سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي

سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي


04-29-2008, 03:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=240&msg=1246623178&rn=7


Post: #1
Title: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-29-2008, 03:41 PM
Parent: #0

تقديم:

ما زالت نفسي تحدِّثني ببعض أوجه الشبه بين سودان اليوم والولايات المتّحدة الأمريكية (أمس واليوم وغد) حتى ظننت أنّها (نفسي) لتسمّيه (إذا اتّحد) الولايات المتّحدة السودانية. أها قُلتَ أنّشوف آخرَتا!

أتوكّل على الله بفضل علوم عموم الانترنيت ومع الشكر الخاص لعلوم ويكيبيديا وأقدِّم لكم "شوفي" هذا لكنّني أنوِّه إلى إنّه يظلُّ إنشاءً فطيراً حتى يختمر، ليس إلى درجة فساده طبعاً، بأيدي من يتكرّم من القرّاء (على: [email protected]) أو الزملاء الأعضاء.

وبذلك نطمح إلى أن يخدم هذا البوست كجلسة Brainstorming عسى الله أن يخرج من أصلاب سطوره من يطوِّع نظريةً أو أخرى أو يقنعنا فنؤمن بما ينفع الناس ونؤمِّن عليه.

...ونواصل، إن شاء الله وموضوعنا الأول: وما الحلم الأمريكي أصلاً...لِيُسوْدَن؟

Post: #2
Title: وما الحلم الأمريكي أصلاً...لِيُسوْدَن؟!
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-29-2008, 03:57 PM
Parent: #1

لقد أطلق الزعيم الأمريكي الناشط من أجل الحقوق المدنية، مارتن لوثر كنج جونيور، صيحته “I Have a Dream” بتاريخ الثامن والعشرين من أغسطس في العام 1963 مؤكِّداً أنّه "على الرغم مما نواجه من صعاب اليوم وغد، إلا إنّه ما زال لديّ حلم وهو حلم راسخ في عمق الحلم الأمريكي". لقد عدّد مارتن لوثر كنج عناصر حلمه فيما آمل أنّني وفّقت إلى ترجمته وتلخيصه في:

1. أنّ الأمة الأمريكية ستنهض بالمعنى الحقيقي لإيمانها بالمساواة.
2. أنّ أبناء المسترَقّين ستجمعهم طاولة واحدة مع أبناء المسترِقّين.
3. أنّ المناطق التي تفور بنيران الظلم والاضطهاد ستصبح واحات للحريّة والعدل.
4. أنّ السود سيعيشون يوماً في أمّة لا تقيّمهم بلون بشرتهم وإنّما بمقدراتهم.
5. أنّ الأطفال السود والأطفال البيض بمعاقل العنصرية سيجتمعون يداً بيد على مشاعر الأخوّة.
6. أنّ كل ما هو معتاد سينقلب إلى غير ذلك.

ثم كان، بعد سنتين تقريباً من صيحته تلك (تحديداً في الرابع من يوليو بالعام 1965)، أن قال (معلِّقاً على ملاحظة مساعده الذي نبّهه إلى "إنّها لصدفة غريبة أن نمرَّ بنصب جيفرسون في يوم الاستقلال"): نعم إنّها صدفة في غاية الأهميّة وأعتقد أنّني بوصولي إلى أطلانطا وبوقوفي على منبري سأحاول أن أقدِّم خطبتي مستلهماً روح الآباء المؤسّسين لأمّتنا وروح إعلان الاستقلال.

للحلم الأمريكي أكثر من صورة لكنَّ أجلّها تلك التي كانت محور خطبة مارتن لوثر كنج بأطلانطا في الرابع من يوليو عام 1965 وهي الصورة الواردة بـ"إعلان الاستقلال الأمريكي" والتي أعملتُ جهدي في ترجمتها إلى: "إنّنا نعتبر هذه الحقائق بديهية، أنّ كلَّ الناس قد خُلقوا سواسية وأنّ الخالق قد وهبهم حقوقاً أصيلة لا جدال فيها وأنّ من ضمن هذه الحقوق الحق في الحياة والحق في الحريّة والحق في السعي إلى تحقيق السعادة"

...ونواصل، إن شاء الله وموضوعنا التالي: إذا حضرت "الآيدولوجيا" بطلت الأحلام.

Post: #3
Title: إذا حضرت "الآيدولوجيا" بطلت الأحلام
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-29-2008, 04:36 PM
Parent: #2

إن الحلم الأمريكي المذكور في أعلاه ظل مكتوباً على جناح جبريل "الآيديولوجيا"، تلك النسخة من الآيديولوجيا التي تعني تصوراً للنظام الاجتماعي المرغوب فيه، فهو إذن لا يعدو كونه حلماً طوباوياً.

ظهرت طوباوية هذا الحلم الأمريكي جليّة في خطبة الزعيم الأمريكي الناشط في الحقوق المدنية، مارتن لوثر كنج جونيور، التي قدّمها بتاريخ الرابع من يوليو عام 1965 إذ رغماً عن احتفاء هذا الزعيم، في تلك الخطبة، أيّما احتفاء بهذا الحلم الأمريكي إلا إنّه أعلن أنّه يرى حلمه يتبدّد! وأرجو أن أفصِّل ذلك لاحقاً أمّا الآن فإنّ...

...حلم الجعان السوداني...

...حلمٌ مكتوبٌ على جناح جبريل آيديولوجيا أخرى هي وثيقة الحقوق التي تشكِّل الباب الثاني من دستور السودان الانتقالي للعام 2005 وهو، للأسف، ليس أفضل حالاً من أخيه الأمريكي!

"...لكل إنسان حق أصيل في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية...لكل شخص الحق في الحرية والأمان، ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الحبس، ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها...الناس سواسية أمام القانون, ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تمييز بينهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الُلغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل العرقي...تكفل الدولة للرجال والنساء الحق المتساوي في التمتع بكل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما فيها الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي والمزايا الوظيفية الأخرى...تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها السودان...لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو معاملته على نحوٍ قاسٍ أو لا إنساني أو مُهين...يُخطر أي شخص عند القبض عليه بأسباب القبض ويُبلغ دون تأخير بالتهمة الموجهة ضده...لكل إنسان الحق في حرية العقيدة الدينية والعبادة، وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته أو التعبير عنهما عن طريق العبادة والتعليم والممارسة أو أداء الشعائر أو الاحتفالات، وذلك وفقاً لما يتطلبه القانون والنظام العام، ولا يُكره أحد على اعتناق دين لا يؤمن به أو ممارسة طقوس أو شعائر لا يقبل بها طواعية...الخ...الخ"

بل: "...تعزز الدولة حقوق المرأة من خلال التمييز الإيجابي...تعمل الدولة على محاربة العادات والتقاليد الضارة التي تقلل من كرامة المرأة ووضعيتها...توفر الدولة الرعاية الصحية للأمومة والطفولة وللحوامل...لكل مواطن حق لا يُقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون...تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب...يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه...التعليم حق لكل مواطن وعلى الدولة أن تكفل الحصول عليه دون تمييز على أساس الدين أو العنصر أو العرق أو النوع أو الإعاقة...تضطلع الدولة بتطوير الصحة العامة وإنشاء وتطوير وتأهيل المؤسسات العلاجية والتشخيصية الأساسية وعليها توفير الرعاية الصحية الأولية وخدمات الطوارئ مجاناً لكل المواطنين...وغيره وغيره وغيره على: http://www.sudan-parliament.org/details.php?rsnType=1&id=81

والمسألة ما محتاجة إلى الكثير من البحث. لا، ولا إلى انتظار البعث بحيث يخرج إلينا مارتن لوثر كنج ليخبرنا أنّ أغلب عناصر هذا الحلم السوداني تبدّدت قبل أن يجف الحبر الذي كُتِبت به. حسبُك أن تنظر حولك في مواضيع هذا المنبر والمنابر (الاسفيرية وغير الاسفيرية) الأخرى لتعلم أن حلم الجعان السوداني وثيقة حقوق كهذه يموصها ويشرب مويتها لعلّها تسدُّ رمقه وهيهات!

فـ"نحن شعب السودان، حمداً لله العظيم الذي وهبنا الحكمة والإرادة لإنجاز اتفاقية السلام الشامل التي وضعت حداً قاطعاً لأطول نزاع في القارة الأفريقية، وبعد اجتيازنا للعواقب المأساوية التي نجمت عن ذلك النزاع المنهك، وإدراكاً منا للتنوع الديني والعرقي والاثني والثقافي في السودان، والتزاماً منا بإقامة نظام لا مركزي وديمقراطي تعددي للحكم يتم فيه تداول السلطة سلمياً، وبإعلاء قيم العدل والمساواة وحفظ كرامة الإنسان ومساواة الرجال والنساء في الحقوق والواجبات، والتزاماً منا بضرورة التوجه بالحكم في المرحلة المقبلة من مسيرتنا السياسية نحو تعزيز النمو الاقتصادي، وتوطيد التوافق الاجتماعي، وتعميق التسامح الديني، وبناء الثقة بين أهل السودان جميعاً، والتزاماً باتفاقية السلام الشامل الموقعة في يناير 2005 واستهداءً بدستور السودان لعام 1998، والتجارب الدستورية السابقة منذ الاستقلال، والتجارب الأخرى ذات الصلة، وتقديراً لمؤتمرات الحوار ومبادرة الحوار الشعبي الشامل واتفاقيات السلام والمصالحة الوطنية، خاصة اتفاقية القاهرة الموقعة في يونيو 2005 وتباشير الاتفاقيات الأخرى المنهية للنزاعات في البلاد، نعلن بهذا اعتمادنا لهذا الدستور قانوناً أعلى تُحكم به جمهورية السودان خلال الفترة الانتقالية ونتعهد باحترامه وحمايته."...

...ونواصل في هذا الإنشاء، إن شاء الله وموضوعنا التالي: مارتن لوثر كنج قال ليكم "يس" ساعدوها بي "جكّة"

Post: #4
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: esam gabralla
Date: 04-29-2008, 04:39 PM
Parent: #1

Quote: إذا حضرت "الآيدولوجيا" بطلت الأحلام.


الكديد

سلامات

دى معناها ما تجو يا بتاعين "البتاعيات" ديل

احلم يا زول ... قطعا حيكون احسن من الواقع الماثل

كان اتضايقنا بنجيك

Post: #5
Title: هوى السـودنة وهواء الدبـاغة
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-29-2008, 05:25 PM
Parent: #4

سلامات يا عِصَم

Quote: احلم يا زول ... قطعا حيكون احسن من الواقع الماثل
خلينا نجرِّب هوى السـودنة أكان ما نفع هواء الدبـاغة قاعد لا هو حا يمشي ولا نحنا حا نقدر نقفِّل نخرينّا وخليك قريب قِدّام في شيء عن حزمة الحلم والبطولة والمأساة الكامنة في النوستالجيا التي تصيب أمثالكم ممّن أدمنوا أمثال هواء الدباغة!

Quote: دى معناها ما تجو يا بتاعين "البتاعيات" ديل
أبداً وحياتك. كما وإن "دي" ما بتعفيك ذاتو من الجكّة الاستنفركم ليها عمّك كنج.

صدِّق يا عصام إنّي جادّي في الموضوع دا، صدِّق وانكرب...واصبح على ألف خير.


Post: #6
Title: بشتنةُ العنوانِ
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-29-2008, 07:22 PM
Parent: #5

أود أن أعتذر عن الخطأ في العنوان والذي نتج من العجلة وما العجلة (وحدها) من الشيطان وإنّما عدم الرسيان (على بر) كذلك فقد كان العنوان: "الحلمُ الأمريكي مسودناً" ثم تغيّر (في آخر لحظة) والعجين بالفرن فبقيت "الحلمُ" بذلك العنوان المبشتن...فعذراً

Post: #7
Title: مارتن لوثر كنج قال ليكم "يس" ساعدوها بي "جكّة"
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-30-2008, 10:35 AM
Parent: #6

رأينا كيف أربَك حلم مارتن لوثر كنج (في صورته المحمولة بـ"الآيديولوجيا") صاحبه لدرجة الكابوس فهو قد أعلن عنه في خطبة في عام 1963 ثم أعلن إنّه يراه يتبدّد في خطبة في عام 1965 ثم استرجع ليطلق صيحة الحلم مرّة أخرى في نفس الخطبة.

لكنّ مارتن لوثر كنج لم يستسلم لا للحالة الشيزوفرينية لأمريكا عصره (كونها "منقسمة على نفسها بين الفخر بمبادئ الديموقراطية التي أبدعتها وبين الأسى الكامن في ممارسة ما هو عكس هذه المبادئ") ولا لفكرة أنّه وجميع الزنوج بالولايات المتحدة قد انطبقت عليهم عبارة مدير مدرسةٍ بالهند قدّم كنج لتلاميذه قائلاً "أيّها الشباب، أقدِّم لكم منبوذاً مثلنا من الولايات المتّحدة الأمريكية" كما لم يستسلم لتحديات الحلم الأمريكي، بل أي حلم، المتمثّلة في أن "التاريخ قصة طويلة عن حقيقة مفادها أنّ أصحاب الامتيازات نادراً ما يتخلّون عن امتيازاتهم بأخوي وأخوك". لا، ولا هو استسلم لفكرة أنّه رأى حلمه يتبدّد إزاء مشاهدته، بأم عينيه، لحالات العنف والفقر والبطالة وإنّما حدّد السبيل إلى تحقيق الحلم على أي حال ثم رسم خارطة طريقٍ لِـما يمكن أن أُسميه "الحلم الأمريكي الواقعي" بل "الحلم الواقعي" لأيٍ كان في أمريكا، في واغ الواغ أو في السودان.

خَطَب مارتن لوثر كنج قائلاً أن "واقع الظلم الفظيع يذكّرنا بمقدرتنا النبيلة لتحقيق العدل والحب والإخاء" وأن "التمييز العنصري خطأ وخطيئة في آن" لكنّه لم يسرف في الانشاء وإنّما وجد السبيل إلى تحقيق الحلم يكمن في بضع وسائل أهمّها مساعدة الحرب ضد الفقر بـ"جكّة" تُعلِي قيمة العمل. يقول: لابد أن ننضم للحرب ضد الفقر ونؤمن بالكرامة الكامنة في كلِّ الأعمال. ما الذي يجعل عملاً ما هامشياً؟ "فَتَرتَ أنا" من الكلام عن الأعمال الهامشية. إنّ ما يجعل عملاً ما هامشياً هو أنّنا لا ندفع مقابلاً لعامله. أعط العامل مقابلاً يمكّنه من "معايشه" وتعليم أبنائه وشراء منزلٍ والحصول على احتياجاته الأساسية وهو لن يهتم لهامشية هذا العمل ما دام يعزِّز كرامته.

ولم ينسَ مارتن لوثر كنج أن يذكِّر أقرانه من الزنوج أن التمييز لا يكون عرقيّاً فحسب وإنّما طبقيٌّ أيضاً ففي التمييز الطبقي من الشرور بمثل ما في التمييز العرقي "فعندما نقول...أنّ الناس سواسية، فإن ذلك يعني أن الذي يحمل درجة الدكتوراة هو بنفس أهمية من لا يحملها ومن لم يدخل مدرسة في حياته هو بنفس أهمية من درس بكلية مورهاوس*..." ثمّ نبّه إلى أنّ النظام الطبقي قد بدأ يسري في عروق الزنوج.

ختم مارتن لوثر كنج خطبته بأنّ الطريقة المثلى لتحقيق الحلم تكمن في نبذ العنف "يمكننا أن نواجه أهل العنف بالقول: سوف نواجه مقدرتكم على تعذيبنا بمقدرتنا على تحمّل ذلك التعذيب" ونبذ الكراهية "من يكره لا يفكّر ولا يحسن التبرير ولا يرى بوضوح وهو في مسيره متعثِّر"

لكن، إن كان ثمة خطبة تقدّم لسكّان الدار الآخرة لبرز مارتن لوثر كنج ليقدِّمها ولما ادّخر شيئاً مما علِم من علوم اللاهوت والفلسفة ليضمِّنه غيرها فمستمعيه ليسوا في عجلة من أمرهم ولا هم ليفوِّتوا ما قد يود كنج قوله حول: وتنبذون العنف والعنف يغتالكم.

...ونواصل، إن شاء الله وموضوعنا التالي (ربّما على ضوء ما تقدّم): حلم السود الأمريكان والغُبُش السودان


* مورهاوس هي كليّة للذكور فقط وقد تم إنشاؤها، ضمن مؤسسات أخرى، لتخدم مجتمع الأمريكان الأفارقة. كان ترتيب مورهاوس الأولى لثلاث سنوات متتالية 2002 – 2004 كأفضل كليّة مخصّصة للأمريكان الأفارقة وقد درس بها مارتن لوثر كنج وبها تمثال له.



Post: #8
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: نهال كرار
Date: 04-30-2008, 03:35 PM
Parent: #1

Quote: سـودنةُ الحـلم الأمـريكي



فكرة مختلفة .. واصل يا عادل البدوي

Post: #9
Title: Re: سـودنةُ الحـلمِ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-30-2008, 04:59 PM
Parent: #8

Quote: فكرة مختلفة .. واصل يا عادل البدوي
تِكْرَم عينك .. نواصل يا نهال كرار

Post: #10
Title: حلم السود الأمريكان والغُبُش السودان
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-30-2008, 05:48 PM
Parent: #9

من أبرز أوجه حلم الأفارقة الأمريكان الهروب من المناطق السكنيّة التي وجدوا أنفسهم (بأكثر من وسيلة من أهمّها ما يسمى بالـRedlining) محصورين (وقيل محشورين) فيها. هذه المناطق السكنية الغارقة في الفقر هي الأماكن المثالية لتفريخ الجريمة ومن هنا تَشكّل حلم الأفارقة الأمريكان: النزوح بعيداً عن موطن الفقر والجريمة إلى حيث يمكنهم أن ينعموا بالأمن فيوفِّروا لأبنائهم تعليماً يكسر دائرة الفقر.

يقول مثلُ غُبُش السودان "حلم الجعان عيش" ويُضمِن المثل أن حلم الفقير غِنى بفضل الله (ثمّ بضَرِب ضُراعو) عمّن سواه وحلم المريض صحّةٌ (لا مؤسسات علاجية تفلق وما تداوي) وحلم الجاهل تعليمٌ (لا حُجا بمدارس قد تَكْفل، وقد لا تَكْفل، بها الدولة حصول "كل مواطن" على حق التعليم دون تمييز على أساس البلا بلا بلا، بلا بلا بلا) وحلم العامل تأمينٌ اجتماعي يأخذ بيده حين يضطر لأن "يجلس" الجلسة الأخيرة لمؤتمر حياته التي أفناها يقع ويقوم، يقع ويقوم، يقع ويقوم. هذا هو، في تقديري، الحلم الواقعي: الهروب من دائرة الفقر والجهل والمرض وشرور التقاعد ومع إنّي لا أرى أيّ "أرذلية" يتميّز بها شرٍ من هذه الشرور على اخواته (إذ إنّ شعاري: فِرْ من الفقر والجهل والمرض وشرور التقاعد كما تفِرُّ من الأسد)، إلا إنّني أجد أنّ التحرّر من قيد الجهل أولى إذ فيه كسرٌ لحلقة الفاقة والمرض والخوف، الذي هو الخوف، من التقاعد.

لقد رأينا كيف شدّد مارتن لوثر كنج على إعلاء قيمة العمل وما ذلك إلا لأنّه تقع على العمل، في حدِّ ذاتو، مسئولية توفير الكوّة التي ندخل عبرها إلى الحلم الذي ذكرنا وتوفير فرصة أفضل، عبر توفير الطاقة اللازمة لمكابدة هدة الحيل سعياً وراء التعليم، للأنجال وللأجيال اللاحقة.

سيّداتي، آنساتي، سادتي. تبدأ العنصرية والاقصاء والتهميش من هنا. ليس من ثقافة تقول بالعنصرية والاقصاء والتهميش وإنّما من ثقافة تفعل جميع هذه الأوزار! والبطالة هي ما يجعل الخروج من هذه الدائرة الجهنّمية أقرب للمستحيل. فإن كان ثمّة نضال عاجل، فإن النضال من أجل حقوق العاطلين عن العمل في الحصول على أدوات تعينهم ولو على التمرّغ في تراب الميري وغير الميري (وما يليهما من صب كونتراكترز) إلى أن يثبِّت الله أقدامهم ويخضِّر "ضرعاتهم" فليكن لأنّ أغلب أنواع النضال الأخرى أقرب لأن يجني ثمرتها أصحاب الامتيازات الذين لا هُم في حاجة لهذه الثمرات ولا هُم على استعداد، كما أخبركم أخوكم كنج، لفكِّ العَضُم بأريحية تمليها عليهم وجاهتهم الاجتماعية وإنّما همّهم هذه الوجاهة الاجتماعية التي لا تأبه لما حولها من بثورٍ بالمجتمع بل إنّ ما حولها من بثور وشرور ضروريٌ إذ يكرِّس لاستدامة هذه الوجاهة ثم استدامة البثور فاستدامة الوجاهة فالساعة بخمسة بثوووور والحسّابة بتحسب...الساعة بخمسة شروووور والحسّابة بتحسب!

...ونواصل (في ذلك، ربّما)، إن شاء الله وموضوعنا التالي: حلم سودنة الجي آي بيل GI Bill - بنك الفقراء (أي، كافة السودانيين إلا قليلاً) الحكومي

Post: #11
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: عزاز شامي
Date: 04-30-2008, 06:37 PM
Parent: #1

عادل البدوي
سلامات
الحلم الأمريكي ليس مختزلا في مارتن لوثر كينج و أن اعتمد كينج ثورته على ايدوليجياتها المبنية على حرية الفكر. احترم ثورته التي مهدت الطريق لكثير من الحركات المدنية في العالم و حسنت الوضع المعيشي لكثير من الأقليات في الولايات المتحدة الامريكية وإن كان هناك الكثير ليطبق ليطور من وضع الأمريكين من أصول أفريقية و بذلك لا أعني المهاجرين الجدد.

الحلم الأمريكي فكرته هي تساوي الفرص بشكل يوفر للأشحاص المجال لإثبات انفسهم و لا يفرق بينهم إلا بمدى اجتهادهم في العمل. بداية، كان الحلم الأمريكي استراتيجية تسويقية للغة الانجليزية في القرنين السادس عشر و السابع عشر لتشجيع الانجليز للنتقال للعيش في المستعمرات البريطانية وبالتالي نشر اللغة الأنجليزية (المستحدثة أو المجمعة) و صوروا من خلال هذه الاستراتيجية الأرض الامريكية بأرض الوفرة و الفرص و تحقيق الأحلام . و تطور الحلم ليشمل كل المضطهدين في أوروبا و الأقليات الدينية فيها ووجدوا ارضا متنوعة الثاقفات اساس التعامل فيما بينها انتاجية الفرد prosperity بغض النظر عن خلفيته و ولائاته.

فالفكرة تعتمد على امكانية تحقيق أحلامك المتعذرة في موطنك الأصلي في معطيات اكثر تسامحا و تقبلا للآخر وهو ما نفتقده على معيار بسيط مما قد يصدم أي قادم من الأقاليم للخرطوم من صعوبة في تحقيق أحلامه إلا فيما يخص التعليم إذا كان محظوظا بما يكفي لتوفير المصاريف و اصطدامه بحاجز المحاباة التي تغذيها ولاءات العرق و الدين و الثقافة.

يمكنك اختصار الحلم الامريكي بأنه الإيمان المطلق بالحرية وهو ما لا يجد أرضا خصبة في مجتمعنا السوداني المغرق في التبعية و الفروقات المجتمعية المبنية على القبيلة و التقسيم الجغرافي اكثر منها على الانتاجية.

ولك الود و صادق الامنيات بتحقيق هذا الحلم و مهد أرض ترعاه ...

Post: #12
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-30-2008, 07:23 PM
Parent: #11

وعليك السلام، يا عُزاز

ولك الشكر على هذه الاضافة.

Quote: الحلم الأمريكي ليس مختزلا في مارتن لوثر كينج
أنا أشاركك في هذا الرأي وربّما تجدين فيما تقدّم من حديثي ما يدعم هذه النقطة كما إنّ ما أنا بصدد الحديث عنه، مثل حلم سودنة الـGI Bill و سودنة حلم الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف (الـChange to Win Federation) وغير ذلك، مما قد يصب في تناول بعض صور الحلم الأمريكي التي أشرتُ إلى تعدّدها بصدر هذا البوست.

لك الشكر مرّة أخرى وأرجو أن تواصلي المساهمة.

Post: #13
Title: حلم سودنة الجي آي بيل GI Bill أو: بنك الفقراء (أي كافة السودانيين إلا قليلاً) الحكومي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-02-2008, 05:37 PM
Parent: #12

تخيّل أنّك تُخبر أجيالاً وأجيال أنه بإمكانهم الحصول على تعليم جامعي مجاني بجامعات (جوة وبرّة السودان) من اختيارهم وأن ابشروا فنظام "البيرساري" قد عاد لجامعة الخرطوم ولغيرها من مؤسسات التعليم العالي وأنّه عند التخرّج سيكون بانتظار الخريج قرضاً (بفوائد منخفضة إذ إنّه مدعوم من الحكومة وبدون دفعة مقدّمة وبدون شروط معقّدة) لشراء منزل كما وبالانتظار قروض أخرى (مدعومة أيضاً) لشراء مزارع وإنشاء أعمال. هذا بالإضافة إلى التدريب المجاني والعلاج المجاني ومد يد العون (مجاناً) للحصول على عمل بل وبدلات بطالة تُدفع بشيكات اسبوعية لمدّة اثنين وخمسين اسبوعاً أو إلى حين الحصول على عمل أي الأجلين يقضي الخريج.

تخيّل! ولا محالة أنّك سائلٌ: أي حكومة معتوهة يمكنها أن تصادق على برنامجٍ مثل هذا يعتبر الأضخم والأوسع تغطية والأكثر فعالية في تغيير حياة الناس بين ما في العالم بأسره من برامج "مشابهة"!

الجواب: الجي آي بيل GI Bill الذي هو، بكل بساطة، حلمٌ أمريكي لكنّ التعقيد يكمن في أنّه قد تحقّق رغماً عن إنّه حلم وحلمٌ ورديٌ في ذلك! والجي آي بيل تشريعٌ صدر في العام 1944 تم بموجبه توفير التعليم (جامعياً كان أو مهنياً) للجنود العائدين من الحرب العالمية الأولى وتقديم تعويض لهم عن البطالة وقروض لشراء منازل وإنشاء أعمال وما إليه وقد استفاد من هذا التشريع، بتعديلاته وتوضيحاته اللاحقة، الجنود العائدون من الحرب الكورية ومن حرب فيتنام وبعض الجنود المنتظرين لحربٍ أو أخرى (جنود الاحتياط) وهناك من يعافر لكي يشمل التشريع برعايته المشاركين في حروب ما بعد حداشر سبتمبر وما أكثرهم.

وبما إنّ نفسي تحدّثني بأنّ كلَّ السودانيين تقريباً جنودٌ عائدون من حرب أو أخرى، فإنّها قد سوّلت لي أنّ سودنة حلم الجي آي بيل تظل مشروعة ضمن مشروع سودنة الحلم الأمريكي على الأقل إلى حين اشعار آخر.

ونواصل، إن شاء الله، لنرى متى يحين حين "إلى حين اشعار آخر"

Post: #14
Title: Re: حلم سودنة الجي آي بيل GI Bill أو: بنك الفقراء (أي كافة السودانيين إلا قليلاً) الحكومي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-02-2008, 07:11 PM
Parent: #13

ألاس. بل ألاسين، تلاتة! ففي البرهة التي أخذتها لتقدير حين "إلى حين إشعارٍ آخر"، وجدت نفسي أفكِّر وأقدِّر لأقرِّر:

إنّني أحسب أنّ المشروع الذي أعمل عليه (سودنة الحلم الأمريكي) لكان يبوء بفشل عظيم بأن يموت قبل أن تُنفخ فيه الروح لو إنّني ركنت إلى مطاردة القصص، بهذه الأسافير، التي ترصد تقصير الدولة السودانية في حق مواطنيها الذين يخرجون إلى حربٍ جديدة في صباح كلِّ يومٍ جديد ويعودون من حربٍ مختلفة في مسائه وفي حين يظل حبّانهم يأملون أن "يجو عايدين، إن شاء الله عايدين يا الله" تجدهم يتوجّسون من الترجّي من شاكلة "يا ليل هات لينا صباح" خشية أن يأتيهم بصباحٍ فيه حربٌ جديدة لا هي مألوفة لديهم ولا هم لهم قِبلٌ بها.

الأهمُّ من المهم أنّ هذه المآسي التي يواجهها علماء وأدباء وفنانون وفقراء ومساكين وغارمون و"أبناء سبيل" (منهم من هو معلوم الوالدين ومنهم من هو مجهولهما) وأطفال رضّع (منهم من هو معلوم الوالدين ومنهم من هو مجهولهما) وشيوخ ركّع وشباب يلكع (ليختبئ من احباطه) وبنيّات وفتيات ونساءٌ تشوّه بالأسيد وبما هو أفظع. هذه المآسي التي يواجهها كلُّ السودانيين إلا قليلاً عندما يجدون أنفسهم وجهاً لوجه أمام الفقر والجهل والمرض وشرور التقاعد، تُثني (كسِر رقبة كدا) كلَّ من يريد أن يزيح هذه الـ"إلى حين اشعارٍ آخر" قيد أنملة من الآن فالآن أقول سوري...ديبلي سوري، هذا الحلم غير مشروع البتة رغماً عن غزل أهل الغزل فيه، يتغنون فيه غناءً مموسقاً:

أقيس محاسنك بمن، يا الـBill الما ليك تمن...

...ونواصل، إن شاء الله حتى "نشوف" محاسن هذه الدرّة المسمّاة الـGI Bill

Post: #15
Title: أقيس محاسنك بمن، يا الـBill الما ليك تمن
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-02-2008, 08:03 PM
Parent: #14

1. على ذمّة إدوارد هيومز، فإنّ:

أ‌. الفضل يرجع للـGI Bill في خلق الطبقة الوسطى الأمريكية.
ب‌. القوة الدافعة التي أدّت إلى نشوء ضواحي المدن الأمريكية هي الـGI Bill
ت‌. ممّن خرجوا من رحم الـGI Bill أربعة عشر فائز بجائزة نوبل، ثلاثة قضاة محكمة عليا، ثلاثة رؤساء لأمريكا، دستة من أعضاء مجلس الشيوخ، دستتان من الفائزين بجائزة بولتيزار، حوالي 240 ألف مدرِّس، أكثر من 90 ألف عالم، 67 ألف طبيب، 450 ألف مهندس، 240 ألف محاسب، 17 ألف صحفي، 22 ألف طبيب أسنان وعدد مليون شخص من محامين وممرضين وأصحاب أعمال وفنانين وممثلين وكتّاب وطيّارين وآخرين لا تعلمونهم الـGI Bill تعلمهم.

1. على ذمّة ويكيبيديا http://en.wikipedia.org/wiki/GI_Bill (وعلى ذمّتها أيضاً بعض مادّة هذا الموضوع) احصاءاتٌ تسرُّ الناظرين ومن هم على شاكلتنا من المنتظرين:

أ‌. أسهمت الـGI Bill اسهاما مباشراً في أن تضاعف عدد الطلاب المسجلين للدراسة بجامعتي ميتشجان وسيراكيوز ثلاث مرّات بعد الحرب العالمية الثانية.
ب‌. استفاد من الـبيل 2.4 مليون من الجنود العائدين من الحرب الكورية وكانت أوجه استفادتهم هي التعليم العالي والأغراض التعليمية الأخرى والتدريب المهني.
ت‌. أنفقت الحكومة الأمريكية 38.5 بليون (بِلْـ...يون) دولار لتوفير التعليم العالي للجنود العائدين من حرب فيتنام.
ث‌. استفاد من هذا الامتياز 6.8 مليون من أصل 10.3 مليون من المؤهلين له من الجنود العائدين من حرب فيتنام وعلى عكس المتوقّع (تنميطاً) فإنّ أغلب هؤلاء قد استخدموا ما حصلوا عليه من معارف بفضل الـBill لبناء حياة منتجة وناجحة.

سوري أقين! ألا تقولون "ما دام الأسف"؟1 طيِّب! نشوف الحكاية دي بعدين في موضوعنا التالي، إن شاء الله: راجيين الحكومة؟! أدنوا...أدنوا!

Post: #16
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: AMNA MUKHTAR
Date: 05-03-2008, 06:07 AM
Parent: #1

الأخ ود البدوى..سلامات

هضربة فااااهمة كالعادة ، ويبدو انك خططت لها جيدا.

طيب ..موضوع ال GI BIll ده الحاينفذوا لينا منو ..يعنى قصدى ياتو حيكومة ؟!



وفى نقة كنتا عايزة اقولها..
لكن ( كالعادة ) وفرتها على... بهذا الكلام:
Quote: "التاريخ قصة طويلة عن حقيقة مفادها أنّ أصحاب الامتيازات نادراً ما يتخلّون عن امتيازاتهم بأخوي وأخوك".


سلام..ومتابعين من على البعد..

Post: #17
Title: Re: سـودنةُ الحـلمِ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-03-2008, 08:01 AM
Parent: #16

سلامات يا آمنة ومشكورة على الإطراء وعلى المتابعة وإن كنت أطمع ألا تدّخري أي "نِقّة" فالأمر كما تقدّم هدفه تداول الأفكار فيما (قد) ينفع الناس.
Quote: طيب ..موضوع ال GI BIll ده الحاينفذوا لينا منو ..يعنى قصدى ياتو حيكومة ؟!
خلّيك قريبة فموضوعنا التالي، على أي حال، عن الرجاء (الحار) في الحكومة.

أشكرك مرّة أخرى وبانتظار أي "هضربة" من جانبك.

Post: #18
Title: راجيين الحكومة؟!...أدنوا...أدنوا!
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-03-2008, 10:10 AM
Parent: #17

كان (وأقول ليت لي يا عازة جناح أحاكي الطير كنت أقصد حيك ولي رباك أطير وأتخلّص، إلى الأبد، من أسى هذه الكلمة). على أي حال، كان جدودي وأعمامي وأخوالي وإخواني (وهم أيضاً خِلاّني)، بقرية ود الكاشف ناحية أم شانق بشرق الجزيرة، غالباً ما يتناولون وجباتهم في جماعة تكاد تصل إلى وصف العشيرة و"غالباً" هذه تتحوّل بقدرة قادر إلى "دائماً" في حالة وجبة العشاء ودائماً ما يأتي جدي لأبي (أمحُمَّد ود فضل المولى، وعندهم ود فضل المولى بَسْ) متأخِّراً لهذه الوجبة ودائماً ما يُلقِي على مسامع القوم (من منتظريه على أحرّ من ملاح الشرموط الكان حار ورقد موية): راجيني أنا؟!...أدنوا...أدنوا (أي اشرعوا في تناول عشائكم)

لكنّ أمل المرحوم رونالد ريقان في "رَجَيان" الحكومة أقلُّ بكثير من أمل منتظري المرحوم جدّي في أن يغيّر عادته و/أو الكليشيه المرتبط بها. بل يقال أن ريقان قد أقنع (أقـ...نع) الأمّة الأمريكية بأنّ تسع (9 يا أخوي تِسعى في الخير، قول آمين) كلماتٍ باللغة الانجليزية هي الأشدُّ إثارة للروع (روع المواطن المغلوب على أمره) وهي: I'm from the government and I'm here to help

أمّا عندنا، فإذا سمعت هذه العبارة فتحسّس مسدّسك أو بندقيتك أو عكّازك أو سكينك وقيل سيفك عديييل* وصحّي الجيران فهنالك من هو على وشك أن يصلب على عمود النور. مين؟! حكومتنا؟! يا دي النور...يا دي النور! ومافيش "يا قدعان" بأه، هِه! حليل أيّام كان في جدعان وجديان.

