مناوي.. هل تهاوى النجم نحو القاع؟؟!

مناوي.. هل تهاوى النجم نحو القاع؟؟!


09-06-2009, 09:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=240&msg=1252268659&rn=0


Post: #1
Title: مناوي.. هل تهاوى النجم نحو القاع؟؟!
Author: ابراهيم عدلان
Date: 09-06-2009, 09:24 PM

ناوي.. هل تهاوى النجم نحو القاع؟؟!

لمع نجمه وبدت ملامح النزعة القيادية للشاب الثلاثيني تتكشف عقب عاصفة "حسكنيتة" الشهيرة التي أزاح فيها رئيسه عبد الواحد محمد نور بأمر "الشرعية", بحسبان أن اختياره للرئاسة تم من قبل مؤتمر عام،
وكان قبلها سليمان أركو مناوي الملقب بـ(مني) يشغل منصب الأمين العام لحركة تحرير السودان, ويمثل أحد الأركان المؤسسة للعمل الثوري في دارفور بجانب (17) آخرين, وقاده الانقلاب الأبيض إلى توقيع اتفاق مع الحكومة في مايو 2006 عرف باسم «اتفاق أبوجا» نسبة للعاصمة النيجيرية، رغم أن كل المؤشرات والدلالات تقول إن "نور" هو الأقرب إلى الخطوة منه حينها نسبة للمواقف المتصلبة لـ"مني" تجاه العديد من القضايا المطروحة في طاولة الحوار آنذاك، وانقسم الناس حيال قرار الرجل بالإقدام على اتخاذ خطوة كهذه تعد في غاية الصعوبة في ظل ساحة تعج بالحركات الرافضة للتوقيع, ووفقا للمعطيات الراهنة فإن مناوي يجلس في آخر درجات سلم الخبرة والحنكة السياسية مقارنة بـ"بخليل وعبد الواحد" فبينما رأى البعض أن المكاسب التي حملها متن بنود الاتفاق لم تكن على مستوى النضال وأن هناك المزيد من المكاسب والحقوق يجب أن تؤخذ، كان آخرون يدفعون بالرجل دفعا ناحية مراسم التوقيع ويعللون بأنه بمجرد أن يوقع "مني" وهو الفصيل الأقوى في الميدان والأكثر عتادا وتجهيزا فإن شوكة الآخرين ستنكسر, والرأي الأخير وجد تأييدا من المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية التي وصف مساعد وزير خارجيتها (رئيس البنك الدولي) روبرت زوليك إبان مفاوضات أبوحا "مناوي" بأنه «رجل مواقف», مبديا إعجابه بروح المسؤولية النادرة التي قال إن "مني" تحلى بها رغم أن موقفه ذاك أدى إلى انقسام في حركته إلى عدة فصائل.

