جو يساعدوا في قبر أبوه..دس المحافير(شكرا أبوالجعافر ما قصرت)..

زاوية حادة
لا تقرأوا (تام) بالمقلوب


لم أكتب منذ أشهر عن مشروع تعمير وإنشاء المكتبات (تام) الذي اضطلعت به بمعاونة نفر كريم من السودانيين في قطر، حتى صار هناك من يقرأ تام بالمقلوب: «مات»، وحقيقة الأمر ان المشروع دخل العناية الفائقة لنحو ستة أشهر، رغم أننا فرغنا قبل إنتهاء العام 2008 من شحن أكثر من 200 ألف كتاب ومعدات معامل إلى السودان (تسليم سوبا).. عشت طوال تلك المدة «مكسوفاً» من الذين تبرعوا لي بتلك الكتب والمواد، وكان بديهياً أن ينفض من حولي من آزروني في تدشين المشروع، لأنه لم يكن عندي «وش» لدعوتهم الى إجتماعات لتنظيم المزيد من الفعاليات والحملات لجمع الكتب ولوازم المكتبات الالكترونية.. المحرج في الأمر هو أنني لم أكن أملك سوى فواتير الشحن لإبراء ذمتي أمام المتبرعين، ولكن هل تلك الفواتير ضمان بأنني لم أحوِّل الكتب والمعدات لمصلحتي الخاصة؟ كان سلاحي الفعال مع المتبرعين هو الشفافية فكلما حصلت على تبرع كتبت عنه مقالات في هذه الصحيفة وفي الصحف القطرية.. وصمت عن الكلام طوال نصف عام لأنني عبأت ثلاث حاويات بالكتب والمعدات،.. وانطلقت الى السودان.. بعبارة أخرى خرجت من قطر ولم تعد حتى الآن.
ويوم الخميس الماضي تلقى المشروع جرعة منشطة أخرجته من العناية الفائقة الى عنبر عادي للمرضى.. تلقيت في ذلك اليوم اتصالات من ممثلي جامعتي الزعيم الأزهري وغرب كردفان، بأنهما، مع ممثلي جامعتي سنار ودنقلا تقاسموا 440 كرتونة من المراجع الجامعية بواقع 110 كرتونة لكل جامعة وتمت عملية التسليم تحت إشرافإ إدارة التمويل بوزارة التعليم العالي.. هذه حمولة حاوية واحدة من بين ثلاث حاويات أرسلناها للسودان ولكننا فرحنا بمنطق «المال تلته ولا كتلته».. وهناك شحنة منفصلة أرسلناها مباشرة الى جامعة نيالا.
ما سبب لي قرحة في الرئة أن شركة الشحن اضطرت لطرح كتب حصلنا عليها بالتسول والوعد بإيصالها لمستحقيها، طرحتها للبيع في مزاد، لأن الجهة التي تكفلت باستلامها لم تكلف أحداً من جيش العواطلية لديها لكتابة وإرسال توكيل ل»مخلِّص» في بورتسودان، ليفك أسر الكتب التي دفعنا كلفة شحنها حتى الخرطوم.. كيف سنقنع المتبرعين بأن المزاد لم يكن فيلماً هندياً أخرجناه لتغطية «فسادنا» كقائمين على أمر مشروع تام «عندما بعنا الكتب لحساباتنا الشخصية»؟
ولكن من المهم أن ننظر الى النصف الممتلئ من الكوب، والعثرة بتصلح المشية وتوبة تاني من إحسان الظن «من طرف».. جامعة الخرطوم رفعت رأسي عندما تبرع لها محسن سعودي ببرمجيات لمكتبة الكترونية للطلاب والأساتذة المكفوفين فاستكملت متطلبات تلك المكتبة وافتتحتها في مارس المنصرم، ووعدوني بإرسال خطاب شكر للمتبرع ولم يفعلوا!! ولكن المهم ان المكتبة قائمة بالفعل وأسهمت الجامعة في تجهيزها بالكثير من المال والعتاد.
سأظل أطارد الحاويتين «الشبح» لتخليص ما تبقى من محتوياتها التي كانت تخص في معظمها مكتبات عامة في أماكن مثل مدني والكدرو والكاملين والحصاحيصا وود بلال وجبل موية وغيرها.. وأعتذر لأبناء وبنات تلك المدن والقرى، والله يجازي الكان السبب.. فقد ظلوا يهاتفونني على نفقاتهم الشخصية للسؤال عن الكتب الموعودة التي صارت حكايتها مثل حكاية كريت (أسأل عنها شخصاً فوق الخمسين).. ولا جديد عندي سوى ما قلته أعلاه.. وأضيف أمراً واحداً: لن أدخل في موال جمع الكتب الورقية بعد الآن.. فبعد تسلم إفادات رسمية من الجامعات الأربع أعلاه بتسلم كل منها نحو 25 ألف كتاب سأملك الشجاعة لجمع الكمبيوترات وملحقاتها، والأولوية لمكتبات القرى والأحياء والجامعات الريفية وكل جهة «تخارج» بضاعتها بدون وسيط رسمي.. فقط أمهلوني حتى منتصف سبتمبر عندما تعود الحياة في منطقة الخليج الى مسارها الطبيعي.