خُذ عندك مثال مأساة بنتنا سناء وما سُكِب من حبر في العجب من أمر الحكومة ومؤسّساتها الرسميّة وغير الرسميّة التي تبذل الدولار...الدولار والذهب لكنّها تعاف أن "تساعد"، هي "تساعد" إذن!، فتاة لا حيلة لها لا حيال سبب مأساتها ولا حيال أثر تلك المأساة. هسّع دا يتسمّى شنو ويتفهم كيف بالله عليك؟! غير مفهوم اطلاقاً، اللهمّ إلا من باب أنّه دعمٌ حكومي لمقولةٍ بمسلسلٍ مصري: نحنا ما عندناش بنات يشاوروها ف قواز! بعدين الحكومة الراجينّها دي ما سمعت أبداً بما يسمّى بالعلاقات العامة؟! وألاّ ما عندها مزاج تعمل علاقات (من أي نوع) مع مواطنيها!

الحكومة ظالمانا ومرضرضة عضامنا ولم يدّخر حكّامنا، على مرِّ العصور، ما في وسعهم من حِيَل لاقناعنا أن نقول عند ذكر الحكومة: قِنِعنا منّها ظاهراً وباطناً وقرباناً أن تحِلْ عن سمانا. سِمِعنا وفات أضانّا بي غادي، أها ما العمل؟ الجهر بالسوء؟!

خلّونا "نشوف" الحكاية دي في موضوعنا التالي، إن شاء الله، وفيه: على ذمّة محمد حسبو، صدق البريتونوودزيون وإن كذبوا!



* كُنتُ شاهداً إذ حضرَ أبي العاملون على الزكاة يظهرون أنّ سبب زيارتهم هو أن "يساعدونه" في إعلاء شعيرة الزكاة ويضمرون ما يضمرون. كانت تلك "المساعدة" تتمثّل في أن يُخرج أبي زكاة ما حصد من ذرةٍ زرعها وحده وعلى أرضه وسقاها بماءٍ من السماء ساقه ربُّ العالمين له (ولغيره) فكان أن حشَّ عنها الحشائش حشّاً مرّاً وحشُّ "كديب" وخاض في الوحل ليقلِّع القش أوان تعذّر الحش ورعاها حتى لبّنت وما أدّاها الطير بل وقف، حتى تورّمت قدماه، يطرده حتى حصدها. ثمّ هو، أصلاً، أخرج زكاتها، بالفعل، طوعاً وطاعةً.

لقد جادل أبي الزكويين جدالاً لمست فيه الغُبن الذي هو أقرب لأن يؤدي إلى تحسّس ما ذكرتُ من أسلحة لكنّ عمّال الحكومة حسموا الأمر بالتهديد بأنّهم سيأتونه بالبوليس (أي، بنادق وسناكي السلطة التي لا تنفع معها عكاكيز وسكاكين الغُبُش المساكين) ولم يشفع لأبي قوله: هو نحنا راجينّكم لامِن تجونا حِتين نمرق "حق الله"؟! ما مرقناهو في تقاتو! وفي حكاية أن "يمرق" المزارع "حقّ الله" في تقاتو قراءة شعبية والتزام بقول الحق صاحب الحق "...وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ..."

حقّاً "يا زول مافي داعي للكلام الكتير"! فقد اضطر أبواتي وأمّاتي ممّن زرع وحصد في ذلك الخريف، وفي كلِّ خريف، أن يُعطوا ذلك الخراج عن يد وهم مقهورون وليس بيدي من خراجٍ أواسيهم به إلا القول أن أحسنتم! فإن الفيل يسحقكم إن أنتم هممتم بطعن ظلّه وإن كان لكم أن تتحسّسوا أسلحتكم فإنّ ذلك بسبب عمايل الـSheriff وليس بسبب عمايل Some Deputy

I say



Post: #19
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Mohammed Elhaj
Date: 05-03-2008, 11:14 AM
Parent: #1

Quote: إذا حضرت "الآيدولوجيا" بطلت الأحلام

اعتقد يا عادل أن الأيدلوجيات بشكل مستمر كانت تغذي مشاعر و(بطون) (العامة) بالأحلام واستمرت باستمرار سطوة هذه الأحلام
إذا حضرت الأيدلوجيا عُلقت الأحلام أعلاماً (وستبقى في الأعلام ....فقط ، كما حدث ويحدث)

Post: #20
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-03-2008, 03:27 PM
Parent: #19

أشكرك يا محمد الحاج على تعليقك وأشاركك بعض رأيك لاسيّما في الحالات التي تخدم فيها "الآيديولوجيا" كرؤية للنظام الاجتماعي المرغوب فيه بدون أن يصحب تلك الرؤية تحديداً للمهام المطلوبة لتحقيق ذلك النظام الإجتماعي وبقطيعة بيّنة بين "الانسان" المنوط به النهوض بهذه المهام (قاعدة الهرم) و"الانسان" الذي "تبرّع"، أو قل "تكرّم" بنحت الرؤية (قمة الهرم).

أمّا بالنسبة للحكومات فأغلب الظن أن هذا الوضع يسعدها ما لم يخرج لها متلقي الحجج (ربّما إن مارتن لوثر كنج من الروّاد في ذلك) لتذكيرها بأنّ مثل هذه الخدعة لن تنطلي عليهم وعسى أن يكثر الله من متلقي الحجج (كماً وكيفاً) لدينا من الذين يعملون على أزالة القطيعة بين قمة الهرم وقاعدة الهرم حين يكونون، هم أنفسهم، القمة والقاعدة في آن وما ذلك على ما ذكرنا من شكل النضال المطلوب ببعيد ولعلّنا نعود لهذه النقطة حين نتناول بالعرض "حلم فض الشراهة للسلطة والثروة".

مع أصدق تحيّاتي

Post: #21
Title: قال محمد حسبو: صدق البريتونوودزيون وإن كذبوا!
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-04-2008, 01:37 PM
Parent: #20

ومحمد حسبو معروف فهو المفكّر الصديق القاعد يتجرجر معانا في الأسافير دي. أمّا البريتونوودزيون، فهم تَرَب (ويوشكون أن يصبحوا تُرَب) ريّا وسكينة المولودتين في العام 1944 و1945 لمؤتمر الأمم المتِّحدة النقدي والمالي الذي انعقد في يوليو من العام 1944 بمنطقة بريتون وودز بنيو هامبشير بالولايات المتّحدة.

بينما تقول ريّا أنّها خُلِقت لتعزِّز سلامة الاقتصاد العالمي (أهدافها ونشاطاتها لدى: http://www.imf.org/external/arabic/index.htm ) فإن سكينة http://www.albankaldawli.org/ قد اتخذت من "نعمل من أجل عالم خال من الفقر" شعاراً لها لكنّ هاتين "الحاجّتين" ربّما أضحتا، منذ سلخ "لجنة ميلتزر" لهما، في شغلٍ شاغل عن "العالم وفقرو" ويقال ان سكينة بِقَت في تولا دي* بحيث قد يتحوّر الهتاف الشهير "لن يحكمنا البنك الدولي" إلى "لن ينهبنا البنك الدولي" والله يصحِّح السمحة ويكضِّب الشينة. لكن، ماذا يقول حسبو؟

يقول محمد حسبو أنّ ملخّص قناعته بدقّة هو في العبارة التي تقول بـ"العمل الحر لقوى السوق" (أي، إذا فهمت قصده، Market Mechanism) وأرجو أن لا أكون قد أسأت فهم حديثه حين أقول إنّه يعوِّل على دفع قوى السوق في اتجاه معاكس لاتّجاه خدمة مصالح الرأسمال (كيف؟) وأنّ دفع هذه القوى من جانب المنتجين والمستهلكين يمكِّن هؤلاء من تطويع الكثير ليعمل في توافق مع مصالحهم (كيف؟). يعوِّل حسبو أيضاً على النضال المطلبي (من داخل السوق؟) للتضامن مع ما تقدّم (ما يسميه قدرات السوق النائمة) في حلفٍ يخلق توازناً يهزم الجشع (كيف؟) ويضبط النشاط الاستثماري محليّاً كان أو أجنبياً (كيف؟). هذا، ويقول حسبو أنّ لديه "فرضيّات معيّنة (نأمل أن نطّلع عليها) حول التدرّج في الاتجاه نحو تحرير الأسواق" وأنّ هذه الفرضيّات مدعومة بموديلز (قيد التطوير) مستقاة من الشارع (السوداني؟).

حباب "العمل الحر لقوى السوق" بما يزيد من الكفاءة في أداء الأعمال وبما يجلب من الاستغلال الأمثل للموارد ما لم ينزلق حسبو إلى تحرير الأسواق في نسخته المألوفة (حقّت برامج التكيّف الهيكلي حيث يخضع الاقتصاد برمّته انتاجاً وتوزيعاً لقوى السوق وتُرفع القيود على التعامل مع العالم الخارجي تجارة واستثماراً وتُباع أملاك المواطنين المودعة لدى الدولة في سوق الله أكبر في تجسيدٍ حي للمثل المفضّل لأبي "مالاً تودعو، وودعو" ثمّ يكون فقرٌ وشرٌّ ومصيدة ديون). هذه هي نسخة تحرير الأسواق التي افترضنا أنَّها تقوِّل حسبو أن قد صدق البريتونوودزيون وإن كذبوا وهي النسخة التي هجرها البريتونوودزيون أنفسهم إلى مجرّد عكسٍ للآية بحيث "تَكتُب (مِن كتبَ، يكتب إذا وضع حبراً على ورق) البلدان منخفضة الدخل خططها الخاصة بشأن الحد من الفقر" بدلاً من أن تُكْتَب لها (من كتبَ، يكتب إذا وضع حبراً على ورق) برامج التكيّف الهيكلي بأيدي ريّا وسكينة .

طيّب، المشكلة شنو؟!

فعلاً المشكلة شنو لاسيّما وإنّ هذا البوست ليس في شأن نقد "برامج التكيّف الهيكلي" أو وريثتها "استراتيجيات تخفيض أعداد الفقراء" كما وإنّ أحبّ مكان وطني السودان لم (يفلح؟) بعد إلى "كتابة" وثيقة الأخيرة (معقولة بَسْ؟ مافي فقر؟!) أو لم أفلح أنا بعد في الحصول على أثرٍ لها وإن كانت أرض الخير (افريقيا) قد هجمت (الأعمى شايل المكسّر والفقير شايل الأفقر) على هذه الاستراتيجيّات.

المشكلة هي في عبارة ريّا وسكينة المتمثِّلة في أنّ من بين خمسة مبادئ صدرت وثائق إستراتيجيات تخفيض أعداد الفقراء وفقاً لها "أن تدرك (البلدان "كاتبة" هذه الوثائق) حقيقة أن التعاطي مع الفقر يتطلب منهجًا شاملاً نظرًا لأن الفقر لا يقتصر على افتقار الدخل وإنما يعاني الفقراء أيضًا من انعدام الفرص والأمن وحق التعبير عن رأيهم في القرارات التي تؤثر على حياتهم." أي، ما يحوم حول حماه، حتى الآن، هذا البوست: حلم صيانة الحقوق الأساسية للإنسان السوداني وإبراز ما ينتقص منها (إن لم يكن يعيقها) وسنأتي، في خطوة استباقية لتكرار بضاعة ريّا وسكينة سواء بنسخة جديدة أو بموديلز حسبو، لزرزرة تلك البرامج في هذا الجانب بما في ذلك عرضنا للخلاصة التي وصل لها دارسٌ (استأجرته أمُّ ريّا وسكينة الحنون) ليدرس أثرها (البرامج) على التمتّع الكامل بجميع حقوق الانسان.

إنّ ما أعرف عن حسبو يجعلني في أشدّ الشوق لأن يُسهب، طال عمرو، في تفصيل قناعته التي ربّما إنّنا بهتناه بالقول أنّها تصادق على صدق البريتونوودزيون وإن كذبوا وما ذلك إلا لأنّني لا أعتقد أنّ محمّد حسبو ممّن يشكِّرون رواكيب (بالمعنيين) بريتون وودز فيما نحن ملكّكين في طينٍ وطين من جرّاء خريف العولمة وفي وقت اكتفت فيه ريا وسكينة من الغنيمة (غنيمة برامج التكيّف الهيكلي) بالغياب (غياب نجاح استراتيجيّات الحد من الفقر) ولست متجنّياً على هاتين المؤسّستين بقدر ما إنّني لا أرى طحناً رغم ما أصاب أذن الكون من صمم من جرّاء جعجعة استراتيجيّات الحد من الفقر وليس هذا البيان، في صورة ما، من عندي وإنّما ممّن هو أعلى منّي صوتاً وجايين، كما تقدّم، لبعض هذه الزرزرة في موضوعنا التالي، إن شاء الله: سلق عيش ريّا وسكينة، بليلة فقريّة والله!


* بعضٌ من مِحَن حاجّة سكينة:

http://www.alertnet.org/thenews/newsdesk/BKK289411.htm
http://www.guardian.co.uk/environment/2007/oct/04/congo.forests
http://news.bbc.co.uk/2/hi/health/4939810.stm

Post: #23
Title: Re: قال محمد حسبو: صدق البريتونوودزيون وإن كذبوا!
Author: محمد أحمد محمود
Date: 05-04-2008, 04:45 PM
Parent: #21

ودالبدوي سلام كبير وبركة بالشوفة
حدرات في الحلم الأمريكي والحدره بتصلح المشي
اولا مشاركتي دي وحتى لا اتهم نفسي بالعجلة أعدها مقدمة لكتابة طويلة في هذا البوست وده عشان ما أتحجج اها بلزم نفسي علنا. ولك ان تعتبر هذه مقدمةاو رؤوس اقلام لن تخرج مشاركتي اللاحقه في الاحاطة بها
الحدرة الاولى:- تفسير الحلم الامريكي اولى من سودنته أو في فرز الأحلام
بخصوص عنوان البوست رغم شرحك للمكابده في اختياره اجده متسق ويفي بغرض البوست ومقسم معاي
والذي غرضه الإحسان والوعي ما استطاع
المهم ،أواصل في حدرتي الأولى و قوة عين الحلم الامريكي وأقول أو ازعم عديل إن أمريكا وحلمها اخذ بهما الشطط والعجرفة والدوهيي والحقارة وحمرة العين والسلاح مآخذ كثيرة حتى قالوا آفكيين
احلم معنا أو كن ضدنا(وضمير الجمع يرجع للعالم الحر والديمقراطي اللبرالي وكل الغسق الكويس
عملات عادل امام) تراك تشيف دبليو بوش القائم على الحلم الأمريكي(الرسمي) بتلفظ كيف وبورور بسبابته وسبابه لكل العالم بما فيهم أوروبا العجوز!!!! يعني الجماعة دقواا الجرس تقرأ(العولمة) على حلمهم والمابشتري من العالم والشعوب والحكومات والأفراد كمان ما يتفرج لا ده عندو وصف أمريكي جاهز وبكل المقاسات كما يقول موالانا تشومسكي ده مارق عديل للربا والتلاف، وكدي اعمل فيها حريف وادعي حلمك الخاص فهو لا محالة حلم الأشرار هو أنت كمان لاقي تشبع عشان تحلم!!!
تتقول أمريكا على الأحلام بأنها صناعة أمريكية حصرية
ازعم كمان أن الحلم الأمريكي بعد تقلب المناخ والثقافة والمزاج والايدولوجيا ونسبة لظروف الشحن وتداخلات السماسرة وخلافو تفتح الحلم الأمريكي وبعبوته الأصلية في أفريقيا مثلا تلقاهو كابوس والكابوس غير رعبه وإزعاجه فأنه يطرد الأحلام المحلية والعلى قدرلاحفنا،وهو أي الحلم الأمريكي البقر العجاف الذي يأكل السمان

الحدره التانية
الحلم الامريكي قسم أحلام العلم والعلماء (الأمريكان طبعا)
حوار الطرشان اليدهم في المويه

قبل أيام وبتكون متابع ناس معهد فرانكلين في فيلادلفيا ومجموعة من العلماء بتاعين نوبل وباحثين وعلماء أخريين عزموا ليك ناس جون ماكين وباراك اوباما وهيلاري كلينتون عشا وونسه كده سموه
نقاش علمي لسنة 2008 قام المدعوين شروا ليك ناس المعهد ديل عشاهم برد ونقاشهم برد واتكرفست بزاتهم الانيقه يعني اتشروا الشره ست الاسم اها زعلة كدا قام الدكتور احمد زويل والدكتور دفيد بلتمور الحائزان على نوبل كتبوا مقال في صحيفة((وول ستريت جورنال)) وبصراحة كان شكوى مره وتحنن الكافر على تجاهل السياسه للعلم طوالي تفهما تجاهل السياسي للعالم في الحلم الأمريكي بنسخة 2008 على الأقل وخلينا نذهب مع مقال حيث ذهب الكاتبان إلى أن النموذج الأمريكي للتقدم يواجه تحديات كبيره وذلك بسبب انصراف رجال السياسه وصناع القرار عن الاهتمام بالعلم والعلماء (شوف الشحده والهوان بتاع علماء الحلم الأمريكي ترخيص 2008) وضعف تمويل المؤسسات العلمية ، مما يزيد من احتمال تراجع الولايات المتحدة وتراجع سرعة أدائها مقارنة بسرعة أداء نماذج أخرى في العالم )) انتهى الاقتباس ولم تنتهي شماتتي من علماء السلطان ديل طيب لو نعوا على السياسي البطء في دفع القروش ليهم ما يدو راسو ويقولوا ليهو ارفع كراعك من البنزين والسرعة الجنونية في تفريخ الحروب والصراعات والجوع والفوضى العاملا السياسي الأمريكي في العالم وللا ده ما من ضمن النقاش العلمي لسنة 2008 ؟؟!!

الحدره التالته
للسوق الحر ومؤسسات برتن وودز المؤسسات القابضة للحلم الأمريكي وحلم الجعان كمان ولمحمد حسبو الصديق حدرة يعلمها في هذا الشأن من حوارتنا الممتده ويعلم أني وصفته فيما يخص السوق الحر واحلامو بالطلاشه المجنحه بالخيال والعشم في ضبيحة مكاشر سوقه الحر
اها بعد أن كلت المزاعم لأمريكا وحلمها بجي بجادل على صحة زعمي(بالموجود)
سلام ليك ولكل المتابعين الى حين عودة

Post: #22
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: الجندرية
Date: 05-04-2008, 04:28 PM
Parent: #1

تعرف يا عادل يا اخوي
لمن وصلت للحتة دي من بوستك الشيق دا ـ وقبل ان اكمل القراءة ، اثرت ان اكتب مايعن لي ظازجاًـ

Quote: أنّ كلَّ الناس قد خُلقوا سواسية وأنّ الخالق قد وهبهم حقوقاً أصيلة


نط في راسي كلام غزال المقدشية* دا :

سوا سوا يا عباد الله متساوية**** ماحد ولد حر والتانية ولد جارية

رأيت ان في الامر امكانية وافرة لأنسنة الحلم الأمريكي وليس سودنته فقط






ـــــــــ
*غزال المقدشية شاعرة يمنية برزت كاشهر الشاعرات الشعبيات في القرن الثامن عشر المنافحات ضد حكم الامامة واوضاع المجتمع اليمني قاسية التراتبية ، وقد أطلق مركز دراسات المرأة بجامعة صنعاء إسمها على احدى قاعاته ، بعدان استضاف البردوني عليه الرحمة للحديث عن هذه المرأة القادرة.

Post: #24
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Abdel Aati
Date: 05-04-2008, 09:06 PM
Parent: #22

بوست مرتب وبه فكرة قوية وسلاسة في الطرح وروح سخرية لاذعة نحتاج اليها لكيلا يكون الحلم ورديا ..

متابع باهتمام ..

Post: #25
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-05-2008, 11:58 AM
Parent: #24

أحييك أصدق تحية يا محمد أحمد محمود كما وأشكرك على تعريجتك على ما أسمِّيه (بيني وبين نفسي) عالم الفسالة حيث نظام "فلتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها" لكنّ هذه الفسالة تصبح، فيما نحن فيه من عالم، مفيدة والسبب أنّها بتفرز كيمان الأحلام والكوابيس والواقع (الترتيب دا، بالمناسبة، مما هو سيء لما هو أسوأ!) بحيث يقوم كل صاحب حلم أو كابوس أو واقع إلى شَغَلتو (يعني العُلما القُلت عليهم ديل أكان راجيين السياسيين واطاتهم أصبحت).

عارف، اندهشت جداً من شعار محطّة أنيمال بلانيت التلفزيونية الذي يقول "العلم أغرب من الخرافة" لكن برامجهم الشُفتها (زي برنامج عن الزواحف الطائرة) أكّد لي إنّو الناس ديل ما بهظِّروا وأنا متأكِّد إنّو لو مشيت حكيت لجدِّنا أمحمّد ود بخيت، المسجِّل العام لاختراعات الكذبات الغريبة بحلّتنا، الشُفتو من ضفادع وسحالي وثعابين تطير في ذلك البرنامج لسجّل هذه "الكذبة" العلمية ولقدّمها على خرافة الدلوكة العملوها من جِلد قملة والشتَم العملوهو من جِلد صُبابة.

المغزى من قصّتي الفوق دي مجاراة شعار محطّة أنيمال بلانيت بالقول أنّ الواقع أغرب من الكوابيس والأحلام لكن، في زحمة الحياة، نادراً ما نفطن لذلك فنحن مثلاً لا نفطن إلى إنّنا لو ركّزنا شوية لقوّمنا الكثيرين من أصحاب الحاجات إلى حاجاتهم ولكان الانسان المناسب في المكان المناسب مش انسان غير مناسب قاعد يتنعّم في هذه الحياة الدنيا بينما الانسان المناسب يكدح لكي يوفِّر له ذلك.

يعني البارحة يوم الخلايق نيامى، مثلاً، خطرت ببالي خاطرة تتمثّل في سؤال عن الفائدة التي يمكن أن تُجنى من مناهضة رفع الدعم عن السلع ومن يجني هذه الفائدة فوجدت أنّ الريفيين عن بكرة أبيهم كانوا، بتطويع لمبدأ الفسالة دا خلِّي بالك، "مغفّلين نافعين" في مشاركاتهم في هذه المناهضة: منو من أهلنا مات بالجوع بسبب رفع الدعم عن دقيق الخبز ومنو منّهم "قرَّش" حمارو بسبب رفع الدعم عن البنزين! ولمّا حكّيت الحكاية دي شديد، ساهَرَت بي ذاتو، لقيت إنّو بقاء الدعم على السلع بفضل مشاركتنا كريفيين (قول، بطريقتك، كأهل هامش) في مناهضته جنباً إلى جنب مع اخواننا أولاد المُدُن (قول، بطريقتك، أهل المركز) هو في الواقع خراج يخرجه أهلنا الغُبُش من منتجي المحاصيل والفحم والحطب والبهائم يدفعونه في شكل زكوات وضرائب عشور وقطعان وما إليه وجبايات طرق ومحليّات ومجالس لينعم أولاد المُدُن بالرغيف والبنزين المدعوم وهذه كرة أقذفها راجياً أن يتلقّفها فقهاء جدل المركز والهامش يدرسون على ضوئها ما بقي مما لا يزال يقدِّمه الريفيون، بكلِّ أريحية، لأولاد المُدُن وما تقدِّمه الجماهير (زي الثروة والسلطة على طبقٍ من ذهب مثلاً) بكلِّ أريحية للنُخَب.

أما أنا، فعن نفسي، عافي لأحبابنا ناس طارق عابدون وأيمن هاشم وعبد الرحمن جبرونا وغيرهم من أولاد المدينة المركزية وعصام جبر الله ومحمد ميرغني وغيرهم من أولاد المدن المجاورة لهامش(نا) زكاةً لأرواحنا وأبداننا فـ" تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"

مشكور مقدّماً، يا زول، على ما وعدت به من مساهمات وإلى اللقاء.

Post: #26
Title: أنا دفاعاً عن ابن عمّي عليّ أنا و الغريب و -ربّما- ابن عمي
Author: محمد حسبو
Date: 05-05-2008, 02:05 PM
Parent: #1

.

Quote: فوجدت أنّ الريفيين عن بكرة أبيهم كانوا، بتطويع لمبدأ الفسالة دا خلِّي بالك، "مغفّلين نافعين" في مشاركاتهم في هذه المناهضة


و أكثر غفلة من ذلك و كمان أقل نفعا مطالبة الاشتراكيين المحليين بقوانين لحماية الصناعة الوطنيّة = رأسالمال المحلّي. غايتو صحي الاشتراكيين دي يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة.

صدق البريتونوودزيّون و لو كذبوا دي أظن أقرب منها لوصف جِلْد مولّانا كينز و من نقّحه بإحسان أن يُقال، ما ذنب جلد الطار لو غنّوا بيهو شُتُر، و للباقيات الصالحات نقول ما تخافي الله معاك كلّهم آت و لو بعد حين.

أهو متابعين يا هذا البدويّ الضالع، و أعفينا من الإحراج بالله، ما ياكا متجرجر، أحرجناك؟.
.

Post: #27
Title: Re: أنا دفاعاً عن ابن عمّي عليّ أنا و الغريب و -ربّما- ابن عمي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-05-2008, 03:25 PM
Parent: #26

أشكرك أختي الجندرية والتحيّة لك ولكلام غزال المقدشية

لاحظت أنّه توجد باليمن وزارة لحقوق الانسان على رأسها وزيرة هي أ. د. هدى ألبان (48 عاماً) وآمل أن يكون الهدف من تخصيص وزارة لحقوق الانسان (تمّ ذلك في عام 2003) هو البناء على التراث اليمني من شاكلة كلام غزال المقدشية فكلام المقدشيّة (إذا ما خاب ظنّي) سابق لما ترومين أنسنته من الحلم الأمريكي وبالتالي كان أدعى لأمركته أيام إعلان الاستقلال الأمريكي بَسْ تقولي شنو؟ ألا يذهب الصيت في عالمنا إلا لصاحب الصوت الأعلى؟!

أشكرك أختي الجندرية مرّة أخرى وأتطلّع إلى أن تواصلي معنا بهذا البوست.

Post: #28
Title: Re: أنا دفاعاً عن ابن عمّي عليّ أنا و الغريب و -ربّما- ابن عمي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-05-2008, 04:42 PM
Parent: #27

أحييك يا أستاذ عادل عبد العاطي وأشكرك على الإطراء والمتابعة وأرجو أن يظل هذا العرض عند حسن ظنّك به.

Post: #29
Title: كتلوك ولا جوك جوك
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-05-2008, 05:21 PM
Parent: #28

حبابك يا حسبو وترانا في رجا الشطّار في نقر الطار،

والجرجرة ما تاباها لأنّها معانا ومعانا "كلمة تفوت ولا حدِّ يموت" مع إنّو العالم (البخوِّف دا) حوّر المقالة دي إلى "كلمة تفوت وحدِّ يموت ويشبع موت"! http://www.timesonline.co.uk/tol/news/world/asia/article1293051.ece

Post: #30
Title: سلق عيش ريّا وسكينة، بليلة فقريّة والله!
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-06-2008, 11:15 AM
Parent: #29

سلق عيش ريّا وسكينة (وقيل سلخه عن نخالته) بليلة فقريّة والله (وقيل وأيـم الله) ومحل ما تسري تهري والكلام دا ما من عندي، بالمناسبة، وإنّما يكاد يكون قول السيد برناردز مودهو!

أمّا قولي، على قول مارتن لوثر كنج أنّه رأى (في أبلاشيا باليو إس إيه) اخوانه من السود والبيض على حدٍّ سواء يرزحون تحت وطأة الفقر، فهو إنّني أرى اخواني (في مختلف أبلاشيات اليو إس إس) من الفقراء و"الأغنياء" على حدٍّ سواء يرزحون تحت وطأة الفقر فكونك سايق بي أم دبليو الفئة السابعة طَبَج... طَبَج... طَبَج بحفر الحارة السابعة فأنت فقير، وكونك "غني" ولا تستطيع أن تمنع جحافل البعوض والذباب أن تغزو مسكنك (بالأحرى، فلّتك) وتفسد عليك خلوتك فأنت فقير، وكونك لست واثقاً مما إذا كان يصيبك إيدز إذا عرّستَ أو جكّست أو اتنقل ليك دم فأنت فقير وإن كان دمك أو جِكسك أوعرسك دم دونالد ترامب أو جِكسو أو عرسو. وكون "غِناك" لا يحميك من أن تصبح "دياسبورا" (ربّما مجدّداً) ساعياً وراء علاجٍ لإبنتك أو تعليم عالٍ لإبنك فأنت فقير، أمّا كونك غير آمن فأنت فقير جداً وما تقول لي ممكن أشتري ، بقروشي، تأمين على حياتي لأنّي حا أقول ليك ممكن تدفع أقساط تأمين على عربيتك وعلى بيتك وعلى مصنعك لكي تكون مطمئنّاً أنّك ستعوّض إن سُرقت أو أصابها ضرر لكن شِنْ فايدة دفع أقساط التأمين وأنت تعلم مسبقاً أنّه لو "سَلَّ" ليك واحد سكين وإنت بمكاتب شركة التأمين نفسها لما برز المدير أو الغفير ليردعه وإن طعنك ولحّقك الغُتُس فما الفايدة في تعويضٍ يُدفع لورثتك والحياة قد سُرقت!

كلام زي الدهب، في بريقه يعني، لكنّ خلاصة القول أنّ فقيراً عن فقيرٍ يفرق وتعريف الفقر لدى حاجّة سكينة: "الفقر لا يقتصر على افتقار الدخل وإنما يعاني الفقراء أيضًا من انعدام الفرص والأمن وحق التعبير عن رأيهم في القرارات التي تؤثر على حياتهم" ليس "أدهب" من كلامي فحسب وإنّما أصعب إذ يضع على عاتق ريّا وسكينة مسئوليّات جسيمة سُكب الكثير من الحبر حول أنّ هاتين الأختين أبعد من أن تكونا على قدر التحدِّي حيالها وسوف أعرض بعض هذا الحبر كما وعدت لكن ما يهمني أكثر من ذلك هو هل يمكن أن يكون المنوط بهم وضع السياسات لنا، ومنهم من يُفترض أنّه "المستميتُ على المبادئ مؤمنا، المشرئبُ إلى النجوم لينتقي صدر السماءِ لشعبنا" (الكَتْلة أل!). أوكي، أوكي هل هؤلاء على قدر التحدِّي (في ظل الحكومة التي دائماً ما نستحق) بالدرجة التي تمنع الفقر من أن يقف عائقاً أمام صيانة الحقوق الأساسية للإنسان السوداني؟

سأعود لهذا السؤال لاحقاً. أما الآن، فإن كان هنالك سبب وجيه (غير الاسهام في تماسك هذا العرض، طبعاً) لأن أورد ما وعدت به من أوجه سلق عيش ريّا وسكينة، فهو لكي أدعم قناعتي بأنّ مؤسسية الحد من الفقر (بغض النظر عمّن يقوم على أمرها ويقف على رأسها) أقرب للفشل منها للنجاح وتحضرني هنا قصيدة*، للشاعر السعودي الأمير عبد الرحمن بن مساعد، فكرتها طريفة وذكية وعنوانها "أحمد محمد سلامة" وليجرِّب القارئ أن يغيّر العنوان، لتعبِّر القصيدة عن "محمد أحمد(نا)"، والقصيدة تحكي قصّةً عن سلطانٍ استرعى انتباهه "فرد من أفراد شعبه يائس وأوضاعه صعبه" فيستجيب لنداء هذا الفرد من الشعب بأن يستدعي وزيره ويعنِّفه "أي كرامة يا رعد أي كرامة والمواطن في البلد ضايع مقامه" ثم يمضي "اتركك عن هالحكي واسمعني زين هذي مليونين خذها وصلها لمحمد سلامة" لكنّ المليونين يمضيان في رحلة تناقص عبر العديد من الأيدي لتصل إلى "محمد أحمد" وهي مجرّد تحيّات وتمنيّات طيبة "سيدنا السلطان موضوعك استرعى اهتمامه، سيدنا بيسلم عليك وكلفنا ننقل لك رسالة: سيدنا السلطان أدام الله أيامه يتمنى للأطفال عندك كل الشفا وكل السلامة" وكويِّس إنّو القصّة انتهت على كدا ما "اتجوعل" محمد أحمد وعَزَم حامل الرسالة "شيّشوا" بما جادت به الأيام لذلك الكوظ (cause يا أخوي cause). أمّا إنّو القصّة انتهت فيما يخص مؤسّسية الحد من الفقر فلا، إذ ربّما أن الآليّات التي تسير مؤسسات الحد من الفقر على نهجها تتّبع ما ورد في القصيدة القصّة من "نُظُم واجراءات"، أو هكذا سوّلت لي قناعتي فماذا تقول دراسة السيد برناردز مودهو عن ذلك؟

أوّل حاجة، السيّد برناردز مودهو...مين هو؟

لنجيب عن هذا السؤال، يجب أن نعرف بأنّ للأمم المتحدة مجلسٌ يسمى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتوجد بهذا المجلس لجنةٌ تسمّى لجنة حقوق الانسان وقد استقرّ رأي هذه اللجنة، "...بموجب قرارها 2002/29، أن تواصل خلال دورتها التاسعة والخمسين النظر في آثار سياسات التكيّف الهيكلي والدين الخارجي. وفي رسالة مؤرّخة 23 أيلول/سبتمبر 2001، قدّم الخبير المستقل الذي أسندت له الولاية استقالته، فعيّن مكتب اللجنة محلّه السيد برناردز مودهو..."

عرفنا حاجة، فما زبدة دراسة السيّد برناردز مودهو؟

عندما يخاطب مودهو دبلوماسيين هم أيضاً "أرباب عمله"، تستطيع أن تلاحظ أنّه قد أعمل جهده ليوفّق إلى لغة (محايدة؟)، يقول صدر خلاصة تقريره: "...وقد تبين إلى حد ما، عند التطرق إلى سياسة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن أوراق استراتيجية الحد من الفقر (وثائق إستراتيجيات تخفيض أعداد الفقراء؟) لا يمكنها أن تعالج بشكل فعّال الأثر السلبي لبرامج التكيّف الهيكلي على الصعيد العالمي..."، ويبدو لي هذا الكلام من النوع الذي نسميه "في وشّو ولا غشّو" ولا نامت أعين الدبلوماسيين.

في تقديري أنّه، أكان بالخلاصة أكان بالدراسة كاملة، فإنّنا قد نجد مودهو يقول أن عيش ريّا وسكينة، قديم وجديد، بليلة فقريّة! ولمن شاء أن ينهل من هذه البليلة فليطّلع على الدراسة كاملة لدى: http://www.hic-mena.org/docLista.asp?Id=3

وأمريكيون وأمريكيات يتحدّثون عن اصلاح حال ريّا وسكينة وبقيّة البنات:

1. السناتور فيل غراهام، رئيس لجنة الشؤون المصرفية والإسكان والشؤون المدينية في مجلس الشيوخ الأميركي:

"إن دوّامة الفقر، والتي تدفع بها الديون، لن تتوقف إلا عندما يعمد صندوق النقد الدولي إلى إصلاح أولوياته ومهمته. ومن أجل إصلاح أولوياته، ينبغي على الصندوق أن يطبق بالكامل الإصلاحات التي اقترحها الكونغرس عام 1998 (لجنة ميلتزر؟) فبالضغط على الدول المعنية كي تعتمد سياسات اقتصادية تعتمد على قوى السوق (لجنة حسبو!)، وتشجّع النمو الاقتصادي، والديمقراطية، وتُثني عن الفساد، يمكننا المساعدة في ضمان أن يحصل المواطنون، لا النخبة الحاكمة، على المنافع التي توفرها مساعدات الصندوق.

