها الاخير ( ود النعيسان) أو ( بيضة الديك) كما تسميهُ جدتي ...ساخرة من ضعفهِ وهشاشة بنيتهِ وقلّة حيلتهِ
وهو الوحيد الذي لم تنجب منهُ .وخرجت منه خالية الوفاض .
وبين الاثنين تزوجت خمسة زيجات .. لانها كانت لا تصدق خروجها من الحبس الانفرادي... حتي تفكر في زيجةٍ أخري... وبفضلها صاهرنا الدناقلة
والمحس والجعليين والشايقية والتعايشة... وحتي ادروب لم ينجو من نسبنا الكريم..حين تزوجـت من قبيلة الهدندوة.


وحين أتأمل مسيرة هذه الاسرة الغريبة المتفرعة ... أجد ان السودان كله
موجود في قالب هذه العائلة والنسيج الاجتماعي لها في منتهي الألفـة
والتعايش السلمي والحب الكبير.... وقد تنشأ احياناً بعض الصراعات القبلية
والجهوية... وقد تظهر بعض العنصريات ...داخل البيت وكان أغلبها يتمثّل في
عراكات الصغار التي قد تتطور لتجر الامهات والاّباء في حبالها ولكن عندما
تتدخـّل جدتي سيدة هذا العالم الصغير وهي تتوكــأ علي عصاها وتهشُّ
بهِ علي القوم ... تنفضّ النزاعات فوراً دون داعي لاستعمال القوة العسكرية.

تعلمنا أن نحب بعضنا البعض... تعلمنا أن نتكاتف سوياً ..وحقيقةً جعلي
ودنقلاوي وشايقي أيه فايداني....غير حتة خلاف خلّت اخوي عاداني
يكفي النيل أبونا والجنس سوداني ورحم الله ابراهيم العبادي بقدر ما اعطي ورسّخ لمفهوم الوطنية بهذه البساطة العميقة.

بدأ المطر يتساقط زخـّاتاً زخــّات ... كنتُ مغيبـاً لفكري بعيداً...لم اشعر
بأبتلال ملابسي ... ولم أحسُّ بهذه البرودة تكتنفني.....فقد شغلني السودان عن ما سواه...السودان الصغير...مملكتي الصغيرة...وكانت جدتي
الحاجة( عشة) تمثل التراب..اما نحن فقد كنا الشرايين التي تغزي هذا
التراب بالخضرة والنماء.....
لاتهمني التهويمات التي تاخذني هناك وهناك... ولكني أهتم بالبنية التحتية للخريطة....البناء الفوقي قناع يغير ملامحنا وتبقي الحقيقة غائبة
وفي سبيل البحث عنها نعاني ما نعاني... وانا ساهتم فقط بالسير في
الطريق الذي يوصلني... لست بصدد الحديث عن المنعطف مهما كانت
الغايات... و أجمل من هذا ان تكون الطرق مستقيمة...أو دائرية علي أسوأ
الفروض..حتي تعيدنا ألي نقطة البداية....حيث انتم..

زادت حدة التساقط لدرجة أنني أنتشلت نفسي من هذه الافكار مفزوعاً
وكمن صحا من الحلم وجدت نفسي أحث أرجلي علي الاسراع نحو البيت
وهناك قابلتني حاجة( عـشة) عند الباب وقالت لي في حدة:
وين انت يا ولد من الصباح؟ مشيت تشوف الغنم واللا ما كفتك حوامة
وكواسة النهار جيت تتمها في المطرة دي؟ يا اولادي انتوا بتكتلوني يوم والله...يا أخواننا دي حالة دي!! خلاص يا حبوبة انا تاني ما بكرر العملة دي
والله فعلاً ( عشة ناشونال) لكن طيبة وبنت قبايل.. ربنا يطول لينا في عمرها ...ويديها العافية.....يا رب .


جميلة جداً هذه الزكريات... أجترها الان وقد أصاب الاسرة داء الشتات بعد ان انتقلت ( حبوبة عشة) الي رحمة الله.... وتفرق الشمل من بعدها...
وما عادت الايام هي الايام... وما عادت الليالي هي الليالي...وكلٌّ يغني علي ليلاه...وكل المني أن نجتمع مرة اخري .. وسترجع الامس...ومع أنني أظن الامس هيهات ان يعود هيهات...ولكننا سنحلم...ولو ألي حين


Post: #2
Title: Re: عشــــة ناشــونـال ( عندمـا تكون الحبـّوبة بحجم الانتمـاء)
Author: حبيب نورة
Date: 06-11-2004, 11:13 PM
Parent: #1

توضـأ بدمع المهجة الثكلي الدمعُ أكبر .. الحزنُ أكبر والنواح.......اقم البكـاء اقم البكاء أكمل فروض قضيتي ..... سلّم من الجهـة الفصال دع عنك عشقـاً يقودث الي اليمين الي الحنين....

أجعل عبادتك الفراق اكفر بقلبٍ لا يلين ... اليوم أرتدُّ عنكِ قتيلتي... فقد توصلت رسلي الي ذاك السراط المستقيم!!!!

لن تهزمي لغتي !!!
فحبيبتي الكلمات لا تفتــأ تبلغني فراديس السنين... وحبيبتي نورٌ علي نورِ الكمال...العزُّ عزّ بعزّها ......عزة اذا كان النضال..




هكذا كتبت حين هم....

Post: #3
Title: Re: عشــــة ناشــونـال ( عندمـا تكون الحبـّوبة بحجم الانتمـاء)
Author: Ehab Eltayeb
Date: 06-12-2004, 02:15 AM
Parent: #1

حبيب الكل:
Quote: تعبٌ هو البرق الذي لا يضئ اقبية الخبايا ,, وغبيةٌ هي التواقيت التي
لا تنتهي بزمنٍ اّخر ...زمناً جديد
.
تحايا بطعم القرنفل .. مدججة بعبق الحبوبات وطيبتهن..
وقد فتحت بدواخلنا.. حنينا بعبق الماضي واريحيته...
Quote: طيبة لدرجة تعجز عن وصــفها حتي أذا أستعنت
بجميع أشعار العرب في المديح..

لك التحايا والود وحتما لي عودة لهذا الموضوع الحيوي,,,

Post: #4
Title: Re: عشــــة ناشــونـال ( عندمـا تكون الحبـّوبة بحجم الانتمـاء)
Author: حبيب نورة
Date: 06-12-2004, 11:13 AM
Parent: #3

Quote: تحايا بطعم القرنفل .. مدججة بعبق الحبوبات وطيبتهن..
وقد فتحت بدواخلنا.. حنينا بعبق الماضي واريحيته...



أيهاب يا حبيب
تحية بلون الشمس وطعم القهوة في فنجان نورة ساعة مقيل
وسلامي في عمق المدي ورغم الرحيل... رجعة طيور الحلة في
زمن الاصيل.... راجيك تمسح مني دمعة يرجع فرح غادر قبيل