http://www.rayaam.info/Raay_view.aspx?pid=583&id=44064

التعليقات

--------------------------------------------------------------------------------

1/ علي سوداني - (السودان) - 18/7/2009
دمت زخرا لهذا الوطن المكلوم الي الامام دوما

--------------------------------------------------------------------------------


2/ أم ندي - (الخرطوم) - 18/7/2009
شيء مؤسف والله أن يضيع أي جهد مهما كان نتيجة اللآمبالاة المتفشية فينا .. ومؤسف جدا عدم رد الجميل لمن أحسن حتي ولو بكلمة شكر.. شكرا أستاذنا أبو الجعافر وتلقاهو في صحتك عافية وأجر وفي عيالك نجاح وتفوق وقرة أعين .. امين ...

--------------------------------------------------------------------------------


3/ صباح الخير - (السعودية) - 18/7/2009
تحياتي الأستاذ جعفر.... هذا ما توقعته لمشروعكم.. و لكن كنت متفائلا أن يكون حظكم خير منا في التعامل مع الجامعات في السودان. حيث لنا تجربة مشابهة مع جامعة الخرطوم في كمبيوترات أرسلناها لإنشاء معمل كمبيوتر في إحدى الكليات التي نحن مجموعة من خريجي إحدى الدفعات فيها و ذلك فقط من باب رد الجميل. الذي حصل المشروع واجه مجموعة من العراقيل بدءا بالجمارك انتهاءً بعدم الوفاء بالوعد بتجهيز المعمل و مات المشروع و معه الطموح في تنفيذ ما بقي من مشاريع تم التخطيط لتفيذها.

--------------------------------------------------------------------------------


4/ يوسف بيلاوى - (السعودية ــ الرياض) - 18/7/2009
أستاذنا/ ابو الجعافر، تحياتى ، الفساد الادارى ضرب باطنابه ارجاء الدولة السودانية وفى كل المجالات فى الصحة والتعليم وفى الاقتصاد (إختلاس المال العام والذى تقول التقارير قد وصل الى اعلى معدلاته) طائرات الاغاثة التى تاتى الدول وبها مواد غذائية إغاثية يتم تخذينها الى ان تنفد وتنتهى صلاحيتها ، البلد حقيقة مازومة جداً ،و اخشى على حاوياتك ان تكون قد بيعت وانت لا تدرى ، نحن فى امس الحوجة لهذه المعينات من كتب ومراجع وادوات كمبيوترات وعليك ان تسعى فى جمعها مشكوراً وان تنسق مع الجامعات مباشرة وذلك بارسال مندوب من الجامعة يحمل تفويض من الجامعة وياتى الى قطر وتحدد له الكمية التى ينبغى ان ياخذها الى جامعته ، ويقوم هو بشحنها الى سوبا ومن ثم متابعة تخليصها من قبل جامعته ، وخلاف ذلك استاذى فسيضيع مجهودك وكانك تقول الحرامية أكلوا ولا يهمكم ، جزاك اللخ خيراً ونرجو ان يكون فى موازين حسناتكم ، والله الموفق؟

--------------------------------------------------------------------------------


5/ الغزالي - (أمريكا) - 18/7/2009
جزاك الله خيرا أستاذنا أبو الجعافر نسأل الله أن يجعل ذلك السعي والإنجاز في ميزان حسناتك .. ومناشدة خاصة نرجو أن لا يفت من عضدك أولئك الذين سخرهم الله لوضع العراقيل والأشواك في طريق كل سائر بالخير .. ولكن من أجل هؤلاء الغبش صناع مستقبل السودان القادم ..