2. ألان ايتش ميلتزر (سيد الاسم، اسم لجنة ميلتزر)، أستاذ مادة الاقتصاد السياسي والسياسة العامة، في جامعة كارنيغي ميلون:

"الدور الصحيح لصندوق النقد الدولي يجب أن يكون إتّقاء وقوع الأزمات المالية، والحؤول دون امتدادها، أو اتساع نطاقها، إذا وقعت. وإتّقاء وقوع الأزمات لا يعني أنه يجب على صندوق النقد الاستمرار في "إنقاذ" المقرضين، أو إقراض مقادير ضخمة من الأموال للمحافظة على استقرار أسعار صرف عملة مربوطة بسعر صرف ثابت لعملة أخرى، أو لفرض سياسات يتعين على البلدان المقترضة ان تتبعها. ويجب على الصندوق ألا يقرض بلداً ما من أجل تمويل الإصلاح الهيكلي لمؤسسات ذلك البلد. على الصندوق أن يقدّم النصح والمشورة، ولكن يجب عليه ألا يربط تنفيذ النصح والمشورة بتقديم المعونة."

"أما مهمة بنوك التنمية، وهي البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية، فيجب أن تكون ذات عناصر أربعة هي: تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية (بما في ذلك إصلاح المؤسسات داخل البلدان المعنية)؛ تحسين نوعية الحياة؛ تقليص الفقر؛ وتوفير السلع العامة، العالمية منها والإقليمية. يجب ألا تكون هذه المؤسسات مصارفاً بالمعنى التقليدي. فمهمتها يجب ألا تكون زيادة عدد وحجم قروضها، أو توفير القروض للبلدان ذات الوضع الإئتماني الجيد. بل يجب أن تكون مهمتها دفع التنمية قُدُماً، لا الإقراض. ولكي تعكس هذا ينبغي أن تتغير أسماء هذه المؤسسات من بنوك تنمية إلى وكالات تنمية."

3. وآراء أخرى لدى http://usinfo.state.gov/journals/ites/0201/ijea/ijea0201.htm#meltzer

طيّب، نعرِّج على سؤالنا الخليناهو معلّق فوق داك بخصوص الشباب المنوط بهم وضع السياسات لشعبنا وهل سيكونون على قدر التحدِّي (في ظل الحكومة التي دائماً ما نستحق) بالدرجة التي تمنع الفقر من أن يقف عائقاً أمام صيانة الحقوق الأساسية للإنسان السوداني؟ لأقول أنّ ذلك يقتضي أن يكون هؤلاء الشباب (والواقفين على رأسهم) مبرّئين من الغرض، وسنأتي لعرض أشكال هذا الغرض وإشكاله لاحقاً، لكنّني الآن أفترض أن البراءة من الغرض (في ظل الحكومة التي دائماً ما نستحق) إنّما هو محض خيال فما الدبارة؟!

أرجو أن أوفّق إلى العودة لمعالجة السؤال في أعلاه لكنّني أودُّ أن أؤسِّس لذلك أوّلاً برجمٍ بالغيب (أي نعم، ببهتانٍ آخر) لنظريّة حسبو وحسبو أسأل أن يغني: أغفرلو الشال منام عيني وفؤادي جارحو وإن شاء الله يلاقيني "ويتعضّر لي بالدرب". آمل أن أحسن أستخدام ذلك الرجم بالغيب لأقارن (لحاجة في نفس يعقوبي لعلِّي أقضيها): عيش ريقان وعيش حسبو، وبالانقليزي، Reaganomics Versus Hasabonomics وذلك في موضوعنا التالي، إن شاء الله.



* لمن شاء الاطلاع على نص قصيدة الشاعر السعودي الأمير عبد الرحمن بن مساعد فهي بالرابط أدناه:
http://www.alanan.net/shu3ra/bnmusaed/bnmusaed36.htm

التعديل لغرض وضع رابط يفتح هو www.hic-mena.org/docLista.asp?Id=3 وبه توجد الدراسة المعنية ودراسات ووثائق أخرى مفيدة للباحثين.

ولا بِفتح ولا حاجتين! جرِّبوا كدا: http://www.hic-mena.org/docLista.asp?Id=3

Post: #31
Title: عيش ريقان وعيش حسبو، وبالانقليزي، Reaganomics Versus Hasabonomics
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-08-2008, 11:48 AM
Parent: #30

ريقان (الشهير بـ"حاج ريقان") معروف وعيشو (الرسّلو لينا) معروف لكنّ عيشو (الاحتفظ بيهو لشعبو) ربّما غير معروف للكل. حسبو أيضاً معروف (على الأقل لجموع المتجرجرين بهذه الأسافيـ...ر) ربّما بأكثر من عيش ريقان، أما عيشو (عيش حسبو) فقد "شتّتنا" منه ما تجوّد به علينا فيما تقدّم ونشتِّت منه مرّة أخرى ما نراه ضرورياً لخدمة هذا الموضوع. لكن، ما عيش ريقان (التاني)؟

الريقانوميكس (الاقتصاد الريقاني) مركبة تسير (بالأحرى سارت ما شاء الله لها أن تسير) على أربع عجلات:

1. خفض النمو في الانفاق الحكومي.
2. خفض معدّلات الضرائب على الدخل الشخصي وذلك الناتج عن الأرباح الرأسمالية.
3. خفض تدخّل الدولة في تنظيم النشاط الاقتصادي.
4. التحكّم في عرض النقود بهدف خفض التضخّم.

باستثناء العجز في موازنة الدولة والذي علّق عليه ريقان قائلاً "إنّه كبير بالدرجة التي تجعله يعتني بنفسه"، فإنّ المركبة دي قسّمت تماماً مع ريقان وإن كان بعض النقّاد يرون أنّ حظ الممثّل الذي صار رئيساً قد حقّق له هذه الـ win one for the Gipper إبّان رئاسته رغماً عن إنّ الفضل في تحرّك الركود يرجع لانخفاض أسعار النفط بعد أن فرقعت فقّاعة الصدمة النفطية الثانية فيما يرجع الفضل في السيطرة على التضخّم للسياسات النقديّة للبنك المركزي الأمريكي آنئذٍ.

أعلاه معلومات أوردها لأنّها ضرورية لحُسن المتابعة لكن ما يهم هنا هو ربط عيش حسبو بعيش ريقان بهدف رسم توقّع لما يمكن أن يكون عليه الحال عند وضع السياسات الاقتصادية لـ"شعبنا" لاسيّما بعد الانتخابات والأثر المتوقّع لذلك على صيانة الحقوق الأساسية للانسان السوداني الذي نأمل أن ينعم (حينئذٍ) بنظام سياسي وليد لممارسة ديمقراطية نزيهة.

حينما أُنتخب ريقان رئيساً كان الاقتصاد الأمريكي في حالة stagflation (أي، ركود مصحوب بتضخّم) وقد أفلحت سياسات ريقان الاقتصادية (وقيل حظّه) في أن يخرج الاقتصاد من ذلك الوضع. أما حينما قدّم حسبو دعوته للعمل الحر لقوى السوق ووقوفه إلى جانب المنتجين وسواد الكادحين، وإن كان يعوِّل على أن يترك المستهلكين وأهواءهم (أذواقهم) يحسنون استخدام قوّتها لمصالحهم، فإنّني رأيت أنّه كان يتوجّب عليه أن يعمل حساباً يتقي به شر الـstagflation فالركود يصيب المنتجين في مقتل وكذا يفعل التضخّم بسواد الكادحين كما ويصبح من غير الممكن أن يُعتمد على ذوق المستهلكين في وضع كهذا إذ لا قوة لذوقٍ يومئذٍ وإنّما هي تيك إت (بأعلى سعر) أور ليف إت وقد عاش السودانيون هذا الوضع يوماً بطول أيامه وعرض لياليه وبمآسيه وبكم وكم ممّن رُفِع فيه من وليٍّ ومن مسيح والحمد لله.

إذا وفِّق حسبو إلى خلط عيشو حق العمل الحر لقوى السوق (الذي هو خليط بين الـSupply-side economics المشهود في وقوف حسبو إلى جانب المنتجين والـ Neo-Keynesian economics المشهود في وقوفه إلى جانب سواد الكادحين و(ذوق؟) المستهلكين) ببعض أجزاء عيش ريقان لاسيّما خفض معدّلات الضرائب والتحكّم في عرض النقود لخرج بـ"موديل ما تخرِّش الميّة"، نظرياً طبعاً، لكنّها "توشِل موية" من جوانبها المتعلِّقة بما ذكرنا من عدم البراءة من الغرض الذي أشرنا، فيما سبق، أنّنا سنأتي على ذكر أشكاله وإشكاله وها قد أتينا:

يمكننا أن نحزم ذلك الغرض في حزمة واحدة نلخِّصها في أنّ هشاشة عظام التنظيمات السياسية الناتجة عن نومتهم مع أهل الكهف وزهد الحركة الشعبية (بدعوى مندكورو بِعرَف محل يعضي مندكورو) في التورّط في الاسهام في أي تغيير سياسي أو على الأقل ردع الشريك إلى أن يقضي الاستفتاء أمراً كان مفعولاً، يخلق بيئة نموذجية لما يسميه علم السياسة الـCapture وهو ما أعرِّبه (أو أحوِّره) إلى "الكلبش" ألا وهو الغرض الذي لن يبرأ منه المنوط بهم وضع السياسات الاقتصادية لـ"شعبنا" ممّن يرجى منهم العمل لمصلحته وانتقاء صدر السماء له فيجدون أنفسهم ، في ظل الحكومة التي حتماً نستحق بعد حوالي عقدين من الاستقطاب السياسي الحاد، مكلبشين بالعمل لمصالحهم الحزبية و/أو الشخصيّة الضيقة (مثلّث برمودا باشا حمدي، مثلاً). حزمة الغرض هذه حزمة اقصائية مافي اتنين تلاتة وتعوق (وتعوِّق) صيانة الحقوق الأساسية للانسان السوداني ليس من منظور "الكُجنة" العرقية أو الدينية وإنّما من منظور "كُجنة" الآخر المخالف سياسياً والمهدِّد لعرش الثروة وبالتالي عرش السلطة. تأخذ حزمة الغرض هذه بالاشارة إلى خليط عيش ريقان وعيش حسبو، الذي خلطناه لأغراض تحليل واقع افتراضي يتبع الانتخابات، الأشكال التالية:

1. يتنبأ موديل آرثر لافر، نظرياً، بأن الضرائب الباهظة تؤدي إلى انخفاض الإيرادات الضريبية لأن الحافز للانتاج يقل والعكس صحيح إذ إنّ خفض الضرائب يحفِّز الانتاج ويوسِّع الوعاء الضريبي. هذا الكلام صحيح من الناحية النظرية لكنّه، عملياً، محفوف بمخاطر الكلبش الذي يظهر في صورة وحش محاباة الحبايب و"مكازاة" المنافسين فتكون اعفاءات وبلاوي تشد الربط الضريبي ناحية الانكماش وتقديرات جزافية (في حق المنافسين) تنسف الحافز للانتاج وتطرد المموِّلين الضريبيين فيتقلّص الوعاء الضريبي وبما إنّ الحكومة ما عندها استعداد أصلاً لتنفق على رفاهية الانسان السوداني حتى لو كانت موازنتها في حالة فائض، فإنّها حتماً تضيّق الخناق، لكي تسد عجز موازنتها الناتج عن المحاباة والمحسوبية، على السُبل التي يسلكها ذلك الانسان ليصنع لنفسه (ربّما بقوّة بذوقه) بعضاً من رفاهية.

2. يظل عيش حسبو، من الناحية النظرية، مغذياً جداً إلى أن تلم فيهو غنم السوق تسفُّو في ثانيتين وما ذلك إلا لأنّه يتوفّر، من مجرّد فكرة تحرير الأسواق، حافزٌ لوقوع الاقتصاد رهينةً للقطاع الخاص المحلّي ورأس المال الأجنبي (عبر الخصخصة) وكلاهما مهموم بالـBottom Line الذي لا يُعنى بالاهتمام بقاعدة الهرم الاجتماعي بقدر اهتمامه بقاعدة الصفوف (أي الصف الأخير، صف صافي الربح) بحساب الأرباح والخسائر من ميزانيته (جيناك للمحاسبة ولمايكرو النيو كينزيانز والبراند نيو كينزيانز، يا حسبو، ونقر طارهم أكان بِفيقو ليهو). وصافي الربح يتم الوصول إليه عبر سلسلة من المناورات تسهم كلّها تقريباً في غربة الانسان عن التمتّع بحقوقه الأساسية وأول هذه المناورات تتمثّل في زيادة الايرادات بالرعي الجائر للثروات الطبيعية (وأثر ذلك على مخزون هذه الثروات وعلى البيئة) ثم هنالك خفض المنصرفات عبر تسريح العاملين (مما يؤدي إلى البطالة فكسر شوكة "النضال المطلبي") وخفض رواتبهم (مما يؤدي إلى الفقر فانشغال المناضلين عن "النضال المطلبي" بالمعايش الجبّارة والخوف من سيف التسريح أو تخفيض الرواتب) ثم التهرّب الضريبي (الذي يجعل الدولة تلجأ لتمويل تكاليف ترهّلها بالعجز وما يتبع ذلك مما ذكرنا في أعلاه من عجز في صيانة الحقوق الأساسية للانسان).

3. رغماً عن جدل المدارس الاقتصادية حول دور التحكّم في عرض النقود في كبح جماح التضخّم إلا إن (مدرستي!) ترى أن التلاعب بعرض النقود يوفِّر فرصة ذهبية للـ"الكلبش" الذي لن يبرأ منه المنوط بهم وضع السياسات الاقتصادية لـ"شعبنا" لتحقيق أهداف الاستقطاب السياسي بل والاجتماعي ولمجرّد النزعة القاهرة تو ميك موني والتي لن يدّخر هؤلاء شيئاً مما في وسعهم (بما في ذلك إرباك التوقّعات الرشيدة للمنافسين) حتى وإن اضطرّوا "يضاربوا عديييل" لكي يطوِّعوا هذه الأداة السحريّة لتخدم مصالحهم العاملة في المضاربة المالية وخدماتها وربّما يوفَّق الباحث في التاريخ القريب، بل وفي الحاضر، إلى نماذج ونماذج في ذلك.

4. هذا، وهنالك النشاط الاستثماري الذي زعم حسبو أنّه يمكن للجماهير أن توجِّهه وتضبط سلوكه (محلياً كان أو أجنبياً) ولم يقل لنا كيف وإن كنت أرى صعوبة هذه الكيفية رغماً عن إنّني لا أخاله يغيب عن فكر حسبو أنّ في الاحتيال على (وبأكذوبة) خفض تدخّل الدولة في تنظيم النشاط الاقتصادي "كلبش" جامد يدّخره غير المبرأين من الغرض من المنوط بهم وضع السياسات لشعبنا كجوكر يستخدم عند الحاجة (أو عند الطلب) لدعم الحبايب (Positioning) ورجم الهبايب (De-positioning) وذلك بجعل الطريق سالكاً لمنشار المنسوبين والمحسوبين ووضع كل العقد الممكنة في وجه منشار المنافسين هذا فضلاً عن استغلال العلاقات المشبوهة وغير المشبوهة وسلسلة الوكلاء المحلّيين والدوليين (المشبوهين وغير المشبوهين) ممّن خُلقوا وكُبِّروا ودوعِلوا، خلال عقدين من الزمان، انتظاراً لسوقٍ أو لآخر!

إنّ كلَّ ما في أعلاه وغيره من الامتيازات الأخرى لأصحاب الامتيازات يجعل قوى السوق أقرب لأن تعمل في اتجاهٍ واحد وليته كان اتجاه خدمة مصالح الرأسمال المبرأ من غرضٍ يتجاوز بطنو و...أوكي جيب بطنو لكنّ هذا الاتجاه الواحد هدفه خدمة رأس المال الساعي لفرز الكيمان (الاستقطاب السياسي والاجتماعي) فالكلبشة ثمّ الكنكشة إلى الأبد بما يجعل الوطن برمّته (بل بما يصلح سوقاً من رمّته هذه) لقمة سائغة للكيان السياسي الجاهز والقادر على بلع هذه اللقمة وحُسن هضمها وهو مين؟! أكيد مُشْ قاسم أمين! وبهذا يحقُّ لمحمد حسبو أن يسأل سؤاله الفريد: "لماذا نُقاوم سلطة الجبهة الاسلاميّة؟"!

أتناول في الموضوع التالي، إن شاء الله، وهو: حلم فض الشراهة للثروة والسلطة، نموذجاً بطله عرّاب الاقتصاد الجبهجي عبد الرحيم حمدي وآمل أن يصب النموذج في سياق هذا التحليل إذ إنّ حمدي يتّبعُ ذلك السبيل من الكلبشة الذي يجرِّد الانسان الآخر (في نظر حمدي وحزبه) من حقوقه الأساسية مُشْ بَسْ وعينو تعاين وإنّما وضراعو يشيل ويخت كمان!

Post: #32
Title: حلم فض الشراهة للثروة والسلطة
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-20-2008, 03:17 PM
Parent: #31

فرغنا فيما تقدّم من عرض إلى أنّ الواقع أقسى من أشدّ الكوابيس والكوابيس السودانية، باي ديفولط، أشدّ من غيرها فنحمد الله على كلّ حال. ثمّ كان الأسبوع الماضي الذي قدّمَت فيه المحاولة التي قامت بها حركة العدل والمساواة قاصدة اجتياح العاصمة "القوميّة"، وما تبِع ذلك من تداعيات، دليلاً ملموساً على إنّ ما فرغنا إليه لم يكن من فراغ فلنحلم، إذن، ولنتمنّى!

لطالما تمنّيت لو إنّ هيلاري كلينتون هي المرشّحة لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2008 عن الحزب الجمهوري فيما يظلُّ باراك أوباما مرشّحاً عن الحزب الديمقراطي، أو العكس. يرتبط هذا التمنّي بتطلّعي إلى إنّ فوز أحدهما بكرسي الرئاسة الأمريكية يعني وصول رمز (ولا أقول ممثِّل) للأقليّات لقمّة الهرم الأمريكي. ونسبة لأنّه عند الحديث عن الثروة والسلطة فإن الزنوج بأمريكا والنساء والفقراء بكلِّ مكان إنّما يمثّلون الأقليّات الساحقة، فإنّ فيما تمنّيت ما يدعم فرضيّتي، في أنّ الأقليّات تجد طريقها لقمة الهرم طال الزمن أو قصر كما وفيه ما يعزّز أملي في إنّه سيأتي يوماً يشكّل فيه الفقراء قمة الهرم الاجتماعي بالسودان وقاعدته في آن.

هذا هو حلمي وتلك أمانيّ وإن كنت حصلت عليها بالرخصة التي يوفِّرها لي هذا البوست، فالعذر أن هذا البوست أصلاً في خدمة الأحلام. لكنّني تذكّرتُ، في خضم حمى اجتياح العاصمة "القوميّة"، ما وعدتُ به من تناولٍ لمثلّث برمودا باشا حمدي ففزعت. حقّاً فزعت!

كانت فكرتي تتمثّل في أنّني، على عكس أغلب الغارقين في تحليل مثلّث برمودا باشا حمدي، لا أجد في جهر حمدي بهذا المثلّث عنصريّة سببها العرق أو الدين أو اللغة فقد حسبت أنّ هذه مفاهيم أن تعمل آلة حمدي وفقاً لها تصيب حمدي وطبقته وحزبه بضررٍ ينال من أعزّ ما لديهم: جيوبهم وصناديقهم المشرعة لشرعنة كراسي السلطة التي لا تكاد تسعهم. كان ما ركنتُ إليه من تفسيرٍ بسيط لمثلّث حمدي يتمثّل في أنه رسمٌ لخطٍّ أحمر في ممارسة مثلها مثل الـRedlining الذي ذكرنا في أعلاه لكنّه يختلف في إنّه تحديدٌ للـ"ميس" الذي يودُّ حمدي أن يجلب "السوق" إليه فيحصره فيه بدلاً من أن يغبِّر جيبه وجيب طبقته وجيب حزبه في كلِّ صباح ما غدا لذلك السوق أو راح. هذا، وقد يسأل سائلٌ: ولِـمَ يعزل حمدي الأطراف عن هذا الـ"ميس"؟ والجواب، عندي، بأبسط ممّا تتصوّرون:

1. لأنّو أغلب أهل الأطراف ما فيهم كدّة!
2. الفيهم كدّة منّهم ما حا يقعدوا في الأطراف وإنّما هم أصلاً داخل المثلّث الآن أو في طريقهم إلى هناك.
3. الفيهم كدّة وخلاااص وطنيين وما عاوزين يغادروا "وطن الجدود" عليهم أن يجهّزوا شطر هذه الأهزوجة "نفديك بالارواح نجود" ومن ثمّ شنطهم لأنّو بلدوزر المثلّث حا يمشي ليهم لحدِّي عندهم...ويخرتهم كلَّ العندهم.
4. إنّو البعيد عن العين بعيد عن الجيب وما ذلك إلا لأنّ التكلفة المتوقّعة لإدارة هذه الأطراف (قول يا سيد أبوك: تكلفة المبيعات) أعلى من الإيرادات المتوقّعة منها وبالتالي فإنّ إجمالي الربح (بلغة الحساب كدا، على قول أبوي) هو خسارة بيّنة وتلمع لمعاناً بحساب الأرباح والخسائر بهذه الميزانية التقديرية الخاصة بمناورة غدرية وقَدَريّة كمان فالانسان مسيّر وقيل مُساق، غالباً لحتفه، بـ"قوات" السوق.
5. إنّو ثمّة فرصة لاطلاق العنان للريع الانتهازي في مقابل وهم التكلفة المتمثّلة في ما يشبه ما ينسب للنميري من قولٍ تعليقاً على مقترح طريق عطبرة الخرطوم: "إنتَ داير الصعاليك ديل يجوني هنا دا بي عجلاتُم" أو تلك المتمثّلة فيما يمكن أن يُطلق من قول، متنسِّمين لغة هذه الأيّام، يغيّر "بعجلاتُم" إلى "بثاتشراتُم". يتم ذلك بعمل عمايل وعمايل تخلّي، ضمن أضرارٍ أخرى، ضراع الفيهم كدّة من أهل الأطراف يشيل ويخت بما يدفعهم في نهاية المطاف للتجمّع، آلياً، داخل الـ"ميس" ليبتلعهم السوق فيما تأكل الأطراف نارها أو بعضها.
6. الموارد الطبيعيّة بالأطراف أمرها هيّن! فإذا كانت الرأسمالية العالمية لم تترك حجراً في هذا الكون إلا وقلبته لترى إن كان تحته "شيتاً فيهو كدّة" فهل تعجز ربيبتها (الحوارة الغلبت شيخها) في أن تقلب البلد، الذي خبرته لأكثر من ثلاثة عقود، رأساً على عقب من أجل ذلك؟! ومن أجل ذلك كتبنا سابقاً أنّ قائمة الوكلاء المحليين والدوليين، لهذه الأضان التقيلة إلا حيال كشكشة الدنانير، أولريدي إن آكشن والخراج لا محالة آتٍ لصاحب "الحراج" وهو خاتي رجل على رجل ببرجه برج البركة والشربكة.

طيّب، والحل؟!

الحل في المقاومة! (وعلامة التعجّب لكي أغنيكم عن قول: عجبي) لكنّه قبل ذلك في الانتباه إلى ما أشرنا إليه من أنّ حمدي وحزبه يمارسون ذلك النوع من "الكلبشة" التي تجرِّد ما عداهم من جموع الانسان السوداني (الآخر، في نظر حمدي وحزبه) من حقوقهم الأساسية مُشْ بَسْ وعينيهم تعاين وإنّما وضِرعاتُم تشيل وتخت كمان!

لقد أثبتت لي حملة حركة العدل والمساواة أنّ نظريّة "العين البتعاين والضراع البشيل ويخت" صحيحة بدرجة عالية جداً فالمحاولة تقول بأنّ المقاومة مستمرّة لكنّها شتراء بالدرجة التي يوضع فيها ماعون المقاوِم بحيث يكدُّ جنباً إلى جنب مع ماعون المقاوَم ولصالحه ثمّ يفِز المقاوِم يخلّي ماعونو قاعد في حتّتو. أي، بهذا الشكل، هي مقاومة غير مجدية (إن لم تكن مضرّة) سواء جاءت حرباً أو سلماً بأحزاب أو بمنظّمات مجتمع مدني وذلك لسبب بسيط يتمثّل في أنّ الزبدة تذهب للمقاوَم ويقِفُ وقف السند والمواساة الذي أوقفته حملة حركة العدل والمساواة للكيان الذي قطعت مئات الأميال، عبر الفيافي والصحارى والوديان وصقور الجديان، لتقاوِمه دليلاً على ذلك. ويقولون رسالة! وإن هي إلاّ أن انتبه يا مؤتمر يا وطني وسُدّ الباب مستقبلاً على مثل هذا الاختراق بل وانتبه إلى اثبات فشل، وربّما السعي في تهميش، من يسميهم المحبوب عبد السلام "الأيدي الممسكة بمقاليد الحكم والسلطان والأمن والاقتصاد والماء والهواء منذ 1989" ناس نافع وشلّتو من قوش ومطرف* وما إليهما (ممّن يقال أنّ لهم القدح المعلّى في انقسام الجبهجيين على أنفسهم) تمهيداً لرجوع المياه إلى مجاريها عشيّة الانتخابات التي لا يخشى أصحاب الماء والكلأ والنار والهواء إلاّ أن تُفلِح في أن تدق مسمار جحا بعقر دارهم ليتلوّى ساعياً، كما تلوّى وسعى مسمار جحاهم الذي دقّوه بدار النميري، لأن يذهب بكيكة الثروة والسُلطة كاملة ولات حين كبكبة!

ثمّ إنّني وقفت، في أثناء بحثي لأكتب عن استخدام بعض أوجه الاقتصاد كأدوات اقصاء (المضايقة بالضرائب والجور في استخدام تنظيم العمل التجاري، التراخيص مثلاً، في حق فئات بعينها وتجفيف أسواق المحارَبين من السيولة لإغراق أسواق المحسوبين والمحابين توطئة لطرد فئات بعينها)، على معلومات (على علاّتها) تفيد بأنّ ذلك يحدث فعلاً في أيّامنا هذه فكان أن أسهَمَت حملة حركة العدل والمساواة بالضراع البشيل ويخت لتخرُج أدوات الاقصاء هذه من الكواليس إلى مسرح الأحداث ثمّ برز الجبهجيون يحملون الأدوات الأشد، رخصة العمر: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه وعلى غيره بأي وسيلة وأداة تلقوها قدّامكم ولا تأخذكم به رأفة، هذا "الآخر" المندس المدنِّس لحرمة عاصمتكم "القومية"، ولا أنتم تخجلون إذ إنّ ساستنا المناط بهم تغليب مصالح مواطنيهم الآنية على ما ينتظرون من مكاسب سياسية (أو على مجرّد قول أحسنتم إزّاء صيحات الـ"هيييييه" الساذجة!)، في شغلٍ شاغلٍ عن إدراك عنصر الصراع السياسي في ذلك وإن أقلعت طائراته من تشاد!

ثمّ كان أن قفزت إلى ذهني عبارة "يا ولد!" إثر محاولة الدبلوماسية السودانية الساعية لوصم حركة العدل والمساواة بانّها حركة ارهابية وما ذلك إلا لأنّني رأيتها وكأنّها تبتدع (الواقع أن حقوق هذه البدعة محفوظة، أصلاً، لإرم ذات البتاع) ما قد يشكّل رخصة اقصاءٍ اضافية تتيح للجبهجيين مراقبة حركة أموال الدارفوريين وتجميدها إن دعا الحال وربّما قلعها عديييل إن دعا الطمع في مالٍ بارد يطفئ سخانة جوف وجيب المغزوّين ويطفئ ما بقي من شررٍ لدى كلّ من غزا أو حدّث أو يحدّث نفسه بالغزو.

وعلى الرغم من ذلك فأنا، يا أهلنا، قنعان من خيراً (خيراً؟!) في قتال إمّا ورّث الجن البتعرفوهو الثروة والسلطة إلى الأبد وإمّا كمان ورّثهما للجن الما بتعرفوهو! لكنّني لست زاهداً بل وأحلم بوصول السودانيين إلى النتيجة الفيها ثمرة وما عندي وراها نتيجة والمتمثّلة في أنّنا نحن البسطاء ديل (وفينا حملة الدكتوراة وما بعدها) مستغَلّون ومخدوعون (هي خديعة مافي اتنين تلاتة) بالسعي في شأن شراكة في الثروة والسلطة لا ناقة لنا فيها ولا ثاتشر بل وفينا من يسعى، مسحوباً من قنابيرو لشرك هذه الشراكة في الثروة والسلطة، فلا يمهله الكلاش بحيث يدرك انتهاء مدّة استغلاله هذا إلا عندما تنتهي مدّته هو نفسه حين تُلقي به قارعةٌ على قارعةِ الطريق عينو تعاين وضراعو اتختّ الختّة الإيّاها! لكنّ نفسي تحدِّثني بأن علِّمني علماً يضمن لي عملاً وأنا أعدك بأن أصعد هذا السلّم المؤدّي إلى أعلى هرم الثروة والسلطة خطوة بخطوة، منتبهاً أترقّب، وإن أدركني الموت دونه فلا شك أنّني أورِّث ورثتي علماً يضمن لهم عملاً يعينهم على مواصلة الصعود إلى قمة الهرم أو يورّثون ورثتهم ما يعين على ذلك إلى أن يأتي يوماً فيه تتنافس المرأة كلينتون مع الزنجي أوباما أيّهم يكسب ثقة الناخبين فيصبح رئيساً للولايات المتّحدة السودانية. وبما إنّها أحلام في أحلام فلنحلم إذن بازالة القطيعة (فد مرّة) بين قمة الهرم وقاعدة الهرم حين نكون، أو يكون ورثتنا، قمته وقاعدته ونكون، أو يكون ورثتنا، على قدر المسئولية التي تهدينا إلى متى وكيف نسعى، سعياً مؤسّساً مُشْ عمَّال على بطَّال، للشراكة في الثروة والسلطة ومتى نفضّ الشراهة، فعلاً لا قولاً، للمسنوحتين.

...ونواصل، إن شاء الله وموضوعنا التالي: حلم الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف


* يقول المثل: "ينبح الأمنجي حرصاً على ضنبو":

وقال مطرف صديق وكيل وزارة الشؤون الخارجية انه يشك في ان ابراهيم كان في ام درمان وان الحكومة مستعدة لاي هجوم اخر. واضاف ان الحكومة تعلمت بعض الدروس وستكون افضل استعدادا لو تجرأ ابراهيم على شن هجوم اخر.
http://www.alarabiya.net/articles/2008/05/12/49711.html

وقال نافع:" إن محاولة حركة العدل والمساواة بامدرمان أن كان لها نفع فانها قصمت ظهر الحركات وابانت انقطاع الصلة بينها والبسطاء من أهل دارفور، بجانب اسهام هذه المغامرة في تقويض اتفاق ابوجا خاصة فيما يتعلق بضرورة تسريع انفاذ بروتوكول الترتيبات الأمنية.
http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=124206&pg=34

قال مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الفريق صلاح عبد الله إن القوات الحكومية تلاحق زعيم حركة العدل في «جبل الراهب» بين ولايتي الشمالية وشمال كردفان المتاخمتين للعاصمة الخرطوم. وحض رئيس جهاز الامن في لقاء مع ضباط وضباط صف وجنود هيئة العمليات بجهاز الأمن الذين شاركوا في معركة صد العدوان على أم درمان الى «عدم السماح للفساد والمفسدين بالعبث والطعن فى الظهر»، قبل ان يهنئهم بـ«الانتصار الذي تحقق».
http://www.almokhtsar.com/html/news/1914/4/89680.php

Post: #33
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: عبدالمحمود محمد عبدالرحمن
Date: 05-21-2008, 09:04 AM
Parent: #1

.
عادل؛
شكراً على مواصلة البوست الذي كاد أن يكون أحد ضحايا "الغزوة الخليلية" Collateral damage بعد أن طفح المنبر بالبوستات إياها التي أغرقت ما عداها.
الموضوع شيق والطرح ـ كالعادة ـ جذاب وآسر؛
فقط على الصعيد الاقتصادي (بوست 8 مايو) شايف الانشغال أكتر بقضايا المدى القصير ـ الركود والبطالة والتضخم [والركود التضخمي أو التضخم الركودي] ـ بما تستدعيه من سياسات التثبيت والتركيز Stabilization Policies والمدارس المختلفة في ذلك: اقتصاديات جانب العرض (الريقانوميكس) والكينزيين الجدد، والمحاولة التوفيقية ـ إذا فهمتها جيداً ـ بينهما (حسبونوميكس/بدوينوميكس) وكذلك الكلاسكيين الجدد؛ في حين أعتقد أن مقاربة الحلم الأمريكي و"سودنته" تستدعي التركيز على مسائل المدى الطويل المتعلقة بقضايا النمو والتنمية Growth and Development وما تستدعيه من سياسات هيكلية تختلف في طبيعتها عن تلك المطروحة للتثبيت والتركيز.
المزيج المقترح بين اقتصاديات العرض ووصايا الكينزيين الجدد ـ مع إبقاء "حزمة الغرض" ثابتة Ceteris Paribus ولو لحين ـ يحتاج إلى تفصيل؛ وإشكالية اقتصاديات العرض التي تبناها ريقان ـ ثم أسقطها لاحقاً ليخبو نجمها بعد ذلك ويأفل ـ أنها وعدت بأكثر مما أنجزت وأساساً صُممت لتحقيق مآرب على المدى الطويل في حين استخدمها ريقان كأداة للمدى القصير بغرض التخلص من الركود الحاد الذي مر به الاقتصاد الأمريكي كتبعات لعهد سلفه كارتر وكذلك كبح التضخم. لكن هذه السياسات قادت إلى إشكالات أخرى منها تراكم عجز الميزانية الأمريكية بصورة حادة ـ جزئياً بسبب فشل الرجل في السيطرة على الإنفاق الحكومي المتعاظم وبخاصة على سباقات التسلح (حرب النجوم وغيرها) واندفاعه لدق المسمار الاقتصادي الأخير في نعش الاتحاد السوفيتي العظيم. أما الكينزيين الجدد فيطغى عليهم الانشغال بالإهتمامات النظرية والعوامل التي تسبب اختلالات الأسواق Market imperfections وإزالتها لضمان عملها بالكفاءة المطلوبة.
الموضوع متعدد الأبعاد وكما قلت يزيد من فائدته تناول محددات النمو الكفيلة بتحقيق التقارب Convergence وسودنة الأحلام؛
ولنا عودة بعد قراءة أكثر تانياً إن أذِن الله.
مع المودة
محمود
.

Post: #34
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-22-2008, 07:17 PM
Parent: #33

أشكرك يا محمودعلى هذه الفاتوحة التي فتحتها لهذا البوست وإن كان مخططٌ لهذا العرض أن يصل إلى نهايته بموضوعين وخاتمة.

أنا الآن على سفر، ولا أدري أيؤسفني ذلك أم لا ففي السفر (كما يقولون) سبع فوائد وفيه لي سبع فلايت أو أكثر، فأرجو أن أُمهل عدة من أيام أخر (سائلاً الله، للظروف الأخرى ومفاجآت السفر، الـCeteris Paribus) بحيث أعود وأتناول مقترحاتك لتشبيك موضوع هذا البوست بمسائل تتعلّق بالـBig Picture وإن كان أقوامٌ مثلنا ناس "حراق روح" وما ناس طويلة يعاينوا ليها بالطوالة، ففيكم الخير والبركة ونقدِّر اسهامكم في ذلك مقدّماً.