التشكيك في الأصل

يصفه المقربون منه بأنه عسكري شجاع.. لكنه أيضا سياسي يتميز بالذكاء, وبين كفي هذه المعادلة ولج "مني" القصر وهو يضع وراء اسمه رهطا من الألقاب الرسمية (كبير مساعدي رئيس الجمهورية, ورئيس السلطة الانتقالية الإقليمية لدارفور, ورئيس حركة جيش تحرير السودان), لكن قبل أن تحط راحلته في الخرطوم ليباشر عمله وفقا للألقاب المتتابعة تلك راجت إشاعات وارتفعت أصوات بعض المعارضين للاتفاق وهي تطعن في جنسية الرجل وتصفه بأنه تشادي, وتساءل هؤلاء كيف لدولة أن تدخل في قصرها "الأجانب"؟ وكان لبعض قيادات الحكومة النصيب الأوفر في تثبيت دعائم هذه الإشاعات من خلال تصريحاتهم إبان الصراع, والتي اتهموا فيها أكثر من مرة الحركات المسلحة وأفرادها بأنهم ليسوا سودانيين، لكن أتباعه ينفون التهم ويعتبرون أن ذلك جزء من الحملات المضادة وإمعاناً في الكيد السياسي، بل يدفعون بتهم أخرى ناحية الخصوم لجهة أن آراءهم تلك تعود إلى الجهل الفاضح للكثيرين منهم بطبيعة التكوين القبلي لأهل دارفور وتوزيعاتهم وعلاقاتهم بدول الجوار، ووفقا للمقربين فإن "مناوي" من مواليد مدينة "فوراوية" في شمال غرب مدينة كتم بولاية شمال دارفور عام 1968م, ينتمي إلى إدارة توار وينحدر من بطن "دقين" من "زغاوة وقي" الذين يُقال إنهم يستوطنون هذا الجزء من شمال غرب السودان منذ أكثر من 500 عام، ويشير بعض المؤخرين بأن أهل هذه الأفخاذ من زغاوة وقي لا ينتمون إلى أية جهةٍ أو دولةٍ خارج السودان, وتقول دراسات بأن جدهم الملك محمد البرناوي هو من أسس مملكته الصغيرة «قور بورا». وتطلق قبيلة الزغاوة اسم "ميني" أو "مني" على كل من يُسمى سليمان، مثلما يقولون لعبد الله "دلي", وكان والده الذي ينتمي سياسيا إلى حزب الأمة (الذي يقوده الصادق المهدي حاليا) يعمل بالرعي ثم الزراعة.. وتتكون أسرة مناوي من (8 أولاد) و(3 بنات) وهو أصغر إخوته من ناحية والدته، فوالده متزوج من ثلاث نساء، وتتوزع أسرته في السكن بين الفاشر وغيرها من مدن وقرى دارفور.. درس "مناوي" المراحل التعليمية في مدرسة فوراوية الابتدائية، ثم مدرسة كرنوي المتوسطة، ثم التحق بمدرسة الفاشر الثانوية، وبعدها عمل مدرساً بمرحلة الأساس بين عامي «94-1995م» في منطقة «بويا»، ثم غادر إلى دولة تشاد فدرس اللغة الفرنسية لمدة عام «1995 - 1996م» ثم التحق بجامعة لاغوس ودرس اللغة الانجليزية، وبعد تخرجه عمل في مجال الأعمال التجارية الحدودية متنقلاً بين الكاميرون ونيجيريا وليبيا، كانت تسيطر عليه فكرة الدراسة في هولندا قبل أن يلتحق بالعمل العسكري الميداني في عام 2001 متمردا على الخرطوم تحت راية حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور.. وشغل منصب القائد الميداني ثم الأمين العام للحركة.

لحظة ريبة

لم يكن العمل في القصر الرئاسي بأسهل من العمل في ميدان التمرد, بحسب الرئيس البشير, وهي العبارة التي قالها للراحل د. جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان حينها عندما داعبه قائلا (يا قرنق أخوي العمل في القصر أصعب من العمل في الغابة), ويبدو أن الرئيس هو الأدرى "بكنه" المعنى الذي استوحاه من خلال تجاربه بالعمل في الـ(الميدانين), وبعد سنتين من عمله في القصر ككبير لمساعدي الرئيس خرج "مناوي" في خطوة تعبيرية صارخة قال إنها احتجاج وضيق على البطء في تنفيذ اتفاقية السلام (أبوجا), اختفى عن العاصمة وعن مدن دارفور الكبرى (الفاشر ونيالا والجنينة) لأكثر من شهر، مخلفا الكثير من التكهنات والريبة حول غيابه, ووصفه المراقبون حينها (بالمحارب من داخل القصر) وتواترت المجالس بروايات متعددة ومختلفة في السياق والمضمون, فالآراء المتطرفة قطعت الشك بأنه تمرد ويحشد قوته للهجوم على الخرطوم على نسق الهجوم الذي نفذته حركة العدل المساواة على مدينة أم درمان في العاشر من مايو من العام الماضي, ولم تكتف الروايات بذلك بل مضت بالقول إن "مناوي" زار العاصمة التشادية أنجمينا بعد خروجه من الخرطوم مباشرة وعقد اجتماعات مع الرئيس إدريس دبي وقيادات في حركات دارفور الأخرى، واتفق معهم على تحالف عسكري يتوقع أن ينشط في الفترة المقبلة ضد الخرطوم، ولكن "مناوي" في أكثر من لقاء يدحض مثل هذه الروايات ويقول (لا عودة للحرب مرة أخرى).