--------------------------------------------------------------------------------


6/ نزار محجوب - (الخرطوم) - 18/7/2009
أخى زاوية حادة ...بعد التحيه ..لله الحمد.. على اللقاء حتى ولو على شاشه صغيره..مشروع تام هو لو تدرى مشروع يهم كل من يبحث عن الجانب المشرق فى هذا الوطن حقيقه أتابع كل الزوايا التى سطرتها عن هذا المشروع أجد فيها كل مكونات الطمى. سااااحل من البساطه على أعظم نيل .نسأل الله لك التوفيق فى مشروعك ..ونسأل الله التوفيق للذين يبحثون عن عمل الخير والإستفاده من التجربه لأن نية عمل الخير لاتعطى الضوء الأخضر فى كل مراحلها حتى ولو لجه المستفيده ولنا فيك مثال.

--------------------------------------------------------------------------------


7/ بشير الحاج - (السعودية) - 18/7/2009
لا شك أن ما تتحدث عنه مشروع عظيم ومجهود عظيم نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك. وحيث أن هذه أول مرة أقرأ شيئاً عن هذا المشروع، لذا أرجو أن تكتب لنا تعريفاً عنه لمن ليس له معرفة بهذا المشروع. فعند كتابتك لهذا المقال كنت تفترض اننا نعرفه سلفاً. ولكن تعميماً للفائدة أرجو أن تضعنا في الصورة الكاملة لهذا المشروع. متمنياً لك التوفيق والشكر الجزيل للجهات المتبرعة. ونسأل الله أن ينفع به أبناء وبنات السودان.

--------------------------------------------------------------------------------


8/ أبو محمد - (السودان) - 18/7/2009
يا أبو الجعافر أظنك نسيت ما كتبت على الحاويات من الخارج (تحتوي علي كتب من جهة خيرية).

--------------------------------------------------------------------------------


9/ adil yahia - (sudan) - 18/7/2009
العم جعفر عباس (ما تزعل تقول كبرناك ) تحيه طيبه وارجو الا تحبط من هذه العقبات فدائما عمل الخير فيه ناس لا يريدوه ولايتركوا من يعملوا فيه اقتراحي ان يدفع جميع طلاب الجامعات التي التزمت باخذ الكتب من مصروفهم البسيط لتخليصها حتي يستفيدوا ننها

--------------------------------------------------------------------------------

الأخ العزيز سيف اليزل

التحيات الطيبات لك وللأديب الأريب الأستاذ/ جعفر عباس ...

وقل له جات سليمة .. كون أنك لم تتهم في ذمتك ولم يشكك في مصداقيتك ..
فلقد قمنا من قبل في الرياض [ بورداب الرياض بحملة لمساعدة أبناء دارفور ] .. مازلنا حتى لحظة كتابتي هذه نعاني مما أصابنا فيها من رزاز وسئ قول .. فعوضاً عن شكرنا .. تم إلصاق التهم جزافاً لنا .. بعضهم وصفنا باليهود .. وبعضهم شكك في نوايانا .. حتى أبناء دارفور.. وحكومة ومعارضة .. كان لهم رأي فيما قمنا به .. ووصفونا بما لم يقله مالك في الخمر والذنب أننا أحببنا أن نمد يد العون لأخوة لنا دون غرض أو مرض .

أصدق قول ماعنون به مقاله :

جو يساعدوا في قبر أبوه دس الماحفير ..

إنه السودان ..

تحياتي،
الأرباب

الارباب

الحاجات الزي دي بصراحة بتمغص...

الناس دايرة تساعد ويظنون بها ظن السوء..

والناس دايرة تتبرع والكتب تصل لطلابها..

وكلها أمور بسيطة لكنه السودان كما قلت..


مودتي

سيف