مع التحايا وأطيب الأمنيات بنهاية اسبوع رايقة.

Post: #35
Title: النمو والتنمية والنمور السودانية
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-26-2008, 01:38 PM
Parent: #34

أتناول اليوم جانباً من الفاتوحة التي فتحها عبد المحمود لهذا البوست وأبادر بالقول بأنّه لا انكسرت قزازة التنظير للنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية ولا اندفق الفيها بل إنّ ما اشرتُ إليه من أنّ عيش حسبو يظل، من الناحية النظرية، مغذياً جداً ينطوي على دلالةٍ على ما لمست فيه من قابلية لدعم النمو الاقتصادي: زيادة الناتج المحلي الاجمالي عبر الوقوف إلى جانب المنتجين (عرضاً لانتاجهم وطلباً لمدخلاته) وسواد الكادحين من منتجين (عرضاً لسلعهم وخدماتهم الأوّلية بما في ذلك ضرب ضرعاتُم) ومستهلكين (عرضاً وطلباً للسلع والخدمات) فيما كان مقترحي لتهجين ذلك العيش ببعضٍ من عيش ريقان يهدف إلى (تشذيب؟) هذا النمو عبر مساعدته بجكّة تتمثّل في توسيع الوعاء الضريبي ووضع أرقامه في اطار الـReal Terms عبر كبح جماح التضخّم.

لكنّني نُكِست على رأسي فما جاب التشذيب مريسة تام زينو حين (هزمتُه؟) بحزمة الغرض وربّما أنّ ذلك ما يجعلني أتحرّق شوقاً، منذ أن وقعت عيني على مداخلة عبد المحمود، إلى معرفة السبيل إلى حبلٍ متين يكرِّب "حزمة الغرض" بحيث لا تفرفِص كونها Ceteris Paribus بَسْ. مع إنّو فرضيّة ثبات العوامل الأخرى دي واقعة لي فوق جرِح (عليمو الله عاد موقف صاحب "تفكيك الأخلاق" من ذلك) لكنّ "حزمة الغرض" المذكورة ليست ممّا يسهل اغفاله فالشاهد أنّ معدّلات النمو بالاقتصاد السوداني تبدو "مشرّفة" في بضع سنوات خلت في حين أنّه لا يبدو للعيان (والعيّان) طحنٌ في جانب التنمية الاقتصادية بالبلد المغبون ولا يخفى عليكم، يا عبد المحمود، أن الطرق والجسور والتطاول في البنيان وربّما حتى المطارات تظلّ أقرب لأوجه التطوير العمراني المحصورة بمحل الرئيس بنوم والطيّارة بتقوم أكثر منها تنمية اقتصادية شاملة. هذا، فيما يعتبر ناشطون أنّ السدود لا تعدو كونها تنمية كاذبة تندرج تحت أوجه التدمير (الثقافي؟) وأعتقد أنّ لك، يا عبد المحمود، في فيل مطار مروي قول فصل.

بصفتي قنعان، يا اهلنا، من خيراً (خيراً؟!، تاااني!) في أهل الثروة والسلطة ومن يشاركهم ومن يناوشهم بالقتال (سلماً أو حرباً) ومن يجاهدهم (مدنياً أو عسكرياً) من أجل ذلك، فإنّني ممّن آمنوا وصدّقوا مقولة إنّا عرضنا التنمية على جميع هؤلاء فما أشفقوا منها وإنّما انشغلوا عنها أو تزاوغوا منها وربّما أكلوا قريشاتا حمرة عين كدا فأصبح أدعى أن يحملها الانسان (رأس المال البشري) على عاتقه ومن أجله (المجتمع) وإن لم يفعل فهجاج* "إنّه كان ظلوماً جهولاً" ولجاج* ذلك.

لقد كانت عين هذا البوست (منذ بدايته وعبر أغلب مواضيعه) ساهرة على هذا المنظور من التنمية الذي يدعو الانسان السوداني إلى العمل على تنمية ثرواته (لا الصراع حولها أو للشراكة فيها) وتنمية قدراته بحيث يقف حارساً مؤهّلاً (سلطة رفيعة المستوى) عليها بهدف تحقيق رفاهية تتمثّل في صيانة الحقوق الاساسية للانسان السوداني عبر الحد من الفقر وتوفير قدرٍ من التعليم يمكّن الأجيال (والأنجال) من تفادي البطالة للوصول إلى ما يُطمح له من المساواة والعدل الاجتماعي. وتلك رفاهية نحسبها داعمة للنمو الاقتصادي وضامنة أيضاً للمحافظة على جودة رأس المال البشري وبالتالي استدامة التنمية لمصلحة كلِّ طوبة من طوب الأرض الذي يشكِّل هرمنا الاجتماعي (المجتمع). لكن، ثمة سؤال يُسأل: "من هو المجتمع؟" والسؤال لحسبو (أي، هو صاحبه بأكثر مما هو موجّه إليه).

كأنّ حسبو يقول (أو كأنّني أقوِّله) أنّ الصفوة (تسعى لأن تكون) هي المجتمع والمجتمع هي وبذلك تُبْطِل أحلام المجتمع في التنمية الاقتصادية (دا كلامي) وفي بقاء ثقافاته بارزة ومشعّة (دا زي كلام حسبو). الآيديلوجيا المبطلة لهذه الأحلام، لدى حسبو، هي هيمنة الصفوة على المجتمع "بدعوى فرعونية نصّها ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبل الرشاد" لكنّه (حسبو، يا أخوي، مُشْ فرعون) يرى أنّ:
Quote: التاريخ البشري ارتبط وثيقا بالكتابة و الفنون، و ليس كل تاريخ غير مكتوب –أو مرسوم- هو تاريخ مفقود بل مشوّه و "أكثر قابليّة" للإندثار أو التلاعب، و الكتابة و الفنون –بكل أشكالهما- ظلّا على الدوام امتيازا اجتماعيّا، تلعب الكتابة و الفنون هنا دور الجينات المحسّنة، مثلما حدث مع ذبابة الدروسوفيلا (أظنها كدة) و التي انقرضت أنواعها ذات الجينات غير المقاومة لمبيد الـ د. د. ت.. في صعيد المجتمع لا تنقرض المجموعات التي لا تملك جينات الكتابة و الفنون، و لكنها تُظَلّل أكثر فأكثر و تنزوي ثقافاتها، بحيث تبدو ثقافتها الخاصّة شيئا مُنكرا و مُتنحيّا، مالم يفتح الله عليها بممثِّلين مؤمنين بانتمائهم الاجتماعي و قادرين لسبب أو لآخر على إتيان أسباب الكتابة و الفن، و حتّى عندما يتوفّر هؤلاء، فإنّهم يُساقون لتقديم انتاجهم المكتوب أو الفنِّي إلى تلك الفئات و الطبقات ذات المقدرة على القراءة و الكتابة لا إلى المجتمعات المُظلّلة التي يمثِّلونها و انطلقوا منها، فالخصم هو الحكم في كل الأحوال، و بقدر استساغة و تقبّل "الطبقات" المُسيطرة، يتم تداول هذه الثقافات..

أمّا أنا فارى أنّكم تدأبون سبعين سنة وقد تفلحون وقد لا تفلحون في أن تقلعوا (من عين أصحاب الامتيازات) حقكم في تقرير مصيركم فيما يخص تداول الثقافات وتوازن التنمية والحالة ما أنا بمتشائم! فما دأب السبعين سنة (ممكن تكون سبعمية وما ممكن تكون سبعة بأي حال) إلا في السعي إلى ما ظلّ هذا البوست يروِّج له من شكل النضال الأكثر الحاحاً: امتلاك المقدرة على فك الخط بمختلف أنواعه أما في جانب الفنون (الحِرَف؟!) فالفن، على حدِّ عبارة أوردها الفنّان حسن موسى، عمل والحِرَف فنٌ وعمل وعلى العمل، في حدِّ ذاتو، تقع مسئولية تحقيق الأحلام على حدِّ قولنا بصدر هذا البوست. هذا، وأنا لا أقف عند أمنيات حسبو بأن يفتح الله على الثقافات المهدّدة بالانزواء بممثّلين مؤمنين بانتمائهم الاجتماعي فيعكفون على أن تواصل ثقافاتهم اشعاعها وبالجنبة كدا يقاتلون من أجل تنمية متوازنة بديار مجموعاتهم وديار غيرهم إذ لا ثقة لي في ذلك وما تفهموني غلط فأنا أقول أنّ الله يفتح عليهم بما تمنّى حسبو لكنّهم سرعان ما ينسخطون بمجرّد استلام صك ذلك التمثيل وربّما قبل بدء بث تلك التمثيلية...وألاّ شنو يا حسبو! أنا أدعو أن ياكل كل واحد منهم نارو (وفردانية فردانية) بحيث يكون في خاتمة المطاف (الممكن تكون إنفينيتي) واحد ماكل نارو زايد واحد ماكل نارو يساوي مجتمع ماكل نارو فيه كل واحد ممثّل لنفسه ولثقافته في شبهٍ لما سبق وذكرنا من حلم ازالة القطيعة (فد مرّة) بين قمة الهرم وقاعدة الهرم حين نكون، أو يكون ورثتنا، قمته وقاعدته في آن.

وأرجو أن أتمكّن من العودة لحكاية الفردانيّة دي التي يزيّنها الحالمون من أمثالنا في شكل وسيلة لحلم سوداني وإن كان فهمي للفلم الأمريكي American Beauty هو أنّه يبرز هذه الفردانية كأثر قاتل من آثار السعي لصورة من صور الحلم الأمريكي وليس بصفتها سبباً من أسباب تحقيقه). وحتى ذلك الحين أدعو عبد المحمود أن يكشّنا (to coach us; that is) ما رأى في هذا الطرح من ثغرات أو إن وجد أن الطرح مجرّد غربال لا يؤتمن لثبات عيش فوقه.

___________________

* لم أعلم أنّ للهجاج واللجاج مصدراً، غير حبوبتي النخيل بِتْ صالح، إلا عندما قوقلت العبارة صباح اليوم فوجدت أثراً لها يرجع لما قبل الاسلام. أما استخدام حبوبتي النخيل بِتْ صالح للهجاج واللجاج فيأتي تعبيراً عن الفجيعة في قولها حينما تطرق أذنيها نياحة على ميت (وهي تكِد بالـ"عزازة" أو الـ"نجّاضة" حقّتها والتي هي "بلاد" مخصّصة للزراعة المطرية عند طرف الحلّة): الليلة عاد البكا أكان في فريقنا ياهو الهجاج واللجاج وأكان بقى في فريقاً تاني الموت تراهو بِمِش وبِجي...وشوف ليك جِنِس فردانية فرقانية!

Post: #36
Title: دولار...ريال...شيك سياحي...
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-27-2008, 06:13 AM
Parent: #35

...والدولار ضعيفٌ مهان إلا في السودان! فهو عزيزٌ يقدل، هذه الأيام تحديداً، معزّزاً مكرّماً. مغروض ليك في ألفين دولار لي سفر وألاّ بطر؟ أنسى، أنسى!

هل تنتقل الحرب، الآن، من شوارع أم درمان إلى أروقة البنوك والصرافات وأرصفة دولار...ريال...شيك سياحي وربّما مقر بنك السودان؟! أهل الداخل أدرى!

Post: #37
Title: الأذان هيّن، الكلام اللهمّ!
Author: Adil Al Badawi
Date: 10-01-2008, 06:57 PM
Parent: #36

ألف شكر يا باشمهندس،

الله يقدّرنا على جزاك...وعلى المواصلة في هذا الموضوع.

Post: #38
Title: كلام "مرشّح الحلم الأمريكي"...ما تخافوا...ما أنا!
Author: Adil Al Badawi
Date: 10-30-2008, 08:16 PM
Parent: #37

إلى أن يرفع الله القدم والقلم فأعود لأتناول ما وقف حمار شيخي عند عقبته (أي، "حلم الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف")، فإنّني أضع بين أيديكم هذا الفيديو وهو عبارة عن رسالة مدّتها حوالي ثلاثين دقيقة بثّتها حملة باراك أوباما الانتخابية ليلة (يوم؟) أمس وذلك لما لها من ارتباط بموضوع هذا البوست ولما لأوباما من ارتباط بـ"حلم الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف" وصل إلى أن أطلق اتحاد Change to Win على أوباما لقب: مرشّح الحلم الأمريكي.

واتحاد Change to Win هو ما أطلقتُ عليه لقب: "الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف" وهو عبارة عن سبعة اتحادات (اجمالي عضويّتها ستة ملايين عضو) توحّدت في العام 2005 في هذا الجسم "لبناء حركة عمّالية جديدة مهيأة لمواجهة تحدّيات الاقتصاد العالمي ولاستعادة الحلم الأمريكي في القرن الواحد والعشرين ويتمثّل هذا الحلم الأمريكي في: رواتب كافية لاعالة أسرة، رعاية صحيّة في متناول اليد، تقاعد آمن وكرامة في العمل."

...نشوف رسالة "مرشّح الحلم الأمريكي" بتقول شنو إلى حين عودة:



إلى اللقاء.

Post: #39
Title: من سار على الدرب وصل...
Author: Adil Al Badawi
Date: 11-06-2008, 07:16 PM
Parent: #38


http://www.changetowin.org/the-american-dream-candidate/


This morning I told my two boys how we just made history. To be honest, as a 38 yr old mother, I have not seen or experienced discrimination in my life. My family and communities have seen "people", not color. I never was exposed to racial imbalance. BUT, I hope that as a fairly intelligent person, my children do know that it does still exist, although they have not seen it either. Today is so important for all of us. The humility in President elect Obama's speech made me cry. It wasn't just him, it was us! The Americans that believe in good values of the heart. The Americans that believe "May The Best Man Win" means the best soul, the strongest, most well-meaning individual who has everyone's interest in mind. It shows we are ready for this NOW. The mentality of strong arming our importance globally needs to bow for a handshake and effort of goodwill, or at least a chance. The United States needs to be respected for the right reasons, as we have been for most of history. Recent years have brought us some terrible trials, and our response was from the gut, out of anger, to prove our point. We all know that doesn't work in our families and communities. Now domestic problems have us here, shaking our #########, backing up and taking a new look. Now what? We all may not be solidly behind Barack Obama, but I think we do feel a bit safer, more patient maybe, that we have the level-headedness of Obama and Biden to take a fresh look at our situation and see where America's G.I. Joe tactics went astray. I wish my mother was alive today. She would be crying with me, a white Catholic, single mother, on the day that a truly deserving individual was elected President of the United States, and he was black to boot!!!!! God Bless America!!!!

Post: #40
Title: حلمٌ أم حقدٌ طبقي؟!
Author: Adil Al Badawi
Date: 11-16-2008, 06:06 PM
Parent: #39

ينطلق ائتلاف Change to Win من قاعدة تبدو أشبه بالحقد الطبقي: كيف يستقيم أن يذهب الرؤساء التنفيذيون للشركات والمساهمون بالكيكة كاملة ولا تصيب الطبقة العاملة على تلك الكيكة منها سوى الفتات! ربّما إنّ هذا لشيءٌ عجاب لكنّ الأعجب أنّه قد تواتر أنّ جشع الرؤساء التنفيذيين مسئولٌ بشكل مقدّر عن بوادر فساد هذه الكيكة (أي الأزمة الاقتصادية الحاليّة) على الأقل في الجانب المتعلّق بمنبتها (وول ستريت) وإن كان الرؤساء التنفيذيون والمساهمون بالقطاعات التي تجمعهم والطبقة العاملة في قارب واحد يغرقوا جميعاً إن هو غرق (أي، أولئك الأقرب إلى مين ستريت) قد سقطوا صرعى لأثر هذه الأزمة ربّما بأكثر من أنّهم قد تسبّبوا فيها.

فطنت "الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف" إلى تهديد هذه القطط السمان لحلمها من زماااان فركنت إلى مكافحتها بوسائل أفضل بكثير من مجرّد أن تحقد عليها فكان أن وجّهت مواردها إلى التنظيم (انضمام عمّال أمريكا لاتحادات نقابية) ولا شيء، تقريباً، غيره إذ تقتضي لوائح ائتلاف Change to Win أن يخصّص 75%، على الأقل، من موارد الائتلاف وميزانيته لبرامج التنظيم كما وأدرك الائتلاف أن:

1. لا يمكن للطبقة العاملة، بما فيها أعضاء الاتحادات النقابية، أن تكون في حالة فوز مستدام ما لم تنظّم ملايين العمّال في اتحادات.

2. لكلّ عامل بأمريكا الحق في الانضمام إلى اتحاد نقابي يملك الرؤية والاستراتيجية والموارد اللازمة لتوحيد العمال بهدف الفوز...

...بذلك نشأ حلمٌ أمريكي جديد مكتوب، هذه المرّة، على جناح جبريل الحركة النقابية مفاده أن تعمل قوى السوق لنا (الطبقة العاملة) ولسوانا (الرؤساء التنفيذيين والمساهمين). نشأ هذا الحلم، إذن، وأحسب أنّه حلمٌ فاعلٌ فعلاً وبالتالي فهو أدعى لأن يُسودَن فحقّ لي، بذلك، أن أمضي قدماً في البحث في فرضية تلك الفعالية فأرجو أن أشرع في تناول ذلك في موضوعنا التالي، إن شاء الله، وهو: لعبة شيلني وأشيلك (Win - Win) – أوباما وائتلاف Change to Win

Post: #41
Title: لعبة شيلني وأشيلك (Win - Win) – أوباما وائتلاف Change to Win
Author: Adil Al Badawi
Date: 11-17-2008, 04:21 PM
Parent: #40

أعلن ائتلاف الاتحادات النقابية السبعة Change to Win مساندته للسيناتور (آنئذ) بارك أوباما وذلك بتاريخ الحادي والعشرين من فبراير من العام 2008 وذلك لأنّه "بالنسبة للطبقة العاملة، فإن هذه الانتخابات هي لتغيير أمريكا نحو الفوز بمستقبل أفضل لأبنائنا. إنّ السناتور أوباما لا يشاركنا رؤيتنا وحلمنا فحسب وإنّما يعمل من أجل توحيد الأمريكان لبناء حركة تغيير يمكنها أن تملك النفوذ اللازم لتحويل ذلك الحلم إلى واقع...إنّه (أوباما) سوف يقاتل من أجل حق الطبقة العاملة في أن يكون لها صوت في العمل، أن يضمن رعاية صحيّة عالية الجودة وفي متناول الجميع، أن يخلق فرص عمل جيّدة عبر اعادة بناء (والتوسّع في) البنية التحتيّة للأمّة كما ويقاتل من أجل سياسات تبادل تجاري عادلة تروّج لنمو فرص العمل"

يمضي بيان ائتلاف Change to Win، الذي صدر معلناً مساندة الائتلاف لأوباما، قائلاً: "يبني السيناتور أوباما تحالفاً انتخابياً قادراً على تحقيق التغيير الذي تحتاجه هذه البلاد لاستعادة الحلم الأمريكي للطبقة العاملة الأمريكية. نعتقد أنّنا قادرون على احداث فرق بإسهامنا في بناء هذه الحركة الجديدة إذ إن الستّة ملايين عضو الذين يشكّلون تحالف Change to Win سيلعبون دوراً مهمّاً في أن يكون أوباما هو، فعلاً، الرئيس القادم للولايات المتّحدة. إنّ أعضاء إئتلافنا نشطون ومهتمّون ومصمّمون على احداث ذلك الفرق"...

...فمن سار على الدرب، إذن، ومن وصل؟ الناخب أم المنتخَب؟! لا أستطيع أن أجزم الآن لكنّني أجزم أنّني نظرت نظرةً في النجوم، نجوم العَلَم الأمريكي ونجوم الحلم الأمريكي، فأدركتُ حين تذكّرتُ إنّي قد سبق وقلت بهذا البوست: "يقول مثلُ غُبُش السودان "حلم الجعان عيش" ويُضمِن المثل أن حلم الفقير غِنى بفضل الله (ثمّ بضَرِب ضُراعو) عمّن سواه وحلم المريض صحّةٌ (لا مؤسسات علاجية تفلق وما تداوي) وحلم الجاهل تعليمٌ (لا حُجا بمدارس قد تَكْفل، وقد لا تَكْفل، بها الدولة حصول "كل مواطن" على حق التعليم دون تمييز على أساس البلا بلا بلا، بلا بلا بلا) وحلم العامل تأمينٌ اجتماعي يأخذ بيده حين يضطر لأن "يجلس" الجلسة الأخيرة لمؤتمر حياته التي أفناها يقع ويقوم، يقع ويقوم، يقع ويقوم". أقول، أدركتُ حينئذٍ أنّ أمرنا سقيم!...

لكنّ هذا ما أرجو أن أُفلح في التأسيس له، إن شاء الله، بموضوعنا التالي وهو يتناول فرضيّة، لي، تزعم أنّه بسبب تضامنٍ ما بين عَقدٍ نفسي وعَقدٍ اجتماعي، فإنّ Obama ain’t no Buffalo Soldier

Post: #42
Title: Obama ain’t no Buffalo Soldier
Author: Adil Al Badawi
Date: 11-19-2008, 02:15 PM
Parent: #41

Obama ain’t no Buffalo Soldier!...Yes, he is…No, he isn’t

Well, let us test this in the light of the famous/infamous “WE CAN, WE WILL” motto

على أي حال، خلّونا نقول إنّو ائتلاف Change to Win، والشهادة للائتلاف نفسه، ما قصّر تَبْ مع أوباما فقد وقف معه وقفة ربّما أسهمت في أن يصل رمزٌ للحلم الأمريكي إلى البيت الأبيض* فهل آن أوان الـPayday؟!

والإجابة، عندي، بنعم وليس ذلك لأنّ أوباما قد وقّع لإئتلاف Change to Win ولجموع الناخبين كمبيالات مستحقّة الدفع عند دخوله البيت الأبيض وإنّما لأن أوباما قد بذل للناخين ما يمكن أن نطلق عليه (متنسّمين لغة العلاقة بين العاملين وأصحاب العمل) "العَقد النفسي" وهو عقد متعارف عليه بأنّه تفاهمٌ بين أصحاب العمل والعاملين يتعلّق بالوعود والالتزامات الناشئة بين طرفي علاقة عمل. هذه الوعود والالتزامات هي سلّة (غير موثّقة) من الوعود والتوقّعات لا تخضع، في العادة، لتفاوضٍ أو نقاش وبالتالي فهي تظلُّ في صورةٍ غير رسمية ولا يحكمها، لاسيّما في أزمنة التغيير**، سوى مدى الولاء والالتزام المتبادل بين العاملين وأصحاب العمل (أي، في موضوعنا هذا، بين أوباما والناخبين).

لكنّ الاجابة بنعم هي لأنّني أجد العَقد النفسي في حالة أوباما تحديداً أشدّ الزاماً وما ذلك إلا لأنّه لا مفر لأوباما، الداخل لـ"جنّة" البيت الأبيض من باب التغيير، من صيانة هذا العَقد ما دامت عينه على الالتزام بالعَقد الاجتماعي (عقد حكومته مع مواطنيها والذي يلزمها، بما في ذلك الكوماندر بتاعها ذاتو، بالسعي دوماً للحفاظ على أُصُر النظام الاجتماعي) وهو عقد يكتسب قوّته حين يظلّ مجلس التحكيم، الخاص بالنظر في ما قد يصيب شروطه من انتهاكات، ليس سوى الانتخابات التي أتت بما لم يأت به الأوائل (بأمريكا، طبعاً) حين أصبح أوباما الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتّحدة الأمريكية وهي نفسها التي تحدّد مصيره في أن يكون، أو لا يكون، الرئيس الخامس والأربعين لذات الولايات.

يتضامن العَقدان (النفسي والاجتماعي)، إذن، وفي وجود الهواء المعبأ بسحر التطلّع للتغيير لوضع أوباما رهينة لإحداث ذلك التغيير لاسيّما وقد (تورّط؟) في اختياره شعاراً لحملته الانتخابية. ليس في وسع هذا التغيير (الذي، على حدِّ عبارةٍ لأوباما، قد يحتاج لأكثر من ولاية رئاسيّة) أن ينطلق إلا من ترتيب البيت الداخلي فأوباما يدخل البيت الأبيض وهو واثقٌ أنّه يستطيع، بعون شعبه، أن يستعيد الحلم الأمريكي لكنّ أمريكا التي هي أمريكا ما عندها ولا حق تغيير ستائر ذلك البيت وذلك أمرٌ يُسقِط، فعلاً لا سهواً، حق تغيير النظام العالمي على الاقل في الولاية الأولى لأوباما ولا يمكنني أن أقول أن ذلك (مطلقاً) من محاسن الصدف، لا، ولا هو من مساوئها أيضاً وإنّما يمثّل Good Luck لائتلاف "الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف" على وجه الخصوص وللأمريكان عموماً Gone Bad لأوباما، وللفاتحين خشومهم من شعوب هذا الكوكب المحتل، ولو إلى حين. لكنّني أرى (بالأحرى أتمنّى) أن تهطل أفضل سحائب تضامن هذين العَقدين بحقل الحلم الأمريكي الجديد الذي ذكرنا ففي ذلك بشرى للحالمين من أمثالنا وعزاءٌ للمشفقين على أوباما من هذا الـTrap المتمثّل في أنّ المشيئة قد خلقت ترابَ مِيري (وإن كان ملغّماً ومسموما) آن، أخيراً، لرجلٍ أسود أن يتمرّغ في أعلى درجات عجاجته.

هي عجاجة، إذن، مافي اتنين تلاتة وقد خلّفها الناخب الذي قام، بما ينبغي عليه القيام به، خير قيام ثمّ قام سدّاري إلى حيث يهجع ويرتاح وينتظر أوباما. أي نعم، ينتظر أوباما نفسه الذي تحصره (وقيل تعصره) هذه العجاجة بحيث لا تتوفّر له مساحة كافية لكي يجوط ويجوط ويجوط كما كان يفعل سلفه فهل يستغل أوباما الفعل "يستطيع" لـ"يعمل" عمايل سلفه كأي "بافالو سولجر" سيء السمعة (أي، مجرّد اكسسوار أو فرد بطلائع بوليس، أو جيش غزاة، يتشكّل جلّه من مشكلجيّة همّهم أن ينغّصوا حياة "السكّان الأصليين" لهذا الكوكب)؟ أعتقد مافي طريقة. هل "يستطيع" أن "يفعل"، كـ"جندي" (أمريكي من أصلٍ افريقي) حسن الصيت، وذلك بأن "يقوم بواجباته بشجاعة وشرف وامتياز" في هذا المجال الذي كان حكراً للبيض دون سواهم (أي، بصفته تيبيكال بافالو سولجر)؟ نتمنّى ذلك.

لكنّ الفكرة في السِـلِك. وبما إنّ هذه الفكرة (أعني سعي ائتلاف Change to Win لوضع هدف استعادة مفهومهم للحلم الأمريكي بأيدي ربِّ بيت الحل والربط) يمكن أن تؤخذ في اطار خدمة سودنة الأحلام التي يوفّرها هذا الكُشك الذي أديره، فإنّني أرجو أن أعود لأشبِّك ذلك في موضوعنا التالي إن شاء الله.



ــــــــــــــــ
* On November 6, 2008, Change to Win released the results of its sixth American Dream Survey, focusing on how working people helped elect Barack Obama President and what those workers expect from the Obama Administration

http://www.changetowin.org/features/the-american-dream-survey.html

** يعتني مفهومٌ من مفاهيم الموارد البشرية، وما أوباما (بالمناسبة) سوى عنصر بهذه الموارد وإن كنّا قد أطلقنا بهذا البوست على هذا النوع (الأوبامي يعني) من الموارد البشرية "حارساً مؤهّلاً (سلطة رفيعة المستوى)" تطوّرت قدراته بذلك المنظور من التنمية الذي يدعو الانسان إلى العمل على تنمية ثرواته لا الصراع حولها أو للشراكة، عَمّال على بطّال، فيها. أقول، أنّ ذلك المفهوم يعتني بالدور الذي يلعبه العَقد النفسي في ادارة التغيير ومواجهة تحدّياته وقد وُجد أنّ ذلك دورٌ لا ينهض به إلا التزام المؤسّسات بصيانة العَقد النفسي القائم بين العاملين وأصحاب العمل (الناخبين والمنتَخَب، في موضوعنا هذا، والجماهير والقادة في مواضيع أخرى) بما يحقّق ولاء العاملين على عمليّة التغيير وايمانهم بذلك التغيير واخلاصهم في السعي لتحقيقه.

Post: #43
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: مجاهد عبدالله
Date: 12-28-2008, 02:23 PM
Parent: #1

المحترم أخي عادل سلامات ومشكور على الجهد المقدر ..

يظل تطور الوطن هو شاغل كل هميم به فالأحلام كثيرة وأولها أن يشعر كل الناس بسواسيتهم بعضهم البعض فلو علموا فكلهم من أدم وأدم من تراب ..
أردت فقط أن أشركك بحلمي الذي سكبته من قبل هنا مكتوباً عله يتشارك معك في تنزيل كل الأحلام الجميلة على بسيطة السودان ..
ولك كل إحترامي وودي ..



Quote: الإتجاهات العقلانية لبناء السودان ..