زعلة وفكت

في اعتكاف دام أكثر من شهر في منطقة مزبد متنقلا بين قواته بزي عسكري كامل التجهيز, عاد الرجل باتفاق الفاشر الشهير الذي قاده نائب الرئيس علي عثمان وتمخض عن مصفوفة تنفيذ اتفاقية أبوجا، وكانت أنسجة خيوط التحليلات التي لفت حول الأمر آنذاك أن الحكومة وجدت حرجا في أن تترك الرجل الرابع في الدولة مغبونا في أحراش الغابات, وهي تتهيأ لتقديم خطابها عن السلام أمام مجلس الأمن في نيوريوك، لكن "مناوي" الذي غادر بعد لحظات من انتهاء الاجتماع بينه وطه متوجها إلى الميدان لم يرغب في العودة إلى الخرطوم, بحسب المقربين, إلا بعد أن لمس جدية الحكومة في تطبيق ما اتفق عليه في الأرض، وحتى بعد أن عاد كان يردد في أكثر من محفل عبارة (الساقية لسع مدورة) كتعبير عن جاهزيته للرجوع.

وبحسب المقربين, فإن الرجل يتمتع بشخصية بسيطة ومسالمة سيما بين جنوده.. عرف "مني" بأنه لم يكن عسكريا مستبدا في الرأي، ولا يفجر في الخصومة، ولا يتعامل بردود الفعل, لكنه ذكي الإدراك وقوي العزيمة في تنفيذ أهدافه وكان سياسيا مرنا، أهلته هذه الصفة في أن يقود فصيله بحنكة ودراية، وتولى مهام رئاسية رفيعة، رغم صغر سنه، وإبان سنوات التمرد وقيادته الميدانية لقواته يروي المقربون عنه قصة تكشف الجانب الآخر من شخصية "مني" ويقولون إنه (بعد إكماله عش الزوجية بأيام قليلة عام 2005، أراد اصطحاب زوجته في إحدى جولات التفاوض بأبوجا، وفي باب الصعود للطائرة، اعترض أحد قادته الميدانيين على الخطوة باعتبار أن الظروف في أبوجا لا تسمح بذلك، وطلب من زوجة مناوي "العروس" الهبوط من الطائرة، فاستجابت، ولم يعترض مني أو يغضب حيال تلك اللحظة).

لكن يبدو أن هذه الصورة بدت لاحقا في التلاشي, وفقد الليث صبره ولم يكن إظهار أنيابه مدعاة للضحك أو الابتسامة علي غرار (إذا رأيت أنياب الليث بارزة فلا تظن أن الليث يبتسم), وكانت أول نقطة فارقة في تاريخ الرجل بحق رفاقه هو إقدامه على فصل مجموعة من القيادات من كابينة الحركة, وكان أبرزهم الأمين العام للحركة مصطفى تيراب وتعيين ابن عمومته علي حسين دوسة بدلا منه, وفسرت الخطوة حينها أن مناوي اتجه (لقبلنة) الحركة بجمع أفراد حاشيته حوله وإبعاد الآخرين من القبائل الاخري بحسبان تيراب ينحدر من قبيلة الفور، وبغض النظر عن تلك المحطات التاريخية فإن الرجل ظل ساكنا في قاع السياسة منذ وقت طويل, ولم يبد منه ما يفيد بأنه عازم على مواصلة نضاله السياسي مثلما كان نجما في العمل الثوري.