الحرية أولاً أردت أن تكون أول مفاصل الإتجاه العقلاني لبناء السودان ونخوض في تعريفها من دون خدش جوهرها السامي في التطبيق والمؤامة وأعلم عن الكثير من الباحثين عن حقيقتها قد أثروا المعرفة بها وخبروا كنهها ولكن في السودان أعتقد أن الواقع يحتاج الى تعريف يتوائم مع كيمياء التفاعل الخامل في السودان فالحرية أن حددناها فقط بحريات المواثيق العالمية أظن أن ذلك غير كافي لبلد التعدديات المتعددة كالسودان ولا يخفى على الكل ثمرة وجود التسلط ومكوثه لعقود طويلة في السودان ومحاولات التجميل المتتالية للتوافق مع المواثيق الدولية والمحاولات الثعبانية لروافد التسلط من هذه المحاولات البائسة للافلات من القوائم الدولية السوداء وهوما حدث كثيراً زهاء فترات التسلط ، وأن عرّفنا الحرية بدواعي االكفاية والمحتاجات نكون قد أهدرنا حقوق الأنسانية وهو مثل ما ترزح تحته دول الخليج العربي كما أن الواقع السوداني قد يكون بعض الشيئ متمايز الآفكار في أعتقاد الكثيرين، عموماً أن اردنا تعريف الحرية التي نريد لابد لنا في البدء من تعريف المجتمع وكيفية تطوره وتعريف الواقع وكيفية أنتشاله ودراسة اشكال الحياة وكيفية علاجها . فالمجتمع مازال يحتضن طوره القبلي الممعن في التفاف الكل حول مجتمع العشيرة والقبيلة وكل العلاقات التي تصنف نحو التطور المجتمعي مازالت بعيدة عن الأذهان فلاتوجد حرية وأمان لشخص يريد أن يشق طريقه في الحياة بعيداً عن معرفته المجتمعية ولا يوجد قانون عرفي او معرفي يبيح ذلك وبهذا يكون التطور فقط على مستواه العمودي والكل يحاول باستماتة في تغذية هذه الروح والتي أن حاولنا أن نقطف بعضاً من ثمارها لوجدناها زابلة وهو جزء مما نعاني منه اليوم ويبدو أن بعض الحالات الشاذة والتي لاترقى لمستوى الظاهرة قد جاءت نتيجة من بعض مصائب الزمن الذي نعيش ، ومقدرة المجتمع على التطور تدلل بنسبية التعايش التي يمكن أن تتفاعل معها المجموعات المكونة لهذا المجتمع والتعايش المقصود هو الذي تنتفي فيه عروض الطلب والمعروض او مايعرف باللون والنسب ودرجة القبيلة كما أن تعايش الأفراد هو الذي لايحتكم الى ما يجب عليك فعله بغض النظر عن ما يسببه للاخر من خسائر بل هو التعايش الذي يتغذى على الحقوق والواجبات ولا كهانة في ذلك فالدين هو علاقة المتعبد بما يعتقد ولا حق لاي كائن بأختراق تلك الخصوصية الا بالحوار وأحترام مايعتقد به الآخرون.
وقفنا عند مفهوم الحرية والتي يحتاجها المجتمع بمفاهيم لا تقدح صيرورة استقراره الهش وتبيان المفاصل العملية لديمومتها وهنا فان الحرية كل مكتمل لا يتجزأ ولا تقبل الإنزال التدرجي ولا تعترف بتشقق جذورها فحرية المواطن والوطن هما كالروح والجسد لا يفصلهما الى الموت فلا حرية لمواطن في ظل وطن مستعمر ولو من قِبل بعض أبناءه ولا حرية لوطن في ظل مواطن مستلب الحقوق والإرادة ومن هنا نصل أن الحراك المجتمعي والتطور الذي ننشد يظل معطلاً وتجد المواطن منهوش من الجهل والفقر والمرض وتجد الوطن مسلوب القرار الذي يفي بصالح المجتمع وغابت هنا أسس الحرية وأن حاولنا أن نترجم الواقع اليوم سنجد أن هنالك شكل من الإستعمار مازال موجوداً ولكن بلون وطعم مختلفين من إستعمار الجيوش . أن التلاعب بمفهوم الحرية يسهل من أستمرار التخلف الكامل للمجتمع ولابد لنا أن نعي الحرية كما وعينا بضرورة التنفس والذي لولاه لحسبنا من الأموات وأن أردنا التطور واللحاق بركب الأمم المتحررة والمتقدمة فلابد من بلوغ الحرية المكتملة الأطراف بدواعي مقدرتنا على التطور وليس بذات معناها الفوضوي ،والتطور الإجتماعي داخل الشعب لا يتأسس بدون الحرية وهي أحد العوامل الرئيسية للنشوء وهوالدافع الأكبر لبلوغ الطور المدني ،وكل مناحي التطور ترتبط بها خصوصاً المنحى الأقتصادي والثقافي والأخير هو عصب المشكل السوداني حيث لا توجد حرية ثقافية يتلاقح عندها التعدد الموجود مما جعل وجود إستعلاء في نظر الكثيرين وهو الشيئ الذي تخرج من تحته دعاوي التفكك من النسيج المكون لهذا الشعب ويجب إتاحة الحرية للثقافات حتى تتلاقح بديمقراطية ومنها ستسود الثقافة ذات الطابع الذي يتقبل الثقافات الآخرى.
أن ديمقراطية التلاقح الثقافي هي الأس الركين في تفاعل الجماعات المكونة للمجتمع وتمثل الحافز الأكبر للإنفلات من الطور القبلي مرتقيةً اول السلالم نحو المدنية وبهذا التلاقح تندثر كثير من الإشكاليات التي توجه المجتمع نحو التفكك وتبعد داء التعنصر اللعين بين فئات المجتمع ، والتلاقح الثقافي هو العنصر الاصيل في بذر ثمرة الهوية وهو الذي يحددها لا الدساتير وهو الذي يوجهها لا الجهويات وهو الذي يقر بتأكيدها لا الأفكار الوافدة .ونعلم حجم المأساة التي يمكن أن تعيشها جماعة دون أن تحدد هويتها فيظهر الإختلال الوظيفي لتطورها نتيجة لحالة التردد والأضطراب الداخلي لكينونتها،وهو الشيئ الذي يمعن في التأخير نحو التطور فأذن لابد من الحرية التي تطابق الواقع لا الواقع الذي يطابق الحرية والحرية التي ننشد ليست بالبعيدة المنال فأزالة الهواجس من عقلية الفرد المكون للمجتمع والمتمثلة في الجهل والفقر والمرض ليست مطالبة بثمار الجنة ولكن بالعدالة الآقتصادية والإجتماعية يمكن أزالتها وبالتخطيط التنموي يتم رفع القدرات والمقدرات التي تشكل قوة دفع نحو التطور المنشود ،ولايهم الكم فيما نملك والمهم كيفية التخطيط بالقليل الذي نملك . والعدالة في الحرية تحتاج الي قوانين يُحلل تغييرها تماشياً من تغيرات الواقع الزاحف للتطور ويُحرم كسرها لفئة دون أخري وأهم أسسها أن يقر مبدأ سيادتها ويتساوي الكل عندها . والعدالة الإجتماعية تأخذ روح إنبعاثها من التلاقح والتداخل الثقافي والذي يحسب بعوامل الجغرافيا والبيئة ولكن تشكل الحرية عصب هذه العدالة وبدونها نجد ظهور النعرات بين الجماعات بمفاهيم شتى وأسباب لاترقى لمستوى الإختلاف ،وبدون الحرية لايمكن أن نفتئ في أي معضلة يمكن أن تواجهنا أو تواجه المجتمع وأن أفتينا بحلها يكون نظريا حل خاطئ وذلك لغياب محفز التفكير السوي ويكون هذا الحل بمثابة نصل حاد جديد نطعن به في تطورنا .أن الحرية حق أصيل للفرد والأنسانية وجد عندما أوجد في البرية فلا يمكن أخذه أو تجزئته ولابد لعناصر المجتمع أن تشيعها فتخلف فرد في المجتمع يعني تخلف المجتمع نفسه.
أن تعريف الواقع يكون هو أول ملامسات مفهوم الحرية التي يجب أن تتطابق معه وتعريف الواقع يجب أن نصور فيه كل الأشكاليات التي نعاني منها كما أن تبيانها يساعد في انتشال الواقع من مأزوميته . ان السودان به تعدد هائل في كل المناحي وليست هذه بمشكلة بل هي محمدة في ذاتها لان التعدد يوفر كل ما نحتاجه من اليات وافكار ويبقى فقط كيفية ادارة استراتيجيتها، والتعدد ينتج تطور لا يوضع في الحسبان وبه أيضاُ ضمان للمدنية و كافة متتطلباتها من استقرار وتعايش . ويرزح الواقع اليوم تحت نيران العقليات التي تأبى أن تفارق الامس الذي خلفته وتعتز بالمنتوج الذي وفرته التجارب الضعيفة وأكاد أختلف مع الكثيرين فيما ذهبوا اليه في تعريف الواقع حيث يصوّر تارةً بصراع مركز وهامش او صراع سلطة وثروة وحتى هذه التعاريف ابانت في الظهور نتيجة لنفس الموروث لذات العقليات وأن اسلمنا جدلاً بانه صراع مركز وهامش ذلك يعني أن الطور المدني موجود وهو الطور الذي به اعتراف بالأخر وكل اشيائه وهنا يكون تكذيب تعريف الصراع ، وان قلنا أنه صراع سلطة وثروة نكون قد أختزلنا مفهوم الصراع الأجتماعي الي أشكال قانوني لسنا ضلعيين بنقاشه كما أن جذور الصراع لا توحي بهذا التعريف ، أن الصراع الموجود هو إشكال أجتماعي تأسس على عدة أسباب ولكنها ليست بذلك المشكل الذي يعيق حلها ولعبت عدة ظروف في تأزيم هذا الواقع ومازال يتأزم وللأسف مازلنا في في حالة غيبوبة الا من بعض حالات الترقيع التي توعد بالآنفجارات ، أهم أسباب هذا الأشكال يتلخص في الحالة النفسية التي أوُرثت من المنتوج الموروث ولا يخفي علينا أن الصراع الأجتماعي يفضي الى تطور طالما كان يسلك شُعبه الطبيعية ولكن في الواقع السوداني يبدو أن الطرق غير ممهدة لعبور هذا الصراع وهو ما يهمنا علاجه لاننا نعلم أن فرض الحل يمعن من التأزم وان تزحزح العقلية من الموروث قد يبدو بالصعوبة بعض الشيئ.
يقلل الكثيرين في السودان من عمق أزمة الصراع الإجتماعي ويوصفه البعض بالحالات الشاذة ونتج هذا المفهوم من حالة التقوقع الطويلة تحت الموروث المغلوط والعيش تحت كنف القبلية رغم أنبراء البعض لمعالجة هذا الخلل الأ أن أسكاتهم كان يتم حتى من قِبل المتضرر وهو نتاج طبيعي منه درءاً للفتن ،والتقليل في هذا الصراع يعلل بالمسرح الظاهري للحياة من خلال التعايش والتدافع بين الناس ولكن هنالك حدود وخطوط حمراء لايمكن تخطيها من قبل البعض تجاه الأخر وهي في الأصل حقوق يجب أن يتمتع بها الكل فاقحام مبدأ الحرية بين الجماعات في حقوق الأخرين يعتبر جريمة وتجد المنافحين عن الحق هم دوماً طلاب للواجبات الملقاة على عاتق الجميع فأن كان هنالك سِلم تضنى الحقوق عنهم اما أوان الحرب فالكل سواسية وما هكذا تكون الحياة. أن التسامح بين الجماعات مبدأ أصيل للحياة ولكن أن يكون خصماً علي حقوق الأخرين فذلك مبدأ خبيث أنتهاجه وهو الشيئ الذي يعمق من الأزمة ويخلف عن التطور ،كما أن الحراك الإجتماعي الموجود في الواقع اليوم لا يسلط الضوء نحو الأزمة مما يجعل الواقع مزيفاً في نبضه . وبنظرة ثاقبة لما آلت اليه بذور هذا الصراع فاننا نجد الدماء في كل مكان ولا يمكن أيقافها الأ بالنواجز العملية في تغيير أتجاه دفة هذا الصراع ولا تتم هذه العملية الأ بالتشبع الكامل بالحرية وبذات معناه الأصيل،الحرية التي تتأسس علي المساواة في رحلة الحقوق والواجبات وأنتهاج القانون ومبدأ سيادته وإزالة الطقوس التاريخية والنفسية بين النفس البشرية فنحن شركاء في الأرض والأرادة لنا ماضي ومصير مشترك شئنا ام أبينا فلما نتعالى على هذه الحقائق ،أن الصراع الأجتماعي هو بذرة فهم مغلوط قد يكون نتيجة حالة زهو فقط بشيئ لا ندرك كنهه ولكن أن نتوارث دون مشورة العقل فذاك باطل يجب الإعتراف به.
إذن لكي يتم التطور او بالأخص التطور الأجتماعي فلابد من أصتطراع مكنونات المجتمع او ما اعرّفه بعلاقات إنتاج التطور ولكي يتم هذا التلاقح فانه يحتاج الي الفعالية بين اطراف المجتمع وهذه الفعالية لا تتم الأ بتقبل الأخر ومكنونات ما يحمل دون بغض أو تبخيس لعرق او ثقافة او مكان جغرافي ونعلم حجم المعاناة التي تتمخض من جراء هذا التفاعل ولكن ما أيسر ذلك للتطور ويجب أن نكتسي بروح التفاعل حتي يتم دون إختلال الميزان القيمي للجماعات وما تحمل من معتقدات وثقافات خاصة،ولهذا التفاعل حيز جغرافي حسب الواقع الذي نعيش فيه حيث أن هنالك بعض التركز لمجموعة من الجماعات حول أماكن بعينها وجماعات تتحد موروثاتها تقبع في أماكنها لازل طويل وهو ما يصعّب التوافق الزمني في التطور ولكن القانون ومبدا سيادته وفرضة وهيبته علي كل السودان كفيل باجتثاث المخاوف التي قد تتبدد ،أن مسيرنا نحو التخلف ترك أثاراً كبيرة وجروحاً بالغة وان علاج هذه البثور يحتاج اولاً الى زرع الثقة فيما بيننا ومعرفة قيمة التعايش والتطور فالفرد لايزدان دون الجماعة والجماعة لا تتقدم دون العصبة والعصبة لا تتدافع الأ بالأحترام المتبادل والمساواة امام القانون والديمقراطية عند التلاقح ، أن الواجب يحتم علينا نبذ التعالي بدافع اللون أو العرق او اللغة ونعتز بما نحمل من عطاء ثقافي موروث ولا نبخس الآخرين أشيائهم بل ندافع عن مايحملون وبذلك لن نترك اُثراً نتباكي عليه خلال مسيرة التطور، الدوران حول الحقائق الماثلة لاعتقاد الآخرين حول موروثاتهم يعطل الفعالية وهو احد أخطر الأثار الجانبية للتطور لما ينتج من تأخر النشاط التفاعلي ويؤدي الى تخميل جزء من العناصر فلابد هنا من الأشارة نحو دور المؤسسات المدنية والأهلية في التوثيق اولاً لمكنونات الجماعات وخصائصها البنيوية لتلافي هذه الأخطار .
يرتبط التطور الإجتماعي ارتباطاً جدلياً بالحرية ويتناسب طردياً مع مؤشر أدائها فأن غابت تهاوت الأعمدة الإجتماعية التي قامت وأن دامت الحرية ببعض التجزئة فأن اخطار التفكك تصبح سيدة الموقف ،لهذا فأن ديمومة الحرية بكامل جوهرها يمثل الأس الأصيل لعدالة الصراع وهو بيت القصيد الجدلي للتطور . أن مفهوم الحرية الذي لا يشمل حوجة الواقع يعقد التفاهم بين الجماعات مع بعضها البعض ويجعلها تلف حول حلقة مفرقة لا تفضي الى تقدم منشود لذلك فأن قراءة الواقع بامعان وما طرأ من مستجدات باعدت بين الجماعات واجب أخذها في الإعتبار لأن عملية التطور لنفس الواقع تتطلب التجانس التام بين المفاهيم وخصائص المجتمع ، وأنتشال الواقع من أزماته يتم وفق خطط وإستراتيجيات لذا وجب معرفة الخصائص المكونة للجماعات ومدى قابلية التجانس فيما بينها ، ونعلم أن الأتفاق بين الجماعات وخصوصاً في المجتمع السوداني يتم بسهولة ولكن عند الممارسة يظهر التباين والإختلاف الكبير حول مفهوم ما أتفق عليه وهذا ليس باب نفاق يقع فيه احد الأطراف بل نتج ذلك من القراءات او لنسمها عدم القراءات للواقع بكل حيثياته الشيئ الذي يعمق من هوة الخلاف بل يصل اليقين بالبعض من عدم أمكانية الأتفاق مستقبلاً ، إنتعاش مبدأ الحرية وعلى قدم المساواة بين كل الجماعات هو الضمان الأساسي لتحسس التطور في كل المناحي كما أن ألانضباط باشاعتها يمثل قيمة أمتلاكها ، وقيمة الحرية تتمثل في جوهرها وهو تقبل الآخر واحترام خصائصه وهنا تنعدم أي معيارية لتصنيف الأخر من ناحية اللون او اللغة او المعتقد او الأنتماء الجغرافي ، وهذه القيمة الثمينة للحرية وأحساسنا بها لاينتج من الذات ولكن من خلال التعايش مع الآخر والتجانس مع مفهومها الأصيل.
وصلنا ألى ما مؤداه الأرتباط الحيوي والمنظم بين الحرية والتطور الإجتماعي ولكي لا نغفل عن ديمومة الحيوية لهذا الأرتباط يجب علينا تعريف الأدوات التي تمكن من أنتظام هذاالإرتباط وقد يتعجل البعض وكما يحدث دوماً الي المناداة بتطبيق الديمقراطية فقط بهذه العملية ولكن يتجاهل الكثيرون الإيقاع المختل للديمقراطية خصوصاً عندما ترقص على أنغام دستور يعاني الخلل الصياغي ويجهل الواقع وأزماته وغير ملم بتفاصيل المجتمع وخصائصة لذلك يختل عنصر الدستور الوظيفي في أحترام العملية الديمقراطية ويجهلون أيضاً أن ما بني على باطل حٌرّمت مشتقاته ،فلابد اولاً وقبل الجلوس لوضع مسودة دستور أن يجاب نداء الحرية الأساسي وهو الإعتراف بكل ظلام الماضي الذي أٌرتكب في حق الكثيرين وأن يستفاض النقاش حول المجتمع والقانون والدولة ووضع لائحة تٌعرف النقاش ودوافعه وضوابطه ويكون النقاش بأشكال شتى حتي يفضي الى إتفاق لا تهزه رياح التغييرات القادمة ، فأي الآشكال التي سوف يرتضيها المجتمع لمذاكرة شئونه يجب أن لا تغفل دور القانون ومبدأ سيادته وهو الذي يمثل صمام الأمان للعبور نحو المستقبل بالثبات والهدوء دون غضاضات او مرارات او أنزلاقات عن حال الواقع الماثل ، والقانون المؤقت قبل الدستور لهو أهم من القانون الدائم لما يفرضه من ألتزام وقراءة صحية للواقع الموبوء بالأزمات ودوافع القانون المؤقت هي سر الإحترام الذي يجب أن يظل سائداً طوال المحاورات التي تتفاعل بكل همة داخل المجتمع.
يجب علينا أن نستعرض مظلة القانون في إنسياب حركة التفاعل الإجتماعي وذلك لاهمية الرجوع اليها لتخفيف اثار التفاعل داخل الصراع المذكور ويعلم الكل جذوة الإشتطاط التي قد تحتد بين الجماعات نسبة للتمايز الحضاري الكبير فيما بينها والأثار النفسية التي تعتمل صدور اصحاب الفهم المغلوط داخل الجماعة نفسها كما أن المتمترسين بالفهم الخاطي لبعض الديانات سوف يكثرون من اللجج تارةً بالدين وتارةً آخري بالعرف وأن أستطعنا تشخيص هذه الحالة فستجد الإمعان فقط لتوقف الصراع الإجتماعي وهو بيت قصيدهم ،لذلك لابد من الإستطفاف للتمسك بتفعيل القانون ومبدأ سيادته لما فيه من تطور طبيعي لاحترام خصائص المجتمع . ومظلة القانون التي نرتضي الإحتماء تحتها هي مظلة نسجت بايدي المجتمع نفسه لتقويم الواقع المختل سداها وحدتنا ولحمتها تطورنا ،أن حماية القانون لا تتم الأ بالإتفاق والإتفاق القانوني بين الجماعات نفسها وإحترامه يكون فقط من خلال إحترام الإتفاق والجماعات بعضها لبعض وهو ما يسهل عملية تسييره دون انتكاس . وفي القانون يجب إحترام المعتقدات وقد يفسر ذلك بقصد متعمد من البعض بانه تدجين للقانون ولكي لاننسى فإن هذا القانون مؤقت لمرحلة الإتفاق الكامل وما ترضيه الجماعات فيما بعد هو شأن خاص بها ، كما يجب الأخذ في الإعتبار بخصائص كل جماعة وإحترام اعرافها الخاصة وهو الباب الذي يسد تجاه الأثار النفسية المترتبة من هذا الصراع.
يظل القانون هو المورد الأصيل لتسيير الصراع الإجتماعي في شٌعبه الطبيعية نحو التطور والتقدم والإنسجام الكامل لشعب تئن كل جماعاته بالفرقة والتشتت ولا يكون إحترام القانون بالردع الذي يمحّور قوانينة او بسجان تكون مهامه الردع للحماية ولا يتأتي بالتطبيق الحرفي للنصوص ولكن إحترامه يكمن في الروح التي تنتظم الجماعات نفسها وهو ما تعرفه ديباجة القانون وذات أصله روح التعايش السلمي والتدافع في الحياة العامة دون بغض للآخر ،وأول الدوافع القانونية هي حق الآخر في العيش بحياة كريمة أحتراماً لذاتة وهو الشريك في الأرض والوطن وفي الحقوق والواجبات له ما على الأخرين ولهم ما عليه ولا يصنف بقبيلته اولونه او دينه او مكانه ،أن القانون الذي لا يتساوى فيه الكل يكون دافعاً للفرقة ولو بعد حين ويكتسب أختلاله من الممارسة التي لا تحترم دوافعه الحقيقية ويترتب على ذلك جملة من الأسباب المبطنة التي تنتظم في ضمائر البعض الذين باتوا يتحسسون الوهم الكبير الذي يعيشون عليه بدافع الرفعة والسؤدد التي يسحبها القانون من تحت أقدامهم ،أن نحر القانون لايفضي الي في إصطيادالغباء وهو الحرب التي لاتبقي ولاتذر ،أن مبدأ سيادة القانون ياتي قبل القانون وهو الآبتداء الذي تبادر به الجماعات قبل سن القانون وهي نفس الجماعات التي أرتضت أن تتعايش مع بعضها البعض تحت سقف وطن واحد فحماية سيادة القانون يكون من أوجب موجباتها وتمسكها بالمبدأ يكون من أعظم تضحياتها وتفعيل القانون بين الكل يكون من أجل تعايشها لاغير ، أن بيئة القانون التي تتعايش تحتها الجماعات هي الضمان والمحفز لديمومة الصراع والتطور ووقاية هذه البيئة مسئولية الجميع دون فرز.
المؤسسات القانونية التي تدير دفة الصراع الإجتماعي وتوجيهه نحو الأمان تكتسب مشروعيتها من إشاعة المساواة بين الناس وتستمد قوتها من إحترام الناس للقانون ، وتظل ترفد المجتمع وهو في آتون صراعه بالتفاسير التي تفكك اشكالات الحياة وتعتمد في ذلك على ضرورة التعايش بين الجماعات وحتمية تطورها اي تكون كل حلولها نابعة من الواقع وهو الذي يشكل قدسية الأخذ بالراي القانوني ،والبحث عن الحلول المستوردة يعمق الأزمة حتى ولو كان برهان النظرية مبرأ من كل عيب فعيبه الوحيد هو عدم أستنباطه من الواقع المبيئ للأزمة ،أن الوعي بإحترام القانون مسئولية المجتمع كما قلنا سابقاً ولكن التوعية لاتتم إلأ بالإقتناع الكامل بين فئات المجتمع بدور المؤسسات القانونية في ادارة عملية الصراع الإجتماعي وهو ما نقصد به المردود السلبي لبعض التسيير القانوني التي تقوم به بعض الجماعات فيما يخص شأنها الخاص وتعتمد في ذلك علي مساحة الأرض التي تشغلها،ولكي لانلقي الكلام على عواهنه فإن المؤسسات القانونية هي الجهة الوحيدة المؤكل بها تسيير وتنفيذ القانون ولا تمدد صلاحياتها لاي كائن كان حتى ولو كان شيخ قبيلة اوناظر عموم وهو مايؤدي الى بعض الإختلال في ميزان القانون ومبدأ سيادته ،ولايفوت علينا حجم التجارب التي عمقت الأزمة وباعدت بين الجماعات نتيجة لكثرة القوانين الخاصة فيما بينها ودرجة أعتزاز الجماعات بقوانينها مما جعل التداخل الإجتماعي بوابة للحروب في أوقات كثيرة.
قد يكثر الجدل حول المؤسسات القانونية ويبدأ الجدل في نقطة تبعيتها وكيفية ضمان استقلالها من الوصاية والحل وهو الهاجس العنيف الذي يخترق جدران الترابط الإجتماعي خصوصاً عند تماثلها الى مرحلة القوة في داخل الصراع الإجتماعي فيحول المنعة التي يكتسبها هذا الترابط الى هشاشة ولربما تنقطع اوصال التطور ويبدأ التمحّور حول القضايا الهشة اكبر من إستدعاء دوافع الترابط القوية وهو ما يجعلنا نحلق في ظلام ودون منظار رؤية ليلية نستبين به خيط الفجر ونعود الى نفس المربعات التي ماخلنا اننا سوف نعود اليها ، ان تبعية هذه المؤسسات تنبع من شرعيتها التي أٌسست عليها وهو عقد التعايش السلمي بين الجماعات في الوطن الواحد وهي تبعية فقط للقانون الذي تحمل وحتى تصريف إمورها يتم وفق مقتضيات القانون والضرورة والمصلحة العامة من أجل مراقبة التطور الإجتماعي ،وبهذا تضمن إستقلاليتها في الحركة وتنفيذ القانون والقرار ولا وصاية عليها من اي جهة كانت سوى الجماعات التي شكلتها وهى عناصر المجتمع المدني ككل ، وهذه المؤسسات يكمن دورها في ارساء الوعي بالقانون والتطور الإجتماعي وضرورة التعايش بين المجتمعات مع بعضها البعض كما أن قياس فعالية التطور يكون من صميم عملها وذلك لان إعاقة التطور لاتتم الأ بهدر القانون ويكون هنالك خلل ولو في شكل إشكال قانوني تم إهماله ، ولا يجب أن تستمد هذه المؤسسات ظلاً من اي جهة كانت حتى لاتفتح على نفسها أبواب الكهانة وتحوير التفاسير القانونية وفق المقتضيات الدينية او العرفية ، فهذا القانون من أجل عدالة الصراع الإجتماعي لجماعات فيما بينها قد يكون الدين عامل وحدة فيما بينها ولكن الظلام التاريخي لم يعط الإعتبار الكامل لهذا المعتقد او تكون الجغرافيا عامل تعايش ولكن الإختلافات الإثنية باعدت بينهما او تكون الجماعات ذات إثنية واحدة ولكن يكون الإستغلال فرق بين فقيرها وغنيها.
العلاقة بين الحرية والقانون كعلاقة الجسد بالروح فالقانون هو روح الحرية فإن غاب عنها يدب الموت في اوصال الحرية وإن فرق القانون بين الناس تبدأ رحلة الحرية نحو الزوال ،ولابد لنا من التمسك بالقانون حفظاً للتعايش فيما بيننا حيث أن الحرية بمعنى التطور لا تتفق بتجزئة القوانين إما كاملة تدعم سيرها لتطور الشعب او ناقصة بل غائبة تزيد من التخلف ،وقليل أن تجد تطور دون حرية بل يكون ذلك لزمن بسيط ولفئة محددة ويكون ذلك منتوج شكل من اشكال الإستغلال التي تقوم بها بعض الفئات تجاه آخرى ويسببوّن ذلك لعوامل عدة منها التخلف ويبطنون السبب الحقيقي وهو إشباع رغباتهم الوهمية بان الحرية لهم فقط ويهدمون أسها الركين وهو تطور المجتمع ككل من خلال أبدجيات الصراع العادل، ومن خلال الإستغلال يسلبون مقدرة الفرد وارادته نحوالتطور بل يصل بهم الحال الى تمليكه الاحساس الكامل بعدم قدرته للتطور وعليه أن يقتنع بما قسمته الحياة له من ذل يعيش عليه سواء أن كان ذلك على محيطه الإقتصادي او الإجتماعي او الثقافي . وهذا الوهم الذي يسيطر على الفرد داخل الجماعة يعتبر بمثابة جريمة في حق جميع الأجيال لما يسطره من قناعة شبه كاملة بالعجز من إشباع حاجات الفرد المتجددة بفعل تقادم الحياة كما أن ذلك يثبط من همم التغيير نحو الأفضل ويجعل الفرد اسير أزمات تتراكم كل لحظة مما يساعد في إنفجارها بشكل يتضرر منه الكل وهذا الضرر لايعفي المتسغِل او المستغَل.
قد يلجأ البعض لإستغلال الحرية في تمييع الصراع الإجتماعي وحرفِه من إتجاه سيره السليم وهذا التمييع ينتج من بعض تفاسير الفهم المغلوط عن الحرية نفسها وتجاذبها بين المؤدلجين وغيرهم من اصحاب الفهم الديني والليبرالي والإشتراكي والغير معنون بفهم خاص عن الحرية وفات عليهم أن الطور الذي يماثل ذلك الواقع وما يمنون أنفسهم بفهم علمي دقيق عن الحرية لم ياتي بعد وهنا لست بصدد توجيه دعوة لنزع صفة العلمية عن الحرية ولكن لاي واقع فرضياته الماثلة وكما شعبنا مازال يرزح تحت الكنف القبلي وامراض النمو والتخلف فإن الحرية المطلوبة للصراع الإجتماعي يجب أن تماثل هذا الواقع الذي يحتاج الى الإشتباك الحي داخل إطاره الإجتماعي ،وكما أن تمييع الصراع يؤدي الى تبني مفاهيم جديدة تزيد من توتر حالة الصراع مما ينتج شكل تمايز آخر لايدرك كنهه الأ بعد زمن ليس بالقصير ،ومما سبق نجد انه لابد من إستغلال الحرية على النحو الذي يسمح بمزيد منها داخل الصراع المعني واما المتجاذبين حولها عليهم إمساك تفاسيرهم حتى بلوغ الطور المدني ،ولا يفوت علينا التنبيه بالوظائف الأساسية التي تقوم بها الحرية في تدارك الإشكالات والإشتباكات المتعددة بين الجماعات والمتمثلة في تهدئة النعرات واحترام المعتقدات وتقويم العدالة الإقتصادية وديمقراطيةالتلاقح الثقافي ،ومن هنا نستشف المفهوم النوعي للحرية التي نريد ولنبتعد عن التسويف لهذا المفهوم الأصيل.
تهدئة النعرات من الوظائف الأساسية التي تقوم بها الحرية أثناء الصراع الإجتماعي المحتدم بين الجماعات المتباينة إثنياً وهو هدوء يجب أن يلتزم بالفطرة الطبيعية للإنسان وهو أن ألإختلاف الإثني المعني لم يكن خيار احد منا ولكنها مشيئة الوجود فليس لإحد الخيار في نسبه او لونه أو جماعتة فقد شاء الواقع أن نلتقي هكذا متعددي الإثنية والمعتقد والثقافات فعلام لا نتكيف مع هذا الواقع؟ ونفرض التعايش عنصر جذب فيما بيننا،كما أن تكييف الواقع لقبول هذا الإختلاف لايتم الإ من خلال فرض الشراكة الإجتماعية وتجريد التفاعل الحي من ظروف النعرات التي تلتهب اثناء الصراع ،والتطور المنشود لرقي المجتمع هو المعني بإصطياد مثل هذه النعرات وتشذيب الجماعات من عدم تناولها ولو عن طريق الردع بالقانون .المرارات التاريخية بسبب النعرات جعلت الجماعات تتنافر فيما بينها وهو الشيئ الذي أعاق التطور الإجتماعي داخل السودان ورسب كثير من العلل النفسية بين الأفراد داخل الجماعة وأصبح تطور الجماعة المتحدة العناصر هو تطور وقتي وذلك لإنعزالها بسبب الأضطهاد العرقي الذي لاقته من الغير المختلف عنها وما مارسته على الجماعات الآخرى . إن المقصد بإنتفاء النعرات هو إذكاء روح التعاون بين الجماعات من خلال الإعتراف بالآخر وعدم الأخذ بمكنونه المادي وإعلاء القيم المعنوية التي تزيد من سرعة التفاعل داخل الصراع الإجتماعي وتختصر الأزمنة الغابرة للتخلف الذي عايشناه بكل أمراضة وحروبه.
تبلغ اهمية إحترام المعتقدات داخل الصراع الأجتماعي وخصوصاً في الواقع الحي للسودان أهمية لاتقل عن الصراع نفسه وذلك للحساسية المتوارثة بين الجماعات المختلفة دينياً وناتج ايضاً من الفهم المغلوط للبعض داخل ما يعتقدون ومكمن هذه الحساسية ناتج من الإشكال الثقافي القائم ولزمن طويل مما أبان شكل صراع ديني مازال يتأجج نتيجة لبعض الهوس وهو العنصر الذي شكل بعض التحالفات بين بعض الجماعات المتوافقة بعض الشيئ ثقافياً سلباً او أيجاباً ونتج من ذلك حروب دهست كثير من أبناء الشعب وقسمت المجتمع الى عدة أطراف وما زالت هوة الخلاف في تصاعد مستمر ،واحترام المعتقد للآخر يكمن في عدم تدخل الأفراد في شئون الغير الخاصة ومنها حرية الفرد فيما يعتقد وهو قناعته بمن يعبد ولمن يتعبد واما التطاول على هذه الشئون هو شكل من أشكال الوصاية الغير مبررة وهو ما يفقد الصراع الإجتماعي عدالته ،وداخل الإطار الثقافي هنالك عدة محاور يجب توفرها لضمان المنتوج الثقافي واهمها على الإطلاق هو محور الإحترام للمعتقد المحمول وحتى النقاش حولها يجب أن لايكتسب مبدأ العداء للآخر .إن إفتراض امتلاك الحقيقة الدينية هو أس المشكل الثقافي في السودان وهو الذي يؤدي الى تنافر الجماعات من بعضها البعض ويجمد الصراع الإجتماعي ويفرض العزلة على البعض الأخر وهو الشيئ الغير مطلوب للتطور المنشود،الواقع يفرض علينا الحكمة في عدم تناول خصوصية الآخر وعدم اثارة الحساسية الدينية داخل المجتمع فالصراع الإجتماعي غير معني بالإعتقاد الشخصى للفرد داخل الجماعة.
تقويم العدالة الإقتصادية من العناصر المهمة في توازن الصراع الإجتماعي بين الجماعات وهو ما يفعّل عامل التنمية وعدالة توزيعها ،والتنمية المنشودة لرفد الصراع الإجتماعي بمحفزات التطور تشمل التعليم والصحة والإكتفاء الذاتي وهو ما يحقق صفوية العقل من الهواجس التي تعيق التفكير وتشل مقدرات الفرد داخل الجماعة على التطور ويكون التداخل بين الجماعات بطيئاً ولا يحتمل الحراك ،والتقويم المقصود هو التخطيط السليم للتنمية بالموارد الإقتصادية الموجودة وعدالة تقسيمها بين الجماعات وبالتساوي حتى تختفي نار المرارات المتوارثة ولا يترك سبب للمزيادة بالتمرد وتعطيل فعالية الصراع الإجتماعي ،وكما يقصد بالتقويم ايضاً المدى الزمني لإنجاز التنمية المطروحة حتى تصل لمرحلة الإستقرار الإقتصادي العادل بين الجماعات وهو الإستقرار الذي يساعد على إذكاء روح التعايش بين الجماعات ويجعل تداخلها مشبع بروح المساواة وينفي صفة النعرات الشكلية بين الأفراد ،إن حوجةالصراع الإجتماعي للواقع السوداني أصبحت ضرورة ملحة نتيجة للتمايز الحضاري الكبير بين الجماعات والذي حدث بفعل غياب العدالة الإقتصادية ونتج من ذلك شكل مشوه للتطور اصبح يعيّن بالمكان الذي وجد نصيباً اكبر من التنمية عن مكان آخر،وحول وجهة تعريف الصراع من اشكاله المعروف الي تعريف آخر جعل الكل يلهث خلف التعريف الزائف.
التلاقح الثقافي عنصر يتفاعل بين الجماعات في كل الظروف الزمانية والمكانية وهو نتاج التفاعل الحي بين الفرد والفرد ومنتوجه المعنوي وبين الفرد والطبيعة ومنتوجه المادي ،ولا يفضي هذا التلاقح الي التطور الإيجابي الأ بوجود الحرية معناً وممارسة ولا يستقيم عود هذا التلاقح الأ بتقبل الموروث التقافي للآجر بكل مايحمل وذلك فقط بإحترام الموروث نفسه ،اما في الواقع السوداني فيجب الإعتراف بالخلل الكبير في عنصر هذا التفاعل من غياب تام للحرية وممارسة متخلفة للديمقراطية وكفة مائلة للتعامل بين حاملي الثقافات المختلفة بين الجماعات مما فتح الباب على مصراعيه للتناحر حول إكساب الثقافة المحمولة طابع الإستعلاء وهو بوابة الحروب التي لم تعرف التوقف،إن توازن التلاقح بين الثقافات لايتم بدون الحرية والديمقراطية اي حرية تقبل ثقافة الآخر وحرية تناول ما نحمل من موروث ولايتم ذلك الإ بديمقراطية يجب التشبع بها من خلال الدولة بكل دواوينها والقانون بكل نصوصه والإعلام بكل أدواته ،والتفاعل الثقافي هوعنصر الإستقرار داخل المجتمعات عندما يتم بكل ما ذكر سابقاً ولكي نحافظ على هذا الإستقرار يجب رفد التفاعل بالعدل الكافي من قبل الدولة وخاصة دور الإعلام والذي به يمكن أن يختل الوضع عما كان عليه ،والإعلام اليوم اصبح من الأدوات الملغومة لتفجر الصراعات لما له من تأثير كبير في إختلال التلاقح الثقافي عبر عمليات الإستلاب التي يقوم بها البعض وهو في الأصل يقدم صورة مزيفة للثقافة نفسها حتى وأن كان للثقافة كل مقومات ان تتقبل الثقافات الآخرى ويجعل حقها في السيادة مهدد بالإستعلاء الذي مارسته وإنفضاض الثقافات من حولها وهو مقدمة لكثير من الحروب التي تؤسس لإنعزال الجماعات من بعضها البعض وتوقف التطور الإجتماعي .إن ديمقراطية التلاقح هي العدالة في إنتشار واشاعة الثقافات والثقافة ذات المميزات لتقبل الثقافات الآخري هي التي تسود دون تدخل من العناصر الغير طبيعية لفرض سيادتها.
حرية الشعب تأخذ على عاتقها تطور المجتمع ولايتأتى هذا التطور إلأ بوحدة القرار وتوحد القرار لايتم إلأ بأغلبية المتحاورين من خلال عامل يؤسس لوصول ذلك القرار بكل حقيقة يقودنا الى التطور وهذا العامل هو الديمقراطية والتي عٌرفت بأشكال عدة في كثير من الفلسفيات .وللوصول لمفهوم ديمقراطي يرتكز على القبول بين الكل فإن ذلك المفهوم يجب أن يصلح للواقع والذي عرفّناه سلفاً،وبما أن التباين موجود في هذا الواقع وفي كل المناحي إلأ أن اختيار الديمقراطية يجب أن يتم وفق درجة الوعي التي يتمتع بها الشعب وهو الأس المطلوب لاختيار الديمقراطية المنشودة للتطور ،ولقياس نسبة الوعي فإننا لانحتاج الكثير من العناء لتحديد تلك النسبة وذلك من خلال تعريفنا للمجتمع الموجود في الواقع حيث نجد غياب الوعي لكثير من الشعب والوعي المقصود هو الوعي بالحقوق والواجبات والوعي بضرورة الإيجابية تجاه الوطن وحوجته المآسة لأبنائه من أجل بنائه والوعي بقيمة الآخر من أجل التطور الإجتماعي ،كما أن التداخل الضعيف بين الجماعات والذي أحياناً يتوج ببعض الحروب فهو من أسباب ترسّخ الموروث النفسي بعدم جدوي الحوار بين الجماعات،ويعتبر شكل الصراع الإجتماعي من أهم العوامل التي تحدد الديمقراطية المطلوبة لما يحتوية من عناصر تناقض ترتكز في تفاعلها علي إطار قانوني للحرية لتتدافع الجماعات فيما بينها دون مشقة او حروب.
الديمقراطية كممارسة تعني حفظ حقوق بعضنا البعض في أختيار الخيارات التي تؤدي الي التطور كما أن إستخدامها كأداة للحرية يساعد الكل في إبداء الأراء دون حواجز في تقبلها او مناقشتها ،وتعتمد الديمقراطية بشكل أساسي على روح الحرية التي يجب أن يتشبع بها الكل في الرأي والنقاش وحسم القرار ،وعندما تطرح الأراء لحسمها يكون ذلك نتاج للممارسة الصحية للعملية نفسها وترتكز الديمقراطية على المؤسسات المدنية بمختلف قطاعاتهافي صونها وصيانتها ،تحديثها وإشاعتها،تنفيذها وديمومتها.ويرتبط ذلك بالتفاعل الحي بين الجماعات والأفراد في تقنينها،والديمقراطية كأداة لتسيير شئوننا يجب إحترامها من كافة المؤسسات فالنكوص عنها لايعني خللاً في الديمقراطية وانما يكون هنالك بعض القصور في تفهمها او قصور داخل المؤسسات نفسها وهو ما أثر سلباً على كثير من المجتمعات والبلدان فوجود الممارسة الديمقراطية داخل المؤسسات هو الإعتماد الحقيقي لديمومتها وهو الشيئ الذي نفتقده طوال السنين ابتداءً من البيت والأسرة والعشيرة مما خلف الجماعات وأسس لإنعزالها من بعضها البعض .والواقع السوداني يحتاج الى هذه الممارسة بكل شفافية وذلك لمعطيات التباين الكبيرة والمتكاثرة والمؤسسات المدنية والعامة تحتاج الى التقويم السليم قبل اللجوء للخيار الديمقراطي ومراكز الرأي لابد لها من إعادة قرائتها للواقع بشيئ من التفصيل حتي يتم قبول الخيار الديمقراطي قبل تعيين اي من انواع الديمقراطية التي تطابق ظروف الواقع ،ولايجدي العبث في التلاعب بالمفاهيم التي تؤسس الى تقبل هذا الخيار.
كيفية إشراك الجميع في إتخاذ القرار هو الهم المعني بالديمقراطية لا حكم الغلبة او مايعرف بالأكثرية ،والمركزية في الديمقراطية تعني تسلل الخلل الي التطور من أوسع الأبواب وهو ما يدعو البعض للنفور من البعض الآخر خصوصاً عندما تلتقي خيارات المركزية مع توجهات الدوائر الصغيرة في القطاعات الغير مركزية وهو خلل ديمقراطية ويسمنيستر عند تطبيقها في واقع كالواقع السوداني ،أن لامركزية الديمقراطية واشراك الجماعات والمؤسسات في تبني قرارتها عنصر هام لديمومة الديمقراطية وتفاعل الكل في عملية إنشاء القرار يؤسس لتطور جاد ويغلق المسارات المؤدية للفشل ،إن تبني الديمقراطية كممارسة بين القواعد والمؤسسات الدنيا وعدم تغول المركز على قرارات تلك القواعد هو الضمان الحقيقي لسلطة القرار وهذه السلطة ليست منحة للقواعد بل هي حق أصيل فرضته دوافع الواقع المشحون بالصراع الإجتماعي وإن فرطت في سلطة قرارها لصالح المركز او جعلت المركز يقوم بإتخاذ القرار لها فيكون ذلك بمثابة عقد الإنفراط للتعايش المبني على عدالة الصراع،عليه لابد من مركز الدولة أن ينأى عن شئون الجماعات والقواعد والمؤسسات الدنيا في إدارة نفسها ومن ترتضي في قيادتها وعليه أن يكون باباً للمشورة فيما يخص التداخل بين شئون الغير وأن يعمل جاهداً لتكون هذه القواعد داعمة لسلطة القرار المركزي في شئونه المركزية.
تعاني الديمقراطية في الواقع السوداني من إشكالية كبيرة في تقبلها من بعض الجماعات الفكرية ومرد ذلك نابع من تحديد مفهومها داخل الجماعة نفسها ولكي نكون أكثر إيضاحاً فاننا نخص الجماعات الإسلامية بشكل عام ونعلم أنه ليس لنا الحق في التدخل فيما يعتقدون ولسنا بطارقي هذا الباب ولكن إشتباك بعض المفاهيم الفكرية والتي هي حق مشترك للجميع فهذا ما يهمنا في هذا المقام حيث تعتبر الديمقراطية شراكة بين الجماعات ككل بأخذها عوناً لتسيير إمور الناس ككل وإذا إختل مفهومها بين الجماعات يكون ذلك بمثابة تدحرج الى الخلف بالنسبة للتطور ،وكما نعلم أن تغيير مفهومها عند بعض الجماعات سوف يترك بعض الخلل في المفهوم الفكري داخل الجماعة نفسها فإننا نطالب بالإجتهاد أكثر في تنقيح المضمون الفكري الذي إشتق منه هذا المفهوم الخاطئ للديمقراطية ونعلم حجم العسر الذي يمكن أن تصتطدم فيه الجماعة نفسها وببعضها البعض لما يمكن أن يخالف فيه تصحيح المفاهيم بعض مفاهيم الإصول المغلوطة التفاسير والقياس لديها ويمكن أن نسميها دعوة لمناقشة هذا التراث المحمول دون تجديد او تنقيح او إعتبار لعوامل المكان والزمان ،والإختلاف يولد الإتفاق إذا ما كانت الغاية هي مصلحة المجتمع ككل ومنها نستنتج أن الإتجاه الديمقراطي يوفر عنصر الإتفاق لهذه الغاية اما طبيعة الإختلاف فلايمكن أن تقاس بفرضيات ثابتة كتلك المحمولة على أفكار مقدسة لبعض الجماعات الإسلامية والتي تصطحب معها نصوص قطعية الدلالة ،إن توحد المفهوم الديمقراطي بين الجماعات عنصر هام لديمومة التطور ولا يمكن تمايز المفهوم بين الجماعات كما توحد الجماعة نفسها بذات المفهوم ،وتعاني الجماعات الإسلامية ككل من تعثر هذا المفهوم نتيجة للإشتباك الذي يحدث مع الموروث الديني المنقطع عن هذا الواقع طبيعةً وهو ما يدخل الفرد داخل الجماعة نفسها في إشكال تناقض حي بين الحاضر والماضي متناسياً عامل الزمان والمكان وهو إطار عاطفي كفيل به الزمن لمعالجته.
بعض الجماعات تستخدم الديمقراطية بشكل سيئ في فرض سيادة قرارها وتلجاء لبعض الأساليب التي في أقل ما توصف بانها اساليب متخمة بالقصد الجنائي لتعطيل تطور المجتمع ،وهذه الأساليب تتمثل في إستشراء الفساد الذي يتحين ضيق الحال والوضع الإقتصادي وحاجة الفرد في إشباع رغباته فتقدم الجماعات على تفسيد الواقع بلي عنق القرار عبر الديمقراطية نفسها وتتناسى عنصر هام هو مايمكن أن يحدث وبنفس الإسلوب في المستقبل وما تسببه من شرخ داخل الجدار الإجتماعي للأجيال القادمة والتي سوف تتمسك وبنفس الإسلوب والأساليب المبتدعة كمنهج للحياة او تقويض الديمقراطية نفسها ، عليه لابد من سيطرة القواعد علي القرار وذلك بالتمسك بهرمية الممارسة الديمقراطية من الأسفل للأعلي ففروض الوصاية من المؤسسات العليا على الصغري بالتدخل المباشر من حين لآخر يعني وأد القرار داخل المؤسسات الصغرى ،أن إستخدام الديمقراطية بذلك الشكل السيئ يؤطر لثقافة عدم التقيد بها وهوما يؤسس لوجود معوقات للتطور السياسي والذي لاينفصل عن التطور الإجتماعي ، فلابد للمؤسسات المدنية من صيانة المفهو م الديمقراطي وتأطيره داخلها بإسلوبها السليم لا إسلوب البطانات والتكتلات ،والمؤسسات الحزبية تشكل قطاع كبير من المؤسسات المدنية الموجودة في الواقع السوداني وهي المناط بها إشاعة هذا المفهوم داخل المؤسسة نفسها بنفض الغبار عن إرث الإسلوب المتبع في تسيير إمور المؤسسة وهي نفس المؤسسات التي تتشكل فيها اول نواة الصراع الإجتماعي السليم فلابد من إعادة القراءات داخل هذه المؤسسات لتطوير أدائه وتفعيل قواعدها على إنتهاج الإسلوب الديمقراطي السليم.
إشاعة الأسلوب الديمقراطي هو هم الدولة الحقيقي لديمومة النظام وفرض هيبتها لا إحتكار السلطة او الإنفراد بالقرار ويتم ذلك عبر تقنين القوانين واللوائح التي تكون نبراساً للإسلوب والممارسة الديمقراطية ،ونعلم حجم التباين الكبير والمؤسسات الكثيرة التي تشكل لوحة النسيج السوداني والمتكون من الزراعيين والنقابات المهنية والشرائح الإجتماعية المتعددة والمؤسسات النظامية والأحزاب فإنصهار كل هذه المكونات في صدور القرار هو الداعم الأصيل للممارسة الديمقراطية الصحية وتمثيلها ككل داخل المجالس النيابية هو تحقيق لشراكة القرار من أسلم ابوابه وتدافع هذه المكونات هو الضمان الرئيسي لعدالة الصراع الإجتماعي والذي نبع من عدالة التمثيل النيابي ،كما أن الدستور نفسها يجب أن ينص على ذلك تفادياً لاشكالات تعدد المفاهيم حول الإسلوب الديمقراطي الذي يجب إنتهاجه ،وقد يتهيب البعض تمثيل بعض القوي والتي تعرّف بانها مؤسسات نظامية ولكن لايفوت علينا أنه تم إستنباط ذلك من القراءة المتأنية للواقع وما تمثله المؤسسات النظامية من مراكز ثقل ومبدأ تعايش تنصهر فيه التعددية المكونة للواقع نفسه دون تمييز للون او جنس او ديانة بحيث تعتبر المؤسسات النظامية من أكثر المراكز التي تدعم الإنصهار القبلي من أجل دولة المدنية ،ولست بصدد تحديد نسبة التمثيل النيابي لهذه المكونات فهذا شأن المؤسسات القانونية ولكن لابد أن أشير بأخذ الإعتبار لمراعاة تفوق نسبة على آخرى على أن يراعي التفوق للمؤسسات الخدمية عن التطوعية.
التمثيل النيابي السليم هو أداة الحماية للديمقراطية وكما سبق ذكره يجب مراعاة التمثيل النسبي بين الشرائح المكونة للمجتمع وبصورة يرتضيها الكل ،وتعتبر النقابات والشرائح الإجتماعية المدنية من أكبر مكونات الواقع السوداني وهي مؤسسات يعتبر همها الخدمي كبير وتفاصيل مسئوليتها العامة تتجاوز العضو داخل الشريحة الواحدة الى المجتمع الأسري ككل فمراعاة نسبة تمثيلهما بالحجم الذي يغطي تلك المسئولية لهو من أهم أعمدة صيانة القرار السياسي ، اما الزراعيين والمؤسسات النظامية فلهم الدور الأكبر من المسئولية تجاه القضايا القومية فالزراعيين لهم التأثير الواضح على الدخل القومي وذلك نسبة لطبيعة السودان وموارده الموجودة،كما أن العنصر البشري الذي يحترف الزراعة يشكل قطاع كبير من سكان السودان ومراعاة تمثيل هذا القطاع يجب أن يأخذ أهمية هذه الشريحة بالنسبة للقرار السياسي والمؤسسات النظامية وبالإضافة لما سبق ذكره فإلي جانب مسئوليتها القومية نجد أن تنفيذ كل ما نتفق عليه مناط بها وكذلك حماية التوازن للصراع المحتدم بين الجماعات بكل قومية تتمثل في هذه المؤسسات ،اما الأحزاب فعليها اولاً خدمة نفسها بتطوير برامجها وافكارها وبناء قواعدها على أساس المؤسسية وكما أنها صاحبت التمثيل المعتبر داخل المجالس النيابية فإن عظمة المسئولية تقع على عاتقها من رفد المؤسسات النيابية بالبرامج والدراسات والتشريعات وتعديل القوانين في تقدم المجتمع الملحوظ من قِبلها.
نعلم أن هنالك خلل كبير تعاني منه الأحزاب في تناول الديمقراطية او لنقل مغزى العمليه الديمقراطية لديها وهو لهثها الدائم نحو السلطة مما أفرغ مضمون تعريفها التنظيمي الأصيل والذي تشكلت من أجله ،وجوهر إصطفاف الأفراد في شكل جماعة مدنية من أجل إنجاز برنامج معين يكون في صالح المجتمع هو لب التنظيم وعماد ذلك يكون من خلال التوعية التي يجب أن يبثها بين افراد المجتمع بحقوق وواجبات الأفراد تجاه الديمقراطية ولكن في الواقع السوداني نعلم أن الفترات الديكتاتورية كان لها كبير الأثر في تقطع التنامي الحزبي نحو العمل الفاعل من أجل قضايا المجتمع وهو ما لايعفيها من مواصلة مهامها التنظيمية كمؤسسات لابد لها من التكيف مع كل الأوضاع ولكن نتيجة للقمع الكبير الذي لاقته أبان الفترات العسكرية والتي كانت أيضاً تتم بمفهوم حزبي ولم يتم نقدها الذاتي من قبل الأحزاب التي شاركت في هذه الإنقلابات وهو السبب الذي جعل كثير من الأحزاب تلهث للوصول للسلطة باي شكل كان متناسية عقيدة العمل الحزبي في التدوال السلمي للسلطة فيجب أولاً ازالة هذه الأهداف تماماً بالنقد الذاتي للتجربة التي مرت بها وبناء جدران الثقة فيما بينها بمواثيق غليظة تدعم التدوال السلمي على أن يختط بذلك قانون يردع عن مثل هذا الفعل وهو التنصل عن الديمقراطية.
ترسبت في ذهنية المجتمع السوداني التجربة الفاشلة للأحزاب السياسية في السودان حيث يكون الحديث عنها اليوم أشبه بترف الحال في التناول وعن ماذا يمكن أن تقدم فوق فشلها الذريع في تجاربها عبر السلطة والتي إتسم أدائها بضعف القرار السياسي والقيادة المنحرفة للجهاز التفيذي المشكل للسلطة وقد تعزي الأحزاب نفسها بأسباب ضغوطات بعض المؤسسات عليها وهو قول مفضوح إذا ما تمعنا في التفاصيل التي أدت الي ذلك وهي كثيرة وسبق أن عللنا ذلك بالضعف الداخلي للبنية التنظيمية الهشة وغياب الديمقراطية داخلها مما وحد القرار بخروجه من زعيم أوحد وما يهمنا أن نتاوله هو حالة العزوف من الإنتماء نحو التنظيم وحركة الإستقطاب التي إضمحلت بسبب كأبة الكادر التنظيمي نفسه من ما يحمل من أفكار تتناقص والممارسة داخل الكيان التنظيمي وهو ما عجل من إفول نجم تنظيمات كثيرة كانت تعتمد على الإستقطاب الفكري .وحقيقة لابد منها أن الفكرة التي يعتقد حولها مجموعة من الناس ويسعوا مجتمعين منظمين لانزالها لأرض الواقع تعتمد أولاً وأخيراً على التدافع الحي وسط الجماعة المنظمة نفسها فتصحيح الممارسة التنظيمية لاتتم من الخارج ولكن بحركة الكادر نفسه ومحاولاته المستميتة من أجل تصحيح الأخطاء وعندها يصل الى يقينية بث الفكرة ولسوف يجد أذاناً تسمعه وتتبعه .يجب طرد الأوهام التي تعبر عن فشل الأحزاب فإلتقاء الناس حول الفكرة أهم الأركان لبث الوعي وسط المجتمع فعلى الكل الأقتراب أكثر من الأحزاب ففشل القيادات لايعني الكل المطلق في فشل الفكرة وقد تبدو بعض الأفكار قد تجاوزها الزمن او تضادت مع العلمية التي تحتفي بكنهها ولكن ليس ذلك من الفكرة بل من الذين حملوها دون تطوير وترميم من عوامل التعرية في تغير المجتمعات.
يقع علي عاتق الكادر تطوير المنظومة المدنية التي إنتظم فيها وهو باب واجب تجاه الحق الذي أعطته له المنظومة وهنا يكمن بيت القصيد في تطور العمل العام ويجعل الكل يجدفون بكامل الوعي في الإتجاه السليم لتطور المجتمع وقصدت من هذا المدخل تلافي ترهل المؤسسات المدنية التي تزدحم بالتخبط في الأداء نتيجة للممارسات التي تخالف لوائح وأعراف العمل العام وهو ما جعل الكثيرين ينأون بأنفسهم عن هذه المؤسسات ،وبما أن للعمل العام قدسية إحترامه كواجب أصيل تجاه قضايا المجتمع فلابد من إرتقاء الفهم بهذا المفهوم حيث يرتبط بعقدية الإيمان بالفكرة نفسها داخل المؤسسة والإيمان بحق المجتمع لبذل هذا العطاء وذلك لكي نبتعد قليلاً من المفاهيم المغلوطة التي ترسبت في ذهنية المجتمع عن العمل العام داخل المؤسسات المدنية ونعلم حجم المعاناة التي يمكن أن يجدها الكادر داخل المنظومة أثناء حركته من أجل التطوير أو مايعرف بالتكتيك الديناصوري لقواد الرأي داخل المنظومة نفسها بعد أن يتحسسوا بداية سحب البساط عن ممارساتهم المغلوطة ووأد الديمقراطية وبأي شكل كان ولكن لابد من إجادة الصراع حتى لا نفرغ المنظومة من المضمون الذي تحمله وتعبيرها عن الديمقراطية ولن يجد الكادر داخل المنظومة كبير عناء في راية التطوير التي يرفعها إذا سار بإلتزام كامل بلوائح العمل العام ومن هنا نستطيع فك الشبكة العنكبوتية التي باعدت بين الناس وهذه المنظومات وهو طريق التحفيز الهام نحو العمل العام ومن أجل المجتمع.
إشتبك الواقع السوداني وتداخل العمل العام فيه بين المنظومات الإستراتيجية والحركات المطلبية المسلحة والتي تعتمد أساساً على بعض كوادر الأحزاب السياسية وهي مراحل سقوط متقدمة للكوادر من داخل منظوماتها ونتاج طبيعي للعسر الذي لاقته في تطوير نفسها والتعارض الكبير بين الفكرة والممارسة وإختارت اللجوء للحركات المسلحة علها تجد ما فقدته داخل الحزب وكان الخيار أبتدأ الضياع وهي القدوة التي يتكل عليها المجتمع لإنجاز كثير من مراحل التطور خلال الصراع الإجتماعي ،وشيئ هام لابد منه وهو أن الخنوع بمبدأ عدم التغيير المنشود داخل المنظومات السياسية هو باب الإنهزام تجاه ضغوطات الواقع المر وهو ما يفتح الباب على مصراعيه للتسبب بمثل هذه الأمراض والتي بدورها ترسخ لمبدأ الأنا والآخر وهو مفهوم عولمي أصيل .إن تفاصيل الواقع السوداني تحتاج من الكادر كثير من الصبر لإنفاذ المراحل التي تفئ بصالح المجتمع وهو الأخذ بتأسيس الحوار داخل المنظومة نفسها عن أهمية الفرد داخل التنظيم وعظمة الرسالة التي يحمل ،التداخل والإشتباك بين المنظمات الحزبية والتحررية هو باب تلاقي ولكن تختلف الأساليب فالكادر في كلا المنظومتين لابد له من إعلاء مصلحة المجتمع والوطن عن المصلحة الضيقة للمنظومة.
تعاني المؤسسات الحزبية في السودان من إفتقاد البرامج المحللة للواقع المأزوم ونتج ذلك من غياب الدراسات داخلها او لنكن أكثر وضوحاً أنه لاتوجد مؤسسات حزبية بالمعنى المعترف به وهو ما ولد شخصية الزعيم الأوحد على مدار تاريخها فالحزب في السودان عبارة عن أراء لشخصية كارزمية بيدها كل الحل والعقد ومشورتها نفسها وفتواها السياسية مسلم بها ولو كره الشعب وهنا نجد أس الخلل الذي نرزح تحته بعد تحول المؤسسة الحزبية من مدافعة لحقوق الشعب الى منافقة لإسعاد الزعيم ،فلابد من التقويم لهذه الصورة القميئة والتي أسست الى إستيلاد الزعماء ورجحت قوى التخلف لان تصير مالكة لزمام الإمور على المجتمع ،وليعلم الكل أن حركة التاريخ سائرة الى الأمام ولسوف تكشف المثير من التيه الذي به يمرحون ويراؤون فمازال الوعي يشكل الغياب بين أفراد المجتمع والذي غدا يستبصر بأن الظلم خيراً له من شذاذ الأفاق وخادمي مصالحهم الشخصية وهي نظرية خاطئة جملةً وتفيصلاً ولكن ماذا يفعل وهو يرى التخلف الحزبي يسير بأقدامه في هذه المؤسسات.
الديمقراطية داخل الأحزاب ركيزة أساسية لابد من إشاعتها ونعني هنا الديمقراطية التي تراعي فكرة الحزب او نظريته وكما تفهم الديمقراطية بانها الأخذ برأي الأغلبية لكن لابد لهذا الرأي الغالب أن لايتضاد مع فكرة الحزب أو نظريته فإذا خالف نظرية الحزب لابد من مراجعة النظرية وذلك عند إقتضاء هذا الرأي جانب المصلحة العامة وهنا دعوة مفتوحة لكي نجعل فكرة الحزب او نظريته تحت المجهر على الدوام بغرض التطوير والتفسير المواكب للواقع الذي يتغير بإستمرار وكذلك تمثل دعوة مفتوحة لعدم ترك فكرة الحزب او نظريته كالمقدس الذي لايمكن سؤاله ،أما إذا تضاد رأي الأغلبية مع النظرية يكون هذا الرأي نتاج مصالح محددة او يكون الحزب في خدمة شلة او زعيم وهنا تذهب ريحه ويمكن أن نطلق أي مسمى لهذه المجموعة عدا لفظ حزب او مؤسسة إستراتيجية ،وتحكيم ما سبق أعلاه يعود للوائح المنظمة لعمل الحزب والتفسير السليم للفكرة أو النظرية ،ونعلم أن مسعى أي حزب هو فائدة المجتمع ليس إلأ وعليه فإن الديمقراطية داخل الحزب تمثل الإيمان الكامل بقضايا المجتمع .لكن في الواقع السوداني تجد أن غياب الديمقراطية داخل المنظومات هو وجه العلة الرئيسية لتطور وتقدم الحزب وهو ما أفرع خطوط الإنشقاق تلو الآخر وإن السبب الرئيسي هو غياب الديمقراطية وتضاد اراء الحزب مع فكرته او نظريته وهذا بخلاف جمود النظريات وما تابعه من إنشقاقات وهو باب حديث طويل آخر.
الفائدة التي تقدمها الأحزاب الى مؤسسات المجتمع المدني الآخري لاتقل عن الفائدة التي يجنيها المجتمع ككل وهو دور الرفد بالدراسات والمشورة في القضايا العامة وقصدنا هذا المدخل من وحي ما قدمناه لشكل الديمقراطية التي يمكن أن تتواكب مع واقع المجتمع السوداني حيث التمثيل النسبي لكافة مؤسسات المجتمع المدني في المجالس النيابية ونعلم أن نفس المؤسسات يمكن أن يتلون إتجاها الى أي من الأحزاب وهذا لايقدح شرعيتها ولكن تضبط هذه المؤسسات نفسها بلوائحها الداخلية ومفهومها الخدمي للشريحة التي تمثلها ورسم سياستها العامة من قبل مؤتمراتها او جمعياتها العمومية بحيث نخلص من تداخل المصالح وتقاطعها مع أي من الأحزاب ،ومن غير المخفي المحاولات التي تقوم بها الأحزاب لتمرير قرارتها وذلك بتغولها على المؤسسات عن طريق إستزراع الكوادر والذي عانى منه السودان كثيراً وخصوصاً المؤسسة العسكرية والتي أصبح عرفاً لكل الأحزاب، فالإنقلابات صارت ديدناً يمارس من قبل كل منسوبيها وأفرغ المؤسسة من مضمونها الأصيل وهو حماية الديمقراطية والمهددات الخارجية لذا وجب تنشيط جهاز الرقابة داخل هذه المؤسسة بجهاز يتبع مباشرة للسلطة القضائية وذلك لاستقلاليته القانونية ،فالرقابة القضائية من أنجح الطرق لضمان وإستمرار الديمقراطية وبها نضمن الحيادية في القرار والرقابة.
تعتبر الأحزاب الداعم الرئيسي لحرية الصراع الإجتماعي ويكمن دورها في إشاعة الوعي بين الجماهير داخل المجتمع الواحد، وهو الدور الأكثر أهمية لها والذي إبتعدت منه لعقود طويلة وذلك لعدة أسباب أكبرها على الإطلاق هو طول فترات حكم العسكرتاريا، وحتي في فتراتها الصغيرة كانت تلهث على الدوام في تجديد نشاطها ودمائها ،وسعت للكسب السياسي أكثر من رسالتها كمؤسسة إستراتيجية لها ان تتخذ من نشر الوعي هدفاً إستراتيجياً، وما يهمنا هنا هو شرح كيفية دعمها لهذا الصراع وكيف لها أن تحافظ على سيره في الإتجاه الطبيعي المفضي للتطور، حيث المعروف عنها كثافة المثقفين المنضويين تحت لوائها ودور المثقف في نشر الوعي بين الجماهير ، كما ان هذا يتم عبر البرامج التي تقوم بها الأحزاب من خلال نشاطها السياسي والثقافي العام، وهي البرامج التي تخطها الأحزاب وفروعها في كل المناطق التي تتمتع فيها بالوجود المقبول وذلك كخرطتها التي ترسمها للمواسم الجديدة في كل عام ،ودور الحزب في تلقين الوعي يفوق دور التعليم نفسه لان المثقف هو صوت جماعته وكذلك هو صاحب الكلمة المسموعة من قبلها ،وهنا يكون المثقف في وضع لايسمح له بالتحيز لرأي او سحب المجموعة لخارج إطار الصراع وعليه أن يتبع ضميره الحي وامانته العلميه وخطوط الحزب العامة والتي لا تضاد مع نظرية او فكرة الحزب ،ومن هنا فإن تبصير المجتمع بالحقوق والواجبات هو أول الأسس للخروج من هذا الواقع المأزوم ،ولابد للأحزاب من تأهيل كوادرها حتى ترتقي بدورها في إيصال رسالتها وفكرتها وبرامجها ومن يتجشم العناء في نشر الوعي يعتبر من القوى الصاعدة لإحتلال مكانتها بين الجماهير وهي بلاشك مكانة مميزة عن بقية الأحزاب.
علي الأحزاب أن تراجع أفكارها ونظرياتها وبرامجها وعليها ذلك لإكتشاف مواطن الخلل التي أدت لإبتعادها سنين طويلة من الممارسة الديمقراطية بسبب العسكر كما ان عليها تقويم العمل التنظيمي داخلها والذي أعطى المؤسسة العسكرية الحق في قيادة السودان من باب أنه أكثر الكيانات تنظيماً داخل السودان ،وتشبيه للممارسة الديمقراطية بالفوضي ونعته للأحزاب بالعمل الفوضوي ،وهذه المراجعة لاتقدح من جملة الأفكار التي تعتنقها الأحزاب ولكن يبدو أن تفسير بعض الظواهر في الواقع السوداني من خلال الأفكار والنظريات الحزبية بان فيه نسبة من الخطأ وقد يكون الخطأ من الممارسة الديمقراطية نفسها ،ولكن الكل يعود على الأحزاب ،وبالنسبة للمراجعة التنظيمية هو قياس أهلية القيادات السياسية وكيفية تنفذ البعض منها داخل المنظومة دون سداد في الراي أو عمقاً بإيمان النظرية للحزب الذي يحمل او ثقافة تتيح له ذلك المقام ،فكثيراً من الضعاف فكراً وممارسة شكلوا رصيداً مخصوماً من هذه الأحزاب بل كانوا أشد خطراً على أحزابهم بتنفير البعض من المثقفين منها وهو ما أسس لإشكال قطيعة تاريخية بين كثير من المثقفين ودورهم ومثل هذه الأحزاب.
الحرية والديمقراطية والصراع الإجتماعي مثلث يجب أن تتساوى أضلاعة من أجل المجتمع وتطوره فإن غاب أحدهم صار التطور تخلفاً ،والحرية كل مكتمل لاتقبل التجزئة والديمقراطية أداة أصيلة لعدالة الصراع الإجتماعي فخضوع الديمقراطية للقانون هو الحاسم في أصالتها وإشاعة مبدأ سيادة القانون هو المقياس لتحسس التطور من خلال الصراع الإجتماعي .
قصدنا من هذه الدراسة تلمس بداية الطريق في الخروج من هذه الوهدة التي رزحنا تحتها طويلاً في السودان وكان ولابد من تفكيك بعض المفاهيم بإسقاطها على ضوء الواقع حتي لا يسلك الخلل والملل إليها ،ويبقى الكلام دوماً تنظيراً ما لم يتبعه فعل وهو الفعل الذي ينقصنا دوماً في السودان ،هذا الوطن الذي نتطلع لرؤيته شامخاً بين الشعوب بسواعد أبنائه وتطوره.

مجاهد عبدالله

Post: #44
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: Adil Al Badawi
Date: 12-29-2008, 11:32 AM
Parent: #43

وعليك السلام، أخي مجاهد، ولك الشكر على مشاركتك بهذا البوست.

إنّني أقدّر جهدك كما أقدّر برّك المتمثّل في ادراج ذاك الجهد بهذا البوست وأرجو أن تمهلني إلى حين "فريقة" أطّلع فيها على مساهمتك برواقة.

إلى لقاءٍ قريب، أرجو أن تقبل أمنياتي لك بعام جديد وسعيد.

Post: #45
Title: سودنة لعبة "شيلني وأشيلك"؟!، الدكتور عبد الله علي ابراهيم فور بريسيدانت
Author: Adil Al Badawi
Date: 01-02-2009, 04:42 PM
Parent: #44

لقد وقفتُ في آخر موضوعٍ تناولته بهذا البوست عند فكرةٍ وصفتها بأنّها "فكرة في السِـلِك" والفكرة هي سعي ائتلاف Change to Win (ذلك الائتلاف الأمريكي الذي تنضوي تحت رايته عدة اتحادات نقابية) لوضع هدف استعادة مفهومهم للحلم الأمريكي بأيدي ربِّ بيت الحل والربط (باراك أوباما). ولقد وعدت بالعودة لتشبيك تلك الفكرة في اطار خدمة سودنة الأحلام التي يوفّرها هذا البوست وهو وعد أعمل عليه على أي حال لكنّني أعود اليوم لأضع بين أيديكم ما بدا لي أنّه مقلوب تلك الفكرة (أي، سعي الدكتور عبد الله علي ابراهيم إلى وضع نفسه على أكتاف الحركة النقابية لتحمله إلى حيث يصبح ربِّ بيت الحل والربط فيُفيق، على يدي رئاسته، السودانيون من الكابوس المرعب والمتمثّل في هذا النفق الطويل المظلم الذي لم تفلح الاتفاقيّات العديدة الأخيرة في بث البشرى بالوصول إلى نهايته).

هذا وإن كُنت قد أبطأت في تناول ما وعدتُ به، فإن السبب أن النتيجة الأوّلية التي وصلت إليها في أمر المساهمة المتوقّعة للحركة النقابية السودانية، في الانتخابات التي قد بدأ العد التنازلي لانطلاقها، هي أن ثمرة دأب السبعين سنة (عمر الحركة النقابية السودانية تقريباً) هي خازوق من عود عُشَر تعاني منه تلك الحركة فلا هي قائمة ولا بوسعها أن تقعد وهذه الثمرة هي ما يجعلني أستبشر خيراً بترشيح الدكتور عبد الله علي ابراهيم، وإن كان باكراً ابداء المشاعر حيال ذلك الترشيح، إذ يكمن فيه (على أسوأ تقدير) نظرة (من مثقّفينا؟) في الارث النضالي المهمل لهذه الحركة وفي أمر انعتاقها من ما أطلق عليه الدكتور "عثراتها" ومنها "تمترسها خلف مصطلح "القوى الحديثة" حتي تنصلت عن الأرياف وتركتها نهباً لتكتيكات العنف ...وضيقها بالهزائم ومحاولاتها المتكررة لتجديد ثوراتها بالانقلاب والانقلاب المضاد حتى أصابها الإنهاك" بل وأرى في الترشيح نظرة في أمر انعتاقها من قيد الاستقطاب الدؤوب الذي سعى وأفلح في كسر شوكة النضال المطلبي لهذه الحركة وجعل أحلاماً هي من صميم ما يجب أن تضطلع به، مثل ما ذكرنا من عناصر الحلم الأمريكي الجديد (حلم "الطبقة العاملة العالمة من أين تؤكل الكتف") الذي يتمثّل في "أجور كافية لاعالة اسرة، رعاية صحيّة في متناول الجميع، تقاعد آمن وكرامة في العمل"، جعلها تضيع وسط ركام من كوابيس أكل العيش الذي أضحى، بالفعل، يحب الخِفِـيّة دون متاع زائد من نضال يستهدف أن يعم الخير الجماعة كما ويحب الخفْـية التي تتعلّق بأستار "داري على شمعتك تقيد"! فأولويّات العامل أضحت تُملي عليه أن يُقيت عياله لا أن يُغيث ملهوفي الثروة والسلطة وفيهم من "الطغم المسلحة التي سادت الحكم والمعارضة في العقود الأخيرة" الكثير فهل تغيث هذه الحركة الدكتور عبد الله علي ابراهيم في محاولته أم إنّ ترشيحه يغيثها من عثرتها فينتهي إلى أن"يضوّي بين أهله" فعلاً ويكون أحسن ختام لجولته في العمل العام.

من د. عبدالله على ابراهيم إلى الشعب السوداني !!!!!

هذا، ونكرّر لك الشكر يا مجاهد وشكرنا هذه المرّة على ايرادك بيان مرشّح الرئاسة السودانية الدكتور عبد الله علي ابراهيم.

Post: #46
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: قيقراوي
Date: 01-11-2009, 11:47 PM
Parent: #1

عالياً

Post: #47
Title: Re: سـودنةُ الحـلمُ الأمـريكي
Author: sudania2000
Date: 01-12-2009, 09:45 AM
Parent: #46




العزيز أبدا KidAid
سلامات واشواق
وتحايا كتارات

الحلم الأمريكي مسودنا

أو الحلم السوداني متأسلما

أو الحلم السوداني متأفرقا

أو الحلم العربي متافرقا

أو أو أو أو

هل تتفق معي أننا شعب يجيد التشتت زمرا

والمخطط غير المعلن ان نكون ستة الي سبعة دول

ولكن Let Us Dream بالألون وقوس قزح كمان

كلك بهاء واجتهاد جدير ب

Post: #48
Title: قيقراوي أوي أوي وسنيّة ميّة الميّة
Author: Adil Al Badawi
Date: 01-17-2009, 10:07 PM
Parent: #47

عالياً يا قيقراوي؟ هممم، أوي...أوي، وبقوة الدفع التي يوفّرها لهذا البوست حُسن ظنّكم به وإن كان، هذا العمل، يمرّ بانتكاسة أرجو لها انفراجاً قريبا مع إني أصبحت أحمل همّ رسم هذه الأحلام ربّما بأكثر من همِّ تحقّقها!

سلام يا دكتورة ومشكورة على الطلّة وعلى سماحة نفْسِك التي "تدخّلنا في اضافرينا" إذ تجد لنا الأعذار في قلّة (أم هو عدم؟) التواصل وعسى أفراد أسرتك بخير و"أولادك" طيبين وأنّكم أزلتم تلك "السفّـاية" من على أبوابهم ولابد أنّكم فعلتم فيحق لي، إذن، أن أغبطك إذ أرى بلدوزرك يسعى لازالة "سفّـاية" ألأم، نأمل أنّها ازالة إلى الأبد، فيخضرّ طريق خمسة عشر منهم فمرحى وبالتوفيق.

وأملي أنّ مدينتك توفّق إلى أن تطرد عنها النوم البِقَوّم القطايع داك وتنفض عنها الكوابيس التي تربكها بسؤال "أي الأحلام تنتقي" فتقصد النهر تغتسل لتخرج نايرةً إلى حيث واقعها/أحلام يقظتها ذات الصور البهيجة ومنها تلك التي بها الحمامات يتبرّجن ويترجرجن تحت سمع وبصر عسكر اللواء عشرين وقد أمِنّ جانبهم لا حوقلة تصدمهنّ ولا أحزان كيف لا والأحلام ما زالت (حسب آخر علمٍ لي بالأحوال المخادعة بتلك الديار) هي الشيء الوحيد الذي يصيح باعته، من زملائنا هناك، يروّجون له أن: ببلاش...ببلاش...ببلاش!

وإلى لقاءٍ نحلم أن يكون قريباً.

تعديل لرسم فتحة على شدّة مصرّة إنّها تظهر، كسِر رقبة كدا، كسرة على شدّة؟! رسم الأحلام الغلبنا دا أسهل منّها!

Post: #49
Title: Re: قيقراوي أوي أوي وسنيّة ميّة الميّة
Author: Seif Elyazal Burae
Date: 01-20-2009, 02:32 AM
Parent: #48

up

Post: #50
Title: Re: قيقراوي أوي أوي وسنيّة ميّة الميّة
Author: Seif Elyazal Burae
Date: 01-23-2009, 04:48 PM
Parent: #49

عاليا...

Post: #51
Title: Re: قيقراوي أوي أوي وسنيّة ميّة الميّة
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-23-2009, 05:50 PM
Parent: #50

العزيز عادل،

التحيات الزاكيات،
سودنة الحلم الأمريكي هو ما نحن بسبيل تحقيقه، لا أمركة الحلم السوداني!

وقد كنت أنت في صكك للتعبير موفقاً. خلاص أمريكا -تحت وظأة أزمتها الحاضرة- لن يكون إلا بالسودان، في السودان، لصالح أمريكا والسودان معاً! الصين أدركت الوعد السوداني، فدخلت بلادنا غازية تحت وطأة حكم عسكري شمولي غاشم. أما أمريكا فستخدلها بشروطنا نحن، في العهد الديمقراطي الذي أظلنا. ويوم تدخل أمريكا السودان ستتعلم منا أكثر مما سنتعلم منها. ذلك لأننا سنعيدها إلى قيم المرحمة والتسامح والحب بلا شروط، وسننزع منا شرور الاستهلاكية التي استهلكت روحها، وكادت أن تقتل مشروعها الإنساني الكريم. أما وقد تبوأ سدة الحكيم شخص من أصول إنسانية، أفريقية/سودانية فإن الدلائل تشير على أن السودان ستكون له علاقة متميزة مع أمريكا. (أوباما تتحدر أصوله من قبيلة اللو، وهي من القبائل النيلية التي انتشرت في عدة دول أفريقية، منها كينيا، بسب هجرات متعددة الأسباب.)


موضوعك يحرض على التفكير العميق، فارجو إلا يتفتر عزمك في متابعته والصبر عليه!

Post: #52
Title: الحلم ما يكملش!
Author: Adil Al Badawi
Date: 01-23-2009, 08:22 PM
Parent: #51

سلامٌ عليك يا سيف اليزل وعليك الله جِد لَـيْ في البحث عن عذرٍ أتشبّث به إلى حين فرج. أقلاّها قول معاي: قاتل الله الديدلاينز!

ومشكور عزيزي حيدر على كلماتك الطيّبة ومرحى بالأحلام البِقى مافي شي بعيد عليها تَبْ فمن كان يصدّق أنّ الحلم العظيم الذي ألهمنا هذا البوست فافتتحناه به قد تحقّق وخلّى البوست قاعد في حتّتو يلاوي للخروج إلى همبريبِ closure

دعواتكم، يا سيف ويا حيدر، أن يهبنا الله مروّةً تخرج بلدنا (وبالجنبة كدا، هذا العمل) من هذا النفق بما نأمل أنّه يُرضي الناس ويسعدهم.

إلى اللقاء.

Post: #53
Title: Re: الحلم ما يكملش!
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 01-28-2009, 05:27 AM
Parent: #52

Quote: ومشكور عزيزي حيدر على كلماتك الطيّبة ومرحى بالأحلام البِقى مافي شي بعيد عليها تَبْ فمن كان يصدّق أنّ الحلم العظيم الذي ألهمنا هذا البوست فافتتحناه به قد تحقّق وخلّى البوست قاعد في حتّتو يلاوي للخروج إلى همبريبِ closure

دعواتكم، يا سيف ويا حيدر، أن يهبنا الله مروّةً تخرج بلدنا (وبالجنبة كدا، هذا العمل) من هذا النفق بما نأمل أنّه يُرضي الناس ويسعدهم.


الشكر لك أنت، يا عادل البدوي!

حيدر بدوي

Post: #54
Title: Re: الحلم ما يكملش!
Author: مجاهد عبدالله
Date: 01-29-2009, 07:55 AM
Parent: #53

Quote: والمسألة ما محتاجة إلى الكثير من البحث. لا، ولا إلى انتظار البعث بحيث يخرج إلينا مارتن لوثر كنج ليخبرنا أنّ أغلب عناصر هذا الحلم السوداني تبدّدت قبل أن يجف الحبر الذي كُتِبت به. حسبُك أن تنظر حولك في مواضيع هذا المنبر والمنابر (الاسفيرية وغير الاسفيرية) الأخرى لتعلم أن حلم الجعان السوداني وثيقة حقوق كهذه يموصها ويشرب مويتها لعلّها تسدُّ رمقه وهيهات!

فـ"نحن شعب السودان، حمداً لله العظيم الذي وهبنا الحكمة والإرادة لإنجاز اتفاقية السلام الشامل التي وضعت حداً قاطعاً لأطول نزاع في القارة الأفريقية، وبعد اجتيازنا للعواقب المأساوية التي نجمت عن ذلك النزاع المنهك، وإدراكاً منا للتنوع الديني والعرقي والاثني والثقافي في السودان، والتزاماً منا بإقامة نظام لا مركزي وديمقراطي تعددي للحكم يتم فيه تداول السلطة سلمياً، وبإعلاء قيم العدل والمساواة وحفظ كرامة الإنسان ومساواة الرجال والنساء في الحقوق والواجبات، والتزاماً منا بضرورة التوجه بالحكم في المرحلة المقبلة من مسيرتنا السياسية نحو تعزيز النمو الاقتصادي، وتوطيد التوافق الاجتماعي، وتعميق التسامح الديني، وبناء الثقة بين أهل السودان جميعاً، والتزاماً باتفاقية السلام الشامل الموقعة في يناير 2005 واستهداءً بدستور السودان لعام 1998، والتجارب الدستورية السابقة منذ الاستقلال، والتجارب الأخرى ذات الصلة، وتقديراً لمؤتمرات الحوار ومبادرة الحوار الشعبي الشامل واتفاقيات السلام والمصالحة الوطنية، خاصة اتفاقية القاهرة الموقعة في يونيو 2005 وتباشير الاتفاقيات الأخرى المنهية للنزاعات في البلاد، نعلن بهذا اعتمادنا لهذا الدستور قانوناً أعلى تُحكم به جمهورية السودان خلال الفترة الانتقالية ونتعهد باحترامه وحمايته."...




سلامات أستاذ عادل وأحوالك ..

هل الواقع السوداني يقبل مثل هذه الأحلام ؟ سؤال دار في مخيلتي منذ أن راى هذا الخيط النور وكنت عندها خارج للتو من زيارة قصيرة للسودان والذي كانت حالتي قبل السفر حينها أجادل نفسي بتغيير أتت به نيفاشا يكذب كثير من تحليلاتي حول التغيير المنشود . نعم وجدت التغيير ولكنه التغيير الذي يؤخر أكثر مما هو يُعجل بالتطور , وقفت الحرب وهذه محمدة وتوسع الفساد حتى يدفع المرء للإبتعاد عن الحكمة وربما يقول قائل الحرب خير من هذا الوضع !. نيفاشا نفشت ارياش كثيرة ما كان لها أن تنتفش وأعظمها الفساد , فغطت نفشة هذه الأرياش على الكثير من الممكن تحقيقه وهو دوافع السلام , تلك الدوافع التي يكمن ركنها الأصيل في التطور ليس إلأ ,ومع ذلك تجد هذا التطور في مسار عمودي وليس أفقياً كما جرت عادة الحقائق , وبالإتفاقية تم تقسيم إدارة سوداننا المنكوب بين مجموعتين بدلاً عن مجموعة واحدة كانت هي مجموعة الجبهة الإسلامية والتي لم تلجأ لهذا الخيار إلأ بعد أن تفرق جمعهم وتشتت شملهم كما كانوا يدعون على شريكهم الجديد في ليالى الشهداء وقنوت النوائب التي كانوا يدخلون فيها بارجلهم , وعجلتهم لتوقيع الإتفاق ما كان له أن يتم إلأ بعد أن تيقنوا من أن شيخهم يحفر لهم القبر ويطلي في شاهده بعد مفاهماته في جنيف , وما صدقت المجموعة الثانية نفسها في تغذية الصراع حتى نالت مرادها بعد عناء أكثر من عشرون عاماً من الحروب , وهي الفرصة التي وجدها الذين يقومون بترتيب الأوضاع والمناطق حول العالم فضغطوا المتعنتين ليحققوا شيئاً في الضواحي الكينية وعندها ( في الضواحي وطرف المدائن لحظنا شفق الفساد ) . كل الذي جرى في الإتفاقية ترتيبات سياسية وأمنية وكل الذي حققته هو إجبار الحركة الإسلامية على قبول أخر وليس الأخر , وهو القبول الذي ما زال يلهج به ألسنة المتذمرين من الطرفين قولاً ( الشورة ما شورتنا لكن الظروف جبرتنا ), شريك في الحكم وليس شريكاً في المحكوم , فلكلٍ أرض يجب أن لا يتخطاها سلطةً , وغفلت الإتفاقية عن جوهر التطور المنشود في الحياة وهو التدافع الذي لايمكن أن يتم سوى بقبول الآخر ولم تدفع له بأي ترتيب ولم تخسر فيه أي حبر أو زمن نقاش , وقبول الآخر ليس هو تحديد السقوف الزمنية بخيار الوحدة أو الإنفصال ولكن هو تحديد الأعراف الإنسانية بنبذ اللون والعرق والمعتقد من معاش التعامل اليومي في الحياة , ولايمكن أن يتم ذلك سوى بإلغاء التمايز الحضاري بين المجموعات داخل وطننا المنكوب , ولذلك فإن الأحلام كذلك الأمريكي الذي بشر به مارتن بن لوثر والذي نبع من أرضية واقعه الأمريكي في تلك الفترة لم يحن موعد الحلم به داخل واقعنا الذي نقف فيه اليوم وعلى كلٍ فالحلم ليس له مبلغ مال ليصرف عليه ولكن يأتي في موتنا الأصغر أو يقظتنا الشاردة .وأعرف أن حلمك ليس من هذا القبيل ولكنه تفكير يود المرء لو كان مسموعاً ( فالناس في بلدي يصنعون الحب ) مع أن الحب لايمكن صناعته ولكن يفرض وجوده على النفس احساساً وتعلقاً , ولذلك حتى الفن يُعبر عن تمايز حضاري كبير بين الناس . وكذلك الأحلام يا صديق , نتحدث نحن هنا والناس يصطادها غيرنا في المساجد , نكتب هنا ويمكن أن يُقرأ لنا في إحتمالية ضعيفة للغاية ولكن غيرنا يجبر الأذن على سماعه في الأمكنة المجبورة , فلغوبلز حكمة من قانون رفع صوت المذياع عالياً , وهنا قول كثير أتمنى أن أجد له فريقة زمن كتلك التي لم تجدها بعد , وأيضاً متاح من الزمن لأعبر عن برنويتي من السوق الحر والذي في حريته لا يكترث لأصحاب الحرية الحقيقين وإلى ذلك الزمن أتمنى من الزمن أيضاً أن يعطيك بالملعقة مثل ما أعطى أصحاب الفارغات بالكوريق .

ودي وإحترامي الأكيد ...

Post: #55
Title: Re: الحلم ما يكملش!
Author: Adil Al Badawi
Date: 01-30-2009, 03:04 PM
Parent: #54

الواقع وأحلام أحلام حسب الرسول

ليس في وسعي يا عزيزي حيدر سوى أن أشكرك وأنشدك أن إيدك معانا بالله.

كما وأشكرك مرّة أخرى يا أستاذ مجاهد وأشاركك كامل الاحساس بالاحباط فالواقع (كما ذكرنا) فعلاً أقسى من أشدّ الكوابيس.

لقد فطنت الدكتورة أحلام حسب الرسول (أستاذة التاريخ باحدى الجامعات السودانية) لقسوة هذا الواقع لكنّها لم تكتفِ بمجرّد ابداء الشعور بالاحباط. لا، ولا هي انضمّت لجمعيّة الحالمين التي أسّسها هذا البوست وإنّما رأت أن تسلك طريقاً تكوس بيهو الرايحة إن شاء الله في كدوس كتشنر فما أوصلها هذا الطريق، ويا للأسف، إلا إلى مصحّةٍ للأمراض النفسيّة والعصبيّة!

حوار جدير بالقراءة مع زعيمة (حمد).. (يوجد صبر)

شكراً يا متوكّل توم وشاهين شاهين وكامل تضامن التاريخ والذكريات والواقع والكوابيس والأحلام والـfiction ذاتو مع الدكتورة أحلام حسب الرسول في محنتها ولا عزاء للسودان في محنته والحمد لله على نَفَس الأحلام الطالع ونازل دا ما دام بِـتغذّى على الأمل في التغيير وإن كان من شاكلة أحلام الدكتورة أحلام أو من شاكلة أحلام أستاذتنا التي علّمتنا الاقتصاد الرياضي حين طالبتنا، قبل أكثر من عشرين سنة ومن على منصّة محاضرتها بقاعة الـ102، بأن ننصح بني جنسنا من الرجال (الفاشلين) بالتنحّي للنساء عشان يورنّهم كيف يكشّنو ادارة البلد بلا بصل لعين ما فلح أولئك الرجال إلا في هرسه وافساده تحت "أبواتهم" الثقيلة المتقاتلة للاستحواذ عليه!

Quote: وأكد الاستاذ/ بدرالدين العجب المحامى لمراسل صحيفة (الحياة) ان موكلته التى اثارت مقالاتها ضجة فى الخرطوم فى الاونة الاخيرة تتمتع بصحة ذهنية ممتازة وان قرار احتجازها فى مصحة نفسية هو قرار سياسى فى المقام الاول وليس قراراً طبياً , وناشد جمعيات حقوق الانسان فى العالم بالوقوف خلف موكلته .. محذرا من امكانية تصفيتها جسديا بوسائل طبية غامضة , واواضح ان د/ احلام قد انتابتها نوبات اغماء غريبة منذ دخولها الى المصحة . [QUOTE/]

Re: أغتيال دكتورة احلام حسب الرسول .

Post: #56
Title: Re: الحلم ما يكملش!
Author: مجاهد عبدالله
Date: 02-01-2009, 08:18 AM
Parent: #55

سلامات أستاذ عادل أحوالك ..

قصدت أولاً أن يبقى هذا الخيط عالياً ..

وثانياً لأضع فيه هذا الخيط فاقان للجزيرة : 90% من سكان الجنوب سيصوتون للإنفصال إذا تم اليوم ..

والذي يمكن أن يعضد مقولتك الأخيرة ( الحلو مايكملش ) ..

ودي لك ..

Post: #57
Title: ولا صمّة الخشم..
Author: محمد حسبو
Date: 03-23-2009, 09:54 AM
Parent: #1

.
Quote: مولّانا حسن موسى

موضوع السوق الحر أنا عارفو أصبح أكثر إحراجاً لي و لدفاعي عن فلسفته بعد الدمار الحاصل، و بعد أن لجأ كل إنسان (بما في ذلك رؤساء أمريكيين و أوروبيين و محلِّلين ماليين حتى في وول ستريت) إلى شماعة تحرير الأسواق لتعليق الوزر عليها، و لأني يا حسن كل مرّة بقول أمهلوني ثم كما قال عادل –البدوي- لا ترون غزلاً، أُوجِز إليك هنا ما لدي، على الأقل أكان متنا نكون شقِّينا المقابر، و يا قولك إنّ الحاسوب لِما نقول حفيظ..

بدايةً، عبارة الأزمة الماليّة العالميّة دي عبارة مضلِّلة، و كلمة حق أُريدَ بها باطل، هي أزمة في نظام التسليف و خلق المُشتقّات.. و بالإنجليزي اسمها مختصراً "كريدت كرايسس" لو أنّنا نريد الدِّقة لا تمرير أجندة آيديلوجية هنا و هناك كما يحدث الآن. ليه؟ لأنّ التعريف الجيّد للمشكلة هو ثاني خطوات حلّها بطريقة أفضل..

ثانياً: الأزمة دي حصلت في مجال و سوق معيّنين، ثم بسبب ترابط حلقات النظام المالي و الاقتصادي استشرت في مجالات النشاط الأخرى، السوق المعني و الذي بدأت فيه هذه الأزمة هو سوق المشتقّات Derivatives و التمويل/ التسليف. و الفكرة ببساطة بعيداً عن حذلقة الإخوة الاقتصاديين هي أنّ هذا السوق الذي يتعيّش من دور الوسيط بين من يملكون المال و من يحتاجونه و يعمل بموجب موديلات معيّنة تقوم بتسعير أدوات التمويل و المشتقّات هذه، و نعني بتسعيرها حساب العائد المطلوب باعتبار عناصر المخاطرة القائمة جراء منح آخرين ديوناً بأجل معلوم و فائدة.

طيّب، النماذج أو الموديلات التي تقوم بهذا التسعير كثيرة، و تستخدم مفاهيم علم الإحصاء مثل حساب الاحتمالات و تحليل الإنحدار و الارتباط و السلاسل الزمنيّة و هكذا، و أسواق التمويل كانت متعطِّشة للتوسّع في نشاطها و تحقيق المزيد من الأرباح في مجال نشاط التمويل، و قد ظهر سوق "نبت شيطاني" اسمه سوق مشتقّات التمويل، قدح زناد هذا السوق نموذج تقدّم به رجل يدعي ديفيد إكس لي، و أنا استغرب أنّه مع كل هذا الطنين الأكاديمي الذي يتحدّث عن الأزمة الماليّة العالميّة و مش عارف إيه، فإنّه يأبى أن يشرك الناس في حقائقها الأساسيّة مثل حكاية موديل مستر ديفيد لي هذا، على العموم يا أخي حسن لو تود هاك هذا الرابط الذي أحسب أنّه يشرح هذا النموذج و دوره بأفضل مما وجدت في سائر الانترنت على الملأ. صدِّقني هذا رابط منسجم مع مقولة لا تقرأ كل الروابط إقرأ الأفضل..

http://infoproc.blogspot.com/2005/09/gaussian-copula-an...dit-derivatives.html

كنا وين؟ كنّا بنقول الموديل بتاع مستر "لي" دا فتح باب رزق واسع جدّاً و أسواق جديدة تورّط فيها الجميع، خصوصاً كبار كبار المستثمرين، و ستجد مثلاً عن جنرال موتورز ضمن الرابط، خطورة هذا السوق هو أنّه كان جسراً بين عالمي الاقتصاد الحقيقي و الاقتصاد الوهمي، حيث أسال لعاب منتجين و مستثمرين كبار من عالم الاقتصاد الحقيقي، شركات سيارات و مصانع إلكترونيّات و هلم جرّا و قذف بهم في شبكة الخيال و ألعاب الفيديو هذه، فأنت إذا كنت تعمل في الصناعة ستجد أنّه لا داعي لتحمّل صداع الصناعة لمدّة سنة ماليّة كاملة لتحقيق أرباح يمكنك جنيها خلال أيام باستخدام الموبايل و اللابتوب.. و لكنّه سوق مضاربات وهميّة لا سند واقعي لها، و حينما انفرط أمره تداعى له سائر الجسد بالحمّى..

هنا تكمن المشكلة الأولى، في تصحيح أوضاع هذا السوق بعينه، و هذه مسألة لا علاقة لها بالخطابة السياسيّة، يجب أوّلا مراجعة هذا الموديل الذي تعمل بموجبه أسواق المشتقّات بالذات، و هذا عمل سينجزه الإحصائيون و الاقتصاديون بشكل أفضل، يجب تضمينه مزيد من المتغيّرات أو الثوابت و الهدف هو الحد من شره هذا السوق، عقلنته و تشذيبه بل و الحد منه. و هذا مسارٌ جذريٌّ للحل..

الساق الثانية لهذه الأزمة هي ما يُعرف بعنصري الإفصاح و الشفافيّة، لو غصنا في تفاصيل كثير من مشاكل الإفلاسات و الاستثمار في الهواء الخ لوجدناها تتعلّق في الأساس بمدى معرفة أو جهل المستثمرين بحقيقة الأوضاع الماليّة للمؤسسات التي يضعون فيها استثماراتهم، في بلد مثل أمريكا يوجد نظام هائل لضبط عمليّة الإفصاح هذه، تقوم عليه لجنة تسمّى الـ SEC و هي اختصار لـ Securities and Exchange Commission ضمن عملها تضع إجراءات مُلزِمة "بالقانون" لكل مؤسسة تود الدخول و العمل في سوق المال، و قد قرأت أكثر من رأي و تصريح يتحدثون عن مشكلة بنيويّة في هذه المطلوبات، ألا و هي –المشكلة- سوء تنظيم هذه المعلومات المطلوبة بحيثُ أنّها تخلق حالة من صعوبة الاستفادة من هذه المعلومات رغم (و بسبب) كثرتها، بل وجدتُ تصريحات لأعضاء الـ SEC أنفسهم يؤكِّدون فيها إنّهم لا يجدون الوقت لمراجعة بيانات أكثر من 50% من الشركات رغم إيفاء هذه الشركات بملء الفورمات المطلوبة، فما بالك بالمستثمر العادي؟، هناك إفصاح و لكنّه غير مفيد و غير منظَّم، كأن تملأ غرفة بالفايلات حتّى سقفها ثم تطلب من شخص الحصول على ورقة بعينها، هناك جهد مطلوب لإعادة تنظيم العرض و نوعيّة المعلومات المفيدة نفسها لتفادي حالة الإغراق هذه، هذا بالنسبة لما يوجد بالأصل و في دول مثل أمريكا كما أشرنا دع عنك ما يجب بذله من جهد في دول أخرى تنعدم فيها أصلا قيمة مبدأ الشفافيّة و تعيش أسواقها على الفساد المسنود من الدولة، و اعتقد أن العالم سيسير بموجب دروس هذه الأزمة في تقوية ثقافة الإفصاح و الشفافيّة هذه بل و أجزم أنّه سيتجه نحو جعل هذه المعلومات المتعلِّقة بالأوضاع الماليّة للشركات و الأمور ذات الصلة مبذولة في الانترنت و مع الأبديت كل فينة و أخرى، هذا أمر يحتاج بعض التهيئة لكنّه حتمي لو جاز لي إطلاق الدعاوى من هذا الوزن، و إليك يا أخي و من يهمّه الأمر رابطاً آخر إلى حوى هذه القضيّة

http://www.sec.gov/news/press/sec-actions.htm

و أنظر أكثر في الإجراءات الأخيرة تحت عنوان جانبي:
Enhancing Transparency in Financial Disclosure
لو تلاحظ معي، فإنّ طبيعة هذه الإجراءات الجذريّة في التعامل مع هذه الأزمة، هي بشكل قاطع تأكيد و تعزيز لِـ "قِيَم" السوق الحر لا العكس، و مثل هذا الكلام لن يجد سوى اللعنات الآن و في هذا الظرف الذي تحرّك فيه غريزة القطيع أسواق المال و الحكومات، لكن أقول لا حل إلّا بتعزيز أركان هذا السوق، فالفوضى و غياب التنسيق اللذان شكّلا وقوداً لهذا الإنهيار لا يُعالجان بإيلاء أمر السوق إلى الحكومات تضع أمامه العراقيل، بل هو في زيادة وعي أفراد و مؤسّسات هذا السوق بالظروف التي يعملون فيها من خلال تحسين نوعي لعمليّة الإفصاح، و سيقوم مجتمع السوق هذا بتصحيح أوضاعه بذاته حال تزويده بهذه الأدوات، هذا حديث طويل يجول بنا في لا جدوى الاستسلام لمنطق التأميم و التغوّل المركزي الحكومي، هذه وصفات بالية و قصيرة الأجل سرعان ما تنجب البوار، و سيستبين النصح ضحى الغد..

هذه ثرثرة وقائيّة، لعلّها تكون عذراً على انشغالي عن عهدي، و تفصيلها لا يخرج عن خطوطها العامة هذه، أتركها هنا في رعاية الحاسوب و حفظه، إنّ المعارف في أهل النهى ذمم
..


http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=29038&sid...ee6b34798d2583#29038

ربما و ربما لا يا بدوي
.

Post: #58
Title: دعوها فإنّها مأمورة!
Author: Adil Al Badawi
Date: 03-27-2009, 12:14 PM
Parent: #57

لك أجزل الشكر يا أستاذ مجاهد على وجودك وتعليقك هذا البوست في غيابي. أمّا تعليقي على الخبر الذي أوردت فهو أقرب لقناعة (هي، بالأحرى، أمنية) وصلت إليها إثر مشاهدتي للفلم Crash (أي نعم الفلم كراش) وهي أن العنصرية أقرب لأن تكون ظرفاً و/أو جهلا بأكثر من أن تكون موقفاً متّسقاً ومتماسكا! وبذلك فإذا تضافرت ظروفٌ أدّت لتراكم شعور الجنوبيين بتعالي "بني وطنهم" عرقيّاً عليهم فأغلب الظن أنّهم يلتمسون قطع رحم هذه البنوة وإن انعدم الموقف الذي يوحّدهم حيال أشكالٍ أخرى من التعالي قد تنشأ فيما هم بـ"وطنهم" الجديد. هذا مع حيرة تنتابني فحواها ما العمل إزاء ظروف قد تتضافر لتؤدّي إلى تراكم شعور بعضهم بتعالي بعض "بني وطنهم" الجديد عليهم أياً كان شكل ذلك التعالي.

ويا حسبو جيد أن جيت إذ Better Late Than Never

أمّا بعد، فإن كان ثمّة وجه لهذه الأزمة يشير إلى أنّها أزمة واقتصادية ثم عالمية في ذلك فهو يتمثّل في أنّها قد أربكت التوقّعات الرشيدة لأي زول (بما في ذلك رؤساء أمريكيين* و أوروبيين و محلِّلين ماليين حتى في وول ستريت) فيما لا تزال ناقتها تطوف بدار المال ودار السياسة ودار "ثروات" الأجيال اللاحقة* ودار ونسة الله والرسول دي وتأبى إلا أن ترخي بكلكلها بعقر دار الاقتصاد.

أنظر لمفارقة شقاء العاملين إذ يكدحون لتوفير البوانص السمينة للقطط السمان يُستغل، في أكبر الاقتصاديّات، لتكريس هذه البوانص ولا ينوب هؤلاء الأشقياء من ذلك الكدح إلا عقاب مراقبة مؤشّر البطالة حين يصل إلى حالة unemployment at full employment والعزاء الوحيد (وهو أيضاً يصلح لأن يكون مفارقةً) أن هذه المفارقة تصلح عذراً لاهمالي هذا البوست حين وجدت نفسي، طيلة ثلثين من هذا الربع المشئوم من هذه السنة، أعمل بقدرة قادر (ربّما الـInvisible Hand البقولوها دي) اثنى عشر إلى أربعة عشر ساعة (وأحياناً أكثر) وما زلت لا أأمن أن يداهمني اخطارٌ برسالة، بريد صوتي، بريد الكتروني أو أي وسيلة من seven different technologies (أو كما قالت تلك الممثّلة اللامعة) مثله مثل ذلك الاخطار الذي داهم اربعمائة نفس في نفس الليلة فأفسد عليهم لقمة العشاء المبهّرة بكافة أنواع شقائهم لتوفير البوانص السمينة للقطط السمان. لقد أخطرت تلك الإس إم إس أولئك القوم ببساطة: بكرة ما تداوموا! الدوام لله لكنّ ذاك الميسيج لم يكن ترتيباً لاضرابٍ ما وإنّما نضالٌ مطلبي من نوع آخر: نضال مطلبي مقلوب كفى فيه ممثلي القطط السمان الدوكة على أحلام تلك النفوس ثمّ ألقوا بقفازاتهم التي تلوّثت (أخيراً) بـ"سكن" الاقتصاد الحقيقي في أقرب مكبّ زبالة...

...إلى أعلى الجبل...إلى أعلى الجبل! فهمبريب الـclosure لهذا البوست ملحوق لكنّ القطط السمان المتشعلقة فوق رقبتي دي محطّتها همبريب closure تعصمها من هذا الطوفان ولا يهمّها إن تفرّق حاملوها، بعدئذٍ، أيدي سبأ أو تفرّغت أنا، تفرّغاً تامّاً، لهذا البوست.

*
QUESTION: Isn't that kind of debt exactly what you were talking about when you said "passing on our problems to the next generation"?X

OBAMA: Where the dispute comes in is what happens in a whole bunch of out-years. And the main difference between the budget that we presented and the budget that came out of the Congressional Budget Office is assumptions about growth. They're assuming a growth rate of 2.2 percent; we're assuming a growth rate of 2.6 percent. Those small differences end up adding up to a lot of money. Our assumptions are perfectly consistent with what Blue Chip forecasters out there are saying. Now, none of us know exactly what's going to happen 6 or 8 or 10 years from now. Here's what I do know: If we don't tackle energy, if we don't improve our education system, if we don't drive down the costs of health care, if we're not making serious investments in science and technology and our infrastructure, then we won't grow 2.6 percent, we won't grow 2.2 percent. We won't grow.X

http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/20...AR2009032403036.html

Post: #59
Title: a court -- as it happens -- of which our own President, would be most proud
Author: Adil Al Badawi
Date: 04-17-2009, 12:08 PM
Parent: #58



Adams: Your Honors, I derive much consolation from the fact that my colleague, Mr. Baldwin, here, has argued the case in so
able and so complete a manner as to leave me scarcely anything to say.X

However, why are we here? How is it that a simple, plain property issue should now find itself so ennobled as to be argued before the Supreme Court of the United States of America? I mean, do we fear the lower courts, which found for us easily, somehow missed the truth? Is that it? Or is it, rather, our great and consuming fear of civil war that has allowed us to heap symbolism upon a simple case that never asked for it and now would have us disregard truth, even as it stands before us, tall and proud as a mountain? The truth, in truth, has been driven from this case like a slave, flogged from court to court, wretched and destitute. And not by any great legal acumen on the part of the opposition, I might add, but through the long, powerful arm of the Executive Office.X

Yea, this is no mere property case, gentlemen. I put it to you thus: This is the most important case ever to come before this court. Because what it, in fact, concerns is the very nature of man.X

These are transcriptions of letters written between our Secretary of State, John Forsyth, and the Queen of Spain, Isabella the Second. Now, I ask that you accept their perusal as part of your deliberations.X

Thank you, sir. [to court officer]X

I would not touch on them now except to notice a curious phrase which is much repeated. The queen again and again refers to our incompetent courts. Now what, I wonder, would be more to her liking? Huh? A court that finds against the Africans? Well, I think not. And here is the fine point of it: What her majesty wants is a court that behaves just like her courts, the courts this eleven year-old child plays with in her magical kingdom called Spain, a court that will do what it is told, a court that can be toyed with like a doll, a court -- as it happens -- of which our own President, Martin Van Buren, would be most proud.X

Thank you. [takes document from Baldwin]X

This is a publication of the Office of the President. It's called the Executive Review, and I'm sure you all read it. At least I'm sure the President hopes you all read it. This is a recent issue, and there's an article in here written by a "keen mind of the South," who is my former Vice President, John Calhoun, perhaps -- Could it be? -- who asserts that:X

"There has never existed a civilized society in which one segment did not thrive upon the labor of another. As far back as one chooses to look -- to ancient times, to biblical times -- history bears this out. In Eden, where only two were created, even there one was pronounced subordinate to the other. Slavery has always been with us and is neither sinful nor immoral. Rather, as war and antagonism are the natural states of man, so, too, slavery, as natural as it is inevitable."X

Now, gentlemen, I must say I differ with the keen minds of the South, and with our president, who apparently shares their views, offering that the natural state of mankind is instead -- and I know this is a controversial idea -- is freedom. Is freedom. And the proof is the length to which a man, woman, or child will go to regain it, once taken. He will break loose his chains, He will decimate his enemies. He will try and try and try against all odds, against all prejudices, to get home.X

Cinque, would you stand up, if you would, so everyone can see you. This man is black. We can all see that. But can we also see as easily that which is equally true -- that he is the only true hero in this room.X

Now, if he were white, he wouldn't be standing before this court fighting for his life. If he were white and his enslavers were British, he wouldn't be able to stand, so heavy the weight of the medals and honors we would bestow upon him. Songs would be written about him. The great authors of our times would fill books about him. His story would be told and retold in our classrooms. Our children, because we would make sure of it, would know his name as well as they know Patrick Henry's.X

Yet, if the South is right, what are we to do with that embarrassing, annoying document, "The Declaration of Independence?" What of its conceits? "All men...created equal," "inalienable rights," "life," "liberty," and so on and so forth? What on earth are we to do with this?X

I have a modest suggestion. [tears up a facsimile of the Declaration]X

The other night I was talking with my friend, Cinque. He was over at my place, and we were out in the greenhouse together. And he was explaining to me how when a member of the Mende -- that's his people -- how when a member of the Mende encounters a situation where there appears no hope at all, he invokes his ancestors. It's a tradition. See, the Mende believe that if one can summon the spirits of one's ancestors, then they have never left, and the wisdom and strength they fathered and inspired will come to his aid.X

James Madison, Alexander Hamilton, Benjamin Franklin, Thomas Jefferson, George Washington, John Adams: We've long resisted asking you for guidance. Perhaps we have feared in doing so we might acknowledge that our individuality which we so, so revere is not entirely our own. Perhaps we've feared an appeal to you might be taken for weakness. But, we've come to understand, finally, that this is not so. We understand now, we've been made to understand, and to embrace the understanding that who we are is who we were.X

We desperately need your strength and wisdom to triumph over our fears, our prejudices, our-selves. Give us the courage to do what is right. And if it means civil war, then let it come. And when it does, may it be, finally, the last battle of the American Revolution.X

That's all I have to say.X

http://www.americanrhetoric.com/MovieSpeeches/moviespee...hamistadjqadams.html

Post: #60
Title: الأزمة الاقتصادية: الفقراء اقتسموا الربقة...لكنَّ "العفو"، الآن، إنـڤـولڤد!
Author: Adil Al Badawi
Date: 05-29-2009, 11:33 AM
Parent: #59

"قبل نحو خمسين عاماً، رأت منظمة العفو الدولية النور عبر نداء من أجل إطلاق سراح سجناء الرأي. أما اليوم، فإننا «نطالب بالكرامة» لسجناء الفقر، كي يتمكنوا من تغيير حياتهم. وإنني على ثقة بأن جهودنا، بمساعدة ودعم ملايين الأعضاء والمؤازرين والشركاء في سائر أنحاء العالم، ستتكلل بالنجاح." أيرين خان – الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية

http://thereport.amnesty.org/ar/introduction

Post: #61
Title: رأسماليّة الدولة...رأسماليّة الحزب!
Author: Adil Al Badawi
Date: 06-06-2009, 02:16 PM
Parent: #60

لقد برّني الصديق محمّد حسبو بأن هداني السبيل إلى ورقة إيان بريمر المعنونة (إن جازت الترجمة) "عصر رأسماليّة الدولة" والتي نشرها (بريمر) بعدد مايو/يونيو من دوريّة Foreign Affairs وذلك برٌ يجعلني شاكراً لحسبو إلى أن تقوم هذه الرأسمالية لتفرز كيمانها، التي أضحت لحمة (ولخمة) راس تتفسّخ بنيران الأزمة العالميّة، أو يصل الكوكب المحتل بشتى أنواع النُظُم درجةً من التشبّع يصبح فيها كفوراً بجنس نظام.

يلخِّص بريمر رأسماليّة الدولة في إنّها نظامٌ اقتصادي تخدم فيه الدولة كلاعب رئيسي وتستخدم الأسواق، بشكل رئيسي، لمكاسب سياسية. يرى بريمر أنّ هذه النزعة قد أشعلت منافسةً عالمية ليس بين أيديولوجيّات متصارعة وإنّما بين نماذج اقتصاديّة متنافسة وأنّ دخول السياسة في مسألة صنع القرار الاقتصادي قد أدّى إلى اعادة تشكيل قوائم الرابحين والخاسرين الناتجة عن الصراع الأيديولوجي الذي كان. فبينما كان للقرارات التي يتّخذها الاقتصاديّون السوفيت والصينيّون ضعيف الأثر على الأسواق الغربيّة لأنّ الأسواق الناشئة لم تكن قد نشأت بعد، فإنّ الأسواق العالميّة أضحت تتداعى بالسهر والحمّى للقرارات الاقتصاديّة التي يتّخذها رجال الدولة بدولٍ مثل الامارات العربيّة المتّحدة* وتركيا والصين والبرازيل والمكسيك وروسيا والهند.

يرى بريمر أنّ رأسماليّة الدولة تتمثّل في أربعة محاور: شركات النفط الوطنيّة (من حيث إنّها تسيطر على 75% من احتياطيّات النفط وعمليّات انتاجه)، الأعمال المملوكة للدولة والتي تجعل الحكومات تتجاوز (أكذوبة؟) التطوير والتنظيم، في بعض القطاعات التي تملك أعمالاً بها، إلى استخدام هذه الأعمال في تعزيز أوضاعها السياسيّة المحليّة (هيئة تنفيذ السدود في السودان، مثلاً؟)، الشركات الخاصّة المؤثّرة والمدعومة من الدولة (ربّما عبر كلبش "الغرض" الذي أسميناه دعم الحبايب ورجم الهبايب) بالتمويل والعقود والاعفاءات الضريبية والجمركية، وصناديق الثروات السياديّة التي تعتبر مستودعات يحفظ فيها رأسماليو الدولة (الفائض؟) من عائدات الصادرات (عائدات البترول، المرئية وغير المرئية، في السودان؟) لتستثمر فتربو وتربو إلى حين استخدامها لأغراضٍ سياسيّة هنا وهناك.

وبينما يرى بريمر أنّ رأسماليّة الدولة بمعاقل الرأسمالية (التي أرى أنّ عمليّات التأميم الجارية حاليّاً تمثّل ذروتها) استثناءٌ مؤقّتٌ وليست قاعدة (لي تحفّظ على ذلك**)، فإنّه يرى أنّ رأسماليّة الدولة بالدول النامية إنّما جاءت لتبقى كخيار استراتيجي يلتمس رفضاً لمذهب السوق الحر.

لقد حفّزتني ورقة رأسماليّة الدولة (وإن لم يتسنّ لي حسن عرضها في هذه السانحة) إلى نفض الغبار عمّا أبديته من التحرّق شوقاً إلى "معرفة السبيل إلى حبلٍ متين يكرِّب "حزمة الغرض" بحيث لا تفرفِص كونها Ceteris Paribus بَسْ". لقد كان ثبات عوامل ما وصفتُه بـ"حزمة الغرض" (التي تبيّن أنّها أقرب إلى نسخة سودانيّة من رأسماليّة الدولة) فرضيّة افترضها الدكتور عبد المحمود محمّد عبد الرحمن، لأغراض التحليل، لكنّني استبعدتها وفي لاوعيي وحش رأسماليّة الدولة الذي وإن كنت لم أتبيّن كنهه حينئذٍ إلاّ إنّني وصلت إلى وصف شكله وإن كان الوصف غير دقيق إن لم يكن مبهماً. أمّا الآن وقد تعرّفت على هذا الوحش الذي أزعم أنّ التوسّع في التعرّف على أشكال "حزمة الغرض" بهيكله الدولي يشكّل أعمدةً لما يمكن أن يطلق عليه، بالرااحة، العولمة الجديدة (وإن شئت فقُل المرتدّة)، فإنّه يحق لي أن أزعم أنّ عيش رأسماليّة الدولة لاسيّما في دولٍ، مثل السودان (تكاد تكون مملوكة لأحزاب أو لأفراد) بليلةٌ فقريّة مافي ذلك شك وهي بليلةٌ مويتها (مجرّد مويتها) كفيلة بغربة الانسان عن تمتّعه بحقوقه الاساسية بلا أدنى عزاء لمنظّمة العفو الدوليّة.

إنّني أزعم أيضاً أنّ رأسماليّة الدولة، بسودان اليوم، من رأسمالية الحزب إذ تمّ التأسيس لرأسمالية الدولة بمخالب رأسماليّة الحزب حتى إذا ما قويت شوكة رأسمالية الدولة كرّست لرأسمالية الحزب بحيث أصبحت الدولة هي الحزب والحزب هو الدولة وهي حالة عبّرنا عنها بالقول في نهاية استعراضنا لـ"حزمة الغرض":
Quote: إنّ كلَّ ما في أعلاه وغيره من الامتيازات الأخرى لأصحاب الامتيازات يجعل قوى السوق أقرب لأن تعمل في اتجاهٍ واحد وليته كان اتجاه خدمة مصالح الرأسمال المبرأ من غرضٍ يتجاوز بطنو و...أوكي جيب بطنو لكنّ هذا الاتجاه الواحد هدفه خدمة رأس المال الساعي لفرز الكيمان (الاستقطاب السياسي والاجتماعي) فالكلبشة ثمّ الكنكشة إلى الأبد بما يجعل الوطن برمّته (بل بما يصلح سوقاً من رمّته هذه) لقمة سائغة للكيان السياسي الجاهز والقادر على بلع هذه اللقمة وحُسن هضمها وهو مين؟! ..."

أضيف إلى زعمي في أعلاه أنّ هذا المشروع (غير الحضاري من حيث إنّه اقصائي)، أعني رأسمالية الدولة بالسودان، قديمٌ وسابقٌ لما يسمّى بـ"الانقاذ" لكنّ دور الانقاذيين يكمن في أنّهم ضايروه وحربؤوه وقلّبوه بين الحزب والدولة والدولة والحزب ورعوه حقّ رعايته حتى أتى أُكله بالدرجة التي جعلت ثقتهم بهذه الرأسماليّة تلد طموحات امبريالية ما نفع في اطفائها إلا ضارّة الحرب على الارهاب.

لقد وددت لو أعكف على التوسّع في دراسة ما زعمت في أعلاه مستصحباً ورقة بريمر وعصف ذهني في أمر "حزمة الغرض" إلا إنّني أدخل في معمعة عملٍ تمليها "أزمة منتصف العام" التي تأتي هذه المرّة بجوف الأزمة العالمية وهذه معمعة قد لا أتخارج منها قبل شهرين أو ثلاثة لكنّ البوست والباب (عبر الايميل المعلّق فوق دا) مفتوحان لمن شاء أن يدعم زعمي أو يدحضه.

كما وأرجو أن أجد سانحةً لأعود مرحّباً بمنظمة العفو الدوليّة وشاكراً لها انضمامها إلى جمعيّة الحالمين التي أسّسها هذا البوست وذلك حين أوفّق إلى تشبيك مبادرة "العفو" (عند اللا مقدرة؟)، المتعلّقة بمكافحة الفقر، بتعقيدات وحش رأسماليّة الدولة في وقتٍ تؤجّج فيه الأزمة العالميّة جوع هذا الوحش بينما لا تجد "مجموعة العشرين" حرجاً في اطعامه تفادياً للبطالة وتململ العاطلين. أقول إنّ "العفو" تستسهل، بمبادرتها، أمر مكافحة الفقر لأنّني أراها (وأرجو أن لا يكون ذلك من قذى فقرٍ بعينيّ) لا تواجه عيش الوحش الفقري الذي ذكرنا إلاّ برومانسيّة تلتمس مسح آثاره بالمناديل (المعطّرة؟) من شاكلة:
Quote: أما اليوم، فإننا «نطالب بالكرامة» لسجناء الفقر، كي يتمكنوا من تغيير حياتهم. وإنني على ثقة بأن جهودنا، بمساعدة ودعم ملايين الأعضاء والمؤازرين والشركاء في سائر أنحاء العالم، ستتكلل بالنجاح.
وتلك رومانسيّة ليس بوسعنا إلا أن نغنّي على شرفها: من بعد ما فات الأوان، والفقرا اتقسموا النبقة ليغرموا تكلفة مغامرات القطط السمان، الليلة جاي بتعتذر!...الخ، الخ، الخ...

_______________
* قد يذكر بعضكم حادثة طموح شركة موانئ دبي العالميّة في الاستحواذ على الموانئ الأمريكية المرتبطة بشركة P&O والذي تحطّم حين تداعت له لجنة الاستثمار الأجنبي الأمريكية (أي، وكالات الحكومة الأمريكية ذات نفسها) ليس فقط بالسهر والحمّى وإنّما بالرفض الصريح في حميّة حمائية أوضح من تأميمها البنوك والشركات وإن تحجّجت بذرائع الأمن القومي.

** ذكرت جنرال موتورز أن أحد أسباب انهيارها هو محاباة الحكومة اليابانية لصناعة السيّارات باليابان، وهذا جدل قديم قِدم ارتفاع حمى المنافسة بين الصناعتين واتّساع هوّة الميزان التجاري بين البلدين، لكنّني أجد في تأميم جنرال موتورز (وإن كان جزئياً وإن زُعم أنّه موقّتٌ) حسماً لهذا الجدل بأن تجاوزت الحكومة الأمريكية ضيق كواليس المحاباة إلى رحاب مسرح التبنّي...ولن أستغرب إذا تمادت الحكومة الأمريكية في هذا الخط وحذت الحكومات الغربية حذوها في مجالات مثل الطاقة والنقل وغيرهما إلى الصناعة المرتبطة بالهاي تيك.

Post: #62
Title: ليس بالمال وحده "يغنى" الانسان!
Author: Adil Al Badawi
Date: 07-25-2009, 08:36 AM
Parent: #61

هذه عودة سريعة اقتضاها نموذج لمؤسّسية الحد من الفقر بدولة لا "تفتقر" إلى المال لكنّّها لم "تفتقر" لجماعة "شيّشوا" بالفعل بما جادت به الأيّام، عبر الدولة والزكاة والخيّرين، للكوظ الذي ذكرنا فيما مضى من أيّام:

http://www.aleqt.com/2009/07/18/article_253389.html

"العفو" لله وللرسول وللانفاق لكن لا كرامة بعد لسجناء الفقر ولا تغيير حياة رغم أنف أكثر من مليار من الريالات!

Post: #63
Title: الرأسمالية (العوراء؟):
Author: Adil Al Badawi
Date: 08-04-2009, 09:20 AM
Parent: #62

أيكافئ "الشعب" القطط السمان على حسن خربشتها للصالح العام؟!

Hell no. Hall? Most probably yes!X

Quote: Corporate pay has become a live grenade in the aftermath of the largest series of corporate bailouts in American history. In March, when the American International Group, rescued at vast taxpayer expense, was to give out $165 million in bonuses, Congress moved to constrain the payouts, and protesters showed up at the homes of several executives.X

As it happens, one can see some of those homes from Mr. Hall's front lawn in Southport, not far from his office. But his case is more complex. Mr. Hall, raised in Britain and known for titanium nerves and a collection of pricey art, is the standout performer at an operation that has netted Citigroup about $2 billion over the last five years. If Citigroup will not pay him the huge sums he has long made, someone else probably will.X

The added wrinkle is that Mr. Hall works in a corner of the trading world that appears headed for its own infamy. Regulators are pushing to curb the role of traders like Mr. Hall, whose speculation in the energy markets may have played a major role in the recent gyrations of oil prices.X

That suggests that last summer, drivers paid more at the pump, at least in part, because of people like Andrew J. Hall. How do you hand $100 million to a guy who may have profited because gas hit $4 a gallon?X

Whatever the answer, the case of Mr. Hall highlights the hazards of mixing the public interest with capitalism at its most unbridled, and it raises basic questions of fairness. There was outrage last week over a report by the New York attorney general that about 5,000 traders and bankers at bailed-out firms got more than $1 million each last year. So it could be politically untenable for a company like Citigroup to pay gargantuan sums even to those who generate gargantuan profits -- the very people the company must retain if it is to recover.X
http://finance.yahoo.com/banking-budgeting/article/1074...em-for-pay-czar.html

Post: #64
Title: Re: رأسماليّة الدولة...رأسماليّة الحزب!
Author: abubakr
Date: 08-06-2009, 09:10 AM
Parent: #61

عزيزي عادل .. هذه الايام اقرء بتمهل كتاب للدكتور التجاني عبد القادر باسم "نزاع الاسلاميين -الجزء للاول" وهو كما ذكر الكاتب لنقد التجربة الانقاذية ونصح اخوانه الكبار والصغار والذين ازاحو "التنظيم " لصالح الفرد السلطان او الافراد من مدنيين وعسكريين اتي بهم التنظيم الي سدة الحكم -ان جاز التعبير- فازاحوه ونسيووه ونسيو انهم قالو بانهم اتو لانقاذ الاقتصاد والبلاد ...الكتاب محتواه مهم حيث انه من احد الكوادر التنظيمية والتي اختلفت مع الاخوان الكبار ففضلت ان تنأي بنفسها من راسمالية الانقاذ واكتفت بنقدهم ونصحهم فابو ذلك ...يستحق القراءة فالكاتب شاهد من الداخل زمنا وزمنا من الخارج ....

Post: #65
Title: Re: رأسماليّة الدولة...رأسماليّة الحزب!
Author: Adil Al Badawi
Date: 08-07-2009, 10:33 PM
Parent: #64

أشكرك يا باشمهندس على تنبيهي إلى كتاب التجاني عبد القادر فذلك كتاب يلزمني الاطلاع عليه وإن كنت لا أجد نزاع الاسلاميين (بالاشارة إلى رأسمالية حزبهم "الشامل" ورأسمالية الدولة التي خلقوها لخدمة هذا الحزب) جوهرياً. لكن، ربما كان للتجاني عبد القادر وغيره نظر أبعد.

تحياتي

Post: #66
Title: حلم الدياسبورا عيش برّة...أها، الشي فد مرّة؟!
Author: Adil Al Badawi
Date: 08-16-2009, 12:29 PM
Parent: #65

أنا أعي أنّ الأفكار بهذا البوست قد تبعثرت بما يدعو لاستدعاء المثل القائل: "كان غلبك سدّها وسِّع قدّها" فهل يجب علىّ أن أعتذر عن ذلك؟! أظن أنّه يكفيني أن أهتدي لقول الراوي، برواية موسم الهجرة إلى الشمال، وأقتدي به: "الدنيا تسير، باختيارنا أو رغم إنوفنا. وأنا كملايين البشر، أسير. أتحرّك، بحكم العادة في الغالب، في قافلة طويلة تصعد وتنزل، تحط وترحل. والحياة في هذه القافلة ليست كلّها شرّاً. أنتم ولا شك تدركون ذلك."

أنتم تدركون ذلك وحتماً تدركون ما وراء ذلك: أن ذلك قولٌ أمهّد به لأقوالٍ وأقوال. وعلى سبيل المثال، فقد قال زميلنا بالمنبر، الطيب شيقوق، مخاطباً زميلتنا بالمنبر، "وضّاحة":
Quote: "انتي يا سجم الرماد اكان عندك عقارات زى دى العاجبك في الغربة شنو"
فردّت قائلة:
Quote: يا خى ما دا فهم السودانين

قلت لى اضرب الطيبات واقرى الجرائد لما يجيك هارد اتاك او مرضى السمنة

انا عندى الحمد لله ما يكفى لجنا جناى زى ما بتقول حبوبتى لكن عاوزة اعيش فى بلد نطيفة فيها الانسان انسان له حقوق وواجبات مقدرة

بشتغل فى وظيفة لو خدمت لماشيبت مااحلم بمرتبها فى السودان حياة لما ازهج من الروتين القى مكان اتنفس فيه او اخش فى الترينق سود بتاعي و اجرى الكورنيش

اعلم اولادى تعليم ممتاز علاج فرى ممتاز اركب احسن سيارة عايشة الحمد لله فى بيت فيلا فيها سبعة غرف تكيف مركز الكهرباء متوفرة 24 ساعة جواز بريطانى اسافر اى مكان فى العالم

دى الحياة


فى السودان فى حياة مع الجرادل ديل


انت بس شنق طاقتك دى واحلم لما يجيك كشة ترجعك السودان وتخلى وخشمك ملح ملح

وذلك قول ربّما كُتِبت له حظوة النجاة من هجمات الهكر وأغلب الظنّ أنّه هلك لكنّه لمس حلم عودة الدياسبورا السودانيّة إلى "أرض الوطن" في عصبٍ أحسبه حسّاساً إذ أجاب على السؤال، المعلّق بعنوان هذا المقال، بحزمٍ كاد أن يقتفي نسق خُطَب مارتن لوثر كنج، أن: Yes, Sir وبترجمتي "أي، نعم" وقيل "بالحيل"!

سبب هذه الاجابة القاطعة، عندي، بسيط وذلك لأنّ معظم الدياسبورا السودانية، في تقديري، تتبنّى تلك النسخة الفرديّة من الحلم الأمريكي التي تتمثّل في وجود فرصة بمكان "دسبرتهم" لتحقيق نوعٍ من النجاح لا يتوفّر (كماً كان أو كيفاً) بمكان "دبرستهم" حيث خطيئة الفشل على قفا من يشيل. الفشل الذي يزعم هذا المقال أن هذه الدياسبورا تحاول تفاديه هو ما يقابل أنواع النجاح التي يتضمّنها حلمٌ ما.

تعتبر جينيفر هوشايلد، مؤلّفة كتاب Facing Up to the American Dream: Race, Class, and the Soul of the Nation، أنّ أنواع النجاح المرتبطة بالحلم الأمريكي ثلاثة:

1. مطلقُ نجاحٍ وذلك يقتضي تحقيق مَدخلٍ إلى حالة من الهناء أعلى من تلك التي بدأ عندها الساعي للنجاح وإن كانت هذه الحالة ليست بمستوىً "يهبِّـل".
2. النجاح التنافسي ويقتضي تحقيق انتصار (عديييل كدا) على شخصٍ آخر (أي، إن نجاحي يعني فشلك).
3. النجاح بالقياس وذلك أن تكون في حالٍ أفضل بالمقارنة بحالٍ آخر مثل حالك في طفولتك، حال الناس بمكان "دبرستك"، حال عرقٍ أو نوعٍ أو شخصٍ يمكن أن تقيس مدى نجاحك مقارنة بدرجة نجاحه.

ربّما إنّ الحلم بتحقيق نوعين (على الأقل) من أنواع النجاح المذكورة في أعلاه من المشروع من الأحلام لكن، للأسف، هذه المشروعيّة لا تكفي فتحقيق النجاح، أيّ نجاح، يتطلّب أحلاماً راسخةً وبطولات. أمّا المأساة، فيما يخص الدياسبورا السودانيّة تحديداً، فتتمثّل في إنّ ما يجعلنا نقول باستمراريّة "دسبرتها" إلى الأبد هو أنّ سبب خروج معظم هذه الدياسبورا هو هذه الأحلام الراسخة! واليقين بـ"بالحيل" حلم هذه الدياسبورا في العيش برّة وفَـدْ مرّة ينبع من أنّ مناورة سودنة هذه الأحلام تبقى محفوفةً بمخاطر "البطولة" الكامنة في أن تهجر هذه الدياسبورا مكان "دسبرتها" مجازفة للانخراط في المشاركة (من أول وجديد، لهم ولذريّاتهم) في السباق الدائر بمكان "دبرستهم". أي، "البطولة" الكامنة في أن تقدّم هذه الدياسبورا أحلامها قرابين بين يدي "الوطن" فيما "الوطن" الأسير قد استسلم وقَـبِل (واللّي كان كان) قرابين آسريه وإن كانت فوهة البندقيّة مصوّبة إلى صدغه. وبما إنّ الدياسبورا قد فترت ذاتو من قصّة القرابين دي، فربّما إنّ السباق الدائر بمكان "دبرستها" قد أضحى شهراً ما عندها فيهو نفقة فهو سباق كان، أصلاً، الداعي إلى "دسبرتهم" وهو السبب في أن أضحت بسطامهم هي محل تلك الدسبرة لا العكس.

طيب. مافي خيارات؟! بالعدم كدا، مافي استثناءات؟!

والجواب أن بلى في! إذ قد تُفني النوستالجيا حلماً وقد تخلق حلماً من عدم وفي كلٍّ شيءٌ من بطولةٍ وشيءٌ من مأساة فلتحلم الدياسبورا ما وسعتها الأحلام ولتنشد البطولات ما أمكنها أن "تتجوعل" فأنا (دياسبورا ذات نفسي) ليس في وسعي إلاّ أن (أحذّر!) حشود الدياسبورا من المأساة المختبئة في سلّة أمتعتهم المشكّلة من حلم وبطولة العودة (الطوعيّة أو القسريّة) المحمولة بمركب النوستالجيا. ولكي أُجيد هذا التحذير، فإنّه يلزمني أن أستعير لسان مهاجرٍ ايطالي خاب ظنّه في "الدنيا الجديدة" وأُسقط في يده حين تمنّعت عليه قطوفها الدانية فقال: "لقد وصلت لأمريكا متصوّراً أن الطرقات معبّدة بالذهب لكنّني علمت ثلاث حقائق: أنّ الطرقات ليست معبّدة بالذهب وأنّها ليست معبّدة أصلاً وإنّما المطلوب منّي أن أعبّدها"

ويلكام "هوم" براظرز آند سيسترز...ويلكام "هوم"! فقد أوصى، على أي حال، (العائد؟!) مصطفى سعيد الراويَ، برواية موسم الهجرة إلى الشمال، خيراً بولديه ومضى إلى القول: "...وأن تجنّبهما ما استطعت مشقّة السفر. جنّبهما مشقّة السفر." كما وأوصاه أن يساعدهما على ادراك حقيقة أمر أبيهما ليس هادفاً إلى أن يحسنا به الظن (بطولة!) إذ لم يهمّه ذلك كما لم يهمّه إن أحسّا نحوه بالرثاء (مأساة!) أو حوّلاه بخيالهما (حلم!) إلى بطل وإنّما يهمّه (تفادي المأساة؟!) أن لا تطاردهما حياته من وراء المجهول "كروحٍ شريرة تلحق بهما الضرر". ذلك مصطفى سعيد الذي استجاب لنداءٍ مبهم (أهو نداء النوستالجيا؟ أهي نوستالجيا أم مقلوب نوستالجيا؟!)، في روحه وفي دمه، يدفعه إلى مناطق بعيدة فإن لم يتسنَّ له تجاهل ذلك النداء فقد فعل ما في وسعه ليتجنّب أن ينشأ ولداه "أحدهما أو كلاهما وفيهما جرثومة هذه العدوى، عدوى الرحيل".

أنا أزعم أنّ غاية أحلام معظم الدياسبورا السودانيّة هي في البطولة الكامنة في الكدح من أجل أن نتجنّب تكرار ذات مآسينا في حياة أبنائنا وهيهات فالجرثومة الناتجة عن خليط مثل هذه الأحلام والبطولات والمآسي تُورّث شاء مصطفى سعيد أم أبى وكلّنا، في ذلك، مصطفى سعيد والسعيد من أدرك أين يختبئ الخيط الرفيع بين الحلم والبطولة والمأساة في "دسبرته" وأين تختبئ الحكمة ترياق هذا الهمِّ ودواء هذا الداء العضال!

أمّا أنا فكم وددت لو أنّ شرور هذه الدسبرة تنشغل برهةً عن كاهلي فأُحظى بقراءة (معاصرة!) متأنّية لرواية موسم الهجرة إلى الشمال أدرس على ضوئها حزمة الحلم والبطولة والمأساة الكامنة بمنظومة "الوطن الافتراضي" و"الوطن الحقيقي" ومشقّة السفر فيما بينهما لكنّ تلك قصّةٌ...فهل هي أخرى؟!

Post: #67
Title: كلينتون بكينيا وعلى ضفاف السين وجيم: عن الفساد والاصلاح والحكم الرشيد
Author: Adil Al Badawi
Date: 08-19-2009, 04:07 PM
Parent: #66

ظهر الفساد في بر كينيا وبحرها وما جاورهما وسيطر على الشرطة والسلطة، قضائية كانت أو تنفيذية، فتفشّت "المأكلة" بما كسبت أيدي الناس وبما لغفت ممّا تيسّر وممّا تعسّر من المال السايب فكان أن استقبلت جامعة نيروبي وزيرة الخارجيّة الأمريكية، هيلاري كلينتون، بلافتة تعلن أن "هذه منطقة خالية من الفساد". كلينتون نفسها ما قصّرت فردّت التحيّة بأحرج منها إذ أوردت النكتة المعبّرة عن مدى عمق الفساد بكينيا أن "إذا كانت لديك مشكلة بكينيا فـلِمَ تستأجر محامياً في حين يمكنك شراء ذمة قاضٍ"

هذا التبادل المأساملهاوي لقضيّة الفساد بكينيا لم ينزل هديّة من السماء تزوغ بها كلينتون من البؤر الساخنة بكينيا وبجاراتها (وإن لم تنبس ببنت شفة، على الأقل في برنامجها بجامعة نيروبي، عن السودان) كما لم يشكّل ذلك التبادل طوق نجاة للوزيرة الممطورة بسينات الحضور التي اضطرّتها، ساعيةً للحصول على جيمات لبعضها، أن تستنجد بالمحكمة الجنائية الدولية على الرغم من عدم توقيع بلدها، الذي أوفدها سفيرة إلى هذا الكوكب، على مواثيق انشاء تلك المحكمة كما واضطرّت تارة إلى التشبّث بمصكوكة "الديمقراطيّة اللا ليبرالية" (أنظر الاقتباس في أدناه) وكادت، تارة أخرى، أن تلوّح بـ"الحب القاسي" المتمثّل في حجب المعونة عن الدولة الأفريقية بدعوى "عليّ وعلى أولادي وعلى أولاد الكلب الحراميّة".

ما تستعجلوا على رزقكم فرابط اللقاء المذكور راجيكم بآخر هذا العرض لكن يجب على العرض أن يؤدّي بعض أغراضه أوّلاً ومن ذلك اهتمامي برد كلينتون (هل هو رد كلينتون أم رد بلد كلينتون؟) حول آليات نزاهة الانتخابات وما ذلك إلا لأنّ كينيا تبلُّ رأسها حين زيانة السودانيين لرأسهم بموس الانتخابات (الميتة؟) ببلدهم لا العكس فربّما إن زانت انتخابات السودانيين (بالآليّات التي تعوّل عليها كلينتون في ذلك)، زانت انتخابات الكينيين في العام 2012 وإن كادت كلينتون أن تعلّق على ضمان نزاهة الانتخابات قائلةً: "الضمان، يا ولدي، ضمان ربّ العالمين":
Quote: QUESTION: My name is Martin Allo (ph) from the (inaudible) side of Kenya. I just wanted to stay with the issue of free and fair elections a bit, and perhaps ask you to clarify what the American position is, because we've seen in the recent past, beginning with Kenya, that we're seeing less and less free elections, and then followed by Zimbabwe. In Kenya, we saw American position falter a little bit, first recognized and then retract. In Zimbabwe, there seemed to be a very clear stand that there wasn't trust that Mugabe was going to do a free and
fair election from the first instance.X

And so it seems to me that once that has gone, we seem to see the same situation in Zimbabwe, power sharing in Kenya, power sharing. And there seems to be a silent (inaudible) he has to do with business with these, and that seems to be questioning the very idea of democracy. I'm wondering we can actually have some variations of democracy. Should we be expecting that American position will be very clear and very straight, that we cannot have anything less than free and fair elections? Thanks.X

SECRETARY CLINTON: Well, let me say three things about that. As some of you know who have followed Fareed's work, he coined the phrase "illiberal democracy." Elections are held, they can be free and fair, they can be unfree and unfair. But what happens is someone gets elected and then they basically begin to dismantle the building blocks of democracy: cracking down on the press, cracking down on the judiciary, employing corruption instead of merit. You know all of the aspects of that.X

So clearly, it is not only our policy, but it is our intent to do everything we can to ensure as free and fair elections as possible. And there are many vehicles for doing that. I mean, the United States has groups that work to provide technical assistance and monitoring of elections. The European Union does. The United Nations does. There are a lot of different ways that we can participate with the Kenyan Government and Kenyan civil society to ensure that the elections are as free and fair as possible.
X

Once an election is held, of course, there is always the problem of winners and losers. And sometimes in a free and fair election, those who lose feel aggrieved and create foment within society, and their followers will never believe the election was free and fair, even if it was. We have a little experience of that ourselves, going back to our 2000 election where there was a lot of real pent-up rejection on the part of many Americans.X

So holding elections that have credibility is something I believe every country owes its citizens. And I often look to India. Now think about India; this huge democracy with very hard-fought elections, and in the last 20 years, going back and forth between the Congress Party and the BJP. But they have figured out how to run an election where the result can be surprising and unpredicted but accepted. They moved elections into a civil service body that is immune from politics. They used - they were one of the very first to use computerized elections; 450 to 500 million people vote, many of whom are illiterate, but they have figured out a way to convey the basic message about who the people are running for office. I said, only half-jokingly, after our problems with our 2000 election and then our 2004 election and some of our constituencies, that we should outsource our elections to India. (Laughter.)X

But there are models around the world. And there are lots of ways for civil society to look at the best practices, work with the university and the scientists and researchers and political scientists and others here, and say this is what a free and fair election looks like, and here are the foundational steps that have to be taken in order for it to be accepted.X

Once the election happens, though, the United States, like every government, is left with a very difficult choice. And what we historically have done, and we did it in Zimbabwe, we rejected the Mugabe election. But the people within Zimbabwe came to us and said we've got to make the best of a very bad deal. The Prime Minister Tsvangirai was in Washington. The President and I met with him in the Oval Office. He said, look, this is very difficult for me. You're in government with people who've tried to kill you and your associates for years. But this is for the best of the people of Zimbabwe, so please help us.X

That puts us in a very difficult position. We don't want to legitimize what was a wrong election. We don't want to do anything that helps Mugabe and his supporters, because we reject their illegitimacy - we believe that about them. But when the people who have been on frontlines struggling come to you and say, please help us, we're not going to turn away. We're going to try to be thoughtful and careful and not - we said we'd help them on - helping farmers get their fields back in shape and get their crops in, and we would try to pay the schoolteachers directly. Because we heard from the reformers inside the government that they actually had a reformer minister of education who began to survey. The schools were in total disarray, the teachers had been scared off, the children no longer came. And one of the first things that this minister received was a telephone call from President Mugabe's office telling the minister to come pick up his new Mercedes Benz. He said, "I don't need a Mercedes Benz. I need teachers and schoolbooks."X

So this is a very difficult evaluation. So understand how we try to work though this.X

MR. ZAKARIA: But if I may just press the question of - what he seems to be suggesting is is the message being sent out to African leaders is rig the election, refuse to leave power, and eventually there'll be some kind of grand coalition which you're a part of. (Applause.) And if you look at the Kenya Government, it's 94 ministers, each drawing a salary of about $15,000 a year, which in Kenya is a fairly large sum of money, bound together in a kind of mutual compact of greed and corruption. Is that going to solve the problems of the country? (Applause.)X

SECRETARY CLINTON: No, it is not. It is not going to solve the problems of the country. But I guess my message is that the United States cannot solve the problems of Kenya. And that as a government with many interests, and particular interest in the well-being and the future of the people of Kenya, and hopefully future leaders among this audience, we can take a position, like we have from time to time, where there is absolutely no pretense of democracy and we can have no diplomatic relations and we can have sanctions. But we don't think that's an appropriate response in a situation like this.X

Politics is better than conflict. So even if you don't like the political outcomes, because people have figured out ways to work with those against whom they have been involved in politics or even who they don't believe have the best interest of the country at heart, it is not up to the United States, I do not believe, to say, well, we won't work with you. It is up to us to do what we are doing, what the President has done, what I have done on this trip, which is to say we expect so much more of you, we believe in you and your potential.X

But we cannot dictate to you who you have in your government. You have to determine how to influence and change this government, and do not be deterred by the difficulty of it. I think that is our message, Fareed, because we have a lot of very strong connections with Kenya. We want to continue supporting this university. We don't want to say, well, we don't like the government so we're not going to support the university. I don't think that's a very smart conclusion to draw.X

http://allafrica.com/stories/200908070853.html

"الكينيين" ما بعرفهم لكن لعلّ الممارسة النزيهة التي يُرجى أن تؤدي إلى تداولٍ سلمي وحضاري للسلطة بحيث تنشأ دولةٌ تحارب الفساد والمحسوبية وقلّة الحياء وتعمل من أجل ترسيخ مبادئ الاصلاح والمحاسبة والحكم الرشيد، لاسيّما في سودان الانتقال من فلاة النزاعات إلى ديار التعايش السلمي، هي "ست شموس الكون" التي ظلّ السودانيّون يغنّون تحت نافذتها بالرجاء الحار الحميم وبغزير التوسّل أن:

ست شموس الكون منايا
ليك مسافر ومن كتير الزاد مسافر بى غنايـا
نوصل الشمس البعيدة
نبقى عيدا
نزرع الحب البيوقد
للنهاية...للنهاية...للنهاية

نهايتو: الغُنا في رقبتو ما بناباهو لكن هل تتوسّط لنا الوزيرة كلينتون عند أوباما ليسلّفنا، علاوة على الرجاء والتوسّل المتوسّط غُنانا، شيئاً مما أشارت إليه الوزيرة من مخزون أوباما من الأمل نتّخذه جكّةً نساعد بها ما ذرفنا من دموعٍ على أبواب التماسيح أم إنّ الفيهو (تأسيساً على بعض أقوال وزيرته وشذرات من هنا وهناك) اتعرفت!

أم إنّه يظلّ الأفضل لنا أن نتوكّل على نكتة الوزيرة كلينتون: “that we should outsource our elections to India” فنأخذها مأخذ الجد؟!..."ومالو"! (وقيل، "واي نوط"!) ثمّ قيل "كيو نيهي"!

Post: #68
Title: Re: كلينتون بكينيا وعلى ضفاف السين وجيم: عن الفساد والاصلاح والحكم الرشيد
Author: Adil Al Badawi
Date: 08-27-2009, 11:27 AM
Parent: #67

إنّه لمن المخجل أن يبادر المرء إلى الشكوى من ثِقَلٍ بكاهله ("المضرج"، أصلاً، "بالخجل") سببه عدم الوفاء بالوعود وتكرار القاء المعاذير. هذا المرء هو أنا، لا أحد غيري.

ومع إنّه "لا يضارَّ كاتب ولا شهيد"، بنصِّ الكتاب، فإنّني فترتَ تَبْ من محاحاة هذا الكتاب وأخشى إن أنا واصلت فيه أن أنتهي إلى كتابةٍ أو شهادةٍ شذر مذر لا تليق بمقصد الكتاب ولا تضيف إلى مبحثه. الأولى لي، إذن، أن أصل بهذا الكتاب إلى خاتمة. ومع إنّه ليس ثمّة خاتمة لما ظلّ هذا البوست بصدده؛ فإنّ عزائي/أكم، إن كان "أكو" عزاء فيما نحن فيه من عصر العذاب وعذاب العصر، أنّ البلابل ما فترت بعد من الغناء من أجل الحريّة ومن أجل الانعتاق من عبوديّة العقل. فإلى الغناءِ، إذن، وإلى اللقاء: