عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء

عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء


09-08-2006, 02:46 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=233&msg=1188365209&rn=0


Post: #1
Title: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-08-2006, 02:46 PM

* مدخل: الدكتور عبدالله علي ابراهيم من كتابنا الكبار المنشغلين بالقضايا الكبيرة.. وهو يتابع الحراك

الفكري السوداني بكثير من الجدية والموضوعية.. وبسبب ما اثير وما يثار الآن حول مدرسة الغابة والصحراء،

وخاصة بعد مقالته التي جاءت في ذات الصدد في كتابه (الديمقراطية في السودان).

* لقد كنت شاهداً على ميلاد (الغابة والصحراء).. ولم تقل فيها رأياً.. إلا الآن، في كتابك (الديمقراطية في

السودان).. لماذا الآن؟

- ربما كانت الدعوة بالنسبة لي تجد قبولاً، فالمعادلة القائمة بين العروبة والافريقية، التي جاءت بها الغابة

والصحراء كانت مناسبة من زاوية ثقافية، وكنت عرضة للتأثر بالمصادر الاولى لنظرية الغابة والصحراء،

المتمثلة في كتابي (ترمنجهام) (الاسلام في السودان) و(ماك ما يكلز) المتمثل في (العرب في السودان). فقد كنت

ابن هذه البيئة الثقافية، قابلاً لفرضياتها، وبالتالي لمنتوجاتها، وخاصة وهي تصدر من زملاء رفاق تدافعنا

بالمناكب لاعلاء حقيقة السودان. حدث تطور هائل، وتطورت المسائل بالزمن واصبح موضوع الهوية اكثر من معادلة

ثقافية رائعة وجميلة. فقد دار حولها صراع سياسي معلوم، وتفرجت بالدم ولم تشفع لنا رايات الغابة

والصحراء كمصالحة اساسية بين العروبة والافريقية، ومن اتهام الشماليين بكل قبيح وذنب وتقصير. فالنظرية التي

لا تغطي صلبها تعرض نفسها للمسائلة والجرح والتعديل. فهي لم تقنع الحركة القومية الجنوبية بسداد انسان

الغابة والصحراء كمنتوج نهائي جميل ومريح للسودان. ومن هنا افترق طريقي مع اهل الغابة والصحراء. وبدأت

انظر في الينابيع الثقافية والنظرية والمعرفية لمدرسة الغابة والصحراء. وبدأت بنقد كتابي (ترمنجهام

وماك مايكل). وقع طلاق البينونة بيني وبين المدرسة (الغابة والصحراء). ولم انكر في يوم من الايام ان شعرها

من اجمل ما تقرأ من الشعر. بل واكاد استشهد به من غير انقطاع. ولكن الشعر شئ. واعذب الشعر اكذبه.

والمعارف حول هوية السودان التي اصبحت موضع حرب وفداء ودم.

* إعادة قراءة ما اعتبرناه مسلمات في بنية الثقافة القومية هو الآن ضرورة حضارية.. كيف؟

- مما نظرت فيه.. مما سلمنا به ان اسلام السودان، هو اسلام صوفي شعبي. وان الاسلام العقدي الاورثوذوكسي سطحي

التأثير على اسلام السودانيين. وهذا الاسلام الشعبي الصوفي هو اسلام مصاب بقدر كبير من الوثنية الافريقية.

فهذا هراء.. وهذا سوء ظن بافريقيا لا حصر له، بمعنى ان الافريقي ليس بوسعه لان يصبح سوى مسلم سطحي جداً..

وان وثنيته تركبه كالبغال. وانا لا ادعوه للتخلص عن وثنيته اذا شاء، ولكن متى قرر الافريقي ان يكون

مسلماً، فليس هناك سقفاً لاسلامه سوى السماء. واذا نظرت الآن في ادب الغابة والصحراء والادب المتصل بهوية

السودان، تجد هذه النظرية (الترمنجهامية) فاشية. قررت ان اراجع هذه المسلمة وعلى ضوء نظريات ناقدة في

موضوع التحول والاسلام وفي مسألة الاسلمة والتنصير في افريقيا، وفي مسائل الهجين الثقافي والمثاقفة. فلم اجد

سبباً للقول بان الاسلام الافريقي هو بالجزم اسلام مشوب بوثنية عالية. فاذا نظرت الى المجادلات العادية في

المجالس تجد من يقول لك ما بال هؤلاء الاسلاميين يتشددون في الدنيا وديننا السمح خال من العقيدة، افريقي

قلق، شعبي. وهذه الفرضية تشدك إلى نظرية (ترمنجهام) وهو بالمناسبة مبشر. فانظر كيف يستولى مبشر على

افئدة وعقول صفوة، هي من المفترض ان تكون سدنة للثقافة. ومن شأن السادن ان يمنع تبخيس الثقافة.. اي

ثقافة الترخيص.

* الغابة والصحراء.. أهي مسعى لإيجاد نظرية في الشعر السوداني.. أم هي بحث سياسي في الهوية.. أم ماذا

تراها انت؟

- هي شاغل ثقافي بمعنى واسع، داخله فيه السياسة. السياسة فيه مشتهى سمح. هي خرجت من جيل مفعم باليسارية

السمحة. من بابلو نيرودا وناظم حكمت وهمنجواي والشرقاوي واليوار. كان ذلك زمان الاشواق العجيبة. فلا يصح

ان ننظر الى شاغله هذا بمنظار اليوم، حيث ترخصت السياسة واصبحت لؤماً خالصاً وعنفاً خالصاً ولعبة ثلاث

ورقات خالصة. لا تصح مثل هذه المحاكمة لجيل الغابة والصحراء بمسطرة السياسة اليوم والثقافة اليوم. كانت

كل هذه الاشياء هي نشاط ذهني وعصبي ورؤى. اختلطت عندهم الممارسة بالتنظير وكانوا محض شوق الى (الوجود

المغاير). هذا من باب محبتي لهم ومن باب عضويتي بناديهم. فالسؤال حول الطبيعة السياسية أو الثقافية

لشاغلي جيل الغابة والصحراء لا مكان لها في اعراب الزمان. هذا جيل كامل الدسم. هؤلاء كانوا ناراً مختلفة،

وكانوا طاقة اخرى.. النور عثمان وصلاح انظر مكي يرثي المجذوب ويتكلم عن انفصال الصندل عن الجمر.


* لا بد من نقد العقل السوداني وتخليصه من الاوهام.. كيف ترى المسألة؟

- هناك محلية سودانية. اعتقد انها ستكون محصلتها الاخيرة الهبل الفكري. ومفاد هذه المحلية اننا سودانيون.. لا

عرباً قطعنا.. ولا افريقياً ابقينا. ونحن سودانيون تقال بفخر فاخر. هذا تبسيط على طريقة (خلوها مستورة).

هذه تبعات وهذه مسئولية. ان تنتسب الى العرب أو إلى أفريقيا ولا تشطب نفسك من هذه التبعات ودوائرها

المستحكمة بجرة قلم. فليس هناك محتوى لهذه السوداناوية لايستمد مادته من هذه الانتسابات. فلنقل نريد ان

نقرر منهجاً للشعر في مدرسة ثانوية. كيف سنسترشد بهذه السوداناوية اذا نجحت هذه السوداناوية في هذا المنهج

اشتبكنا مع حقائق العروبة السودانية.. مثلاً العباسي أو عبدالله عبد الرحمن.. أو الحقائق الافريقية.. محمد

الفتيوري.. أو كل فكرة قومية في الادب السوداني - أو عبد الحي بارثه الغربي العجيب. أو صلاح أحمد إبراهيم

بمنازعه الاشتراكية العريضة. كيف ستخلص الى سوداناوية من هذا الارث. السوداناوية حالة من السأم. هي ارخص

ليالي.

* هناك من يرى ان البذرة الأولى لفكرة الغابة والصحراء.. زرعها الانجليز في اضابير كلية غردون.. فهي جاءت

من هناك؟

- إذا امتد مثل هذا التعليل الى النوايا من كتبوا على نهجها أو اقتنعوا، فإنني اعتقد ان هذا من سوء

الظن. فليست هي دساً ثقافياً، ولكن بالطبع استقى هؤلاء الشعراء معظم اشعارهم الرئيسية لتبويب الغابة

والصحراء من الكتابين المذكورين اعلاه (ترمنجهام وماك مايكل) وادبيات مجلة السودان في رسائل ومدونات. هذا

ما استمدوا منه وحيهم. ولا اقول دساً. اما العاطفة والشعر فحسابهما آخر. فهي قد مازجها ولع غير عادي

بالبلد السودان، وضعت ورضعت لبان اليسار وسعت للتآخي السوداني بطريقتها وهو تأخ قائم على نموذج انسان

سنار، كما سميته في المقالة. معنى ذلك ان العرب والافارقة في السودان سيختلطون وسيتولد منهم الانسان

السناري المرموق الممتاز. وكانت سنار واحدة من ملهمات هؤلاء الشعراء. وكانت سنار السلطنة الزرقاء من

الملهمات اعجبهم فيها افريقيتها واسلامها معاً، وتحالف دنقس وجماع. اريد ان اعقد الصورة. .صورة الغابة

والصحراء حتى لاتندرج في سائر الهجائيات لانها المحاولة الثانية بعد محاولة محمد أحمد المحجوب للحفر في الهوية

السودانية. بالقدر المتاح من المصادر والموجبات والعاطفيات لبناء صور مثقفة لسودان جديد.

* في بحثنا عن الهوية، نتخذ عدة طرق.. نحو الزنوجه أو العروبة.. أو مزجاً بين الاثنين. ما هي الطريقة الاكثر

استقامة؟

- ليست هناك معادلة ذهنية لفض اشكال الهوية. الهوية ليست مسألة حسابية تنتهي الى اجابة صالحة لكل زمان

ومكان. الهوية سهر مستمر وشاغل حي يستنفذ طاقة الابداع فينا باستمرار. لن يأتي يوم وقد بلغنا من امر

الهوية الاصابة النهائية. وهذا شغل مثقفين محض. ان ينشغلوا بأمر الهوية ما ازعجنا الى طلب الجواب الصحيح

للهوية، ان أمرها اختلط بالسياسة وبند التوصيات منها هذا تطفل من السياسة على شأن الهوية، بخاصة في زمن

اصبحت فيه السياسة باباً في الترهات والهرج. فأول امرنا مع الهوية ان نؤمن على انها شاغل بلا اجابة نضع

تحتها خطين اعلاناً بصحة الجواب. الأمر الثاني ان السودان ليس اقليماً لهوية واحدة، بل عرضة لتنافس الهويات.

وان نقبل ذلك بخاطر طائب، على ان نوفر لجدل الهويات هذا مناخاً ديمقراطياً منسجماً يتيح لها ان تعبر عن نفسها

بصورة كاملة. والأمر الثالث، ان نقبل حقيقة ان الهوية امرها غلب. فانظر الى طه حسين في ثلاثينيات القرن

يقول بأن هوية مصر هي هوية اوروبية.. بحر اوسطية.. فهو الذي كتب اعذب ما دون باللغة العربية في

زماننا، فقد انكر صلة مصر بالعرب، ولم ير في الاسلام حائلاً دون ان تكون مصر اوروبية. ولم يقتل احد طه حسين.

ولا ادري ما انتهى إليه طه حسين في هوية مصر في عاقب ايامه.


موضوع الهوية - بشكل عام - جرى نقاشه عندنا بصورة لا أقول سياسية، بل بصورة جاهلة، وهذا مصدر ضيقنا

بها، وطلبنا حلها بطريقة حاسمة نهائية. وهي أمـر مفتوح ومتجدد، وهذا مصدر عذوبته وابداعيته. وهذا جوهر

الثقافة.


http://www.rayaam.net/art/art1.htm

Post: #2
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 09-08-2006, 03:04 PM
Parent: #1

شكرا حيدر علي هذه المادة..التي اتحتها لنا..ونحن مابين غابة رحيل محمد طه
وصحراء حميد التي بدات في التصحر...

Post: #3
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-08-2006, 03:55 PM
Parent: #2

عبد الكريم

فعلا

ما بين محاور بارع وشاهد على (العصر)

هرولة بين عدوتين

Post: #4
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: معتصم الطاهر
Date: 09-08-2006, 05:16 PM
Parent: #1

هذا اهداء لنا

فى وقت نحتاج نقاش السودانية او السودانوية

الهوية والجهوية

العرقية والعنصرية

الســــــــــــــــــــودان

Post: #5
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-08-2006, 08:24 PM
Parent: #4

عزيزي حيدر حسن ميرغني:
شكرا على جلبك لهذا الحوار مع واحد من أهم من كتبوا عن :
الغابة والصحراء
وسأعيد نشره بصورة أخرى:
المشاء

*****
* مدخل: الدكتور عبدالله علي ابراهيم من كتابنا الكبار المنشغلين بالقضايا الكبيرة.. وهو يتابع الحراك الفكري السوداني بكثير من الجدية والموضوعية.. وبسبب ما اثير وما يثار الآن حول مدرسة الغابة والصحراء، وخاصة بعد مقالته التي جاءت في ذات الصدد في كتابه (الديمقراطية في السودان).

* لقد كنت شاهداً على ميلاد (الغابة والصحراء).. ولم تقل فيها رأياً.. إلا الآن، في كتابك (الديمقراطية في السودان).. لماذا الآن؟

- ربما كانت الدعوة بالنسبة لي تجد قبولاً، فالمعادلة القائمة بين العروبة والافريقية، التي جاءت بها الغابة والصحراء كانت مناسبة من زاوية ثقافية، وكنت عرضة للتأثر بالمصادر الاولى لنظرية الغابة والصحراء، المتمثلة في كتابي (ترمنجهام) (الاسلام في السودان) و(ماك ما يكلز) المتمثل في (العرب في السودان). فقد كنت ابن هذه البيئة الثقافية، قابلاً لفرضياتها، وبالتالي لمنتوجاتها، وخاصة وهي تصدر من زملاء رفاق تدافعنا بالمناكب لاعلاء حقيقة السودان. حدث تطور هائل، وتطورت المسائل بالزمن واصبح موضوع الهوية اكثر من معادلة ثقافية رائعة وجميلة. فقد دار حولها صراع سياسي معلوم، وتفرجت بالدم ولم تشفع لنا رايات الغابة والصحراء كمصالحة اساسية بين العروبة والافريقية، ومن اتهام الشماليين بكل قبيح وذنب وتقصير. فالنظرية التي لا تغطي صلبها تعرض نفسها للمسائلة والجرح والتعديل. فهي لم تقنع الحركة القومية الجنوبية بسداد انسان الغابة والصحراء كمنتوج نهائي جميل ومريح للسودان. ومن هنا افترق طريقي مع اهل الغابة والصحراء. وبدأت انظر في الينابيع الثقافية والنظرية والمعرفية لمدرسة الغابة والصحراء. وبدأت بنقد كتابي (ترمنجهام وماك مايكل). وقع طلاق البينونة بيني وبين المدرسة (الغابة والصحراء). ولم انكر في يوم من الايام ان شعرها من اجمل ما تقرأ من الشعر. بل واكاد استشهد به من غير انقطاع. ولكن الشعر شئ. واعذب الشعر اكذبه. والمعارف حول هوية السودان التي اصبحت موضع حرب وفداء ودم.

* إعادة قراءة ما اعتبرناه مسلمات في بنية الثقافة القومية هو الآن ضرورة حضارية.. كيف؟

- مما نظرت فيه.. مما سلمنا به ان اسلام السودان، هو اسلام صوفي شعبي. وان الاسلام العقدي الاورثوذوكسي سطحي التأثير على اسلام السودانيين. وهذا الاسلام الشعبي الصوفي هو اسلام مصاب بقدر كبير من الوثنية الافريقية. فهذا هراء.. وهذا سوء ظن بافريقيا لا حصر له، بمعنى ان الافريقي ليس بوسعه لان يصبح سوى مسلم سطحي جداً.. وان وثنيته تركبه كالبغال. وانا لا ادعوه للتخلص عن وثنيته اذا شاء، ولكن متى قرر الافريقي ان يكون مسلماً، فليس هناك سقفاً لاسلامه سوى السماء. واذا نظرت الآن في ادب الغابة والصحراء والادب المتصل بهوية السودان، تجد هذه النظرية (الترمنجهامية) فاشية. قررت ان اراجع هذه المسلمة وعلى ضوء نظريات ناقدة في موضوع التحول والاسلام وفي مسألة الاسلمة والتنصير في افريقيا، وفي مسائل الهجين الثقافي والمثاقفة. فلم اجد سبباً للقول بان الاسلام الافريقي هو بالجزم اسلام مشوب بوثنية عالية. فاذا نظرت الى المجادلات العادية في المجالس تجد من يقول لك ما بال هؤلاء الاسلاميين يتشددون في الدنيا وديننا السمح خال من العقيدة، افريقي قلق، شعبي. وهذه الفرضية تشدك إلى نظرية (ترمنجهام) وهو بالمناسبة مبشر. فانظر كيف يستولى مبشر على افئدة وعقول صفوة، هي من المفترض ان تكون سدنة للثقافة. ومن شأن السادن ان يمنع تبخيس الثقافة.. اي ثقافة الترخيص.

* الغابة والصحراء.. أهي مسعى لإيجاد نظرية في الشعر السوداني.. أم هي بحث سياسي في الهوية.. أم ماذا تراها انت؟

- هي شاغل ثقافي بمعنى واسع، داخله فيه السياسة. السياسة فيه مشتهى سمح. هي خرجت من جيل مفعم باليسارية السمحة. من بابلو نيرودا وناظم حكمت وهمنجواي والشرقاوي واليوار. كان ذلك زمان الاشواق العجيبة. فلا يصح ان ننظر الى شاغله هذا بمنظار اليوم، حيث ترخصت السياسة واصبحت لؤماً خالصاً وعنفاً خالصاً ولعبة ثلاث ورقات خالصة. لا تصح مثل هذه المحاكمة لجيل الغابة والصحراء بمسطرة السياسة اليوم والثقافة اليوم. كانت كل هذه الاشياء هي نشاط ذهني وعصبي ورؤى. اختلطت عندهم الممارسة بالتنظير وكانوا محض شوق الى (الوجود المغاير). هذا من باب محبتي لهم ومن باب عضويتي بناديهم. فالسؤال حول الطبيعة السياسية أو الثقافية لشاغلي جيل الغابة والصحراء لا مكان لها في اعراب الزمان. هذا جيل كامل الدسم. هؤلاء كانوا ناراً مختلفة، وكانوا طاقة اخرى.. النور عثمان وصلاح انظر مكي يرثي المجذوب ويتكلم عن انفصال الصندل عن الجمر.

* لا بد من نقد العقل السوداني وتخليصه من الاوهام.. كيف ترى المسألة؟

- هناك محلية سودانية. اعتقد انها ستكون محصلتها الاخيرة الهبل الفكري. ومفاد هذه المحلية اننا سودانيون.. لا عرباً قطعنا.. ولا افريقياً ابقينا. ونحن سودانيون تقال بفخر فاخر. هذا تبسيط على طريقة (خلوها مستورة). هذه تبعات وهذه مسئولية. ان تنتسب الى العرب أو إلى أفريقيا ولا تشطب نفسك من هذه التبعات ودوائرها المستحكمة بجرة قلم. فليس هناك محتوى لهذه السوداناوية لايستمد مادته من هذه الانتسابات. فلنقل نريد ان نقرر منهجاً للشعر في مدرسة ثانوية. كيف سنسترشد بهذه السوداناوية اذا نجحت هذه السوداناوية في هذا المنهج اشتبكنا مع حقائق العروبة السودانية.. مثلاً العباسي أو عبدالله عبد الرحمن.. أو الحقائق الافريقية.. محمد الفتيوري.. أو كل فكرة قومية في الادب السوداني - أو عبد الحي بارثه الغربي العجيب. أو صلاح أحمد إبراهيم بمنازعه الاشتراكية العريضة. كيف ستخلص الى سوداناوية من هذا الارث. السوداناوية حالة من السأم. هي ارخص ليالي.

* هناك من يرى ان البذرة الأولى لفكرة الغابة والصحراء.. زرعها الانجليز في اضابير كلية غردون.. فهي جاءت من هناك؟

- إذا امتد مثل هذا التعليل الى النوايا من كتبوا على نهجها أو اقتنعوا، فإنني اعتقد ان هذا من سوء الظن. فليست هي دساً ثقافياً، ولكن بالطبع استقى هؤلاء الشعراء معظم اشعارهم الرئيسية لتبويب الغابة والصحراء من الكتابين المذكورين اعلاه (ترمنجهام وماك مايكل) وادبيات مجلة السودان في رسائل ومدونات. هذا ما استمدوا منه وحيهم. ولا اقول دساً. اما العاطفة والشعر فحسابهما آخر. فهي قد مازجها ولع غير عادي بالبلد السودان، وضعت ورضعت لبان اليسار وسعت للتآخي السوداني بطريقتها وهو تأخ قائم على نموذج انسان سنار، كما سميته في المقالة. معنى ذلك ان العرب والافارقة في السودان سيختلطون وسيتولد منهم الانسان السناري المرموق الممتاز. وكانت سنار واحدة من ملهمات هؤلاء الشعراء. وكانت سنار السلطنة الزرقاء من الملهمات اعجبهم فيها افريقيتها واسلامها معاً، وتحالف دنقس وجماع. اريد ان اعقد الصورة. .صورة الغابة والصحراء حتى لاتندرج في سائر الهجائيات لانها المحاولة الثانية بعد محاولة محمد أحمد المحجوب للحفر في الهوية السودانية. بالقدر المتاح من المصادر والموجبات والعاطفيات لبناء صور مثقفة لسودان جديد.

* في بحثنا عن الهوية، نتخذ عدة طرق.. نحو الزنوجه أو العروبة.. أو مزجاً بين الاثنين. ما هي الطريقة الاكثر استقامة؟

- ليست هناك معادلة ذهنية لفض اشكال الهوية. الهوية ليست مسألة حسابية تنتهي الى اجابة صالحة لكل زمان ومكان. الهوية سهر مستمر وشاغل حي يستنفذ طاقة الابداع فينا باستمرار. لن يأتي يوم وقد بلغنا من امر الهوية الاصابة النهائية. وهذا شغل مثقفين محض. ان ينشغلوا بأمر الهوية ما ازعجنا الى طلب الجواب الصحيح للهوية، ان أمرها اختلط بالسياسة وبند التوصيات منها هذا تطفل من السياسة على شأن الهوية، بخاصة في زمن اصبحت فيه السياسة باباً في الترهات والهرج. فأول امرنا مع الهوية ان نؤمن على انها شاغل بلا اجابة نضع تحتها خطين اعلاناً بصحة الجواب. الأمر الثاني ان السودان ليس اقليماً لهوية واحدة، بل عرضة لتنافس الهويات. وان نقبل ذلك بخاطر طائب، على ان نوفر لجدل الهويات هذا مناخاً ديمقراطياً منسجماً يتيح لها ان تعبر عن نفسها بصورة كاملة. والأمر الثالث، ان نقبل حقيقة ان الهوية امرها غلب. فانظر الى طه حسين في ثلاثينيات القرن يقول بأن هوية مصر هي هوية اوروبية.. بحر اوسطية.. فهو الذي كتب اعذب ما دون باللغة العربية في زماننا، فقد انكر صلة مصر بالعرب، ولم ير في الاسلام حائلاً دون ان تكون مصر اوروبية. ولم يقتل احد طه حسين. ولا ادري ما انتهى إليه طه حسين في هوية مصر في عاقب ايامه.

موضوع الهوية - بشكل عام - جرى نقاشه عندنا بصورة لا أقول سياسية، بل بصورة جاهلة، وهذا مصدر ضيقنا بها، وطلبنا حلها بطريقة حاسمة نهائية. وهي أمـر مفتوح ومتجدد، وهذا مصدر عذوبته وابداعيته. وهذا جوهر الثقافة.

Post: #6
Title: الاستعارات الثقافية
Author: osama elkhawad
Date: 09-08-2006, 11:30 PM
Parent: #5

سأعود للتعقيب على هذا الحوار القيِّم،
لكن في هذه العجالة أحب ان اقول،
أن عبد الله علي ابراهيم لم يتحدث بشكل واضح عن الكنايات الثقافية
وهي من انتاج الخطاب الامريكي في ما يتعلق بالتعدد الثقافية.

والقراءات الخاطئة للغابة والصحراء ،نتجت عن اهمال الحديث حول تلك الكنايات.
وسأعود،
كان الله هون
المشاء

Post: #7
Title: Re: الاستعارات الثقافية
Author: osama elkhawad
Date: 09-09-2006, 01:32 AM
Parent: #6


قيمة بسط هذا الحوار الآن،
لا تتأتّي فقط من القيمة المعرفية للحوار،
و انما انه يضيئ بعضا من الحوارات الاسفيرية ،
التي دارت في الايام السابقة حول :
الغابة والصحراء

كما انه يساهم في النظر لما حاول ان يروِّج له شاعرنا الكبير :
محمد المكي ابراهيم
حول ما طرحه البعض،
باعتباره فتحا جديدا،
في النظر الى الغابة والصحراء
كما يرى شاعرنا الكبير،
من خلال الحديث حول الغابة والصحراء باعتبارها:
Quote: ناظما جماليا للثقافة السودانية
.

و ما كنت احسب ان شاعرنا الكبير،
سيتورّط في مثل هذا الأمر ،
الواضح للعيان .

وسنعود لذلك ،
كان الله هوّن
المشاء

Post: #8
Title: حوار
Author: mohmmed said ahmed
Date: 09-09-2006, 01:40 AM
Parent: #1

شاهدت اول امس حوار جيد مع د عبد الله فى تلفزيون السودان

Post: #9
Title: Re: حوار
Author: osama elkhawad
Date: 09-09-2006, 01:46 AM
Parent: #8

عزيزي محمد
كيفك ،
و كيف العيال؟
و أم العيال؟
هل يمكن ان تقدّم لنا تلخيصا له ،
لو كان في امكانك ؟
محبتي
تحياتي للبنى و العيال
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #10
Title: حوار
Author: mohmmed said ahmed
Date: 09-09-2006, 01:59 AM
Parent: #1

شاهدت اول امس على شاشة الفضائية السودانية حوار ممتع مع د عبد الله
تحدث عن مفهوم الصفوة وان لكل جماعة صفوة
قال ان فكرة البرج العاجى فكرة هامة للصفوة بمعنى الانقطاع وعدم الانغماس فى اليومى
وعبر عن مفهوم الخلوة والجلوة
والخلوة ضرورية للمفكر حتى يتامل ويدرس ويبحث وشبه بخلوة الصوفى وانقطاعه للتامل والتفكير والعبادة ثم تاتى الجلوة وهى نتاج الخلوة تظهر فى الحوار وفى نتاج ما يبشر به من افكار
سخر من فكرة الشارع فاتح فى الجامعة والجامعة فاتحه فى الشارع
وقال ان الجامعة يجب ان تحفظ كمكان للدرس والبحث
تحدث عن موضوع الهوية وقال يحق لكل مجموعة لها لغة خاصة وحتى لو تكلم بها عدد بسيط ان تتاح لهم فرصة المحافظة على لغتهم وان تدعمهم الحكومة
تحدث بشكل جيد عن موضوع الهوية وقال انها فى حالة سيرورة وتخلى عن عبارته المتهكمة الخلعاء والتى طالما ما استخدمها فى كل حديث له عن الهوية
تحدث ايضا عن مفهوم اعادة التفاوض حول الوطن وقال انه عند الاستقلال طالب ايناء الجنوب باعادة التفاوض حول الوطن ولم نستجيب لهم
تحدث ايضا عن المثقف العضوى عند غرامشى
تحدث د عبد الله فى الحوار بروح المفكر والمثقف الاستراتيجى ووصفه بانه يرمى بعيد
خلا الحوار من لواعج د عبد الله السياسية التى يتزلق فيها الى المواجع فتتوه البوصلة
ادار الحوار بسلاسة طارق كبلو وكان موفقا
د عبد الله كان منشرحا ومتدفقا فى الحديث واختفت عيوب التاتاة والضحكات العصبية
تصالح د عبد الله مع نفسه فى الحوار وهو يتحدث كمفكر ومثقف محايد

ملاحظة
تناولت الافكار من ال>اكرة ولم التزم بما قاله حرفيا

Post: #11
Title: Re: حوار
Author: osama elkhawad
Date: 09-09-2006, 02:05 AM
Parent: #10

شكرا محمد على هذا التلخيص
المشاء

Post: #12
Title: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية"
Author: osama elkhawad
Date: 09-09-2006, 03:09 AM
Parent: #11

نقلا عن الشاعر الكبير:
محمد المكي ابراهيم
أورد الاستاذ قوي الأتي:

Quote: فى كل الأحوال ثبتت الغابة والصحراء بوجه منتقديها والمشنعين عليها واستطاعت ان تجد أنصارا بين الأجيال اللاحقة وأخص بالذكر نموذجا متفردا هو الأديب الناقد المحقق الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا الذى لم يقف عند حدود التأييد والإجترار
وإنما مضى قدما ليضيف إلى الصرح لبنات جديدة ، أملى أن تتحول الى طوابق وأروقة
فى هيكل هذا البناء وفى وجوده ووجود أمثاله يقوى الامل فى غلبة هذا التيار وإسهامه
فى التأسيس لثقافة سودانية مستقلة تتجاوز حدودنا لتتصل بالعالم العربى والعالم
الإفريقى ، وما أعجبنى فى هذا الأديب الشاب هو تناوله للآفروعروبية من مدخل صحيح
هو المدخل الفنى وحسب تعبيره إعتبرها ناظما جماليا للإنتاج الثقافى فى السودان
اليوم وغدا والواقع أن نموذجه الفريد يؤكد على إستمرارية العطاء الثقافى
بين الأجيال فحين يقدم كل تلك الإضاءات يكون قد تملك الغابة والصحراء تملكا فعليا وتكون قد آلت اليه كإرث فنى ويصبح من حقه أن يتصرف فيها ويوجهها الوجهة التى يختار.
شهادة محمد المكى إبراهيم فى حق عجب الفيا ...
وسنعود للتعليق على ذلك
محبتي
وشكرا للاستاذ قوي على ايراده لهذا اللنك
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #13
Title: Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية"
Author: osama elkhawad
Date: 09-09-2006, 04:37 AM
Parent: #12

ما يثير الاستغراب في كلام شاعرنا الكبير:
محمد المكي ابراهيم
حين قال:
والواقع أن نموذجه الفريد يؤكد على إستمرارية العطاء الثقافى
Quote: فحين يقدم كل تلك الإضاءات يكون قد تملك الغابة والصحراء تملكا فعليا وتكون قد آلت اليه كإرث فنى ويصبح من حقه أن يتصرف فيها ويوجهها الوجهة التى يختار
.

الغريب في الأمر:
أنه -أي شاعرنا الكبير :
محمد المكي ابراهيم،
يتجاهل وضع الناقد،

كمقارب لظاهرة محددة،
وفي هذه الحالة ظاهرة الغابة و الصحراء،
كظاهرة شاعرية.

وتلك المقاربة ،
مهما كانت ،
ليست جواز مرور،
كي يتملك المقارب ،
أي الناقد,
الظاهرة التي يقاربها ،
ومن حقه ان يفعل بها ما يشاء.

هذا كلام غريب حقا.

فتملك الغابة والصحراء ،
و الاصح :
التناص معها
مع الاجيال الشعرية الجديدة ،
يمتلكه الشعراء والشاعرات الجديدات،
ولا نقول يمتلكونها،
وانما يتناصون معها.
وهذا ليس عمل النقاد،
باي حال من الاحوال.
وسنعود
المشاء

Post: #14
Title: Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية"
Author: osama elkhawad
Date: 09-10-2006, 02:44 AM
Parent: #13

هذا حوار دسم،
وفيه تدفّق ع.ع. ابراهيم،
بطريقته المعهودة.
لي ملاحظات كثيرة،
لكنني ،
لضيق الوقت ،
ساحاول تلخيصها،
على أمل العودة اليها بالتفصيل في مكان آخر،
كان الله هوّن
المشاء

Post: #15
Title: Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية"
Author: osama elkhawad
Date: 09-14-2006, 01:17 AM
Parent: #14

سأتطرق الى نقطتين وردتا في حوار عيسى مع ع.ع. ابراهيم
النقطة الاولى تتعلق بانتاج الخطاب المتعلق بالهوية.
يعتقد ع.ع. ابراهيم ان هذه مهمة المثقفين،
ويبدو انه ينطلق من التجربة الغربية ،
وبالتحديد التجربة الامريكية الاكثر ثراء،
في ما يتعلق بالتعدد الثقافي,
و الكنايات الثقافية
و الواضح ان سياق التعبير عن التعدد الثقافي مختلف ،
في النظر اليه في اطار المجتمع الامريكي ،
وفي اطار المجمتع السوداني.
فاذا كان المثقفون السودانيون ،أو قل بعضا منهم،
لا يعرفون الكنايات الثقافية ،
فكيف يمكن ان نوكل الامر اليهم؟
وسأعود الى ذلك ،
كان الله هوّن.
والنقطة الثانية تتعلق باستعارة المصهر.
فشاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم،
يؤمن بما قال به الفيا ،
حول ان تلك الكناية تليق بتلخيص ما يدور في المجتمع السوداني.
و أنا أؤمن على ما قال به :
ع.ع. ابراهيم
حول ان تلك الكناية،
تليق بممثلي الجماعة العربية الاسلامية.
ولذلك قال ع.ع. ابراهيم،
في ما قال به من كلام سديد،
انها لا تليق بالثقافات الجنوبية مثلا.
ارجع الى كلام قرنق عن :
البوتقة الثقافية

وقرنق قد نال قسطا من تعليمه في امريكا.
فالبوتقة الثقافية عند قرنق،
هي ما ستتشكل,
أي في االمستقبل,
وليس ما تشكلت ،
أي في الماضي في النموذج السناري,
كما يرى الممثلون الرمزيون للجماعة الشمالية المستعربة.
و لحسن موسى كلام آخر ،
يتعلق بالتوظيف الايديولوجي للنموذج السناري.
و سنعود اليه لو توفرت المصادر،
فانا اكتب من الذاكرة.
محبتي
المشاء

Post: #16
Title: Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية"
Author: osama elkhawad
Date: 09-14-2006, 01:38 AM
Parent: #15

ملحوظة غير مهمة:
بدلا من ان يتحدث المهتمون ب:
الغابة و الصحراء
عما طرحه:
ع.ع. ابراهيم
في مواضيع أخرى،
تستحق النقاش،
لكن اعتقد ان عليهم ان ينقاشوا ما ورد في هذا الحوار المختصر المهم،
و اتمنى ان ينضموا الينا،
في هذا البوست،
حتى ننهل من معين علمهم،
ونواصل الحوار حول التعدد الثقافي في السودان،
وهذا واحد من اسهامات ع.ع. ابراهيم الجديرة بالذكر و الاحتفاء معاً.
محبتي للمتابعات،
والمتابعين
المشاء

Post: #17
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-14-2006, 02:46 AM
Parent: #1

الشكر الجزيل اخي العزيز / حيدر على رفدنا بهذا الحوار الهام

وعنوانك كان ضربة معلم ،

لي عودة

Post: #18
Title: البوتقة الثقافية لا تعبِّر عن كل الثقافات السودانية،وانما عن "الجماعة المستعربة"
Author: osama elkhawad
Date: 09-14-2006, 10:14 PM
Parent: #17


قلنا ان عبد الله علي ابراهيم قد نبّه الى مسالة الكنايات الثقافية.
وقد نقد الكناية الثقافية التي تبنتها الغابة و الصحراء،من خلال مفهوم ماركسي،الا وهو مفهوم:
Quote: الممارسة

فقد اثبت الواقع ان تلك الكناية اي البوتقة الثقافية او المصهر الثقافي،لا تمثل ثقافات سودانية اخري غير مستعربة.
يقول في ذلك:
Quote: فالنظرية التي لا تغطي صلبها تعرض نفسها للمسائلة والجرح والتعديل. فهي لم تقنع الحركة القومية الجنوبية بسداد انسان الغابة والصحراء كمنتوج نهائي جميل ومريح للسودان. ومن هنا افترق طريقي مع اهل الغابة والصحراء.


وهذا يشابه ما حدث في التاريخ الثقافي الامريكي،
حيث قامت الاقليات برفض تلك الكناية الثقافية اي البوتقة"المصهر"،
باعتبارها كناية غير ديمقراطية،
وتقود الى تذويب الثقافات التي لا تمثل التيار الرئيس،
وهو تيار ابيض ،ذكوري، ورأسمالي.

ومن خلال مفهوم الممارسة،
توصّل الى صيغة اخرى للتعدد الثقافي ،
من خلال تبنيه لكناية
Quote: صحن السلطة
،او ، او
Quote: قوس قزح
،بتعبير جيسي جاكسون،
وغيرها من الكنايات التي تضاد :
البوتقة

يقول في ذلك عبد الله علي ابراهيم،
في طرحه لكناية مغايرة للكناية الثقافية التي تبنتها الغابة والصحراء:
Quote: فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية .

قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق

فالغابة والصحراء ،قد تكون ناظما جماليا،
رغم تشككنا في هذا المصطلح،
للممثليين الرمزيين للجماعات المستعربة،
في الشمال,
لكنها لا تمثل ثقافات اخرى ،
ترى في "البوتقة" تغولا عليها،
ولا تمثلها بأي حال من الأحوال.
ويبدو ان شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم لم ينتبه الى دلالة الكناية الثقافية.

وسنعود،
كان الله هوّن

المشاء

Post: #19
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-15-2006, 03:33 AM
Parent: #1

اشكرك مجددا اخي حيدر حسن علي

واضح ان هنالك تراجعا في مواقف الدكتور عبد الله حول ، الغابة والصحراء التي كان قد بسطها في مقالته " تحالف الهاربين " فهو هنا يقول انه كان واحدا منهم وهذا القول يصطدم مع النقد العنيف الذي وجهه لهم في تلك المقالة الشهيرة !!
ثم يقول انه تركهم لانه اكتشف ان مفهوم الافروعربية ما هو الا ترديد لافكار المستشرقين وبعض المبشرين !!
وهو ما هلل له البعض واعتبره فتحا معرفيا وما هو الا اجترار ، آلي لافكار ادرود سعيد في كتابه "الاستشراق " .
فهل القول ان السودان ليس بلدا عربيا صرفا وان اسلام اهل السودان امتزج بثقافة اهل البلد المتوارثة فيما يعرف بالاسلام الشعبي ، مؤامرة كولونيالية استشراقية ؟؟؟

سنحاول الاجابة على هذا السؤال تحت عنوان : خرافة الاستشراق في الغابة والصحراء .

وسيكون لنا محور اخر حول : البوتقة الثقافية منتوج تاريخي وليس مشروع نخبوي مستقبلي .

Post: #20
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-15-2006, 09:35 AM
Parent: #1

وردت الفقرة التي يتحدث فيها الدكتور عن ضرورة وجود اكثر من كيان ثقافي مبتورة على طريقة لا تقربوا الصلاة . وهذه هي الفقرة الكاملة التي اتي بها الدكتور في نهاية ورقته " تحالف الهاربين هي قوله :
Quote: إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا . فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .

الفقرة اولا : تنفي الهجنة عن سكان شمال السودان .
وثانيا تنفي ان تكون هنالك اية دماء افريقية قد امتزجت من دماء اسلافهم العرب .
وتصف من ينادي او يدعي نسبا افريقيا من ابناء الشمال ، بالخلعاء !
وحافظاعلي دم وثقافة سكان شمال السودانية عربية نقية من اي هجنة افريقية عرقيةاو ثقافة
يقترح الدكتور ان يقوم هنالك كيانات ثقافية وعرقية متعددة حتى يحافظ سكان الشمال على نقائهم الثقافي والعرقي العربي الاسلامي !!
ومن هنا ياتي اتهامه للغابة والصحراء بالتآمير لتحجيم الانتماء الاسلامي والعربي والاتهام بالعلمانية وبالتالي تاتي دعوة الدكتور الى الدستور الاسلامي ونبذ العلمانية ، وهي دعوة لا تختلف عن دعوة ناس الطيب مصطفى في شيء .
اذن فكرة البوتقة (التمازج ) غير واردة في طرح الدكتور حتى بالنسبة لسكان الشمال المستعربين !!

Post: #21
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-15-2006, 01:37 PM
Parent: #20

الأعزاء اسامة الخواض وعجب الفيا

نأسف أولأ للغياب عن البوست الذي وددت إستتدراجكم إليه مثلما فعل الحلو

مع الدكتور

....

الفيا عندي تعقيب بسيط فيما يتعلق بالجزئية المهمة أدناه لاحقا إن ربنا

هون كما يقول الخواض

Quote: ثم يقول انه تركهم لانه اكتشف ان مفهوم الافروعربية ما هو الا ترديد لافكار المستشرقين وبعض المبشرين !!

سنحاول الاجابة على هذا السؤال تحت عنوان : خرافة الاستشراق في الغابة والصحراء .

Post: #22
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: abdalla elshaikh
Date: 09-15-2006, 06:04 PM
Parent: #21

قرأت هذا الحوار وشاهدت اللقاء التلفزيونى فإستحضرت رد خالد الكد علي ورقة عبدالله علي ابراهيم التي قدمها في منتدى الهوية بـمعهد الدراسات الافريقية والآسيوية في عام{1991} إذ تبني عبدالله وقتها طرح الاسلام السياسي للهوية ...وقف خالد الكد وكان قد خرج من الـمعتقل حديثا..فقال:-(..لقد عرفت عبدالله جوالا عندما كان يساريا وعرفته عندما صار ليبراليا..وها أنا اعرفه الآن جوالا عندما اصبح اسلاميا..)
ساعود للحوار حول هذا الـموضوع الهوية وذلك لانني من من يؤمنون بعبثية الجدل حول الهوية في بلد كالسودان به اكثر من هوية..فقط نرجو الحوار بكل الحواس بعيدا عن لعب الدافوري

Post: #23
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: محمد شرف الدين عبد البارئ
Date: 09-15-2006, 06:29 PM
Parent: #1

لك التحية و الاعزاز
هذاهو الداء الذى ازمن فيناردحا من الزمن فاشكالية الغابة و الصحراءفى تقديرى إفتراضية لا تنسجم مع الواقع الحقيقى.
اسمح لى ان اقتبس المادة .

Post: #24
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-15-2006, 09:08 PM
Parent: #23

مرحبا بعودة صاحب البوست،
العزيزي حيدر
وارجو ان اعود بملخص تاريخي عن البوتقة او المصهر،
ككناية ثقافية ارتبطت بالتاريخ الثقافي الامريكي،
وهو من اعرق التواريخ في ما يتعلق بمسالة التعدد الثقافي و العلاقة بين الثقافات المتعددة في مجتمع واحد.
محبتي للجميع
المشاء

Post: #25
Title: Re:الغابة والصحراء كناظم جمالي للثقافة السودانية
Author: Agab Alfaya
Date: 09-15-2006, 11:00 PM
Parent: #1

الغابة والصحراء كناظم جمالى للثقافة السودانية *

رؤية وليست مدرسة شعرية

" إلى الذين يرون الأشياء أما بيضاء أو سوداء "
مصطفى سعيد - رواية موسم الهجرة الى الشمال

* *

سألت إيزابيلا سيمور ، مصطفى سعيد ، بطل رواية ( موسم الهجرة إلى الشمال ) : ما جنسك ؟ هل أنت أفريقي أم آسيوي ؟ فأجابها أنا مثل عطيل ، عربي أفريقي . فنظرت إلى وجهه وقالت : نعم أنفك مثل أنوف العرب في الصور ولكن شعرك ليس فاحما مثل شعر العرب .

وذات السؤال الذي واجهه مصطفى سعيد روائيا في لندن واجهه واقعيا الشاعران المبدعان محمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر في ألمانيا في رحلتهما إليها في الستينات حيث عبر النور عن حيرة الأوربي في تصنيفه بقوله (( أنه يرفض هويتي الأفريقية حين أفكر ، ويرفض هويتي العربية حين أكون )) . عبارة مشرقة ولا شك تلخص في أسلوب فلسفي رشيق ازدواجية الهوية الثقافية والأثنية للإنسان السوداني . أما محمد المكي إبراهيم فقد جادت قريحته شعرا لتوصيف الواقع بقوله في قصيدته الرائعة ( بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت ) والتي تعتبر من عيون الشعر العربي الحديث :
الله يا خلاسية
………..
يا بعض عربية
وبعض زنجية
وبعض أقوالي أمام الله

وهكذا قد تنبهت الطلائع المثقفة من السودانيين باكرا إلى الخصوصية الثقافية والأثنية للذات السودانية . وقد برز الوعي بهذه الخصوصية أكثر حدة في الخمسينات والستينات مع المد الثوري لحركات التحرر الوطني ودعوات القومية العربية والاتجاهات الزنجية في أفريقيا وأمريكا اللاتينية . ففطن نفر من هؤلاء المثقفين إلى أن السودان يمتاز بخصوصية فريدة لا تتوفر في غيره من دول المنطقة ، فهو يجمع بين الانتماء العربي والأفريقي في آن معا . فتفتق وعيهم عن صبغة يصفون بها هذه الحالة الفريدة . وحيث أن معظمهم كانوا شعراء فقد هداهم حسهم الشعري إلى صيغة شعرية ذات دلالة رمزية عميقة وهي صيغة ( الغابة والصحراء ) . الغابة إشارة إلى العنصر الأفريقي والصحراء إشارة إلى العنصر العربي . وذلك للدلالة على ذلك التمازج الثقافي والأثني .

ولعل من دلائل التوفيق على حسن اختيار هذه الصيغة الرمزية أن تعبير ( الغابة والصحراء ) لا يتطابق فقط مع توزيع المناخ الجغرافي في السودان بل يكاد يتطابق مع التوزيع الديمغرافي للسكان . فالمعروف أن مناخ السودان يبدأ في التدرج من مناخ صحراء في الشمال ثم يتحول إلى شبه صحراء ثم سافنا فقيرة وأخرى غنية في الأواسط إلى أن ينتهي عند الغابات المدارية في الجنوب . وبذات القدر نجد السكان يتوزعون على هذا النحو إذ نجد العنصر العربي غالب في الشمال مع بعض الاستثناءات ثم يبدأ في التقلص كلما اتجهنا مع بعض الاستثناءات أيضا إلى أن ينتهي إلى غابة العنصر الأفريقي الزنجي في الجنوب .

ومثلما اهتدت تلك المجموعة إلى رمز ( الغابة والصحراء ) اهتدت أيضا إلى نموذج تاريخي يجسد هذا التمازج العربي الأفريقي على أرض الواقع فكانت سنار . وسنار هي عاصمة مملكة سنار أو سلطنة الفونج والتي عرفت أيضا بالمملكة الزرقاء أي السوداء . فالسودانيون يستعملون الأزرق كمرادف للأسود . ومنه جاء اسم النيل الأزرق أي الأسود . وذلك لشدة اعتكار مياهه من كثرة الطمي . ويقولون رجل أزرق يعنى أسود . وكانت العرب تستعمل الأخضر في ذات المعنى ، فتقول رجل أخضر أي أسمر أو أسود . وكذلك يفعل السودانيون وهذا مثال على الخصوصية اللغوية لأهل السودان .

ويرجع اختيار مملكة سنار أو السلطنة الزرقاء ( 1504 – 1821م ) كنموذج معادلة الهوية السودانية إلى أنها أول مملكة سودانية تكونت بتحالف القبائل العربية والقبائل الأفريقية و كانت النواة الحقيقية للسودان المعروف الآن . ولعل الفضل في رواج مفهوم سنار كنموذج لهذا التمازج يعود إلى الشاعر المرهف د. محمد عبد الحي الذي يعتبر أحد أبرز رموز الحداثة الشعرية في العالم العربي وديوانه المشهور ( العودة إلى سنار ) خير دليل على ذلك حيث يقول في ذات السياق :

وكانت الغابة والصحراء
امرأة عارية تنام
على سرير البرق في انتظار
ثورها الإلهي الذي يزور في الظلام


والثور الإلهي هو الثور المقدس عند الدينكا أكبر القبائل الزنجية في الجنوب ويرمز به هنا إلى البعد الديني في الوجدان السوداني .

وإذا كان صيغة الغابة والصحراء قد ارتبطت في البداية بمجموعة بعينها من شعراء الستينات هم محمد عبد الحي ومحمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر وصلاح أحمد إبراهيم ، فإن هذا التوصيف للثقافة السودانية قد وجد قبولا ورواجا بين أغلب المثقفين والكتاب في تلك الفترة وتردد في أشعار الكثيرين منهم . وربما يرجع نجاح مفهوم ( الأفروعربية ) المطروح من خلال رمزية ( الغابة والصحراء ) آنذاك إلى الوعي القومي السوداني الذي أفرزته الظروف والتحولات السياسية والاجتماعية التي قادت إلى ثورة أكتوبر 1964م .

والحقيقة أن جذور الوعي بالتوصيف ( الأفروعربي ) للهوية السودانية ترجع إلى عشرينات القرن الماضي حيث تكوين جمعية اللواء الأبيض التي قادت ثورة 1924م ضد الإنجليز وإلى دعوة رائد التجديد حمزة الملك طمبل في كتابه ( الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه ) الذي صدر سنة 1928م حيث ناشد شعراء مدرسة الأحياء الشعري السوداني من أمثال محمد سعيد العباسي عدم الاكتفاء بتقليد الشعراء العرب القدامى والالتفات إلى البيئة السودانية المحلية وتصويرها في أشعارهم . وتأسيا بأفكار حمزة الملك واصلت جماعة مجلة ( الفجر ) في الثلاثينات ومن أبرزهم معاوية نور وعرفات محمد عبد الله ومحمد أحمد المحجوب رئيس الوزراء الأسبق الدعوى إلى أدب قومي سوداني يعبر عن الذات السودانية ببعديها العربي والأفريقي في هذا السـياق كتـب المحجـوب بمجلـة الفجـر الصـادرة فـي 16/6/1935م يقـول " نحن إن نادينا بقيام الأدب القومي للطبيعة المحلية فإنما ندعو إلى خلق شعب بكيانه يعبر عن مرئياته من سماء زرقاء أو ملبدة بالغيوم ومن غابات وصحراوات قاحلة ومروج خضراء ومن إيمان بالكجور والسحر إلى إيمان بالله وحده لا شريك له " . وفي الخمسينات أعاد الشاعر الفحل محمد المهدي المجذوب إحياء أفكار حمزة الملك وعمل على عكس مظاهر الحياة السودانية في أشعاره وأدخل إنسان الجنوب لأول مرة إلى معادلة الثقافة السودانية في قصائده التي عرفت بالجنوبيات . وقد عبر المجذوب في هذه القصائد عن إنسان جنوب السودان وأعلن صراحة عن العرق الزنجي الذي فيه وهو الذي ينتمي إلى أرومة شمالية تعد نفسها أكثر عرب السودان عروبة حيث يقول في إحدى هذه القصائد .

وعندي من الزنج أعراق معاندة
وأن تشدق في أشعاري العرب


ومن شعراء القصيدة الحديثة الذين سبقوا شعراء ( الغابة والصحراء ) إلى الالتفات إلى الجانب الأفريقي في وجدانهم الفيتوري ومحي الدين فارس وتاج السر الحسن وجيلي عبد الرحمن ومحمد عثمان كجراي . فقد كرس الفيتوري دواوينه الشعرية الأولى للتغني بأفريقيا وأمجادها فكتب ( عاشق مـن أفريقيـا ) و ( أغنيـات أفريقيـا ) و ( اذكرينـي يا أفريقيا ) .

لم يكن الشعراء هم الوحيدون السابقون إلى ا قرار النظرة الأفروعربية للثقافة السودانية . فكان هنالك العديد من الكتاب والأدباء والمؤرخون الذين انطلقوا في كتاباتهم من هذه النظرة ومن أبرزهم جمال محمد أحمد ومحمد عمر بشير ويوسف فضل ومحمد إبراهيم سليم وحامد حريز ويوسف عيدابي وغيرهم كثر .

وكان المفكر والأديب الفذ جمال محمد أحمد يعمل في صمت العلماء بعيدا عن أية نزعات شوفينية في التعريف بالأدب والثقافة الأفريقية وفي كشف العلاقات التاريخية والأثنية بين العرب والأفارقة منذ القدم . فكتب ( وجدان أفريقيا ) وهو كتاب عن الأديان في أفريقيا وكيفية تعايش الإسلام والمسيحية مع الديانات والمعتقدات الأفريقية المحلية و ( سالي فو حمو ) وهو في الأدب الشعبي والحكايات والأحاجي الأفريقية . وكتب ( عرب وأفارقة ) و ( في المسرحية الأفريقية ) و ( مطالعات في الشئون الأفريقية ) الذي صدر عن دار الهلال بمصر سنة 1969م وترجم عن بازل ديفيدسون ( أفريقيا تحت أضواء جديدة ) وغيرها من المؤلفات والترجمات . وكان لموقف جمال محمد أحمد المتوازن من الأصول العربية والأفريقية للثقافة السودانية التأثير في جيل كامل هو جيل الستينات الذي ينظر إلى جمال نظرة الأستاذ المعلم . فعضوية جمال في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لم تمنعه من رد الاعتبار للثقافة الأفريقية والتعريف بها . وبتأثير من جمال ألف صديقه الأديب والقـاص علـى المـك ( نمـاذج مـن الأدب الزنجـي الأمريكـي ) وترجـم مـع صـلاح أحمـد إبراهيـم كتـاب ( الأرض الآثمة ) لباتريك فان رنزبيرج . كما أصدر محمد عبد الحي كتاب ( أقنعة القبيلة ) في الشعر الأفريقي الحديث .

وعلى الرغم من بداهة التوصيف الذي تطرحه صيغة ( الغابة والصحراء ) وعلى الرغم من أن القول بأن السودان بلد عربي أفريقي ثقافيا وعرقيا هو من المسلمات التي لا يمكن المجادلة حولها . إلا أن أصحاب هذا الاتجاه قد تعرضوا لحملات من النقد وصل في بعض الأحيان إلى حد التشويه المتعمد والاستنتاجات الخاطئة لآرائهم من بعـض ذوي النزعـات الأيدولوجيـة والشوفينيـة . فالإسلاميـون رأوا فـي صيغـة ( الغابة والصحراء ) دسيسة علمانية للحد من دور الإسلام في المجتمع السوداني . وبعض القوميون العرب رأوا فيها محاولة لتحجيم انتماء السودان للعروبة والإسلام .

أما بعض أهل اليسار فرأوا في نموذج ( مملكة سنار ) الذي تطرحه ( الغابة والصحراء ) كمثال للتعايش السلمي والتعددية الثقافية ، استمرارا لتكريس هيمنة الثقافة العربية الإسلامية على الثقافات الأخرى . وربما رأوا فيها ثغرة تعطى المجال لبروز مشروع الدولة الدينية .
لذلك عمد أصحاب هذا الاتجاه إلى إنشاء تجمع مناوئ من المبدعين باسم ( آباداماك ) في أواخر الستينات . وقد أخذ هذا التجمع اسمه من أحد آلهة مملكة مروي النوبية القديمة وكأنهم أرادوا بذلك أن يقولوا لأهل ( الغابة والصحراء ) إذا كنتم ستعودون بنا إلى ( سنار ) فنحن سنعود بكم إلى أبعد من سنار ، إلى مروي أقدم حضارة سودانية أفريقية . إلا أن توجهات ذلك التجمع لم تخرج في مجملها عن مقولات وأطروحات ( الغابة والصحراء ) فلم يجد أصحاب هذا الاتجاه في النهاية بد من الذوبان في التيار ( الأفروعربي ) الكاسح والذي تفرضه معطيات الواقع المتشابكة أكثر مما تفعل الشعارات والأيدولوجيات .

والحقيقة عندما نادى دعاة الأفروعربية بالعودة إلى ( سنار ) للتعبير كرمز للتعبير عن واقع حال الهوية السودانية لم يقصدوا بذلك العودة إلى نموذج الدولة الدينية الذي كان مطبقا في مملكة سنار كما لم يقصدوا تجاهل الحضارات والممالك السودانية السابقة على سنار . وإنما هدفوا ببساطة إلى تقديم نموذج من تاريخ السودان يرمز ويعبر عن التعايش والتمازج السلمي بين الثقافات السودانية المختلفة . وقد رأوا في سنار الخلاصة التي تلتقي عندها كل حضارات السودان القديمة والمعاصرة . والعودة إليها هي بالضرورة عودة إلى مروي وكرمة النوبية وعلوة والمقرة المسيحية .

ففي ديوانه ( العودة إلى سنار ) يستلهم محمد عبد الحي الكثير من الرموز والأساطير من الحضارات النوبية القديمة . وفي ديوانه ( السمندل يغني ) توجد قصيـدة بعنـوان ( مروي ) في إشارة إلى الحضارة المروية القديمة وفي الصفحة المقابلة مباشرة توجد قصيدة أخرى باسم ( سنار ) في إشارة إلى مملكة سنار أكثر من ذلك أن محمد
عبد الحي في دراسته القيمة من أسطورة ( الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ) وهو أحد متصوفة مملكة سنار يذهب أبعد من ذلك ويحاول إيجاد وشائج بين سيرة الشيخ إسماعيل وبين سائر الثقافات والحضارات القديمة بما في ذلك التأثر بالتراث اليوناني القديم حيث يرى أن الشيخ إسماعيل هو في الحقيقة أورفيوس سوداني . ويخلص إلى أن سيرة الشيخ الصوفي تمثل اللاوعي الجمعي أو الذاكرة التراثية للإنسان السوداني حيث تلتقي عندها الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات اليونانية والنوبية والمسيحية .

لكن يبدو أن البعض يأبى إلا أن ينظر إلى الواقع بعين واحدة ، فيرى الأشياء إما بيضاء وإما سوداء ويعجز أن يرى الرؤية الرمادية التي تفسح المجال للنظرة التعددية المتسامحة .

وللتاريخ نقول أن شعراء ( الغابة والصحراء ) ليسوا جماعة تربطهم رابطة أدبية أو يجمع بينهم أي تنظيم أو حزب سياسي ولم يصدروا حتى بيان مشترك يعلنون فيه عن توجههم وإنما هم نفر من المبدعين التقت أفكارهم في غير ما اتفاق حول رمزية الغابة والصحراء للدلالة على خصوصية الهوية السودانية .

وهذا ما جعل عبد الحي ينفي أن تكون هناك مدرسة شعرية باسم الغابة والصحراء في حوار معه أجرى معه سنة 1984م ظنه البعض تراجع عن فكرة الغابة والصحراء يقول عبد الحي " إن مدرسة الغابة والصحراء أمر مضحك فإذا كان هنالك بعض الشعراء والمتشاعرين كتبوا قصائد محشوة بالغابة والصحراء دون أن يكتبوا شعرا رصينا لا توجد مدرسة أو منهج لكل الناس الشعر هو الشعر " فالغابة والصحراء بالنسبة له مفهوم وليست مدرسة شعرية . وهذا المفهوم عنده ليس حصرا على السودان وحده كما يقول في ذات الحوار بل " يمتد إلى الصومال وإريتريا وشمالي أثيوبيا وشمالي نيجريا ومالي وغانا والسنغال … الخ أنه شعب يكتب باللغة ويدين بالدين الإسلامي وهم داكنو الجلد امتزجوا بثقافتين الثقافة العربية والثقافة الإسلامية … الثقافة هي الأساس وليس بالتوالد " .

وفي سبيل البحث عن صيغة أكثر شمولية لاستيعاب الكل المركب الذي تموج به الساحة السودانية الثقافية أوجد نفـر مـن المثقفيـن فـي الثمانينـات صيغـة جديـدة هـي ( السودانوية ) وهي لا تختلف في أطروحاتها وفي نظرتها عـن ( الغابـة والصحــراء ) إلا أنهــا رأت فــي هــذه الصيغــة الجديــدة خروجــا عــــن ثنائيـــة ( الأفروعربيـة ) ومن أبرز دعاة ( السودانوية ) الشاعر كمال الجزولي والدكتور نور الدين ساتي و للبروفيسور أحمد الطيب زين العابدين .
ومع ذلك هنالك من لا يتحمس لكل هذه الصيغ والنظم الجمالية ويفضل الاكتفاء باسم السودان للدلالة على الحالة الثقافية التي يمثلها ومن هؤلاء الدكتور حيدر إبراهيم علي وغيره كثر .

ومهما كانت الصيغ المطروحة ومهما تبدلت الشعارات والمواقف ستظل ( الغابة والصحراء ) هي الناظم الجمالي الأكثر جاذبية وشاعرية في التعبير عن واقع الهوية السودانية . فالصحراء موجودة والغابة موجودة وما بينهما السافانا كذلك . وهل الحرب الدائرة الآن إلا نتيجة اختلال في المعادلة بين ( الغابة والصحراء ) ؟

------
* نشرت بمجلة العربي (الكويت )اكتوبر 2004
ونشرت قبل ذلك بالمنبر الحر وجريدة الخليج الاماراتية
--

Post: #26
Title: Re: الآفروعربية أو تحالف الهاربين
Author: Agab Alfaya
Date: 09-15-2006, 11:05 PM
Parent: #1

تجد ورقة الدكتور عبد الله ابراهيم منشورة هنا في هذا الخيط ، في سياق ردنا عليها :


الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا

Post: #27
Title: Re: الآفروعربية أو تحالف الهاربين
Author: osama elkhawad
Date: 09-16-2006, 00:41 AM
Parent: #26

الغابة والصحراء،
ككناية ثقافية،
تناسب الممثليين الرمزيين للجماعةالمستعربة ،
في الشمال،
لكنها بأية حال لا تناسب الثقافات السودانية الاخرى.

ولذلك اقترح ع.ع. ابراهيم
كيانين ثقافين او اكثر ،
اي اجتراح كناية ثقافية اخرى ،
غير المصهر ،
أو البوتقة.

و للأسف،
حاول شاعرنا الكبير:
محمد المكي ابراهيم
أن يعيد توظيف الفيا،
باعتباره مالكا لتلك الكناية,
وهذا كلام غير صحيح،
فتملك الكناية ،
هو رهين بالممثلين الرمزيين للثقافات السودانية الاخرى،
وليس بامكان اي احد ان يجيز ذلك للاخرين،
وان يرسل فرمالا بذلك الحق الالهي.

ليس بامكان اي احد،
التحكم بمصائر الثقافات السودانية الاخرى،
ومن يفعل ذلك،

يعبر عن قمة الديكتاتورية الثقافية.
المشاء

Post: #28
Title: Re: التوق والترميز او الدولة الدينية والدستور الاسلامي !!
Author: Agab Alfaya
Date: 09-16-2006, 01:49 AM
Parent: #1

طرح اكثر من كيان ثقافي في "تحالف الهاربين " ،لم يكن موقفا مبدئا من الدكتور عبد الله وانما مجرد مخارجة للاحتفاظ بكيان الشمال العربي المسلم بنقائه العربي المسلم حسب تصور الدكتور طبعا من تلوث المصهر الآفروعربي . اما الموقف الحقيقي فهو فرض الهيمنةالمركزية لهذا الكيان العربي المسلم من خلال الدعوة للدستور الاسلامي وبناء دولة دينية ثيوقراطية تقوم على تطبيق الشريعة ومبدا الحاكمية الله . وهذا هو ،التوق والترميز ، الذي اشار اليه الدكتور في آخر جملة في ورقته تحالف الهاربين بقوله : " قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق ."
وقد عبر الدكتور عن هذا التوق ، مرات عديدة كما اشار الاخ عبد الله الشيخ - كارلوس ، نقلا عن المرحوم خالد الكد . ولكن جاء التعبير عن هذا التوق ، هذه المرة اعلى صوتا وبصحية ذات دلالة داوية تتعدي مجرد الترميز الى الدعوة الصريحة والجهيرة الى نبذ العلمانية واسس الدولة المدنية وانحيازا الى الدولة الدينية والدستور الاسلامي وتمجيد ما قامت به الانقاذ باعتباره خطوة في تحقيق ذلك التوق .
* * *
نشر الدكتور عبد الله علي ابراهيم بجريدة الراي العام سلسلة مقالات تحت عنوان – أيام في اثيوبيا – جاءت المقالة الثالثة بعنوان : واسلاماه : الدين والدولة *. افتتحها بقوله :

" الداخل الى مدينة هرر الاسلامية ، التي تبعد نحو 500 كيلومتر بجهة الجنوب الشرقي من اديس ابابا ، سيرى بغير لبس الكنيسة القائمة فوق مسجد المدينة القديم وهو مسجد مقابل لقصر الامير عبدالله ، آخر حاكم لهرر الاسلامية المستقلة حتى 1887 حين اجتاحها الامبراطور منليك في اطار مسعاه الناجح لبناء امبراطورية حبشية موحدة .. وقد بنى الكنيسة الامير ماكونين فارس معركة ادوا 1869 التي غلب فيها الروم الايطاليون شر غلب . وانفق ماكونين على قسيس كنيسته من الاموال المصادرة ممن تصدوا من أهل هرر لغزوة منليك . ."

ويواصل قائلا :

" .. كثيرا ما خالطني شك كبير ان كانت صفوة السودان السياسية قد تعلمت شيئا من خبرة بناء الدولة الامة في اثيوبيا .. ، فلو علمت صفوتنا اليسارية من تاريخ التكوين الاثيوبي شيئا لوقفوا عند منزلة الدين كثقافة في بناء الدولة الوطنية . فقد وجدت هذه الصفوة احتقنت ضد الاسلام من فرط كيد الحركة الاسلامية الطويل لها بحل الحزب الشيوعي في 1965 وقوانين سبتمبر الاسلامية في 1983 وبدولة الانقاذ القائمة ، فحملت عليه بصور شتى بلغت ان خلع بعضهم نفسه عنه جملة وتفصيلا . وهنالك من استنكر على الاسلاميين زج الاسلام في السياسة ودلقوا حبرا كثيرا حول الاسلام السياسي وعن ضرورة ان يبقى الدين حيث ينبغي له . بل انتهزوا تجربة الغرب العلمانية التي تزعم فصل الدين عن الدولة . .
لو علمت صفوتنا اليسارية شيئا لائقا من تجربة بناء الامة الدولة الاثيوبية في القرن التاسع عشر لكفت عن الخوض في علم الاديان المقارن الذي اصطنعته وتنطعت فيه وتقعرت . فقد انبنت اثيوبيا المعاصرة على حد الدين المسيحي الارثوذكسي الرسمي . فقد كانت الارثوذكسية الامبراطورية ، هي الثقافة الوحيدة التي بجعبة الصفوة الاقطاعية لتوحيد اثيوبيا صافية حليب يا لبن على نواتها . "

ثم يواصل قائلا :

" لقد تفادت صفوتنا السياسية بصورة جازمة مواجهة سؤال كيف اقتحمت هذه الطاقة الدينية للاسلام عالم السياسة عندنا تريد بناء الدولة الأمة المختلف الوانها والسنتها على صفاء الشرع وحاكمية الله . وقد رفع هذا السؤال استاذنا عبد الخالق محجوب في مقالات شهيرة بجريدة اخبار الاسبوع ، في اعقاب حل الحزب الشيوعي .،وقد كانت الدعوة الى الدستور الاسلامي قائمة بالطبع ولكنها ذاعت بين أقلية الاخوان المسلمين . وتسآءل استاذنا ، ما الذي حدث في تركيب ثقافتنا ومجتمعنا الذي جعل دعوة الاقلية للدستور الاسلامي هي الغالبة وقد اجاب بصورة مبدئية على هذا التساؤل اجابة يجدها القاريء في مقدمتي لكتابه عن فكر الاخوان المسلمين الصادر عن دار عزة .
.. ان تفريط الصفوة اليسارية في الرشد السياسي فاضح . فهي قد تراخت مرتين خلال حوالي خمسة عقود دون الاجابة على سؤال لا مهرب منه وهو من أين جاء هؤلاء الناس ؟ وهو السؤال المركزي في بناء الدولة – الأمة فقد خرجت علينا الحركة الاسلامية بالدولة الدينية بعد تهافت علمانية جيل مؤتمر الخريجيين وورثتهم في الحركة الاتحادية ممن نادوا بسقوط السياسة على اعتاب القداسة . و لوقت قصيرا جدا. اتفقنا ام اختلفنا مع الحركة الاسلامية فلا بد انه ما يحسب لها انها باجابة ناجزة ومباشرة وبسيطة لبناء الدولة - الامة على محجة الشريعة .."

____________

* الرأي العام – الأربعاء 13 رجب 1426 – 9أغسطس 2006

Post: #29
Title: Re: واسلاماه : صيحة لمفكر يساري كبير
Author: Agab Alfaya
Date: 09-16-2006, 01:53 AM
Parent: #1

واسلاماه : صيحة مفكر يساري كبير !

Post: #30
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-16-2006, 02:26 AM
Parent: #1

تحية لك العزيز حيدر
والتحية لجميع المشاركين في الحوار .

( وأراه رغم تعدد إتجاهات الحوار فيسفساء يستحق المُشاركون
في صُنعها كثير التقدير والإحترام ،
وأتمنى من القلب أن يكون حواراً طويل النفس ،
يُفُسِح في رفد الموضوع بمكتبة تستحق )

( أعلم أن دكتور عبدالله يقرأ ، ولا يتداخل إلا بوسيط كما تم في
موضوعات افترعتها الدكتورة بيان ، أو يرُد في مقال ربما في سودانايل )

لا أعرف أهي من حسنات الإستفراع ، أم هو ثراء الحوار ؟

بدأ الأمر حول مدرسة الغابة والصحراء ..

ووجدت الدكتور عبدالله يُراجع بعض آرائه حول الغابة والصحراء ،
ولا ضير .

ثم تسلل معظم الجميع إلى الهوية ...

رأيت الكاتب أسامة يبحث عن المُفردات
والإستعارات وتقنيات الكتابة عند أهل الغابة والصحراء ،
وأظنه سوف يختط التفاصيل ، ويبُث روحاً جديدة
ورؤى جديدة في مسألة الغابة والصحراء
وتجارب بلاد ما وراء بحر الظُلمات .


أرى ما أورده الكاتب الفيا على محور استحضار رؤى دكتور عبدالله
المُتغيرة والمُتعددة التوصيف ، وكذلك أوغل هو في أمر الهوية ثراء .

أننا في بحبوحة من ترف القراءة ..

شكراً لكم جميعاً
والشكر للمُحاور الكاتب عيسى الحلو والأستاذ حيدر


Post: #31
Title: Re: الا اذا قلنا ان الانسان السوداني انسان مستعار !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-16-2006, 05:01 AM
Parent: #1

Quote: أن عبد الله علي ابراهيم لم يتحدث بشكل واضح عن الاستعارات الثقافية
وهي من انتاج الخطاب الامريكي في ما يتعلق بالتعدد الثقافية.


لا ادري كيف يوصف الحديث عن الواقع السوداني بوصفه عربي افريقي او افريقي عربي ، استعارة ثقافية امريكية ؟
بل كيف توصف الغابة والصحراء بانها مجرد استعارات ثقافية ؟
اليست الصحراء واقعا ثقافيا وجغرافيا ؟
اليست الغابة واقعا ثقافيا وجغرافيا ؟
السنا جميعنا نتاج لهذا الواقع الثقافي والجغرافي ؟

ومع عدم التسليم بكون الغابة والصحراء استعارة ثقافية
نسال السؤال التالي : ما حكم نظرية "الاستعارات الثقافية " في الاتي :

- الحداثة
- البنيوية
- التفكيك
- العولمة
- الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني
- نظرية الهامش والمركز
- الخ ..

وهل نظرية الاستعارات الثقافية سوى مقولة "الفكر المستورد " والغزو الثقافي ؟!!

Post: #32
Title: Re: ما رأيكم في هذه الاستعارة الثقافية ؟
Author: Agab Alfaya
Date: 09-16-2006, 05:12 AM
Parent: #1

هنا يدعونا الدكتور عبد الله لتبني هذه الاستعارة الثقافية ولكنها ليست امريكية تعددية بل ثيوقراطية استبدادية ذات قوام ثقافي وديني واحد فقط :

" .. كثيرا ما خالطني شك كبير ان كانت صفوة السودان السياسية قد تعلمت شيئا من خبرة بناء الدولة الامة في اثيوبيا .. ، فلو علمت صفوتنا اليسارية من تاريخ التكوين الاثيوبي شيئا لوقفوا عند منزلة الدين كثقافة في بناء الدولة الوطنية . فقد وجدت هذه الصفوة احتقنت ضد الاسلام من فرط كيد الحركة الاسلامية الطويل لها بحل الحزب الشيوعي في 1965 وقوانين سبتمبر الاسلامية في 1983 وبدولة الانقاذ القائمة ، فحملت عليه بصور شتى بلغت ان خلع بعضهم نفسه عنه جملة وتفصيلا . وهنالك من استنكر على الاسلاميين زج الاسلام في السياسة ودلقوا حبرا كثيرا حول الاسلام السياسي وعن ضرورة ان يبقى الدين حيث ينبغي له . بل انتهزوا تجربة الغرب العلمانية التي تزعم فصل الدين عن الدولة . .
لو علمت صفوتنا اليسارية شيئا لائقا من تجربة بناء الامة الدولة الاثيوبية في القرن التاسع عشر لكفت عن الخوض في علم الاديان المقارن الذي اصطنعته وتنطعت فيه وتقعرت . فقد انبنت اثيوبيا المعاصرة على حد الدين المسيحي الارثوذكسي الرسمي . فقد كانت الارثوذكسية الامبراطورية ، هي الثقافة الوحيدة التي بجعبة الصفوة الاقطاعية لتوحيد اثيوبيا صافية حليب يا لبن على نواتها . "

من مقاله : واسلاماه : الدين والدولة
انظر الرابط اعلاه

Post: #33
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-16-2006, 05:19 AM
Parent: #1

نرحب بالاستاذ الفنان الاديب عبد الله الشقليني وفي انتظار المزيد من مشاركاته واضاءاته والتحية موصولة للاستاذ عبد الله كارلوس ونتعشم في المزيد
والتحية لكل الاخوة القراء والمتابعين .
والشكر مجددا للعزيز / حيدر حسن

Post: #34
Title: Re: هل هو تراجع و رد اعتبار واعتذار ؟
Author: Agab Alfaya
Date: 09-16-2006, 10:03 AM
Parent: #1

الشكر مجددا للاستاذ الفنان الشقليني
تقول :
Quote: ووجدت الدكتور عبدالله يُراجع بعض آرائه حول الغابة والصحراء ،
ولا ضير .

صحيح هنالك تراجع ومن هنا جاء وصف الاستاذ حيدر متخذا من ذلك عنوانا للبوست .
ويظهر ذلك في مضابط الحوار في قوله :

" - ربما كانت الدعوة بالنسبة لي تجد قبولاً، فالمعادلة القائمة بين العروبة والافريقية، التي جاءت بها الغابة والصحراء كانت مناسبة من زاوية ثقافية، وكنت عرضة للتأثر بالمصادر الاولى لنظرية الغابة والصحراء، المتمثلة في كتابي (ترمنجهام) (الاسلام في السودان) و(ماك ما يكلز) المتمثل في (العرب في السودان). فقد كنت ابن هذه البيئة الثقافية، قابلاً لفرضياتها، وبالتالي لمنتوجاتها، وخاصة وهي تصدر من زملاء رفاق تدافعنا بالمناكب لاعلاء حقيقة السودان."

وفي قوله :

هي خرجت من جيل مفعم باليسارية السمحة. من بابلو نيرودا وناظم حكمت وهمنجواي والشرقاوي واليوار. كان ذلك زمان الاشواق العجيبة. فلا يصح ان ننظر الى شاغله هذا بمنظار اليوم، حيث ترخصت السياسة واصبحت لؤماً خالصاً وعنفاً خالصاً ولعبة ثلاث ورقات خالصة. لا تصح مثل هذه المحاكمة لجيل الغابة والصحراء بمسطرة السياسة اليوم والثقافة اليوم. كانت كل هذه الاشياء هي نشاط ذهني وعصبي ورؤى. اختلطت عندهم الممارسة بالتنظير وكانوا محض شوق الى (الوجود المغاير). هذا من باب محبتي لهم ومن باب عضويتي بناديهم. فالسؤال حول الطبيعة السياسية أو الثقافية لشاغلي جيل الغابة والصحراء لا مكان لها في اعراب الزمان. هذا جيل كامل الدسم. هؤلاء كانوا ناراً مختلفة، وكانوا طاقة اخرى.. النور عثمان وصلاح انظر مكي يرثي المجذوب ويتكلم عن انفصال الصندل عن الجمر.

ثم يقول :

" فهي قد مازجها ولع غير عادي بالبلد السودان، وضعت ورضعت لبان اليسار وسعت للتآخي السوداني بطريقتها وهو تأخ قائم على نموذج انسان سنار، كما سميته في المقالة. معنى ذلك ان العرب والافارقة في السودان سيختلطون وسيتولد منهم الانسان السناري المرموق الممتاز. وكانت سنار واحدة من ملهمات هؤلاء الشعراء. وكانت سنار السلطنة الزرقاء من الملهمات اعجبهم فيها افريقيتها واسلامها معاً، وتحالف دنقس وجماع. اريد ان اعقد الصورة. .صورة الغابة والصحراء حتى لاتندرج في سائر الهجائيات لانها المحاولة الثانية بعد محاولة محمد أحمد المحجوب للحفر في الهوية السودانية. بالقدر المتاح من المصادر والموجبات والعاطفيات لبناء مثقفة لسودان جديد."

انظر قوله "اريد ان اعقد الصورة. .صورة الغابة والصحراء حتى لاتندرج في سائر الهجائيات " !
فهل هذا رد اعتبار للغابة والصحراء واعتذار عن النقد القاسي الذي وجهه لرموزها في " تحالف الهاربين " ؟
في ظني انه كذلك . وكنت قد المحت في بعض النقاشات ان نقد دكتور عبد الله الى الغابة والصحراء ادخل في باب " الكيد الثقافي " على وزن "الغش الثقافي " العبارة التي كان قد وصفهم بها هنالك .
الا ان الدكتور لم يرد ، لرد الاعتبار هذا ان ياتي كاملا . فحرمهم حق كونهم اصلاء في توصيف الغابة والصحراء . ونسبه الى مكمايكل وترينغهام. او المستشرقين بوجه عام . فهل هذا صحيح ؟
سنحاول الاجابة على ذلك ان شاء الله .

Post: #35
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبد الله عقيد
Date: 09-16-2006, 11:04 AM
Parent: #1

الأخ حيدر
والأخوة المتحاورين
لكم التحية

في مثل هذا البوست لا يملك المرأ إلى أن يقرأ ويستمتع..

Post: #36
Title: كناية ثقافية وليس استعارة ثقافية-تصويب مهم
Author: osama elkhawad
Date: 09-16-2006, 05:16 PM
Parent: #35

أحب ان اوضح انني اخطأت في ترجمة:
Cultural Metaphor
والصحيح هو:
كناية ثقافية
فارجو ان تقرأ مداخلاتي بعد اجراء ذلك التصحيح.
وسأقوم باجراء التصحيحات اللازمة.
محبتي
المشاء

Post: #37
Title: Re: كناية ثقافية وليس استعارة ثقافية-تصويب مهم
Author: osama elkhawad
Date: 09-17-2006, 01:35 AM
Parent: #36

الى المتابعات العزيزات،
والمتابعين الاعزاء،
كما وعدت فقد قمت باجراء التصويبات بالنسبة للاستعارة الثقافية ،
والتي أبدلتها ب:
الكنايات الثقافية
و اذا سهوت عن تعديل،
ذلك ان التعديل من الشاشة صعب ومرهق للعين،
فأرجو من الآن فصاعدا قراءة "استعارة" باعتبارها "كناية".
و شكرا لصبركم علي.
محبتي
المشاء

Post: #38
Title: Re: ويعتذر ايضا انابة عن تلاميذه !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-17-2006, 11:36 AM
Parent: #1

حينما قال الدكتور عبد الله في حواره مع عيسى الحلو : " اريد ان اعقد الصورة، صورة الغابة والصحراء حتى لاتندرج في سائر الهجائيات "
كانه يشير بذلك الى الهجاء المر الذى جرى به قلم ، كل من حسن موسى وعبدالله بولا بتاثير من مقالة " تحالف الهاربين " .
فحسن موسى ،في مقالته : " شبهات حول الهوية " يلعن جماعة الغابة والصحراء ويحملهم المسئولية الكاملة في التمهيد لظهور سلطة الجبهة الاسلاموية - على تعبيره ، ويقول:
" … لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في المسئولية الأخلاقية بقدر ما عبدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والإسلام … فهم قوم لم يرعوا حرمة الإبداع ولم يعوا دور المبدع كمعارض وكخارج ، وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم ، وهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي . "

ولا يملك د. بولا ، إلا أن يمطرهم بالمزيد من اللعنات بعد أن يحملهم المسئولية هو الآخر في التمهيد لولادة ما يسميه بالغول ( الاسلاموي ) في مقالته : شجر نسب الغول ، ويقول :
" عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة ، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية . "

ولكن الدكتور عبد الله ابراهيم يقول لهم هنا : لا يا جماعة انتم ظلمتم هؤلاء الناس :

" لا تصح مثل هذه المحاكمة لجيل الغابة والصحراء بمسطرة السياسة اليوم والثقافة اليوم. كانت كل هذه الاشياء هي نشاط ذهني وعصبي ورؤى. اختلطت عندهم الممارسة بالتنظير وكانوا محض شوق الى (الوجود المغاير). هذا من باب محبتي لهم ومن باب عضويتي بناديهم. فالسؤال حول الطبيعة السياسية أو الثقافية لشاغلي جيل الغابة والصحراء لا مكان لها في اعراب الزمان. هذا جيل كامل الدسم. هؤلاء كانوا ناراً مختلفة، وكانوا طاقة اخرى.. النور عثمان وصلاح انظر مكي يرثي المجذوب ويتكلم عن انفصال الصندل عن الجمر." ثم يضيف :
" فهي قد مازجها ولع غير عادي بالبلد السودان، وضعت ورضعت لبان اليسار وسعت للتآخي السوداني بطريقتها وهو تأخ قائم على نموذج انسان سنار، كما سميته في المقالة.. وكانت سنار السلطنة الزرقاء من الملهمات اعجبهم فيها افريقيتها واسلامها معاً، وتحالف دنقس وجماع. اريد ان اعقد الصورة، صورة الغابة والصحراء حتى لاتندرج في سائر الهجائيات لانها المحاولة الثانية بعد محاولة محمد أحمد المحجوب للحفر في الهوية السودانية. بالقدر المتاح من المصادر والموجبات والعاطفيات لبناء مثقفة لسودان جديد."





Post: #39
Title: Re: الاستاذ/ كمال الجزولي يرد على الدكتور عبدالله
Author: Agab Alfaya
Date: 09-17-2006, 08:07 PM
Parent: #1

جاء في اجابة للدكتور عبد الله ردا على اول سؤال في الحوار :
Quote: ربما كانت الدعوة بالنسبة لي تجد قبولاً، فالمعادلة القائمة بين العروبة والافريقية، التي جاءت بها الغابة والصحراء كانت مناسبة من زاوية ثقافية، وكنت عرضة للتأثر بالمصادر الاولى لنظرية الغابة والصحراء، المتمثلة في كتابي (ترمنجهام) (الاسلام في السودان) و(ماك ما يكلز) المتمثل في (العرب في السودان).

فماذا قال مكمايكل وترمنغهام في كتابيهما عن السودان ؟

يجيب الدكتور على ذلك في مقالته "تحالف الهاربين " :
" فهارولد ماكمايكل يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربى . وقد تبعتـه فـي ذلك جمهـرة العلمـاء من امـثال ج. ترمنغهـام ( 1949 ) ، ويوسف فضل حسن ( 1967 ) ، وسيد حامد حريز ( 1977 ) ، وليام آدمز (1977 ) ، وحيدر ابراهيم ( 1979 ) ، وغيرهم كثير . "
لذلك يقول في الحوار :
" ومن هنا افترق طريقي مع اهل الغابة والصحراء. وبدأت انظر في الينابيع الثقافية والنظرية والمعرفية لمدرسة الغابة والصحراء. وبدأت بنقد كتابي (ترمنجهام وماك مايكل). وقع طلاق البينونة بيني وبين المدرسة (الغابة والصحراء). "

اذن سبب الطلاق بينه وبين جماعة الغابة والصحراء هو القول ان سكان شمال السودان هم خلاصة التمازج العربي النوبي .

وهنا نترك المجال للاستاذ كمال الجزولي يرد على الدكتور عبدالله :
" مهما يكن من أمر ، فاننا نتفق مع ما ذهب اليه يوسف فضل من ان حقيقة الهجنة واختلاط الدماء العربية والنوبية يبدو ماثلة للعيان بقوة لا تحتمل المغالطة . والى ذلك يجدر التعاطي معها كحقيقة معرفية لا ينتقص منها ان دعواها في أصولها العرقية عند مكامايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام متهومة لدي بعض المفكرين بانها تنطوي لى فرضية انحطاط كما ذهب الى ذلك مثلا د. عبد الله ابراهيم . "
ويضيف كمال الجزولي نقلا عن هاملتون : " .. فالعرب الاقحاح لم يكن عددهم كبيرا ، وقد اختلطوا حيث اقاوا وتزاوجوا مع السكان المحليين سواء كانوا من النوبيين او البجة او الزنوج .."
الآخر : بعض افادات مستعرب مسلم - كمال الجزولي ص 163،165 منشورات رواق 2006

Post: #40
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-18-2006, 02:44 AM
Parent: #1

شكرا الاستاذ عبد الله عقيد وكل القراء على المتابعة الرصينة
ونواصل بقية الردود المحاور

Post: #41
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-18-2006, 02:13 PM
Parent: #40

الأساتذة / الخواض والفيا

مشكورين لرفد البوست بإجتهاداتكم المقدرة

...................

ما يميز الحوار مثار النقاش هو طرحه العديد من التساؤلات المشروعة حيال

حالة التعارض الوجداني التي جعلت الدكتور عبد الله معارضا لما يسمى عند

إدوارد سعيد بثقافة (الهجنة) مقابل تأييده لكل ما يؤسس لثقافة (الهوية)

.............

في إعتقادي المتواضع أن هذه النزعة (الفصامية) التي إعترت الدكتور عبدالله

تكفي وحدها لإظهار النزعة التسلطية للتأثير على الجانب النفعي في

عملية الممارسة الكتابية

هل أشكلت الغابة والصحراء على الدكتور الى هذه الدرجة?

هذا ما أتمنى أن أجد له إجابة

Post: #42
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-18-2006, 04:10 PM
Parent: #41


Post: #43
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-18-2006, 04:57 PM
Parent: #1



هُنا
لتظل الثقافة خفاقة بضجيج
يعلو كل ضجيج ،
على الكلمة المُصنَّعَة كون حجيج .
جسد كامل
لا مهد خديج




Post: #44
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-19-2006, 00:37 AM
Parent: #43




احب ان اسلط الضوء على ما اطلقنا عليه :
Quote: القراءة الخاطئة

و ان يرتكز الكثيرون في فهمهم للمصطلحات على المعنى القاموسي،
المتعدد الدلالات,
وكذلك على أن فقر المعرفة بالموضوع المحدد للنقاش،
يقود الىفقر معرفي.

وساضرب مثلا مفترضا.

لو قلت لعبد الله علي ابراهيم ،
انك تتحدث عن الاستعارات الثقافية،
فكان سيقول لي ،
انت تقصد الكنايات الثقافية،
ذلك انه ملم بحقله تمام الالمام.

لقد أخطات في ترجمة كلمة Metaphor
ذلك ان الاستعارة دوما تقابلها الكناية،
وهذا ليس مبررا مقبولا،
لكن علينا ان نكون مدركين ان من مهامنا ككتاب ان نملِّك القراء المعلومات الصحيحة،
و أن تكون لنا القدرة على الاعتراف بالخطأ.

وفي المقابل اذا تكررت اعتذاراتنا ،
فهذا يعني اننا نمتلك قدرا كبيرا من الخفة المعرفية.

كنت اتوقع من الاخ الفيا،
أن يصححني ،
باعتباره يطرح نفسه كمتخصص في الغابة والصحراء،
وكي يحترم راي شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم فيه.

لكنه للاسف الشديد ،
لم يفعل ذلك ،
بل انساق مع خطأي بشكل غير موفق.

لاحظ فهمه لخطأي حول الاستعارة.

لم يتبادر الى ذهنه غير ان هذا الامر يتعلق بجلب و استعارة مفاهيم من خارج الثقافة،
و لم يفتح الله عليه ،
بأن يتذكر ان الاستعارة في اللغة ،
غيرها في مجال النقل و الهجرة الثقافية.

وهنا امثلة لذلك:
Quote: لا ادري كيف يوصف الحديث عن الواقع السوداني بوصفه عربي افريقي او افريقي عربي ، استعارة ثقافية امريكية ؟
بل كيف توصف الغابة والصحراء بانها مجرد استعارات ثقافية ؟
اليست الصحراء واقعا ثقافيا وجغرافيا ؟
اليست الغابة واقعا ثقافيا وجغرافيا ؟
السنا جميعنا نتاج لهذا الواقع الثقافي والجغرافي ؟

ومع عدم التسليم بكون الغابة والصحراء استعارة ثقافية
نسال السؤال التالي : ما حكم نظرية "الاستعارات الثقافية " في الاتي :

- الحداثة
- البنيوية
- التفكيك
- العولمة
- الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني
- نظرية الهامش والمركز
- الخ ..

وهل نظرية الاستعارات الثقافية سوى مقولة "الفكر المستورد " والغزو الثقافي ؟!!
Re: الا اذا قلنا ان الانسان السوداني انسان مستعار !

لم يخطر ببال الفيا ،
ولو للحظة ان الامر مرتبط بما تراكم من خطاب حول التعدد الثقافي ,
والعلاقة بين الثقافات في مجتمع متعدد.
والمعروف ان الخطاب المتعلق بالتعدد الثقافي،
يتحدث عن امرين:
النظرية الثقافية
و
الاستعارة الثقافة
ولذلك لا يمكن الحديث ،على حد تعبير الفيا ،
عن:

Quote: نظرية الاستعارات الثقافية

فهذا مزج يدل على عدم المام بذلك الخطاب حول التعدد الثقافي.

وقد اشار عبد الحي ،
رضي الله عنه،
وأرضاه،

صراحة الى كناية المصهر ،
و سنعود الى ذلك.

ثم يكرر الفيا في مقام آخر العودة الى مجاراتنا في ما قلنا به من خطأ:

Quote: هنا يدعونا الدكتور عبد الله لتبني هذه الاستعارة الثقافية ولكنها ليست امريكية تعددية بل ثيوقراطية استبدادية ذات قوام ثقافي وديني واحد فقط :

Re: ما رأيكم في هذه الاستعارة الثقافية ؟

ان الحوار مع ع.ع. ابراهيم،
ليس بالامر السهل،
في مثل هذه المواضيع الفكرية شديدة التعقيد.
وهو ملم بموضوعه بشكل جيد.

طبعا مواقفه السياسية ،
مواقف مرفوضة .

و سنعود للحديث عن مساهمة الخطاب الامريكي الضخمة حول التعدد الثقافي،

و كذلك مساهمات الخطاب الكندي الثقافي النقدي,
والذي يعيش حالة تشابه الى حد ما حالة المجتمع الامريكي.
محبتي للجميع،
المشاء

Post: #45
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-19-2006, 11:24 AM
Parent: #44

up

Post: #46
Title: Re:بيدي عمرو ، لا بيدي !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-19-2006, 12:01 PM
Parent: #44

حفاظا على النسق الرصين لهذا الحوار من الانزلاق الى التهاتر سوف اتقاضى عن التعليق على هذه القدرة العجيبة في الالتفاف حول الحقيقة وتبرير الاخطاء وتحميل وزرها للاخرين واترك ذلك لذكاء القاريء .
وسدا للذرائع اقول حتى لو كانت " كنايات ثقافية " وليست "استعارات ثقافية" فليس في هذا مخرجا .
فالغابة والصحراء كنايات سودانية مية المئة وليست امريكية.
فالغابة كناية عن العنصرالافريقي والصحراء كناية عن العنصر العربي .
فالكناية تقابل الرمز في لغة اليوم .
والغابة والصحراء بهذا المعنى الرمزي او الكنائي واقع اثني وثقافي موجود من قديم الزمان وسابق على الواقع الثقافي الامريكي .
الغابة والصحراء هي توصيف لواقع كائن اصلا ومنفتح على المستقبل .
انه واقع تشكل ولا يزال في طور التشكل .

اما اذا كان المقصود هو القول ان جماعة الغابة والصحراء استعارت مفهوم "البوتقة" او المصهر من التجربة الامريكية . فالبوتقة ذاتها تتحمل المعنيين . الكناية والاستعارة . فالبوتقة كناية ثقافية بمعني انها يكني بها او يرمز بها الى انصهار العناصر الثقافية فيما يعرف بالوحدة في التنوع . وهي ايضا استعارة ثقافية بمعني مفهومها مستعار من التجربة الامريكية . ولكن البوتقة السودانية اقدم تاريخيا من البوتقة الامريكية .
اذن السياق هو الذي يحدد اي المعنيين نختار لترجمة كلمة Metaphor
والكلمة بمفردها لا تحمل اي معني محددا . وهذه من ابجديات الترجمة وعلم اللغة .
وحيث انك نزعت الكلمة من سياقها - ولا ادري من اين اتيت بها - فمن الطبيعي ان تخطئء في الترجمة المناسبة او تغيرها على هواك . ومع ذلك تريد ان تحمل الاخرين هذا الخطأ الفادح !!

Post: #47
Title: Re: خطوة الى الامام
Author: Agab Alfaya
Date: 09-19-2006, 12:11 PM
Parent: #1

Quote: طبعا مواقفه السياسية ،
مواقف مرفوضة .

المواقف السياسية لا تنعزل عن الفكر ، فهي تجسيد وترجمة للفكر النظري .خصوصا في حال عبدالله ابراهيم الذي يصنف كمفكر يساري . والفكر عند اليسار ممارسة قبل كل شيء .
والقاريء الحصيف يلحظ ان كتابات الدكتور عبدالله منذ الثمانينات وصاعدا كانت تمهيدا وتبريرا لمواقفه السياسية التي تقول الان انها مرفوضة .

Post: #48
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-19-2006, 12:24 PM
Parent: #1

[B/]

الأحباء هُنا

بقدر وقوفنا تحت مظلة الثقافة ،
نستظل من هجير صحارى العاديّ من كل المنثور
والشاعِر من اللغة ، بقدر ما نقف لمن يفسحون للحوار بكثير
من المحبة .

نُمسِك ببعضنا بكثير من الألفة .
فحوار الخلاف على تفاصيله ،
يتعين فيما أرى أن يُرسل رسائل شراكة بين المختلفين ،
فالسماء الآن لن ترتد عن الشارع و البحر ....
، بل المتناثرين على قارات الدُنيا يقرءون كل ما نكتُب .

لقد ذكّرني الكاتب الصديق : عثمان حامد سليمان كثيراً
بأننا في كثير من الحوارات المُتألقة ، وهي في قمة أعاجيبها ...
ودون سابق انزار :
تحتمي بغلظة لا حاجة لنا فيها ،
وينغلق الكتاب من تلقاء نفسه وينصرف الجميع !!!.

من هُنا أرى الصبر على رؤى بعضنا ، ونردف البينة برفق التأني ،
وقد خسرنا كثيراً من ( المثاقفة ) الثرية إن صحّ التعبير ،
بسبب مشاعر كالحة في منتصف الطريق ، ..
أرجو بصدق أن نترفق بمن نختلف معهم ،
وأن نكون كما يود كثيرون أن يرونا عليه .

وأعتذر عن لبوس خطابي صيغة أبوية الملامح ،
لم أرغب بها . آملاً أن يكون المقصد خير اعتذار ،
وأن يكون الود بيننا أكثر من صديق .

أما عن الكاتب : دكتور عبدالله علي إبراهيم ،
فهو يملك ناصية اللغة ، بل يُخلِّق قاموسه الخاص ،
وله الرصيد الذي يمنحه هذا الحق ،

وتحتاج الردود عليه بالفعل الكثير
من الحيطة والحذر .

آمل في ايراد نماذج من أعمال أصحاب الغابة
والصحراء عندما كانوا يستبطنون تلك الرؤى ،
ثم نُحيلها لمبضع التشريح لتكون السباحة
مهرجان الجسد الراقص .
شكراً للجميع ، ثم نواصل ..

Post: #49
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبد الله عقيد
Date: 09-19-2006, 01:12 PM
Parent: #1

متابعون

Post: #50
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-19-2006, 01:25 PM
Parent: #1



الأحباء هُنا


رؤية تتخفى على خجل :

ربما نتجنى كثيراً على أصحاب الغابة والصحراء إن نظرنا إليهم نظرة من أرادوا وضع قواعد للهوية ، وإن لعبت بذهنهم خطرات حالمة : مثلاً عن سنار الهجين ، ولم يقرءوا الوجه الكالح من التاريخ القديم جيداً ، وسير خُطى العُبودية على أرداف جمال سنار وهي تمشي مشي السحاب .

فالناظر لهؤلاء المُبدعين بمحبة ليس من كلل في نظره ، أو غشاوة تمنع الرؤية الثاقبة . فنثر خفايا أيديولوجية تستتر أحياناً في ثوب رشيق حالم ، ليس كله مكر سوء ، ولا تبسيط مُخِلّ لرؤى ، ولا قصور في وعي هؤلاء المُبدعين في قراءتهم الزمان والمكان .

ربما اعتذر بعضهم عن التسمية ( الغابة والصحراء ) في زمان لاحق ، عن خجل أو عن خوف من أن التشريح لأعمالهم يذهب بنضار الإبداع ، رغم أن التشريح يُطوِّر الكون المُبدع ، وتتبُع الخُطى المُبدعة ، هو خطو رشيق في إبداع آخر .

ربما هو من أثر مجتمعناالرعوي علينا ،
إذ لا نتقبل أن نعرض أنفسنا لموازين الأحكام إلا للمدح !.

ثم نواصل ..


Post: #51
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-19-2006, 01:45 PM
Parent: #50

عزيزي عقيد
قلت:
Quote: أما عن الكاتب : دكتور عبدالله علي إبراهيم ،
فهو يملك ناصية اللغة ، بل يُخلِّق قاموسه الخاص ،
وله الرصيد الذي يمنحه هذا الحق ،

وتحتاج الردود عليه بالفعل الكثير
من الحيطة والحذر
.


شكرا على انتباهك العالي الى ضرورة توخي الدقة والحذر في الحديث عن كاتب بحجم عبد الله علي ابراهيم.
و استجابة لكلامك الآتي
آمل في ايراد نماذج من أعمال أصحاب الغابة
والصحراء


نبسط نصا لمحمد المكي ابراهيم:
الله يا خلاسيه

يا حانةٌ مفروشةٌ بالرمل

يا مكحولة العينين

يا مجدولة من شعر أغنية

يا وردة باللون مسقيّه

بعض الرحيق أنا

والبرتقالة أنت

يا مملوءة الساقين أطفالا خلاسيين

يا بعض زنجيّه

يا بعض عربيّه

وبعض أقوالى أمام الله

***

من اشتَرَاكِ اشترى فوح القرنفل

من أنفاس أمسيه

أو السواحل من خصر الجزيرة

أو خصر الجزيرة

من موج المحيط

وأحضان الصباحيّه

من اشتراك اشترى

للجرح غمداً

وللأحزان مرثيه

من اشتراك اشترى

منى ومنك

تواريخ البكاء

وأجيال العبوديه

من اشتراك اشترانى يا خلاسيه

فهل أنا بائع وجهى

وأقوالى أمام الله

***

فليسألوا عنك أفواف النخيل رأت

رملاً كرملك

مغسولاً ومسقياً

وليسألوا عنك أحضان الخليج متى

ببعض حسنك

أغرى الحلم حوريه

وليسألوا عنك أفواج الغزاة رأت

نطحاً كنطحك والأيام مهديه

***

ليسألوا

فستروى كلُ قمريه

شيئاً من الشعر

عن نهديك في الأسحار

وليسألوا

فيقول السيفُ والأسفار.

***

يا برتقالة

قالوا يشربونك

حتى لا يعود بأحشاء الدفاق رحيق

ويهتكون الحمى

حتى تقوم لأنواع الفواحش سوق

والآن راجوا

فظلّ الدن والإبريق

ظلت دواليك تعطى

والكؤوس تدار

***

هزّى إليك بجذع النبع

واغتسلى

من حزن ماضيك

في الرؤيا وفي الإصرار

هزّى اليك

فأبراج القلاع تفيق

النحل طاف المراعى

وأهداك السلام الرحيق

الشرق الأحمر

والنعمى عليك إزار

نجرى ويمشون للخلف

حتى نكمل المشوار

***

طاف الكرى بعيون العاشقيك

فعادوا منك بالأحلام

ما للعراجين تطْواح

وليس لأطيار الخليج بغام

النبعُ أغفى وكلّ الكائنات نيام

إلا أنا

والشّذى

ورماح الحارسيك قيام.

***

متى تجاوزتهم

وثباً إليك أجئ

شعرى بليل

وحُضنى بالورود ملئ

فلتتركى الباب مفتوحا

وحظى في الفراش دفئ

ولتلبسى لى غلالات الشذ ى

وغناء النبع والأشجار

فلى حديث طويل

مع نهديك في الأسحار

يا برتقاله

ساعات اللقاء قصار

تأملينى في الصباح أطلْ

البحر ساجٍ

وتحفافُ النخيل غزل

وبركة القصر بالنيلوفر ازدحمت

والنحل أشبع كاسات الزهور قبل

واننى الآن أزهى ما أكون

وأصبى من صباى

ومكسياً من النور الجديد إزار

تأملينى فإن الجزر أوشك

- إنى ذاهب-

ومع المدّ الجديد سآتى

هل عرفتينى؟

في الريح والموج

في النوء القوى

وفي موتى وبعثى سأتى

فقولى قد عرفتينى

وقد نقشت تقاطيعى وتكوينى

في الصخر والرمل ما بين النراجين

وإنى صرت في لوح الهوى تذكار

والآن

***

لا شابعاً من طيب لحمك

أو ريّان منسكب نهديك أمضى

فأوعدينى أن ستدعونى

الى فراشك ليلا آخر

وتطيليه علىّ بشعرك

في زندى

***

ولونك في لوني وتكوينى

فنيتُ فيك فضمينى

الى قبور الزهور الاستوائيه

الى البكاء

واجيال البعوديه

ضُمّى رفاتى

ولفّينى بزندك

ما أحلى عبيرك

ما أقواك

عاريةً وزنجيه

وبعض أقوالى أمام الله.
http://www.mafhoum.com/press2/80C33.htm

Post: #52
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-19-2006, 01:59 PM
Parent: #1

Quote: و أنا أؤمن على ما قال به :
ع.ع. ابراهيم
حول ان تلك الكناية،
تليق بممثلي الجماعة العربية الاسلامية.
ولذلك قال ع.ع. ابراهيم،
في ما قال به من كلام سديد،
انها لا تليق بالثقافات الجنوبية مثلا.
ارجع الى كلام قرنق عن :
البوتقة الثقافية
وقرنق قد نال قسطا من تعليمه في امريكا.
فالبوتقة الثقافية عند قرنق،
هي ما ستتشكل,
أي في االمستقبل,
وليس ما تشكلت ،
أي في الماضي في النموذج السناري,

عبد الله لم يرفض الغابة والصحراء لانها ، لا مكان فيها لانسان الجنوب - وهذا غير صحيح فالغابة هنا كناية عن الجنوب - ولكن عبد الله يريد وطنا خاصا فقط بالجماعة الشمالية العربية المسلمة . وسنفصل ونورد الشواهد على ذلك .
اما قبول قرنق بفكرة البوتقة فهو في حد ذاته رد على ما ذهب اليه عبدالله ابراهيم من ان اهل الجنوب رفضوا معادلة الغابة والصحراء .
ثم ان قرنق لم يرفض البوتقة بحجة انها مستعارة من التجربة الامريكية . وهل نرفض الديمقراطية بحجة انها غربية المنشا ؟!

Post: #53
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-19-2006, 02:10 PM
Parent: #1



الأحباء هنا


تعقيب على عبارة :

تعجبت من إسراف الدكتور عبد الله علي إبراهيم
في وصف الشاعر عبد الحي بالتعبير الآتي نصه
وورد في حواره مع الكاتب عيسى الحلو :

( أو عبد الحي بإرثه الغربي العجيب ) !!

إنني أرى أنه يمكن لعبد الحي أن يلتحف ما شاء من لبوس الدُنيا ،
لغة وطرائق تعبير أياً كانت أصولها ،
فالعقل المُبدع الصافي ذهن مفتوح ،
يرجع بالماضي إلى الخلايا الأولى ، وللحاضر من أي نبع ،
ومن المستقبل كل الممكن .

لن تكون الهوية بأية حال سقفاً للإبداع ،
بل عالم يمكن السباحة فيه للمُبدع ،
أو أن ينفلت من مداره لمجرَّاتٍ أخرى .

أختلف مع الدكتور في كلمة ( العجيب ) ،
وأراه مُسرِفاً في الوصف .


Post: #54
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-19-2006, 06:54 PM
Parent: #1

الاخ حيدر تقول في اشارة في غاية الذكاء واللامعان
Quote: حالة التعارض الوجداني التي جعلت الدكتور عبد الله معارضا لما يسمى عند
إدوارد سعيد بثقافة (الهجنة) مقابل تأييده لكل ما يؤسس لثقافة (الهوية)

وهذا يتجلي في قوله في خاتمة مقالته "تحالف الهاربين "
" إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا ."

وابان عن ذلك بصورة اكثر جلاء في محاضرته التي القاها بالمجمع الثقافى بابوظبى فى امسية الاربعاء الموافق 11/7/2001
وقال : انه معنى بشان الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان وان الشفرة الثقافية لهذه الجماعةهى القومية العربية.وان اس البلاء ومثار النزاع الحالى فى السودان هو ان هذه الجماعة العربية الاسلامية عندما ارادت ان تبنى وطنا بنت وطنااكبر فى رقعته من رقعتها.وان من بعض متاعبنا هو هذا الخليط من الهويات. وقال : ان نظام الانقاذ مستل من هذه الشفرة ،شفرة الثقافة العربية الاسلامية.وهو لذلك يصفه ببرج ايفل ويقول ان هناك كاتبا فرنسيا يكره برج ايفل جداولكنه مع ذلك كانت يذهب اليه لتناول وجباته فيه لما سئل عن السبب ،قال ان اللحظة الوحيدة التى لا يرى فيها البرج هى لحظة دخوله فيه؟؟ وذلك فى دعودة صريحة للناس للانخراط فى نظام الانقاذ ليرواه من الداخل؟؟ "

لذلك تامل الاضطراب في قوله في الحوار عن سبب افتراقه عن الغابة والصحراء هو :
" ولم تشفع لنا رايات الغابة والصحراء كمصالحة اساسية بين العروبة والافريقية، ومن اتهام الشماليين بكل قبيح وذنب وتقصير. فالنظرية التي لا تغطي صلبها تعرض نفسها للمسائلة والجرح والتعديل. فهي لم تقنع الحركة القومية الجنوبية بسداد انسان الغابة والصحراء كمنتوج نهائي جميل ومريح للسودان. ومن هنا افترق طريقي مع اهل الغابة والصحراء. وبدأت انظر في الينابيع الثقافية والنظرية والمعرفية لمدرسة الغابة والصحراء. وبدأت بنقد كتابي (ترمنجهام وماك مايكل). وقع طلاق البينونة بيني وبين المدرسة (الغابة والصحراء). "
فالسبب الحقيقي ليس لان الغابة والصحراء لم تقنع الحركة الجنوبية القومية وانما لانها لم تقنع التطلعات القومية العروبية للجماعة الشمالية العرية المسلمة التي يقول انه معنى بشانها ،و من خطأ هذه الجماعة انها بنت وطنا اكبر من رقعتها . "اتهام للشماليين بكل قبيح وذنب وتقصير !!

Post: #55
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-19-2006, 09:12 PM
Parent: #54

ورد في هذا البوست هذا السؤال الموجه الي حول من اين اتيت بمصطلح الكناية الثقافية:
Quote: ولا ادري من اين اتيت بها؟


وقد حدث نفس هذا الشيئ ،
عندما تمت مهاجمة ع.ع. ابراهيم،
لانه استخدم مصطلح الشفرة الثقافية،
وذلك ببساطة لان مناقشيه لم يسمعوا،
بذلك المصطلح،
وهذا ليس ذنب ع.ع. ابراهيم باي حال،
وللاسف اشترك في هذا الهجوم الاستنكاري:
الراحل المقيم:
الاستاذ الخاتم عدلان.
وسنعود لذلك كان الله هوّن.

نعود للكنايات الثقافية،
والتي هي مجال واسع للدراسات الحديثة.

أدناه هاند اوت في جامعة امريكية ،
لعرض بالباور بوينت عن :
الكنايات الثقافية
http://www.dpo.uab.edu/~danielou/FLL%20120%20Intro%20ha...ltural%20metaphor%22

و أدناه ايضا عرض بالباوربوينت في جامعة امريكية،
ولم اتمكن من نقل الباوربوينت،فاتيت بصيغته في لغة html


This is the html version of the file http://www.d.umn.edu/cla/faculty/troufs/anth1095/PowerP...ltural_metaphors.ppt.

To link to or bookmark this page, use the following url: q=cache:RzQkO5sBdbAJ:www.d.umn.edu/cla/faculty/troufs/anth1095/PowerPoint/cu...n&gl=us&ct=clnk&cd=1

These search terms have been highlighted: cultural metaphors
These terms only appear in links pointing to this page: powerpoint







Understanding
Global Cultures

Cultural Metaphors

http://www.d.umn.edu/cla/faculty/troufs/anth1095/index.html#text

Cultural Metaphors
• Unit of analysis
= the nation or national culture
 “national character studies”

 The Chrysanthemum and the Sword – Ruth Benedict

Cultural Metaphors

• Other “units of analysis” may include:
o one person (e.g., Paul Buffalo)

 “life histories”

http://www.d.umn.edu/cla/faculty/troufs/Buffalo/Intro-Temp2.html
Paul Buffalo
Meditating
Medicine

Cultural Metaphors


• Other “units of analysis” may include:
o one person (e.g., Paul Buffalo)
o the family (e.g., Strodtbeck, see later)
o the community
o a region (“culture area”)
 Mesoamerica
 The Northwest Coast (of North America)
 The Upper Midwest
 The Mideast
 “Sub-Saharan Africa”
 Aran Islands

Cultural Metaphors

• Other “units of analysis” may include:
o one person (e.g., Paul Buffalo)
o the family (e.g., Strodtbeck, see later)
o the community
o a region (“culture area”)
o a culture
 “Irish”
 “Chinese”
 “Mexicans”
 “Bedouins”

Cultural Metaphors

• but cultural metaphors can be derived for ethnic groups within and across nations

o e.g., Anishinabe (Chippewa; Ojibwa)
o e.g., Rom (Gypsies)
o e.g., Irish “Travellers”
 sometimes incorrectly called “Gypsies”
o e.g., Basques
o e.g., Kurds

Cultural Metaphors

• Unit of analysis = the nation or national culture

• applies to a group, but not to every individual within it

Cultural Metaphors • Unit of analysis = the nation or national culture

o because a good amount of evidence suggests that there are commonalities across regional, racial, and ethnic groups within each of them that can be captured effectively by cultural metaphors

Cultural Metaphors
• Unit of analysis = the nation or national culture

o Understanding Global Cultures contains 28 metaphors

o there are approximately 200 nations in the world
 193 according to The Times World Atlas (2004)

Ken Livingston, mayor of London England, indicated that there were over 300 languages spoken in London.
(Following the terrorist attack of July 2005).
Communication



Culture Counts
and it counts quit a bit

Constructing Cultural Metaphors
• Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck

• Edward T. Hall

• Geert Hofstede

• Cultural Metaphors include, in addition, the items on p. 11 . . .

Cultural Metaphors include . . .
• religion

• early socialization and family structure

• small group behavior

• public behavior

• leisure pursuits and interests

Cultural Metaphors include . . .
• total Lifestyle

o work / leisure / home and time allocations to each of them

• aural space

o the degree to which members of a society react negatively to high noise levels

• roles and status of different members of a society

Cultural Metaphors include . . .
• holidays and ceremonies

• greeting behavior

• humor

Cultural Metaphors include . . .

• language

o oral and written communication

Cultural Metaphors include . . .

• nonoral communication

o body language
 kinesics (motion)
 proxemics (space)

Cultural Metaphors include . . .
• sports

o as a reflection of cultural values

• political structure of a society

• the educational system of a society

Cultural Metaphors include . . .
• traditions and the degree to which the established order is emphasized

• history of a society

o but only as it reflects cultural mind-sets, or the manner in which its members think, feel, and act
o not a detailed history

Cultural Metaphors include . . .

• food and eating behavior

Cultural Metaphors include . . .
• social class structure

• rate of technological and cultural change

• organization of and perspective on work

o such as a society’s commitment to the work ethic, superior-subordinate relationships, and so on

• any other categories that are appropriate

A Four-Stage Model of Cross-Cultural Understanding
• four-cell typology of process / goal orientation

• more specificity

• inclusion of other “etic” of culture-general dimensions along which specific cultures have been shown to vary

• cultural metaphors are employed for understanding a culture

o they build on the “etic” understanding provided by the approaches used in the first three stages

Emics / Etics
emics
o from “phonemics”
o viewing a culture from the inside

etics
o from “phonetics”
o viewing a culture from the outside

More on the “emics” and “etics” later


“Four-Stage Model”
One variable of the
“Four-Stage Model” is the degree to which process such as effective communication and getting to know one another in depth should precede discussion of specific goals


“Four-Stage Model”
Another variable of the
“Four-Stage Model” is the degree to which a culture fosters and encourages open emotional expression

Fig. 1.1. Process, Goals, and Expression of Emotions (p. 12)
Mexico, Spain, and Italy
China, Japan, and India
Higher
United States and Germany
England, Ireland, and Scotland
Lower
Higher
Lower


Degree to Which Process Must Be Emphasized Before Goals Can Be discussed
Open Expression of Emotions and Feelings
More on the “Four-Stage Model” later

Cultural Metaphors
“Metaphors
are not stereotypes”
– Martin J. Gannon
Why?





Geert Hofstede (1991)
• IBM study demonstrated that national culture explained 50% of the differences in attitudes in IBM’s 53 countries


“Given such studies, it seems that culture influences between 25% and 50% of our attitudes, whereas other aspects of workforce diversity, such as social class, ethnicity, race, sex, and age, account for the remainder of these attitudinal differences.”


“Frequently, when a foreigner violates a key cultural value, he or she is not even aware of the violation, and no one brings the matter to his or her attention.”
• once a visitor makes a major mistake it is frequently impossible to rectify it

• and it may well take several months to realize that polite rejections really signify isolation and banishment


“Even genuinely small cultural mistakes can have enormous consequences.”


“. . . Knowing a country’s language, although clearly helpful, is no guarantee of understanding its cultural mindset, and some of the most difficult problems have been created by individuals who have a high level of fluency but a low level of cultural understanding.”


“Moreover, members of a culture tend to assume that highly fluent visitors know the customs and rules of behavior, and these visitors are judged severely when violations occur.”

Cultural Metaphors
• Understanding Global Cultures describes a method for understanding easily and quickly the cultural mind-set of a nation and comparing it to other nations

Cultural Metaphors • In essence the cultural metaphor involves identifying some phenomenon, activity, or institution of a nation’s culture that all or most of its members consider to be very important and with which they identify closely

o the characteristics of the metaphor then become the basis for describing and understanding the essential features of the society

Cultural Metaphors
• each metaphor is a guide or map that helps the foreigner understand quickly what members of a society consider very important

o but it is only a starting point against which we can compare our own experiences and through which we can start to understand the seeming contradictions pervasive in most, if not all, societies

Cultural Metaphors
• book describes a dominant, and perhaps the dominant, metaphor for each society

o but other metaphors may also be suitable

Constructing Cultural Metaphors
• Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck

• Edward T. Hall

• Geert Hofstede

• Plus items on p. 11 . . .

Constructing Cultural Metaphors
• Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck

o note that each society has a dominant cultural orientation that can be described in terms of six dimensions

Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck
• “What do members of a society assume about the nature of people, that is, are people good, bad, or a mixture?”

 These kinds of beliefs are sometimes called “existential postulates”

Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck
• “What do members of a society assume about the relationship between a person and nature, that is, should we live in harmony with it or subjugate it?”

 These kinds of beliefs are sometimes called “normative postulates”

Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck
• “What do members of a society assume about the relationship between people, that is, should a person act in an individual manner or consider the group before taking action?”

 individualism vs. collectivism (groupism) in terms of such issues as making decisions, conformity, and so forth

Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck
• “What is the primary mode of activity in a given society, that is, being, or accepting the status quo, enjoying the current situation, and going with the flow of things;

or doing, that is, changing things to make them better, setting specific goals and accomplishing them within specific schedules, and so forth?”

Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck
• “What is the conception of space in a given society,

that is, is it considered private, in that meetings are held in private, people do not get too close to one another physically, and so on;
or public, that is, having everyone participate in meetings and decision making, allowing emotions to be expressed publicly, and having people stand in close proximity to one another?”

Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck
• “What is the society’s dominant temporal orientation”

past
present
and / or future?

Constructing Cultural Metaphors
• Kluckholn and Strodtbeck note that each society has a dominant cultural orientation that can be described in terms of these six dimensions

• but that other, weaker orientations may also exist simultaneously in its different geographical regions and racial and ethnic groups

Constructing Cultural Metaphors
• Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck

• Edward T. Hall

o made many discoveries in how people learn language

o analyzed the levels of learning

Edward T. Hall
• “Context,

or the amount of information that must be explicitly stated if a message or communication is to be successful”

Edward T. Hall
• “Space,

or the ways of communicating through specific handling of personal space”
o e.g., North Americans tend to keep more space between them while communicating than do South Americans

Edward T. Hall
• Time, which is either

monochronic
(scheduling and completing one activity at a time)
or polychronic
(not distinguishing between activities and completing them simultaneously – “multitasking”)

Edward T. Hall
• “Information flow,

which is the structure and speed of messages between individuals and / or organizations”

Constructing Cultural Metaphors
• Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck

• Edward T. Hall

• Geert Hofstede

Geert Hofstede
prominent organizational psychologist

research is based on a large questionnaire survey of IBM employees and managers working in 53 different countries

especially significant because the type of organization is held constant

Geert Hofstede
• Power distance

or the degree to which members of a society automatically accept a hierarchical or unequal distribution of power in organizations and the society

Geert Hofstede
• Uncertainty avoidance

or the degree to which members of a given society deal with the uncertainty and risk of everyday life and prefer to work with long-term acquaintances and friends rather than with strangers

Geert Hofstede
• Individualism

or the degree to which an individual perceives him- or her-self to be separate from a group and free from group pressure to conform

Geert Hofstede
• Masculinity

or the degree to which a society looks favorably on aggressive and materialistic behavior

Geert Hofstede
• Time horizon
(short term to long term)
or the degree to which members of a culture are willing to defer present gratification in order to achieve long-term goals

The “three-dimensional approaches” developed by Kluckholn and Strodtbeck, Hall, and Hofstende
o leave out many features of the cultural mind-sets that are activated in daily cultural activities

o neglect the institutions molding these mind-sets

o are instructive, but are “somewhat lifeless and narrow”

leave out many facets of behavior

Constructing Cultural Metaphors
• Florence Kluckholn and Fred Strodtbeck

• Edward T. Hall

• Geert Hofstede

• Cultural Metaphors include, in addition, the items on p. 11 . . .

Post: #56
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-19-2006, 11:04 PM
Parent: #55

أخيرا عثرت على لنك عرض الباوربوينت،
عن:
الكنايات الثقافية
وهو:


http://www.d.umn.edu/cla/faculty/troufs/anth1095/PowerP...ltural_metaphors.ppt

Post: #57
Title: Re: تسوي بيدك يغلب اجاويدك !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-19-2006, 11:30 PM
Parent: #1

بعد ان صحح الخواض ترجمة metaphor حسب قوله ، عاد مرة اخرى واستعمل تعبير استعارات ثقافية وليس كنايات ثقافية :
Quote: والمعروف ان الخطاب المتعلق بالتعدد الثقافي،
يتحدث عن امرين:
النظرية الثقافية
و
الاستعارة الثقافة

وبرضو الاستعارة الثقافية وليس الكناية الثقافية ؟!!!!!

Post: #58
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-19-2006, 11:33 PM
Parent: #1

Quote: اذن السياق هو الذي يحدد اي المعنيين نختار لترجمة كلمة Metaphor
والكلمة بمفردها لا تحمل اي معني محددا . وهذه من ابجديات الترجمة وعلم اللغة .
وحيث انك نزعت الكلمة من سياقها - ولا ادري من اين اتيت بها - فمن الطبيعي ان تخطئء في الترجمة المناسبة او تغيرها على هواك .

هذا ما جاء في احد ردودي
السؤال كان في اي سياق من حديث عبد الله وردت الكلمة لانها لم ترد في الحوار ولا في "تحالف الهاربين" او اي في اي نص ورد هنا في هذا الخيط . وبدون ورود الكلمة في سياق محدد يكون من العبث الحديث عن الترجمة الصحيحة لها . ويمكن ان تكون الكلمة استعارة ثقافية او كناية ثقافية حسب الاستعمال وقصد المتكلم . فالمصطلح يمكن ان يكون كناية ثقافة ويمكن ان يكون استعارة ثقافية كما سبق لبيان اعلاه . والدليل انك رجعت تاني واستعملت تعبير : استعارة ثقافية !!!!
اذن القضية ليست في المصطلح وانما في توظيف المصطلح التوظيف الصحيح . هذا هو المحك . توظيف المعلومة .انت استعملت تعبير استعارة ثقافية ونحن رددنا عليك بالتعبير الذي استخدمته !
مهما يكن من امر ، نحن نتحدث عن الثقافة السودانية وليس الامريكية او الكندية .
وكانت الغابة والصحراء في دلالتهما الكنائية او الرمزية اول محاولة للتعدد الثقافي في السودان كما اقر الدكتور . وهذه الكنايات السودانية ليست استعارات ثقافية .
ولم ترد على ذلك وتجاهلته تماما .

Post: #59
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-20-2006, 01:15 AM
Parent: #1

Quote: وقد حدث نفس هذا الشيئ ،
عندما تمت مهاجمة ع.ع. ابراهيم،
لانه استخدم مصطلح الشفرة الثقافية،
وذلك ببساطة لان مناقشيه لم يسمعوا،
بذلك المصطلح،

طبعا هذا غير صحيح .
فالدكتور عبد الله لم يهاجم لانه استعمل مصطلح الشفرة الثقافية .
وانما لانه وصف هذه الشفرة الثقافية السودانية وصفا محددا .
وذلك في المحاضرة التي قدمها في ابوظبي فى امسية الاربعاء الموافق 11/7/2001
حيث قال انه " معنى بشان الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان وان الشفرة الثقافية لهذه الجماعةهى القومية العربية.وان اس البلاء ومثار النزاع الحالى فى السودان هو ان هذه الجماعة العربية الاسلامية عندما ارادت ان تبنى وطنا بنت وطنااكبر فى رقعته من رقعتها.وان من بعض متاعبنا هو هذا الخليط من الهويات. وقال ان نظام الانقاذ مستل من هذه الشفرة ،شفرة الثقافة العربية الاسلامية.وهو لذلك يصفه ببرج ايفل ويقول ان هناك كاتبا فرنسيا
يكره برج ايفل جداولكنه مع ذلك كانت يذهب اليه لتناول وجباته فيه لما سئل عن السبب ،قال ان اللحظة الوحيدة التى لا يرى فيها البرج هى لحظة دخوله فيه؟؟
"

هذا ما اعترض عليه الناس وقتها .
اذن القضية مرة اخرى ليست المصطلح والالمام به او عدمه وانما الرسالة التي يراد ايصالها من خلال توظيف المصطلح . والرسالة اهم من المصطلح لانه يمكن الاستغناء عن المصطلح وتوصيل الرسالة بوسائل اخرى . مشكلة الخواض انه مغرم بالمصطلحات وهذا يشغله عن السياقات والرسائل التي تحملها هذه المصطلحات .

Post: #62
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-20-2006, 04:27 AM
Parent: #59


قلنا قبل ذلك،
ان مشكلة محاوري ع.ع. ابراهيم،
تتمثل في الفجوة المعرفية الضخمة بين خطابه،
وبين محاوريه،
أو قل خصومه السياسين،
و الذين يستندون-فقط-،
على مواقفه السياسية،
وهي مواقف تستوجب الانتقاد،
و الاستنكار،
لكن لا يمكن ان ينسحب ذلك على مجمل خطابه.

وقد أشرناالى موجة الاستنكار العنيفة التي عّبر عنها نفر من معارضيه السياسيين،
ومن ضمنهم الراحل المقيم الخاتم عدلان،
والذي استنكر بشدة استخدام ع.ع. ابراهيم لمصطلح:
Quote: الشفرة الثقافية

و قام بالتشكيكك في صحته،
مع أنه مصطلح علمي ،
اتفقنا معه أو اختلفنا.

و قد ورد ذلك الاستنكار،
في الرد على محاضرة ع.ع. ابراهيم،
و التي قام الفيا بنشرها،
و الترويج لها.

ورد في ذلك الرد على المحاضرة،
ان الخاتم قد قال أنه:
Quote: مهتم بالمفهومي في نص عبد الله


و ضمن ذلك الاهتمام قال الخاتم،
مهاجما ع.ع. ابراهيم،

و مشككا في ما طرحه ع.ع. ابراهيم حول الشفرة الثقافية:
Quote: وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية،
كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟


وواصل هجومه الاستنكاري ،
حول أن المصطلح ناتج من خلط معرفي قام به ع.ع. ابراهيم،
و انه غير متداول اطلاقا في الخطاب الثقافي المعاصر،
قال الخاتم مستنكرا ،
و مدينا لاخلاط ع.ع. ابراهيم المعرفية:
Quote: ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات

Re: رد الخاتم عدلان - علي - عبدالله علي ابراهيم

الوحيد الذي انتبه الى امكانية التداول العلمي لمصطلح :
الشفرة الثقافية
كان حافظ محمد خير:
فردا
والذي تطرق الى شفرة من الشفرات الخمس لبارت في كتابه:
s\z
الا وهي الشفرة الثقافية
وكان محقا في ذلك.
وسنعود
المشاء

Post: #61
Title: Re: سنار الرمز ، وليس سنار الدولة الدينية ،
Author: Agab Alfaya
Date: 09-20-2006, 04:06 AM
Parent: #1

الاستاذ الاديب عبد الله الشقليني كتبت
Quote: ربما نتجنى كثيراً على أصحاب الغابة والصحراء إن نظرنا إليهم نظرة من أرادوا وضع قواعد للهوية ، وإن لعبت بذهنهم خطرات حالمة : مثلاً عن سنار الهجين ، ولم يقرءوا الوجه الكالح من التاريخ القديم جيداً ، وسير خُطى العُبودية على أرداف جمال سنار وهي تمشي مشي السحاب .

واقول " والحقيقة عندما نادى دعاة الأفروعربية بالعودة إلى ( سنار ) للتعبير كرمز للتعبير عن واقع حال الهوية السودانية لم يقصدوا بذلك العودة إلى نموذج الدولة الدينية الذي كان مطبقا في مملكة سنار كما لم يقصدوا تجاهل الحضارات والممالك السودانية السابقة على سنار . وإنما هدفوا ببساطة إلى تقديم نموذج من تاريخ السودان يرمز ويعبر عن التعايش والتمازج السلمي بين الثقافات السودانية المختلفة . وقد رأوا في سنار الخلاصة التي تلتقي عندها كل حضارات السودان القديمة والمعاصرة . والعودة إليها هي بالضرورة عودة إلى مروي وكرمة النوبية وعلوة والمقرة المسيحية .
ففي ديوانه ( العودة إلى سنار ) يستلهم محمد عبد الحي الكثير من الرموز والأساطير من الحضارات النوبية القديمة . وفي ديوانه ( السمندل يغني ) توجد قصيـدة بعنـوان
( مروي ) في إشارة إلى الحضارة المروية القديمة وفي الصفحة المقابلة مباشرة توجد قصيدة أخرى باسم ( سنار ) في إشارة إلى مملكة سنار أكثر من ذلك أن محمد عبد الحي في دراسته القيمة من أسطورة ( الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ) وهو أحد متصوفة مملكة سنار يذهب أبعد من ذلك ويحاول إيجاد وشائج بين سيرة الشيخ إسماعيل وبين سائر الثقافات والحضارات القديمة بما في ذلك التأثر بالتراث اليوناني القديم حيث يرى أن الشيخ إسماعيل هو في الحقيقة أورفيوس سوداني . ويخلص إلى أن سيرة الشيخ الصوفي تمثل اللاوعي الجمعي أو الذاكرة التراثية للإنسان السوداني حيث تلتقي عندها الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات اليونانية والنوبية والمسيحية . "
من مقالنا : الغابة والصحراء كناظم جمالي .
" والحقيقة لا توجد قراءة في توصيف الهوية السودانية ، أصدق من قراءة جماعة الغابة والصحراء ذلك لأنها تنطلق من الواقع العياني الملموس وتتطابق معه . وبالتالي يمكننا أن نصف هذه القراءة بأنها قراءة معرفية وليست أيديولوجيـة . لذلك فأن وصفها بأنها ( مشروع ) أو ( خطاب ) يمكن أن يعد وصفا غير دقيق . فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصورا نظريا لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا . وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر . فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية ، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية . ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية .
ولتقييم مساهمة جماعة ( الغابة والصحراء ) تقييما سليما لابد من النظر إليها في السياق التاريخي الذي ظهرت فيه ، وهي فترة الستينات من القرن العشرين حيث كانت حركات القومية العربية بزعامة جمال عبد الناصر وأحزاب البعث في أوج ازدهارها . وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينية كانت هناك حركة الزنوجة بزعامة ايمى سيزار وليوبولد سينغور . في هذه الظروف واجه جماعة الغابة والصحراء سؤال الهوية ففطنوا إلى أن السودان حالة خاصة يجمع بين العروبة والأفريقانية فتفتق تفكيرهم عن صيغة تجمع بين المكونين العربي والأفريقي في الهوية السودانية فكانت صيغة الغابة والصحراء أو الآفروعربية . "
من مقالنا : الافروعربية بين الواقع ووهم الايدلوجيا .

Post: #63
Title: Re: سنار الرمز ، وليس سنار الدولة الدينية ،
Author: osama elkhawad
Date: 09-20-2006, 05:00 AM
Parent: #61

في محاولة لاصلاح خطأ ما،
عدت الى البوست،
و كانت دوما تكتب لي الرسالةالتالية:
Only the originator of this post or moderators are allowed to edit this message.
Please go back and try again or contact the webmaster if you believe this is a server error
شديد اسفي،
اذ ان اصلاح ردي قد ساهم في ان تكون القراءة مزعجة.
المهم ،
سنعود
المشاء

Post: #64
Title: الشفرات الثقافية
Author: osama elkhawad
Date: 09-20-2006, 05:09 AM
Parent: #63

أدناه غلاف اول كتاب ظرح مسالة :
الشفرات الثقافية


و أدناه ايضا غلاف كتاب يتحدث عن الشفرات الثقافية اليابانية

Post: #67
Title: Re: الشفرات الثقافية
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-20-2006, 05:43 AM
Parent: #64

Quote: أننا في بحبوحة من ترف القراءة ..


ما أصدقك استاذ شقليني

هكذا هي الغابة والصحراء

تفتح لك مغاليق أبوابها

وجنَها وسحرها واساطيرها

إذا دخلتها بقلباً عاشقاً لها

مثلما دخل شكري وعبدالله الطيب والطيب صالح وغازي القصيبي على المتنبي

نتمنى ان يكون مردود المداخلات ذو منفعة لامثالنا

Post: #68
Title: Re: وهل هذه هي الشفرة الثقافية للسودان ؟
Author: Agab Alfaya
Date: 09-20-2006, 07:38 AM
Parent: #64

الخلاف الجوهري مع الدكتور عبد الله ومحور ومحك هذا النقاش الذي يدور عن الهوية والتعدد الثقافي هو حول ماهية الشفرة الثقافية للسودان وليس حول استخدام المصطلح . صحيح ان الراحل المقيم الخاتم عدلان ربما كان غير محقق عندما انكر على الدكتور استعمال المصطلح ولكن :
علينا ان نتجاوز الشكلانية البنيوية للمصطلح والنفاذ الى الحمولة الوظيفية والدلالية للمصطلح .
مرة اخرى نعيد ما قاله في محاضرة ابوظبي قال انه :

" معنى بشان الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان وان الشفرة الثقافية لهذه الجماعةهى القومية العربية.وان اس البلاء ومثار النزاع الحالى فى السودان هو ان هذه الجماعة العربية الاسلامية عندما ارادت ان تبنى وطنا بنت وطنااكبر فى رقعته من رقعتها.وان من بعض متاعبنا هو هذا الخليط من الهويات. وقال ان نظام الانقاذ مستل من هذه الشفرة ،شفرة الثقافة العربية الاسلامية.وهو لذلك يصفه ببرج ايفل ويقول ان هناك كاتبا فرنسيا يكره برج ايفل جداولكنه مع ذلك كانت يذهب اليه لتناول وجباته فيه لما سئل عن السبب ،قال ان اللحظة الوحيدة التى لا يرى فيها البرج هى لحظة دخوله فيه؟؟"

السؤال الذي في حاجة الى اجابة هو : هل فعلا ان الشفرة الثقافية لشمال السودان هي الثقافة العربية فقط ؟ وهل ان نظام الانقاذ مستل من ذات الشفرة ولذلك يجب على هذه الجماعة العربية المسلمة تاييده ؟ وهل حقا ان على الجماعة العربية المسلمة ان ان تبنى وطن على قدر رقعتها الجغرافية ؟
هذا هو بيت القصيد وصلب موضوع النقاش .
هنا تنام "العربسلامية المجيهة " في امان ومأمن من كل نقد .


Post: #65
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-20-2006, 05:21 AM
Parent: #1

Quote: القضية مرة اخرى ليست المصطلح والالمام به او عدمه وانما الرسالة التي يراد ايصالها من خلال توظيف المصطلح . والرسالة اهم من المصطلح لانه يمكن الاستغناء عن المصطلح وتوصيل الرسالة بوسائل اخرى

Post: #66
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-20-2006, 05:25 AM
Parent: #1

Quote: قلنا قبل ذلك،
ان مشكلة محاوري ع.ع. ابراهيم،
تتمثل في الفجوة المعرفية الضخمة بين خطابه،
وبين محاوريه،
أو قل خصومه السياسين،
و الذين يستندون-فقط-،
على مواقفه السياسية،
وهي مواقف تستوجب الانتقاد،
و الاستنكار،
لكن لا يمكن ان ينسحب ذلك على مجمل خطابه
.


ونحن لم نستخدم من خطابه الا ما يدعم مواقفه السياسية ويفلسف لها.

Post: #69
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-20-2006, 11:04 AM
Parent: #1



الشكر موصول للجميع ،

ولنفائس الذين كتبوا عن الغابة والصحراء

وعنقود الهوية .


لقد أوف الأحباء هُنا ما وعدوا ..

وننتظر أكثر ...

ليت المقام هنا يكون دوماً في الجوهرة المُبصِرَة ،

ولا يغيب عن الصفحة الأولى ..

فزمان بعضنا لا يتسع مُهلة البحث .


Post: #70
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-21-2006, 00:00 AM
Parent: #69

كناية :
صحن السلطة


كناية:
قوس قزح:


شكرا عجب الفيا و حيدر حسن ميرغني والشقليني،
على مداخلاتكم.

من زمن طويل ،
و العبد لله يحاول ان يرصد الغابة و الصحراء ،
والحوارات التي دارت حولها في المنابر الاسفيرية،و الصحف ،
و المجلات، و الكتب،
وغيرها من وسائل الاعلام.

وهنا أحب ان اورد رايا للاستاذ:
فيصل محمد صالح
و هو ناصري النزعة،
أي عروبي،
لكنه يتبنى وجهة نظر ع.ع. ابراهيم،
والتي اتفق معها تماما،
حول قيام كيانين ثقافيين او اكثر.

وبلغتي اقول :

ان على الثقافة السودانية،
كحل لمأزق الصراع الثقافي في السودان،
أقول على الثقافة السودانية ان تتبنى أكثر من كناية ثقافية.

و اقرب الامثلة على ذلك كنايات مثل :
Quote: صحن السلطة

أو كناية:
Quote: قوس قزح



و سنعود لايضاح ذلك في كلامنا المختصر عن الخطاب الثقافي الامريكي وعلاقته بالتعدد الثقافي.
ومادة التعدد الثقافي تدرس اجباريا في كثير من الدراسات العليا.

وقد درستها كمادة اجبارية،
على يد قسيس ،
و حامل للدكتوراة،
ومتخصص في التعدد الثقافي وخاصة :
لاهوت التحرير
في امريكا اللاتينية.

وأدين له بالكثير مما سأقول هنا،
فهو قد فتح ناظري على ثراء الخطاب الامريكي،
في ما يتعلق بالكنايات الثقافية.

نعود لكلام الصديق الاسفيري والصحافي المعروف:
فيصل محمد صالح
ففي حوار دار حول الورقة الشهيرة للباحث والكاتب:
محمد جلال هاشم

وقام بنقلها الاستاذ:
عادل عبد العاطي

قال فيصل في رد له على الاستاذ محمد جلال هاشم،
حول اعتراض محمد جلال هاشم على اقتراح ع.ع. ابراهيم في قيام كيانين ثقافيين أو أكثر ،
حين قال:

Quote: - لا عفوا يا صديقي ففي هذا تجني واضح جدا..و استقوال لا يسنده النص. هل القول "
Quote: إن أفضل الطرق عندي أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة… فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية"
...هو دعوة لإقامة حدود ثقافية ولتمزيق السودان ..أم اتجاه إيجابي نحو مشروع الوحدة في إطار التنوع ..والتعددية الثقافية. ألا تؤمن أنت أيضا بوجود قوامين ثقافيين أو أكثر في السودان ..وإن الاعتراف بهذا التعدد افضل من نظريتي الآحادية الثقافية والانصهار القومي؟


ففيصل يتفق معي حول ان كناية :

Quote: المصهر


أو:

Quote: البوتقة الثقافية


هي كناية لا تتفق مع الواقع الثقافي السوداني شديد الثراء،
والتعقيد.


محبتي

و سأعود كان الله هوّن

المشاء

Post: #71
Title: Re: أول محاولة جادة في التأسيس للتعدد الثقافي
Author: Agab Alfaya
Date: 09-21-2006, 03:45 AM
Parent: #1

Quote: لكنه يتبنى وجهة نظر ع.ع. ابراهيم،
والتي اتفق معها تماما،
حول قيام كيانين ثقافيين او اكثر.

هنالك بالفعل قوامان او عنصران ثقافيان قائمان واكثر .
هما الغابة والصحراء وما بينهما ،
في الشمال حدث انصاهر وتمازج من قديم الزمان بين الغابة والصحراء ، نتيجته ماثلة للعيان لكن هذا التمازج لم يلغ بالطبع الخصوصية الاثنية المتمثلة في القبيلة والمجموعات الاثنية .
في الجنوب لا تزال الغابة ، القوام او العنصر الافريقي محتفظا بخصوصيته الثقافية والاثنية ولم يمنع ذلك ولن يمنع من اين يشكل العنصران وما بينهما ، كيانا ثقافيا وسياسيا واحدا هو السودان . فيما يعرف بالوحدة في التنوع unity in diversity
ولذلك ان دعوة الدكتور الى قوامين ثقافين او اكثر تحصيل حاصل ،
لكن الجديد في هذه الدعوة انها دعوة الى اقامة كنتونات ثقافية . او قل هي دعوة مستترة الى الانفصال على اساس ثقافي وعرقي ،
وتكوين كيان سياسي ثقافي في الشمال خاص بالجماعة العربية المسلمة .
( راجع محاضرة ابو ظبي ومقالته : واسلاماه الدولة والدين ).
ان رفض الوطن البوتقة يعكس تخوف الدكتور من تلوث هذه الجماعة العربية المسلمة بالمصهر وتلوث الدين الرسمي بالتدين الشعبي ( راجع نقده لترمينغهام ) .
في كل كيان سياسي او وحدة سياسية في الدنيا لا بد من وجود هذه البوتقة او الثقافة الجامعة وغير المانعة من التعدد والخصوصية (راجع غرامشي ومفهوم المركزية الثقافية .)


اضاءة

".. أما قول محمد عبد الحي في قصيدة " العودة إلى سنار " الذي يكثر الاستشهاد به للإشارة للهوية السودانية التي ليست عربية صرفة ولا زنجية صرفـة .

- بدوى أنت ؟
- لا .
- من بلاد الزنج .
- لا .
- أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .

هذا التوصيف الشعري للهوية السودانية ينبغي أن يؤخذ في عمومياته . فلا
خوف فيه لمن أراد أن يبقى بدوى كامل العروبة أو أن يلحق نسبه بالعباس أو بسبطى النبي الكريم الحسن والحسين . كما لا خوف فيه لمن أراد أن يحتفظ بزنوجته كاملة . فالشاعر هنا يتحدث عن القواسم المشتركة التي توحد الأمة السودانية لا عن الخصائص التي تميز القبائل بعضها عن بعض . ولعل أكبر دليل على ذلك أن محمد عبد الحي نفسه ينتمي إلى أرومة لا تخالطها قطرة دم زنجي واحدة ومع ذلك يتحدث عن نفسه كسوداني يجمع بين خصائص الزنوجية والعروبة . والوعي الأممي ( نسبة إلى أمة ) وعى متقدم على الوعي العشائري والقبلي ، لكن الانتساب إلى الأمة لا يلغي الانتساب إلى القبيلة بالطبع . وهنا يحضرني مثال ساطع يعكس كيف يمكن أن يكون الانتماء للآمة متقدما ومتجاوزا للانتماء الضيق للقبيلة . كانت جمعية الاتحاد التي تمخضت عنها جمعية اللواء الأبيض التي قادة ثورة 1924م ، قد أصدرت كتابا يضم القصائد التي قيلت في أحد أعياد المولد النبوي فكتب سليمان كشه في إهداء الكتاب " إلى شعب عربي كريم " (2 فاعترض على عبد اللطيف وطلب منه أن يكتب بدلا عن ذلك : " إلى الشعب السوداني الكريم " وكان هذا الخلاف سببا في عدم انخراط سليمان كشه في جمعية اللواء الأبيض . فهل يعتبر اعتراض على عبد اللطيف على سليمان كشه تحجيما للانتماء للعروبة أم أنه تصحيح لمعادلة مختلة ومحاولة رائدة في تجاوز الانتماء العنصري الضيق إلى الانتماء القومي الأوسع . فلو طبقنا معايير د0 عبد الله سوف نجد أنفسنا وقد رجعنا مائة سنة للوراء إذ إننا في هذه الحال سوف نناصر سليمان كشة ضد على عبد اللطيف ، ولكن أعتقد لا أحد على استعداد الآن أن يعلن مناصرته لسليمان كشة صراحة في هذه الواقعة .

لذلك ما رضيت للدكتور عبد الله بـولا أن ينسـاق وراء افتراضــات د0 عبـد الله الخاطئة حينما أصدر حكمه القاطع على رؤية جماعة الغابة والصحراء بأنها " لا مجال فيها لمشروعية الاختلاف ثم البقاء ضمن الوطن الواحـد . " (29) ويقول " سأتفق مع عبد الله على إبراهيم في أن اضطراب منطق هذه المدرسة وفساد حجهها يلتمسان أصلا فـي أطروحـة الهجنـة التـي ( اقترحوها ) اجندة لتصالح الدغل والغابة فهذه الأطروحة تجرد المشروع المقترح من كل مجال لوجود ثقافات خارج الهجنة وليس فيها مجال حتى لخيار هوية زنجية مستقلة " .

إن الانتماء للوطن الكبير لا يلغي بالضرورة الانتماء للقبيلة والعشيرة ، ففي ظل هذا الوطن البوتقة يظل الانتماء للقبيلة موجودا وتظل الخصوصية موجودة . إن الحرص على الاحتفاظ بدم بعض القبائل العربية نقيا من مخالطة الدم الزنجي يجب ألا يحجب عنا الرؤية الموضوعية للأشياء فالقول بالآفروعربية للسودان لا ينفي خصوصية القبائل العربية التي تدعى لنفسها نسبا عربيا قحا كما لا ينفي خصوصية القبائل الزنجية الكاملة الزنوجة ، ولو أخذنا بمنطق د0 عبد الله في رفض الأفروعربية بحجة أن هنالك قبائل عربية صرفة وليست هجين لوجدنا أنفسنا نشكك حتى في اسم السودان كأسم علم على السودان المعروف الآن . لأنه ليس كل سكان السودان سود ، فهنالك البيض أيضا . وربما حاجج هؤلاء البيض في تغيير اسم السودان إلى " البيضان ".
من ورقتنا : الافروعربية بين الواقع ووهم الايدلوجيا

Post: #72
Title: Re: محمد جلال هاشم يصف مشروع الدكتور بالاسلاموعروبية !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-21-2006, 04:23 AM
Parent: #1

Quote: ففي حوار دار حول الورقة الشهيرة للباحث والكاتب:
محمد جلال هاشم

وقام بنقلها الاستاذ:
عادل عبد العاطي


في هذه الورقة الممتازة : " السودانوعربية أو تحالف الهاربين " وصف محمد جلال هاشم – رغم اختلافنا معها في بعض التفاصيل – وصف مشروع الدكتور عبدالله ابراهيم بأنه اسلاموعروبي يهدف إلى تأسيس " عروبة خاصة بالسودان واسلام خاص به دونما ادعاء للأفريقية " . وقد قال محمد جلال أن عبد الله ابراهيم قد استعان في تمرير مشروعه بالكثير من " الحيل والمناورات " !
وقد أصاب محمد جلال في وضع يده على جوهر الحل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم من خلال مشروعه الاسلاموعروبى ، حيث قال :
" الحل الذي يقدمه عبد الله ابراهيم أن يكف ابناء الشمال العربي المسلم عن البحث عن هوية أفريقية لهم ، فمشروعه يقوم على بناء حدود ثقافية بين ابناء الشمال العربي المسلم وابناء الجنوب الافريقي فهذان هما القوامان . والقرصنة متاحه لاقوام أخرى . متاحة للفور والنوبة والبجا كي ينفضوا عن هذا الحلف السنارى ويكونوا أقوام خاصة بكل . وهكذا يتــفرق السودانيـــون آباديد فـي الجهــات الأربعـــة 00 ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلا الوسط الاسلاموعربى – أي السودانو عربية . ولكن اليس ذلك هو العروبة ذاتها ؟ اليس ذلك الاستعراب بعينه الذي ترفضه الدولة القومية التي يدعو لها كل المهمشين 00 أنها العروبة ولكنها عروبة لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها ، أنها عروبة خاصة ومفصلة على أهل السودان الذين لا يعرفون غير الاسلام دينا وكفى الله المسلمين شر الهجنة . "

Post: #73
Title: Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ،
Author: Agab Alfaya
Date: 09-21-2006, 12:58 PM
Parent: #1

يقول الدكتور عبدالله ابراهيم ردا على سؤال عيسى الحلو في الحوار اعلاه:
Quote: - هناك محلية سودانية. اعتقد انها ستكون محصلتها الاخيرة الهبل الفكري. ومفاد هذه المحلية اننا سودانيون.. لا عرباً قطعنا.. ولا افريقياً ابقينا. ونحن سودانيون تقال بفخر فاخر. هذا تبسيط على طريقة (خلوها مستورة). هذه تبعات وهذه مسئولية. ان تنتسب الى العرب أو إلى أفريقيا ولا تشطب نفسك من هذه التبعات ودوائرها المستحكمة بجرة قلم. فليس هناك محتوى لهذه السوداناوية لايستمد مادته من هذه الانتسابات. فلنقل نريد ان نقرر منهجاً للشعر في مدرسة ثانوية. كيف سنسترشد بهذه السوداناوية اذا نجحت هذه السوداناوية في هذا المنهج اشتبكنا مع حقائق العروبة السودانية.. مثلاً العباسي أو عبدالله عبد الرحمن.. أو الحقائق الافريقية.. محمد الفتيوري.. أو كل فكرة قومية في الادب السوداني - أو عبد الحي بارثه الغربي العجيب. أو صلاح أحمد إبراهيم بمنازعه الاشتراكية العريضة. كيف ستخلص الى سوداناوية من هذا الارث. السوداناوية حالة من السأم. هي ارخص ليالي.

اتفق مع الدكتور حول محاولة البعض الهروب من مواجهة سؤال الهوية بالقول : نحن سودانيين وخلاص !
ولكني اختلف معه حول ما قال به حول السودانوية . فهو يرفض السودانوية لانها تنطوي على فكرة البوتقة والخليط الثقافي او الكل المركب الذي تموج به الحياة السودانية . و يطمح الى كنتونات ثقافية معزولة او قل الى كيان اسلاموعروبي مبرأ من الافريقية على حد وصف محمد جلال هاشم .
وفي محاولة لاعطاء فكرة عن السودانوية استشهد بقول محمد احمد المحجوب ، بمجلـة الفجـر الصـادرة فـي 16/6/1935م ، والسودانوية عنده هي القومية السودانية ،يقـول :
" نحن إن نادينا بقيام الأدب القومي للطبيعة المحلية فإنما ندعو إلى خلق شعب بكيانه يعبر عن مرئياته من سماء زرقاء أو ملبدة بالغيوم ومن غابات وصحراوات قاحلة ومروج خضراء ومن إيمان بالكجور والسحر إلى إيمان بالله وحده لا شريك له " .
والجملة الاخيرة مرفوضة عند دكتور عبدالله اذ فيها خلط بين الاسلام والوثنية كما جاء في رده على ترمنغهام حول رفضه لتوصيف تاثير الدين في حياة الناس بالاسلام الشعبي .

لكن هذا لا يعنى باية حال ان السودانوية انغلاق عن العالم. هذا بالبداهة كلام غير صحيح .

* * *

اضاءة


السودانوية*

الدعوة إلى أدبي سوداني يحمل مكونات وملامح الإنسان السوداني بكل أبعاده الثقافية والاجتماعية المميزة ، دعوة قديمة بدأت منذ عشرينات القرن الماضى بعد أن بدأت ملامح الأمة السودانية تتضح وتتبلور إثر بروز السودان بمساحته الجغرافية المعروفة الآن .

ويعتبر الأديب والشاعر حمزة الملك طمبل ، من أوائل من نادوا بضرورة أن يعبر الأدب عن الهوية الثقافية لأهل السودان ، وذلك في كتابه ( الأدب السوداني ومـا يجب أن يكون عليه ) الذي صدرت طبعته الأولى في عام 1928م ، والذي أنتقد فيه شعراء مدرسة الإحياء : محمد سعيد العباسي ، محمد عبد الله البنا و عبـد الله عبـد الرحمن لاكتفائهم بتقليد الشعر العربي القديم ودعاهم إلى التعبير عن البيئة السودانية في أشعارهم . وكان حمزه الملك طمبل قد نشر هذه المقالات في جريدة " الحضارة" التي أغلقت في وجهه قبل إتمام نشر هذه المقالات التي ضمها كتابه " الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه " وذلك لأن الدعوة كانت في ذلك الوقت جديدة وغريبة . ويرى المرحوم الدكتور / خالد الكد في بحث له نشر بمجلة الدراسات السودانية ، أن حمزة الملك طمبل هو أول من أستعمل كلمة ( سوداني ) لوصف الهوية الثقافية لأهل السودان .

وفي الثلاثينات واصلت جماعة مجلتي " النهضة " و " الفجر " عرفات محمد عبد الله ، محمد أحمد المحجوب ، عبد الحليم محمد ، محمد وعبد الله عشري الصديق ، التجاني يوسف بشير ، التني ، السيد الفيل ، أحمد يوسف هاشم وخضر حمد ، واصلت الدعوة إلى الأدب القومي السوداني وإبراز الشخصية السودانية وخصوصيتها . وقد تزامنت دعوة جماعة ( الفجر ) إلى أدب قومي مع الدعوة إلى الأدب القومي التي أطلقها في مصر في الثلاثينات ، محمد حسين هيكل وتبناها معاوية محمد نور ومجموعة من أصدقائه عرفوا بجماعة العشرين . وقد قاد معاوية نور في الصحف المصرية حملة نشطة للدعوة إلى الأدب القومي ودافع عن الفكرة بشدة . والمقصود بالقومي هنا ، المحلي ، وليس المقصود به المعنى السياسي والحزبي .

ولم تنقطع الدعوة إلى أدب سوداني يعبر عن المكونات الحضارية والثقافية واللغوية للأمة السودانية . وفي الخمسينات والستينات وبتأثير من حركات التحرر الوطني والمد الثوري والدعوة إلى القومية العربية ، برز تيار جديد ينادى بخصوصية الهوية الثقافية للشخصية السودانية التي لا هي بعربية صرفة ولا إفريقية صرفة ، وإنما هي مزيج متجانس من العنصرين العربي والإفريقي . وعرف هذا التيار بمدرسة ( الغابة والصحراء ) ، الغابة إشارة إلى البعد الإفريقي ، والصحراء إشارة إلى البعد العربي .

وقد نجح هذا التيار في ترسيخ فكرة الأفروعربية للثقافة السودانية حتى أصبحت من الثوابت التي لا يمكن التشكيك فيها . لكن يبدو أن بعض المثقفين لم ترقهم مصطلحات مثل ( الغابة والصحراء ) أو ( الأفروعربية ) إذ رأوا أنها غير كافية للتعبير عن الواقع المتشابك الذي تموج به الساحة السودانية . ففكروا في مصطلح يبرز هذا التشابك . فكــان مصلـــح ( السـودانوي ) و ( السودانوية ) الذي اشتهر على يد الأستاذ أحمد الطيب زين العابدين .

أرتبط مصطلح ( السودانوية ) بالمرحوم الأستاذ / أحمد الطيب زين العابدين .. واشتهر المصطلح من خلال عموده الأسبوعي الذي كان يحرره بجريدة ( السودان الحديث ) في الفترة بين عامي 1995 – 94 تحت عنوان ( منظور سودانوي ) غير أن الأستاذ أحمد يقول إنه لم يكن أول من استعمل لفظ سودانوي فقد سبقه إلى استعماله الأستاذ / كمال الجزولي والدكتور عبد السلام نور الدين . ويقول إنه شخصيا لم يستعمل هذا المصطلح إلا في عام 1980 م .

ولكن لماذا ( سودانوي ) وليس سوداني ؟

يقول أحمد زين العابدين إنه يقصد بسودانوي أي مشروع نظري أو إبداعي يجعل للسودان قيمة استثنائية بحيث تبرز كقيمة قادرة على تفسير ذاتها بذاتها ، وذلك قياسا على ( إنسانوية ) التي يقصد بها الدراسات التي تجعل للإنسان قيمة أساسية في أي مشروع منهجي ، وبخلاف المعنــى المــألوف لكلمــة ( إنسانيــة ) وقاســا علـى ( مصروي ) فالمصرويات عند علماء الآثار هي الدراسات التي تقتصر على الحضارة المصرية القديمة .

إن المنظور السودانوي بالنسبة لأحمد الطيب " واقع وجداني أو شعور فردي بالاختلاف والخصوصية الثقافية لأهل السودان " إنه إحساس بالتفرد بحيث تتعدد الثقافات وتتوحد في شعور جامع " إنه رؤية للخصوصية التي تتجلى في أرقى صورها في الإبداع الأدبي والفني .

وقد قرن أحمد الطيب القول بالعمل في مجموعته القصصية الرائعة ( دروب قرماش ) التي يصور فيها الإنسان السوداني بكل مكوناته الثقافية والوجدانية المتشابكة . وقد أتخذ منطقة شرق دارفور ( ريفي أم كدادة ) مرتع صباه مسرحا لأحداث هذه المجموعة القصصية . حيث تتداخل القبائل وتتفاوت في انتماءاتها العرقية والثقافية ، من عربية بادية إلى مستعربة إلى إفريقية . وحيث الطبيعة لا تزال في بكارتها وعنفوانها وحيث البيئة المحلية لا تزال غنية بأساطيرها وأحاجيها وأهازيجها .

وقد أنعكس كل ذلك على الفضاء الداخلي للقص ، حيث تراوحت لغة الحوار بين العربية البادية والعربية الهجين التي يخالطها شئ من العجمة وتفاوقت تبعا لذلك أسماء الشخصيات وتنوعت الأهازيج والإيقاعات ، الشيء الذي أضفى على قصص المجموعة حرارة وحيوية تفتقدها الكثير من القصص . وأعتقد أن الأستاذ أحمد قد حقق بهذه المجموعة نجاحا قصصيا متميزا لم يسبقه إليه سوى الطيب صالح ، إبراهيم إسحاق وفرانسيس دينق .

وفي آخر حوار صحافي أجرى معه ونشر قبيل رحيله ، بجريدة ( سنابل ) يقول أحمد الطيب : إن هذه المحلية التي يستنكفها البعض هي العالمية نفسها . ويتساءل : ماذا كان يمكن أن يحدث للطيب صالح لو لــم يكــن يكتــب عــن دومـة ود حامـد ؟ هل ستهتم به الدنيا ؟ وما معنى أن أكون ساكنا في قطية في غرب السودان ثم أكتب قصصا أتحدث فيها عن الستائر المخملية ؟

وفي إشارة ذكية جدا إلى ضرورة التمسك بخصوصيتنا الثقافية وضرورة التعبير عنها دائما ، يقول في هذا الحوار : نحن في السودان ينبغي ألا نفتعل المواقف لارضاء الآخرين .. الحقيقة أن الآخرين إنما ينظرون إلينا باعتبار أننا الآخر الثقافي ويتوقعون منا أن نعطي ما عندنا وليس ما عندهم .



عبد المنعم عجب الفيا


Post: #74
Title: Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ،
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-21-2006, 02:08 PM
Parent: #73

أدناه مقتطفات من مقال جميل أراه يخدم مسارات البوست المتشبعة

أعذروني إن جهجهت إسترسالكم الجميل ......

عبدالماجد عبدالرحمن الحياة 2005/01/22

Quote: لا يكشف المثقفون العرب - مع استثناءات قليلة مهمة - حينما يكتبون عن السودان إلا عن شيئين:

جهل عريض بثقافة السودان وواقعه الثقافي واستعلاء أجوف منفوخ. ويطغى على كثير من الكتابات العربية

المتناولة للشأن السوداني «الأسلوب الاسشراقي» كما عرف به المفكر ادوارد سعيد. هذه النظرة الاستشراقية

تجاه السودان كما أشار إليها أسامة الخواض في كتابه «النسيان» تنظر الى الآخر بعدسات «الأنا» فتراه لا كما

هو ولكن كما تريد وكما تسمح به تلك النظرة الأنوية المتضخمة.


http://www.daralhayat.com/culture/01-2005/Item-20050121...52cc22c63/story.html

..................

Quote: وفي هذا الصدد لا بدّ من إلقاء نظرة على تاريخ الأدب السوداني الشفوي وتراثة الفني الضاربين في

القدم. فهذا الأدب يعود إلى ممالك النوبة القديمة في مروي في القرن الثامن قبل الميلاد. وهذا التاريخ العريض

الممتد مكّن الحركة الأدبية والثقافية الحديثة التي نشأت منذ عشرينات أو ثلاثينات القرن المنصرم من أن تكون

لها نكهتها الخاصة وملمسها المميز عبر استلهام مراحل تاريخية متعددة (مثلاً ظهور حركة «أباداماك» - وهو أحد

رموز النوبة العظام - في وقت ما أواخر الستينات) ومن أبرز رموز حركة أباداماك عبدالله علي إبراهيم

والشاعر علي عبدالقيوم صاحب «الخيل والحواجز» وصلاح يوسف مختار عجوبة.

وشهدت الثلاثينات بروز أحد أعلام الشعر العربي الحديث الشاعر التجاني يوسف بشير، وعلى رغم أن الموت سحبه

باكراً ولما يتجاوز الخامسة والعشرين، فهو يعد محطة مهمة في مسيرة الشعر السوداني. والتجاني صاحب ثقافة

صوفية عميقة وصاحب رؤى وأداء شعري خاص وشكل شعره قفزة هائلة وقتذاك (ديوان «إشراقة»). وكانت

الثلاثينات من القرن المنصرم على موعد أيضاً مع شخصية نادرة أخرى: معاوية محمد نور وقد هزت مقالاته

النقدية القومية الصحف المصرية من أمثال: «الرسالة» و«السياسة الأسبوعية». وكان العقاد يحبه كثيراً ولكن

ما لبث أن انفجر عقل معاوية وانطفأ سريعاً فرثاه العقاد وقال عنه: «لو عاش معاوية لكان نجماً مفرداً في

الفكر العربي».

ومع الروح الجديدة التي سرت في كيان الشعب السوداني والمثقف السوداني بعد تجسيد حلم الحركة الوطنية في

الاستقلال، برزت حركات متجاوبة مع هذا المد الوطني الهائل. ومن ذلك «مدرسة الخرطوم التشكيلية» التي اجتهدت

في إرساء فن تشكيلي مبني على التراث التشكيلي السوداني، وكان من رواده أحمد الطيب زين العابدين وعبدالله

بولا.

ومن المحطات المهمة في تاريخ الأدب السوداني صعود تيار شعري في أواسط الستينات سمى نفسه «الغابة والصحراء».

ويعكس الاسم انشغال هذا التيار بموضوع صوغ الهوية السودانية أدبياً من خلال استحضار عنصريها المركزيين:

العروبة والأفريقانية. ويعد ديوان الشاعر محمد عبدالحي «العودة إلى سنار» بمثابة القانون الأساس لهذه

المدرسة. وعبدالحي الذي رحل في خريف 1989 شاعر مجدد وصاحب رموز عميقة ولغة وأداء متميز وهو بحق أحد أهم

المحطات الشعريــة في السودان. من اعماله أيــضاً: «معـلقة الإشارات» و«السمندل يغني» و«الله في زمن العنف»

و«حديقة الورد الأخيرة».

ومن رموز «الغابة والصحراء» الآخرين - الشاعر النور عثمان أبكر، صاحب «صحو الكلمات المنسية» و«غناء

للعشب والزهرة» و«النهر ليس كالسحب»، وهو أحد الذين أسسوا مجلة «الدوحة» في الثمانينات الماضية، مع

الأكاديمي والكاتب السوداني محمد إبراهيم الشوش. ومن الرموز أيضاً الشاعران يوسف عيدابي ومحمد المكي

إبراهيم. ويحمل الشاعران فضيلي جماع وعالم عباس ملامح من «الغابة والصحراء» وللشعراء حاج حمد عباس وكجراي

(الصمت والرماد، الليل عبر غابة النيون) وكمال الجزولي (أم درمان تأتي في قطار الثامنة مساء) وهجهم الخاص.

وفي واقع الحال، ثمة مظاهر حداثة متقـدمة في الشعر السوداني، حتى إن بعض المثقفين السودانيين يعتبرون أن حركة

التفعيلة والشعر الحر المؤرخ لها رسمياً العام 1947، مع نازك الملائكة والسياب كانت نشـأت أولاً في السودان

وقبل ذلك التاريخ.

Post: #75
Title: Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ،
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-21-2006, 02:50 PM
Parent: #74

Quote: «بيان الثقافة» استغل زيارة الدكتور عبدالله لدولة الامارات لاجراء هذا الحوار معه والوقوف عند

مجموعة من النقاط العامة حول تجربته الابداعية الشخصية والسودانية بصورة عامة.


ـ الى اي مدى اثرت انتماءاتك السياسية والتحولات التي طرأت عليها في تجربتك الابداعية وكيف تنظر الى علاقة

المبدع بالسياسة وهل يمكننا اعتبار السياسة وانتماءاتها شرطا ابداعيا؟


ـ قال الدكتور عبدالله ابراهيم: نشأنا على ان السياسة وانتماءاتها الحزبية الضيقة هي من شروط الابداع

وهذا ماكان يعرف بالالتزام ونشأنا على رجال كبار ونساء كبيرات مبدعات في هذا الشرط من امثال بابلونيرودا

وجوركي وفي مصر عبد الرحمن الشرقاوي ويوسف ادريس وان كان كاتب بارع مثل نجيب محفوظ حالة شاذة محيرة فهو لا

منتم ومبدع جيد، لم نجد اية صعوبة ونحن على اعتاب الكتابة الفكرية الى تفعيل ـ بغير تردد ـ شرط الابداع في

شرط الالتزام الحزبي والعقيدي وهكذا اقبلنا على الالتزام في اطار الحركات اليسارية والتنظيمات اليسارية

ولكني شخصيا كنت قد بدأت في وقت باكر ارصد توتر هذه العلاقة ومتاعبها واشكالاتها فقد اتيح لي وانا في نهاية

الثانوية العليا ان اقرأ «لهوارد فاست» كتابه الكاتب والحزب ثم الى جملة الكتب والكتابات الشيوعية

لشيوعيين سابقين ابدوا ضيقهم وخروجهم على الحزب بوصفه بؤرة خانقة للابداع لذلك كنت في غاية الانتباه.


لهذا التوتر وقوى هذا عندي ملكه الكاتب وميله السياسي في آن واحد وتوسعت في أدائي السياسي كما توسعت في

حرصي على استغلال رؤيتي وعزتي بنفسي ككاتب، وادواتي المميزة في المساهمة في العملية السياسية وقد تصادف ان

رزقنا بزعيم سياسي يساري هو عبد الخالق المحجوب الذي كان يفهم كمبدع خفي متاعب الكاتب في الحركة اليسارية

ولذا فقد وفر لنا الكثير من الحماية وحسن الاستماع وبعد تجارب مريره استمع الينا وقرر بشكل نهائي ان لا

ناقداً رسمياً بالحركة اليسارية في السودان ولا عقيدة رسمية كمثل الواقعية الاشتراكية التي كان لها الهيمنة

والقبول وقرر ان هذه العملية عملية عالية ينفذ بها الكاتب الى الجمهور ويتوسل الى ذلك بأرقى الادوات

والوسائل والاساليب في شروط الوعي بالحقائق السياسية العالمية والداخلية وحقائق القوة.


لذلك لا تجد في السودان شكوى اساسية من العنت الذي نسمع عنه بالنسبة للكاتب والحزب وان كان هناك امثال

المرحوم صلاح احمد ابراهيم صاحب غابة الابنوس وغضبة الهباي وتصويره لهذه العلاقة كمثلها في بقية انحاء العالم

وان الحزب له الصولة والجولة ولكن هذه ليست تجربتي على اية حال واذا اسفت على اي شيء من اقتحامي للعملية

السياسية انني ربما هجرت اجناساً ادبية بدأت بها مثل القصة القصيرة وربما احمد لهذه التجربة انها جعلتني كاتبا

مسرحياً في سياق توثيق الحركات الشعبية والجهات الاجتماعية واكسبتني مرونة وسيطرة على اجناس كتابة متعددة

مثل المقال الصحفي والعمود الصحفي والتحليل السياسي والبيان السياسي وهذه اعتقد ثروة ونبهتني الى البحث

عن الحقيقة اكاديميا حتى اصبح عملي الاساسي الذي ارتزق منه.


يداخلني شيء من «حتى» الابداع لهجري كتابة القصة والرواية وآمل ان يمتد العمر الى ان اعود الى شيء من هذا

حاملا الى الكتابة الابداعية كل هذه الخبرات والمهارات التي حصلت عليها من مغامراتي السياسية والاكاديمية حتى

كتاباتي الاكاديمية تجدها مكتوبة من زاوية الدراما بوجود شخوص وافكار حركية، وانا حامد لهذه التجربة

السياسية ومازلت اعتقد انها شاغل لا م%E

Post: #76
Title: Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ،
Author: osama elkhawad
Date: 09-22-2006, 01:49 AM
Parent: #75

شكرا حيدر على ما بسطته،
وكنت ارجو ان تبسط لنا الرابط.

أواصل،
كمقدمة لما ساقول به من كلام طويل ،
و ارجو ان تتسع صدوركم لقبوله.
*******************
كما ذكرنا قبل ذلك في هذا المنبر،
فان مفهوم الغابة والصحراء مفهوم تبسيطي واختزالي.
فهو قد حصر التنوع الثقافي الهائل في السودان في ثنائية الافرقة والعروبة. وكانت بدايات التنظير لهذا التيار –كما عند محمد المكي ابراهيم- ترى الى الافرقة من خلال الجنوب وتنظر اليه بوصفه كيان ثقافيا موحدا ومتجانسا .

وفي اعتقادنا ان هذه الثنائية التبسيطية تم تبنيها لا شعوريا من الخطاب الكولونيالي الاداري الانجليزي.

ولذا وقع رواد التيار الغابة والصحراء ضحية لطغيان الخطاب الاداري الكولونيالي البريطاني الذي كان يقسم السودان الى ثنائية مختزلة هي الشمال والجنوب.

وبطريقة لاشعورية تلقّف رواد الغابة والصحراء تلك الثنائية وحولوها الى الغابة اي الجنوب والصحراء اي الشمال واصبحت تلك الثنائية الكولونيالية مهيمنة على الخطاب السياسي والثقافي السوداني.

ولم تتحول تلك الثنائية الى تعددية الا في خطاب الحركة الشعبية لتحرير السودان من خلال مفهومها حول السودان الجديد والذي ينبني على مفهوم التنمية المتوازنة. فقبل خطاب الحركة كان الاقليم الوحيد الذي يعتبر مهمشا هو الجنوب. اضاف خطاب الحركة الى الجنوب المهمش الشرق وجبال النوبة واجزاء كبيرة مما يسمى بالشمال شمال الخرطوم. وهذا فتح الباب لمقاربة الثقافة السودانية كثقافات متعددة وليس كثقافة مختزلة في بعدين ثقافيين اي الافرقة والعروبة.

للشيوعيين السودانين مساهمة معتبرة،انطلاقا من التجربة السوفيتية،حول مسائل التعدد الثقافي،
لكنهم لم ينطلقوا الى الحد الذي يمكن ان يجيز للكيانات الثقافية التي لا تقبل بكناية المصهر،
في ان تنفصل.

نرجع للكلام حول البوتقة الثقافية كما تجسدت حسب رصدي لها في سودانيز اون لاين على الاقل.
فقد تأسّست في هذا المنبر ,
فكرتان متعارضتان حول الموقف من تلك الكناية.

الفكرة الاولى:
رفض تلك الاستعارة كخيار ثقافي لحل اشكالية التعدد الثقافي السوداني.
وقد كنت صاحب ذلك الموقف, حين قلت:

Quote: كما ان تيار الغابة والصحراء تيار غير ديمقراطي من خلال تبنيه لفكرة البوتقة والتي اشار اليها بالمعية مدهشة عبدالله على ابراهيم في مقاله .


الفكرة الثانية:


الترحيب العالي بتلك الفكرة ومدحها,
باعتبارها تمثل حلا ناجزا لاشكالية التعدد الثقافي في المجتمع السوداني.
وقالت "العروس" الجميلة، ميسون النجومي ،
الآتي في الرد على كلامي حول ديكتاتورية "البوتقة الثقافية":

Quote: آخر نقطة ....كون أن المصهر و بوتقة كلمة دكتاتورية.....لا ادري، لكن فلنقل أنها كلمة العربي الذي يتعايش مع زنوج و ثقافات أخرى.....و كلمة الزنجي الذي يتعايش مع العرب و ثقافات أخرى...أي الذين قبلوا تواجدهم تحت جغرافية واحدة....و لا تعني خلط الثقافات سوية ..."كوكتيل يعني"!!!!! هي ما كلمة دكتاتورية لكنها كلمة السودان...و إلا كل واحد ينفصل في دولته براه و نعمل اتحاد دول


ويبدو انها لم تفكر في كناية المصهر الروحي،
بناء على ما يحدث الآن من صراعات ثقافية ،وحروبات،
و انما بما ينبغي ان يكون،
لو ان السودان ،
أصبح حقيقة بوتقة ثقافية.

وهذا يتوقف على مستقبل العلاقات بين الثقافات السودانية،
والتي لم تصل الى الآن ،
حسب زعمي الضعيف،
الى مرحلة البوتقة،
بل ان المشكلة تكمن في رفض ثقافات سودانية كثيرة،
لكناية البوتقة الثقافية


وسنعود بشكل أكثر تفصيلا.
محبتي
المشاء

Post: #77
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-22-2006, 03:35 AM
Parent: #1





الأحباء هنا

تحية لكم وكثير التقدير لما تفضلتُم به ،
وأعتقد أننا نُبحر في يم هادئ و ( نسام ) عليل ..

(1)

قليل من الكُتاب يتجاوزون رؤاهم القديمة بسلاسة .
لقد اعتدنا تمسُك كثير من الكُتاب برؤاهم ،
رغم مرور الزمان بتحدياته ومُتغيراته .
بل يُدافعون عن تلك الرؤى دفاع المُستميت ،
كأنها مُلك عضود أو إرث يلتصق بالكاتب لا يستطع منه فكاكاً !.

إن قدرة الدكتور عبد الله على تجاوز رؤاه بشجاعة ،
تتطلب أن يُفكك لنا عناصرها الأولية ،
ويوضح بجلاء لنا كيف تحرر من أفق محدود قديم إلى أفق أكثر رحابة .

عن أهل الغابة والصحراء
فإني لم أزل أنادي بالفصل بين أوزار هيمنة هوية على غيرها
من إبداع أهل (الغابة والصحراء ) وهم يزرعون الساحة برياحينهم
وقد صنعوا لوحات حالمة ، بقيت شجرة يجتمعون حولها ،
ومن وحي الجلوس تحتها قرأنا لهم ما قرأنا .

أما النظر في الأصول الثقافية ومسألة الهوية
وتشريحها فأمر آخر ،
وملف لن ينضب الحديث عنه في وطن به ليس أكثر من هويتين ... بل ( مئات ) ،
ويستحيل اختصارها في هويتين أو أكثر دون سلاح القهر!!! .

إن التنقيب عن القيم الخفية من وراء الإبداع ،
في دراسة عناصر الهويةهو أمر مُتشعب ولا يصلُح تحميل المبدعين خطاياه ونُحاسبهم بغلظة كأن المُبدعين مؤسسو ديانات ، فالناظر لتاريخ السودان حديثه و القديم ، الأحياء منهم والأموات يعرف من يستحق أن يتحمل أوزار تلك التركة التي تنوء بأحمال الدهر .

(2)
عن الغناء والموسيقى وشعر عبد الحي:

عطفاً على ما تفضل به الكاتب الفيا حول رؤى عبد الحي:


{".. أما قول محمد عبد الحي في قصيدة " العودة إلى سنار "
الذي يكثر الاستشهاد به للإشارة للهوية السودانية
التي ليست عربية صرفة ولا زنجية صرفـة .

- بدوى أنت ؟
- لا .
- من بلاد الزنج .
- لا .
- أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان .}


أذكر قديماً فتحنا حواراً مع أستاذنا الموسيقار الدكتور محمد عجاج ،
وكُنا أشد عجباً عند استيضاحنا عن مُلحني أشعار فترة الثلاثينات والأربعينات في وسط السودان ، وهم يخرجون من (الحُمبى ) إلى الأغنية التي اصطُلح على تسميتها بأغنية الحقيبة ، وكيف كان سُلمها الموسيقي ( خُماسياً ) لا غير ، فقد لحن المُبدع ( كرومة ) أكثر من أربعين أغنية كلها في السلم الخماسي ! ، مع أن المستعربين في الشرق والغرب لهم موسيقاهم على السلم السباعي الغالب ! .
لم يكُن هنالك في الثمانينات من رد يشفي الغليل ، وذاك مجال لم نفتح مغاليقه بعد ، ويستحق النظر .

تحدثنا هنا عن القص وعن الشِعر وفن الكتابة وذكرنا ( الغابة والصحراء) و ( أباد ماك ) والفنون التشكيلية والصراع حول ( مدرسة الخرطوم ) ونقدها في السبعينات في رؤى ( بولا ) و ( حسن موسى )، وتجديد رؤاهم حولها اليوم ، و ( الكريستالية ) في السبعينات ، دون أن نفتح أبواب الصراع على الجانب الآخر من كُرة الثقافة : حول عوالم ( الموسيقى والغناء ) في ذات الوسط الذي نشأت فيه تلك الرؤى وتلكم المدارس ، وكيف كانت ثقافة المستعربين وقد أخذت من اللغة وأعادت تشكيلها في عاميَّات صنع منها التاريخ عجيناً متنوعاً ، لكن استعصى عليها السُلم الموسيقي السباعي إلا استثناء في مناطق في غرب السودان ، وقد تفضل أحد الموسيقيين منذ زمان وأرجع ذلك لوجود آلة ( أم كِيكي ) وهي أشبه بكمان بوترٍ واحد وقوس ، وهي من صَنعت ( نصف التون ) .

يتعين علينا و نحن نُحقق في مقولة عبد الحي الشعرية :

(أنا منكم تائه ، عاد يغنى بلسان ويصلي بلسان )

أن نتلمس مسكه لمفاصل و وقوفه عند محطات تستحق من يستفتح علينا برواية الموسيقيين عن أسرارها و خباياها ، إذ هي وجه في انعكاس مرآة الهوية التي لم تزل قلقة تهتز ، متناثرة في وطن تساكَن أهله ،كمن جلسوا على حبلٍ مُعلق ، من تحته المَشهد مُذهلاً وربما مُخيفاً ونحن نشهد تداعيات صراعه يأكل الآن اليابس والأخضر .



Post: #78
Title: Re: لا توجد تعددية خارج ثنائية الغابة والصحراء !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-22-2006, 10:49 PM
Parent: #1

كتب الخواض
Quote: كما ذكرنا قبل ذلك في هذا المنبر،
فان مفهوم الغابة والصحراء مفهوم تبسيطي واختزالي.
فهو قد حصر التنوع الثقافي الهائل في السودان في ثنائية الافرقة والعروبة

وهل توجد هويات سودانية خارج ثنائية الافرقة والعروبة ؟
هذا التنوع الثقافي هو تنوع داخل هذه الثنائية وتدرج في مستوياتها وتنويعاتها ،
فالغابة لا تتالف من نوع واحد من الشجر . ومثلما هنالك الصحراء هنالك شبه الصحراء وهنالك السافنا الفقيرة . طبعا هذا تصوير مجازي او كنائي ان شئت .
Quote: ولم تتحول تلك الثنائية الى تعددية الا في خطاب الحركة الشعبية لتحرير السودان من خلال مفهومها حول السودان الجديد والذي ينبني على مفهوم التنمية المتوازنة

خطاب الحركة الشعبية لم يخرج عن التعددية داخل ثنائية الغابة والصحراء ولكنه يطمح الى ان يستقوي الغابة في مواجهة الصحراء . فهو ضد اختلال المعادلة لصالح طرف دون اخر . ولا تنسى انك ذكرت ان جون قرنق مع فكرة البوتقة في مآلها المستقبلي (طبعا لا يمكن ان يشطب ما هو كائن اصلا ) ومنصور خالد من اشد المتمحسين والمنظرين للافروعربية . اما الغلاة في الحركة الشعبية والسودان الجديد فرؤيتهم احادية اي دون ثنائية الغابة والصحراء فهم يريدونها افريقية صافية لبن .
Quote: فقبل خطاب الحركة كان الاقليم الوحيد الذي يعتبر مهمشا هو الجنوب. اضاف خطاب الحركة الى الجنوب المهمش الشرق وجبال النوبة واجزاء كبيرة مما يسمى بالشمال شمال الخرطوم. وهذا فتح الباب لمقاربة الثقافة السودانية كثقافات متعددة وليس كثقافة مختزلة في بعدين ثقافيين اي الافرقة والعروبة.

هذا خلط بين الهويات الثقافية والاثنية وبين التفاوت التنموي . فالتمهيش لا يصلح كاساس للتعدد الثقافي فهو يطال مناطق في الغابة والصحراء على السواء . فاسبابه ادراية متعلق باشكالات التنمية والتخطيط الاقتصادي والعوامل الجغرافية الاخرى . فالجنوب وجبال النوبة والانقسنا والفور كلها ذات هوية افريقية . ووجود اكثر من قبيلة ولغة في الجنوب لا يغير من كونه كيان افريقي . وتقسيمه لوحدات ادراية اصغر لا يغير من هذه الحقيقة .اي ان التعددية الموجودة بالجنوب كلها تقع داخل الغابة .وبالتالى فان كل هذا التعدد والتنوع الجهوي داخل ثنائية الغابة والصحراء .
Quote: للشيوعيين السودانين مساهمة معتبرة،انطلاقا من التجربة السوفيتية،حول مسائل التعدد الثقافي،
لكنهم لم ينطلقوا الى الحد الذي يمكن ان يجيز للكيانات الثقافية التي لا تقبل بكناية المصهر،
في ان تنفصل
.

ولكن الدكتور عبد الله ابراهيم يذهب الى هذا الحد ويطالب بانفصال الشمال العربي المسلم الخالي من الافرقة - في رايه - واقامة دولة دينية ذات دستور اسلامي . فهل سكوت البعض عن هذه الافكار تاييد لها ؟

Post: #79
Title: Re: الاغنية السودانية الحديثة نتاج للبوتقة الثقافية
Author: Agab Alfaya
Date: 09-23-2006, 00:40 AM
Parent: #1

الاستاذ عبد الله الشلقيني جزيل الشكر على هذه السياحة المتشعبة المحاور
فيما يخص الاغنية اقول ان الاغنية السودانية الحديثة - ولا اقول اغنية الوسط
التي جاءت بعد الحقيبة بداية من اسماعيل عبد المعين وحسن عطية الكاشف
هي نتاح لانصهار مختلف الايقاعات السودانية من طنبور وجراري وتمتم ومردوم الخ ..
وهذا بالطبع لم يلغ احتفاظ هذه الايقاعات بهويتها المحلية .
ولهذا السبب يطرب لها كل اهل السودان كما يطرب لهاانسان اسمرا ومقديشو وامجمينا وكانو ومالى .

ولي عودة

Post: #80
Title: في نقد البوتقة ككناية ثقافية: نماذج متعددة أو البوتقة في مقابل التعدد الثقافي
Author: osama elkhawad
Date: 09-23-2006, 03:22 AM
Parent: #79

ارتبطت الكناية الثقافية :
المصهر
أو:
البوتقة
بالتاريخ الثقافي الامريكي، حينما تم الحديث عن امركة المهاجرين،وكان الكلام يتعلق بهجرة الاوروربيين الى امريكا.لكن بعد موجات الهجرة التالية ،تمت اعادة النظر في مسالة البوتقة الثقافية،باعتبارها كناية تعبر عن الذوبان ، وهذا ما يجعل ثقافة المهشمين ثقافيا تذوب في الثقافة المهيمنة،وبذلك تخسر ثقافتها او معظم مكونات تلك الثقافة المهشمة او المقموعة بعامل من العوامل سواء أن كان اقتصاديا او سياسيا وغيرها من العوامل. وقد قرن دعاة التعدد الثقافي في الخطاب الثقافي امريكا بين البوتقة أو المصهر بالذوبان الثقافي . ولذلك تبنوا كنايات ثقافية تعبر عن التعدد ،وفي نفس الوقت عن الوحدة من خلال ذلك التعدد مثل صحن السلطة وغيرها من الكنايات التي اشرنا الى بعض منها في ما سبق لنا من كلام.

ان كناية المصهر او البوتقة أثارت من جديد الجدل حول ان ما تبناه المهاجرون الاوروبيون أو البيض او القوقازيين ،كما يشار اليهم، من كناية لم يكن موفقا ،اذ ان ذلك ارتكز على مقولة قتل الاب الاوروبي ،ومحاولة ابتكار ثقافة امريكية متجانسة. وقد بدأت الآن محاولات لاعادة الموؤوث الاوربي من جديد للاجيال التي فقدت علاقتها باسلافها الاوروبيين، ولذلك نشهد موجة خجول لابتعاث التراث الاوروبي الابيض الذي تم نسيانه تماما،من خلال اقامة ايام للاحتفالات بذلك التراث المنسي.

ولقد شهدت في الاسابيع الماضية احتفالات تتعلق باحياء الرقص و الطعام والتقاليد الايطالية والاغريقية في داون تاون مونتري.وكان الراقصون من تلك الاجيال التي قتل اسلافها آباءهم،تحاول ان تتعلم الرقص من الاجيال التي ما زالت تحتفظ بموروث ما من الثقافة الاورربية البيضاء التي تم هجرها ,واقصاؤها من المشهد الثقافي الامريكي بدعوى اكتمال الامركة.
هنالك ورقة قدمها:
محمد المسعود الشابي
في مؤتمرلبنان والعرب والعالم بعد 11 ايلول
وكانت بعنوان:
العملاق الأمريكي
و أشار فيها الى فشل كناية :
البوتقة الثقافية
في نموذجها الامريكي،
قائلاً:

Quote: أمريكا أولا وقبل كل شيء "أمة" من المهاجرين، فالهجرة هي الثابت الوحيد في التاريخ الامريكي الدائم التحول، فحتى السكان الاصليين الذين سموا بالهنود الحمر هم أيضاً من المهاجرين الذين عبروا إلى القارة في مضيق بيرننج إلى آسيا السيبيرية في أزمنة ما قبل التاريخ. وحتى سنة 1790 كان عدد سكان امريكا من الاصليين والمهاجرين لا يزيد عن أربع ملايين نسمة. إلا أنها منذ ذلك الحين أصبحت تستقبل ما بين ربع مليون ونصف مليون مهاجر سنوياً. وعلى امتداد القرنين التاسع عشر والعشرين تدفق إلى امريكا أكثر من 75 مليون مهاجر، ومن هؤلاء ومن أحفادهم تألفت ما يمكن أن تسمى "أمة" امريكية بعيدة عن أن تكون أمة اثننيه أو ما سماه بعض الكتاب عالما وليس أمة، فكل الأمريكيين مزيج فكل أمريكي هو امريكي بالاضافة: أمريكي – انجليزي وأما امريكي – ايرلندي، أو طليان أو سود أو لاتين.
وأمريكا حتى عشية الحرب العالمية الأولى كان تسعة أعشارها من أصول أوروبية. إلا أن هذه النسبة في نهاية القرن العشرين تدنت إلى سبعة أعشار، ومن المقدر أن تتدنى إلى النصف في منتصف القرن الحادي والعشرين. لأن نسبة اللاتين وخاصة المكسيكيين منهم ترتفع حسب التقديرات من 11%، اليوم إلى 25% عام 2050 وهم سيحلون محل السود كأكبر أقلية اثنية في الولايات المتحدة. وكذلك فإن نسبة الامريكيين الاسيويين سترتفع في المدة نفسها من 3.8% عام 2000 إلى 8.2% عام 2050 وهكذا سيحدث انقلاب ديمغرافي في الولايات المتحدة إذ ستكف غالبية سكانها عن تكون بيضاء لنتقلب إلى غالبية ملونة. فالبيض اليوم يشكلون 175 مليون أبيض من أصل أوروبي والسود يعدون 34 مليون من أصل افريقي و 30 مليـون ينطقون الاسبانية من أصل مكسيكي وأمريكي لاتيني و 9 ملايين أسيوي من أصل صيني وياباني وأرمني وعربي بالاضافة إلى مليونين من أصول اتنية أخرى.

وقد أفلحت "البوتقة الامريكية" حتى الآن في صهر جميع عناصر الهجرة فيما سمي أمة إلا أنها في الحقيقة مجتمع متعدد الاثنيات إن لم يكن متعدد الشعوب. وهذا التعدد، كما يشير بعض الباحثين بدأ يطغي في العقود الأخيرة على الانصهار وهذا ما جعل فلسفة البوتقة تخلي مكانها لمقولة ايديولوجية جديدة هي "التعددية الثقافية" امريكا الديمقراطية.

http://amirhamawi.atnaharnet.com/alshabi.htm

وتحدث الاكاديمي الاسلامي جعفر شيخ ادريس ،
في مقال له عن :
المواطنة والهوية
تحدث عن التجربة الثقافية الامريكية،
مشيرا الى الكنايات الثقافية ،
لكن دون ان يقول بشكل صريح انها كنايات ثقافية كما في حديثه عن المصهر و صحن السلطة.
يقول في ذلك:

Quote: قد يقال: لكن هذه هي الولايات المتحدة تتباهى بأنها أمة واحدة رغم أنها تكونت من مواطنين من أجناس متعددة، وديانات متباينة، ولغات مختلفة، وثقافات متناقضة. نعم! لكنها لم تصر أمة واحدة إلا حين صهرت هذه المكونات كلها في بوتقة، وأخرجت منها شيئاً واحداً متجانساً. يمكن لذلك أن نقول: إن التعدديات نوعان: تعددية صحن السَلَطة الذي يحتفظ كل مكون من مكوناته بلونه وطعمه وملمسه: فهذا طماطم، وهذا جرجير، وهذا عجور، وهكذا. وتعددية القِدر الذي توضع فيه كل المكونات، من لحم، وخضار، وملح، وبهارات لتطبخ إداماً واحداً ذا طعم واحد، وربما لون واحد. هذا الأخير هو الذي يقال: إن الولايات االمتحدة فعلته، إنها كما يحلو لهم أن يقولوا بوتقة melting pot جعلت من مكوناتها أمة أمريكية واحدة. يقول كاتب أمريكي: لقد كانت الأمركة عملية انسجام قسري كانت الولايات المتحدة فيها بمثابة البوتقة لا النسيج ذي الألوان والصور المختلفة. لم يكن ينظر إلى المجتمع الأمريكي على أنه قطعة من روسيا؛ قطعة من إيطاليا، وقطعة من بولندا مزج بعضها ببعض، كلا! بل إن القوميات المختلفة جُعلت أمريكية كما ينقى المعدن الخام ليصير ذهباً خالصاً. الأمركة نقتهم وأزالت خبثهم. إن أصحاب موكب حركة البوتقة لم يكونوا يحتفلون بالتسامح، ولكن بالخضوع لمفهوم ضيق للقومية الأمريكية، بتصوير الأجانب بأناس في أزياء غريبة، ينغمسون في قدر كبير، ويخرجون منه نقيين بهندام جميل، ولهجة أمريكية خالصة، ومنظر أمريكي؛ أي أمريكان إنجليز(1).

http://www.albayan-magazine.com/bayan-211/bayan-08.htm

وسنعود للحديث عن انماط جديدة من البوتقة الثقافية يتم نقدها،
ومن ذلك البوتقة الفرنسية عبر تجاوز قانون 1905،
والبوتقة الايرانية ،
والبوتقة الاسرائيلية،
والبوتقة العولمية.

ارقدوا عافية
المشاء

Post: #81
Title: Re: عندما أقر الدكتور بالهجنة الثقافية !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-23-2006, 04:15 AM
Parent: #1

كان الاخ الاستاذ حيدر حسن على ،صاحب البوست ، قد ابدي ملاحظة ذكية جدا قائلا ان الدكتور عبدالله يرفض الهجنة كما يطرحها ادوارد سعيد . ونسيت ان اقول في تعليقي على اشارة حيدر انه سبق للدكتور ان اقر بالمحاضرة التي القاها بالنادي العربي بالشارقة في امسية الاربعاء الموافق 29/12/2004 ،
بالهجنة حيث قال ان الخلاسية هي الوصفة المطروحة الان عالميا لوصف التمازج بين الشعوب !!!
وهو يشير بذلك الى الهجنة عند ادوارد سعيد . لاحظ انه استعمل كلمة خلاسية وهي نفس الكلمة التي وردت في قصيدة محمد المكي . وكانت هذه الهجنة او الخليط بين العرب والنوبة سببا في الهجوم العنيف الذي شنه الدكتور على الافروعروبيين في " تحالف الهاربين " . وعليه ان القول بان ينابيع الغابة والصحراء استشراقية او كولونالية ، قول يصطدم مع صاحب نقد مشروع الاستشراق نفسه وهو ادوارد سعيد ، الذي يقر بالهجنة الثقافية في التواصل والتعايش السلمي بين شعوب العالم . بل يصطدم بما سبق واقر به الدكتور نفسه .
وكان الخواض في :" اراء في السياسة والهجنة الثقافية " قد استانس براي سعيد حيث قال :" فادوارد سعيد في مقدمته للترجمة العربية ل"الثقافة والامبريالية" يرى "ان فكرة التعددية الثقافية أو الهجنة-التي تشكل الأساس الحقيقي للهوية اليوم- لا تؤدي بالضرورة دوما الى السيطرة والعداوة,بل تؤدي الى المشاركة وتجاوز الحدود,والى التواريخ المشتركة والمتقاطعة"-ص
طبعا لا يمكن الاقرار بالهجنة ورفض كناية البوتقة كلازمة ضرورية للتلاقح الثقافي وهذه سنة الحياة والتاريخ الانساني عبر العصور .

Post: #82
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-23-2006, 11:22 AM
Parent: #1



يقولون :


تريدين إدراك المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل

سلمتُم أيها الأحباء :

أنهُر متدفقة وأرض فاغرة الفاه

يقولون :

لم يزل الشعر الهوميري في المنزلة الأولى بين منظومات الشعراء . وليس بين كتب الأدب والتاريخ والفلسفة كتاب تداولته الأيدي وتناقلته الألسن واستشهد به الأدباء والكتبة و المؤرخون ونقل مراراً متوالية إلى أعظم لغات الحضارة ، نثراً وشعراً كديوان هوميروس ، حتى لقد جعل تدريسه فرضاً في كثير من مدارس القوم تلقته الفتية أصلاً وترجمة . ومما يذكر اعتراض بعضهم على إنفاق الساعات الطوال في إلقائه على طلبة جامعة برلين في زمان قديم ، فلما بلغ الاعتراض ( ولهلم ) الأول ، قيصر ألمانيا قال :
( دعوا الأساتذة يُكثروا من تلقين شعر هوميروس ، فإن الأمة التي يرسخ في ذهنها وصف صبا الأمم على ما يبسطه هوميروس لا يسارع إليها الهرم )



عليه فإن نهجاً في الثقافة وأنتم تثرونها ، لن يسارع إليها الهرم .




Post: #83
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-23-2006, 01:44 PM
Parent: #82


مقال استاذ دكتور المعروف"جعفر شيخ ادريس"،
مقال مهم،وقد نعود الى الاشارة اليه ،
و الاستشهاد به مرات عديدة،

لانه من جانب يعكس بعضا من الخطاب الاسلامي المعاصر.
نعود لعلاقة خطابه بالكنايات الثقافية.
تحدث عن القدر او الملتينق بت، وصحن السلطة.
و قد تم تحوير الكناية الاساسية عن مصهر المعادن،لتكون القدر أو الحلة في خطابنا السوداني العربي ، فاصبحت واحدة مما سمي بالكنايات المطبخية.
أعتقد ان شيخ ادريس ،و الله اعلم،قد خلط بين الآحادية ،المتمثلة في القدر،وبين التعددية الثقافية المتمثلة في كنايات مثل:صحن السلطة ،ويتجلى خلطه في كلامه التالي:
Quote: إن التعدديات نوعان:
تعددية صحن السَلَطة الذي يحتفظ كل مكون من مكوناته بلونه وطعمه وملمسه: فهذا طماطم، وهذا جرجير، وهذا عجور، وهكذا.

و
تعددية القِدر الذي توضع فيه كل المكونات، من لحم، وخضار، وملح، وبهارات لتطبخ إداماً واحداً ذا طعم واحد، وربما لون واحد. هذا الأخير هو الذي يقال: إن الولايات االمتحدة فعلته، إنها كما يحلو لهم أن يقولوا بوتقة melting pot جعلت من مكوناتها أمة أمريكية واحدة.

وفي نقد البوتقة يوضح ،شيخ ادريس على لسان كاتب امريكي ،ان البوتقة تعتمد في معظمم الاحيان على القسر،ولا تحفل بالتسامح،والسخرية من الآخر الغريب المختلف،واعداد قدر له ،لكي يدخل فيه ويغتسل من ادرانه الثقافية،عبر امركته.
يقول:

Quote: يقول كاتب أمريكي: لقد كانت الأمركة عملية انسجام قسري كانت الولايات المتحدة فيها بمثابة البوتقة لا النسيج ذي الألوان والصور المختلفة. لم يكن ينظر إلى المجتمع الأمريكي على أنه قطعة من روسيا؛ قطعة من إيطاليا، وقطعة من بولندا مزج بعضها ببعض، كلا! بل إن القوميات المختلفة جُعلت أمريكية كما ينقى المعدن الخام ليصير ذهباً خالصاً. الأمركة نقتهم وأزالت خبثهم. إن أصحاب موكب حركة البوتقة لم يكونوا يحتفلون بالتسامح، ولكن بالخضوع لمفهوم ضيق للقومية الأمريكية، بتصوير الأجانب بأناس في أزياء غريبة، ينغمسون في قدر كبير، ويخرجون منه نقيين بهندام جميل، ولهجة أمريكية خالصة، ومنظر أمريكي؛ أي أمريكان إنجليز(1

ونلاحظ في نقد الكاتب الامريكي ،انه اشار الى الخسارة الكبرى التي نجمت عن قتل الاب،ونسيان الماضي الاوروبي ،وهذا ما جعل البوتقة نفسها ،تخسر التعدد والثراء "الابيض" أو "القوقازي" ،حين قال:
Quote: لم يكن ينظر إلى المجتمع الأمريكي على أنه قطعة من روسيا؛ قطعة من إيطاليا، وقطعة من بولندا مزج بعضها ببعض، كلا! بل إن القوميات المختلفة جُعلت أمريكية كما ينقى المعدن الخام ليصير ذهباً خالصاً. الأمركة نقتهم وأزالت خبثهم.

أرقدوا عافية
المشاء

Post: #84
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 09-23-2006, 04:54 PM
Parent: #83

قرأت هذا البوست (عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء) والذى وضع حجر أساسه الأستاذ حيدر حسن...وساهم فيه إخوة من خيرة ذوى الإهتمام بالأدب السودانى أوالسودانوى ونقده...الأساتذه عبدالمنعم عجب الفيا...أسامه الخواض...عبدالله الشقلينى وآخرون...كان طرحا رائعا راقيا هادفا ومفيد....كانت تجول فى زهنى منذ أن وقفت على إصطلاح الغابة والصحراء...كأعمال إبداعيه من مصادرها....كاشعار عبدالحى والنور عثمان أبكر وصلاح أحمد إبراهيم ومحمد المكى إبراهيم وكتابات على المك...ثم متابعة نقد ذلك الإبداع...حتى يتثنى لى تجسيد معرفى راسخ من بخور بلاد بونط الذى تستنشقه من تلك الأشعار...ودائما ما كنت أقف على بعض هضاب الحيره...وذلك لإحساسى بضيق مفهوم الغابة والصحراء على جسد الوطن الهلامى....على الرغم من إعجابى بمفجريها فى فجر عبقريتهم وفجر عبقرية العقود العناقيد التى أنجبتهم ولجتهم إبداعها...ولكن اليوم أدركت إدراكا لا شك فيه أن هذا الوطن عبقرى...وأن أبنائه عباقرة أفذاذ...وعلى خلاف ما كان سائدا فى هذا المنبر...جاء الحوار فى تدرج معرفى شيق ونفاذ للعقل والقلب والوجدان...تدرجا معرفيا بالغوص فى أعماق الموروث الأدبى للغابة والصحراء من تراث عباقرته...وتراث نقاده بأنفاس تتنافس فى إخراج المسك من قرون غزال الغابة والصحراء بمنتهى الحضاريه...ومنتهى الموضوعيه...ومنتهى الحرص العلمى والمعرفى...فكانت الإجابات لكل الأسئله الحائره فى الزهن الشكاك....كنت أحسب أن فى الغابة والصحراء ثنائية المناطقيه وثنائية الآفرو عروبيه....من دلالة الرمز المختبئ فى الإسم....ولكن بعد أن جاء الخواض بمستجدات الظرف والمكان الذى كنت أحسب أن الطرف قد غض عنها فى مفهوم الغابة والصحراء... مناطق جبال النوبه والنيل الأزرق والبجاء ودارفور...ومناطق نوبه الشمال والتى تضمنها خطاب مفهوم السودان الجديد...فجاء الفيا وأوجد مكانا لذلك المفهوم داخل الغابة والصحراء لأن للغابات تنوع...فمنها الإستوائى والسافنى بشقيه الغنى والفقير...ثم تدرج الصحراء من شبه لكل...فطارت أسئلة التجاوز والتهميش التى كنت أحسبها...لا بل يحسبها غيرى وتؤرق كاهل كيانه...إنى بكل الصدق أحسب أن تدوين هذا البوست والتوسع فيه بنفس الأنفاس الصادقه...ربما يحل هرغلوفيا الخلاف والغموض...الذى كاد أن يفجر أزمة فى وحدة البلاد ووحدة هويتها المتدرجه تدرج المناخ فيها...كما وصفها الخواض بالسلطه وشوربة الخضار وقوس قزح...وفقا لما جاء من جهد قائلها وتدرج الصحراء والغابه وتنوعها كما قال به الفيا...........................


فتح الله عليكم ولكم الدعاء بقبول الصيام والقيام


منصور

Post: #85
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-23-2006, 09:10 PM
Parent: #1

Quote: كنت أحسب أن الطرف قد غض عنها فى مفهوم الغابة والصحراء... مناطق جبال النوبه والنيل الأزرق والبجاء ودارفور...ومناطق نوبه الشمال والتى تضمنها خطاب مفهوم السودان الجديد...فجاء الفيا وأوجد مكانا لذلك المفهوم داخل الغابة والصحراء لأن للغابات تنوع...فمنها الإستوائى والسافنى بشقيه الغنى والفقير...ثم تدرج الصحراء من شبه لكل...فطارت أسئلة التجاوز والتهميش التى كنت أحسبها...لا بل يحسبها غيرى وتؤرق كاهل كيانه...

بارك الله فيك الاستاذ الاديب المتميز (السودانوي ) منصور المفتاح
انضمامك لنا كسب معرفي كبير وبه يسمو البوست سمتا فوق سمت ،
وفي انتظار المزيد من أضاءاتك .
______
اضاءة
____

".. ولعل من دلائل التوفيق على حسن اختيار هذه الصيغة الرمزية أن تعبير ( الغابة والصحراء ) لا يتطابق فقط مع توزيع المناخ الجغرافي في السودان بل يكاد يتطابق مع التوزيع الديمغرافي للسكان . فالمعروف أن مناخ السودان يبدأ في التدرج من مناخ صحراء في الشمال ثم يتحول إلى شبه صحراء ثم سافنا فقيرة وأخرى غنية في الأواسط إلى أن ينتهي عند الغابات المدارية في الجنوب . وبذات القدر نجد السكان يتوزعون على هذا النحو إذ نجد العنصر العربي غالب في الشمال مع بعض الاستثناءات ثم يبدأ في التقلص كلما اتجهنا مع بعض الاستثناءات أيضا إلى أن ينتهي إلى غابة العنصر الأفريقي الزنجي في الجنوب .

ومثلما اهتدت تلك المجموعة إلى رمز ( الغابة والصحراء ) اهتدت أيضا إلى نموذج تاريخي يجسد هذا التمازج العربي الأفريقي على أرض الواقع فكانت سنار . وسنار هي عاصمة مملكة سنار أو سلطنة الفونج والتي عرفت أيضا بالمملكة الزرقاء أي السوداء . فالسودانيون يستعملون الأزرق كمرادف للأسود . ومنه جاء اسم النيل الأزرق أي الأسود . وذلك لشدة اعتكار مياهه من كثرة الطمي . ويقولون رجل أزرق يعنى أسود . وكانت العرب تستعمل الأخضر في ذات المعنى ، فتقول رجل أخضر أي أسمر أو أسود . وكذلك يفعل السودانيون وهذا مثال على الخصوصية اللغوية لأهل السودان .."

من مقال : الغابة والصحراء كناظم جمالي .

Post: #86
Title: Re: ديالتيك ثقافي
Author: Agab Alfaya
Date: 09-23-2006, 09:26 PM
Parent: #1

كتب الاستاذ الشقليتي :
Quote: عن أهل الغابة والصحراء
فإني لم أزل أنادي بالفصل بين أوزار هيمنة هوية على غيرها
من إبداع أهل (الغابة والصحراء ) وهم يزرعون الساحة برياحينهم
وقد صنعوا لوحات حالمة ، بقيت شجرة يجتمعون حولها ،ومن وحي الجلوس تحتها قرأنا لهم ما قرأنا.

اتفق معك يا عزيزي ان في ان اتهام البعض للغابة والصحراء بتغلب جانب على أخر يتجاهل حقيقة كونها ليست مجرد صيغة اختزالية وانما تمثل ديالتيك الثقافة السودانية ، هي الكل المركب حسب تعريف تايلور وليس هي مجرد صحراء في مواجهة غابة .
والدليل على ذلك ان الناقمين عليها ، من اؤلئك الذين يقفون على طرفي نقيض في مقاربتهم لسؤال الهوية ، تتحول اتهامات كل طرف منهم ضدها ، الى دفاع في صفها في مواجهة اتهامات الطرف الاخر . فحسن موسى الذي يصفها بالعرسلامية ، يقول : " أن مشكلة مشروع الهوية في مساهمة الغابة والصحراء هي أنه مشروع يقوم على الرجوع " ، ولكنه " رجوع ملغم بخيار ثقافي مسبق هو خيار الثقافة الإسلامية ".
أما دكتور بولا ، فأنه لا يرى غبارا على أطروحة الغابة والصحراء سوى الإبقاء على الثقافة الإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، يقول : " أن مشروع جماعة الغابة والصحراء لدى الوهلة الأولى يبدو متماسكا معافى من أدواء المركزية الذاتية للثقافة العربية ، بيد أن النظر الفاحص يكشف رؤى الثقافة العربية بكامل عدتها وعتادها في أجندة هؤلاء الشعراء وفي تعبيرهم . " .

الا ان هذه الاتهامات ضد جماعة الغابة والصحراء تتحول إلى دفاع في مواجهة اتهامات د. عبد الله . الذي يتهمهم بالتآمر ضد الثقافة العربية والإسلامية إلى الحد الذي يقول فيه : " أنهم أرادوا من خلال استردادهم المكون الأفريقي .. أن يدسوا مشروعا خاصا بهم في تفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية التي سدت على يفاعتهم منافذ الأشباع " فهو لا يرى في رد الاعتبار للمكون الأفريقي في الذات السودانية سوى محاولة يائسة لخلع الانتماء للعروبة والإسلام : " وعندي اجمالا أن خلع وتحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافي أو يأس " !!!
إذن بينما حسن موسى وبولا ينعيان على جماعة الغابة والصحراء تمسكها بخيار الثقافة العربية والإسلامية بكامل عدتها وعتادها ، ويريان فيها تكريسا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية وتمركزها ، يرى د. عبد الله على إبراهيم النقيض من ذلك تماما ويقول أن جماعة الغابة والصحراء تعمل على دس مشروعها العلماني في تفكيك محرمات الحضارة الاسلامية وإنها ما هي إلا محاولة يائسة وغش ثقافي يهدف إلى خلع السودان عن الانتماء لثقافته العربية ومحيطه الإسلامي .

ولكنهما بالرغم من كل لك يتركان عربسلامية الدكتور عبدالله ابراهيم الكاملة الدسم ترقد في آمن بل يصفون ورقته "تحالف الهاربين " بالجلال والفرادة ، ليشيعوا الغابة والصحراء باللعنات ويحملونها مسؤولية ولادة الغول الاسلاموي !!
اظن ان بولا قد ادرك الان النسب الحقيقى لشجرة الغول . اما حسن موسى فقد تحول في نقاشه مع ابكر اسماعيل حول - اتحاد الكتاب الشايقية - الى "عربسلامي " هو الآخر حين خاطب ابكر قائلا : اين تهرب من هذا الاسم !!.

اضاءة

"هنالك شبه كبير بين غلاة العروبيين وغلاة المتأفرقين فكلاهما ينظر الى السوداني الهجين معتبراً اياه عربياً خالصاً-هذا ليحشره رغم أنفه في الكتلة العروبية وذاك ليتبرأ منه ومن الأصول التي نمته. ومن يتأمل الجنجويد وحديثهم المبالغ فيه عن (لزرقة) يضحك ضحكاً مراً على النزاع ومبرراته فليس اشد زرقة من واحدهم سوى الآخر، وممكن جداً تبادل المواقع بينهم فيكون بعض الجنجويد افحم سوادا من أعدائهم في المعسكر الآخر."
محمد المكي ايراهيم
التاريخ الشخصي للغابة والصحراء

Post: #87
Title: Re: محمد المكي يرد
Author: Agab Alfaya
Date: 09-23-2006, 09:44 PM
Parent: #1

كتب الخواض
Quote: ولذا وقع رواد التيار الغابة والصحراء ضحية لطغيان الخطاب الاداري الكولونيالي البريطاني الذي كان يقسم السودان الى ثنائية مختزلة هي الشمال والجنوب.
وهو هنا ياخذ بما ورد في حوار الدكتور كون ان ينابيع الغابة والصحراء هي مكامايكل وترمنغهام .
واترك المجال لشاعرنا الكبير محمد المكي ليرد :
* *
" في عام 1962 على خطوة غيرت تاريخ حياتي فقد حولتني من دارس قانون الى مشتغل بالثقافة، ومن قاضٍ او محام الى دبلوماسي يقضي معظم ايام عمره في الغربة والاتصال بالعوالم الأجنبية. ففي ذلك العام صارحت عائلتي برغبتي في قضاء العطلة الصيفية في المانيا..،
تميزت ألمانيافي الستينات بروح الندم والتكفير عن خطاياها في الحرب الأخيرة وانسياقها وراء الدعاية العنصرية التي جعلتها تحارب العالم اجمع وجعلتها تتصرف باحتقار نحو كل الاعراق والاجناس..
في ذلك المناخ الودود كان سؤال الهوية مطروحا على الدوام وكان أناس لطيفون خرجوا من تحت أنقاض الحرب يريدون أن يعرفوا اذا كنت زنجيا من أفريقيا او عربيا من الشرق الأوسط واذا كنت تستطيع ان تعلمهم رقصة أفريقية أو اغنية عربية.وحين تقول أنك عربي كان نفس الأشخاص الطيبون يصارحونك ان فكرتهم عن اشكال العرب كانت مغايرة تماما .وبالمقابل لم يكن يسيرا عليهم ان يفهموا ان اشخاصا يتفاهمون بينهم بالعربية يمكن ان يكونوا زنوجا افريقيين او أن أناسا سودا يمكن ان يكونوا عربا تماما مثل عبد الناصر وملك الأردن الشاب المحبوب.وكان كل ذلك جديرا بأن يفتح أذهاننا على غرابتنا وضعف انتماءاتنا العربية والأفريقية بذات الوقت.واقتضانا ذلك كثيرا من الحيرة والتفكير لنهتدي الى حقيقة كوننا سودانيين وكوننا خلطة جميلة ومتفردة من أعراق عربية وأفريقية وأن تلك الخلطة ربما كانت هي المسئولة عن تفرد الشعب السوداني وذكائه وقدرته الفائقة على التعلق بالمثل العليا.
إنني مصر على ان ذلك الاكتشاف امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق او قراءات في أدب المستشرقين أو تأثر بهم وبين هلالين أقسم برأس أبي انني لم أقرأ حتى اليوم ترمنجهام وذلك الآخر الذي روجت ألسنة السوء أننا قرأناه وتأثرنا به وأنا أعرف تماما ان تلك الفرية مقحمة اقحاما ليذكرنا مروجها انه متمكن عظيم الباع وأنه ليس أقل من ادوارد سعيد مقدرة على نقد الاستشراق والمستشرقين وإظهار ما هم عليه من التفاهة وحقارة الشأن وكل ذلك إثباتا لعبقرية انا كنت ذات يوم ممن يتوسمونها في مروج تلك الافتراءات.
لقد سجلت مرارا وتكرارا ان تسمية الغابة والصحراء من ابتكار الاستاذ النور وكنا قد ادرنا بيننا حوارا حول تلك الشئون وكانت له افكارسباقة عن التكوينة العرقية للسودان ولكننا لم نتطرق الى تكوين مدرسة شعرية او غير شعرية حول تلك المفاهيم ولم يدر ذلك ببالي الا بعد عودتي من المانيا بزمان فقد تركته هنالك وعدت في يوليو 1963لألتحق بالجامعة من جديد والتقي فيها بمحمد عبد الحي ويوسف عيدابي ونؤسس معا لاتجاه في الشعر السوداني ينطلق من تلك الأسس. "

التاريخ الشخصي للغابة والصحراء
جريدة السوداني
"

Post: #88
Title: Re: محمد المكي يرد
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-23-2006, 10:16 PM
Parent: #87

الأحباء هنا :
الكاتب الفيا والكاتب أسامة .
لكما كل الشكر وجزيل التقدير لرفدكما
هذا البوست ليكون قبلة لشراب حلو المذاق ،
طاعم النكهة .
والشكر للكاتب حيدر و جميع الذين ساهموا ولم تزل
خميرة كتابتهم تفعل فعلها .
ـــــــــــ
عزيزنا الكاتب : الفيا
لقد أوردت وثيقة ( محمد المكي ) وهي مهمة في دنيا و مسيرة الغابة
والصحراء ، تستحق النظر في كيف تندلق كرة الثلج الثقافية
من خاطرة ، وتتضخم و تتعملق ، وتتداخل برؤى آخرين ،
وأحمال الفلكلور من إضافات و حذف ، وتحوير وتعديل ،
وخلاف ، وهي في مرآة الهوية تأخذ شكل أزمة خلقت شعراً عملاقاً .
وكيف أن شمعة ذات زمان جمعت الكثير من القُراء لينهلوا .

شكراً للجميع

Post: #89
Title: اختزالية وتبسيطية و خفة ثنائية "الثقافة العربية والافريقية"
Author: osama elkhawad
Date: 09-23-2006, 11:49 PM
Parent: #88

مرحبا بالصديق :
منصور المفتاح
و شكرا على كلماتك الطيبات،
و رمضان كريم،
تصوموا و تفطروا على خير،
ايها الجميل.
عزيزي الشقليني
احب ان اعلق قليلا على ما قلت به عن نسبة المجازر التي حدثت في الصراع الثقافي السوداني،الى دعاوى الغابة والصحراء.
كما قال ع.ع. ابراهيم،
فان الانجاز الشعري للغابة والصحراء،هو انجاز لا يمكن نكرانه،بل هو من الانجازات الشعرية الضخمة في الخطاب الشعري السوداني الحداثي المعاصر.
لكننا ننظر الى الجذور التي شكلتها،
و ما شكّل لرؤيتها للعالم.
و البحث عن رؤية العالم هو بحث نقدي،
ولا غبار عليه،
وليس له علاقة بدعاوى الواقعية الاشتراكية ،في صيغها الاكثر ابتذالا،
كما في الصيغة الجدانوفية.

بحثنا ،أو على الاقل في حالتي ،
ليس هو بحثا في شعرية الغابة والصحراء،
وما ينبغي لي.
لكنه بحث في مدى جدوى كناية البوتقة او المصهر كمعبر عن العلاقات بين مختلف الثقافات السودانية.
و أنا هنا استخدم مصطلح "الثقافات السودانية"،
ولا استخدم الصيغة المختزلة اي الثقافة العربية والافريقية،
وهي صيغة تحجب الثراء الضخم للثقافات السودانية.
فالى الآن لا يمكننا ان نتحدث عن "ثقافة" سودانية،
اذ ان الامة السودانية لم تخلق بعد.
بل نتحدث عن علاقة الجغرافيا بالثقافات المتعددة تعددا ضخما وثريا.
ان ايراد ثقافات متعددة و مختلفة مثل الثقافة البجاوية و الانقسنية وثقافات الجنوب المتعددة كثيرا،وثقافات جبال النوبة، و نوبة الشمال ،تحت لافتة الثقافة الافريقية،
فيه قدر كبير من الخفة والاختزال والتبسيط.
فتلك اللافتة تشير الى ان كل تلك الثقافات الافريقية،هي متماهية مع بعضها البعض،ولا تفصل بينها سوى فروق لا يؤبه لها. وهذا الاختزال ،يمثل نظرة العروبي المبسطة الذي ينظر الى الآخرين رغم اختلافاتهم الكثيرة جدا،باعتبارهم افارقة فحسب،كمثل الناظر من الخارج،كمستشرق خائب، ينظر الى القارة الافريقية كلها من منظار انهم كلهم افارقة ،والفوراق بينهم هي فوارق ثانوية ليست جديرة بالنظر و الفحص و البحث.
مع محبتي
المشاء

Post: #90
Title: يتبنى "ود المكي" كناية البوتقة، و يتفق مع نقد الخطاب الثقافي الامريكي لها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2006, 00:54 AM
Parent: #89

أحاول بقدر الامكان ان انشر مساهمتي المطوّلة،
بحسب تسلسلها،
لكن احببت ان اقوم بهذه التخريمة المهمة،
لأن لذلك علاقة بما قلنا به عن كناية :
المصهر
أو
البوتقة
في علاقتها بالتاريخ الثقافي الامريكي.

ففي الوقت الذي كان يتبنى فيه شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم،
كناية البوتقة،

نراه في مقالاته عن :
التاريخ الشخصي للغابة والصحراء

يهاجم تلك الكناية،

ويؤكد فشلها استنادا الى التجربة الثقافية الامريكية.

ولم ينتبه الى انه قد تبنى تلك الكناية.

يقول محمد المكي ابراهيم عن البوتقة الثقافية الامريكية:

Quote: و حاليا تروج في الثقافة الأمريكية المعاصرة فكرة كفكرة المجذوب فلم

تعد امريكا تنظر الى نفسها كبوتقة انصهار
،

وانما كخلطة او كباقة من الزهور يظل قرنفلها قرنفلا وسوسنها سوسنا واقاحها اقاحا

ولكنها تأتلف فيما بينها لتتكون منها باقة منسجمةالألوان والاحجام والأشكال
.


؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المشاء

Post: #91
Title: Re: الرمز ابدا اختزالي !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-24-2006, 02:21 AM
Parent: #89

الرمز ابدا بطبيعته اختزالي تقريبي ، فهو يضمر ويشير ولا يصرح ، ويجمل لا يفصل .
وفي هذا يكمن سر جمال اللغة واعجازها . ومن ابجديات المنطق ان الكل يتضمن الجزء بالضرورة . فكلمة انسان هي اختزال لجنس المراة والرجل في هذه المفردة . وذكر اسم السودان الدولة يكفي للدلالة على ناسه واجناسه وثقافته المتعددة . وانت لا تحتاج ان تذكر جميع اجناس العرب واقطارهم حتى يفهم المتحدث انك تعني جنس العرب مطلقا ،اذا يكفي ان تقول: العرب .
وقياسا على ذلك اقول الغابة والصحراء رموز تضمر وتشير وتجمل ولا تفصل .
فالغابة اشارة للمجموعات الافريقية بهذا الرمز .سواء كانت هذه المجموعات في الشمال او الشرق او الغرب او الاواسط .
.والصحراء اشارة للمجموعات العربية والمستعربة بهذا الرمز .
وعلينا ان نتذكر ان "الغابة والصحراء " ، صيغة شعرية في الأصل . والشعر بطبيعته تركيبي وليس تحليلي .التحليل والتفصيل مكانه التنظير والدراسات والبحوث ..

الخلاصة ان الثقافة العربية والثقافة الافريقية عناوين كبيرة رمز اليهما بالغابة والصحراء . واي عناوين ثقافية صغيرة تندرج داخل هذين العنوانيين الكبيرين ؟

Post: #92
Title: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟؟؟؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2006, 04:20 AM
Parent: #91

لم تكن الغابة والصحراء مدرسة شعرية،
لها بيانها،
و الواضح من كلام محمد المكي ابراهيم،
في ما قال به ،
انه منشغل بخلافاته مع :
النو ر عثما ن ابكر ،
مقترح الاتجاه الشعري،
وانه لا يعرف ما ذا تعني الغابة و الصحراء،
و الا لما انتقد التجربة الامريكية في ما يتعلق بالبوتقة.
و هنا مجمل نقده لكناية البوتقة الامريكية.
ولنا ان نسأل ،
وماذا تكون الغابة والصحراء،
غير أنها بوتقة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يقول محمد المكي ابراهيم في نقده لكناية البوتقة الامريكية،
و كأنها تجربة للا تتعلق بكناية الغابة والصحراء،
باعتبارها كناية ثقافية في علاقتها بالثقافة السودانية:
Quote: كان محمد المهدي قد سبق جيله وسبق الاجيال اللاحقة باعترافاته الباهرة بالدماء المزدوجة الاصول التي تجري في عروقه كقوله لمؤتمر الأدباء العرب:

عندي من الزنج اعراق معاندة

وإن تشدق في إنشادي العرب

وبشر الأمة العربية في اجتماع آخر بانها:

شعوب ملونة كالزهور

تعود الى اصلها المعرق الواحد


وذلك افضل ما يمكن استخدامه في الرد على القائلين بأن وحدة العرب تستدعي التماثل بين العرب. وحاليا تروج في الثقافة الأمريكية المعاصرة فكرة كفكرة المجذوب فلم تعد امريكا تنظر الى نفسها كبوتقة انصهار وانما كخلطة او كباقة من الزهور يظل قرنفلها قرنفلا وسوسنها سوسنا واقاحها اقاحا ولكنها تأتلف فيما بينها لتتكون منها باقة منسجمةالألوان والاحجام والأشكال
.

ثم يتحدث عن خلافاته مع النور عثمان أبكر مقترح الغابة والصحراء:

Quote: في الستينيات والسبعينيات لم يكن في السودان مثقف يحترم ذاته لا يتردد على منزل المجذوب ويرتاد مجالسه ويتابع اخباره. وربما كان ذلك مفيدا للمجذوب بصورة ما ولكنه كان ممكنا ان يكون مضرا فقد اجلسناه على مقعد الاستاذية وقبلناه حكما في تقييم ادبنا وخلافاتنا وفي ظروف مغايرة كان ممكنا لذلك ان يكون نوعا من التجميد لفنه وادبه وهو مصير ممكن للكثيرين ولكن عبقرية المجذوب سمحت له بأن يكتب تحت تلك الظروف عددا من أجمل اعماله، فخلال تواصلنا معه وجد الوقت والطاقة الفنية ليكتب ثلاثة من اروع اعماله هي: القربان والبشارة وشحاذ في الخرطوم وهي اعمال تمتد من شعر التفعيلة الى قصائد النثر برهن بها الشاعر الكبير على قدرته المستمرة على التجاوز والتجديد في بداية أمرنا كنا نريد للنور عثمان ان يؤدي دورا من ذلك القبيل وكنا نريده رمزا لتيار الغابة والصحراء بحكم انه الأكبر سنا بيننا ولكن ظروفه الحياتية فرضت عليه حصارا ما واقعدته عن الكتابة لدهر طويل وحصرت مساهمته في مقاله الوحيد (لست عربيا ولكن) وأسوأ من ذلك انه راح يدعي لنفسه دورا أكبر مما له محاولا اقصاء الآخرين بتأكيداته المتلاحقة بأنه مبتكر تسمية الغابة والصحراء وهي حقيقة ولكن تأسيس التيارات الفنية لا يكون باطلاق التسميات وانما بالحفر الجاد المستمر واكتساب الاصحاب والاصدقاء ليقوموا بتعميق التيار وحفر مجراه ويبدو لي ان ذلك مما احدث ضجرا لعبد الحي وجعله يعلن عدم وجود مدرسة فنية اسمها الغابة والصحراء وهو ايضا من اسباب قعودي عن الدفاع عنها ضد فريقين: فريق الذين حاولوا سرقتها وفريق الذين حاولوا سحقها.

قرأت في صحيفة الشرق القطرية مقالة للاستاذ صديق محيسي يقول فيها ان النور عثمان كان يحدثهم وهو (بارك) عن سقوط محمد المكي ابراهيم يريد بذلك دخولي المجلس الوطني الانتقالي وما قلت فيه من دفاع عن شعب بلادي قاد الى استقالتي من وظيفتي كسفير ورماني في الاركان القصية لاجئا بلا وطن ولا جواز سفر. واذا جاز ان الاستاذ محيسي لم يكن يكذب (ولا ارى ما يدعوه الى الكذب) فان الاستاذ النور يخون بذلك الملح والملاح والعشرة الطويلة والف لعنة الله على الدنيا وما تفعل بالرجال
.
http://alsudani.info/index.php?type=3&id=2147507679

عبد الحي ،
كان هو الاكثر دراية بكناية البوتقة،
باعتبارها تمثل الثقافة السودانية،
وقد اورد ذلك في هوامش "العودة إلى سنار"،
و سنعود لذلك حين نتحصل على الاستشهاد.
مع محبتي
المشاء


Post: #93
Title: Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2006, 01:39 PM
Parent: #92

Up

Post: #94
Title: Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-24-2006, 11:48 PM
Parent: #93


Post: #95
Title: Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-25-2006, 01:36 AM
Parent: #94

تقترن الغابة والصحراء،
بمدرسة الخرطوم التشكيلية.
وأدناه بعض من لوحات :
ابراهيم الصلحي







Post: #96
Title: Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-25-2006, 02:31 AM
Parent: #95

كما قلنا سابقا،
فان الغابة والصحراء،
ليست متجانسة.
و لم يصدر عنها اي مانفستو.
وهي قد طرحت نفسها عبر كناية :
المصهر
أو:
البوتقة

فما راي المدافعين عنها،
بخصوص الرأي الذي قال به محمد المكي ابراهيم،
في نقد البوتقة الامريكية،
وهي أم البوتقات الثقافية في العالم كله ،
ومن ضمنه السودان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ما رأيهم بعد نقد محمد المكي ابراهيم لها؟؟؟؟؟؟؟؟؟


و سأقول رايي بصراحة،
في انني لم احترم نقده للبوتقة الثقافية الامريكية.
فهو يكشف عن جهله بواحدة من البوتقتين:
البوتقة التي تبناها كشاعر ،اي :
الغابة والصحراء
أو
البوتقة الامريكية

وهذا ما يجعلنا نشعر بأسى عميق،
في غياب:
محمد عبد الحي

ارقدوا عافية،
ولكن ضمن احساس عميق بالاسى والحزن ،
و ال.............فجيعة
المشاء

Post: #97
Title: Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-25-2006, 01:22 PM
Parent: #96

الاستاذ أسامة الخواض

ورد في إحدى إفادات استاذنا ود المكي حول مفهوم الافرو- عروبية ما يشير

بوضوح لمفهوم البوتقة عنده ... أو دو الإثنية في تحديد الانتماء:


Quote: عرب متأفرقة أم أفارقة مستعربون؟

إنني أحاول أن أثبت هنا شعور الانتماء العربي الذي يسود بين

السودانيين. ورغم ما يتعرض له من نقض وانتقاص فانه يظل

قويا في النفوس وكل ما نريده هو أن يسودهم شعور مماثل بكونهم

أناسا سود الاهاب وذلك ما ينسبهم إلى لحمة السواد التي تجمع

سود أفريقيا بسود أمريكا واستراليا وبالجيوب السوداء في

إيران والهند وهي نسبة مرئية مؤكدة لا مهرب منها ولا

مناص.وقد رأينا في الغابة والصحراء طريقة نبيلة لمواجهة

هاتين الحقيقتين: حقيقة العروبة والأفريقية.

ومع ذلك فقد كان هنالك انتقاد للافرو- عروبية يركز على أنها

شأن يخص شمال السودان ويستثني جنوبه ولا بأس من الاعتراف بذلك

فليس في الدنيا بلد متجانس في كل شيء ولا بأس أن يكون

الجنوبيون أفارقة اقحاحا يعايشون أفارقة عربا في وطن واحد

على أساس المواطنة والتساوي في الحقوق والاعتراف المتبادل

بالتمايز الثقافي الذي ينشأ عنه الثراء والتنوع وتعدد

المواهب الوطنية..


Post: #98
Title: Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-25-2006, 11:30 PM
Parent: #97

عزيزي حيدر:
سبق لي ان قرأت هذا الرأي في حوار مع شاعرنا الكبير :
محمد المكي ابراهيم
وكنت سأورده في مكانه من مساهمتي المطوّلة.
وهو يؤكد ما قلت به ،
حول نقد كناية البوتقة.
وسأعود الى ذلك ،
كان الله هوّن.
تحياتي و محبتي العميقة
أرقد عافية
المشاء

Post: #99
Title: Re: بين البوتقة والباقة
Author: Agab Alfaya
Date: 09-26-2006, 00:33 AM
Parent: #1

Quote: وحاليا تروج في الثقافة الأمريكية المعاصرة فكرة كفكرة المجذوب فلم تعد امريكا تنظر الى نفسها كبوتقة انصهار وانما كخلطة او كباقة من الزهور يظل قرنفلها قرنفلا وسوسنها سوسنا واقاحها اقاحا ولكنها تأتلف فيما بينها لتتكون منها باقة منسجمةالألوان والاحجام والأشكال.
هنا يتحدث محمد المكي عن التغيير الذي طرأ على منظومة المجتمع الامريكي . اذ لم يعد الاندماج في المجتمع الامريكي كما كان في الماضي وكما اراد له منظرو البوتقة الثقافية . بل صارت جاليات المهاجرين تشكل كيانات ثقافية شبه منغلقة على ذاتها . او كما وصفها محمد المكي بالباقة تحتفظ كل زهرة بخصائصها الفردية . اي مفهوم الاندماج والانصهار تحول من فكرة melting pot الى unity in diversity
والعلاقة بين البوتقة والباقة علاقة ديالتيكية ، علاقة بين العام الذي يوحد والخاص الذي يميز وهي علاقة تطرح منتوجها في الزمن والتاريخ والصيرورة .

اضاءة

" ليس لتيار الغابة والصحراء أي فضل في خلق الثقافة السودانية فهي حقيقة وجودية سابقة لذلك التيار بل ان الغابة والصحراء تدين بوجودها للثقافة السودانية بحكم انها مجرد توصيف لما هو كائن في الثقافة وليس فرضا لواقع جديد على تلك الثقافة. "

محمد المكي - التاريخ الشخصي للغابة والصحراء

Post: #101
Title: Re: بين البوتقة والباقة
Author: munswor almophtah
Date: 09-26-2006, 01:05 AM
Parent: #99

الرمز ابدا بطبيعته اختزالي تقريبي ، فهو يضمر ويشير ولا يصرح ، ويجمل لا يفصل .
وفي هذا يكمن سر جمال اللغة واعجازها . ومن ابجديات المنطق ان الكل يتضمن الجزء بالضرورة . فكلمة انسان هي اختزال لجنس المراة والرجل في هذه المفردة . وذكر اسم السودان الدولة يكفي للدلالة على ناسه واجناسه وثقافته المتعددة . وانت لا تحتاج ان تذكر جميع اجناس العرب واقطارهم حتى يفهم المتحدث انك تعني جنس العرب مطلقا ،اذا يكفي ان تقول: العرب .
وقياسا على ذلك اقول الغابة والصحراء رموز تضمر وتشير وتجمل ولا تفصل .
فالغابة اشارة للمجموعات الافريقية بهذا الرمز .سواء كانت هذه المجموعات في الشمال او الشرق او الغرب او الاواسط .
.والصحراء اشارة للمجموعات العربية والمستعربة بهذا الرمز .
وعلينا ان نتذكر ان "الغابة والصحراء " ، صيغة شعرية في الأصل . والشعر بطبيعته تركيبي وليس تحليلي .التحليل والتفصيل مكانه التنظير والدراسات والبحوث ..

الخلاصة ان الثقافة العربية والثقافة الافريقية عناوين كبيرة رمز اليهما بالغابة والصحراء . واي عناوين ثقافية صغيرة تندرج داخل هذين العنوانيين الكبيرين ؟




كل الذى سطره الفيا آنفا ذا علاقة وثيقة بالفلسفه نعم الفلسفه فتضمين الكليات للجزئيات بالصيغه التى مثل بها قضيه منطقيه كليه صادقه ثم ذهب أكثر ووصف الشعر بالتركيبى لا التحليل وأشترط التحليل للتنظير غير أن التنظير ربما يسمو إلى الفكر والفلسفه ويصير معياريا تقديرى كالفنون والفلسفه والشعر...ولكن العلم فى المستوى التقريرى الوصفى يبقى موضوعا للبحث والدراسه بإستخدام وسائل البحث المعروفه كالإستقراء والإستنباط والتحليل والقياس وما إلى ذلك...فدخول الفيه فى حظيرة الفلسفه يخرج النقد من علميته فى وصف وشرح وإستنباط المعانى والمداليل من دلالات النصوص أو الصور الجماليه...السؤال الذى أبحث عن إجابته هل النقد علم إنفصل من شجرة الفلسفه كعلم النفس والإجتماع أم أنه مازال من متسلقات شجرة الفلسفه............................................................



منصور

Post: #102
Title: Re: بين البوتقة والباقة
Author: Agab Alfaya
Date: 09-26-2006, 01:34 AM
Parent: #101

عزيزي الاستاذ الاديب والكاتب السودانوي /منصور المفتاح
كتبت متسائلا :
Quote: ...السؤال الذى أبحث عن إجابته هل النقد علم إنفصل من شجرة الفلسفه كعلم النفس والإجتماع أم أنه مازال من متسلقات شجرة الفلسفه

يقولون ان كل العلوم خرجت من الفلسفة وهذا صحيح
طالما ان المنطق هو اساس العقل والعقل اساس كل علم .
وعلم اللغة له علاقة وثيقة بعلم المنطق . فعلماء النحو العربي
مثلا طبقوا اسس المنطق الارسطي في اسنباط الاحكام والقواعد النحوية .
وحيث النقد الادبي متعلق باللغة فهو ذو صلة وثيقة بالمنطق
رغم انه يشتغل على جماليات اللغة المتعقلة بالذوق اكثر من المنطق .
ارجو ان اكون القيت بعض الضوء على اجابة السؤال

عميق شكري وتقديري

Post: #107
Title: في نقد كناية البوتقة:م.أ. ابراهيم نموذجا
Author: osama elkhawad
Date: 09-27-2006, 00:29 AM
Parent: #101

قلت عزيزي :
حيدر الآتي:
Quote: ورد في إحدى إفادات استاذنا ود المكي حول مفهوم الافرو- عروبية ما يشير

بوضوح لمفهوم البوتقة عنده ... أو دو الإثنية في تحديد الانتماء:



عرب متأفرقة أم أفارقة مستعربون؟

إنني أحاول أن أثبت هنا شعور الانتماء العربي الذي يسود بين

السودانيين. ورغم ما يتعرض له من نقض وانتقاص فانه يظل

قويا في النفوس وكل ما نريده هو أن يسودهم شعور مماثل بكونهم

أناسا سود الاهاب وذلك ما ينسبهم إلى لحمة السواد التي تجمع

سود أفريقيا بسود أمريكا واستراليا وبالجيوب السوداء في

إيران والهند وهي نسبة مرئية مؤكدة لا مهرب منها ولا

مناص.وقد رأينا في الغابة والصحراء طريقة نبيلة لمواجهة

هاتين الحقيقتين: حقيقة العروبة والأفريقية.

ومع ذلك فقد كان هنالك انتقاد للافرو- عروبية يركز على أنها

شأن يخص شمال السودان
ويستثني جنوبه ولا بأس من الاعتراف بذلك

فليس في الدنيا بلد متجانس في كل شيء ولا بأس أن يكون

الجنوبيون أفارقة اقحاحا يعايشون أفارقة عربا في وطن واحد

على أساس المواطنة والتساوي في الحقوق والاعتراف المتبادل

بالتمايز الثقافي الذي ينشأ عنه الثراء والتنوع وتعدد

المواهب الوطنية


هذا كلام في نقد كناية البوتقة،
ولذلك ،فهو يؤكد كلامنا ،و كلام ع.ع. ابراهيم،
في ان البوتقة تتعلق بالممثلين الرمزيين للجماعة الاسلامية المستعربة في السودان،
ولا تمثل كل الثقافات السودانية ،
التي لم تنصهر في تلك البوتقة المزعومة.

وهنا كلام لمحمد المكي ابراهيم،
في نقد البوتقة، وأنها تعبر فقط عن الجماعة الاسلامية المستعربة.
يقول في ذلك:

Quote: أخذ البعض على الغابة والصحراء استبعادها الجنوب وذلك حق فما يصح عن شمال السودان لا ينطبق على جنوبه و الجنوب ليس هجيناً كما ان الشمال هجين بل هو افريقي كامل الافريقية ولا اعرف واحداً من شعراء الغابة والصحراء قال بغير ذلك وكل مقولة «الغابوصحراويين» تنحصر في هجنة الشمال الثقافية

ثم يقول في الدفاع عن الغابة والصحراء ،
باعتبارها تمثيلا رمزيا للجماعة الاسلامية المستعربة في الشمال:

Quote: نعم ينطوي ذلك على نظرة تجزيئية للوطن ولكنها تستهدف التقريب بين الشقين بتأكيدها على الارض المشتركة بينها وكما أنها دعوة لإستكشاف الاصول الافريقية فهي ايضاً لإستكشاف الاصول العربية في ذلك الخليط الثقافي.. هي خطوة للتقريب واذا اقترن ذلك بدعوة مخلصة لانصاف الثقافات الاخرى وبذلك فالغابة والصحراء لا توقظ كوامن عنصرية بقدر ما تسهم في تبديدها

و أتفق مع شاعرنا الكبير حول ان "بوتقة " الغابة والصحراء،
كانت مهمة ،
ولكن وسط غلاة العروبيين ،
من الجماعة السودانية المسلمة المستعربة.

ثم يمضي للحديث عن عروبية "عبد الحي":
يقول في ذلك:

Quote: وطبعاً محمد عبد الحي «إرتد» عن فكرة الغابة والصحراء وقال أنا عربي وما عاد مشروع الغابة والصحراء يناسبه وقال «أنا عربي».


اذن ،
كما نلاحظ ،
فان الغابة والصحراء ليست واحدة،
وقد قام محمد المكي ابراهيم،
بنقد البوتقة،
لكنه في مقاله الاخير ،
لم يقم بنقدها بالشكل الكافي ،
وهذا ما لا ينطبق على البحث العميق عن الحقيقة،
التي تبدو ،
ولا تكون
محبتي
المشاء


Post: #422
Title: Re: بين البوتقة والباقة
Author: magdi elmahi
Date: 11-11-2006, 05:57 AM
Parent: #101

ياحنين
يارائع ياغالى
ياضائع بين صحراء الغربة وغابة نفسك
الى ....اين الى ....متى
ننتظر الشارع المار اليك
والقادم منك ومن شرفة الزمن الضائع
راسلنى على الاميل لان اميلك ضاع منى
مجدى

Post: #427
Title: Re: بين البوتقة والباقة
Author: magdi elmahi
Date: 11-14-2006, 05:28 AM
Parent: #101

الرائع دوماً
ياحنين
تلك محطات نقف يها لنستشف الدواخل
القطار مسرع
والشرفات تنادى
والزكريات لاتفى
والبوح اصبح صعباً
هلا وجدناك فى المحطة المقبله
مجدى

Post: #428
Title: Re: بين البوتقة والباقة
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-14-2006, 06:10 AM
Parent: #427

مجدي

يا هلا بيك

الاساتذة الاجلاء المتداخلون هنا... يجيدون فن الهرولة بين عدوتي الغابة ... والصحراء

وهو فن لو تعلمون ... عظيم

تكفيني (المتاوقة) الخجلى

فقد نضب معيني في أول ( لفَة)

فلنتعلَم منهم ما جهلناه

Post: #100
Title: Re: محمد المكي ومحمد عبد الحي ومصهر روح الامة !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-26-2006, 00:54 AM
Parent: #1

المقصود بالمصهر الخصائص المشتركة التي تكون شعورا وجدانيا للجماعة بانهم ينتمون الى وطن واحد . وليس المقصود الذوبان الكلي لمفردات الثقافة وفقدانها لخصائصها .

* *
وفي اشارة الى ذلك يقول محمد المكي ابراهيم :

الله يا خلاسية ..
يا بعض عربية
وبعض زنجية
وبعض اقوالي امام الله


وفي ذات المعنى يقول محمد عبد الحي في قصيدة – العودة الى سنار :

وكانت الغابة والصحراء
امرأة عارية تنام
على سرير البرق في انتظار
ثورها الإلهي الذي يزور في الظلام


والثور الإلهي ، كما يقول في الهوامش ، هو الثور المقدس عند الدينكا . ولا تخفي إشارته إلى البعد الروحي في تكوين الوجدان السوداني . ويقول :

الليلة يستقبلني أهلي
خيل تحجل في دائرة النار
حراس اللغة – الممكة الزرقاء
ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصان الماء


"جلد الفهد " لباس قداسة عند الدينكا. " وقمصان الماء " فيها اشارة لدرعيات أبي العلاء المعري- سقط الزند " كما يقول في الهوامش .

اما عن رمزية سنار والسلطنة الزرقاء يقول في هوامش القصيدة ايضا :

1- "سنار هي عاصمة السلطنة الزرقاء لثلاثة قرون حتى أوائل القرن التاسع عشر . لغة على اللسان وتاريخ ووطن . وحضور ذو حدين " ذلك يخطر في جلد الفهد ، وهذا يسطع في قمصان الماء " .
2- "في القصيدة ربما كانت سنار دفقة من كيان الفنان في شبابه حينما رغب – كما رغب جيمس جويس قبله – في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد ."
3- "وربما كانت نقشا آخر على صخر آخر . بداءة أخرى – اسما يتجوهر في مملكة البراءة . الأشياء هنا هي كما في السماء "
.

لذلك ان الذات الشاعرة في سعيها للبحث عن أصولها الثقافية والأثنية لا تقف عند أعتاب مملكة سنار كما قد يظن البعض ، إنما تتخذ من سنار مرتكزا للانطلاق نحو جذور أبعد من ذلك حيث الحضارة المروية والحضارات النوبية القديمة وما قبلها ، وقد أشار إلى ذلك في قوله :
" فأحتمى كالنطفة الأولي .. زهرة وثعبانا مقدسا "
والزهرة والثعبان المقدس إشارة إلى الحضارات النوبية القديمة حيث " كانت الآلهة في بعض نقوش مروى القديمة تصور منبثقة من زهرة الثالوث المقدسة ، وهنالك نقوش كثيرة يظهر فيها الثعبان المقدس حارسا للموتى أو ملتفا على الأضرحة أو طالعا من تلك الزهرة " .

مصهر الروح :

يقول عبد الحي في الهوامش : " القصيدة ربما كانت سنار دفقة من كيان الفنان في شبابه حينما رغب – كما رغب جيمس جويس قبله – في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد . "
ويتخذ من اسطورة الشيخ اسماعيل صاحب الربابة رمزا لهذا المصهر : .
وتعد أسطورة الشيخ إسماعيل كأحد أهم النظم الجمالية لعالم عبد الحي الشعري . الحقيقة أن أسطورة الشيخ إسماعيل هي بالأهمية بمكان بحيث يمكن أن نعتبرها المفتاح الرئيسي ليس لقصيدة ( العودة إلي سنار ) فحسب بل لسائر عوالمه الشعرية .

وكان عبد الحي الناقد قد لفت الأنظار إلى أهمية الدلالة المركزية لشخصية الشيخ إسماعيل في تجربته الشعرية في الدراسة القيمة التي كتبها تحت عنوان:
" الشيخ إسماعيل صاحب الربابة – التاريخ والنموذج الأسطوري لمفهوم الشاعر "

وعن قصة الشيخ إسماعيل ورد في كتاب ( الطبقات ) لمحمد النور ضيف الله ( 1727 – 1810م ) ما يلي :

"ولد للشيخ مكي الدقلاش ، أحد متصوفة سنار ، ابن من امرأة سقرناوية من تقلي ، اسمه إسماعيل . وقد تكلم الصبي وما يزال في المهد . كبر الصبي وحفظ القرآن وتعلم الفقه والتوحيد وشرع في تدريس علوم الدين .
كان شاعرا وله قصائد في مدح النبي (ص) وله رؤي تجلى له فيـها النبي . وله كلام يتغزل فيه بمدح النساء من قبل تهجة مثل ليلى وسعدى في كلام المتقدمين .
وكان إذا استبدت به حالة النشوة والجذب ، يجمع الصبايا وكل عروس ، للرقص في فناء داره . ويجئ هو بربابته التي عرف بها يضرب عليها ، كل ضربة لها نغمة يفيق بها المجنون ، وتذهل منها العقول وتطرب لها الحيوانات والجمادات . وكانت الربابة إذا تركت في الشمس تحس باقتراب صاحبها منها فترسل أنغامها دون أن يضرب عليها أحد .
وقد يركب الشيخ فرسه المكسوة بالحرير ، المزينة بالأجراس ترقص به ويغنى لها ، وبالجملة هذا الرجل من ( الملاماتيه ) .
وقد قتله الشلك أثناء عبوره نهر النيل الأبيض عند منطقة أليس - الكوه مع بعض مريديه الذين رباهم على نغمته . "

وعن رؤيته الفكرية والفنية لشخصية الشيخ إسماعيل يقـول عبـد الحي :
" الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، مثل كثير من الشخصيات المذكورة في كتاب الطبقات ، شخصية أمتزج فيها الواقع التاريخي بالأسطورة ، بل هو حقا شخصية كادت أن تتلاشى فيها العناصر إلى شخصية ميثولوجية تكونت في خيال الجماعة وخرجت معبرة عن نوع من التوازن الضروري للحياة واستمرار تلك الثقافة في تلك الجماعة " .

لذلك فهو يقول أن هدفه من هذا البحث " ليس تحقيق الوجود التاريخي للشيخ إسماعيل بإثباته أو نقضه ، بل إظهار الوجود الأسطوري في شخصية واستشفاف الصورة الجوهرية التي تركزت فيها العناصر وأصبحت نموذجا أسطوريا أعلى لها " .
ومن الإشارات والإيحاءات الواردة عن سيرة الشيخ إسماعيل فـي قصيدة ( العودة إلى سنار ) قول الشاعر :

أسمع صوت امرأة
تفتح باب الجبل الصامت
لتولد بين الحرحر والأجراس
شفة ، خمرا ، قيثارا
جسدا ينضج بين ذراعي شيخ
يعرف خمر الله وخمر الناس

وأهم ما يميز الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، هو أنه تجتمع فيه كل الخصائص الرمزية التي تجعله منه معادلا موضوعيا لرؤيا الذات الشاعرة وبالتالي تجعله نموذجا للخيال الجمعي والذاكرة الثقافية للأمة . فهو بجانب أنه صوفي وشاعر ، فأنه بحكم مولده مؤهل أيضا لتجسيد ازدواجية الهوية الأثنية للذات السودانية . فوالده الشيخ مكي الدقلاش من كبار متصوفة سنار وأمه من قبيلة السقارنج من جبال النوبة . وفي هذا النسق الرمزي للقصة ، يقول عبد الحي :
" يكتسب هذا الزواج العرقي مغزى ثقافيا ذا أهمية . فالثقافة تخلق في أساطيرها المعادلات التي تعبر عن جوهرها ، تكوينها ، وتحفظ التوازن بين عناصرها المختلفة والخروج بها من صراعاتها وتناقضاتها ، وترتفع بها المعادلات الرمزية على تناقضها وعدم النسق فيها " . وعلى هذا المستوى من الفهم نجد " في ميلاد الشيخ إسماعيل صاحب الربابة معادلة رمزية تعبر عن زواج الثقافة العربية بالثقافة الإفريقية الذي أنتج الثقافة السودانية . هذه المعادلة الكبرى يمكن أن تحلل إلي معادلات أصغر منها تعبر كل منها عن جانب من جوانب ذلك الـزواج الثقافي " .

ويقصد عبد الحي بالثقافة الأفريقية مجموع الثقافات التي كانت سائدة قبل الثقافة العربية الإسلامية والتي ما زالت تسود ، ويرى أن شخصية الشيخ إسماعيل نموذج رمزي استوعب كل الثقافات حيث تلتقي وتتقاطع عنده الثقافات النوبية القديمة بالثقافة الإغريقية والرومانية والمسيحية والإسلامية . لذلك فهو يرى أن سيرة الشيخ إسماعيل صاحب الربابة ترجع إلى أصول في الثقافة السودانية أبعد من الثقافة السنارية . فيقيم الوشائج بينها وبين أسطورة أورفيوس ذات الأصول اليونانية والرومانية ويربط بينها وبين قصة مزامير داوود في ( الكتاب المقدس ) وبينها وبين قصة السيد المسيح في الإنجيل والقرآن الكريم . " فالشيخ إسماعيل صاحب الربابة أورفيوس إفريقي عربي ، تركزت في شخصيته صورة الشاعر في الثقافة السودانية التي الفت بين تلك العناصر المتنافرة المتصارعة وصهرتها حتى التحمت أجزاؤها نموذجا أعلى لها " .

وأورفيوس في الأسطورة اليونانية القديمة هو ابن أبوللو ، إله الشمس والفن وقد أشتهر بقيثارته ( ربابته ) التي أهداها إليه والده وألهمه الشعر والعزف على الموسيقى . كان يعزف على قيثارته فيسحر كل من يسمعه ويروض بها الحيوانات الآبدة ويحرك الأشجار والحجارة الصماء . تزوج أورفيوس من معشوقته ، يوربيدس ، التي ماتت من لدغة حية سامة أثناء هروبها من اريسايوس الذي أراد أن يقضى منا وطرا عنوة . ولكن أورفيوس نزل إلى مملكة الموتى واستطاع بموسيقاه الساحرة الحزينة أن يستميل عطف ملك الموتى فسمح له أن يأخذ يوريديس ويعود بها إلى ( عالم الشمس ) الدنيا مرة أخرى ، ولكن أشترط أن تتبع يوريدس أورفيوس ويسير هو أمامها دون أن يلتفت وراءه أبدا حتى يعبرا مملكة الموت إلى العالم ، ولكن ما أن كادا أن يخرجا إلى عالم الشمس حتى حانت من أورفيوس التفاته خلفه ليتأكد من أنها ما زالت تمشى وراءه ، فما كان منها إلا أن تلاشت من أمام ناظريه واختفت إلى الأبد .

وكان أورفيوس بجانب أنه شاعر وموسيقى ساحر ، كان شيخ ديانـة سرية ( صوفية ) وكان له مريديون وقد وقتله أعداؤه ومزقوا أوصاله وألقوا برأسه في نهر ( هيبروس ) فظل طافيا فوق الأمواج يغنى للبحر العريض . أما بربابته فقد وارتفعت برجا بين أبراج النجوم . (17)

وأوجه الشبه بين أسطورتي أورفيوس والشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، كما يقول عبد الحي ، " قوية ، فكل منهما شاعر وموسيقار ، لفنه قوة سحرية خارقة يسيطر بها على العالم . ولذلك القوة بعد ميتافيزيقي يتجلى في ديانة أورفيوس الصوفية " . أما موت الشيخ إسماعيل فيقول هو في جوهره موت أورفيوس . فالعلاقة بين نهر هيبروس الذي ألقى فيه برأس أورفيوس ونهر النيل الأبيض الذي ضم في أمواجه جسد الشيخ إسماعيل بعد أن قتله الشلك دليلا على الشبه القوى بين الأسطورتين . كما يشير إلى وجه شبه آخر قوى بين القصتين هو الشمس . فربابة الشيخ إسماعيل عندما توضع في الشمس وتسمع صوت صاحبها ترسل أنغامها دون أن يمسها أحد ، وهذا يأخذنا أخذا كما يقول إلى قيثارة أورفيوس التي أهداها له والده أبوللو إله الشمس .

وعن موت الشيخ إسماعيل على النيل الذي يستدعى إلى الذاكرة موت أورفيوس على نهر هيبروس ، تأتي الإشارة في قصيدة ( العودة إلى سنار ) في قول الشاعر :

أرواح جدودي تخرج من
فضة أحلام النهر ومن
ليل الأسماء
تتقمص أجساد الأطفال
تنفخ في رئة المداح
وتضرب بالساعد
عبر ذراع الطبال

وتتكرر هذه الصورة الشعرية أيضا في ديوان ( حديقة الورد الأخيرة ) في قصيدة طويلة تحمل عنوان " حياة وموت الشيخ إسماعيل صاحب الربابة " حيث يقول الشاعر :

الفرس البيضاء
تميس في الحرحر والأجراس
على حصى الينبوع يستفيق طفل الماء
ويفتح الحراس
أبواب ( سنار ) لكي يدخل موكب الغناء
ويصعد النهر إلى السماء
عبر براري جرحه الطويل

المصادر :

1- العودة إلى سنار – محمد عبد الحي – الطبعة الثانية 1985م
2- السمندل يغنى – محمد عبد الحي – مصلحة الثقافة – الخرطوم 1977م
3- حديقة الورد الأخيرة – محمد عبد الحي – دار الثقافة للنشر – الخرطوم 1984م
4- الشيخ إسماعيل صاحب الربابة – محمد عبد الحي – مجلة حروف – دار جامعة الخرطوم للنشر – العدد الأول – سبتمبر 1990م
5- نحو استؤاتيجية نقدية لتذوق اشعار محد عبد الحي - عبد المنعم عجب الفيا - كتبات سودانية - سبتمبر 1999

Post: #103
Title: اغراق البوستات
Author: osama elkhawad
Date: 09-26-2006, 02:19 AM
Parent: #100

ملاحظة غير مهمة:
للصديق الشاعر المقاتل:
عبد المنعم ابراهيم الحاج
فضل اجتراح :
Quote: اغراق البوست

وقد اصبح هذا الاجتراح مستخدما في الخطاب الاسفيري،
للاشارة الى ايراد بوستات قديمة،
لا علاقة لها بموضوع النقاش،
و النجر من تلاقيط الانترنت.
وسنواصل مساهماتنا المطولة،
و هي مساهمة تنتبه ،
وتركز على الخطاب االثقافي المعاصر،
ولا تأبه بالمساهمات الاسفيرية،
التي لا تنطلق من ذلك الخطاب المعاصر.
المشاء

Post: #104
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-26-2006, 04:28 AM
Parent: #1

الاخ العزيز الاستاذ حيدر حسن ،اقتبست بطريقتك المعهودة قول استاذنا محمد المكي :
Quote: وقد رأينا في الغابة والصحراء طريقة نبيلة لمواجهة
هاتين الحقيقتين: حقيقة العروبة والأفريقية.
ومع ذلك فقد كان هنالك انتقاد للافرو- عروبية يركز على أنها
شأن يخص شمال السودان ويستثني جنوبه ولا بأس من الاعتراف بذلك
فليس في الدنيا بلد متجانس في كل شيء ولا بأس أن يكون
الجنوبيون أفارقة اقحاحا يعايشون أفارقة عربا في وطن واحد
على أساس المواطنة والتساوي في الحقوق والاعتراف المتبادل
بالتمايز الثقافي الذي ينشأ عنه الثراء والتنوع وتعدد
المواهب الوطنية..

وهذا يكفي في الرد على منتقدي الغابة والصحراء في هذا السياق
واسمح لي ان اورد مقال الاستاذ محمد المكي : اربعون عاما على الغابة والصحراء - ، لاهميته :

* *

أربعون عاما على الغابة والصحراء:ثقافة السودان المعاصر (1-2)

محمد المكي ابراهيم

عمر الثقافة السودانية هو عمر الإنسان السوداني وعمر استيطانه لهذه الرقعة المعروفة باسم السودان. فكل ممارسات البشر على هذه الرقعة في الماضي كما في الحاضر اسهام حضاري في صياغة الشكل والمزاج والمحتوى لتلك الثقافة. ولكن ظروف التخلف والتفكك السياسي حالت دون الانتقال الكامل السريع لمكونات تلك الثقافة من جهة الى جهة، ومن اقليم الى اقليم. ومع قلة الأمن وصعوبة التنقل والاتصال احتفظت الجهات والأقاليم بمياسمها الخاصة، متطابقا ذلك مع الحدود السياسية للدولة او السلطنة التي تحكم الجهة او الإقليم.

ورويدا رويدا تسللت عناصر خصوصياتنا المحلية لتندغم في لحمة كبرى هي اللحمة القومية، وتأثرت وتائر ذلك الاندغام بسهولة او صعوبة الاتصال. ويبدو ان البداية كانت في منطقة الوسط التي عاشت انسجاما اثنيا بحكم انتماء غالبيتها الى اصول عربية مشتركة، كما افادت من نهر النيل في تنقلاتها شمالا وجنوبا واختلاطها ببعضها البعض، مثلها في ذلك مثل اقوام السهل السوداني الكبير التي اتيح لها الحركة والاتصال دون عوائق طبيعية تعوق تنقلها واختلاطها، ليس فقط في اطار السودان الحالي وإنما عبر حدوده الحالية الى تشاد والنيجر وشمال نيجيريا في عصر الاستعمار. انتقلت البلاد الى عصر جديد هو عصر الدولة - الأمة وذابت او اذيبت الحدود الداخلية التي تفصلنا عن بعضنا البعض فالتقت وتفاعلت المكونات المحلية لثقافاتنا وأخذت بالاندغام والتوحد منذ بداية القرن العشرين (عدا الشطر الجنوبي الذي فصله الاستعمار عن بقية الوطن وعقب ذلك فصلته الحرب عن بقية البلاد).

ولكن السودانيين دخلوا عصر الدولة - الأمة قبل قدوم الاستعمار الغربي بما يقارب العقدين من الزمان هي عمر الثورة والدولة المهدية. وقد يبدو ذلك فترة قصيرة في حياة الأمم والشعوب، ولكن ما يؤهلها للانتباه هو ضخامة الأحداث التي شهدها ذانك العقدان من تحولات ديموغرافية واختلاط بين قبائل وأقوام كانت في الماضي معزولة عن بعضها البعض، وفي بعض الأحوال اجنبية تماما تجاه بعضها البعض. فقد اقتضت الثورة المهدية هجرة لأبناء النيل والنيل الأبيض بالذات الى (قدير) في جبال النوبا، وأحدثت في المنطقة تغيرات ثقافية كبرى وضعتها في قلب خريطة الثقافة السودانية وحولت سكانها الى ذخيرة لتلك الثقافة، الى ان تعرض كل ذلك للانتكاس والردة الكبرى على زمن الإنقاذ التي حولت قبائل الجبال من النقيض الى النقيض: من حملة البذرة الثقافية المدافعين عنها الى عدو لها شديد الوطأة. وواقع الحال ان النوبا قدموا للثقافة السودانية أنبل وأجمل تقاليدها العسكرية، الى جانب تقاليدها الرياضية وموسيقاها ورقصاتها، وتفانوا في القتال باسمها على كل الجبهات من ميادين القتال في الحربين العالميتين الى ميادين القتال في الجنوب، وكانوا مرهوبي الجانب في كل مكان لما يتحلون به من الشجاعة والإقدام.

أحدثت المهدية حدثا ديموغرافيا اكبر اهمية حين نزحت بجيشها القبلي الكبير من الجبال الى السهل الكردفاني ثم الى بقعة المهدي في ملتقى النيلين، وحشدت كل اولئك الأقوام في معيشة مشتركة في مدينة ام درمان المتميزة عن غيرها من المدن نتيجة لذلك التعايش. وحين يفتخر ابناء المدينة التاريخية بتراثهم وما ينطوي عليه من التنوع والثراء فإنهم بذات الوقت يفخرون بحصيلة ثقافية ساهم فيها الجميع وكان للمدينة شرف ان تكون البوتقة التي احتضنت ذلك التفاعل وقامت عليه. ثم جاءت الكولونيالية البريطانية لتخلق من السودان وحدة سياسية قائمة بذاتها وتبسط الأمن داخل حدودها وتتيح الاتصال بين مكوناتها عدا الجنوب (الى عام 1947) وجبال النوبا (حتى عام 1924). وينبغي ان نعترف للبريطانيين بحسنة أخرى هي اهتمامهم بالثقافات المحلية كوسيط للتعليم، فقد حشدوا المدارس الحديثة التي أقاموها بمفردات البيئة السودانية واهتموا بألعاب الصبايا والصبيان المحلية وأغاني وأناشيد الطفل السوداني وأدمجوها في النشاط المدرسي. وعلى عهدهم ظل مكتب النشر التابع لوزارة المعارف ينتج ثقافة محلية الأصول تتمثل بمجلة (الصبيان) وكتاب (التعريفة) وسلسلة (المصباح)، كما كان معهد بخت الرضا يضع مناهج سودانية الرائحة والطعم والإهاب وبعد تجريبها في ذلك المعهد الجليل يبثها في مختلف مدارس السودان.

وإذا اعترفنا بتلك الحسنات فليس مردها بالضرورة الى الاستعمار بقدر ما يعود الفضل فيها الى مجموعة السودانيين الأفذاذ من كبار وصغار رجال التربية والتعليم الذين اوكلت اليهم تلك المهام فأحسنوا القيام بها وتعمدوا ان يسربوا اليها روح الوطنية الأخاذ الذي تعمر به جوانحهم، فهم الذين سربوا الى اناشيد المدارس رائعة احمد محمد صالح (صبراً دمشق) وهي قطعة مضيئة من الغضب القومي الملتهب، وهم الذين اوصلوا الينا (منقو قل لا عاش من يفصلنا) كدرس أول من دروس الوطنية السودانية والحرص على السودان بحدوده المو######## دون تفريط. واهتموا ايضا بنشر اللغة العربية وتعميق فهمها وحبها في القلوب، وليس أدل على ذلك من تسميتهم كتاب المطالعة باسم (العربية المحبوبة). وقد عرفت مناهجهم نجاحا باهرا انتج لغويين ممتازين في عصر الاستعمار تمكنوا من العربية والإنجليزية بوقت واحد خلافا للمناهج ضيقة العطن التي وضعها المايويون ثم الإنقاذيون فقضوا بها على تعليم العربية والإنجليزية في آن واحد.

تزامن العصر الكولونيالي مع عصر اليقظة الوطنية الذي اعتمد على الوحدة الوطنية لتحقيق التحرير، فحشد الجماهير السودانية خلفه مؤكدا على ما يجمع بينها من لحمة القربى والتراث المشترك. وكان من دأب المؤتمر- مؤتمر الخريجين - ان يقيم مهرجانات سنوية تتنقل بين عواصم الأقاليم من عام الى عام فتنشر الوعي الوطني وإحساس الوحدة بين الناس. ونتيجة لتلك الجهود تعرف سودانيو تلك الأيام على ذواتهم من منطلقات وحدوية، فعرفوا ان بديرية كردفان هم من عمومة بديرية (البحر)، وأن بعضا من قبائل نوبا الجبال تعرف وتفهم لغة المحس، وأن ميدوب الملك الصياح هم في الأصل قبيلة من قبائل الدناقلة هاجرت من منحنى النيل الى قلب الصحراء الشمالية، وراجت عن الدينكا اسطورة تنسبهم الى اصول جعلية وتعزوهم الى العالياب والزيداب بقرينة الاسم المشترك. وكان للدينكا دون سائر القبائل الجنوبية تقدير خاص زاد فيه موقفهم من تمرد عام 1955 والقصص الشعبي الذي تداوله الناس عن انقاذهم ارواح الشماليين المحاصرين في الجنوب.

وقد اقتضت تلك المشاعر الوحدوية احتراما للثقافات المتعددة للأقوام السودانية واعتمادها كمكون مقبول لمنابر ذلك الزمان، وهي منابر لم تتجاوز المناسبات الاحتفالية كاستقبالات الزعماء الوطنيين الى جانب الأعياد الدينية كالفطر والنحر والمولد النبوي. ولسوف نلاحظ في عصر الاستقلال ان تلك المنابر شهدت تحديثا مهما حيث انتقلت الى الراديو والتلفزيون والصحف وحظيت بنشر واسع جعلها جزءً حميما من الثقافة اليومية للجمهور. ولا سبيل لإيفاء الإذاعة والإذاعيين حقهم من المدح والتمجيد للأدوار الرائعة التي قاموا بها في نشر الثقافة السودانية بين اقوام السودان وتحبيبها اليهم والإسهام عن طريق ذلك في خلق المزاج المشترك للجماعة السودانية. ويأتي من بعدهم التلفزيون والقائمين على أمره، وكان مفروضا ان يتقدموا على الإذاعة بعدة أشواط، ولكن فقر التلفزيون وقصور امكاناته المادية حرمه من استكمال دوره في نشر ثقافتنا، فلم ننتج العدد الكافي من المسلسلات والبرامج الترفيهية وقادنا الكسل الثقافي الى استيراد ثقافي غير منظم، ومع ذلك لا سبيل لإنكار الدور الكبير الذي لعبه ذلك الجهاز لقدرته على مخاطبة العين والأذن، في حين يقتصر الخطاب الإذاعي على الأذن.

لقد تشكلت ثقافة سودانية تعبر عن اجزاء كبيرة من الوطن وتعبر عن وجدان الناس فيه ولكنها لا زالت بحاجة لمزيد من التطور لتستوعب ثقافات المنطقة الجنوبية في ظل سلام حقيقي ووحدة جاذبة، وتطور نفسها من ثقافة شعبية الى مجالات الثقافة الرفيعة وتلج مجالات التأليف المنظم المقولب في الكتابة والموسيقى والمسرح والتصوير والرقص التعبيري والترجمة. ومن أسف ان تطور ثقافتنا تعرض لكارثة كبرى على عهد الإنقاذ الذي وجه اليها ضربة في الصميم سواء بمحاولاته لنبذها او لاحتوائها. فقد حاول ذوو الثقافة الفطيرة اقحام الدين على الحقل الثقافي تحريما وتجريما، ووجهوا الى فن الغناء بالذات ضربة قاصمة وهم يطلقون جهلاء عوامهم ليقولوا بتحريمه واضطروا فنانا مرهفا مثل عبدالكريم الكابلي الى الدفاع عن فنه في المساجد والصحف وتسببوا في هجرة المبدعين السودانيين الى اقاصي الدنيا.

ويمكن القول ان التأليف الموسيقي توقف بالكامل طيلة ذلك العهد وتفشت ظاهرة الاجترار لغناء الحقيبة القديم وظهور اجيال من المطربين يأكلون عيشهم من فتات مائدتها وهم يعيدون تقديمها بمختلف الأشكال والألوان.
وليس فن الغناء وحده الذي تأثر فقد تأثر الشعر ايضا بجو الإرهاب الثقافي الذي أشاعه الإنقاذيون. ولا انسى نصيحة منحنيها الشاعر مصطفى سند بين الجد والمزاح ونحن على ابواب قراءة شعرية فقال انه استبدل في شعره القديم نحر المرأة وصدرها بعينيها لكي يماشي المحرمات الجديدة، اما حجاب راقصات فرقة الفنون الشعبية فقد كان نكتة سمجة تقتل حقيقة بالضحك المر.
وكما اضرت الإنقاذ بثقافتنا بالنفي والإقصاء فقد اضرت بها ايضا بالتبني والاحتضان، فقد حاربت زي المرأة السودانية المحتشم الجميل وحاولت ان تحل محله زيا مستوردا غريبا وأفرطت في استخدام زينا الرجالي بصورة حولت قاعات الاجتماعات الى كتل متراصة من الجلاليب والعمائم البيضاء تبرق تحتها العيون كنجوم بعيدة في سماء سوداء، وذلك بشكل أوحى بأن ارتداء ذلك الزي شارة لمؤيدي الحكم وانصاره وفي صور القناة الفضائية وأخبارها يبدو ذلك التماثل في الزي مظهرا لنمطية مؤلمة تسيء الى مجمل الذوق السوداني وقدرته على التمييز والاختيار.
رغم تلك الصعاب ظل جوهر الثقافة السودانية حيا ومتداولا ومتمتعا بحيوية يحسده عليها الكثير من ابناء العرب والأفارقة، وحين يجري تقديم بعض مفردات تلك الثقافة يشترك في ذلك السودانيون على اختلاف منابتهم الجهوية دون تمييز وذلك بنظري هو الدليل الحي على التقبل العام لتلك الثقافة وعلى تحولها من إرث قبلي او جهوي الى ملكية مشتركة لكل ابناء الوطن.



محمد المكي إبراهيم



http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147506811&bk=1



Post: #105
Title: Re: اربعون عاما على الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-26-2006, 04:37 AM
Parent: #1


أربعون عاماً على الغابة والصحراء: ثقافة السودان المعاصر (2-2)

محمد المكي ابراهيم

يبدو أن هنالك تشبعاً بالجدال الذي دار لسنوات عديدة حول الهوية السودانية الذي أضيف بين هلالين انني لم أشارك فيه طيلة هذه السنوات الأربعين التي أعقبت ظهور الغابة والصحراء. وأنا لست أقل من الآخرين ضيقاً بذلك الجدل لاعتقادي ان المناقشة قد وصلت الى خلاصاتها النهائية وكان مفروضا قفل باب المناقشة وانهاء الجدال ولكنه حلا للبعض فتح المناقشة مرة بعد أخرى. بل ان اجيالا ممن كانوا اطفالا في الستينيات شاركوا في الجدل حين بلغوا الحلم وراحوا يجترون نفس المعلومات الضنينة المستقاة من خطط المقريزي وطبقات ود ضيف الله. وأسوأ من ذلك ان المناقشة فتحت من جديد بصورة رسمية تماما مع ظهور مدرسة الانفصاليين الشماليين الذين - في الوقت الخطأ تماما راحوا يطالبون بالانفصال عن الجنوب كأنما الجنوب يرغب في الوحدة ويريد ان يرغم الشماليين ارغاما على ان يتقاسموا معه بتروله الوفير ومناخه الرطب وبيئته النباتية الخضراء.

اذا كانت المناقشة قد دارت تحت عنوان عرب ام افارقة فانني اعتبر ذلك عنوانا خاطئا وغير قابل للحسم وقليلون هم الذين لاحظوا انني اطرح الموضوع متسائلا: عرب متأفرقة أم افارقة مستعربون. وطريقتي في طرح السؤال توحي بخلاصة غابوصحراوية في الحالتين لكوني أنطلق من الواقع المنظور حيث أرى أمامي بشرا سود البشرة يتحدثون لغة عربية ويدينون بدين الاسلام الذي انطلق بدوره من جزيرة العرب. واسأل نفسي هل هم افارقة مستعربون ام هم عرب متأفرقة وادعم بذلك الخلاصات الأولى التي نادينا بها في اول الستينيات.

علمتني هذه الفترة التي تقارب نصف القرن ان بلاد السودان تزداد سوادا لو صح ان السواد هو رصيف الأفريقية وإهابها الذي تواجه به العالم وبنفس الوقت تزداد عروبة بمعنى انها توسع باستمرار دائرة المتحدثين بالعربية وتعمق من معرفتهم بها. وقد تدخلت اعتبارات سياسية لتجعل من العربية لساننا الوحيد وليس لساننا الأول، ففي الماضي اشتهر السودانيون بحذقهم اللغة الانكليزية وتفوقهم في نطقها وكتابتها ولكنهم فقدوا الكثير من ذلك منذ أن غير المايويون السلم التعليمي ومنذ ان شن الانقاذيون حربهم على اللغة الانجليزية في السودان فتقلصت وبادت.
وحاليا صار معروفا عن السودانيين تقعرهم في العربية وتفصح لهجة الخطاب لديهم، متخلين عن مفردات لهجتهم لصالح فصاحة عربية لا تخلو من الافتعال. وبهذه الفصاحة يديرون حوارهم عن الهوية وبنفس الفصاحة يتهجم بعضهم على العروبة وينسب نفسه الى الأفريقية.

واقع الحال ان لحرب الجنوب دخلا في كل هذا فقد وجد نفر من الشماليين ذوي الضمائر الحية ان لجنوب السودان قضية عادلة وزعامة تاريخية باهرة من قامة الابطال التاريخيين العظام تجسدت في شخص القائد الفذ جون قرنق وقد اختار اولئك النفر ان ينضموا الى الصف الجنوبي كمقاتلين. وعلى ما في ذلك من مفخرة وطنية لنا جميعا الا انها تسببت لمثقفين آخرين في أزمة اخلاقية جعلتهم يكفرون عن عجزهم عن المشاركة الفعلية بافتعال مواقف فكرية منحازة تقول بتقديم الانتماء الأفريقي على الانتماء العربي إن لم يكن إنكار ذلك الانتماء على وجه الاطلاق. ولا أكاد أفهم كيف يحمل الانسان اسما عربيا من الجد الأول الى آخر الأجداد المعروفين ثم يأتي ليجادل بلغة عربية ممعنة في الفصاحة حول نسبه العربي مؤكدا انه افريقي بالكامل وانه ليس في عروقه قطرة من الدم العربي. وأنا لست معنيا بزيادة الكوم العربي او الأفريقي وما يعنيني حقا هو تزايد الكوم السوداني عن طريق مزيد من الوعي بخصوصيتنا السودانية التي تؤهلنا للعيش بين الفريقين برأس مرفوع ودون ان نكون عالة ثقافية على احد.

من الناحية السياسية لابد للدول ان تلتقي في مجموعات سياسية لتحمي نفسها وتعيش. ولكل دولة مجال حيوي يكون فيه حراكها السياسي والاقتصادي والثقافي. بمعنى ان هنالك عددا من الدول التي تشتري منك وتشتري منها وتتبادل معها التأييد والمؤازرة فيما يهمك وما يهمها وقد كان السودان ذات يوم مستمتعا بصداقة افريقيا كما بصداقة العالم العربي ولكن الحال تغير مع حرب الجنوب ومن بعدها حرب دارفور وظهرنا لأفريقيا بهيئة العدو الذي يقاتل اخوتها في العرق واللون. وبتأثير من تلك التوقعات بدونا لأفريقيا او بالاحرى لمخيلتها على هيئة اناس بيض يفتكون بالأفارقة السود ويمارسون ضدهم التفرقة العنصرية.
أذكر حين كنت بزائير ان فرقة من الجيش السوداني وجدت نفسها محاصرة ومهددة من قبل قوة اكبر للثوار الجنوبيين فدخلت الأراضي الزائيرية واضعة نفسها تحت حماية دولة البلاد. ويبدو ان أحد الصحفيين المحليين رأى القوة السودانية المنسحبة ولاحظ انها بكاملها من السود وليس من العرب البيض الذين سمع وقرأ أنهم يقتلون الأفارقة في السودان فدبج مقالا طويلا عن جبن العرب السودانيين الذين لا يذهبون الى ميادين القتال ويستأجرون السود ليحاربوا لهم حربهم بالوكالة.
والواقع ان الاعلام العالمي واخطاء حكومتنا جلبت علينا (وعلى بقية العرب دونما ذنب جنوه) سمعة عالمية كمتعصبين يفتكون بالأفارقة ويستعبدونهم. ويريد بعض مثقفينا ممن يعيشون في الغرب ان يهربوا من تلك السمعة بالتستر (إن لم يكن التنكر) في الزي الأفريقي.

انها صرعة بالنسبة للبعض ولكنها تصرف اصيل من قبل السودانيين ذوي الأصول الأفريقية الثابتة الذين لم يكونوا عربا في يوم من الايام ولا يحتاجون لاثبات ذلك كما انه حق ثابت لاولئك الذين اعتدى الحكم الحالي على خصوصياتهم الثقافية وعلى اوطانهم كما هو الحال بالنسبة لقبائل دارفور. وفي كل الأحوال لم يقل احد ان السودان وطن المهجنين وحدهم بل هو بذات الوقت وطن الأفارقة الخلص ووطن العرب الأقحاح ووطن المنتمين وجدانيا الى ذينك القطبين. والذي ننكره على المتأفرقين الجدد هو روح العداء العنصري الذي يحملونه او يتظاهرون بحمله نحو كل ما هو عربي ومن مظاهره تلك المطالبة الخافتة (ولكنها مسموعة) بالخروج من الجامعة العربية والأوهام التي يرددونها عن معارضة بعض العرب لدخول السودان للجامعة في أول الأمر.
يوجد السودان في أفريقيا في موقعه الحالي غير القابل للتغيير بتاريخه وديموغرافيته القائمة ولغته التي لا سبيل الى تغييرها واستبدالها بلغة جديدة. وفي إطار تلك الوقائع (كان سارتر يسميها الشروط) ينبغي ان ندبر امور سياستنا واقتصادنا وتبادلنا الثقافي. وواضح تماما ان للعالم العربي موقع الصدارة في اقتصادنا فهو المشتري الكبير لحاصلاتنا الزراعية والحيوانية وكان الى وقت قريب مجالا للعمالة والاستخدام لمهاجرينا ولما يتوفر له من الخبرة ورأس المال يمكن ان يكون شريكا رئيسيا في المستقبل. وعلى الجانب الآخر تأصلت علاقات السودان الأفريقية بدول السهل السوداني الكبيرعبر تشاد الى شمال نيجريا والكمرون ومالي والنيجر وهي منطقة أثرت فينا وتاثرت بنا ولا زال ممكنا ان نؤدي فيها ادوارا رئيسية خاصة في مجال المواصلات والتعليم. ومن جهة الشرق لنا علاقات ود قديم وتماثل مع دول الهضبة الاثيوبية والصومال وتحتاج تلك العلاقات التاريخية الى انبعاث منظم وتأطير مؤسسي. وفي كل البلاد متقدمة الذكر لا يحس السوداني باي قدر من الغربة او الاختلاف على عكس الحال في افريقيا الاستوائية (افريقيا الدغل مقابل السهل) مثل زائير والكونغو والغابون وانغولا وزامبيا وملاوي حيث يتملك المرء احساس الغرابة والعزلة ومع ذلك حقق السودانيون لانفسهم وجودا بشريا في كل تلك البلاد واصابوا الكثير من النجاح.

ولتذكر أنه ليس هنالك في هذا العالم الرحيب دولة لاتجاه واحد تسحب نفسها (على سبيل المثال) من العالم العربي او الأفريقي لاي نوع من الاعتبارات والاسباب، خاصة في عصر العولمة هذا حيث الكل متاح ومنفتح على الآخرين. وفوق ذلك فقد برهن الرسميون العرب على وفاء ومحبة كبيرة للسودان في ازماته الحالكة وأوقاته العصيبة ففي عهد الملك خالد في السعودية استنجد السودان بالسعودية ازاء تهديدات الغزو التي لوح بها او خطط لها الدكتاتور الاحمر منغستو هايلي مريم وحين شرح الموفد السوداني الموقف للعاهل السعودي كانت استجابته كريمة ومؤثرة لابعد مدى وما انتهى الكلام حتى بدأ التنفيذ. وينطبق نفس التقييم على مواقف العديد من الدول العربية من ازمات السودان وبلاويه كالمغرب والجزائر والاردن الصغير الشجاع ومن ذلك ما جرى حين تعرضت العاصمة السودانية للغرق بفعل امطار عام 1988 الغزيرة فقد كانت المساهمات تصل من كل حدب وصوب والكل يجود بموجوده وكان بعض العاملين في استلام الاغاثات يتحدثون عن وصول الخبز الساخن على متن احدى طائرات الاغاثة العربية.
لا انكر ان هنالك ثارات وضغائن واحقاد دفعت بعض السودانيين بعيدا عن العرب خاصة في المهاجر الأوروبية وهنالك جنسية اوجنسيتان يتحملان وزر ذلك وجريرته ولكن الاحقاد الشخصية شيء والعلاقات الدولية شيء آخر.
لقد كتبنا ببراءة تامة في هذه الشؤون ونحن طلاب جامعيون في مقتبل العمر لم نجرب ايا من تلك التجاريب ولم يكن حرصنا على الوتر الافريقي في العقل والتراث السوداني يفوق حرصنا على تراثنا العربي ولكننا بدونا كذلك بمنظور تلك الايام وربما كان السبب في ذلك هو الضيق بالانكار العام للمكون الافريقي. أما الآن فلا زال يثلج الصدر ان نجد من يعترف بذلك المكون ولكن دون تغول على المكونات الاخرى للثقافة السودانية. فالواقع ان السودان المعاصر خلاصة زواج مختلط لابوين من جنسيتين مختلفتين ولا تعني محبته لاحدهما بغضا للاخر او تقليلا لمكانته في القلب.



محمد المكي ابراهيم




http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147507024&bk=1







Post: #106
Title: Re: اربعون عاما على الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 09-26-2006, 06:44 AM
Parent: #105

حتى يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود فى فجرالهويه ويحين الإمساك عن شهوتى القلب والعقل فيها فالتبقى تلك المادة فى صدر المنبر تتصدر أولوياته.................................






منصور

Post: #108
Title: البوتقة الثقافية تتعلق فقط بالممثلين الرمزيين للجماعة الاسلامية المستعربة في الشمال
Author: osama elkhawad
Date: 09-27-2006, 00:42 AM
Parent: #106


قلت عزيزي :
حيدر الآتي:

ورد في إحدى إفادات استاذنا ود المكي حول مفهوم الافرو- عروبية ما يشير

بوضوح لمفهوم البوتقة عنده ... أو دو الإثنية في تحديد الانتماء:



عرب متأفرقة أم أفارقة مستعربون؟

Quote: إنني أحاول أن أثبت هنا شعور الانتماء العربي الذي يسود بين

السودانيين. ورغم ما يتعرض له من نقض وانتقاص فانه يظل

قويا في النفوس وكل ما نريده هو أن يسودهم شعور مماثل بكونهم

أناسا سود الاهاب وذلك ما ينسبهم إلى لحمة السواد التي تجمع

سود أفريقيا بسود أمريكا واستراليا وبالجيوب السوداء في

إيران والهند وهي نسبة مرئية مؤكدة لا مهرب منها ولا

مناص.وقد رأينا في الغابة والصحراء طريقة نبيلة لمواجهة

هاتين الحقيقتين: حقيقة العروبة والأفريقية.

ومع ذلك فقد كان هنالك انتقاد للافرو- عروبية يركز على أنها

شأن يخص شمال السودان ويستثني جنوبه
ولا بأس من الاعتراف بذلك

فليس في الدنيا بلد متجانس في كل شيء ولا بأس أن يكون

الجنوبيون أفارقة اقحاحا
يعايشون أفارقة عربا في وطن واحد

على أساس المواطنة والتساوي في الحقوق والاعتراف المتبادل

بالتمايز الثقافي الذي ينشأ عنه الثراء والتنوع وتعدد

المواهب الوطنية



هذا كلام في نقد كناية البوتقة،
ولذلك ،فهو يؤكد كلامنا ،و كلام ع.ع. ابراهيم،
في ان البوتقة تتعلق-فقط- بالممثلين الرمزيين للجماعة الاسلامية المستعربة في السودان،
و لا تمثل كل الثقافات السودانية ،
التي لم تنصهر في تلك البوتقة المزعومة.

وهنا كلام لمحمد المكي ابراهيم،
في نقد البوتقة،
وأنها تعبر فقط عن الجماعة الاسلامية المستعربة.
يقول في ذلك:


Quote: أخذ البعض على الغابة والصحراء استبعادها الجنوب وذلك حق فما يصح عن شمال السودان لا ينطبق على جنوبه و الجنوب ليس هجيناً كما ان الشمال هجين بل هو افريقي كامل الافريقية ولا اعرف واحداً من شعراء الغابة والصحراء قال بغير ذلك وكل مقولة «الغابوصحراويين» تنحصر في هجنة الشمال الثقافية

ثم يقول في الدفاع عن الغابة والصحراء ،
باعتبارها تمثيلا رمزيا للجماعة الاسلامية المستعربة في الشمال:


Quote: نعم ينطوي ذلك على نظرة تجزيئية للوطن ولكنها تستهدف التقريب بين الشقين بتأكيدها على الارض المشتركة بينها وكما أنها دعوة لإستكشاف الاصول الافريقية فهي ايضاً لإستكشاف الاصول العربية في ذلك الخليط الثقافي.. هي خطوة للتقريب واذا اقترن ذلك بدعوة مخلصة لانصاف الثقافات الاخرى وبذلك فالغابة والصحراء لا توقظ كوامن عنصرية بقدر ما تسهم في تبديدها


و أتفق مع شاعرنا الكبير حول ان "بوتقة " الغابة والصحراء،
كانت مهمة ،
ولكن وسط غلاة العروبيين
،
من الجماعة السودانية المسلمة المستعربة.

ثم يمضي للحديث عن عروبية "عبد الحي":
يقول في ذلك:

Quote: وطبعاً محمد عبد الحي «إرتد» عن فكرة الغابة والصحراء وقال أنا عربي وما عاد مشروع الغابة والصحراء يناسبه وقال «أنا عربي».


اذن ،
كما نلاحظ ،
فان الغابة والصحراء ليست واحدة،
وقد قام محمد المكي ابراهيم،
بنقد البوتقة،
لكنه في مقاله الاخير ،
لم يقم بنقدها بالشكل الكافي ،
وهذا ما لا ينطبق على البحث العميق عن الحقيقة،
التي تبدو ،
ولا تكون
محبتي
المشاء

Post: #109
Title: Re: البوتقة الثقافية تتعلق فقط بالممثلين الرمزيين للجماعة الاسلامية المستعربة في الشمال
Author: osama elkhawad
Date: 09-27-2006, 01:29 AM
Parent: #108

سنورد بعضا مما قال به البرنس:
في بوسته ،
حين قال:
Quote: تلك الحدود تضم نحو 600 مجموعة عرقية وثقافية تتحدث بأكثر من 120 لغة وليس لهجة.

إن مثل هكذا فسيفساء بشرية تبرز وبقوة دور الثقافة السائدة في دمج وتوحيد هذا التعدد والتنوع (على نحو سلمي) سعيا إلى تكوين ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح (الشخصية القومية).

هل هذا مما يليق ب:
البوقة الثقافية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المشاء

Post: #111
Title: Re: البوتقة الثقافية تتعلق فقط بالممثلين الرمزيين للجماعة الاسلامية المستعربة في الشمال
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 01:56 AM
Parent: #109

Quote: إن مثل هكذا فسيفساء بشرية تبرز وبقوة دور الثقافة السائدة في دمج وتوحيد هذا التعدد والتنوع (على نحو سلمي) سعيا إلى تكوين ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح (الشخصية القومية).


هل هذا مما يليق ب:
البوقة الثقافية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


وهل لا توجد شخصية قومية رغم هذه الفسيفساء ؟
اذن ما الداعي للوطن
ولماذا هذا السودان ؟!!

Post: #110
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 01:40 AM
Parent: #1

الاصرار على حشر الغابة والصحراء في هذه البوتقة اللعينة قاد ويقود هذا الحوار الى طرق مغلقة ،
قالوا " الغابة والصحراء " ولم يقولوا " البوتقة "
كلمة البوتقة اطلقت اصلا على وصف نسيج المجتمع الامريكي في بداياته .
ومحاولة احلال كلمة البوتقة محل كلمتي الغابة والصحراء هو اشبه بمحاولة احلال المجتمع الامريكي مكان المجتمع السوداني .
الغابة والصحراء هي السودان .
والسودان ليس امريكا .
والبوتقة ما هي الا وصف تقريبي لما يمكن يحدث من تلاقح ثقافي بين الغابة والصحراء .

اكرر ما قلته من قبل وقاله استاذنا محمد المكي الغابة والصحراء هو وصف مجازي لواقع ثقافي اثني لا يمكن لعاقل ان يجادل في وجوده الا مكابرة .
حدث تزاوج بين الغابة والصحراء في الشمال نتج عنه ما يسمي بالافروعربية
في الجنوب وبعض المناطق لا تزال الغابة محتفظة بهويتها .

المفارقة الغريبة ان كل من الدكتور عبدالله ابراهيم والخواض يستشهدون بالهجنة الثقافية التي يطرحها ادرواد سعيد كصيغة للتلاقح بين الثقافات ويرفضون الهجنة الثقافية التي نتجت عن زواج الغابة بالصحراء في السودان !!
ولا اجد وصفا أصدق لهذه الحالة اصدق من قول المثل : " زمار الحي لا يطرب "

حتي تكتمل صورة شهادة استاذنا محمد المكي ساورد النص الكامل للتاريخ الشخصي للغابة والصحراء .

Post: #112
Title: Re: قال الافروعربية ولم الغابة والصحراء !
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 02:30 AM
Parent: #1

نرحب مرة اخرى بالاستاذ الاديب منصور المفتاح
يقول استاذنا محمد المكي في قوله الذي استشهد به حيدر
Quote: وقد رأينا في الغابة والصحراء طريقة نبيلة لمواجهة
هاتين الحقيقتين: حقيقة العروبة والأفريقية.
ومع ذلك فقد كان هنالك انتقاد للافرو- عروبية يركز على أنها
شأن يخص شمال السودان ويستثني جنوبه ولا بأس من الاعتراف بذلك
فليس في الدنيا بلد متجانس في كل شيء ولا بأس أن يكون
الجنوبيون أفارقة اقحاحا يعايشون أفارقة عربا في وطن واحد
على أساس المواطنة والتساوي في الحقوق والاعتراف المتبادل
بالتمايز الثقافي الذي ينشأ عنه الثراء والتنوع وتعدد
المواهب الوطنية

لاحظ ان محمد المكي لم يقل ان الغابة والصحراء تستثني الجنوب ! بل قال ان الأفروعربية تستثني الجنوب . وهنالك فرق ! والافروعربية ليست كل الغابة والصحراء وانما يقصد بها التزاوج الذي حدث بين الغابة والصحراء في الشمال . ففي الجنوب/الغابة فلا يمكن الحديث عن آفروعربية بعد .
اما الغابة والصحراء فهي السودان كله افارقة وافروعرب وعرب .

Post: #113
Title: Re: محمد المكي - التاريخ الشخصي للغابة والصحراء -1
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 03:42 AM
Parent: #1

التاريخ الشخصي للغابة والصحراء (1-5)


أقدمت في عام 1962 على خطوة غيرت تاريخ حياتي فقد حولتني من دارس قانون الى مشتغل بالثقافة، ومن قاضٍ او محام الى دبلوماسي يقضي معظم ايام عمره في الغربة والاتصال بالعوالم الأجنبية. ففي ذلك العام صارحت عائلتي برغبتي في قضاء العطلة الصيفية في المانيا، فتكرموا مشكورين وأمدوني بأربعين جنيها سودانيا من جنيهات تلك الأيام؛ اشتريت منها تذكرة الباخرة من وادي حلفا الى اسوان في مصر، ثم تذكرة العبور من اسكندرية الى اثينا. أما السفر من الخرطوم الى حلفا فقد تكفلت به جامعة الخرطوم، باعتبار انه من حق الطالب ان ينال منها تصريحا بالسفر على نفقتها في عطلته الصيفية الى ايما جهة بالسودان. وكل ذلك غيض من فيض من أفضال تلك الجامعة العريقة على طلابها، فقد كانت تطعمنا وتسقينا وتتكفل بنظافة ملابسنا وترتيب غرفنا في السكن الجامعي، هذا الى جانب ما تختار لنا من جيد المناهج وأفاضل الأساتذة.

في ابريل من ذلك العام بدأت العطلة الصيفية بعد اداء الامتحانات في مارس وظهور نتائجها التي نقلتني بنجاح الى السنة الرابعة بكلية الحقوق، وهي السنة قبل النهائية في كلية ذلك الزمان. وكان معنا في الرحلة خلق كثير على رأسهم الشاعر عبدالمجيد عبدالرحمن (القاضي فالمحامي فيما بعد) الذي كان قائد فرقتنا فقد قام بنفس الرحلة في العام الماضي، ولكنه كان يحلق في عامنا ذاك نحو سماوات ابعد في اسكندنافيا. ومع ذلك فقد خرج عن مسار رحلته ليقودنا الى هوهنشافتلرن، من ضواحي ميونخ في المانيا الغربية، ويقدمنا لرب العمل الذي قضينا الجزء الأكبر من الصيفية في خدمته.

عبدالمجيد شاعر مفطور له صوت إذاعي رنان وطريقة رائعة في الإلقاء ومحفوظ وافر متجدد من الشعر والنوادر والنكات ونسب رفيع يرتفع به الى احد امراء المهدية الكبار. ولكنه كان يعيش تحت ظل قدر اسطوري مثل تلك الأقدار المكتوبة التي تسيطر على ابطال الميثولوجيا الإغريقية وتوجههم الى المصير المحتوم. فقد كان مكتمل القناعة بأنه سيموت صغيرا أسوة بإخوته الذكور الذين سبقوه الى ذلك المصير وتسللوا نحو الردى واحدا بعد الآخر. وقد عاش (أمجد بيك) كما كنت أناديه تحت ظل ذلك القدر المقدور ومات في سن صغيرة نسبيا دون الستين، وكنا قد تشتتنا حينها في المنافي والمهاجر ولم يبلغني خبر وفاته الا أخيراً فألف رحمة على قلبه المعذب الشاعر وسيرته الجميلة العاطرة.

قادنا عبدالمجيد الى وادي حلفا وركبنا باخرة الشلال الى اسوان حيث شاهدنا التماثيل الفرعونية الضخمة، وقد عملت فيها يد الحضارة بآلاتها ومتفجراتها تمهيدا لنقلها الى مأمن أمين قبل ان يغرقها السد العالي. ومن ثم أخذنا (المفتخر) الى القاهرة وأوينا الى فندق من رخيص فنادقها. وخرج بنا عبدالمجيد في غزوات الى جامعتها حيث شهدنا درسا في اللغة الإنجليزية لأحد اساتذتها كان قد وفق الى نطق الإنجليزية بطريقة الأمريكيين، وكانت القاعة ممتلئة بطلاب جلسوا في النوافذ والأبواب جاءوا ليسمعوا استاذهم يتحدث بنفس طريقة أبطال السينما الأمريكيين. وفي مقصف الجامعة التقينا بالشاعر سيد احمد الحردلو لدقائق قصار. وفي إحدى الأمسيات أخذنا حسن ابو كدوك - إن لم تخني الذاكرة - الى شقة واسعة تجمع فيها طلاب سودانيون ومصريون ليسمعوا سهرة الخميس الأم كلثومية. وأعجبني فيهم إصغاؤهم اليقظ الى كل ما تنشد الست، ثم انطلاقهم جميعا - كأنما استجابة لإشارة مايسترو غير مرئي - ليكرروا وراءها: (إنما للصبر حدود).

لم ننس أن نزور المتحف المصري وساحة التحرير وميدان الأوبرا، ولم يكن الحريق قد أتى بعد على دارها. أما باب الحديد وتمثال رمسيس العملاق فلم تكن بحاجة للزيارة إذ أن القطار أوصلنا اليها اول القدوم. وكان شارع عماد الدين في أواخر أيامه في ذلك الأوان ونساء مهزولات متشحات بالسواد ينادين علينا: (يا ابو سمارة.. ويا ابو طويلة) فنهرب منهن الى داخل فندقنا.

كانت القاهرة القديمة تلفظ أنفاسها تحت وطأة التعاليم الثورية لثورة يوليو، وكان الفرنسيون والبريطانيون قد غادروها بعد الأحداث الدامية في حرب بورسعيد قبل ست سنوات. وفي ذلك الوقت بالذات كان الدور قد جاء على الجالية اليونانية الفقيرة التي كان عليها ان تغادر مصر عائدة الى وطنها القديم الذي نسيته او كادت. وحين ركبنا الباخرة لتعبر بنا المتوسط كانت غالبية الركاب من ابناء اثينا الفقراء الذين لم يعرفوا لهم وطنا في الدنيا سوى مصر، وبعضهم قد ولد فيها وأجاد لغتها وتعلق بثقافتها.

في الجزء الأول من الرحلة كنت اسخر من المسافرين المصابين بدوار البحر مستغربا كيف تجري عليهم كل تلك البهدلة في حين أسلم منها أنا الغرباوي الذي لم ير البحر ولم يركبه في حياته سوى تلك المرة. وقادني الاستكبار الى عنبر للمسافرين كان موصد الأبواب لأرى احوال من كانوا فيه فإذا قبيلة كاملة من اليونانيين المصريين وقد انهمكوا جميعا في اخراج ما في أجوافهم وعند ذلك شعرت بيد قوية تتعلق بأحشائي وتخرج منها ليس فقط عشاء الأمس وإفطار اليوم وإنما ايضا اللبن الأمومي الذي رضعته قبل نيف وعشرين عاما. ومن تلك اللحظة الى نهاية العبور المتوسطي كنت مريضا وملقى على قفاي على سطح سفينة تتأرجح مع الأمواج تحت سماء مظلمة خالية من النجوم.

كانت أثينا مدينة صغيرة هادئة ميلئة بالمطاعم الصغيرة التي تسمح لك بالتسلل الى مطبخها لترى بنفسك انواع الطعام التي تقدمها وتختار منها ما يناسبك. وفي كل مكان كانوا يقدمون شراب الأوزو، وفي بعض المقاهي كان صاحب المحل يقدم بنفسه رقصات اليونان الشعبية. وفي فندقنا كان فلاح من الشمال يعالج طفلته الصغيرة العذبة من مرض عضال، وكان يأنس الينا متحدثا بخليط من اليونانية ولغة الإشارة وحين حانت لحظة الوداع بكى ومسح دموعه بأكمام جاكتته السوداء التي لم يكن يغيرها أبدا. كانت اليونان في ذلك الزمان بلدا صغيرا متخلفا مكتظا بالناس الذين يتحدثون العربية، وكان موظف الفندق يستعين بالموسيقى العربية ليسهر الليل في حراسة الفندق وخدمة النزلاء. وفيما بعد ذلك بسنوات كنت اعمل في احدى سفاراتنا بشرق اوروبا وكان طلابنا القادمون عبر اثينا يشتكون من يونانيين يتحدثون العربية يتظاهرون بالرغبة في مساعدتهم في تغيير ما معهم من عملات ويجردونهم من كل النقود الصغيرة التي أعدوها لمواجهة المجهول. ولكن ذلك لم يكن يحدث حين نزلنا بلاد اليونان وفي تلك الأيام البريئة، كان أقرب ما رأينا لى الغش هو سائق التاكسي الذي طلبناه لمشوار من مشاويرنا السياحية فمضى في عكس الاتجاه المطلوب ليصل الى قمة واحد من جبال المدينة السبعة (أو أكثر أو أقل) وهنالك أطفأ المحرك وتدحرج الى السفح موفرا على نفسه الوقود ولم يكن يقصد الى تكليفنا فوق طاقتنا بزيادة أميال العداد وإنما كان يتحايل على دنياه برشاقة وذكاء. أما الآن وقد استهلكتنا حروبنا على شعوبنا وبلغنا قاع التخلف فقد أصبح المصريون وغير المصريين يهاجرون الى اليونان ويعملون في خدمتها فخورين بأنهم قد انضموا الى قبيلة الهجرة والاغتراب.

حين آن الرحيل من اثينا اخذنا قطار الشرق الأوروبي الى ميونخ في المانيا الغربية (التي تحولت الى المانيا بلا شرق او غرب) مرورا بيوغسلافيا (أين هي اليوم؟) والنمسا. وكان ذلك سفرا مضنيا طويلا تعلمنا فيه كيف يكون النوم في وضع الجلوس وذلك امر لم نألفه في (قطار الغرب) العتيد، فما كان يطيب لنا النوم الا في الوضع الأفقي بعد ان يفسح لنا قليلا او كثيرا احد رفاقنا في (القمرة).. أما الأوروبيون فقد عودونا ان نراهم مستغرقين في النوم وهم جلوس في الطائرات والقطارات ومترو الأنفاق وحتى في مقاعد الحمامات.
في محطة ميونخ وهي نهاية مطافنا كان قد بقي معي سبعة وعشرون من الجنيهات السودانية صرفت بعضها في بنك الصرافة، كل جنيه بأحد عشر ماركا وأكثر. وربما كان ذلك هو الشيء الوحيد الذي أحسست اننا نتفوق فيه على الألمان، ففي كل انحاء المباراة الحضارية رحت اكتشف ان القوم قد سبقونا بمراحل عديدة، ولكنني لم أفقد أبداً أمل اللحاق بهم. وهي روح كانت شائعة فينا في ذلك الزمن الأول، بل وكانت شائعة في الأدب السياسي الأوروبي الذي راح يبني افتراضات شديدة التفاؤل عن افريقيا المستقلة وما تزخر به من امكانات وما هي موعودة به من التقدم والرفاهية، وقد عشت كل خيبات الأمل التي تلت. وفي منتصف الستينيات قرأت كتابا رائجا عنوانه ےl'Afrique est Mal -Parti (أفريقيا على البداية الخطأ). ولم تكن قراءة ذلك الكتاب سوى تأمين على نتيجة توصلت اليها بالحدس الشعري وعبرت عنها في قصائد كثيرة،منها قصيدة (الشرف القديمة) والتي جاء فيها:


افريقيا الجرح الطويل، بذاءة فوق البحار
أبد من الطرر القديمة قائح ألما وعار
لن يعبر التاريخ من ابوابك الحمراء
يا أنشوطة النوم الذليل
ويا ملاءات الغبار

ولكن ذلك لم يمنعني من العودة لنفس الموضوع في قصيدة (أمتي) مفترضا ان افريقيا هي التي تنهض وتترك بلادنا في العراء:

افريقيا نهضت لدقات الطبول
تطهرت في نهرها القديس
قدمت الذبائح والفداء
وهنا بأحداق السهول تحك أمتنا عجيزتها
وتلتحف الملاءة
يا خوفها الملعون من مرأى الدم القاني
يسيل على موائدها
ويمنعها التضاحك والمواء؟

ولقد ظل معي الهاجس الأفريقي طوال السنين في حياتي الفنية كما في حياتي الدبلوماسية، فرأيت تجارب أفريقية في التقدم والنمو أفضل مما أتيح للسودان بكثير مثل التجربة التنزانية على عهد المعلم نايريري، وتجربة السنغال على عهد الرئيس سنغور، ورأيت تجارب أسوأ من السودان بكثير مثل تنزانيا بعد الرئيس نايريري وزائير على عهد موبوتو سيسي سيكو.. لكني لم أشهد ما هو أسوأ من غينيا على عهد سيكو توري، فقد وجدت مدينة كولونيالية وخطها الشيب ممنوع فيها التعاطي بالسياسة، ومكروه فيها حيازة الورق وكل ما يتعلق بالطباعة خوف استخدامها لأغراض سياسية. وفي رحلة العودة - بعد عام ونصف من الإقامة في المانيا - كتبت (الشرف القديمة) معارضا قصيدتي السابقة مختتما الرحلة عبر المتوسط بهذه الكلمات:

هذي سواحلنا تطل
لمرة أخرى أغادر دخنة الميناء
يصمت نورس تبع السفين إلى هنا
القارة الأخرى بها تاريخنا، ثاراتنا، أقدارنا
ووعودنا للعام الرحب السعيد
بحفنتين من العطاء

حفنتان لا أكثر ولكن وا اسفاه لا زلنا نرى (العالم الرحب السعيد) يتبرع لنا من عام لعام بما يقيم أودنا من الأرز والذرة ليطعم لاجئينا ونازحينا ومشردي حروبنا الهمجية السخيفة.


*محمد المكي ابراهيم
http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147507323&bk=1












Post: #114
Title: Re: محمد المكي ابراهيم - التاريخ الشخصي للغابة والصحراء -2
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 03:51 AM
Parent: #1

التاريخ الشخصي للغابــــة والصحـــــراء2


تميزت المانيا الستينات بروح الندم والتكفير عن خطاياها في الحرب الأخيرة وانسياقها وراء الدعاية العنصرية التي جعلتها تحارب العالم اجمع وجعلتها تتصرف باحتقار نحو كل الاعراق والاجناس.ولم يكن ذلك تيارا فكريا اوتنظيرا لدى مجموعات من المثقفين وانما كان روحا شعبيا عاما وفي كل مطاعم ومقاهي المانيا لم تكن تعدم من يستأذن عليك ليقول لك انك مخلوق بشري مثله تماما وانه لا يفهم كيف كان عكس ذلك يقال لهم. وكان ذلك البوح البشري الدافئ يتكرر برتابة تدعو للضجر كما انه اقترن بدرجات من الثمل جعلتنا نستقبله بنوع من الفتور ثم بقدر من العداء وبالنتيجة استحدثنا لذلك النوع من الاماكن اسما هو(مقاهي الكمراد) لأن روادها يبدأون مواعظهم بقولهم ايها الرفيق-الكمراد. ومع الزمن استبعدنا تلك الأماكن من نطاق تجوالنا الحضاري. ولقد تغيرت المانيا بعد ذلك كثيرا وتغير الناس فيها من النقيض الى النقيض وصار ذوو الرؤوس الحليقة يحرقون مساكن المهاجرين الاتراك وأطفالهم ولم تعد هي نفس البلاد التي اصفيناها حبنا ذات يوم.

في ذلك المناخ الودود كان سؤال الهوية مطروحا على الدوام وكان أناس لطيفون خرجوا من تحت أنقاض الحرب يريدون أن يعرفوا اذا كنت زنجيا من أفريقيا او عربيا من الشرق الأوسط واذا كنت تستطيع ان تعلمهم رقصة أفريقية أو اغنية عربية.وحين تقول أنك عربي كان نفس الأشخاص الطيبون يصارحونك ان فكرتهم عن اشكال العرب كانت مغايرة تماما .وبالمقابل لم يكن يسيرا عليهم ان يفهموا ان اشخاصا يتفاهمون بينهم بالعربية يمكن ان يكونوا زنوجا افريقيين او أن أناسا سودا يمكن ان يكونوا عربا تماما مثل عبد الناصر وملك الأردن الشاب المحبوب.وكان كل ذلك جديرا بأن يفتح أذهاننا على غرابتنا وضعف انتماءاتنا العربية والأفريقية بذات الوقت.واقتضانا ذلك كثيرا من الحيرة والتفكير لنهتدي الى حقيقة كوننا سودانيين وكوننا خلطة جميلة ومتفردة من أعراق عربية وأفريقية وأن تلك الخلطة ربما كانت هي المسئولة عن تفرد الشعب السوداني وذكائه وقدرته الفائقة على التعلق بالمثل العليا.

إنني مصر على ان ذلك الاكتشاف امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق او قراءات في أدب المستشرقين أو تأثر بهم وبين هلالين أقسم برأس أبي انني لم أقرأ حتى اليوم ترمنجهام وذلك الآخر الذي روجت ألسنة السوء أننا قرأناه وتأثرنا به وأنا أعرف تماما ان تلك الفرية مقحمة اقحاما ليذكرنا مروجها انه متمكن عظيم الباع وأنه ليس أقل من ادوارد سعيد مقدرة على نقد الاستشراق والمستشرقين وإظهار ما هم عليه من التفاهة وحقارة الشأن وكل ذلك إثباتا لعبقرية انا كنت ذات يوم ممن يتوسمونها في مروج تلك الافتراءات.
لقد سجلت مرارا وتكرارا ان تسمية الغابة والصحراء من ابتكار الاستاذ النور وكنا قد ادرنا بيننا حوارا حول تلك الشئون وكانت له افكارسباقة عن التكوينة العرقية للسودان ولكننا لم نتطرق الى تكوين مدرسة شعرية او غير شعرية حول تلك المفاهيم ولم يدر ذلك ببالي الا بعد عودتي من المانيا بزمان فقد تركته هنالك وعدت في يوليو 1963لألتحق بالجامعة من جديد والتقي فيها بمحمد عبد الحي ويوسف عيدابي ونؤسس معا لاتجاه في الشعر السوداني ينطلق من تلك الأسس.

في صباح أحد أيام اغسطس 1963 نقر باب غرفتي اثنان من الشباب راح أحدهما (يوسف عيدابي) يقدم نفسه ورفيقه:

- نحن شاعران ونريد أن نتعرف بك ونقرأ لك.أنا يوسف عيدابي من كلية الحقوق وهذا صديقي محمد عبدالحي وهو حاليا في كلية العلوم.
كانا يتمتعان بوسامة هائلة وكان ليوسف اسلوب في الحديث يقطر براءة ومرحا حقيقيا يحببه الى القلوب.وكان محمد قليل الكلام يغوص في صمت متأمل وفيما بعد وجدت لديه انفجارات من المرح وقدرة على المعابثة ولكن ليس معي شخصيا فقد كان يعاملني بتوقير كبير وكانت علاقته بي شبيهة بعلاقتي مع النور الذي كنت اتطلع اليه باحترام ونوع من التتلمذ في بداية تعارفنا .وقد دأبنا على لقاء بعضنا البعض
وتخطيط مشاريعنا الثقافية معا نحن الثلاثة ولكن سرعان ما انضم الينا عدد كبير من اصدقاء يوسف ومحمد على راسهم الشاعر على عبد القيوم والمعماري الفنان صابر ابو عمر (له الرحمة) والبروفسور طه أمير.
تعرضت مجموعتنا لهزة قوية حين تركنا يوسف مغادرا السودان للدراسة بالخارج حيث بقي الى ان نال درجة الدكتوراه وتوثقت علاقتي بمحمد بشكل كبير. وفي واحد من اضرابات الجامعة اقفلوا الجامعة وطلبوا منا مغادرة الداخليات الى حين اشعار آخر.وكان متوقعا ان لايستغرق ذلك طويل زمان فدعاني محمد للبقاء معه في بيت جدته (لها الرحمة والغفران) بدلا من السفرالى مدني(في حالته) والابيض(في حالتي.)

ولقد تأخر فتح الجامعة أكثر مما توقعنا وامتدت اقامتنا عند جدته المبرورة الى قريب من الشهر وكان ذلك الشهر هو الميلاد الحقيقي لتيار الغابة والصحراء فقد رويت لمحمد طرفا من تجربتي الألمانية واطلعته على الأثار الباقية لتلك التجربة فوجدت منه تجاوبا كبيرا إذ استطاع ان يرى بعين الشاعر عذابات الهوية ذلك قبل ان يخوض تجربة الهجرة ولقاء العملاق الأوروبي بخمس سنوات أو يزيد. وشرعنا في تعميق الفكرة وإضاءة جوانبها وأطلعت محمدا على بعض الفصول التي سجلتها من كتابي عن الفكر السوداني وهو محاولة لاستكشاف العناصر المكونة للثقافة السودانية في بدايات تخلقها في العصر الفونجي وإعادة ترتيب مراحل نشوء الفكر السوداني على ضوء التزامه بتلك العناصر الأصيلة.

كانت مراجعي تملأ حقيبة صغيرة حوت معظم ما نشر من التراث السوداني في ذلك الزمان وكانت معظم محتوياتها من دواوين الشعر وهو الأمر الذي عاتبني فيه كثيرون ممن لم يشهدوا ظروف التأليف وظنوا انني منحاز للشعر كمرجع للتاريخ الثقافي غير دارين ان الكثير من الأعمال المطبوعة المتاحة حاليا لم تكن متاحة في ذلك الزمان وان ما يعتبرونه مأخذا كان في الحقيقة ضريبة لزمان التأليف. ففي ذلك الزمان لم يكن كتاب الطبقات قد حقق ونشر على يدي محققه الجليل ولم يطبع من مؤلفات ابوسليم سوى منشورات المهدية.وقد درجت المؤلفات السابقة على (الفكر السوداني) على تصنيف الكتابات السودانية بطريقة مدرسية الى تقليديين ومجددين وقد اعتمدت بدلا عن ذلك على التغيرات الكبرى في التاريخ السوداني وصنفت لكل واحدة منها بابا فهنالك فكر للعصر الفونجي اعتبرته أصيلا ومبتكرا وهنالك باب للعصر التركي الذي اعتبرته عصرا مقلدا وغير أصيل وفي متابعتي للحركة المهدية ثبت لي انها عصر من عصور الابداع والتجديد.وعند الانتقال الى عصرالكولونيالية البريطانية صنفت عدة اجيال هي جيل المهدويين المهزومين وورثة الهزيمة من بنيهم وأحفاد الهزيمة وهم باكورة انتاج المدرسة النظامية في السودان.ومن بعد ذلك وضعت يدي على جيل الرواد وهم المؤسسون الحقيقيون للحداثة السودانية وقد وقفت طويلا على الهزة المزلزلة التي تعرضوا لها في وثبة 1924 والسنوات العجاف التي تلتها.وانتهى بحثي مؤقتاعند الجهاد السياسي لجيل الرواد الذي اسفر عن استقلال البلاد .
كتبت في ختام ذلك الكتيب هذه الكلمات:
(ان البحث في الفكر السوداني لايكتمل بوصولنا الى هذه النقطة بالحديث عن جيل الريادة ولابد من التطرق الى الجيلين اللاحقين ودورهما في اثراء ذلك الفكر وتطويره) ومضيت مستطردا الى القول بأن(الجيل الذي يتلو الرواد مباشرة هو في نظري جيل اليقظة في الثقافة السودانية وهو جيل العطاء المتخصص المستأني وهو جيل الدراسات فوق الجامعية وجيل التأليف الغزير والنضوج الفكري والعاطفي..انه جيل سعد الدين فوزي وهنري رياض وجمال محمد احمد ومحمد المهدي المجذوب وعبد الله الطيب وبشير محمد سعيد ورصفائهم من افاضل المثقفين السودانيين..... أما الجيل اللاحق فأنا آمل ان يكون جيل الوعي وان يندرج اسمه في التاريخ بتلك الصورة بصفته وريثا لمجهودات تلك الاجيال العظيمة من الرجال والفرص التي يتيحها له الاستقلال وظروف العصرليكتسب وعيا كاملا بذاته وبعصره).

بينما كنت اجاهد متنقلا بين المادة الخام لذلك البحث واعداد مخطوطته الأولى كان محمد ينغمس في اعداد واحد من اهم اعماله واحقها بالخلود فقد كان يكتب قصيدته الكبرى عن (العودة الى سنار) وما كادت عطلتنا الاجبارية تنتهي حتى كان محمد قد فرغ من مسودتها الأولى وظني انه عكف عليها بالتعديل والتحوير الى أن قيض الله لها سبل النشر بعد ذلك بسنوات.وبفضل وقفته الطويلة امام السلطنة الزرقاء أكد محمد على عصر الفونج في السودان بصورة اوضح كثيرا من تحليلاتي في (الفكر السوداني) واشادتي بأصالته وتطويعه معارفه القليلة للعيش والتوطن في بلاد السودان.

وفي فترة من الفترات اللاحقة وجد من يقول لماذا سلطنة الفونج -لماذا عام 1504 وفي تاريخ السودان ممالك وسلطنات أخرى ربما كانت اكثر بهاء من السلطنة الزرقاء. ولم يفطن اولئك البعض الى ان المسالة ليست يانصيبا جزافيا ولا هي خاضعة لأحكام الهوى الشخصي،فواقع الحال ان السلطنة الزرقاء بداية حقيقية للسودان الحديث وهي تاريخ حي متحرك وليست جزءاً من التاريخ الميت المنبت .وكان يسعدنا ان تكون البداية من ميروي او كوش لولا ان تلك الحضارات الباهرة بادت مفرداتها واصبحت جزءا من لحمة الماضي وانضمت لغاتها الى اللغات الميتة بينما قامت السلطنة الزرقاء بضم بلادنا الى عالم جديد هو عالم الثقافة العربية التي لا تزال حية ومتفاعلة في وجداننا.واصبح علينا ان نستخدم المفردات الجديدة لندون موقفنا الحضاري ونقدم مساهمتنا في تطهير الدين وتبسيطه وتطويع اللغة للبيئة السودانية وابداع مسرب جديد من مسارب الحضارة بتشكيلنا للثقافة العربية واعادة صياغتها في لبوسها الأفريقي الناشيء عن المناخ السوداني.

محمد المكي ابراهيم http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147507471&bk=1[/B]

Post: #115
Title: Re: محمد المكي ابراهيم - التاريخ الشخصي للغابة والصحراء -3
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 03:57 AM
Parent: #114



التاريخ الشخصي للغابة والصحراء 3-


ليس لتيار الغابة والصحراء أي فضل في خلق الثقافة السودانية فهي حقيقة وجودية سابقة لذلك التيار بل ان الغابة والصحراء تدين بوجودها للثقافة السودانية بحكم انها مجرد توصيف لما هو كائن في الثقافة وليس فرضا لواقع جديد على تلك الثقافة. ومن انتصارات هذا التيار ان النقد الحديث صار ينسب اليه عددا من المبدعين الذين عارضوا الحركة اول ظهورها كالشاعرين صلاح احمد ابراهيم ومصطفى سند ممن تحدثوا علنا ضدها ولكن مجمل انتاج الشاعرين - الذي سبقها والذي تلاها - ينضم الى منظومة الشعر السوداني الساعي لتمييز نفسه عن بقية آداب اللغة العربية في بلادها الأخرى. والواقع اننا تلقينا الطابع السوداني في الشعر عن محمد المهدي المجذوب وصلاح نفسه ومع ذلك فقد تأثر الشاعر الكبير بالظن السائد عن كون الغابة والصحراء نسخة أخرى من حركة الزنوجة التي قادها سنغور وايمي سيزار كما تأثر بعدم استلطافه للشاعر النور عثمان فدار بينهما ذلك السجال الشهير حيث كان النور يقول: (لست عربيا ولكن)، بينما راح صلاح يؤكد: (بل نحن عرب العرب). ولكن من يقرأ دواوين الشاعر يجد فيها التصاقا بالموضوع السوداني كمادة للشعر ويجد فيها قدرة تخييلية وتعبيرية تخرج بصلاح من نطاق جيله وانتمائه (السابق) للماركسية وترتفع به كثيرا عن بدائية الواقعية الاشتراكية وفظاظة تعبيرها الفني. وبالنسبة لرصيفه الآخر الشاعر سند فان هواه العروبي جعله يتوجس منا ظانا اننا ضد العروبة وتجلياتها السودانية غير عالم اننا اقرب الناس اليه فنا وفهما. وكان سند قد اختصني شخصيا بكثير من سوء الفهم فلكوني درست في فرنسا وعشت في السنغال نسب الكثير من شعري الى الفرنسيين حتى انه اعتبر (الخلاسية) تأثرا ببودلير الذي للمصادفة كان يتعشق امراة خلاسية بينما انا - وهو وكافة معشوقاتنا - خلاسيون من ارحام عرب - أفريقية وقد مضى اسلافنا على ذلك النهج قبل ان يولد بودلير بألف أو بخمسمائة عام على أسوأ الفروض.

زاملت صلاحا في بعثة السودان الدائمة بنيويورك وامتدت زمالتنا نحوا من عامين ومع ذلك لم نتحدث ولا مرة واحدة في شأن الغابة والصحراء والواقع اننا كنا مشغولين عن الشعر والأدب بشؤون السياسة، إذ كنا نعمل في بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة وكان صلاح يمر بأزمة وجودية لعل سببها انه اصبح موظفا للمرة الثانية في حياته وكانت تجربته الأولى في وزارة المالية التي بقي فيها لزمان قصير ليهجرها ويترك السودان نفسه ليعمل في اذاعة غانا على تلك الايام المجيدة - أيام الزعيم الخالد كوامي نكروما. ولم تكن تجربته الأولى مريحة ولا سعيدة فمن ينظر في ارشيف مجلة (الصباح الجديد) لصاحبها حسين عثمان منصور سيجد فيها مساجلة قاسية مع صلاح حيث كان صاحب المجلة يتهم صلاحا باستغلال منصبه في الوزارة ليزيد العبء الضريبي للمجلة. وكان حسين منصور يكتب هجوما قاسيا بعنوان (يا وزير المالية احمني من موظفك الصغير)، وفي تجربته الثانية وجد صلاح نفسه في موقع المسؤولية وزيرا مفوضا ونائبا للمندوب الدائم فكان يمشي على حبل مشدود لا يريد ان يظلم احدا ولا ان يحابي احدا ولعله لحراجة موقفه ولأسباب اخرى لا أعلمها كان قد توقف عن كتابة الشعر والخوض في أموره. ولم يعد صلاح الى مطلق الكتابة الا بعد صدامه مع دولة النميري وانتقاله الى باريس.

سوف استطرد هنا خارجا من صلب الموضوع الى ما أثار من ذكريات متعلقة، فقريبا من عام 1977 كنت اعمل في مكتب وزير الخارجية (المكتب التنفيذي) الذي أحال على مكتبي استقالة الشاعر من العمل بوزارة الخارجية. وكان ذلك في أعقاب الكلمات السخيفة التي تفوه بها رئيس البلاد عن اسرة صلاح (سفيره في الجزائر في ذلك الوقت) ونسبها اليهودي المزعوم وبسب تلك التفوهات الطائشة قدم صلاح استقالته دون ان يتطرق الى ما قاله النميري واكتفى بإيراد اسباب عامة لتبرير الاستقالة. وكان من ضمن ما كتبه انه يريد ان يتفرغ لموهبة تعطلت طويلا يريد بذلك الشعر والكتابة الابداعية.

كتبت في الملف الحكومي ان السفير قد تقدم باستقالة مسببة لم يسب فيها احدا ولم يتهجم على أحد وانه يستحق ردا لطيفا بقبول الاستقالة مع شكره عما اسدى للوزارة من خدمات. وعاد الى الملف بعد ساعات وقد وقع الوزير بكلمة (موافق وارجو ان تكتب الرسالة)، وانني لأرجو ان تكون موجودة بين اوراق الشاعر الكبير فهي نقطة الضوء الوحيدة في كل ما صدر عن الدولة بحق الشاعر الذي ظلمته وتهجمت عليه.

من حق النقد ان يضم اولئك الأفذاذ الى مجموعتنا الفنية. ونجد في ذلك تشريفا للمجموعة مثلما تشرفنا كثيرا بابوة المجذوب للحركة والتفافنا حوله كصديق شخصي وملهم وناقد أول لكل نتاجاتنا. ولكنه ينبغي التنويه ان الغابة والصحراء ليست مجرد دعوة للأدب القومي على غرار دعوة المحجوب أو نداءات حمزة الملك طنبل. فقد كان اولئك يريدون ادبا عربيا بقسمات محلية ولكننا مضينا ابعد قليلا ونادينا بتوطين ما هو سوداني داخل الأدب العربي. بكلمة أخرى كان المحجوب يرى نفسه شاعرا عربيا يريد ان يكون أمينا للبيئة السودانية. ولكنني شخصيا اريد ان اكون شاعرا سودانيا قبل كل شيء وأن افرض ذاتي على اللغة العربية واتخذ لنفسي مقعدا خاصا في محفل الثقافة العربية. وقد عبرت عن ذلك مرارا بالرغبة في نحت بلاغة جديدة من جسم اللغة العربية للتعبير عن قيم واحلام كاملة الصلة بالحيز الوجودي السوداني.

هنالك ديوان شعري او بالأحرى مختارات شعرية اتفقنا مع اتحاد الكتاب العرب ورئيسه التاريخي الاستاذ علي عقلة عرسان على نشره لنا انا والشاعر الياس فتح الرحمن على هيئة مجموعة مشتركة. وقد اخترت للجزء الذي يخصني اسم (مناخات مدارية) وانتقيت له قصائد تجسد في نظري القيم والاحلام المستمدة من والمعبرة عن الواقع السوداني وهي في مجموعها قصائد عن مملكة النبات وبيئة البحر والنهر والجزر وتأكيدات متعددة بامكانية النهضة والثراء. وقد سعيت الى التعبير عن تلك المعاني ايام اشتداد همتي للشعر ووفقت في مواضع قليلة لنحت تلك البلاغة السودانية فمن ذلك ما جاء في قصيدة أمتي من وصف المحبوبة بكونها:

امرأتي خضراء النهد مباركة الشفة

ولو كنت من مقلدي حركة الزنوجة لقلت مصقولة السواد لامعة الاسنان ولكنت بذلك القول متنكرا لواقعي وقيمي الجمالية المرتبطة بالجمال الخلاسي. ولو كنت من مقلدي الفن العربي التقليدي لوصفت لونها بلون الذهب وشفتيها باللعس وشعرها بالامواج. ولا يعني ذلك انه من المستحيل التشبيب بالسواد او البياض ورؤية ما ينطويان عليه من جمال ولكننا ههنا في معرض الحديث عن بلاغة جديدة بلغة بيضاء وعلى احسن الفروض لغة سمراء للتعبيرعن بيئة وجمال السواد والسمرة ومشتقاتها.

بكلمة اخرى يريد المحجوب وطمبل شعرا عربيا وفيا للبيئة السودانية اما نحن فنريد شعرا سودانيا وان ننتج لغة جديدة وفنيات جديدة تعبرعن البيئة الافريقية التي نعيشها وان يتم كل ذلك في اجواء من الفخر والاعتزاز وليس في إطار من الاعتذار او عمى الألوان. وقد كان ذلك ما جذبنا الى ظلال تلك الدوحة الفارهة التي هي محمد المهدي المجذوب الأب الأكبر للحداثة السودانية. اكرمني دهري إذ جمعني بالعمل معه في وزارة الخارجية حيث كان مسؤولها المالي وكان مكتبه مقصد أرباب الحاجات المالية والفنية وكان لي مقعد دائم في ذلك المكان وعن طريق تلك الألفة الناشئة قيض لي ان اقوم بتعريفه على الجيل الجديد من محبيه من الشعراء والأدباء.

كان محمد المهدي قد سبق جيله وسبق الاجيال اللاحقة باعترافاته الباهرة بالدماء المزدوجة الاصول التي تجري في عروقه كقوله لمؤتمر الأدباء العرب:

عندي من الزنج اعراق معاندة
وإن تشدق في إنشادي العرب

وبشر الأمة العربية في اجتماع آخر بانها:


شعوب ملونة كالزهور
تعود الى اصلها المعرق الواحد

وذلك افضل ما يمكن استخدامه في الرد على القائلين بأن وحدة العرب تستدعي التماثل بين العرب. وحاليا تروج في الثقافة الأمريكية المعاصرة فكرة كفكرة المجذوب فلم تعد امريكا تنظر الى نفسها كبوتقة انصهار وانما كخلطة او كباقة من الزهور يظل قرنفلها قرنفلا وسوسنها سوسنا واقاحها اقاحا ولكنها تأتلف فيما بينها لتتكون منها باقة منسجمةالألوان والاحجام والأشكال.

في الستينيات والسبعينيات لم يكن في السودان مثقف يحترم ذاته لا يتردد على منزل المجذوب ويرتاد مجالسه ويتابع اخباره. وربما كان ذلك مفيدا للمجذوب بصورة ما ولكنه كان ممكنا ان يكون مضرا فقد اجلسناه على مقعد الاستاذية وقبلناه حكما في تقييم ادبنا وخلافاتنا وفي ظروف مغايرة كان ممكنا لذلك ان يكون نوعا من التجميد لفنه وادبه وهو مصير ممكن للكثيرين ولكن عبقرية المجذوب سمحت له بأن يكتب تحت تلك الظروف عددا من أجمل اعماله، فخلال تواصلنا معه وجد الوقت والطاقة الفنية ليكتب ثلاثة من اروع اعماله هي: القربان والبشارة وشحاذ في الخرطوم وهي اعمال تمتد من شعر التفعيلة الى قصائد النثر برهن بها الشاعر الكبير على قدرته المستمرة على التجاوز والتجديد في بداية أمرنا كنا نريد للنور عثمان ان يؤدي دورا من ذلك القبيل وكنا نريده رمزا لتيار الغابة والصحراء بحكم انه الأكبر سنا بيننا ولكن ظروفه الحياتية فرضت عليه حصارا ما واقعدته عن الكتابة لدهر طويل وحصرت مساهمته في مقاله الوحيد (لست عربيا ولكن) وأسوأ من ذلك انه راح يدعي لنفسه دورا أكبر مما له محاولا اقصاء الآخرين بتأكيداته المتلاحقة بأنه مبتكر تسمية الغابة والصحراء وهي حقيقة ولكن تأسيس التيارات الفنية لا يكون باطلاق التسميات وانما بالحفر الجاد المستمر واكتساب الاصحاب والاصدقاء ليقوموا بتعميق التيار وحفر مجراه ويبدو لي ان ذلك مما احدث ضجرا لعبد الحي وجعله يعلن عدم وجود مدرسة فنية اسمها الغابة والصحراء وهو ايضا من اسباب قعودي عن الدفاع عنها ضد فريقين: فريق الذين حاولوا سرقتها وفريق الذين حاولوا سحقها.

قرأت في صحيفة الشرق القطرية مقالة للاستاذ صديق محيسي يقول فيها ان النور عثمان كان يحدثهم وهو (بارك) عن سقوط محمد المكي ابراهيم يريد بذلك دخولي المجلس الوطني الانتقالي وما قلت فيه من دفاع عن شعب بلادي قاد الى استقالتي من وظيفتي كسفير ورماني في الاركان القصية لاجئا بلا وطن ولا جواز سفر. واذا جاز ان الاستاذ محيسي لم يكن يكذب (ولا ارى ما يدعوه الى الكذب) فان الاستاذ النور يخون بذلك الملح والملاح والعشرة الطويلة والف لعنة الله على الدنيا وما تفعل بالرجال.



* محمد المكي ابراهيم
http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147507679&bk=1[/B]

Post: #116
Title: Re: محمد المكي ابراهيم - التاريخ الشخصي للغابة والصحراء -4
Author: Agab Alfaya
Date: 09-27-2006, 04:06 AM
Parent: #115

التاريخ الشخصي للغابة والصحراء (4 *

بعد ظهور تيار الغابة والصحراء واعلان موته بعد ذلك بسنوات خفت صوته واقفلت ملفاته وانشغل كل بما يشغله. ولكن حدثاً خارجياً قيض له أن يبعث الحركة من مرقدها مرة أخرى ولأسباب لا تمت الى الآداب والفنون بصلة وثيقة. ففي أوائل السبعينيات تبدى فشل السياسات الاقتصادية للدولة المايوية وعجزها عن توفير فرص العمل لمواطنيها. وتزامن ذلك مع الطفرة البترولية التي أعقبت حرب اكتوبر 1973 فانفتحت أبواب التوظيف للسودانيين في الدول البترولية الخليجية المجاورة وسرت حمى الاغتراب في نفوس الشباب بشكل مؤثر وفي سنوات قلائل كان عدد المغتربين وذويهم من أزواج وأولاد قد قارب او تجاوز المليون نسمة. ومن التجارب الشخصية لذلك العدد الوفير -من حياتهم ومما يصيبهم في جلدهم الحي- نشأ انعطاف نحو الأفروعروبية كحل لمأزق الهوية وكرد على الصدامات الاثنية والثقافية التي كان لا بد من حدوثها.

في السبعينيات الباكرة استضافت البلدان الخليجية اعداداً هائلة من المواطنين العرب قدموا عليها من كل انحاء العالم العربي واحتل مقاعد الصدارة اليمانيون والشوام والمصريون مع تمثيل متفاوت للمغاربيين والأفارقة ولم تكن صدامات السودانيين بالضرورة مع الخليجيين وحدهم وانما في غالب الأحوال مع رفاق العمل من تلك الجنسيات العربية.

حمل المغتربون السودانيون معهم الى السعودية والخليج نفس الافكار الساذجة وغير الواقعية التي يحملها السودانيون في اذهانهم عن العرب وهي فكرة مثالية مستمدة من كتب التراث وأقاصيصه فكان العربي بنظرهم صورة أخرى من حاتم الطائي ومعن بن زائدة وعمر بن الخطاب. ولكنهم فوجئوا ان الأقاصيص التراثية لا تمثل الواقع ولا تنتمي اليه وان اخلاق الصحراء القديمة لا مكان لها في مدن الملح ولا مدن السكر بل وجدوا ان الممارسات التي ألفوها في بلادهم لا وجود لها بين رفاق العمل، ومن المحتمل جدا ان يكون نقيضها هو السائد بينهم. ونشأ عن ذلك احباط عميق ورغبة في التخلي عن انتماء بدا أقل كثيراً من الصورة التي حملوها عنه وفضلا عن ذلك كان بعض ممثلي العروبة يعلنون انهم لا يريدون السودانيين في صفوفهم. وفي تلك الظروف لم يجدوا ما يتكئون عليه سوى سودانيتهم أي آفرو-عروبيتهم أو بصيغة أخرى غابو-صحراويتهم.

كان ذلك حقنة في الذراع لتيار الغابة والصحراء ولكنه لم يكن نجدة فنية أو ادبية لمدرسة تتخصص في الآداب والفنون، وانما كان تأسيساً لتيار اجتماعي أو اثني يساعد المعنيين في تحديد هويتهم وممايزتها عن الهويات العربية الأخرى. وربما كان بين اولئك الناس من لم يسمع بالغابة والصحراء مجرد سماع، ولكنه اهتدى الى هويته السودانية بجهده الخاص استجابة للاقصاء الذي مارسه ضده بعض الأفراد العرب الذين التقاهم أو نتيجة للاختلاف الاثني الذي واجهه وأدرك كنهه للمرة الأولى. وهكذا كانت حركة الاغتراب في البلدان العربية ضوءاً كاشفاً نزع عن عيون السودانيين غطائها وزودهم ببصر حديد. ثم دخل الحلبة عنصر جديد هو فكر حركة التمرد الثانية التي قادها الزعيم الوطني قرنق دي مبيور منادياً بالسودان الجديد الذي تتعايش فيه كل الاثنيات في مساواة وسلام. وبلغت الحركة اقصى مداها الفكري مع اعلان الجهاد عليها من قبل حكم الانقاذ مما خلق أزمة فكرية لدى اجيال من السودانيين عبرت عن نفسها بأشكال متعددة منها التعاطف ومنها الانتماء الصريح. ومن كل ذلك عادت الآفروعروبية إلى الظهور وواكبها تيار افريقاني يمكن اعتباره صورة متطرفة تقع على يسارها بينما تلقي التيار الواقف على يمينها ضربات قاصمة وهو تيار العروبة الخالصة الذي بعثه في أكفانه المهترئة صديقنا فلان الفلاني الذي غدا في كهولته مغرماً بالجدل واللجاج، وخاض في تلك السن المتأخرة اشرس المعارك مع كل شئ وضد كل شئ في السودان من الماركسية الى الانقاذ ومن المعارضة الى القضاء الشرعي واستطاع بمهارة فريدة وقلق فكري لا يستقر على حال ان يكون مع وضد كل من تلك الاقطاب. والواقع ان ذلك ينطوي على مفارقة كبرى وتبادل مؤسٍ للأدوار.

فقد كان صديقنا محمد عبد الحي عربي السمت بصورة صارخة ومع ذلك اضطلع بدوره التأسيسي في حركة الغابة والصحراء بينما اختار الدكتور (الاخدراني) ان يقف على الجانب الآخر ساخراً هازئاً من القائلين بالهجنة واختلاط الانساب. ومهما يكن فإن ذلك أخف وطأة من تيار الأفرقة الكاملة الذي يهاجم الثقافة السودانية معتبراً إياها ثقافة عرب-اسلامية وهي كما اوضحنا في بعض هذا الحديث روح السودان وخلاصته الفكرية والطريقة التي ارتضاها لمعاشه ووجوده في الدنيا وهي الدمغة التي نحملها ونتميز بها عن الآخرين عربا كانوا او افارقة. وهي حصيلة لجهود السودانيين جميعا عربا وغير عرب.

هنالك شبه كبير بين غلاة العروبيين وغلاة المتأفرقين فكلاهما ينظر الى السوداني الهجين معتبراً اياه عربياً خالصاً-هذا ليحشره رغم أنفه في الكتلة العروبية وذاك ليتبرأ منه ومن الأصول التي نمته. ومن يتأمل الجنجويد وحديثهم المبالغ فيه عن (لزرقة) يضحك ضحكاً مراً على النزاع ومبرراته فليس اشد زرقة من واحدهم سوى الآخر، وممكن جداً تبادل المواقع بينهم فيكون بعض الجنجويد افحم سوادا من أعدائهم في المعسكر الآخر.

في كل الأحوال ثبتت الغابة والصحراء بوجه منتقديها والمشنعين عليها واستطاعت ان تجد انصاراً بين الأجيال اللاحقة واخص بالذكر نموذجاً متفرداً هو الأديب الناقد المحقق الاستاذ عبدالمنعم عجب الفيا الذي لم يقف عند حدود التأييد والاجترار وانما مضى قدماً ليضيف الى الصرح لبنات جديدة، املي ان تتحول الى طوابق وأروقة في هيكل هذا البناء وفي وجوده ووجود امثاله يقوى الأمل في غلبة هذا التيار واسهامه في التأسيس لثقافة سودانية مستقلة تتجاوز حدودنا لتتصل بالعالم العربي والعالم الأفريقي. وما اعجبني في هذا الاديب الشاب هو تناوله للآفروعروبية من مدخل صحيح هو المدخل الفني وحسب تعبيره اعتبرها ناظماً جمالياً للانتاج الثقافي في السودان اليوم وغدا. والواقع ان نموذجه الفريد يؤكد على استمرارية العطاء الثقافي بين الأجيال فحين يقدم كل تلك الاضاءات يكون قد تملك الغابة والصحراء تملكاً فعلياً وتكون قد آلت اليه كإرث فني ويصبح من حقه ان يتصرف فيها ويوجهها الوجهة التي يختار. ويثلج الصدر كثيراً حدوث امر من ذلك القبيل وذلك ان الفن يشبه دورة الماء في الطبيعة: يعلو متبخراً لينضم الى السحب والغمام ثم يهطل على الأرض فيحييها ويجعلها تهتز وتربو بينما يتسرب هو الى ما تحت الأرض لينضم الى مسيرة المياه الجوفية التي -في الوقت الملائم- تسقي الحرث وتروي الظمآن.

الى هذا الفصيل ايضاً ينضم الكاتب والصحافي الشاب صلاح شعيب الذي ظل يجلو صدأ السنين عن نشأة الحركة باستطلاعاته الصحفية العميقة المطولة ومن بينها تلك المقابلة الطويلة التي اجراها معي شخصياً ونشرها في منشورات الدكتور حيدر ابراهيم في حيز امتد لعشرين من الصفحات واستنطقني فيها عن كل الجوانب الممكنة. ومن يقرأ تلك الصفحات يجد حواراً بل جدالاً بين وجهات نظر وليس مجرد استنطاق بين طرف فاعل وطرف مستوعب لعدة وجهات نظر. والواقع ان اهتمام شعيب وسؤاله ومواصلته هي مناهم ما جعلني اقدم على كتابة هذه المقالات. وذلك ضمن دوافع اخرى اهمها حرصي على احقاق الحق بالنسبة للشاعر يوسف عيدابي والاعتراف بحقه التأسيسي في ظهور الغابة والصحراء فقد كتب كثيراً في ما يميز السودان وما يمتد في تراثه من آثار الحضارات القديمة والحضارات المجاورة وكتب شعراً جميلاً لم يجمعه لنا في ديوان وترك هذه الذاكرة المثقوبة تجهد في تذكره دون جدوى. ويوسف غاب طويلا عن السودان والغائب حقو غايب بتعبير السودان وبسبب ذلك الغياب غمطه الناس الكثير من أفضاله فلم يذكروا له دوره الرائد في الثالوث الذي تكون من شخصه وشخصي وفقيدنا الغالي محمد عبد الحي والمغامرة الثقافية التي قمنا بها معاً في مطالع الشباب. وبعد رحيل محمد ساءنى كثيرا انكار الناس للصداقة العذبة بينهما حتى لتظنهما شقيقين من شدة التلازم وتقارب الرؤى والأفكار بينهما. ويوسف اوثق مني معرفة وصداقة بعبد الحي واعرف به من الكل وكان من حسن الأدب الاعتراف له بذلك بدلاً من ذلك التدافع المحموم على جثة راحل عن الوجود.

وما دمنا قد شرعنا في ذكر الناس بأسمائها فإن الحديث لا يكتمل من دون ان نذكر الشاعر المرهف عبد الله شابو الذي-تماما كالمجذوب- تقدم ابناء عصره وفنه وبرز كوجه متميز وبعيد تماماً عن لوثة الواقعية الاشتراكية التي ملأت الساحات الفنية في الخمسينيات. فقد قدم شابو نموذجه الانساني ببساطة ورقة وكان صدقه الشعوري ملهما لنا ولسوانا. ولفترة من الزمن كان وجوده الشخصي في الاطار الجامعي مصدراً لإشعاع فني وانساني لا ينسى.

كان شابو يكتب شعراً يتميز بالبساطة ويمتلئ بالايحاءات، وكان شخصاً ينطوي على معرفة هائلة بالسودان وناسه وما ينطوون عليه من ألوان الجمال وبصورة من الصور كان بنظرنا اخاً اكبر للعمل الذي بدأناه ومتى شرع النقاد في التأريخ للتطورات الفنية فان اسم شابو سيكون في الصدارة ليس فقط بما كتب وانما ايضاً بما اسدى من العطف والنصيحة وما قدم من ارفع النماذج لما يمكن ان يكون عليه الشاعر في السودان.

وأعود فأقول إن هذا ليس ثبتا بأسماء الأعلام وهنالك كثيرون آخرون تسربت اسماؤهم واسهاماتهم من ثقوب الذاكرة ولكنه لا سبيل لنسيان علي عمر قاسم صديق الروح ولزيمها، ولا الشاعر الغنائي المبدع عثمان خالد الذي مر كالنسمة وكان رحيله المفاجئ انذاراً بموت دنيانا. ولا علي عبد القيوم، ولا عبد الرحيم ابو ذكرى الذي اختار الرحيل في الليل، وكنت اردد انني واياه ننطلق من نفس المنطلقات ولا ادري هل يكون ذلك مدحاً ام قدحاً ولكن الأيام اسعدتني بمحبته ولقائه في كل مكان ذهب اليه واستمرار حضوره بيننننا في صداقتي بشقيقه عثمان وهو ايضاً فنان مرهف. ومن بين الشخصيات المضيئة التي رعت أو اكدت اتجاهاتنا الفنية الدكتور ابوسليم الذي تعرفت به في أواخر الأيام والدكتورخالد الكد الذي رغم حياته القصيرة العاصفة كتب كثيراً في الشؤون السودانية عن فهم وجدارة وكان رحيله المؤلم اهداراً لفرص عظيمة للدراسات السودانية.



محمد المكي ابراهيم

http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147508435&bk=1

* الحلقات المنشورة حتى الان 4 حلقات وليس خمسة كما هو منوه عنها .

Post: #117
Title: Re: محمد المكي ابراهيم - التاريخ الشخصي للغابة والصحراء -4
Author: munswor almophtah
Date: 09-27-2006, 08:30 AM
Parent: #116

مازال الحوار يزداد ثراءا وما زال التوسع المفيد فى مرجعيات الحوار تتساقط علينا كرطب من التين وما زال الشرح العلمى والأدبى والمنطقى والنقدى هو الوسيله المتبعه ومازلنا وقوفا على حوضه عطشى للمزيد المفيد ومازالت جدة الأنفاس وجودتها وتجويدها للمعروض والذى نتمنى أن يسهم إسهاما إيجابيا فى فك طلاسم الهويه التى كادت أن تهوى بنا فى سحيق بحر الخلاف وعميق بحر الكراهيه لبعضنا البعض دون أن يربح منا أحد ولكن يتطلع من لا يعيش إلا فى كنف تلك الظروف أن ينال ما ينبغى أن نحميه بوحدتنا وسماحتنا ووعينا بحقيقتنا التى نجهلها أو نتجالها فالشكر للأساتذه الذين يمسكون على جمر يراع مبضعهم التشخيصى العلاجى لذلك المشكل...........................

وثانية الشكر للفيا والخواض على المثايره بداب وديدن يبين فيه الإخلاض








منصور

Post: #118
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 09-27-2006, 01:15 PM
Parent: #1

الأحباء جميعاً

ما أرق الطعوم التي نأكل ،
وما أرحب الصحائف بموائدها الثقافية ،
وخير ما أفصح عن الغابة والصحراء ..
محمد المكي إبراهيم .

أسأل أين دور نظام التعليم في صناعة
اللغة كالإنجليزية أو العربية وامتزاجها مع اللغات المحلية ؟

وأين الدور الثقافي للغات المحلية ،
حميمة هي ولكنها.... الأضعف في ميدان صراع
اللغات ،
وأعتقد أنه ليس بالقسر وحده تسود اللغات .

أين اللغات المحلية من هذا الصراع الذي نتحدث عنه ؟

Post: #119
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 09-27-2006, 10:31 PM
Parent: #118

سنعود في حينه الى مناقشة ما طرحه شاعرنا الكبير.
و من ضمن ذلك صورة الجنوبي ،
و الجنوبية ،
في خطابه ،عندما نشر مقاله المعروف،
والذي هو مثال حقيقي ،
في تصوير الجنوبي كبدائي نبيل،
وفي تصوير الجنوبية،
أيضا،
كبدائية نبيلة.
وهو،
للأسف ،
ما لم يقل به ،
في كتاباته الجديدة،
والتي تمثل نقدا مستترا ،
لمقولات الغابة والصحراء في ذلك الوقت.

و الواضح أنه لم يقم في تلك المقالات بنقد صورته السابقة عن "الجنوبي" ،
و "الجنوبية" .
وهي صورة تستند الى ما شاع في الخطاب الكولونيالي،
عن :
البدائي النبيل

وقد أشار محمد عبد الحي،
الى ان المجذوب ،لم ينج في جنوبياته من شراك "البدائي النبيل".
ومن الواضح أن م.المكي ابراهيم،
ينظر -الآن- الى م.المهدي المجذوب كعروبي اولا وأخيرا.

نواصل الآن كلامنا حول فشل الثقافات التي حاولت تبني كناية :
المصهر الثقافي

البوتقات الثقافية:
و لمزيد من اثبات كلامنا حول ان كناية البوتقة هي غير ديمقراطية، في صيغتها التي مورست بها، سنحاول ان نسلط الضوء على أنواع جديدة انواع البوتقة الثقافية يتم انتقادها ،في مجتمعات مختلفة ،بالنظر الى وجهة نظرها حول البوتقة المعينة،فهناك انواع كثير منها ،يتم رفضها في مجتمعات مختلفة.

وسنبدأ بالاشارة الى نقد البوتقة الثقافية الفرنسة،
التي اسسها قانون عام 1905 الفرنسي ،والذي يفصل بين الدين والدولة.
يقول الباحث السوري المعروف:
محمد جمال باروت
عن ان كناية البوتقة التي افرزها قانون 1905،بدأت في الانحسار .
يقول في ذلك:

Quote: إن تطور المجتمع الفرنسي قد تجاوز البوتقة التي أنتجت قانون عام 1905 الذي بات قديماً بالفعل ولا تحرسه سوى التمائمية العقائدية للجمهورية/ العلمانية، فالإسلام هو اليوم في أوروبا، ومهما صوّره اليمين آخراً، فإنه بعد من أبعاد الهوية أو الهويات الأوروبية بالأحرى. ولقد كان ذلك دوماً من ناحية سوسيولوجية، لكن سردية التاريخ أو "صناعة التاريخ" بنت في إطار علاقات السلطة والقوة تصوراً آخر، فما عاد ممكناً الآن اختزال مفهوم الهوية بالمفهوم الجمهوري الراديكالي العلماني لقانون العلمانية، بل بات مفهوم المواطنة مركباً ويشتمل حكماً على مفهوم الهوية الثقافية، وفي قلبها الهوية الدينية، وما يتيحه تحول مفهوم العلاقة ما بين الدين والدولة إلى ازدهار مفهوم العلمنة المؤمنة بالمعنى الذي طرح في خط محمد عبده- السباعي في عالمنا الفكري الإصلاحي العربي المهدور، فليس قدر المسلم أبداً مشاجرة العالم. بعد مائة عام على قانون العلمانية تتكشف قدامة هذا المفهوم ونسبيته التاريخية والمحددة وأيلولته إلى دين بديل تجاوزته ومازالت تتجاوزه تحولات العالم اليوم. صوب العلمنة المؤمنة وليس صوب العقيدة العلمانية التي قام عليها قانون عام 1905


http://www.7iwarforum.org/forum/archive/index.php/t-745.html

وفي مقام آخر،
يقول جابر احمد في نقد البوتقة الثقافية الايرانية،
ومحاولات الدولة على قسر العرب الأهوازيين ،
على الذوبان في المصهر الثقافي الايراني:
Quote: كشفت الوثيقة السرية الهامة والتي تسربت مؤخرا من مكتب رئيس الجمهورية الإسلامية محمد خاتمي ووصلت نسخة منها إلى منظمة حقوق الإنسان الاهوازية وبقية المنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في الخارج المزيد من سياسات التمييز العنصري التي تمارسها الجمهورية الإسلامية ضد أبناء الشعب العربي الأهوازي بقصد تغيير نسيجهم السكاني،
والقضاء على هوتهم القومية و طمسها في البوتقة الثقافية الفارسية

http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=34606
والبوتقة الثقافية الاسرئيلية ،
هي مثال آخر على فشل كناية المصهر الثقافي.
يقول " صالح محمد النعام " في مقاله المهم في مجلة :
أفق"،
في مقاله :
زيف القومية الإسرائيلية
يقول:

Quote: أحد الأدلة على فشل نظرية "صهر" ثقافات اليهود، هو حقيقة أن العديد من الجمعيات اليهودية أصبحت تعنى ببعث الثقافة الشرقية في الدولة، فعلى سبيل المثال أقيمت فرقاً موسيقية تعنى بالتغني بالشعر العربي الذي نظم أبان وجود اليهود في الأندلس، وهناك فرق تعنى بغناء الموشحات الأندلسية التي نظمها الشعراء العرب في تلك الحقبة. ويحرص رجال أعمال يهود على تمويل أنشطة هذه الجمعيات.


ومثاله السابق الذكر ،جاء به ضمن امثلة اخرى،ليؤكد فشل تجربة "البوتقة الثقافية العبرية".
يقول في ذلك:

Quote: لقد فشلت الثقافة الإسرائيلية في استيعاب الثقافات الأخرى وعجزت عن صهرها، ليكون ذلك دليلاً على نهاية المشروع الثقافي الصهيوني. "على مدى أكثر من خمسة عقود، عمل قادة الحركة الصهيونية وزعماء إسرائيل دوما وبكل ما أوتوا من قوة، على جعل الدولة العبرية بمثابة " البوتقة "، التي تنصهر فيها الثقافات الشتى التي انتمى إليها اليهود قبل هجرتهم لإسرائيل، ليكون نتاج عملية الانصهار هذه " الثقافة الإسرائيلية"، التي طمحوا أن تساهم في تشكيل شخصية اليهودي "الإسرائيلي". لكن الواقع يؤكد أن الدولة العبرية لم تفشل فقط في " صهر " الثقافات المتباينة للمهاجرين"، ودمجها لإنتاج " الثقافة الإسرائيلية"، بل أن القائمين على الشأن الثقافي في الدولة العبرية باتوا يدركون أن توحيد الهوية الثقافية بين اليهود كان أمراً مستحيلاً بسبب التباين الكبير بين الطوائف التي تشكل المجتمع الإسرائيلي.

وإن كانت الثقافة لأي شعب أو أمة تتكون من اللغة والتراث والعادات والأدب والموسيقي، والفن، فإن إختبار واقع الغناء في الدولة العبرية على سبيل المثال، يشكل دليلاً قوياً على انعدام وجود ثقافة إسرائيلية موحدة، بل سيادة العديد من الثقافات الإثنية في الدولة. فبعد أكثر من خمسة عقود ، ظل المهاجرون متعلقين بأنماط الغناء التي كانت سائدة في الثقافات التي حملوها معهم إلى الدولة العبرية، ولم تنجح بوتقة الصهر في " أسرلة " الغناء وجعله " إسرائيليا"، وظلت كل طائفة مخلصة للغناء بلغات الدول التي هاجرت منها
.


ويضرب الكاتب مثالا آخرا ،استنادا الى ازدهار الثقافة الروسية في اوساط المهاجرين اليهود الروس،
حين يقول:

Quote: معروف أن المهاجرين الروس يشكلون أكبر قطاع إثني في الدولة العبرية، فهؤلاء وحدهم يشكلون سدس السكان في الدولة، ومع هذا الثقل الديموغرافي الكبير وعلى الرغم من أنه قد مضى أكثر من 14 عاما على هجرة معظم اليهود الروس للدولة إلا أن أغلبيتهم الساحقة لا تزال تتداول اللغة الروسية، ومعظم هؤلاء لا يجيدون اللغة العبرية، من هنا كان التنافر بين هؤلاء و"الثقافة الإسرائيلية" حادا وقاطعا.

والغناء لدى اليهود الروس هو بالتالي مثال آخر على فشل جهود الدولة لبلورة الثقافة الإسرائيلية، المستوعبة لثقافات الإثنيات التي ينتمي إليها اليهود في إسرائيل. فالمهاجرون الروس قد أقاموا الكثير من الإذاعات وقنوات الكوابل التلفزيونية التي تعنى ببث الأغاني باللغة الروسية.

إلى جانب ذلك حرص ممثلو الروس في الحكومة والبرلمان على إرغام وزارة الداخلية على السماح لمطربين روس بالقدوم لإسرائيل من أجل إحياء حفلات غناء في مسارح ونواد ليلية روادها من الروس فقط.

في الوقت نفسه حرص ممثلو اليهود الروس على تشجيع ظهور مطربين ومطربات من أوساط اليهود الروس يغنون باللغة الروسية، أو باللغات التي يتحدث بها المهاجرون من الجمهوريات الأخرى التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي.

ووصل الأمر إلى حد تنازل الدولة عن دمج الروس في الثقافة الإسرائيلية، حيث استطاعت القيادات السياسية لليهود الروس إقناع الدولة بتخصيص ميزانيات كبيرة نسبيا لدعم المؤسسات التي تعنى بالغناء الروسي، على الرغم من أن ذلك يمثل ضربة لقادة الحركة الصهيونية الذين حلموا أن تكون العبرية -والعبرية فقط- هي حاضنة مركبات الثقافة في الدولة.
كبار قادة الدولة والسياسيون وجدوا أنفسهم مرغمين على تملق المنتمين إلى التجمعات الإثنية المختلفة من أجل كسب تأييدهم السياسي عبر تشجيع الغناء بلغات البلدان التي هاجر منها هؤلاء وآباؤهم.
فرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون حرص في الحملة الانتخابية الأخيرة على مشاركة أطفال روس أداء أغنية باللغة الروسية، وما يقوم به الساسة تجاه الروس يقومون به تجاه المنتمين إلى الأقليات الإثنية الأخرى
.


ثم يشير الى ان المقصود بالبوتقة الثقافية الاسرائيلية ،
كان المقصود منه ان تكون معبرّة عن الثقافة الغربية،وهو ما يشابه ما حدث في التاريخ الثقافي الامريكي وعلاقته بالبوتقة،
اذ كانت البوتقة هي تعبير عن الثقافة الانجلو سكسونية.

يقول الكاتب في ذلك :

Quote: فشلت اللغة العبرية في احتضان مركبات الهوية الثقافية الإسرائيلية كما أمل مؤسسو الحركة الصهيونية والدولة العبرية. ومن المفارقات ذات الدلالة أنه كلما ازداد عدد المهاجرين اليهود للدولة ازدادت الشروخ في الهوية الثقافية الإسرائيلية وأصبحت أكثر عمقا.
وحسب تقرير أعده البرفيسور إلياهو كاتس والدكتور هيد سيلع تبين أن جميع الخبراء في مجال الثقافة الذين تحدث إليهم الباحثان يؤكدون أن إسرائيل لا تملك سياسة ثقافية.

وأوجد هذا الواقع ثلاث ثقافات تنشط في الدولة ما يفرقها أكثر كثيرا مما يوحدها، فهناك الثقافة العبرية الغربية بشقيها العلماني المتأثر بالثقافة الأوروبية والأميركية والديني الإشكنازي.

والثقافة الشرقية العبرية العربية، وهي ثقافة اليهود الذين هاجروا من الدول العربية والإسلامية، وهي أيضا منقسمة إلى دينية وعلمانية، والثقافة الروسية وهي ليست عبرية ولا يهودية، بل ثقافة روسية صرفة رموزها دستويفسكي وتولستوي وبوشكين.
وفي استطلاع نشر في يونيو/ حزيران 2001 عن أكثر الكتاب قراءة لدى اليهود الروس تبين أن هؤلاء الثلاثة لازالوا أبطال الثقافة بالنسبة لليهود الروس، حتى بالنسبة لأولادهم الذين ولدوا في إسرائيل.

وهنا لا بد من الإشارة إلى نقطة هامة، وهي أن مؤسسي الدولة العبرية كانوا يحرصون على الطابع الغربي للثقافة الإسرائيلية، فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول بن غوريون يفاخر قائلا "إن إسرائيل هي امتداد الحضارة العلمانية الغربية وسط الشرق المتخلف"، من هنا سخرت الطاقات من أجل تغليب الطابع الغربي للثقافة الإسرائيلية.

لكن هذا الطابع من الثقافة ظل نخبويا إلى حد كبير، فالذين يستمعون للغناء العبري على النمط الغربي هم في الحقيقة من الطبقات الوسطى التي تآكلت إلى حد كبير، فقط النخب اليهودية ذات الأصول الغربية هي التي لازالت تستمع إلى نجوم الغناء العبري على النمط الغربي، أمثال: ريتا وإيفي ليخشتاين وكاسبي
.


ثم يخلص الباحث الى النتيجة التالية:
Quote: لقد فشلت الثقافة الإسرائيلية في استيعاب الثقافات الأخرى وعجزت عن صهرها، ليكون ذلك دليلا على نهاية المشروع الثقافي الصهيوني.


http://www.ofouq.com/today/modules.php?name=News&file=article&sid=1511

البوتقة الجديدة :العولمة
يقول كاتب سعودي ،
في مجلة العصر السعودية ،عن البوتقة العولمية الامريكية الجديدة بحسب وصفه،
يقول معترضا على تلك البوتقة الثقافية الجديدة:

Quote: إن ما يسمى بالعولمة إنما هي الوحل الذي يريدنا الغرب الانغماس فيه ، فهو متجرد من الدين والخلق، وغارقُ في أوحال الفوائد البنكية كما يسمونها وهي الربا الذي حرمه الله عز وجل ، قال تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) ، إننا نعيش في زمن خطير ، وأمور جلل، تمس معتقدنا بسوء، وهذه والله من فتن هذا الزمان، لذلك فلا نعجب حينما نرى العالم ينصب لأمتنا هذا الشراك، ويزينه أيما تزيين، فيقولون شراكة المصير الواحد، وذلك الهدف لا يغفل عنه كل لبيب ، حيث أنه يدعو إلى تذويب الفروق بين المجتمعات الإنسانية المختلفة، وإشاعة القيم التي يريدون أن نشاركهم بها، وسيادة المال وحرية التجارة عبر الدول، والتغلغل في المجتمعات، بدون سيطرة حكوماتها، بل تصبح السيطرة لتلك الشركات التي تتغلغل داخل المجتمعات ، وقد تم جزءاً من ذلك في كل دول العالم وهو الشراء والبيع عن طريق شبكة المعلومات (الإنترنت) فليس هناك قيود، ولا حدود أن يشتري المرء ما يريد. والوجه القبيح الآخر لتلك العولمة هي الثقافة الخليعة، المتحررة من الدين والخلق المنشورة في شبكة المعلومات ، أو في الفضائيات وللأسف أن بعض العرب أصبحوا من أسفل السفلة، في التسابق على نشر الساقطات، والساقطين من حثالات المجتمع، في الرقص والأفلام، والأغاني، وهذه والله مما فتن به كثير من المسلمين، أقول إن الغرب قد نجح كثيراً في إيصال القناعات والثقافات الغربية إلى عقول الكثير خصوصاً دواجن الغرب الذين تربوا في أحضانهم، ويدعون إلى مشابهتهم في كل شيء، حتى وإن كانت تلك الأمور تخالف الشريعة الإسلامية، وهاهي المؤتمرات هنا وهناك بين الفينة والأخرى تدعوا إلى تلك البوتقة الغربية الغريبة



http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=4549


يقول د.فيصل القاسم:
Quote: قلت في مقال سابق لي بعنوان "العوربة تصرع العولمة بأدواتها" إن "العوربة" الإعلامية انتصرت مرحلياً على العولمة، من حيث إنها وحدّت الشارع العربي على الأقل وجدانياً وسياسياً ضد السياسات الغربية الجديدة شبه الاستعمارية، ووسعت الاهتمام بقضايا العرب الرئيسية من المحيط إلى الخليج، وصهرت الهموم السياسية العربية في بوتقة واحدة. لكنني أود أن أوضح في هذا المقال أن نجاح العوربة كان سياسياً فقط. أما ثقافياً، وهو الأخطر والأهم، فقد راح الإعلام العربي يلعب دوراً عولمياً واضحاً، بحيث أصبحت بعض وسائل الإعلام العربية، من سخرية القدر،السلاح الأمضى في أيدي سادة العولمة لنشر إنجيلهم العولمي عربياً و صهر العرب في البوتقة الغربية. أي إننا نتعولم "من كيسنا". فقد ترافق التضاد السياسي بين الغرب والعرب مع تهافت ثقافي عربي كاسح على منتوجات العولمة الإعلامية الغربية.

http://www.voltairenet.org/article141373.html[/B][/blue]

Post: #120
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 09-28-2006, 12:31 PM
Parent: #119

الاستاذ اسامة الخواض


هل كانت (الغابة والصحراء) نبوءة مبكرة لملامح عصر العولمة?

Post: #121
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-28-2006, 01:01 PM
Parent: #1

الاخ العزيز الاستاذ الاديب منصور المفتاح
جزيل الشكر على كلماتك الطيبات في الثناء على مساهماتنا في التعريق بالغابة والصحراء واظن ان الرؤية صارت واضحة وعلى الذين يعارضون هذا الطرح ان ياتوا بالبدائل فبضدها تتميز الاشياء . واظن ان جل البدائل المطروحة احادية الجانب وتفتقر الى النظرة الجدلية للاشياء ، اي العلاقة بين الخاص والعام . واتفق معك تماما فيما خلصت اليه من ان الغابة والصحراء تسعنا جميعا ، فهي السودان بكل ما يضمه من تنوع ثقافي واثني لذلك قلنا انها ناظم جمالى للثقافة السودانية .
مع التاكيد على ان الغابة والصحراء ليست برنامج لحزب سياسي ، بل هي رؤية لحال السودان الثقافي وبالتالي يمكن ان تشكل قاسما مشتركا لكل الاحزاب التي تؤمن بوطن ديمقراطي يقوم على حق المواطنة والتعايش السلمي بين كافة المجموعات الاثنية . وهنا اشير الى مساهمات الاستاذ كمال الجزولي الذي يشارك الغابة والصحراء طرحها . راجع كتابه : " بعض افادات مستعرب مسلم " .
لي مساهمة حول مسالة اللغة والثقافة السائدة والتعدد الاثني سوف انزلها في بوست موضوع الدكتورعادل .

Post: #122
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-28-2006, 01:10 PM
Parent: #1

الاخ العزيز الاستاذ عبد الله الشقليني
هذا صحيح تماما استاذنا محمد المكي ابراهيم كان واضحا وصريحا وهو يؤرخ لحكاية الغابة و والصحراء في اسلوب مباشر مبين .
فيما يخص اللغة انا منحاز الى اللهجات واللغات المحلية حتى انني افضل التمسك باللهجة السودانية العربية على ما يسمى بالفصحي . كذلك اؤمن ان من حق كل مجموعة اثنية ان تتمسك بلغتها المحلية الخاصة دون نسيان الروابط المشتركة التي تجعلها تشكل مع غيرها من المجموعات الاخرى وطنا واحدا ومن ضمن ذلك اداة التواصل المشتركة وعلى راسها اللغة . واستطيع ان اقول انني اتفق في هذا السياق مع ما جاء بكتاب : الماركسية ومسالة اللغة " الذي وضعه الدكتور عبد الله ابراهيم بتكليف من الحزب الشيوعي ونشر سنة 1977 . على ان ما جاء في هذا الكتاب لم يعد يعبر عن وجهه نظر الدكتور عبد الله على الرغم من انه يلوذ بمقولاته في بعض المواقف . كما أتفق مع طرح الاستاذ كمال الجزولي الوارد في كتابه : " الآخر : بعض افادات مستعرب مسلم " .
ولا يمكن ان يكتمل الحديث عن اللهجات واللغات المحلية دون الحديث عن اللغة السائدة والثقافة السائدة . وهذا امر طبيعي في كل الدنيا ان تكون في كل بلد لغة سائدة تعكس بالطبع الثقافة السائدة . وهذا ينتج عن ميكانيزم التثاقف الطبيعي الذي تتحكم فيه عوامل متعددة منها الدين والتاريخ والتجارة والطبقة المسيطرة ، وليس بالضرورة ان يتم ذلك عن طريق القسر او الاكراه . فمثلا عندك عربي جوبا يعد اداة التواصل بين الجنوبيين فيما بينهم من جهة وبينهم وبين اهل الشمال من جهة اخرى .
ستكون لي مداخل موسعة في هذا الشان في بوست الاخ منصور المفتاح .
عميق تقديري واحترامي


Post: #123
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 09-28-2006, 01:23 PM
Parent: #1

اجدد شكري للاخ العزيز الاستاذ حيدر حسن على
الذي اتاح لنا بنقله الحوارالمفصلي للدكتور عبد الله ابراهيم وبهذه المناسبة نتوجه بالتحية للدكتور عبد الله والاستاذ عيسى الحلو . واخص بالشكر استاذنا محمد المكي ابراهيم الذي خصاني بتلك الكلمات التي هي بلا شك تاج على راسي اعتز به كثيرا ،ولكني ودون تواضع مصطنع اقول ليس لى ادني فضل في هذا الامر سوى تكرار ماسبق ان قال به هو والكوكبة المتفردة : محمد عبد الحي والنور عثمان ابكر ويوسف عيدابي والبقية الكرام من استاذتنا حامد حريز وجمال محمد احمد وعلى المك ويوسف فضل وابو سليم وكمال الجزولي واحمد الطيب زين العابدين والسابقون عليهم من الرواد .
كما لا يفوتني ان اشكر كل الذين ساهموا في هذ الحوار وكل القراء والاصدقاء المتابعين

مع وافر احترامي وتقديري

Post: #124
Title: و ماذا عن "البدائي النبيل" في خطاب الغابة والصحراء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-29-2006, 00:19 AM
Parent: #123

يبدو أن لعجب الفيا ظروفه التي جعلته ينسحب من النقاش.
و نرجو ان يكون المانع خير.
وكنا نتعشّم في بقائه ،
اذ ان الموضوع ،
قد سخّن،
فنحن نقترب من مقاربة مفهوم :
البدائي النبيل
في خطاب الغابة والصحراء،
و الذي لم يتطرق اليه شاعرنا الكبير :
محمد المكي ابراهيم
وقد أشار الى ذلك ،
أي مفهوم :
البدائي النبيل
محمد عبد الحي في نقده ل"جنوبيات" المجذوب.
وأشار ع.ع. ابراهيم الى ذلك في دراسته المعروفة:
تحالف الهاربين
وقد دافع الفيا عن مفهوم :
البدائي النبيل
وهو قول ، لا يستطيع حتى غلاة الكولونياليين قوله،

و الدفاع عنه،
لكنّ الفيا ،
انطلق من مقاربة،
لا تتوخّى معرفة المصطلح أو المفهوم في تطوره التاريخي،
وانما تنطلق من الفهم القاموسي فقط،
و هذه منقصة كبيرة في حقوق الباحثين الحقيقيين.
ولذلك قلنا ان نقّاد ع.ع. ابراهيم،
لا يتوفرون على نفس المرجعية الاكاديمية والمعرفية الدقيقة،
في توخّي الكلام عن المصطلحات التي يستخدمها.
المهم ،
قلت عزيزي حيدر السؤال التالي المهم:

Quote: الاستاذ اسامة الخواض


هل كانت (الغابة والصحراء) نبوءة مبكرة لملامح عصر العولمة?


سأعود غدا،
كان الله هوّن للرد على سؤالك المهم
ارقد عافية
المشاء

Post: #125
Title: Re: و ماذا عن "البدائي النبيل" في خطاب الغابة والصحراء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-30-2006, 00:56 AM
Parent: #124

عزيزي حيدر صاحب "البيت":
أعود لسؤالت التالي،
واغفر لي تأخري في الرد عليك،لاسباب قاهرة.
قلت متسائلا:
Quote: الاستاذ اسامة الخواض
هل كانت (الغابة والصحراء) نبوءة مبكرة لملامح عصر العولمة?


كما اثبتنا ،
فالكلام عن البوتقة الثقافية ،
يمثل مرحلة ،يعتقد فيها التيار الثقافي الرئيس ،
و المهيمن،
ان العلاقات بين الثقافات في مجتمع متعدد،
قد انمحت ،
وان هنالك ثقافة جديدة نتجت عن "صهر " ثقافات عديدة،
انتجت "مركبا" جديدا ،
كما يقول علم الكيمياء.

في التجربة الام ،
ألا وهي التجربة الامريكية،
كان البيض الانغلو ساكسون،
يعتقدون انهم صهروا ،الثقافات الاوروبية المختلفة،
في بوتقة جديدة،
و هي بالتحديد كانت بوتقة الثقافة البيضاء الانجلوساكسونية،
وهي الثقافة الرئيسة الى الآن في امريكا.
وكذلك كانت التجربة الاسرائيلية ،تنطلق من صهر مبن على النموذج الغربي.
وقس على ذلك .
فالغابة والصحراء هي تعبير الجماعة الشمالية عن علاقتها بالثقافات الاخرى،
و لا تمثل باي حال تجربة الثقافات السودانية الاخرى.
وحتى الذين يدعون تمثيل تلك الجماعة،
ما عدا النور عثمان ابكر ،
وهو فلاتي الاصل،
لا تجمع بينهم رابطة.
فعبد الحي ،حسب كلام "ود المكي" الاخير،
قد تخلى عن الغابة والصحراء.
و محمد المكي ابراهيم،لم ينكر نعته لعبد الحي بانه عروبي.

وحتى على المستوى الشعري فان محمد المكي ابراهيم،
في :
خباء العامرية
قد عاد الى اصوله الاسلامية،
و مدائحه النبوية ،
شاهد على ذلك.
وصلاح احمد ابراهيم المصنّف ،ضمن رواد الغابة والصحراء ،
كان يفكر بصوت عال كعروبي قائلا :
Quote: نحن عرب العرب


الغابة والصحراء هي التعبير العروبي عن علاقة العربي المتمرد على عروبته الخالصة،كما ذكر بحق :
ع.ع. ابراهيم

كلامنا عن خوف الاسلاميين ،من مصهر جديد،
الا وهو مصهر العولمة الامريكية،
هو يعبر عن خوف حقيقي من فكرة "الصهر" في اطار ثقافة امريكية انحلالية ،
حسب وصفهم،
رغم ان الاسلاميين انفسهم ،لهم مشروع ايديولوجي لصهر بقية ثقافات العالم،
في البوتقة "الاسلامية" المقترحة.
هنالك تيارات كثيرة ،تقف ضدالعولمة الحاصلة ،
متمثلة في تيارات النساء و انصار البيئة ، وثقافات كثيرة مثل الثقافتين الفرنسية والالمانية اللتين تشعرا بتوغل الثقافة الامريكية والنفوذ الامريكي في عالمها الثقافي.
هنالك عولمة لا متكافئة،
و هي التي تنتج البوتقة الامريكية.

اذن يا عزيزي ،
لا علاقة بين الغابة والصحراء ،
والبوتقة الامريكية التي تخاف منها قطاعات على المستوى العولمي،
سوى ان فكرة الصهر ،
هي فكرة غير ديمقراطية،
وقائمة على ادعاء تمثيل الآخر،
بحيث تظهره،انه انصهر "طواعية".

اما الكلام عن الافروعروبية،
بشكل ساذج،
باعتبار ان اية ثقافة يمكن ان تجد محلا لها،
فهو كلام تبسيطي،
ذلك أن هذا المفهوم التعددي ،
لا يتحقق في كناية البوتقة،
و انما في كنايات اخرى،
مثل قوس قزح أو سلطة الخضروات،على علاتها،
وسنعود لذلك.

لاحظ عزيزي ان الجزائر مثلا هي افروعروبية،
لكن العلاقة بين الثقافة الامازيغية والثقافة العربية ،والثقافة الفرانكفونية،
هي علاقة تتسم بالتوتر ،
و انعدام الديمقراطية،
و قس على ذلك في المغرب ،
و ليبيا ،
والعراق التي تتسم بمكون جديد ،
اذ انها ثقافة عربي\كردية
أضافة الى ثقافات اخرى هامشية،بحكم موقعها،كما في حالة السريانيين.
راجع:
http://www.zowaa.org/ns/n28806-1.htm
وسنعود للحديث عن :
القراءة الخاطئة للمصطلح
"البدائي النبيل" نموذجا
محبتي
ارقد عافية
المشاء

Post: #126
Title: Re: و ماذا عن "البدائي النبيل" في خطاب الغابة والصحراء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Author: mohmmed said ahmed
Date: 09-30-2006, 02:28 AM
Parent: #125

يقول صديقنا الخواض
((ان نقاد ع ع ابراهيم لا يتوفرن على نفس المرجعية الاكاديمية والمعرفية الدقيقة فى توخى الكلام عن المصطلحات التى يستخدمها))
نفس هذه الفكرة كتبها الخواض فى بوستات سابقة بصياغة اخرى عن عدم استيعاب الجهاز المعرفى للدكتور
طبعا الامر فيهو كتير من المبالغة عن قدرات صاحب البحر الغريق
اعتقد ان الامر غير ذلك د عبد الله اكاديمى ومثقف وكاتب يمتلك ناصية لغة باهرة
ولكن الافكار التى يقولها يمكن الوصول لجوهرها ومحاورتها وانتقادها
اما عن المصطلحات
ففى موضوع الهوية استخدم مصطلحات
الخلاسية
السفاح
الخلعاء
وهى واضحة وليست عصيةولا اكاديمية

Post: #127
Title: Re: و ماذا عن "البدائي النبيل" في خطاب الغابة والصحراء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Author: osama elkhawad
Date: 09-30-2006, 03:06 AM
Parent: #126

صديقنا محمد سيد أحمد
كيفك
ورمضان كريم
ما رايك في كلام الخاتم ،الراحل المقيم،حول ان ع.ع.ابراهيم،
قد نجر من راسه مصطلح
Quote: الشفرة الثقافية،

و جاراه،في ذلك الاستاذ الفيا؟

و ما رايك في دفاع الفيا ،
عن مصطلح
Quote: "البدائي النبيل"
،
باعتباره من الانجازات المعرفية المهمة للأفروعروبيين؟؟
تحيتي للبنى والصغار.
محبتي
المشاء
[/GREEN

Post: #128
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-02-2006, 02:51 AM
Parent: #1

عزيزي محمد سيد أحمد،
هنالك فرق كبير بين النقاش الثقافي،
والنقاش الاسفيري،
وهنالك فرق كبير ايضا بين النقاش الفكري،
والنقاش السياسي،
هنالك هوة كبيرة تفصل بين تلك النقاشات.
ولذلك،
فانا في انتظارك حول ما قلت لك به،
من ان الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان و الفيا،
قد انكرا وجود مصطلح كالشفرةالثقافية،
وفي ان الفيا يدافع عن مصطلح كولونيالي الاصل ،
مثل البدائي النبيل
محبتي
المشاء

Post: #129
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-02-2006, 04:20 AM
Parent: #128

الاخ العزيز الاستاذ / حيدر حسن ميرغني
الصديق العزيز /محمد سيد احمد
الاصدقاء المشاركون والقراء المتابعون
كنت احسب ان كل المحاور الرئيسية التي اثارها حوار عيسى الحلو مع الدكتور عبد الله ابراهيم قد تمت تغطيها فيما جرى من نقاش ،
اما وان الخواض مصر على اثارة موضوع "البدائي النبيل " من جديد ، وهو موضوع جرى نقاشه من قبل ، فارجو ان يطرح كل ما عنده حول هذا الموضوع وسوف ارد عليه .

اما حول الزعم بانكاري انا شخصيا على الدكتور عبد الله ابراهيم استعمال مصطلح "شفرة ثقافية" فارجو ان ياتي بالنص الذي انكرت فيه ذلك على دكتور عبدالله ابراهيم .

Post: #130
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-02-2006, 09:33 AM
Parent: #129

الصديق الخواض
شكرا على درس عصر الفروقات
اولا انا لا اتفق مع مقترحاتك عن الكتابة الاسفيرية والتقليدية
وقد فند ها فردة فى بوست الاسافير الزمان داك
بعدين اكوام المرارة بتاعت
دا سياسى
ودا ثقافى
ودا فكرى
ما بتركب
وكدى شوف شيخك عبد الله
يكتب عن شيبون ويغز الحزب الشيوعى يكتب عن تجربة اثيوبيا الفريدة برضو الحزب راكب
يكتب عن لاهوت الحداثة
ويفترى على عبد الخالق ويقول انو ما كان معارض الدستور الاسلامى
دا كان فكر ولا ثقافة
البوتقة دى فى الامور دى ما بتشتغل ولا شنو

Post: #131
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-02-2006, 10:55 AM
Parent: #1

الأحباء هنا
بقي أن نورد كم من الأشعار التي نهضت من ذاك الحُلم
( الغابة والصحراء )
وما الفرق بين قصيدها وبين ما أنتجه هؤلاء الشعراء
من بعد تجاوزهم تلك الرؤى .

رغم أني أعتقد (الغابة والصحراء ) هُلامية
تشتري في الآفات ، ولا تقبل تموت ،
حتى لو قرر أصحابها ذلك .
أرى في جسد كل قصيدة مُبدعة كتبها أحد شعرائها
لم يزل تحت ظلالها يتغنى ، ولم تزل المُفردات
تأبى على النـزوح .

Post: #132
Title: Re: العولمة والمواقف المتناقضة ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-02-2006, 01:45 PM
Parent: #1

التحية مجددا للاصدقاء محمد سيد احمد وعبد الله الشقليني
في سؤال لماح جدا كعادة كل ملاحظاته سأل العزيز حيدر ، الخواض قائلا :
Quote: هل كانت (الغابة والصحراء) نبوءة مبكرة لملامح عصر العولمة?
وهو سؤال فيه قدرة بارعة على النفاذ الى جوهر القضايا المطروحة ومسكها من مفاصلها .
فالملاحظ منذ فترة ان الخواض صار يروج للعولمة . ومن النتائج الملازمة والمباشرة للعولمة تذويب الثقافات في ثقافة كوكبية جامعة . وهو ما يعبر عنه عادة بمفهوم " ان العالم صار قرية صغيرة " ومن هنا ياتي حديث ادوارد سعيد عن الهجنة الثقافية منسجما مع هذه النزعة الكوكبية . الا ان تبنى كل من الدكتور عبد الله والخواض للهجنة الثقافية التي يطرحها ادروارد سعيد ورفض نفس المفهوم عندما تطرحه الغابة والصحراء من خلال صيغة الافروعربية يوقعهما في تناقض مريع . فاما ان يسلما بصيغة التصاهر والتزاوج التي تطرحها الغابة والصحراء والا فان انحيازهما يكون للاشخاص وليس للمعرفة . واذكر ان الدكتور عبد الله في محاضرة النادي العربي بالشارقة سنة 2004 كان قد قال في بداية المحاضرة ان الحديث عن التصاهر الافروعربي : سفاح ! ولكنه ما لبث ان عاد وقال في نهاية المحاضرة ان الخلاسية/الهجنة هي الصيغة المطروحة الان عالميا لتوصيف التلاقح الثقافي بين الشعوب !! وهو بذلك يشير كما اسلفنا الى مفهوم العولمة كما يطرحه ادرواد سعيد . وحسنا فعل الدكتور عبد الله ابراهيم حين عاد ورد الاعتبار في هذا الحوار للغابة والصحراء.وصف ما يوجه اليها من نقد من خصومها بانه لا يعدو ان يكون هجائيات ، وقال انها صيغة على قدر من التعقيد وليست بالبساطة التي يصفها بها البعض .
المفارقة الثانية التي تكشف عن تناقض الخواض في الترويج للعولمة هي ان العولمة كصيغة تناسب المشروع الامبريالي والكولونيالي رغم انها حقيقة كونية لا يمكن الوقوف في وجهها . ورفض الخواض لهذا المشروع الامبريالي ثم الترويج لربيبته ، العولمة بهذا الحماس ، يوقعه في تناقض آخر .

Post: #133
Title: Re: هذا يؤكد صدقيتهم اكثر ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-02-2006, 10:34 PM
Parent: #1

يقول الخواض :
Quote: ما عدا النور عثمان ابكر ،
وهو فلاتي الاصل،
لا تجمع بينهم رابطة.
فعبد الحي ،حسب كلام "ود المكي" الاخير،
قد تخلى عن الغابة والصحراء.
و محمد المكي ابراهيم،لم ينكر نعته لعبد الحي بانه عروبي.

عدم وجود مثل هذه الرابطة يؤكد صدقيتهم اكثر. فكون ان النور فلاتي ومحمد عبد الحي عربي قح ومحمد المكي بديري دهمشي فهذا يؤكد واقعية نظرة جماعة الغابة والصحراء لحقيقة حال الاقوام السودانية، فهذا هو السودان . لذلك قال محمد المكي : " ليس لتيار الغابة والصحراء أي فضل في خلق الثقافة السودانية فهي حقيقة وجودية سابقة لذلك التيار بل ان الغابة والصحراء تدين بوجودها للثقافة السودانية بحكم انها مجرد توصيف لما هو كائن في الثقافة وليس فرضا لواقع جديد على تلك الثقافة."
فعندما تقول ان رواد الغابة والصحراء لا تجمع بينهم رابطة لانهم لا ينتمون الى جنس واحد من الاجناس السودانيية ذلك يؤكد سودانيتهم اكثر . اما اذا كان المقصود بالرابطة رابطة حزبية وفكرية او حتي المدرسة الشعرية بالمفهوم النقدي فهذا غير موجود وهذا هو ما نفاه عبد الحي .
اما الحديث عن تخلي فلان او علان عن الغابةو والصحراء او الحديث عن انها انتهت ، فهذا لا يغير في الحال شيئا لانها اصلا واقع حاصل رغم انف الجميع .
Quote: وحتى على المستوى الشعري فان محمد المكي ابراهيم،
في :
خباء العامرية
قد عاد الى اصوله الاسلامية،
و مدائحه النبوية ،
شاهد على ذلك.

ومتي تنكر محمد المكي لاصوله الاسلامية وهو يكتب للغابة والصحراء ، حتى يقال انه عاد اليها في ديوان خباء العامرية ؟ والا الى ماذا ترمز سنار ؟!!!
المشكلة ان النظرة التبسيطية التجزئية الى رؤية الغابة والصحراء غير قادرة على فهم الامور في سياقها الجدلي الديالتيكي . فهي غير قادرة على الفصل بين الخاص والعام النظر اليهما في ذات الوقت في تشابك . فعندما اقول انا افريقي مثلا ، فهذا لا يتعارض بالضرورة مع كوني عربي ايضا ، كما لا ينفي اسلاميتي بالضرورة . مثلما لا يتعارض القول بانك علماني مع كونك مسلم ولكنك ضد الدولة الدينية !!
لذلك وصف الاستاذ كمال الجزولي نفسه بانه، مستعرب مسلم ، في كتابه :" الآخر : افادة مستعرب مسلم " رغم كونه علماني وضد المشروع الاسلامي العروبي .
Quote: وصلاح احمد ابراهيم المصنّف ،ضمن رواد الغابة والصحراء ،
كان يفكر بصوت عال كعروبي قائلا :

Quote: نحن عرب العرب


صلاح احمد ابراهيم لم يكن من منظري الغابة والصحراء ، وان صنف لاحقا من قبل البعض كواحد منهم . يقول محمد المكي عن ذلك : " ومن انتصارات هذا التيار ان النقد الحديث صار ينسب اليه عددا من المبدعين الذين عارضوا الحركة اول ظهورها كالشاعرين صلاح احمد ابراهيم ومصطفى سند ممن تحدثوا علنا ضدها ولكن مجمل انتاج الشاعرين - الذي سبقها والذي تلاها - ينضم الى منظومة الشعر السوداني الساعي لتمييز نفسه عن بقية آداب اللغة العربية في بلادها الأخرى. والواقع اننا تلقينا الطابع السوداني في الشعر عن محمد المهدي المجذوب وصلاح نفسه ومع ذلك فقد تأثر الشاعر الكبير بالظن السائد عن كون الغابة والصحراء نسخة أخرى من حركة الزنوجة التي قادها سنغور وايمي سيزار كما تأثر بعدم استلطافه للشاعر النور عثمان فدار بينهما ذلك السجال الشهير حيث كان النور يقول: (لست عربيا ولكن)، بينما راح صلاح يؤكد: (بل نحن عرب العرب). ولكن من يقرأ دواوين الشاعر يجد فيها التصاقا بالموضوع السوداني كمادة للشعر ويجد فيها قدرة تخييلية وتعبيرية تخرج بصلاح من نطاق جيله وانتمائه (السابق) للماركسية وترتفع به كثيرا عن بدائية الواقعية الاشتراكية وفظاظة تعبيرها الفني. وبالنسبة لرصيفه الآخر الشاعر سند فان هواه العروبي جعله يتوجس منا ظانا اننا ضد العروبة وتجلياتها السودانية غير عالم اننا اقرب الناس اليه فنا وفهما."

ويذكر بولا في مقالته (27) " شجرة الغول في الهوية السودانية " أنه سأل صلاحا مرة عن سبب هذه العبارة المسرفة في نظره ، " نحن عرب العرب " . فرد صلاح ، أنها جاءت وليدة ثورة الغضب على الحملة المعادية والشامتة للعرب في أعقاب هزيمة 1967م . ويقول أن صلاحا سئل مرة قبل ايام من رحيله ، عن هويته في حوار مع جريدة الشرق الأوسط فأجاب : أنا الهجين عنترة "
فكأن صلاح بعد سنين طويلة وبعد انحسار ثورة الغضب يعود ويردد ما سبق أن ردده النور في قوله : " لست عربيا ولكـن " . مع ملاحظة أن صلاح قال قولته " أنا الهجين عنترة " وهو نفس المحيط الأوروبي الذي قال عنه النور أبكر أنه يرفض هويته الأفريقية حين يفكر ، ويرفض هويته العربية حين يكون .
والوعي الأممي ( نسبة إلى أمة ) وعى متقدم على الوعي العشائري والقبلي ، لكن الانتساب إلى الأمة لا يلغي الانتساب إلى القبيلة بالطبع . فالانتماء للوطن الكبير لا يلغي بالضرورة الانتماء للقبيلة والعشيرة ، ففي ظل هذا الوطن يظل الانتماء للقبيلة موجودا وتظل الخصوصية موجودة .

Post: #134
Title: عن درس العصر :خالص اعتذاري لك
Author: osama elkhawad
Date: 10-03-2006, 00:40 AM
Parent: #133

عزيزي محمد سيد احمد:
قلت:
Quote: الصديق الخواض
شكرا على درس عصر الفروقات
اولا انا لا اتفق مع مقترحاتك عن الكتابة الاسفيرية والتقليدية
وقد فند ها فردة فى بوست الاسافير الزمان داك

أولا أعتذر اذا كان كلامي يوحي بانني اقدم لك درس عصر،
و هو درس كنت اكرهه،وما زلت.
عفوا صديقي،
ما ارمي اليه هو ضرورة مراعاة الدقة ما امكن ذلك،
والاعتذار حين نخطئ.
وتقبل اعتذاري ان كان في كلامي شيئ من التلقين،
فنحن نحاول ان نساهم بقدر قدرتنا.
ما اثرته من موضوعات كتبها "شيخي" نفعني الله بعلمه الغزير،
لا أعرف عنها قدرا يجعلني اتحدث فيها.
لكنني هنا اتحدث عن الغابة والصحراء ،
والكنايات الثقافية،
ولي القليل مما أحاول الاسهام به ،
وان يكون مما ينفع الناس،
وان اخطات فعلي الاعتذار .
احترم رايك حول التفريق بين الاسفيري والتقليدي،
ولك ان تأخذ برأي فردا،
ودعك عن رايي الذي اوضحته بشكل مفصل ما اممكنني ذلك.
خالص المحبة.
المشاء

Post: #135
Title: Re: عن درس العصر :خالص اعتذاري لك
Author: osama elkhawad
Date: 10-03-2006, 02:55 AM
Parent: #134

مرحبا بعودة الاستاذ :

عبد المنعم عجب الفيا

بعد أن أعلن هجرانه للنقاش.

مرحبا به

المشاء

Post: #136
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-03-2006, 10:17 AM
Parent: #1

اخي محمد سيد احمد ، ما اشرت اليه في مداخلتك الاخيرة ، هو من الحيل التي اشار اليها محمد جلال هاشم حين قال ان الدكتور عبد الله ابراهيم استعان في تمرير مشروعه الاسلامي العروبي بكثير من الحيل والمناورات . اما فيما يخص ناس الخواض فقد استعان عليهم الدكتور باستعمال مصطلحات علم الاجتماع والعلوم الانسانية الاخرى في احاديثه ، مثل شفرة ثقافية . ولا يهم ان كانت الشفرة الثقافية التي يتحدث عنها الدكتور هي الدستور الاسلامي وتطبيق الشريعة او كانت مدعاة لتأييد نظام الانقاذ او الدعوة الى قيام كيان الشمال او فصله على اسس عروبية والركوب مع ناس الطيب مصطفى في قطر واحد ، لكن المهم هو ان الدكتور اهتدي الى هذا المصطلح الذي صادف الخواض في دراسته الاكاديمية .

Post: #137
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-03-2006, 01:12 PM
Parent: #136

الاستاذ عجب الفيا

حسنا فعلت حين قلت

Quote: الدكتور عبد الله ابراهيم استعان في تمرير مشروعه الاسلامي العروبي بكثير من الحيل والمناورات


ولعل من تلك الحيل وصفه لشعراء مدرسة الغابة والصحراء بأنهم عائدين "من

شعاب الأرخبيل الأوروبي" وان المدرسة لم تكن نتاج لعملية فكرية

Post: #138
Title: Re: الخواض والاحتفاء بالبوتقة الكبرى !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-03-2006, 02:31 PM
Parent: #1

هنا نماذج من بوستات يروج فيها اسامة الخواض باحتفاء شديد للبوتقة العالمية الكبرى /العولمة بينما يرفض مفهوم البوتقة الصغرى /الوطن !!


في العولمة الثقافية:والدعوة عامة للحوار


العولمة ودورها في دحض المفهوم التقليدي للدين



تعريف العولمة من خلال موت "الاميرة ديانا"

Post: #139
Title: Re: الكيل بمكيالين !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-03-2006, 02:45 PM
Parent: #1

وهنا يتبني أسامة الخواض الهجنة الثقافية والاثنية من خلال اعمال الطيب صالح واداورد سعيد
لكنه يرفض ان يرى ذات الهجنة الثقافية من خلال الغابة والصحراء :

الطيب صالح :اراء في السياسة والهجنة الثقافية

جاء في المقال :

" .. وانطلاقا من تلك المحبة والاهمية الفائقة لاحاديثه, والدور المساند للكتاب في مجال السياسة,سنناقش أراءه حول الهجنة الثقافية.والتي وردت في الحوار الذي اجرته معه مجلة "الوسط" عدديها بتاريخ 7 و14 أيلول "سبتمبر" 1998.
يتشكل في مستوى من مستويات الحوار,فهم عميق عن اشكالية الهجنة الثقافية السودانية, فالطيب صالح يؤكد وجود تلك الاشكالية.فهو يرى أن للجنوبيين حقوقا سياسية لا تنكر, وفي المقابل يدين "ما يردده بعض اخواننا الجنوبيون من رفض لعروبتنا".ثم يؤكد ان الهجنة الثقافية ليست عائقا لتكوين امة...يقول في ذلك "من الممكن لمجموعات مختلفة الهوية على المستوى الفردي أن تشكل امة". ويرى ان ذلك يتم عبر مبدا "المواطنة".ويضرب مثلا لذلك التجربة السويسرية.
ان ما يطرحه الطيب صالح ضمن ذلك الفهم,يمثل مشروع القوى الديمقراطية والعلمانية السودانية لحل اشكالية الهجنة الثقافية.وهو بذلكيتوافق مع كثير من المفكرين المعاصرين.فادوارد سعيد في مقدمته للترجمة العربية ل"الثقافة والامبريالية" يرى "ان فكرة التعددية الثقافية أو الهجنة-التي تشكل الأساس الحقيقي للهوية اليوم- لا تؤدي بالضرورة دوما الى السيطرة والعداوة,بل تؤدي الى المشاركة وتجاوز الحدود,والى التواريخ المشتركة والمتقاطعة"-ص10-

Post: #140
Title: في القراءة الخاطئة للمصطلح
Author: osama elkhawad
Date: 10-04-2006, 01:08 AM
Parent: #139

عزيزي الفيا
نرحب بعودتك مرة أخرى الى النقاش،
بعد انسحابك،
وهذه محمدة في حقك.

فقط دعنا نركز على الموضوع الرئيس،
و يمكن ان نفرد بوستا عن العولمة.

وسأعود للكلام عن القراءة الخاطئة للمصطلح.
فقط تواجهني مشكلة،
إذ أنني لم اتمكن من العثور على البوست الذي دار فيه الحديث عن :
الشفرة الثقافية

فانا أتكلم من الذاكرة،
و لم أعثر على ذلك البوست في مكتبتك ,
وأيضا في مكتبة الراحل المقيم الخاتم عدلان.

محبتي للجميع

المشاء

Post: #141
Title: Re: في القراءة الخاطئة للمصطلح
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-04-2006, 10:39 AM
Parent: #140



يستحق هذا البوست الإشادة
بروح طيبة طفحت من ثراء الخلاف ،
ومجد القلم ، وتواضُع الكُتاب
حين يثرون ، وحين يعتذرون بمحبة .
الشكر موصول لكل من شارك ولم يزل يُشارك
في هذا الملف الرائع ،
ونخُص الكاتب : الفيا ، والكاتب : الخواض ،
وجميع الذين يساهمون في رفد البوست برؤى
جديدة .


Post: #142
Title: Re: في القراءة الخاطئة للمصطلح
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-04-2006, 10:47 AM
Parent: #141

عروبتنا: إن التمسح بالفرنجة غير مجد


تخرج الأستاذ الشاعر الصحافي جعفر حامد البشير من ''التعليمخانة'' ،وهي مدرسة البريد والبرق، في بداية أربعينات القرن الماضي. وكانت محطته الأولي جبيت فسنكات كما روى عن ذلك في كتابه الممتع ''السودان بين القرية والمدينة: ذكريات وشخصيات وتاريخ'' (دار عزة 2005). وقد أغراه نجاحه في تكوين لجنة لمؤتمر الخريجين بجبيت ليحاول الأمر في سنكات. وكانت محاذير العمل الوطني في سنكات أكثر منها في جبيت. فسنكات حاضرة إدارية فيها مفتش المركز الإنجليزي والمامور السوداني والشرطة. وقرر جعفر وصاحبه كسر حاجز الخوف دون مرادهم بالحديث إلى مامور المركز السيد محمد الحسن خورشيد. والتقى جعفر بالمامور يطلب نصحه بشأن تكوين لجنة المؤتمر بالمدينة. وقد طمأن خورشيد جعفراً الشاعر على سداد فكرته بل شكره على المبادرة بها لتلحق سنكات بركب المدن والبلدات التي احتضنت مؤتمر الخريجين. غير أن خورشيد كاشف جعفراً بدخيلة نفسه. فقد كان من رأيه أن المؤتمر ربما طرق باب السياسة متعجلاً بمذكرته التي قدمها عام 1942 مطالباً بحق تقرير المصير. وعلل لذلك بأنها شوشت على الإنجليز ولم يعودوا يرون من المؤتمر سوى وجهه السياسي. وحدس خورشيد أن هذا ربما أضر بوجوه نشاطات المؤتمر الأخرى في التعليم والصحة والإصلاح بعامة التي الناس في مسيس الحاجة إليها. وحين قدم جعفراً خارجاً قال له عند الباب على خلفية تحفظه على سخونة المؤتمر السياسية: ''ألم تقرأوا في شعر أبي العلاء المعري:

توقّي البدور النقص وهي أهلة

ويدركها النقصان وهي كوامل''

وواصل قائلاً: ''شدوا حيلكم. أنا معاكم.'' وكأن بخورشيد يريد أن يستبطيء المؤتمر فلا يغادر منطقة الاصلاح والتربية عجولاً إلى منطقة السياسة والحكم فيكون كالقمر يسعى إلى إفوله بظلفه. فهو لم يبق هلالاً، وهي عمر نضج القمر، واستحث الخطى ليكون قمراً كاملاً وهذه بداية محاقه.

ربما ظلمنا نحن معشر عرب السودان من اتهمنا بأن انتماءنا لدوحة العرب هي هروب للأمام من من سواد بشرتنا زلفى للعرق الأكابر. قد يكون بعض هذا الإنتماء عقدة نقص أراد به من أراد الزلفى للعرق الأكابر. ولكن عروبتنا، ككل ثقافة وهوية، حمالة أوجه لأنها بنت التاريخ. فقد خرج من كمها تاجر الرقيق في القرن التاسع عشر كما خرج منها الرفيق تاج السر حسن آدم الذي تفرغ في الخمسينات لتنظيم عمال الجنوب في نقابات تؤمن أجراً للجنويين مثل عمال الشمال بمبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي. وكانوا ينالون من الإدارة الاستعمارية ما دون الكفاف بحجة بدائيتهم.

وكانت الثقافة العربية خلال الحركة الوطنية زاداً لطلاب الحرية. وقد طلبها أولئك حتى في اللغة الإنجليزية. ولا تثريب. ولكن جاء طلبهم الحرية في الثقافة العربية على طبع لسانهم ومقتضى ذوقهم وسعة وجدانهم. فلم يستشهد خورشيد ببيت المعري اعتباطاً بقصد تبخيس ثقافة أخرى بل واتاه عند منعطف في الحركة الوطنية بعد تقديم مذكرة مؤتمر الخريجين في .1942 وهي المذكرة التي اسفر فيها عن وجهه السياسي. وقد كان من رأي امثال خورشيد أنه ربما تباطأنا بالحرية من حيث استعجلناها. وأراد أن ينقل هذا المعنى ببلاغة وقول فصل. فواتاه المعري. لله دره.

ربما كان جيل الحركة الوطنية هو الذي اكتشف الثقافة العربية. فقبله كانت العربية المكتوبة محض لغة بنحوها المشمول في ألفية ابن مالك عند المشائخ تعينهم على فهم أصول الفقه أو ذوقاً صوفياً. وكانت أكبر شكوى الأستاذ عبد الله الشيخ أن مناهج المعهد العلمي على عهده به في الأربعينات قد خلت من الأدب العربي. ورتع جيل الحركة الوطنية في هذه الجنان العربية المستجدة. وكان المعري فيها أمة لوحده. فقد حكى جعفر الشاعر عن أدب السيد سيد عبد الحليم، وكيل بوستة أبي حمد في 1944، وهو من بلدة إدفو بمصر. وجعل سيد من المكتب منتدي أدبياً يجلس فيه جعفر كالتلميذ إلى الوكيل المغرم بأبي العلاء المعري والحافظ لمعظم شعره في ''اللزوميات''. كان سيد متي ما فرغ من عمل بين يديه سبح في الفضاء بعينيه يقرأ من محفوظاته من المعري. ثم يشترك هو وجعفر في شرح ما قرأ. وقد كتب جعفر مقالا في سبعينات القرن الماضي ذكر فيه قول المعري:

يسوسون الأمور بغير عقل

فيصدق أمرهم ويقال ساسة

فأف من الحياة وأف مني

ومن زمن رئاسته خصاصة

وكان ذلك على عهد النميري وخشي جعفر أن يأولها حاشيته قيؤذونه غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث.

وربما صح في مناسبة تلمذة جعفر على وكيل البوستة المصرى قولنا إن جيل الحركة الوطنية صفوة، لوتحرينا الدقة، ''وادي نيلية'' أكثر منها عربية. وقد جاء بهذا التمييز بين العروبة العريضة وعروبة وادي النيل الأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد. وهو حَري بمثل هذا النظر الثاقب لأنه عروبي عريض العروبة من مدرسة البعث العربي الاشتراكي. وكانت القاهرة تنشر والخرطوم تقرأ بصورة ربما أذهلتها عن أن تبدع شئياً سودانياً. وكانوا مستهلكي ثقافة من الدرجة الأولى وتفرقوا شيعاً ينصرون طرفاً مصرياً على طرف مصري آخر في الثقافة المصرية. فقد واظب جيل الحركة الوطنية علي قراءة مجلة الرسالة لأحمد حسن الزيات وكان يردفها ب ''الثقافة'' ليقرأ للدكاترة زكي مبارك(وكان يبهرهم أن الرجل قد احتاز دكتورهات لا دكتوراة واحدة) وعلي الطنطاوي والعقاد وسيد قطب ومحمد سعيد العريان. ووقف الجيل على تفاصيل عراك طه حسن والرافعي وزكي مبارك وأحمد أمين. وعلم من الشعر عن العراقيين الزهاوي والرصافي بجانب شوقي وحافظ بالطبع.

وكانت هذه الصفوة المسماة مستعربة (أو الممصرنة في قول أدق) أفرح ما تكون متى زار السودان نجم ثقافي من كنانة الله مصر. فقد جاءها على الجارم، التربوي المعلم، في 1936 ضمن بعثة تتقصى أوضاع التعليم فأحتفلت به. وأنشدهم نونييته عن عيد جلوس الملك فاروق. وفيها حياهم واستعاد تلك الأواصر التي ''تمد إلى العروبة خير مد''. وقد جاراه السيد أحمد محمد صالح، الشاعر وعضو أول مجلس سيادة للبلد، بخريدته ''فينوس'' التي ما زال الخلف يجتر منها المقطع القائل ''وبقيت مثل السيف وحدي'' لصيرورته بمثابة المثل على الوحشة فينا. وقد التمس الشاعر فيها من الجارم أن يعلم الجيل الوطني ''أن التمسح بالفرنجة غير مجد''. وشتان بين التمسح وهو تهافت وبين العلم بهم وهو عزيمة. وقد تشرف ذلك الجيل بعصماء أحمد محمد صالح بل قالوا إن الجارم قال بسبقها على قصيدته. وهذا كسب لو تعلمون عظيم. وأخذت هذه الصفوة الجارم إلى مدرسة أم درمان الأميرية ليفصل في منافسة شعرية للتلاميذ وفيهم جعفر ومحمد المكاوي مصطفي وأحمد عبد الله سامي وبابكر أحمد موسي. وقد خص الجارم الأخير بالجائزة. وبابكر من طلائع الحركة السودانية للتحرر الوطني وهي نواة الحزب الشيوعي وقد انقسم على الحركة واتبع خطة الجمعية الوطنية التي كان من بين نجومها الأستاذ سيد أحمد نقد الله. وقد ترجم بابكر ''الفلاح الفصيح'' من أدب الفراعنة. وكان مشهوراً بسعة الإطلاع ولذيذ الحديث.

ولا أعرف مناسبة اشتهر أمرها في التاريخ الثقافي مثل زيارة العقاد إلى السودان في .1942 وهي الزيارة التي رتبها خشية أن تبلغ المانيا النازية مصر بجيوشها فتؤذيه لما عرف عنه من نقد عنيف لهتلر خلال الحرب العالمية الثانية. وكان يونس بحري، المذيع العراقي المناصر للنازية وصوتها للعالم العربي، يتوعد العقاد المناهض للنازية شراً. بل تعداه إلى السخرية بالسودان. واشتهرت عنه عبارة سخر فيها من إذاعة أم درمان الوليدة التي انشأها الإنجليز أول مرة كأداة لرفع معنويات السودانيين ثقة في بريطانيا في حربها للنازية. وقال يونس عن إذاعتنا البوق إنها ''حشرة تطن في قلب أفريقيا وتقول هنا أم درمان''. وقد عاد يونس بحري إلى السودان خلال رئاسة السيد عبد الله خليل للوزارة في ملابسات غامضة ثم عاد أدراجه.

وقد وجد العقاد صفوة السودانيين قارئة نهمة لما كتب. وقد أسعد السودانيون أن العقاد وجد بمكتبة بعضهم كتباً أفرنجية وعربية رجع إليها في تأليف كتابه عن سيدنا عمر. وقد وفروا له هذه المراجع بعد أن سمعوه يتحسر على تركه مصر على عجلة لم تأذن له بحمل ما نوى حمله من كتب لغاية تأليف ذلك الكتاب. وقد نظّم الخريجون للعقاد حفلاً على شرفه بنادي الخريجين بأم درمان. وقد نفى الأستاذ على نور، شاعر المؤتمر الذي لم ير شعره النور بعد، أن يكون العقاد قد جبن من النازية المحدقة بمصر فهرول إلى السودان:

قالوا جَبٌنت من الجٌلى وما عرفوا

مكان من خطبوا الجلى ومن مهروا

لكن حملت نفيساً فانتبذت به

عبر النجاة عساه ينفع الحذر

ولم يعجب العقاد هذا الإعتذار له بالهرب حرصاً على وقدة ذهنه وسعة معارفه. وقيل إنه بكى حين سمع السيد محمود الفضلي ينشد على الملأ قصيدته:

أبداً نرجي أن نرجي تدانيا

كلا البعد والقٌربى يهيج ما بيا

وسميت تلك الدموع بالصحف ب ''دموع الجبار'' أي العقاد. ولما قرأ العقاد قولهم سأل السيد حسن نجيلة: ''ومن قال لك الجبار لا يبكي''. وغادر العقاد السودان على عجل بعد أن قرصته حشرة لم يطمئنه إلى عاقبة لذعها الأطباء بقولهم إنها قرصة تفوت ولا حد يموت. ومن قال إن الجبار لا يخاف عض هوام السودان أيضاً. وقد سمعت الدكتور عبد الله حمدنا الله، وهو من أعرفنا بهذا كله، يطعن في بعض المروى عن زيارة العقاد.

أتاح كتاب جعفر عن تربيته الثقافية في الأربعينات زاوية مفيدة لرؤية طور مبتكر من ''تعريب'' عرب السودان، بمعنى التوسع في عروبتهم أصالة، لا استعرابهم وكالة. وقد أحسنت دار عزة بنشره علينا. وودت لو أكملت جميلها واعتنت بإخراجه بأفضل مما فعلت

نقلا عن الراى العام 4-10-2006
مقال للدكتور عبد الله على ابراهيم

Post: #143
Title: Re: في القراءة الخاطئة للمصطلح
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-04-2006, 11:00 AM
Parent: #142

عروبة سودانية ما فيها عرق يكتب عنها د عبد الله
فى مقالات سابقة الاسبوع الماضى كتب منتقدا فكرة ان الاسلام فى السودان له طابع خاص افريقى
وفى هذا الاسبوع كتب عن عروبة عرب السودان الاصيلة
يقول الدكتور
تعريب عرب السودان اى التوسع فى عروبتهم بالاصالة وليس استعرابهم بالوكالة
واصلو عرب السودان ديل هم مش عرب طيب التعريب تانى لزومو شنو
ولا دا من باب تكوير الكرة وتحصيل الحاصل
مقالات عبد الله الاخيرة عن الاسلام السودانى والعروبة فى السودان
ونشاطه فى الحوارات فى اجهزة الاعلام هى جزء من مشروع متكامل فكرى وسياسى وثقافى يحاول التاصل له وبناء مقولاته الفكرية
هى خمرة قديمة وان تجددت الاوانى

Post: #144
Title: Re: في القراءة الخاطئة للمصطلح
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-04-2006, 03:48 PM
Parent: #143

إقترح علي عدد من الأصدقاء أن يقوم الاساتذة المتداخلون في البوست بتزييل

مساهماتهم بعناوين بريدهم الاليكتروني حتى يتسنى للاخوة غير الأعضاء إبداء

رآيهم حولها

يستوجب علي توجيه الشكر للاساتذة / الفيا والخواض والشقليني ومحمد سيد أحمد

في رفد البوست وإثراءه بما يجود به حسهم النقدي الجميل تجاه البوست موضوع

النقاش ... لقد كانت الأستفادة كبيرة بقدر الجهد الذي بذلوه في دفع الحوار

إلى الأمام

Post: #145
Title: Re: في القراءة الخاطئة للمصطلح
Author: osama elkhawad
Date: 10-04-2006, 07:23 PM
Parent: #144

شكرا صديقنا حيدر صاحب الحوش الصغير
هذا هو ايميلي لمن يرغب في التعليق او النقاش و خلافه من اشكال المشاركة:
[email protected]
آمل ان اعود اليوم بمداخلة .
ارقدواعافية
المشاء

Post: #146
Title: Re: في تهمة الاستشراق ورمي الثقافة الافريقية بالوثنية !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-04-2006, 08:18 PM
Parent: #1

الاخ حيدر آسف على التاخير في الرد على اشارتك . تقول
Quote: ولعل من تلك الحيل وصفه لشعراء مدرسة الغابة والصحراء بأنهم عائدين "من

شعاب الأرخبيل الأوروبي" وان المدرسة لم تكن نتاج لعملية فكرية

هذا صحيح وهو مقدمة لتمرير تهمة الاستشراق فاي حديث عن اي ارث ثقافي افريقي سوداني هو استشراق ووثنية .
فالحديث عن اسلام أهل السودان بانه شعبي او صوفي وان ذلك شكل الشخصية السودانية المعروفة بسماحتها هو في نظر الدكتور اتهام للاسلام بالوثنية وترديد لكلام المستشرقين بطفولة وسذاجة الانسان الافريقي .
وقد اشار الدكتور الى ذلك في "تحالف الهاربين " حيث قال : ان رد الاعتبار للمكون الافريقي في العربي المسلم ، هو مؤامرة علمانية لتفكيك محرمات الحضارة الاسلامية .

وفي هذا الحوار ذكر ذلك بتفصيل اكثر حيث جاء فيه :

" وفالمعادلة القائمة بين العروبة والافريقية، التي جاءت بها الغابة والصحراء كانت مناسبة من زاوية ثقافية، وكنت عرضة للتأثر بالمصادر الاولى لنظرية الغابة والصحراء، المتمثلة في كتابي (ترمنجهام) (الاسلام في السودان) و(ماك ما يكلز) المتمثل في (العرب في السودان).
ومن هنا افترق طريقي مع اهل الغابة والصحراء. وبدأت انظر في الينابيع الثقافية والنظرية والمعرفية لمدرسة الغابة والصحراء. وبدأت بنقد كتابي (ترمنجهام وماك مايكل). وقع طلاق البينونة بيني وبين المدرسة (الغابة والصحراء. . مما نظرت فيه.. مما سلمنا به ان اسلام السودان، هو اسلام صوفي شعبي. وان الاسلام العقدي الاورثوذوكسي سطحي التأثير على اسلام السودانيين. وهذا الاسلام الشعبي الصوفي هو اسلام مصاب بقدر كبير من الوثنية الافريقية. فهذا هراء.. وهذا سوء ظن بافريقيا لا حصر له، بمعنى ان الافريقي ليس بوسعه لان يصبح سوى مسلم سطحي جداً.. وان وثنيته تركبه كالبغال. وانا لا ادعوه للتخلص عن وثنيته اذا شاء، ولكن متى قرر الافريقي ان يكون مسلماً، فليس هناك سقفاً لاسلامه سوى السماء. واذا نظرت الآن في ادب الغابة والصحراء والادب المتصل بهوية السودان، تجد هذه النظرية (الترمنجهامية) فاشية. قررت ان اراجع هذه المسلمة وعلى ضوء نظريات ناقدة في موضوع التحول والاسلام وفي مسألة الاسلمة والتنصير في افريقيا، وفي مسائل الهجين الثقافي والمثاقفة. فلم اجد سبباً للقول بان الاسلام الافريقي هو بالجزم اسلام مشوب بوثنية عالية. فاذا نظرت الى المجادلات العادية في المجالس تجد من يقول لك ما بال هؤلاء الاسلاميين يتشددون في الدنيا وديننا السمح خال من العقيدة، افريقي قلق، شعبي. وهذه الفرضية تشدك إلى نظرية (ترمنجهام) وهو بالمناسبة مبشر. فانظر كيف يستولى مبشر على افئدة وعقول صفوة، هي من المفترض ان تكون سدنة للثقافة. ومن شأن السادن ان يمنع تبخيس الثقافة.. اي ثقافة الترخيص. "


يمكن ان يكون المتحدث اي داعية اسلامي من الاخوان المسلمين او الوهابية انصار السنة ولكن هل يعقل ان يكون المتحدث هو مفكر اليسار الاول في السودان ؟؟؟؟!!!!
كيف يمكن لمثقف يساري في حجم الدكتور ان يصف ثقافة شعب كامل بالوثنية لمجرد انه يرى انها تقف عائقا في طريق تحقيق حلمه في قيام دولة عروبية اصولية اسلاموية في شمال السودان ؟؟
ومع ذلك تجد من يعرض عن كل ذلك ويتحدث عن براعة الدكتور في استخدام هذه الحيل وعن تفننه في استخدام المصطلحات لتمريرها !! لاحظ التفنن هنا والتعمية في قوله هذا اتهام لافريقيا وللانسان الافريقي لتمرير الاتهام المعاكس !!!
اذكر من النقاط التي اختلفت فيها مع محمد جلال هاشم هو انه خلص ان الدكتور يدعو الى اسلام شعبي سودان بخلاف الاسلام الارثوذسكي وكان راي ان العكس هو الصحيح وهذا هو الدكتور ئيؤكد صحة راي في مشروعه الاصولي للاسلام .

شكرا محمد سيد احمد ساعود للتعليق والى كل الاصدقاء هذا هو ايميلي

[email protected]

Post: #147
Title: Re: الحامض من رغوة الغمام !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-04-2006, 08:43 PM
Parent: #1

شكرا محمد سيد احمد على انزال المقال وواضح انه تكرار لتحالف الهاربين
واتهام كل من يحاول ان يضفي شوية افرقة على الثقافة السودانية ، بالاستشراق والتامر لخلع الانتماء العروبي !!
جاء عنوان المقال :
Quote: عروبتنا: إن التمسح بالفرنجة غير مجد

وهو تكرار لقوله في تحالف الهاربين :
"الآفروعربية هي ، بوجه من الوجوه ، رد فعل لاصطدام مبدعى جيل الستينيات بثقافة أوروبا الغالبة . فقد وقع مجاز " الغابة والصحراء " للشاعر النور عثمان وهو في محيط أوروبا الحضارى الذي " رفض هويتى الأفريقية حين أفكـر ، ورفض هويتى العربية حين أكون " (11) . فهى بهذا اكتشاف للجذور قام به هؤلاء الشعراء بعد تغرب في ثقافة أوروبا أو أروقتها . وقد عادوا من ذلك كله صفر اليدين إلا من " الحامض من رغوة الغمام " (12)

لماذا عادوا بالحامض ن رغوة الغمام ؟
لان جذور الثقافة الافريقية التي يريدون ان يردوا الاعتبار لها لا وجود لها، او بعبارة الدكتور : " واقع مطموس في وجدانهم "

اما خاتمة المقال :
Quote: أتاح كتاب جعفر عن تربيته الثقافية في الأربعينات زاوية مفيدة لرؤية طور مبتكر من ''تعريب'' عرب السودان، بمعنى التوسع في عروبتهم أصالة، لا استعرابهم وكالة. وقد أحسنت دار عزة بنشره علينا. وودت لو أكملت جميلها واعتنت بإخراجه بأفضل مما فعلت
هو تريديد للحل الذي يقترحه في ختام ورقة تحالف الهاربين :
" إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا ."



Post: #148
Title: ما زلت أبحث عن بوست الفيا الذي أورد فيه "مقال الخاتم عدلان"
Author: osama elkhawad
Date: 10-04-2006, 11:45 PM
Parent: #147

احتاج الى من يساعدني في الحصول على ذلك البوست ،
الذي تحدّث فيه عادل عثمان عن اهمية مصطلح:
الشفرة الثقافية
في النقاش الدائر ،
وقد أثبت
،كما في ذاكرتي،
فردا،
أن ع.ع. ابراهيم
لم ينحت ذلك المصطلح،
و انما انه موجود اصلا،
وقد أنكر الفيا ذلك،
و زعم أن الشفرة هي زائدة،
و ليست لها علاقة بالمصطلح.

أرجو مساعدتي ،
مع خالص التقدير.
المشاء

Post: #149
Title: Re: بل في صلب الموضوع !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-05-2006, 01:59 AM
Parent: #1

كتب اسامة الخواض معقبا :
Quote: فقط دعنا نركز على الموضوع الرئيس،
و يمكن ان نفرد بوستا عن العولمة.


العولمة هي البوتقة الكبري وهي بالتالي في صلب الموضوع .

Post: #150
Title: Re: بل في صلب الموضوع !
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-05-2006, 04:26 AM
Parent: #149

فى مقالات د عبد الله الاخيرة والتى يقول فيها بنفى التاثيرات الافريقية على اسلام السودان
وكذلك مقالاته عن العروبه المافيها عرق يحاول القول بان هذه الافكار هى افكار للاوربيين وليست اصيلة
وفى الحوار التلفزيونى مع طارق كبلو قال ان الاستعمار البريطانى لم يكن فقط استعمارا اقتصادياووصفه بانه استعمار ثقافى
وقال ان احتلال السودان كان ارسالية ثقافية
المقالات موجودة فى ارشيف جريدة الراى العام وساحاول ايرادها هنا
ايميلى( [email protected])

Post: #151
Title: Re: بل في صلب الموضوع !
Author: munswor almophtah
Date: 10-05-2006, 07:27 AM
Parent: #150

الأساتذه عبدالمنعم الفيا والخواض هذه محاوله توفيقيه


فى تعليق للأستاذ الفيا إستطاع أن يضمن التنوع السودانى فى الغابة والصحراء لطبيعة التنوع المتوفر حقيقة فى الغابة بتنوع أشجارها وفى الصحراء بتدرج تنوعها إذن الغابة والصحراء مفهوم بمثابة الصحائف او الصفائح وبذلك يكون التضمين كتصوير المجتمع كما هو وطباعته على تلك الصفائح أوالصحائف أما البوتقه فهى كالدورق وهى لا تعنى الإذابه ولكنها وسيله داله لطبيعة الإستخدام الكيميائى لعناصر مختلفه بمزج علمى محدد للوصول لنتيجة ربما تكون معلومه ولكن لطبيعة العناصر المعلومه وهى التنوع البشرى شكلا ومضمونا فإن البوتقه يمكن أن تقوم بنفس دور صحائف وصفائح الغابة والصحراء وتظل طبيعة التنوع موجوده كما هى لعدم إمكانية مزجها كيميائيا إلا إذا توفر الكيد لإحداث المزج بإضافة عناصر معينه لتحقيقه وبذلك لا يكون التغيير نهائى لطبيعة النوع ولكن تغيير لإمتلاك إمكانية الإستجابه للأنواع الأخر وبذلك يكون الإختلاف بين الغابة والصحراء والبوتفه إختلافات مقادير وليست بإختلافات أنواع وبذلك يمكن الأنطلاق فى توحيد الرؤى حتى تتثنى الإستجابة بين الأنواع المختلفه.................................




منصور [email protected]

Post: #152
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-05-2006, 12:35 PM
Parent: #1



الأحباء هُنا :

نورد نص من نصوص الراحل الدكتور الخاتم عدلان في مقام رده على مقالات الدكتور عبد الله على إبراهيم :

النص ورد في صحيفة ( سودانايل ) السماوية ، تحديث 19 يوليو 2004 م .
لعل إيراد النص يحيط بلُب الفهم ،
إذ أن لقطف النص بعض الخبايا ،
التي لن تنجلي إلا بإيراد كامل النص وهو كما يلي :


محاضرات د. عبد الله علي إبراهيم

بقلم :الخاتم عدلان

أحب أولا أن أعبر عن شكري الجزيل للأخ عبد المنعم عجب الفيا، على وضعه لفكر صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في بؤرة الضوء، سواء محاضرته في أبوظبي التي نشرها عجب الفيا في هذا الموقع بعد نيل موافقة المحاضر على سلامة النص، وهو تقليد حميد اقتضته الأمانة ، أو ورقته بعنوان تحالف الهاربيين حول «مدرسة» الغابة والصحراء، أو كتاباته اليومية في الصحف السودانية. وبالطبع فإنني أوافقه على المجرى العام لحجته الراجحة كما يتضح من مداخلتي الحالية.
وأبدأ بأن هناك إختلال أعتبره جوهريا في نقاش أفكار عبد الله على إبراهيم، هو غياب الرجل نفسه عن ساحة الحوار. وهو غياب بغير حجة على ما أعتقد، لأن عبد الله، حسب ما ذكر في هذه المحاضرة وفي مواضع غيرها، مطلع على ما يدور في الإنترنت، وخاصة حول أفكاره وآرائه، وقد شاء مرة أن يرد عليها بصورة غير مباشرة في موضع غير موضعها. غياب عبد الله عن المحاورة يشعر بعض المشاركين فيها أنهم ربما يخرقون قواعد « الفروسية الفكرية» إذ ينازلون رجلا لا ينافح عن نفسه بما يملك من العدة والعتاد، بل ربما يشعر آخرون بأنه ألقى سلاحه وهرب من ميدان المعركة كليا. وهذا الغياب نفسه هو الذي دفع آخرين، لا يتفقون تماما مع عبد الله، إلى تبني قضيته، وربما بحماس أكثر من حماس صاحبها نفسه، وهذا يجلب التشويش أكثر مما يحقق الوضوح الذي هو بغية الجميع. وقد وصفت نصوصه بأوصاف ربما توحي إلى البعض بأنهم غير مؤهلين بصورة ما لمناقشتها، وتحت مثل هذه الأوصاف ترقد أنواع من المجاملة أو الغفلة، بل حتى المبالغة والتخويف، لا يبررها لعبد الله، ماضيه أو حاضره.
من أجل تلافي هذا الخلل الذي أشرت إليه أرجو أن نوجه الدعوة لعبد الله أن يشارك في التوضيح والشرح والرد، والدفاع، عما طرحه هنا من آراء، حتى نصل إلى نتيجة ما، بضمير مرتاح وشعور وافر باللياقة الفكرية.
النص المقدم هنا يصعب أن يطلق عليه مصطلح المحاضرة، فهو ينطوي على إهمال كبير وارتجال فتك بالإبانة فتكا غير رحيم، كما به من التهافت من حيث البناء المنطقي ما قل أن نجده حتى في نصوص العوام. وهي أمور يمكن إقامة الدليل عليها بالإقتطاف المباشر من النص المبذول بين يدينا، والذي تشهد كل عبارة فيه تقريبا على ما نقول. وربما يغريني توفر مثل هذه الأمثلة بكثرة جالبة للملل، على تتبعها وإبرازها، ولكني لا أريد أن أسير في هذا الطريق. أولا لأن فطنة القراء لا تحوجني إليه، وثانيا لأنني مهتم بالمفهومي في نص عبد الله، حتى وإن توارى تحت عويش من الكلام، أكثر من طريقته في التعبير عنه. ولن أتعرض للتعبير إلا في إطار ما أراه فضحا للمفهوم الثاوي تحت طياته.
أستطيع أن ألخص أهداف محاضرة عبد الله، مع تحفظي حول الإسم، فيما يلي:
نحن في السودان الشمالي ننتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، وهي سوية يمتنع معها التمييز بين أي شمالي أو آخر، سواء كان يساريا أو يمينيا، حاكما أو معارضا، غنيا أو فقيرا، مجاهدا من أجل المشروع الحضاري، أو مناضلا من أجل السلام، مشردا عن الوطن أو ناهبا لثرواته، قاهرا لشعبه أو خارجا ضد ذلك القهر، داعية للدولة الدينية أو مناديا بالدولة العلمانية. كلنا سواء: إذا ارتكب قادة الحكومات المتعاقبة، الديكتاتورية اوالديمقراطية، أخطاء قاتلة في حق الوطن، فإننا نكون كلنا قد ارتكبنا تلك الخطايا حتى وإن كانت ضدنا. إذا شن عبود والصادق المهدي وعمر البشير الحرب ضد الجنوبيين فإننا نكون كلنا قد شننا تلك الحرب حتى وإن عارضناها. أيادينا ملطخة بالدماء حتى وإن لم يطرأ لنا يوما أن نقتل احدا ولو في الأحلام. وعقابنا جميعا واحد لأننا مشتركون كلنا في الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنبا في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا.
يقول عبد الله في تسويقه لفكرته السابقة: « أصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض، تتكلم الآن مش عن حزب كذا وحزب كذا، ومن أخطأ في حق الجنوب. وإنما بتتكلم عن قطاع، عن « ريس»، عن عنصر، ودا مهم لأنو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر، يعني في تناولنا وفي نظرنا الثقافي والسياسي، يعني نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وإنو مثلا اليسار كان أحنى بالجنوب، اليسار الشمالي، والجمهوريين الشماليين. لكن السيد الصادق والنظر العام دي الوقت يقول نحن الشمال السوداني، تتعدد اللافتات والشمال السوداني واحد. ودا مهم لأنو نحن دي الوقت بنتكلم عن ريس، كمدخل لدراسة التعقيد الجاري في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب: أنا أحسن من ديل، أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلاني وكذا وكذا.»
الفكرة الثانية المرتبطة بهذه هي أن ما قامت به الجبهة الإسلامية في الجنوب ليس أسوأ مما قامت به كل الأحزاب الأخرى وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعا، وحقيقة أن القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها وحررته بطريقة خرقاء ومأزومة.
يتبع من كون القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها، وبصورة منطقية، أن تصغر وطنها ليتطابق مع ذاتها، وأن تترك ما عداه لمن لا ينتمي إليها، وهي دعوة إلى الإنفصال، يشارك عبد الله فيها عتاة العروبيين الإسلاميين وغلاتهم.
بعد أن يتساوى الوطن مع القومية العربية الإسلامية فإن الدعوة موجهة لنا جميعا لدخول برج الإنقاذ حتى وإن كنا نكرهه لأن دخوله يعني أننا لن نراه.
وإذا كانت هذه هي القضايا الاساسية التي طرحها عبد الله في هذه المحاضرة، فما هي علاقتها بالثقافة؟
الإجابة على هذا السؤال تدخلني إلى تكتيكات عبد الله في تسويق افكاره، وفي الإيحاء للكثيرين، من خلال هذه التكتيكات، وكما ظهر في تقديم الأخ محمد عبد القادر سبيل، بأنه عالم لا يشق له غبار، وأنه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا. وهي اوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد أن تكون كلية، وخاصة بعد أن سبق عليه كتاب الإنقاذ وزلزله نداؤها من ابواب الجحيم، وهو أمر سأوضحه في نهاية هذه المساهمة.
التكتيك الأول: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى. فعندما أراد عبد الله أن ينفي حجج المعارضة السودانية في إدانة الإنقاذ لأجندتها العروبية الإسلامية الأصولية قال:
« دا ما صحيح، الصحيح هو أنو نظام الإنقاذ مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث إنو لربما كان الأخير في زمانه ولكن جاء بما لم تستطعه الأوائل من حيث البشاعة « ضحكة» لكن البشاعة، إذا شئت إنه في بشاعة أو أنو في عنف، أو في، هو مستل من شفرة أساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها، لكن تأسست بشكل أساسي في فترة الحركة الوطنية.»
فهذا الحديث المكتسي جلال الثقافة خاو تماما من المعنى. فما معنى أن يكون الإنقلاب العسكري الذي نفذته الجبهة الإسلامية عن طريق التأمر يوم 30 يونيو، مستلا من شفرة ثقافية عربية أو غير عربية؟ الشفرة الوحيدة في إنقلاب الإنقاذ هي «سر الليل» الذي استخدمه الإنقلابيون في تلك الساعات الأولى من الصباح، وهي شفرة فشل في حلها أحمد قاسم فلقي حتفه صباح ذلك اليوم، رغم ما يحمله، حسب عبدالله، من شفرة ثقافية عربية أسلامية أصيلة. وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية، كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟ ومن كان يملك تلك الشفرة: الترابي مجدد العصر، الذي هجره المفتونون به عندما فقد السلطة، أم علي عثمان الذي أكتشف البعض قرابتهم معه بعد أن آلت إليه الأمور؟ وهل الشفرة الثقافية العربية الإسلامية واحدة؟ بحيث يتساوى فيها محمود محمد طه وقاتلوه؟ هل كل مسلم هو بالضرورة أخ مسلم؟ ما هذا الحديث الفج عن الشفرات الثقافية، بينما المقصود معنى سياسي واضح هو الدفاع عن الإنقاذ وجرائمها.
لا يستخدم عبد الله الثقافة وحدها في الدفاع عن آرائه السياسية، بل يستخدم كذلك الهراء المحض. وأنا استخدم كلمة «الهراء» هنا، بالمعنى الذي استخدمها به أحمد بن الحسين، عندما فسر الهراء بأنه : « الكلام بلا معاني»:
ولولا كونكم في الناس كانوا "هراء كالكلام بلا معاني"
. فلنستمع لعبد الله مرة أخرى وهو يحاول أن يدمغنا جميعا بما أقترفه نظام الجبهة الإسلامية من خطايا في حقنا، وأقصد نحن كجنوبيين وشماليين:
« نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء، لنا إشكال في شفرة ثقافتنا، وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقاتها التاريخية بحيث أنه يصبح مفهوم الفريق الناجي ضئيل جدا. وبحيث تكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها.» ولاحظ هنا أن الإستنتاج السياسي، وهو تجريم الجميع، واضح جدا ومقيل بلغة لا لبس فيها ولا غموض، لغة سياسية صافية، أما المبررات فهي الهراء المحض الذي لا معنى محددا له، والذي يلوذ بالشفرات والرموز والدلالات والشحنات.
لقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل أنا مسؤول عن الجرائم التي حاقت بأهلي في الجنوب؟ هل ساهمت فعلا في قهرهم؟ بل هل توانيت في استخدام كل ما أملك من طاقات للدفاع عنهم من مواقعي؟ وأجبت بضمير مرتاح: أنني لست مذنبا. صادقت الجنوبيين والجنوبيات منذ نعومة أظفاري، لم أشعر بتفوق عليهم، وإن شعرت بتفوق الكثيرين منهم عليّ، ولم أحتج في ذلك إلى جهد كبير، لأنني تحررت من أوهام التفوق العرقي وأنا لم أشب بعد عن الطوق، في عام 1969 اقترحت في أتحاد طلاب جامعة الخرطوم أن نبعث لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم التي ارتكبت ف الجنوب عامي 1965 و1966، وذهبنا في وفد من أربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، هم أبدون أقاو، وحاتم بابكر، وعبد الله حميدة وشخصي، وحققنا في جرائم الملكية في جوبا، وفي مذبحة العرس في واو، وهددنا مدير المديرية الإستوائية، يوسف محمد سعيد، بالسجن لأننا رفضنا لغته المسيئة ومفاهيمه النازية، وتضامنا مع صديقنا ورفيقنا أبدون أقاو، ضد تهجمه الشخصي. وعندما عدنا إلى الخرطوم عرضنا الحقائق الدامغة في مؤتمر صحافي غطته كل الصحف في اليوم التالي، وأصدرنا إدانتنا الدامغة للجيش السوداني و قيادته السياسية. وكنا نسعى إلى المواصلة لولا قيام إنقلاب مايو بعد ذلك بأقل من أسبوع. وفي 1970 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء جمعيتي الثقافة الوطنية والفكر التقدمي إلى جوبا وواو وملكال، وعشنا مع الناس واقمنا الفصول للطلاب والاسواق الخيرية لصالحهم وحلقات محو الأمية للكبار، وساعدنا النساء والعمال على التنظيم وخرجنا من كل ذلك بصداقات باقية حتى نهاية العمر. صادقت أخوتي الجنوبيين في الجامعة، وصار «بيتر نيوت كوك» أعز أصدقائي وأعتبره عالما، ديمقراطيا، مثقفا، وقانونيا ضليعا، ضمن مثقفين وعلماء كثر يعج بهم هذا السودان. أيدت نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ أن إنشئت، وأشدت ببرنامجها ودافعت عنها في جميع المنابر دفاع من لا يلوك كلماته أو يخشي في نصرة الحق لومة لائم. وناديت في رفق من يفهم ظروفها، والتعقيدات المحيطة بها، والشروط التاريخية التي لا تملك منها فكاكا، وليس المتحامل عليها من مواقع التآمر السياسي مع الطغاة الأصوليين، إلى تحولها إلى حزب سياسي من حلفا إلى نمولي كما يعبر قادتهأ، واقمت مع هؤلاء القادة أنفسهم ومع أسرهم علاقات حميمة وقوية.
كيف إذن يحملني عبد الله علي إبراهيم بدوافع تواطئه المذموم مع الجبهة الإسلامية الخطايا التي ارتكبها القتلة والمجرمون والمهووسون في نظام الإنقاذ أو خارجه؟ وقد تحدثت عن نفسي هنا، ليس لتفرد موقفي أو شخصي، بل لإعطاء مثال محدد لا يستطيع عبد الله أو غيره أن ينازعني عليه. مع علمي أن موقفي هذا هو الموقف المشترك، وإن اختلفت التفاصيل، لمئات الآلاف من أبناء وبنات وطننا الكبير الذين لا يكنون لأخوتهم الجنوبيين سوى الإعزاز. وليس سرا أن عشرات الآلاف من أبناء وبنات الشمال قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية طوال هذه السنين، وبلغوا في ذلك شأوا لم نبلغه.
هل معنى ذلك أن « الثقافة العربية الإسلامية» وحتى في أكثر صيغها رقيا، خالية من النزعات الإستعلائية، المحقرة للآخر والمقصية له من مجال الكرامة، أو حتى من مسرح الحياة نفسها؟ طبعا لا. ولكن القول بأننا جميعا مشتركون في هذه المفاهيم الحاطة من قدر الإنسان وكرامته، هو القول المرفوض والمردود في تهجمات عبد الله الغليظة علينا جميعا. شخصيا، لا أحمل من هذه النزعات شيئا كثيرا أو قليلا، بل سخرت عمري حتى الآن لمحاربتها ودفعت مستحقات موقفي. وهنا أيضا لا أتحدث عن تفرد شخصي، بل أريد أن أقيم الحجة على عبد الله بصلابة لا يستطيع أن يتخطاها أو يلتف حولها، وأعلم في نفس الوقت أن مئات الآلاف من أبناء السودان وبناته يحملون الموقف ذاته، ومنهم من يعبر عنه بعمق أكثر مما أستطيع، ويدفع مستحقاته بتحمل أقدار من الظلم لم تطالني بنفس الدرجة. كما أعرف أيضا أن عبد الله سار في هذا الطريق لبعض الوقت، وهاهو قد سبق عليه كتاب الإنقاذ، فتنكب ذلك الطريق، وصار يقبل من الثقافة العربية نفسها أكثر جوانبها معاداة للديمقراطية والإستنارة، وتغييبا للإنسان.
ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات. فغرضه من ذلك تحقيق سوية غير متمايزة من الشماليين جميعا، ليسوقهم، بالتخليط والتشويش، وبالإبتزاز الصريح المستند إلى الجدار القمعي الحاكم في السودان، والمعتمد في المدى البعيد على مستودعات التجهيل التي أشاعتها الإنقاذ، إلى خطيئة واحدة، وثقافة واحدة ، وتاريخ غفل من الفعلة، وجرائم غاب مرتكبوها في سديم الشفرات. ولا يجد عبد الله صعوبة في كل ذلك، نتيجة للتشويش الفكري الذي يعاني منه هو شخصيا، لإفتقاره للأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات.
ماهي هذه الشفرة الثقافية يا ترى؟ ما هي طبيعتها؟ كيف نفك رموزها ومن يملك تلك الرموز؟ أيملكها حسن عبد الله الترابي أم علي عثمان محمد طه أم البشير؟ أم يملكها عبد الله شخصيا ولا يريد أن يجود علينا بأسرارها؟ أمن ضمنها الأصولية الإسلامية والدولة الدينية، والحرب الممتدة، والتطهير العرقي والإسترقاق، وإضطهاد النساء والبتر والقطع والصلب والخلافة عن الله؟ أمن ضمنها الطغيان والدكتاتورية؟ أمن ضمنها النهب الإقتصادي والأثرة والأنانية والشراهة التي تغطي عوراتها بالنصوص المقدسة؟ أمن ضمنها تقسيم البلاد إلى حاكورات يملكها أهل الإنقاذ فيسدون أبواب الرزق على كل من عداهم من أهل هذه البلاد؟ أية شفرة يتحدث عنها عبد الله؟
يسهل على عبد الله أن يتحدث عن سوية غير متميزة، لأنه يعتقد أنه يمكن حتى الآن، أن نتحدث عن المجتمع، وهو هنا المجموعة الشمالية العربية المسلمة، في تصنيف عبد الله، وكأنها «جوهر» مستقل عن خصائصه! وهو في ذلك يتخطى إلى الوراء، وفي قفزات نكوصية مذهلة، إرث أكثر من ألفي عام من المنطق الفلسفي والعلمي، وتلك نقطة سنعود إليها في غير هذا السياق.
يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.
إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد. وهذا قول يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. كما لا تتعارض مع المسيحية أو الديانات العريقة المبجلة للطبيعة او للجوهر الإنساني، ولا تتعارض مع علوية الإنسان من حيث هو إنسان، بل تمتد بهذه العلوية إلى آفاق أكثر رحابة باستمرار, وتتسع الهوية السودانية الجامعة لكل الهويات العرقية الأصغر، ومنها الهوية العربية بخصائصها السودانية التي وصفناها. أقول السودانية، وأعتبرها مركز جملتي، لأن الأوطان تصبغ خصائصها وتعطي إسمها لكل الجماعات الوافدة عليها، وحتى وإن كانت وفادتهم تدشينا لعهد جهد جديد، ومرحلة تاريخية متطورة. وهي تعطيهم إسمها، وسماتها، وخيراتها، وتفرض عليهم واجبات حمايتها، وتصوغهم وفق قوانين اجتماعها، في نفس الوقت الذي تتسع لمواهبهم وثقافاتهم وألسنتهم وأديانهم أو تتبناها. وهذا أيضا يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. ولا ترفض الهوية السودانية الجامعة بالطبع، اللغة العربية، ولكنها لا ترفض كذلك اللغات الأخرى بل تحتفي بها. ونسبة لحاجة الجماعة الموحدة في الوطن إلى لغة مشتركة، فنحن نرشح اللغة العربية لتكون ذلك الوسيط، على أن تتطور هي نفسها لتكون لغة عالمية، علمانية لا يشعر المتحدث بها أنه ملزم، لهذا السبب، بالإيمان بدين غير دينه. أي فك الإرتباط الأيديولوجي بين اللغة والمكونات الثقافية الخاصة بجماعة في الوطن دون سواها، وتوسيع القطاع العلماني في التعبير بطابعه الإنساني الشامل، المتمايز عن الخطاب الديني الأصولي، الذي يحاول في كل مناسبة أن يستر ضعفه ويخفي تهافت منطقه، بالتحصن والتسلح والتصفح، بالنصوص المقدسة التي يحرفها عن مواضعها ويستغلها في استدامة أنماط تفكيره وإحكام أدوات سيطرته على العقول. وهو ما فعلته كل اللغات المتطورة في العصر الحالي، دون أن تكون عاجزة بالطبع عن التعبير عن القيم الدينية لمن يريد أن يعبر عن تلك القيم. ويتبع ذلك رفع الحرج، التأصيلي، الذي ابتليت به اللغة العربية على أيدي بعض ممثليها من حراس القديم، والمتمثل في تحفظها في الأخذ من اللغات السودانية الأخرى، من نيلية وحامية ونوبية بدويت، ومن الدارجة السودانية وترقية تعابيرها ورفعها كل يوم إلى مصاف اللغة الفصحى، كما ترفع الفرق الكروية التي تتميز في أدائها إلى المستويات الممتازة، باعتبار هذه اللغات هي المستودع الذي لا تنضب مياهه للتعبير اللغوي المعاصر والمتطور والذكي والطريف. وباعتبار قربها من الوجدان الشعبي ومقدرتها على التعبير عن أدق خلجاته. ويمتد رفع الحرج إلى الأخذ من اللغات العالمية كل ما تحتاج |ليه لغتنا لتكون بالفعل لغة للعلوم والفلسفة والإزدهار الأدبي والثقافي. ونخص هنا اللغة الإنجليزية، مذكرين بما حدث لهذه الأخيرة نفسها في بداية النهضة الصناعية، إذ تمثلت في ظرف عدة سنوات أكثر من عشرة ألاف كلمة من اللغة الفرنسية التي كانت أكثر تطورا منها، ليس في مجال اللاهوت، بل من حيث قابليتها للتعبير عن النهضة العلمية الكاسحة التي شهدتها بريطانيا في ذلك الوقت. ولا يساعد على تطور اللغة العربية في هذا الإتجاه، خطاب المهووسين من الأصوليين، الذين يريدون أن يوحوا في كل ما يكتبون بأن إجادة اللغة العربية مرتبطة باعتناق الإسلام. كما لا يساعد فيه ما يوغل فيه بعض اليساريين السابقين، من إبداء طقوس تدينهم في كل حرف يكتبونه، تملقا للمهووسين. وليربأ هؤلاء بإيمانهم من هذا الإستخدام غير الوقور. وهم على كل حال لن ينالوا رضا الأصولين ولن يأمنوا شرهم عن هذا الطريق. فأنت لا تأمن شر الإنقاذيين إلا بالإذعان لهم، إذعانا كليا، أو النهوض في وجوههم وكسر شوكتهم. فهم يفضلون الإذعان على الإيمان، في حالة التخيير بين هذا وذاك. وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فجنود إبن العاص كانت تصد أفواج الفلاحين المصريين عن دخول الدين الجديد، لأنهم حينها لن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والصغار هو الإذعان كما تعلمون. نرشح اللغة العربية، ونعتقد أنها يمكن أن تقوم بهذا الدور، دون استبعاد لأية لغة أخرى، وتجيئ المسألة كاقتراح لأن المجال مفتوح أمام تنافس لغوي لا يمكن حسم نتيجته بصورة مسبقة. وهذه أيضا من أمهات القضايا التي لا بد أن يدور حولها الحوار المفتوح والمثقف.
« الجماعة العربية الإسلامية »، التي يتحدث عنها عبد الله علي إبراهيم، هي جماعة عربية نقية العروبة، لم تخالطها دماء زنجية أو حامية، ربما لأن الجماعة العربية الإسلامية التي جاءت إلى السودان، أبادت شعبه الأصلي، من بناة الحضارات القديمة، الذين تمتد جذورهم إلى ما وراء التاريخ، والذين اختلطوا بهذه لأرض، يأخذون سيماءها وتأخذ سيماءهم، ويغيرونها بالفعل المديد، وتمتد فيهم وتخالط منهم الدماء. ربما أبادتهم القبائل العربية الباحثة عن الأرض والفضاء والماء والمرعى، والضائقة بمن لا ينتمون إلى شفرتها الجينية من الشعوب.« يسميها عبد الله الشفرة الثقافية» ربما ابادتهم هذه القبائل، لأننا لا نجد عند عبد الله تفسيرا لمقولته الذاهلة، حول النقاء العرقي لهذه القبائل، وحول أختفاء هذه الشعوب التي صارت أثرا بعد عين. إن أقل إتهام نوجهه لعبد الله هنا، هو أنه ذاهل كليا عن النتائج المترتبة على مقولته، وأنه عن طريق الخرق " بفتح الخاء والراء" الفكري القليل المثال أزال شعبا كاملا من الوجود دون أن يشعر أنه مطالب بأن يقول شيئا، ولو قليلا، عن هذه الصور التوراتية لزوال الشعوب. فهل جاءت القبائل العربية بنظرية عرفناها بعد ذلك عند اليهود، وهي قصة شعب بلا أرض، يبحث عن أرض بلا شعب؟ ولكن التاريخ والحقيقة أكثر حكمة من عبدالله، وأحكم منه كذلك جميع المؤرخين وعلماء الأنثربولوجيا والآثار، الذين قالوا، وأطنبوا في القول، أن الجماعات العربية الوافدة إلى السودان اختلطت بشعبه، وأن اختلاطها قد أذاب العنصرين في هوية جديدة، لا يمكن أن نسميها عربية خالصة إلا بمصادرة غافلة عن الحقيقة والواقع، ولا نفعل ذلك إلا لأننا نحقر جزء أصيلا من مكونات الهوية الجديدة، مما يفتح الأبواب لانفصامات النفس وفساد الوجدان وخلل العقل. ولا أحب أن أوحي من قريب أو بعيد، بأن عملية الإختلاط هذه شملت الجميع من العنصرين، بل لا أستطيع أن أحدد لها نسبا كمية دقيقة. كما لا أحب أن أتبع المنهج الشيلوخي في تقسيم الإنسان إلى أرطال من اللحم أو أوقيات من الدم، أضع لها قيما متفاوتة كما يفعل القصابون. ولكني اقول باطمئنان أن هذا الإختلاط وإن لم يشمل أغلبية العناصر السودانية العريقة، فإنه شمل الاغلبية العربية الوافدة، ودون أن يحط من شأن هؤلاء أو يعلي من أقدار أولئك. وهذه هي الحقيقة الهامة فعلا، وهي وحدها كافية لدحض مقولة عبد الله عن النقاء العرقي العربي.
والجماعة العربية المسلمة، في تعريف عبد الله، أصولية العقيدة محكومة بالشريعة الإسلامية في اقصى صورها بعدا عن العصر، وهي دعوة دعا إليها عبد الله مرارا وتكرارا، وطالب الآخرين بالإنتماء إليها. والجماعة العربية الإسلامية إنقاذية الإنتماء السياسي، منكفئة على ذاتها، رافضة للآخرين، كارهة للتعددية بكل أشكالها وألوانها. إنها سوية أيديولوجية غير متمايزة، مقولة ذهنية في ذهن مرهق مكدود، ذاهل عن العصر. أقول لعبد الله ولأمثال عبد الله، إنني شخصيا لا انتمي إلى هذه المقولة الذهنية. فليكف عن تصنيفي على هذا الأساس. إنني أنفي عن نفسي فكرة النقاء العرقي، بل تجري في عروقي دماء الأقوام السودانية العريقة، كما تجري في عروقي دماء عربية لا أنكرها ولا أتيه بها على الآخرين. وعندما أتحدث عن الدماء فإنني أتحدث بكثير من المجاز، لأن الموضوع الوراثة يتعلق بالحامض النووي، وبالمورّثات عموما، والتي تعطي الفرد خصائصه الجسدية، ومصطلح الدم، كمحدد للهوية، مثله مثل مصطلح القلب كمكمن للعواطف، مصطلح مجازي تخطته العلوم. ولا فرق بين دماء عربية أو زنجية، حامية أو سامية، ملكية أو عامية. كما يمكن للإنسان أن يغير دمه كليا ولا تتغير هويته في قليل أو كثير، وهو أمر يحدث أمام أعيننا كل يوم. ولا يقتصر الأمر على الذين يغيرون دماءهم لأمراض تصيبهم، بل إن الناس جميعا تتغير دماؤهم كليا أو جزئيا عدة مرات في العام الواحد. وقد آن لنا أن نتحرر من جهالاتنا "الدموية"! الدم حامل للحمض النووي ولكنه متمايز عنه تمايزا كليا. وإذا كان الأمر لا يتعلق بدماء نقية أو ملوثة، نحسها تجري في عروقنا، بل يتعلق بشفرة جينية، تكاد أن تكون، من فرط دقتها، مفهوما رياضيا، فإن جوهر المسألة يصبح هو قبولنا لأنفسنا وتأمل ذواتنا في مرايانا الخاصة، وليس النظر إليها بمرايا الآخرين. حينها سنكتشف كم هي جميلة هذه الهوية السودانية، وكم هي متمايزة عن الآخرين في نفس الوقت. ولكن مرايانا نفسها تحتاج إلى التطوير والصقل، لترى تلك القوى الهاجعة في بطن هذه الأم الرؤوم المعطاءة، "المملوءة الساقين أطفالا خلاسيين." وحينها سيكتشف السودانيون أن ما يطلبونه، أي يبحثون عنه، " قد تركوه ببسطام" كما نقل عبد الحي عن فتوحات إبن عربي المكية. فقد تميز السودانيون في كل أرض حلوا بها، لأنهم يملكون طاقة التميز والفوت، عندما يتعلق الأمر بالخصائص الجوهرية في الإنسان، أي علمه، وعمله، وأخلاقه وكرامته. أي لم يكن أكثرهم تفوقا، بالضرورة، أولئك الذين يحملون سمات خارجية أقرب إلى تلك المجتمعات الجديدة التي حلوا بها. ومن يتأمل هذا الأمر يعود إلى ذاته راضيا عنها مرضيا.
أتحدث عن نفسي في قضية الهوية، لدوافع ذكرتها تتعلق بالإختيار، وهذا زمن الخيارات الحاسمة، ولكني أعتقد أن ما أقوله عن نفسي ينطبق بصورة أو أخرى، وبهذه الدرجة أو تلك على كل هؤلاء المتحاورين حول الهوية، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، كما ينطبق على زعمائنا جميعا دون استثناء. ينطبق على الشريف زين العابدين الهندي، الذي قال أننا جئنا إلى هنا وتزوجنا الإفريقيات، ومن هنا جاءتنا هذه "الشناة"، في مناسبة حضرتها شخصيا، وفي قول أورده صديقي الباقر العفيف الذي تناول الهوية وكتب عنها ما لم يكتبه سواه، وحلل كلمات الهندي بما لا يحتمل الزيادة، كما تنطبق على أحمد الميرغني، وعلى أخيه محمد عثمان، وعلى الصادق المهدي، وعلى حسن عبد الله الترابي، وعلى محمد إبراهيم نقد وعلى عثمان محمد طه وغير هؤلاء. وقد طالبت هؤلاء جميعا، بأن يبرزوا " أشجار نسبهم" السودانية الحقيقية، التي يخفونها كما يخفي المرء عورته، كما ابرزوا من قبل أشجار نسبهم العربية المؤسطرة والمتخيلة، لأنهم إن فعلوا ذلك، فإنما يقدمون لأهلهم خدمة جليلة، تفتح لهم الطريق إلى التصالح مع أنفسهم، وإطراح الأوهام التي تضر ولا تفيد، عن أصلهم المتميز والمتفوق.
ثم يصل عبدالله بعد ذلك إلى قمة محاضرته، وهي في نفس الوقت قاعها، وهي دعوة الجميع إلى دخول برج الإنقاذ. يقول: « في هذا الصدد أري إنو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمي إلى النظم السيئة، مش النظم السياسية. ننتمي إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسوء. بقول كان البروفسور إدوارد سعيد ضرب مثل، وأنا أستعين بيهو هنا، قال إنو في كاتب فرنسي كان يكره برج أيفل جدا، لا يطيق رؤية برج إيفل، وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي، ويصبح برج إيفل بالنسبة له شبح وكذا، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل. قيل له: ليه. قال، لانو تلك اللحظة الوحيدة التي لا أرى فيها البرج «ضحكة». فيا أخوانا نظام الإنقاذ أنا بصفه بأنه برج أيفل لينا « ضحكة ». لا نطيقه، مزعج، كلنا عندنا مواقف حتى أنصاره « ضحكة ».»
دعوة عبد الله هنا هي أن ندخل برج الإنقاذ « ونأكل» منه حتى لا نراه. وهو يستعين على دعوته هذه، بالأمثلة، ويعاني في طرحها حرجا عظيما تنوء به الجبال، تظهره الضحكات العصبية المستوحشة، وتظهره العبارة المتهالكة، المستعصية على الفهم، ويظهره تداخل الكلام بعضه في بعض، و الزوغان في نهاية العبارة من معناها الواضح الصريح. ما الذي يجبر عبد الله على كل هذا العناء وهو المشفق على الجميع من الإرهاق؟ ودعونا هنا نناقش المثال الذي أورده عبد الله، وهو يقع في مجال المجاز، وإذا كانت لعبد الله مساهمة متميزة فهي في مجال المجاز وحده وليس سواه. رجل وحيد، غريب الأطوار، يكره برج إيفل، وليس غريبا أن يكون الرجل وحيدا وغريب الأطوار، لأن من يكره إنجازا حضاريا مثل برج إيفل يجب أن يكون كذلك. فهو يكره إنجازا حضاريا يمثل مصدر فخر للشعب الذي شيده، وتفخر به البشرية في عمومها لأن من عاداتها أن تفخر بمثل هذه الإنجازات. هذا الرجل يعتقد أن برج إيفل هو مظهره الخارجي وحده، أي هذا الإمتداد الفولاذي الذي يشق عنان السماء، وليس باطنه، بما فيه من عجائب هندسية ورؤية ساحرة، وأماكن للترويح عن النفس من ضمنها المطاعم التي يأكل فيها ذلك الرجل. رجل يجهل حقيقة يدركها كل الناس وليس السواح وحدهم، وهي أنك عندما تدخل برج إيفل فإنما تراه بصورة أفضل، بل يعتقد أنك إذ تدخله لن تراه. ما الذي يقابل هذا الرجل عندما يتعلق الأمر بمن يكرهون الإنقاذ؟ وما الذي يقابل برج إيفل عندما يتعلق الأمر ببنائها الداخلي؟
إن حقائق الواقع الماثلة تقول أن الاغلبية الساحقة من شعب السودان تكره الإنقاذ، لأسباب أقوى بكثير من تلك الأسباب التي تحمل بعض الشعوب على كراهية حكوماتها. والاغلبية الساحقة إن كرهت نظاما سياسيا فإنما تسقطه ولا تدخله. وهذا هو الطريق الذي يسير فيه شعب السودان حاليا، بعد أن ساعدته الحركة الشعبية لتحرير السودان على قطع نصف الطريق. ومهما تغيرت الأساليب فإن الغاية واحدة، وهو إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه طوبة طوبة، طال الزمن أم قصر. ولكن ذلك سيحدث عن طريق صعود الشعب السوداني مراقي جديدة في التمسك بحريته وحقوقه، وامتلاكه أدوات جديدة، سلمية في غالبها. وهذا أمر طبيعي فالإنقاذ بكل ما تمثله من فكر وممارسات عملية ليست سوى بثور علقت بهذا الجسم الجميل وهي لا شك زائلة. وهذا من طبائع الأشياء لأن الشعب الفرنسي، وليس ذلك الرجل الغريب الأطوار، إذا كره برج إيفل، فإنه سيقتلعه من " الجذور"، ليزيل الأذى عن خط باريس السماوي. ومن الناحية الأخرى، هل يمكن المقارنة بين الإنجاز الحضاري المتمثل في برج إيفل، و"المشروع الحضاري" المتمثل في الإنقاذ؟ ندخل برج إيفل فنأكل الفروي دوميغ، والكوت دو بوف،والفياند سينيان، وبعضنا يأكل شكروت الألزاس، وما يصاحبها من الأجبان والنبيذ المعتق.
فماذا نأكل عندما ندخل الإنقاذ؟ عبد الله نفسه يعطينا مثالا عمليا على ما يمكن أن نأكله، فمن ضمنه الدعوة الصريحة إلى الباطل الصريح ومن على رؤوس البيوت، وخيانة المثقف لواجبات التنوير وإستخذاؤه للطغاة، فقط لأنهم طغوا. وهو طريق لم يختره أولئك الفتية الذين حاضرهم عبد الله في أبي ظبي، أو نشر عليهم افكاره في السودان وفي بلدان الشتات. خيانة النفس، إذن، والتنكر لرسالة المثقف ، هي أفضل وجبة يمكن أن تقدمها إلينا الإنقاذ. ولكن ليس ذلك بالنسبة لها سوى "المقبلات". إذ تجيئ بعد ذلك الوجبة الرئيسة وهي مشاركتها في خطاياها جميعا، المكسوة بالقمع والمتوجة بالإبادة الجماعية للاقوام والشعوب، أما " التحلية" فهي إقامة الرفاه المادي للقلة الغليظة الحس، على خلفية من الإفقار المطلق لشعب كريم. "ثم ثانيا" كما يقول أحد أصدقائي وهو يطرح نقطته الخامسة: إذا كان ذلك الرجل يأكل في برج إيفل ويذهب إلى بيته، فهل يمكن الأكل في برج الإنقاذ والخروج منها بعد ذلك، وكل ليلة؟
أقول لصديقي عبد الله: دعوتك مرفوضة يا " أخا العرب"، لأنه مهما بلغ حب الناس لك، فإنه لا يبلغ مبلغا يجعلهم يختانون أنفسهم. فهم لم يحبوك على باطل، بل أحبوك على حق. فهل تسير وحدك في دربك الموحش؟ هل تواصل وحدك " رحلة بائسة"؟ هل تتوغل وحدك في صحراء الإنقاذ؟ هل تخوض وحدك في وحلها؟ وهل صار حتما مقضيا أن تقطع رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واحدة؟ الخيار خيارك يا عبد اللهّ. وأقول "وحدك" مشيرا إلى وحشتك في قطيع من الذئاب، وليس إلى خلو المكان من الآخرين، ومنوها بمجدك الذي بنيته على بسط ثوب الإستنارة عندما كتبت عن " الناس والكراسي" مذكرا اللبراليين الذين تعثرت ألسنتهم عن إدانة العدوان البربري على تراث الشعب، الذي قامت به عام 1968 هذه الفئة نفسها التي تدعو الناس إلى دخول برجها اليوم، بتلك اللحظات التي تعثرت فيها أرجلهم في باحات الرقص والمخاصرة في جامعات الغرب، وبذلك الفرح الخجول الذي لا يريدون أن يدفعوا مقابله شيئا.
سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.
في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الإعتذار": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الإستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. ( ترجمة غير رسمية). "رحلة " عبد الله القاسية من بداية محاضرته وحتى نهايتها أثبتت شيئا عكسيا تماما لمسيرة سقراط. فقد وضح أن هذا المفكر الوحيد في السودان، إن كان في السودان مفكر، كما قال مقدمه الكريم، هو الأكثر جهلا بموضوعه من جميع الذين كان يحاضرهم. ولا شك أنهم كانوا يمدون أرجلهم قليلا قليلا، كما فعل أبو حنيفة، كلما أوغل المحاضر في باطله وهرائه، حتى مدوها عن آخرها في نهاية المحاضرة، هذا إذا لم يفكر بعضهم في إطلاقها للريح. وأكاد أرى صديقي محمد الحسن محيسي، المتبحر في كثير من ضروب المعرفة، وهو يفعل ذلك تحديدا. وأحصر المقارنة مع سقراط هنا فقط، فالمقام لا يسمح بالحديث عن محاكمته وموته.
وأخيرا، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزنا كبيرا. وهو يعتقد أنه بالقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. أنظر إلى إشارته إلى موت جوزيف قرنق "الباسل"، مع أن محاضرته تلزمه أن يقول أن جوزيف قرنق مات من أجل قضية ليست قضيته، مات من أجل جماعة شمالية عربية مسلمة لا ينتمي إليها، مات من أجل وطن يضع عبد الله يده حاليا في أيادي من يريدون تمزيقه، وتقليصه ليكون في حجم مقدراتهم على القهر والتنكيل والسيطرة. أقول لصديقي عبد الله، خيارك الحالي يمكن ألا يكون نهائيا، إذا التفت قليلا إلى الوراء لترى أن مطارديك أصابهم الإعياء و " و الإرهاق غير الخلاق"، وبالرغم من أنهم لم يكفوا عن المطاردة إلا أن الصمود في وجههم ممكن وميسور، وقد استطاعه كثيرون لم يدقوا الطبول إعلانا عن صمود، فكيف تدق الطبول إعلانا عن هروب؟



Post: #153
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-05-2006, 02:53 PM
Parent: #152

للمهتمين من الإخوة والأخوات غير الأعضاء بالمنبر نورد أدناه عناوين البريد

الأليكترونية للأساتذة المتداخلين في البوست موضوع النقاش لتسهيل إمكانية

المشاركة بإبداء رأيكم حول مساهماتهم القيمة

أسامة الخواض
[email protected]

عجب الفيا
[email protected]

محمد سيد أحمد
[email protected]

منصور المفتاح
[email protected]

Post: #154
Title: في القراءة الخاطئة للمصطلح:انكار المصطلح نموذجاً
Author: osama elkhawad
Date: 10-06-2006, 02:14 AM
Parent: #153

في القراءة الخاطئة للمصطلح:
حول انكار المصطلح
:


في مقاربتنا للقراءة الخاطئة ،
نلحظ الآن مقاربة للمصطلح ترتكز على انكار وجود المصطلح اصلا في الخطاب الثقافي،
و تعزو تلك المقاربة الناكرة للمصطلح ذلك،
لسبب محدد،
نتيجة جهلها بذلك المصطلح.

الراحل لمقيم الخاتم عدلان،
و الاستاذ الفيا،
يمثلان كون ان المرء لا يعرف مصطلح من يناقشه،
لكن موقف كل منهما مختلف.

فبينما حاول الخاتم عدلان ،
ان يرتكز على موقف شبه مستريب تجاه معرفته ،
نجد ان الفيا قد انطلق من موقف اطلاقي ،
ينفي وجود المصطلح،
وقد كرّر الفيا معي ذلك ،
حين زعم انني اختلقت مصطلح الكناية الثقافية ،
وسنعود للتدليل على كلامنا بالاستشهادات.
أرقدوا عافية
المشاء

Post: #155
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2006, 02:43 AM
Parent: #1

تشكر اخي العزيز منصور المفتاح على هذه البادرة التوفيقية فيما يتعلق باستخدام كلمة البوتقة. انا شخصيا لست مصرا على كلمة البوتقة للتعبير عن التجانس والتلاقح الثقافي الذي يحدث في اي بلد من البلدان او حتي على مستوي العالم فيما يعرف بالعولمة التي يبشر يها اسامة الخواض دون ان يدري انه بذلك يناقض منطق خطابه في نقد الغابة والصحراء .

الحقيقة اذا لم تخني الذاكرة انني ابديت تحفظاتي على كلمة بوتقة منذ ان اثارها الخواض في بوست الافروعربية . وذلك خوفا من فهمها فهما حرفيا كما فعل الخواض . انا افهم البوتقة فهما مجازيا رمزيا تقريبيا بمعنى الوطن . وهنا اتفق معك في اشاراتك الثاقبة الى ان المسالة تقريبية وليست حرفية كما تفضلت . فهي لا تعني الذوبان الكامل للخصوصية الثقافية والاثنية بل تعني الانتماء لوطن واحد .
واي وطن لكي يستحق كلمة وطن لا بد من توفر وتضافر عدة عوامل منها الجغرافي والتاريخي والديني والثقافي والاثني والتي تحقق فيما بينها قدرا من التجانس الذي يشكل اساسا لقيام وحدة وطنية . هذه الوحد الوطنية في نظري هي البوتقة اذا كان لا بد من استعمال كلمة بوتقة . فليسميها من شاء البوتقة ويسميه آخر التعددية الثقافية او الوحدة في التنوع ، ففي كل الاحوال لا بد من رابطة وطنية تبرر بقاء الجميع في وطن واحد .

Post: #156
Title: Re: حتى لا يتحول النقاش الى حصة تسميع مصطلحات !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2006, 03:17 AM
Parent: #1

تشكر الاستاذ الفنان عبد الله الشقليني
على تفضلك بايراد رد الراحل المقيم الخاتم عدلان على الدكتور عبد الله ابراهيم
وكنت قد اشرت انا في هذا الخيط ردا على الخواض انه علينا ان نتجاوز الوقوف الشكلاني عند المصطلحات الى مناقشة القضايا الجوهرية . علينا ان ننقاش ماذا يريد ان يقول الدكتور عبد الله ابراهيم من خلال استخدامه لمصطلح : شفرة ثقافية !! وما هي الشفرة الثقافية التي يبشر بها ؟
وكنت قد ذكرت في هذا الخيط ان الانكار على الدكتور استعمال هذا المصطلح لم يكن موفقا ولكن علينا الا نجعل من ذلك جوهر النقاش حتى لا ندور في حلقة مفرغة . يجب مناقشة افكار الدكتور عبد الله ، لا ان نحول النقاش الى حصص لتسميع المصطلحات .
فالمصطلح وسيلة وليس غاية وكل تخصص له مصطلحاته ،القانون له مصطلحاته وعلم الاجتماع له مصطلحاته ولكن هذا لا يمنع الذين هم خارج التخصص المعين من مناقشة القضايا في هذا التخصص او ذاك خصوصا في العلوم الانسانية كعلم الاجتماع هو التخصص الذي يجمع بين الخواض والدكتور عبد الله على ابراهيم .
العبرة هي كيف نستطيع ان ننزل المصطلح من برجه الاكاديمي الى ارض الواقع .

Post: #157
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2006, 03:44 AM
Parent: #1

خلاصة رد الخاتم على الدكتور عبد الله والذي يصب في صلب هذا النقاش هو قوله :
Quote: يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.
إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد.

وهو بذلك يرد على قول الدكتور عبد الله الوارد في خاتمة مقالة "تحالف الهاربين "

"إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا "

كذلك يرد علي قوله في محاضرة ابو ظبي التي قال فيها انه: معنى بشان الجماعة العربية المسلمة بشمال السودان وان الشفرة الثقافية لهذه الجماعة هى القومية العربية. وان اس البلاء ومثار النزاع الحالى فى السودان هو ان هذه الجماعة العربية الاسلامية عندما ارادت ان تبنى وطنا بنت وطنااكبر فى رقعته من رقعتها. وان من بعض متاعبنا هو هذا الخليط من الهويات .
وقال :ان نظام الانقاذ مستل من هذه الشفرة ،شفرة الثقافة العربية الاسلامية.وهو لذلك يصفه ببرج ايفل ويقول :ان هناك كاتبا فرنسيا يكره برج ايفل جداولكنه مع ذلك كانت يذهب اليه لتناول وجباته فيه لما سئل عن السبب ،قال ان اللحظة الوحيدة التى لا يرى فيها البرج هى لحظة دخوله فيه؟؟"

وهكذا علينا ان ننقاش افكار الدكتور عبد الله دون التمترس خلف درق المصطلح

Post: #158
Title: Re: وهل أخطأ الدكتور في ترجمة المصطلح ؟!
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2006, 06:17 AM
Parent: #1

في بدايات هذا البوست اقحم الخواض مصطلح cultural metaphor
ثم قام من تلقاء نفسه بايراد ترجمة هذا المصطلح الى : " استعارة ثقافية " .
ولكنه ما لبث ان عاد وقال انه أخطا في ترجمة المصطلح وان الترجمة الصحيحة هي الكناية الثقافية ليست استعارة ثقافية . وفي محاولة تخلو من اللباقة واحترام ذكاء القاريء حاول تجهيلنا وتقريعنا لاننا لم ننبهه الى هذا الخطأ !!
وقد رددنا عليه بان الترجمة يحددها السياق وهو لم يات بالسياق لذلك يمكن ان تكون استعارة ثقافية او كناية ثقافية ، وان الكناية هي الرمز . ولكنه اصر على التمسك بتعبير "الكناية الثقافية " زاعما ان اي ترجمة اخرى من قبيل استعارة او مجاز هي ترجمة قاموسية تنطوي على جهل بالمصطح .
ولكن فات على الخواض ان استاذه الدكتور عبد الله ابراهيم نفسه لم يستعمل كلمة كناية وانما استعمل كلمة مجاز . يقول في مقالة "تحالف الهاربين " :
Quote: فقد وقع مجاز " الغابة والصحراء " للشاعر النور عثمان وهو في محيط أوروبا الحضارى
قال مجاز . ولم يقل كناية كما يريد الخواض !!
اي انه استعمل المعنى القاموسي - حسب وصف الخواض !!!
والآن ما راي الخواض : هل اخطأ استاذه ، الدكتور عبد الله على ابراهيم ، وشريكه في التخصص في ترجمة مصطلح ؟ ام انه يجهل المصطلح هو الاخر ؟ ام ان ما ذكره الدكتور صحيح وباالتالي يكون الخواض قد اخطا مرتين في ترجمة المصطلح ؟؟!!

اما نحن فراينا هو : لا هذا ولا ذاك . فمجاز صحيحة وكناية صحيحة ورمز صحيحة كذلك . والاخيرة هي الاكثر شيوعا في لغة اليوم كما اشرنا الى ذلك منذ البداية . فمن المفضل القول : رمز او رمزي الغابة والصحراء .
شفت كيف التمسك بالشكلانية والحرفية يؤدي بصاحبه الى الارباك والتناقض وتضييق الأفق المعرفي .
وهذا هو كلام الخواض حول تخطئة نفسه بلا مبرر في ترجمة المصطلح :
Quote: احب ان اسلط الضوء على ما اطلقنا عليه :

Quote: القراءة الخاطئة


و ان يرتكز الكثيرون في فهمهم للمصطلحات على المعنى القاموسي،
المتعدد الدلالات,
وكذلك على أن فقر المعرفة بالموضوع المحدد للنقاش،
يقود الىفقر معرفي.

وساضرب مثلا مفترضا.

لو قلت لعبد الله علي ابراهيم ،
انك تتحدث عن الاستعارات الثقافية،
فكان سيقول لي ،
انت تقصد الكنايات الثقافية،
ذلك انه ملم بحقله تمام الالمام.

لقد أخطات في ترجمة كلمة Metaphor
ذلك ان الاستعارة دوما تقابلها الكناية،
وهذا ليس مبررا مقبولا،
لكن علينا ان نكون مدركين ان من مهامنا ككتاب ان نملِّك القراء المعلومات الصحيحة،
و أن تكون لنا القدرة على الاعتراف بالخطأ.

وفي المقابل اذا تكررت اعتذاراتنا ،
فهذا يعني اننا نمتلك قدرا كبيرا من الخفة المعرفية.

كنت اتوقع من الاخ الفيا،
أن يصححني ،

Post: #159
Title: Re: وهل أخطأ الدكتور في ترجمة المصطلح ؟!
Author: munswor almophtah
Date: 10-06-2006, 07:01 AM
Parent: #158

فمجاز صحيحة وكناية صحيحة ورمز صحيحة كذلك . والاخيرة هي الاكثر شيوعا في لغة اليوم كما اشرنا الى ذلك منذ البداية . فمن المفضل القول : رمز او رمزي الغابة والصحراء .

الأخ الأستاذ عبدالمنعم لعمرى ذلك قمة التقريب والتوفيق فى إظهار ما غمض من بعض مرتكزات الخلاف أو التى تبدو خلافا ولكن بالتدقيق يبين وضوح المقصود والهدف السامى الذى من أجله أنفق ذلك الجهد الجبار منذ تاريخ بدايات تلك المفاهيم عن الغابة والصحراء وما لازمها من شروحات حتى ظهور مصطلح البوتقه والشفره الثقافيه والتى ما هى إلا دلالات أو ترميز للتنوع والتعدد الأثنى والإجتماعى والتاريخى والفيزيقى والميتافريقى والسايكولجى والآيكولجى لوطن واحد وأحسب أن بالوصول لتلك القناعه نكون قد كشفنا غموض الشفره التى أثقلت كاهل الوطن بالإحتدام المرير ليقر ويعترف بحقيقة تعدديته.....................................



فتح الله عليك يا أيها العبدالمنعم وأتمنى أن يوافق الأخ الأستاذ أسامه الخواض بأن لا خلاف حقيقة فى الموضوع ولكن فى لغة وصفه التى يمكن تجاوزها بالإقرار والإعتراف الواعى وليس فى ذلك منقصة ولكن قمة الوعى والإدراك لما ينبغى أن يكون..................................



منصور

Post: #160
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-06-2006, 12:00 PM
Parent: #1



الأحباء هُنا :

لعمري إن الكأس نضاحة بالإغراء ،

وفتانة بجيدها الذي يلتف كغصن مُزهر .

أرى أن ( الشفرة الثقافية ) : كتاب وريق ،
وبحر أعمق مما نتصور .

أرى أن الكاتب الذي يستخدمها في حاجة ليوضح لنا :

1/ ما الشفرة...، ويفصل مقصده بدقة ؟ .

2/ أي ثقافة... يتحدث عنها ، فالثقافة جسد متضخم ،

يتعين تفصيله ؟ .

وددت لو وسعني الزمان لمبحث يحتاج كثير جُهد في مسألة ،

( شفرة دينية لاستثارة سلوك القطيع ) :

ربما يكون موضوعاً آخر .. له وقته ومقام آخر ..

شكراً للجميع


Post: #161
Title: Re: انها القومية العربية الاسلامية يا شقليني !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2006, 02:02 PM
Parent: #1

كتب الاستاذ الشقليني :
Quote: أرى أن ( الشفرة الثقافية ) : كتاب وريق ،
وبحر أعمق مما نتصور .

أرى أن الكاتب الذي يستخدمها في حاجة ليوضح لنا :

1/ ما الشفرة...، ويفصل مقصده بدقة ؟ .

2/ أي ثقافة... يتحدث عنها ، فالثقافة جسد متضخم ،

يتعين تفصيله ؟ .

استخدم الدكتور عبد الله مصطلح شفرة ثقافية في محاضرته التي اقامها بابوظبي والتي افرغتها وانزلتها هنا في هذا المنبر . وبالاطلاع على المحاضرة يتبين لنا بكل سهولة المعنى الذي قصده من استخدامه لهذا التعبير . واليك هنا المقاطع التي ورد فيها هذا التعبير كما جاء في نص المحاضرة :

" .. يعنى دى الوقت الناس مثلا في المعارضة الشمالية يقولوا ليك نظام الانقاذ : هو الذي والذي والذي فعل والذي كذا ويمثل كذا والأجندة العربية . ودا ما صحيح الصحيح هو انو نظام الانقاذ هو مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث انو لربما كان الأخير في زمانه لكن جاء بما لم تستطعه الأوائل مــن حـيث البشاعــة ( ضحكــة ) لكن البشاعة ، إذا شئت انو هناك في بشاعة أو انو في عنف أو في ، هو مستل من شفرة اساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها لكن تشكلت بشكل أساس في فترة الحركة الوطنية السودانية ، نحن بنتكلم تقريبا عن العقد الثاني من القرن الماضي والثالث والرابع والخامس حتى نلنا استقلالنا ، الحركة القومية الشمالية تشكلت في واقع عربى اسلامي ، في كلية غردون وما تفرع منها من الكلية الجامعية أو كذا وحركة الخريجين ومؤتمر الخريجيين . وكانت هذه الجماعة ترنو إلى العرب يعنى دعنا نلخص : أمة أصلها في العرب دينها خير دين يحب . هذه كانت شعاراتهم . كل الكلام عن العروبة وكل الكلام عن الاسـلام . وكانت الصلات واشجة مع الحركة الوطنية المصرية وكان الناس يقرأون فؤاد شكرى وطه حسين والعقاد بسطحية وغير سطحية وبشئ من التأثر فالحركة القومية الوطنية السودانية اللى توارثتها كل النظم الان التي مرت على السودان كلها كانت مستقاة من الشفرة بتاعت العروبة والاسلام والعزة فيه ودا ، وليس في هذا أي خطأ ولا تزال هنالك مساحات كبرى للمعانى الخيرة في الاسلام والعروبة .

لكن الخطأ في انو كما قالت باحثة امريكية انو الأمة حصل أنها ، أمتنا اخترعت Invented كما تجرى العبارة الآن ، اصطنعت بخيال بتاع القومية العربية الشمالية المسلمة لكنها حين بنت الوطن بنت وطن أوسع منها واستأثرت بوطن أوسع منها . بدأت بالثقافة العربية الاسلامية لكن كانت تزعم لنفسها أنها ستحرر وستحكم وطن أوسع ودا مصدر الخلاف ما بين ضيق الفكرة الوطنية القومية واللواحق التي تبعتها ."

ثم يضيف :
" فالبشير ورفاقه الأحرار يعملوا في نفس الحكاية . مافى طريقة أنك تفرق بين هذه الأبقار المتشابهة أو في لغة البتان ( الباكستان ) العجيبـــة Same same ( ضحكة ) . إذا ما بديت من هنا بتصبح خاضع لتذوقات وميول وحزازات وقضايا عمر وكدا . لكن ما بتكون فعلا وضعت يدك على المسألة الجوهرية انو كل هذه النظم مستنسخة من شفرة أساسية هي شفرة القومية الشمالية العربية التي حررت السودان يا أخوانا ، حقيقة حررت السودان لكن كان مشكلتها إنها حررت السودان بالطريقة ، بالمأزق دا .وما كانت مخطئة لأنو الحقيقة الحركـات القوميـة الوطنية بتشأ دائما في مواضيع بذاتها.."

ثم يضيف :

" في هذا الصدد أرى انو في صدد انو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمى إلى النظم السيئة مش النظم السياسية ننتمى إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسـوء . بقول كان البروفسير ادورد سعيد ضرب مثل وأنا استعين بيهو هنا ، قال انو في كاتب فرنسى كان بكره برج ايفل جدا لا يطيق رؤية برج ايفل وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي ويصبح برج ايفل بالنسبة له شبح وكذا ، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل . قيل له : ليه قال ، لانو تلك اللحظـة الوحيـدة التـى لا أرى فيها البرج ( ضحكة ) فيا اخوانا نظـام الانقـاذ أنـا بصفـه بانـو هـو برج ايفل لينا ( ضحكة ) لا نطيقه مزعج كلنا عندنا مواقف حتى انصاره ( ضحكة ) لهم مآخذ ولهم عثرات لكننا في النهاية كلنا في هذا البرج ولأننا لا نريد أن نراهو 00 الحل أن نطلع من هذا البرج ونرى كلنا البرج مش يراهو الوطن الاتحادي كما كذا أو يراه اليسار كما كذا أو يراهو 00 كلنا نراه بالعين الشمالية وبالمقدمة التي ذكرتها . " - انتهى.

الدكتور عبد الله على ابراهيم
امسية الاربعاء 11/7/2001
المجمع الثقافي - ابو ظبي

تعليق :

اذن المقصود بالشفرة الثقافية هنا: القومية العربية للجماعة العربية المسلمة لشمال السودان وهي الشفرة التي استل منها نظام الانقاذ .


Post: #162
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-06-2006, 02:14 PM
Parent: #1

Quote: البوتقه والشفره الثقافيه والتى ما هى إلا دلالات أو ترميز للتنوع والتعدد الأثنى والإجتماعى والتاريخى والفيزيقى والميتافريقى والسايكولجى والآيكولجى لوطن واحد

بارك الله فيك اخي منصور المفتاح
هو كذلك واتفق معك ان الخلاف صار خلافا حول الشكليات وليس المضامين خصوصا بعد تبني الخواض للهجنة الثقافية وترويجه لبوتقة العولمة .

Post: #163
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-06-2006, 06:11 PM
Parent: #1



عزيزنا الكاتب : الفيا

تحية طيبة لك وللأحباء هُنا .

لك منا جزيل الشكر لما تفضلت به ، حين أوردت التفصيل الذي عناه
الدكتور عبدالله علي إبراهيم . إن كان هذا هو حوض ( الشفرة الثقافية )
ولا غير فقد فارقت الشفرة القرائن التي أوردها الدكتور . فمن أراد أن يتتبع أثر الثقافة العربية و( الاسلامانية ) فلها قرون في هذا الوطن ، وليس منذ بدايات القرن كما ورد في نص الدكتور عبدالله على إبراهيم . لا أظن أحد منا يغفل عن كيف جاءت تم سُحقت (سوبا ) المسيحية من تحالف ( العروبيين ) و ( الاسلامانيين ) منذ قرون ، ولا أظن النثر الذي كتبه كافٍ للتفصيل الذي طلبنا !!

إن كانت الثقافة هي القومية العربية ، فنحتاج أن يفصل لنا أية قومية يعني وما رؤاها ؟

وإن كان يعني الدين السَّمح أو خير دين وخير لغة أو خير أمة ، فنقول أيضاً أي دين إسلامي يعني ، ففي العالم فسيفساء من الأديان الإسلامية واللغات العربية !! .

ما تم ذكره في النص الذي قرأته لم يكن (شفرة ) ، بل مرجعية فضفاضة
تحتاج من صاحبها إيراد التفصيل الخاصة بتعريف ( الشفرة الثقافية ) الذي أراد ،
أو يمكننا أن نعتبرها من حلي الحديث و بُهار السرد ليس إلا .

أذكر أنا ذلك مع كثير التقدير والامتنان لفضل الدكتور عبد الله في إثراء الحياة الثقافية بالتدوين الثر والدقة في تناول المُصطلحات .



Post: #164
Title: في انكار المصطلح:فردة و عادل عثمان والفيا والخاتم كنماذج
Author: osama elkhawad
Date: 10-07-2006, 01:06 AM
Parent: #163


في انكار المصطلح:فردة و عادل عثمان والفيا والخاتم كنماذج
نعود لايراد ادلتنا الدامغة حول انكار المصطلح ،
وهي درجة دنيا من القراءة الخاطئة،
ان كان ان هنالك درجات في هذا الامر.
قال فردا "حافظ محمد خير " في انتباهة عالية لخطاب الخاتم حول "ع.ع.ابراهيم" ،
قال:
Quote: الأستاذ الصديق الخاتم عدلان

لك التحية والتقدير الذي تعرفه،

يبدو أنه ، والحال هكذا في هذا البوست ، لم تأتِ حتى الآن مداخلة تلجُ من باب الإختلاف مع الإتجاه العام لمقالتك الناقدة لما طرحه ع.ع. إبراهيم في محاضرته المعنية ، فاسمح لي أيها الصديق بإيراد هذه المداخلة القصيرة – من باب الإختلاف – حول ما كتبته عن فكرة "الشفرة الثقافية" التي قال بها المحاضر وقد أخذ نقدك لهذه الفكرة حيزاً كبيراً من مقالتك ، رغم وصفك لها بالهراء واللا معنى.


وقال في اشارة الى حذو الخاتم لاسلوب الفيا الذي يدمغ مخالفه منذ البداية،
كما قال بحق :بولا في حق الفيا:
قال فردا:
Quote: أولاً أرى أن تلخيصك المقدم للمحاضرة جاء - منذ البداية ، أو من قولة تيت مثلما عبَّر بولا عن مقالة عجب الفيا- محملاً بالأحكام والنتائج التي كان يمكن أن تـُرجأ قليلاً. وربما لا يجد البعض بأساً في ذلك في مقالة سجالية ومنافحة مثل هذه ، ولكني كنت آمل أن يأتي التلخيص الذي قدمته محايداً ودقيقاً:


ثم بدأ فردا في التشكيك في ما قال به الخاتم عن انكاره لوجود مصطلح الشفرة الثقافية،
و ان هنالك مشروعية له،
وسنرى كيف تطور الامر ،في ذلك البوست عن الشفرة الثقافية،والذي يعكس احتقاراً عميقا، للتدقيق المعرفي والمصطلحي معا:
قال فردا:

Quote: وبالفعل ، قد توحي فكرة الشفرة الثقافية التي يقول بها ع.ع. إبراهيم بالفهلوة السياسية المتنكرة في شكل التعبير الثقافي(وربما السبب في ذلك هو تورط المحاضر المعني في "السياسة" بمعناها اليومي) ولكني ، مع ذلك ، أرى أنها تظل تصوراً مشروعاً قابلاً للمناقشة والإختلاف.


و لعل قوله بمشروعية المصطلح،جاء من خلال معرفته بدقة ع.ع. ابراهيم ،وهو ما اشار اليه الشقليني ،وسنورد كلامه لاحقا.
قال فردا عن دقة ع.ع. ابراهيم ،في اشارة الى مقالته:
تحالف الهاربين
والتي نالت حظا اوفر من القراءة الخاطئة على يد الاستاذ الفيا،
وبالتحديد مصطلح "البدائي النبيل" ،وسنعود لذلك بالتفصيل.
قال فردة:
Quote: كنت قد وصفت كلمات ع.ع. إبراهيم بالدقة وقلت تحديداً أنَّ: ما يميز كتابة عبدالله البحثية هنا (والإشارة الى مقاله "تحالف الهاربين...") هي دقـته في تأسيس مصطلحاته و استخدامه الذكي للإحالات التي يشير بها الى النصوص التي يدرسها ، وتوظيفه لهذه الإقتباسات في توضيحه لما توصل اليه من توصيف لمدرسة الغابة والصحراء ورؤيتها" ...

Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
والخلط عند الفيا معروف ،
وقد اشار فردة الى ذلك قائلا:

Quote: كنت قد أشرتُ في أكثر من موضع – وأشار غيري– الى الطريقة التي أزعم أنك قد خلطت فيها بين التأويل والإقتباس في تناولك لورقة تحالف الهاربين.
Re: رد علي فردة

وقد لمّح الشقليني الى دقة ع.ع.ابراهيم البحثية والمصطلحية ،حين قال في هذا البوست:


أذكر أنا ذلك مع كثير التقدير والامتنان لفضل الدكتور عبد الله في إثراء الحياة الثقافية بالتدوين الثر والدقة في تناول المُصطلحات .

Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
نعود لذلك البوست النموذج في الاستهزاء بالمصطلحات وانكارها.
بعد اشارة فردة ،الى مشروعية المصطلح،
أي الشفرة الثقافية،
حدث الانقلاب الجوهري في ذلك البوست.
تمثل الانقلاب في اشارة :
عادل عثمان
الذكية الى ان جوهر الموضوع ،غائب ،
الا وهو مصطلح الشفرة الثقافية .
قال عادل متسائلا:

Quote: الشفرة الثقافية. هذا المصطلح مركزى فى محاضرة د. عبدالله على ابراهيم، محل النقاش الآن. هل نحت، أو إخترع الدكتور هذا المصطلح؟ أم أنّه مصطلح دارج وشائع فى العلوم الانسانية؟ وهل يمكن ترجمته الى Cultural Code ؟
ماذا يعنى هذا المصطلح؟
Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم

لم ينتبه الفيا كعادته في التعامل مع المصطلحات الى تلك الاشارة الذكية،
وقال متسرعا،
وبشكل قطعي ،
لا يخر المية:
قال الاستاذ الفيا:
اعتقد ان الشفرة الثقافية في حاجة الي تعريف اكثر من التعريف الذي اورده الدكتور عبدالله في المحاضرة ،

وهو ببساطة يقصد بها :الثقافة العربية الاسلامية ،
او بالاحري القومية العربية الشمالية علي حد تعبيره
وبالتالي كلمة شفرة هنا كلمة زائدة لا محل لها من الاعراب

Re: الي عادل عثمان
وللتدليل أكثر على انكاره لوجود المصطلح أصلا،
لم ينتبه الفيا لتساؤل عادل عثمان الذكي،
لم ينتبه ،
و أرجع ان المصطلح لا وجود له ،
وقد نجره ع.ع.ابراهيم ضمن ولعه بالغريب من اللغة والمصطلحات.
قال الاستاذ الفيا في ذلك:

Quote: والدكتور معروف بولعه بابتكار التعابير الجديد ة ،

في اشارة واضحة الى المصطلح ليس له وجود ،و الشفرة زائدة،وهو محض "نجر" من قبل ع.ع.ابراهيم.
على النقيض من الاستاذ عجب الفيا،
الانكاري بشكل مطلق،
التقط الذكي فردة ،
تساؤل عادل عثمان المهم ،
عن مشروعية المصطلح الرئيس في النقاش ،
والذي ضاع في النص،
قال فردة باحثا عن اصول المصطلح،
ليصل الى ان المصطلح غير منجور ،
وانه مصطلح علمي اصيلا،
قال فردة بتوقده المعرفي الأصيل:

Quote: العزيز عادل عثمانثم قال فردا:

أظن أن ما توحي به صحيح.
تعبير الشفرة الثقافية (Cultural Code) ليس من بنات أفكار ع.ع. إبراهيم ،
فهو مستلف (ربما بتصرف) من استخداماته الوفيرة والشائعة الآن في الدراسات الثقافية (Cultural Studies) ودراسات الميديا (media studies). المصطلح أسس له الفرنسي رولاند بارت في سياق أكثر تخصصاً وتفصيلاً ، فهو واحد من خمس "شفرات" (Codes) يعتبرها بارت العناصر الفاعلة في والمكونة لأي نص سردي (بالمعنى المصطلحي لـ "نص" (Text) و"سرد" (Narrative)...). ويبدو أن الدارسين والباحثين في مجال الـ Cultural Studies قد قاموا بتبنيه وتطويره.
الحقيقة أن تأسيس وتوصيف رولاند بارت لمصطلح الـ"Cultural Code" يقترب كثيراً من الطريقة التي يستخدمه بها ع.ع. إبراهيم. أنظر هذا المقتطف من مقدمة أكاديمية تشرح استخدام الشفرة الثقافية كواحد من الشفرات الخمس كما يقول بها بارت

Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم

لاحظ كلام فردة الدقيق في كلامه ،
عن :
Quote: فهو مستلف (ربما بتصرف) من استخداماته الوفيرة والشائعة الآن في الدراسات الثقافية (Cultural Studies) ودراسات الميديا (media studies).[/U

هنا يكشف فردة عن ريبة معرفية تجاه ما يقول به.

والحقيقة ان ع.ع.ابراهيم حاول توطين مصطلح علمي شائع ،
ولم يقم بالتصرف فيه،
وانما حاول ان يوطنه .
وسنعود لكلام الخاتم الانكاري ،
و ما هو الفرق بين الانكار الخاتمي والانكار الفيوي.
محبتي
المشاء

Post: #165
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-07-2006, 02:46 AM
Parent: #1

سبق ان كتبت في اعلاه :
Quote: علينا ان نتجاوز الوقوف الشكلاني عند المصطلحات الى مناقشة القضايا الجوهرية . علينا ان ننقاش ماذا يريد ان يقول الدكتور عبد الله ابراهيم من خلال استخدامه لمصطلح : شفرة ثقافية !! وما هي الشفرة الثقافية التي يبشر بها ؟
وكنت قد ذكرت في هذا الخيط ان الانكار على الدكتور استعمال هذا المصطلح لم يكن موفقا ولكن علينا الا نجعل من ذلك جوهر النقاش حتى لا ندور في حلقة مفرغة . يجب مناقشة افكار الدكتور عبد الله ، لا ان نحول النقاش الى حصص لتسميع المصطلحات .
فالمصطلح وسيلة وليس غاية


شكرا عزيزنا الشقليني على التعقيب ولي عودة

Post: #166
Title: د
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-07-2006, 04:45 AM
Parent: #1

هل عربيتنا السودانية «نصف ديانة»؟


«وجدت هذا المقال القديم مناسباً في مادته لموضوع مناهج دراستنا للهوية الذي تناولته في عدد من المقالات في الأسابيع الماضية. وبد لي أن أعيد نشره هنا إتماماً للفائدة. ومن أراد الاستزادة فليراجع مقدمتي لكتاب الدكتور عمر محمد الحسن شاع الدين المسمى «المناقرات: خلافات ومراجعات في العامية» الصادر في 2005».

كنا في سجن شالا بالفاشر عام .1972 وأذكر أن أحدنا كان يقرأ قصة روسية معربة ذات ظهر ما. وتوقف عند كلمة لا أذكرها الآن ولكنها صفة للون ما. استنكر الزميل القاريء الكلمة وعدها من غريب اللغة وسقط القواميس: أي لفظة حوشية في مصطلح علماء اللغة واتفقنا نحن الزملاء جميعا على أنها كلمة آبدة أي منقرضة0 ولما حل العصر خرجنا إلى الحوش للرياضة. ولم نكد نبلغ مجلس أنس لبعض شرطة السجن حتى صاح أحدهم لآخر في الطرف البعيد من الحوش أن يأتيه بحصان وصفه بنفس الكلمة إلتي استنكرناها في وصاية مستفحلة على اللغة العربية. فقد قررنا بلا حيثيات أن تلك الكلمة ماتت في اللغة السائرة ولا أثر لها إلا في بطون القواميس. فإذا الكلمة حية تسعى بين الناس0

نشأ أكثر من تعلموا بالمدارس من الجيل الثاني أو الثالث ممن اتخذوا العربية لغة أماً لهم على أن عربيتنا «أو لهجتنا كما يقولون» السودانية أخلاط من أخلاط حتى كادت تخرج من معنى العربية بالكلية. وهي قناعة استحالت بها عربيتنا إلى «نصف ديانة» كما كان يوصف دين أهلنا الحلفاويين مزاحاً. وربما ساق هذا الجيل من المتعلمين إلى هذه النتيجة شعور خفي أنهم طالما تورطوا في تخوم أفريقيا فلابد أن الرطانات قد شابت عربيتهم وكسرت فصاحتها0 وهذا استصغار للثقافة الأفريقية كبير. فقد سمعنا أن اللغة العربية تقوت بالخلطة وأغتنت حين ساحت ببلاد الدنيا الأخرى من أندلس وفرس. ولكنها حين جاءت أفريقيا استعجمت ولم تعد هي ذاتها قبل حلولها في أفريقيا. وقد استقوى هذا الشعور بالنقص بعد هجرات السودانيين إلى بلاد العرب والتي اكتشفوا فيها مأزق الفارق بين ثقافتهم البيضاء «أي العربية» وسحناتهم السوداء. فمالوا إلى القول إن إسلامهم هجين شابته وثنيات كما رأينا د. منصور خالد يفعل في كلمة مضت. وقالوا أيضاً أن عربيتهم مزيج وشته رطانات. فأصبحت عروبتهم وإسلامهم بذلك كله حالة استثنائية. وهذه حالة «نصف الديانة» التي قال هؤلاء المتعلمون إنها كل ما تبقى لنا من الإسلام اللغة والعربية.

وبنشوب حرب الجنوب وأسئلتها الثقافية المحرجة إتجه هؤلاء المتعلمون إلى «تبخيس» عروبتهم وإسلامهم الشرعاني «الأرثوذكسي كما يقولون» نأياً بأنفسهم من عروبة أذلتهم في المهاجر وإسلام حكمهم بقوة السيف. ومضوا يستثمرون زنصف ديانتهمس هذه كوثيقة إثبات بأفريقيتهم التي عاب عليهم الكثيرون إنكارها في الماضي أو تجافيها حتى قال الدكتور علي المزروعي إنه كان بإمكان السودانيين أن يكونوا أفضل الأفارقة غير أنهم اختاروا أن يكونوا أسوأ العرب.

وكان تخفيض سقف عروبة وإسلام السودانيين هو الأصل في دعوات ثقافية معلومة مثل «الغابة والصحراء» «والسودانوية». وهي دعوات نرجسية نقطع بها أوصال علائقنا بالعروبة الفصيحة والإسلام الشرعاني وحتى الأفريقية الوضحاء لننكفيء في زمان ومكان سناريين أو سودانيين. وهي حالة لا عربية ولا إسلامية ولا أفريقية وإنما هي بين ذلك قواما. وقد سميت من قال بهذه الدعوة بـ «الخلعاء» وسميت مهرجان خلعهم للثقافتين العربية والإسلامية والأفريقية بـ «استربتيز» حضاري نتجرد به من أصول ثقافية لا مهرب منها لنتصالح على لا شيء.

تدور منذ حين طويل رحى حوار أصولي نادر حول عامية السودان ومنابعها. وكان طرفا الحوار هما أستاذنا الحبر الدكتور عون الشريف قاسم، مؤلف كتاب قاموس اللهجة العربية في السودان والأستاذ عمر محمد الحسن شاع الدين. وقد نشر شاع الدين خلاصة ملحوظاته حول قاموس عون في مجلة المأثورات الشعبية «عدد يناير /ابريل 1999» التي تصدر في قطر. ودارت تلك الملحوظات حول أن الدكتور عون لم يوفق في أحوال معلومة وغير قليلة إلى رد الكلمة الموصوفة عنده بـ«سودانية» «أي لأصل لها في العربية» الى أصول عربية ميسورة متاحة0 وربما أراد شاع الدين أن يوحي أن عربيتنا السودانية أدخل في العربية مما يظن حتى أفضل دارسيها ومؤرخيها. والمعلوم أن د0 عون قد جمع مادة قاموسه في بداية الستينات حين راجت فكرة أن اللغة العربية هجين عربي نوبي وخليط. وقد راقت الفكرة لعون وقد تبناها في مقالات نشرها آنذاك في مواضع عديدة وربما كانت هي المحور المنظم لقاموسه. والفكرة لم تخضع بعد لتحقيق جدي ناقد0

أنني من القائلين بأن العربية السودانية ،بما استلفت من قواميس لغات أفريقية، هي أصل في دوحه اللغة العربية. وقولي هذا ليس عزة «جاهلية» ثقافية وإنما حقيقة ثقافية لا مهرب منها للأمام أو للخلف طلباً لأمن ثقافي زائف من ترويع حروب الهوية و تبعات بناء السودان المتنوع أو متاعب السودانيين في المهاجر العربية. فالرد على جهالات بعض العرب وحزازتهم، وهي كثيرة ومقززة، ليس في نفي إرث لا سبيل إلى نفيه0 والنسبة إلى الأفريقية من الجهة الأخرى ، لاتحتاج إلى شاهد زور0

قولي بأن العربية السودانية إرث ثقيل من قوله تعالى في الأمانة والمسئولية «إنا سنلقي عليك قولا ثقيلاً». ونريد بهذا التقرير أن يستفزنا لاعمال الذهن والفؤاد في خصائصه هذا الرزق الثقافي ومساراته في وجداننا وفعلنا وأشوأقنا. إن الذي يريد اعفاءنا من هذا الكدح العلمي والذوقي إنما يريد بنا السوء بتوريطنا بالفرح بمحلية سودانوية هي في الدرك من حيل السياسة لإحلال سلم سوداني مفتعل بينما موالاة دراسة عربيتنا هي درج من حيل الثقافة لسلام في السودان . . . ولطويلة. واستغربت دائما لماذا يدعو كاتب مثل الدكتور منصور خالد إلى نظرية «نصف الديانة» هذه وهو في في خفض من العربية ، يحسنها إحسانا ، وتجدها سائغة سيّالة من قلمه يدافع بها عمن أحب بالحق والباطل. وكذا يفعل بمن كره يحاكي صفية وحبيبة المتنبي. إننا لنريد لبناتنا وأبنائنا أن ينشأوا في خفض منصور من اللغة ، وعلى حبها «لا التظاهر والفخر العنجهي بها» وطلب مواطن بلاغتها وسحرها ، ومنطق نحوها لأن لغة الأم هي نسق الانساق للدماغ الرشيد والفؤاد السديد والبصر الحديد0 ولا شفاء لمن ضل عن أنساق لغته التي يتهمها بأنها «نصف لغة». والذي يفعل ذلك شقي . . شقي يظل يتكفف الناس لساناً أعطوه أو منعوه.


نقلا عن الراى العام 7-10-2006

Post: #167
Title: Re: د
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-07-2006, 05:28 AM
Parent: #166

يورد د عبد الله حادثة سجن شالا ليوكد على تجذر اللغة العربية فى السودان وفى نفس الوقت يتعامى عن عشرات الامثلة التى يوردها د عون الشريف فى كتابه القيم قاموس اللهجة العامية
لا ادرى كيف يدافع د عبد الله عن فكرة عضيرة تقول بصفاء اللغة العربية فى السودان
هل يستطيع انكار التاثيرا ت النوبية والهدندوية واللغات الافريقية على عربية السودان

يقول (وكان تخفيض سقف عروبة واسلام السودانيين هو الاصل فى دعوات ثقافية معلومة مثل الغابة والصحراء)
اذا خلاف عبد الله مع الغابة والصحراء له منطلقات سياسية واضحة رغم الرطانات الثقافية الضخمة

يتحفنا د عبد الله بمفردات مستفزة فبعدالخلعاء يمشى الى مفردة استربتيز ولا ندرى رحلة التعرى هذه الى اين تصل(والتعرى ايضا يمكن ان يكون فكريا بعد ازالة قشور الكلام)

Post: #168
Title: Re: د
Author: munswor almophtah
Date: 10-07-2006, 07:32 AM
Parent: #167

حتى يثرى التنوع الحوار كما أثرى التنوع الهويه موضوع الحوار

موضوع منقول عن سودانايل لعلاقته بالنقاش





السَّمَنـْدل يُغـَّـني

قراءة في تجربة الشاعر السوداني الراحل د. محمد عبد الحي



محمد جميل أحمد*
[email protected]

فتحت الحداثة الشعرية في السودان ، خلال الستينات ، آفاقا شكل فيها سؤال الهوية الضاغط من برزح العروبة والإفريقانية ، أو الإفريقانية المحضة ، أطيافا توا شجت مع حركة الحداثة في الشعر العربي . عبر النزوع إلى صياغة جديدة بلغ منها هدير الخطاب الآيدلوجي ؛ ما كان كافيا لتذويب الإبداع بتآكل راهنية الأحداث ، وأفول أقطابها الرافدة . وبصورة جففت كثيرا ً ما يشتغل عليه الشعر الذي يتوسل أنسنة الرؤية من أفق الفن . وتخليص لحظات التوهج من تاريخانية الحدث ، مع الإحتفاظ بإشارات تفتح عليه وجه التأويل .

وإذا كانت هذه السمة الأسلوبية متحت من محيطها المشحون آنذاك بتحولات رجرجت ما سكن من حالات الثقافة العربية بجديد من الفكر ، والأفق ، والرؤيا ، شملت الشعر قلبا وقالبا . فإن أخطر المعالجات الشعرية كانت تلك التي تتعرض لإشكالات الهوية والخصوصية من خلال أفق إبداعي يفصل ، جماليا ً، تخومَ الفن ، عن حدود الآيدلوجيا . أي بطلاق بائن ، بين ما هو إنساني وكوني مشـّـفر بمرايا لاقطة للتفاصيل المؤنسنة ، وبين ما هو عادي ورتيب يمنع الرؤية من وراء الأفق الشعري.

ربما كان الشاعر السوداني الراحل د. محمد عبد الحي في ذلك الوقت ، أي ستينيات القرن الماضي ، تمثيلا لأفق آخر ، وصوتا فارق طبول الآيدلوجيا ، بهسيس يرتــّم أناشيد الشعر همسا ً يتكشف فيه الرمز بمنأى عن الزمن المشروط فيزيائيا (ولهذا السبب ، ربما ، خلت القصائد في دواوينه من تواريخها . باستثناء قصيدة " الفصول الأربعة " التي كتبها أثناء الدكتوراه في أوكسفورد عام 1973) .

ليخلق بذلك فضاءا ً شعريا أرجحـت فيه رحلة العناء في البحث عن الرمز المفقود، حالات إبداعية متوهجة ، صحب فيها العذاب دهشة الكتابة الشعرية :



الشعر فقر

والفقر إشراق

والإشراق معرفة لا تـُدرك

إلا بين النطع والسيف



(من قصيدة سماء الكلام)



ومن ذلك الأفق خلق محمد عبد الحي نسيجا ً متـفردا بمنوال صبغت تيماته ألوان أسطورية من منابع غريبة وكاملة الجـِّدة . مكــّن منها تجوال ٌ صهر روحه بمختلف تضاريس السودان وحساسياته الإثنية والحضارية . ودوّن في نفسه أسئلة مصيرية ظلت تتوارد عليه من مطارح شديدة الاختلاف والتمايز ، تعالقت فيها صراحة اللغة بالجذر الأنطلوجي للسودانوية الناشئة في المنزلة بين المنزلتين من التكوين الديمغرافي السوداني : (العرب والزنج) . حتى مَرَد نفسه على عناء كبير في مسار إبداعي شعر بداياته إحساسا ضاغطا وواعدا بأعماق أكثر دهشة وتجريبا ً ومغامرة حقق فيها (معادلة الرماد). تلك التي عجزت عن استيعابها مانوية الخطاب الشعري السوداني بين الأبيض والأسود في زمانه . وبالرغم من أن تجربة (جيمس جويس) في (يولسيس/ عوليس) ألهمته الأفق النوعي الخاص لتجربته في خلق الهوية بحسبانها روحا متعالية صهرت ذاتها في شعبها أو شعبها في ذاتها ، خصوصا في ديوانه المهم (العودة إلى سِنـّار) " قصيدة طويلة من خمسة أناشيد" . إلا أن تجربة محمد عبد الحي ، التي زاوجت دلالتها على أقنوم ثنائي برز في ذات تاريخية واحدة تمثــّلت في (السلطنة الزرقاء) " التي هي أول كيان تاريخي قام على حلف صهر العرب والزنج في بوتقة واحدة في القرن الخامس عشر الميلادي بمدينة سنار ، وأنتج ديمغرافيا السودان المعاصرة " ، كانت هي المصهر الوحيد لشعبه كفضاء رمزي تاريخي . لذلك ظل عبد الحي يتأول الدلالة الرمزية المزدوجة في ثنائيات مترادفة ومعبرة عن ذلك المصهر العرب / الزنج) (النخل / الأبنوس) (الطبل / والربابة ) ( الغابة / الصحراء) ، ومستصحبا تيماتها الجمالية في حدي التجربة ، من أعماق التاريخ العربي إلى أحراش الجغرافيا الاستوائية بجنوب السودان . ومن أقدار أبي العلاء المعري ، إلى طقوس قبيلة (الدينكا) النيلية (التي ينحدر منها المناضل السوداني الراحل د. جون قرنق) . ليكتشف بذلك صيرورة شعرية جديدة ارتكزت على هوية ضاع عنها طويلا ً دون أن ينتبه إليها ، لقربها الشديد واللصيق من روحه وقدره ، وتاريخه . وليعود إليها كما عاد (أبو يزيد البُسطامي) الذي ترك الحق وراءه ببسطام ، وهو يبحث عنه . فلا عجب أن يصدّر عبد الحي ديوانه المهم (العودة إلى سنار) بهذا المقطع من كتاب (الفتوحات المكية) لمحي الدين بن عربي :

( قال يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟ قال طلب الحق . قال : الذي تطلبه قد تركته ببسطام. فتنبه أبو يزيد ، ورجع إلى بسطام ، ولزم الخدمة حتى فـُـتـِحَ له) .

لقد أعاد محمد عبد الحي تجربة أبي يزيد البسطامي بعد متاه صهر في نفسه عذابات هائلة بحثا ً عن قرارة الروح ، ونشيد الإنشاد في قيثارة أرضه العظيمة . لينام بعد ذلك العناء والكشف مطمئنا ً :



(مثلما ينام في الحصى المبلول طفل الماءْ

والطير في أعشاشه

والسمك الصغير في أنهاره

وفي غصونها الثمار

والنجوم في مشيمة السماء )



" قصيدة العودة إلى سنار"



والنص عند عبد الحي خلال تلك التجربة يتميز بالرؤيا ، وهي في شعره أفق شديد الدهشة والغموض الذي يستبطن مشهدية تزيح ستارها ببطء عن عالمه الخاص والعميق ، والمصقول بحساسية تستدعي قارئا نوعيا ً ليستكشف جماليات النص وتأويلاته . ذلك أن حدي الرؤيا في شعره أشبه بشفرة تخفي معان مكنونة في منجم عميق يخترق الغوص فيه الأسطورة َ والحلم والرمز . ويستدير فيه الزمان بدوائر من غير بداية ولا نهاية . فالزمن في نصه هو زمن الرؤيا والأسطورة . فحين يتكلم عبد الحي عن بداية الخليقة عبر شهود الشاعر ، باعتباره روحا أسطورية، يتعرى الزمان مشاهدَ تنحسر عن عالم غريق موحش ، تنوس فيه مخلوقات البراءة الأولى ، التي توحي بالسكون ، والابتداء ، والأزلية . بحيث يكون المكان في الرؤيا قناعا لزمانه الغريق. وهذه القدرة على ابتداع الرؤيا الكونية تؤسطر الشعر والشاعر ذاتا طليقة تكتشف الكون وتاريخه من كوة الروح .

يقول عبد الحي في نصه الطويل بعنوان (الشيخ إسماعيل يشهد بدء الخليقة) مشيرا بذلك للشيخ إبراهيم صاحب الربابة الذي عاش أيام السلطنة الزرقاء في القرن الخامس عشر . " وكان يفعل فعلا عجيبا ً بالأنغام التي تصدر عن ربابته في الناس والحيوانات بحيث يفيق لها المجنون وتطرب لها الحيوانات والجمادات " 1 . يقول :



(وفجأة رأينا الفهد مسترخيا ً في ظلمة الأوراق الخضراء

الغابة في سفح الجبل

نساء الشجر تعري نفسها

السماء تدق طبلها الأزرق

سيف الضوء في الصخرة القديمة التي نما عليها الطحلب

وكتبت تحتها الحشرات لغتها السرية وحوارها مع الطقس والأرض)



إنه الكون معبرا عن بداياته بإشارات لا تغفل رمز الرؤيا. وهذا معنى مشفر في النص تعسر دلالته إلا من خلال العنوان ، وتأويل الرؤيا الحاكمة لنص عبد الحي . بحيث يمكننا أن نؤكد أن شعر عبد الحي أشبه بنص واحد يحيل على دلالات تتداعى من مطارح عديدة في ذلك الشعر . فالشيخ إسماعيل الذي هو عنوان النص السابق ، ذات أسطورية للشاعر السوداني ، تتجدد عبر الأزمنة . لكن ابتدائها نبع من مجاز السلطنة الزرقاء . أي حدود الفضاء الزماني والمكاني للرؤيا .

وإشارات الرموز في النص توحي البداية فيها بالعدم الوجودي ، إن صح التعبير، أي أن الفهد والغابة هنا رموز زنجية ، يوحي ذكرهما بعوالم قبلية سابقة لبداية عالم (الغابة والصحراء / السلطنة الزرقاء) الذي يحيل على الذات السودانوية الراهنة . يتضح ذلك أكثر عندما يكتمل هذا المعنى الرئيس في قصيدة (العودة إلى سنار) حيث يقول الشاعر فيها :



( الليلة يستقبلني أهلي

من عتمات الجبل الصامت والأحراج

حراس اللغة المملكة الزرقاءْ

ذلك يخطر في جلد الفهد ِ

وهذا يسطع في قمصان الماء)

" نشيد البحر من قصيدة العودة إلى سنار"



وعبد الحي هنا يتأول الطرف العربي للرؤيا من بيت أبي العراء المعري :

على أمم إني رأيتــــك لابـسا ً

قميصا ً يحاكي الماء إن لم يساوه

وليركب من هذا البيت مع إشارته لجلد الفهد (الذي رمز القداسة عند قبيلة الدينكا الجنوبية) حدي الرؤيا لأقنوم / أي مفهوم الغابة والصحراء .

وعلى هذا التركيب يعيد قراءة الرؤيا في ديوانه (السمندل يغنـّي) . بيد أن التركيب هنا دلالة على الذات التي تدل على فرادة العنصر المكون من الأقـنوم الثنائي . وهذا المعنى الرمزي يحايث طبيعة (السمندل) الأسطورية . فهذا الحيوان الخرافي /المائي/ الهوائي ، مثــّلت حياته المنقولة من التراث العربي ( كتاب حياة الحيوان للدميري) عند عبد الحي روحا مانوية متعالية . تستبطن في ذاتها الأسطورية حالات مركبة تحيل إلى عوالم عبد الحي التي تحتفل بأرخبيل موحش تتناظر فيه حدود الزمان عبر خرائب الأمكنة ، وتهدر فيه فوضى الأشياء بأصداء مالحة ، وفنتازيا للحزن المتنقل والعابر في مرايا الموت بخيال يتمدد على التاريخ والجغرافيا :



( أنا السمندل ُ

يعرفني الغابر ُ والحاضرُ والمستقبلُ

مُغـنيـّا ً مستهترا ً بين مغاني العالم المُـندثرة ْ

وزهرة ٌ دامية ٌ في بطن أنثى في الدجى منتظرة ْ

وكم عبرتُ والدروع ُ الحُمْـرُ حولي

والخيول ُ المُـعْلمَة ْ

أسوار ممفيس ، وطروادة ، والأندلس المُـهَدّمة ْ )



هكذا تتمسرح هذه المطارح عبر الزمان والمكان في تمثلات الروح العابرة بغرائبية لا تخلو من أسطرة .

وبالرغم من صراحة اللغة (العربية) باعتبارها لغة الكتابة للتعبير عن روح الهوية المزدوجة ،إلا أن عبد الحي استطاع أن يجسد دلالة الأقنوم (ربما كان هذا المفهوم أليق تعبير عن الذات السودانية المزدوجة والواحدة في نفس الوقت) في شفافية تطوع بنية اللغة لمفردات المعني الأفريقي والسوداني الخاص . فاللغة في نصه هوية مستغلقة تفتح معناها على النص من طبيعة العبارة الشعرية .



(وحمل الهواء

رائحة الأرض

ولونا ً غير لون غير لون هذه الهاوية الخضراء

وحشرجات اللغة المالحة الأصداء )



هذه اللغة التائهة والمتقطعة عبر أفق يرى المكان من البحر بحثا ً عن القرار في أرض واعدة ، لغة أسيدية بخلاف لغة الينابيع في هذا القطعة من (نشيد المدينة) :



( لغتي أنت وينبوعي الذي يؤوي نجومي

وعِرق الذهب المُبرق في صخرتي الزرقاء )



هذا التغاير الذي يحمل دلالة اللغة عبر اللغة ويعيد إنتاجها في صيرورة النص بصور تخلق معناها ، هو جزء من كثافة تعبيرية تكشف عن رحابة الأفق الرمزي المتعدد لجهة اللغة وأسمائها (اللغة القديمة / اللغة الأولى/ لغة مالحة الأصداء / لغة على جسد المياه ... الخ) فالكشف عن تعدد الأسماء هنا كشف عن دالة تعبيرية تحايث النص بمعان متعددة . فهي لا ترتهن للتكرار . إذ إن تعديد أسماء اللغة عند عبد الحي ينطوي على فضاءات جديدة تختزنها هذه اللغة وتعبر عنها . بحيث تبدو اللغة الواحدة وهي تعبر عن الحساسيات المتعددة في الهوية أشبه بلغة تعبر عن فسيفساء بابلية لجهة المعنى والمضمون .

وكما يكثف عبد الحي الصمت والسكون والبياض عبر الزمن الأسطوري المطلق ، كذلك يتوسل التجريد والترميز والإشارة ، حتى وهو يتحدث عن الأشخاص . فهو يخرج من التاريخ إلى الأزل ، ومن التجسيد إلى التجريد ، ومن المحدود إلى المطلق عاكسا ً بذلك الصور الرمزية لحقائق الأشياء ، ومتجاوزا ً التنميط إلى شفافية غامضة وإنزياح يقلب منطق الخطاب . بحيث لا يمكن معرفة موضوعة النص إلا من العنوان ، دون أن يعني ذلك قطيعة كلية بين النص وعنوانه . وإنما يعني أن المعنى مشفر في رؤية كونية إنسانية تحيل على علاقة العنوان بالنص من خلال شريط شفاف غير مرئي . ولكنه غير منقطع أيضا ً، يؤيد ما ذهبنا إليه من تلك المعرفة المشروطة لقارئ عبد الحي . فعبد الحي حين يتكلم عن (توفيق صايغ) أو (أبي نؤاس) أو (كريستوفر أكيكبو) لا يتكلم عنهم بمعنى زمني فيزيقي . بل عبر تأويل تجاربهم الإبداعية كقناع لمأزق الوعي والشعر . وبحساسية تحايث شرطهم المتذرر في عناء الأسئلة الأنطلوجية الكبرى.

يقول عبد الحي في قصيدة (مقتل الكركدن) التي هي " سونيت إلى توفيق صايغ" :



( أجمل من في الغابة يصهل قرب النبع يغني

ظل َ الشمس على أشجار التفاح

جرح َ ربيع الروح تلألأ أجمل من كل جراح )

" ..................................................."

سونيتة حب ٍ أم حيوان يجهش تحت النصل المسنون

كوميدي ٌ يتقشر بعد العرض قناعا وقناعا

أم طفل غنى خلف الأرغن في وطن ضاعا

أم صوت البلبل في حقل الورد يغني

ينزف في ألم مفتون )



إن التعبير مردوف بغنائية تتجاور فيها مفارقات المأساة بإشارات تعبر عنها دون أن تفسرها . وفي قصيدة ( أورفيوس الأسود) التي هي أيضا ً " سونيت إلى كريستوفر أكيكبو" يقول عبد الحي :



( مهرجان الطبول وأجراسنا الخشبية

في فصول الحديد

بين نجم قديم ونجم جديد

تتأرجح موحشة ً وهي تهبط أدراجها اللولبية

لهب دون رؤيا

ولا شيء غير القناع الحديدي يرقص عبر المدى )



والقصيدة لغة استوائية مؤسطرة تحيل عبر مفرداتها الأفريقية وإشاراتها الطقوسية إلى لغة عبد الحي العارفة بطبيعة الروح الأفريقية . وعبد الحي ينزع إلى تناص معنوي يتناسخ في عوالم افتراضية تعبر تماما عن الحالات المكتوبة . مثل العالم الخمري لأبي نؤاس الذي يتجلي عبر الرمز الطبيعي والنهايات المتجددة . في تأويل يخلق الحياة من العدم ، واللذة من الألم . يقول عبد الحي في قصيدة (التفاحة) التي أهداها لـ(أبي نؤاس) :



( فرغت كأسك وانهار النديم

واختفى الخمار والخمرة في الليل البهيم

عبر أنفاق الجحيم

عادت التفاحة ُ الأولى إلى الغصن القديم )



هكذا تتجدد الحياة ورموزها في نص عبد الحي كما لو كانت إكسيرا ً ينوس في ذلك النص . على أن ذلك التجريد والترميز لم يمنع عبد الحي من الغوص في شعرية التفاصيل الصغيرة ، واليومية . فنصوص عبد الحي أشبه بفسيفساء صغيرة تلمع بالمعاني الإنسانية الكبرى عبر معاناة مرهفة. أي أن تلك التفاصيل كُـوة لعالم فسيح يتكشف عبر ها ، دون أن تقع في المجانية والتسطيح .

يقول الشاعر في قصيدة (أحلام العانس) :



( المرأة العانس في الأحلام

يوجعها المخاض ، ثم تلد الأطفال

ترضعهم ، وتسهر الليل تربيهم

فرسان في أحصنة مُطهمات ْ

وأميرات لِست ساعات

لأنهم لو طلع الصباح

باتوا بين أموات )



فحين يصبح الهم حلما للسعادة ، تتجدد الحياة عبر تحقيق الرغبات الصغيرة .

وعبد الحي يوقــِّع موسيقى الكون ، ويهمس للوجود بمعان شعرية تحسها الروح

(بحسب عبارة الجاحظ الشهيرة عن شعر أبي العتاهية) .

يقول عبد الحي من قصيدة (النخلة) :



( في الفجر تفتح الشمس بلاد الشجرة

وتطلق العصافير

في الليل يقفلها القمر

ويطلق الأرواح

..................

الطفل ترهقه الأسرار الصغيرة

يا لعبء الخلود على الطفل الصغير)



إن الرتم الداخلي في شعر عبد الحي يتصادى بشفافية حتى وهو يبدع في مواضيع تقليدية . فيتناولها برؤية جديدة ، ولغة صوفية صافية تستأنس الرمز ، وتوعز بالإشارة (ربما كان هذا من تأثير كتابات أبن عربي ، وعبد الجبار النـِّـفـَري)

يقول عبد الحي في قصيدته الطويلة (معلقة الإشارات) " وهي قصيدة نبوية في مقام الشعر والتاريخ " يقول في مقطع " إشارة عيسوية " عن المسيح عليه السلام :



( هذا رنين قدم الفجر على التلال والأشجار

يخبر كيف مرت الريح على القيثار

"....................................."

وبدأت أغنية الدم التي تضيء حنجرة العصفور )



فهو هنا يرسم شفافية المسيح عليه السلام في إشارات رقيقة عابرة تفيض الجمال وترسم السلام على الحياة والوجود .

ويجسّر عبد الحي هوة الوجود والعدم بخواتيم تأتي امتدادا للألق والاكتمال. فالموت في شعره نضج متجدد كثمار تسقط من أشجارها بعد الاكتمال لتمنح الحياة براعم جديدة ، وليس نهاية مأساوية . بل الموت عند فسحة من وراء الغيب .أي أن بين الوجود والعدم في شعره تناسخ جدلي ، وصيرورة دائمة .

يقول الشاعر عن الموت من قصيدة ( قـِمار) :



( هنا أنا والموت ِ جالسان

في حانة الزمان

وبيننا المائدة ُ الخضراء

والنردُ والخمرة ُ والدخانْ

من مثلنا هذا المساءْ )



فالموت انكسار لأيقونة الجسد وانطلاق للروح تدخل به تخوما أخرى في ملكوت أكبر :



(هو الموت يسعى إلينا بلا قدم في الدجى والنهار

خـُـلقنا له ناضجين

استدرنا له

فلماذا البكاء )



هكذا أبدع عبد الحي الأفق الفني لجدلية الوجود والعدم عبر أناشيد خالدة تورث الحزن النبيل (وهو معنى إنساني كوني ناظم للإبداع ) . وصدح بها عبر مختلف مزاهر الشعر : العمودي ، والتفعيلة ، وقصيدة النثر. دون أي قطيعة مفترضة .

فهو كما يكثف قصيدة النثر تمثيلا لجوهر الشعر الواحد ، كان يحذف الحشوَ من التفعيلة ، والنظمَ من القافية .

فعبد الحي الذي بدأ كتابة قصيدته (العودة إلى سنار) وعمره 17 عاما ، ظل يصقلها بتفرد حتى رضي عنها قال عن شعره :



كلمات شعري لم يجــئ يوما ًبهــا أنبيـقُ ساحر

تلك القوارير القديمة لم أهجنها ولا تلك المباخر



وعبّر عن شعره أيضا ً متأولا ً أرق ( ذي الـُّرمة ) قائلا ً في أبيات (على نسق غيلان) :



وشعر قد أرقت له غريب تملأ بالكواكب في الظلام



والعشق عند عبد الحي (وحدة وجود) كاملة ، أو عدم محض . إحساس مانوي يقابل الفناء بالإلغاء ، والمحو بالإثبات . ذلك أن كيانية التعبير الحاد عن حالة الحب تحتل القلب تماما مثل الحب العرفاني عند الصوفية





وسـُـجـنـتُ فـيــك معـانـقا حــَّريـتي فــي ليل سجني

وقـُـتـلـــتُ فيـك مغــنــــيا ً للــموت ما جهل المغـَّـني

جــهــلوا فــما يدرون أنـا ملتــقـــى وتــــر ٍ ولــحـن ِ



* * * * * * *



وأراك دوني محض وهم ٍ مشـــرق ٍ فـــوق الــزمان

وأراك دون قصــائــــدي لــغــة ً تــفتشُ عــن لسان



هكذا أبدع محمد عبد الحي (الذي توفى في مستشفى سَوبا بالخرطوم عام 1989 عن 45عاما ) شعرا جميلا في حياة قصيرة . من أفق آخر جانف هتاف الآيدلوجيا ، واستوحى التجريب من ذاته وتراثه (كتابات أبن عربي ــ النفري ــ ود ضيف الله) ، وجمع بين التنظير والإبداع ليؤسس بذلك (تيار الغابة والصحراء) في الشعر السوداني ، في الستينات ، مع صديقيه : محمد المكي إبراهيم ، والنور عثمان أبـَّـكر وآخرين . وهو تيار أسس وعيا ً جديدا في الشعر السوداني برؤية شعرية استلهمت الهوية السودانية تحت أسم ( الغابة والصحراء ) كترميز دلالي لطرفي التكوين الديمغرافي في السودان (العرب والزنج) .

ولقد ظل عبد الحي وفيا ً لمشروعه الشعري والنقدي في إجتراح أفق ملهم للهوية السودانية بشكلها الاستثنائي في المحيط العربي والأفريقي . وشحذ لذلك ثقافته العالية وتخصصه الأكاديمي المرموق عبر الترجمة والتدريس في جامعة الخرطوم . وأنتج أعمالا نقدية بالإضافة إلى مسرحية شعرية واحدة .

وبالرغم من الريادة المبكرة لعبد الحي في إبداع نص مختلف جاور التجارب العربية الرائدة في قصيدة النثر (أدونيس ــ أنسي الحاج ــ توفيق صايغ ) إلا أنه لم تتوفر عليه دراسات نقدية تليق بقامته الشعرية باستثناء بعض الكتابات النقدية العربية النادرة . ربما كان قدر المبدع السوداني أن ينوس بين الجسد المهجور ، وشرط الذاكرة العربية، تلك الذاكرة التي وصفها الطيب صالح ذات يوم بأنها ذاكرة فقيرة فيما خص السودان من إبداع.



* شاعر وكاتب سوداني مقيم في السعودية [email protected]

1كتاب (طبقات ود ضيف الله) للمؤلف السوداني ود ضيف الله . الذي عاش في أيام السلطنة الزرقاء في القرن الخامس عشر

عن صحيفة السفير اللبنانية 21/4/2006



Post: #169
Title: عن المساهمات و "اغراق" البوست
Author: osama elkhawad
Date: 10-07-2006, 01:18 PM
Parent: #168

عزيزي منصور المفتاح
رمضان كريم
مشاركتي في هذا البوست،
ذات بعدين:
البعد الأول والرئيس ،
انني من الراصدين للغابة والصحراء ،
من خلال الاسافير،
وغيرها من وسائل الاتصالات،
و قضيت وقتا طويلا في التضحضير لذلك.

والبعد الثاني :
النقاش الاسفيري ،
وتبادل الرأي والحوار.

و كما تلاحظ فانني اتجنب "اغراق" البوست،
بمساهماتي القديمة.
ولذلك ليس من مقتضيات هذا البوست،
الوصول الى منطقة وسطى ما بين الجنة والنار،
او تحت شعار:
Quote: باركوها ياجماعة


فها نحن نترك للقارئ مساحة كافية للتفكير حول المساهمات المطروحة.

ولدي الكثير مما ساقوله عبر تحضير استغرق بحثا ووقتا طويلا.
وسنعود لمقاربة الانكارين:
وموضوعي الاساس هو الغابة و الصحراء،
وعلاقة ذلك
الانكار الخاتمي
و
الانكار العجبفيوي.

ثم نواصل مساهماتنا
أرقد عافية
وبقية المتابعين ،
و المشاركين.
المشاء

Post: #170
Title: Re: هذه نزعة غير تاريخية وغير علمية ،،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-07-2006, 02:20 PM
Parent: #1

هذا هو الاتجاه الصحيح اخي محمد سيد احمد في مناقشة افكار الدكتور او بالاحرى مناقشة مشروعه الاسلاموي العروبي او العربسلامي كما يحلو للبعض . في المقال الذي اوردته واضح ان الدكتور عبدالله ينكر المكونات المحلية التي ساهمت في تشكيل الثقافة السودانية والتي اعطتها خصوصيتها كثقافة تمتاز على غيرها من الثقافات الاقليمية العربية والافريقية . ولا ادري كيف لباحث ومتخصص في علم الاجتماع والتاريخ وذو خلفية ماركسية ينكر هذه الحقيقة البسيطة . فهو يرى ان الاقرار بالمكونات المحلية للغة العربية السودانية فيه منقصه لها ويجعلها نصف ديانة ! ان كل اللهجات العربية في البلدان العربية هي نتاج لتفاعل اللغة العربية مع المكونات المحلية واللغات السابقة للعربية . فاللهجة المصرية هي نتاج تفاعل العربية الوافدة بالقبطية والنوبية غيرها واللهجة الخليجية هي تمازج بين العربية والنبطية والفارسية وغيرها كما ان اللهجات المغاربية هي نتاج لتفاعل العربية بالبربرية وغيرها . ولا يمكن لاحد ان يطعن في اصله هذه اللهجات بسبب هذه الحقيقة التاريخية فلماذا فقط ياتي الحديث عن المنفصة في اللهجة السودانية لا ستلافها وتاعلها مع النوبية والبجاوية وغيرها .
وحتي اللغة العربية المسماة بالفصحي هي في الحقيقة محصلة للغات كثيرة مثل المصرية القديمة والفارسية والسيريانية والنبطية والحبشية وغيرها . ولم تستقوى العربية ولم تصير لغة حية الا بفضل هذا التفاعل الخصب مع غيرها من اللغات.
كذلك ان امتزاج الاسلام بالعادات والتقاليد المحلية والحضارية السابقة له يعده الدكتور تقليل من شان الاسلام الرسمي واتهام له بالوثنية . وهذا منطق عجيب من عالم اجتماع وتاريخ ذو خلفية ماركسية . هذه النزعة الميتافيزيقية الباحثة عن نقاء لغوي واثني وثقافي وديني نزعة غير تاريخانية وغير علمية وغير واقعية . وانا لا الوم الدكتور على اختاره لهذا النهج ،ولكن كل نقدي لهذا النهج موجه لتلاميذه الذين يغالطون في حقيقة هذا التحول الذي ارتضاه الدكتور لنفسه .
استمع اليه يقول في مقال عربينا : نصف ديانة :
Quote: نشأ أكثر من تعلموا بالمدارس من الجيل الثاني أو الثالث ممن اتخذوا العربية لغة أماً لهم على أن عربيتنا «أو لهجتنا كما يقولون» السودانية أخلاط من أخلاط حتى كادت تخرج من معنى العربية بالكلية. وهي قناعة استحالت بها عربيتنا إلى «نصف ديانة» كما كان يوصف دين أهلنا الحلفاويين مزاحاً. وربما ساق هذا الجيل من المتعلمين إلى هذه النتيجة شعور خفي أنهم طالما تورطوا في تخوم أفريقيا فلابد أن الرطانات قد شابت عربيتهم وكسرت فصاحتها0 وهذا استصغار للثقافة الأفريقية كبير. فقد سمعنا أن اللغة العربية تقوت بالخلطة وأغتنت حين ساحت ببلاد الدنيا الأخرى من أندلس وفرس. ولكنها حين جاءت أفريقيا استعجمت ولم تعد هي ذاتها قبل حلولها في أفريقيا. وقد استقوى هذا الشعور بالنقص بعد هجرات السودانيين إلى بلاد العرب والتي اكتشفوا فيها مأزق الفارق بين ثقافتهم البيضاء «أي العربية» وسحناتهم السوداء. فمالوا إلى القول إن إسلامهم هجين شابته وثنيات كما رأينا د. منصور خالد يفعل في كلمة مضت. وقالوا أيضاً أن عربيتهم مزيج وشته رطانات. فأصبحت عروبتهم وإسلامهم بذلك كله حالة استثنائية. وهذه حالة «نصف الديانة» التي قال هؤلاء المتعلمون إنها كل ما تبقى لنا من الإسلام اللغة والعربية.

وبنشوب حرب الجنوب وأسئلتها الثقافية المحرجة إتجه هؤلاء المتعلمون إلى «تبخيس» عروبتهم وإسلامهم الشرعاني «الأرثوذكسي كما يقولون» نأياً بأنفسهم من عروبة أذلتهم في المهاجر وإسلام حكمهم بقوة السيف. ومضوا يستثمرون زنصف ديانتهمس هذه كوثيقة إثبات بأفريقيتهم التي عاب عليهم الكثيرون إنكارها في الماضي أو تجافيها حتى قال الدكتور علي المزروعي إنه كان بإمكان السودانيين أن يكونوا أفضل الأفارقة غير أنهم اختاروا أن يكونوا أسوأ العرب.

وكان تخفيض سقف عروبة وإسلام السودانيين هو الأصل في دعوات ثقافية معلومة مثل «الغابة والصحراء» «والسودانوية». وهي دعوات نرجسية نقطع بها أوصال علائقنا بالعروبة الفصيحة والإسلام الشرعاني وحتى الأفريقية الوضحاء لننكفيء في زمان ومكان سناريين أو سودانيين. وهي حالة لا عربية ولا إسلامية ولا أفريقية وإنما هي بين ذلك قواما. وقد سميت من قال بهذه الدعوة بـ «الخلعاء» وسميت مهرجان خلعهم للثقافتين العربية والإسلامية والأفريقية بـ «استربتيز» حضاري نتجرد به من أصول ثقافية لا مهرب منها لنتصالح على لا شيء.

لا ادري سر خوف الدكتور الدفين من كل ما له صلة بافريقيا وبالثقافة السودانية المحلية . فلا يمكن للحديث عن اي ثقافة دون الحديث عن المكونات المحلية لهذه الثقافة التي تمنحها خصوصيتها بين الثقافات الاخري بدون هذه المؤثرات الافريقية المحلية لا يمكن الحديث عن ثقافة سودانية اصلا .

Post: #171
Title: Re: مقالة جميلة ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-07-2006, 09:52 PM
Parent: #1

شكرا اخي منصور المفتاح على اتحافنا بهذه المقالة الجميلة الرائعة لمحمد جميل وهي تصب في قلب صحن هذا النقاش واجمل ما فيها حديثه عن تصوير محمد عبد الحي الوشائج التي شكلت الوجدان المشترك لانسان السودان .، وكنا قد اشرنا اليها في هذا الخيط تحت عنوان محمد عبد الحي ومصهر روح الامة. جاء في مقالة محمد جميل الجميلة حقا :
Quote: ومن ذلك الأفق خلق محمد عبد الحي نسيجا ً متـفردا بمنوال صبغت تيماته ألوان أسطورية من منابع غريبة وكاملة الجـِّدة . مكــّن منها تجوال ٌ صهر روحه بمختلف تضاريس السودان وحساسياته الإثنية والحضارية . ودوّن في نفسه أسئلة مصيرية ظلت تتوارد عليه من مطارح شديدة الاختلاف والتمايز ، تعالقت فيها صراحة اللغة بالجذر الأنطلوجي للسودانوية الناشئة في المنزلة بين المنزلتين من التكوين الديمغرافي السوداني : (العرب والزنج) . حتى مَرَد نفسه على عناء كبير في مسار إبداعي شعر بداياته إحساسا ضاغطا وواعدا بأعماق أكثر دهشة وتجريبا ً ومغامرة حقق فيها (معادلة الرماد). تلك التي عجزت عن استيعابها مانوية الخطاب الشعري السوداني بين الأبيض والأسود في زمانه . وبالرغم من أن تجربة (جيمس جويس) في (يولسيس/ عوليس) ألهمته الأفق النوعي الخاص لتجربته في خلق الهوية بحسبانها روحا متعالية صهرت ذاتها في شعبها أو شعبها في ذاتها ، خصوصا في ديوانه المهم (العودة إلى سِنـّار) " قصيدة طويلة من خمسة أناشيد" . إلا أن تجربة محمد عبد الحي ، التي زاوجت دلالتها على أقنوم ثنائي برز في ذات تاريخية واحدة تمثــّلت في (السلطنة الزرقاء) " التي هي أول كيان تاريخي قام على حلف صهر العرب والزنج في بوتقة واحدة في القرن الخامس عشر الميلادي بمدينة سنار ، وأنتج ديمغرافيا السودان المعاصرة " ، كانت هي المصهر الوحيد لشعبه كفضاء رمزي تاريخي . لذلك ظل عبد الحي يتأول الدلالة الرمزية المزدوجة في ثنائيات مترادفة ومعبرة عن ذلك المصهر العرب / الزنج) (النخل / الأبنوس) (الطبل / والربابة ) ( الغابة / الصحراء) ، ومستصحبا تيماتها الجمالية في حدي التجربة ، من أعماق التاريخ العربي إلى أحراش الجغرافيا الاستوائية بجنوب السودان . ومن أقدار أبي العلاء المعري ، إلى طقوس قبيلة (الدينكا) النيلية (التي ينحدر منها المناضل السوداني الراحل د. جون قرنق) . ليكتشف بذلك صيرورة شعرية جديدة ارتكزت على هوية ضاع عنها طويلا ً دون أن ينتبه إليها ، لقربها الشديد واللصيق من روحه وقدره ، وتاريخه . وليعود إليها كما عاد (أبو يزيد البُسطامي) الذي ترك الحق وراءه ببسطام ، وهو يبحث عنه


Post: #172
Title: Re: مقالة جميلة ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-07-2006, 11:41 PM
Parent: #171

فى تعليق للأستاذ الفيا إستطاع أن يضمن التنوع السودانى فى الغابة والصحراء لطبيعة التنوع المتوفر حقيقة فى الغابة بتنوع أشجارها وفى الصحراء بتدرج تنوعها إذن الغابة والصحراء مفهوم بمثابة الصحائف او الصفائح وبذلك يكون التضمين كتصوير المجتمع كما هو وطباعته على تلك الصفائح أوالصحائف أما البوتقه فهى كالدورق وهى لا تعنى الإذابه ولكنها وسيله داله لطبيعة الإستخدام الكيميائى لعناصر مختلفه بمزج علمى محدد للوصول لنتيجة ربما تكون معلومه ولكن لطبيعة العناصر المعلومه وهى التنوع البشرى شكلا ومضمونا فإن البوتقه يمكن أن تقوم بنفس دور صحائف وصفائح الغابة والصحراء وتظل طبيعة التنوع موجوده كما هى لعدم إمكانية مزجها كيميائيا إلا إذا توفر الكيد لإحداث المزج بإضافة عناصر معينه لتحقيقه وبذلك لا يكون التغيير نهائى لطبيعة النوع ولكن تغيير لإمتلاك إمكانية الإستجابه للأنواع الأخر وبذلك يكون الإختلاف بين الغابة والصحراء والبوتفه إختلافات مقادير وليست بإختلافات أنواع وبذلك يمكن الأنطلاق فى توحيد الرؤى حتى تتثنى الإستجابة بين الأنواع المختلفه.................................






الأخ الأستاذ والكاتب الشاعر أسامه الخواض السلام عليك ورحمة الله ورمضانك أكرم...كقارئ لكل ما طرح وصلت لتلك النتيجه والتى أحسبها رؤيه لا غبار عليها عن المعروض من الحوار الذى أود له أن يكون ذا غاية ساميه وليس بمغالطات جدليه لإثبات تفوق رأى على رأى آخر ولكن للإسهام الجاد فى خلق مفهوم عن الهويه تفك اللغز الغامض الذى طل علينا برأسه فى هذا الظرف من الحاضر المؤلم حتى تجتمع أوصال واطراف المجتمع فى حبه والرضاء به وبتنوعه فليس تلك المفاهيم بتعاويذ ذاتيه تحمى وترتقى بصاحبها كفرد كتلك الطقوس التى يمارسها المتصوفه ولكنها مفاهيم لصياغة أطر مفرحه لمجتمع قوس قزحى يتفرد بالتنوع لياتلف ولا يختلف ولا أشك فى إخلاصك أو جهدك أو خراجك فى ذلك الخيط الهام فى هذا الوقت بالتحديد الذى يحتدم فيه الصراع والحوار لينال كل ذى حق حقه بحجم ما قدم للوطن وما يمكن أن يقدمه فالفكر الذى لا يلامس الواقع ويتسع ليستوعبه فكر عاجز عاطل فالغابة والصحراء مفهوم يوحد التنوع فى المجتمع وشراحه كالانبياء ينيرون طرق الخير للناس وثانية أقول أن الخلاف فى شكل الطرح لا فى موضوع المطروح وإن كنت ترى غير ذلك فأشرح لنا دون تشفير الدور المناط بالغابة والصحراء أن تقدمه والحاح حاجة المجتمع فى أوج قمتها..................................



ولك الود ولك السلام



منصور

Post: #173
Title: Re: مقالة جميلة ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-08-2006, 00:42 AM
Parent: #171

واجمل ما فيها حديثه عن تصوير محمد عبد الحي الوشائج التي شكلت الوجدان المشترك لانسان السودان .، وكنا قد اشرنا اليها في هذا الخيط تحت عنوان محمد عبد الحي ومصهر روح الامة. جاء في مقالة محمد جميل الجميلة حقا :

الأخ الأستاذ الفيا لك أيضا من الشكر والسلام الوفير الكثير ولأن ما جاء به جميل مثله أتيت بها لتثرى النقاش ولتضيف للقراء بعدا من إنموذج عبدالحى الحى فى تلك الورقه كمقطتفات متبوعة بشروح ورؤى



منصور

Post: #174
Title: Re: مقالة جميلة ،
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-08-2006, 01:30 PM
Parent: #173

Quote: نحن نترك للقارئ مساحة كافية للتفكير حول المساهمات المطروحة.


أليس ذلك ما ينشده كل من يتفضل بالمرور على المدخلات الرصينة التي أوصلت البوست إلى ما وصل إليه من تشويق

Post: #175
Title: الارتباكات العظيمة
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-08-2006, 03:31 PM
Parent: #1

((وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.))
الخاتم


برؤية مبصرة وكاشفة يمسك الراحل الخاتم بفكرة عن تحولات د عبد الله ويقول انها فى الاساس تحولات سياسيةمكسوة بجلال كاذب ومغشوش
ويضيف انه يحول مواقفه السياسية الى موقف فكرى شامل .....واقول اضافة انه يكرس له ترسانة من الكتابات والمحاضرات والمحاورات مع
ا مثال حسن مكى وعبد الله حمدناالله
هذه العزة والمكابرة اوصلت د عبد الله السياسى والمفكر وعالم الفلكلور والباحث
للدفاع عن افكار بائسة وفقيرة مثل الحديث عن صفاء اللغة العربية فى السودان وكانه يخاف عليها من عدوى المخالطة مع لغات السودان المتعددة
ما يحاول ان يؤسس له د عبد الله لا يحتاج لجهود كبيرة فهذه الافكار لها انصار لم يكتفوا بالتنظير فقد اعلنوا الجهاد وجيشوا الشباب وخاضوا حروب رجعوا منها بالخسران
والابوها مملحة ما بقبلوهاخالية
ومتشكرين يا اخا العرب

Post: #176
Title: Re: الارتباكات العظيمة
Author: osama elkhawad
Date: 10-09-2006, 00:44 AM
Parent: #175

عزيزي صاحب الحوش الصغير:
حيدر حسن ميرغني
قلت:
Quote: نحن نترك للقارئ مساحة كافية للتفكير حول المساهمات المطروحة.
أليس ذلك ما ينشده كل من يتفضل بالمرور على المدخلات الرصينة التي أوصلت البوست إلى ما وصل إليه من تشويق

اوافقك على كلامك ،
وفي ان البوست يسير بشكل مشرف يليق بحوار جاد،
فقط اعتراضي يتمثل في ان نركز على موضوع :
الغابة و الصحراء

الاتيان بمواضيع لها علاقةبالبوست،
محمود جدا،

لكن-في المقابل،
نعشم في مساهمات مؤسسة ،
و أصيلة.

محبتي لك

و ارجو ان تغفر لي تأخري،
لانني "اكرّّب " ما قمت به .

المشاء

Post: #177
Title: llالغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-09-2006, 07:15 AM
Parent: #1

الغابة والصحراء جماعة ثقافية لها شرف المحاولة فى التعبير عن سودان متعدد الثقافات
هى ليست حزب سياسى
لذا يجب دراستها فى هذا الاطار وفى السياق التاريخى الى وجدت فيه
اهتم شعراء وادباء الجماعة بمحاولة ابراز العنصر الافريقى فى الثقافة السودانية
وفى دراسة الانقتادات التى وجهت لها نجد ان د عبد الله على ابراهيم يدعى انهم ابتعدوا عن الثقافة العربية الاسلامية وفى جانب معاكس كانت انتقادات بولا وحسن موسى بانهم لم يكونوا اصلاء فى الاهتمام بالعنصر الافريقى فى الثقافة السودانية
الحوار حول الغابة والصحراء ليس حوارا منبتا فى الثقافة والفكر بل هو حوار مضمخ بالسياسة والايدلوجيا ويظهر ذلك بجلاء عند د عبد الله لذا فان قراءة افكاره تستلزم الاحاطة بكل ما يكتب فبينها وشاتج تنحو لاهداف مرسومة بدقة يعمل عليها بمثابرة ونشاط ووعى

Post: #178
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-09-2006, 11:46 AM
Parent: #1



الأحباء هنا :
تحية طيبة .

ترددت كثيراً في إيراد موضوع كتبه الدكتور عبد الله علي إبراهيم في صحيفة (سودانايل ) السماوية التي يرأس تحريرها الأستاذ ( طارق الجزولي ) في عددها بتاريخ 21/ 05/ 2004 م وله علاقة هشة بموضوع الغابة والصحراء و علاقة حميمة بطرف من أطراف الهوية يدور في الساحة الآن الكثير حوله ، واللغة والمُصطلحات في الموضوع رغم اختلافي في بعض ما أورده الدكتور من رؤى ، فهو لم يزل بكراً ، و ولود أنثاه ، ربما أجد متسعاً لتوضيح خلافنا معه لاحقاً إن تيسر .
الناظر بروية للغة ومنهج الدكتور عبد الله سيضطر ألا يستعجل الحُكم على تلك الرؤى ، في حين أنني أحاول قدر الممكن أن يطال النقد الرؤى دون المساس بالشخوص وخياراتها ،رغم تداخل تلك الرؤى في بعض الأحايين بشخوص أصحابها . ربما لهذا التداخل شيء من الحقيقة ، وربما به من المكر ما به !! ، ولذا أحب تناول الرؤى وتجنب المساس بالشخوص .

مرفق لكم النص :

النص :

الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة
عودة إلي مفهوم القس سبنسر ترمنغهام (1949) عن الإسلام الشعبي
عبد الله علي إبراهيم

ترجمة محمد عبد الله عجيمي

سادت منذ حين مصطلحات وأوصاف في الكتابة عن الثقافة السودانية لم تخضع بعد إلي التمحيص. ومن هذه المصطلحات قول الكتاب أن إسلام السودانيين المسلمين هو "تأسلم" وأن عروبة عربهم استعراب وأن خليط هذين الحظين المبخوسين هو "الاسلاموعربية". و"التاء" في حال التأسلم والإستعرب هي "ت" الافتعال. وهذا حكم مجازف لا يصدر عن علم أو تأهيل لأنه لا احد يعرف "مقدار" الإسلام أو العروبة التي يشترط توفرها في كائن بشري حتى يصح وصفه بالمسلم العربي بغير "تاء" المناتقة كما جاء عند الدكتور عبد الله الطيب.

واخشي أن يكون ذيوع هذه المصطلحات أثراً من معارك السياسة العملية حيث تدور رحى حرب الحداثيين والأصوليين من العرب المسلمين منذ حين في سياق حرب أهلية بغيضة. وقد أراد الحداثيون كسب نقاط علي خصومهم الدينيين بالقول إن ديننا هو "نص ديانة" وعروبتنا هجينة فلا تخوتوننا. وإذا صح مثل هذا الاعتذار بضآلة كسبنا من الإسلام والعروبة في معمعمان العراك السياسي فهو لا يجوز في مقام العلم بالأشياء.

ومصطلحات الحداثيين الدهريين من مثل الاستعراب والتأسلم قديمة حتى لو بدت لها لمعة عند الناطقين الجدد بها. فهي من موروثنا من الإثنوغرافية الاستعمارية والتبشيرية التي نشط فيها هارولد مامكايكل بكتابه عن (تاريخ العرب في السودان، 1922 ) والقس الأنجليكاني ترمنقهام بكتابه عن الإسلام في السودان (1949). ولم نقصد برد منشأ هذه المصطلحات إلي بؤر استعمارية القول إن متبنيها في أيامنا هذه ملوثون ومصروعون بالغرب. حاشا. أكثر ما نريده في هذا المقام القول إن هذه المصطلحات قد تفرعت من نظريات "ألأوابد"survivals والانتشار التاريخي للثقافة ومباديء الوظيفية functionalism التي سادت في أوائل القرن الماضي ثم خبت جذوتها وهجرها الناس إلي نظريات أهدي وأقوم. ووقف للأسف حمار نظرنا الثقافي في عقبة تلك النظريات المهجورة. وقد نعزو ذلك إلي أن شعبة الأنثربولجيا بجامعة الخرطوم ،التي هي مركز تلقي الجديد في هذا العلم، قد كفت عن العناية بالثقافة منذ تحولت إلي شعبة خدمات لمنظمات غوث الملهوف الغربية. وأضحي جهد أكثر أساتذتها منصباً علي كتابة مذكرات عن خلفيات اجتماعية للسودانيين المراد غوثهم أو تطويرهم. وهكذا توقفت الشعبة عن النظر الثقافي الذي ميز جيلها الأول مثل الدكتورين تاج الأصفياء وفهيمة زاهر. وسيري القاري خطر مثل هذا التباطؤ في متابعة النظر الثقافي المطرد الذي انتهي بنا إلي التعلق بنظريات عن أخص خصائصنا عفا عليها الزمن ورمي بها الناس في مزبلة العلم لو صح التعبير.

وقد حاولت في مقالين لي بالإنجليزية أن أوطن النظر الثقافي عندنا فيما استجد من علم الهوية والثقافة. نشرت كلمتي الأولي في مجلة الدراسات الأفريقية العالمية الإنجليزية عام 1985 ونشرت الثانية بكتاب حرره الدكتوران سيد حامد حريز والفاتح عبد السلام عنوانه في العربية: "الإثنية والخصام ولتكامل القومي في السودان" (1989). وقد حال صدورهما في الإنجليزية وتنائي المنشورة بالخارج منهما عن محيط البلد دون أن يجدا مكانهما في المناقشات الجارية علي قدم وساق في بلدنا عن الهوية. وقد التمست عون الأستاذ عز الدين عثمان المحامي في ترجمة المقالة الأولي والأستاذ محمد عبد الله عجيمي في ترجمة الثانية. كما دقق في التعريب الدكتور بدر الدين علي والأستاذ الخاتم المهدي. فجزاهم الله عني كل خير. وقد راجعت التعريبين لأتحمل تبعة نشرهما وحدي دون غيري. وقد نشرت المقالة الأولي المعنونة "كسار قلم مكميك: عودة إلي هوية الجعليين ألكبري" هنا علي حلقات منذ حين. وها أنا أبر بالوعد وأنشر المقالة الثانية المعنونة " الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة" علي حلقات هنا. ولن يجد القاري ثبت المراجع ويمكن لطالب الاستزادة الاستفسار عن مرجع أو آخر علي بريد المؤلف.

وجهة النظر المأخوذ بها حاليا حول هوية السودانيين الشماليين الإثنية والدينية هي في جوهرها من عمل هارولد أ. مكمايكل (1922)1 وجي. سبنسر ترمنغهام (1946)2. ويقول مكمايكل أن القاسم المشترك الأعظم في الهجين العربي الأفريقي، الذي نشأ عن اختلاط النوبة المحليين والعرب، الذين استقروا على نهر النيل منذ القرن التاسع وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، هو تلك الأرومة البربرية أو النوبية المشتركة التي تسري في كافة عناصره بنسب شديدة التفاوت (1922:235). وقد أطلق ترمنغهام على دين هذا الهجين اسم "الإسلام الشعبي" لأنه مشرب بالوثنية الأفريقية. وأراد ترمنغهام بهذه التسمية القول انه إسلام آخر علي النقيض من الإسلام الارثوذكسي ANTI -ORTHODOX ،أو هو هجينSYNCRETISTIC علي اقل تقدير، أو غير تقليديUNORYHODOX(1949 :10. وقد قبل الباحثون اللاحقون بهذا التوصيف لهوية الشماليين الإثنية والثقافية على نطاق واسعهارولد باركلي 1964 :136-137؛ يوسف فضل حسن 1967 :152؛سيد حريز 1977 :11،22؛ وليام آدمز 1977: 557،574،577؛ أحمد الشاهي وف.ت.مورF. C. T. MOOR 1978 :32؛ حيدر إبراهيم 1979 :15،126؛ أحمد عبدالرحيم نصر 1980 :88-91 وشرف الدين عبد السلام 1983 :5،10،43)3.
ينطلق توصيف كل من مكمايكل وترمنغهام لهوية الجعليين الكبري من فرضية فاسدة لا تستمد جذورها من الحقيقة المشاهدة للتمازج العربي-الأفريقي في السودان فحسب بل من الدلالات السلبية لمصطلح السفاحية العرقيةMISCEGENATION في الثقافة الانجلو-ساكسونية. فهولاء البيض من ذوي السلطان علي الفكر ومفاهيمه يستهجنون في دخيلة أنفسهم خلطة الأعراق ويعدونها خرقاً وسفاحاً (علي المزروعي1973 :58،75).وعليه فمكمايكل يتحدث عن عملية التمازج العربي-الأفريقي في السودان والعنصر الذي نتج عنها بمصطلحات مثل:"التدني"، و"النقاء العرقي"، و"السلالة الأصلية"، و"التلوث" وما يجري مجراها1922 :195،208،223،318،336). وهذا فعل من يستنكر في قرارة نفسه تزاوج الأعراق وخلطتها. بل أنه وصف مجموعة عرقية سودانية بعينها يجري فيها دم أفريقي أكثر من الدم العربي بأنها "متدنية أو هابطة". وقال أنه عني بهذا الوصف أن تلك الجماعة ببساطة وبراءة "أقل عروبة" من غيرها. وقد برر لجوءه لهذا المصطلح بقرينة أنه يكتب عن العرب في السودان لا عن أفارقته: " وبما أنني أكتب عن العرب وليس عن السودانيين الأفارقة الذين سبقوهم إلي السودان بصورة أساسية فإنني استخدم عبارة"أكثر تدنيا" كمعادل ل"أقل عروبة"(1922 :223)". وبرغم هذا التنصل فان عمل مكمايكل يوحي أحيانا بأنه يرى"الدم العربي" أعلى قدراً من "الدم الأفريقي" .فهو يشير، على سبيل المثال، إلى أن أغلب الأسر ذات البشرة الشاحبة، التي يفوق مقدار دمها العربي مقدار دمها الأفريقي، تنفر من التلوث بدم هو مزيج سوداني خالص(1922 :199 31. وعلى نحو مماثل ينسب مكمايكل وترمنغهام تفوق الكنقارا، وهم سادة الفور بغرب السودان، وبأسهم إلى أرومتهم العربية الأولي (مكمايكل 1922 :91؛ترمنغهام 1949 :32). والواضح أن وراء استخدام مكمايكل لمصطلح "تدني" دلالة أكبر من مجرد مصادفة أسلوبية في الكتابة عن العرب دون الأفارقة. ويبدو تمسكه بمقولة التدني الثقافي الناشئ عن التدني العرقي هذه أكثر وضوحا حين يصف إسلام "عرب" السودان الشمالي بأنه "ملوث بعادات وخرافات مختلف السكان الأصليين الذين استقروا بينهم" (1922 :195). وحسب ترمنغهام فان "الزنوج-العرب" و "الحاميين-العرب" في السودان دخلوا الإسلام وصبغوه بقدر وافر من وثنيتهم (1922 :10،149). وقد بدا له إسلام السودانيين مشربا بعناصر وثنية أفريقية كما هي في دارج فهم الغربيين لعقائد الأفريقيين المتهمين بالتعلق بالخرافة النزعة العاطفية وقابلية التأثر بالإيحاء الجماعي (1949 :108،149). وجريا على ذات النهج يشير ترمنغهام إلي "تعصب" البقارة للمهدية وينسبه إلى غلبة "الدم الزنجي " فيهم (1949 :30).
بات واضحاً أن مقولتي "التدني العرقي" و"التدني الثقافي" متناصرتان يشدا واحدهما أزر الأخرى في هذه المناقشة حول هوية السودانيين الشماليين. فالدهماء في نظر ترمنغهام ترتبط بخرافاتها ارتباطاً لا ينفصم (ترمنغهام 1949 :195). وستقتصر هذه الورقة على مناقشة مقولة التدني الثقافي التي ينطوي عليها مفهوم الإسلام الشعبي الذي جاء به ترمنغهام ليصف إسلام السودانيين. وسنتناول بالنقد المنهج والمفاهيم التي استبطنت مقولته عن الإسلام الشعبي. وإضافة إلى ذلك سوف تناقش الورقة حماسة الدراسات الأثنوغرافية السودانية في قبول هذه المقولة بغير تأمل ونقد. وهي حماسة تتناقض مع أفضل أحكام ترمنغهام الذي حذر من الأخذ ببعض مقولاته إلى حين إجراء دراسات مفصلة حول الإسلام الشعبي في أقاليمه المختلفة (1949 :171). ولا حاجة للقول بان هذه القبول السكوتي لمقولته يتعارض أيضا مع أفضل النظرات التي تمخضت عنها تلك الدراسات الأثنوغرافية نفسها. وترى ورقتنا أن فهم الإسلام في السودان، في وقت أصبح الدين يلعب دوراً متزايداً في الحياة الثقافية والسياسية للبلد، سوف يبقى قاصرا من دون نظر نقدي في نصوص ترمنغهام وأفكاره.
يرى ترمنغهام أن الإسلام في السودان يراوح بين قطبين هما الإسلام "الشعبي "والإسلام الأرثوذكسي ORTHODOX ISLAM وقد فسر الاختلاف بين الاثنين في ضوء أطروحته العامة حول التعايش التاريخي بين الإسلام الرسالي الأول وبين نظم هجينة تفرعت منه في البلاد التي تمدد إليها . وعلى حد قول تلك الأطروحة فان قلة فاتحة ضئيلة الشأن من العرب جاءت بالرسالة ، أي بالقرآن والسنة، فأخذتها الجمهرة إلي أقاليم الدنيا واستثمرتها في معاشها ومعادها كادحة إلي ربها كدحاً. وقد أعطى هؤلاء الذين دخلوا الإسلام تلك الرسالة "استشرافا للعالم دفق بدوره الدين في كل شئ في الحياة". وبمضي الزمن، في قول ترمنغهام، تطور الإسلام إلى النسق ألتوفيقيSYCRETISTIC SYSTEM الذي هو عليه اليوم. وهو نسق علي خلاف الرسالة الإسلامية الوافدة والحضارة التي تمثلتها. فهذا الهجين في نظر ترمنغهام "شئ جديد حقاً نشأ عن تفاعلهما وتركيبهما". ويصف ترمنغهام هذا النظام المهجن بأن له قوة باطنية غير عادية لتمثل وهضم العناصر الأجنبية التي أثرت مفاهيمه الأصلية الغريرة بينما احتفظ، في ذات الوقت، بعزائمه الخاصة في طلب الشوكة والوحدة العضوية والنظر المحيط للعالم. ويقرر ترمنغهام أن الشريعة تبقى الرمز لأهل النظام الهجين بينما تحكم الأعراف والعوائد حياتهم (1949 :106-107).

ويعتبر ترمنغهام،فيما يبدو، التهجين SYNCRETISM عملية خلاقة حينما تطرق لكيف تهجن الإسلام وتطور داخل الحضارتين الهلينية-الشرقية (1949 :106) إلا أنه سيء الظن بعاقبة التهجين لدي تناوله لإسلام السودان الهجينSYNCRETISTIC ISLAM :-

"...لقد أشرب الإسلام بصبغة قوية من الميول والنزعات الأفريقية فجاءت سماته المميزة ممثلة في الوجدانية المسرفة والخرافة... جاء الإسلام إلى بلاد بلا حضارة (السودان-أفريقيا) خلا الناس فيه من كل إرث باطن يسهمون به في ترقية الدين الوافد صعداً" (1949:104.
وزاد ترمنغهام بأن قال أن الذين قاموا بنشر الإسلام في السودان لم يأتوا بإسلام من الدرك الأسفل فحسب بل كانوا أنفسهم من الجهلاء الذين قصر خيالهم دون التدريب الحسن في عقيدة الإسلام الأرثوذكسية. وواصل قائلاً أنه قد سنحت الفرصة كاملة لهؤلاء الدعاة الجهلاء، وسط قوم بلا خلفية ثقافية، أن لا يستصحبوا خرافات الناس وترهاتهم فقط بل أن يجسدوها هم أنفسهم في هيئة أولياء صالحين ذوي كرامات (1949 :10".

ومن أول متاعب الباحث مع مفهوم "الإسلام الشعبي" أنه غير دقيق في الإحاطة المقنعة بالظاهرة التي خرج لوصفها. فالإسلام الشعبي، حسب ترمنغهام وسالكلي نهجه، هو إسلام صوفي في غالبه إرتدف ممارسات وثنية مميزة أيضا. فمن المعلوم أن رجال الصوفية هم من نشروا الإسلام في السودان بصورة رئيسية. ولقد سبق لنا الوقوف على الفكرة السلبية التي يحملها ترمنغهام عن إنجاز هؤلاء الرجال. فقد وصف الطرق الصوفية، التي هي عنده نقيض الأرثوذكسيةORTHODOXY ، بأنها التعبير المنظم عن حياة السودانيين الدينية. ويصنف ترمنغهام الإيمان بالمهدية كجزء من الإسلام الشعبي رغم أنه يطلق علي المهدية اسم "الإسلام البدائي" (علي غرار المسيحية البدائية المضطهدة في ظل دولة الرومان) الذي هو عنده الأصل الذي جاء به النبي (ص) (1949 :155). من الناحية الأخرى لا يعتبر ترمنغهام "الإسلام البدائي" إسلاما أرثوذكسيا ORTHODOX طالما أنه يرفض المذاهب الأربعة كما فعل المهدي (1949 :162). وهنا مطعن علي ترمنغهام كبير. فهو يدخل مفهوم المهدي في الإسلام الشعبي ثم يخرجه منه بمنطق دائري. وأخيرا فان ترمنغهام لا يفرق كثيرا بين الصوفية الخالصة التي تروق للمتعلمين وبين الاعتقاد في الأولياء والصالحين السائد عند جمهرة الناس (1949 :193). فهما عنده سواء مما يدخل المتعلمين في جمهور الإسلام الشعبي أيضا. ولكنه يري أن عقيدة العامة تضمنت المفاهيم الصوفية بشكل مفسد (1949 :210). وعلى وجه العموم فان وجهة النظر الأكاديمية السائدة عندنا تطابق بين الإسلام الشعبي وبين الصوفية التي يعتقد الباحثون أنها لم تبلغ قوماً بلا حضارة وحسب، بل كانت هي نفسها تمر بمرحلة متضعضعة من تاريخها، وبين الإسلام الشعبي.
للباحثين نظرات شتي في البؤس الثقافي المزعوم للإسلام الشعبي. فهو في نظر الباحثين تجلي متدن للإسلام الرسالي في بيئة السودان الجاهلة. فلما أعيت الإسلام الحيلة عندنا أن يتحقق علي مثاله الأرثوذكسي الرسالي أو الرسمي هبط إلي درك الشعبية. (ترمنغهام 1949 :115؛ حريز 1972 :22؛ إبراهيم 1979 :126؛ عبد السلام 1983 :43). ويرى هؤلاء الباحثون أن السودانيين انتهوا إلي إسلام متدن حين مزجوا الإسلام الأرثوذكسي بالعادات المحلية.

كان بوسع ترمنغهام في الأربعينات أن يخوض في هجنة الدين كما فعل. ولكن لا عذر لسالكي دربه لأن الدراسات الأكاديمية الحديثة حول الهجنة SYNCRETISM ،وتجلياتها في الإسلام على وجه الخصوص، علي نقيض الصورة التي رسمها ترمنغهام للإسلام "الشعبي" في السودان. وقد وضع جي.سبولدنغ JAY SPAULDING أصبعه ،على نحو مميز، علي الخلل في معالجة ترمنغهام والمعالجات الشبيهة بها. يقول سبولدنغ أن وجود ممارسات إسلامية سودانية مما قد تكون بدعاً سافرة قد قاد اؤلئك الباحثين إلى استخلاص نتيجة مفادها إما أن السودانيين مسلمون غير ملتزمين أو أن إسلامهم يختلف عن إسلام الشعوب الأخرى. ويرى سبولدنغ أن المسالة الأولى هي شأن متروك الحكم فيه لربهم الذي خلقهم بينما الثانية نموذج للبرهان الدائري- أي أن يفترض المرء مسبقا أن السودانيين مسلمون ثم يأتي من بعد ليقف علي طبيعة وشذوذ الإسلام السوداني (1977 :49).

وقف الباحثون في الإسلام في شرق آسيا، بحزم، ضد الفكرة القائلة بان الهجنة تتمخض في نهاية المطاف عن ضرب من الإسلام من الدرجة الثانية. ويرى جون بوسفيلد JOHN BOUSFIELD أن الإيحاء بان المراحل الأولى للأسلمة في جنوب شرق آسيا كانت تحمل في طياتها فكرة تعدد الآلهة بقدر تعد قوي الطبيعة ونواميسها. وهي المعروف ب "الإشراك" في الديانات التوحيدية. ومن ثم جاءت، بالضرورة، بإسلام "غير نقي" هي فكرة ليس لها ما يسندها (1985 :207). و من ناحية أخرى يلقي عاصم رويASIM ROY اللوم على دارسي الإسلام الذين يصبون اهتمامهم على قياس انتشار الإسلام على المستوى الإقليمي بمسطرة الإسلام الأرثوذكسي. هذا القياس ، فيما يقول روي، يحيل عملية جد خلاقة ومركبة للتفاعل الثقافي بين ديانة مقتحمة وثقافة محلية، إلي مجرد مسالة استقطاب بسيطة، غير حاسمة ولا موضوعية بين ضرب من الإسلام "الحقيقي" أو "الأصلي" وضروبه المنحرفة عنه المسماة ب "الشعبي" أو "العامي" (1983 :249).

وفوق ذلك فإن مصطلح "الهجنة" قد يكشف، وبشكل مضطرد، عن قصور نظري في تحليل كيف يغير الناس معتقدهم ويدينون بدين جديد. بل أن ستيفن قليزر STEPHEN GLAZIER وجد مفهوم الهجنة مضللاً. واستفاد قليزر من ليكوكس الزوجة والزوج (1972 :320 ) ليخلص إلي أن مفهوم الهجنة يفشل في إنصاف العملية الخلاقة في تحول الناس إلي الأديان حيث يوحي بأنها ، بالأحرى، مجرد عملية تجميع آلية لأفكار خليط من الدين الوافد وعقائد سبقته بين من اعتنقوا هذا الدين (جلازير 1985 :60).
ويمكن لهذه القطبية (المثالي-الواقعي) أن تكون أكثر تضليلا إذا ما أخذت بمعزل عن سياق الخطاب الذي أفرزها. ويوضح روي، على نحو بارع،أن المثالي في الإسلام أو الأرثوذوكسي، هو من ابتداع المستشرقين ودارسي الإسلام الأول ممن لم يطلعوا علي أبحاث تجريبية عميقة حول الإسلام في أقاليم أهله العديدة . فقد نحت هؤلاء الباحثون، فيما يرى روي، نموذج الإسلامي الأرثوذوكسي نحتاً استندوا فيه بالضرورة على مثال المذهب السني. وأصبح هذا الابتداع، الإسلام الأرثوذكسي، المحك الذي يقيسون به صحة كافة المظاهر الإسلامية الأخرى(روي 1983 :5). وعليه فادعاء هذا الكيان المبتدع أنه الأصل والحق و"الدين" هو مما فرضه هذا الكيان نفسه علي ضروب التدين الأخرى. وهي ضروب يحق لها بذات القدر أن تدعي مصداقية جوهرية وجاذبية باطنة للمعتقدين بها. علماً بأن اولئك الباحثون لم يجعلوا الإسلام الأرثوذكسي مرادفا ل "الدين" إلا في ضوء معيار مسبق للصحة يرتبط بمفهومهم للحقيقة (عبد الحميد الزين 1977 :24.

وهذا منهج أخرق في قول روي: " يكمن القصور الأساسي لهذه النظرية الإستشراقية المثالية للتفاعل الديني الثقافي في نزوعها إلى تقييم الظاهرة الإسلامية والمسلم استنادا إلى درجة التطابق مع مثاليات أو معايير الإسلام الأرثوذكسي. ويعاني هذا المنهج الاستدلالي في مجال دراسة التغيير الديني من قصور ذاتي حيث يبدأ بتعريف مسبق للإسلام ومن ثم قبول أو رفض ما يعرض لهم من إسلام أقوام مسلمين بمقدار انسجامه مع ذلك التعريف . ومنهج كهذا لهو عاجز عن تفسير الدين تفسيراً يبلغ ما يعنيه الدين لمن يؤمن به ويتعبد به ويوقره في خاصة نفسه. وإذا كان الهدف من دراسة دين ما ليس هو تعريفه بل التعرف عليه فان هذا البحث المعياري، الذي يحاول فرز المسلم "الصالح" من المسلم "الطالح"، قمين باتخاذ وجهة خاطئة" (1983 :5).

وعليه فإن مصطلحي الإسلام الشعبي والإسلام الأرثوذكسي لا يندرجان تحت علاقة الواقعي في مواجهة المثالي، بحفظ الترتيب. بل علينا أن ننظر اليهما من وجهة نظر المسلم كضربين أو واقعين إسلاميين مختلفين كما سنبين ذلك بالتفصيل لاحقا. ونقول، مستفيدين من عبارة لميشيل هرزفيلد MICHAEL HERZFELD ، أن الإسلام الشعبي والإسلام الأرثوذكسي لا يشكلان تمييزا بين "الواقعي" و"المثالي" بقدر ما يمثلان تقابلاً بين واقعين :أي فكرتين حول ما ينبغي أخذه في الاعتبار عند محاولة تعريف ماهية المسلم(1982 :9).

ويضر تشديد الباحثين على الانفصام بين الإسلام التقليدي والإسلام الشعبي بمحاولة فهم أوسع وأشمل للإسلام في السودان. وقد درج الباحثون اللاحقون لترمنغهام، دون تمييز، على إعادة صياغة أفكاره حتى عند تعارضها مع بصيرتهم التجريبية المستقاة من العمل الميداني بين الجماعات المسلمة، كما سيتضح بالتدريج. ويكشف وصف ترمنغهام لأداء الإسلام في السودان،وما استنسخ الباحثون التالون له منه، دون اختلاف يذكر، عن ملمحين،الأول: أن ترمنغهام يميز بين الإسلام الأرثوذكسي والإسلام الشعبي على المستوى القومي أو مستوى "القرية الأنثروبولوجية" باعتبارهما مؤسستين وواقعين متعارضين تماما. وإذا نظرت إلي عناصر هذه القطبية رأيت مدي التحامل التاريخي للدراسات الأكاديمية علي العامة المستضعفين وتنميط طرائقهم وتبخيسها كيفما أتفق. ويوضح الرسم المستخلص عن هذه الدراسات كيف أن هذه الدراسات تتحيز ضد الوثني، والأفريقي والأمي والعملي والأنثى حين تقيسهم علي المسلم والعربي والمتعلم والنظري والذكر (الأشكال لن تصحب المقال).
التحامل الثاني في تحليل ترمنغهام هو إخضاعه للممارسات الدينية بحسب درجة قبولها النسبية عند علماء الدين (باركلي 1964 :206). وهكذا سارع لباحثون لتعيين البدعة والمحرم والمفارق للقرآن في ممارسات الإسلام الشعبي بمقياس ما ظنوا أنه لا يتسق أو ينافي الإسلام الأرثوذكسي (ترمنغهام 1949 :127،164،166،181،210). ويقول حيدر إبراهيم بوضوح أنه بنى دراسته عن إسلام الشايقية علي بينة "أين يتقاطع مع الإسلام الأرثوذكسي وأين يميل عنه أو يختلف"(1979 : 134). وهكذا فإن هؤلاء الباحثين بتركيزهم على الانفصام بين الأرثوذكسي والشعبي يعطون الانطباع بان موضوع دراستهم ليس الإسلام والسودانيين بل الإسلام في مواجهة السودانيين. ويعلق الدكتور أكبر أحمد على نزعة مماثلة في دراسة الإسلام في باكستان قائلا أن الباحثين ينحرفون بدراسة الإسلام فيجعلونه ديناً مضاداً لإسلام شعب الباشتون الباكستاني. ويضيف: "يمثل الإسلام بالنسبة للبشتوني القبائلي تكوينا سياسيا واقتصاديا-دينيا محددا يمارس هويته الباشتونيه من خلاله. فالإسلام والباشتونية متسقان ومنسجمان بحيث يمثلان عند الباشتوني تكوينا منطقيا. ويرتبط الاثنان بعلاقة تبادلية عميقة. كما أن الإسلام متوغل في البنية الباشتونية بما يوحي بأن مسألة الفصل بينهما غير واردة (1982 :193)".

ولابد أن ترمنغهام قد أدرك شيئا من متانة تعلق مسلمي السودان بإسلامهم . فعلى الرغم من قوله صراحة أن السوداني يحتاج أن يتحرر من "إسلامه العاطفي، غير الأصيل" (1949 :22) لكي يحقق إمكانياته الجمالية، فانه يصف ذات السوداني، في ذات الوقت، بأنه "مسلم حقيقي صلب" وليس وثنياً تكسوه قشرة رقيقة من الإسلام (1949 :108ـ109).

يكشف حتى الباحثين الذين يقبلون بالإسلام الأرثوذكسي كمفهوم صالح ونهائي في الإسلام عن قصور كبير في محاولاتهم لتحديد أرثوذوكسية أفكار ومعتقدات إسلامية بعينها منسوبة للإسلام الشعبي في السودان. وقد أبان طلال أسد عن جهل هارولد باركلي بالأفكار والمفاهيم الإسلامية الأرثوذكسية التي أراد أن يحاكم بها ممارسات الإسلام الشعبي (1965 :169). ويكفي أن نذكر هنا أن عقيدة رجم الملائكة للشياطين بالشهب، وهي ثابتة بنص آية قرآنية(67 :5) مما عده باركلي خرافة(1949 :172)6. ويتضح من هنا أن أية تأكيدات حول وجود انقسام بين الدين الأرثوذكسي والشعبي يستلزم، في المقام الأول، معرفة شاملة وعميقة بفقه الإسلام الأرثوذكسي الذي عليه مدار الحكم. وسوف نفصل لاحقا في حاجة دارسي الثقافات الإثنية في المجتمعات الإسلامية إلى تدريب كاف في مسائل الفقه والشريعة الإسلامية.

وفوق ذلك فقد أضفى بعض الكتاب إبهاما وغموضاً على مفهوم الأرثوذكسية نفسه، وذلك حين خلقوا، بلا مبرر، صراعا داخلياً بين عناصر هذا المفهوم المعروفة من قرآن وسنة وقياس واجتهاد. فليس ثمة اتفاق بين هؤلاء الكتاب في نسبة ما للأرثوذكسي وما للإسلام الشعبي من الممارسات التي يدرسونها. فشرف الدين عبد السلام يقول بأن الاعتقاد في الأولياء والصالحين ليس له ما يسنده في القرآن إلا أنه، مع ذلك، لا يوحي بان ذلك الاعتقاد يتنافى مع الإسلام الأرثوذكسي(1983 :63). وحسب رأي باركلي فإن العناصر القرآنية المتوافقة مع الاعتقاد في الأولياء والصالحين ـ خلافا للعناصر غير القرآنية ـ مقبولة تماما عند علماء الدين(1964 :206). وفيما يتعلق بمفهوم المهدية، من الناحية الأخرى، فان ترمنغهام يراه عظمة نزاع بين إرثوذكسية متشددة ترفضه وأرثوذكسية متساهلة تتسع له وتتكيف معه (1949 :14. ويزيد الأمر تشويشاً حين يقسم ترمنغهام معظم السودانيين إلي فئتين: فئة الأرثوذكسيين من جهة وفئة الأرثوذكسيين المتشددين من الجهة الأخرى. ولا غرو فإن هذا التشقيق في مفهوم الإسلام الأرثوذكسي يفسد قولهم بالتمايز والقطيعة بينه وبين الإسلام الشعبي. فالأرثوذكسي، كما رأينا في تشقيقه أعلاه، ذو درجات ومنازل منها القصوي المتشددة والصغرى المتساهلة. وقد تتداخل درجاته ألصغري مع الإسلام الشعبي.

وينبع التشويش في مفهومي الإسلام الأرثوذكسي والشعبي من بعض الأساليب التي يصف به الكتاب بعض عقائد العامة.فيستخدم بعض دارسي الإسلام أحياناً صيغة المبني للمجهول عند الحديث عن معتقدات بعينها مما يؤمن به القرويون (باركلي 1964 : 146،152؛ حيدر إبراهيم 1979 :18،145). وهذا الاستخدام اللغوي مضلل في كثير من الأحيان. فقد يقود إلى الظن بأن هذه المعتقدات مما يختص بها الإسلام الشعبي بينما حقيقة الأمر ليست كذلك. وعلى سبيل المثال يقول باركلي: "يعتقد بعض القرويين أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، وبسبعة وعشرين درجة على وجه الدقة" (1964 :146). وفي واقع الأمر فان ذلك هو حكم الشرع لكن صياغة باركلي توحي بأنه ربما كان مجرد اعتقاد شعبي. ويبلغ موضوع فرز عناصر الإسلام الشعبي من الأرثوذكسي مرتبة العشوائية في تناول الدارسين للعين الحارة. فالدارسون، على إطلاقهم، يعتبرون الإيمان بها أمرا ليس من الإسلام الأرثوذكسي في شئ ويحسبونها إما من عقائد الإسلام الشعبي (حيدر إبراهيم :126،145،149)، أو ممارسة خرافية وثنية ظلت حية بعد دخول الإسلام (ترمنغهام 1949 :166،170ـ171؛ باركلي 1964:195؛ سيد حريز 1977 :7؛ آدمز 1977 :577؛ شرف الدين عبد السلام 1983 :86ـ89). ومن الجهة الأخرى فإن دائرة المعارف الإسلامية تنص علي ثبوت العين في الإسلام (ص786) إلا أنها تقرر خطأً أن "السنة تشجب الإيمان بها" (ص786).

وصفوة القول فإن تلك المؤسسات التي أطلق عليها الباحثون اسم الإسلام الأرثوذكسي يمكن أن نطلق عليها،وعلى نحو دقيق، اسم الإسلام "الرسمي" والذي نشأ في ظل الإدارة الاستعمارية التي تلت الدولة المهدية(1885ـ189. وليس بغير دلالة هنا أن يستخدم كل من ترمنغهام وسيد حريز مصطلحي "رسمي" و "أرثوذكسي" بالتبادل (ترمنغهام 1949 : 202؛ حريز 1977 :7). ولإتحاد المصطلحين، أو تبادلهما المواضع، جذر في نشأة المؤسسة الدينية الحكومية في السودان خلال عهد الاستعمار. فقد تتبع نورمان دانييل ،ببصيرة نافذة، التباين بين أرثوذكسية (الدين) والتعصب (اللادين) في سياق الإسلام والسياسة في السودان ورده إلى أيام حرب الدعاية التي شنها دعاة التدخل في السودان من الإنجليز في آخر القرن التاسع عشر لإقناع الرأي العام والحكومة البريطانيين بضرورة القضاء على الدولة المهدية (1966 :423ـ44. وصورت تلك الدعاية المهدية في السـودان بأنها حركة ضالة مفعمة بالتعصب وتدعو الناس إلى ما وصف،على وجه التحديد، بأنه مروق على الدين القويم (دانييل 1966 :428، 435،43. وبعد القضاء علي المهدية أرادت الإدارة الاستعمارية التحوط ضد قيام أي تمرد مسلح كالمهدية في المستقبل تؤجج ناره الطوائف الصوفية (التي كانت تعتبر جزءً من الإسلام الشعبي). ولذا قررت الإدارة الاستعمارية تشجيع ما أسمته الإسلام "الأرثوذكسي" ORTHODOX ISLAM . ويصف غابرييل واربيرج هذا الضرب من الإسلام كما يلي :-
"يقوم أولاً علي هذا الإسلام العلماء الذين درسوا في الأزهر بصفة أساسية. وكانت مهمة هؤلاء رئاسة الهرم الديني في السودان ومنع قيام الحركات الرسولية، مثل المهدية. ويقوم ثانياً علي شبكة من المحاكم الشرعية يرأسها قضاة مؤهلون وذلك للحيلولة دون لجوء المسلمين السودانيين إلى شيوخ الطرق الصوفية... كما شددت السلطات الاستعمارية على ضرورة إقامة مساجد في المراكز الهامة في السودان الشمالي للتقليل من أهمية زوايا الصوفية (1971 :95)." و يتضح لنا مما تقدم إن الإسلام الرسمي-الأرثوذكسي - هو واقع سياسي أكثر منه مسألة عقيدة أو مذهب. وهو أيضا أداة أدارية، بمعنى أنه، ممثلا في الشريعة، صار القانون "الأهلي" أو"العرفي" الذي يحكم حياة السودانيين الشخصية والعائلية(فليرـ لوبان FLUEHR- LOBBAN 1981 :69) وبالتالي فلا يمكن الادعاء للإسلام الرسمي إلا بشق الأنفس بأنه الإسلام الأرثوذكسي طالما أردنا له أن يتطابق مع عالمية العقيدة وسدادها.

ومما يبعث على الأسف أن تركيز الباحثين على ثنائية الشعبي/الأرثوذكسي، على مستوى "القرية الأنثروبولوجية" يتعارض مع أفضل النتائج التجريبية التي توصل إليها الباحثون أنفسهم. وفي هذا السياق أمسك باركلي علي ما سماه " جوهر الإسلام الأرثوذكسي" في بري اللأماب (الحي الخرطومي المعروف وكان ريفاً لدي زيارة الباحث له في الخمسينات) في ضوء تحرياته الميدانية حول مدى التزام أهل القرية بأركان الإسلام الخمسة (1964 :137ـ145). وعلى الرغم من حقيقة أن باركلي قد وجد أن القرويين علي جادة شرع الإسلام من هذه الجهة إلا أنه يتشبث مع ذلك بالثنائية القديمة بين الإسلام الأرثوذكسي وإسلام القرية الشعبي قائلاً:

"أهل بري اللأماب مسلمون يمارسون شعائرهم وفق المعتقد السني أو الإرثوذكسي ويتبعون المذهب المالكي إلا أن السلوك الديني في القرية لا يمكن تفسيره، على وجه الدقة، وفق أي مفهوم أساسي للإسلام الأرثوذكسي (1949:136). واستطرادا فان ترمنغهام وآدمز يزعمان، دون تمحيص، أن مسلمي السودان يرتبطون بكرامات وسير الأولياء والصالحين أكثر من ارتباطهم بأسوة النبي (ص) (ترمنغهام 1949 :127؛ آدمز 1977 :579). هذا في الوقت الذي يلفت فيه باركلي النظر إلى إيمان القرويين المطلق بالنموذج المثالي للنبي(ص) (1964 :13.

وتتحكم في تضخيم ثنائية الأرثوذكسي -الشعبي اعتبارات لا اصل لها في الإسلام نفسه بقدر ما تعلق ذلك بمنهج مباحث الدارسين وتبويب كتبهم الأنثربولجية. فالباحثون في إسلام القرية عادة ما يفردون فصلاً لدين القرويين يصفون فيه خرافاتهم ووجوه ممارساتهم التي يقولون أنها لا تنسجم مع الإسلام الأرثوذكسي. ومن الجهة الأخري، وفي حالات عديدة، يأتي هؤلاء بما يعدونه ممارسات إسلامية "أرثوذكسية" من صحيح الدين في فصول أخري ليست هي فصل دين القرية الموصوف بالشعبي. فعلي سبيل المثال نجد بركلي يعرض لموقف الأسلام الشرعي في العدل بين الزوجات، وعلاقة الرقيق بالسادة في الأبواب المفردة للصلات القرايبية وتراتب الشرائح الاجتماعية في كتابه. ولو لم تستول فكرة ثنائية الدين الشعبي والأرثوذكسي علي بركلي لوسع من فصله عن دين القرية (الذي هو عنده دين غير قويم ومفارق للجادة) ليشمل هدي الإسلام عن تعدد الزوجات والرق والرحم والقرابة (1964 :122،126،129).

ويتكرر نفس الشيء في كتاب حيدر إبراهيم عن الشايقية (1979). فالكتاب يعرض لعقائد وهدي الإسلام الأرثوذكسي خلال فصوله التي تتناول ترتيب الشرائح الاجتماعية ودورة الحياة والنظم الاجتماعية. ولم يشأ حيدر أن تتخلل تلك العقائد فصله المخصص للدين. وغني عن القول أن قصر مناقشة الإسلام على فصـل مفرد للدين يعني فصـله عن الممارسة الأجتماعية. وفوق ذلك فقد عني الدارسون بإيراد هذا القدر من أقباس الإسلام الأرثوذكسي بما وافي حاجة بحثهم الخاص ولم يريدوا الحصر. ولو أرادوا الحصر لجاءوا بعناصر كثيرة من وحي الشرع في حياة أهل القرى. وسنخلص إلي شيوع الأرثوذكسية وتمكنها من الإسلام الشعبي متي اعتبرنا ضروب الممارسات الإسلامية العديدة لعامة المسلمين التي أصلها في الإسلام الأرثوذكسي من غير تصريح أو إعلان. وعلى سبيل المثال فقد ظللت اعتقد، ولفترة طويلة، أن التقريع الذي نالنا من أهلنا الكبار حين نتناول الطعام وقوفاً أو استلقاءً على الجنب، ماهو إلا من قبيل الحث على آداب المائدة، إن لم يكن خرافة. ثم اكتشفت أنه مما قضت به الشريعة.

بالإضافة إلى الخلل الذي رأيناه في المحاولات البحثية لتحديد الممارسات الإسلامية الأرثوذكسية، فإن نظرة دارسي "الإسلام الشعبي" في السودان تجاه المعتقدات الشعبية، التي هي قوام إسلام العامة في نظرهم، ربما كانت هي خطئيتهم ألكبري. فهم قاصرون عن تحليل هذه المعتقدات علي ضوء خصائص أجناسها الأدبية أو الفلكلورية لاقتطاعهم لها من سياقها الشفاهي في دورانها بين الناس وجعلها عقائداً مجردة مكتفية بذاتها. فعلماء الفلكلور شديدو التنويه بأن النظر الرشيد إلي عقائد العامة رهين بمثل هذا التحليل لكل المأثور الذي تستبطنه هذه العقائد. وترجع هذه الشدة في التنويه إلي سي دبليو فان سيدو (194 وقد تبعه بإحسان لوري هونكو الذي قال: " قبل إصدار أي حكم تعميمي حول معتقدات الانقريين (مجموعة اثنية فنلندية) على المرء أن يعرف أي جنس من المأثورات يوفر أكثر الأدلة قيمة عن المعتقد وأيها ، من الجهة الأخرى، ثانوي القيمة بوجه ما" (1964 :7).

ينطبق النقد سالف الذكر على توصيف ترمنغهام لما يشكل "عقائد للسودانيين". فهو عزوف عن تحليل الأجناس الأدبية الموصوفة. ففي تركيبه لما سماه بالإسلام الشعبي نجد ترمنغهام يقتطع عقائده عن الأجناس الفلكورية الحاملة له مثل كرامات الأولياء والصالحين (1949 :135ـ136) والأمثال السائدة (ص15 والأحلام (ص143) والنذور (ص145) والتنبؤات (ص15 والخرافات (ص173) والأحاجي (ص173) والحكايات (ص173). وفيما عدا بعض التعليقات المقتضبة حول مصداقية كرامات الأولياء و"الخرافات" فانه يهمل نقد مصادر العقائد الشعبية إهمالاً تاماً. ونتيجة لذلك فقد انتهى به الأمر، كما أشرنا من قبل ، إلى اعتبار ما جاءت به الآيات القرآنية عن الشهب والشياطين، إضافة إلى شيطان الإعصار، من قبيل الخرافة، وهما حق ديني (1949 :172). علاوة علي أن النذر ليس دلالة على الخضوع الكامل للولي كما أراد لنا ترمنغهام أن نفهم . فخلافاً لذلك يرى حيدر إبراهيم أن مريدي الأولياء ماكرون نوعاً ما وعلاقتهم مع سادتهم تتسم بالمنفعية والعملية. ومن دلائل ذلك ما قاله حيدر عن تهديد القرويين للولي خلال طقس أداء النذور بالتحول عنه إلي ولاء آخر إن هو فشل في تلبية حاجتهم. وقد قيل أن ولياً مشهوراً اشتكى من إساءات القرويين له واستفزازهم (حيدر ابراهيم1979 :156) .ويعتبر تحليل سيد حريز لأحاجي الجعليين (1977) وشرف الدين عبد السلام لكرامات الأولياء (1983) تقدما جديرا بالثناء في مجال تحليل الأجناس الفولكلورية بالرغم من أنهما لم يبتعدا كثيرا عن الولاء لأطروحة ترمنغهام في عرضهما لعقائد الإسلام الشعبي.
نظرة جديدة لاشكالية الإسلام الشعبي/الإسلام الأرثوذكسي

أوجزنا فيما سبق بعض الأخطاء التي وقع فيها الباحثون في محاولتهم تأسيس دراساتهم حول السلوك في القرية السودانية على مفهوم مسبق قائم على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي. كما تناولنا بعض الإشكاليات الكامنة في افتراض مثل هذه الثنائية. ومن الناحية الأخرى فقد تشكك بعض الباحثين، مؤخراً، في جدوى مفهوم "الأرثوذكسية" نفسه سواء بالنسبة لدراسة الإسلام أو ممارسته. ففي قول بعض الباحثين أن استخدام مفهوم الإسلام الأرثوذكسي أضحي إما أمراً متعذراً أو مسألة خاضعة لإيجاد تحديد صارم ودقيق له بفضل ما أولاه المؤرخون الاجتماعيون والاثنوغرافيون من اهتمام لرسم صورة دقيقة للإسلام في تضاريسه المتنوعة والمركبة، ومن السياقات المحلية لا من الكتب الشرعية وحدها.

وقد اتخذ هذا الانزعاج من مفهوم "الأرثوذكسي" منحى متطرفا في بعض الحالات. فعبد الحميد الزين، مثلا، يقترح التخلي عن مصطلح "الإسلام" الجامع المانع والمعرف بالألف واللام لأجل فهم أفضل لتجارب المسلمين المتنوعة في ضروب إسلامهم العديدة النكرة (1977 :227). ويرمي اقتراحه بصورة أساسية إلى إزاحة ما يطلق عليه الإسلام الأرثوذكسي عن موقعه المتميز بوصفه الإسلام ـأي ذلك المعرف بالألف واللام. وقد لفت العديد من الباحثين النظر إلى الطبيعة المتطرفة لاقتراح الزين هذا (ايكلمان EICKELMAN 1981 :1؛ أسد 1986 :1؛ أكبر أحمد 1987 :220). وفوق ذلك يبدو اقتراح الزين لإفتراع "ثيولوجية شعبية" إسلامية صعب التحقيق . وهذه الثيولوجية الشعبية، التي تضارع الثيولوجية الرسمية تعني عنده "تجاوز النص المقدس لصالح نظرة ثاقبة مباشرة في نظام العالم" (1977 :24. ولعل إحدى سلبيات فرضية الثيولوجيا الشعبية هذه أنها تبقى على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي التي خرج الزين بالذات لهدمها .وهو بإيحائه أن الثيولوجيا الشعبية قد تكون "الإسلام الحقيقي" (المصدر السابق :246) يحدث ضررا بالغا بقضيته الداعية إلى أن الإسلام تجليات شتي كل منها صحيح النسبة للدين.

وعلى الرغم من الخلل في حجة الزين فان الثيولوجيا الشعبية قد تبرهن على كونها مجالا واعدا للبحث والدراسة. فقد جمعت مثلاً من الرباطاب حكما وأمثالا صيغت جريا على نهج السنة النبوية .ومع ذلك فان القول بوجود ثيولوجيتين متميزين في الإسلام أمر يصعب برهانه. وكما بين مايكل غيلسنان ،على نحو بارع، فان تعاليم القرآن والسنة والأحكام الشرعية قد نفذت من خلال قوة الثقافة الشفاهية إلى صميم النسيج الذي يشكل حياة المسلمين وأصبحت جزءا منه (1982 :35ـ36). وهكذا صح القول إن ما عددناه "الثيولوجيا الشعبية" هي بالأحرى مجرد ثيولوجيا صفوة دخلت المأثور الشفاهي للعامة. ولعل إحدى مهام البحث الشيقة القادمة هي التحقيق في السبل التي أخذت العامة الثيولجيا الإسلامية وجعلتها جزءاً صالحاً من ثقافتها وممارساتها.
ويرى باحثون آخرون أن مسألة الأرثوذكسية ذاتها كمفهوم وممارسة دخيلة على الدراسات الإسلامية (سميث SMITH 1957 :20؛ ايكلمان 1981أ:213؛ تيرنر TURNER 1974 :62). فهم يرون، تبعاً لذلك أنه من الأوفق الحديث الأورثوبراكسية لا الأرثوذوكسية متي تعلق الأمر بالإسلام. والأورثوبراكسية هي مفهوم يعني اشتراك أهل الدين في العبادات والشعائر أكثر من اشتراكهم في العقائد اللاهوتية التي لا خلاف عليها (ايكلمان 1981 :204). وعلى الرغم من أن ديل ايكلمان قد ساهم في صياغة هذه الفرضية إلا انه يلفت النظر ـ محقاـ إلى قصورها (المصدر السابق :204). فهي تفصل في الأساس بين الشعائر والعقيدة اللذين يمثلان في واقع الأمر جانبين لا غني عن أي منهما في أي حياة دينية تستحق الاسم (دائرة المعارف الدينية THE ENCYCLOPEDIA OF RELIGION :187). ولن تفلح فكرة جعل الإسلام وحدة شعائر لا عقائد في تفسير المحن العقدية التي تعرض لها علماء ومتصوفة مسلمين عبر التاريخ. فهناك محنة احمد بن حنبل ،شيخ المذهب الحنبلي، ومحنة ابن تيمية، حنبلي القرن الرابع عشر، ومحنة وإعدام الحلاج ـ صوفي القرن العاشر. وهي محن كانت مدارها صحة العقيدة لا سداد الممارسة. وكبديل للتخلي عن مفهوم الأرثوذكسية هذا بالكلية حاول بعض الباحثين إدخال تعديلات عليه. ويمكن للإسلام، بلا شك، أن يستخدم المفهوم بمعنى يختلف عن ذلك الذي ظل مستخدما حتى الآن . وقد يقتضي هذا بالطبع تعديلات جذرية عليه قد تنتهي باستبداله بآخر أكثر ملاءمة .
توافرت لنا منذ سنوات بحوث ودراسات جيدة عن ضروب الإسلام المحلي وتجارب الإسلام "الشعبي" والإسلام في التخوم . وهي دراسات ساقت الباحثين إلى الفكرة القائلة بوجود معتقدات معيارية عامة تستبطن كافة ضروب الإسلام المحلية هذه (ايكلمان 1982 :1). ولكن هذه المراجعة لا تستلزم بالضرورة العودة إلى مفهوم الأرثوذكسية القديم الذي تعرضنا له بالنقد لتونا . فلا مندوحة من القول أن الأرثوذكسية أساس في الإسلام. ويقول طلال أسد أنه من المؤكد أن للأرثوذكسية حضوراً في الإسلام. فهي عنده تتجلي "حيثما توفرت لدى المسلمين القوة لضبط وإعلاء شأن دينهم أو طلب الالتزام بصحيح الدين والتكيف علي مقتضاه أو ما استخدموا تلك القوة لاستهجان الانحراف في دينهم وحصره وتقويضه أو إحلال صحيح الدين في محله."( 1986 :15). فالأرثوذكسية كما يراها أسد، تقاليد خطاب DISCURSIVE TRADITION يمكن حتى للمسلم الأمي أن يساهم فيها بفرز صحيح الدين والالتزام به (المصدر السابق ).ويستطرد فيصفها بأنها "علاقة مميزة ـ علاقة قوة" وليست مجرد فقه وشرع ومعتقد (المصدر السابق ) . وتغاير فكرة أسد هذه ،بوضوح، معنى الإرثوذكسية الذي اعترضنا عليه في هذا الفصل. فقد فهمناها طويلاً كبنية من المعرفة والمتون أو المؤسسات الوصي الوحيد عليها هم علماء الدين . وفي تعريف أسد للأرثوذكسية يصبح عالم الدين، الذي كان في السابق الوصي والقيم الوحيد على التعاليم الإسلامية، وترا واحدا فقط في قوس" التقليد الإسلامي كما جاء عند غيلسنان (1982 :46) .

ومع ذلك يبدو أن أسد لم يصب تماما في مطابقته بين التقاليد الخطابية والإرثوذكسة. فللأورثوذكسية لوازم من إجراءات فقهية وسياسية كي تقع وتنفذ. وعليه فمفردات التقليد الخطابي قد تندرج أو لا تندرج في الأرثوذكسية حكماًً بصور الشوكة التي تسندها وتجعلها قانوناً نافذاً متبعاً. فالسنة والشيعة معاً في تركيا مثلاً يستهجنون ممارسات العلويين وينفونهم عن الإسلام. وبهذا الحكم علي العلويين فإن هؤلاء السنيين والشيعة قد أدلوا بدلوهم في ما هو صحيح الدين وشاركوا في الخطاب الذي يريد حفظ بيضة هذا الصحيح من الدين (ايكلمان 1981أ :220ـ221). ولكن يحتاج المرء إلي ما هو أزيد من مجرد هذا الاستهجان والنفي عن الدين ليدرج رأي السنيين والشيعة الموصوف في الإرثوذكسة. وقد مر علي بين الرباطاب السودانيين من صرف عبارات تقولها كبار النساء من جيل مضي بمثابة إقامة للصلاة كلغو فولكلوري لا دين فيه. ولكن الباحث يحتاج لأكثر من مجرد نفي السنة والشيعة الأتراك للعلويين من الدين لكي يدرج رأيهم هذا في الأرثوذكسية. ونجد في الخالين تعييناً من مسلمين لصحيح الدين ، أي التقاليد الخطابية، من غير أن تتخذ هذه التقاليد صورة الأرثوذكسية الجامعة المانعة.

ويبدو أن العلاقة بين التقليد الخطابية والأرثوذوكسية في الإسلام تثير معضلة حقيقية للباحثين .وأطلق هودجسون HODGSON ، الذي واجه هذه المعضلة قبل أسد، علي هذه التقاليد الخطابية مصطلح "الإسلام الشرعاني" (1963 :229) وهي تسمية سرت سريان النار في الهشيم ووافقت هوي عند جملة من الباحثين (تيرنر 1974 :105؛ ايكلمان 1981أ : 221؛ بوسفيلد 1985 :207). ويعرف هودجسون هذا الضرب من الإسلام بأنه كيان كلي معقد من نظم السلوك والتفكير يتميز به أولئك المسلمون الذين يرون أن للشريعة القدح الأعلى في الدين والحياة. (هودجسون 1974 :351). وعلى الرغم من أن الإسلام الشرعاني ، حسب قول هودجسون ، ليس صورة الإسلام الوحيدة ، إلا أنه اكتسب منزلة خاصة بين صور اللإسلام الأخرى. فقد إستا ثر بالحكم علي صحيح الدين من غيره. فهو الذي بيده الأمر في موافقة ممارسات وعقائد المسلمين أم انحرافها عن جادة الإسلام. (المصدر السابق :224). ومع ذلك فان هودجسون يقرر حقاً أن الإسلام الشرعاني ليس أرثوذكسية خلافا لافتراضات بعض الدارسين الخاطئة في هذا الشأن (المصدر السابق :350ـ351). وبالمقابل يحتفظ هودجسون بمصطلح "أرثوذكسي" في دراسة الإسلام ليستخدمه في الحالات التي استقرت فيها عقيدة أو ممارسة بعينها وتوطدت إما رسميا أو اجتماعيا مما يسوغ وصفها بالأرثوذكسية. ومثل هذا الاستخدام المشروط لمصطلح "أرثوذكس" ، في قول هودجسون، لا يتطابق بالضرورة، في كل الأحوال ،مع "الشرعانية". (المصدر السابق :351). إن تمييز هودجسون هنا بين الأرثوذكسية والتقاليد الخطابية مثير للاهتمام إلا إنه لن يشبع الباحث الذي يريد أن يعرف كيف تشق مفردات التقاليد الشرعانية الخطابية طريقها إلي الأرثوذكسية في الإسلام. فلم يفصل هودجسون في أمر المؤسسة أو المؤسسات التي لها الشوكة في تعيين ما الأرثوذكسي. كما لم يتطرق إلي التقاليد الثقافية التي ترتكز عليها تلك المؤسسة أو المؤسسات ليقع لها بها ذلك التعيين. وليس واضحاً من اجتهاد هودجسون في الأمر لمدى الذي تطاله هذه الأرثوذكسية متي وقعت.

مما لا شك فيه سمو مهمة إعادة تعريف مصطلح الأرثوذكسية كأداة شوكة ثقافية من جهة و بما يأخذ في الاعتبار خصوصية الدين الإسلامي من جهة أخرى. وليس في المجال فسحة هنا لمعالجة الأسئلة الهامة التي يثيرها هذا المشروع. غير أني سوف أسلط الضوء ،باقتضاب، على بعض المسائل المتفرعة عن هذه المراجعة. وعلينا هنا أن نضع نصب أعيننا أننا نتعامل، فيما يتصل بالإسلام إجمالاً، مع تقاليد خطابية صورها الدكتور بريان تيرنر بأنه تتمتع ب "بفضفضة جوهرية" (1974 :226). فليس هناك البابا الذي يحتكم إليه المسلمون حول صحيح العقيدة ولا المجالس اللاهوتية التي يتواثق عندها أهل الحل والعقد. وتبعاً لذلك علينا، مثلا، أن نحدد كيف يسعى الإسلام إلى تحقيق الإجماع حول صحيح معتقده، وكيف ينعقد له الإجماع علي ذلك، وكيف يحافظ عليه ويوطده، وبأي حظ من النجاح. ولا مشاحة أن المحن الكبرى مثل محنة ابن حنبل والحلاج وابن تيمية، التي المحنا إليها فيما سبق، ستكتسي قيمة عظمي في المباحث الأانثروبولوجي التي تتجه لغاية تعيين صور الإسلام المختلفة. ومن المفيد في معالجتنا لطريقة الإسلام في عقد الإجماع لصحيحه أن نعرف لماذا أحس ابن تيمية ،الحنبلي ، بعد أربعة قرون من إعدام الحلاج بسبب معتقداته الصوفية، بالحاجة إلي الطعن في الرجل والتنغيص الغليظ علي ذكره. فلربما ألجأ ابن تيمية إلى هذه الخطة النكدة فرط محبة الحنابلة من رهطه للحلاج بعد مر كل ذلك الوقت علي محنته (ماسيجنون 1982 :45).

إضافة إلى ذلك نحتاج أن ندرس البنية الكهونتية (متعلقات إدارة الكنيسة الجامعة في التعبير المسيحي) في كل تعبير أو مؤسسة إسلامية. والبادي أن علماء الشيعة يتمتعون بقوة "كهنوتية" مؤسسية تضمن لهم تلاحم جمهور أتباعهم اكبر بكثير مما يتمتع به اضرابهم من علماء السنة . وسيقودنا هذا إلى جملة أبحاث نافعة ولازمة وخصبة عن المدى الذي تطاله فتاوى العلماء ودرجة نفاذها، وبطش وسداد مجالس التفتيش التي يعقدها العلماء للتحري عن التزام أفراد بعينهم بصحيح الدين، ومنزلة حكم الردة عموماً 12. ولعلنا نحتاج أيضا إلى التدقيق في مصطلحات إسلامية راسخة مثل "الغلو" و "الاعتدال" و "تجاوز حد الدين"، كحدود تعين علي تمييز المباح والمندوب والمحرم إسلامياً لنستصحبها في مباحث الأرثوذكسية ومترتباتها في الإسلام. وفوق هذا فقد أشار ايكلمان ،ببراعة، إلى أن أثر المال السعودي، الذي دعم المذهب الوهابي في بقاع دار الإسلام، في عقد اتساق إسلامي مشاهد حول صحيح الدين، من الموضوعات التي لم تنل حظها الكافي من الدراسة (1982 :11). إن دراسة المجالات المشار إليها آنفا مطلوبة من اجل توصيف دقيق لكيفية عمل مفهوم الأرثوذكسية في الإسلام قبل أن نقطع بوجودها في الدين أو عدمه رجماً أو تكأة علي تقاليد دينية أخري .

وقد المحنا فيما سبق إلى تشبث الاثنوغرافيين أكثر فأكثر بالمعتقدات المعيارية في الإسلام وهم ينبشون في البيئات المحلية الموصوف إسلامها بالشعبي. وهذا يتطلب منهم ،بدوره، تنويعا في تدريبهم يشمل التعرف على نصوص الإسلام الموسومة بالأرثوذكسيةORTHODOX ISLAM . ومثل هذا التدريب سوف يعرض للخطر ،بلا شك، تقسيم العمل البحثي حول الإسلام كما تصوره العالم الإنثربولجي الأمريكي روبرت ردفيلد (1985) فالمأثور الثقافي عند ردفيلد إما "كبير" ويقصد به ثقافة الخاصة وإما "صغير" وهو ثقافة العامة. و جسد ردفيلد التفاعل بين المأثورين، "الكبير" و "الصغير"، في واقعهما الإسلامي، كلقاء بين فون جرنباوم VON GRUNBOUM ووسترمارك WESTERMARK . أما الأول فهو دارس لتراث الإسلام الفصيح وأمهات كتبه وتفاسيره ومتونه وحواشيه الرصينة المهابة. أما الثاني فهو عالم انثروبولوجيا انصب اهتمامه على المأثور الشعبي والمحلي والخرافي. فهما مثلاً قد درسا موضوع التفاعل بين الاعتقاد في الأولياء والصالحين ومفهوم الإسلام الشرعاني كل من زاويته وبما يسعف منظوره ومنهجه (1985 :48ـ49). وكيفما كان الأمر فان حظ مأثوري ردفيلد "الكبير" و "الصغير" من الذيوع في أدبيات الانثروبولوجيا حول الإسلام، جد قليل. وقد قبل به من دارسي الإسلام الدكتور جوزيف روجر JOSEPH ROGER الذي زكي أن يعيننا المصطلح كإطار لا بأس به لفهم بعض عقائد العامة. ولم يعلق روجر مع ذلك علي ثنائية ردفيلد فتحاً علمياً مرموقاً (1981 :8 ويرى ايكلمان، من الجهة الأخرى، انه لا يعني أكثر من حشد لا يسمن ولا يغني لبيانات بعقائد إسلام الخاصة، كما بوبها المستشرقون، ومقابلتها بقائمة حاشدة أخرى من عقائد العامة مما أستنبطه الإنثربولجيون. وفي الحالات التي جرت في هذه المقابلة بين قطبي الثنائية (كما في تحقيق حيدر إبراهيم حول مفهوم السحر في قريته السودانية (1979 :135ـ143) مثلا) فان المرء ليشك في شرعية تقسيم الإسلام إلى شعبي / تقليدي . وعلى نقيض اللقاء بين العقيدة والخرافة الذي هيأنا له ردفيلد في صورة اجتماع فون قرنبوم ووسترماك، فإن المقابلة بين قائمة إسلام الصفوة وإسلام العامة أقرب إلى مشهد الشخص الذي يرى صورته في المرآة أو يلتقي بنفسه في الجانب الآخر من الطوار.

يربط ايكلمان بين ميل الانثروبولوجيا المتزايد لتصبح مشروعا "أهليا"، أي ما يقوم به أهل البلد عن بلدهم بدلاً عن احتكارها بيد البحاثة الأوربيين، وبين التعديلات الجوهرية التي لا بد أن تطرأ علي دراسة وتحليل التيارات الدينية الشعبية (1981أ :234). وربما كانت تدور بخلده حين قال بهذا الربط مساهمة المرحوم الأنثربولجي المصري عبد الحميد الزين (1935ـ1975) ووعده الذي عاجله الموت فذبل. ونقول بهذا عن إيكلمان استنادا إلى ما كتبه ايكلمان ناعياً الزين بالإضافة إلى كتاباته أخرى. فأيكلمان مدرك ليس لما أنتوي الزين من تغيير لمنهج دراسة الإسلام الشعبي فحسب بل مدرك للحدود القصوى التي ربما قطع الزين أشواطها لتنفيذ منهجه المذكور لو لم يمت. (1981 :365). وكان الزين اقترح معالجة لنظام الرموز الدينية علي نهج المدرسة البنيوية. وهي مدرسة تري تلك الرموز قائمة كتعابير عن علاقات في تركيبة مجمل المجتمع. يقول الزين :

"علينا أن نبدأ، في هذه الحالة، من نموذج إسلام إنسان البلد NATIVE"" ونحلل العلاقات التي عينت معناه . وانطلاقا من هذا الافتراض يمكن لنا أن نلج عالم للإسلام ونسبر غوره من أية نقطة كانت حيث لا يوجد انقطاع مطلق في أي مكان بداخله. فلا توجد كيانات مستقلة في باطن ذلك النظام ، وكل نقطة فيه يمكن الوصول إليها، في نهاية الأمر، انطلاقا من أية نقطة أخرى. وبهذا الفهم لن تكون للمعاني وظائف جامدة ممكن عزلها عن بعضها بصورة كلية أو إرجاعها ببساطة إلى أي وحدة من وحدات التحليل سواء كانت رمزاً أو مؤسسة أو عملية اجتماعية إلا إذا فرضنا ذلك فرضاً علي الوظائف المذكورة. وانتهينا بذلك إلى ترتيب خارجي لها يخيم علي النظام الثقافي، الإسلام، بصورة مصطنعة ومن عل. وبمعنى آخر فإن بنيات النظام الثقافي الإسلامي وطبيعة مفرداته المكونة له هما ذات الشيء، أي أن منطق النظام هو محتواه، بمعنى أن كل مصطلح وكل كيان داخل النظام هو نتيجة علاقات بنيوية بين كيانات ومصطلحات أخرى ،وهكذا دواليك، بلا بداية للنظام ولا نهاية عند أي نقطة معينة مطلقة " (1977 :251ـ252) .

ويوحي الزين هنا أن مثل الترتيب المصطنع الدخيل على النظام هو ما يقع لنا متي ما تمسكنا بغير ضرورة بثنائية أرثوذكسي/شعبي .
والمهم أيضاً أن عبد الحميد الزين لم يقنع بردم الهوة بين "الإسلام الشعبي" و "الإسلام الرسمي" بل سعى أيضا إلى لحم الانفصام في الأنثربولوجي نفسه وذلك من خلال بحثه، في أخريات أيامه، للحصول على درجة علمية في الفقه والتشريع الإسلامي ( ايكلمان 1981ب: 365). وكان يريد أن يلم بهذه العلوم الشرعية حتى لا يسلم أمر فهم الدين، متي عرض له إسلام الخاصة، لعلماء الدين مؤمناً علي دور زينوه لأنفسهم كسدنة للإسلام لا فهم له بدونهم ولا معقب علي قولهم. وهو دور خصهم به لأنثربولجي الباكستاني أكبر احمد بقوله: "إن تصحيح الفهم الخاطيء للإسلام عند رجال القبائل المسلمين هو مهمة علماء الإسلام الأرثوذكسي. أما نحن، كانثروبولوجيين ، فمعنيون بكيفية فهم المجتمع للدين وليس بكيفية رؤية الدين لنفسه " (1982 :19 . وخلافاً للزين فإن أحمد يوطن علماء الدين في مشروعهم كحراس للدين الصحيح. فقد ظل علماء الدين "يعتبرون سوء استغلال الإسلام أو الفهم الخاطيء له عند رجال القبائل " من صميم الإسلام "الشعبي" أو الضال . وهذا منهاج سيبقي علي الثنائية الأرثوذكسية-الشعبية. وللخروج منها يلزم أن نتجه إلى دراسة أفضل لكيفية فهم المجتمع للدين، أو الدرس الأفضل للدين الشعبي الذي سيقتضي تجاوز الحدود التي اقترحها أحمد. فالتأهيل الشرعي الفقهي الذي طمح له الزين في أخريات عمره مما يشير بقوة إلى الحاجة الملحة لخرق حدود بروتوكول تقسيم دراسة الدين بين غون قرنبوم ووسترمارك.

خاتمة :ـ

تنطلق هذه الورقة من الارتياب في فعالية مفهوم الإسلام الشعبي الذي أطلقه ترمنغهام عام 1949 م لوصف دين "العرب ـ الأفارقة" بشمال السودان . وقد اتضح إن هذا المفهوم يرتبط ارتباطاً لا فكاك منه بوجهة نظر سلبية أشمل تستهجن الطبيعة الهجين لؤلئك الناس حيث تعتبرهم نتاجا لدم سفاحي ملوث تم فيه التنازل عن نقاء كل من العنصرين العربي والإفريقي . ونتيجة لذلك فإن إسلامهم تشكل على صورتهم فجاء "مموثناً"، أي مترعاً بالوثنية، وفي درك من الثقافة. إضافة إلى ذلك فان الورقة ترى إن مفهومي التوفيقية SYNCRETISM والأرثوذكسية ORTHODOXY قد قيدا خطا دراسة الإسلام في السودان بفرضهما على مادة البحث ترتيباً حكمياً، خارجياً، مزيفاً. و عليه يمكن وصف تلك الدراسات التي تأسست علي ثنائية الشعبي والأرثوذكس بأنها تتناول الإسلام في صدام مع السودانيين وليس إسلام السودانيين . وبسبب قبول الأنثربولجيين لثنائية شعبي/وأرثوذكسي بصورة مسبقة فإنهم قد انحدروا في بحث غير رشيد مما يسميه الغربيون ب "صيد الفراشات" يتعقبون به الغرائبي والمنحرف والخرافي من العقائد لحشدها في فصل مستقل عن إسلام القرية التي يدرسونها. وهذا منهج أطرق ينتزع الإسلام من جملة حياة أهل القرية في زواجهم وعقودها وتنشئة بنيهم وبناتهم، وموتهم وشعائره، أي في معاشهم ومعادهم. وتري المقالة أنه لكي ندرس بصورة أحذق ما تعارفنا عليه باسم الإسلام الشعبي وجب علي الأنثربولجيين إحسان المعرفة بما يسمونه الإسلام الأرثوذوكسي والتدريب في فنونه حتى لا ينصبوا بغير ضرورة ملجئة علماء الدين أوصياء عليهم في مجال حيوي من مجالات علمهم.
هوامش
1ـ دخل مكمايكل (1892ـ1969) في خدمة حكومة السودان (الاستعمارية البريطانية) في عام 1905 وتدرج فيها حتى تبوأ منصب السكرتير الإداري في عام 1926 .

2ـ انضم ترمنغهام (1904ـ ) إلى خدمة جمعية التبشير الكنسية وأصبح سكرتيرا عاما للجمعيات التبشيرية في كل من شمال السودان أعوام 1937ـ1949، ومصر أعوام 1949-1951 ثم غرب إفريقيا أعوام 1951ـ1952، حيث استغرقه البحث الأكاديمي منذ ذلك الحين . ومن المدهش أن تظل صورة مبشر للإسلام في السودان متماسكة لا يعتورها شك أو تصويب على مدى العقود التي انصرمت منذ الخمسينات وخلال فترة مضطربة طوال عهد الاستقلال أصبح فيها موضوع الدين طاغيا في الساحة السياسية . ولا لا غلاط أن تحيزات ترمنغهام التبشيرية تنفذ من خلال عمله بلا مواربة . ويكفي أن نشير إلى قوله إن السوداني إذا ما "حرر من إرثه الديني فان تطوير فكره وخياله سيكون أمراً ميسوراً " (1949 :22) . وغني عن القول إن هذا "التحرير" هو نقطة البداية لأي مبشر . وواضح أن صورة ترمنغهام لإسلام السودان احتفظت بجاذبية نافذة اختلف إغراؤها باختلاف من وقعوا اسري لها. وبدا لي أن رواد الحركة الوطنية واليساريين قد راقهم فيها الفصل بين الإسلام الشعبي والرسمي أو الأرثوذكسي. فمثل هذا الفصل يبيح لهم أخذ جانب الدين الشعبي وشجب طبقة العلماء الدينية المتهمة عندهم بممالأة الاستعمار أو الشطط الديني. أما الإسلاميون فقد وطدوا عزمهم علي تربية أو حمل الناس علي صحيح الدين لما مثله الإسلام الشعبي من انحراف عنه. وقد وجد الاثنوغرافيون، من الناحية الأخرى ، إن الإسلام الشعبي قد فصل من نفس القماشة الريفية الهامشية التي هي مادة شغلهم البحثي. وتشكل هذه الجاذبية المتعددة الوجوه للإسلام الشعبي موضوعا شيقا للبحث في حد ذاته.

3ـ يطلق عليه آدمز اسم "الدين الشعبي" (1977 :574،577) . ويرى باركلي إن الطرق الصوفية ليست دينا "شعبيا" بكل معنى الكلمة حيث أنها ذات جذور في تاريخ المسلمين الفكري (1964 :137) .

4ـ اختلف الباحثون في تعيين الطبقة الثقافية التي تهجنت مع الإسلام لدي وفوده إلى أرض النوبة. فقد وصفها بعضهم بالوثنية أو السحر (ترمنغهام 1949 :111؛ باركلي 1964 :266؛ عبد الحي 1976 :28؛ حريز 1977 :52،60؛ إبراهيم 1979 :126؛ نصر 1980 :91؛ عبد السلام 1983 :10). ويبدو أن آدمز هو الوحيد الذي أعتقد أنها ثقافة مسيحية متماسكة ومؤثرة في أهلها تفاعلت بقوة مع الإسلام الوافد (1977 :591) . ومما يستغرب له أن هؤلاء الكتاب، خلافاً لآدم، شككوا في مسيحية السودانيين التي كانت دين السودانيين لحوالي ثمانية قرون خلت قبل الإسلام، ونسبوها إلى الوثنية أو السحر. والسبب البادي في هذا الإرذاء بالمسيحية السودانية أن هؤلاء الكتاب اعتقدوا أن مسيحية السودانيين كانت سطحية الأثر ولم تفلح في اقتلاع جذور الوثنية التي سبقتها . فقد قال ترمنغهام إن المسيحية السودانية لم تكن سوي دين للدولة بينما لم يكن الناس علي دين ملوكهم وظلوا يحتفظون بأرواحيتهم الوثنية (1949 :77) .

5ـ يذكر حيدر إبراهيم منظور المؤمنين هذا،عرضا، ودون تركيز في تناوله له خلال تأطيره لدراسته عن الإسلام في قريته الشايقية . ويلفت النظر ، محقا، مع ذلك إلى أن كل طائفة من المسلمين في القرية تعتبر نفسها وحدها العارفة بصحيح الدين وتدعي حوزة السداد في معرفة ذلك الصحيح دون الآخرين (1979 :127)، ولكنه للأسف لم يتحر باستقامة هذه النقطة الهامة بل تجاوزها متمسكاً بثنائية الشعبي والأرثوذوكسي (1979 :126) .

6ـ يرى ترمنغهام أن سمة الإسلام الإفريقي المفردة تتمثل في أن اعتناقه لا يسبب إلا قدرا ضئيلا من الاهتزاز الداخلي في الحياة الاجتماعية ومأثور الإنسان الأفريقي العائش علي الطبيعة. والسبب في ذلك أن هذا الإسلام لا يستنكف استصحاب ملامح الوثنية الأساسية ويهجنها في صحيح معتقده (1949 :249) . وبهذا يفسر ترمنغهام النجاح الكبير للإسلام في إفريقيا لأن تحول الأفريقي اليه لا ينزعه جملة واحدة من أكثر عقائده الوثنية (1949 :165). ويناقض ترمنغهام مع ذلك نفسه حين ينسي مقولته عن هذا التساهل الفطري للإسلام في قبول الهجنة حين فسر السودانيين الجنوبيين عنه. وقال أن هذا الانصراف راجع إلى المقاومة الطبيعية للقبائل الزنجية للإسلام "حيث أن الارواحية الوثنية شديدة المحافظة بينما الإسلام يدمر المؤسسات الوثنية " (1949 :104) .

7ـ يبدو أن عدم الدقة في تحديد ما هو من الإسلام الأرثوذكسي وما ليس منه فاشية. فميشيل ميكر MICHAEL MEEKER يري أن أداء فريضة الحج عدة مرات ليس من الإسلام الأرثوذكسي في شيء. ويقرر أيضاً بغير سند أن الوقوف بعرفة في الحج أمر منهي عنه في صحيح الإسلام (1979 :266) .والحكمان خاطئان من وجهة نظر الإسلام الموصوف بالأرثوذكسية.

8ـ يقدم جاك واردبيرج JACQUES WAARDEBURG إطارا فكريا أوسع للتعيين الأخرق للأرثوذكسية في الإسلام وذلك من خلال تفسيره لأسباب ضآلة مساهمة البحث الأكاديمي الغربي في تعميق فهم العلائق الواشجة بين الإسلام الشعبي والإسلام الأرثوذكسي. يقول واردبيرج : "بما أن أهل العلوم الاجتماعية قلما يعرفون النصوص الإسلامية الآمرة . . . فإنهم ظلوا يركزون مباحثهم على الإسلام الشعبي حيث وجدوه غاصاً بعناصره "البدائية"... فالانثروبولوجيون يعتبرون الإسلام الشعبي هو إسلام الناس الحقيقي بينما يعتبرون الإسلام الرسمي (الأرثوذكسي) مثاليات دينية لدى بعض المشرعين وعلماء الدين البعيدين عن الناس (1978 :335ـ33 .

9ـ المصادر التي اعتمدت عليها دائرة المعارف الإسلامية ، لا تقرها، في حقيقة الأمر، علي حكمها بأن العين خرافة ليست من الدين. ولم يزد ابن الأثير والمتقي، ممن رجع إليهم كاتب مادة (العين الحارة) في دائرة المعارف، عن لجوء المصاب بها إلى ضارب الودع للوقاية منها ( ابن الأثير 1893 :202، المتقي 1969،4 : 220) . وفيما عدا هذا الاحتراز فان المتقي يورد خلاصة لمعظم الأحاديث النبوية التي تقرر إن العين حق (1971 :744،746) .

10ـ يرى ايكلمان ،على سبيل المثال، إن المرابطية ،وهي مصطلح أهل المغرب لعقيدة الناس في الأولياء الصوفية، لا نسبة لها في الإسلام الأرثوذكسي. وهي عنده في أحسن الأحوال ضرباً من الأورثودوكسيةORTHODOXY وتتبع شعيرة طقسية راسخة (1981أ :225) .
11ـ يرد في إقامة الصلاة تلك ما يلي:

الصلاة صلاتك
وا########## واطاتك
ونقع ونقوم على جلاتك

ترجمها عن الإنجليزية محمودا لامين في " الصوفية في السودان SUFISM IN THE SUDAN " بحث لنيل درجة الشرف ،الجامعة الأمريكية ببيروت 1970 .
12ـ للوقوف على تطبيق حديث لهذه السلطات العقابية الدينية انظر محمود محمد طه (1987).

Post: #179
Title: Re: كتاب ترمنجهام : الاسلام في السودان
Author: Agab Alfaya
Date: 10-09-2006, 02:09 PM
Parent: #1

شكرا عزيزنا الشقليني على تزويدنا بهذا البحث الذي كنت ابحث عنه
وهذه فرصة ان اعطي فكر موجزة عن كتاب ترمنجهام

الاسلام في السودان
تاليف : ج سبنسر ترمنجهام
ترجمة : فؤاد محمد عكود
المجلس الاعل للثقافة – القاهرة 2001


هذا الكتاب من افضل ما كتب عن الاسلام في حياة السودانيين . يقول المؤلف في المقدمة عن هدفه من تاليف الكتاب :

" الغرض من هذه النظرة هو مساعدة كل الذين لهم اهتمام بالسودانيين ، وذلك لفهم دلالة الاسلام في حياتهم وبينما هو حقيقي ان الفهم الحقيقي للتاثر الذي شكل - وما زال يشكل - الفكر الديني والممارسة الروحية لاي شعب اسلامي يمكن التماسه في الحياة الفعلية المتصلة بحياتهم الثقافية والروحية .. لقد كان هدفي محاولة تزويد القاريء بخلفية يرتكز عليها لفهم السودانيين بشكل حقيقي وصادق وتمهيد الطريق للاتصال المباشر الحي . ويجب ان يكون واضحا تماما انني لا اصور الاسلام النظري ولكن الدين الحي لمنطقة بعينها . فلو كنت اصف المسيحية في انجلترا اليوم فلن اهتم بما يقوله المنظرون عما هي المسيحية ولكن ساهتم بالاحول الاجتماعية التي كانت فيها العامل الاجتماعي المؤثر على مر القرون موضحا كيف شكلت المسيحية الناس وكيف ان صفة وبيئة الشعب قد صاغت بدورها شكل مسيحيتهم . هذا ما حاولته فيما يتعلق بالسودان الشمالي .."

يتكون الكتاب من الفصول الآتية :
الارض والسكان – موجز عن تاريخ الممالك المسيحية حتى دخول العرب – الاسلام المدرسي – معتقدات وممارسات شعبية في الاسلام – الطرق الدينية – الاسلام والسودان الوثني – تاثير الاستغراب على السودان .

وقدم المؤلف قراءة متوازنة لكيفية تاثير الاسلام في حياة السودانيين وامتزاجه بعاداتهم وتقاليدهم التي ورثوها وكيف شكلت الطرق الصوفية والاسلام الشعبي الوجدان السوداني .
طبعا لا شك اننا نفخر باثر الاسلام الشعبي في تكوين الشخصية السودانية . ولعل روايات وقصص الطيب صالح خير وثيقة ادبية واجتماعية عن اثر الاسلام الشعبي والصوفي في تكوين وجدان اهل السودان . نشير هنا الى الحنين والزين وشلة محجوب، في مقابل الامام وجماعته .
ولكن الدكتور عبد لله ابراهيم يرى ان تركيز المؤلف على اثر التصوف والاسلام الشعبي في حياة السودانيين فيه محاولة لتشويه الاسلام الحق (الاسلام المدرسي ) اسلام الجماعات الاسلامية والمعاهد الدينية . لا شك اننا نفخر باثر الاسلام الشعبي في تكوين الشخصية السودانية. وقد وضح ان هدف الدكتورمن ذلك هو التمهيد الطريق الى دعوته الى تطبيق الاسلام الرسمي المتزمت من خلال الدعوة الى تطبيق الشريعة والدستور الاسلامي .
اضافة ان الدكتور اراد ان يحاكي ادوارد سعيد في نقده للاجانب الذن كتبوا عن تاريخ السودان . لكن الخطأ الذي وقع فيه اداورد سعيد من خلال ادانته للاستشراق ، لا يخفى لكل قاريء متبصر . فهو قد خلط ين الاستشراق وبين المشروع الاستعماري الغربي واختصر كل تاريخ الاستشراق في نظرية تامرية ضيقة هدفها تشويه تاريخ الاسلام والمسلمين والشعوب الشرقية عموما ولم يسلم من ذلك حتي كارل ماركس . وكل ذلك كلام مكرر كثيرا ما يردده السلفيين وكلنا يعرف الخدمات الجليلة التي قدمها المستشرقون لتاريخ هذه الشعوب . طبعا هذا لا ينفي ان هنالك من كانت لهم اجندة استعمارية ولكن لا يجوز ان نعمم ذلك على كل من كتب عن الاسلام والمسلمين .

Post: #180
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبد الله عقيد
Date: 10-09-2006, 02:57 PM
Parent: #1

يا سلام


هذا البوست يغفر كل خطايا المنبر

Post: #181
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-09-2006, 03:09 PM
Parent: #180

شكرا الشقليني على ايراد المقال
و ساعود في براح ما للتعليق على كلامك المهم ،
حول عدم محاكمة المساهمة الشعرية للغابة والصحراء،
برؤى غير ذلك.
وقد انتبهت الى ذلك ،
وقلت انني لا اشك مطلقا في شاعرية الغابة والصحراء،
لكن كلامي يتجه الى ما نبهتنا اليه الغابة والصحراء،
حول مسائل الكنايات الثقافية.

ونعود للتعليق على كلام الشاعر الصديق "
منصور المفتاح،
حين قال:
Quote: كقارئ لكل ما طرح وصلت لتلك النتيجه والتى أحسبها رؤيه لا غبار عليها عن المعروض من الحوار

نرحب بمساهماتك هنا،
لكن كلام انك قارئ وفقط ،
لا يعفيك.
اعرف انك مبدع،
وربما تكون السجالات المعرفية،
مرهقة لك،
لكن لا تفتي برايك الشخصي فقط،
بدون الرجوع الى اصل المصطلحات ،
واصل الخطاب.
فمثلا كلامك عن البوتقة ،
هو تهويم شاعري ،
و لا علاقة له اصلا بمفهوم البوتقة.
عبد الحي شاعر،
لكنه كان ايضا باحثا.
هذا لا يعني انني احرمك من المساهمة هنا،
لكن القطع من الراس ساي،
لا يفيد.
محبتي
المشاء

Post: #182
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-09-2006, 06:09 PM
Parent: #181

Quote: شكرا حيدر على ما بسطته،
وكنت ارجو ان تبسط لنا الرابط.


الأستاذ أسامة الخواض

إليك بالرابط الذي طلبته مني بخصوص جزئية إقتبستها أنا من لقاء أجرته بيان الثقافة لإماراتية مع

الدكتور ع ع إبراهيم (حول مجموعة من النقاط العامة حول تجربته الابداعية الشخصية والسودانية بصورة عامة

وأثر إنتماءاته السياسية حول تجربته الابداعية والتحولات التي طرأت عليها)

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=5129

بوسع الأساتذة المتداخلين الإطلاع على اللقاء

Post: #183
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-09-2006, 09:04 PM
Parent: #182

شكرا عزيزي حيدر على ايراد الرابط المهم.
و قد اطلعت عليه ، وفي مساهمتي في الرد على بيان،
اوردت آراء ع.ع.ابراهيم في ما يتعلق بالغابة والصحراء ومدرسة الخرطوم التشكليلية.
شكرا مرة اخرى.
المشاء

Post: #184
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-09-2006, 11:25 PM
Parent: #183

الأستاذ أسامه الخواض لك التحايا

فى إحدى ليالى القيام بأحد المساجد توسد شخص المصحف ونام وجاء الشيخ ليرفعه عن المصحف فقال ذلك الرجل مصحف فوق مصحف فعرف أنه حافظ فأنا لا أتقلهت فقد تتلمذت كفاحا على أحدعمالقة الغابة والصحراء الأستاذ النور عثمان أبكر ودرست صلاح أحمد إبراهيم وودالمكى وعبدالحى أكثر من ما تحتاجه عقيدة الفكر ودرست الفكر كتخصص ومازلت تلميذا أبحث فى قديمه ووسيطه وحديثه ومعاصره وعلى مختلف المدارس المادى والمثالى والواقعى والإسلامى والإغريقى وعلى أيد أساطينه وتحريفا لما قاله الكتيابى

الفكر فى رئتيك يسكن
هل ترى قطرت للأجيال منه الكبرياء
فيما التزندق والمراء
ياأيها المخدوع فى زمن من الفخار
زخرف بالرياء


ولسانه فى أخرى

هذى رؤاى
لولا الخيال فنيت تحت أنامل اللحظات
تنبش قبر أحزانى
وترفع قبة الحلم الجميل
لولا الخيال رجعت بالحزن القديم أنا أنا
وظللت أنت المستحيل

فيا شيخى أسامه لا زاد لى غير الفلسفه فخذ ما يقع لك وما تبقى دعه يرجع لبحره......................


ولك الود والسلام



منصور

Post: #185
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2006, 00:03 AM
Parent: #184

الصديق منصور المفتاح:
شكرا على روحك الطيبة.
و ارجو ان تغفر لي لو شعرت ان اشاراتي ،
قد جرحتك.
اكرر اعتذاري.
وارجو ان تظل معنا.
فنحن نتعلم من ملاحظات الاصدقاء،حتى و لو كانت صعبة،
لانها تقال بمحبة.
ارقد عافية يا صديقي.
المشاء

Post: #186
Title: عن فكر "جون قرنق": التعدد التاريخي و المعاصر:بعض من أثر التجربة الامريكية على فكره
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2006, 01:21 AM
Parent: #185


فاتني أن أعلق على كلام قاله الاستاذ الفيا معقباً على كلام لي.
سبق لي أن قلت في هذا البوست الآتي نصّه:
Quote: فقبل خطاب الحركة كان الاقليم الوحيد الذي يعتبر مهمشا هو الجنوب. اضاف خطاب الحركة الى الجنوب المهمش الشرق وجبال النوبة واجزاء كبيرة مما يسمى بالشمال شمال الخرطوم. وهذا فتح الباب لمقاربة الثقافة السودانية كثقافات متعددة وليس كثقافة مختزلة في بعدين ثقافيين اي الافرقة والعروبة.


وعقب الاستاذ الفيا قائلا:
Quote: هذا خلط بين الهويات الثقافية والاثنية وبين التفاوت التنموي . فالتمهيش لا يصلح كاساس للتعدد الثقافي فهو يطال مناطق في الغابة والصحراء على السواء . فاسبابه ادراية متعلق باشكالات التنمية والتخطيط الاقتصادي والعوامل الجغرافية الاخرى
Re: لا توجد تعددية خارج ثنائية الغابة والصحراء !

وهذا كلام تنقصه الدقة العلمية في فهم اطروحات الحركة الشعبية لتحرير السودان،و هنا اتحدث ككاتب ,فانا لست عضوا في تلك الحركة،وقد حاول الصحافي ضياء الدين البلال في كتابه عن ا لسودانيين في الحركة الشعبية،حاول بالسلبطة ان يقول انني عضو في الحركة.
المهم نعود لموضوعة علاقة خطاب الحركة من خلال جون قرنق بمسالة التعددية الثقافية غير المختزلة.
طرح قرنق ان توجه السودان الجديد ينبني على فكرة علمية حين قال تحت عنوان:
الوحدة فى التنوع
Quote: أود أن أطرح رؤيتنا، رؤية الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، الطريق الذى نرى أنه سيقودنا الى الأمام. وأعتقد أنه نفس اتجاه التجمع الوطني الديمقراطي. وسمينا هذه الرؤيَّة رؤيَّة السودان الجديد. وهى ترتكز على تحليل علمي للأوضاع وتستند على تقويم متماسك لها فى واقعنا التاريخى والمعاصر معاً


ثم يتحدث عن شروط الوحدة والتي تقوم على نوعين من التنوع:
التنوع التاريخ و التنوع المعاصر.
يقول في ذلك :
Quote: فالوحدة التى نعنيها تقوم على واقعين، أولهما أسميه الواقع التاريخى أو التنوع التاريخى، والثاني أطلق عليه التنوع المعاصر أو الواقع المعاصر. هذان التنوعان أو الواقعان يمثلان عناصر تكويننا وتشكلنا ولا بدَّ من تأسيس الوحدة عليهما. فالأساس الأول للوحدة هو التنوع التاريخى، فكتب العصور القديمة، بما فى ذلك الكتاب المقدس، زاخرة بذكر السودان، إن كان تحت اسم كوش أو السودان أو مصر، وأنا لا أختلق هذه الأشياء.

ثم اجمل رؤيته للتنوع التاريخ قائلا:
Quote: هذا جميعه ما زال حتى وقتنا الراهن، يشكلنا ويكون جزءاً من هُويتنا. يجب أن نكون فخورين بتاريخنا ويجب أن ننقله لأولادنا، كما يجب تضمينه فى المناهج التعليمية وتدريسه للطلاب لكي ندرك ثقافتنا وثراء ماضينا. فالتاريخ لم يبدأ مع د. الترابي ولكنه يرجع طويلاً جداً الى الوراء. هذا هو التنوع الذى أقصده.

سِأعود لكلام جون قرنق عن تدريس التنوع التاريخي في المدارس،وعلاقة هذا الاقتراح المهم،بتجربته الامريكية.

ثم تحدث عن التنوع المعاصر:
Quote: الشكل الآخر من التنوع هو التنوع المعاصر. يتكون السودان من قوميات متعددة، من مجموعات اثنية متعددة، أكثر من 500 مجموعة تتحدث أكثر من مئة لغة مختلفة، ومن قبائل كثيرة. هذا هو الموجود وأنا لم أختلقه. فالدناقلة ما زالوا يتكلمون "بالدنقلاوى"، والبجة ظلوا يتحدثون "بالبجاوية". وحدث لى شئ غريب عندما ذهبت الى شرق السودان، فى منطقة همشكوريب، لأتفقد قواتنا الموجودة هناك. كنت أخاطب شباب البجة، وهم لا يعرفون العربية إنما يتكلمون لغة البجة فقط، وأنا قادم من الجنوب وأتحدث معهم بالعربية، فكان لا بدَّ لى من الاستعانة بمترجم، كدكتور الواثق وهو معي الآن، ليترجم حديثى من اللغة العربية الى لغة البجة. هذا هو التنوع المعاصر. نجد العديد من القبائل فى الجنوب، مثل الدينكا، والنوير، والشلك، والزاندى، واللاتوكا، والفرتيت، والمورلى وغيرها من القبائل. وفى الشمال أيضاً توجد قبائل كثيرة غير عربيَّة، فهناك النوبةأ والفور، والزغاوة، والمساليت، والعديد من القبائل العربية كالبقارة، والكبابيش، والرزييقات، والجعليين وغيرهم. لدينا كل هذه القبائل وغيرها. هذا هو التنوع، وهو أيضاً هناك ولم أفتعله أنا. ولدينا أديان مختلفة، فهناك المسلمون، وهناك المسيحيون وأصحاب كريم المعتقدات الأفريقية. أما مفهوم الإله الواحد فهو شائع بغض النظر عن دين الفرد. فالدينكا، مثلاً، يؤمنون بإله واحد يسمونه نيالج، ويشيع مفهوم الإله الواحد أيضاً وسط كل القبائل الأخرى، إذ ينطبق هذا على النوير والشلك كما ينطبق على القبائل الأخرى فى جنوب السودان. إذن، لدينا أديان مختلفة كلها متعايشة منذ زمن بعيد، باختصار هى الإسلام والمسيحية والديانات الأفريقية التقليدية.

هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات. إذن، وحدة بلادنا، الوحدة التى نتحدث عنها، لا بدَّ أن تأخذ هذين المكونين لواقعنا بعين الاعتبار حتى نطور رابطة اجتماعية سياسية لها خصوصيتها، وتستند على هذين النوعين من التنوع، رابطة اجتماعية سياسية نشعر بأنها تضمنا جميعاً، وحدة أفخر بالانتماء إليها، وأفخر بالدفاع عنها. يجب أن أعترف بأنني لا أفخر بالوحدة التى خبرناها فى الماضى وهذا هو السبب الذى دفعنا للتمرد ضدها. إذن، نحن بحاجة الى وحدة جديدة، وحدة تشملنا كلنا بغض النظر عن العرق أو القبيلة أو الدين، بحيث انه إذا حضر أى شخص الى الخرطوم، سواء كان قادماً من الجنينة أو من كادوقلى أو من جوبا أو من نمولى، فهو مواطن سوداني جاء الى العاصمة، "وحدث ذات مرة وأنا قادم من جوبا الى الخرطوم، وفى القيادة العامة وكنت وقتها عقيداً ومحاضراً فى جامعة الخرطوم، كلية الزراعة، أن سألني زميلي فى القيادة العامة: جون، متى حضرت الى السودان؟ فالسودان بالنسبة له هو الخرطوم
".


http://www.arkamani.org/vol_1/anthropology_vol_1/garang...الوحدة%20فى%20التنوع

أعود للحديث عن أثر التجربة الأمريكية على فكر جون قرنق.
سبق لي ان اشرت الى كاريزما جون قرنق كقيادي وكمتحدث لبق ،يتمتع بحس مرح،
له علاقة بتركيز الامريكان على مسالة القيادة،وهي مسالة لا تتوفر لدينا،فاختيار مندوب السودان في الامم المتحدة،كان بناء على خبرته،و لم يكن لعنصر القيادة اي دور في اختياره،
فمواصفات القيادة عنده ضعيفة.وسبق لعربي امريكي ان اعترض على عدم اختياره لمنصب ما رغم ان خبرته الطويلة تفوق خبرة المتولي للمنصب الجديد.فكان رد تلك المؤسسة ان الاختيار تم على اساس القيادة ،وليس على اساس الخبرة.

جون قرنق عارض ممتاز Exellent presenter، و أسلوب العرض Presentationيتدرب عليه الطلاب الامريكان بدء من المرحلة الابتدائية.

كان هنالك تأثير ضخم للتاريخ الثقافي الامريكي على فكر جون قرنق ،وخاصة في حديثه عن البوتقة،و سنأتي لذلك لاحقا.

وقد اشار الدكتور على بوب،في محاضرة ممتازة القاها في مونتري هنا ،الى تأثير التجربة الامريكية على جون قرنق.

شكرا لصبركم علي وحسن القراءة.

محبتي

أرقدوا عافية
المشاء




Post: #187
Title: Re: جون قرنق غابة وصحراء !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-10-2006, 04:23 AM
Parent: #1

اسامة الخواض شاء ام ابى يتفق مع رؤية الغابة والصحراء للثقافة السودانية ! وقد كان الاستاذ الصديق/ منصور المفتاح محقا عندما اشار الى ان هنالك اتفاقا في المضامين الجوهرية واختلاف في الشكليات . وما يؤكد ذلك استدلال الخواض باحاديث جون قرنق التي يؤكد فيها رؤية الغابة والصحراء :
يقول جون قرنق في الاقتباس الذي اورده الخواض :
Quote: هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات. إذن، وحدة بلادنا، الوحدة التى نتحدث عنها، لا بدَّ أن تأخذ هذين المكونين لواقعنا بعين الاعتبار حتى نطور رابطة اجتماعية سياسية لها خصوصيتها، وتستند على هذين النوعين من التنوع، رابطة اجتماعية سياسية نشعر بأنها تضمنا جميعاً، وحدة أفخر بالانتماء إليها، وأفخر بالدفاع عنها.

ويقول :
Quote: يجب أن أعترف بأنني لا أفخر بالوحدة التى خبرناها فى الماضى وهذا هو السبب الذى دفعنا للتمرد ضدها. إذن، نحن بحاجة الى وحدة جديدة، وحدة تشملنا كلنا بغض النظر عن العرق أو القبيلة أو الدين، بحيث انه إذا حضر أى شخص الى الخرطوم، سواء كان قادماً من الجنينة أو من كادوقلى أو من جوبا أو من نمولى، فهو مواطن سوداني جاء الى العاصمة، "
اذن ان افكار جون قرنق حول الهوية تلتقي مع الغابة والصحراء ولكن في الوقت الذي يرفض فيه الخواض مفهوم الثقافة الجامعة والانصهار الثقافي عندما تطرحه الغابة والصحراء نجده يدافع عنه ويتحمس له عندما يطرحه جون قرنق عبر مفهوم السودان الجديد وعندما يطرحه ادوارد سعيد من خلال مفهوم الهجنة الثقافية وعندما يطرحه الخواض نفسه من خلال ترويجه للبوتقة الكبرى العولمة !
اما مقولة ان قرنق تاثر بالبوتقة الامريكية فهذه حجة على الخواض فلماذا عذرت جون قرنق على ذلك ولم تعذر الغابة والصحراء الذين تزعم انهم تاثروا بالنموذج الامريكي . ؟
ولكن تظل المفارقة الصارخة هي ان الدكتور عبد الله ابراهيم الذي يستميت الخواض في الدفاع عنه يرفض بشدة رؤية جون قرنق في اقامة وطن يقوم علىالتزاوج و الانصهار الثقافي والعرقي ولا يرى في مثل ذلك التزاوج الذي تم والذي سوق يتم الا سفاحا وتلويثا للعروبة والاسلام بالدماء والوثنية الافريقية .
ولو كان الخواض صادقا في موقفه من جون قرنق ودعوتة الى السودان الجديد، لوقف ضد عبد الله على ابراهيم في مشروعه الاسلاموعروبي الجديد . فكيف لانسان يناصر جون قرنق وسودانه الجديد ، يقف في خندق واحد مع انسان كل همه تنقية ارثه من اي نسب ثقافي واثني له علاقة بالمكون المحلي لبلده او بافريقيا بل يصل به ذلك الى حد التنظير لفصل كيان الشمال ؟؟؟؟

Post: #188
Title: ضد :"باكروها يا جماعة"
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2006, 05:04 AM
Parent: #187

رد الاستاذ الفيا ،على مداخلتنا الطويلة بالآتي:

Quote: اسامة الخواض شاء ام ابى يتفق مع رؤية الغابة والصحراء للثقافة السودانية ! وقد كان الاستاذ الصديق/ منصور المفتاح محقا عندما اشار الى ان هنالك اتفاقا في المضامين الجوهرية واختلاف في الشكليات

أولا احترم صديقي منصور،
لكنه يستند على مسالة التوليد،
وقد اعترضت عليها في بوستي عن الاستنساخ.
ليس لمنصور مساهمات في مسالة الغابة والصحراء،
ولذلك لا يمكن ان تستند عليه.

انت لك مساهمات مغلوظة حسب رايي ،
و هذا مقام آخر نتحدث عنه الآن .

ولذلك فكرة المنصور التوليدية عن انعدام الخلاف،
هي فكرة توليدية بحسب زعمه،
و أنا ضدها تماما.

ولذلك علينا ان نركز على النقاش.
وقد فاتتك اشيائ كثيرة في كلام قرنق ،
وسأعود اليها.

ولي أن أسألك لماذا لم تعلق على كلامي ،
حول أن التعدد الثقافي هو من أسس كلام الحركة الشعبية ،وليس التفاوت التنموي فقط؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
محبتي لك ،
وأرقد عافية
المشاء

Post: #189
Title: Re: بل بالمنطق ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-10-2006, 08:19 AM
Parent: #1

اسس الخواض خلافه مع الغابة والصحراء على سند من القول انه ضد مفهوم البوتقة الذي تتبناه ، ولكنه اشار في ذات السياق الى تبني الدكتور جون قرنق لمفهوم الوطن البوتقة حيث قال :
Quote: ارجع الى كلام قرنق عن :
البوتقة الثقافية
وقرنق قد نال قسطا من تعليمه في امريكا.
فالبوتقة الثقافية عند قرنق،
هي ما ستتشكل,
أي في االمستقبل,
وليس ما تشكلت ،
أي في الماضي في النموذج السناري

طبعا القول بان البوتقة عند قرنق هي التي تتشكل في المستقبل وليس تلك التي تشكلت في الماضي قول لا معنى له فلا يمكن لاحد ان يقف خارج التاريخ ويبدا من نقطة الصفر . المهم في الامر ان الخواض لا يتعرض على مفهوم قرنق للوطن /البوتقة.
وفي المحاضرة التي اورد الخواض جزء منها يتحدث قرنق بتفصيل اكثر عن فهمه لمفهوم الوطن البوتقة حيث يقول :
Quote: هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات. إذن، وحدة بلادنا، الوحدة التى نتحدث عنها، لا بدَّ أن تأخذ هذين المكونين لواقعنا بعين الاعتبار حتى نطور رابطة اجتماعية سياسية لها خصوصيتها، وتستند على هذين النوعين من التنوع، رابطة اجتماعية سياسية نشعر بأنها تضمنا جميعاً، وحدة أفخر بالانتماء إليها، وأفخر بالدفاع عنها.

هنا يدعو الراحل جون قرنق الى صهر عناصر التنوع الثقافي والاثني في بوتقة الوطن الواحد في سبيل أنشاء امة سودانية تمثل رابطة قومية تتجاوز الانتماءات الضيقة مع الاحتفاظ بالخصوصية . وكنت قد اشرت الى هذا المعني في ثنايا هذا النقاش من غير ان اطلع على حديث قرنق .
اذن لا خلاف بين رؤية جون قرنق ورؤية الغابة والصحراء حسب فهم الخواض لهذه الرؤية .
وحيث ان الخواض يؤيد جون قرنق في هذا الطرح ، بالتالي لا معني لاعتراضه على الغابة والصحراء استنادا الى رفض مفهوم التمازج الثقافي والذي يروج له من خلال الترويج للعولمة والهجنة الثقافية .وعليه فان اتفاقه مع الغابة والصحراء بالمنطق ، منطقه هو ، وليس بالمباركة وحسب .

Post: #191
Title: Re: بل بالمنطق ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-10-2006, 08:47 AM
Parent: #189

النيل يراهن مسسبى


الليل تشرنق
فى السافنا
تحور صار
هشاب
وتمدد يلثم
ثغر الأبنوس
يضاجع انثى
الكاكاو
وتوالى الديدن تكرارا
وتدل الليل
ليغسل ذاك الرجس
من النيل
وأختلس النيل
اللون من الليل
والنيل لذا
صار أزرق

أفريقيا تمور
بألأزرق
وتناكف كل
من يسترزق
فى الصحراء معاطف
لن تخلع
فى الغابة لبوة
لن تركع
للسانحة دوما
تستغرق

أحراش تحضن
مستنقع
أدغال دوما
تستطلع
لمرابض ينقض
ليخلع
أثوابا حتما
لن تخلع

والنيل يراهن
مسسبى
والمهدى يحاصر
MR G
غردون مات بضربة
D
درويش فاض من
الزكر
لولاة فديناك
عرابى
لولاه فديناك عرابى
لولاة فديناك
عرابى
لولاه فديناك عرابى


الأخ الأستاذ أسامه الخواض السلام والرحمه

كان قد أشرت فى بعض المداخلات هنا فى المنبر بأنى تعرفت على أسامه الخواض هنا فى المنبر وكنت أعرف أغلب أصدقائه منذ أيام الدراسه أولئك من لهم إهتمامات وإسهامات فى النقد والأدب بصورة عامه كالأخ الدكتور صلاح الزين ومحمد خلف الله ومحمد النعمان والذى تعرفت به مع بعض أبناء الأبيض كعاصم محمد حنفى وأحمد الغالى وآخرون وفى ذلك الزمان كتبت تلك القصيدة التى وردت فى صدر هذه المداخله وفيها كنت متأثرا جدا بفكر الغابة والصحراء حيث جاءت تحمل نفس فهم التنوع ونفس التحدى الذى تواجهه الآن من أثر تشكيل الأمركه لواقع الكون فى إشارة (والنيل يراهن مسسبى) فعدم معرفتى لأسامه وقتئذ ليست إنكارا لوجوده وابداعه وقتذاك على الرغم من تفرغنا للإهتمام بالأدب من خلال جماعة المنتدى الأدبى التى ظهر فيها حميد وسبيل ومحمد عبدالقادر محمد خير ومكى وأحمد الغالى والصادق الرضى الذى كان وقتها بالثانويه العليا ومجدى حسبو وعبدالرحمن الخباء وعاصم حنفى وجعفر إسماعيل وحسن إسماعيل والدكتوره سميره الغالى وسميه جيلانى ورقيه وراق وآخرون وأخريات وذلك حتى منتصف الثمانينات وكانت الإرتباطات بندوة إشراقه وصالون فراج الطيب ومشاركات من نزار غانم ومحمد نجيب محمد على والتجانى سعيد ومشاركات فى الليالى الشعريه مع سيف الدسوقى وابوقرون والقدال ودكتور معز واخرون...
أما التوليد الذى أشار إليه الأخ الكاتب أسامه الخواض فهو مرتبط ببوست الإستنساخ وقصدت بذلك إستدراجه حتى يخرج إبداعه فى تنوع بما يرتبط وطبيعة البوست...
ولكن الشئ الذى أود أن أقوله أن إهتمام أسامه كناقد بموضوع الغابة والصحراء بالضروره أن تكون له نقطة بدايه وجهد إستمرار وما زالت الغابة والصحرء لم يصل الناس فيها لإتفاق محدد والدليل على ذلك إوار الحوار الدائر الآن بخصوصها سواء كان ذلك بالمباشره أو بجلب رؤى وافكار آخرين إلى مركز الحوار والأحلام بالغايات السعيده والأعمال بخواتيمها ومازال النقاش حتى على مستوى مفجريها لم يهدأ له بال فمازال ودالمكى يدافع عن رؤى عن عبدالحى خلافا لمن يقول بتأثر عبدالحى بالنور عثمان وذلك فى آخر كتابات محمد المكى بسودانايل والتى أشار فيها على وقوفه لكتابات عبدالحى عن العوده الى سنار لملاصقته له وصداقته التى كانت سببا فى مفاتحة عبدالحى له بكل كتاباته...
واخير أود أن أرجع للأخ الكاتب والشاعر الناقد أسامه الخواض بضاعته بأن يترك لفطنة القارئ الوصول لما يراه من حلال الإطلاع على المعروض من حوار لأنه نفسه جزء من حوار لم يصل إلى نهايته بعد لأنه حوار فكرى ليس بعلمى يتجدد كلما بدأ غموض فى جزئية منه أو واجه تحديا كالذى نعيشه الآن فى أرض الواقع....................


وأخير خالص ودى للأستاذ الخواض والآستاذ الفيا والأستاذ حيدر صاحب البوست والشقلينى والأستاذ محمد سيد أحمد للجهد الجهيد والحوار الهادف والآراء الجريئه والمفيده رغم ما يبدو عليها من خلاف أو إختلاف


منصور

Post: #190
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-10-2006, 08:46 AM
Parent: #1

الشكر مجددا للاستاذ عبد الله عقيد لرصانة المتابعة والشكر موصول لكل الاصدقاء القراء والمساهمين معنا في هذا الخيط منصور ومحمد سيد احمد والشقليني ولسيد البيت صديقنا حيدر .
ورمضان كريم والجميع بالف خير .

Post: #192
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-10-2006, 09:57 AM
Parent: #190

كتاب نقدي لاسامة الخواض

الدكتور الناقد اسامة الخواض يضع اللمسات الاخيرة على كتابه النقدي الجديد والذي يحتوي على دراسات نقدية حول الشعر والنثر السوداني المعاصر.. ومن المتوقع ان يصدر الكتاب عن احدى دور النشر البيروتية حيث يقيم الدكتور اسامة محاضراً باحدى جامعات بيروت بلبنان





alray alaam

Post: #193
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-10-2006, 11:08 AM
Parent: #1



( قولٌ على قول ) :


الأحباء هُنا

تحية طيبة لكم جميعاً ،

وأخص صاحب المنضدة التي عليها نأتلف العزيز ( بكري ) ، وصاحب الدعوة الكريمة العزيز الكاتب ( حيدر ) والصحاب الذين تجمعوا من آفاق الدُنيا لصناعة هذه الجلسة : العزيز الكاتب ( الفيا ) والعزيز الكاتب ( أسامة ) والعزيز الكاتب
( محمد سيدأحمد ) والعزيز الكاتب ( منصور ) ، والأعزاء الذين قاموا بنثر عطورهم بيننا إسهاماً في ثراء السجادة التي ننعم بمجلسها .
لدي بعض الرؤى أرغب توضيحها ، ليس من قبيل الاستعلاء أو تقمص دور الوسيط الذي يدَّعى الإمساك بخيوط الود بين الجميع أو الذي يرتدي دور الخاطبة في جمع ( رؤوس الحلال ) ! ، لكنني وطنت العزم بأن يكون هذا ( البوست ) بمثابة تجربة فريدة نخرُج منها إلى مزهرية متعددة الألوان ، والروائح ، تجلس على مجلس من احترام الاختلاف ، والسعي به لغاياته .
بناء عليه أورد لكم بكل محبة الآتي :

1/

إن هذا ( الموضوع ) رغم أن موضوعه أهل الغابة والصحراء ، ولقاء أجراه الكاتب المُخضرم عيسى الحلو مع الدكتور عبد الله علي إبراهيم إلا أن مساس الموضوع بأمر ( الهويَّات ) المتآلفة أو المتصالحةأو المتصارعة طوال تاريخ طويل في أرض السودان ، أمر أراه لا ينفك يشتبك ببعضه ، لا تريد ( الغابة والصحراء ) أن تفتك عن ( الهوية ) أو مجموعة (الهويَّات ) ، ولو أردنا نحن فك اشتباكها .

2/

أرى أيضاً أننا لم نزل نتناول الموضوع بأكثر من عين ، تنظر جميعاً جوهرة متنوعة الأضواء ، تسحر كل عين ناظرة بفتنتها ، تنتشر في تخصصات علمية متعددة المشارب ، متشققة إلى أفرُع وعميقة الغور أحياناً، يتعين علينا جميعاً الانتباه لهذا الحدث بعين فاحصة ، يُثريها التنوع ، و لا يضجرها الاختلاف .

3/

لسنا في حاجة لتقرير ما هو حادث من اختلاط الرأي الحُر والرؤية والنقد ومدارسه وطقوس الكتابة المتنوعة ، ونظر النصوص بعين المحبة التي لا تُعيقها الدروب ، أو عين السياسة أو عين علوم الاجتماع أو علوم الإعلام والصحافة ، أو عيون اللغة واللسانيات أو عيون الثقافات المتنوعة ..... أو مناهج المباحث بأنواعها ، ومن هنا تتداخل المُصطلحات في غُبار العِراك ، فيصبح المُصطلح في كل علم نغماً فارد الجناح . لقد اختار كل منا مصطلحات تنوعت وتنافرت في السند المرجعي ، فصعدت لدينا نبرة الخلاف ( ببعض بُهار الغِلظة ) التي يتعين علينا محوها من الحوار ما أمكننا ذلك ، وأن نستدرك أن الهدف النبيل مبرر كافٍ لمحو تلك الغِلظة التي أجدها تصعد من خلف بعض النصوص ، .. هنا وهناك ، وإن احتجبت بخجل في بعض الأحايين .
ليبقى الخلاف ، ونرفد الرؤى بالأسانيد كي يكون الثمر ناضجاً .

تقبلوا محبتي ، وعُذري أن المقاصد تنحني أمامها الهامات .

يحضرني هُنا بيتا شعر لإسحاق بن إبراهيم الموصلي :

وإني رأيت الدهر منذ صحبتُــه .. محاسنه مقرونة و معــايبه
إذا سرني في أول الأمر لم أزل ..على حذرٍ من أن تذّم عواقبه .


عبد الله الشقليني
10/10/2006 م




Post: #194
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2006, 12:07 PM
Parent: #193

كتب الصديق منصور المفتاح نقلا عن الراي العام الآتي:
Quote: كتاب نقدي لاسامة الخواض

الدكتور الناقد اسامة الخواض يضع اللمسات الاخيرة على كتابه النقدي الجديد والذي يحتوي على دراسات نقدية حول الشعر والنثر السوداني المعاصر.. ومن المتوقع ان يصدر الكتاب عن احدى دور النشر البيروتية حيث يقيم الدكتور اسامة محاضراً باحدى جامعات بيروت بلبنان
alray alaam

يا ريت لو جاب لينا اللنك.
اولا لست دكتورا،
ثانيا لم اعمل محاضرا بالجامعات اللبتانية ،فهذا مممنوع قانونيا.
هنالك محاضرون سودانيون في بيروت مثل الدكتور مصطفى خوجلي المرشح لرئاسة الوزراء في انقلاب هاشم العطا،لكنه يعمل في الجامعة الامريكية.
وقد عملت عامل تنظيف في بيروت،وكتبت نصا شعريا عن ذلك،وكنت اعمل مع صديقي الشاعر والفنان التشكيلي ورسام الكارياكتير المعروف :
عمر دفع الله
في منبى الجفنور المشهور ،قرب الجامعة الامريكية.
كما عملت ناطورا،
اي خفيرا لاحدى البنايات.
وساعود لكلام الاستاذ الشغليني وكلام الفيا ،وكلام منصور .
محبتي للجميع
المشاء

Post: #195
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-10-2006, 03:01 PM
Parent: #194

جاء الخبر عن كتاب الأخ الأستاذ أسامه الخواض فى صفحة الثقافه وفى الأخبار الثقافيه عن بعض الإصدارات والتى رايت من بينها روايه للدكتور بشرى الفاضل وكتاب فى النقد عن الخواض


وهذا هو اللنك


http://www.rayaam.net/art/art11.htm





منصور

Post: #196
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-10-2006, 04:57 PM
Parent: #195

شكرا صيقنا منصور على ايراد اللنك،
وكله عبارة عن معلومات خاطئة ،ما عدا اسمي.
أطالب الراي العام بتقديم تصحيح و اعتذار.
المشاء

Post: #197
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-10-2006, 06:03 PM
Parent: #196

Quote: أطالب الراي العام بتقديم تصحيح و اعتذار


أتمنى أن تستجيب الصحيفة الموقرة لمطلب الأستاذ أسامة

رغم إن إبراد مثل هكذا خبر في صحيفة محترمة مثل الرأي العام يعلي من شأن الإسهامات النقدية التي ظل يطرحها

الأستاذ أسامة إلا أنه في نفس الوقت يقلل من مصداقية الصحيفة لدى المهتمين بمجال النقد عندنا وهذا لعمري

مالا نتمناه

نشكر للصحيفة تفضلها بنشر الحوار موضوع النقاش الذي نقلناه هنا تعميما للفائدة المرجوة لكل ما حمله من

أفكار ورؤى قابلة للنقاش

Post: #198
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-10-2006, 08:49 PM
Parent: #1

كتب اسامة الخواض :
Quote: ليس لمنصور مساهمات في مسالة الغابة والصحراء،
ولذلك لا يمكن ان تستند عليه.

هذا ليس تبخيسا لمساهمات الاخ الاستاذ منصور المفتاح وحسب بل تبخيسا وتسفيها لاراء كل المساهمين في هذا الحوار هنا . هذا نقاش مفتوح وليس حكرا لافراد بعينهم واذا كان لا قيمة لاراء المساهمين هنا فما فائدة هذا النقاش . ارجو ان يطرح الجميع افكارهم وان يتركوا الحكم للقاريء المتابع والمهتم دون وصاية فهو اذكي بكثير مما نتصور .
لقد ساهمت اراء الاخ الاستاذ منصور وبقية الاخوان حيدر والشقليني ومحمد سيد احمد مساهمة كبيرة في فتح آفاق هذا النقاش واذكاء جذوته ومن دونهم ما كان لهذا النقاش ان يستمر بهذه الحيوية ، فلهم منا كل الشكر والتقدر .

Post: #199
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-10-2006, 09:03 PM
Parent: #1

كتب محمد سيد احمد :
Quote: الغابة والصحراء جماعة ثقافية لها شرف المحاولة فى التعبير عن سودان متعدد الثقافات
هى ليست حزب سياسى
لذا يجب دراستها فى هذا الاطار وفى السياق التاريخى الى وجدت فيه
اهتم شعراء وادباء الجماعة بمحاولة ابراز العنصر الافريقى فى الثقافة السودانية
وفى دراسة الانقتادات التى وجهت لها نجد ان د عبد الله على ابراهيم يدعى انهم ابتعدوا عن الثقافة العربية الاسلامية وفى جانب معاكس كانت انتقادات بولا وحسن موسى بانهم لم يكونوا اصلاء فى الاهتمام بالعنصر الافريقى فى الثقافة السودانية

هذا صحيح يا اخي محمد سيد احمد كان يمكن للجميع ان ينطلقوا من حيث وقفت الغابة والصحراء ويكملوا ما يروا فيها من نقص ، ولكن ارادوا ان ينسفوا الفكرة من اساسها بدل ان يكملوها ، فجاء نقدهم كله هجائيات كما وصفه عبد الله على ابراهيم نفسه .
وكم كنت اتمنى من الذين يرون ان الغابة والصحراء لم تكن افريقية بما يكفي ان يفتح الله عليهم بكلمة واحدة في محاولات الدكتور عبد الله على ابراهيم الدؤوبة نفي اي أفرقة عن السودان .

Post: #200
Title: Re: عنصرية مكمايكل ليست مبررا للتنكر لأفريقيا ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-10-2006, 10:38 PM
Parent: #1

ان الافكار المتطرفة للدكتور عبد الله في نفي المكونات الافريقية ما هي الا ردة فعل سلبية ضد الافكار العنصرية لبعض الاجانب الذين كتبوا عن السودان مثل هارولد مكمايكل . فقول الدكتور ان الافروعربية ، سفاح هو تكرار حرفي لنظريات أؤلئك العنصريين . يقول الدكتور في البحث الذي ترجمه محمد عبد الله عجيمي و نقله هنا الاستاذ الشقليني :
Quote: ينطلق توصيف كل من مكمايكل وترمنغهام لهوية الجعليين الكبري من فرضية فاسدة لا تستمد جذورها من الحقيقة المشاهدة للتمازج العربي-الأفريقي في السودان فحسب بل من الدلالات السلبية لمصطلح السفاحية العرقيةMISCEGENATION في الثقافة الانجلو-ساكسونية. فهولاء البيض من ذوي السلطان علي الفكر ومفاهيمه يستهجنون في دخيلة أنفسهم خلطة الأعراق ويعدونها خرقاً وسفاحاً (علي المزروعي1973 :58،75).

ثم يضيف :
Quote: وعليه فمكمايكل يتحدث عن عملية التمازج العربي-الأفريقي في السودان والعنصر الذي نتج عنها بمصطلحات مثل:"التدني"، و"النقاء العرقي"، و"السلالة الأصلية"، و"التلوث" وما يجري مجراها1922 :195،208،223،318،336). وهذا فعل من يستنكر في قرارة نفسه تزاوج الأعراق وخلتطتها . بل أنه وصف مجموعة عرقية سودانية بعينها يجري فيها دم أفريقي أكثر من الدم العربي بأنها "متدنية أو هابطة". وقال أنه عني بهذا الوصف أن تلك الجماعة ببساطة وبراءة "أقل عروبة" من غيرها.
اذن فالمبررات التي يسوقها الدكتور عبد الله لنفي المكونات الافريقية عن التركيبة الاثنية والثقافية لانسان السودان هي ترديده ، ان الاجانب الذين كتبوا عن تاريخ السودان ارادوا الحط من قدر السودانيين عندما قالوا ان ارثهم الثقافي والاثني امتزج بالمكونات الافريقية المحلية . اي ان افكارهؤلاء الاجانب هي التي جعلته يقف هذا الموقف الرافض للوشائج الافريقية المحلية . ولكن هل هذا مبررا كافيا لخلع انتمائتنا المحلية المتوارثة والمتشابكة مع انتمائنا العربي عبر العصور ؟
اليس في تبني مثل هذه النظريات تكريس لهذه النظرة العنصرية ؟!!

وقد جا رد الاستاذ كمال الجزولي على الدكتور عبد الله ابراهيم حاسما وقاطعا حين قال :
" .. مهما يكن من أمر، فإننا نتفق مع ما ذهب إليه يوسف فضل (198 من أن حقيقة الهجنة واختلاط الدماء العربية والنوبية (نركز على العنصر الذى انحدر منه غالب الجلابة) تبدو (ماثلة للعيان) بقوة لا تحتمل المغالطة. وإلى ذلك يجدر التعاطى معها كحقيقة معرفية لا ينتقص من قيمتها أن دعواها فى أصولها العرقية عند ماكمايكل وتجلياتها الثقافية عند ترمنغهام مفهومة لدى بعض المفكرين بأنها "تنطوى على فرضية انحطاط"، كما ذهب إلى ذلك مثلاُ د. عبد الله على ابراهيم " - بعض افادات مستعرب مسلم .

اذن تهمة تاثر الغابة والصحراء بالاستشراق هي اسقاط لتاثر الدكتور نفسه باؤلئك الاجانب العنصريين . في تعقيب لاستاذنا محمد المكي على تهمة التاثر بالاستشراق يقول :

" إنني مصر على ان ذلك الاكتشاف امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق او قراءات في أدب المستشرقين أو تأثر بهم وبين هلالين أقسم برأس أبي انني لم أقرأ حتى اليوم ترمنجهام وذلك الآخر الذي روجت ألسنة السوء أننا قرأناه وتأثرنا به وأنا أعرف تماما ان تلك الفرية مقحمة اقحاما ليذكرنا مروجها انه متمكن عظيم الباع وأنه ليس أقل من ادوارد سعيد مقدرة على نقد الاستشراق والمستشرقين وإظهار ما هم عليه من التفاهة وحقارة الشأن وكل ذلك إثباتا لعبقرية انا كنت ذات يوم ممن يتوسمونها في مروج تلك الافتراءات."
ويضيف :
" ليس لتيار الغابة والصحراء أي فضل في خلق الثقافة السودانية فهي حقيقة وجودية سابقة لذلك التيار بل ان الغابة والصحراء تدين بوجودها للثقافة السودانية بحكم انها مجرد توصيف لما هو كائن في الثقافة وليس فرضا لواقع جديد على تلك الثقافة."
" . من التاريخ الشخصي للغابة والصحراء .

Post: #201
Title: Re: عنصرية مكمايكل ليست مبررا للتنكر لأفريقيا ،
Author: osama elkhawad
Date: 10-11-2006, 00:47 AM
Parent: #200

قال الاستاذ الفيا:
Quote: هذا ليس تبخيسا لمساهمات الاخ الاستاذ منصور المفتاح وحسب بل تبخيسا وتسفيها لاراء كل المساهمين في هذا الحوار هنا . هذا نقاش مفتوح وليس حكرا لافراد بعينهم واذا كان لا قيمة لاراء المساهمين هنا فما فائدة هذا النقاش . ارجو ان يطرح الجميع افكارهم وان يتركوا الحكم للقاريء المتابع والمهتم دون وصاية فهو اذكي بكثير مما نتصور .

ما زلت عند رايي في التوليد بالمفهوم المفتاحوي،تعتوره اشكال كثيرة من القصور.
المهم ،
دعونا نمشي لي قدام بمحبة.
المشاء

Post: #202
Title: Re: عنصرية مكمايكل ليست مبررا للتنكر لأفريقيا ،
Author: osama elkhawad
Date: 10-11-2006, 01:00 AM
Parent: #200

قال جون قرنق ،
في طرحه لمفهوم جديد عن البوتقة:
Quote: هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات

بوتقة قرنق ،
هي مشروع متخيل ،ونظري ،ويحتاج الى زمن طويل و الى ديمقراطية.
فالبوتقة التي يتحدث عنها ممثلو الجماعة الشمالية،هي بوتقة تخصهم،ولا تتعلق ببقية الثقافات الاخرى.

و ارى ان كناية صحن السلطة ،رغم ما يعتورها من قصور ،وكناية "قوس قزح"،
و غيرها من الكنايات التي تتيح هامشا واسعا،للاستقلال الثقافية النسبي،
هي اقوم سبيل لتجنب المصادمة بين الثقافات كما هو حادث الآن.

وقد يساعد مفهوم "الهوية المركبة"،على ردم تلك الهوة بين الهويات المتناحرة.
المشاء

Post: #203
Title: Re: عنصرية مكمايكل ليست مبررا للتنكر لأفريقيا ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-11-2006, 03:42 AM
Parent: #202

يا أستاذ أسامه...تعرف أن نهج الحافر بالحافر يدخلك جحر ضب من تتبع فتدبر وابدع فليس الفكر البشرى بقرآن وليس العقل وقدراته وقفا على ملة دون أخرى...وأمرنا أن نفكر (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) وورود عبارات أفلا يتدبرون وافلا يعقلون فى مختلف آيات القران دعوة واضحه لتحكيم العقل وتنشيطه بالإبداع لا الإتباع أما الإنزواء فى كهوف فرانسيس بيكون تنسخ تبعا يختفى نور البصيرة عنهم فى بحر هلامى المدى يصعب الإبحار فيه وتصعب الرجعة منه وأمتلك من الزخيرة الكثير الخطر فلا تتمادى فى السخريه وتبخس الناس أشياءهم فى سوق يعرف الناس فيه ما صنع فى تايوان وما صنع فى اليابان فأت بقدحك ودع القارئ يحكم فلا تتحكم فى الحوار الذى لا يقبل الفة فيه..............................



ولك من الود الجزيل

Post: #204
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-11-2006, 06:27 AM
Parent: #1





الأحباء هُنا

كنتُ بصدد نثر بعض عن : ( الاصطلاح واللغة ) و ما لها من رباط بما نحن بصدده ،
وما لمصطلحات مثل : ( الشفرة الثقافية ) و ( المستعربة ) و
( العاربة ) من علائق بين معاني اللغة وبين تطور المصطلح ،
وتحليل ما تناوله ا لدكتور عبد الله علي إبراهيم
إثراء ( للبوست ) ....

لكن انتابني بعض الحُزن !!!! ،

و ربما أتراجع عن الإفادة ...

لكم شكري ومحبتي






Post: #205
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-11-2006, 08:24 AM
Parent: #1

كتب اسامة الخواض :
Quote: قال جون قرنق ،
في طرحه لمفهوم جديد عن البوتقة:

Quote: هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات


بوتقة قرنق ،
هي مشروع متخيل ،ونظري ،ويحتاج الى زمن طويل و الى ديمقراطية
.

اذن انت من حيث المبدأ لست ضد الوطن البوتقة ولكن تشترط لذلك توفر الديمقراطية والوقت الكاف !

Post: #206
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-11-2006, 08:25 AM
Parent: #1

كتب اسامة الخواض
Quote: وقد يساعد مفهوم "الهوية المركبة"،على ردم تلك الهوة بين الهويات المتناحرة.

وما هي الهوية المركبة ؟!

فالمركب يتكون من اكثر من عنصر واحد
والغابة والصحراء تتكون من عنصريين رئيسيين
وما يتبعهمامن تدرج وتنوع
فهي اذن هوية مركبة .

Post: #207
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-11-2006, 08:32 AM
Parent: #1

عزيزنا الاستاذ الفنان المرهف عبد الله الشقليني

نحن في شوق الى مساهمتك التي طالما فتحت لنا آفاق ارحب لهذا الحوار.

Post: #208
Title: Re: البدائي النبيل ، يا له من تعبير نبيل !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-11-2006, 01:01 PM
Parent: #1

المجتمعات البدائية و الثقافات البدائية والانسان البدائي كلها تعابير ومصطلحات سائدة في الدراسات الكلاسيكية للتاريخ وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا . وكلنا نعرف مصطلح المشاعية البدائية عند ماركس وانجلز .
والبدائي النبيل تعبير لوصف الانسان الذي لا يزال يعيش على الفطرة والطبيعة بعيدا عن الحضارة الغربية وعصر الالة محتفظا ببراءته وسلامة فطرته .
وكان هذا الانسان النبيل يشكل نموذجا للانسان المثالي الذي حلم به الرومانسيون هربا من المجتمع الذي دنسته الالة وتعقيدات الحضارة في نظرهم . وكلنا يعلم دعوة رائد الرومانسية جان جاك روسو بالعودة الى الطبيعة ونبذ المجتمع المدني .

واعتراض الخواض على هذا التعبير ، منصب على كلمة بدائي . وهو اعتراض مبني على مقولات ما بعد الحداثة وما بعد الكولونيالية. فالاولى لا تعتد بالترتيب الهرمي للقيم مثل تقدم وتخلف وبدائية وتقدمية لانها تعتقد انه لا يوجد اصل يقاس عليه . كما يستند في ذلك الى حركات التصحيح السياسي the political correctnessالتي تنهى على استخدام مثل هذه الأوصاف التي تنطوي على تمييز بين الثقافات وذلك لاعتبارات انسانوية . ونتيجة لهذه الحركات بدات تستبدل تعابير مثل المجتمعات البدائية بالمجتمعات القبلية مثلا .
ولكن كل ذلك لا يخرج عن اطار حسن النوايا والتشهيات الحالمة . فالواقع يقول بغير ذلك . فهنالك تقدم وهنالك تخلف . وحيث لا يصح الا الصحيح فاهو الخواض يقر اخيرا بهذه الحقيقة حيث يقول في مداخلة كتبت بعد اثارته لموضوع البدائي النبيل هنا ، وذلك ببوست لعثمان تراث :
Quote: من قراءاتي ومتابعاتي لمشروع عمري حول الحداثة،
توصلت الى أن الحداثة لا يمكن ان تتأسس إلا بالاعتراف باننا متخلفون عن بقية العالم المتطور.

Re: السودان أفشل دولة في العالم وأفسد

Post: #209
Title: Re: البدائي النبيل ، يا له من تعبير نبيل !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-11-2006, 01:20 PM
Parent: #208

وكان محمد عبد الحي قد استخدم مصطلح "البدائي النبيل" لنقد قصائد "جنوبيات " المجذوب واصفا المجذوب بانه صور فيها انسان الجنوب كبدائي نبيل . اي انه صور الجنوبي بخيال الشاعر الرومانسي ولم يكن تصويره له تصويرا واقعيا . وكان المجذوب وهو الافندي الموظف الصغير الذي نقل من عاصمة الترك /الخرطوم كما يسميها الي بورسودان ثم ما لبث ان نقل مغضوبا عليه الي الجنوب سنة 1953فصور الحياة هنالك في صورة بدائية نبيلة بالمعني الرومانسي الذي يتحدث عنه جان جاك روسو ودعاة العودة الي الطبيعة .لكن عبد الحي راي ان "جنوبيات" المجذوب قد اسقطت الجانب الواقعي في حياة هؤلاء القوم. بمعنى ان المجذوب صور الانسان الجنوبي بعين الشاعر لا بعين المحلل السياسي . كانما كان ينشد خلاصه الشخصي في ذلك النموذج للانسان النبيل هربا من عاصمة الترك وتزمت اهله المجاذيب . وهذا شيء طبيعي من شاعر .
واذا كان عبد الحي يرفض صورة البدائي النبيل في شعر المجذوب ،لاسباب نبيلة هدفها رسم صورة واقعية للانسان الافريقي، فعبدالله ابراهيم ،يرفض هذه الصورة النبيلة لاسباب تخصه،منها اثبات الروح العداونية للجنوبي التي تجعله يرفض التعايش السلمي مع الشمالي في ظل وطن واحد جامع . يقول في تحالف الهاربين :
Quote: إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955

Post: #210
Title: Re: البدائي النبيل ، يا له من تعبير نبيل !
Author: munswor almophtah
Date: 10-11-2006, 11:14 PM
Parent: #209

الأخوه الأعزاء عفوا إن بانت بعض الحدة فى الخلاف وليس فى ذلك كره أو بغض فى النفوس أو القلوب ولكنها أخلاق الرجال والتى قال فيها الشاعر.... لعمرى ماضاقت بلاد بأهلها....ولكن أخلاق الرجال تضيق
فالتراث الإنسانى جله يثرى بعضه بعضا وكله إما راجع للنقل أوالعقل والنقل كل ماأرتبط بالتنزيل وجاء فى الكتب المقدسه كالقرآن والإنجيل والتوراة والزبور وصحف إبراهيم وموس والمعارف العقليه منها التقريرى الوصفى والذى يرتبـط بالعلوم ومناهجها البحثيه المختلفه كالإستقراء القياس والإستنباط والمقارنه والتجربه فيزيائيه كانت أو كيميائيه أوبيانيه رياضيه ومنها ما يرتبط بالثقديرى المعيارى والذى يتم الوصول إليه بالإستغراق فى حالة الفلسفه وبالخلوة التى تحدث الكشف والإلهام فى التصوف وتحت الفلسفه تدخل الفنون وعلم الجمال وعلم الأخلاق والقيم وما يرتبط بها كالموسيقى وهنالك من الفلسفات ما ترتبط بالتنزيل كالفلسفه الإسلاميه كما ترتبط بالعقل كذلك...وإن بعض أو أغلب المعارف العلميه تم إكتشافها بطرق فلسفيه كنظرية فيثاغورث الرياضيه (مربع الوتر يساوى مجموع مربع الضلعين فى المثلث القائم الزاويه) وذلك من الإستغراق على الأصوات الخارجه من القرع على أجسام صلده وذلك فى تاريخ الفلسفه الإغريقيه لأي من كتابها...إن الشئ الذى وددت أن أقوله بذلك أن المعارف متداخله تداخلا وميقا وأننا كأفراد ربما يتقن كل منا جزء منها لذا بالحوار يمكن أن نتعلم من بعضنا البعض فليس منا من يقف على مستويات تعليمنا كأشخاص إلا بمقدار ما صرح به ولكن بالتدافع الفكرى الحميد من الممكن جدا أن نصنع معرفه وعليه يجب أن نحترم بعضنا بعضا ونحترم رأى الآخر حتى ولو كنا نختلف معه حتى تظهر الآراء كالتنوع الذى ما زلنا نختلف فى تشكله فى الهويه التى نحن بصدد مرسها بالحوار حتى تكون دنا سلافى للقارئ والمهتم والهاوى...ولكل منا مرجعيه معرفيه تؤثرعلى عرضه لأفكاره وأما التوليد الذى خلق مشكلة للخواض هو وسيله معرفيه أنزل بها سغراط الفلسفه من السماء إلى الأرض أو من عالم المثال إلى عالم الواقع بعبارته أعرف نفسك والتى قالها سيد الخلق كذلك (من عرف نفسه عرف ربه) وأسفى إن كنت قد تأثرت بالذى يجيده الخواض وأسأل الأخ الشقلينى أن يأتى بما لديه وأن يواصل الكل مابدأ من حوار.....................................



وودى واحترامى للجميع

منصور

Post: #211
Title: Re: البدائي النبيل ، يا له من تعبير نبيل !
Author: osama elkhawad
Date: 10-11-2006, 11:42 PM
Parent: #210

شكرا عزيزي المفتاح على روحك العالية الطيبة.
و خلونا نمشي لي قدام.

قال الصديق حيدر حسن ميرغني :

Quote: أتمنى أن تستجيب الصحيفة الموقرة لمطلب الأستاذ أسامة

رغم إن إبراد مثل هكذا خبر في صحيفة محترمة مثل الرأي العام يعلي من شأن الإسهامات النقدية التي ظل يطرحها

الأستاذ أسامة إلا أنه في نفس الوقت يقلل من مصداقية الصحيفة لدى المهتمين بمجال النقد عندنا

لم اتابع الصحيفة،
و ارجو ان تستجيب لرجائنا.
المشاء

Post: #212
Title: إشارة سابقة لأوانها عن مصطلح "البدائي النبيل"،باعتباره مصطلحا سيئ السمعة
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 00:07 AM
Parent: #211

أدناه صورة للبدائي النبيل ،
كما تبّدت في الخطاب الكولونيالي الغربي
:

وهي صورة تماثل صورة الجنوبي ك:
Quote: بدائي نبيل

من خلال أشعار :
محمد المهدي المجذوب
وكتابات :
محمد المكي ابراهيم
الأولى عن :
الآخر "الجنوبي"
في مخيّلته العروبية.

*******

سأعود للحديث عن مصطلح البدائي النبيل،
وتاريخ المصطلح ،
وتطوره،
وهذا ما يجعل من التأويلات التي ترتكز فقط على التأويل القاموسي،
تأويلات وقراءات مغلوطة،كما سنثبت.

استخدم كل من :
عبد الحي
و
ع.ع. ابراهيم
و
مجمد جلال هاشم

في دراسة اطلعت عليها في الانترنت،
استخدموا مصطلح :
Quote: البدائي النبيل

أي :
Quote: Noble savage

استخداما صحيحا،
يتفق مع أصول المصطلح،
و تطور نقده ،
من داخل الثفافة الغربية ،
التي انتتجه،
مترافقا مع التوسع الكولونيالي،
و مفهوم الآخر كما تبدى في خطاب الثقافة الغربية.
فالثقافة الغربية ،في تمظهر من تمظهراته،
تمارس:
التفكير النقدي الضدي.

نعود لمصطلح :
البدائي النبيل
فهو و نظيره الآخر:
Quote: البدائي الحقير

أي:
Quote: Ignoble Savage

أو
البدائي الخسيس المولد
في ترجمة أخرى.
قد تعرضا لنقد حاد،
ليس باستطاعة اي باحث بعد ذلك النقد،
أن يدعي ان مصطلح البدائي النبيل هو:
Quote: تعبير نبيل


كما قال الفيا.

أما الفيا فقد ارتكز فقط على الفهم القاموسي.
وسنعود لذلك ،
بعد اكمال مقاربتنا عن القراءة الخاطئة من خلال ما اسميناه ب:
Quote: إنكار المصطلح

وهي قراءة خاطئة من الدرجة الأولى بامتياز،
كما سيوضح من خلال نموذجي الراحل المقيم الخاتم عدلان ،
و عجب الفيا،
في البوست المعروف.
محبتي
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #213
Title: Re: إشارة سابقة لأوانها عن مصطلح "البدائي النبيل"،باعتباره مصطلحا سيئ السمعة
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 00:18 AM
Parent: #212


أعلاه ،
تمثيل آخر،
أي :
Representation
للبدائي النبيل،
كما تبدى في الخطاب الكولونيالي ،
عن السكان الاصليين.
وهي تشبه ،ما وقع فيه ممثلو الجماعة الاسلامية العربية في الشمال،
من خلال استيهاماتهم عن الآخر الجنوبي باعتباره :
بدائيا نبيلا
وذلك يعكس بعضا من تمثيلات الجماعة العربية الاسلامية للآخر المختلف.
وسنعود
المشاء

Post: #214
Title: Re:
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 01:14 AM
Parent: #1

كتب الخواض :
Quote: أدناه صورة للبدائي النبيل ،
كما تبّدت في الخطاب الكولونيالي الغربي

وماذا عن البدائي النبيل في الخطاب الرومانسي قبل الكولونيالي ؟
مشكلتك لا تعرف الا التوظيف الكولونيالي السعيدي للمصطلح .

المجذوب استخدم المفهوم الرومانسي للمصطلح كما عند جان جاك روسو في تصوير الجنوبي وهو مفهوم نبيل بكل المقاييس .
ومحمد عبد الحي انتقد هذا المفهوم الرومانسي لانسان الجنوب وطالب بالنظر اليه كانسان واقعي له همومه ومشاكله وليس مجرد انسان يعيش حالما في فردوس .

ملحوظة :

كلمة savage تعنى بدائي في noble savage. واحيانا يقال noble primitive

Post: #215
Title: Re:
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 01:24 AM
Parent: #214

هنا صورة لادوراد سعيد ِ،
وهو واحد من المؤسسين لنظرية ما بعد الكولونيالية.
وقد تحدث عن مفهوم التمثيل باعتباره تمثيلا غير واقعي.
:

Post: #216
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 01:25 AM
Parent: #1

In the 18th century culture of "Primitivism" the noble savage, uncorrupted by the influences of civilization was considered more worthy, more authentically noble than the contemporary product of civilized training. Although the phrase noble savage first appeared in Dryden's The Conquest of Granada (1672), the idealized picture of "nature's gentleman" was an aspect of 18th-century Sentimentalism, among other forces at work.

The term "noble savage" expresses a romantic concept of humankind as unencumbered by civilization; the natural essence of the unfettered person. Since the concept embodies the idea that without the bounds of civilization, man is essentially good, the basis for the idea of the "noble savage" lies in the doctrine of the natural goodness of man, expounded in the first decade of the century by Shaftesbury, who urged a would-be author “to search for that simplicity of manners, and innocence of behaviour, which has been often known among mere savages; ere they were corrupted by our commerce” (Advice to an Author, Part III.iii). His counter to the doctrine of original sin, born amid the optimistic atmosphere of Renaissance humanism, was taken up by his contemporary, the essayist Richard Steele, who attributed the corruption of contemporary manners to false education.

Similar language may used about an old figure, the pastoral inhabitants of some Arcadia, but the shepherds and shepherdesses of those lands live close to nature and so preserve an uncorrupted virtue while still at a higher level of civilization, as witness their flocks and their permanent residences.

The concept of the noble savage has particular associations with romanticism and with Rousseau's romantic philosophy in particular. The opening sentence of Rousseau's Emile (1762), which has as its subtitle "de l'Éducation ("or, Concerning Education") is

“Everything is good in leaving the hands of the creator of things; everything degenerates in the hands of man.”
In the later 18th-century the published voyages of Captain James Cook seemed to open a glimpse into an unspoiled Edenic culture that still existed in the unspoiled and un-Christianized South Seas. By 1784 it was so much an accepted element in current discourse that Benjamin Franklin could mock some of its inconsistencies in Remarks Concerning the Savages of North America (1784). The novel Paul et Virginie appeared in 1787. Chateaubriand's sentimental romance Atala appeared in 1807.

The concept appears in many further books of early 19th century. Mary Shelley's Frankenstein forms one of the better-known examples: her monster embodies the ideal. German author Karl May employed the idea extensively in his Wild West stories. Aldous Huxley provided a later example in his novel Brave New World (published in 1932).

Contents [hide]
1 Origins
2 Modern denial
3 Literature
4 See also
5 References
6 Further reading
7 External links



[edit]
Origins
Around the 15th century certain European states began expanding overseas, initially in Africa, later in Asia and in the Americas. In general, they sought mineral resources (such as silver and gold), land (for the cultivation of export crops such as rice and sugar, and the cultivation of other foodstuffs to support mining communities) and labor (to work in mines and plantations). In some cases, colonizers killed the indigenous people. In other cases, the people became incorporated into the expanding states to serve as labor.

Although Europeans recognized these people to be human beings, they had no plans to treat them as equals politically or economically, and also began to speak of them as inferior socially and psychologically. In part through this and similar processes, Europeans developed a notion of "the primitive" and "the savage" that legitimized genocide and ethnocide on the one hand, and European domination on the other. This discourse extended to people of Africa, Asia, and Oceania as European colonialism, neo-colonialism, and imperialism expanded.

The myth of the "noble savage" may have served, in part, as an attempt to re-establish the value of indigenous lifestyles and delegitimatize imperial excesses - establishing exotic humans as morally superior in order to counter-balance the perceived political and economic inferiorities.

The attributes of the "noble savage" often included:

Living in harmony with Nature
Generosity, fidelity and selflessness
Innocence
Inability to lie
Physical health, disdain of luxury
Moral courage
"Natural" intelligence or innate, untutored wisdom
[edit]
Modern denial
In the 20th century, the concept of the "noble savage" came to be seen as unrealistic and condescending. Insofar as it was based on certain stereotypes, it came to be considered a form of patronizing racism, even when it replaced the previous stereotype of the bloodthirsty savage. It has been criticized by many, for example Roger Sandall, in academic, anthropological, sociological and religious fields. For instance, some Christians, especially those who believe in the doctrine of original sin, consider mankind to be universally degenerate and sinful at heart regardless of whatever people group or civilization they are associated with. (See a critique of the Huaorani people of Ecuador in the documentary Beyond the Gates of Splendor and the associated film End of the Spear.)

.http://en.wikipedia.org/wiki/Noble_savage

Post: #217
Title: أنت الوحيد الذي يرى ان مصطلح "البدائي النبيل"،هو تعبير نبيل
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 01:38 AM
Parent: #216

عزيزي الفيا
تحية مباركة

أنت الوحيد في الخطاب الثقافي السوداني،
الذي قال ان مصطلح "البدائي النبيل" ،
هو تعبير نبيل.
وقد اشرت الى امثلة فقط من الباحثين السودانيين،
المعروفين الذين استخدموا المصطلح استخداما صحيحا،
باعتباره مصطلحا مسيئا في وصف الثقافات التي تم نحت المصطلح لتمثيلها .
لذلك عليك ان تثبت للقراء ان :
محمد عبد الحي
و
محمد جلال هاشم
و
ع.ع. ابراهيم
قد أولوا المصطلح تأويلا خاطئا.
وفي انتظارك.
ويمكن ان اورد لك كلام عبد الله بولا ،
حول ان المجذوب تبنى مصطلح :
البدائي النبيل
في حديثه عن الآخر الجنوبي.

وهو تبن لم يكن موفقا على الاطلاق.
المشاء

Post: #218
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 01:45 AM
Parent: #1

Quote: هنا صورة لادوراد سعيد ِ،
وهو واحد من المؤسسين لنظرية ما بعد الكولونيالية.
وقد تحدث عن مفهوم التمثيل باعتباره تمثيلا غير واقعي

هنالك فرق بين غير الواقعي ، والاستعماري !
صورة الجنوبي في شعر المجذوب صور رومانسية شاعرية ولكنها ليست استعمارية .
التفريق بين السياقات والاستخدامات مهم جدا .
ادانة الاستخدمات الاستعمارية لا تعني ادانة الاستخدامات الاخرى لمفهوم البدائي النبيل.
وانما رد الاعتبار للمصطلح وتنقيته من العقلية الاستعمارية .

Post: #220
Title: أنت الوحيد في القراءة الخاطئة للمصلطلح
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 01:52 AM
Parent: #218

عزيزي الفيا،
ما زلت في انتظار نقدك لاستخدام الاربعة الذين ذكرتهم ،
كمساهمين في الخطاب النقدي السوداني،
وهم متباينون،
لكنهم يتفقون حول ان مصطلح البدائي النبيل،
هو مصطلح غير مقبول.

وقد نقلت كلام ويكيبيديا بشكل مجتزئ.
وساعود لذلك ،
لانه ايضا شكل من اشكال القراءة المجتزئة،
وهي بالضرورة قراءة خاطئة ،
لأن ما نقلته هو جزء من تاريخ المصطلح،
لكنك ،
للاسف ،
لم تقرا،
المصطلح في تطوره.
وهذا هو بيت القصيد ،
في ما يتعلق بالقراءة الخاطئة ،
و قصور المنهج.
المشاء

Post: #222
Title: Re: أنت الوحيد في القراءة الخاطئة للمصلطلح
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 02:50 AM
Parent: #220

Quote: للاسف ،
لم تقرا،
المصطلح في تطوره.
وهذا هو بيت القصيد ،

يبدو انك لا يقرا ما يكتب فقد قلت في اول مداخلة بخصوص البدائي النبيل هنا وكررت هذا الكلام قبل ذلك في حوارات سابقة :
المجتمعات البدائية و الثقافات البدائية والانسان البدائي كلها تعابير ومصطلحات سائدة في الدراسات الكلاسيكية للتاريخ وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا . وكلنا نعرف مصطلح المشاعية البدائية عند ماركس وانجلز .
والبدائي النبيل تعبير لوصف الانسان الذي لا يزال يعيش على الفطرة والطبيعة بعيدا عن الحضارة الغربية وعصر الالة محتفظا ببراءته وسلامة فطرته .
وكان هذا الانسان النبيل يشكل نموذجا للانسان المثالي الذي حلم به الرومانسيون هربا من المجتمع الذي دنسته الالة وتعقيدات الحضارة في نظرهم . وكلنا يعلم دعوة رائد الرومانسية جان جاك روسو بالعودة الى الطبيعة ونبذ المجتمع المدني .

واعتراض الخواض على هذا التعبير ، منصب على كلمة بدائي . وهو اعتراض مبني على مقولات ما بعد الحداثة وما بعد الكولونيالية. فالاولى لا تعتد بالترتيب الهرمي للقيم مثل تقدم وتخلف وبدائية وتقدمية لانها تعتقد انه لا يوجد اصل يقاس عليه . كما يستند في ذلك الى حركات التصحيح السياسي the political correctnessالتي تنهى على استخدام مثل هذه الأوصاف التي تنطوي على تمييز بين الثقافات وذلك لاعتبارات انسانوية . ونتيجة لهذه الحركات بدات تستبدل تعابير مثل المجتمعات البدائية بالمجتمعات القبلية مثلا .
ولكن كل ذلك لا يخرج عن اطار حسن النوايا والتشهيات الحالمة . فالواقع يقول بغير ذلك . فهنالك تقدم وهنالك تخلف . وحيث لا يصح الا الصحيح فاهو الخواض يقر اخيرا بهذه الحقيقة حيث يقول في مداخلة كتبت بعد اثارته لموضوع البدائي النبيل هنا ، وذلك ببوست لعثمان تراث :

Quote: من قراءاتي ومتابعاتي لمشروع عمري حول الحداثة،
توصلت الى أن الحداثة لا يمكن ان تتأسس إلا بالاعتراف باننا متخلفون عن بقية العالم المتطور.

Post: #219
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 01:49 AM
Parent: #1

Quote: أنت الوحيد في الخطاب الثقافي السوداني،
الذي قال ان مصطلح "البدائي النبيل" ،
هو تعبير نبيل.

الحق لا يقاس بعدد الواقفين معه يا خواض
احمد الله انه وهبني عقل يميز .

Post: #221
Title: هل انت وحدك المحق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟عليك اثبات ذلك
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 02:00 AM
Parent: #219

عزيزي الفيا
كلنا نعتقد اننا على حق،
و لكن نعتقد ايضا ،
أننا يمكن ان نخطئ.
وهذا هو المحك.

وأمامك الفرصة لاثبات انك وحدك -المحق-،
في تبني مصطلح البدائي النبيل ،
كتعبير نبيل.
أو كما قلت.
المشاء

Post: #223
Title: Re: هذا هو دليلي ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 03:09 AM
Parent: #1

Quote: وأمامك الفرصة لاثبات انك وحدك -المحق-،
في تبني مصطلح البدائي النبيل ،
كتعبير نبيل.

اذا صح انني الوحيد بين الباحثين السودانيين ، الذي تعامل مع المفهوم الايجابي للبدائي النبيل ، فالمشكلة في هؤلاء الباحثين الذين حصروا انفسهم فقط في التوظيف الاستعماري لهذا التعبير . فالتعبير كما قلنا اقدم من العهد الاستعماري وفي الاصل هو تعبير نبيل للدلالة عن البراءة والنقاء والفطرة السليمة.
اما الدليل على انني المحق في الدلالة الايجابية النبيلة للتعبير فيبدو انك ايضا لم تقرأ : وسنعيده مرة اخري للفائدة :

In the 18th century culture of "Primitivism" the noble savage, uncorrupted by the influences of civilization was considered more worthy, more authentically noble than the contemporary product of civilized training. Although the phrase noble savage first appeared in Dryden's The Conquest of Granada (1672), the idealized picture of "nature's gentleman" was an aspect of 18th-century Sentimentalism, among other forces at work.

The term "noble savage" expresses a romantic concept of humankind as unencumbered by civilization; the natural essence of the unfettered person. Since the concept embodies the idea that without the bounds of civilization, man is essentially good, the basis for the idea of the "noble savage" lies in the doctrine of the natural goodness of man, expounded in the first decade of the century by Shaftesbury, who urged a would-be author “to search for that simplicity of manners, and innocence of behaviour, which has been often known among mere savages; ere they were corrupted by our commerce” (Advice to an Author, Part III.iii). His counter to the doctrine of original sin, born amid the optimistic atmosphere of Renaissance humanism, was taken up by his contemporary, the essayist Richard Steele, who attributed the corruption of contemporary manners to false education.

http://en.wikipedia.org/wiki/Noble_savage

الصورة التي تبدو أعلى هذا الرابط ليست التصور الاستعماري للبدائي النبيل كما وصفها الخواض وانما تجسيد لصورته النبيلة كما تخيلها الرسام . ارجو قراءة التعليق اسفل الصورة .

Post: #224
Title: Re: هذا هو دليلي ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-12-2006, 08:34 AM
Parent: #223

الراى العام تهتم بموضوع الحوار الدائر الآن وستنقله لتستجوب الكتور عبدالله على إبراهيم عن رأيه فى ما يدور فيه.......................





الاربعاء4اكتوبر2006

..اخبار ثقافية..اخبار ثقافية..اخبار ثقافية..


--------------------------------------------------------------------------------

مجلة سودانية عربية جديدة

من المتوقع صدور مجلة ادبية ثقافية جديدة على قرار مجلة «الدوحة» القطرية التي كان يرأس تحريرها في السبعينات الدكتور محمد ابراهيم الشوش. وستعود هذه المجلة للصدور من موقع اشتراك سوداني وعربي بحيث يكون مقرها الرئيسي القاهرة، كما ستفتح لها مكاتب في كل العواصم العربية ومن المتوقع ان يرأس تحريرها الدكتور محمد ابراهيم الشوش. وسيغطي توزيعها كل العواصم العربية.

تلفزيون النيل الأزرق

القناة الفضائية السودانية (النيل الازرق) هي مؤسسة ثقافية وفكرية ذات جدة في وضعها لاستراتيجياتها وذات اهتمام كبير بابداع الصورة الجمالية التي تحمل هذه الرسالة الثقافية السودانية.. لا سيما قد بلغت هذه القناة قمة عطائها عندما جاء لادارتها الفنان حسن فضل المولى، فأصبحت الآن في وضع يمكنها ان تنافس الفضائيات على المستوى الدولي.

عبدالله حمدنا الله ونقد الشعر

للدكتور الناقد عبدالله حمدنا الله له ورقة ضمن اوراق المؤتمر الثاني لاتحاد الكُتّاب بعنوان: «اسهام الثقافة العربية الاسلامية في الثقافة السودانية» والورقة هي بحث تفصيلي للشعر السوداني منذ الفونج وحتى المهدية. ومن بين الاشياء الكثيرة المهمة في هذه الورقة حديث الدكتور عن المنهج النقدي الذي يدرس هذا الشعر حيث يجئ تحت العنوان الجانبي (الاستقراء الناقص) قوله.. (الذين درسوا الشعر السوداني تناولوه بمنهج تاريخي لا يستصحب معه فنيات القصيدة العربية، فانتهوا الى نتائج قد تكون مضللة. ثم انهم وقعوا في خطأ الاستقراء الناقص حين نظروا الى قصيدة الشعر بمعزل عن مجمل الحركة الفكرية والروحية.

جائزة الطيب صالح الروائية

جائزة الطيب صالح في مسابقة الرواية والتي تعقد بمركز عبد الكريم ميرغني بأم درمان من كل عام، تعلن عن الفائز بالجائزة في يومي 20 - 21 اكتوبر الحالي الموافق 29 رمضان من خلال دورتها الرابعة هذا العام، اما النشاط الفكري والادبي المصاحب لها والذي يتمثل في الندوات النقدية الخاصة بالابداع الروائي فستواصل نشاطها بعد عيد الفطر مباشرة.

حوار الغابة والصحراء

(حوار الغابة والصحراء).. وهو الحوار الذي اجرته (الرأى العام) مع الدكتور عبدالله علي إبراهيم نقلته «سودانيز أون لاين» في مواقعها بالانترنت حيث دار حوله حوار بين كتاب الموقع. وسننقل هذا الحوار لندير حوله حواراً مع الدكتور عبدالله علي ابراهيم حتى نثرى الفكرة كلها ونلقى عليها مزيداً من الاضواء وذلك من خلال اعدادنا القادمة.

رواية الحوش الابيض

ضمن سلسلة مطبوعات الخرطوم عاصمة ثقافية، صدرت رواية جديدة للدكتور القاص والروائي والناقد مختار عجوبة تحت عنوان: «الحوش الابيض»، وكان الدكتور عجوبة قد اصدر من قبل اعمالاً سردية منها (عندما يهتز جبل البركل) و(صالح الجبل) وللدكتور دراسات في القصة السودانية الحديثة والذي يعتبر المرجع الاكاديمي الوحيد للقصة الحديثة في السودان.

قصص قصيرة جداً

الاستاذة فاطمة السنوسي الكاتبة القصصية اعدت مجموعة قصص قصيرة جداً للنشر باحدى دور النشر بالخرطوم والمجموعة تحتوى على القصص التي كانت تكتبها في الثمانينات بصحيفة «السياسة» السودانية التي كانت تصدر آنذاك، ومن المتوقع ان تصدر هذه المجموعة قريباً جداً.. والجدير بالذكر ان النقاد كانوا قد كتبوا حول هذه الاعمال فيما يشبه الضجة.





http://www.rayaam.net/art/art11.htm

Post: #225
Title: Re: هذا هو دليلي ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-12-2006, 08:46 AM
Parent: #224



الاربعاء11اكتوبر2006

حوار العامية السودانية:

عمر شاع الدين : شعر العامية هو ديوان العربية في السودان

أجراه: عيسى الحلو

مدخل :

الدكتور عمر شاع الدين باحث ومحقق لغوي يبحث في دارجة اللغة السودانية وبحثه يجتهد ليجذر الدارجة داخل اطار فصاحتها العربية وهو يسعى ذات السعي الذي اسسه الدكتور عبدالله الطيب والبروفيسور عون الشريف قاسم والاستاذ بابكر بدري..

وبحث الدكتور شاع الدين يرتبط بالواقع الاجتماعي في تحولاته التاريخية والثقافية ولهذا يأتي بحثه شديد الوثوق بالحياة وباللسان . فاللغة هي صائتة اشارية ودلالية لحضارة كاملة في تحولاتها وسيرورتها. وقد صدر للدكتور شاع الدين كتابه الجديد بعنوان دخول عامية السودان. وبهذه المناسبة كان هذا اللقاء..

«المحرر».

ـالنظر في الثقافة السودانية بوصفها مزيجاً من العربية والافريقية.. هل المقصود بهذا هو استولاد السوداناوية .. ام ماذا؟

= انا من انصار احتدام صراع العقول في الوئام .. هو يجلي لنا الموقف القوي الامين الذي نريده ونراه يصلح للبقاء انا يا سيدي بهذا لا ادعو للتأجيج بالحقد القديم .. الكريم لا يعرف حقداً.. بل اريده يجئ على رسله.. عفواً دون غرض.. يتساوق او يتسلسل لذا اراني لا اقمط حقاً او لا اغمض عنه عيناً بعدما تبينته ، بل اندفع منافحاً مكافحاً في مثل حماسي الاول ، بينما هو لا يصب في خانة «موقفي» او «موقعي» لكنه الحق ابلج هو احق ان يتبع .. فلنفتح المنافذ.. وليجئنا طلق الهواء عليلاً .. يجددنا تمتلئ الرئة به واللسان فهذا عمراننا وذاكي النفس الذي اراه سيتشكل بعد حين .. لا ضير ما دام قد جاء «حتماً».

نعم نعلم هناك احابيل الكيد التي طالت العظم .. تطلب حذرنا ..حرصنا .. حرسنا لا تعجبني حيناً وافر ،ان ما اجده من تعريض الحقد الدفين هو نمط التحرش منطقه كان معوجاً .. ومريراً لا تسقيه النفس الكريمة.. ابني على منطق عفا عليه الزمان .. وهل يكبنا في الشر غير حصائد السنتنا؟

* العامية السودانية.. ألم تتطور باتجاه مستحدثات الحياة العصرية؟

= يقيناً العامية ليست لها تلك الاقدام الراسخة الاحكام اولها الحدود تستطيع ان تسدها تصد بها طائلة العداء هي مثل «مدينة» مفتوحة الابواب يلجها باطل الناس من بين يديها باباطيلهم مثلما يلج الحق .. ليس لها حصر المنطق تتبناه عمداً هنا قد قد يسير الحوش بينما يندحر رديفه السهل.

التسهيل ليس مدخلنا الراسخ الواحد ابداً مستجدات الحياة كثيرة تطلب حدود مجامع اللغة العربية العريضة متضافرة ذلك طلباً لسلامة المعجم بذوق العربية الراسخ الجرس. نرى العامية عمياء هنا لا تقطن ولا تفقه في هذا كبير شئ هي اذن صاغية لا واعية تجتر ما يلجها دونما رقيب حصيف.

سيرورة الفاظ مستجدات الحضارة العصرية باسمها الغربي الذي صاحبها هذا ضرب من غفلتنا هو ضرب من اخطأ ارباب الثقافة في مجامعها ومعاقلها.. فقد سبقنا في الزمن دخول المتحدث باسمه وسار في لساننا طليقاً يعربد لا نستطيع سلطاناً استخلاصه من اسماع من وعيه.

انظر دور شركات الاستيراد مثلاً هي ممن يمكن لاصحابها ضمانة سيرورة اللفظ الذي تنتخبه ذلك قبلما اغراق السوق الجائع باصناف تصحبها اسماؤها العُجمى.. ثم شركات الاعلان هذه التي تزدهي بلغات الغرب خديعة.. لو سلكت الجادة لامكنها ترويج السلعة باسمها العربي المنتخب ذلك قبل ان يغرق السوق. ثم جهد تضافر وزارة التجارة ومجامع اللغة نراه ضرورة ليس في هذا اقصاء.

دخلت ذات يوم «بقالة» كائنة في حينا البئيس سألت صاحبها عن بعض اسماء المعروضات ذكرها في تلعثم ولكنه لم اجد بينها اسماً عربياً.

اللغوي الفذ الشدياق هذا الرجل المؤسسة قد «انقذنا» يوماً بمفردات استخلصها من متون اللغة بفطنة واقتدار مثل : الجامعة ـ الجريدة ـ الاشتراكية ـ طابع البريد ـ الملاكمة ـ المعرض ـ المستشفى ولولا ما فعله لسارت الالفاظ الدخيلة يسر بالها الفضفاض تبهر انصاف العقول متمكنة. سيرورة الفاظ الشدياق مع الكثير غيرها ترينا يسر هذا لو جد الحادبون واستشعرنا الضرورة.

* الى اي مدى ترتبط العامية السودانية بمحيطها الريفي؟ والى اي مدى تبتعد عن المحيطين؟

= الريف هو موطن الفصاحة منذ البادية العربية وهجرات الابناء اليها طلباً . وكنت في كتابي كتابات فلكلورية قد عالجت ام الفصاحة بمعجم الفاظ الابل في كردفان والبئر منحى لغوي في كردفان والابل والبئر مما لا نجد اثراً لهما في المدينة الآن بعدما تم غزونا بارتال السيارات وشبكات المياه وصنوف الحداثة الطيبة، المدينة هنا بمثابة «فرن» تنصهر فيه الالسن مثلما الناس.. ما تقتضيه ضرورة المعايشة والتمازج. وهنا يتولد اللسان «المديني» متجرداً من عبء الثقل الذي يوهن الكاهل المتمدن.. ولا تألفه «الزلاقة» فعامية المدينة «مثقفة» مشذبة.. بينما تلك ضاربة الجذور في الحوشية..... تبدو متسربلة بالشثونة لا الحرير الفضفاض. في معجم الفاظ الابل نقلت مفردات لم اجدها في معاجم العاميات العربية الآن.. ماتت في لسانهم، انت لا تجدها الا في متون اللغة العصية بل هي من الغريب النادر فيها.. بينما هي سائرة في تخذل في صقع ريفنا حصينة به.

عامية ام درمان لا تمثل الفصاحة في اللغة بل هي مثقفة... ملصت عنها سربالها .

10- هل اصالة البحث هنا تعتمد على الاسناد للتاريخ ام الى تحولات اللسان؟

* اعول يا سيدي على سبيل الاسناد وذلك ما توافر في مراجعة المعاجم وهي تقودك راجحاً لمراجعة تحولات الالسن والاشخاص. كلاهما عندي يذهب بل إلى اصالة البحث. ان وجود الفاظ بعينها في لسان قبيلة دون سواها يشير لمواطنها.. ذات يوم وجدت اشارة الالفاظ دارجة في كلام الجعليين هي غير متداولة في لسان غيرهم مثل: الخس: المطبخ، القطيع: المخزن. القلشوب: الفحم. العكد: الحي... الخ وهي موجودة في عامية العراق «الكوفة» انا لا اقوى على حرمان الدرس من متعة الاستقصاء هنا..ما يقودنا سلسلة أو سلالة لعلاقات ضاربة في التاريخ ثم تقويها الطبائع المعتدة. وكنت في المناقرات قد اشرت لمفردة «كنتوش» الدارجة في عاميتنا السودانية وذكرت انها فارسية جاءتنا من العراق «كنتوج» تأثير العراق في لهجاتنا العربية كبير، وكنت قرأت كلاماً يشير لهذه الصلة اللغوية قاله العلامة اللغوى انستاس ماري ماري الكرملي في تحقيقه لمفردة لا اذكرها الآن متداولة عندنا وعندهم.

11- ما هي الغاية من هذه الدراسات في نهاية الامر؟

* الغاية من هذه الدراسات يا سيدي تشير الى «توطن» العربية السمحاء رصينة في السودان بل الى تمكنها، ما يقوى اشارات التاريخ لقدم العروبة هنا.. وقد ألمح لهذا كثيرون من ارباب العلم والفضل اقواهم برهاناً الراحل الضخم العلامة عبدالله الطيب المجذوب عليه الرحمات يا سيدي مثل هذه الطلاقة لا تجئ من العدم ولا العبث ولا «السلبطة» كما يتحذلق ارباب المرض.

هجرات القبائل راسخة نتبينها من مراجعة اللهجات.. هذا منحى التاريخ واللغة معاً.

انا حقيقة لا احس حرجاً كبيراً حينما اسر اليك انني لا اجد داخلي «ثقافة» بالمعنى العريض، او «مكانة» لغير العربية هم يريدون ان يقتلوننا.. يريدوننا بدون جذور راسخة..! او هم يريدون لنا رغم انفنا جذورهم .. هكذا! اي اجحاف هذا.. بينما جذوري راسخة في كينونتي مندغمة لا فكاك منها اسمح ان انتهز هذه الفرصة أو انتهزهل. اذ لا بد لي من ازجاء الشكر جذرياً للدكتور عبدالله على ابراهيم فقد «بالغ» وطفر بي عالياً.. ادخلت كلماته الطيبات عنفواناً على «غروري».. صدقني قد جاهدت في الخلاص منه.. لكنه حبيب يرضيني.. والغواني يفرحهن الثناء!!

- صمودكم وصمود من سبقوكم من الباحثين اهي محافظة على الذاكرة الثقافية القومية التي تمثلها العامية السودانية؟

* صحيح.. هذا ما اسعى اليه فالعامية ذاكرة لساننا، ثم هي حصن اعراقنا.. لا افرق بينهما.. كلامهما يتد الاخر. هنا على ارباب الشكوك مراجعة الموروث اللغوي في مظانه.. وهو امر يبهظهم لو فعلوه.. ستندحر ظنونهم حينما.. ويغمرهم ضياء اليقين سبيلاً مطمئناً وراسخاً، ولات حين مناص.. نحن ندعو في همس التهذب لا عنف الغوغائية.. نريده احقاقاً فاضلاً مرضياً عنه سلساً.. الاكراه لا يخلق فينا قبولاً ولا الرضي.. ولا يوطن اليقين..

* هل هناك مؤسسات تقوم بهذا الجهد اضافة لجهود الاساتذة الذين قدموا في هذا المجال؟

- كل المؤسسات الثقافية العربية تفعل هذا هنا وهناك.. انا اتبنى مركز الضاد للدراسات العربية هو غاية طموحي.. لكنه يتعسر في «المقر» ولكني سأسعى جاهداً جاهداً لقيامه.. اراه ضرورة الآن وسط الاحتدام. في بيان المركز وضحت غاياته الكبرى.. اذكر حامداً صديقاً طالعه.. اضاف عبارة: «كيلا نكون زنجبار الاخرى». هنا لابد من اشارة عارمة إلى ان هناك مؤسسات طاغية هي تعليمية عامة ولكنها تمارس «الاستغماء» علناً.. يهيمن عليها أعداء العرب، هي عندي «اوكار» تبعث غضبتنا المضرية... سنفرغ لكم ايها الثقلان.. للفائدة: العيب ليس في جماع المؤسسة بل في بعض القائمين عليها.. ممن ينخرهم سوس الغرض الدفين.

مثل هذه المؤسسات نريدها أن تتخذ موقفاً وسطياً، ذلك لان الهوية يناط بناءها بها.. من الغفلة تركتها تعبث وتعيث بها ريح الاهواء تذهب بها كيف شاءت.. فلتقم مؤسسات تسعى مسعاها الخاص في السلام والوئام.. ولنترك «العاقبة» تجئ وحدها طوعاً لا كرها.

* كيف يمكن ان ندعم هذه الجهود على الصعيد الاكاديمي والجماهيري؟

- يجب ان يتقوى هذا بالتفاف الحادبين.. يجب ان يقوم بالتضام.. غرس الموروث في الناشئة.. يجب ان يتقوى في تربيتنا «الخاصة» التي لا تغلق الابواب.. الريح الطيب نريده ان يفعم الامكنة ويقينا ليس طيب الريح حصراً على الثقافة العربية وحدها.. هذا مهم جداً كيلا نوصم بالانغلاق والانكفاء على الذوات.. فليسعى هذا المسعى عينه كل صاحب غاية.. لن يجد اعتراضا ما دام طيباً.. كالريح الفاغم.. هنا آمل ان يكون دور مجمع اللغة العربية كبيراً ومنفتحاً على الشارع العريض.. ومنافحاً عن الثقافة العربية .. فهي الآن تنادينا.

اذكر ما جرعته من مرارة ذات يوم «العنف» فيه «كبير» منا ان عرب السودان هم بمثابة «زرقة» دولة خليجية مثل هذه «الترهات» لا نريد ان نلوث القلم بالرد عليها.. هي محض الكيد.. وهي المرض.. انا لا احتاج لصكوك انتماء.. انا من اعطيها.. وجداني هذا عامر وعارف.. كيف لهم ان يلجوا الوجدان وقد اعماهم الغرض.. فليتطهروا اولاً.

*شعر العامية في السودان هل أضاف جديداً لهذه الجهود؟

- يقيناً شعر العامية هو ديوان العربية في السودان. وكنت ارجو ان تتجه المؤسسات لجمعه وتحقيقه.. وقد فعل هذا معهد الدراسات الافريقية والآسيوية يوما طيباً مضى.

-عاميتنا تجد في الشعر معجمها الغني الوسيع.. فقد اسهم فيها الجميع... هي وعاء الانصهار.. او المرآة التي تجلي لنا الكينونة.. نجد فيها نسب التفاوت في مجتمعنا..

قبل أيام قرأت مقترحاً لدكتور خالد فرح يدعو لانشاء مركز للموروث الشعبي يكون الصديق الامين البدوي على رأسه.. وهو قمين بهذا.. ومن الظلم السحيق الا «نستثمره».. هذا امر حميد لو تم. الآن اقرأ في كتاب الدكتور ابراهيم القرشي: بين الاميرين الشاعرين امرئ القيس والحاردلو قصة التشابه المذهل.. انت تدهش حقيقة لما وصل اليه من التشابه فطنة وفطرة.. مثل هذا الكتاب انا عندي يستحق ان يكون من مقررات الادب العربي في الجامعات.




أطبع هذه الصفحة
العودة الى الصفحة الرئيسية

alrayalaam newspaper


Post: #226
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-12-2006, 11:41 AM
Parent: #1


الأحباء هُنا جميعاً ،
لم نزل في حبائل ودكم ننعم ،

وأتابع ...

والشكر موصول للجميع ،
أمنيتي إن يدوم الخلاف مع الود ،
فبه نعلُو ،وبه نستجلب الدُرر .

أقرأ لكم وإني لفي فتنة من بهاء
ما تنثرون في السماء .


Post: #227
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-12-2006, 04:24 PM
Parent: #226

Quote: (حوار الغابة والصحراء).. وهو الحوار الذي اجرته (الرأى العام) مع الدكتور عبدالله علي

إبراهيم نقلته «سودانيز أون لاين» في مواقعها بالانترنت حيث دار حوله حوار بين كتاب الموقع. وسننقل هذا

الحوار لندير حوله حواراً مع الدكتور عبدالله علي ابراهيم حتى نثرى الفكرة كلها ونلقى عليها مزيداً من

الاضواء وذلك من خلال اعدادنا القادمة.


أسعدنا جدا أن إسترعى النقاش الدائر حول مدرسة الغابة والصحراء إهتمام صحيفة الرأي العام التي نقلنا

منها أصل الحوار (موضوع النقاش)

إن دل هذا على شيئ إنما يدل على أهمية ما طرحه الأساتذة المتداخلون من أفكار وآراء جريئة تستحق الوقوف

عندها ومناقشتها

نتمنى أن يسهم هذا البوست في رفد القراءات غير المتشابهات حول هذه المدرسة وكل ما أثير من إشكالات حول

رؤيتها الشعرية والثقافية

Post: #228
Title: "البدائي النبيل" كمصطلح مركزي :في القراءة الخاطئة المركبة
Author: osama elkhawad
Date: 10-12-2006, 10:01 PM
Parent: #227


مصطلح البدائي النبيل ،ه
و مصطلح مركزي ،
في مقاربة مقالة ع.ع.ابراهيم المهمة:
تحالف الهاربين

ولذلك فالقراءة الخاطئة لهذا المصطلح المركزي ،ستؤدي ،او انها بالفعل ادت في ان يقع الفيا ،في ما يمكن ان نسميه :
Quote: القراءة الخاطئة المركبة


كيف؟

القراءة الخاطئة للمصطلح ادت الى قراءة مخلوطة ل:
تحالف الهاربين

و أدت -بالضرورة -لقراءة مخلوطة لما أتى به عبد ا لحي في وصف "جنوبيات" ا لمجذوب،و بالتالي أدت إلى قراءة مغلوطة ل"جنوبيات" المجذوب.

ويمكن ايجاز تلك القراءة الخاطئة المركبة على النحو التالي:


قراءة خاطئة ل:مصطلح "بدائي نبيل"_____________قراءة خاطئة لتحالف الهاربين_________قراءة

خاطئة لاستخدام ع.الحي ل "بدائي نبيل"___________________قراءة خاطئةل______________جنوبيات المجذوب.


وسنعود للمزيد من إثبات قراءة الفيا الخاطئة للبدائي النبيل،عبر انه قد قرأه مجتزأ على الموسوعة الانترنتية :
ويكيبيديا.
المشاء[/B

Post: #229
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 10:27 PM
Parent: #1

لا شيء في هذه المداخلة
غير جملة القراءة الخاطئة
تكرر بين كل جملة واخرى .

ارجو ان تتخلى لمرة واحدة عن سلطة احتكار المعرفة
وواجه الادلة الدامغة التي اوردناها في المعاني النبيلة
لتعبير البدائي النبيل .
واترك الحكم للقاريء.

Post: #230
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-12-2006, 10:36 PM
Parent: #229

ولهذا فإن ما ذكره السيد الصادق المهدي لاحقا في فبراير 1999م من أن وعي المثقفين بالبعد الإفريقي في مكونات الذاتية السودانية قد سبق وعي السياسيين، ينطبق فقط على الوعي الرأسي بمكونات إنسان الوسط. ولكن المثقفين الذين أشار إليهم- المنتظمين في مدرسة الغابة والصحراء في الستينيات لم يعنوا بالوعي الأفقي بالثقافات السودانية ولا بإنسان الجنوب ولا تفكروا فيه بل نظروا له كـ "بدائي نبيل" متحول لاحق لإنسان "سنار".

الشاهد أن كتاب "مسألة جنوب السودان" وهو يشير للتباين في الجنوب، يقول "إن القبائل في الجنوب لها معتنقاتها الدينية ولكنها معتقدات تفتقر إلى الوحدانية وإلى الاعتقاد بإخاء الإنسان، وإلى غرس نهج من المعاملات والأخلاق له قداسته وبعد أثره وفعاليته في الوصول إلى المستوى الإنساني اللائق بالكرامة الإنسانية"، ويشير إلى انتشار الإسلام في إفريقيا إذا أتيحت حرية الأديان[7]. وهي نظرة فيها التبشير بالتحول نحو الإسلام كبديل للثقافات الموجودة.. ولكن الوعي اللاحق بضرورة دعم "التنوع البشري الخلاق"، وما لمسه من غبن بين الجنوبيين الذين ناقشهم من هذا الاتجاه الذي يتجه نحوه الساسة في الشمال، جعل الحزب يطور موقفه، ويدعم التنوع الثقافي ويعترف للثقافات الأفريقية بخواص تستطيع أن ترفد بها الثقافة العالمية، كما أن الدعوة للتغيير لم تعد أحادية الاتجاه، بل صارت: "الثقافات على تعددها وتنوعها ينبغي أن تتفاعل مع غيرها لتزيد ثراء وإبداعا. الاعتراف بالهوية الثقافية والاهتمام بها لا يعني منع التلاقح ولا رفض الوافد. هنالك قيم إنسانية عظيمة: الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمعرفة، والنهج العلمي، وكافة القيم المشتركة بين الحضارات. وهناك قيم خلقية عالمية مثل الحكمة، والعفة، والصدق، والإيثار.. القيم المذكورة والقيم الخلقية ينبغي أن تسعى الثقافات السودانية باختيارها لاقتباسها وغرسها تربويا في
الأجيال".[



قد وجدت تلك الإشاره الذكيه للسيد الصادق المهدى بتطرقه للبدائى النبيل فى كتابه الحل السياسي الشامل


أدبيات حزب الأمة في الفترة

ما بين يونيو 1989-أغسطس 2002م

إعداد: لجنة كتاب الحل السياسي الشامل

حزب الأمة

2002م



والذى بين فيه إهتمام كتاب الغابة والصحرا بذلك البدائى النبيل ومحاولة ربطه بالسناريه واضعا اللوم على الساسه بعدم القيام بأى دور بحثى إيجابى عن الجنوب.

Post: #231
Title: Re: الخيل تجقلب والشكر لحماد !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-12-2006, 11:15 PM
Parent: #1

شكرا الاخ العزيز منصور المفتاح على تزويدنا بما تفضلت به من مواد مهمة والشكر موصول لجريدة الراي العام لاهتمامها بهذا النقاش .
اما حديث الصادق المهدي عن البدائي النبيل وانسان سنار فهو تكرار لافكار الدكتور عبد الله ابراهيم دون تمحيص وتحقيق :
يقول الصادق المهدي :
Quote: ولكن المثقفين الذين أشار إليهم- المنتظمين في مدرسة الغابة والصحراء في الستينيات لم يعنوا بالوعي الأفقي بالثقافات السودانية ولا بإنسان الجنوب ولا تفكروا فيه بل نظروا له كـ "بدائي نبيل" متحول لاحق لإنسان "سنار".

وهو تكرار حرفي لقول الدكتور عبد الله ابراهيم في تحالف الهاربين :
Quote: ففي تنقيبها عن الأفريقى المطموس السودانى الشمالى انتهت الأفروعربية إلى اختراعه كبدائى نبيل . وككل بدائى نبيل ، صدر الأفريقى من حوار الأفروعربية مصنوعا من محض معطيات ومسبقات وتكهنات وتشهيات لا أصل لها في واقع الحال .

ويقول الدكتور عبد الله :
Quote: وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم ، عبر التمازج الثقافى كطبعة لاحقة لانسان سنار ، نوعا من الغش الثقافى لا الحوار

ويبدو ان افكار الدكتور عبد الله تجد قبولا واستحسانا عند الامام الصادق المهدي فياخذها كمسلمات كغيره من معجبي الدكتور عبد اله وحوارييه الكثيرون .
الا ان الخطأالذي اوقع فيه الدكتور عبد الله ابراهيم تلاميذه ومعجبيه هو ان ليست الغابة والصحراء هي التي اكتفت بصورة الجنوبي كبدائي نبيل حالم ، وانما الغابة والصحراء هي التي انتقدت هذه الصورة الحالمة غير الواقعية التي صورتها جنوبيات المجذوب . وهي صورة لا غبار عليها سوى انها شاعرية . والفضل في توظيف مصطلح البدائي النبيل هنا يرجع الى محمد عبد الحي وليس الى عبد الله ابراهيم وذلك باعتراف الاخير نفسه حيث يقول في : تحالف الهاربين :
Quote: جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) . فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل " . و " الجنوبيات " هى نسل مجرد من شعر المجذوب وقعت له حين جرى نقله من بورتسودان ( على ساحل البحر الأحمر ) إلى واو ( في جنوب السودان ) في أوائل 1954 ، والتى أقام فيها حتى قبيل حوادث الجنوب المشهورة في آب / اغسطس 1955 .

يعني الخيل تجقلب والشكر لحماد .
ومع ذلك ان نقد عبد الحي لقصائد المجذوب لا يقدح في صدقية الصورة النبيلة التي رسمها المجذوب لانسان الجنوب اذا نظرنا اليها بعين الشاعر وقاريء الشعر بعيدا عن تجاذب الاستقطابات الايديلوجية التي لا شك تلون النقاشات حول الهوية .

Post: #232
Title: Re: البدائي النبيل : بين الطبيعة والثقافة ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-13-2006, 01:11 AM
Parent: #1

اي دارس علم اجتماع يعلم المقابلة التي تجري عادة بين الطبيعة والثقافة . اي بين الحضارة وحياة الفطرة والطبيعة للانسان . والتحديث والتطور هو باستمرار علاقة جدلية بين هذين القطبين : الطبيعة والثقافة ( دومة ود حامد وضو البيت نموذجا ). مفهوم البدائي النبيل هو افراز لهذه العلاقة الجدلية فقد برز اتجاه منذ فجر الحضارة ضد التحديث ومع العيش على الطبيعة والفطرة زاعما ان الحضار تشوه فطرة الانسان .
Quote:
The term "noble savage" expresses a romantic concept of humankind as unencumbered by civilization; the natural essence of the unfettered person. Since the concept embodies the idea that without the bounds of civilization, man is essentially good, the basis for the idea of the "noble savage" lies in the doctrine of the natural goodness of man

وارتبط هذا المفهوم بصفة خاصة بكتابات جاك جاك روسو :
Quote:
particular associations with romanticism and with Rousseau's romantic philosophy in particular. The opening sentence of Rousseau's Emile (1762), which has as its subtitle "de l'Éducation ("or, Concerning Education") is
“Everything is good in leaving the hands of the creator of things; everything degenerates in the hands of man.”

وتتخلص القيم النبيلة للبدائي النبيل في :
Quote: The attributes of the "noble savage" often included:
• Living in harmony with Nature
• Generosity, fidelity and selflessness
• Innocence
• Inability to lie
• Physical health, disdain of luxury
• Moral courage
• "Natural" intelligence or innate, untutored wisdom

اذن مصطلح البدائي النبيل لم يكن من اختراع المستعمريين الغربيين ولكنهم وظفوه فيما بعد لخدمة اهدفهم الاستعمارية كما سنرى لاحقا . ويرجع المصطلح الشاعر الانجليزي درايدن :

Quote: the phrase noble savage first appeared in Dryden's The Conquest of Granada (1672), the idealized picture of "nature's gentleman" was an aspect of 18th-century Sentimentalism, among other forces at work.

ولكن البعض يرجع مفهوم البدائي النبيل الى اقدم من ذلك :
Quote: The literary concept of the noble savage—an idealized individual who symbolizes the innate goodness of one unexposed to civilization and its corrupting influences—became prominent during the 18th and 19th centuries. The concept of the noble savage may be traced to ancient Greece and Rome, however, appearing in the works of Homer, Ovid, Pliny, Horace, and Virgil

هذه هي المعاني النبيلة لمفهوم البدائي النبيل .
الا ان المستعمرين استغلوا هذه البدائية النبيلة كمبرر للتوسع الاستعماري بزعم ان عليهم مهمة انسانية في ادخال هذا البدائي الى مدارج الحضار بكافة الوسائل. وفي سبيل هذه المهمة المزعومة ارتكب جرائم انسانية ضد هذا البدائي النبيل ، وصلت الى حد الابادة الجماعية .
اذن العيب ليس في المفهوم كمفهوم ، وانما في استغلاله من قبل المستعمرين . وكون ان البعض لم يعد يستخدم المصطلح لهذه الاسباب فهذا ليس كافيا لنبذ المصطلح وحرماننا من وصفه بالتعبير النبيل . صحيح ربما يعبر المفهوم عن تشوق الانسان للكمال الانساني والفطرة السليمة اي عن واقع فردوسي ، اكثر مما يعبر عن واقع حقيقي للانسان في هذه الارض . ولكنه لا يخلو من قدر من الواقيعة تميز الانسان الذي يعيش على الفطرة والبداءة .

http://en.wikipedia.org/wiki/Noble_savage

Post: #233
Title: حول حوار قادم مع ع.ع. ابراهيم حول الحوار الاسفيري
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2006, 01:34 AM
Parent: #232

عزيزي صاحب الحوش الصغير :
حيدر حسن ميرغني
نرحب بمبادرة الراي العام في اجراء حوار مع ع.ع.ابراهيم حول الحوار الدائر الآن.
من جانبي ،
ولا ادري راي الاطراف الاخرى المتحاورة،
ارحب بتعليق ع.ع.ابراهيم على حوارنا ،
و استعدادنا للحوار معه أو عنه اذا ما كان هنالك ما يستحق.
من جانبي اقول ،ارجو ان تعطوني وقتا اطول قليلا،
لاقول ما حضرته بشكل معقول ومقبول.
وسنعود
المشاء

Post: #234
Title: Re: حول حوار قادم مع ع.ع. ابراهيم حول الحوار الاسفيري
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2006, 01:50 AM
Parent: #233

قال الاستاذ الفيا الآتي:

Quote: اذا صح انني الوحيد بين الباحثين السودانيين ، الذي تعامل مع المفهوم الايجابي للبدائي النبيل ، فالمشكلة في هؤلاء الباحثين الذين حصروا انفسهم فقط في التوظيف الاستعماري لهذا التعبير . فالتعبير كما قلنا اقدم من العهد الاستعماري وفي الاصل هو تعبير نبيل للدلالة عن البراءة والنقاء والفطرة السليمة.
اما الدليل على انني المحق في الدلالة الايجابية النبيلة للتعبير فيبدو انك ايضا لم تقرأ : وسنعيده مرة اخري للفائدة :


ونقول ان هذا أزرط مما قاله الفيا عن فهمه للبدائي النبيل،
بل هو دليل على انه لم يقرأ المصطلح في تطوره،
و لم يكمل ما قالت به موسوعة ويكيبيديا،
وهي موسوعة لا غبار عليها،وان كان ان الباحثين يلجأون الى مصادر اكثر وثوقا.
وهنا نورد بعضا مما قالت به :
ويكيبيديا
-التي استند عليها الفيا-
عن مصطلح البدائي النبيل.

تحدثت الموسوعة الانترنتية التي استند عليها الاستاذ الفيا،
بعد الكلام التاريخي الذي قال به الفيا،
عن أصول المصطلح ،
وما يوحي به ،
وعن رفض ذلك المصطلح في الدوائر العلمية، وحتى الدوائر الدينية كما في حالة المسيحية.

تحدثت الموسوعة التي استند عليها الفيا عن اصول المفهوم،قائلة:
Quote: Around the 15th century certain European states began expanding overseas, initially in Africa, later in Asia and in the Americas. In general, they sought mineral resources (such as silver and gold), land (for the cultivation of export crops such as rice and sugar, and the cultivation of other foodstuffs to support mining communities) and labor (to work in mines and plantations). In some cases, colonizers killed the indigenous people. In other cases, the people became incorporated into the expanding states to serve as labor.


فكما هو واضح،
فان الموسوعة تربط بين نشوء المصطلح ،
والتوسع الكولونيالي في بحثه عن المصادر الاولية ،
والعمالة الرخيصة.

ثم تتحدث عن المفهوم الحقيقي ل"البدائي النبيل"،وتربطه بالتهميش الاقتصادي و السياسي:و أن هذا الامر اي مصطلح البدائي النبيل يطال حتى ثقافة الفيا،باعتبارها تمثيلا للبدائي النبيل،و انها استخدمت كذريعة للتوسع الامبريالي.

Quote: Although Europeans recognized these people to be human beings, they had no plans to treat them as equals politically or economically, and also began to speak of them as inferior socially and psychologically. In part through this and similar processes, Europeans developed a notion of "the primitive" and "the savage" that legitimized genocide and ethnocide on the one hand, and European domination on the other. This discourse extended to people of Africa, Asia, and Oceania as European colonialism, neo-colonialism, and imperialism expanded.


وللتدليل على عدم علمية مصطلح البدائي النبيل ،أسمته الموسوعة "اسطورة":،
Quote: The myth of the "noble savage


ثم أوردت الموسوعة صفات البدائي النبيل،مثل البراءة و الكرم والعيش في تناغم مع الطبيعة،وعدم الكذب،وتوفر الاخلاقية العالية،و عافية البدن،كما في الآتي:

Quote: The attributes of the "noble savage" often included:
Living in harmony with Nature
Generosity, fidelity and selflessness
Innocence
Inability to lie
Physical health, disdain of luxury
Moral courage
"Natural" intelligence or innate, untutored wisdom


وهي صفات شبيهة بما تردد في "جنوبيات" المجذوب"، والتنظيرات المبكرة لود المكي ،
والتي لم يعتذر عنها في مقالاته الاخيرة،
وكان يلزمه الاعتذار الصريح،
وسنعود لذلك بالاستشهادات.


ثم تحدثت الموسوعة عن نقد مفهوم البدائي النبيل في القرن العشرين.

والقرن العشرون مهم،
لان قراءة الفيا للمصطلح توقفت عند بدايات ازدهار المصطلح ،
والذي يعبر عن تمثيل الغربي "للآخر" غير الغربي، أي السكان الاصليين.

وقد تحدثت الموسوعة عن أن المصطلح غير واقعي،
وانه ينطلق من تصورات نمطيةStereotypes ،
لا علاقة لها بالواقع،
مما يجعله شكلا من اشكال العنصرية.

وتحدثت عن انتقاد الكثيرين ،من داخل الخطاب الغربي الذي انتج المفهوم عن الآخر المختلف.
وقد ورد ذلك تحت عنوان جانبي،
هو :
الرفض الحديث:
قائلة:

Modern denial

Quote: In the 20th century, the concept of the "noble savage" came to be seen as unrealistic and condescending.

Insofar as it was based on certain
Quote: stereotypes
, it came to be considered a form of patronizing racism, even when it replaced the previous stereotype of the bloodthirsty savage. It has been criticized by many, for example Roger Sandall, in academic, anthropological, sociological and religious fields. For instance, some Christians, especially those who believe in the doctrine of original sin, consider mankind to be universally degenerate and sinful at heart regardless of whatever people group or civilization they are associated with. (See a critique of the Huaorani people of Ecuador in the documentary Beyond the Gates of Splendor and the associated film End of the Spear.)


من الواضح ان عبد الحي لسعة افقه النقدي ،
قد حاول توطين المصطلح ،
أي البدائي النبيل،
داخل الخطاب الثقافي السوداني،
من خلال نقده لجنوبيات المجذوب ،التي تعكس صورة "الجنوبي" ،الآخر المختلف ،
من خلال المجذوب،
كممثل الجماعة العربية الاسلامية في الشمال.
وهذا شكل من أشكال "التمثيل"،بحسب تعبير "ادوارد سعيد"،
رضي الله عنه.

من الواضح ان عبد الحي ،
قد حاول من خلال توطين مفهوم :
Quote: البدائي النبيل

ان يقدح في "جنوبيات" المجذوب،و لم يحاول ان يجد لها مخارجة،
كما يعتقد الذين هللوا لمفهوم لا يمكن ان يدافع عنه الآن حتى غلاة الكولونياليين ،
والعنصريين.


قلنا ان عبد الحي حاول توطين المصطلح ،ولذلك قال ع.ع. ابراهيم،في ورقته السديدة كما يرى بولا،قال عبد الله علي ابراهيم:
Quote: جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) . فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل


فحينما قال ع.ع.ابراهيم ،ان عبد الحي جاء بمصطلح البدائي النبيل الى حلبة نقاش العلاقات الثقافية
كان يقصد انه حاول توطين مصطلح البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني،
وهو ما فهمه الفيا خطأ،
باعتبار ان عبد الحي ،
حاول ان يبرر ل"جنوبيات" المجذوب.

المهم ،
يا سادتي ،
وسيداتي،

من الواصح ان الاستاذ الفيا لم يضع في اعتباره تطور المصطلح، ،ونقده في الخطاب الغربي الذي انتج ذلك المصطلح في ظروف معروفة،مرتبطة بالتوسع الكولونيالي الغربي .،و للاسف فان الاستاذ الفيا لم يتابع حتى نقد المصطلح في المرجع السفيري،الذي نقل عنه اثباتاته حول "نبل" تعبير:البدائي النبيل ،بحسب رواية الفيا.

قلنا بحسب رواية الفيا،لان البدائي النبيل ،
ليست تعبيرا،
وانما مفهوم ،
ومصطلح ،
يعبر عن صورة "الآخر" غير الغربي ،غير الكولونيالي،اي السكان الاصليين.
أي أن ذلك،
بحسب ادوارد سعيد شكل من اشكال تمثيل "الآخر" المختلف،في الخطاب الكولونيالي الغربي.


التعامل مع المصطلح خارج اطاره التاريخي ،
لا يجوز،
وهذه بديهية معروفة.

فالتعامل مع المصطلحات،
من منطلق قاموسي ذاتي ،
لا يجدي ،بل هو كما راينا يقود الى اخطاء مركبة في القراءة.

نلاحظ ايضا ،
أن التعامل مع المصطلح من واقع الترجمة العربية ،لا يفيد.فالفيا ،لم ينتبه الى ان المصطلح قد تطور من البدائي النبيل الى البدائي الوقح او الشرير مصاص الدماء ،كما ورد،في رواية البيض الذين ابادوا قبائل السكان الاصليين في ما سمي لاحقا ب:
Quote: الولايات المتحدة الامريكية

فالمصطلح في اطار التوسع الكولونيالي قد تطور من :
Quote: Noble savage

إلى

Quote: Ignoble savage

محبتي لكن\م
المشاء
و سنواصل


Post: #235
Title: ملحق لمساهماتي الأخيرة عن الفيا باعتباره الوحيد الذي يدافع عن مصطلح سيئ السمعة
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2006, 02:21 AM
Parent: #234

فاتني ان أعلق على كلام :
الاستاذ الفيا
حين قال:
Quote: اذا صح انني الوحيد بين الباحثين السودانيين ، الذي تعامل مع المفهوم الايجابي للبدائي النبيل ، فالمشكلة في هؤلاء الباحثين الذين حصروا انفسهم فقط في التوظيف الاستعماري لهذا التعبير . فالتعبير كما قلنا اقدم من العهد الاستعماري وفي الاصل هو تعبير نبيل للدلالة عن البراءة والنقاء والفطرة السليمة.
اما الدليل على انني المحق في الدلالة الايجابية النبيلة للتعبير فيبدو انك ايضا لم تقرأ : وسنعيده مرة اخري للفائدة

الفيا هو الوحيد في العالم الآن،
ضمن الدوائر العلمية والثقافية ،
الذي يدافع عن مفهوم سيئ مثل :
Quote: البدائي النبيل


وهذه اشارة مهمة ،
في ضرورة اعادة النظر في التعامل مع المصطلحات و المفاهيم بشكل علمي،
يترافق مع مستجدات البحث،
وتطور المفاهيم والمصطلحات.
محبتي
المشاء

Post: #236
Title: Re: فسر الماء بالماء ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-13-2006, 03:57 AM
Parent: #1

فسر الماء بالماء بعد جهد جهيد ،
كل ما ذكره الخواض سبق ان اجملناه في قولنا اعلاه :
Quote: الا ان المستعمرين استغلوا هذه البدائية النبيلة كمبرر للتوسع الاستعماري بزعم ان عليهم مهمة انسانية في ادخال هذا البدائي الى مدارج الحضار بكافة الوسائل. وفي سبيل هذه المهمة المزعومة ارتكب جرائم انسانية ضد هذا البدائي النبيل ، وصلت الى حد الابادة الجماعية .
اذن العيب ليس في المفهوم كمفهوم ، وانما في استغلاله من قبل المستعمرين . وكون ان البعض لم يعد يستخدم المصطلح لهذه الاسباب فهذا ليس كافيا لنبذ المصطلح وحرماننا من وصفه بالتعبير النبيل . صحيح ربما يعبر المفهوم عن تشوق الانسان للكمال الانساني والفطرة السليمة اي عن واقع فردوسي ، اكثر مما يعبر عن واقع حقيقي للانسان في هذه الارض . ولكنه لا يخلو من قدر من الواقعية تميز الانسان الذي يعيش على الفطرة والبداءة .

ملاحظة مهمة جدا :
المصطلح ليس سيء السمعة كما يردد الخواض ،والسيء السمعة هو الاستعمار الذي استغل الانسان البدائي بحجة الاخذ بيده الى مدارج الحضارة ،
جاء في موسم الهجرة الى الشمال : " انت يا مستر سعيد خير مثال على ان مهمتنا الحضارية عديمة الجدوي "
كما ان المصطلح لم يتطور ، كل ما هنالك انه تم استغلاله من المستعمر ولذا لم يعد يستعمل من قبل البعض .

Post: #237
Title: Re: تراجعات مهمة ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-13-2006, 05:36 AM
Parent: #1

قلنا ان اعتراض اسامة الخواض على مفهوم البدائي النبيل سببه الاعتراض على وصف بدائي وبدائية متاثرا في ذلك بما بعد الحداثة ، التي ترفض التراتيبة الهرمية للقيم . وكان الخواض ان اعترض على استخدام الاستاذ محمود محمد طه لوصف الشعب السوداني بانه شعب بدائي . وذلك في بوسته : البدايئة في الفكر المحمودي ، حول ما اسماه ، اثر الخطاب
الانثروبولوجيا الكولونيالي على الفكر المحمودي.حيث يقول :
Quote: مفهوم البدائية كان من المصطلحات المتداولة عندما كتب المفكر
محمود محمد طه كتابه "اسس دستور السودان "
وكان للمصطلح معان عديدة ومن ضمنها انه يعادل النقيض لمفهوم الحضارة
او المدنية مثلما تم تبنيه في الخطاب الانثروبولوجي الكولونيالي.
وبطريقة لا شعورية , انطلاقا من طغيان سلطة الخطاب,
تبنى الفكر المحمودي المصطلح
وبدا التبني بالصيغة الاتية:
"ويجب أن نعلم أنه مهما كان شعبنا السوداني متأخرا في بعض جهات البلاد

ثم يضيف اسامة الخواض :
Quote: يقول المفكر محمود محمد طه:
ا ن هذه الحقوق قد تبدو كثيرة علي شعب بدائي كالشعب السوداني ،
وخاصة في اقاليمه ،

عن اثر مفهوم "البدائية" على الفكر "المحمودي"

ويلاحظ هنا ان الخواض يساوي بين التخلف والبدائية .ويستنكر على الاستاذ محمود استعمال هذه التعابير في وصف الشعب السوداني .
ولكن بعد فترة ن ذلك ، ها هو اسامة الخواض كما سبقت الاشارة يعود ، ويستعمل نفس العبارات والاوصاف بل يمضي اكثر من ذلك ويقول اننا لا يمكن ان نتقدم ما لم نعترف بتخلفنا اولا عن العالم المتطور !!
يقول :
Quote: من قراءاتي ومتابعاتي لمشروع عمري حول الحداثة،
توصلت الى أن الحداثة لا يمكن ان تتأسس إلا بالاعتراف باننا متخلفون عن بقية العالم المتطور

فلو طبقنا فهم الخواض نقول ان الخواض استعمل مصطلحا استعماريا عندما وصف الشعب السوداني بالتخلف ، بل انه يري ان التطور لا يكون الا بتبنى المصطلحات الكولونيالية في وصف الشعوب المتخلفة ؟؟؟؟
Re: السودان أفشل دولة في العالم وأفسد

Post: #238
Title: Re: بين جون قرنق وعبد الله على ابراهيم
Author: Agab Alfaya
Date: 10-13-2006, 06:11 AM
Parent: #1

بعد ان نفي الدكتور عبد الله على ابراهيم المكونات المحلية الافريقية عن سكان شمال السودان ووصفها بانها واقع مطموس لا اثر له . حاول ان يسوق مبررات واهية لتبرير رفض الجنوبيين لوطن واحد على اساس من التلاقح الثقافي والتعايش السلمي . يقول في ،تحالف الهاربين مبتدرا الحديث عن قصيدة لشاعر جنوبي نشرت في الستينات :

" نشرت جريدة ( الفجلنت Vigilant ) الانجليزية بتاريخ 14/7/1965 قصيدة بعنوان " الوحدة المغلفة بالسكر " لشاعر من أهل جنوب السودان يستنكر فيها دعوة الأفروعربية .
قال الشاعر :
تفترض الوحدة وجود فريقين
الفريقين اللذين يتفقان على التآزر
فمن غير المنظور في الوحدة أن تقوم على أشلاء آلاف الضحايا
ولا على فوهات جيش منفلت مأمور أن يستأصل شأفة
( الجنوبيين
)

ويمضى المقطع ليشير إلى " خطيئة العرب " وهى هجرهم التمثيل المناسب للجنوبيين في أجهزة ، بعد مؤتمر المائدة المستديرة الذى انعقد عام 1965 للمصالحة بين الجنوب والشمال .
قال الشاعر :

غير أن الطبيعة نفسها تأبى
أن تتخذ الصحراء والسافنا ( الغابة )
غير أنهم ابتذلوا عدل الطبيعة ، حين ظنوا أن بامكانهم توحيدها بمحض القوة
.

فقد تلزم الجنوبيين ضرورات التساكن القومى إلى اكتساب اللغة العربية أو عادة عربية إسلامية . غير أنهم سيقاومون كل ميل لجعلهم يتبنون النسبة العربية المقترحة من قبل الأفروعربيين إلى جانب نسبتهم الأفريقية المؤكدة . وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم ، عبر التمازج الثقافى كطبعة لاحقة لانسان سنار ، نوعا من الغش الثقافى لا الحوار . فالجنوبيون محاذيرهم كثيرة ، الصادق منها والمخترع ، حيال عرب الشمال . وهذه المحاذير واضحة في دلالات الازدراء والمقت التى تجرى بها كلمة عربى على ألسنتهم . بل إن بعضهم لايزال يحدس أن أفضل المخارج لمسألة السودان أن يحزم عربه حقائبهم ويقطعوا البحر الأحمـر ." - انتهي كلام الدكتور عبد الله .

طبعا واضح ان ذلك الشاعر يرفض الوحدة القسرية التي تتم بقوة السلاح . وفوق ذلك يتناسي الدكتور عبد الله على ابراهيم ، نماذج جنوبية مهمة جدا ابرزهم الدكتور جون قرنق . لذلك دعونا نقابل بين حديث الدكتورين لنرى الفرق الكبير في التفكير بين الرجلين .
يقول جون قرنق في محاضرة عن فلسفته حول السودان الجديد :-

"هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً من، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخى والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات. إذن، وحدة بلادنا، الوحدة التى نتحدث عنها، لا بدَّ أن تأخذ هذين المكونين لواقعنا بعين الاعتبار حتى نطور رابطة اجتماعية سياسية لها خصوصيتها، وتستند على هذين النوعين من التنوع، رابطة اجتماعية سياسية نشعر بأنها تضمنا جميعاً، وحدة أفخر بالانتماء إليها، وأفخر بالدفاع عنها. يجب أن أعترف بأنني لا أفخر بالوحدة التى خبرناها فى الماضى وهذا هو السبب الذى دفعنا للتمرد ضدها. إذن، نحن بحاجة الى وحدة جديدة، وحدة تشملنا كلنا بغض النظر عن العرق أو القبيلة أو الدين،"
http://www.arkamani.org/vol_1/anthropology_vol_1/garang.htm

Post: #239
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-13-2006, 12:59 PM
Parent: #1



الأحباء هُنا :

سوف أتأخر عن تقديم ما وددتُ تقديمه عن المصطلحات لتعقيده ، ولعلائقه المُتشابكة بأسس الترجمة ، و مراوحة النص المُركب بين تفسير المعاجم كمفتاح للدخول لدُنيا المُصطلح ، ولتحوله بدءً من النحت إلى التداول ، ومن ثم التحول لمعنى جديد ، والنقل إلى اللغات الأخرى وما يُصاحب ذلك من تعقيد .
لذا فضلت إرجاء الأمر لوقت أرحب .

*****

ورد النص الآتي نقلاً عن الدكتور عبد الله علي إبراهيم فيما أورده عنه الكاتب : أسامة الخواض في بدء الحوار :


[ ربما كانت الدعوة بالنسبة لي تجد قبولاً، فالمعادلة القائمة بين العروبة والإفريقية، التي جاءت بها الغابة والصحراء كانت مناسبة من زاوية ثقافية، وكنت عرضة للتأثر بالمصادر الأولى لنظرية الغابة والصحراء، المتمثلة في كتابي (ترمنجهام) (الإسلام في السودان) و(ماك ما يكلز) المتمثل في (العرب في السودان) ]
ـــــ
الرأي :
ـــــ
وتعليقاً على ذلك ، فإنني لم أرى في الغابة والصحراء أية أسس تكوِّن نظرية ، ولم يزعم مؤسسوها ذلك ( أللهُم إلا رأي الدكتور عبدالله كأحد منهم ) . وإن زعموا ، فما أرى أسساً لتلك النظرية . وإن رأى الدكتور عبد الله غير ما نرى فليدلي بدلوه .

إنني أراها دوحة وارفة ، فضفاضة الرؤى ، تصلُح ليبني من أراد أعشاشاً يستظل بها ، ويتغنى شعراً . الهويات المتعددة ، هي كما أوردنا بين صراع وتآلف منذ قرون .
أما ما ورد عن الشاعر الفخيم ( محمد عبد الحي ) حسب رواية الشاعر محمد المكي إبراهيم ( من ( العودة إلى سنار ) ، ورؤية سنار الزمن القديم بروح الشاعر الحالم هي منار يستهدي به الشاعر ، يجلس للخلق والإبداع .
و نقطف هنا مما أورده الشاعر محمد المكي إبراهيم ( 2) حول الغابة والصحراء الذي تفضل الكاتب الفيا بإيراده لنا :

كتب الشاعر محمد المكي :

[ بينما كنت أجاهد متنقلا بين المادة الخام لذلك البحث وإعداد مخطوطته الأولى كان محمد ينغمس في إعداد واحد من أهم أعماله وأحقها بالخلود فقد كان يكتب قصيدته الكبرى عن (العودة إلى سنار) وما كادت عطلتنا الإجبارية تنتهي حتى كان محمد قد فرغ من مسودتها الأولى وظني انه عكف عليها بالتعديل والتحوير إلى أن قيض الله لها سبل النشر بعد ذلك بسنوات.وبفضل وقفته الطويلة أمام السلطنة الزرقاء أكد محمد على عصر الفونج في السودان بصورة أوضح كثيرا من تحليلاتي في (الفكر السوداني) وإشادتي بأصالته وتطويعه معارفه القليلة للعيش والتوطن في بلاد السودان.

وفي فترة من الفترات اللاحقة وجد من يقول لماذا سلطنة الفونج -لماذا عام 1504 وفي تاريخ السودان ممالك وسلطنات أخرى ربما كانت أكثر بهاء من السلطنة الزرقاء. ولم يفطن أولئك البعض إلى أن المسالة ليست يانصيبا جزافيا ولا هي خاضعة لأحكام الهوى الشخصي،فواقع الحال إن السلطنة الزرقاء بداية حقيقية للسودان الحديث وهي تاريخ حي متحرك وليست جزءاً من التاريخ الميت المنبت .وكان يسعدنا أن تكون البداية من ميروي أو كوش لولا إن تلك الحضارات الباهرة بادت مفرداتها وأصبحت جزءا من لحمة الماضي وانضمت لغاتها إلى اللغات الميتة بينما قامت السلطنة الزرقاء بضم بلادنا إلى عالم جديد هو عالم الثقافة العربية التي لا تزال حية ومتفاعلة في وجداننا.وأصبح علينا أن نستخدم المفردات الجديدة لندون موقفنا الحضاري ونقدم مساهمتنا في تطهير الدين وتبسيطه وتطويع اللغة للبيئة السودانية وإبداع مسرب جديد من مسارب الحضارة بتشكيلنا للثقافة العربية وإعادة صياغتها في لبوسها الأفريقي الناشئ عن المناخ السوداني. ]

ــــ
الرأي :
ــــ
إنني أرى تعليقاً على ما ورد أن دوحة سنار الحُلم ، هي التي أوقدت نار الإبداع في شاعرنا الفخيم ، لأن العودة للتاريخ وكشف عريه كانت دون شك ستُخدش الصورة الرائعة التي رسمها الشاعر لنا بلُغة واجدة حين قال :

من ديوان ( العودة إلى سنار :


مَرحى .. تُطِلُّ الشمسُ هذا الصُبحُ من أُفقِ القبول
لُغةً على جسد المياه
و وهْجُ مِصباحٍ منَ البلور في ليلِ الجذورْ
و بعضُ إيماءٍ و رمز مستحيلْ
اليومًَ يا سنار ُ أقبل فيكِ أيامي
بما فيها من العُشب الطفيليِّ
الذي يهتزُّ تحتَ غصونِ أشجار البريقْ
اليوم أقبل فيكِ أيامي
بما فيها منَ الرُعبِ المُخمِّرِ في شراييني
وما فيها من الفرح العَميق .
.....

أما عن عري التاريخ فسأورد عنه من القطف لاحقاً .
والتحية للجميع

13/10/2006 م







Post: #240
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-13-2006, 01:27 PM
Parent: #1



الأحباء هنا

مواصلة لما ورد :

عن عري سنار في تاريخها الذي يخدش أحلام الشُعراء :
أورد هنا قطفاً من سفر الدكتور : دكتور قيصر موسى ، فترة انتشار الاسلام والسلطنات ( 641ـ1821 ) ، الناشر مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية ، الحرم للمنتجات الورقية ، الطبعة الأولى مايو 1998 م: ص 51
حول دولة سنار :

[ المرحلة الثانية :
تغطي هذه المرحلة معظم القرن السابع عشر الميلادي ، وتبدأ بعهد السلطان عبدالقادر أونسة عام 1604 م / 1012 هـ ، وتستمر حتى تولى السلطان بادى الثالث ( الأحمر ) في 1692 م /1103 هـ ويمثل الترتيب السلطان الخامس عشر . وقد تميزت هذه المرحلة بالآحتكاك الحدودي مع الحبشة في عهد السلطان رباط بن بادى الأول ( 1616 ـ 1644 م ) ، كذلك بانفصال الشايقية في النصف الثاني من القرن السابع عشر . وشهدت حسم تمرد العبدلاب ومقتل زعيمهم الشيخ عجيب الكافوتة في معركة كركوج في 1611 م . وشهدت أيضاً غزو السلطنة في عهد بادى أبو دقن ( 1644 ـ 1680 م ) لأراضي مملكة تقلي ولمناطق الشلك والدينكا في أعالي النيل وجلب أعداداً كبيرة من النوبة من كردفان والشلك وغيرهم من الرقيق وتوطينهم حول مدينة سنار ، مما أثر على التركيب العرقي في السلطنة وعلى تركيبة جيشها ، فقد تم استيعاب جزء من هذا الرقيق فيه . وشهدت هذه الفترة على الصعيد الثقافي والعلمي ازدياد تدفق العلماء والمتصوفة وتأسيس المراكز الدينية العلمية الإسلامية والصوفية ، ويمكن نعتبر أن هذه المرحلة تمثل الاستقرار والتماسك النسبي وقدرة السلطنة على صد الأخطار الخارجية ، وقد كانت محدودة ]

الرأي :

راقب عزيزي القارئ بواطن النص : ( استجلاب الرقيق مع الاستقرار و تدفق العلماء والمتصوفة ) !!

هذا جزء من غطاء دولة ( الحُلم السناري ) نكشف عريه ، فالتاريخ يخدش جميع الأحلام بالفعل ، والناظر اليوم لما يحدث في العالم ، يجد ما يخدش :

( الحُلم الأمريكي ) !!




Post: #241
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-13-2006, 04:17 PM
Parent: #240

الأستاذ عجب الفيا

قلت

(ويبدو ان افكار الدكتور عبد الله تجد قبولا واستحسانا عند الامام الصادق المهدي)


ويبدو لي أيضا أن السيد الصادق المهدي قد تأثر بفكر المحامي والشاعر والقطب

البارز في حزب الأمة رئيس الوزراء السابق محمد أحمد محجوب الذي سبق أن أشار في مقالة بمجلة النهضة

السودانية بتاريخ 13/6/1941 تحت عنوان الأدب القومي أنه (لا يوجد شك في أن الثقافة العربية هي السائدة

وكذلك الإسلام هو دين الأغلبية وانطلاقاً من هذا يمكن إن نشير إلى الطريق التي يجب إن تسلكها الحركة الفكرية في

هذا البلد حتى تصل إلى هدفها)

ترى هل كان يرمى الراحل المحجوب عبر هذه الفكرة التسلطية الى غطاء شرعي يمنح الأغلبية حق السيطرة على

الأقلية .. أم تراه كان يحاول تمرير فكرة النظر الى هوية الأغلبية من منظور إثني / ديني كما قال الأستاذ

عثمان سعيد في ثنايا أطروحته التي قدمها لقسم الفلسفة والعلوم الاجتماعية / جامعة برلين الحرة عام 2002

تحت عنوان النزاع السوداني كنموذج للتناقض بين الدولة والثقافة

Post: #242
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-13-2006, 05:13 PM
Parent: #1


الأحباء هُنا

ستظل هذه السجادة السماوية ،
سوداء في قُبة الغموض ، ونحن من تحتها ،
نرقب مسبَحة الأنجُم تخفق ساهرة ألا يُداعبنا
النعاس ...




Post: #243
Title: في انكار المصطلح كقراءة خاطئة من الدرجة الأولى:الانكار الخاتمي والفيّاوي-تشابه و اختلاف
Author: osama elkhawad
Date: 10-13-2006, 11:59 PM
Parent: #242

ينتمي انكار المصطلح الى القراءة من الدرجة الاولى.وقد اشرنا في بوست القراء ة الخاطئة عن يمنى العيد،وقراءتها الخاطئة لموسم الهجرة الى الشمال،ان القراءة من الدرجة معنية بايراد ما لم يقل به النص,بينما تنتمي القراءة الخاطئة من الدرجة الثانية الى تأويل خارج النص تأويلا يخرج به عن دلالته و تاريخه.
أما القراءة الخاطئة من الدرجة الاولي في ما يتعلق ب:
إنكار المصطح
فانها تقوم بعميلية عكسية لما قامت به يمنى العيد في القراءة من الدرجة الاولى،اذ ان انكار المصطلح ينفي ما هو موجود اصلا في الخطاب الثقافي الذي انتنج ذلك المصطلح.
ينكر الخاتم و عجب الفيا وجود مصطلح الشفرة الثقافية ،لااسباب مختلفة من ضمنها عدم اطلاعهم على المصطلح،او الافتاء بعدم وجوده استنادا على معارفهما الخاصة ،وليس استنادا على ما تراكم في ذلك الخطاب الذي انتج المصطلح المنكور.
فنحن ازاء حالتين من الانكار:
الحالة الخاتمية
و
الحالة الفياوية

عن الحالة الخاتمية:

يقول الخاتم في انكاره للمصطلح:
Quote: أخي العزيز حافظ خير:
أواصل معك من حيث أنتهيت في آخر مداخلة.

قلت أنني لا أوافق على استخدام مصطلح الشفرة عندما نتحدث عن الثقافة. وبالنسبة لي فإن فحص المفاهيم وضبط المصطلحات يمثل إهتماما رئيسا. ولذلك لا أقبل المصطلحات على عواهنها، ولا أتردد في سؤال أصحابها عن معانيها إذا كانت غامضة، ولا أجد في نفسي حرجا أن أقول أن هذا المفهوم أو هذا المصطلح، مجهول لدي وأطلب تثقيفي بمعناه ممن أحاوره.

وأعتقد أن حياتنا الفكرية السودانية تشكو نقصا خطيرا في هذا المجال.

أولا من ناحية تبني المصطلحات والمفاهيم غير المفحوصة، إذا سمحت باستخدام هذا التعبير،

وثانيا بالحرج الذي يشعر به الكثيرون منا إذا بان جهلهم بمعنى مفهوم ما لم يسمعوا به من قبل،

وثالثا باستخدام البعض منهم للمفهوم غير المفحوص ولا المدقق، وإعطائه معان ذاتية، غير متفق عليها. وهذا كله يجعل الحوار غير مثمر، لأنه يكون فعلا حوار طرشان.


رغم التروي الظاهر للقارئ في عدم امركزية الذات القارئة،اذا لم يكن لها سابق معرفة بالمصطلح،
الا ان الخاتم يصر على انكاره للمصطلح،قائلا بشكل واضح:
هذه قضية عامة قلتها على سبيل توضيح أنني لا أماحك عندما أعترض على مثل مفهوم الشفرة الثقافية.
والشفرة كما يعلم الجميع، معناها القاموسي هو التالي: هي نظام من الأرقام والكلمات أو الرموز يستخدم عوضا عن معان خفية لخدمة أغراض السرية، وينطبق عليها هذا المعنى إذا ترجمت code or cipher. وهذا يعني ما يلي: هناك معان متفق عليها، يراد إخفاؤها، والإخفاء بغرض السرية. وكل هذا لا ينطبق على الثقافة. فنحن والإنقاذ، مثلا، على طرفي نقيض في فهمنا لما يمثل الثقافة السودانية، ولذلك لا يمكن أن نتفق حول شفرة ترمز إلى معان متفق عليها. نقطة إتفاقنا الوحيدة مع الإنقاذ، هنا، هي أن كلا الفريقين لا يريد إخفاء ما يعتقد أنه الثقافة السودانية ولا يرغب بالتالي في ابتداع شفرة ما. أي أن المسألة فيما يتعلق بالثقافة هي الإشهار وليس الإخفاء.
والملاحظ في الامر ان الخاتم قد اشار الى نقطة مهمة وهي خطورة الاقتصار على التاويل القاموسي فقط،وهذا ما وقع فيه الفيا في قراءته الخاطئة لمصطلح ومفهوم البدائي النبيل.
يقول الاستاذ الخاتم في الاستخدام القاموسي للمطلح:

Quote: U]وحتى لا ابدو متعسفا، وقاموسيا أكثر مما يلزم، أقول أننا يمكن أن نستخدم عبارة رمز، إستخداما مجازيا، وفي المجالات الثقافية غير الأيديولوجية أو السياسية، فنقول مثلا أن الوشم على الوجوه من رموز الثقافة السودانية. هو رمز وليس شفرة لأن المقصود به الإشهار وليس الإخفاء.


ثم يمضي ليوضح انه من المستحيل استخدام مصطلح شفرة مربوطا بالثقافة حين يقول:
Quote: ما هي مميزات الثقافة التي تمنع استخدام مصطلح الشفرة؟
سؤال معقد جدا. ولكنه ليس مستعصيا على المعالجة. فمعروف أن مصطلح الثقافة مصطلح خلافي، إشكالي، بروليماتيك. وقد ذهب الناس مذاهب شتى منذ تعريف تيلور الذي وصفها عام 1872 بأنها كلوية( بضمة على الكاف وشدة مفتوحة على اللام) معقدة تشمل المعرفة، العقائد، الفن، الأخلاق، القانون، التقاليد وغير ذلك من المهارات التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع. ذهب الناس مذاهب شتى، فمنهم من يوسع المصطلح ليشمل المجتمع كله والحضارة جمعاء، ومنهم من يركز على الكلوية الإجتماعية المكونة من قاعدة تتمثل في علاقات الإنتاج وبناء فوقي يتمثل في الأفكار والقانون والنظم الفكرية، ومنهم من يحصرها في الإنتاج الفني والإبداعي، ومنهم من يربطها بفكرة أخلاقية عليا، يسعى المجتمع إلى تحقيقها دون أن يبلغ من ذلك وطرا، ومنهم من يقول أنها ملتصقة عضويا بصيرورة المجتمع وتحولاته، وبالتالي فهي صائرة ومتحولة. المهم ان هؤلاء جميعا، والذين لا يمكن أن ندخل في تفاصيل حول مدارسهم وأفكارهم يتفقون على أنها كلوية وأنها معقدة، وأن الخلافات حولها ربما تستمر إلى الأبد. كيف إذن ونحن نعجز عن الإتفاق حتى على التعريف، أن نقفز في الهواء لنضع لها شفرة متفقا على معانيها وقيمها الرياضية
واللغوية؟
أعتقد أن ذلك مما لا سبيل إليه.


ويرى الخاتم ان ع.ع.ابراهيم حاول تمرير اجندته الخاصة عبر ا لقول بمصطلح لا وجود له،لتهريب مفاهمي غير متفقة عليها في الثقافة السودانة،مثل ان الانقاذ ليست حدثا ثقافيا وليس لديها علاقة بالثقافة السودانية ،حين يقول طارحا السؤال التالي:

Quote: ولكن لماذا يستخدم عبد الله مصطلح الشفرة الثقافية؟

ثم يجيب قائلا في ثقة :

Quote: والسبب في اعتقادي بسيط جدا، وهو أن عبد الله، يستخدم إيحاء الإتفاق الموجود في مصطلح الشفرة، لتهريب مفاهيم غير متفق عليهامطلقا، وتنصيبها أركانا ركينة من ثقافتنا السودانية. ومن هذه الأركان ما تمثله الإنقاذ من قيم، وعلى رأسها نظامها السياسي المتمثل في الشريعة الإسلامية،والتي يدعو إليها عبد الله بصورة تنازل عنها حسن الترابي، وهو يتمرغ في الإبتلاءات. وهنا جلس عبد الله مطمئنا إلى يمين الترابي. أي أن عبد الله يقوم "بأكبر عملية تهريب فكري" يمكن للمرء أن يتصورها. وهو مثله مثل كل المهربين يلجأ للغش، ودس السم في الدسم.


ثم يمضي قدما للحديث عن الانقاذ لا تمثل حدثا ثقافيا ،باعتبارها معادية للثقافة ليس كمطلح ومفهوم ،ولكن من خلال استخدام غير علمي لمصطلح الثقافة.
يقول الخاتم في ذلك:
Quote: بالنسبة لي شخصيافإن الإنقاذ ليست حدثا ثقافيا، بل هي حدث معاد للثقافة، ليست حدثا حضاريا، بل هي حدث معاد للحضارة. وأنطلق في ذلك من تعريفي الذي لا أكتمه للثقافة والذي يربطها بالحرية الفكرية والسياسية، وبالديمقراطية الشاملة، والمساواة في القيمة الإنسانية، وبين النساء والرجال، وأمام القانون، وف العدالة الإجتماعية بأبعادها المتعددة، النوعية و الإثنية والطبقية وغيرها. أربطها بهذه العائلة المتآخية من القيم والمفاهيم، دون أن أخلط بينها، ولكني أقول أن الثقافة لا تزدهر، ولا تقوم لها قائمة، إلا على مثل هذه الخلفية الإجتماعية التقدمية. وبما أن الإنقاذ كانت هي التقويض الفظ لكل هذه القيم، فإن الإنقاذ لم تكن حدثا ثقافيا، بل كانت حدثا
Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
وكلام الخاتم ليس دقيقا فالانقاذ والنميري مثلا تمثلان تمظهر من تمظرات الثقافة العربية الاسلامية،وفهم الثقافة باعتبارها هي القيم النبيلة فقط،فهم تنقصه الدقة.فالداعرات مثلا ،لهن ثقافة تتنمي الى ما يسمى في علم الاجتماع بالثقافات الفرعية ،وكذلك فئات الشباب والنساء والطلاب والمزارعين،و المراهقين وغيرها من الثقافات الفرعية
ثم يرد الخاتم على عادل عثمان قائلا:
الأخ عادل عثمان
ترجمتك للشفرة الثقافية إلى cultural code توضح ما قصدته من إنتقاداتي لراي عبد الله. فالكود، حتى لو كان سريا، متفق عليه، بينما الثقافة علنية وغير متفق عليها. ارجو أن ترجع إلى ملاحظاتي أعلاه.
Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
*عن الانكار الفيّاوي:
ينطلق الانكار في سمته الفياوي من "بلاغة " ع.ع. ابراهيم وورد ذلك في رد له على ع.م.صالح:
Quote: ان خطا الدكتور كما يقول عثمان ،هو نزوله من برجه العاجي و سمته البلاغي
Re: رد علي - عثمان محمد صالح - 2
وقال ذلك تدعيما لكلام الخاتم عن تكتيك ل:ع.ع.ابراهيم يتمثل في :
Quote: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى.


وحين وجه عادل عثمان سؤاله الرئيس ،
لاستعدال البوست،
سائلا:
Quote: الشفرة الثقافية. هذا المصطلح مركزى فى محاضرة د. عبدالله على ابراهيم، محل النقاش الآن. هل نحت، أو إخترع الدكتور هذا المصطلح؟ أم أنّه مصطلح دارج وشائع فى العلوم الانسانية؟ وهل يمكن ترجمته الى Cultural Code ؟
ماذا يعنى هذا المصطلح؟

Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
رد الفيا في وثوق كاملة،
و ثقة لا تتبعها استرابة الباحث المدقق:
Quote: الاخ العزيز عادل
لا اعتقد ان الشفرة الثقافية في حاجة الي تعريف اكثر من التعريف الذي اورده الدكتور عبدالله في المحاضرة ،

وهو ببساطة يقصد بها :الثقافة العربية الاسلامية ،
او بالاحري القومية العربية الشمالية علي حد تعبيره
وبالتالي كلمة شفرة هنا كلمة زائدة لا محل لها من الاعراب
والدكتور معروف بولعه بابتكار التعابير الجديد ة
،
Re: الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
لاحظ\ي كيف يلوي الفيا كلام ع.ع.ابراهيم،بدون سند ليقول الآتي:
الثقافة تساوي الثقافة العربية الاسلامية او القومية العربية الاسلامية.
وقد رد حافظ محمد خير على اتهام ع.ع.ابراهيم بالرطانة الثقافية و السمت البلاغي،
قائلا في رد له على الاستاذ الخاتم عدلان:

Quote: وبالفعل ، قد توحي فكرة الشفرة الثقافية التي يقول بها ع.ع. إبراهيم بالفهلوة السياسية المتنكرة في شكل التعبير الثقافي(وربما السبب في ذلك هو تورط المحاضر المعني في "السياسة" بمعناها اليومي) ولكني ، مع ذلك ، أرى أنها تظل تصوراً مشروعاً قابلاً للمناقشة والإختلاف


******
*عن اختلاف نوعي الانكار المصطلحي:
رغم ان الانكار الخاتمي والفياوي يشتركان في انكار المصطلح،لكن الخاتم يبدو اكثر ريبة ،ويحاول ان يجد لنفسه مخارج ،ومن ضمنها قد يكون عدم اطلاعه على المصطلح،كما في كلامه الآتي:
Quote: قلت أنني لا أوافق على استخدام مصطلح الشفرة عندما نتحدث عن الثقافة. وبالنسبة لي فإن فحص المفاهيم وضبط المصطلحات يمثل إهتماما رئيسا. ولذلك لا أقبل المصطلحات على عواهنها، ولا أتردد في سؤال أصحابها عن معانيها إذا كانت غامضة، ولا أجد في نفسي حرجا أن أقول أن هذا المفهوم أو هذا المصطلح، مجهول لدي وأطلب تثقيفي بمعناه ممن أحاوره

وهذا ما لم يفعله معي الفيا حين استنكر من اين لي بمصطلح الكناية الثقافية،ولم يكلف نفسه مشقة سؤالي عن ذلك.وفي هذا يتمثل الفرق بين الخاتم والفيا في العلاقة المستريبة دائما بين الباحث ومعرفته،وعدم استنكاف السؤال.
نعود لللانكار الخاتمي.
كنا نتوقع ان يقوم الخاتم بسؤال ع.ع.ابراهيم، او الاكتفاء بريبته بدلا من الانسياق الى رايه الشخصي فقط،والارتكاز على مفاهيم تنتمي الى السياسي والايدولوجي مثل فكرة ان الثقافة ذات التوجه السيئ مثلا هي ليست ثقافة ، وان الثقافة تعني فقط القيم الخيرة ،وما ينفع الناس.وهي فكرة طوباوية ،وتنتمي الى التفكير الرغبوي اكثر من انتمائها الى الخطاب العلمي ،المرتبط برصد وفهم الواقع الحقيقي ،لا الواقع الذي تتوق أنفسنا وارواحنا اليه.
وبالرغم من ذلك يظل انكار الخاتم /مرتبطة بريبة وحذر ،ويبدو ان انهماك الخاتم في السياسة بمعناها اليومي،قد ساهم في هذا الموقف.
اما الانكار الفياوي فهو يرتكز على ما اسماه بولا بملاحقة الفيا ل:ع.ع.ابراهيم في اليسوى والمايسواش ،وفي عجلة الفيا في تعامله مع نصوص مركبة كما في حالة نصوص ع.ع.ابراهيم.
يقول بولا في رد له على "بشاشة":

Quote: وأنا لا أدافع هنا بالطبع عن عبد الله وليس هو بحاجةٍ إلى دفاعي بأي حال. إلا أنني اتعشم في أن تقرآ، منعم وأنت نصوص الرجل المركبة المعقدة، مثل كل النصوص الكبيرة، بشيءٍ من التوقير هي أهلٌ له. من دون أن ننزهها عن النقد. وللنقد الحقيقي شروطٌ صعبةٌ جداً لا أراكما تحرصان عليها في منهج قراءتكما التي تقفز فوق كثير من عناصر النص التي قد تنكث عليها نسيجها العجول،

Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا

محبتي
سنعحاول ان نعود مرة اخرى الى مصطلح البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني.
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #244
Title: Re: في انكار المصطلح كقراءة خاطئة من الدرجة الأولى:الانكار الخاتمي والفيّاوي-تشابه و اختلاف
Author: osama elkhawad
Date: 10-14-2006, 06:47 AM
Parent: #243

اسمحوا لي بأن أوجه الدعوة الى الاستاذ:
أحمد الامين أحمد
للانضمام الينا،
لو كانت ظروفه تسمح بذلك.
محبتي
المشاء

Post: #245
Title: Re: في انكار المصطلح كقراءة خاطئة من الدرجة الأولى:الانكار الخاتمي والفيّاوي-تشابه و اختلاف
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-14-2006, 07:02 AM
Parent: #244

الأستاذ أسامة الخواض

ليت الأخ أحمد الأمين أحمد يلبي الدعوة

Post: #246
Title: Re: في انكار المصطلح كقراءة خاطئة من الدرجة الأولى:الانكار الخاتمي والفيّاوي-تشابه و اختلاف
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-14-2006, 02:39 PM
Parent: #245

الأستاذ أسامة الخواض

(الشفرة الثقافية) كلاكيت ثاني وثالث مرة

أدناه إقتباس لجزئية من مقال كتبه الدكتور عبد الله ع إبراهيم في صحيفة

الرأي العام الصادرة بتاريخ 14/10/2006 تحت عنوان (شفرة الثقافة العربية:

والمال ما بهمو إن كتر وإن راح)

أتمني أن يفي بالغرض في تحديد مفهوم الشفرة كمصطلح لدى الدكتور ع ع إبراهيم

Quote: أكثرنا في الصفوة من المصروعين بالغرب. وقد تربينا على استعظام الغرب واعتنقنا عقيدة أن

الثقافة غربية من حد شكسبير إلى تخوم ماركس. ولهذه الصفوة جراءة وقحة تستحقر بها أهلها فتزعم أنهم بدائيون

خلا وفاضهم من الثقافة. ولم أر مثل ثقافة العرب السودانيين المسلمين نبلاً ودقة وأصولية في تعاطي الطعام.

فهو مبذول. يلاقيك البدو رعاة الشاة باللبن ملبين شفرة الثقافة في الجود وداعين: ''بيضاء، بيضاء''. ومن

زرع منا قال إنني غفرت لمن يصيب منه غاشياً وماشياً. ولهم قاموس كامل في ''التخسيم'' حضاً ليستزيد الآكل

ورفعاً للحرج. ويقع هذا خاصة بين النساء: الرسول يعرض لك. ما تعرضيني بالرسول. أها عزيتو. ولهم فن في

تحريك مطايب الطعام مما جاور العظم نحو الضيف. ولهم في ذلك توقيت وإيقاع. بل علمت أن الوظيفة من البدء

بالمرارة في إكرام الضيف أن يعلم أن خروفاً طازجاً قد نٌحر من أجله. فلو جاءه الطعام مطبوخاً لحار دليله.

وتحف بالمائدة أعراف دقيقة في ضبط الشهية ولجمها. فالواحد منا يحذر أن يبدو شرفاناً أو غلياناً أو جحماناً

إذا أفرط في عض اللحم وقرش العظام. بل هناك من يأكل قبل أن يلبي الدعوة لمأدبة حتى لا ''يشرف أو يغلى أو

يجحم'' فيعيب. وعرب السودان يرون في الضيافة مخاطرة واجبة. فالجود فيها بالموجود وليس قطعاً في الجلود. وعيب

الزاد ولا عيب سيدو. وأكثر تحدٍ يواجهه الرجل في ثقافة الضيافة هو أن يكرم ''ضيف الهجوع'' الذي يأتيك على

حين غرة بعد خلود الناس للنوم. وكان الناس إذا أرادوا غرضاً من رجل رفضوا تناول ما يعرضه عليهم من

طعام حتى يقضي ذلك الغرض. حكى لي رفيقنا عبد الله محي الدين عن يوم أضرب فيه ضيوف للعمدة السرور

السافلاوي، عمدة عطبرة، عن الطعام حتى يرد لهم مظلمة. وفعل العمدة.

هذه ثقافة لا أول لها ولا آخر. ولكن ما ذٌكرت ثقافة الطعام حتى ضربنا بفرنسا المثل وتفانينا في ذلك
http://www.rayaam.net/articles/article5.htm

Post: #247
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-14-2006, 09:12 PM
Parent: #1

الاخ العزيز /الاستاذ حيدر حسن ميرغني
تحيات نواضر

اشكرك على طرح السؤال المهم حول محمد احمد المحجوب . ذلك انني اري ان كثير من الباحثين انتقائيين في الحديث عن توجهات المحجوب الفكرية فهم يعرضون عن جانب مهم من افكار الرجل . فالمحجوب كان من رواد فكرة الادب القومي التي اطلقتها مجلة الفجر وهي امتداد لدعوة حمزة الملك طمبل في العشرينات الى ادب سوداني يعبر عن المكونات المحلية للشعب السوداني .وذلك كرد فعل على مدرسة الاحياء الشعري ،العباسي والبناء التي تقلد الشعر العربي القديم. ويري محمد عبد الحي هذه الدعوة تمثل بدايات الوعي القومي بالهوية الافروعربية للشعب السوداني .
في هذا السـياق كتـب المحجـوب بمجلـة الفجـر الصـادرة فـي 16/6/1935م يقـول " نحن إن نادينا بقيام الأدب القومي للطبيعة المحلية فإنما ندعو إلى خلق شعب بكيانه يعبر عن مرئياته من سماء زرقاء أو ملبدة بالغيوم ومن غابات وصحراوات قاحلة ومروج خضراء ومن إيمان بالكجور والسحر إلى إيمان بالله وحده لا شريك له " .

الا ان محمد عبد الحي يرى انه : " ليس فى كتاباتهم ( مبدعو مدرسة الفجر ) غير طائف نظرى ( حول الذاتية العربية الأفريقية للسودانيين ) لم يتنزل إلى إنجاز شعرى لتزاوج الثقافة العربية والأفريقية في صنع الذاتية السودانية "
طبعا ذلك يرجع الى اسباب تاريخية وثقافية ساهمت في تغليب الوعى العروبي للنخبة المثقفة من خريجي مدرسة غردون في الثلاثينات والاربعينات .

Post: #248
Title: Re: شفرة الثقافة العربية
Author: Agab Alfaya
Date: 10-14-2006, 09:23 PM
Parent: #1

عن الرأي العام
السبت14اكتوبر2006م


د. عبد الله علي ابراهيم

شفرة الثقافة العربية: والمال ما بهمو إن كتر وإن راح


يتحدث الناس بطرب هذه الأيام عن جماعات القرويين التي ''تربط'' الشارع قبيل مغيب الشمس لتحمل راكبي السيارات حملاً للتوقف وتحليل الصيام على موائدهم المصفوفة على قارعة الطريق. وهذا تقى كبير يطلب به المرابطون الأجر. ولكنه جزء من ثقافة الطعام السودانية العربية الإسلامية العامة. وهي ثقافة لم تحظ منا بنظر اجتماعي حصيف. وهي مع ذلك أول ما يذكره لك الأجانب من ذوي النيات الحسنة عن هؤلاء السودانيين. لقد سحرتهم منا هذه الأريحية بالطعام أو المعروض. ونحن نقول عدم العروض ( أي دعوة المرء إلى طعامك) جفا. بل لربما ظنوا بنا البله والسفه حين نتبرع بدفع ما أكله الواحد منهم أو شربه في مطعم أو بوفيه. والحق إنه سفه كبير. وله مصطلح عربي نصفه به. فمن يصرف المال هكذا بلا نظر في العواقب هو عندنا ''متلاف''. وليس هذا ذماً بل مدحاً كبيراً. ولنذكر الأغنية الشعبية التي يؤديها سيد خليفة ''المال ما بهمو إن كتر وإن راح''.

يصف مصطلحنا الشعبي ما يقوم به فضلاء القرى هذه الأيام من جبر لصائمي الطرق القومية بـ''عوج الدرب''. وهذا ما يوصف به الرجل المقصود بالضيوف من كل حدب وصوب. فما يبلغ المسافر جهته حتى يعرج عليه يصيب طعاماً وشراباً وأمناً قبل متابعة السير. وقد قام فضلاء القرى دائماً بهذا النبل تجاه المسافرين. وقد هزتني مكرمة قرية العبيدية، الواقعة إلى شمال مدينة بربر، التي استضافت قطاراً بحاله خلال وقوفه بمحطتهم خريف عام 1988 الذي أحدق فيه الماء بالسودان حتى كاد يغرقه. وكتبت عنها في بابي ''ومع ذلك'' بجريدة الخرطوم. وليس ينجح في امتحان هذه الأريحية كل أحد. فقد سقط أهل محطة منطقة في نهرالنيل مرة في استضافة قطر توقف لأيام عند بلدتهم. بل زادوا الطين بلة بالمغالاة في أسعار المشروب والمطعوم. وقد سار الشعر الشعبي بخبر خيبتهم هذه. وكان لبعضهم تفسيرات ''عرقية'' لسقوط أهل المنطقة في هذا الإمتحان السوداني السهل.

وقد عرف حتى الصوفية أن الطعام هو سبيلهم إلى أفئدة الناس. فقال أحدهم ''لو ما عجيني، أي طعامي، منو البجيني''. وقيل لصوفي ما الشيء يقوم به الإنسان فيٌرضي الرب ويدخل به الجنان. فقال: الكسرة. وسئل عن الشيء الآخر الذي يماثل الكسرة في الجزاء. فقال الكسرة. وسئل ثالثة عن الأمر فقال الكسرة وطلب من السائل أن يكف عن السؤال. فالكسرة هي الإجابة الصحيحة أبداً.

قرأت أن الفيلسوف الألماني نيتشه قال إن العرب أمة كلاسيكية. ولم اقع على نصه بعد. وكلاسيكية هنا تعني القِدم في معنى العتق لا معنى بلوغ أرذل العمر. والأمة الكلاسيكية هي التي تلتزم بالأصول كما يلتزم متحدث اللغة بالنحو لا يلحن أبداً. وأضرب لذلك مثلاً بفكاهة راجت عن الصعايدة العرب. فقد قيل إنه التقي صعيديان أمام باب عربة قاطرة سريعة لا تقف إلا لوقت قصير جداً في المحطة المخصوصة. وأخذ كل من الصعيدين يعزم الآخر ليتقدمه إلى باب العربة من باب الدماثة. وظلا على حالهما هذا حتى غادر القطار المحطة. وحينما نبههما منبه إلى ترك القطار لهما على قارعة الطريق وهما في طقس العزومة قال أحدهما: ''يفوت القطار ولا تفوت الأصول''. وتكشف النادرة عن مدى التضحية التي قد يبذلها الأصولي عن طيب خاطر للحفاظ على الأصول.

أعتقد في نفسي بأنني حسن الإطلاع على ثقافة الغرب ربما بما هو أكثر من ثقافة العرب. ولا أذكر مع ذلك أن الغرب يحتفي بالسخاء احتفاء العرب به. لا أجد مثلاً في ثقافة الغرب مقابلاً لحاتم الطائي في الشهرة بالجود. كما لا أجد عناية بحاتم المضاد أو البخيل في أدب الغرب بينما يقف كتاب الجاحظ عن البخلاء تاجاً على رأس النثر العربي. ولا تجد في الإنجليزية ،وأنا عرضة للتصويب بالطبع، ترجمة دقيقة لعبارة ''نار القرى'' التي كان يشعلها فريق البادية العربية ليهتدي بها المسافر الموحش إليه لكي ينعم بينهم بموضع للراحة والطعام الهنيء والأنس. ولا أعرف ثقافة مثل العربية تعمقت في علم وظائف (فيزولوجيا) الكرم مثل العرب. فتأمل قول شاعرهم يمدح أميراً فياض الكرم: ''وأندى العالمين بطون راح''. فقد صور بطن يد الأمير طلية بالندى من فرط فضلها على الناس. بل أنظر كيف تماثل ''الندي'' عند العرب قطر الماء مما تراه صباحاً على أوراق الزهر وقطر الجود يزهر على باطن الكف.

قضيت شطراً من تدريبي الأكاديمي أدرس علم اجتماع الأريحية أي الفضل أي الكرم. وقد ساقني إلى هذه الدراسة افتتاني بظاهرة دواوين شعب الرباطاب المبذولة لقرى الأضياف. وكنت من زبائن هذه الدواوين. فقد أكرم وفادتي السيد كرز بديوانه في كرقس عام 1966 وتمتعت بفيض كرم السيد خضر علي مصطفى بديوانه عام 1984 وكتبت عن ظاهرة الديوان الرباطابي في سياق علم اجتماع الفضل والإحسان. ووجدت أن أفضل الكتابات في هذا العلم هو الذي كتب عن عرب أو مستعربين. وأشهر هذه الكتابات ما خطه بيير بوردو، الأنثربولجي الفرنسي، صاحب كتاب علم اجتماع الممارسة الذي درس فيه أحد شعوب البربر أو الأمازيغ في شمال أفريقيا. وقد فض في كتابه هذا نزاعاً أكاديمياً قديماً في علم اجتماع الكرم. ودار هذا النزاع حول عما إذا كان الكرم للكرم أم أنه حيلة أخرى للصيت أو انتظار المقابل برد الجميل. وقد نسيت تفاصيل حجة بوردو الطريفة. ولكني أذكر أنه استقدم لدائرة البحث ولأول مرة مفهوم أن الكرم هو ''رأسمال رمزي''. ولا أريد الخوض بأكثر من هذا في المسألة. فما جئتها إلا لأقول إن علم الكرم علم عربي شبه خالص.

أكثرنا في الصفوة من المصروعين بالغرب. وقد تربينا على استعظام الغرب واعتنقنا عقيدة أن الثقافة غربية من حد شكسبير إلى تخوم ماركس. ولهذه الصفوة جراءة وقحة تستحقر بها أهلها فتزعم أنهم بدائيون خلا وفاضهم من الثقافة. ولم أر مثل ثقافة العرب السودانيين المسلمين نبلاً ودقة وأصولية في تعاطي الطعام. فهو مبذول. يلاقيك البدو رعاة الشاة باللبن ملبين شفرة الثقافة في الجود وداعين: ''بيضاء، بيضاء''. ومن زرع منا قال إنني غفرت لمن يصيب منه غاشياً وماشياً. ولهم قاموس كامل في ''التخسيم'' حضاً ليستزيد الآكل ورفعاً للحرج. ويقع هذا خاصة بين النساء: الرسول يعرض لك. ما تعرضيني بالرسول. أها عزيتو. ولهم فن في تحريك مطايب الطعام مما جاور العظم نحو الضيف. ولهم في ذلك توقيت وإيقاع. بل علمت أن الوظيفة من البدء بالمرارة في إكرام الضيف أن يعلم أن خروفاً طازجاً قد نٌحر من أجله. فلو جاءه الطعام مطبوخاً لحار دليله. وتحف بالمائدة أعراف دقيقة في ضبط الشهية ولجمها. فالواحد منا يحذر أن يبدو شرفاناً أو غلياناً أو جحماناً إذا أفرط في عض اللحم وقرش العظام. بل هناك من يأكل قبل أن يلبي الدعوة لمأدبة حتى لا ''يشرف أو يغلى أو يجحم'' فيعيب. وعرب السودان يرون في الضيافة مخاطرة واجبة. فالجود فيها بالموجود وليس قطعاً في الجلود. وعيب الزاد ولا عيب سيدو. وأكثر تحدٍ يواجهه الرجل في ثقافة الضيافة هو أن يكرم ''ضيف الهجوع'' الذي يأتيك على حين غرة بعد خلود الناس للنوم. وكان الناس إذا أرادوا غرضاً من رجل رفضوا تناول ما يعرضه عليهم من طعام حتى يقضي ذلك الغرض. حكى لي رفيقنا عبد الله محي الدين عن يوم أضرب فيه ضيوف للعمدة السرور السافلاوي، عمدة عطبرة، عن الطعام حتى يرد لهم مظلمة. وفعل العمدة.

هذه ثقافة لا أول لها ولا آخر. ولكن ما ذٌكرت ثقافة الطعام حتى ضربنا بفرنسا المثل وتفانينا في ذلك.


http://www.rayaam.net/articles/article5.htm

___________

شكرا اخي حيدر على لفت الانتباه الى هذا المقال الهام الذي سيقطع قول كل خطيب حول مفهوم الشفرة الثقافية عند الدكتور عبد الله ابراهيم . ولي عودة للتعليق .

Post: #249
Title: Re: شفرة الثقافة العربية
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 00:36 AM
Parent: #248

عزيزي حيدر
سلامات
شكرا على ايراد كلام ع.ع.ابراهيم المهم.
عبد الله متابع جيد للاسافير حسب ما علمت من اصدقائه المقربين.
وليست صدفة ان مقاله جاء مترافقا مع حوارنا هنا حول الشفرة الثقافية.
ولعله اراد ان يضيئ مفهومه لشفرة الثقافة العربية،من خلال علم اجتماع الكرم،
وهو علم اسمع به لاول مرة .
وساحاول ان اتعرف عليه،
ومن المعروف ان علم الاجتماع مزدهر جدا،في الولايات المتحدة ،وقد ساهم كثيرا في تطور المجتمع الامريكي،الذي يقوم على البراغماتية بمفهومه الحسن.
وقد قرات قبل عشرة اعوام حول ان 200 مجلة متخصصة في فروع علم الاجتماع تصدر شهريا في الولايات المتحدة ،اي بمعدل سبع مجلات تقريبا في اليوم,
فتأمل!!!
محبتي
المشاء

Post: #250
Title: ع.اللطيف على الفكي و "جنوبيات" المجذوب ،كتمظهر للبدائي النبيل
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 00:57 AM
Parent: #249

سأعود لمقاربة مفهوم "البدائي" في الخطاب الثقافي السوداني،
ومن ضمن ذلك تناول صديقنا لطيف لبعض من "جنوبيات " المجذوب،
والتي اشتغلت شعريا على الجنوبي باعتباره "بدائيا نبيلا".
لذلك سأبسط اللنك الذي تحدث فيه لطيف عن المجذوب ،في اطار مقاربة لطيف المهمة لموضوعة الهوية.

وتوجد مقاربة لطيف في آخر المقال ،وفي الهامش رقم اثنين و خمسين.

فالى اللنك:
http://www.sudaneseonline.com/sections/ihtiram/pages/ihti...abdelatif-elfaki.pdf
محبتي
المشاء

Post: #251
Title: Re: ع.اللطيف على الفكي و "جنوبيات" المجذوب ،كتمظهر للبدائي النبيل
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 02:24 AM
Parent: #250

اسمحوا\ن لي ان اوجه الدعوة للصديق و الاستاذ الكاتب:
هاشم الحسن
وقد أشاد به استاذنا بولا كثيرا بخصوص سعة أفقه.
ارجو ان يعود الينا ،
وهو ضاحب مساهمة مشهودة في بوست الآفروعربية،
كما انه مثقف من طراز فريد،
وقد استفدت جدا من مكتبته العامرة في ساثرن تاورز.
وفي انتظاره،
وارجو الا يخيب رجاءنا.
المشاء

Post: #253
Title: Re: ع.اللطيف على الفكي و "جنوبيات" المجذوب ،كتمظهر للبدائي النبيل
Author: هاشم الحسن
Date: 10-15-2006, 03:47 AM
Parent: #251

عزيزي أسامة
تحيات لك و للجميع
شكراً جزيلاً على الدعوة الكريمة و على إطراء يرجح عندي إنني لست من أهله لزوماً.
ولكنك يا سيدي تجدني حاضراً على كل حال!!!
فما كنت لأكون غائباً عن مائدة الفكر الدسمة هذي ولو فاتني السحور(ساهرتو بينا )!
بل أتابعكم منذ البداية و في كل ليلة، قارئاً لجديد الحوار و مستعيداً لأصوله. (أعدت بالأمس، بدفع منكم، قراءة ورقة ع ع إبراهيم كسّار قلم مكميك)، هنا: http://www.sacdo.com/web/Categories/FeaturedArticles/Ab...01004_Macmichael.asp
وتجدني، مستمتعاً بحواركم، شاكراً لك و ممنوناً وأشد إتفاقاً.
و الشكر و الإمتنان لمفترعه الأستاذ حيدر و للأستاذ اللجب عجب الفيا و للأستاذ المفتاح و للأستاذ الشقليني و للأستاذ محمّد سيد احمد كما لجميع المتداخلين الذين يثرون هذا البوست ويضفون عليه البهاء.
و بالطبع فإن الشكر أوجب للدكتور ع ع إبراهيم و لعصفه العاصف الذي يحفز على هذا الحوار العالي و على هذا التثاقف العميق.
إذن فأنا مبسوط، و مبسوط جداً كمان رغم الظروف المكاجرة فلا تسمح راهناً بأكثر من القراءة و المتابعة وإلى حين ميسرة كان الله هوّن.
كما إنكم يا أعزائي لا تغادرون عن (متردم) و لا عن شاردة أو واردة فلا تكفونها.
ومبسوط بالذات من سيادة الهدوء و صفاء الأجواء الحوارية (كسماء زرقاء) تلهم الأستاذ شقليني أشعاراً بهيجة و مداومة على مسك الخشب و نحن معه .

أنا أيضاً كنت أتمنى أن يشارك في إثرائكم هذا الدكتور النور حمد و الأستاذ بكري الجاك من المبادرين في بوست الفيا القديم (تحالف الهاربين) ، و أرجو ألآ يخيبا رجائي لو كان في سعتهما.

ولقد علمت من بعض قراءة في (سودانفورأول) و من بعض الأصدقاء، أن الأستاذ الكبير د.عبدالله بولا متوعك، فلنتمنى و ندعوا له بعاجل الشفاء و دوام الصحة و العطاء.

سأتفرغ منذ الآن لقراء ورقة الأستاذ عبد اللطيف علي الفكي(أطبعها الآن) التي أوردت رابطها مشكوراً يا عزيزي أسامة.

إن في الإختلاف لعلم
و في هذا البوست إمتاع.

أها، أبقوا عشرة على (الشفرة والكناية) و على الحوار العالي.

وافر التقدير للجميع.
هاشم

Post: #257
Title: Re: ع.اللطيف على الفكي و "جنوبيات" المجذوب ،كتمظهر للبدائي النبيل
Author: Agab Alfaya
Date: 10-15-2006, 01:09 PM
Parent: #253

Quote: إن في الإختلاف لعلم
و في هذا البوست إمتاع.

اخي هاشم الحسن كم انا سعيد بهذه الطلة، بغيابك افتقد المنبر واحد من اميز اصحاب الاساليب الخاصة والرصينة في الكتابة وذي المعرفة الواسعة وادب الاختلاف الوافر .
اشكرك على تزويدنا برابط مقال الدكتور : كسر قلم مكمايكل . وهو يكمل مقاله الآخر الذي زودنا به الشفيف الشقليني .
لك من التحايا انضرها ونامل ان تسنح لك الظروف بالمشاركة
كما احي عبرك العزيزين استاذي الدكتور النور حمد وبكري الجاك آملين ان يكونا متابعين وتسمح ظروفهما بالمساهمة .

Post: #252
Title: Re: بل خصلة سودانية ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-15-2006, 03:28 AM
Parent: #1

Quote: شفرة الثقافة العربية: والمال ما بهمو إن كتر وإن راح

هذا هو عنوان مقال الدكتور عبد الله ابراهيم الذي نوه اليه الاخ حيدر والمنشور بالراي العام 14/10/2006
ان كرم اهل السودان معروف للقاصي والداني وسارت به الركبان في شتى نواحي المعمورة لكن الدكتور يريد ان يختص عرب السودان بهذا الكرم كما هو ظاهر في العنوان . ولو كان كاتب المقال اي كاتب آخر يؤمن بالسودان كوطن وهوية لكتب عن الكرم بوصفه خصلة سودانية دون تخصيص . الا ان ذلك ينسجم تما ما مع المشروع الثقافي والفكري لللدكتور فقد سبق ان حدد موقفه من هذا الوطن الجامع وقال انه معني بشان الجماعة العربية المسلمة في السودان وقال ان شفرة هذه الجماعة هي القومية العربية الاسلامية التي استل منها نظام الانقاذ !
اما عن استخدام الدكتور الفاضل / لكلمة شفرة ثقافية . فان مفهوم الشفرة الثقافية عند الدكتور لا يخرج عن كونه يمثل مجموعة الخصائص الثقافية التي تميز وتحدد وتشكل ميول واتجاهات مجموعة اثنية وثقافية معينة . وهذا المفهوم قديم وهو يندرج في سائر تعريفات الثقافة الكثيرة . و لكن الجديد هو استخدم كلمة شفرة للاشارة الى مجموع هذه الخصائص . الا انه يمكن الحديث عن هذه الخصائص دون ان نستخدم كلمة شفرة . اذ العبرة ليس في الشفرة في حد ذاتها وانما في الرسالة التي تحملها هذه الشفرة . العبرة بظاهرة الكرم كخاصية من خصائص ثقافة معينة وليست العبرة في وصف هذه الخاصية او تلك بالشفرة او غيرها من الرموز والايقونات . ستظل الكرم هو هو خصلة من خصائل تلك الثقافة سواء وصفته بشفرة او لم اصفه بذلك .
اضافة الى ان كلمة شفرة ليست جديدة في حد ذاتها وانما تمت استعاراتها من حقول معرفية اخرى .
لذلك لا معنى للاصرار على والتهليل لاستخدام كلمة شفرة وكانها كشف عبقري الا اذا كان ذلك مجرد ولع ، من اجل الولع الشكلاني بالمصطلحات الجديدة .

Post: #254
Title: Re: بل خصلة سودانية ،
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-15-2006, 06:42 AM
Parent: #252

مرحبا بالأستاذ/ هاشم الحسن

Post: #255
Title: Re: بل خصلة سودانية ،
Author: munswor almophtah
Date: 10-15-2006, 07:36 AM
Parent: #254

الأخوة الأعزاء السلام ورحمة الله وبركاته

إن الذى حيرنى فيما ذكره دكتور عبدالله على عن شفرة الكرم أوالكرم وعلاقته بالإجتماع واسامه الخواض من خريجى علم الإجتماع لا أدرى كيف ينكر بدهيه لا يود أن يدرسها فى الفصول لأن فى الفصول تدرس الخطوط العريضه لا التفاصيل والكرم صفة تلحق بالناس أو تنتفى عنهم كماهو معروف أو كما عبر عنه الدكتور
فإن كانت لدى البدائين فتكنون ذات طبيعه أنثربولجيه ولو كانت لأهل التمدن تكون ذات طبيعه إجتماعيه لأن البدائى يجود لك بأروع ما يعتقد من أجود ما يمتلك إن كان لبنا أو بليله أماأهل التمدن ربما يخيروك إن كنت فى حاجة إلى طعام أو إلى شراب كأن أقدم إلى وأسامه وأطلب شايا أو بيبسى ويتفضل هاشا باشا بإعطائى ذلك فطريقة التقديم ونوعية المقدم تكون سلوكا للإنسان إما مدنيا أوبدويا أو بدائيا مما يدخله فى الإجتماع أو الأنثربولجى وهذا ليس بنجر ولكن من واقع تحصيل ودراسه ثم ملئ عراميس وإنى أستنكر دهشة الأستاذ أسامه ولأنها قيلت الآن فستكون مرجعا موثوقا فيه الشئ الذى أقصده دعوة الأستاذ والشاعر أسامه بالإبتكار لأن النقد فكرا ليس بفلسفة محضه ولا بعلم رجد أوقح ولأوسامه وللكل ودى والسلام........................



منصور

Post: #256
Title: Re: بل خصلة سودانية ،
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-15-2006, 11:59 AM
Parent: #255

مَرحى .. تُطِلُّ الشمسُ هذا الصُبحُ من أُفقِ القبول
لُغةً على جسد المياه
و وهْجُ مِصباحٍ منَ البلور في ليلِ الجذورْ
و بعضُ إيماءٍ و رمز مستحيلْ
اليومًَ يا سنار ُ أقبل فيكِ أيامي
بما فيها من العُشب الطفيليِّ
الذي يهتزُّ تحتَ غصونِ أشجار البريقْ
اليوم أقبل فيكِ أيامي
بما فيها منَ الرُعبِ المُخمِّرِ في شراييني
وما فيها من الفرح العَميق

Post: #258
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-15-2006, 01:35 PM
Parent: #1

كتب اسامة الخواض
Quote: ولعله اراد ان يضيئ مفهومه لشفرة الثقافة العربية،من خلال علم اجتماع الكرم،
وهو علم اسمع به لاول مرة .
وساحاول ان اتعرف عليه،


وانا بدوري استغربت كما استغرب الاستاذ منصور المفتاح لتعليق الخواض ،
فدراسة الكرم كخصلة اجتماعية او فردية
as one of the human genaral charactristics
تندرج بالضرورة في علم الاجتماع والانثربولجيا والاثنوغرافيا .

Post: #259
Title: Re: البادية والبدائي النبيل !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-15-2006, 02:16 PM
Parent: #1

ورد في مقال الدكتور عبد الله اعلاه :شفرة الثقافة العربية :
Quote: أكثرنا في الصفوة من المصروعين بالغرب. وقد تربينا على استعظام الغرب واعتنقنا عقيدة أن الثقافة غربية من حد شكسبير إلى تخوم ماركس. ولهذه الصفوة جراءة وقحة تستحقر بها أهلها فتزعم أنهم بدائيون خلا وفاضهم من الثقافة. ولم أر مثل ثقافة العرب السودانيين المسلمين نبلاً ودقة وأصولية في تعاطي الطعام.

يعذرني الدكتور ان قوله : " بدائيون خلا وفاضهم من الثقافة " تنقصه الدقة .فلا احد من الصفوة يصف قومه بانهم بلا ثقافة . اما وصفهم لهم بالبدائية فلا يتطابق مع القول انهم بلا ثقافة ، بل يفيد ان ثقافتهم بدائية .
والبدائية في حد ذاتها ليس ذما ، ولعله ليس صدفة ان البادية وبدائي من جذر واحد . فاهل البادية بدائيين ( بالنسبة لاهل الحضر وليس بالضرورة بالنسبة للمستعمر ) ولكنهم اهل ثقافة . وثقافتهم تمثل كل القيم النبيلة . ولا احد من الصفوة يجادل في ذلك . وبهذا المعني يمكن القول ان انسان البادية بدائي نبيل . وهو ما عبر عنه الدكتور بقوله : " ولم أر مثل ثقافة العرب السودانيين المسلمين نبلا " !

Post: #260
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-15-2006, 02:39 PM
Parent: #1

الأحباء هنا
تحية طيبة وبعد ،

في ( الحُلم السناري ) و مولد ( العودة إلى سنار ) :

من خبايا سرد الشاعر محمد المكي إبراهيم عن مولد دُنيا ( العودة إلى سنار ) للشاعر الفخيم محمد عبد الحي ، تذكرت أحد الرفاق التقيته صدفة ذات زمان قبل أكثر من عام وهو الشاعر والكاتب والمُترجم الأستاذ ( إبراهيم الكامل عكود ). سيكون ممتعاً لو علمنا أن ( إبراهيم آل عكود ) قد كان رفيق دراسة للشاعر محمد عبد الحي !!

للشاعر ( عكود) ترجمة صقيلة للنص الذي أوردناه سابقاً عن محمد عبد الحي ، وهو قطف من ( العودة إلى سنار ) قام الأستاذ ( إبراهيم الكامل آل عكود ) بترجمة روح النص من العودة إلى سنار ، وفق ما ورد في سفره الأول :
( المدارات والمعابر )
( ديوان في الترجمة الشعرية )
الطابعون دار مصحف إفريقيا
2002 م

نورد لكم النص ومن تحته الترجمة آملين أن لا نحرم القُراء من وهج أصحاب الغابة والصحراء ، الذي كاد الدارسون والمُنقبون مع الصحاب هُنا ، وهناك وهم يُجلسون بمباضع التشريح أن يأخذون معهم في غُبار الهوية اللولبي ، كل هذا السحر ( الهُيولي ) العظيم كما قال شاعرنا الفخيم محمد عبدالحي . :

أدناه نص الشاعر محمد عبد الحي :

*****

من ديوان ( العودة إلى سنار ) :


مَرحى .. تُطِلُّ الشمسُ هذا الصُبحُ من أُفقِ القبول
لُغةً على جسد المياه
و وهْجُ مِصباحٍ منَ البكور في ليلِ الجذورْ
و بعضُ إيماءٍ و رمز مستحيلْ
اليومًَ يا سنار ُ أقبل فيكِ أيامي بما فيها من العُشب الطفيليِّ
الذي يهتزُّ تحتَ غصونِ أشجار البريقْ
اليوم أقبل فيكِ أيامي بما فيها منَ الرُعبِ المُخمِّرِ في شراييني
وما فيها من الفرح العَميق .
اليوم أُقبلُ فيك كلَّ الوحلِ واللَّهبِ المُقدسِ في دمائِكِ ، في دمائي
أحنو على الرملِ اليبيسِ كما حنوتُ على مواسمكِ الثريةِ بالتدفُق والنماءِ
وأقولُ ، يا شمسَ القَبول توهَّجي في القلبِ ،
صفيني ، وصفي من غبارِ داكنٍ :
لُغتي غِنائي
سنارْ ..تُسفرُ في بلاد الصحو جُرحاً ..
أزرقاً ، قوساً ، حصاناً ..
أسود الأعراف ، فهداً قافزاً في
عتمة الدم ،
معْدناً في الشمس ، مئذنةً
نُجوماً في عظام الصخر ،
رُمحاً فوقَ مقبرةٍ
كتاب
رجعَتْ طيورُ البحر فجراً من مسافات الغيابْ
البحرُ يحلُمُ أحلامه الخضراء في فوضى الغباب
البحرُ إن البحرَ فينا خُضرةٌ
حلم هيوليٌّ
في انتظار طلوعها الأبدي في لُغة التُراب

******

وترجمة الأستاذ/ إبراهيم آل عكود للنص كما سيلي :

Post: #261
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-15-2006, 02:41 PM
Parent: #260

My Sennar..!
At sunset..!
Blinks in the homeland,
Of sacred revival anew,
And winks in a bow
In a wound dyed blue,
In a horse with black manes,
An' grass sparce; yet a dew.
In the leap of a leopard,
In blood opaque; but flew.
In a metal in the sun eyes,
With a scarlet ray as clue.
In stars with the marrow,
Of a spear on an epitaph,
Where martyrs souls just flew.
In a book shone with holy verse,
Where wisdom pearls blew.
In a minaret to spin lighter,
The spirits of the true.
In a spire to stick tighter,
Splinters of the pew


نعتذر عن أنني قد حاولت نقل النص من الكتابة اليمنى
إلى اليُسرى وفشلت ( تقنياً ) فظهرت على غير ما نريد !

Post: #262
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-15-2006, 03:48 PM
Parent: #1

عزيزنا الكاتب : هاشم

ها هي شمس الوجد
تفتحُ من جيوب سِترها وهجاً
لصُبح من بعد فجر أحمر القسمات
..

أهلاً بكِ بيننا صائداً للفتنة ،
ومانحاً صيدا لأصحاب المضارب بيننا ،
ألا يرحلوا ولم يزل في الكأس باقٍ
كما أشعر المجذوب ،

كبيرهم الذي علمهم السحر

Post: #263
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 03:54 PM
Parent: #262

الاستاذ الصديق :
سيف جبريل
صديق للدكتور عبد الله علي ابراهيم،
وقد رافقه في رحلاته البحثية ،فنأمل ان يقدم لنا تجربته مع الدكتور ع.ع.ابراهيم.
محبتي
المشاء

Post: #264
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-15-2006, 05:34 PM
Parent: #263

اخونا الخواض
دعوتك كريمة لاصدقاء د عبد الله بالمشاركة
امشى لقدام وقدم دعوة لعبد الله ذاتو

Post: #265
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 05:49 PM
Parent: #264

عزيزي محمد
سلامات وكيف حالك ،وحال الاسرة ؟
لا يمكنني دعوة ع.بولا،
لسببين:
السبب الأول :
أنه استقال من هذا المنبر.
والسبب الثاني:
أنه لا يتداخل مع الفيا ،
كما أعلن قبل ذلك.

و نتمنى ان يكون استاذنا وصديقنا بولا بخير،
وان يتعافى سريعا.

وهو من الذين ساورد مساهمتهم في موضوعة:
البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني
وسيكون مرجعي بوسته المشهور،
وساحاول الاتصال به لارشادي الى مصادر اخرى ،قد تساعدني في الحديث عن مساهمته المقدرة حول :
البدائي النبيل
محبتي
المشاء

Post: #266
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 06:16 PM
Parent: #265

قال الصديق منصور:
Quote: إن الذى حيرنى فيما ذكره دكتور عبدالله على عن شفرة الكرم أوالكرم وعلاقته بالإجتماع واسامه الخواض من خريجى علم الإجتماع لا أدرى كيف ينكر بدهيه لا يود أن يدرسها فى الفصول لأن فى الفصول تدرس الخطوط العريضه لا التفاصيل والكرم صفة تلحق بالناس أو تنتفى عنهم كماهو معروف أو كما عبر عنه الدكتور
فإن كانت لدى البدائين فتكنون ذات طبيعه أنثربولجيه ولو كانت لأهل التمدن تكون ذات طبيعه إجتماعيه لأن البدائى يجود لك بأروع ما يعتقد من أجود ما يمتلك إن كان لبنا أو بليله أماأهل التمدن ربما يخيروك إن كنت فى حاجة إلى طعام أو إلى شراب كأن أقدم إلى وأسامه وأطلب شايا أو بيبسى ويتفضل هاشا باشا بإعطائى ذلك فطريقة التقديم ونوعية المقدم تكون سلوكا للإنسان إما مدنيا أوبدويا أو بدائيا مما يدخله فى الإجتماع أو الأنثربولجى وهذا ليس بنجر ولكن من واقع تحصيل ودراسه ثم ملئ عراميس وإنى أستنكر دهشة الأستاذ أسامه ولأنها قيلت الآن فستكون مرجعا موثوقا فيه الشئ الذى أقصده دعوة الأستاذ والشاعر أسامه بالإبتكار لأن النقد فكرا ليس بفلسفة محضه ولا بعلم رجد أوقح ولأوسامه وللكل ودى


عزيزي منصور:
كلامي هو عن العمق ،
والدخول عميقا في التفاصيل بخصوص "علم اجتماع الكرم"،
وفي هذه الحالة ،
لن ارتكز على الابتكار،
والركون الى البديهيات.

ويبدو انك قد اطّلعت على هذا العلم الجديد.

ومما يسرني ان تورد لنا لنكات ،
ومصادر بخصوص هذا العلم الجديد.

ثانيا:

انت تتحدث عن "البدائي"،بدون ان "يطرف لك جفن"،
ولا أفعل ذلك.
فهذا مصطلح كريه،وقد تم نقده نقدا لاذعا،ويشار اليه الآن بين "مزدوجين".

ثالثا:

ثنائية "البدائي" و المتحضر هي ثنائية طرحت ضمن ثنائية:
الطبيعة و الحضارة
ولك ان ترجع الى نقد اشتراوس لما سمّاه بالعقل الهمجي.
ولذلك فالثنائية التي تأسست في علم الانثربولوجيا الكولونيالي،
ليست بين العلاقات الانثربولوجية والعلاقات الاجتماعية ،
كما تفضلت،
وانما بين العلاقة ذات الصلة بالطبيعة والعلاقات ذات الصلة بالحضارة.
ولك ان ترجع الى مقالة :
تحالف الهاربين
ل:ع.ع. ابراهيم،
في خصوص العلاقة بين الطبيعة والحضارة.

رابعا:

هذا ليس جوهر نقاشنا.
و يمكن ان اناقشك فيه بالتفصيل،
فقط بدون الاستناد الى الابتكار ،
وانما بالاستناد الى احدث الدراسات العلمية ،
وتاريخ المصطلحات والمفاهيم،
وتطورها.
مع تقديري

وفي انتظار الاستاذ :
سيف جبريل
محبتي
المشاء

Post: #267
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-15-2006, 06:29 PM
Parent: #266

الصديق الخواض

نتمنى الشفاء للمفكر عبد الله بولا

لكن انا قاصد عبد الله على ابراهيم

تحياتى للزوجة سلوى

Post: #269
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 06:51 PM
Parent: #267

قال صديقنا :
محمد سيد احمد
الآتي:
Quote: الصديق الخواض

نتمنى الشفاء للمفكر عبد الله بولا

لكن انا قاصد عبد الله على ابراهيم

معليش فهمتك خطأ،
أما بخصوص دعوة ع.ع.ابراهيم،
فهذة مسالة تخصه ،
وهو متابع جيد للاسافير،
وسبق ان رد على مداخلة ل:
عثمان محمد صالح
نشرها عثمان هنا،
ورد عليها ع.ع.ابراهيم في سودانايل.
هذه مسالة تخص ع.ع.ابراهيم،
و تنمنى ان ينضم الينا ،لو كانت ظروفه تسمح بذلك،
خاصة انه اكاديمي ،وربما لا تسمح ظروفه بذلك.
وسبق للراحل المقيم :
الخاتم عدلان
أن نبه الى غياب ع.ع.ابراهيم ،عن النقاشات الدائرة حوله.
لكنه متابع جيد ،
وواضح ذلك من عموده الاخير حول الشفرة الثقافية.
المهم تتبقى المسالة الاساسية ،
و هي النقاش حول مساهمته المهمة جدا في رايي ،
و المبتذلة في راي الآخرين.
واذا ما انضم الينا ،
فهذا أمر حسن.
و غيابه ايضا ،
لن يعيق مسار الحوار.
فنحن نتحدث عن افكار مفكر كبير بحجم ع.ع.ابراهيم،
والذي يرى الفيا انه لا يستحق ذلك ،
وأن :

Quote: بولا وغيره ،
يحاولون "التسويق "له بغير مبرر
.


ارقد عافية
وتحياتي للاسرة ،
والأصدقاء المشتركين.

وتقبّل تحيات "سلوى".
المشاء

Post: #268
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Saifeldin Gibreel
Date: 10-15-2006, 06:45 PM
Parent: #263

الاخ العزيز اسامة محبتى لك ولجميع الاخوة المتداخلين فى هذا المحفل المحضور بكوكبة من اولي العزم والمهتمين بشأن الثقافة البحثية والكتابة فى هذه الاسافير.
واشكرك اخى اسامة فالحديث عن شخصية فكرية فى قامة دكتور عبدالله على ابراهيم ليست بالسهل وانا هنا قصيرٌ قامة فالفيلسوف الالماني كانت له مقولة يقول فيها اذا ما وجدت الناس يختلفون فى آمر ما لدرجة الجدل مابين مساند ومعارض فأعلم ان هذا بشئ عظيم فلذلك أعتقد ان دكتور عبدالله يستمد عظمته من الاخلاف الفكري الناشب فى هذا الشان ولكن سوف اتطرق لاشياء الكثير منا خالي الزهن منها وهى ان دكتور عبدالله قارئ من الطراز الاول ، بمعنى قراءته للاشياء تختلف من اى شخص فهو يقرا الاشياء بزواية وابعاد مختلفة عن الاخرين فدكتور عبدالله يمكن أن يستنبط من قراءة لنص او حوار او معلم ليست له قيمةعند الكثير منا ويفزلكهافزلكا يجعل منها قيمة فكرية، فمن الاشياء التى يتميز بها دكتور عبدالله البحث والقراءة والاطلاع والفهم العميق والمتأنى للاشياء، فدكتور عبدالله يزكرك بأعلام مثل الاصفهاني وابن كثير حيث اذا ما عرف ان شخص ما لديه معلومة من الاهمية بمكان الا وارتحل اليه مهما كلفه ذلك ، وازكر جيدآ وكان الحديث بيننا عن شخصية الدكتور عبدالوهاب زين العابدين اول سكرتير للحزب الشيوعيي السوداني والكثير من المهتمين بالشأن السياسي وخاصة الاخوة الشيوعيين لا يعرفون شئ عن هذه الشخصية فزكرت لدكتور عبدالله معرفرتى الشخصية بأسرة المرحوم دكتور عبدالوهاب وأنه ترك مزكرات قيمة فعلى طول حزم امتعته وسافر للسودان ليطلع على هذه المزكرات ، وازكر عندماكنا نتجول فى نزهة سياحية فى مدينة سان فرانسيسكو كان فى معيته الكثير من الاوراق وقصاصات الجرائد وكان دومآ يطلب مني ان نتوقف لنقوم بتصوير مستند او قصاصات استلفها من دكتور على بوب او معلومة وجدها فى صحيفة ، حتى حفظه للمستندات يدل على أشياء كثيرة.
ولي عودة عن زيارتنا لسجن الكتراث فى معية دكتور عبدالله ولماذا كان مصرآ على زيارة هذا السجن.

Post: #270
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-15-2006, 07:10 PM
Parent: #268

سنحاول ان ننشر شهادة الاستاذ الصديق:
سيف جبريل
بتنسيق جديد
الاخ العزيز اسامة محبتى لك ولجميع الاخوة المتداخلين فى هذا المحفل المحضور بكوكبة من اولي العزم والمهتمين بشأن الثقافة البحثية والكتابة فى هذه الاسافير.
واشكرك اخى اسامة فالحديث عن شخصية فكرية فى قامة دكتور عبدالله على ابراهيم ليست بالسهل وانا هنا قصيرٌ قامة فالفيلسوف الالماني كانت له مقولة يقول فيها اذا ما وجدت الناس يختلفون فى آمر ما لدرجة الجدل مابين مساند ومعارض فأعلم ان هذا بشئ عظيم فلذلك أعتقد ان دكتور عبدالله يستمد عظمته من الاخلاف الفكري الناشب فى هذا الشان ولكن سوف اتطرق لاشياء الكثير منا خالي الزهن منها وهى ان دكتور عبدالله قارئ من الطراز الاول ، بمعنى قراءته للاشياء تختلف من اى شخص فهو يقرا الاشياء بزواية وابعاد مختلفة عن الاخرين فدكتور عبدالله يمكن أن يستنبط من قراءة لنص او حوار او معلم ليست له قيمةعند الكثير منا ويفزلكهافزلكا يجعل منها قيمة فكرية، فمن الاشياء التى يتميز بها دكتور عبدالله البحث والقراءة والاطلاع والفهم العميق والمتأنى للاشياء، فدكتور عبدالله يزكرك بأعلام مثل الاصفهاني وابن كثير حيث اذا ما عرف ان شخص ما لديه معلومة من الاهمية بمكان الا وارتحل اليه مهما كلفه ذلك ، وازكر جيدآ وكان الحديث بيننا عن شخصية الدكتور عبدالوهاب زين العابدين اول سكرتير للحزب الشيوعيي السوداني والكثير من المهتمين بالشأن السياسي وخاصة الاخوة الشيوعيين لا يعرفون شئ عن هذه الشخصية فزكرت لدكتور عبدالله معرفرتى الشخصية بأسرة المرحوم دكتور عبدالوهاب وأنه ترك مزكرات قيمة فعلى طول حزم امتعته وسافر للسودان ليطلع على هذه المزكرات ، وازكر عندماكنا نتجول فى نزهة سياحية فى مدينة سان فرانسيسكو كان فى معيته الكثير من الاوراق وقصاصات الجرائد وكان دومآ يطلب مني ان نتوقف لنقوم بتصوير مستند او قصاصات استلفها من دكتور على بوب او معلومة وجدها فى صحيفة ، حتى حفظه للمستندات يدل على أشياء كثيرة.
ولي عودة عن زيارتنا لسجن الكتراث فى معية دكتور عبدالله ولماذا كان مصرآ على زيارة هذا السجن.

Post: #271
Title: Re: مكانة الدكتور عبد الله وعلمه واسهاماته ليست محل جدال
Author: Agab Alfaya
Date: 10-15-2006, 09:45 PM
Parent: #1

اهلا وسهلا بالاخ الصديق / سيف جبريل
وحديثه عن صحبته للدكتور الفاضل / عبد الله على ابراهيم
واحب بهذه المناسبة ان اؤكد ان مكانة الدكتور وعلمه وشخصه واسهامه في الحياة الفكرية والاكاديمية على العين والراس وهذا ليس محل جدال او خلاف ولن يكون . وكنت قد اثبت ذلك منذ اول مرة اتناول فيها اعمال الدكتور بالنقد حيث جاء في مقالة : الآفروعربية بين الواقع ووهم الايديلوجيا :
Quote: ويأتي اهتمامنا بهذه المقالة من الاحترام الخاص الذي تحظى به كتابات الدكتور عبد الله على إبراهيم عند جمهور المثقفين . فهو رجل ذو أسلوب متميز جاذب في الكتابة وله مساهمات مقدرة في الكتابة الصحفية وفي القصة ، والمسرح إلى جانب تاريخه السياسي وخلفيته الفكرية المعروفة .

اذن هذا النقاش هو حصريا حول افكار الدكتور عبد الله التي طرحها في كتاباته حول الهوية والتي ينتقد فيها هو بالمقابل مساهمات زملاء اخرين سبقوه حول ذات الموضوع ولا احد فوق النقد . مع وافر الاحترام والتقدير للدكتور عبد الله على ابراهيم .

**
نتمني للدكتور عبدالله بولا عاجل الشفاء ونسال الله ان يديم عليه نعمة الصحة والعافية

Post: #272
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-15-2006, 11:37 PM
Parent: #1

نقطف من الذكر الحكيم :

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الأحزاب35

الأحباء هُنا

ننوه لتمتين النصوص المكتوبة :

الكتابة الفصيحة هي : الذكر ، وأذكر ، ويتذكر ....

Post: #273
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Saifeldin Gibreel
Date: 10-16-2006, 00:01 AM
Parent: #272

الاخ الاستاذ عبدالمنعم عجب الفية اشكرك على المداخلة ولي عودة ولكن سوف اقوم بأنزال هذاالمقال الذى كتبه دكتور عبدالله فى صحيفة الصحافة وسوف يكون لي تعليق بعد ذلك.

Quote: زيارتنا إلى سجن الكتراز

د. عبد الله علي ابراهيم
كُتب في: 2004-06-16



عرض عليَّ إبننا سيف الدين جبريل، من اهالي الجريف غرب، أن يفسحني في أرجاء مدينة سان فرانسسكو بعد فراغنا من جلسات مؤتمر الجمعية الأميركية للدراسات السودانية. وأطلعني على قائمة من متع المدينة التي يقصدها السواح. ولما ذكر سجن «الكتراز» ضمن القائمة قلت له هذا هو مطلوبي. فقال لي لماذا إخترت السجن. قلت له فوق رأي. فأنا مشغول منذ حين بهذا السجن من زاوية سودانية. فقد قرأت للدكتور حسن الترابي في صحيفة «الميثاق الإسلامي» (28-3-1965) منذ سنين أنه زار الولايات المتحدة أيام كان طالب دراسات عليا بفرنسا في منتصف الستينات بدعوة من منظمة ما. وطلب منها تحديداً أن ترتب له زيارة الى سجن الكتراز وقرية للهنود الحمر. وقدرت للترابي أنه إلتمس معرفة اميركا لا من أبراج أغنيائها بل من حفر مستضعفيها. وهذه عناية غراء بعقل المرء. وتساءلت في نفسي ماذا كان يا ترى سيطلب ناشئة يساري مثلي من منظمة دعته الى أميركا على ذلك العهد. وتذكرت بيت أبي نواس:

عاج الشقى على رسم يسائله وعجت أسأل عن خمارة البلد

لقد عاج الترابي على رسم الكتراز ومستوطنة الهنود وعجنا الى خمارة البلد. وقال الترابي للجريدة إنه وجد النظام الإداري للهنود الحمر قريباً جداً من نظام الإدارة الأهلية عندنا. وهذه تذكرة للذين متى ذكر عنف الأرياف الحالي تحسروا على عهد الإدارة الأهلية. فالإدارة الأهلية هي حظيرة حكومية ترتبها الصفوة السياسية أياً كانت للأهالي كجماعات لا تستحق آلة الحكم الحديثة. وهذا من قلة الحيلة لا سعتها. فقضية ديمقرطية الريف قد تأجلت طويلاً لعقيدة الصفوة الحاكمة في الإدارة الأهلية. ولهذا يأخذ الريف الآن بخناق المدن.

يأخذ سجن الكتراز بألباب الأميركان أخذاً شديداً. فحوله فيلم مشهور وتصدر الكتب بسخاء عن حياة مساجينه. ويسمونه الصخرة لأنه مبنى شاهق في جزيرة مقابلة لمدينة سان فرانسسكو. بدأ كسجن حربي (1859-1933) ثم إنضم الى مصلحة السجون الأميركية في 1934، وكان حتى إغلاقه في 1963 هو «أم السجون» يضبط فيه عتاة المجرمين ممن فيهم عادة الهرب من الحبس. وكان فيه مثلاً آل كابوني العصبجي المعروف في شيكاغو.

فإذا جاءوا بالعتاة إليه إنسد أمامهم باب الهرب. فلم يهرب منه أحد وعاش ليحدث الناس عن فعلته. فقد حاول الهرب «36» سجيناً طوال عهده. وقد أٌحبطت محاولتهم سوى «5» منهم أفلتوا ولم يسمع احد عنهم قط. والأرجح انهم غرقوا من فرط الإرهاق عوماً الى البر. فالماء في خليج سان فرانسسكو بارد ورياحه سافية. وقال مدير السجن مرة لما سمع أنه سيكون هناك هروب جماعي: «شدوا حيلكم. عوموا بقى!». وربما كانت إستحالة الهرب من السجن هي التي تشد الأمريكيين الى هذا السجن المهجور. فهو النقيض الأعظم لما تربوا عليه من توقير الحرية والطلاقة. ولهذا يخيم على سواح السجن صمت وذهول وتكذيب لما يرونه بعيونهم وهم يمشون على ردهاته تحيط بهم زنازينه القاسية بما في ذلك «كهوف زنازين العقوبات» التي هي سجن داخل السجن. فالكتراز أدنى شيء الى القبر. ولهذا قال أحد مساجينه: «لقد مات في نفسي كلَّ شيء. فليس بوسع أحد الآن إيذائي».

Post: #274
Title: حتى لا ننسى: عن تسويق "عبد الله على ابراهيم"
Author: osama elkhawad
Date: 10-16-2006, 00:27 AM
Parent: #273

شكرا صديقنا :

سيف جبريل

على شهادتك المقدرة في نظرنا الضعيف.

سبق للفيا أن وضّح في نقاش له مع :
بولا

سبق أن وضّح:
سبب ملاحقته ل:ع.ع.ابراهيم.

و ضمن ذلك التوضيح،

اتهم بولا ،
وآخرين، ب:

"التسويق " لافكار ع.ع.ابراهيم.

وسنعود باللنك،

حتى لا ننسى

محبتي للجميع

Post: #276
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-16-2006, 01:34 AM
Parent: #273

Quote: فقد قرأت للدكتور حسن الترابي في صحيفة «الميثاق الإسلامي» (28-3-1965) منذ سنين أنه زار الولايات المتحدة أيام كان طالب دراسات عليا بفرنسا في منتصف الستينات بدعوة من منظمة ما. وطلب منها تحديداً أن ترتب له زيارة الى سجن الكتراز وقرية للهنود الحمر. وقدرت للترابي أنه إلتمس معرفة اميركا لا من أبراج أغنيائها بل من حفر مستضعفيها. وهذه عناية غراء بعقل المرء. وتساءلت في نفسي ماذا كان يا ترى سيطلب ناشئة يساري مثلي من منظمة دعته الى أميركا على ذلك العهد. وتذكرت بيت أبي نواس:

عاج الشقى على رسم يسائله وعجت أسأل عن خمارة البلد

لقد عاج الترابي على رسم الكتراز ومستوطنة الهنود وعجنا الى خمارة البلد.

شكرا الاخ الاستاذ /سيف جبريل على تزويدنا بهذه القطعة النثرية الهامة للدكتور عبد الله علي ابراهيم

Post: #275
Title: Re: تحالف الهاربين ام هروب المتحالفين ؟!
Author: Agab Alfaya
Date: 10-16-2006, 01:17 AM
Parent: #1

مواقع النجوم: تحالف الهاربين أم هروب المتحالفين؟!
د. مختار عجوبة


العلاقة بينى وبين الدكتور عبدالله على إبراهيم، ليست علاقة فكرية أو علاقة صداقة وأخوة فحسب ولكنها علاقة ضاربة بجذورها فى الوطن وربما القبيلة والعشيرة والجيرة بكل أبعادها وخيوطها وتشابكاتها، يفصل بيننا فى الوطن، نهر النيل، والنيل لم يكن فاصلاً بين الناس فى الماضى، وان أرادو ركبوه بالمراكب، وان لم يجدوها ركبوه عوماً لزيارة الأولياء والصالحين أو لزيارة الأهل، أو قد تدفع بهم إليه رزمات "الدليب" أو نقرات الطار أو نغمات الطمبور أو حنين السواقى أو خرير الجداول والآذآن عند الفجر، بما فى ذلك أصوات الديكة.

وفى برنامج مواقع النجوم كان ينبغى استضافة من عرفوا عبدالله على ابراهيم منذ نشأته مروراً بدراسته وعضويته فى جماعة أصدقاء نهر العطبرة الأدبية، وأبادماك ونشاطه العلنى والسرى ثم خروجه على انتماءاته السياسية السابقة، وما خلفه من جراحات وخصومات وفش متبادل للغبينة كتابة.

وأنا –لاشك- مدين للأخ عبدالله بعض المديونية، فعندما وفدت الى السودان لجمع بعض الأدبيات عن القصة الحديثة فى السودان، كان الأخ عبدالله من أوائل الذين رحبوا بى وأكرموا وفادتى فقد قاسمتهم طعامهم وشرابهم فى احدى داخليات جامعة الخرطوم التى تخرجوا فيها هو والأخ أحمد عبدالرحيم نصرحيث كانا يحضران للدراسات العليا، وقد كنت أتوقع أن تظهر اسهامات الأخ عبدالله فى وقت مبكر، ولذلك رأيت انغماسه فى العمل السرى فى مراحل لاحقة مضيعة لمقدرات وطاقات أو اهدار لها لن يفيده ولن يفيد حزبه السياسى مستقبلاً، هذا ما حدث بالفعل.

منذ أن التقيت به مرة أخرى من خلال جماعة أبادماك لاحظت أنه هو الأب الروحى أو أحد الآباء الروحيين لهذه الجماعة، ولكنه يديرها عن بعد، وكلمته نافذة فيها، فهو يظهر كالطيف، ثم يذهب وكأنه يزاول نشاطاً آخر، كان هذا ظاهراً جداً فى رحلة أبادماك الى الجزيرة كانت رحلة موفقة، وعن انطباعاتى حول هذه الرحلة، دارت أول مقالة قصيرة أكتبها لصحيفة وكانت الصحافة فى ذلك الحين، تحت عنوان "أبادماك فى القرية" والقرية المقصودة هى طيبة الشيخ عبدالباقى حيث كانت القبة فى ليلة مطيرة تردد صدى أشعار المرحوم على عبدالقيوم، فكأنها عقدت تصالحاً بين "أبادماك" من العصور النبتية والمروية مع الإسلام والصوفية. ومن هنا كان من المفترض ان يكون مرتكز الحوار مع الدكتور عبدالله على إبراهيم فقد أباح لنفسه الهروب إلى حضارة نبتة ومروى وأنكر على رفاقه وزملاء دربه الهروب إلى الغابة والصحراء فالدعوتان الأباداماكية ومدرسة الغابة والصحراء يلتقيان ولايفترقان ولكن يبدو أن عبدالله عندما كتب مقالته عن "الآفروعربية" أو تحالف الهاربين، كان يرمى إلى ضرب آخرين متشفياً وكاشفاً لتخفيهم وراء هذه الدعوة، ولذلك عندما سئل فى برنامج "مواقع النجوم" عن تلك المقالة، لم يجب عليها صراحة ولاضمناً ولكنه لجأ إلى لجج القول، وكأنه يعتذر عما بدر عنه فى مقالته، والمشكلة أن من يكتب بدافع التشفى، ينسى دائماً ما كتبه بمجرد أن يزول غله أو يتبين خطأه.

وقد وقع الأخ عبدالله فى كثير من الأخطاء فى مقالته آنفة الذكر سواءً فيما يتعلق بالمنهجية أو بالوقائع التاريخية والحيثيات الفكرية فالإنسان عندا تعوزه الحجة يلجأ إلى غريب الكلام وحوشيه، ولاأظن لغة عبدالله التى ظهر بها فى الحلقات المذكورة لغة تمس شفاف قلوب من لا "حنك" لهم من الضعفاء والمستضعفين فى الأرض، حتى ولو كانوا من الصفوة التى تتشدق برنين جرس الكلمات أكثر من مضامينها، فهل مثل تلك اللغة التى كان يتصيدها الأخ عبدالله يمكن أن تكون مفهومة لسكان الكرتون أو السارحين بإبلهم فى بادية الكبابيش أو لسارقى السبيكة فى ورش السكة حديد من أبطال أو شخوص قصص عبدالله؟ لقد كنت أستغرب أحياناً من إهتمام الأخ عبدالله باللغة، فقد أتيحت لى فرصة لقاء معه، وقد كان حول مقالة عن اللغة كتبها أثناء فترة إختفائه، ولعيب بى، فإننى لم أفهم ما كان يرمى إليه، ولكننى على الأقل فهمت مرماه أخيراً، فربما كان يريد الإهتداء بالأستاذ عبدالخالق محجوب، فقد قال أنه أول ماكتب كان ترجمة لكتاب "الماركسية واللغة"- ليس هذا هو المهم، لكن الذين إشتركوا فى محاورة عبدالله على إبراهيم وخاصة فى الحلقة الأخيرة، يبدو أنهم لايعرفون، أو أنهم لم يقرأوه، وإن قرأوه، فإنهم لم يجيدوا قراءته، لذلك كانت كل إجابة منه تلقى قبولاً حسناً منهم حتى ولو لم تكن ذات صلة بالسؤال أو أنها إبتعدت عنه بصورة ماكرة، وفقاً للمصطلحات التى أكثر الأخ عبدالله من إستخدامها، للتمويه على السائل أو على المشاهد معاً، ربما كان المحاورون مجاملين أو منبهرين، ولذلك لم يستطيعوا أن يخرجو من عبدالله بأفضل ما عنده، لم يكن يشعر بأن هناك محاوراً يتحداه فأطلق لنفسه العنان، حتى فى جلسته التى لاتشبه حنك الغلابة فى شئ..

كم أتمنى أن يكون الأخ عبدالله أو أن نكون جميعاً حنكاً للغلابة، حتى لانموت وفى حنكنا شئ من حتى، وهذا قدر السودانيين، أن يموتوا وفى حنكهم الكثير الذى لم يُفعل او يُقال، وان قيل فقد لايُسمع، يصدق هذا على عامة الناس وخاصتهم الذين يموتون وفى انفسهم شئ من حتى بمختلف مواقعها من الاعراب، بل وشئ من كان واخواتها وإن وأخواتها، لقد مات الأزهرى مسموماً كما يقال ومات الهادى مقتولاً وعبود مرغوباً وعبدالخالق مشنوقاً وقد يموت نميرى مخلوعاً والترابى معقوقاً والميرغنى منفياً والصادق وفى نفسه شئ من التاءات. وهكذا قد يموت اعضاء جماعة او مدرسة الغابة والصحراء مثلما مات كثيرون من جماعة ابادماك او شاخوا مثلنا او هربوا.. منها مثل عبدالله، ولم يتحقق شئ من أحلامهم أو مشروعاتهم المعلقة الى أن يقضوا نحبهم، كما قضى نحبهم أعضاء مدرسة الفجر، التى لم تكن إلا صدى لمدرسة الفجر المصرية، فهلا راجع الأخ عبدالله على إبراهيم وثائقه، بدلاً من الارتكان الى المسلمات.

ومدرسة الغابة والصحراء، تنسب الى المدرسة كنوع من التجاوز خلافاً لجماعة أبادماك التى كانت تنظيماً محكماً وبعضوية تتسم بالتحديد الى أبعد حدود، ولها أهداف ظاهرة وربما خفية، ولكنها فى النهاية كانت فى إعتقادي وتجربتى حركة خيرة، وفى الخيرية اشتركت مع جماعة الغابة والصحراء، ومنهم على وجه التحديد محمد المكى إبراهيم والنور عثمان أبكر الذى ترأس اجتماعات أبادماك قبل القضاء على حركة هاشم العطا، أما المرحوم محمد عبدالحى، فقد كانت له تحفظات تجاه قولبة الإبداع فى تنظيمات، على الرغم من أنه حضر بعض أنشطة أبادماك الثقافية فى دار الثقافة.

لقد كنت أتوقع أن يحاكم الأخ عبدالله فى مقالته "تحالف الهاربين" نفسه قبل أن يحاكم غيره، متهماً إياهم بمحاولة الهروب من الطرح الإسلامى إلى الطرح العلمانى لمجرد التستر وراء الجنوبيين ليرخص لهم ذلك معاقرة الخمور، وهنا يتفق خطاب الأخ عبدالله مع الخطاب التحريضى للدكتور حسن الترابى، وهذا تبسيط مخل للأمور سواء بصورة واعية قُصد بها التشفى أو فش الغبينة أو الضغينة أو حتى الفتنة التى يحذر منها عبدالله على إبراهيم فى محاولات تقربه لأطروحات الدكتور حسن مكى ومحاذيره حول أفرقة العاصمة، ولكن عبدالله ينسى قبل فترة وجيزة من البرنامج انه كان يشير الى "الكرتون" أو الامتدادات العشوائية التى تعكس ممارسة حقيقية وليست صفوية لمفهوم الهوية، والهوية مصطلح آثر الدكتور محمد عبدالحى عدم استخدامه واستبدله بالإلفة بالكسر حسب قول عبدالله، وقد فات عليه أن الإلفة بالكسر تعنى المرأة حين تألف زوجها ويألفها، أما ماقصده فهو الالفة بالضم وهى المحبة على طريق السالكين من الصوفية، ومرة أخرى يقف الدكتور عبدالله على إبراهيم موقفاً من الصوفية المهاجرة الى العاصمة لايفصح عنه، كما لم يفصح عن مخاطر الإمتدادات السكنية وان أوحى بذلك ضمناً وترك الأمر لفطنة المشاهد العربى.

لقد أتيحت لى فرصة المشاركة فى ندوة عن أصول الثقافة السودانية نظمتها ونشرتها فيما بعد مجلة الثقافة السودانية فى عام 1978م، وقد إشترك فى الندوة الدكتور عبدالله والدكتور على عثمان محمد صالح والدكتور نورالدين ساتى والأستاذ عبدالله جلاب وشخصى، وكانت أطروحات كل المشاركين من صميم الانطلاق العفوى لإيجاد مرتكز للتصالح بين الثقافة العربية والثقافات الإفريقية المتوارثة، ما عدا عبدالله على إبراهيم، فقد كان طرحه عروبياً خالصاً، ويبدو أنه فى ذلك الوقت بدأ التململ من التزاماته السياسية السابقة، لأن خطابه أثناء وجودنا فى أبادماك كان خطاباً مختلفاً حيث كُنا جميعاً نحاول أن نستمد الحكمة والإلهام والشجاعة من رؤوس أبادماك الثلاثة بعد أن هب واقفاً كما أخبرنا بذلك الأستاذ عبدالله جلاب، وفى بالنا فى ذلك الوقت سلطنة سنار أو السلطنة الزرقاء أومملكة الفونج حيث لاندرى حتى الآن من أطلق هذه المسميات على هذه الدولة الفتية التى يحاول أن يقنعنا الدكتور عبدالله على إبراهيم بأنها أول دولة عربية إسلامية، ولكن الصحيح أنها أول دولة سودانية بعد الممالك المسيحية، ولكنها لم تصف نفسها يوماً بأنها عربية كما أنها لم تصف نفسها بأنها إسلامية إلا بعد أن سيطر على مكاتباتها الفقهاء لحمايتها أو التقرب الى الخلافة العثمانية، بل وهناك من الباحثين كالدكتور عوض السيد الكرسنى من يرجح بأنها نشأت وثنية ثم تأسلمت تدريجياً، ولن تبين لنا حقيقتها إلا من خلال دراسة طقوس ومراسم الملك وتنصيب الملوك ومبايعاتهم وبروتوكولاتهم.

إذن الرجوع إلى سنار لايعنى الرجوع الى العروبة والإسلام فحسب، ولكنه كان بالنسبة لمدرسة أو جماعة الغابة والصحراء يعنى الرجوع الى مكونات الدولة السنارية، فى ذلك الوقت بأبعادها العربية والإفريقية على حد سواء، ومن الخطأ فى كثير من الأحيان أن نقرن بين العروبة والإسلام فى السودان وكأنهما متلازمان، فالشواهد التاريخية تدل على أن كثيراً من القبائل السودانية التى تمت أسلمتها كان لها الفضل فى نشر الإسلام المدرسى أكثر من القبائل العربية الضاربة فى البداوة كالكبابيش والشكرية، وهذا جانب آخر أغفله عبدالله عمداً وكأن الحرية والإنطلاق وقف على الجماعات الزنجية، ولو درس هذه الجماعات دراسة أنثروبولجية تاريخية لوجد أن بعضها على الأقل كان أكثر محافظة من القبائل البدوية العربية، ولم يقض على محافظتها إلا انفتاحها حربياً أو تجارياً على الشمال، وفى أشعار الكبابيش ومسادير الشكرية الكثير الذى كان يمكن للأخ عبدالله أن يستنهض أو يستخلص منه صراحة أن العلمانيين أو جماعة الغابة والصحراء لم يكونوا فى حاجة إلى الهروب إلى طيش الأفارقة، ففى تاريخنا فى الشمال كان هناك من هم أكثر طيشاً لو صح هذا التعبير (طيش) وهو غير صحيح حتماً إذا نظرنا له فى سياقه التاريخى، فعلى الأخ عبدالله أن ينظر إلى دعوات جماعة الغابة والصحراء فى ضوء المقارنة بينها وبين أبادماك بدلاً من أن يحاول الهروب إلى أمام من تبعات أبادماك، وتبعاته فى إعتقادى جيدة، فلم الهروب، أو ما أطلقنا عليه هروب المتحالفين الباحثين عن مواقع لهم من الإعراب، وقد لايجدونها فى ضوء الرقابة المحكمة. كما أن عليه أن ينظر إلى إبداعاتهم فى ضوء الأدب الشعبى على الأقل عند الكبابيش وفى منطقة الرباطاب وهذه صنعته!!..

أما من الناحية المنهجية، فقد حاول الدكتور عبدالله على إبراهيم أن يتصيد جماعة الغابة والصحراء ويقتطف من أقوالهم ما يسند وجهة نظره فحسب وفى فترة باكرة من عمرهم ورجوعاً إلى مراجع لايمكن الإرتكان إليها فى بحث أكاديمى ناضج مع محدودية ما رجع إليه، وهو بهذا إنما يحجم جماعة الغابة والصحراء فى أضيق نطاق لايتجاوز جامعة الخرطوم وممن زاملوه فيها، علماً بان إبداعاتهم لاتكوِّن مدرسة بقدر مايمكن أن نطلق عليه اتجاهاً، وهو الإتجاه التحررى الأفريقي، ويشاركهم فيه شعراء سودانيون آخرون، منهم جيلى عبدالرحمن وتاج السر الحسن ومحي الدين فارس، والفيتورى، كما أن بعض جماعة الغابة والصحراء ربما كانوا فى الحقيقة متأثرين بالفلسفة الوجودية ويظهر ذلك فى بعض اسقاطات النور عثمان أبكر، كقوله (حين أفكر.. وحيث أكون) فهى إعادة إنتاج لقول (ديكارت) أنا أفكر فإذن أنا موجود، أو قول (سارتر) أنا موجود فإذن أنا أفكر.. أما اسهاماتكم فى توصيات مؤتمر الحوار الوطنى 1989م.. فلا أدرى ما مكانتها من اطروحات جماعة الغابة والصحراء إذا كانت توصيات المؤتمر قد أُعدت قبل أربع سنوات من انعقاده وإلا فأسألوا أهل الذكر.. أهل الله.. ناس دفع الله وتاج الدين!! آمين..


المصدر: تحالف الهاربين أم هروب المتحالفين؟! صحيفة الخرطوم الإثنين 19 فبرائر2001

مواقع النجوم: تحالف الهاربين أم هروب المتحالفين؟!

Post: #277
Title: Re: افادات شاهد على عصر الغابة والصحراء وابادماك
Author: Agab Alfaya
Date: 10-16-2006, 02:49 AM
Parent: #1

Quote: ومن هنا كان من المفترض ان يكون مرتكز الحوار مع الدكتور عبدالله على إبراهيم فقد أباح لنفسه الهروب إلى حضارة نبتة ومروى وأنكر على رفاقه وزملاء دربه الهروب إلى الغابة والصحراء فالدعوتان الأباداماكية ومدرسة الغابة والصحراء يلتقيان ولايفترقان ولكن يبدو أن عبدالله عندما كتب مقالته عن "الآفروعربية" أو تحالف الهاربين، كان يرمى إلى ضرب آخرين متشفياً وكاشفاً لتخفيهم وراء هذه الدعوة، ولذلك عندما سئل فى برنامج "مواقع النجوم" عن تلك المقالة، لم يجب عليها صراحة ولاضمناً ولكنه لجأ إلى لجج القول، وكأنه يعتذر عما بدر عنه فى مقالته، والمشكلة أن من يكتب بدافع التشفى، ينسى دائماً ما كتبه بمجرد أن يزول غله أو يتبين خطأه، وقد وقع الأخ عبدالله فى كثير من الأخطاء فى مقالته آنفة الذكر سواءً فيما يتعلق بالمنهجية أو بالوقائع التاريخية والحيثيات الفكرية

Quote: ومدرسة الغابة والصحراء، تنسب الى المدرسة كنوع من التجاوز خلافاً لجماعة أبادماك التى كانت تنظيماً محكماً وبعضوية تتسم بالتحديد الى أبعد حدود، ولها أهداف ظاهرة وربما خفية، ولكنها فى النهاية كانت فى إعتقادي وتجربتى حركة خيرة، وفى الخيرية اشتركت مع جماعة الغابة والصحراء، ومنهم على وجه التحديد محمد المكى إبراهيم والنور عثمان أبكر الذى ترأس اجتماعات أبادماك قبل القضاء على حركة هاشم العطا، أما المرحوم محمد عبدالحى، فقد كانت له تحفظات تجاه قولبة الإبداع فى تنظيمات، على الرغم من أنه حضر بعض أنشطة أبادماك الثقافية فى دار الثقافة.


Quote: لقد كنت أتوقع أن يحاكم الأخ عبدالله فى مقالته "تحالف الهاربين" نفسه قبل أن يحاكم غيره، متهماً إياهم بمحاولة الهروب من الطرح الإسلامى إلى الطرح العلمانى لمجرد التستر وراء الجنوبيين ليرخص لهم ذلك معاقرة الخمور، وهنا يتفق خطاب الأخ عبدالله مع الخطاب التحريضى للدكتور حسن الترابى، وهذا تبسيط مخل للأمور سواء بصورة واعية قُصد بها التشفى أو فش الغبينة أو الضغينة

Quote: لقد أتيحت لى فرصة المشاركة فى ندوة عن أصول الثقافة السودانية نظمتها ونشرتها فيما بعد مجلة الثقافة السودانية فى عام 1978م، وقد إشترك فى الندوة الدكتور عبدالله والدكتور على عثمان محمد صالح والدكتور نورالدين ساتى والأستاذ عبدالله جلاب وشخصى، وكانت أطروحات كل المشاركين من صميم الانطلاق العفوى لإيجاد مرتكز للتصالح بين الثقافة العربية والثقافات الإفريقية المتوارثة، ما عدا عبدالله على إبراهيم، فقد كان طرحه عروبياً خالصاً، ويبدو أنه فى ذلك الوقت بدأ التململ من التزاماته السياسية السابقة، لأن خطابه أثناء وجودنا فى أبادماك كان خطاباً مختلفاً حيث كُنا جميعاً نحاول أن نستمد الحكمة والإلهام والشجاعة من رؤوس أبادماك الثلاثة

Quote: إذن الرجوع إلى سنار لايعنى الرجوع الى العروبة والإسلام فحسب، ولكنه كان بالنسبة لمدرسة أو جماعة الغابة والصحراء يعنى الرجوع الى مكونات الدولة السنارية، فى ذلك الوقت بأبعادها العربية والإفريقية على حد سواء، ومن الخطأ فى كثير من الأحيان أن نقرن بين العروبة والإسلام فى السودان وكأنهما متلازمان، فالشواهد التاريخية تدل على أن كثيراً من القبائل السودانية التى تمت أسلمتها كان لها الفضل فى نشر الإسلام المدرسى أكثر من القبائل العربية الضاربة فى البداوة كالكبابيش والشكرية

Quote: وفى أشعار الكبابيش ومسادير الشكرية الكثير الذى كان يمكن للأخ عبدالله أن يستنهض أو يستخلص منه صراحة أن العلمانيين أو جماعة الغابة والصحراء لم يكونوا فى حاجة إلى الهروب إلى طيش الأفارقة، ففى تاريخنا فى الشمال كان هناك من هم أكثر طيشاً لو صح هذا التعبير (طيش) وهو غير صحيح حتماً إذا نظرنا له فى سياقه التاريخى، فعلى الأخ عبدالله أن ينظر إلى دعوات جماعة الغابة والصحراء فى ضوء المقارنة بينها وبين أبادماك بدلاً من أن يحاول الهروب إلى أمام من تبعات أبادماك، وتبعاته فى إعتقادى جيدة، فلم الهروب، أو ما أطلقنا عليه هروب المتحالفين الباحثين عن مواقع لهم من الإعراب، وقد لايجدونها فى ضوء الرقابة المحكمة. كما أن عليه أن ينظر إلى إبداعاتهم فى ضوء الأدب الشعبى على الأقل عند الكبابيش وفى منطقة الرباطاب وهذه صنعته!!..


Quote: أما من الناحية المنهجية، فقد حاول الدكتور عبدالله على إبراهيم أن يتصيد جماعة الغابة والصحراء ويقتطف من أقوالهم ما يسند وجهة نظره فحسب وفى فترة باكرة من عمرهم ورجوعاً إلى مراجع لايمكن الإرتكان إليها فى بحث أكاديمى ناضج مع محدودية ما رجع إليه، وهو بهذا إنما يحجم جماعة الغابة والصحراء فى أضيق نطاق لايتجاوز جامعة الخرطوم وممن زاملوه فيها، علماً بان إبداعاتهم لاتكوِّن مدرسة بقدر مايمكن أن نطلق عليه اتجاهاً، وهو الإتجاه التحررى الأفريقي، ويشاركهم فيه شعراء سودانيون آخرون، منهم جيلى عبدالرحمن وتاج السر الحسن ومحي الدين فارس، والفيتورى،


من مقال الدكتور مختار عجوبة : تحالف الهاربين ام هروب المتحالفين ؟

الوارد نصه اعلاه

Post: #278
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-16-2006, 03:44 AM
Parent: #1

شكرا للاستاذ الفنان عبد الله الشقليني
على ما ظل يتحفنا به من شذرات من الشعر والادب والتعليقات اللطيفة اللماحة
والشكر له على ابراد شيء من ترجمة العودة الى سنار لمحد عبد الحي

نرحب ايضا بعودة الاخ الاستاذ محمد سيد احمد

Post: #279
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-16-2006, 04:22 AM
Parent: #278

شكرا للصديق عجب الفيا على مقالة مختار
فى المقالة اقف امام
ملاحظة ان د عبد الله يكتب بدافع التشفى والشخص الذى يكتب بدافع التشفى ينسى دايما ما كتبه بمجرد ان يزول غله
وهذه ملاحظة اشار اليها الخاتم واعتقد انها امر جوهرى يتضح فى ثنايا كتابات د عبد الله ولم يسعفه الذكاء المتوقد فى اخفائه
يقول عجوبه
الانسان عندما تعوزه الحجة يلجا الى غريب الكلام وحوشيه

يقول ايضا
(كانت اطروحات كل المشاركين فى صميم الانطلاق العفوى لايجاد مركز للتصالح بين الثقافة العربية والثقافات الافريقية ماعدا د عبد الله فقد كان طرحه عروبيا خالصا)

اتفق مع د عجوبة فى وصف الغابة والصحراء بانه اتجاه وليس مدرسة تتسع لتضم جيلى والفيتورى وتاج السر

Post: #280
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-16-2006, 11:04 AM
Parent: #1

الأحباء ...
نعم لم يزل في الكأس باق

ينقصنا نص ( ..... تحالف الهاربين .... )

ذلك المقال المُثير للجدل ، قرأته مرة ،
ثم فقدته ،

رجاء من كانت له الميسرة ليُتحفنا به ،
وبه تكتمل الصورة مع رؤى المختلفين مع الدكتور
حول أفكاره الي وردت في المقال

Post: #281
Title: Re: نص : الآفروعربية او تحالف الهاربين
Author: Agab Alfaya
Date: 10-16-2006, 11:43 AM
Parent: #1

الاستاذ عبد الله الشقليني
كنت قد نوهت في بداية هذا البوست الى ان نص ورقة تحالف الهاربين موجود ضمت بوست : الافروعربية بين الاقع ووهم الايدلوجيا. ولكن يبدو انه كان من الافضل اعادة انزالها هنا على نحو منفصل لسهولة الرجوع اليها لانها تشكل محور هذا النقاش .

هنا الرابط الى النص الكامل الى : الافروعربية .. او تحالف الهاربين

Re: النص الكامل لورقة د.عبدالله علي ابراهيم

Post: #282
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-16-2006, 12:29 PM
Parent: #1

لقد وضعت يدك يا صديقي / محمد سيد احمد ، على النقاط الرئيسية في قراءة الدكتور مختار عجوبة لورقة : تحالف الهاربين للدكتو عبد الله علي ابراهيم .
ومختار عجوبة كاتب وباحث واستاذ محاضر في علم الاجتماع
ولد بالباسا مركز مروي سنة 1942
تخرج من قسم اللغة العربية والدراسات الاسلامية كلية دار العلوم
جامعة القاهرة سنة 1965
ومن اهم اعماله: القصة الحديثة في السودان صدرت طبعته الاولي
عند دار نشر جامعة الخرطوم سنة 1972 ويعد مرجعا رائدا في هذا المجال

وله كتابات ابداعية
منها :
- عندما يهنتز جبل البركل : مجموعة قصصية 1976
- صالح والجبل - رواية 1976
- السمتروية - قصص وبوميات 1988
- الي جانب العديد من البحوث والمقالات .

Post: #283
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-16-2006, 05:58 PM
Parent: #1


الأحباء هُنا :
مرفق مقال فيه نص من لغة نثر الأديب الراحل : محمد أحمد محجوب
، يكتُب في رحيل : عرفات محمد عبدالله ، نقلناه قديماً
في منتدى سودانيات ، وسودانايل .

به نتعرف على نثر المحجوب ورؤاه ولُغته حتى نُيسر الحكم المنصف
له أو عليه في موازين ( زوبعة ) الهوية
هذا هو اللنك :

http://sudaniyat.net/vb/showthread.php?p=45465#post45465[/B]

Post: #284
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-16-2006, 10:31 PM
Parent: #283

رحيل ( عرفات ) نجم لواء 1924 م
في رؤى : محمد أحمد محجوب

النص للأحباء ونخص الدكتور سيد ،
أن أعدنا ه من منتدى الكتاب بسودانيات إلى منتدى الحوار .

تقديم :
كتب الشاعر الهادي آدم :
ودمت بلادي للخائفين
أماناً وللمرتجي مأملا
سلاما على كل ذي همة
رأى فيك ِ ورد الردى منهلا
سلاما على كل مستشهد
توشحت من دمه ما غلا
سلاما على مثخن بالجراح
يدوس على جرحه مقبلا
وكل يراع أنار الطريق
فأذكى المشاعر أو أشعلا
وعشت على الدهر رمز الخلود
وبلغت أعلى الذرى منزلا
كتب ( المحجوب ) في صحيفة الفجر عن ( عرفات ) وقد رحل . زلزال ألم بالكائنات ، فرّت الطيور من فوق أفنانها ، و فرحت العيون الزرق . قد رحل اليوم مجداً من أمجاد أمة ، فماذا يا تُرى قد كتب ؟ . هنا بعض ما خطه قلم الأديب ( المحجوب ) في العام 1937 من الميلاد : ـ
( عرفات )
وإنه لحديث حزين هذا الذي تحويه صفحات الفجر هذه المرة ، لأنها تنتظم دموع شعب كريم عرف لأبنائه حقهم فقدره ، وشعر بفقدهم فبكاهم ، ولأنها تفيض بأنات الشباب ، وقد فُجع في حامل لوائه ، وتزدحم بالنظيم والنثير من كل لؤلؤي اكتسب الحمرة من وفاء القلوب المفجوعة وقضى هو ذوب المآقي الحسيرة . وكم كنا نود أن يكون حديث اليوم في( الفجر ) من فيض قلم عرفات السِحري يعالج فيه ما استعصى من شئوننا العامة ، ويحدثنا عن الواجبات ، ويفكرنا بالحقوق ، ولكن هكذا إرادة الله حكمت ولا راد لقضاء الله .
مات عند الفجر :
في فجر ذلك اليوم المشئوم استيقظت من نومي على صوت أقرب الناس إلى وأحناهم على عرفات في أيام علته التي قضى بعدها ، وما كدت أزيح الغطاء عن وجهي إلا وانفرجت شفتاه عن لفظتين لا يزال صداهما يتردد في أذني وقلبي " مات عرفات " . وهنا استولى عليّ الذعر ، وعقد لسان صاحبي وهو الذرب ، وجاش صدره بالحزن وفاضت عيناه بالدموع وأجهشت في البكاء ، وعهدي به لا يحزن على ميت و لا يبكي على فائت لأن مهنته جعلته يرى الأموات في كل يوم يغادرون هذه الدار إلى دار أخرى ، ولكنه فقد الصديق العزيز والرجل النافع يلينّ القلوب القاسية ويبعث الشجون الكامنة ويفجر الدموع من الجفون الجافة . أجل " مات عرفات " وهاأنذا أعدو في الطريق حاسر الرأس شارد اللب أسكب الدمع فلا يبرد علة ، وأرسل الصوت بالأنات الكامنة فلا يفرّج كربة ، وهاأنذا أدخل داره فإذا كل من فيها حزين ثاكل ، وإذا بطفلتيه الحبيبتين قد جللهما السواد ، وإذا بزوجه الوفية قد ذوت كالغصن الذابل ، وإذا بي أسترجع الذكريات سراعاً ، وإذا بي أرى آماله الكبيرة تنهار ، وإذا بي أرى مجلسه العامر ينطوي ، وإذا بي أرى الصحب يتلفتون ليروا هل من فتى يعقد له اللواء فترتد الأبصار حاسرة لأن الفتى قد قضى نحبه ، ولأن رب اللواء قد سقط في حومة الجهاد ، ولم يبق سوى الجند . فأبكي ويبكي من حولي ولكن ماذا يجدي البكاء .
النعي :
وما كادت أشعة الفجر الفضية تنمحي من أثر الفاجعة الأليمة وترتفع الشمس إلى كبد السماء ولكن بها كلف من أثر الحلكة التي كست الوجوه ، وأعشت العيون إلا وأقبلنا على بعضنا نتفاكر ونقول ،ولكن لعرفات علينا حقاً أكثر من هذا البكاء . لا بد من القيام به ، ولأمة ( عرفات ) علينا بعض الحق لا بدّ من وفائه . وأول ما فكرنا فيه أن ننعيه لأمته ، وهنا عقدت الألسنة التي تحسن الإملاء وجفّت الأقلام التي ما عودت الجفاف ، فهذا يدفع القرطاس إلى ذاك ، وهذا يحاول أن يملي فلا يفلح ، فأيقّنا أن الفجيعة لم تقف عند حد ، وإن هذا الموت لم يكفه القضاء على واسطة عقدنا وريحان مجلسنا ، بل ضاعف الفقد بأن عقد ألسنتنا وشلّ أقلامنا ، فعجزنا حتى عن نعي ( عرفات ) , وأخيراً بأيد مضطربة وشفاه راجفة ، وأكباد واجفة دفعنا إلى المطبعة النعي الذي وُزع على سكان العاصمة المثلثة في حينه ، والذي نشرناه فوق هذا الحديث ، فكان نعياً حزيناً مضطرباً يدل على أن الحزن عقال الألسنة الذربة ، وقيد الأقلام التي لا يكبحها قيد .
لفّ نعشه لون أخضر ، عليه كلمات عاش ومات ( عرفات ) من أجلها :
{ الحرية والنهضة والفجر }
تسابق الشيوخ والشباب يتخطفون النعش . أمة تبكي حملته إلى مدفنه ، و أكاليل الزهر على قبره تبدو يانعة . الخطباء يتباكون في مرقده ، وكنت أقول لنفسي :
{ستُنسى كلمات التأبين ، وينتصر الموت على الحياة ، مهما خفّفت وطأته الحقيقة . }
ولد هو في فجر يوم من أيام عرفات ، قُبيل الفتح الأخير ، وطبول الحرب تدق وجلجلة السلاح ودوي المدافع تصُم الآذان ، وقد أحست روحه وهو في المهد دماء الشهداء تسيل على ثرى الوطن ، وأرواحهم تفيض إلى بارئها راضية مطمئنة ، لأنها قضت واجبها نحو الله والوطن ، وأن من يولد في مثل تلك الظروف لحري أن يقف حياته لخدمة بلاده وأن يجاهد أصدق الجهاد ، ولهذا كانت روح عرفات روح تضحية وجهاد لأنها أحست معنى الوطنية في المهد وتشبعت به .
لم يزل أبناء جيله يذكرون الذكاء والنبوغ ودماثة الخُلق . يبدو لك ذاهلاً متشاغلاً عن دروس التعلم ، تحسبه لا مبالياً ، ولكنه يمّل سماع المكرر من الحديث . لا شيء يوقف طموحه في التطلع إلى العوالم التي تتراءى أمام عينيه ، فيهرب من دروس المنهاج إلى عوالم أرحب . ذلك شأن الرجل الحالم . ( عرفات ) يحلم بتأثيل مجد طارف ، ركض خلفه حتى مماته . انقضت أيام الدراسة وكان في الطليعة المتعلمة في تلك الأيام ، والتحق بمصلحة البريد والبرق موظفاً . بدأ بجِد يعمل ليجد مكاناً لأبناء جلدته بين موظفي الجاليات الأخرى وهم كُثر في تلك المصلحة . إنه رب عائلة تكبر عن مرتب الوظيفة ، فعمل في بيوت التجارة ، وعند الليل يعود إلى داره يقرأ ويكتب ، أو يعرج على بعض أصحابه يجاذبهم أطراف الحديث أو يتقارضون الشِعر ويروون من أخبار العرب والعربية كل طريف وظريف . فهو ريحانة مجالس الأنس والأسمار . المستقبل في العمل يبسم ، والأسرة الصغيرة ، زوجة وطفلتين تبشران بهناء .
الآن قرعت أجراس النداء ولبى ( عرفات ) الطلب . وفي عام 1924 م ، رأى هو وصحبه أن حمل اللواء أوجب ، وأصبحوا رأس فكر يؤجج للنضال غير عابئين بالسجن أو التشريد أو الموت . لم يزل يذكر الذاكرين ذلك النداء الذي نشره ( عرفات ) باللغة الإنجليزية على صفحات ( التايمز ) ونشرت الأهرام ترجمته ، وذلك في وقت كان كُتاب الإنجليزية فيه لا وجود لهم في بلادنا ، ولكن ( عرفات ) كان سباقاً في كل حلبة .
في مصر : ـ
شّد هو الرحال إلى مصر ،ليقرب من معقل النهضة المصرية . فشد الرحال ، وضحى بالوطن الأصغر في سبيل الوطن الأكبر ، بعائلته في سبيل أمته . غادر البلاد غير حاسب حساب زوجه الوفية ولا طفلتيه الحبيبتين وغير حاسب حساب المرتب المضمون و ركب مركب المجهول . اتصل بالدوائر وامتزج بالأوساط ، ورأى في أبناء مصر على عهده حركة دائبة وفكراً ثاقباً وصبراً على الشدائد وتقديراً للواجب . عندما كانت تعرض الوظائف عليه يرفضها بإباء وهو يقول :
{ ما جئت إلى مصر طالب مال ولا باحثاً عن عمل ، ولكنني جئت أعرض مطالب شعب وأدافع عن قضية أمة }
وبينما هو في كفاحه هناك قتل ( السير لي إستاك ) فزُج مع صحبه من السودانيين في السجن ، وظل سبعة أشهر كان فيها مثال الثبات والصبر والنزاهة ، والثبات أمام القضاء والصبر على مضض السجن ، والنزاهة في الرد على ما يوجه اليه من الأسئلة . خرج من السجن فوجد الحياة على غير ما ترك ، ووجد نظام الحكم غيره بالأمس ، ورأى الوجوه التي كانت باشة بالأمس متجهمة اليوم . ووجد النفوس التي لا تعرف الخور قد قبعت في الدور ، وأيقن آنذاك أن جهاده قد وضع له حد ولو إلى حين . نزل إلى ميدان العمل الحر فلم يأنف من أن يفتح حانوتاً للبقالة يرتزق منه هو وأبناؤه الطلبة الذين ذهبوا إلى مصر في طلب العلم ، ثم من بعد نزح إلى سيناء واتصل بشركة التعدين الإنجليزية ، وظل يعمل بها زهاء العام ، ثم استقال عنها .
في جَدّة : ـ
ذهب ( عرفات ) إلى جدّة ، وعمل بشركة القناعة للسيارات وكان في أوقات فراغه يعطي دروساً في اللغة الإنجليزية واللغة العربية للراغبين . وجمع حوله جماعة من الصحاب السودانيين والمصريين والجدّاويين ، فوجدوا فيه خير عون وخير موئل . بعد أدائه فريضة الحج ، رأى أن يعود للوطن لأنه من الذين يؤمنون بأن المرء لا يستطيع خدمة بلاده خارج الوطن ، وأن الصوت الذي يأتي في ذلك الزمان من خارج الحدود يأتي خافتاً .
عودة الرائد : ـ
تغرب ( عرفات ) عن الوطن مدى خمسة أعوام ونيّف ، وعاد بعدها بتجارب عظيمة . كتب ( عرفات ) من جدة إلى أستاذه ( المستر هللسون ) وكان إذ ذاك مساعداً للسكرتير الإداري في الشئون الأهلية طالباً أن يسهِل له أستاذه سبيل العودة على أن يأخذ على نفسه تعهداً للمحافظة على الأمن العام مدة عامين ، وإذا أخل بالشرط دفع خمسمائة من الجنيهات . ولعل السر الذي لا يعرفه الناس هو الرسالة التي بعث بها للسكرتير الإداري يطلب العودة لبلاده ، فما كان فيها مستجدياً ولا متملقاً ولكنه كان صريحاً حراً . واليك ترجمة هذه الفقرة من تلك الرسالة :
{ ليس بدعاً أن يطلب الرجل العودة إلى بلاده وعلى الأخص عندما يرى أمانيه وآماله تحطمت أمامه . لقد اشتركت فيمن اشترك في حركة سنة 1924 تدفعني إلى ذلك وطنيتي ، وما أن فشلت مهمتي رغبت العودة اليوم إلى بلادي ولا أقطع على نفسي عهداً بأنني إذا دعتني ظروف الخدمة العامة في بلادي سأحجم عن ذلك }
هكذا عاد الرائد إلى وطنه لا ليقبع في داره ويكسب عيش أولاده ، بل ليعمل مع العاملين من أبناء أمته وليلبي النداء من جديد حين تقرع أجراسه .
عرفات في الحِمى : ـ
عاد ( عرفات ) إلى الحِمى وسرعان ما وجد له عملاً عند غير الحاكمين ، فهو متعدد المواهب ، لن يعدم العمل أنى حّل وأنى سار . وجعل يتسلل إلى المجتمعات ويتعرف بالأوساط من جديد ، وكان نادي الخريجين بالخرطوم في طور التأسيس . فقام ( عرفات ) بإخراج وتمثيل عدة روايات لمساعدة النادي ، ولعل الناس ذاكرون له بالخير تمثيله لدور مجنون ليلى وهو يهيم بليلاه ويحن إلى تراب المهد من أرض عامر . ولم تحرم مؤسسة من المؤسسات الوطنية الخيرية من خدمات ( عرفات ) ، فقد مثل رواية أو اثنتين مساعدة للمدرسة الأهلية ، وأقام السوق الخيري الأول لمساعدة ملجأ القرش ، وشرع في السوق الخيري الثاني للمشاريع الوطنية الثلاثة : الأهلية والأحفاد والملجأ ليبرهن للناس أن عمل الخير لا يعرف التحزب ، وأن خير الأعمال ما كان لخير الوطن جميعه وخالصاً لوجه الله ، ولكن المنية عاجلته قبل أن يتم ما بدأ .
( عرفات ) الصحفي : ـ
أبرز ما في ( عرفات ) إيمانه في الصحافة كأداة لخدمة الأمة من الناحيتين الثقافية والاجتماعية ، واعتقاده في أنها خير أداة لتحقيق مطالب البلاد . وعندما عاد من الأراضي الحجازية أحس بالنقص الفاضح في صحافتنا ، وما كاد الصديق أبو الريش يفكر في إصدار مجلة النهضة ، ودعاني للعمل معه وطلب إلي أن أدعو ( عرفات ) ليعمل معنا ، لأن صلته بعرفات لم تكن لتسمح له أن يطلب منه ذلك الطلب ،إلا وتقدمت لصديقي أزف إليه البشرى بظهور صحيفة الشباب ، وأدعوه إلى العمل في الصحافة التي يؤمن بها ، وكان أن نزل على رغبتنا وقال لأبي الريش :
{ سأحاول التعاون معك بقدر ما يسمح لي زمني }
وخامر أبا الريش الشك في معاونة ( عرفات ) له لأنه لم يعطه عهدا قاطعا . وشد ما كانت دهشة أبي الريش ودهشتي عندما بدأنا العمل ، ورأينا ( عرفات ) أكثرنا مواظبة وتوفراً على خدمة الصحيفة في تحريرها وإدارتها ، وكان أول من جزع لاحتجابها في المرة الأولى وأكثر الناس حزناً يوم ماتت بموت صاحبها عليه رحمة الله وغفرانه .
الفجر : ـ
عز على ( عرفات ) ألا تكون للشباب صحيفة بعد احتجاب النهضة ، فعمل جهده إلى إصدار الفجر ، يرسل أشعته الفضية على سواد هذا الليل الحالك ، ويبذل فيه كل ما ملكت يده وسكب فيه عصارة فكره وذوب قلبه ، فكانت صحيفة الشباب في أدبها وثقافتها واجتماعياتها ووطنياتها ،كانت ملتقى القديم الصالح بالجديد النافع . وهنالك بدت مرونة ( عرفات ) وحنكته السياسية ، فكان يهدئ من ثورة الشبان إذا رأى اللهب يكاد يجتذبهم ويذكيها عندما يرى الجمر كاد يخبو ويصير رماداً، وكان يعمل ما يريد عمله فإذا بالفجر يصدر وإذا بإدارة الأمن العام تدق جرس التلفون تحذر مرة وتهدد أخرى ، وإذا ( بعرفات) يقابل التحذير والتهديد بصدر رحب وابتسامة صفراء ، ويمضي غير عابئ بالتحذير ولا بالتهديد ولسان حاله يقول :
{ سنعودهم الحرية حتى يألفوها وسنطالبهم بالحقوق حتى يقروها وسنريهم مقدرتنا على القيام بالواجب في غير ما ضوضاء حتى يكبرونا }.
وهكذا مضى وخلف ( الفجر ) تركة اجتماعية لهذا الشعب ، واستمر ( الفجر ) في ليل طويل حتى حسبناه لا حقاً بصاحبه ، وكدنا نقيم مأتماً وحداداً وكدنا نؤبن هذه الأمة لولا أن هب شباب البلد العاملون وخافوا من وصمة الأجيال القادمة ، فعاد الفجر بفضلهم وفضل القراء إلى الظهور ، وعرفات الذي ولد في الفجر ومات في الفجر ستنعم روحه بالخلود في هذا الفجر لتحيى ذكرى ( عرفات ) .
عرفات الصديق :
وهنا أرجو أن يعفيني القراء لأن ذلك شيء يخصني وحدي دون سائر الناس ، وما ذكرته إلا ثارت شجوني وفاضت عيوني بالدموع وإذدحمت بمخيلتي الذكريات وكفاني أن ابكيه بيني و بين نفسي في دمعة حارة أرسلها أو قصيدة أدبجها على قرطاس كلما جاش القلب لذكراه وإن أبى الناس إلا أن يشاركونني هذه الذكرى الحزينة فليترقبوها في أوانها في كل عام ، وأما أنت أيها الميت الخالد الحي الذكر فنم هانئاً في جنات عدن تحف بك الحور الحسان ويطوف عليك الولدان المخلدون وثق أن صحابك على العهد باقون وهم لتراثك الأدبي والاجتماعي حافظون ولمبادئك السامية راعون وهذا فجرك منارة هديهم وأداة جهادهم وعليه بعد الله يعتمدون ، وتساعدهم على ذلك أمتك الكريمة التي هم لعطفها وتقديرها راجون . طبت يا ( عرفات ) دنيا وآخرة وتلك عقبى المحسنين .

حاشية : ـ
* الكاتب : محمد أحمد محجوب ( رئيس وزراء السودان الأسبق )
* المقال :بعض مما خطه الكاتب و نُشر بمجلة الفجر _ المجلد الثالث
العدد الثاني _ 16 مارس 1937 ميلادية .

عبد الله الشقليني
07/09/2004

Post: #285
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-16-2006, 11:36 PM
Parent: #284

صورة لأمين معلوف:

مرحبا بالصديق العميق :
هاشم الحسن
و نرجو ان ينضم الينا ،
فهو من الذين يحفرون عميقا ،ولا يكتفون بسراب السطح.
سبق ان تحدثنا عرضا عن كلام ،
الروائي اللبناني الفرنسي المعروف:
أمين معلوف
عن الهوية المركبة
وهي هوية لا علاقة لها اطلاقا ب:
البوتقة
و انما تقترب من :
سلطة الخضروات
أو
قوس قزح
وسنعود لذلك بالتفصيل في حينه،
حين نعرض كتابه:
الهويات القاتلةالمشاء

Post: #286
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-17-2006, 10:28 AM
Parent: #1



الأحباء هُنا


يستحق هذا البوست
أن يظل في واجة ما يُكتب في سودانيزأونلاين،
لثقل ما به ، ولتنوع الموضوعات المتصلة ببعضها .

أذكر هنا عن اللغة ودورها ..

لم نفتح ملف الهويات الأخرى ولغاتها و حمولاتها
الثقافية .. أين هي من كل ذلك ؟

ما دور اللغة التي ندرس آدابها في الثانويات و في الجامعات
أو الدراسات العُليا في النهوض بثقافة العربية ،
أوالإنجليزية ، و تحورهما في بيئات متنوعة ،
أثرت وتأثرت بالطحين الذي يدور رحاه منذ قرون
حول الهوية وإلى الآن ، أوكما تفضل أحدنا هنا
وقال :

ـ لا أرى جدوى من طرح مسألة الهوية أو الهويات ،
لكل أهواء ، والشعوب لن تخلع ثقافتها عن طيب خاطر !




Post: #287
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-17-2006, 10:46 AM
Parent: #1




الأحباء هنا

ننقل لكم لقاء مع الشاعر محمد المكي إبراهيم أجراه الكاتب : صلاح الباشا عن صحيفة
النخبة الرياضية بواشنطن ، و نقلته صحيفة سودانايل التي يرأس تحريرها الأستاذ /
طارق الجزولي .

ننقل لكم النص ، للتعرف على مناطق أخرى من رؤى الشاعر محمد المكي ،
ونثره في دُنيا الشعر في الهواء الطلق .

تاريخ النص 25/03/2004 م الماضي


إلى النص : ــــ


صحيفة النخبه الرياضيه الفنية تحاور الشاعر ودالمكي بواشنطن

صلاح الباشا/الخرطوم



عرفناه شاعراً مجيداً يعشق كل ماهو جميل .. عهدناه يقول المفردة ويحسن توظيفها ألقاً يحكي أشياء واشياء .. خبرناه وطنيا حتي النخاع .. وديمقراطيا من أعلي رأسه حتي أخمص قدميه .. تنقلنا عبر كل إصداراته منذ – أمتي - وحتي في خباء العامرية ... عابرين دوماً لنري بستانه النضير المخضر دوماً و الذي لايزال يختبيء في الوردة .
وصحيفة النخبه الرياضية الفنية بالخرطوم ومن خلال ملفها الإبداعي الإسبوعي يشرفها جداً تقديم هذا الرمز الإبداعي الكبير لأهل السودان في كل الدنيا عبر سودانايل .. فإننا نزداد فرحة وشاعرنا قد حزم أمره للعودة الهانئة إلي ديار الوطن الذي بلاشك يفتح ذراعيه لهذه العودة المرتقبة... فإلي مضابط الحوار :

السؤال الأول:

كانت ولازالت أشعارك يتداولها أهل السودان .. صفوتهم وعامتهم .. وأنت الآن بعيداً .. بعيداً .. وهناك بالخرطوم أجيالاً جديدة تتوق لرؤيتك .. رغم كل شيء .. وكتسخين إستهلالي للحوار : متي نراك ترفل في شارع الجمهورية .. بعد أن عاش الجمهور إطلالتك من واشنطن عبر الشاشة البلورية في حوار الأستاذ عمر الجزلي معك قبل أكثر من عام ؟

ج 1.

انت متأكد هنالك من يذكرنا ام انت وحدك الذي يتابع ويتذكر بحكم الصداقة والود المتبادل؟ الجزلي طبعا فنان ممتاز ولكن أراه هذه الأيام (جاري عودو) ونازل اشتباكات مع أصحابي من وردي الى الراحل الفاتح التجاني ..فأرجوك قل له أن يعود الى طبيعته الأصلية في الحلم والظرف والمسامحة .. ففي النهاية قليلها رايح وكتيرها رايح.

مرة زعلت في طرمبة البنزين لأن البياع كان يقوم بممارسات جائرة وبينما انا في العياط والزياط جاء واحد درويش لابس اخضر في اخضر وطلب مني ان لا أزعل وقال لي كن مثل بهلول الصوفي ومضى قائلا ان الاطفال كانوا يطاردون ذلك الصوفي ويقذفونه بالحجارة فكان يهرب منهم الى الخلاء ويستلقي في ظل شجرة لينفس من غيظه ويرتاح. وفي ذات يوم تكلمت الشجرة وقالت له لماذا أنت غاضب لان اطفالا صغارا قذفوك ببعض الاحجار؟ لماذا لاتكون مثلي وكلما قذفوك بالاحجار تقذفهم بالأثمار؟ وأنا أدعو ذلك الكردفاني الجميل أن يقتدي بالصوفية في الحلم وسعة الصدر وقذف الناس بالأثمار.

أما عن العودة الى الوطن فقد اقترب موعدها كثيرا والله نسأل ان تكون الديموقراطية والحرية قد عادت الى الوطن في ذلك الحين فنحن حملة الاقلام اكبر المستفيدين من الحرية وبدونها نختفي في الزوايا وتتراكم علينا الظلال.

السؤال الثاني :

مابين أمتي والبرتقالة أنت ويختبيء البستان في الوردة وفي خباء العامرية .. تلك الدواوين الشعرية الرشيقة التي تمددت في سماء الوطن وسكنت داخل وجدان محبي الشعر الجميل من أهل السودان ، ماهي عناصر التغيير في اللغة الشعرية مابين تلك الأعمال ، وهنا أعني : هل لاحظت شيئا لافتا للنظر وأنت تعيد قراءة تلك الأعمال مع مراعاة تباعد مسافاتها ؟

ج 2

هذا ليس من شغلي..هذا شغل النقاد.ولكن هنالك مشكلة كبرى في اللغة فخلال هذه السنوات الأربعين تدهورت مستويات التحصيل اللغوي في البلاد وأصبح المتعلمون يجهلون اللغة خاصة بعد ان فرضت الدولة التعريب الاجباري فالتعريب بطبيعته يضعف اللغة في أذهان الناشئة وهي نتيجة عكسية طالما نوهت بخطرها ولكن المسئولين لم يصدقوني.

ان الذاكرة البشرية تشتغل بطريقة ال ASSOCIATIONوهو نوع من التداعي بين الافكار والصور والذكريات .واذا أردت ان تحفظ رقما ولا تنساه مطلقا فانك تحوله الى علاقات مع أشياء لا تستطيع نسيانها..مثلا تجد ان جزءا منه يماثل تاريخ مولدك او مولد ابنتك..وجزء آخر يطابق نمرة سيارتك او تلفونك وهكذا يرسخ في ذهنك بفضل تلك العلاقات.واللغة العربية التي تعلمناها في ايامنا في نفس الوقت مع اللغة الانكليزية رسخت في أذهاننا بفضل العلاقات التي نشأت في الذاكرة بينها وبين الانجليزية، فكلمة يتأمل-مثلا- لايمكن ان ننساها بعد ان ربطناها بالمفردة الانجليزية المماثلة لها في المعنىCONTEMPLATE والعكس صحيح ،فالمعلومات تسند بعضها البعض في الذاكرة وتستمد حضورها من بعضها البعض.وأريد بذلك التمثيل على فائدة التحصيل المزدوج ولا اقول انه مستحيل تعلم العربية وحدها فذلك ايضا ممكن اذا توفر المعلم الكفؤ والكتاب الجيد.

السؤال الثالث :

جيلي أنا ... أكتوبر الأخضر ، تلك الدرر الوطنية التي ترنم بها موسيقار الأجيال الأستاذ محمد وردي ... هل كتبتها أصلا للغناء أم كيف كانت قصتها مع وردي .. ومتي .. خاصة نحن نحاورك الان من أجل أجيال لم تشهد تلك الأحداث وربما لم تشاهد ودالمكي بعد ؟

ج 3

لي صديق اسمه مكي حاج عربي وهو اقتصادي كبير وأديب كبير ولكن لا ينشر انتاجه على الناس.وقد روى لي كيف كان في عروس الرمال في مهمة اقتصادية وكيف التقى بالاستاذ وردي في احد فنادق المدينة وكيف وجد وردي (اكتوبر الأخضر) منشورة في صحيفة الأيام فقال لمكي انه سيغنيها وقال له انه يعتبرها جاهزة اللحن فقد وجد لحنها وهو يطالعها في الجريدة.وأنا أصدق رواية الصديق العزيز فهنالك حالات تشتغل فيها الكيمياء الابداعية بسرعة الحريق ومن حسن طالع أشعاري انها وجدت رعاية ومحبة من الموسيقار العظيم فهو الذي اكتشفها دون ان ارشحها له او اطلب منه تلحينها.وهذا شيء عظيم قاد الى نمو مشاعر الحب والصداقة بيننا، ولو كنت اعرف عظمة هذا الفنان كما أعرفها الآن لكنت أصبحت شاعرا غنائيا من أجله واكتسابا لمودته.وحين يأذن الله ونعود الى بلاد أجدادنا فسوف أحرص على مزيد من التعاون معه وسأدعوه الى مدينتي (الأبيض) زمن الخريف ليضع فيها ألحانه الساحرة ويرفه عن أهلها بفنه الرفيع.

السؤال الرابع :

المبدع يهاجر حين يري بحسه الشفيف أنه يريد أن يتنفس ، ومبدع آخر لايطيق الهجرة والبعد عن الوطن .. وثالث يهاجر ثم يقلب للهجرة ظهر المجن فيعود .. ألا تري أن الهجرة المفتوحة المدي تأخذ من المبدع بعض أو كل إبداعه وتصيبه بالخمول الإبداعي .. أم أن الهجرة تزيد فتيل الإبداع إشتعالاً .. وأنت سبق أن خضت الهجرة المحدودة الأجل كدبلوماسي وسفير سابق .. ثم المفتوحة الآن كسفير متقاعد عن العمل ؟

ج 4

يا ريت ياصلاح يا ريت يأتي هذا التقاعد ونراه رؤية العين..وليس هذا ضجرا من العمل فان لي وظيفة كريمة مع قوم كرام تعرفهم مثلي وتعرف سمو أخلاقهم كما أنه ليس ضجرا من امريكا فهي حقا اعظم البلاد ولكن أحس أنه آن الأوان لكي نكف عن عقد الكرافتة وعن قيادة السيارة والحضور في المواعيد والخروج في المواعيد..حان الأوان لنكون اولاد بلد نقعد نقيف على كيفنا..نبدأ قصيدة جديدة حين يهرع الناس الى المكاتب وندبج مقالاتنا حين نصحو في تلك الأوقات الشاذة التي يستيقظ فيها كبار السن..وأهم من ذلك نمشي الحج والعمرة على حسابنا الخاص وليس حج الحكومة داك الذي تعرفه من أيام بن زقر.

السؤال الخامس :

بالتأكيد إن إهتماماتك في دنيا الأدب والشعر وكثافة القراءة العامة أو المتخصصة تأخذ حيزاً مقدراً من زمانك .. لمن تقرأ الآن يا أستاذ مكي ؟
ومن هو كاتبك الذي ترتاح أن تقرأ له ؟ وكذلك من فحول شعراء العرب المحدثين منهم والقدامي ؟

ج5

كان عبد الله الطيب طيب الله ثراه يقول ان أعظم الشعر العربي كتبه شعراء الوحائد-اولئك المجهولين الذين تركوا البيت والبيتين والقصيدة والقصيدتين وكان يقدم عليهم جميعا يزيد بن الطثرية.ومن افضل ما قام به الشاعر السوري أدونيس هو تلك القراءة الباهرة التي قام بها للشعر العربي القديم ونشرها بعنوان "ديوان الشعر العربي"وقد قرأته قراءة مستأنية حافظة ايام الجامعة وعام 98 وجدت ذلك السفر الباهر في بغداد ومن شدة حبي له أخذته لصنايعي ليقوم بتجليده ولكن قبل ان استعيده قررت الأمم المتحدة سحبنا من العراق لتقوم امريكا بجلد صدام حسين وتناوله تلك العلقة المعروفة باسم ثعلب الصحراء.
كنت اقرأ كل ما يكتب جبرا ابراهيم جبرا رحمه الله والآن كاتبي المفضل هو الأرباب الطيب صالح..أقرأ كل حرف جديد يخطه يراعه وحين لا أجد له جديدا أعود الى كتاباته القديمة واستمتع.. إنه كاتبي المفضل من هنا والى نهاية المشوار.

السؤال السادس :

وأنت تنتمي إلي عروس الرمال نشأة وميلاداً .. وإلي الخرطوم موعدا مع التأهيل العلمي العالي .. وبالخارجية السودانية دبلوماسياً معاصراً لمختلف الأجيال في هذا المجال .. ماهي أهم الشخصيات التي لازالت تمر علي خيالك في تلك المراحل المهنية وأيضاً الإبداعية من عمرك المديد بإذن الله ؟

ج 6

انهم بالعشرات..جمال محمد احمد ومصطفى مدني ويوسف مختار وفاروق عبد الرحمن وعثمان السمحوني وعمر شونة.. بشير البكري ومحمد المهدي المجذوب ورحمة الله عبد الله وابوبكر عثمان وابوبكر عثمان الآخر (لكيلا نفرق بينهما بالألوان كما هو شائع)..
انا معجب بالتواضع المفكر للاستاذ نقد أمين عام الحزب الشيوعي واعتبر المحجوب عملاقا فكريا وقد تأسيت به في وضع كتابي عن الفكر السوداني
وأكن تقديرا كبيرا للصادق المهدي كقمة في العلوم السياسية واتعامل معه كفيلسوف في علم السياسة.. أحب ابوسليم والعميد يوسف بدري له الرحمة والرضوان وأحب والده العظيم واعتبر كتاب مذكراته(حياتي)أعظم أثر أدبي سوداني وأنا مستعد للتعاون مع أي مخرج تلفزيوني يرغب في تحويله الى مسلسل.

في الابيض عندنا كثير من العظماء..المعلم الكبير مكي شنتوت والصحفي القدير الفاتح النور الذي اقول عنه انه مليكنا غير المتوج..وعندنا محسنون كبار منهم عبد الرحمن ابوستة.وكان عمنا محمد بخيت حبة أسطورة قائمة بذاتها فقد كان منزله يستضيف الزعيم الأزهري ووزراء خارجية مصر ومفكريها وإسلامييها الهاربين من عسف عبد الناصر وكانت وجبات الغداء والعشاء في داره ندوات سياسية تثقف الناس..ولدينا رجال مباركون من ذرية الاستاذ الولي قنديل كردفان الشيخ اسماعيل الولي الكردفاني نفعنا الله به واليوم لدينا رئيس سجادتنا العارف بالله التقي النقي السيد البكري بن تاج الأصفياء بن اسماعيل الرقيق بن سيدي ووسيلتي السيد المكي بن الاستاذ..وقد حججت معه مرة فكان الناس الغرباء يتطلعون الى وجهه المنير ويسألون من يكون،فيذكرونني قصيدة الفرزدق في الحسن بن على سبط الرسول الكريم:
وما سؤالك من هذا بضائره
العرب تعرف من أنكرت والعجم
حواء السودانية ولدت ولكن الدكتاتوريات الفاشلة لم تتركها تستمع بأولادها.

السؤال السابع :


الفضائيات تأخذ وقت هذا الجيل .. الإنترنت يأخذ الجزء الآخر من الوقت .. القراءات تدهور مستواها .. أوقل ضاق الزمن بمارحب .. هل تتوقع حدوث أي تأثيرات سالبه علي المكون الثقافي للشباب السوداني أم أن الكتاب لايزال هو سيد الموقف ؟

ج7


يا ليت الفضائيات والانترنت تصل الى كل شاب وشابة في الوطن فذلك يعني محو الأمية بشكل نهائي والارتفاع بالمستوى الثقافي ولكن هذه الأشياء محصورة في أحياء معينة من العاصمة ولا تتجاوزها الى مرزوق والثورة الحارة الاربعماية (أم ان الثورات لا زالت في الثلثميات،لا أدري )..القلة التي تصلها تلك الامتيازات تستغلها بطريقة خاطئة كما يوحي سؤالك فتلهيها عن التحصيل والاطلاع وتتعامل معها باعتبارها وسائل للتسلية وتزجية الفراغ.
مع الدمار الذي أصاب التعليم ومعاهده ومناهجه،لا بد من استخدام التقنية كبديل للمدرس والصف الدراسي وينبغي ان نصرف وقتا ومالا في اعداد برامج مدرسية لتعليم المواد المقررة.وفي اعتقادي انه يجب الكف عن تدريس الجغرافيا بطريقة زمان التي تقوم على الحفظ والتكرار إذ يكفي ان يشاهد التلميذ افلاما تسجيلية عن بلدان العالم .

السؤال الثامن :

الخرطوم الآن تشهد حركة دؤوبة في الفعل الثقافي في شقه الشعبي .. حيث المنتديات الثقافية نجدها قد فرضت وجودها كواجهات مشرقة للمجتمع المدني بعد أن ظل الفعل السياسي يراوح مكانه ويجمد دون حراك .. هل هذه المرحلة ستبشر بحدوث نهضة ثقافية إيجابية أم ستتلاشي إن تكرر عطاؤها ؟

ج 8

الثقافة عمل فردي وشخصي لاقصى درجة ويجب ان تكون بعيدة عن التأثير الحكومي .ينبغي ان يتملك الافراد المطابع والصحف ودور النشر ودور السينما والمسرح وكذلك الاذاعة والتلفزيون.ولو انه تمت خصخصة الاذاعة والتلفزة بدلا من دار الهاتف والمدبغة لكنا عدنا الى الديموقراطية من زمان ودخلنا في عداد الأمم المتحضرة .وصدقني ان يوم السعد بالنسبة للسودان هو اليوم الذي لا نسمع فيه هذه العبارة:هنا امدرمان اذاعة جمهورية السودان (الديموقراطية أو غير الديموقراطية) كيف تكون بلدا ديموقراطيا واذاعتك مملوكة للحاكم؟

السؤال التاسع :

مدينتك الهدي والنور .. تلك الأنشودة التي كانت بمثابة نقلة نوعية في عطائك الثر شعراً .. تغني بها الفنان محمد ميرغني .. ثم قام وردي بإنشادها مؤخراً في إحتفالية معلنة بالخرطوم مؤخرا بمناسبة الإسراء والمعراج .. متي أتت .. وماهي مناسبتها التي أخرجها خيالكم الخصيب ؟

ج 9

مناسبتها محزنة الى حد كبير
كنت في لندن مع شقيقتي المرحومة الحاجة أمنة(التي أذكرها في أشعاري باسم التدليل:أمان) وذلك في رحلة العلاج الثانية.وفي احدى الأمسيات قالت لي: لماذا لا تكتب قصيدة في مدح الرسول عسى الله ان يشفيني بجاهه الكريم..وطبعا ولحبي لها كنت مستعدا لأي شيء يمكن ان يشفيها فقررت ان ألبي طلبها وأن أكتب في مدح الرسول الكريم قصيدة استخلص فيها كل قدرات الحلاوة والعذوبة في اللغة العربية..وأنا أتعب كثيرا في كتابة الشعر لأنني لا أرضى بأول وحي يأتيني وأظل أصارع وأغير وأبدل الى أن أصل الى أقصى الإمكانات الفنية..وطيلة تلك الليلة ظللت اكتب وأمزق وأمزق وأكتب الى أن نبهني للزمن طرق على الباب..وكان الطارق احدى صديقاتها قدمت الى لندن في بعثة دراسية وحين نهضت لأفتح لها باب الشقة فاجأتني بقولها:رمضان كريم..أذاعوا بالأمس في ساعة متأخرة أن الرؤيا ثبتت ..اذا لم تسمعوا فعليكم ان تكملوا صيامكم لهذا اليوم وعليكم القضاء فيما بعد.وترى من ذلك ان القصيدة كتبت في غرة رمضان او بالأحرى ليلة اول رمضان..وقد عاشت الجميلة بعد ذلك بضع سنوات ثم اختطفتها منا يد المنون في عمر الثالثة والخمسين..فالله أسأل أن ينير قبرها بهذه الكلمات في مدح حبيبه المصطفى وان يجمعنا واياها على حوضه الكوثر مع أمته وملته الموعودة بكل خير.

السؤال العاشر:

بلاشك .. أنت تقرأ لشعراء السودان .. وأنت أيضاً تقرأ القصة .. تستمع للغناء .. هل لك أن تذكر لنا أحلي وأجمل ما يهز كيانك في كل واحدة من تلك الأجناس الإبداعية السالفة الذكر ؟

ج10

شعرائي هم المجذوب والتجاني والنور عثمان وعالم عباس وابوذكرى والياس فتح الرحمن والشعراء الشباب المعاصرين لهم شعر جميل أقرأه متفرقا في الصحف والمختارات وقلة منهم أصدرت الدواوين ولذلك لا يمكن القول انني "أقرأ" لهم فالشعر لا يحسن الا في الدواوين..وفي القصة لا تطاوعني نفسي على النزول من قمم الطيب صالح الى السفوح العادية..ومؤخرا أكرمني قنصلنا الشاب خالد موسى بنسخة من رواية لسيف الدين حسن بابكر وقد استحسنتها كثيرا ،والواقع ان معظم الروايات السودانية تخلو من الحدوتة وتسبب لي كثيرا من النعاس.
خارج نطاق الأدب أقرأ بانتباه ما يكتب الصادق المهدي ومنصور خالد وأبوسليم وبخاصة كتابه الأخير عن الحسين الزهراء وهو اسم جميل استحوذ على خيالي ولي مقالات منشورة بذلك الاسم الذي اتخذته لبعض الوقت اسما قلميا.

السؤال الحادي عشر:

يقولون أن الأجيال من الشعراء الذين عاصروا ميلاد حركات التحرر الوطني من ربقة الإستعمار في سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم كانوا يجدون في تلك المراحل مادة خصبه لإثراء الوجدان بحلو القصيد الوطني شعراً راقيا .. أمل دنقل وصنع الله إبراهيم والأبنودي وكمال حليم وصلاح عبدالصبور وحتي أحمد فؤاد نجم بشعره الشعبي في مصر ، كما كان بالعراق مظفر النواب وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري .. وفي فلسطين معين بسيسو ومحمود درويش وسميح القاسم .. وفي الخرطوم كان الفيتوري ومحي الدين فارس وتاج السر الحسن ومبارك حسن خليفه وجيلي عبدالرحمن وسند وودالمكي .. حتي جيل هاشم صديق والدوش ومحجوب شريف .. كل تلك الكواكب كانت لها بصماتها التي لم تخطئها العين يوماً خلال أزمنة مشرقة سابقة في عالمنا العربي .. السؤال هو : هل ياتري أن الظروف الدولية الحالية وإنتهاء عصر الإستقطاب الحاد الذي كان سائداً بين القطبين ، وهل خريطة المستجدات الحالية لا تدعو جيل جديد من الشعراء كي يعبروا شعراً عن ظلال غيوم تحوم حول الشعوب المستضعفة في هذا الكوكب .. أم أن هناك رعباً أصاب شعراء المنطقة لسبب أو لآخر خوفاً من غضبة القطب الواحد السائد حالياً ... ولا أزيد ؟

ج 11

طبعا تقصد بالقطب الواحد الولايات المتحدة وأحب أن أطمئنك انها لا تسبب الرعب لآحد..ليس لديها جولاج ولا منفى سايبيري للمعارضين.وليس لديها قوانين لمحاكمة الناس عن أفكارهم ..ليس لها جنة ولا نار.. والكلام هنا مسموح والرد عليه هو الآخر بالكلام.ولكنه ليس مسموحا خطف الطائرات ورطمها بالبنايات العالية.
يوم 11/9 قال مقدم برنامج سياسي ان الانتحاريين ليسوا جبناء وانهم على العكس اشجع من الأمريكيين لأنهم لم يهابوا الموت المتيقن.وفي اليوم التالي اوقفت شركة التلفزة برنامجه ولكن بعد كذا شهر عاد في برنامج جديد..ولو كان ذلك في بلادنا لكانوا في الأول سلخوه ثم فتحول له الباب ليهاجر.اما هنا فالمقياس هو ماتجلبه لمخدومك من نفع او ضرر..تريد ان تسبح ضد التيار ،على كيفك ولكن ليس في قناتي التلفزيونية..تريد ان تقدم شيئا آخر ينفعني تعال حبابك.

السؤال الثاني عشر :

الإبداع ينتج عن تقاطعات المستجدات في مجتمع ما .. ومن وقت لآخر .. والسياسة السودانية عبر كل حقبها وإخفاقها التاريخي لا تخرج من نطاق إتهامنا لها بأنها هي من أهم عوامل الهدم أو البناء الثقافي .. فهل تتوقع أن يتقدم أهل الإبداع يوماً بخطوة مفاجأة – غير محسوبه- للتأثير علي مجريات السياسة في العالم الثالث أو بمنطقتنا العربية والأفريقية تحديدا وهل من الممكن أن يعتلوا عتبات السلطة ؟

ج12

مستحيل.
لقد تعلمت هذا الدرس من المجلس الانتقالي..ورأيت السياسي يلوذ بالصمت أو يلجأ للنفاق لكي يتقدم للأمام..وفي سبيل ذلك عليه أن يخفي أفكاره ويصبر ويصبر واذا كان مستعجلا عليه ان ينافق وينافق..أما الذي يريد ان يقول البغلة في الابريق فلا مكان له بين السياسيين واعتقد ان أهل الابداع الذين كتبت عنهم كتابك الجميل لا يملكون الصبر ولايقدرون على إخفاء أفكارهم ولهذا لن ينجحوا في السياسة ولن يحكموننا.


أجري الحوار من الخرطوم صلاح الباشا (المدير العام للصحيفه)



Post: #288
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-17-2006, 11:19 PM
Parent: #1

الأحباء هنا
مرفق المقال المُثير للجدل الذي كتبه الدكتور في أكثر من موقع
سماوي : سودانايل ، و نقلاً عن مكتبة الفيا في سودانيزأونلاين ،
أود أن نورد النص كاملاً ، حتى لا يتم نزع الجُمل والتعابير عن صياغها
لغرض المُداخلة ، وتلك ربما تكون من معايب ( مكر القطف ) .
أما النص فهو صورة شمسية كاملة للفكرة وفق ما أرى
**

وقد أورد الكاتب عبدالمنعم الفيا في مداخلة له هذا التفصيل :

[ قدمت ورقة الدكتور عبد الله ابراهيم"الافروعربية او تحالف الهاربين " إلى الجمعية العربية للعلوم السياسية بجامعة الخرطوم – ندوة الأقليات بالوطن العربي المنعقدة فـي 28 فبرايـر إلـى 1 مارس 1988 ، ونشرت بمجلة المستقبل العربي – المجلد الخامس – العدد الثاني 1987م ثم نشرت بكتاب الثقافة والديمقراطية في السودان الذي صدرت طبعته الأولى من دار الأمين ، القاهرة ، عام 1991م . ]
**
النص :ــ

الآفروعربية ..أو تحالف الهاربين

د.عبدالله علي ابراهيم


القصد من هذه الكلمة أن نتفحص نقديا مفهوم " الأفروعربية " الذي استقر كوصف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة على النيل البوادي . لقد اكتسب المفهوم أبعادا ودلالات شتى في مساره ، وارتبط بمصالح واستراتيجيات سياسية وتجارية وثقافية مختلفة . غير أن تقويم هذه الكلمة سينصب بصورة رئيسية على صورة المفهوم التى تفتق عنها خطاب تلك الطائفة المفصحة من جيل الستينيات ، التي حاولت أن تؤسس رؤيتها الشعرية والثقافية على الأفروعربية كمشروع حضارى . وهو المشروع الذي رمزوا له بـ " الغابة والصحراء " في دلالة التصالح بين الدغل والبادية ، بين الثقافة العربية والثقافة الأفريقية في السودان .

أولا – أصول الأفروعربية

رد الشاعر د. محمد عبد الحى الأفروعربية إلى دعوة الأدب السوداني التى نادى بها الشاعر والناقد حمزه الملك طنبل وإلى مدرسة الفجر ، وهما الدعوة والمدرسة اللتان ازدهرتا في ثلاثينيات القرن (1) . وقد جاءت دعوة طمبل لتنقض المسلمات الفنية لمدرسة الاحياء الشعرى التي سادت العقدين الثانى والثالث للقـرن . فقد بدأ أن شعراء الأحياء الشعرى ، مثل العباسى والبنا ، راغبون عن اعتبار الحيز السوداني في إبداعهم ، بينما هم يطمئنون بخصوبة لمصطلح الحيز العربي النموذجى ، مثل ريح الصبا النجدي ورامة والعقيق وخلافها . ولذا استحث طنبل الشعراء أن يفتنوا بالبيئة الثقافية والطبيعية السودانية حتى يقول قارئ شعرهم : إن هذا شعر سوداني حق فيه الحساسية والتضاريس السودانية (2) .

ومن الجانب الآخر ، تقمصت مدرسة الفجر دعوة ماثيو آرنولد إلى تسامى الصفوة فوق التشاحن والشتات لكى تحسن تمثيل الأمة بأسرها وليس مجموعاتها الصغيرة المغلقة (3) . فكانت دعوة الصفوة السودانية إلى الذاتية السودانية والأدب القومى ضمن البحث عن القاسم المشترك الأعظم للهجنة العربية – الأفريقية في السودان (4) . غير أن مدرسة الفجر لم تتجاوز دعوة طنبل إلى الشعراء لاعتبار الطبيعة السودانية في إنشائهم الشعرى . ولم تغادر مدرسة الفجر ذلك إلى أفريقانية من أية شاكلة . وهذا مأخذ عبد الحى عليها : " ليس فى كتاباتهم ( مبدعو مدرسة الفجر ) غير طائف نظرى ( حول الذاتية العربية الأفريقية للسودانيين ) لم يتنزل إلى إنجاز شعرى لتزاوج الثقافة العربية والأفريقية في صنع الذاتية السودانية " (5) . ولذا عد عبد الحى الشاعـر محمـد المهـدى مجـذوب ( 1919 – 1982 ) ، من الجيل التالى لمدرسة الفجر ، أول شاعر تلمس إمكانية تأليف شعر باللغة فيه وعى بانتماء حقيقى إلى أفريقيا (6) . وقد راجع عبد الحى قناعته السالفة في كلمة له عام 1985 (7) . وسنعود إلى ذلك في موضع لاحق من هذه الكلمة .

وتقف دعوة الأفروعربية بيولوجيا على ما روجه المؤرخون والاثنوغرافيون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقـي ( . وقد صدرت هذه النظرية في سياق نقد أولئك المؤرخين والاثنوغرافيين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربى صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . فهارولد ماكمايكل يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربى . وقد تبعتـه فـي ذلك جمهـرة العلمـاء من امـثال ج. ترمنغهـام ( 1949 ) ، ويوسف فضل حسن ( 1967 ) ، وسيد حامد حريز ( 1977 ) ، وليام آدمز (1977 ) ، وحيدر ابراهيم ( 1979 ) ، وغيرهم كثير .

ونقول استطرادا : إن دعوة الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل ، وتجلياتها الثقافية عند ترمنغها ، تنطوى على فرضية انحطاط . وهو انحطاط نجم في نظر دعاتها عن امتزاج العرب المسلمين بالنوبة الأفريقيين . فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربى أرفع من الدم الأفريقى . وجاء عند ترمنغهام أن الهجين العربى الأفريقى قد سرب من العقائد إلى الاسلام ما أدخله فـي الوثنيـة (9) . والواضح أن المكون الأفريقى في هذا الهجين هو أكثر من تأذى بنظرية الانحطاط هذه ، فقد رد ترمنغهام مثلا " عصبية البقارة " التى ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقى فيهم " (10) .

الأفروعربية هي ، بوجه من الوجوه ، رد فعل لاصطدام مبدعى جيل الستينيات بثقافة أوروبا الغالبة . فقد وقع مجاز " الغابة والصحراء " للشاعر النور عثمان وهو في محيط أوروبا الحضارى الذي " رفض هويتى الأفريقية حين أفكـر ، ورفض هويتى العربية حين أكون " (11) . فهى بهذا اكتشاف للجذور قام به هؤلاء الشعراء بعد تغرب في ثقافة أوروبا أو أروقتها . وقد عادوا من ذلك كله صفر اليدين إلا من " الحامض من رغوة الغمام " (12) . فعبد الحى يطلب من حراس مدينة سنار ( عاصمة دولة الفونج الاسلامية 1504 – 1821 ) فتح الباب للعائد من " شعاب الأرخبيل " الأوروبى (13) . و " إنسان سنار " صورة عمدة في الأفروعربية ; لأنه نتاج أول دولة اسلامية عربية فى السودان (14) . فعند بوابة سنار يستجوب ضابط الجمارك الشاعر ، فيقدم الشاعر جواز سفره السنارى المتجاوز لتتحقق له الأوبة والقبول :

" – بدوى أنت
- لا
- من بلاد الزنج
- لا
أنا منكم ، تائه عاد يغنى بلسان
ويصلى بلسان ............... "
الأفرورعربية ، في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة " الدم الأفريقي ودراسة ذلك الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة وأعنى التراث الزنجـى " (15) . وهي تريد بذلك أن تتلافى قصور مدرسة الفجر التى وعدت بالذاتية السودانية ، غير أنها أهملت التراث الأفريقى . وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقى أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالى إلى العروبة حتى تستقيم الأفروعربية . فكلمة النور عثمان ، التى لم أقع عليها بعد (16) . كانت " لست عربيا ولكن ... " ، وعد عبد الحى انتماءنا إلى العرب تكبرا أجوف (17) . فبينما يرى الشاعر الدبلوماسى محمد المكى إبراهيم أننا قد أنكرنا أفريقيتنا في تلهفنا ( التشديد من فعل الكاتب الراهن ) لذلك الانتماء المتكبر (1 . بناء على ذلك فليس كل تراث العرب بمقبول إلا الذي اندرج في الأفروعربية التي بدأت بـ " إنسان سنار " (19) .

Post: #289
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-17-2006, 11:39 PM
Parent: #288

عزيزي الشقليني :
قلت في سماء ردتها ،
في لحظة انتماء للحقيقة:
Quote: أود أن نورد النص كاملاً ، حتى لا يتم نزع الجُمل والتعابير عن صياغها
لغرض المُداخلة ، وتلك ربما تكون من معايب ( مكر القطف ) .
أما النص فهو صورة شمسية كاملة للفكرة وفق ما أرى

و قد نحت يا صديقي مصطلحا جيدا،
هو
Quote: مكر القطف

و نحن نسميه :
Quote: القراءة الخاطئة


وليكن هذا البوست فرصة لكشف:
مكر القطف
كما تفضلت ،
بحسب تعبيرك
او
القراءة الخاطئة
بحسب مصطلحنا
و أبلغ من تحدث عن :
تحالف الهاربين
كان استاذنا وصديقنا بولا،
الذي وصفها ب:
Quote: المقالة السديدة

لو اسعفتني الذاكرة.
محبتي
المشاء

Post: #290
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-18-2006, 01:57 AM
Parent: #289

ومن وحى بيان الهاربين فإن الغابة والصحراء لم تك بروسا ولا بنبت شيطانى ولكنها تطور طبيعى لما كان سائدا...فالعباسى وصحبه ثم طنبل وجماعة الفجر إلى أن ظهرت هذه الرؤية سماح لتبقى على مكونات الأمه وإرثها دونما حرج لظلم فى التخيير لأى من مكوناتها كالعدل الواجب عند تعدد الزوجات فى الشريعه الإسلاميه....................................



منصور

Post: #291
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-18-2006, 03:33 AM
Parent: #290

هل تحتاج فكرة الافروعروبية لماكمايكل او غيره
وهل ظهرت فقط بعد رحلة النور والمكى الى اوربا
هل اصاب مفكرينا وكتابنا العمى حتى لا تقع ابصارهم بفكرة تجد صدها فى شارع الله اكبر
ما يحاول ان ينسبه د عبد الله للاوربيين
وجده اهل بسطام بارضهم منذ زمن قديم

Post: #292
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 05:21 AM
Parent: #1

Quote: الأحباء هنا
مرفق المقال المُثير للجدل الذي كتبه الدكتور في أكثر من موقع
سماوي : سودانايل ، و نقلاً عن مكتبة الفيا في سودانيزأونلاين ،
أود أن نورد النص كاملاً ، حتى لا يتم نزع الجُمل والتعابير عن صياغها
لغرض المُداخلة ، وتلك ربما تكون من معايب ( مكر القطف ) .
أما النص فهو صورة شمسية كاملة للفكرة وفق ما أرى

عزيزي الاستاذ عبد الله الشقليني يبدو انك وقعت في " معايب مكر القطف " الذي نهيت عنه دون ان تدري .
فانت قد قلت انك ستورد للاحباء هنا مقال الدكتور عبد الله على ابراهيم – تقصد مقال - تحالف الهاربين .
ولكنك لم تورد سوى الجزء الاول من المقال حسب التقسيم الذي بسطناها تباعا في عدة اجزاء ببوستنا : الافروعربية بين الواقع ووهم الايدلوجيا " !!
ومع ذلك بدا الامر وكانك تريد ان تحملنا مسؤولية ذلك البتر عندما قلت انك اخذت ذلك من مكتبة عبد المنعم عجب الفيا .
علما انني بناء على طلبك ، قد اعدت ايراد الرابط الى ورقة تحالف الهاربين ،
لكنك يا عزيزي تجاهلت هذه الحقيقة تماما وكانك لم تر الرابط الذي اخذت انت منه الجزء المبتور الذي بسطته على اعتبار انه يمثل النص الكامل للمقال !!

علاوة على كل ذلك جاء في الاقتباس اعلاه ان مقال الدكتور – تحالف الهاربين – نشر بالمواقع الالكترونية ، وذكرت سودانايل كدليل . وحسب علمي لم ينشر هذا المقال بموقع بخلاف هذا المنبر في البوست المذكور ، وقد اكون مخطئا في ذلك . وكان الدكتور قد اعاد نشر المقال بكتابه : " الثقافة والديمقراطية " .

مع مودتي وتقديري

Post: #293
Title: Re: تحالف الهاربين - 1
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 05:29 AM
Parent: #1

الآفروعربية ..أو تحالف الهاربين*

د.عبدالله علي ابراهيم


القصد من هذه الكلمة أن نتفحص نقديا مفهوم " الأفروعربية " الذي استقر كوصف لثقافة الجماعة الشمالية العربية المسلمة على النيل البوادي . لقد اكتسب المفهوم أبعادا ودلالات شتى في مساره ، وارتبط بمصالح واستراتيجيات سياسية وتجارية وثقافية مختلفة . غير أن تقويم هذه الكلمة سينصب بصورة رئيسية على صورة المفهوم التى تفتق عنها خطاب تلك الطائفة المفصحة من جيل الستينيات ، التي حاولت أن تؤسس رؤيتها الشعرية والثقافية على الأفروعربية كمشروع حضارى . وهو المشروع الذي رمزوا له بـ " الغابة والصحراء " في دلالة التصالح بين الدغل والبادية ، بين الثقافة العربية والثقافة الأفريقية في السودان .

أولا – أصول الأفروعربية

رد الشاعر د. محمد عبد الحى الأفروعربية إلى دعوة الأدب السوداني التى نادى بها الشاعر والناقد حمزه الملك طنبل وإلى مدرسة الفجر ، وهما الدعوة والمدرسة اللتان ازدهرتا في ثلاثينيات القرن (1) . وقد جاءت دعوة طمبل لتنقض المسلمات الفنية لمدرسة الاحياء الشعرى التي سادت العقدين الثانى والثالث للقـرن . فقد بدأ أن شعراء الأحياء الشعرى ، مثل العباسى والبنا ، راغبون عن اعتبار الحيز السوداني في إبداعهم ، بينما هم يطمئنون بخصوبة لمصطلح الحيز العربي النموذجى ، مثل ريح الصبا النجدي ورامة والعقيق وخلافها . ولذا استحث طنبل الشعراء أن يفتنوا بالبيئة الثقافية والطبيعية السودانية حتى يقول قارئ شعرهم : إن هذا شعر سوداني حق فيه الحساسية والتضاريس السودانية (2) .

ومن الجانب الآخر ، تقمصت مدرسة الفجر دعوة ماثيو آرنولد إلى تسامى الصفوة فوق التشاحن والشتات لكى تحسن تمثيل الأمة بأسرها وليس مجموعاتها الصغيرة المغلقة (3) . فكانت دعوة الصفوة السودانية إلى الذاتية السودانية والأدب القومى ضمن البحث عن القاسم المشترك الأعظم للهجنة العربية – الأفريقية في السودان (4) . غير أن مدرسة الفجر لم تتجاوز دعوة طنبل إلى الشعراء لاعتبار الطبيعة السودانية في إنشائهم الشعرى . ولم تغادر مدرسة الفجر ذلك إلى أفريقانية من أية شاكلة . وهذا مأخذ عبد الحى عليها : " ليس فى كتاباتهم ( مبدعو مدرسة الفجر ) غير طائف نظرى ( حول الذاتية العربية الأفريقية للسودانيين ) لم يتنزل إلى إنجاز شعرى لتزاوج الثقافة العربية والأفريقية في صنع الذاتية السودانية " (5) . ولذا عد عبد الحى الشاعـر محمـد المهـدى مجـذوب ( 1919 – 1982 ) ، من الجيل التالى لمدرسة الفجر ، أول شاعر تلمس إمكانية تأليف شعر باللغة فيه وعى بانتماء حقيقى إلى أفريقيا (6) . وقد راجع عبد الحى قناعته السالفة في كلمة له عام 1985 (7) . وسنعود إلى ذلك في موضع لاحق من هذه الكلمة .

وتقف دعوة الأفروعربية بيولوجيا على ما روجه المؤرخون والاثنوغرافيون خلال هذا القرن من أن سكان شمال السودان هجين عربي أفريقـي ( . وقد صدرت هذه النظرية في سياق نقد أولئك المؤرخين والاثنوغرافيين لمزاعم النسابة السودانيين من أهل الشمال في إلحاق أهلهم بنسب عربى صريح . وقد ساءهم إسقاط النسابة لاختلاط الدماء العربية والأفريقية في من عدوهم عربا أقحاحا . فهارولد ماكمايكل يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ، ممن أقاموا على النيل من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر ، كهجين أفروعربى . وقد تبعتـه فـي ذلك جمهـرة العلمـاء من امـثال ج. ترمنغهـام ( 1949 ) ، ويوسف فضل حسن ( 1967 ) ، وسيد حامد حريز ( 1977 ) ، وليام آدمز (1977 ) ، وحيدر ابراهيم ( 1979 ) ، وغيرهم كثير .

ونقول استطرادا : إن دعوة الهجنة في أصولها العرقية عند ماكمايكل ، وتجلياتها الثقافية عند ترمنغها ، تنطوى على فرضية انحطاط . وهو انحطاط نجم في نظر دعاتها عن امتزاج العرب المسلمين بالنوبة الأفريقيين . فقد جاء عند ماكمايكل ما يوحى بأن الدم العربى أرفع من الدم الأفريقى . وجاء عند ترمنغهام أن الهجين العربى الأفريقى قد سرب من العقائد إلى الاسلام ما أدخله فـي الوثنيـة (9) . والواضح أن المكون الأفريقى في هذا الهجين هو أكثر من تأذى بنظرية الانحطاط هذه ، فقد رد ترمنغهام مثلا " عصبية البقارة " التى ناصروا بها المهدية إلى غلبة الدم الأفريقى فيهم " (10) .

الأفروعربية هي ، بوجه من الوجوه ، رد فعل لاصطدام مبدعى جيل الستينيات بثقافة أوروبا الغالبة . فقد وقع مجاز " الغابة والصحراء " للشاعر النور عثمان وهو في محيط أوروبا الحضارى الذي " رفض هويتى الأفريقية حين أفكـر ، ورفض هويتى العربية حين أكون " (11) . فهى بهذا اكتشاف للجذور قام به هؤلاء الشعراء بعد تغرب في ثقافة أوروبا أو أروقتها . وقد عادوا من ذلك كله صفر اليدين إلا من " الحامض من رغوة الغمام " (12) . فعبد الحى يطلب من حراس مدينة سنار ( عاصمة دولة الفونج الاسلامية 1504 – 1821 ) فتح الباب للعائد من " شعاب الأرخبيل " الأوروبى (13) . و " إنسان سنار " صورة عمدة في الأفروعربية ; لأنه نتاج أول دولة اسلامية عربية فى السودان (14) . فعند بوابة سنار يستجوب ضابط الجمارك الشاعر ، فيقدم الشاعر جواز سفره السنارى المتجاوز لتتحقق له الأوبة والقبول :

" – بدوى أنت
- لا
- من بلاد الزنج
- لا
أنا منكم ، تائه عاد يغنى بلسان
ويصلى بلسان ............... "

الأفرورعربية ، في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة " الدم الأفريقي ودراسة ذلك الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة وأعنى التراث الزنجـى " (15) . وهي تريد بذلك أن تتلافى قصور مدرسة الفجر التى وعدت بالذاتية السودانية ، غير أنها أهملت التراث الأفريقى . وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقى أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالى إلى العروبة حتى تستقيم الأفروعربية . فكلمة النور عثمان ، التى لم أقع عليها بعد (16) . كانت " لست عربيا ولكن ... " ، وعد عبد الحى انتماءنا إلى العرب تكبرا أجوف (17) . فبينما يرى الشاعر الدبلوماسى محمد المكى إبراهيم أننا قد أنكرنا أفريقيتنا في تلهفنا ( التشديد من فعل الكاتب الراهن ) لذلك الانتماء المتكبر (1 . بناء على ذلك فليس كل تراث العرب بمقبول إلا الذي اندرج في الأفروعربية التي بدأت بـ " إنسان سنار " (19) .

يتبع ..

Post: #294
Title: Re: تحالف الهاربين - 2
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 05:31 AM
Parent: #293

ثانيا – الأفروعربية في أجندة تلطيف الثقافة العربية الاسلامية :

لا تهدف الأفروعربية إلى تحجيم الانتماء العربى الصريح وحسب ، بل إلى اجراء تحسين جذرى في المكون العربي الاسلامي من الذاتية السودانية . فاستعادة التراث الأفريقى ، في نظر الأفروعربيين ، ليست مجرد تصحيح لمعادلة مختلة ، وإنما المقصود منها هو تهريب أجندتهم الاجتماعية والفكرية إلى الثقافة العربيـة الاسلاميـة الغبشـاء المتشـددة ( الحنبلية في قول المكى ) (20) ، بقصد حملها على التلطف والسماحة .

فمكى يرى أن الكثير من القيم الاجتماعية الحنبلية السارية دخيلة على تكويننا النفسى لأن " الدم الأفريقى يرفض التشدد " (21) . وفي إطار دعوته إلى المزيد من التمازج بين الشمال والجنوب يرحب مكى بقدوم المرأة الجنوبية الأفريقية إلى مدن الشمال التي علبت المرأة " داخل أسمك وأطول ثياب " (22) ، فنساء مدن الشمال سيجدن منافسة من أختهن الأفريقية التي اعتادت معاملة الرجل بوصفه ندا لها ، وانطبعت بالسلوك المتحرر المنطلق في كل مسارب الحياة . وأمام هذه الدفعة من التحرر " يمكننا أن نلمح على قسمات الرجل السوداني ( العربي المسلم في المدينة ) ملامح التسامح والتقدم ، والتخلص من تقاليد الكبت والرجعيـة القديمـة " (23) . فتحرر المرأة العربية المسلمة في الشمال رهين ، عند مكى ، بقوة القدوة التى ستمثلها المرأة الجنوبية الأفريقية إلى حد كبير . وأقول استطرادا : أن منطق التحرر بالقدوة قد تكرر إبان نقاش جرى بالصحف السودانية ، حول آثار وجود أعداد متزايدة من الأثيوبيات والارتريات في العاصمة حول منتصف السبعينيات . فقد ارتأت جماعة أن ذلك الوجود سيدفع المرأة العربية السودانية إلى اقتباس آيات الزينة والتجميل الوافدة . وصفوة القول : إن إسناد التحرر إلى القدوة حجة ضعيفة جدا . والناظر في محصلة تحرر المرأة السودانية الشمالية منذ الأربعينيات سيجد أن ذلك التحرر استوعب اعتبارات اقتصادية واجتماعية وفكرية أصيلة لم تكن القدوة فيه غير تنويع فرعى .

ويأخذ مكى على الثقافة العربية مخاطبتها العقل دون الروح . وقد وسمها هذا الخطاب وحيد الجانب بالمباشرة والنفاذ والقطع كـ " ضربة السيف " . ولهذا خلت من " الفنون الراقية " مثل الرقص والنحت والتصوير . ولاكتساب هذه الفنون يشترط مكى استعادة امتلاك " الدم الأفريقى الجارى في عروقنا " . وللجنوب السودانى في هذه الاستعادة دور مرموق (24) .

ومن زاوية اللغة ، يرى مكى أن احتكاك العربية باللغات الأفريقية سيؤدى إلى تغييرات في نطق أصوات العربية ، فقد تسقط منها أصوات العين والحاء . وسيكون مشروعا حيال هذا الاحتكاك التساهل في قوانين النحو " المفروض على العربى ( والذى ) يقتل لديه نهائيا إمكانية الخلق " . وقد يترتب على ذلك أن تلقى الدعوة إلى تسهيل العربية ، مثل اقتراح كتابتها باللاتينية ، قبولا أكثر في السودان لما ستتعرض له العربية من اللحن والهجنة (25) .

ويحترز مكى ، وهو يتكلم عن تصوره لما سيؤول إليه الاسلام في معترك الهجنة . فقد اضطره موضوع " الدين المخيف " أن يكتب عنه بتعميم ؛ فهو يرى أن عوامل الجهل والتخلف قد مكنت لدعوات التشدد والتخويف في الاسلام ، بغض النظر عن معدنه الأصيل الداعى إلى الحب والتسامح . وقد استحال مع هذا التخويف " تلاقى البشر حول إله واحد وحب واحد " . ويرى مكى أن لقاء الاسلام بصورته الخاطئة بالعقائد الإفريقية ، ( أو ما يسميه بالوافد الأفريقى الطفل ) ، سيخلف مشاكل تحتاج إلى حلول خاصة (26) . وقد قدر أن يكون السودان بواقع الهجنة منبعا للفتاوى الجريئة وللتخفيف عن الناس وتيسير اللقاء بالله ، عبر كل الـدروب . وهذا ، في معنى قوله ، أن يلعب السودان دورا قائدا في التسامح والاحياء في مجال الديانات (27) .

وينعى مكى وقار وجد وتزمت الحضارة العربية ، في حين يرى الخفة في الأفريقيين . ووقار السودانى العربى المسلم يتجلى في قول مكى في بطء الحركة وثباتها حتى إذا حاصرته السيارات وهو يقطع الطريق ، وهو تلكؤ اشتكى منه الأوروبيون الذين قادوا سياراتهم في السودان (2 . وسأضطر إلى الاستعانة ، هنا ، بمقتطف طويل من مكى بشأن وقار العربى وخفة الأفريقى ، لكى أعطى القارئ فكرة أفضل عن مقابلات مكى بين العروبية والأفريقية وعن منهجه في كيمياء التلاقح المنشود بينهمـا . لا ننكر أن المشى جزء من مفهوم الشخص في الثقافة ، ولكن سيقف القارئ في المقتطف على صورة الأفريقى عند مكى ، التى هى بالأساس نعرة عربية . يقول مكى :

" والانسان السوداني العربى الثقافة إنسان جاد . وهو بالفعل إنسان مفتوح القلب لكن يرفض أنواعا شتى من الهزل ؛ يرفض أن تشتمه مداعبا ويرفض النكتة العملية ، بعكس الانسان العربى في مصر والشام ... ومن الجانب الآخر نجد الدم الأفريقى خاليا ( أى الجد والوقار ) تماما ، بل بصورة مستحبة . الأفريقى ملئ بالحركة بحيث لا يهمه أن عبر الشارع قفزا أو ركضا أو يرقص فيه ، وهو في ضحكه معتمد على النكتة العملية على الأقل بصفتها أكثر بدائية من النكتة المحكية . وهذا الانسان الضاحك الخفيف خليق بأن يؤثر على المزاج العربى غير المتلائم ومتطلبات الحياة الحديثة ، بحيث يتخلى عن هذا الوقار الجاد في تصرفاته المتزمتة ، وبحيث تكتسب الخفة الأفريقية اتزانا يعصمها من الفوضى " .

يتبع ..،

Post: #295
Title: Re: تحالف الهاربين - 3
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 05:34 AM
Parent: #294

ثالثا – البدائى النبيل وتأرجح الثقافات :

سافر محمد المكى إبراهيم وزميله الشاعر النور عثمان في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة الألمانية السودانية الناشئة . وقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكى أن يمد إقامته في ألمانيا إلى عام تغيب فيه عن الجامعة ، وعاد بشعر صاف عذب يرويه الجيل بعد الجيل من ديوانه " أمتى " . وقد قال مكى عن رحلته هذه عام 1963 : إنها كانت " تحالفا بين هاربين " لم يتركوا في وطنهم حبا يشتاقون إليه فلاذوا بالهرب مغادرين السجن المفروض عليهم ، وعليه لم يكن بين دوافعهم " فهم أو تعاطف يصلح لحب عميق " (30) .
في فرار الأفروعربيين إلى النسبة الأفريقية تشابه مع رحلة مكى البائسة . فدعاة الأفروعربية لم يلقوا ، وهم في ريعان الشباب ، من ثقافتهم العربية الاسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير . فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقى مطموس في تكوينهم الاثنى ، الغرائز فيه طليقة ، والرغائب مستجابة . ولأن رحلتهم لم تقم على فهم وتعاطف مع " سجن " الثقافة العربية الاسلامية الذي هربوا منه ، أو معرفة بالثقافة الأفريقية التي هربوا إليها ، لذا فقد كان حصادها مؤسفا . فقد ترك الأفروعربيون الانطباع الخاطئ بأن تزمت الثقافة العربية الاسلامية لا ينصلح إلا بعملية نقل دم من حضارة أخرى أكثر تسامحا في إرواء الأشواق والغرائز . ولذا بدأ جفاء الثقافة العربية عندهم خصيصة بيولوجية وليس خصلة اجتماعية قائمة في التاريخ العيانى .

ومن الجانب الآخر أساء الأفروعربيون إلى أفريقانيتهم ، من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها . فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقيا وهميا لحمته وسداه معطيات أوربية عربية مردودة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفلة القلب والولع بالايقاع والرقص . والأفريقى المخترع هذا هو الذي جرى وصفه دائما بـ " البدائى النبيل " في علم الأثنوغرافيا . وقد لا نستغرب حصاد الأفروعربية البائس من مشروع لم يجمع الهاربون فيه حبا عميقا أو معرفة دقيقة بأي من الأمكنة : لا تلك التي هربوا منها ولا تلك التي هربوا إليها .

جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) . فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل " . و " الجنوبيات " هى نسل مجرد من شعر المجذوب وقعت له حين جرى نقله من بورتسودان ( على ساحل البحر الأحمر ) إلى واو ( في جنوب السودان ) في أوائل 1954 ، والتى أقام فيها حتى قبيل حوادث الجنوب المشهورة في آب / اغسطس 1955 .

وقد اعتقد الأفروعربيون أن " الجنوبيات " هى باكورة لنوع الشعر السودانى الذي يريدون له الذيوع . فقد رأينا عبد الحى يصف المجذوب في كلمته عام 1976 بأنه الشاعر السودانى الذى أدرك حقيقة انتسسسابه إلى أرومة زنجية . وأضاف عبد الحى بأن شعر المجذوب إنما يعكس في جنوبياته وغيرها وحدة على مستوى عمق مصادر التقليدين العربى الأفريقى (32) . وقال مكى فى المعنى نفسه أيضا : إن المجذوب في جنوبياته قد جعل ذاته الشاعرة معلما على سودان الغابة والصحراء . ورأى في شعره استيعابا وتصويرا وتمثيلا لتجربتنا الحضارية ، مؤصلا في معرفة بثقافة الشمال العربية وثقافة الجنوب الأفريقية (33) . وهكذا عمد الأفروعربيون المجذوب ، الذى هو فى سن آبائهم ، أبا روحيا لمشروعهم الشعرى الرامى إلى التعبير عن الوحدة العميقة للوجودين العربى والأفريقى ، في ذاتية سودانية صمدة .

رد عبد الحى في كلمته الأخيرة ( 1985 ) جنوبيات المجذوب إلى تأرجح الشاعر (34) بين ثقافة العرب وثقافة الأفارقة ، لا إلى وحدتهما في عمق المصادر كما فعل في كلمته عام 1967 ، كما رأينا أعلاه . فجنوبيات المجذوب عند عبد الحى قائمة في ثنائية الحضارة ، التى تمثلها ثقافة الشمال العربية ، والطبيعية ، التي تمثلها ثقافة أهل الجنوب (35) . وهى ثنائية يتعارض فيها العرف مع الملابس ، البراءة مع العار ، والقلب مع العقل ، والأريحية مع النقود ، والطلاقة مع الأخلاق ، والمشاعة مع النسب . وعند عتبة مجتمع الطبيعة الجنوبى البكر العذوبة ، خلع الشاعر عباءة الحضارة العربية بمحرماتها ونواهيها الكاسية . فالمجذوب يشبه تحالف الأفروعربيين في يأسه من إصلاح الثقافة العربية الاسلامية من باطنها ، واصطناعه بدائيا نبيلا في الجنوب يصوب به ذهنيا علل وآفات تلك الثقافة . لقد تمنى المجذوب :

وليتنى في الزنوج ولى رباب تميد به خطاى وتســــتقيم
وأجتزع المريسة في الحوانى وأهــدر لا الأم ولا ألــوم
وأصرع في الطريق وفي عيونى ضباب السكر والطرب الغشوم
طليق لا تقيدنى قريـــش بأحساب الكرام ولا تنيـــم


غير أن هذا البدائى النبيل صورة وهمية كما يقول عبد الحى (36) . فالبوهيمية الاجتماعية (37) التى رآها الشاعر في الجنوب إنما هى إسقاط من شاعريته النهمة التى قيدتها الزواجر الاجتماعية في الثقافة العربية الاسلامية . فهذه الاسقاطات هى عبارة عن شهوات للشاعر لم ينقع مجتمعه غلتها فأرغت وأزبدت عالما من البوهيمية .

إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955 (3 . وقد اضطر المجذوب إلى أن يسقط حقائق اجتماعية جنوبية كثيرة لكى يخلص له " إنسان الجنوب البسيط الضاحك المتفاعل " (39) . فقد لاحظ مكى مثلا إغفال المجذوب ذكر السياسيين من مثقفى الجنوب الذين ، " كان يمكن أن يكونوا صيدا نموذجيا لهجائه الساخر وتصويره المضحك الدقيق " (40) . فقد أراد المجذوب أن يختصر طريقه إلى البراءة والسلاسة الجنوبية اختصارا .

يتبع ...،

Post: #296
Title: Re: تحالف الهاربين - 4
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 05:37 AM
Parent: #295

رابعا – الأفروعربية وجه آخر من وجوه الخطاب العربى – الاسلامى الغالب :

تتجاوز الأفروعربية أن تكون صورة أخرى من صور الخطاب العربى الاسلامى الغالب في السودان ، على ما ييبدو عليها من سيماء النصفة للمكون الأفريقى في ثقافة شمال السودان. فهى تتفق مع أكثر قسمات ذلك الخطاب محافظة وتبشيرية ، وهى نظرية السودان البوتقة التى تنصهر فيها كل المفردات الثقافية في ثقافة جامعة ما .

ويختلف خطابا غلاة الاسلاميين والأفروعربيين في منتوج التمـازج . فالتمازج القومى في نظر الغلاة سينتهى بشكل مؤكد إلى تبنى الجماعة الجنوبية الاسلام والعربية لأنهما مميزان علويان مقابلة بملل الوثنية ورطانات العجم . فالتمازج في أفق الغلاة هو معسكر دعوة كبير لتغيير الملل واللسان .

أمل الأفروعربيين في تمازج الثقافات في السودان معلق بحركة التصنيع بوسعها أن تزيل البقية الباقية من العوائق بيـن الجنـوب والشمـال (41) . ولسداد الامتزاج يحتاج أهل الجنوب إلى تقوية تأثراتهم بالعربيـة (42) . وعليه يكون ناتج الامتزاج بين الجنوب والشمال لإعادة إنتاج لانسان سنار ، الذي هو أساس التركيبة الهجينة للسودانيين الشمالييـن . فمحصلة الامتزاج بين الجنوب والشمال في نظر الأفروعربيين ستكون بمثابة طبعة لاحقة للسوداني الشمالى الذى لا عيب فيه حاليا سوى تجاهله لتراثه الأفريقى . وهذا التراث هو الذى يرمى الأفروعربيون إلى استعادته لكى يستقيم السودانى الشمالى بين دفتى تراثه المزدوج . فالأفروعربية تجعل إذا من السودانى الشمالى نتاجا للتاريخ الصواب في السودان ، ومنتوجا لن نخطئه كلما اتسعت وتائر التمازج بين الجنوب والشمال .

خامسا – محنة الأفروعربيين في الاستقطاب الثقافى :

الأفروعربية دعوة إلى الوسيطة السعيدة . ولذا أعادت فرز وترتيب رموز الثقافة السودانية لكى تصح قراءة تلك الثقافة في توازن الوسطية المفيد بين العرب الخلص والأفارقة الخلص (43) . ومع ذلك لم تسعد الأفروعربية أحدا ، فهى لم ترق للجنوبيين . نشرت جريدة ( الفجلنت Vigilant ) الانجليزية بتاريخ 14/7/1965 قصيدة بعنوان " الوحدة المغلفة بالسكر " لشاعر من أهل جنوب السودان يستنكر فيها دعوة الأفروعربية .


قال الشاعر :

تفترض الوحدة وجود فريقين
الفريقين اللذين يتفقان على التآزر
فمن غير المنظور في الوحدة أن تقوم على أشلاء آلاف الضحايا
ولا على فوهات جيش منفلت مأمور أن يستأصل شأفة ( الجنوبيين )

ويمضى المقطع ليشير إلى " خطيئة العرب " وهى هجرهم التمثيل المناسب للجنوبيين في أجهزة ، بعد مؤتمر المائدة المستديرة الذى انعقد عام 1965 للمصالحة بين الجنوب والشمال .
قال الشاعر :

غير أن الطبيعة نفسها تأبى
أن تتخذ الصحراء والسافنا ( الغابة )

غير أنهم ابتذلوا عدل الطبيعة ، حين ظنوا أن بامكانهم توحيدها بمحض القوة .

فقد تلزم الجنوبيين ضرورات التساكن القومى إلى اكتساب اللغة العربية أو عادة عربية إسلامية . غير أنهم سيقاومون كل ميل لجعلهم يتبنون النسبة العربية المقترحة من قبل الأفروعربيين إلى جانب نسبتهم الأفريقية المؤكدة . وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم ، عبر التمازج الثقافى كطبعة لاحقة لانسان سنار ، نوعا من الغش الثقافى لا الحوار . فالجنوبيون محاذيرهم كثيرة ، الصادق منها والمخترع ، حيال عرب الشمال . وهذه المحاذير واضحة في دلالات الازدراء والمقت التى تجرى بها كلمة عربى على ألسنتهم . بل إن بعضهم لايزال يحدس أن أفضل المخارج لمسألة السودان أن يحزم عربه حقائبهم ويقطعوا البحر الأحمـر . وهذا اعتقاد بعيد بما لا يقارن مع النسبة الجزئية إلى العرب التى تقدمها لهم الأفروعربية .

من الجانب الآخر ، جردت التوفيقية الطوباوية الأفروعربيين الليبراليين من كل مصداقية . ولذا يبدون في استقطاب الثقافات الجارى في بلدنا خلوا من كل قوة تفاوضية . فحيلهم التوسط بالهجنة مردودة . فقد جاء في الاحتجاج عند منصور خالد في حلقة تناولت مسألة جنوب السودان بما يلي :

" إن تعريب وأسلمة شمال السودان قد تمت بالتدريج عبر فترة طويلة من الزمن وفي إطار تلاقح ثقافى سلمى . وهو التلاقح الذى بلغ الغاية حتى إن أولئك الذين يبحثون تفردهم في أى من العروبة والاسلام إنما يحرثـون فـي البحـر " (44) .

وقال عبد الله النعيم في الحلقة الدراسية نفسها ، وفي المعنى نفسه ما يلى :

" المحاولات الجارية للتشديد على هوية إسلامية أو عربية خالصة مزعومة لأى من أقاليم السودان هى محاولة مضللة وسلبية في آن معا " (45) .

وفي الكلمتين تفاوض واضح بالأفروعربية قد لا أتفاءل بحظه من القبول لأطراف الاستقطاب في المسألة الثقافية السودانية .

وعندى إجمالا أن خلع أو تحجيم الهوية أو الثقافة العربية هو إما غش ثقافى أو يأس . فالطريق فيما أرى إلى اطمئنان الجنوبيين وغيرهم من حملة الثقافة الأفريقية إلى أمنهم الثقافى ، يمر عبر تصدى العرب المسلمين للنعرات وأنواع التحريم التى تغص بها ثقافاتهم تصديا بالأصالة عن أنفسهم ، لا نيابة عن أحد . ويستلزم ذلك وقفة مستنيرة إزاء الذات وقدرة على تحرى النقد ، وتحمل تبعاته . ولا أحسب أن حملة الثقافة الأفريقية ممن يرغب في الزج بهم كلاعبين رئيسيين في أجندة تفتح وديمقراطية الثقافة العربية الاسلامية . فالأصح في نظرى مثلا أن يدعو من يزعم أن تعاطى الخمر حرية شخصية إلى كامل حرياته الشخصية كعربى مسلم ، لا أن يتخفى وراء نسبته في أفريقيا التى الخمر فيها بعض الماء أو الغذاء أو أنخاب الطقوس . والأهم من ذلك كله ألا يتأسى العربى المسلم لفقدان الجنوبى حريته في شرب الخمر ، قبل أن يتأسى هو لفقدانه الحق ذاته . فحملة الثقافة الأفريقية قد يرغبون أن يروا العرب المسلمين في السودان متمتعين بحقوقهم في الاعتقاد والرأى وأنواع الشغف الأخرى أولا ، قبل أن يصدقوا مشروع الأفروعربيين الحضارى .

ومن الجانب الآخر فخطة الأفروعربيين لاستخدام المكون الأفريقى فيهم وحقوق الجنوبيين لنصرة آراء لهم في الحياة السياسية والاجتماعية هى خطة مكشوفة للغلاة من الدعاة الاسلاميين . فهم يرون الليبراليين من الأفروعربيين إنما يدسون مشروعهم العلمانى وراء تظلمات الجماعات الأفريقية غير المسلمة . وهذه الخطة الأفروعربية في نظر الغلاة مجرد حيلة في علم الحيل . فقد قال الشيخ الترابى ، " إن مناصرى العلمانية منافقون مارقون من بين صفـوف المسلمـين لا يستطيعون الجهر بمعارضتهم للاسلام ، بل يتصنعون الغيرة على حقوق المواطن السوية ، وأنهم بحماية الأقلية غير المسلمة في الجنوب يريدون أن يلقنوا تلك الأقلية لتعبر عن أهوائهم التى لا يستطيعون أن يفصحوا عنها " (64) . وهكذا لم يقض للأفروعربية الموسومة بالوسطية أن تسعد أحدا ؛ وهذا باب في الاخفاق كبير .

يتبع ..،

Post: #297
Title: Re: تحالف الهاربين - 5
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 05:42 AM
Parent: #296

خاتمــة

صفوة القول : إن الأفروعربية هى صورة أخرى من صور الخطاب العربى الاسلامى الغالب في السودان . وهى كخطاب غالب تنهض على محوريـن : المحور الأول ، هو تمييز " إنسان سنار " – نواة السودان الشمالى – عما عداه من أناس في الوطن . ولذا تنظر الأفروعربية إلى الحركة التاريخية في السودان كحركة مستمرة صائبة من التمازج بين العرب والأفارقة ، بين الشماليين والجنوبيين ، لاصدارات متكررة من ذلك الانسان ؛ أما المحور الثانى فهو تشويه الأفروعربية لموضوع خطابها وهو الأفريقى . ففي تنقيبها عن الأفريقى المطموس السودانى الشمالى انتهت الأفروعربية إلى اختراعه كبدائى نبيل . وككل بدائى نبيل ، صدر الأفريقى من حوار الأفروعربية مصنوعا من محض معطيات ومسبقات وتكهنات وتشهيات لا أصل لها في واقع الحال .

لقد أرادت الأفروعربية ، باستردادها المكون الأفريقى في العربى السودانى المسلم ، أن تضرب عصفورين بحجر واحد ، أن تدس خلال ذلك مشروعا خاصا بها في تفكيك محرمات الحضارة العربية الاسلامية التى سدت على يفاعتهم منافذ الاشباع . أما الأمر الثانى فهو تطمين الجنوبى إلى أمنه الثقافى في أروقة مفهومها للتمازج ، الذى للأفريقية فيه مكان ، على خلاف نموذج الغلاة من الاسلاميين والعروبيين .

من الواضح أن برنامج الاصلاح الأفروعربي للثقافة العربية الاسلامية لم يحالفه التوفيق . وواضح كذلك أن الجنوبيين لم يطمئنوا إلى وعده أو شروطه في قدر من التعريب والأسلمة . وهذه بعض دلالات الاستقطاب الثقافى المتفجر في السودان .

إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا . فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .


الهوامش

(1) أنظر محمد عبد الحى ، الصراع والهويــــــة ( ] د.م.د.ن [ ، 1976 ) ، ص 6-29 ( بالانجليزية).
(2) المصدر نفسه . ص 8-9 .
(3) المصدر نفسه . ص 19-20 .
(4) المصدر نفسه . ص 12-13 .
(5) المصدر نفسه . ص 23 .
(6) المصدر نفسه . ص27 .
(7) أنظر : محمد عبد الحى ، " مفهوم الزنج في الشعر العربى في السودان " ورقة قدمت إلى : جامعة الخرطوم ، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية ، مؤتمر القومية السودانية في ضوء التعدد العرقى والتنوع الثقافى ، الخرطوم ، 26 –28 تشرين الثاني / نوفمبر 1985.
( عبد الحى ، الصراع والهوية ، ص 2-5 .
(9) ج. ترمنغهام ، الاسلام في السودان ( ] د.م.د.ن.[ ، 1949 ) ، ص149 .
(10) المصدر نفسه ، ص 30 .
(11) " حوار مع النور عثمان " الأيام ، 24/3/1979 .
(12) أنظر : محمد عبد الحى ، قصيدة " العودة إلى سنار " .
(13) المصدر نفسه .
(14) كتب محمد عبد الحى إن تاريخ الثقافة السودانية يبدأ بقيام ممالك التلاقح الاسلامية العربية الأفريقية ، ومن بينها دولة الفونج بسنار . ففترة قيام تلك الممالك عنده ( هى التى بدأت في إنتاج ثقافة سودانية – وأعنى بكلمة ثقافة كل طرائق حياة مجموعة ما – لقد امتزج العنصران الأفريقى والعربى وكونا عنصرا ( أفروعربيا ) جديدا ليس بعربى ولا زنجى ... إنه نتاج لقاح هذين العنصرين ) . أنظر : محمد عبد الحى ، " نحو ثقافة أفروعربية " الرأى العـام ، 24/12/1963.
(15) المصدر نفسه .
(16) وهى الكلمة التى رد عليها صلاح أحمد ابراهيم في : الصحافة ، 25/10/1967 ، واتهم النور بالطعن في العروبة .
(17) عبد الحى ، " نحو ثقافة أفروعربية " .
(1 محمد المكى إبراهيم ، " المستقبل الحضارى في السودان " الرأى العام ، 13/12/1963.
(19) عبد الحى ، المصدر نفسه .
(20) إبراهيم ، " المستقبل الحضارى في السودان " الرأى العام ، 15/12/1963.
(21) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 8/12/1963.
(22) المصدر نفسه ، في : الرأى العالم ، 15/12/1963.
(23) المصدر نفسه .
(24) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 13/12/1963.
(25) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 15/12/1963.
(26) المصدر نفسه .
(27) المصدر نفسه .
(2 المصدر نفسه .
(29) المصدر نفسه .
(30) المصدر نفسه ، في : الرأى العام ، 8/12/1963.
(31) عبد الحى ، " مفهوم الزنج في الشعر العربى في السودان " .
(32) عبد الحى ، الصراع والهوية ، ص 27 .
(33) محمد المكى إبراهيم ، " الجنوب في شعر المجذوب " مجلة الاذاعة والتليفزيون والمسرح ، العدد 36 ( 7 تشرين الأول / اكتوبر 1976 ) .
(34) عبد الحى ، " مفهوم الزنج في الشعر العربى في السودان " ، ص 12 .
(35) المصدر نفسه ، ص 10 .
(36) المصدر نفسه ، ص 12 .
(37) إبراهيم " الجنوب " مجلة الاذاعة والتليفزيون والمسرح ، العدد 36 ( 7 تشرين الأول / اكتوبر 1976 ) .
(3 أنظر : تقرير لجنة التحقيق في تلك الحوادث .
(39) إبراهيم ، المصدر نفسه .
(40) المصدر نفسه .
(41) عبد الحى ، " نحو ثقافة أفروعربية " .
(42) إبراهيم ، " المستقبل الحضارى في السودان " الرأى العام ، 13/12/1963 .
(43) سعد حامد حريز ، " المقومات الثقافية للقومية السودانية " الصحافة ، 2/12/1968 .
(44) من كلمة له في حلقة دراسية انعقدت في امريكا في عام 1987 حول مسألة جنوب السـودان .
(45) من كلمة له في الحلقة الدراسية نفسها .
(46) من محاضرة له عن تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان .

Post: #298
Title: Re: تحالف الهاربين - 4
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-18-2006, 06:10 AM
Parent: #296

تحيه للجميع واشكر الخواض وحيدر على المناشدة على الانضمام..مصطلح "البدائى النبيل" الذى جلبه عبدالحى لحلبه النقاش فى قراءه بعض اوجه الثقافه السودانيه تحديدا جنوبيات المجذوب لم ينحته عبدالحى بل استعاره كما اشارفى حوار بصخيفه السياسه 1986 من قاموس المفكر السويسرى الاصل الفرنسى الهويه Jean Jack Rouseau الذى تحدث فى " اعترافاته" كثيرا عن ذاك البدائى النبيل وهنا يدحل عبدالحى فى تناقض كبير حذر منه عندما المح فى سفره بالانجليزيه " الصراع والانتماء"الى ان المحجوب قد خاول قراءه وتفسير بعض الثقافه السودانيه من خلال عدسه ومصطلحات الكاتب والمفكر الانجليزى الفيكتورى Arnold Matthew الذى تحث عن الصفوه والغوغائيه ودورهما فى بناء ثقافه الامه...
تناقض عبدالحى الذى اعنيه هو قراءه ظاهره امه بمعايير مختلفه اوجدتها ظروف مغايره لظروف امته والمؤسف تتابع هذا المنهج المتناقض عند الكثيرين من المثقفين السودانيين اخرهم مقدم برنامج حقيبه الفن الشهيرعوض بابكر عندما خاول قسرا فى حلقه تلفزيزنيه قراءة وتفسير انتاج شاعر الحقيبه سيد عبدالعزيز مستندا على تاثره اى سيد بلوحات رسامى عصر النهضه بايطاليا الذين ركزوا كثيرا على ابراز الضوء بتدرجاته والظلال.

Post: #301
Title: Re: تحالف الهاربين - 4
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 08:03 AM
Parent: #298

اهلا بالاستاذ احمد الامين احمد
Quote: وهنا يدحل عبدالحى فى تناقض كبير حذر منه عندما المح فى سفره بالانجليزيه " الصراع والانتماء"الى ان المحجوب قد خاول قراءه وتفسير بعض الثقافه السودانيه من خلال عدسه ومصطلحات الكاتب والمفكر الانجليزى الفيكتورى Arnold Matthew الذى تحث عن الصفوه والغوغائيه ودورهما فى بناء ثقافه الامه...
تناقض عبدالحى الذى اعنيه هو قراءه ظاهره امه بمعايير مختلفه اوجدتها ظروف مغايره لظروف امته والمؤسف تتابع هذا المنهج المتناقض عند الكثيرين من المثقفين السودانيين

مع وافر الاحترام اقول ان هذه النتيجة انبنت على مقدمات مغلوطة ،
اولا ان عبد الحي لم يوظف مفهوم البدائي النبيل للنظر به الى ثقافة امته السودانية كما جاء في مداخلة الاستاذ احمد الامين !
بل الصحيح ان عبد الحي استخدم هذا المصطلح لنقد قصائد المجذوب التي عرفت بالجنوبيات ،
فهو قد اعترض على تصوير المجذوب لانسان الجنوب على زعم من القول ان هذه القصائد نظرت الى الجنوبي في صورة بدائي نبيل. ولم تصوره كانسان واقعي له همومه ومشاكله .اذن عبد الحي لم ينظر الى ثقافة امته او ثقافة الجنوب من خلال منظار او معيار البدائي النبيل كما خلصت المداخلة بل على العكس هو الصحيح .
والجدير بالذكر ان الدكتور عبد الله ابراهيم قد استحسن ، نقد محمد عبد الحي لقصائد المجذوب بل اتخذه كاساس لنقد مجمل الرؤية الافروعربية لانسان الجنوب حتي ان البعض اختلط عليه الامر وصار ينسب ذلك الى الدكتور عبد الله ابراهيم .

ثانيا : لا احد قال ان مفهوم البدائي النبيل هو من اختراع عبد الحي . وانما جاء الكلام حسب ما اورده الدكتور عبد الله في تحالف الهاربين ، ان عبد الحي جاء بهذا المصطلح الى حلبة النقاشات الثقافية " .

ثالثا : القول ان هنالك تناقض في موقف محمد عبد الحي ، فلا اري ثمة تناقض ، فكون ان محمد عبد الحي تحدث في سياق معين ، عن تاثر محمد احمد المحجوب بماثيو ارنولد حول دور النخبة في تشكيل الوعي القومي ، هذا لا يعني انه لا يجوز لعبد الحي ان يتاثر باي من المفكريين الغربين . وهل يوجد مثقف جذري لم يتاثر بالفكر الغربي في النظر الى امته . وماذا تكون الماركسية والديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني ؟ وماذا تدرس كليات الاقتصاد والاجتماع غير النظريات الغربية ؟!!!

Post: #299
Title: Re: البداية ثورة 24
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 07:35 AM
Parent: #1

العزيزين منصور المفتاح ومحمد سيد احمد
صحيح الغابة والصحراء لم تقم بروسا ولم يخترعها مكمايكل ،
او ياتي بها محمد عبد الحي ومحمد المكي والنور أبكر
فهي مثلها مثل اي حقيقة اخرى كانت موجودة قبل ان تكتشف ،
وقد بدا الوعى بها منذ ثورة 24
حينما رفض قادة الثورة ان يجيبوا على سؤال الجنسية باسم القبيلة كما اراد المستعمر ،
فاجابوا لاول مرة : سوداني !



Post: #300
Title: Re: البداية ثورة 24
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-18-2006, 07:52 AM
Parent: #299

الاخ الشقلينى حرصت على ايراد مقالات د عبد الله ومن ثم قمت بالاقتطاف
كذلك فعل عجب الفيا ومنصور
وبذلك تحاشينا مكر الاقتطاف
وللقارى فطنته فى التميز بين الاقتطاف الماكر والحميد
لك التحايا

Post: #306
Title: Re: البداية ثورة 24
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-18-2006, 12:18 PM
Parent: #299

الاستاذ عجب الفيا تحبه واخترام لم اعنى ان عبدالحى نظر الى مجمل ثقافه امته بمنظار البدائى النبيل بل قصدت رؤيته لجنوبيات المجذوب تلك القصائد التى تنم عن شاعر بوهيمى تنكر لاصله ونسبه مرحليا جراء الحريه التى لقاها فى اجتراع الخمر دون حسيب او التعرى " حدثنى ثبت ان المجذوب رحمه الله خرج ذات مره عاريا تماما من منزل اثناء وجوده بواو وطبعا اعنى هنا المجذوب الشاعر كى لا اؤخذ بجريره وبكل تاكيد عند كتابتة تلك الخرائد العدميه لم يكن فى مخيلته صوره البدائى النبيل حسب ما يراه جان روسو الامر الذى اقحمه عبدالخى قسرا فى حديثه عن تلك الخرائد..
امرا ثانيا تناقض عبدالحى الناقد ومحاولته ربط اى اثر جمالى قومى محلى بموروث غربى امرا يجده اى متامل لتراث عبالحى النقدى تحديدا رسالته بالانجليزيه عن التراث والاثر الرومانسى الغربى فى الشعر العربى الرومانسى المعاصر تحديدا عندما يشير الى بعض خرائد التجانى ويقارنها بقصائد مترجمه من الانجليزيه كانت تنشر فى مجلات عربيه فى حياه التجانى بزعم ان التجانى كان قد يكون اطلع عليها كذلك لاحظ محاولاته تفسير وربط الكثير من صور الطبقات لو دضيف الله بهجره اساطير من التراث اليونانى دون ان يهتم كثيرا بتخلف وسائل الاتصال وقتها الامر الذى يؤكد عدم ثقته فى فكر وجمال امته ثم لاحظ تفسيره النقدى لقصيده الواثق " ام درمان تحتضر" باسلوب مباشر يبعد عن توطين القصيده فى بيئتها المحليه ويربطها قسرا بالمركزيه الاوربيه.
تحدث عبد الحى كثيرا عن طنبل فى فى اكثر من مره علما ان طنبل يدعو لتوطين الثقافه كما تحدث عن المحجوب المتناقض الذى يبرر اى جمال سودانى بمنظور غربى فانحاز عبالحى كثيرا للاخير ربما دون قصد او بفضل ثقافته العميقه وتربيه اكسفورد الباديه فى ذهنه.
قلت ان جنوبيات المجذوب تشف عن موقف عدمى فردى جراء انبهار بحريه شخصيه تتيحها اعراف لا تلتزم بدين سماوى لشاعر نشا فى بيئه محافظه صارمه هزمته مستقبلا فى اخريات عمره والدليل كتابته رساله لعبدالحى منشوره فى حروف يعتز فيها باصله العباسى عليه لم تكن جنوبياته انتماء بل عبث ورؤيه عدميه هدمها الزمن والعمر ولتاكيد اكثر حول منظار البدائى النبيل الذى استعمله عبدالحى كثيراوليس دائما فى التعامل بعض ثقافه امته تجد من مراجعه فى " العوده الى سنار" كتاب لمستشرق عن " ديانات الدينكا" نظر فيه الى تلك القبيله الثريه الاسطوريه بمنظار جاك روسو

Post: #302
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-18-2006, 08:16 AM
Parent: #1




عزيزنا الفيا في صفحة السماء


تحية لك وكثير من الاحترام لما تكتب ، وكذلك الاحترام
موصول لجميع المشاركين في ( البوست) بلا استثناء .

توضيح واعتذار


عندما طلبت أنا من يمدنا بنص تحالف الهاربين ، قصدت بالفعل أن نبتعد عن مكر الاقتطاف ، وأهديتني أنت ( اللنك ) ولم يكن موصول أو مُزيلاً بـ ( يتبع ) ، ولم تُذكر في الصفحة حسب ( اللنك ) الذي أهديتني إياه أية مواصلة للصفحة التي نقلتها .
ونقلت أنا عن الإصدارات حسب ما ورد في ملفك ، بإستثناء
( مصدر سودانايل ) الذي قرأته فيه أنا منذ زمان !.
وجدت سلسلة من المداخلات ، ولم أنظرها ظناً مني أنها خارج النص !!
ونقلت ما نقلت .

وأنا أعتذر عن ذنب ، كان السرد فيه بدون ( وصلة ) هو السبب ،
وأنا أعجب أين المكر في ذلك النقل ؟

فالمكر وفق ما أرى ( تخير اقتطاف يعين صاحب الرأي بإهمال متعمد لبقية النص ، تغليباً لفكرة في وجه أخرى ) .

سيدنا الكاتب ( الفيا ) الذي نقدره خير تقدير ، ولم أزل ، ولن ينقص من ودك في القلب رعشة هُنا أو ضباب هُناك . فأنا في كل ما أكتُب شعلة من الاهتمام للمحاور ، أُكسبه الخير ما استطعت ، ولم أكُ ماكراً لا في الالتفاف حول النصوص أو بترها ، وما حدث هو ( سوء نقل ) على أقصى ما يمكن من وصف ، وإنني لم أبتني فكرة تُدخلني زُمرة الماكرين أو المُترصدين سعياً لغلبة رأي أو هزيمة مُحاور ، بقدر ما قصدنا الثراء . وقد نثرت الكثير من ود الحديث كي نتجاوز صغائر الحوارات التي تدور في السماوات ( السودانية ) ، دوماً تصل القمم ثم تهوي وينفض السامر !

نفتح صفحة بيضاء ( عديلة وبيضاء ) :

عندما قال الشاعر عبيد عبد الرحمن :

تحت فيحاء الخميلة .. كُنا والأطيار تُغني
ترقُص الأطيار تُمني .. بيننا أوجه جميلة

لكنني أمكر ( مكر الخير ) :


لكي أحفظ ( الأوجه جميلة ) الصورة ، سأكتفي بالقراءة ،

والتحية لجميع الأحباء هُنا .



عبد الله الشقليني
18/10/2004 م



Post: #303
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 09:13 AM
Parent: #302

عزيزي الشقليني وانا كذلك اعتذر للحدة غير المقصودة ،
ويبدو ان عبارة مكر القطف هي التي اثارت سوء التفاهم هذا لانني اكثر المعنين بها بيد اني الوحيد تقريبا الذي ياتي باقتباسات من تحالف الهاربين .
لقد كان المقال منشور بالتتابع في بوست الأفروعربية فقط تحتاج بعد فتح الصفحة الاولي ان تنزل الى تحت مرة اخرى الى ترتيب المداخلات لتفتح الصفحة التي تليها وهكذا .

عموما يا سيدي تجدني شديد الاسف لسوء التفاهم الذي حدث من الطرفين وارجو ان تواصل معنا والعترة بصلح المشية كما يقولون . خاصة ونحن نحتاج لرايك حول الكثير مما ورد في مقالة : تحالف الهاربين .

Post: #304
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-18-2006, 09:28 AM
Parent: #302

الأستاذ عبدالله الشقلينى سلام لك بقدر ما تنؤ به جبال الأرض وكذلك الود والإحترام....عزيزى ليس بعد هذه الرحلة الشاقة فى البوست أن تتوقف عن الآتيان بقدحك يا حاتمى المعرفه وتبقى على القراءه كسائر من يطالع وأنت من يلطف بين الناس كلما نشبت سحابة صيف وانتصبت فى سماء الحوار فكن مكانك لا أحسب أن هنالك مكرا كما بدأ لك مقصودا من أى من الإخوه فإن بأن فهو مكر حميد ياتى بمعرفه وهو مكر الحوار الهادف فالناس تمكر ورب الناس يمكر (ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين) ولكننا وأنت واحد من الكل نسعى لإخراج معرفه فحسب فلك نعتذر إذا تلمست ما يمس بك ولكن وجودك مهم فلا تذهب ولك الودوالسلام........................................




منصور

Post: #307
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-18-2006, 02:38 PM
Parent: #302

الاستاذ الشقلينى تحيه اغنيه الكاشف " الجمعه فى شنبات"التى خنمت بها مداخلتك ونسبتها الى عبيد عبدالرحمن شاعرها هو خالد ابو الروس وليس عبيد لفائده التوثيق.

Post: #308
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-18-2006, 06:58 PM
Parent: #307

الاخ/ احمد الامين

شكرا لك على المرور

وأتمى ان يكون ذلك بداية لمداخلات قادمة كنت اتوقعها منك

Post: #305
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 10:24 AM
Parent: #1

الحبيب عبد الله الشقليني
جاء في تعليقك على نشر الجزء الاول من مقال تحالف الهاربين :
Quote: أما النص فهو صورة شمسية كاملة للفكرة وفق ما أرى
وقد وردت هذه الفقرة في نهاية الجزء المنشور ، يقول صاحب تحالف الهاربين :
Quote: الأفرورعربية ، في نظر دعاتها ، هي عمل واع لاستعادة " الدم الأفريقي ودراسة ذلك الجانب من ميراثنا والذي أهمل لمدة وأعنى التراث الزنجـى " (15) . وهي تريد بذلك أن تتلافى قصور مدرسة الفجر التى وعدت بالذاتية السودانية ، غير أنها أهملت التراث الأفريقى . وقد قصدت هذه الاستعادة للدم الأفريقى أن تحجم بوعى انتماء السودان الشمالى إلى العروبة حتى تستقيم الأفروعربية

السؤال هو هل تتفق مع الدكتور عبد لله على ابراهيم في ان رد الاعتبار للمكون المحلي الافريقي في ثقافة انسان شمال السودان هو تحجيم للانتماء للعروبة ، ام انه اعتراف بحقيقة وجودية لا يمكن المغالطة فيها وتصحيح لمعادلة كانت مختلة ؟

Post: #309
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 08:43 PM
Parent: #1

الاخ الاستاذ احمد الامين احمد نرحب بك مجددا :
شكرا على التعقيب وقد اثرت عددا من القضايا التي ستدفع بهذا النقاش الى آفاق ارحب .
تقول :
Quote: لم اعنى ان عبدالحى نظر الى مجمل ثقافه امته بمنظار البدائى النبيل بل قصدت رؤيته لجنوبيات المجذوب تلك القصائد التى تنم عن شاعر بوهيمى تنكر لاصله ونسبه مرحليا جراء الحريه التى لقاها فى اجتراع الخمر دون حسيب او التعرى " حدثنى ثبت ان المجذوب رحمه الله خرج ذات مره عاريا تماما من منزل اثناء وجوده بواو وطبعا اعنى هنا المجذوب الشاعر كى لا اؤخذ بجريره وبكل تاكيد عند كتابتة تلك الخرائد العدميه لم يكن فى مخيلته صوره البدائى النبيل حسب ما يراه جان روسو الامر الذى اقحمه عبدالخى قسرا فى حديثه عن تلك الخرائد..

وردت كلمة خرائد مرتين في هذا الاقتباس ولعلك تقصد قصائد . فالخريدة هي الفتاة العذراء البكر التي لم تطمس وجمعها خرائد . وردت كثيرا في شعر المجذوب .
ثانيا ان محمد عبد الحي لم ينظر الى ثقافة امته ولا حتى الى ثقافة الجنوب بمعيار البدائي النبيل وانما انتقد قصائد المجذوب لانها صورت الجنوبي كبدائي نبيل . اي ان محمد عبد الحي يتفق معك في نقد المجذوب . فانت لست على خلاف مع عبد الحي في نقده لقصائد جنوبيات المحذوب. كل ما هناك انك تصفها بالعدمية اما عبد الحي فاستعمل مفهوم رومانسي في وصفها وهو مفهوم البدائي النبيل . بمعني ان هذه القصائد حسب عبد الحي ، صورت الجنوبي كانسان حالم غير واقعي يعيش بلا مشاكل وبلا هموم حياتية .
اما كون انك تنكر على عبد الحي استعماله تعبير البدائي النبيل بحسبانه تعبير اجنبي مستلف من جان جاك روسو . فهذا اختلاف شكلي لا يغير في رؤيتكما المشتركة في نقد المجذوب . طبعا المجذوب ربما لم يكن يعرف البدائي النبيل وربما لم يخطر بباله قط ولكن ذلك لا يمنع اي ناقد ان ينظر الى تلك القصائد باي منظار كان ! باختصار لا اري اي مبرر لمحاكمة عبد الحي لمجرد انه استعمل تعبير اجنبي لنقد تجربة شاعر سوداني والا وجدنا انفسنا قد حكمنا على كل النقد الادبي بالعدم !!.
و مصطلح النبيل البدائي ، معروف في الدراسات الاجتماعية والانثربولوجية واظنك تابعت الحوار الذي دار حوله هنا . ولعل اصدق دليل على ذلك ان الدكتور عبد الله ابراهيم استعمل مصطلح البدائي النبيل في نقده لنظرة الافروعربية الى انسان الجنوب على حسب ظنه هو . فاذا كان هنالك احتجاج على المصطلح فهذا الاحتجاج يوجه ايضا للدكتور عبد الله على ابراهيم . وبالتالي القضية ليست في استعمال مفهوم البدائي النبيل وانما هل كان عبد الحي صائبا في نقده لقصائد المجذوب ام لا ؟
اما انا فلا اري ان المجذوب كان عدميا في الجنوبيات ، بل كان صادقا وكان يعبر عن تجربة حقيقة عاشها بين الجنوبيين . فشرب الخمر في الثقافة الافريقية ليس محرم بل يرتبط ارتباطا وثيقا بالطقوس الدينية والافراح الاتراح وحب الغناء والموسيقي والرقص حقيقة ومن سمات الانسان الافريقي وليس في هذا منقصة ابدا كما يحاول ان يصور الدكتور عبد الله . وارتداء الملابس الى وقت قريب لم يكن معروفا عند الجنوبيين وبعض النوبة والانقسنا . وقد اسرت المجذوب حياة الطبيعة والبراءة هو القادم من بيئة متشددة يحكمها الرياء الاجتماعي . فتنمي ان يعيش مثلهم وان يتغمس اسلوب حياتهم وكان صادقا في ذلك ولا اري في ذلك عدمية .
مهما يكن من امر علينا ان نحاكم المجذوب كشاعر وليس كمنظر او باحث في الاجتماع او الانثربولوجيا . فللشعر منطقه وللبحث العلمي منطقه . وان نحمد له هذا التفاعل الوجداني المبكر مع انسان الجنوب حتى ولو تنكر له بعد ذلك .علينا ان نتخلى عن هذه النظرة العدمية مع كل ما لا يروق لنا والا نحاكمه باثر رجعي.
اما الدكتور عبد الله على ابراهيم ، عالم الاجتماع والباحث الانثربولوجي والمختص في شئون الثقافة هو اولى بهذه المحاكمة من المجذوب فهذه هي صنعته . وهنا اسمح لي الاخ احمد الامين احمد ان اوجه اليك سوالا مباشرا يصب في جوهر هذا النقاش : ما رايك في تنكر الدكتور عبد الله علي ابراهيم للمكون الافريقي في انسان شمال السودان ؟ هل رد الاعتبار لهذا المكون ما هو الا حيلة للهروب بحثا عن حياة بوهيمية ومؤامرة علمانية لتفكيك وخلع الحضارة العربية الاسلامية ؟ هل صحيح ان هذا المكون الافريقي المحلي واقع مطموس لا اثر له في حياتنا ؟؟ هل تتفق معه في ذلك ؟

ساعود للرد على مقارنة عبد الحي لقصيدة "الصوفي المعذب" مع قصيدة الشاعر الانجليزي ورد وردث ،
واشارته الى الوشائج الثقافية بين اسطورة الشيخ اسماعيل ومجمل التراث السوداني القديم والمؤثرات الاجنبية الاخرى .

Post: #310
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-18-2006, 09:14 PM
Parent: #1

الاستاذ احمد الامين تقول :
Quote: ولتاكيد اكثر حول منظار البدائى النبيل الذى استعمله عبدالحى كثيراوليس دائما فى التعامل بعض ثقافه امته تجد من مراجعه فى " العوده الى سنار" كتاب لمستشرق عن " ديانات الدينكا" نظر فيه الى تلك القبيله الثريه الاسطوريه بمنظار جاك روسو

لا توجد في قصيدة العودة الى سنار أو هوامشها اي اشارة الى مصطلح البدائي النبيل ،
لعلك تقصد بذلك اشارته في الهوامش الى قوله :

الليلة يستقبلني أهلي
....
ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصن الماء

يقول في هوامش القصيدة :" جلد الفهد لباس قداسة وطقوس عند الدينكا من قبائل جنوب السودان النيلية . انظر في ذلك كتاب لينهاردت " الالوهية والتجربة : ديانة الدينكا " اكسفورد 1961 ص 84 . وهو قراءة انثربولوجية في المدلول الرمزي لطقوس تلك القبيلة . " - انتهى .

اذن لا توجد اشارة لا ، في القصيدة ولا في الهوامش الى البدائي النبيل . وليس كل مستشرق كتاب عن افريقيا كتب بمفهوم تأمري . علينا ان نتخلص من هذه النظرة "السعيدية " التي تبناها الدكتور عبد الله ابراهيم بحذافيرها مع كل الذين كتبوا عن ثقافة وتاريخ السودان وافريقيا .
وكل ما استخدمه عبد الحي من هذا الكتاب هو استعارة وصف طقس من طقوس الدينكا هو لبس جلد الفهد كرمز ديني ، وهذه معلومة يمكن التاكد منها . ولا يجوز ان نجعل منها سببا لمحاكمة عبد الحي بزعم انه نظر الى ثقافة امته بمنظار غربي ؟؟
وبالمناسبة مفهوم البدائي النبيل اكرر المفهوم ، عند جان جاك روسو مفهوم نبيل جدا وبريء جدا انه مفهوم فردوسي لانسان الارض .

Post: #311
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-18-2006, 11:56 PM
Parent: #310

مرحبا بالأستاذ :
أحمد الامين
اضافة نوعية للحوار،
ونشكر ه على تلبية الدعوة.
و اعتقد ان مساهمته القت بظلال جديدة،
حول مصطلح :
البدائي النبيل
مرحبا به مرة أخرى،
المشاء

Post: #312
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-19-2006, 03:43 AM
Parent: #311

أدناه بعض مما ورد في رد لبولا على :
هاشم الحسن:
ونرجو ان ينضم الى النقاش،
رغم صعوبته،
و هذا واضح من كلام بولا:

Quote: يا زول العفو أنت وأقرانك الحداثيين الطلقاء الجدد، "لم تجيئوا في اللفة"، كما قلت، بل في قلب مُوَلِّد طلاقة الحداثة نفسه في تقديري. وقد أمتعتني أيما إمتاع مداخلاتك الباسلة في بوست "الآفروعربية"، لا لِأنه يوافق رؤيتي ومذهبي في مطلب إنصاف المخالف عموماً، والمخالف المتمثل في تلك الحالة المحددة في عبد الله على ابراهيم، وإلى حدٍ ما في حسن موسى، وأقل من ذلك في شخصي، فيما أتصور، أو أتمنى، بل لأنك ذهبت مذهباً صبوراً وموفقاً وأصيلاً في منهج قراءة النصوص، وإيراد النصوص في مقام الشهود والمحاجَّة، أمام عقيدة عجب الفيا الصمدة، التي تسعى إلى جِلْدِ عبد الله وجلودنا، حسن، و(أنا بدرجةٍ أقل)، بأي ثمن. كان أداؤك في اعتقادي بارعاً وباسلاً وصادقاً، إلا أن عبد المنعم كان قد أصدر حكمه منذ البداية، من "قولة تيت" كما قلتُ في مكانٍ آخر، وهو ليس مشغولاً بالإنصاف المعرفي، الذي هو مبدأٌ عضوضٌ في النقد، بل بالإدانة. فعبد الله في نظره ليس مخطئاً، ولا متناقضاً، ولا مزَلزَلاً، ولا شاطحاً فحسب، مما يمكن أن يلحق بنا جميعاً من صروف حظوظ النفس وتقلباتها المفضية إلى مجانبة الصواب والإبانة والاستقامة، في هذه اللحظة أو تلك، وفي هذا الموقف أو ذاك، (وحتى هذا ليس مما أوافق عليه منعم بإطلاق)، بل هو في نظره "مخاتلٌ"، و"مراوغٌ"، و"صاحب مشروع إسلاموي مدسوس متخفٍ وراء اللغة" و" الحيل الاسلوبية"، ومحَقِّر وطارد لثقافات الوطن الأخرى، بل و"داعية إلى الإنفصال وإلى استقلال الجماعة العربية الإسلامية بوطنٍ خاصٍ بها"، حتى أنه من الممكن مقارنة دعوته بدعوة الطيب مصطفى الشهيرة، وليس أقل من ذلك. بينما يقول نص عبد الله الأساسي الذي ينطلق منه عبد المنعم في "نقده" له، أي مقال "الآفروعربية أو تحالف الهاربين"، في خصوص التأسيس للتعايش الثقافي المعافى: " فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الإقرار بقوامين (أو أكثر) للثقافة السودانية. قد تمتزج هذه القوامات، وقد تتبادل التأثير والتأثر، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق." وليست هذه خطة إنسان يدعو إلى انفصال الشمال "الكامل"، على أقل تقدير. بل هذه هي خطة الحكم الذاتي الإقليمي التي يوافق عليها جميع الديمقراطيين التعدديين الحقيقيين ويطالب بها الديمقراطيون الوحدويون الجنوبيون، ويقاتلون من أجلها. وهو يقول في المحاضرة التي أفرغ نصها عبد المنعم نفسه " أنا سبيلى إلى ذلك، أن أحرر نفسى وأحرر جماعتى من امتيازها، إسقاط الامتياز والاندغام في وطن متساوٍ متكافئ متآخٍ". وكما يقول الفرنسيون "إن على المرء أن يصحو مبكراً جداً" ليجد في هذا النص بالذات، في نص المحاضرة كله، ما يدعو إلى انفصال الشمال واستقلاله عن بقية الوطن! ويمكن للمرء أن يجد في نصوص عبد الله في السنوات الأخيرة الكثير من الصواب والكثير من الزلل، والجوباك، والشطح، والتعبير الملتبس أو غير الموفق. إلا أن عبد المنعم لا يريد أن يرى صوابه،

فهولا يحفل إلا بالثناء، ولا يقيم أي وزنٍ للرأي المخالف. بل دائماً ما يسفهه ويرجعه إلى أسبابٍ شخصية. فانظر ماذا قال عن محاولاتي أنا في صده عن الغلو: " ان حديثك عن دكتور عبداللهويقرأه كيفما اتفق، يقرا سَطُر ويفُطْ سَطُر كما قلت في مكانٍ آخر من هذا البوست. ويقوِّل النص أكثر مما يقوله، وما لا يقوله أصلاً أحياناً. ولذا فإنني لم أشارك في المناقشات التي دارت في بوست عبد المنعم الأول ولا الثاني. لا تجاهلاً أو تقليلاً من قيمة المداخلات الباسلة التي قصد أصحابها إلى حث عبد المنعم على قدرٍ من التراجع عن عقيدته الصمدة، وإلى قدرٍ مستحقٍ من اعتبارٍ للآراء والقراءات المخالفة، بل لأن مناقشة منعم في هذا الأمر تبدو لي حفراً في البحر،

ابراهيم بانه اتغش في ناس الانقاذ وان الشريعة التي يدعو الي تطبيقها افضل من افاعيل ناس الانقاذ ،هو قول يكشف عن مبلغ الحب الذي تكنه لهذا الرجل، ويعطي الانطباع انه مهما قال ويقول سوف لن يلقي منك سوي الرضا والمنافحة والمدافعة. وبالتالي يصعب جدا ادارة اي حوار نقدي حول افكار ومواقف الرجل". يعني موضوعي طلع كله حب وكده. مع إنني كنت قد قلت بصريح العبارة إن موقف عبد الله من الإنقاذ، في سنواتها الأولى بالذات، حين كانت، طليقة اليد تضرب وتفتك وتنتهك، بلا رادعٍ ولا وازع، موقفٌ يستحق التقريع والحزم، ومن واجبه علينا أن يوضح لنا ذلك بخطابٍ مبين ومن واجبنا عليه أن نزجره عن ذلك بنقدٍ حازم. وقلت إن هذا الموقف لا يشبهه، وإن عبد الله كتير وكتير جداً على الإنقاذ، وعلى مهادنة الإنقاذيين ومجاملتهم لأي سببٍ من الأسباب. وقلت إن خطاب عبد الله أصبح مربكاً، ومتناقضاً. ولم أقل أصلاً إن عبدالله "اتغش في ناس الانقاذ وان الشريعة التي يدعو الي تطبيقها افضل من افاعيل ناس الانقاذ." ولا أعرف من أين أتى عبد المنعم بهذا المنهج في التأويل!! إلا أن عبد المنعم لا يحسب حساباً لضرورة تأمل دقائق خطاب المخالف والوقوف عندها. وأكرر مرةً أخرى أن شديد الاحتفاء بالثناء. وهو قبل ذلك قد حسم الأمر بوضع نفسه ومثله الأعلى في الصواب، "رواد مدرسة الغابة والصحراء"، في خانة القراءة المعرفية ووضع مخالفيه في خانة "الأوهام الإيديولوجية"، ومثل هذا التصنيف للمخالف، من قولة تيت: من العنوان نفسه، لا يصلح قاعدةً لأي حوار. كما لا يصلح قاعدة لأي بحثٍ معرفيٍ حقيقي لأن البحث المعرفي لا يزعم لنفسه ولمصادره الصواب المطلق، ولا يضع الأحكام والنتائج قبل التحليل، وفي العنوان كمان! لم يكن بإمكاني أن أشارك في حوارٍ يبدأ من مثل هذه النقطة وبمثل هذه المنهجية التي تنفي عن المخالف أي احتمالٍ للصواب، وتضعه جملةً وتفصيلاً في خانة "الأوهام" المحضة، وتؤوِّل قوله كما تريد. ولتتأمل على سبيل المثال هذا القدر الاطمئنان الذي تشيعه وتخبر عنه هذه العبارة التي صدرت عن منعم في تقرير الصواب لرؤية رواد مدرسة الغابة والصحراء في توصيف "الهوية الثقافية السودانيه"، فمنعم يقول: "والحقيقة لا توجد قراءة في توصيف الهوية السودانية، أصدق من قراءة جماعة الغابة والصحراء ذلك لأنها تنطلق من الواقع العياني الملموس وتتطابق معه". تَمَّتْ خَتَمَتْ كسِّر قَلَمَكْ. بل يذهب منعم في الزراية بالمخالف، الذي هو هنا عبد الله نموذجاً لا غير، إلى حد اعتبار مجمل مساهماته في الحركة الثقافة مشروعاً مخبوءاً كشفت عنه قراءته هو "المعرفية المحضة العضوض"، فهو يقول في مقالته التي يرد فيها على محاضرة عبد الله "ولكن الدكتور قد كشف اخيرا، عن افكاره الحقيقية التي ظل يداريها ولا يبوح بها طيلة ،سنوات مشواره في الكتابة ،في شان الثقافة السودانية". وهذه العبارة تشمل بالطبع سِفر عبد الله الرائد "الماركسية ومسألة اللغة في السودان". وهو الكتاب الذي كرسه عبد الله لنقدٍ حازمٍ وشافٍ، هو الأول من نوعه في نقد تنصيب اللغة العربية لغةً رسمية بمنطوق الدستور في بلدٍ متعدد اللغات، الأمر الذي رأى فيه تتويجاً ل"خيلاء ود العرب الضارة" (العبارة من الكتيب المذكور)، وتعبيراً أعلى عنها. وقد أعلن عبد الله عزمه نشر هذا الكتيب مؤخراً، ولعله الآن قد طُبع أو هو قيد الطباعة. مما يعني أنه مازال على آرائه التي عبر عنها فيه. وهي آراءٌ بعيدةٌ جدا عن مشروعٍ إسلاموي مخبوء، وعن إعلان الدعوة إلى الانفصال. ولعل من أطرف شطحات منعم وتأويلاته العجيبة أنه نصَّب عبد الله مؤخراً ممثلاً ل"وجهة نظر كل اليسار الماركسي"، وهاك العبارة التي تحمل هذا التأويل المذهل: "والاراء التي يعبر عنها هنا الدكتور عبد الله لا تمثله هو شخصيا بل تمثل اليسار الماركسي العريض الذي يقدم الدكتور كواجهة فكرية له، طالما لم يصدر من اليسار حتي الان ما ينتقد او يتعارض مع هذه الافكار". اللهم إني أتبرأ إليك من "طلاقة" تأويل عبد المنعم. وهذا يعني أن "اليسار الماركسي العريض" أيضاً عنده، فيما وراء "الستار الماركسي العريض" نفسه، مشروعٌ إسلامويٌّ مخبوء ويسعى إلى استقلال الجماعة العربية ـ الإسلامية عن الوطن، واستقلالها بوطن على قدر مقاسها!! هذا ما يقوله منطق العبارة ومحمولاتها من غير كبير حاجةٍ إلى تأويل، بل من غير حاجةٍ إلى تأويلٍ أصلاً. عاد النقاش كيفن مع الحالة دي يا هاشم؟

بهذا أعتذر لك (ولأسامة والنور) عن عدم مشاركتي لكم في كفاحكم الباسل لكفكفة غلواء منعم التي لا يضبطها أي ضابطٍ من ضوابط التأويل وشروطه، ولا مجال فيها لصوابٍ ممكنٍ يأتي من جانب المخالف.

وأرجو أن تعذرني أيضاً في موضوع الاعتراض على نقل مداخلاتي من بوست النور إلى، بوست منعم، (وهو في الواقع اعتراض تناقل نصوصي (ونصوص غيري) أصلاً من غير استشارةٍ وقبول)، فأنا يا سِيْدي لم أكن قد قرأت اقتراحك، عندما عبرتُ لمنعم عن اعتراضي، بل كنتُ قد قرأت اقتراح فردة واستجابة منعم له فحسب. فمعذرةً، مع إنني كنتُ سأعترض في كل الأحوال. وليس في الموضوع، من جانبي تمييز أيٍ منكم على الآخر. وليس لرفضي علاقة بالتفاضل والتمييز أصلاً. بل له صلةٌ بحقوق المؤلف أصلاً. وبفوضي نقل النصوص التي تجتاح وسائل إعلامنا المقروءة بصورةٍ مزرية.
لك عامر مودتي وجزيل شكري، وإلى اللقاء في مداخلاتٍ أخرى لو أنني استطعتُ الصمود.

بــولا
<a href="http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=profile&nickname=¤da¤c8¤cf¤20¤c7¤e1¤e1¤e5¤20¤c8¤e6¤e1¤c7" target="_blank">http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=p...e1¤e5¤20¤c8¤e6¤e1¤c7

Post: #313
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-19-2006, 04:14 AM
Parent: #312

اخونا الخواض
عليك الله اعتق عجب الفيا شوية
نحن هنا نحاول مناقشة الافكار
يعنى فى كلام بولا دا كلو
انت مهتم فقط بالهجوم على عجب الفيا
وبالتسطير المغرض
تحت اى فقرة فيها هجوم على عجب الفيا خاتى سطر
دى طريقة ما بتقود لحوار

Post: #314
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-19-2006, 05:01 AM
Parent: #313

الاخ عجب الفيا تحيه كلمه خرائد التى استعملتهاانا مرارا اعنى بها القصائد وليس الفتيات العذارى كما اشرت انت لان العرب فى الجاهليه كانوا يستعملونها مجازا فى وصف القصائد...
لم اقول وجود لفظ " البدائى النبيل" فى هامش العوده الى سنار بل قلت توجد اشاره مرجعيه الى كتاب لمستشرق غربى عن ديانات الدينكا السحريه الاسطوريه وعنيت بذلك تعامل هذا المشتشرق مع تراث الدينكا الروحى بمنظار البدائى النبيل علما انه ظهرت بانجلتره حديثا اراء تفند مجمل كتابات المستشرقين والرحاله الغربيين الذين تعاملوا مع قبائل ومجاهل وروحانيات افريقيا او الشعوب البدائيه " مع التحفظ على الكلمه" ووصفتها بالجنوح الى الخيال والكذب والتويل فى تصوير الاحداث وعدم الاصاله لاجل كسب ود فتيات الطبقه البرجوازيه باوربا عند العوده الى صالوناتهم!!!
سؤالك المباشر حول راى فى تناقض عبدالله على ابراهيم ورفضه المكون الافريقى اجابته اذا حاولتها ستطول وتدخل فى اشياء حياتيته خاصه علما انى تتلمذت اكاديميا على عبدالله على ابراهيم وعبدالحى واكبر المصاعب ان تكتب رايا فى انسان تتلمذت عليه خاصه انى سوف الجا لمواقف خياتيه خاصه بعضها متعلق بمراقبه لاراء ومواقف يوميه عليه اخنم باختصار ان اكبر سمه لهذا الجيل هو التناقض الفكرى والشخصى وربما السلوكى.
الاستاذ الخواض اشكرك على التحيه وكذلك الاخ حيدر ولكما الود

Post: #317
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-19-2006, 07:50 AM
Parent: #314

الاستاذ احمد الامين
شكرا على التعقيب ودعنا نتجاوز حكاية الخرائد دفعا بالحوار الى الامام
تقول:
Quote: لم اقول وجود لفظ " البدائى النبيل" فى هامش العوده الى سنار بل قلت توجد اشاره مرجعيه الى كتاب لمستشرق غربى عن ديانات الدينكا السحريه الاسطوريه وعنيت بذلك تعامل هذا المشتشرق مع تراث الدينكا الروحى بمنظار البدائى النبيل

اخي احمد كل الذي اخذه عبد الحي من هذا الباحث الاكاديمي الانثربولوجي هو جلد الفهد الذي يلبس كقميص كرمز ديني عند الدينكا وهذه حقيقة واقعية وليس مجرد خيال رومانسي فانتازي ولا زالت موجودة وتمارس . ليس كل باحث غربي ، متآمر على تاريخ هذه الشعوب "البدائية " .هذه هي النظرة العدمية بعينها انها نظرية المؤامرة لا زالت تتحكم فينا .ولا فرق بين هذه النظرة ونظرة سائر السلفيين للفكر الغربي .
هؤلاء وتقول :
Quote: سؤالك المباشر حول راى فى تناقض عبدالله على ابراهيم ورفضه المكون الافريقى اجابته اذا حاولتها ستطول وتدخل فى اشياء حياتيته خاصه علما انى تتلمذت اكاديميا على عبدالله على ابراهيم
يعني انك ترى ان هنالك تناقض في مواقف الرجل حول رفضه المكون الافريقي للسودان . وهذا محور نقاشنا : افكار الرجل التي ينشرها حول الثقافة السودانية ، اما الامور الحياتية الخاصة فلا شان لنا بها .

مع الشكر والتقدير


Post: #315
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-19-2006, 05:02 AM
Parent: #1

تحياتي اخي محمد سيد احمد
واضح ان غرض الخواض من ذلك هو التشويش بغرض قطع تسلسل النقاش بعد ان احس ان كل حملات الاستنجاد التي قام بها لم تاتي بما توقعه من نتائج وانه لم يعد لديه ما يقوله وانه لا يجرؤ ان يواجه الاسئلة التي طرحناها حول اراء الدكتور عبد الله ابراهيم حول الهوية ففضل ان يمارس هوايته المفضلة في الكوبي اند بيست .
اما مقالتنا " الآفروعربية بين الواقع ووهم الايدلوجيا " فيكفي انها احدثت هزة في قناعات الكثيرين وانها جعلت المعنيين بالامر يعيدون ترتيب اوراقهم حول قضايا الهوية . وقد اثبتت الايام صحة ما اوردناه من نقد ومن افكار .
لذلك سوف نواصل النقاش وفق الخطة المرسومة .
وسنعقب على ما تبقي من نقاط في مداخلة الاستاذ احمد الامين احمد .

Post: #316
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-19-2006, 07:17 AM
Parent: #1

شكرا استاذ احمد الامين على التعقيب
تقول :
Quote: علما انه ظهرت بانجلتره حديثا اراء تفند مجمل كتابات المستشرقين والرحاله الغربيين الذين تعاملوا مع قبائل ومجاهل وروحانيات افريقيا او الشعوب البدائيه " مع التحفظ على الكلمه" ووصفتها بالجنوح الى الخيال والكذب والتويل فى تصوير الاحداث وعدم الاصاله لاجل كسب ود فتيات الطبقه البرجوازيه باوربا عند العوده الى صالوناتهم!!!

هل يعقل ان نختصر مجهود هؤلاء الرجال الذين افنوا زهرة شبابهم وركبوا المخاطر وغامروا بحياتهم ومستقبلهم من اجل ان ينقب الواحد منهم في تاريخ او لغة قبيلة في مجاهل افريقيا او اسيا او صحراء الربع الخالي ،ان يكون كل همهم من ذلك هو ارضاء فتيات الصالونات ؟؟ هل يعقل ؟!. هذا تعميم مخل ومجحف في حق هؤلاء القوم . والسبب طبعا ادوارد سعيد !! وقد سبق لي ان قلت ان الاخطاء الفادحة التي وقع فيها ادوارد سعيد هي انه خلط بين جهود وانجازات هؤلاء العلماء وبين المطامع الاستعمارية التوسعية . صحيح هنالك قلة وظفها الاستعما ر لخدمة مخططاته ولكن الغالبية من المستشرقين كانوا مخلصين لعملهم . ثم ان هؤلاء المستشرقين هم ذاتهم اساتذتنا الذين يمنحوننا الماجستير والدكتوراة في العلوم الانسانية . طبعا ما عاد يقال لهم المستشرقين .
اما هذه الحركات " الانسانوية " التي تنهي عن استعمال اوصاف مثل بدائي وبدائية فهؤلاء بضحكوا علينا كما يقول المصريين ولو احسنا الظن بهم نقول انهم بجاملونا . ويجب علينا الا ننخدع وان نسمي الاشياء باسمائها . نحن فعلا بدائيون متخلفون و اسلافنا بدائيين نبلاء . اما نحن فبدائيين حافي فاين نحن والنبل كما ترى !!
وهنا استدل بكلام اسامة الخواض حين قال :
Quote: من قراءاتي ومتابعاتي لمشروع عمري حول الحداثة،
توصلت الى أن الحداثة لا يمكن ان تتأسس إلا بالاعتراف باننا متخلفون عن بقية العالم المتطور

قال ذلك بعد فترة من نقاش جرى عن البدائية والبدائي ومن اعمق ما جاء في هذا السياق مداخلة الدكتور النور حمد ، حوار انكار اسامة استخدام وصف شعب بدائي على الاستاذ محمود محمد طه . فليسمح لي القارىء اعادة تلك المداخلة لانها تمسك بعصب هذا الحوار الدائر حول البدائية ومشتقاتها . يقول دكتور النور حمد :

" نعم، لا أجادل في أن الأستاذ محمود قد تبني وصف الشعب السوداني بالبدائية من سياق ردوده على ما كان يروج له خصومه السياسيون وقتها. غير أن ذلك التبني، لم يكن تبنيا استعلائيا، كما حاول أن يشير الأخ اسامة، وإنما تبني لحقيقة واقعية، وهي أن البلاد بلاد متخلفة، في عموم حالها. وهي بلاد، كلما بعد فيها الإقليم عن المركز، كلما كان حظه من التخلف أكثر. والتخلف المعني هنا، هو ضعف الأخذ بأساليب الحداثة، في الإقتصاد، وفي البنيات التحتية، وفي الخدمات، بكل اشكالها، وعلى رأس الخدمات، التعليم، وأهم ما في التعليم، معرفة مجرد القراءة والكتابة. ولا ينتظر، بطبيعة الحال، أن يمارس شعب، تبلغ فيه نسبة الأمية تسعين في المائة، النهج الديمقراطي، بشكل فعال. ولذلك فإن وصف الشعب بـ "التخلف"، و"البدائية" ليس وصفا استعلائيا، متأثرا بالخطاب الكولونيالي، كما يزعم الأخ أسامة الخواض، وإنما هو وصف لواقع متخلف فعلا. وهذا ما من أجله قال الأستاذ، لخصومه في حزبي الأشقاء، والأمة، أن وصف الشعب السوداني بالتخلف، كلمة حق أريد بها باطل. وحقيقة الأمر، أن واقع الحياة في السودان، وخاصة أريافه البعيدة، لا يزال واقعا متخلفا عن نبض العصر، حتى بعد مرور خمسين عام على صدور كتاب "أسس دستور السودان"!!

فهل القول أن أقاليم السودان قد كانت ـ ولا تزال ـ بقاع متخلفة مقارنة بمركزه، قول منكر؟ ولو كان قولا منكرا، فلماذا إذن، هذه الحرب الدائرة في كل بقاع السودان الآن؟ والتي هي، فبي بعض صورها، بعمر الإستقلال، إلا قليلا؟ ولماذا الحديث عن مظالم المناطق المهمشة. ثم لماذا كانت هذه الهجرة الماساوية، التي طوقت خواصر المدن، بمدن الصفيح، والكرتون، التي تنعدم فيها أبسط الخدمات، وأبسط صور العيش الكريم. ألم تكن تلك الأقاليم طاردة لبنيها، بسبب تخلف أساليب العيش فيها؟ لم يقل الأستاذ محمود، ولا غيره، فيما أعلم، أن التخلف، في حياة الأقاليم، ناتج بسبب صفات جينية مشرجة في سكان الأقاليم، تمنعهم من التقدم. وإنما التخلف حالة ناتجة عن ملابسات تاريخية، عمقتها كثير من الممارسات السياسية الخاطئة.

تبنينا نحن، مثقفي العالم الثالث، لصرعات ما بعد الحداثة، ومحاولة محو المقابلات من شاكلة متخلف، ومتقدم، لن تفيدنا في النهوض بأحوالنا. بل بالعكس، فإن تبنينا لخطاب بعض تيارات ما بعد الحداثة، العامدة إلى تحطيم التراتبية hierarchy ، وتفكيكها، وتبطيح الأشياء فوق بساط أفقي، حتى تصبح بلا رأس، ولا قعر، يخلط الأمور، خلطا ذريعا، ويعشي عن الرؤية، ويجعل الأشياء كلها سواء. ويصعب، من ثم، التمييز، بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، وبين الأمام والخلف، وبين التقدم والتأخر. وهذا في تقديري، هو تنبي الخطاب الكولونيالي في أبهى صوره. أعني الخطاب الكولونيالي، أو قل النيوكلونيالي، المندس في أقنعة "إنسانوية" جديدة، وصرعات خرج بها علينا منظرو ما بعد الحداثة، وتكنوقراط الرأسمال، من مسوقي العولمة بمعنى تكريس الهيمنة الرأسمالية. في هذه الأقنعة يظهر بعض مفكري ما بعد الحداثة، الإشفاق على وصفنا بالبدائية، والتخلف، في حين أن ما يقومون بعمله كل يوم، هو الذي يجعل البدائية والتخلف، هما مصيرنا الذي لا فكاك لنا منه. نحن نموت كل يوم، وبمئات الآلاف، بسبب جشع الرأسمال الغربي، وعدم اكتراثه بحيواتنا، وبمصيرنا كبشر. فماذا يضرنا إن جرى وصفنا بالبدائية، منهم أو من غيرهم؟؟!!ا وسأعود إلى لمس هذه النقطة لاحقا.
والتخلف الحضاري كما أشار، الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا، يعني ممارسة أنماط الإقتصاد البسيطة، كما يعني تبعا لذلك، ضعف البنيات الأساسية، وقلة استخدام التقنية، وضعف الخدمات. وللتخلف انعاكاساته العملية، الواقعية، التي تتجسد، على سبيل المثال، لا الحصر، في الأمية، وفي البطالة، وفي انعدام كافة صور الخدمات، وفي ما يتبع ذلك من تفشي الأمراض، ومن تدني في معدلات الأعمار. ولو كانت هناك أمة تقف على النقيض من كل هذه الصور من العجز، فهي أمة متقدمة حضاريا. ولابد من قيام المقابلة بين نقيضين حتى يصبح في وسعنا أن نفهم الأمور فهما يعيننا على النهضة. ولا تكون الحركة ـ أي حركة ـ إلا بين طرفين!! وقد قيل قديما: ((وبضدها تتميز الأشياء)).

المفكر الجاد، هو الذي يسمي الأشياء بأسمائها. بل هو الذي لا يحفل كثيرا بالصرعات، من شاكلة، "أن تكون صحيحا سياسيا". أي أن تقول ما يرضي ما جرى التواضع عليه سياسيا، لا أن تقول الحقيقة!! وصرعة أن تقول ما يرضي المتفق عليه سياسيا، ولا تقول حقيقة ما تعتقد، ظاهرة شائعة في الولايات المتحدة، وهي ما يسميه الأمريكيون: political correctness . وأخشى أن يكون الأخ أسامة قد اشترى بعضا من بضاعة مروجي صرعات الـ political correctness

التقدم، والتخلف حقائق قائمة، وهي حقائق أوضح من أن نقيم عليها البراهين. وقديما قيل: ((وليس يصح في الأذهان شيءٌ، إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ!)). فأكثر من تسعين في المائة من مراحيض عاصمة بلادنا، لا تزال حفرا تغص فوهاتها بالذباب. فهل تقف عاصمتنا، بهذا المعنى، ندا للعواصم، أو الأقطار التي خلفت هذه الأوضاع الصحية البائسة، قبل قرون؟ والغريب أن الأخ أسامة يؤكد، دوما، على التراكم المعرفي! فهل التراكم المعرفي حصر على الشعر، والنقد، والفلسفة، وحدها، أم هو شيء يمكن أن يشمل أساليب العيش، واساليب إدارة الحياة، وتحسين شروط العيش، مما يجسده مبلغ قدرة الجماعة البشرية، المعينة، على ترويض البيئة، واستئناسها، والتحصن ضد غوائلها، وكوارثها، واوبئتها المختلفة. عجزنا في كل هذه المناحي يضعنا، من الناحية الحضارية، في أسفل السلم، رضينا أم أبينا.

ولقد يحلو لي هنا، أن أحاجج بأن ما سمي بتفكيك الخطاب الكولونيالي، وما روجت له، بعض تيارات ما بعد الحداثة، لا يمثل في حقيقة الأمر، سوى حيلة غربية، جديدة، للخروج من عقدة الذنب، الغربية، نتيجة للنهب الكولونيالي لشعوب القارات الأخرى، والعمل الدؤوب للإبقاء على تلك الشعوب، في داخل الحلقة الجهنمية، التي صنعها الرأسمال الغربي. أعني تلك الحلقة الجهنمية، التي تفننت في صنعها البيوت والمؤسسات المالية الغربية، والتي جعلت من المستحيل على شعوب العالم الثالث، إحداث أي نهضة كانت. فكأنهم يريدون أن يقولوا لنا بهذه البدعة الجديدة: أنتم لستم متخلفين، ويجب ألا تقارنوا أنفسكم بالفضاء الغربي! فلكل ثقافة وضعها الخاص بها، ولا سبب لكي تقارنوا، بين أنفسكم، وبيننا، لكي تخلصوا إلى أحكام من شاكلة: هذا متقدم، وهذا متخلف!! فمتقدم ومتخلف لا وجود لها، في حقيقة الأمر!! يريدون أنم يقولوا لنا أن موت الأيفاع، وتفشي أمراض البيئات المتخلفة صحيا، من شاكلة الدوسنطاريا، والتفويد، والغارديا، والبلهارسيا، والملاريا، والسل، وسوء التغذية، إضافة إلى انعدام أنظمة، المياه النظيفة، الجارية، في المنازل، وانعدام الكهرباء، وكل أنواع الخدمات لا تجعل منكم قوما متخلفين، أبدا. وما ذا نفيد من وصفنا بالتقدم، إن كنا نموت كل يوم، بسبب أمراض تمكن الناس من قهرها الناس في البلدان الأخرى، وأصبحت في ذمة التاريخ؟ أخشى أن نكون قد استبطنا الرسالة الرأسمالية الغربية، النيوكولونيالية، لنا، التي ما عدمت في يوم من الأيام، من حجة تلقنها لمثقفينا، فيتلهون بها، في حين يزداد الغربيون غنى، ونزداد نحن فقرا، وموتا!

تنهبنا المؤسسات المالية الغربية كل صبح جديد. وتسبب كل صبح جديد، في موت الأطفال، وفي موت الكبار، في حروب بلا مبرر، وتتسبب في موجات من النزوح الجماعي، لم تعرفها القارة في كل تاريخها، وفي بلاوي أخرى، يخطئها العد. ثم تجيئنا نخبهم الأكاديمية، الباحثة، بكل طريف، وجديد ومبتكر، من شاكلة، "كل ثقافة قائمة بذاتها"، و"لا مقارنة بين ثقافة وأخرى"، و"ليس هناك تقدم، أو تأخر". وان وصف مكان ما، وشعب ما بالتأخر، أمر ينطوي على استعلاء. نشترى نحن هذه الأمور، وندخل في دوامة من الجدل البيزنطي حولها. أما هم، فيتمتعون بكل أفانين الحياة الحديثة، ويبقون في بحبوحات الطلاوة، والدعة، والرفاهية، والأمن، مما جميعه. وحين يصابون بالملل، مما هم فيه، يأتون إلينا بعد أن تصرعهم نبوات النوستالجيا، والرومانسية، لزيارتنا في بؤر تخلفنا، ليمتعوا أعينهم بشيء من الـ EXOTIC ومن الغرائبي المنقرض. يأتون إلى مالي ليروا قبائل "الدوقون"، و"البامانا" وهم يؤدون رقصات الحصاد، وعلى رؤوسهم منحوتات "التشي وارا". ويعرجون على كينيا للصيد، في رحلات السفاري، وفيها يغشون الماساي. ثم يذهبون إلى الكميرون فيشهدون تنصيب الـ "فون" عند قبائل "البومون" و"البمليكي". ويعرجون على السودان، ليروا تنصيب "رث" الشلك في السودان، وربما الوقوف لساعة، في نقع دراويش حمد النيل، الذي تثيره ارجل الدراويش. يشاركوننا الجوانب الإحتفالية، المهرجانية، في ثقافتنا، ولكنهم لا يشاركوننا شظف عيشنا وقسوته، ومخاطره الجمة، إلا في حدود ما تسمح به، وفي حدود ضيقة جدا، عطلة للترفيه، يموضونها، في حدائق إفريقيا التي أصبحت حديقتهم الخلفية، ومتحفهم لصور عيش ما قبل التاريخ!

أخي اسامة، أرجو ألا تنطلي عليك، خدع ما بعد الحداثة، والنزعات "الإنسانوية" الكاذبة التي أخذت تروج لها، وترفعها في مواجهة الأفكار الداعية لنزع الخوذة الفكرية الغربية، التي أُلبست لنا قسرا حينا، أو لبسناها تطوعا، عن غفلة، في أحيان أخرى.. صدقني، إنك تروج لـ POLITICAL CORRECTNESS وهذا لا يخدم محاولات النهوض عندنا، بقدر ما يخدم الإبقاء على الأوضاع، البائسة، الراهنة، و(بفلسفة عالية كمان). هذا يا أخي مجرد طعم جديد! "


انتهى كلام دكتور النور حمد

عن اثر مفهوم "البدائية" على الفكر "المحمودي"

Post: #318
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-19-2006, 10:04 AM
Parent: #316

الاخ عجب تحيه طيبه يهمنى جداان نتفق على وجود مرجع عن ديانات الدينكا على هامش العوده الى سنارلمؤلف مستشرق ينظر لبعض شعوب افريقيا بمنظار البدائى النبيل لانىقلت بذلك وانت لم تقرا ماقلته جيدا ونفيت وجود ما اسميته انت " البدائى النبيل" على الهامش رغم انى لم اقل ذات اللفظ بل اشرت الى الكتاب كذلك ضرورى التامين من جانبك اننى استعملت مفرده خرائد بمعناها المجازى لوصف القصائد فى الجاهليه لانى اهتم كثيرا بدقه اى مفرده استعملها." كى لا اتهم انى اجهل هامش العوده الى سنار"
الدراسات التى قلت لك ظهرت باوربا او بريطانيا تحديدا تعيد تفسيركتابات المستشرقين والرحاله فى بدايات عصر الاستعمار لادخل لادوارد سعيد واستشراقه بها بل اصحابها افراداوربيين اكاديميين باكسفورد وكمبردج واعدك سوف انشر جانبا منها بالانجليزى كاشارات رغم بعد المصدر عنى جغرافيا الان لكنه سيصلنى ان شاءالله ولك الود.
بخصوص التناقض السلوكى والحياتى الذى ذكرته حول عبدالله على ابراهيم وجيله وذكرت انت ان لادخل للسلوك الحياتى بالفكر هذا امر ارفضه حسب تكوينى لان الفكر فى مجمله موجها للسلوك اذكر ان الصادق المهدى ذكر فى حوار اثناء حكمه انه اقرب فكريا للجبهه واقرب سياسيا للشيوعين لذالاحظ اين ساربه وحكمه هذا التناقض؟ بعدين عبدالحى من واقع المعايشه اثناء التتلمذ عليه كان يحيرنى كثيرا بارائه غيرالثابته فى امور لها صله بفكره مره دخلت مكتبه احمل ديوان التجانى سعيد " قصائد برمائيه" فزجرنى بحده قائلا هو شعر ولابلاعه " لاحظ وفره حضور الحيوان فى شعر عبدالحى" وطلب منى ان لا اقرا هذا النوع من الشعر بل حدد لى الرجوع الى البحترى وجيله ثم مره اخرى صدفه دخلت له وفى يدى الحماسه لابى تمام " مختارات" فزجرنى بحده قائلا لى هذا شعر قديم وانت رجل معاصر فعليك بالشعراءالمعاصرين والمؤسف وهذا امر سكت عليه كثيرا ربما احتراما للخواض فى مقرر اكاديمى حول الشعر الانجليزى الحديث تعرض عبدالحى الى شرح البنيويه باعتبارها من المناهج الحديثه فى النقد لكن المؤلم عند نهايه شرحه قال لنا هذا التظريه الفارغه تفهوها هنا بس لكن اذا اشتغلتم بالنقد لاحقا فلا تحفلوا بها!!!!مما سبق عندما اقيم انسانا اجدنى مضطرا للتعامل مع كل سلوكه وفكره ولعلك لاحظت يا عجب ان فى الغرب صارت الكتابه عن اى مفكر او شاعر تتعامل حتى مع رسائله الخاصه الامر الذى هدم اراءقديمه حول الارض الخراب لاليوت عندما تم العثور على رسائل خاصه كان يتبادلها مع عشيق طبيب فرنسى اثناء الحرب العالميه الاولى عليه مكن ذلك من قراءه القصيده كنتاج لازمه نفسيه شخصيه شاذه ومعذره على الخروج وللجميع التحيه

Post: #319
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-19-2006, 01:36 PM
Parent: #318

الاستاذ احمد الامين
قلت في آخر مداخلة لك
Quote: الدراسات التى قلت لك ظهرت باوربا او بريطانيا تحديدا تعيد تفسيركتابات المستشرقين والرحاله فى بدايات عصر الاستعمار لادخل لادوارد سعيد واستشراقه بها بل اصحابها افراداوربيين اكاديميين باكسفورد وكمبردج

انت هنا تخلط خلطا بينا بين الرحالة والمستشرقين ،
وهو نفس الخلط المنهجي الذي وقع فيه ادوارد سعيد ،
الرحالة اناس هواة اما المستشرقين فاكادميون متخصصون ،
والمرجع الذي استند اليه محمد عبد الحي لاكاديمي مختص في الانثروبلوجيا وصدر الكتاب عن جامعة اكسفورد .
والسؤال المهم هو: هل جلد الفهم لباس قداسة عند الدينكا ام لا ؟

من ناحية ثانية لا اري ان الحديث عن الافكار الواضحة للدكتور عبد الله ، المطروحة للنقاش في شان عام هو الثقافة السودانية يرتبط بالضرورة بالحديث اموره الحياتية الخاصة . والامثلة التي اوردتها عن محمد عبد الحي والصادق المهدي واليوت لا تبرر ذلك .

Post: #320
Title: Re: الصوفي المعذب
Author: Agab Alfaya
Date: 10-19-2006, 02:15 PM
Parent: #1

استاذ احمد الامين تقول :
Quote: امرا ثانيا تناقض عبدالحى الناقد ومحاولته ربط اى اثر جمالى قومى محلى بموروث غربى امرا يجده اى متامل لتراث عبالحى النقدى تحديدا رسالته بالانجليزيه عن التراث والاثر الرومانسى الغربى فى الشعر العربى الرومانسى المعاصر تحديدا عندما يشير الى بعض خرائد التجانى ويقارنها بقصائد مترجمه من الانجليزيه كانت تنشر فى مجلات عربيه فى حياه التجانى بزعم ان التجانى كان قد يكون اطلع عليها

دراسة عبد الحي التي اشرت ايها تدخل في باب الادب المقارن وهذا واضح من عنوانها: الاثر الرومانسي الغربي في الشعر العربي . ولذلك لا يوجد اي تناقض عندما يعقد في هذه الدراسة مقارنات بين بعض النصوص العربية والغربية لاثبات ذلك التاثر . وفي قصيدة "الصوفي المعذب " للتجاني ذكر عبد الحي انه لاحظ تشابها كبيرا بين هذه القصيدة وقصيدة الشاعر الرومانسي الكبير وردزورث :
intimations of immortality from recollections of early childhood
" ايماءات الابدية من ذكريات الطفولة الاولى "
والتشابه الذي يقصده عبد الحي في الثيمة ، ثيمة اتخاذ عالم الطفولة رمزا الى الاصل الفردوسي المشرق للوجود الانساني الذي لا يلبث ان ينطبق عليه الظلام مع نمو الطفل وبروز العقل وانقسام ذاته عن العالم وكل ما زاد نمو الوعي وكبر الطفل كلما اضمحلت اكثر صلة الانسان بينابيع الاشراق الاولى .
ولكن عبد الحي نفي ان يكون التجاني قد اطلع علي القصيدة سواء في اللغة الانجليزية او الترجمة العربية وبرر ذلك بقوله ان التجاني لا يعرف الانجليزية وبالتالي لم يطلع على النص الانجليزي . كذلك نفي ان يكون التجاني قد اطلع على الترجمة العربية للقصيدة ذلك ان قصيدة التجاني الصوفي المعذب نشرت في مجلة الرسالة المصرية مارس 1934
بينما لم تنشر ترجمة خليل نظمي لقصيدة الشاعر الانجليزي وليم وردزورث : " ايماءات الابدية من ذكريات لطفولة الاولى " الا في اول ديسمبر 1934 بمجلة ابوللو المصرية اى بعد تسعة اشهر من تاريخ نشر قصيدة التجاني .
اذن عبد الحي قطع الشك في ان التجاني لم يطلع على القصيدة الانجليزية ، لا في الانجليزية ولا ، في العربية . وبالتالي نفي تاثر التجاني بالشعر الغربي في هذه القصيدة ورده الى مصادر شرقية (صوفية) وغيرها .

راجع :
- محمد عبد الحي - الرؤيا والكلمات - قراءة في شعر التجاني - محمد عبد الحي - دار الفكر 1984
- عبد المنعم عجب الفيا - الرؤيا والكلمات ، كيف زادتنا معرفة بالتجاني - كتابات سودانية يونيو 2001

Post: #321
Title: Re: صاحب الربابة
Author: Agab Alfaya
Date: 10-19-2006, 09:57 PM
Parent: #1

الاستاذ احمد الامين
تحية طيبة
تقول مشيرا الى محمد عبد الحي :
Quote: كذلك لاحظ محاولاته تفسير وربط الكثير من صور الطبقات لو دضيف الله بهجره اساطير من التراث اليونانى دون ان يهتم كثيرا بتخلف وسائل الاتصال وقتها الامر الذى يؤكد عدم ثقته فى فكر وجمال امته

لعلك تقصد حديثه عن سيرة الشيخ اسماعيل صاحب الربابة الوارد ذكره في طبقات ود ضيف الله .
ويتخذ عبد الحي من سيرة الشيخ اسماعيل نموذجا رمزيا للوجدان السوداني هذا الوجدان لم يبدأ في التشكل فقط مع مملكة سنار بل منذ فجر التاريخ . لذلك يقيم الوشائج بين قصة الشيخ اسماعيل وتراث الممالك المسيحية السودانية . بل ويمضي ابعد من ذلك ، فيقيم الوشائج بينها وبين التاريخ الانساني العام من خلال المقارنة بينها وبين أسطورة أورفيوس ذات الأصول اليونانية والرومانية ويربط بينها وبين قصة مزامير داوود في ( الكتاب المقدس ) وبينها وبين قصة السيد المسيح في الإنجيل والقرآن الكريم ويخلص الى ان :
" الشيخ إسماعيل صاحب الربابة أورفيوس إفريقي عربي ، تركزت في شخصيته صورة الشاعر في الثقافة السودانية التي الفت بين تلك العناصر المتنافرة المتصارعة وصهرتها حتى التحمت أجزاؤها نموذجا أعلى لها " .
أما عن أثر الثقافة المسيحية التي ازدهرت في عهد مملكتي المقرة وعلوة السودانيتين ، في سيرة الشيخ إسماعيل ، فيقول أنه يظهر في قصتي النبي داوود في ( سفر المزامير ) بالكتاب المقدس وفي قصة تكلم السيد المسيح في المهد . وكذلك يظهر في قصة الشيخ مكي والد الشيخ إسماعيل الذي قطع البحر ( النيل ) مشيا على الماء هو وتلاميذه عندما لم يجد مركبا يعدى به . وقصة المشي على الماء واحدة من معجزات السيد المسيح التي ورد ذكرها في الإنجيل .
وقد كانت هنالك صلات بين اليونان وبلاد السودان وقد ذكرت مروي في تاريخ هردوت كما ذكرت كوش في الكتاب المقدس . يقول عبد الحي أن هيرودت المؤرخ اليوناني ذكر في تاريخه ، " أن الإله حورس ابن أوزيريس هو نفسه الإله ابوللو عند اليونان . وأوزيريس تقابل في اللغة اليونانية ديونيسوس . ويعتقد اليونان أن زيوس كبير الآلهة ، خاط في فخديه ديونيسوس وكنا وليد أتى به إلى مدينة ( نيسا ) التي تقع ما وراء مصر في نبته ، في جبل البركل المقدس " . ويضيف هيرودت أن سكان " مروي عاصمة الأثيوبيين أي النوبة يعبدون زيوس وديونيسوس المرويين " .
هنالك كما تعلم في علم المثيلوجا المقارن نظرية الاصول المشتركة للاساطير وقد لاحظ الباحثون ان اساطير العالم متشابة وهذا يرجع للتجربة الانسانية وللتاريخ المشترك للبشرية . والمعروف ان كثيرا من الاساطير اليونانية ذات اصول شرقية وافريقية .مثلا افروديت هي عشتار وادونيس هو تموز .ومن احدث الكتب التي ترجع اصول الحضارة اليونانية الى اسيا وافريقيا كتاب " اثينا السوداء " الذي صدر في التسعينات من قرن الماضي .

راجع :
محمد عبد الحي - الشيخ اسماعيل صاحب الربابة - التاريخ الاسطوري لمفهوم الشاعر في كتاب الطبقات - مجلة حروف - دار جامعة الخرطوم للنشر - العدد الاول سبتمبر 1990

Post: #322
Title: Re: صاحب الربابة
Author: munswor almophtah
Date: 10-19-2006, 10:54 PM
Parent: #321

الأخ الأستاذ الباحثه الحذق عبدالمنعم خالص تحياتى لك وأحمد أمين فى تعليقك الأخير والكثيف عن عبد الحى وهلامية ذلك الشيخ إسماعيل أبو ربابه وعمق الرمز فيها الذى غاص فى جذور الإعتقاد اليونانيه الشئ الذى أيقظ فى واعاد الى زاكرتى بفعل تداعى المعانى والتزكر بالإرتباط تاريخ الفلسفه الإغريقيه والتى لها علاقة وثيقه بالتراث النوبى والمصرى والذى يعتبر مصدر له قداسته نهل منه قدماء الأغاريق فى الإلهيات والتصوف واللغه وظهر كحقيقه فى عصور نهضة الأيونين والأبقوريين حيث إزدهر الجدل والسفسطه والتى ردوها إلينا بضاعتناتلك بعدأن إزدهرت حركة الترجمه فى العصور العباسيه والامويه فأزدهر بها علم الكلام الذى أثرى الفكر الإسلامى بمدارسه وإزدهر التصوف الذى أخذ جوهره الأغاريق عن النوبه..................................



فتح الله عليك فذلك جهد جهيد تستحق الإشادة عليه


منصور

Post: #323
Title: Re: صاحب الربابة
Author: Agab Alfaya
Date: 10-20-2006, 03:46 AM
Parent: #322

اخي الاديب الاريب منصور المفتاح
بارك الله فيك وزادك من فضله في ختام هذا الشهر الكريم
جزيل شكري على هذه الكلمات الطيبات ،

نعم انها بضاعتنا ردت الينا هناك اتجاه جديد تتزعمه المدرسة الالمانية والامريكية حول هجرة الحضارة من الجنوب الى الشمال وكتاب مارتن برنال "اثينا السوداء" مثال على ذلك .
ولا ننسي ان رائد ذلك الاتجاه في افريقيا الباحثة السنغالي الشيخ انتا ديوب في " الاصول الزنجية للحضارة المصرية " الذي صدر في الخمسينات .

وعن قصة الشيخ إسماعيل ورد في كتاب ( الطبقات ) لمحمد النور ضيف الله ( 1727 – 1810م ) ما يلي :
"ولد للشيخ مكي الدقلاش ، أحد متصوفة سنار ، ابن من امرأة سقرناوية من تقلي ، اسمه إسماعيل . وقد تكلم الصبي وما يزال في المهد . كبر الصبي وحفظ القرآن وتعلم الفقه والتوحيد وشرع في تدريس علوم الدين .
كان شاعرا وله قصائد في مدح النبي (ص) وله رؤي تجلى له فيـها النبي . وله كلام يتغزل فيه بمدح النساء من قبل تهجة مثل ليلى وسعدى في كلام المتقدمين .
وكان إذا استبدت به حالة النشوة والجذب ، يجمع الصبايا وكل عروس ، للرقص في فناء داره . ويجئ هو بربابته التي عرف بها يضرب عليها ، كل ضربة لها نغمة يفيق بها المجنون ، وتذهل منها العقول وتطرب لها الحيوانات والجمادات . وكانت الربابة إذا تركت في الشمس تحس باقتراب صاحبها منها فترسل أنغامها دون أن يضرب عليها أحد .
وقد يركب الشيخ فرسه المكسوة بالحرير ، المزينة بالأجراس ترقص به ويغنى لها ، وبالجملة هذا الرجل من ( الملاماتيه ) .
وقد قتله الشلك أثناء عبوره نهر النيل الأبيض عند منطقة أليس - الكوه مع بعض مريديه الذين رباهم على نغمته . "

اما أورفيوس في الأسطورة اليونانية القديمة هو ابن أبوللو ، إله الشمس والفن وقد أشتهر بقيثارته ( ربابته ) التي أهداها إليه والده وألهمه الشعر والعزف على الموسيقى . كان يعزف على قيثارته فيسحر كل من يسمعه ويروض بها الحيوانات الآبدة ويحرك الأشجار والحجارة الصماء . تزوج أورفيوس من معشوقته ، يوربيدس ، التي ماتت من لدغة حية سامة أثناء هروبها من اريسايوس الذي أراد أن يقضى منا وطرا عنوة . ولكن أورفيوس نزل إلى مملكة الموتى واستطاع بموسيقاه الساحرة الحزينة أن يستميل عطف ملك الموتى فسمح له أن يأخذ يوريديس ويعود بها إلى ( عالم الشمس ) الدنيا مرة أخرى ، ولكن أشترط أن تتبع يوريدس أورفيوس ويسير هو أمامها دون أن يلتفت وراءه أبدا حتى يعبرا مملكة الموت إلى العالم ، ولكن ما أن كادا أن يخرجا إلى عالم الشمس حتى حانت من أورفيوس التفاته خلفه ليتأكد من أنها ما زالت تمشى وراءه ، فما كان منها إلا أن تلاشت من أمام ناظريه واختفت إلى الأبد .

وكان أورفيوس بجانب أنه شاعر وموسيقى ساحر ، كان شيخ ديانـة سرية ( صوفية ) وكان له مريديون وقد وقتله أعداؤه ومزقوا أوصاله وألقوا برأسه في نهر ( هيبروس ) فظل طافيا فوق الأمواج يغنى للبحر العريض . أما بربابته فقد وارتفعت برجا بين أبراج النجوم .
وأوجه الشبه بين أسطورتي أورفيوس والشيخ إسماعيل صاحب الربابة ، كما يقول عبد الحي ، " قوية ، فكل منهما شاعر وموسيقار ، لفنه قوة سحرية خارقة يسيطر بها على العالم . ولذلك القوة بعد ميتافيزيقي يتجلى في ديانة أورفيوس الصوفية " .
أما موت الشيخ إسماعيل فيقول هو في جوهره موت أورفيوس . فالعلاقة بين نهر هيبروس الذي ألقى فيه برأس أورفيوس ونهر النيل الأبيض الذي ضم في أمواجه جسد الشيخ إسماعيل بعد أن قتله الشلك دليلا على الشبه القوى بين الأسطورتين . كما يشير إلى وجه شبه آخر قوى بين القصتين هو الشمس . فربابة الشيخ إسماعيل عندما توضع في الشمس وتسمع صوت صاحبها ترسل أنغامها دون أن يمسها أحد ، وهذا يأخذنا أخذا كما يقول إلى قيثارة أورفيوس التي أهداها له والده أبوللو إله الشمس .

Post: #325
Title: Re: صاحب الربابة
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-20-2006, 05:00 AM
Parent: #323

الاستاذ / منصور المفتاح

اشكر لك تفاعلك مع البوست الذي رفدته بمداخلات تنم عن معرفة ودراية بموضوع النقاش

أدناه ما خطه قلمكم الرصين في موقع سودان نايل عن نفس البوست

Quote: قابلية الغابة والصحراء لاستيعابنا وتوحيد الصف

منصور عبدالله المفتاح
[email protected]

قرأت هذا البوست (عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي

إبراهيم .... في الغابة والصحراء) والذى وضع حجر أساسه

الأستاذ حيدر حسن...وساهم فيه إخوة من خيرة ذوى الإهتمام

بالأدب السودانى أوالسودانوى ونقده...الأساتذه عبدالمنعم عجب

الفيا...أسامه الخواض...عبدالله الشقلينى وآخرون...كان طرحا

رائعا راقيا هادفا ومفيد....كانت تجول فى زهنى منذ أن وقفت

على إصطلاح الغابة والصحراء...كأعمال إبداعيه من

مصادرها....كاشعار عبدالحى والنور عثمان أبكر وصلاح أحمد

إبراهيم ومحمد المكى إبراهيم وكتابات على المك...ثم متابعة

نقد ذلك الإبداع...حتى يتثنى لى تجسيد معرفى راسخ من بخور بلاد

بونط الذى تستنشقه من تلك الأشعار...ودائما ما كنت أقف على

بعض هضاب الحيره...وذلك لإحساسى بضيق مفهوم الغابة والصحراء

على جسد الوطن الهلامى....على الرغم من إعجابى بمفجريها فى فجر

عبقريتهم وفجر عبقرية العقود العناقيد التى أنجبتهم ولجتهم

إبداعها...ولكن اليوم أدركت إدراكا لا شك فيه أن هذا الوطن

عبقرى...وأن أبنائه عباقرة أفذاذ...وعلى خلاف ما كان سائدا

فى هذا المنبر...جاء الحوار فى تدرج معرفى شيق ونفاذ للعقل

والقلب والوجدان...تدرجا معرفيا بالغوص فى أعماق الموروث

الأدبى للغابة والصحراء من تراث عباقرته...وتراث نقاده

بأنفاس تتنافس فى إخراج المسك من قرون غزال الغابة والصحراء

بمنتهى الحضاريه...ومنتهى الموضوعيه...ومنتهى الحرص العلمى

والمعرفى...فكانت الإجابات لكل الأسئله الحائره فى الزهن

الشكاك....كنت أحسب أن فى الغابة والصحراء ثنائية المناطقيه

وثنائية الآفرو عروبيه....من دلالة الرمز المختبئ فى

الإسم....ولكن بعد أن جاء الخواض بمستجدات الظرف والمكان الذى

كنت أحسب أن الطرف قد غض عنها فى مفهوم الغابة والصحراء...

مناطق جبال النوبه والنيل الأزرق والبجاء ودارفور...ومناطق

نوبه الشمال والتى تضمنها خطاب مفهوم السودان الجديد...فجاء

الفيا وأوجد مكانا لذلك المفهوم داخل الغابة والصحراء لأن

للغابات تنوع...فمنها الإستوائى والسافنى بشقيه الغنى

والفقير...ثم تدرج الصحراء من شبه لكل...فطارت أسئلة

التجاوز والتهميش التى كنت أحسبها...لا بل يحسبها غيرى وتؤرق

كاهل كيانه...إنى بكل الصدق أحسب أن تدوين هذا البوست

والتوسع فيه بنفس الأنفاس الصادقه...ربما يحل هرغلوفيا الخلاف

والغموض...الذى كاد أن يفجر أزمة فى وحدة البلاد ووحدة

هويتها المتدرجه تدرج المناخ فيها...كما وصفها الخواض

بالسلطه وشوربة الخضار وقوس قزح...وفقا لما جاء من جهد

قائلها وتدرج الصحراء والغابه وتنوعها كما قال به

الفيا.......

فتح الله عليكم ولكم الدعاء بقبول الصيام والقيام


http://216.109.125.130/search/cache?p=%D8%B9%D9%8A%D8%B...8Nhmv&icp=1&.intl=us

Post: #324
Title: Re: القومان هما الغابة والصحراء !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-20-2006, 04:51 AM
Parent: #1

الذين اشادوا بورقة " تحالف الهاربين " ووصفوها بالسديدة و بالجلال والفرادة ، لم يفطوا سطر او سطرين او حتى سطور ليخلصوا الى هذه النتيجة بل فطوا كل صفحات الورقة ليقفزوا الى آخر سطرين او ثلاثة ختمت بها الورقة وهي قول الدكتور عبد الله :
Quote: فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .

ولكن فات على هؤلاء وعلى الدكتور ، ان الدعوة الى القوامين الثقافيين تحصيل حاصل لان هذا هو واقع الحال فعلا . فالقوامان هما الغابة والصحراء ، والاكثر ، هو ما بينهما من سافنا وشبه صحراء . والتمازج قد حدث منذ اقدم العصور ولا يزال يحدث .
ولكن صفوة قول الدكتور حقيقة ليس في السطرين اللذين ختم بهما ، وانما في السطرين السابقين لهما مباشرة وهو قوله :
Quote: إن أفضل الطرق عندى أن يكف أبناء الشمال العربى المسلم عن خلع بعض حضارتهم بدعوى الهجنة . فأوفى الضمانات للأفريقيين في الوطن هى يوم يرونهم قد وطنوا حرياتهم كعرب ومسلمين في باطن ثقافاتهم . فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا . فأهدى السبل إلى السلام والنهضة الثقافية في السودان هو الاقرار بقوامين ( أو أكثر ) للثقافة السودانية . قد تمتزج هذه القوامات وقد تتبادل التأثير والتأثر ، مع احتفاظ كل منها باستقلال الدينامية من حيث المصادر والترميز والتوق .

فالافارقة تتم الاشارة اليهم هنا بكونهم اقوام غير ابناء الشمال العربي المسلم وان القول بان هنالك دماء افريقية امتزجت بدماء ابناء الشمال العربي المسلم مجرد زعم وليس واقع ! اذن اين موقع النوبيين والبجة وبقية الافارقة او الافروعرب والمستعربين في هذا الشمال العربي المسلم ؟؟!!
وهنا تكمن بذرة مشروع الدكتور عبدالله الاسلاموعروبي الذي اصبحت الدعوة اليه صريحة الان وكان آخرها نبذ العلمانية والحكومة المدنية و الدعوة الى الدستور الاسلامي وتطبيق الشريعة على مبدا الحاكمية لله والحديث عن الثقافة العربية بدلا عن الثقافة السودانية .
فهل هذا ما يدعو اليه الديمقراطيون وطلاب الوحدة الوطنية والتعددية الثقافية ؟؟

تنويه : ورد خطأ في العنوان الفرعي : قومان ، والصحيح قوامان حسب تعبير الدكتور .

Post: #326
Title: Re: القومان هما الغابة والصحراء !
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-20-2006, 03:37 PM
Parent: #324

الاخ عجب تحيه حضور عبدالحى والصادق الهدى واليوت فى سياق المقارنه بين تناقض الفكر والسلوك اليومى ضمن رفضى التحدث عن تناقض عبدالله على ابراهيم فى سلوكه وفكره امرمبرر واؤكد عليه لان الفكر موجها للسلوك سئل عبدالحى فى حوار عن افريقيته فقال للسائل انظر الى شكلى هل انا افريقيا؟ اضف الى ان اليوت كان يخدع الجمهور بالتزامه الكاثوليكيه الصارمه لدرجه جمعه نقودا لها اخريات ايامه رغم ذلك فضحت رسائله المكتشفه اخيرا ما اسلفت تناقضه عبر اثبات انه كان شاذا جنسيا الامرالذى يتناقض مع الكاثوليكيه بشده عليه بصوره مبسطه رفض عبدالله على ابراهيم الافريقيه فى المكون السودانى اين يجعله شخصيا يصنف نفسه اذا اكمل تعبئه استماره فى بلد غربى حسب منطق رد عبدالحى الذى اشرت اليه انفا.
بخصوص موضوع التجانى وتاثره بنصوص الروماتنسين الانجليز على زعم عبدالحى اشرت اليك برسالته للدكتوراه فى الادب المقارن فاذا بك تجيلنى الى الرؤيا والكلمات كتابه النثرى عن التجانى.الذى الفه بعد الدكتوراه باكثر من عشره اعوام
بخصوص تعريف الرحاله والمستشرق ووقوعى فى خطا ادوارد سعيد فى الخلط بينهما اجدك منخدعا بين اختلاف المسممين رغم تشابه وتماثل العقليه ويمكنك اضافه اليهما اذا شئت الكتب التى الفها المبشرون الاوائل عن شعوب افريقيافى بدايات عصور الاكتشاف وربما يختلف المستشرق عنهما قليلا فى اهتمامهم بامر تراثى مثلا تحقيق كتاب او محاوله تفسير حاله او ظاهره بينما يعمد الرحال والمبشر الى وصف مجرد يغيه احيانا كثيرة من خياله الخصب لاجل ابراز غرابه او تفرد لكنهم جميعا ينطلقون من عقليه واحده.
جلد الفهد لباس قداسه عند الدينكا كما قلت انت لكن حديثى عن مجمل منهج الكتاب وليس حول اشاره محدده اشار اليها عبدالحى داخل القصيده

Post: #327
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-20-2006, 08:48 PM
Parent: #1

الاستاذ احمد الامين
تحية طيبة وشكرا على التعقيب
Quote: رفض عبدالله على ابراهيم الافريقيه فى المكون السودانى اين يجعله شخصيا يصنف نفسه اذا اكمل تعبئه استماره فى بلد غربى حسب منطق رد عبدالحى الذى اشرت اليه انفا.

اشكرك على هذه الاجابة ويكفي هذا في تلخيص رايك في تناقضات الدكتور. الا ان الامر لم يعد تناقضا بل هو مشروع متكامل صاحبه على بصيرة من امره ، وطرحه على مراحل عبر سلسلة من المناورات الذكية جدا كما قال محمد جلال هاشم في ورقته الممتازة حول مشروع الدكتور عبدالله :"الاسلاموعروبية ".
ارجو من يهتدي الى الرابط ان يجدعه الينا. الورقة انزلها عادل عبد العاطي وكنت مناقشا رئيسيا فيها ولكني لم اهتدي الى البوست بعد .قلت :
Quote: بخصوص موضوع التجانى وتاثره بنصوص الروماتنسين الانجليز على زعم عبدالحى اشرت اليك برسالته للدكتوراه فى الادب المقارن فاذا بك تجيلنى الى الرؤيا والكلمات كتابه النثرى عن التجانى.الذى الفه بعد الدكتوراه باكثر من عشره اعوام

انت قلت ان عبد الحي قال ان التجاني قد يكون اطلع على قصيدة وردز وردث وانا اوردت الدليل على ان عبد الحي اثبت ان التجاني لم يطلع لا ، على النص الانجليزي ولا على النص العربي للقصيدة . وكتاب "الرؤيا والكلمات " هو اعادة تحرير بالعربي لما كتبه عبد الحي في رسالة الدكتوراة بالانجليزية وقد اشار اليه كمرجع في "الرؤيا والكلمات ". قلت :
Quote: وربما يختلف المستشرق عنهما قليلا فى اهتمامهم بامر تراثى مثلا تحقيق كتاب او محاوله تفسير حاله او ظاهره بينما يعمد الرحال والمبشر الى وصف مجرد يغيه احيانا كثيرة من خياله الخصب لاجل ابراز غرابه او تفرد لكنهم جميعا ينطلقون من عقليه واحده.

اذن انت تتفق معي في التفريق بين الرحالة والمستشرقين . الا ان القول انهم كلهم ينطلقون من عقلية تآمرية واحدة فيها تعميم وحكم مسبق وهذا نهج غير علمي . وهو لا يختلف عن راي السلفيين المسبق في رفض ما كتبه المستشرقين عن التراث الاسلامي بحسبانه كتب بعقلية تامرية . نفس النظرة العدمية غير العلمية في التعامل مع الاخر . قلت :
Quote: جلد الفهد لباس قداسه عند الدينكا كما قلت انت لكن حديثى عن مجمل منهج الكتاب وليس حول اشاره محدده اشار اليها عبدالحى داخل القصيده

اذن ما ذكره الباحث الانثربولوجي الذي اعتمد عليه عبد الحي في ايراد هذه الحقيقة ،كان صحيحا ، فلماذا الاعتراض عليه ؟ هل لان لبس جلد الفهد يجعل الجنوبي يبدو في نظرنا بدائي نبيل ؟؟!!
اما مجمل ما ورد في باقي الكتاب ، فانت لم تقل عنه شيئا سوى انه نظر الى الجنوبي كبدائي نبيل .وهذا كلام معمم جدا ومسالة البدائية هذه مفروغ منها كما اثبتنا . وليظل المعيار هو : هل ما ورد في الكتاب عن الالوهية عند الدينكا يستند الى حقائق وفق المنهج العلمي ، مثل واقعة جلد الفهد ام لا ؟

Post: #328
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-21-2006, 01:26 AM
Parent: #327

الاخ عجب الفيا تحيه طيبه لا اعتقد ان الرؤيا والكلمات كتاب عبدالحى عن التجانى ترجمه لما بعض ما ورد فى الدكتوراه ليه انصحك بقراءه رسالته لدكتوراة مره اخرى بالانجليزيه علما انه توجد لها ترجمه عربيه لم تنشر قامت بها كرساله ماجستير ترجمه الاستاذه نفيسه عبدلرحيم زوج التشكيلى احمد عامر وهى تقيم بلندن ولعل عبدالحى بقوله عدم تاثر التجانى بوردورث فى الرؤيا والكلمات استدراك لبعذ خطل منهجه فى رساله الدكتوراهالامر الذى اسميته انا خطا تناقض علما لان عبدالحى يتعامل مع مجمل فكره واثاره بقلق وتوتر بالغين لذا تجده ينقح كل مره بل فى خواتيم حواراته رفض الاجابه حول سؤال عن التجانى ومكانته فى الشعر العربى المعاصر بزعم ان التجانى شاعر وهو شاعر لكن ارى ذلك هروبا كى لا يذكر رايا يبدو متناقضا عما قاله عن التجانى فى السابق " راجع مجله حروف العدد الخاص بعبدالحى"
طلبت اللنك بتاع محمد جلال حول الاسلاموعربيه او عبداله على ابراهيم تجده ان شئت فى موقع سودان فور ال دوت لبولا ونجاه ومجمل قراءتى للمساهمه محمد جلال انه كتبها وعينه خائفه من استاذه عبدالله على ابراهيم لذى تجده يقدم تبريرا لاداعى له وفى مقدمه الدراسه قد يفسد موضوعيه ارائه.

Post: #331
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-21-2006, 03:16 AM
Parent: #328

شكرا الاخ الاستاذ / احمد الامين احمد
دعنا نفترض ان عبد الحي ذكر في رسالة الدكتوراة عن اثر الشعر الغربي في الشعر العربي ، ان التجاني ربما يكون اطلع على قصيدة وردزورث . ثم عاد وتحقق من هذه المسالة بعد ان توفرت له المراجع وتوصل الى ان التجاني لم يكن متاحا له عمليا الاطلاع على القصيدة للاسباب التي اوردناها ، فليس في هذا اي تناقض بل في ذلك محمدة تحسب له ، وهذه هي اصول البحث وما تقتضيه من امانة علمية .

ولكن دعنا نفترض ايضا ان التجاني تاثر بالقصيدة المشار اليها ، فليس في هذا عيبا .فالتاثر في حد ذاته مباحا ولا مندوحه عنه ولا يقلل من اصالة الشاعر باية حال . وهل يوجد شاعر عربي في العصور الحديثة لم يتاثر بشكل مباشر او غير مباشر بالشعر الغربي !!

شكرا على الاشارة الى ورقة محمد جلال حول مشروع الدكتور عبد الله وكانت لدي تحفظات وملاحظات عليها بسطتها في البوست الذي انزلها فيه عادل عبد العاطي هنا سنة 2003 .

الاخ الاستاذ حيدر شكرا على جلب الرابط
ويا ريت لو تمكنا ايضا من العثور على بوست عادل عبد العاطي لانه دار فيه حوار مهم جدا حول الورقة ومشروع عبد الله عموما وسوف الخص اعتراضاتي على الورقة في مداخلة قادمة .

اكرر شكري والعيد مبارك عليكم وكل سنة والجميع بالف خير

Post: #329
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-21-2006, 01:29 AM
Parent: #327

العزيز حيدر حسن ميرغني السلام ورحمة الله لك والشكر لك أنت للمبادره بفتح البوست الرائع والأمانى لك ولكل الإخوه بمناسبة العيد السعيد وربنا يحقق أمانيكم أجمعين.....................................



منصور

Post: #330
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-21-2006, 01:33 AM
Parent: #327

الاستاذ /عجب الفيا

اليك بالرابط الذي يحوي ورقة جلال هاشم حول مشروع الدكتور عبدالله :"الاسلاموعروبية "

السودانوعروبية، أو تحالف الهاربين:
المشروع الثقافي لعبد الله على إبراهيم في السودان

http://www.sudaneseonline.com/sections/kitabat_naqdiya/pa..._sudano3arabiyya.htm

Post: #332
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-21-2006, 06:51 AM
Parent: #330

كل عام و انتن\م بخير،
للمتداخلين و قبل ذلك للقارئات والقراء الذين ازدحموا أقبلوا على قراءة البوست.
المشاء

Post: #333
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-21-2006, 09:42 AM
Parent: #332

كل ما يكتبهدكتور عبدالله على إبراهيم له علاقه بصوره أو بأخرى برؤاه الشامله.....هذا منقول من جريدة الراى العام اليوم السبتآ بعد الجمعه اليتيمه.................



د. عبد الله علي ابراهيم

عن اقتصاد «فلا تقل لهم أف»


كتب الأستاذ مصطفى ابو شرف في رمضانياته بجريدة الأيام (15 أكتوبر 2006) كلمة عنوانها «ألمني أنه أخذ والدته لدار العجزة والأمر لله من قبل ومن بعد». وجاء فيها أن صاحب أحدهم كلمه بأن فلاناً (لاحظ سلسلة الرواية) أخذ أمه إلى دار العجزة بعد أن يئس بإصلاح ذات البين بينها وبين زوجته. وهيأ لها بالدار سبل الراحة فهو يزورها صباح مساء ففاض خيره على رفقتها بالدار وكانت تلك رحمة ساقها الله إليهم. وسأل الصاحب صاحبه أن يفتيه عن صحة دين من يذهب بأحد والديه إلى دار العجزة. وأعيت الفتوى الرجل غير التذكير بأمر الله لنا بالإحسان إلى الوالدين وخفض جناح الرحمة لهما كما ربيانا صغيرا.

وقصة أبي شرف الحزينة هذه لم تحدث بعد. وليس قصدي هنا تكذيب أبي شرف. فهو صِدّيق عندي. وأعده من رواد الحركة الوطنية ذوي البأس والمأثرة. وقد اصطفيته منذ سمعته يتحدث إلى الأستاذ حمزة مصطفى الشفيع بإذاعة أم درمان في منتصف السبعينات عن مساهمته مع غيره من المعلمين في حركة التعليم الأهلي في ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته في إطار حركة الخريجين. ولكن الحكاية الفاجعة المعنعنة عن صاحب عن صاحب عن أبي شرف لم تقع مع ذلك. فقد نفت السيدة نجاة أحمد الفادني، مديرة إدارة مركز الضو حجوج لرعاية المسنين ببحري، وقوع شيء مشابه لقصة أبي شرف. فقد سألها الأستاذ محمد شريف (الصحافة 6 أكتوبر 2006) إن كان هناك من يأتي بوالده أو والدته لدار العجزة. فنفت ذلك ثلاثاُ وأكدت له أنه لم يحدث أن جاءني من أستودع أمه دار العجزة متعذراً بأن زوجته رفضت خدمتها. وقالت هذه دعايات ساهي. وأضافت أنها نفسها قد سمعت مثل هذا الخبر. فقد جاءتها واحدة قبل يومين من حديث الصحفي وقالت لها إن هناك من جاء قبل قليل وأنزل أمه من العربة ووراءها زوجته تنهرها بشدة. ولم تكن تعرف هذه الواحدة أنني المديرة ومطلعة على كل حالة ولم يحدث ما ذكرته أبداً.

في تداولنا قصة الوالد أو الوالدة المسنة اللذين تخلى عنهما الابن لدار العجزة برغم أنها لم تقع دلالة اجتماعية ينبغي الوقوف عندها. فهي رمز على ارتباك ثقافي نحذر به مما يخبئه لنا القدر الاجتماعي. فالحكاية تستبق في واقع الأمر وقوع جفاء الأبناء للوالدين في سياق حياتنا الراهنة التي ستقوم تباعاً على الأسرة النواة المكونة من زوج وزوجة وأطفالهما لا غير بعد أن تكون قد تخلصت من أوشاب الأسرة الممتدة التي تدخل فيها طوائف الأجداد والأعمام والأخوال وبني الخوؤلة والعمومة وهلمجرا. وهي الأسرة المتكافلة التي ظلت تعصف بمقوماتها عوامل البندرة (سكنى البندر اي المدن) في ملابسات التطور الرأسمالي الذي يشتد عوده في بلدنا ويتقوى. وقد سبق أن نبهت في معرض الحديث عن تضعضع العائلة الممتدة إلى أن توزيع منازل الحكومة في بعض مصالح الدولة لا يرى في سكنى والد مستخدم المصلحة أو والدته معه تبعة اجتماعية تستحق الاعتبار في منح تلك المنازل. كما اضطرت ملابسات كسب العيش الرأسمالية ان يدخل الزوج والزوجة معاً سوق العمل مما ترتب عليه صعوبة أن يوليا الوالدين العناية المتوقعة بخاصة إذا بلغا من الكبر عتيا وأصبحا مستطيعين بغيرهما. وهكذا انفرطت الأسرة الممتدة التي كانت الشيخوخة فيها موسماً طبيعياً في إطراد العمر وحلت محلها أسرة نواة أصبحت الشيخوخة فيها مشكلة مستعصية.

وتخرج مثل حكاية الابن الذي استودع كباره دار العجزة من بين ثنايا هذه المحنة الاجتماعية. فهي رغم أنها لم تحدث إلا أنها مما سيحدث آجلاً أو عاجلاً. فللثقافة قرون استشعار أيضاً. فهي لا ترتب البيت الاجتماعي من حيث التوقعات والواجبات والحقوق بصورة روتينية فحسب بل ترمي بعيداً لتنبهنا إلى مكمن أو آخر من مكامن الخطر التي ستصيب أعرافنا الاجتماعية في مقتل. فمع أن نجاة الفادني نفت حصول حكاية الابن ومجيئه لوالديه إلى دار العجزة إلا أنها قالت في تحقيق آخر بالأيام (8 أكتوبر 2006) إننا ربما لم نكن بعيدين من اليوم الذي سيأتي به الناس بالآباء والأمهات إلى تلك الدور. ومعنى قولها أننا لسنا بعيدين من التورط في اقتصاد ''أف'' الكافر بالهدى الإسلامي: '' وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً''.

لسنا وحدنا في تدوال الحكايات التي لم تقع وكأنها قد وقعت. فالناس قاطبة تفعل ذلك. فهذه الحكايات جرس إنذار ثقافي لا تستغنى منه ثقافة من الثقافات طالما كان الإنسان حيوانا حكاياً (أي أن ما ما يميزه عن بقية الحيوان أن الواحد منهم يتواصل مع الآخرين برواية القصص). ولعلماء الأدب الشعبي نظر كثيراً في الحكايات المتداولة التي لم تحدث في الواقع مثل قصة الوالد أو الوالدة المسنة الواردة أعلاه. ويسمونها urban legends. وقد ترجمتها في مرة سلفت كـ «أضغاث بندر». أي أنها مما يتناقله اهل المدن الآهلة تفريجاً عن كربة ألمت بهم. وهي قصص لم تحدث كما رأينا في حالة دار العجزة ولكنها مما يخشى المجتمع المعين حصولها في المستقبل لأنها مما أرهص به أي أعطى المجتمع المؤشرات الكافية على إمكانية حصولها.

وقد سبق أن تعرضت لفن أضغاث البندر حين حللت الحكاية التي راجت خلال مفاوضات نيفاشا المتطاولة عن أولئك القوم السود الذين إن لقوك وسلموا عليك بأيديهم نزعوا منك فحولتك وأصبحت بعدها عنيناً لا يرجى منك. وقد أزعجنى أن الشرطة تعاملت مع الحكاية كدسيسة أو عمل هدامً لزعزعة الأمن ونصبت آلية التحقيق الجنائي للقبض على الجناة من مروجي الحكاية. ونبهت في كلمتي آنذاك إلى طبيعة حكاية سلب الرجولة هذه وأرجعتها كما ينبغي إلى قصص أضغاث البندر. وقلت إن تداول هذه القصص لا يقع تحت طائلة القانون وإنما هو مجرد ''حكي'' يفضفض الناس فيه عن مخاطر راحت تبدو من بعيد على رادارهم الثقافي. وزدت قائلاً إن حكاية القوم السود من سالبي الرجولة هي السبيل الذي فضفضت به ثقافة الشمال النيلي عن مفازعها حيال إعادة المفاوضة في الوطن مع قوم أسود منهم نوعاً ما وذوي عقائد مشبوهة في نظرهم. فالحكاية كانت هرباً للأمام من حقائق الشمال النيلي الديمغرافية أي السكانية المستجدة التي استوعبت الآخر الخطر. فقد صورت الحكاية السلام كاستسلام أي مصادرة لفحولة شمالية نيلية متأصلة ظلت ترى الوطن الكثيف بصورة أحادية الجانب غير عادلة.

حكاية الرجل الذي أسكن والده او والدته دار العجزة أضغاث بندر. إنها بعض توتراتنا من مصائرنا الروحية ونحن نمشي منكبين على وجوهنا في طريق الرأسمالية التي لم يعرف أنها حمى لضعيف أو ملاذ لمتعب مثل المسنين. إنها بكاء مبكر على أطلال عمارة ''ولا تقل لهما اف'' التي تنخر فيها الرأسمالية بغير هوادة. إنها إفادة عاد لنا بها قرنا استشعارنا الثقافي. فهل نتستبن الرشد ونعلم من بندرتنا وعذابات روحها ما لم نعلم

Post: #334
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 00:07 AM
Parent: #333


سنحاول ان نقدم بعضا من صور الجنوبي بوصفه " بدائيا نبيلا" Noble savage في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال بوصفه "بدائيا متوحشا" Ignoble savage ، محاولين ما أمكن تتبع جذور تلك الصور ومنابعها.

وسنبدأ بصورة الشاعر السوداني الكاتب باللغة العربية،وقبلها صورة السوداني العربي، في علاقته بالافريقي.
وسنستند على كتاب عبد الهادي الصديق المهم:
الشعر السوداني –أصوله و تطوره
يقول عبد الهادي الصديق:

يقول احمد الشدياق تعليقا على قصيدة للشيخ الضرير نشرت في العدد الثاني والثلاثين من جريدة " الوقائع"،
معبرا عن اندهاشه، حين سمع شعرا سودانيا جيدا في العهد التركي " فعد ذلك لونا من المبالغة ان ياتي من جنوب الوادي كل هذا الشعر"،
يقول احمد الشدياق اللبناني الاصل:

Quote: " ولعمري ان كل ذي لب يستكثر من اولائك ذلك وننشره للوقوف على حقيقة الدرجة التي هناك والتشويق الى الزيادة من الافادة والاستفادة ..." حتى يقول :
"فالواجب نشر ماثرهم بلغت ما بلغت شكرا على تناسي بربريتهم التي لفتت في هذه الاوقات بالهمة الخديوية ".


يبدو السوداني الكاتب باللغة العربية شاعرا بربريا و في حاجة الى ان يصبح متحضرا بواسطة الهمة الخديوية.

ويقول محمد النويهي " في الاتجاهات الشعرية في السودان" في شأن الحط من الافريقي ،والاعلاء من شأن العربي المنتصر حسب قوله:
Quote: "وثاني ما ينبغي ذكره هو انه اذا كان السودانيون نتاجا من امتزاج العنصرين العربي والافريقي فلا ننسى ان العنصر العربي كان هو الظافر المنتصر –منه الفاتحون- ومنه السادة الذين اسروا العبيد واقتنوا الرقيق وملكوا الارض واستولوا على مقاليد الحكم – فلا عجب ان يحاول احفادهم تغليب العنصر السيد على العنصر المسود في تكوينهم.ومن الطبيعي ان يكون شعورهم الاول هو التقليل من اهمية العنصر المغلوب او انكاره بتاتا. ويزداد هذا العامل قوة اذا تذكرنا ان العربي المنتصر لم يكن أعلى شأنا من الناحية العسكرية وحدها –بل كان أرقى ثقافة وأنضج فكرا , فله حضارة راقية لا يعرفون لها نظيرا لدى العنصر الافريقي الذي لم يعرف الا همجية وبدائية . بل له لغة هي أعلى في مراقي اللغات البشرية من جميع اللهجات واللغات الافريقية التي لا تعرف مجرد الكتابة".

يتحدث النويهي عن السودانيين المستعربين،باعتبار ثقافتهم تمثل كل مكونات الثقافة السودانية المعقدة،وليس في اعتباره اصلا الثقافات السودانية التي لم تختلط بالثقافة العربية.ويبدو ان عبد الحي قد وقع في نفس الخطأ باعتبار الثقافة المستعربة هي الثقافة السودانية،في اطار حلمه الشاعري بمصهر روحي .

وسنجد ان مسالة "الكتابة" هي من الادلة التي يقدمها عروبي سوداني ،وليس مصريا،هو :
محمد ابو القاسم حاج حمد
في حديثه عن "الجنوبي" كبدائي متوحش.
وسنعود لذلك .
ولعل الشاعر السوداني-صالح عبد القادر،
يتفق مع النويهي في الحط من شأن الافريقي حين قال:
Quote: تجدين مجموع الفضيلة والنهى تجدين حلم البيض جهل السود

فالبيض هم اصحاب الخصال الحميدة ،و السود هم اصحاب الخصال الخبيثة،ويرمز للحمد بالبياض ،وللخبث بالسواد.

في مقابل بربرية الشاعر السوداني الكاتب بالعربية،
يحاول محمد احمد المحجوب ،
رسم صورة فانتازية للشعر في السودان،باعتبار كل السودانيين شعراء بالفطرة ،كشعراء نبيلين.
في اطار تلك النزعة التضخيمية لشاعرية الشعب السوداني , يقول محمد احمد المحجوب في "الحركة الفكرية في السودن : الى أين تتجه:

Quote: "ان عرق الشعر حي في نابض في قلب كل سوداني .
فذلك الراعي الذي يضرب مزماره في الفلوات وفي الليالي القمراء فيرجع الفضاء نغماته والذي طالما أثار في النفوس لاعج الشوق والحنين وأعاد اليها ذكرى غرام قصي وعهد دثر دليل تلك الشاعرية المتمكنة من النفوس.

والجندي السوداني حاذق في فن الموسيقى يعيد كل لحن يسمعه... من حفيف الشجر وتغريد الطيور وخرير المياه ونغمات البشر وهذه الحاسة الموسيقية الدقيقة دليل على ان هذه البلاد شاعرة مغرية بالشعر".


ونواصل
المشاء


Post: #335
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-22-2006, 02:03 AM
Parent: #1

العيد مبارك عليك وكل سنة وانت طيب اخي منصور المفتاح
وشكرا على تزويدنا بمقال الدكتور عبد الله الذي جاء فيه :
Quote: وقد سبق أن تعرضت لفن أضغاث البندر حين حللت الحكاية التي راجت خلال مفاوضات نيفاشا المتطاولة عن أولئك القوم السود الذين إن لقوك وسلموا عليك بأيديهم نزعوا منك فحولتك وأصبحت بعدها عنيناً لا يرجى منك. وقد أزعجنى أن الشرطة تعاملت مع الحكاية كدسيسة أو عمل هدامً لزعزعة الأمن ونصبت آلية التحقيق الجنائي للقبض على الجناة من مروجي الحكاية. ونبهت في كلمتي آنذاك إلى طبيعة حكاية سلب الرجولة هذه وأرجعتها كما ينبغي إلى قصص أضغاث البندر. وقلت إن تداول هذه القصص لا يقع تحت طائلة القانون وإنما هو مجرد ''حكي'' يفضفض الناس فيه عن مخاطر راحت تبدو من بعيد على رادارهم الثقافي. وزدت قائلاً إن حكاية القوم السود من سالبي الرجولة هي السبيل الذي فضفضت به ثقافة الشمال النيلي عن مفازعها حيال إعادة المفاوضة في الوطن مع قوم أسود منهم نوعاً ما وذوي عقائد مشبوهة في نظرهم. فالحكاية كانت هرباً للأمام من حقائق الشمال النيلي الديمغرافية أي السكانية المستجدة التي استوعبت الآخر الخطر. فقد صورت الحكاية السلام كاستسلام أي مصادرة لفحولة شمالية نيلية متأصلة ظلت ترى الوطن الكثيف بصورة أحادية الجانب غير عادلة.

يبدو كان الدكتور يشبه توقيع اتفاق نيفاشا بنزع فحولة ابناء الشمال العربي المسلم !!
اين صورة البدائي النبيل - في خيال المستعمر - من هذه الصورة !!

Post: #337
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 02:33 AM
Parent: #335

محمد ابوالقاسم حاج حمد شخصية مثيرة للجدل،
وفي آخر ايامه طرح نفسه مفكرا اسلاميا عبر كلامه عن نظرية عالمية ثانية ،وجدت انصارا في العالم العربي.
وما يهمنا هنا هو ما طرحه عن الجنوبي بوصفه "بدائيا متوحشا" ،لا يمكن اصلاحه الا من الخارج.
يتحدث حاج حمد عن الجنوب باعتباره منطقة متعددة اللغات, ثم يقول مستدركا من باب الحط من تلك اللغات " او بالاحرى ( اللهجات)
Quote: حيث يفتقر الجنوب الى بنية مادية حضارية , فالحرف الهجائي لا زال غير معروف بالنسبة للغاتهم".

وفي هذا يتفق مع الباحث المصري الدكتور النويهي،
الذي قال:
Quote: ويزداد هذا العامل قوة اذا تذكرنا ان العربي المنتصر لم يكن أعلى شأنا من الناحية العسكرية وحدها –بل كان أرقى ثقافة وأنضج فكرا , فله حضارة راقية لا يعرفون لها نظيرا لدى العنصر الافريقي الذي لم يعرف الا همجية وبدائية .

بل له لغة هي أعلى في مراقي اللغات البشرية من جميع اللهجات واللغات الافريقية التي لا تعرف مجرد الكتابة".

ثم يتحدث بعد ذلك عن انعدام هوية "الجنوبي" ،
قائلا:

Quote: قبائل الجنوب لا تملك حتى الان مدخلا قوميا لتعريف ذاتها غير أنها ( غير) بعضها , فالدينكاوي يظل دينكاويا لأنه (غير) الشلكاوي وغير الزانداوي , أما من هو في ذاته فان الامر لا زال موضع بحث.

ويقول ايضا :

Quote: فالكل يعرف نفسه ليس من خلال ذاته , ولكن من خلال مفارقتها للغير,فهذا شلكاوي لأنه ليس بدينكاوي.
هكذا تميز الجميع عن الدينكا ثم تميزوا عن بعضهم البعض".


اذن في راي المفكر :
محمد ابو القاسم حاج حمد

أن مشكلة الجنوب مع الشمال ،لا تتمثل في أن الجنوبيين يتميزون بهوية مغايرة لتلك في الشمال ,
وأنما المشكلة أنهم:
Quote: يرفضون تعويض فراغهم الثقافي والحضاري ) بما لدى الشمال ( العربي المسلم ).


ويعلل ضرورة ذلك ( التعويض الثقافي والحضاري) قائلا ":

Quote: فالمسيحية لا زالت ( دينا مغتربا ) وتقتصر على شريحة فوقية من المتعلمين . وكذلك الانجليزية , أما أصولهم الثقافية ودياناتهم الاحيائية الطبيعية فانهما ( الدين والثقافة ) يعيشان خارج الزمان المعاصر والمكان المتغير" .


ومن ثم يرى ألا هوية للجنوبي المتوحش،فهي هوية معلقة ،ولذلك ،
يخلص الى أن:

Quote: " هوية الجنوب لا زالت ( هوية معلقة ) لا تتوافر لها مقومات البناء الذ اتي الا عبر ارتباطها باحد التيارين الحضاريين المتصارعين على سطح القارة الافريقية برمتها , التيار الأول وهو التيار العربي الاسلامي , والتيار الثاني وهو الاوروبية المسيحية الغربية "

ويضيف الى ذلك ان الجنوب لا يستطيع :

Quote: ان يشكل قطبا مركزيا جا ذبا لتفاعلات الثقافات في شمال السودان باتجاهه لأنه يفتقر لأسس الحضارة المادية وبنائيتها اللغوية".

فالجنوب هو منطقة بدائية متوحشة ،وليست متحضرة.ولذلك لا بد من ان تبحث لها عن قطب جاذب من القطبين الاساسيين اي المسيحية الاوروبية ،و ثقافة الشمال الاسلامية العربية.

فهو اي مجتمع الجنوب في منظور الباحث مجتمع:
Quote: " تسوده الشروخ القبلية, مجتمعات لا زالت تعجز عن تصنيع ابرة حياكة


المشكلة في جنوب السودان حسب رايه تكمن في ازمة الحضارة العربية الاسلامية.

يقول عن ذلك :
Quote: لولا نكوص الحضارة العربية بافاقها الانسانية العالمية , ولولا تحول التعاليم الاسلامية الى ايديولوجية لاهوتية متخلفة , لما كانت هناك مشكلة في جنوب السودان". وبناء على تلك الازمة كما يرى الباحث " لم يكن الشمال مجتمع (رسالة\حضارية ودينينه) بالنسبة للجنوب".
و من باب الحط من قدر سكان الجنوب تحدث عن الجنوب :
الذي لم تصل قبائله البد ائية حتى مرحلة التالف الميكانيكي مع بعضها فكيف بالتوحد والتدامج القومي".


ولكل ما سبق ذكره يرى حاج حمد ان مستقبل الجنوب مرهون :
Quote: بدوره للتفاعل مع جا ذبية القلب النيلي".[/U

Post: #336
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-22-2006, 02:11 AM
Parent: #1

العيد مبارك ليك يا سيد الحوش
والعيد مبارك لكل المساهمين والقراء المتابعين
وكل سنة والجميع بالف خير

يعيده علينا وسوداننا في احسن حال .

امين .

Post: #338
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-22-2006, 02:39 AM
Parent: #336

تهانينا القلبية بمناسبة حلول عيد القطر المبارك

أعاده الله علينا وعليكم وعلى الامة الاسلامية باليمن والبركات

وكل عام وأنتم بخير

Post: #339
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 02:43 AM
Parent: #336

الصورة الاخرى للجنوبي هي صورة "البدائي النبيل" Noble Savage
سنعود لمقاربة تلك الصورة من خلال :
محمد المهدي المحذوب
و
محمد المكي ابراهيم
و
عبد الحي
في نقده لتلك الصورة،
وبقية المقاربات الاخرى لصورة الجنوبي كبدائي نبيل.
محبتي
وكل عام وانتم بخير,
وخاصة صاحب الحوش الصغير :
حيدر حسن ميرغني
والعفو والعافية

المشاء

Post: #340
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-22-2006, 03:07 AM
Parent: #1

العزيز حيدر والاخوة الكرام
لا زلت بصدد البحث عن بوست :

السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال هاشم يحلل عبدالله علي ابراهيم

Author: Abdel Aati
Date 08-07-2003

حيث انني شاركت فيه بمساهمات هامة تصب في قلب النقاش الدائر هنا


مع احلى واطيب الامنيات للجميع بمناسبة العيد السعيد

Post: #341
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 03:49 AM
Parent: #340

استحسنا ان نبدأ الحديث عن صورة الجنوبي ك:
بدائي نبيل
بالاشارة الى المصادر و الجذور المعرفية ،
التي شكلت صورة الجنوبي كبدائي نبيل في خطاب المستعربين السودانيين.
ول:ع.ع.ابراهيم القدح المعلى في الاشارة الى مفهوم البدائي النبيل عند الافروعروبيين،
وبعد ذلك انتشر نقد ذلك المفهوم في كتابات :
عبد الله بولا الاسفيرية،
و محمد جلال هاشم ،
وع.اللطيف على الفكي،
ولم يشذ في ذلك الا الاستاذ عجب الفيا ،
الذي ما يزال يدافع عن مفهوم البدائي النبيل.

وسنبدأ كلامنا بما قال به ع.ع.ابراهيم حول المصادر المعرفية التي شكلت صورة الجنوبي كبدائي نبيل .
يقول ع.ع.ابراهيم،في اشارته الى الافروعروبيين:

Quote: فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقيا وهميا لحمته وسداه معطيات أوربية عربية مردودة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفلة القلب والولع بالايقاع والرقص . والأفريقى المخترع هذا هو الذي جرى وصفه دائما بـ " البدائى النبيل " في علم الأثنوغرافيا

وكلام ع.ع.ابراهيم عن المعطيات الاوروبية العربية المردودة ،
كلام صحيح،
ولا يمكن لعاقل ان يدافع عن تلك الصور الوهمية التي شكلها الخيال الاوروبي العربي ،للافريقي ،
ومن ضمن ذلك "الجنوبي".
وسنواصل
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #342
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 04:12 AM
Parent: #341

الجذور والمصادر المعرفية التي شكلت صورة الجنوبي كبدائي نبيل ،
ترجع الى علم الاثنوقرافيا ،
و الكتابات الاوروبية التي ترافقت مع المرحلة الكولونيالية،
و تصوير الآخر المختلف عن الاوروبي ،
وقد روج لذلك جان جاك روسو ،في حديثه عن البدائي،
الذي لم تمسسه روح الحضارة بعد.
وهذا ما اصطلح عليه ب:
البدائي النبيل
ويمكن ارجاع بعض المصادر المعرفية العربية عن الآخر الافريقي الى ابن خلدون.
والصورة المعجبية للانسان الافريقي الخفيف الرقص نجدها عند ابن خلدون ,نقلا عن "عبدالهادي الصديق" ,
والذي صدق ابن خلدون حين قال نقلا عن " ابن خلدون , ومعلقا عليه الاتي :
" قد راينا من خلق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب فتجدهم مولعين بالرقص على كل " توقيع",
ويرد السبب في ذلك الى عنصر المكان،ولذلك فان تيار ابن خلدون يصنف ضمن الجغرافيا السوسيولوجية.وقد ارجع ابن خلدون صفات الآخر السوداني الى أثر الحرارة عليه.وهذا في رأيه يؤثر على بخار الروح.مما يجعلهم امة مشغولة بالخمر و الرقص،بينما ان سكان الجزيرة العربية بحكم مناخهم المعتدل ،فهم "خير امة أخرجت للناس" .وتأمل\ي!!!!
يقول عبد الهادي الصديق الذي صدّق ابن خلدون في خطابه حول السوداني:

Quote: وقد قال "ابن خلدون" عن المكان الذي يقع ضمنه السودان الحالي , انه في الجزء الغربي المنحرف وانه يختص بالانحراف في كل اوجه الحياة ....الوان البشر واحوالهم, العلوم والصنائع والمباني , الملابس والاقوات والفواكه والحيوانات . وذكر بان السكان يبنون بالطين والقصب وان اقواتهم من الذرة والعشب وان ملابسهم من الجلود وأوراقهم الشجر ثم اشار الى تاثير الاقليم الحار في امزجتهم وأصل تكوينهم وان في ارواحهم من الحرارة على نسبه ابدانهم بينما نسب سكان الجزيرة العربية الى الاقاليم المعتدلة ووصفهم بانهم خير امة اخرجت للناس".
لان الحرارة تفشي الهواء والبخار الذي يداخل بخار الروح في القلب من الحرارة الغريزية فانها تبعث ثورة الخمر في الروح فتغشي طبيعة الفرح والسرور. ويقول بان السودان لما كانوا ساكنين الاقليم الحار واستولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم كان في أرواحهم من الحرارة على نسبة أبدانهم
".

ونواصل كي نرى كيف ان كلا من المجذوب و محمد المكي ابراهيم ،يتبنيان اوهام "ابن خلدون" حول السوداني ،الحار المزاج،والذي يحب الخمر ،وهو خفيف وراقص حتى في مشيه .
المشاء

Post: #343
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-22-2006, 04:42 AM
Parent: #342

الاستاذ/ عجب الفيا

هل مررت على الرابط ادناه؟

السودانوعروبية، أو تحالف الهاربين:
المشروع الثقافي لعبد الله على إبراهيم في السودان

محمد جلال هاشم يحلل عبدالله علي ابراهيم

http://www.sudaneseonline.com/sections/kitabat_naqdiya/pa..._sudano3arabiyya.htm

Post: #344
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-22-2006, 05:30 AM
Parent: #343

الاستاذ حيدر
اطلعت على الرابط وقد شكرتك في احد ردودي هنا على ذلك
ولكن الرابط يحتوي على ورقة محمد جلال هاشم فقط

اما ما ابحث عنه هو بوست : باسم عادل عبد العاطي

جري فيه نقاش ثر عن الورقة ومن ذلك ملاحظاتي وانتقاداتي لورقة محمد جلال ومشروع الدكتور عبد الله ابراهيم عموما .

عميق تقديري وامتناني

Post: #345
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 06:16 AM
Parent: #344

نواصل حول الجنوبي كبدائي نبيل.

و أول من جاء بهدا المصطلح الى الخطاب الثقافي السوداني كان محمد عبد الحي،
بحسب ع.ع.ابراهيم:

يقول ع.ع. ابراهيم عن ذلك:
Quote: جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) .

فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل " .

و " الجنوبيات " هى نسل مجرد من شعر المجذوب وقعت له حين جرى نقله من بورتسودان ( على ساحل البحر الأحمر ) إلى واو ( في جنوب السودان ) في أوائل 1954 ، والتى أقام فيها حتى قبيل حوادث الجنوب المشهورة في آب / اغسطس 1955
.


ومحمد المهدي المجذوب،كما قال الشقليني بحق ،هو أب الافروعروبيين الذي علمهم سحر "البدائي النبيل" كما ارى،ويرى جل الباحثين السودانيين في امر الافروعروبية.

يقول ع.ع.ابراهيم في أبوة محمد المهدي المجذوب الروحية للأفروعروبيين:

Quote: وقد اعتقد الأفروعربيون أن " الجنوبيات " هى باكورة لنوع الشعر السودانى الذي يريدون له الذيوع . فقد رأينا عبد الحى يصف المجذوب في كلمته عام 1976 بأنه الشاعر السودانى الذى أدرك حقيقة انتسسسابه إلى أرومة زنجية .

وأضاف عبد الحى بأن شعر المجذوب إنما يعكس في جنوبياته وغيرها وحدة على مستوى عمق مصادر التقليدين العربى الأفريقى (32) .

وقال مكى فى المعنى نفسه أيضا : إن المجذوب في جنوبياته قد جعل ذاته الشاعرة معلما على سودان الغابة والصحراء . ورأى في شعره استيعابا وتصويرا وتمثيلا لتجربتنا الحضارية ، مؤصلا في معرفة بثقافة الشمال العربية وثقافة الجنوب الأفريقية (33) . وهكذا عمد الأفروعربيون المجذوب ، الذى هو فى سن آبائهم ، أبا روحيا لمشروعهم الشعرى الرامى إلى التعبير عن الوحدة العميقة للوجودين العربى والأفريقى ، في ذاتية سودانية صمدة
.


ونرى تأثر المجذوب بابن خلدون ،و المفهوم الكولونيالي لل"بدائي النبيل " في الابيات التالية المشهورة:

Quote: وليتنى في الزنوج ولى رباب تميد به خطاى وتســــتقيم
وأجتزع المريسة في الحوانى وأهــدر لا الأم ولا ألــوم
وأصرع في الطريق وفي عيونى ضباب السكر والطرب الغشوم
طليق لا تقيدنى قريـــش بأحساب الكرام ولا تنيـــم


طبعا الصحيح "وليتي " وليس "وليتني"

وفي هذه الصورة الوهمية للجنوبي ،نرى تطابق ذلك مع "ابن خلدون " الذي يرى السوداني،وهو الاسود عن العرب،حين يقول:

Quote: " قد راينا من خلق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب فتجدهم مولعين بالرقص على كل " توقيع"

ويقول في مقام آخر عن "السكر " و تعاطي الخمر ،كصفة للسوداني ،اي الافريقي الاسود، في كلام له عن اثر الحرارة:
Quote: لان الحرارة تفشي الهواء والبخار الذي يداخل بخار الروح في القلب من الحرارة الغريزية فانها تبعث ثورة الخمر في الروح فتغشي طبيعة الفرح والسرور. ويقول بان السودان لما كانوا ساكنين الاقليم الحار واستولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم كان في أرواحهم من الحرارة على نسبة أبدانهم".


وسنعود للحديث عن الجنوبي كراقص خفيف ،كما تبدى في خطاب مستعرب آخر ،هو الشاعر الكبير:
محمد المكي ابراهيم

وكيف ان الافروعروبيين قد تنصلوا من المجذوب ،الأب الروحي لهم.
المشاء

Post: #346
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 10-22-2006, 07:41 AM
Parent: #345

" قد راينا من خلق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب فتجدهم مولعين بالرقص على كل " توقيع

الأخ أسامه هل ذلك الذى قال به إبن خلدون هو سودان اليوم أم ذلك السودان الكبير...وهل تلك الصفه فى سودان اليوم شامله بمفهوم السودان الآن والذى يغلى مرجل الحوارفيه



لان الحرارة تفشي الهواء والبخار الذي يداخل بخار الروح في القلب من الحرارة الغريزية فانها تبعث ثورة الخمر في الروح فتغشي طبيعة الفرح والسرور. ويقول بان السودان لما كانوا ساكنين الاقليم الحار واستولى الحر على أمزجتهم وفي أصل تكوينهم كان في أرواحهم من الحرارة على نسبة أبدانهم".

متى كان أهل السودان يسكنون فى الإقليم الحار...ومتى رحلوا عنه...وإن كان الكلام مقصود به الجنوبى الذى جاء فى قول المجذوب...افلا ترى أن الجنوب مطير كثيف الغابات والحشائش أى يعمه الغطاء النباتى...لذا فهو أقل حرا من ما يقع شماله...لأن ذلك يقع فى الصحراء وشبهها فهل حدد أو ميز إبن خلدون ذلك السودانى كماهو مميز بمفهوم الغابةوالصحراء والتى بصددهاالحوار...أم إن كلام إبن خلدون فيه عموميه تبتلع التنوع الذى يمثل سودان الآن...وإلا فإن مفهوم الغابة والصحراء أشمل تدخل فيه شاد ومالى والنيجر وشمال نايجيريا وبوركينافاسو وغينيا بيساو وغينيا كوناكرى وجنوب الجزائر والمغرب....................



ولك ودى وكلعام وانت بخير

منصور

Post: #347
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-22-2006, 01:43 PM
Parent: #346

الاخ منصور تحيه حتى يتمكن الاستاذ الخواض من الاجابه على اسئلتك مصطلحات ابن حلدون ومن قبله الجاحظ الخاصه بكلمه سودان تختلف جعراقيا عن تقسيمات الاستعمارالاوربى للبلدان التى صار وطننا منها اسمه السودان عليه اى اشاره فى كتب التاريخ السابقه للاستعمار الغربى للسودان تشمل عموم قاره افريقيا ومعيار اللون بها سواد الارض وليس اهاب الناس الامر الذى ادخل المصريين والتوانسه معنا فى المصطلح وقد اشار هيرودتس الى ذلك عندما حدد مصطلحاته فى كتابه التواريخ.
شيئا اخر ذكرت انتت كثافه الغابات وغزاره الامطار بالمناطق الاستوائيه الامر الذى يؤدى الى تلطيف الجو وترهيف المزاج خلافا لنظريه ابن خلدون القائمه على اثر الحراره على مزاج السود وميلهم للطرب لكن من يعيش فى اى منطفه جنوب خط الاستواء او شماله بقليل الى منطقه الزاندى بالسودان يلحظ ان الحراره بتلك المناطق تشتد كثيرا حتى اثناء نزول المطر عليه كان ابن خلدون محقا فى رؤيته عندما لم يلتفت الى الامطار وغزاره الاشجار فى الغاء اثر الحراره على المزاج.
حول السودان كمصطلح بعض كتب المؤخين تشير به الى مالى الحاليه وبعضها كل المنطقه من سوداننا الى مالى وعند الاسثقلال 1956 طالب البعض ومنهم جمال محمد احمد تسميه وطننا الحالى جمهوريه سنار لاجل ازاله اللبس فى اى اشارات مرجعيه فى حاله قراءع التاريخ العام لافريقيا قبل الاستقلال.

Post: #348
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-22-2006, 03:28 PM
Parent: #347


عن الجنوبي باعتباره طفلا وافد وبدائيا نبيلا:

في الرصد الدقيق الذي قام به ع.ع.ابراهيم في :
تحالف الهاربين

نرى كيف ان الافروعروبيين قد احتفوا بالاب المجذوب في جنوبياته،وكيف انهم بعد ذلك قد قاموا بنقد الاب الروحي لهم ،وقاموا بقتله بشكل رمزي،او كما قال فرويد رضى الله عنه و ارضاه.

يقول ع.ع.ابراهيم عن تنصيب المجذوب كاب روحي للافروعروبيين:

Quote: وقد اعتقد الأفروعربيون أن " الجنوبيات " هى باكورة لنوع الشعر السودانى الذي يريدون له الذيوع . فقد رأينا عبد الحى يصف المجذوب في كلمته عام 1976 بأنه الشاعر السودانى الذى أدرك حقيقة انتسسسابه إلى أرومة زنجية .

وأضاف عبد الحى بأن شعر المجذوب إنما يعكس في جنوبياته وغيرها وحدة على مستوى عمق مصادر التقليدين العربى الأفريقى (32) . وقال مكى فى المعنى نفسه أيضا : إن المجذوب في جنوبياته قد جعل ذاته الشاعرة معلما على سودان الغابة والصحراء .

ورأى في شعره استيعابا وتصويرا وتمثيلا لتجربتنا الحضارية ، مؤصلا في معرفة بثقافة الشمال العربية وثقافة الجنوب الأفريقية (33) . وهكذا عمد الأفروعربيون المجذوب ، الذى هو فى سن آبائهم ، أبا روحيا لمشروعهم الشعرى الرامى إلى التعبير عن الوحدة العميقة للوجودين العربى والأفريقى ، في ذاتية سودانية صمدة.


ويتحدث ع.ع.ابراهيم بعد ذلك عن طقوس قتل الاب الروحي ،بعد ان تكشفت للافروعروبيين ،وفي مقدمتهم المساهم الاكبر في الافروعروبية تنظيرا وشعرا،اي محمد عبد الحي،

يتحدث ع.ع.ابراهيم عن قتل الاب الروحي للأفروعروبيين،
قائلا:


Quote: رد عبد الحى في كلمته الأخيرة ( 1985 ) جنوبيات المجذوب إلى تأرجح الشاعر (34) بين ثقافة العرب وثقافة الأفارقة ، لا إلى وحدتهما في عمق المصادر كما فعل في كلمته عام 1967 ، كما رأينا أعلاه . فجنوبيات المجذوب عند عبد الحى قائمة في ثنائية الحضارة ، التى تمثلها ثقافة الشمال العربية ، والطبيعية ، التي تمثلها ثقافة أهل الجنوب (35) . وهى ثنائية يتعارض فيها العرف مع الملابس ، البراءة مع العار ، والقلب مع العقل ، والأريحية مع النقود ، والطلاقة مع الأخلاق ، والمشاعة مع النسب . وعند عتبة مجتمع الطبيعة الجنوبى البكر العذوبة ، خلع الشاعر عباءة الحضارة العربية بمحرماتها ونواهيها الكاسية . فالمجذوب يشبه تحالف الأفروعربيين في يأسه من إصلاح الثقافة العربية الاسلامية من باطنها ، واصطناعه بدائيا نبيلا في الجنوب يصوب به ذهنيا علل وآفات تلك الثقافة .

من الواضح ان الافروعروبيين قد اكتشفوا جذور ومصادر "البدائي النبيل " عند المجذوب،وهي تعود الى فكرة البدائي النبيل كما في الخطاب الكولونيالي عن "الآخر" الغريب المعجبي،كما يقول ادوارد سعيد

يتحدث ع.ع.ابراهيم عن اكتشاف الافروعروبيين لوهمية الصورة التي احتفوا بها زمنا،عن البدائي النبيل متمثلا في "الآخر " الجنوبي ،وهي صورة تحاول ان تجد مخارجة للثقافة العربية الاسلامية الحنبلية كما يرى الافروعروبيون:

Quote: غير أن هذا البدائى النبيل صورة وهمية كما يقول عبد الحى (36) . فالبوهيمية الاجتماعية (37) التى رآها الشاعر في الجنوب إنما هى إسقاط من شاعريته النهمة التى قيدتها الزواجر الاجتماعية في الثقافة العربية الاسلامية . فهذه الاسقاطات هى عبارة عن شهوات للشاعر لم ينقع مجتمعه غلتها فأرغت وأزبدت عالما من البوهيمية .


ثم يواصل قائلا،عن دور الممارسة،اي الواقع،في كشف هشاشة صورة الجنوبي كبدائي نبيل،من خلال احداث 1955 ،ودور المثقفين الجنوبيين الذين باعوا "البدائي النبيل " في سوق الله اكبر السياسي السوداني:
Quote: إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955 (3 . وقد اضطر المجذوب إلى أن يسقط حقائق اجتماعية جنوبية كثيرة لكى يخلص له " إنسان الجنوب البسيط الضاحك المتفاعل " (39) . فقد لاحظ مكى مثلا إغفال المجذوب ذكر السياسيين من مثقفى الجنوب الذين ، " كان يمكن أن يكونوا صيدا نموذجيا لهجائه الساخر وتصويره المضحك الدقيق " (40) . فقد أراد المجذوب أن يختصر طريقه إلى البراءة والسلاسة الجنوبية اختصارا


ويقول محمد المكي ابراهيم عن الطفل الوافد عن علاقة الاسلام بالصورة البدائية النبيلة للجنوبي ،نقلا عن ع.ع.ابراهيم:
Quote: ويحترز مكى ، وهو يتكلم عن تصوره لما سيؤول إليه الاسلام في معترك الهجنة . فقد اضطره موضوع " الدين المخيف " أن يكتب عنه بتعميم ؛ فهو يرى أن عوامل الجهل والتخلف قد مكنت لدعوات التشدد والتخويف في الاسلام ، بغض النظر عن معدنه الأصيل الداعى إلى الحب والتسامح . وقد استحال مع هذا التخويف " تلاقى البشر حول إله واحد وحب واحد " . ويرى مكى أن لقاء الاسلام بصورته الخاطئة بالعقائد الإفريقية ، ( أو ما يسميه بالوافد الأفريقى الطفل ) ، سيخلف مشاكل تحتاج إلى حلول خاصة (26)


ونواصل
المشاء

Post: #349
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-23-2006, 05:33 AM
Parent: #348

الليلة يستقبلني أهلي
ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصن الماء

Post: #350
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-23-2006, 10:58 AM
Parent: #1




الأحباء هُنا
كل عام وأنتم بخير ،


ما كُنت مُبتعداً عن ظلالكم الوارفة ،
وما كنتُ مختبئاً عن محبتكُم .

عُذراً

كان الزمان بين الغيبة والحضور ..
و المحبة للجميع ..

**

رأيت مادة خصب تصلُح أن تُغني (البوست ) :

مقال كتبه دكتور عبد الله علي إبراهيم عام ( 2002 م )
يمكنه أن يكون صورة أخرى من صور رؤى الدكتور
للمسألة في حضورها الدامي بينكم :

***

النص وفق ما ورد في صحيفة سودانايل السماوية :
فقه العاصمة: حمام السجوف وعصافير الربي (2002)
د. عبد الله علي إبراهيم


قال مغني الربوع الأمريكي:

لقد جعلني هواك رجلاً وسيماً.


وكثيراً ما هجس لي لماذا أصبحنا نحن السودانيين الشماليين علي هذا القبح في مسيرة عشقنا المعلن للجنوب. لماذا لم يدلف بنا هذا الهوى إلي يسار يأخذ بشغاف قلوب غمار الناس من كل فج وطائفة وجنس يهدي إلي الألفة في الوطن. لأنه حتى شمالي الحركة الشعبية من اليساريين ومن لف لفهم، في مصطلح ضياء الدين البلال، لم يعلموا من مسألة الجنوب إلا ما يسد رمقهم للفتنة بين الأقوام والتأليب وسفك الدماء. وقد تنصلوا عن هذا العلم حين جعلوا نسكهم ومحياهم للزعيم قرنق دون شاغل الجنوب نفسه الذي سبق ميلاد قرنق وسيبقي حتى يأذن الله. ولم يجعلنا التعلق بالجنوب مسلمين أقوياء تتسامي فيه عبادتنا فوق الهرج. ليس فينا بعد دستور مدينة المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي منونا به حسماً للخلاف في البلد وقد طالت دولة الإسلاميين وتطاولت. وهو الدستور الذي نفذ إلي دوحة أمنه الشاعر محمد المكي إبراهيم بقوله:

مدينتك الهدي والنور
وتسبيح الملائك في ذؤابات النخيل
وفي الحصى المنثور
مدينتك الحقيقة والسلام
علي السجوف حمامة وعلي الربي عصفور
مدينتك الحديقة أقرب الدنيا
إلي باب السماء وسقفها المعمور

وبدلاً من أن ينثر لنا الإسلاميون حصى السلم أرونا عجبا. فقد تراخي اجتهادهم وقل تناصرهم وتفرقوا شيعاً تربط واحدتها للأخرى تحول دونها وصفو الكوثر المحمدي في ألفة الشعوب والقبائل. فلما استثني قانون الشيخ حسن الترابي الجنائي لعام 1988 علي علاته الجنوب من حد الشريعة خرج له الأخوان المسلمون يعاتبونه بالسيوف. وهذا من قبيل عتاب الجمهوريين لشريعة الرئيس نميري التي سهت عن تضمين حد الرجم في 1983 . وقد رأينا سوءة أخري لحرب طوائف الإسلاميين حين انشقوا إلي قصر ومنشية وكيف كادت المنشية للقصر بتوقيع ميثاق جنيف مع الحركة الشعبية دعت فيه إلي عقد اجتماعي جديد في السودان "لا يسمح بالتمييز بين المواطنين علي أساس الدين أو اللغة أو العرق أو النوع أو الإقليم." وعلي بهاء العبارة فإنها تنضح بمكر المعارضة للحكومة التي لم تبارحها المنشية إلا بقليل قبل توقيع الميثاق. فلم تكن العبارة اجتهاداً في الإسلام وإنما حرب به أو باسمه. ولا يستغرب والحال كذا أن لا نكسب بتعاطي أمر الجنوب معرفة أذكي به يصفو بها إسلامنا ويذكو. ولما لم يكن الأمر لله كان للسلطان والله غالب.

وقد ارتعت لما استمعت إليه في العام الماضي من حوار مرموق للأستاذ عبد الحي يوسف يدعو الى فقه أهل الذمة آية وشكلة بما في ذلك فرض الجزية عليهم. وقلت له أن أول عهدي بدعوته هذه كان في منابر جامعة الخرطوم في الستينات والحركة الإسلامية غضة العود لم ترتكب بعد السياسة العملية التي ألانت قناتها هوناً ما. وقد رأيت في دعوة عبد الحي إلى الشباب، الذي تتشكل حساسيته الإسلامية منذ عقد وأكثر من السنين في ردة الفعل علي ما يراه خطلاً في عقيدة وممارسات دولة الإنقاذ الإسلامية، تجديداً للدين بالنكوص إلي البراءة الأولي والنصوص البكر بدلاً من الاعتبار بفقه من سبقوهم من رهطهم إلي ابتلاء مسألة التآخي في السودان. ومن قبيل هذا التشدد الغر في فقه أهل الجزية الفتوى التي ذاعت عند حلول عيد الفطر الماضي ونهي فيها علماء بذاتهم عن تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد الذي كان وشيكاً. وهذه هي بعض الأقوال والمناهج التي باعدت بين الإسلاميين والوسامة بشأن الجنوب وهبطت بهم من مقام زعمهم أنهم أهل حل وعقد لمسألة التآخي السوداني بسنة دولة المدينة إلي خانة أصبحوا بها جزءاً أصيلاً في المشكلة. فلقد تقطعت أنفاسهم وأزبدوا دون غرس مدينة مصطفوية أخري للهدي والنور.
مما يؤرق جداً خلو طرف الدولة والإسلاميين من فقه وسيم للعاصمة في سياق المفاوضات المصيرية في ميشاكوس سوي الإصرار أن المدينة لن تحكم بغير الشريعة. وما أعرف جماعة سياسية استعدت لسياسة مبتكرة للمدينة، التي تغيرت ديموغرافيتها وتنوعت ثقافتها بليل، إذا جاز التعبير، مثل الحركة الإسلامية. فقد تعاقدت في منتصف الثمانينات مع الدكتور ت. عبده ملقم سيمون، الأمريكي الإفريقي المسلم وأستاذ علم النفس لينصحها لوجه الله لبناء خطتها السياسية والدعوية حيال تفشي قري الكرتون في الخرطوم بجمهورها "الإفريقي" الذي قلعته عن دياره الحروب والمجاعات والجفاف واللجوء. ولم تكمل الحركة جميلها الذكي هذا. فقد اشتكي سيمون أن قادة الحركة ضاقوا بصراحته وانتهوا، بدبلوماسية شمالية لطيفة، إلي إهماله بغير جفاء أو غضاضة. واستفاد سيمون من السانحة كتاباً حسناً نشرته له دار جامعة شيكاغو للنشر عام 1994 اسمه: في أي صورة ركب: الإسلام السياسي وطرائق المدن. وقد نبه الكتاب إلي التحدي الوجودي العقدي الذي تأتي به مدن العاصمة "الكرتونية" الهجينة إلي ساحة السياسة والتشريع في السودان. وقد وصفها بأنها مواقع ل"الانبعاج" الثقافي تندلق الثقافات في بعضها البعض بدلاً من أن تأوي واحدتها إلي الاخرى تأتلف وتتناغم. ووصف سيمون هذه المدن، التي يبلغ سكان بعضها مثل النصر (مايو سابقاً) في امدرمان 750 ألف نسمة، بأنها كرنفال للعلمانية. فالدعوة بالصفاء أو الثابت الثقافي من قبل أي طائفة من سكان هذه المدن الهجين هي مجرد دعوى قل أن تتجاوز الزعم إلي ما هو أكثر من ذلك. وكنت التمست من الحركة الإسلامية أن تعيد النظر في جفائها لنصح سيمون وأن تكلف من يعرب كتابه تعريباً سائغاً ينتفع به كادر الإسلاميين الذي يلقون مسألة فقه العاصمة بغير علم.

وكان أعجبني من الجهة الأخرى اشتغال عالم وحركي إسلامي في مقام الدكتور حسن مكي بأمر هذه الهجنة. فقد رسم من إحصائيات السكان لعام 1997 صورة لعاصمة لم تعد مدينة "عربية" كما كانت في 1956 بل "أفريقية". فقد كان عدد الجنوبيين بالمدينة 183 ألف نسمة في 1956 في حين تجاوز عددهم في 1997 المليون نسمة من جملة سكان المدينة الذين هم 3512000 نسمة. ومن حيث النسب المئوية فسكان العاصمة من ذوي الأصول في غرب السودان بلغت 35%، وبلغت نسبة الجنوبيين 30%، ونسبة الكردفانيين 10% بينما بلغت جماعات الجزيرة والوسط النيلي وما جاورها 25%. وسمي حسن مكي هذه الوفود "الإفريقية" بالجمهرة المستضعفة التي إن لم تنعتق في معاشها ومعادها بالإسلام انعتقت بغيره من عقائد الدهرية والعرقية. وأمل حسن مكي أن يهدي المشروع الإسلامي هذه الجمهرة إلي معاني الوطنية والإخاء والندية. غير انه صدره لم ينشرح بالجهد المبذول نحو هذه الغاية.

وحين ضاع علي الإسلاميين خيط العلم بهجنة العاصمة أصبحت سياساتهم بشأنها خبط عشواء. وقد استثني المهندس بانقا، وزير الهندسة والإسكان السابق بولاية الخرطوم، الذي أشاد الخصوم برقة منهجه وعاطفيته علي مستضعفي المدن الهجينة قبل الأصدقاء. فقد جعل الإسلاميون من وفود الجنوبيين الذين اقتلعتهم الحرب إلي العاصمة حجة علي فساد ما يشاع عن جور دولة الإنقاذ والشماليين واضطهادها للجنوبيين. وفي حجتهم هذه حق كثير. فقد قرأت مؤخراً كلمة مسوؤلة محايدة عما جري لمن لجأ من الجنوبيين إلي مدن تحت سيطرة الحركة الشعبية وتوابعها. فقد أساء الدكتور مشار لجماعة من شعب الأدوك الذين لجأوا إلي الناصر هرباً من إثيوبيا بعد سقوط نظام مقستو هايل مريام. كما غصب قرنق علي الجندية من عرفوا ب"أطفال التيه" من اليتامى الذين أغراهم بتلقي العلم في مدارس خاصة بالحركة.

كان أول من نبه إلي القيمة السياسية والاجتماعية لاطمئنان الجنوبيين المقتلعين لعاصمة الوطن ولياذهم بها هو المرحوم مبارك قسم الله حين رأي كيف تشوش الإسلاميون والعاصميون القدامى من هذا الوفود. وهو تشوش غلب عندهم احترازات الأمن لحماية العرض والمال. وقد حما مبارك من غرائز الخوف الأصنج هذا أنه كان من أهل الدعوة إلي كنف الإسلام الوهيط ومن بناة مدنه المفتوحة إلي "باب السماء وسقفها المعمور." ومع استخدامنا المفرط لحجة وفود الجنوبيين إلي العاصمة لدحض افتراءات عنا إلا أننا لم نرتب علي ذلك وجداناً يتخطى الفرح بقدومهم إلي تأمينهم بحسن الجوار وتوفير أسباب العدل والعيش الكريم لهم ما وسعنا. فقد كتبت مرة بعد مرة عن ثشوش العاصمة القديمة من العاصمة الجديدة متي ما بدر من أفراد من الأخيرة ما أقلق المضاجع وأثار الخواطر. فسرعان ما ننسي ميثاقنا مع العاصمة الجديدة التي نفاخر بقدومها إلينا دون الآخرين ويركبنا هاجس "حزام الجنوبيين" ونغلظ ونتداعى إلي أجهزة الأمن. وهكذا نفارق الوسامة لأننا هبطنا بثقة الجنوبيين فينا إلي درك جعلها مجرد دليل إثبات للعالمين علي إنسانيتنا.
وبدا لي انه لا الإسلاميين ولا قادة الرأي استعدوا بفقه أو رأي في التشريع لعاصمة اطرد تفاقمها السكاني وتنوعت عقائد الناس فيها وتباينت توقعاتهم بشأن العدل فيها. فقد كانت أول ردة فعل لاتفاق مشاكوس من قبل هيئة علماء السودان هي إلحاحهم علي الوجوب الشرعي لتطبيق الشريعة في العاصمة لأن أمر الشريعة أمر دين وعقيدة للمسلمين. واعتصام العلماء بهذه العقيدة يضعف من قولهم في نفس بيانهم الأول بعد الاتفاق أن الإسلام يراعي حقوق الآخرين لأنه دين الحق والعدل والإحسان. فقد صح أن يسأل المرء هنا لماذا لا يرينا العلماء في هذا المنعطف الحرج في الوطن كيف يحسن الإسلام ويعدل ويحق حق هذه الجماعة الكبيرة من الجنوبيين (التي تشكل نسبة 40% من كل سكان الجنوب في قول وزير الصحة) وغيرهم في العاصمة من هم علي غير عقيدة الإسلام. لقد اعتصم العلماء بسداد العقيدة واستنكفوا استنباط فقه يمكننا من ملاقاة ابتلاء خلطة الشعوب والقبائل وهجنتها. وهذا قصور بين عن إعادة إنتاج معاصرة للمدينة المصطفوية التي هي ادني إلي باب السماء وسقفها المعمور.

وخطة بعض قادة الرأي العام عندنا ليست بعيدة عن خطة العلماء في التعامي عن حقائق العاصمة السكانية والاستغراق في ما عدا ذلك. فقد اقترح كثير منهم أن تكون العاصمة غير الخرطوم حين بلغهم تجديد الحركة الشعبية لمطلب أن يكون التشريع في العاصمة علمانياً. وقد تباروا في عزل المدن التي يمكن أن تحل محل الخرطوم بعد حذفها كعاصمة. وليس هذا تفكيرا في الأمر الشاغل واجتهاداً بل تهرباً منه بحثاً عن كبش فداء من المدن غير الأثيرة ليذبح علي أعتاب العلمانية حرصاً علي اتفاق مشاكوس. والبلاء بلاقوه بالكرامة. وقد استغربت لماذا لم يخطر لأهل الرأي هؤلاء تغيير العاصمة إلا الآن بينما هو أمر تناولته الأقلام بأسباب لا علاقة لها بالتشريع للعاصمة. فقد كنت قرأت للدكتور عمر محمد علي يوماً ما يقترح نقل العاصمة إلي قرية نادي في دار شعب الرباطاب مثلاً. وجاء بأسباب فيها نظر إلي الاقتصاد والإدارة وقد طال بي وباقتراحه الزمن. إن اقتراح نقل العاصمة ما يزال فكرة طيبة غير أني اخشي انه، في سياقه الحالي، قد يكون مجلبة للظنون في جديتنا في الشمال في حفظ العهود ودفع الثمن الباهظ للسلم الذي تفلت منا. ولله در زهير ابن أبي سلمي الذي لم يتلجج في نصح أهله بحقن دمائهم الجاهلية ودماؤنا مسلمة والحمد لله:
هي الحرب ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم

إنني أفهم بغير مواربة لماذا نلقي في الشمال بالحيرة والتشدد والصهينة احتمال أن يجري الحكم في الخرطوم علي غير الشريعة. أفهم هذا وأنا الذي دعوت وما ازال أدعو إلي فصل الدين عن الدولة. فالخرطوم ربما كانت أقرب المدن عندنا إلي منزلة العتبات المقدسة عند الشيعة. فهي بقعة المهدي التي قدل في عرصاتها المغني رقيق الحاشية خليل فرح "حافي حالق" في الطريق الشاقيه الترام:

في يمين النيل حيث سابق كنا فوق أعراف السوابق
في الضريح الفاح طيبو عابق السلام يا المهدي الإمام

وإرث الخرطوم الإسلامي تالد أيضاً يحمله سكان لم ينقطعوا عنه أو ينفصلوا. ويكفي للشهادة علي ذلك سور تلك المصلحة علي شارع النيل التي ضمت ضريح ولي ما بأمر الإنجليز. وقد لا يقبل أكثرنا أن تكون الخرطوم علمانية لمجرد أن صادفت وكانت عاصمة السودان. وربما كانت السرعة التي خلع بها بعضنا شارات السياسة والإدارة عنها والقي بها إلي مدن أقل روحانية ليسلم للمدينة طابعها الديني هي ردة فعل أولي دالة علي عقيدتنا في الخرطوم كعتبة مقدسة. ولكنني وددت لو كنا أكثر شفافية في عرض هذا الهاجس الروحي علي الجنوبيين ومفاوضيهم بدلاً من التمترس وراء العبارة العقدية الصماء أو الالتفاف حول المسألة بتقديم كبش مدينة أخري تفدي الخرطوم. فللجنوبيون روحانيات ومقدسات جمة من أنفاس وجد أنبياء النوير و عوالم الدينكا العقدية التي فصلها الانثربولجي الإنجليزي لينهاردت في كتاب قديم ومن هدي المسيح عليه السلام في الصفح والغفران. وهي روحانيات لم يزدها وجع حرب الحكومة وحروب متعلميهم إلا ملكة في الإصغاء والانفعال و البشارة. وهذه أريحية إن لقيناها بنبل أشد بلغنا بر الأمان إن شاء الله.
ولم يخل تاريخ الخرطوم الإسلامي العميق من قولة الحق بشأن "الأفريقيين." فقد نذكر كلمة الشيخ خوجلي أبو الجاز، ولي توتي المشهور، الذي ضاق يوماً بخصومة أهله الأزلية حول ملكية الأرض فوقف فيهم مؤنباً ومذكراً قائلاً لهم أن هذه الأرض هي ارض النوبة وقد اغتصبتموها منهم. وهذا شيخ أراد الخير لأهله بنزع الشح والغل عن نفوسهم. فبينما يريد لنا شيوخنا وأهل الرأي مدن الشقاق والخسران أراد أبو الجاز لأهله أن يأووا إلي المدينة المصطفوية التي يجري رونق الوسامة علي سيماء أهلها:
مدينتك الحقيقة والسلام
علي السجوف حمامة وعلي الربي عصفور
لقد نفذ محمد المكي إبراهيم إلي جوهر الطلاقة في المدينة التي تخيلها ولم شعثها الصادق الأمين الذي سألنا أن لا نقهر اليتامى الذين هو منهم . . . وكل المستضعفين.



Post: #351
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 10-23-2006, 11:24 AM
Parent: #1





كل عام وجميع القراء بخير




Post: #352
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-24-2006, 09:45 AM
Parent: #351

Quote: رسم من إحصائيات السكان لعام 1997 صورة لعاصمة لم تعد مدينة "عربية" كما كانت

في 1956 بل "أفريقية". فقد كان عدد الجنوبيين بالمدينة 183 ألف نسمة في 1956 في حين تجاوز

عددهم في 1997 المليون نسمة من جملة سكان المدينة الذين هم 3512000 نسمة. ومن حيث النسب

المئوية فسكان العاصمة من ذوي الأصول في غرب السودان بلغت 35%، وبلغت نسبة الجنوبيين 30%،

ونسبة الكردفانيين 10% بينما بلغت جماعات الجزيرة والوسط النيلي وما جاورها 25%. وسمي

حسن مكي هذه الوفود "الإفريقية" بالجمهرة المستضعفة التي إن لم تنعتق في معاشها ومعادها

بالإسلام انعتقت بغيره من عقائد الدهرية والعرقية. وأمل حسن مكي أن يهدي المشروع الإسلامي

هذه الجمهرة إلي معاني الوطنية والإخاء والندية. غير انه صدره لم ينشرح بالجهد المبذول نحو

هذه الغاية.


تلخيص لطريقة تفكير نرجسية وإستبدادية لا أكثر

Post: #353
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 10-24-2006, 09:54 AM
Parent: #352

كل عام وانت بخير اخي الاكبر حيدر
والتحايا بعيد سعيد لكل ضيوفك الافذاذ الذين اضافوا الينا كما معرفيا كثيف
وفتحو مداركنا لمعرفة ولهم كل الشكر والتقدير...ونشهد ان هذا البوست من الاسفار المهمة حقا


Post: #355
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-24-2006, 01:30 PM
Parent: #353

نجدد التحية والتهنئة بالعيد للجميع

ونرحب بالاخ عبد الكريم الامين ونشكره على حسن المتابعة والثناء

كما نعبر عن فرحتنا بعودة الاستاذ عبد الله الشقليني

Post: #354
Title: Re: فرق بين الكتابة بمحبة والكتابة بعنصرية ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-24-2006, 01:27 PM
Parent: #1

ان ما اروده ابن خلدون عن السودان( يقصد السود عموما ) ليس اراء علمية وانما تكرار لصورة الزنجي النمطية في المخيلة العربية العنصرية عبر التاريخ ، وهي الصورة التي لا زالت معششة في اذهان العرب اذ لا يزال ينظر اخواننا العرب الينا كوننا كسالى خاملين ، لا حظ لنا من رجاحة العقل وكل ذلك بسب الاراء التي ورثوها من اؤلئك الكتاب والمؤرخين العرب القدماء .
لذلك من الظلم الفادح ان نساوي بين من يكتب عن "الافارقة " بكراهية وعنصرية وتافف ومن يكتب بمحبة وتماهي . ابن خلدون والجاحظ والمعسودي وغيرهم كتبوا عن " السودان" والزنج بكراهية وعنصرية تعبر عن العقلية العنصرية والشعوبية في ذلك الوقت .
اما المجذوب ومحمد االمكي ومحمد عبد الحي وسائر الافروعروبيين فكتبوا عن محبة وعن رغبة اكيدة لرد الاعتبار للمكون الزنجي في وجدانهم . يقول المجذوب :
عندي من الزنج اعراق معاندة * وان تشدق في انشادي العرب
اما الدكتور عبد لله ابراهيم فيتافف من العرق الزنجي ويقول مستنكرا :
Quote: فالاحتجاج بحقوق الأفريقيين المعاصرين أو ممن يزعم الأفروعربيون أن دماءهم ، كأسلاف ، قد استقرت فينا هو خطة سلبية جدا
اذن من ذا الذي يسيء الى الافريقي حقا ؟ الذي يفاخر بالانتماء اليه ام الذي يتافف من الانتماء اليه ؟؟
لو كان الدكتور صادقا في الدفاع عن الافريقي ضد اساءة الافروعربيين المزعومة لما وصف اختلاط الدماء الافريقية بالدماء العربية ، بالسفاح . ولما وصف رد الاعتبار للمكون الافريقي بالوهيمية وبالهروب لاشباع الغرائز ، ولما وصف الارث الافريقي بانه واقع مطموس لا وجود ولا اثر له في تكوين الانسان السوداني .
فهو قد اتخذ من اراء العنصريين العرب وغير العرب كمبرر للتنكر للعنصر الزنجي والتافف من الانتماء الى افريقيا . ولكنه مارس حيلة خفيت على الكثيرين حينما اتهم الافروعروبيين /الغابة والصحراء بالاساءة للافريقي بناء على اسنتاجات خاطئة مبنية على اراء اؤلئك العنصريين حول خصال ومزايا يتحلى بها الافريقي عدوها مثالب للحط من قدره.
ان الانسان العربي القديم بسبب غلظة طبعه ، كان ينظر الى حب الموسيقي وخفة الروح بازداء وكعلامة على الطيش والسذاجة . اما الان وبفضل التقدم و بحكم تطور الذوق الانساني صار ينظر الى ذلك كدليل على التمدن رهافة الحس الانساني. لقد كان ليوبولد سنغور ، احد حكماء افريقيا ، يتباهي ويفاخر الاوربيين بحب الافريقي للموسيقى والغناء ويقول لهم بكل اعتزاز : ان الافريقي اذا سقط من السماء سقط بايقاع . كذلك كان شعراء غرب افريقيا كانوا قد اختاروا لمجلتهم الادبية في الخمسينات اسم بلاك اورفيوس ، في اشارة الى اله الموسيقي عند الرومان .وكلنا راينا كيف كان ثوار جنوب افريقيا يوظفون الاغاني والاناشد في المظاهرات لمقاومة سلطة التفرقة العنصرية .
ومع ذلك يحمد لابن خلدون، انه رغم ما جرى به قلمه في المقدمة من آراء عنصرية الا انه رفض الاخذ بالمسلمة القائلة ان حب الزنج للموسيقي والغناء دليل على سذاجة العقل . يقول :
"..وقد تعرض المسعودي للبحث عن السبب في خفة السودان وطيشهم وكثرة الطرب فيهم وحاول تعليله فلم يات بشيء اكثر من انه نقل عن جالينوس ويعقوب بن اسحاق الكندي ان ذلك لضعف ادمغتهم وما نشأ عنه من ضعف عقولهم ، وهذا كلام لا محصل له ولا برهان فيه ." – المقدمة - المقدمة الرابعة ص 89
بينما يصر الدكتور عبد الله ابراهيم ان يجعل من حب الموسيقي وخفة الروح دليل اساءة للافريقي ، حتى يخلق لنفسه مبررا " للهرب " من الانتماء للمكون الافريقي فيه .



Post: #356
Title: Re: فرانسيس دينق يتحدث عن الثور المقدس وجلد الفهد والخرز وريش النعام ،،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-24-2006, 11:39 PM
Parent: #1

فرانسيس دينق مجوك من المثقفين والساسة الجنوبين الذين يؤمنون بالتعايش السلمي والتزاوج الثقافي بين العرب والافارقة وقد طرح رؤيته تلك في بحوثه النظرية واعماله الروائية ومن اهمها رواية "طائر الشؤم" . ويمكن ان يصنف فرانسيس دينق ، غابة وصحراء .
في طائر الشؤم يتحدث عن ثقافة اهله الدينكا بمحبة واعتزاز بلا ترفع او تافف رغم ما ناله من تعليم رفيع :
فهو مثلا يتحدث عن جلد الفهد كلباس قداسة عند الدينكا يقول في الرواية ، واصفا الكجور "العراف "على لسان الراوي :
" شعره الطويل الممشوط بالصدف والخرز كان يبدو كمظهر جمالي اكثر منه من مظاهر الزامة الروحية .. هذا اضافة الى قطعة من جلد الفهد ملفوفة حول الكتف والتي تشكل جزاء من زيه التقليدي حيث يستخدمها كفراش او غطاء للحماية من التلوث الروحي فحيثما جلس سواء اكان ذلك على السرير او مقعد او قطعة من الخشب ، فانه دائما ما يضع قطعة جلد الفهد فوق ما يجلس عليه . "
واما عن الثور المقدس ، فلكل واحد من الدينكا ثور مقدس ينشا معه منذ الصغر ويكون رمزا لشخصية ذلك الفرد انه اشبه بالقرين الروحي . يقول احد كبار السن مخاطبا الثور الذي سيقدم قربانا لشفاء زعيم القبيلة :
" أما انت يا مليك هذا الغرض الذي من اجله جاءتك البركة كثور مقدس منذ ان كنت عجلا صغيرا، لقد وقع عليك الاختيار لتقدم للروح مليقنت عسى ان تكون فداء يوما ما لانقاذ القوم من الشر . ان موتك ليس بالشيء السيء وانما موت طيب كلنا سنموت يوما ما ولكنك تموت اليوم من اجل غاية نبيلة ، وهي انقاذ حياة زعيم هذه البلاد . منذ بداية الخلق فقد منح الله الناس البقر كحليف لهم في حربهم ضد أرواح الموت . انها حياة البقر وحده التي تضعها الارواح في مصاف حياة الانسان وتقلبها كبديل لحياة الانسان ."

في مشهد اخر من الرواية ، يصف غناء الشبان للثيران المقدسة او ثيران الذاتية ، ويقول:
" يلبس الرجل سوارا من العاج حول اعلى ذراعه الايسر وخزرا حول وسطه وعنقه وقد علق ريشة من النعام على قطعة من القماش الزاهي الالوان ملفوفة بعناية حول شعر راسه الكثيف المصفف ، وهو يمسك بمجموعة من الحراب في يده اليسرى ويرفع بيده اليمنى عصا غليظة محدودبة الراس ، ويستجيب ثور الذاتية بالخوار بايقاع جميل وكانه على اتفاق مع المغني وهو يضرب على الاجراس المعلقة حول عنقه ومن وقت لاخر يقذف بالحلي المربوطة الى طرفي قرنيه "

اذا ارتكب احد الشبان جريمة فان العقاب ينفذ على ثوره المقدس او ثور الذاتية :
" فجاة جرى رجلان نحو ثور جميل المظهر. في البداية وجه احدهما بحربته نحو عنق الثور وصوب الاخر حربته نحو قلب الحيوان ثم قذفها وخلال لحظات بدا الحيوان وقد غمرته الحراب وهو يجاهد عبثا لاطلاق نفسه من مربطه وحتى بعد ان سقط انهال عليه المحاربون بالحراب يمزقونه ويقطعون اوصاله بطريقة وحشية تدعو الى التقزز . وبعد قليل بدا الثور كانه سقط ضحية لهجوم حيوانات متوحشة مزقته الى قطع صغيرة . بعد ذلك اخذ كل من شاء شريحته من لحم الثور الا ان هدف العملية لم يكن اللحم وانما معاقبة احد اعضاء المجموعة اتهم بانه قد اهان الجماعة بارتكاب جريمة السرقة . "
(انظر رواية طائر الشؤم - فرانسيس دينق - ترجمة الدكتور عبد الله النعيم - مدلايت - الطبعة الاولى -القاهرة 1992 )

اذن بعد كل ذلك اذا جاء احد وقال لي ان فرانسيس دينق ، صورالجنوبي في روايته في صورة بدائي نبيل ، هل سيكون لاعتراضه هذا معني ؟؟!!
الهم الا اذا اخذنا وصف النبل هنا بالمعنى الانساني الوارد عند جان جاك رسو الذي يفضل حياة الطبيعة البدائية على الاخذ باسباب الحضارة التي يرى انها تفسد حياة الانسان الطبيعية . وهنا احب ان اكد ما سبق ان ذكرته ان الذين يتحدثون عن البدائي النبيل يخلطون بين هذا المفهوم عند جان جاك روسو وبين النظرة الاستعمارية التي تنظر بازدراء الى تلك الحياة الطبيعية (البدائية ) وتحاول ان تحل محلها المفاهيم الحضارية الحديثة وتتخذ ذلك ذريعة لاستعمار تلك الشعوب التي تصفها بالبدائية .
وكان محمد عبد الحي قد استعار الثور المقدس وجلد الفهد في قصيدة "العودة الى سنار" ليرمز بهما الى الثقافة الافريقية في التركيبة السودانية . وذكر في الهوامش انه استعار هذين الرمزين من كتاب : لينهارت " الالوهية والتجربة – ديانة الدينكا " . يقول عبد الحي :

وكانت الغابة والصحراء
امرأة عارية تنام
على سرير البرق في انتظار
ثورها الالهي الذي يزور في الظلام .


ويقول :

الليلة يستقبلني اهلي
ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصان الماء.

Post: #357
Title: Re: فرانسيس دينق يتحدث عن الثور المقدس وجلد الفهد والخرز وريش النعام ،،
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-25-2006, 02:45 AM
Parent: #356

(وكان أعجبني من الجهة الأخرى اشتغال عالم وحركي إسلامي في مقام الدكتور حسن مكي بأمر هذه الهجنة. فقد رسم من إحصائيات السكان لعام 1997 صورة لعاصمة لم تعد مدينة "عربية" كما كانت في 1956 بل "أفريقية". فقد كان عدد الجنوبيين بالمدينة 183 ألف نسمة في 1956 في حين تجاوز عددهم في 1997 المليون نسمة من جملة سكان المدينة الذين هم 3512000 نسمة. ومن حيث النسب المئوية فسكان العاصمة من ذوي الأصول في غرب السودان بلغت 35%، وبلغت نسبة الجنوبيين 30%، ونسبة الكردفانيين 10% بينما بلغت جماعات الجزيرة والوسط النيلي وما جاورها 25%. وسمي حسن مكي هذه الوفود "الإفريقية" بالجمهرة المستضعفة التي إن لم تنعتق في معاشها ومعادها بالإسلام انعتقت بغيره من عقائد الدهرية والعرقية. وأمل حسن مكي أن يهدي المشروع الإسلامي هذه الجمهرة إلي معاني الوطنية والإخاء والندية. غير انه صدره لم ينشرح بالجهد المبذول نحو هذه الغاية.)

اعجب د عبد الله بالعالم والحركى الاسلامى حسن مكى باشتغاله بالهجنة
وحسن مكى يقسم ابناء الوطن الى جنوبيين وغرابه وكردفانيين وكثيرا ما حذر من ما اسماه الحزام الاسود
حسن مكى لايرى انعتاق لهذه الجمهرة سوى الاسلام يعنى مافى طريق تانى ولو اختارو اى طريق تانى تبدا الحروب والجهاد
وامل حسن مكى ان يهدى المشروع الاسلامى هذه الجمهرة الى معانى الوطنية والاخاء والندية
ونقول لعبد الله المشروع الاسلامى الذى خبرناه فى السودان لا يقود الى معانى الوطنية ولا الاخاء ولا الندية فهل لديك مشروعا اخرا اخا العرب

Post: #358
Title: Re: فرانسيس دينق يتحدث عن الثور المقدس وجلد الفهد والخرز وريش النعام ،،
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-25-2006, 06:17 AM
Parent: #357

الاخ عجب الفيا اذا قرات مقدمه ابن خلدون او اعدت قراتها مره اخرى تجد ان اراء ابن خلدون حول السود " وانا منهم" تنطلق من نظره علميه محورها اثر المناخ على الاجساد والحركه والنشاط ولادخل للعرق فيها علما ان ابن خلدون اصله بربرى ويدخل بصوره ما فى الخاضعين لاثر المناخ على النشاط لكن بدرجه اقل عليه ارجو ان لا يصنف فى خانه واحده مع كتاب عرب عنصريين ينظرون للاسود بازدراء بعباره اخرى ابن خلدون يتحرك خارج نظرات بعض العرب العنصريه تجاه السود وراجع بدقه اكثر رايه حول مذهب الامام مالك وعقليته علما انه مذهب عمومم البدو العرب وقتها قبل ثوره محمد عبدالوهاب وانتصاره للمذهب الحنبلى بجزيره العرب كذلك راجع قوله فى اسباب عدم مقدره البدو العرب على خلق حضاره..
ذكرت ان العرب ينظرون الينا نحن اهل السودان باعتبارنا كسالى وهذه دعايه تجاريه تنافسيه اطلقها المصريون بدول الخليج لاجل ابعاد السودانى عن سوق العمل ومنافستهم وللعلم زار نميرى بعد زوال حكمه ابوظبى فمدح له شيخ زايد همه السودانين هناك فذهب نميرى للنادى السودانى بابى ظبى فى جلسه وقال للسودانين كلكم كنتم فى خدمه حكومه السودان فلماذا لم تجتهدوا فى العمل وقتها قدر اجتهادكم هنا حسب قول شيخ زايد فرد عليه طبيب مباشره لانك لا تحكمنا هنا!!!

Post: #359
Title: Re: فرانسيس دينق يتحدث عن الثور المقدس وجلد الفهد والخرز وريش النعام ،،
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-25-2006, 07:04 AM
Parent: #358

Quote: فندّ ابن خلدون بأسلوبه العلمي الخرافات حول سواد اللون عند بعض الناس، محاربا

من خلال ذلك العنصرية التي تقوم على أساس اللون حين يقول: " توهم بعض النسابين ان

السودان (جمع أسود) هم ولد حام بن نوح اختصوا بلون السواد لدعوة كانت عليه من أبيه

ظهر أثرها في لونه وجعل الله الرق في عقبه .. وينقلون في ذلك حكاية من خرافات

القصاص..." .‏

إن هذه الخرافات يقول ابن خلدون وردت في " التوراة " حيث جاء فيها .." إن دعاء نوح على

ابنه حام بأن يكون ولده عبيداً لولد إخوته لا غير " ولم تذكر التوراة لون السواد .‏

دحض هذه الخرافات بأسلوبه العلمي الذي قام على التجربة والملاحظة والاستقراء، يقول: " إن

القول بنسبة السواد إلى حام غفلة عن طبيعة الحر والبرد، وأثرهما في الهواء وفيما يتكون فيه

من الحيوان ..." ... جاء كلامه هذا في معرض حديثه في مقدمته عن أثر البيئة والمناخ في

السكان وتوزعهم ونمط حياتهم جاء في بعض ماقال : " اعلم أنه يتبين في كتب الحكماء الناظرين

في أحوال العالم، أن شكل الأرض كروي، وأنها محفوفة بعنصر الماء كأنها طافيه عليه، فانحسر

الماء عن بعض جوانبها لماأراد الله تكوين الحيوانات ،وعمرانها بالنوع البشري الذي له الخلافة

على سائرها، ثم إن هذا المُنكشف من الأرض فيه القفار والخلاء أكثر من عمرانه، والخالي من جهة

الجنوب أكثر من جهة الشمال .‏


هكذا يصنعون أنفسهم - فوزي معروف

شخصيات ومواقف - من منشورات اتحاد الكتاب العرب

Post: #360
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-25-2006, 10:57 PM
Parent: #1

الاخ الاستاذ احمد الامين ،
كتبت :
Quote: الاخ عجب الفيا اذا قرات مقدمه ابن خلدون او اعدت قراتها مره اخرى تجد ان اراء ابن خلدون حول السود " وانا منهم" تنطلق من نظره علميه محورها اثر المناخ على الاجساد والحركه والنشاط ولادخل للعرق فيها

يقول ابن خلدون في المقدمة :
" قد راينا من خلق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب فتجدهم مولعين بالرقص على كل توقيع موصوفين بالحمق في كل قطر ، والسبب الصحيح في ذلك انه تقرر في موضعه من الحكمة ان طبيعة الفرح والسرور هي انتشار الروح الحيواني وتفشيه .
واما الاقاليم البعيدة عن الاعتدال، فاهلها ابعد من الاعتدال في جميع احوالهم .. واخلاقهم مع ذلك قريبة من خلق الحيوان العجم ، حتي لينقل عن الكثير من السودان أهل الاقليم انهم يسكنون الكهوف ولغياض وياكلون العشب وانهم منوحشون غير مستانسين ياكل بعضهم بعضا .. ويبعدون عن الانسانية بمقدار ذلك ، وكذلك احوالهم في الديانة ايضا ولا يدينون بشريعة .. فالدين مجهول عندهم والعلم مفقود بينهم وجميع احوالهم بعيدة من احوال الاناسي قريبة من احوال البهائم ."

طبعا القول ان السود الافارقة ليست لهم اديان وشرائع كلام غير صحيح راجع كتابات فرانسيس دينق عن الدينكا مثالا .
اما نظرية اثر المناخ فتنهار امام اول اختبار عندما يتحدث ابن خلدون عن الجزيرة العربية والحجاز ، ذا يقول في ذات السياق :

" ولا يعترض على هذا القول بوجود اليمن وحضروت والاحقاف وبلاد الحجاز واليمامة وما يليها من جزيرة العرب ، فان جزيرة العرب كلها احاطت بها البحار من الجهات الثلاث كما ذكرنا فكان رطوبتها اثر في رطوبة هوائها فنقص ذلك من اليبس والانحراف الذي يقتضيه الحر وصار فيها بعض الاعتدال بسبب رطوبة البحر . "

فهذا الكلام يمكن ان ينطبق بكل بساطة على افريقيا بسبب الغابات والمناخ المعتدل .
________
راجع : مقدمة ابن خلدون - دار الكتاب العربي - بيروت 2004
ص 85 ،86 ،89

Post: #361
Title: Re: ايليا حريق : بوهيمية مصطفى سعيد بسبب عرقه الافريقي !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-26-2006, 02:46 AM
Parent: #1

جاء في مقالة تحالف الهاربين للدكتور عبد الله ابراهيم :
Quote: ومن الجانب الآخر أساء الأفروعربيون إلى أفريقانيتهم ، من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها . فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقيا وهميا لحمته وسداه معطيات أوربية عربية مردودة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفلة القلب والولع بالايقاع والرقص . والأفريقى المخترع هذا هو الذي جرى وصفه دائما بـ " البدائى النبيل " في علم الأثنوغرافيا .

هذه مجرد استنتاجات مغلوطة ليبرر بها الدكتور الفاضل / هجومه على الافروعروبيين وتنكره للمكون الافريقي ولكن المؤسف ان تلاميذ الدكتور اخذوا يرددونها كمسلمات دون تمحيص ودون الوقوف عند الهدف من ورائها . فدافع الدكتور عبد الله على إبراهيم من كتابه مقالة ( تحالف الهاربين ) ليس انتقاد الآفروعربيين لإساءتهم للأفريقي على حد زعمه ، وإنما دافعه الحقيقي لكتابة ذلك المقال هو التنكر للانتماء الأفريقي الذي تهدف جماعة الغابة والصحراء إلى رد الاعتبار إليه .
فرغم بداهة القول وبساطته بأن السودان بلد عربي أفريقي وأن سكان شمال السودان في غالبيتهم ، نتاج للتمازج العربي والأفريقي عبر القرون إلا أن د . عبد الله يرى أن هذا القول ما هو إلا دسيسة استعمارية روج لها المستشرقون الذين كتبوا عن تاريخ السودان للحط من قدر أهله ورددها من بعدهم المؤرخون السودانيون . لذلك لا يرى في الآفروعربية محاولة لرد الاعتبار للانتماء الأفريقي بل يرى فيها مجرد محاولة " يائسة للهروب إلى واقع مطموس " لم يعد له وجود في وجدان أهل السودان . بل يذهب أكثر من ذلك إلى القول بأي كلام عن تمازج الثقافة الأفريقية والعربية في السودان لا يهدف إلى " تحجيم الانتماء العربي الصريح وإجراء تحسين جذري في المكون العربي الإسلامي للذات السودانية " وحسب بل هو " مؤامرة علمانية لتفكيك محرمات الحضارة العربية الإسلامية " وغش ثقافي " يهدف إلـى " خلـع الهويـة والثقافـة العربيـة " .
ولما كان د. عبد الله يشعر في قرارة نفسه أن هذه الآراء ستصدم قرائه وأن هذا التحول المفاجئ في موقفه من قضايا الثقافة السودانية سيدهشهم وهو الذي يظن من قبل هؤلاء القراء حتى الماضي القريب من أقوى المدافعين عن الثقافة الأفريقية في الذات السودانية .
لاخفاء هذا التحول في موقفه عمد د. عبد الله إلى حيلة في غاية الدهاء يصرف بها أنظار قرائه عن هذا التحول ليبرر بها في ذات الوقت تنكره للانتماء الأفريقي من غير أن يكون هذا التنكر محسوبا عليه .
وتقوم الخطة أولا على رمى دعاة الآفروعربية باتهام الافريقي بالصفات التي يرى العنصريون من الاوربيين والعرب ، انها ألصق بجنس الأفريقي كالبوهيمية والمشاعبة واستباحة المحرمات واطلاق الغرائز ، ليسهل له القول في النهاية بأن دافع الافروعروبيين إلى " الفرار إلى النسبة الأفريقية " على حد تعبيره هو إشباع الغرائز والتحلل من المحرمات واطلاق الرغبات . لذلك يقول : " فدعاة الآفروعربية لم يلقوا وهم في ريعان الشباب من ثقافتهم العربية والإسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير ، فاضطروا إلى الهرب باجندة الريعان والشغف إلى فردوس مطموس في تكوينهم الاثنى الغرائز فيه طليقة والرغائب مستجابة " .

فصورة الأفريقي مرتبطة عنده أصلا بمثل هذه الصفات السالبة لذلك فهـو لا يرى في دعوة هؤلاء القوم لرد الاعتبار للمكون الأفريقي فيهم سوى دعوة لإشباع الغرائز " فقد ترك الآفروعربيون الانطباع الخاطئ بأن تزمت الثقافة العربية لا ينصلح إلا بعملية نقل دم من حضارة أخرى أكثر تسامحا في ارواء الأشواق والغرائز " . فأي حديث عن الثقافة الأفريقية لا يرى فيه غير دعوة ماجنة إلى إشباع الغرائز ، واطلاق الشهوات .
الا ان هذه الخطة التي اتبعها الدكتور قد قادت الى نتائج وخيمة في الاساءة الى صورة الانسان السوداني في نظر الاخرين بشكل غير مسبوق اذ اضفت مشروعية على تلك الصورة السالبة المحفورة في مخيلة العربي عن الإنسان السوداني ، ولسان حاله يقول : هذه الصورة ليست من اختراعنا وإنما هي من صنع أنفسكم !!
وقد تجلى ذلك في المقدمة التي كتبها الدكتور ايلياء حريق ، وهو من القوميين العرب ، لكتاب : الثقافة والديمقراطية في السودان الذي تضمن مقالة " تحالف الهاربين " .
يقول ايلياء حريق أنه لم يفهم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال " إلا بعد أن قرأ مقاله د. عبد الله " الآفروعربية أو تحالف الهاربين " . ويقول أنه كان يقف دائما في حيرة أمام ازدواجية شخصية بطل الرواية مصطفى سعيد ، المتنازعة " بين التجسيد الكلي للمشاعر الحسية والاستهتار الأخلاقي من جهة ، والتمثيل المتفوق والقدرة الفكرية من جهة أخرى " وبعد قراءة المقالة تبين له " أن مصطفى سعيد يمثل السودان تمثيلا كليا ، فهو سوداني من أب شمالي وأم جنوبية " وهو " في المظهر الأول يتمتع بعقل بالغ الحدة والذكاء ويبرز في الجامعات البريطانية ومحافلها الفكرية ، وفي المظهر الثاني هو طفل شهواني غر يلاحق اللذة والمتعة حيث يمكنه أن يقتنصها حلالا كانت أو حراما " .

أن الكاتب يريد أن يقول بكل بساطة أن إنسان شمال السودان العربي عقلاني يتحلى بفضائل الأخلاق أما إنسان الجنوبي الأفريقي فشهواني طفولي لا يفرق بين الحلال والحرام ولا عقل له يعصمه عن فعل الرذيلة .
ولما كان مصطفى سعيد من أب شمالي وأم جنوبية وهو لذلك يمثل السودان تمثيلا كليا كما يقول د. حريق ، فإن الجانب الجنوبي الأفريقي فيه هو الذي قاده إلى المأساة حيث الشهوانية والاستهتار الأخلاقي والاشباع الحسي ولم تستقيم حياته إلا بعد أن استقر في قرية في الشمال ، إذ يقول " لقد كانت نهاية مأساوية مفجعة كما وأنه فشل فشلا ذريعا من الناحية الأخلاقية والعاطفية والحياتية وقد دفع ثمنا غاليا لتهوره قبل أن يعود فيستقيم ويستقر في القرية السودانية وفي ذلك رمز لا يمكن تجاهله " .

ولما كانت ازدواجية الانتماء هي سبب فشل مصطفى سعيد وتدميره بل أن انتمائه إلى الجانب الأفريقي هو سبب مأساته على رأي الكاتب فأنه يحذرنا من المزاوجة بين الانتماء العربي والأفريقي لأنه يرى فيه فصلا بين العقـل والأخلاق ، فلن يعرف أهل السودان الهداية إلا إذا تمسكوا بانتمائهم العربي الواحد وإلا صاروا مثل مصطفى سعيد الذي قاده انتمائه الأفريقي إلى الهلاك . لذلك فهو يخلص من تحليل شخصية مصطفى سعيد إلى القول أن الطيب صالح يوافق الرأي د. عبد الله على إبراهيم في رفض أطروحة الآفروعربية لأنه يرى فيه الفشل والنهاية المأساوية " . بمعنى آخر أن الطيب صالح وعبد الله إبراهيم في رأي الكاتب يرفضان الانتماء الأفريقي لأن " الفصم بين العقل والأخلاق أمر لا هداية فيه ، بل يؤدي إلى تدمير الذات ، كما دمرت حياة مصطفى سعيد لانحيازه للجانب الأفريقي فيه والذي لم يسلم إلا بعد أن عاد إلى انتمائه العربي الآحادي عند استقراره بقرية من قرى الشمال .

وحتى يخفف د. حريق من وقع هذه النتائج الغريبة على القارئ السوداني حاول كما حاول د. عبد الله قبله أن يلقى بالمسؤولية عن هذه النتائج التي خلص إليها على دعاة الآفروعربية إذ يقول : " وعلى هذا القرار تصف جماعة الآفروعربية السوداني الجنوبي بالطفولة والغرارة والمشاعبة والروحانية وخفة القلب والولع بالايقاع والرقص وجميعها صفات تسم سلوك مصطفى سعيد " .

ولمزيد من التعمية والتمويه يواصل إيلياء حريق إلصاق التهم قائلا " والمقلق في هذا الوصف للأفريقي الجنوبي الذي يشارك فيه الطيب صالح بخلقه لشخصية مصطفى سعيد ، أنه مطابق لنظرة الأوربي المستعمر إلى الشخصية الأفريقية . فالأوربي المستعمر يرى في الأفريقي شخصية محكوما عليها بالطفولة الأبدية والغرارة والمشاعبة والجموح الحسي والبقاء خارج النظام الأخلاقي وهو قادر على الرذيلة دون أن يعيها وعلى العدوان والاعتداء عن قصد " .
والواقع إن إلصاق هذه الصورة وتعليقها على شماعة الاستعمار الأوربي ما هي إلا انعكاس لشعور مبطن ومحاولة لاخفاء الصورة المحفورة في اللاوعي عن الإنسان الأفريقي الزنجي والتي ترجع جذورها إلى أبعد من الاستعمار الأوربي والتي تأبى إلا أن تفصح عن أصلها رغم كل محاولات إسكاتها حتى يكاد المريب يقول خذوني ، إذ يقول : " أما إلى أي حد قد تأثر كتاب الآفروعربية في الخرطوم بالإنجليزي في نظرتهم إلى مواطنهم الجنوبي ، فإنه أمر محل تكهن ، وقد يكون ما تصوروه رأيا عربيا أصيلا في الأفريقي الزنجي وإن لم تعطنا آداب اللغة العربية شاهدا على ذلك " .

أريت حجم الضرر الذي لحق بصورة السوداني بسبب ما نسبه الدكتور عبد الله الى زملائه ومواطنيه الافروعروبيين حين زعم انهم اساوا الى الافريقي !!

Post: #362
Title: Re: ايليا حريق : يصنف الدكتور عبدالله ابراهيم كقومي عربي !
Author: Agab Alfaya
Date: 10-26-2006, 03:15 AM
Parent: #1

ليس صدفة أن يعهد د . عبد الله إلى رمز من رموز الاتجاه القومي العروبي كتابه مقدمه مؤلفه " الثقافة والديمقراطية في السودان " ، حيث يصنف الدكتور ايليا حريق في خاتمة مقدمة الكتاب ، الدكتور عبد الله ابراهيم كقومي عربي اذ يقول :
" ورغم كل ما حدث ويحدث في هذا الوطن العربي المترامي الأطراف ، فإن الحقيقة هي أن القومية العربية تشكل رصيدا وخزانا هائلا من الطاقة البشرية والمهيأة للانتفاضة الكبرى على أسس واعية وديمقراطية ولا يشوبها ادعاء المدعين بالأفول والممات . وما الأفكار النيرة التي يعبر عندها الدكتور عبد الله في هذه المجموعة من المقالات إلا شاهد على تلك الحيوية والطاقة " .

ولكن الامر الذي استرعى انتباهي هو ان الدكتور عبد الله لم يراجع دكتور حريق في ارائه العنصرية وغير المقبولة الواردة في المقدمة حول انسان جنوب السودان حيث يقول حريق أنه لم يفهم رواية "موسم الهجرة إلى الشمال " إلا بعد أن قرأ مقاله د. عبد الله " الآفروعربية أو تحالف الهاربين " . ويقول أنه كان يقف دائما في حيرة أمام ازدواجية شخصية بطل الرواية مصطفى سعيد ، المتنازعة " بين التجسيد الكلي للمشاعر الحسية والاستهتار الأخلاقي من جهة ، والتمثيل المتفوق والقدرة الفكرية من جهة أخرى " وبعد قراءة المقالة تبين له " أن مصطفى سعيد يمثل السودان تمثيلا كليا ، فهو سوداني من أب شمالي وأم جنوبية " وهو " في المظهر الأول يتمتع بعقل بالغ الحدة والذكاء ويبرز في الجامعات البريطانية ومحافلها الفكرية ، وفي المظهر الثاني هو طفل شهواني غر يلاحق اللذة والمتعة حيث يمكنه أن يقتنصها حلالا كانت أو حراما " .
أن الكاتب يريد أن يقول بكل بساطة أن إنسان شمال السودان العربي عقلاني يتحلى بفضائل الأخلاق أما إنسان الجنوبي الأفريقي فشهواني طفولي لا يفرق بين الحلال والحرام ولا عقل له يعصمه عن فعل الرذيلة .
يبدو ان سبب سكوت الدكتور عن ذلك هو رغبته في تمرير تهمته للافروعروبيين بالاساءة للافريقي استنادا الى تلك الاستنتاجات المغلوطة التي اشرنا اليها اعلاه .

Post: #363
Title: Re: ايليا حريق : يصنف الدكتور عبدالله ابراهيم كقومي عربي !
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-26-2006, 04:49 AM
Parent: #362

الاستاذ العجب ارجو الانتباه عند قراءه ابن خلدون الى دقته فى استمال المصطلح بحكم خلفيته الدينيه " مالكى المذهب" وبنائه لعلم جديد " علم الاجتماع" الذى يركز كثيرا على دقه المصطلح عليه قوله بعدم الديانه او الشرائع فى المقتبس الذى اوردته يعنى الديانات المركزيه السماويه اليهوديه والمسيحيه والاسلام وهى الديانات التى يعترف بها حسب موقعه الايدليوجى ولا يعتبر ما عاداها اديان حتى ان ذكر فرانسيسي دينق وجودها فى قبيلته الوثنيه التى تسمح شريعتها حسب المصطلح اللغوى وليس الفقهى للابن بميراث زوجات والده الميت الامر الذى تراه كل الاديان السماويه حيوانيه علما ان الكثير من الحيوانات النبيله لا ينزو الفحل على امه عليه قول ابن خلدون يفسر حسب منطلقه وذكر فرانسيس لما ذكرته لايبرر خطل ابن خلدون علما ان فرانسيس نفسه يعيش حاله تناقض ايدليوجى روحى غريب نسبه لانتشار افراد عائلته بين الاسلام والمسيحيه والوثنيه.
انت ذكرت عبدالله على ابراهيم كثيرا عليه ضع فى ذهنك عند قراءه اى مفكر مصطلحاته الخاصه لااجل فهمه جيدا اشار عبدالله الى الشفره الثقافيه عند حديثه عن عبدالحى وجعفر بخيت " راجع ندوه حروف عن عبدالحى"

Post: #364
Title: Re: ايليا حريق : يصنف الدكتور عبدالله ابراهيم كقومي عربي !
Author: osama elkhawad
Date: 10-27-2006, 02:09 AM
Parent: #363

مساهمة ع.ع.ابراهيم في تحالف الهاربين ،

تتمثل ،في بعض اضافاتها العميقة،
انها نبهت الى الجذور المعرفية التي شكلت الافروعروبية،

ومن ضمن ذلك البدائي النبيل في الخطاب الكولوينالي الغربي،

وصورة الآخر الأفريقي في مخيلة العربي.

و هنا سنعرض لكتاب مهم حو ل صورة الآخر الأفريقي في مخيلة العربي.

يفتتح د.كاظم نادر كتابه الهام:
تمثيلات الآخر-صورة السود في المتخيل العربي الوسيط
الفصل الأول بعنوان:
الأسود في مرجعيات المخيل العربي:بالمفتتح الطويل الآتي :

Quote: "في سنة 1218ه (1803) اعتزم الرحالة محمد بن عمر التونسي(1789-1857) الرحيل الى بلاد السودان،و"دارفور" تحديدا ،وذلك بحثا عن ابيه الذي كان ارتحل الى هذه البلاد إثر رحيل والده (جد محمد) إالى هذه البلاد.كان محمد بن عمر قد التقى بصديق لأبيه،وهو السيد أحمد البدوي،من أكابر تجار دارفور،فسافر معه بعد أن أخبره أن والده "من أعظم الناس عندد السلطان"، وأكرمهم عليه دون أهل الديون" ،انتهى اقتباس د.نارد من كتاب محمد بن عمر التونسي،تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان،ح:خليل عساكر ومصطفى مسعد،(القاهرة:الدار المصرية للتأليف والترجمة،1965،ص 39.


ثم يمضي :
Quote: و حين ركب محمد بن عمر السفينة للسفر إلى "دارفور"،هو في سن الرابعة عشرة من عمره،انتابه خوف شديد،وهلع كان عاجزا عن وصفه.يقول"لما امتطينا الدهماء لهذا السفر العظيم(...) ،تذكرت متاعب الأسفار ،وما يحصل فيها من الأخطار،خصوصا لمن كان حاله كحالي في الفقر المدقع،والعسر المقنع.وتسوس صدري و انزعج،وبقيت في مشقة وحرج،ولا سيما وقد وجدت نفسي،مع غير أبناء جنسي ،بل بين أقوام لا أعرف من حديثهم إلا القليل،ولا أرى فيهم وجها صبيحا جميل(كذا).فقلت ودمعي بادي:
فجسمك مع ثيابك والمحيا سوداٌ في سوادٍ في س
واد

وندمت على تغريري بنفسي مع أبنا حام ،وتذكرت ما بينهم من العداوة لأبناء سام،فداخلني من الهلع ما لا أقدر على وصفه،حتى كدت أطلب الرجوع،إلى الربوع".


ثم يتساءل الباحث:

Quote: ما سبب كل هذا الهلع الذي داخل محمد بن عمر التونسي؟هل هو الرهبة من السفر؟يبدو أن هذه الرهبة كانت حاضرة في دخيلة هذا الرحالة وهو يرتحل من "الفسطاط" الى بلاد السودان في دارفور،غير أن الذي ضاعف من هذه الرهبة ،وأوصلها الى حد "الهلع" هو التفكير في بلاد السودان هذه،ووجوده وجها لوجه مع بشر من "غير أبناء جنسه"،وتحديدا مع بشر من نسل "حام".عندئذ حضر في ذاكرته كل ما بين هذا الجنس الفاحم وجنس "سام" من العداوة.
يستحضر الباحث التاريخ القريب لمحمد بن عمر التونسي،ويرى انه ليس له صلة بذلك الهلع الذي انتابه"وعلى هذا فان الذاكرة القريبة والخبرة المباشرة بينه وبين أبناء "حام" هؤلاء لا تبرر كل هذا الهلع والوسواس" ص 52.


إذن ما مبرر الوسواس و الهلع؟

يقول نادر كاظم:

Quote: إن الذي يبرر كل هذا الهلع والوسواس هو تلك الذاكرة البعيدة والقصية التي لم يكتسبها محمد بن عمر التونسي بخبرته المباشرة،بل تشربها من خلا الكتب،وتسربت إلى ذهنه و مخيلته من خلال ما تناقله الناس من مرويان وأخبار ورواسب تخلفت في نصوص الثقافة عن هؤلاء السودان فاحمي السواد" سواد في سواد في سواد"، و عن العلاقة المتخيلة بين أبناء حام هؤلاء وأبناء سام بحسب ما أفاضت المرجعية التاريخية العربية في تفصيلها.إنه باختصار هذا المتخيل الذي احتفظت به الذاكرة العربية الجمعية عن هؤلاء السودان. وهو متخيل أسهمت مرجعيات عديدة في تشكيله وتغذيته،وحمل الجميع على تمثله والامتثال له حتى لو كانت موضوعات هذا المتخيل عديمة الدلالة لدى الفرد على المستوى الشخصي/فكما قال أبو هلال العسكري:
يطلبن مني ثأرا لست أعرفه إلا عداوة سودانٍ لبيضان
ِ

ثم يمضي الباحث قائلا:

Quote: وإذا عرفنا أن "أي فعل بسيط يستدعي ما لا حصر له من فرضيات ومرجعيات"،فان هذا المخزون الضخم من شبكة الصور عن السود في المتخيل العربي يستدعي مرجعيات كثيرة لفهم ظروف تشكله من جهة،وتفسير سبب رسوخه وثباته من جهة أخرى.


ثم يمضي قائلا لتوضيح الخلفية الثقافية التي كانت تشتغل في مخيلة محمد بن عمر التونسي في حديثه عن "سودان" دارفور:

Quote: غير أننا سوف نركز في بحثنا على مرجعيتين نرجح أنهما كانتا بمثابة المحركات الأساسية للمتخيل العربي في علاقته بالسودان، وهاتان المرجعيتان هما :مرجعية التاريخ، ومرجعية الأنساق الثقافية التي تشمل الدين واللغة والرمز.وهذه هي أبرز المرجعيات التي كانت تشتغل كخلفية في مخيلة محمد بن عمر التونسي،وكمحركات تؤجج داخله كل ذلك الرعب والهلع".[/QUOTE]ص 52-53.
و نواصل
المشاء

Post: #365
Title: Re: مطالعات في قصائد "جنوبيات " المجذوب
Author: Agab Alfaya
Date: 10-27-2006, 03:30 AM
Parent: #1

الجنوبيات وصف يطلق على القصائد التي كتبها الشاعر المجيد ، محمد المهدي المجذوب أبان فترة عمله موظفا بالجنوب . وهي من أجود ما كتب في الشعر السوداني . وكان المجذوب عقب تخرجه من كلية غردون قد عين محاسبا بالخرطوم ثم نقل الى بورسودان (برغوث ) ثم ما لبث ان نقل الى واو على نهر الجور بالجنوب سنة 1953 .
ومن المعروف ان المجذوب انضم الى الحزب الجمهوري الذي تاسس سنة 1945 وذلك قبل ان يتحول الحزب الى حزب ديني في اوائل الخمسينات حيث تركه المجذوب . وكان الحزب في بداية عهده السياسي يدعو الى قيام جمهورية سودانية فدرالية موحدة مكونة من خمس ولايات بما في ذلك الجنوب . وقد اخذ الحزب اسمه من دعوته الى النظام الجمهوري .
وكان المجذوب في تلك الفترة ناقما على الاوضاع السياسية بالشمال وعلى قادة الاحزاب التقليدية وعلماء الدين المتحجرين وعلى نفاق وانتهازية الافندية المثقفين متنازعا بين تعليمه العصري الذي ناله بكلية غردون وبين قيم مجتمعه المحافظ . ولعل خير قصيدة تعبر عن رؤي المجذوب المصطرعة ونوازعه الثورية والفكرية في ذلك الوقت قصيدة " الشرير المتعلم " التي يهجو فيها جمهور الافندية ، والذهنية العربية البالية .
وتاتي اهمية هذه القصيدة انها تساعدنا في فهم الخلفية الفكرية والسياسية والنفسية التي كتبت على ضوئها " الجنوبيات " . وبالرغم من القصيدة لا تحمل تاريخا الا ان اغلب الظن انها كتبت قبل سفر الشاعر الى الجنوب ، يقول :

ماضيك حاضرك الذي لا يحسب ، وأبوك من هو انني أتعجب
فأرض الحياة كما خلقت ولا تثر حنقا فمالك من اطارك مهرب

قلما تخذت فهل يفيد ولم يزل بلما وعلمك لصك المترقب
أكفف يديك عن التيوس وسعتها حلبا يطول فأي شيئ تحلب

العلم ليس وظيفة تحيا بها فردا وشعبك أمره متشعب
وقصيدة لك صيحت في قرعة وابن السبيل بعاهة يتكسب

خذ كأسي الأولى فأنك جارع سما يشج به الكلام السيكب
أو طر كما طار الغراب لزجرة متوحدا بين الخرائب ينعب
أسفي على أسفي ملازم وألوم نفسي والملوم يجرب

* * *
ومللت من شعر الأعاريب ما به الا مهانة جائع يتقرب
طبل أدق به وما في رجعه شيئ سوى أني أصيح وأصخب

النيل من غبش فليس بأخضر وتميل بادية عليه وتشرب
عرب وما سمعوا بسيرة أحمد وسألت آدم هل أبوهم يعرب

وقفوا على وجه الحضارة زاهيا وتعوذوا من حسنها وتهيبوا
جعلوا القصور أثافيا وأرواحهم طلل وتسآل عليه مخيب

فطروا على الجدل العقيم سيوفهم بكلامهم في مسجد تتوثب
وسلاسل الانساب حول رقابهم تروى كما يروى القصيد وتكتب

دقوا شفاه بناتهم لم يشفهم وسم الشلوخ ولا الخفاض المرعب
أأ لومهم وألفت بين ربوعهم قيدي ونفسي بينهم تتغرب

وبدأت شعري بالهجاء وفاتني غزل بكاذبه المطالع تعذب
احفظ عمود الشعر فهو سلامة لك والقوالب صنعة لا تصعب

كتبي تنام على الرفوف جلودها عربية وبها القديم الأجرب
السوق يوم السبت فاسع لبيعها وصديقك الحذاء فيها يرغب


* من ديوان الشرافة والهجرة
* نتعذر للقاريء الكريم عن عدم تمكنا من آلية التشكيل وحركات الاعراب
التي تساعد على القراءة الصحيحة .

نواصل

Post: #366
Title: Re: مطالعات في قصائد "جنوبيات " المجذوب -2
Author: Agab Alfaya
Date: 10-27-2006, 03:42 AM
Parent: #365

انطلاق *
واو – ابريل 1954


هذه هي القصيدة التي يكثر الاستشهاد بها خاصة المقطع الذي يبدأ بقوله : وليتي في الزنوج .. ويا ليت الذي يرددون اراء الدكتور عبد الله على ابراهيم عن اساءة الجنوبيات الى انسان الجنوب طالعوا هذه القصائد في مظانها وسياقها حتى يعدلون عن هذا الحيف والجور في حق شاعر عظيم كتب عن محبة ومعرفة عن شقه الافريقي.
في هذه القصيدة يندب الشاعر حظه الذي اتي به من بوسودان في أقصى الشرق الى واو في اقصى الجنوب ويلعن من تسبب له في ذلك ويسب الوظيفة ويتسال عن جدواها وهل تستحق كل هذا العناء . ثم يجدد هجائه لقومه الذين ألفوا حياة النفاق والرياء وغلبت عليهم النظرة المادية للامور وتقييم الانسان بما يملك من نقود. ومع ذلك يحمد الله ان انقذه من ذلك الواقع الاليم بان اتي به الى الجنوب حيث الناس يعيشون حياة طبيعية برئية بسيطة خالية من تعقيدات حياة المدن الزائفة وتمنى لو نسى زيف حياة الافندية وهموم المتعلمين وعاش كاي واحد منهم ، لكن هيهات !!.
يقول في القصيدة :

لزيم (الجور) من أسفي لزيم ، ومن ندمي خشعت له غريم
وقلبي ، كم رثيت له ، غرير كسير في جوانحه كظيم

أمن (برغوث) أعجلني قضائي ، الى بحر الغزال ! فما نروم ؟
ولي أجر أطارده فيناى ، مطول كم يسخرني ليئم
ولو كنت الأجير لدى المآسي لجازتني ولي أجر عظيم
وساندني على البلوى رجاء ، تحير من طفولته الغموم

وما جدوي الحضارة في أناس يضل رشادهم خبل قديم
يحيلون القلوب الى نقود معلمة يقدرها زنيم
تعالى الله مشرعه مشاع ولكن في طبائعنا تخوم
وأمس العيش متربة ورقا يحث على الحجور له الفطيم
ولم ننعم بغير أسى نماه طباع الناس والطمع الأثيم
سئمت الحياة ولو قدرت خلعت نفسي وفارقني تقلبها السئوم
فهات لى الشراب فما حياتي تضيع به ولا وطري عديم
عقار في لهاة لها شرار على شغف تمززه النديم

فيا ليل الجنوب وأنت حان خرائده اللذائذ لا النجوم
نسيت بك العواصم قاسيات وفي حاناتها رخم وبوم
أناس في الثياب لهم رياء وكل صغائرها زعيم
فليت الناس قد لبسوا قلوبا كاعينهم تنم بما تروم
فبات الناس أطفالا وراحوا ولم يحرج تطلعهم كتوم
وأرضاني الجنوب فما ابالي بمن يصم العراة ومن يلوم
هم عشقوا الحياة فعاشرتهم كما تبغي المشاعر لا الحلوم

فليتي في الزنوج ولي رباب تميل به خطاي وتستقيم
أجشمه فيجفل وهو يشكو كما يشكو الحمة السليم
وفي حقوي من خرز حزام وفي صدغي من ودع نظيم
وأجترع المريسة في الحواني وأهذر لا ألام ولا ألوم
طليق لا تقيدني قريش باحساب الكرام ولا تميم
وأصرع في الطريق وفي عيوني ضباب السكر والطرب الغشوم
ولى شرف وما جدوى صياحي بفخر ليس يشربه النديم

سأسلو يوم تخطبني المنايا وليس يردها أني دميم
ولست أجوزها أبدا وغيري يخال وما بحفرته كليم
وما الفردوس غير هوى مطاع وفي عصيان شهوتي الجحيم
فمن ذا يبلغ الأشياخ عني باني في مسابحهم أثيم
أقاموني على التقوى صبيا أباح سماءه طبع رجيم
تركت القيد عند أبي لغيري وقيدني التجارب والهموم
وقربني الحنين الى صحابي وبين وجوهنا الحلك البهيم
وراء (الجور) أرمقهم وعيني لديهم في مرابعهم تحوم
وسميت الكؤوس بهم فراقت وضاعت في بشاشتها الغموم

وأرتضع السجارة وهي أنثى تأوه في يدي وتستنيم
بقية نجمة قصوى أراها حيالي والرماد لها غيوم
وأنفضها لأوقظها فتكرى كما يكرى من التعب السقيم
ولا ألقى بها الا هباء أبر بها من القدم النسيم



* من ديوان : الشرافة والهجرة

Post: #367
Title: Re: مطالعات في قصائد "جنوبيات " المجذوب -3
Author: Agab Alfaya
Date: 10-27-2006, 03:52 AM
Parent: #366

الأعشى في واو*


يقول فيها :

أخالط نهر الجور يسقى سألته أيعرض عني الفه ويخون
تطهرني من حيرة الشك غابة بها الحب جرح راضع وحنين

هو الغاب كم أهواه عدلا وحكمة ولكني رهن الشمال سجين
وقاسيت من قومي نفاقا وصفقة لها قسم بالصالحين يمين
ألا فانقسم واسلم بغيب وهجرة فلم يبق الا ذهلة وجنون


* الشرافة والهجرة

Post: #368
Title: Re: مطالعات في قصائد "جنوبيات " المجذوب -4
Author: Agab Alfaya
Date: 10-27-2006, 04:06 AM
Parent: #367

من الجنوب *

في هذه القصيدة ، يتحدث بحميمية عن صديق جنوبي اصطفاه وعن حوار مع مبشر مسيحي ابيض يجادله هل السيد المسيح دعى الى التفريق ين الناس واذلالهم بسبب العنصر ويدعو الى تكاتف الشمال والجنوب ضد المستعمر وعن احساسه بمسؤليته الوطنية تجاه الجنوب . يقول في القصيدة :

مال عن كأسه وكف ربابه وطوى الصمت وجهه والكآبه
ذلك الصاحب الجنوبي صافاني وأخفى مصلبات حرابه
لم أغير جلدي عليه ولا بدلت قلبي أصوله وأنتسابه

في مريدي وفي أمادي وتوريت ورمبيك خضتني سحابه
نفضت عن جناحها البرق أعماني وأبصرت في ضميري نابه

لا تسلني يا صاحب الأمس جربت ودادي وعند غيري الاجابة
أوما تعرف الذي حرش الأبيض في روضنا أطار غابه
مر دهر يسيل ناقوسه الظامي ويحني على جراد قبابه

النبي المسيح ضوء كتابي آلهيا فهل تلوت كتابه
هل به أبيض يسود على الاسود يستنكر المسيح اهابه
هل به ذبحنا اغتيالا وما خنا شقيقا ولا جحدنا نصابه


لا تلمني فانت بعت مع التركي روجت سوقه واجتلابه
فاترك الأمس للعدو البريطاني وانفض نميمه واغتيابه
وأعتبر بالهنود والعرب الاغرار ضاعوا مصدقين كذابه

ليس من شغلي اليساسة عوراء وجاري اصابني ما أصابه
أجفاني وصاحب الأبيض الجزار يبغي مهانتي واستلابه

وحملت الجنوب عبئا لقد كان صديقي الذي أمنت شرابه
أتركت الشمال خلفي ، والصحراء غاب ، لاستجير بغابه



* الشرافة والهجرة

Post: #369
Title: Re: مطالعات في قصائد "جنوبيات " المجذوب -5
Author: Agab Alfaya
Date: 10-27-2006, 04:23 AM
Parent: #368

تحية الى جنوب السودان *

كتب هذه القصيدة بعد مغادرته الجنوب وعودته الى الشمال يمجد انسان الجنوب وصدقه ويعرض بحياة الزيف والنفاق في الخرطوم ويعبر عن ضيقه بالصراع الانتهازي على السلطة والمتاجرة بالدين ، ويتمنى لو تحولت قصائده الى بوارج لدك هذا الواقع المزري. يقول:

ذكرت في واو عذارى وأنفسا عرايا وهل يعرى السلاف المكتم
يعيشون أجسادا كراما وغابة هي العدل صرفا والبقاء المكرم
وحبي نفسي حب غيري ومهجتي على مهجة نهوى سوانا ونسلم

سلام عليكم عدت للعرب كارها ولي وطن فيهم ذبيح مقسم
ولم يبق اسلام على الارض مؤمن وكم قتل الاسلام في الطف مسلم
يروعني منهم حبيب مقنع حبيس مضاع النفس في الكيس يختم
هم جعلوا الاعراض موسى وجلدة وقتلا اذا ما باح بالنفس أبكم
وضيق انفاسي شيوخ تغض عيونهم وضوء العين فيهم محرم

أشاهد في الخرطوم أستار كعبة يطوف فيها شرك فصيح وأعجم
لحى نافشات من عداء وقسوة يعيش بها علم عمى معمم
وظيفته عرش أمير وبطنه هي الارض والكون الجليل المنظم
وأضحك وحدي أكتب الشعر عابسا تفرقت في أوتاره وهو مفحم
أشكل وجه الرمل أشتاق رؤية وقد يبصر الغيب الخفي المنجم

سئمت حياتي في حياتي وشافني سواها وأعياني الأسي والتوهم
سجا قلمي هل يكتب الشعر عاصفا يعربد فيه البرق والرعد والدم
تمنيت لو ان القوافي بوارج وان بحور الشعر موج مضرم
أدك بلادي يشكر الله بؤسها وما لذها الا الكرى ليس يحلم

أيبصر من أهوى مع السجن ناشئا وليس له الا دجي السجن معلم

ودخنت حتى ماج رأسي وشاقني على ربوة كم حفي موسم
يفتح أحضانا وثغرا يشدني اليه وعشيب يأكل الروح ضيغم
وأقبل نهر الجور تسعى ظلاله الي وتهديني الى حيث تعلم
تحملت أعباء ثقالا ووحشة وصبري في النيليين ياسى ويسأم


* ديوان الشرافة والهجرة

Post: #370
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-27-2006, 09:46 PM
Parent: #1

كتب الخواض :
Quote: مساهمة ع.ع.ابراهيم في تحالف الهاربين ،
تتمثل ،في بعض اضافاتها العميقة،
انها نبهت الى الجذور المعرفية التي شكلت الافروعروبية،
ومن ضمن ذلك البدائي النبيل في الخطاب الكولوينالي الغربي،
وصورة الآخر الأفريقي في مخيلة العربي.

من خلال اطلاعنا على قصائد المجذوب الاب الروحي للافروعروبية ، تبين لنا ان المجذوب عرف انسان الجنوب من خلال الاحتكاك المباشر والمعايشة الحية ولم يستمد معرفته له من مصادر غربية او عربية . والصورة التي رسمها من خلال هذه القصائد ليست لها علاقة بصورة الافريقي في الخطاب الكولوينالي او في المخيلة العربية العنصرية كما ورد عند ابن خلدون والجاحظ والمسعودي وغيرهم . بل ان المجذوب انتقد الذهنية العربية والخطاب الكولوينالي التبشيري في الجنوب .

لم يرد وصف بدائي او بدائي نبيل في قصائد المجذوب اطلاقا وربما لم يكن المجذوب يعرف هذا المصطلح اصلا فهو كان يكتب من واقع تجربيته الواقعية الحية في الجنوب . بل ان وصف بدائي او البدائي النيبل لم يرد في اي من ادبيات الغابة والصحراء في الحديث عن المكون الافريقي في الانسان السوداني .

اذن الحديث عن ان المجذوب صور الجنوبي في صورة بدائي نبيل في الخطاب الكولونيالي الغربي والعربي ، وتعميم ذلك القول ليشمل كل جماعة الغابة والصحراء ،هو ظنون واوهام لا يوجدمايبررهاواستنتاجات خاطئة القصد منها ليس الاساءة الى الافروعربين بل الاساءة الى الافريقي واتخاذ هذه الاساءة مبررا للهروب من الانتماء الى افريقيا والاكتفاء بالانتماء العروبي صاف لبن .

Post: #371
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-28-2006, 00:39 AM
Parent: #370

صورة لادوارد سعيد وهو يساهم رمزيا في انتفاضة الحجارة انطلاقا من حدود لبنان مع اسرائيل


********
قال الاستاذ الفيا:

Quote: من خلال اطلاعنا على قصائد المجذوب الاب الروحي للافروعروبية ، تبين لنا ان المجذوب عرف انسان الجنوب من خلال الاحتكاك المباشر والمعايشة الحية ولم يستمد معرفته له من مصادر غربية او عربية .


عزيزي الفيا:

تحليل النصوص الشعرية ،
و غيرها،
لا يتم من خلال المنطلق الشخصي،
والسيرة الذاتية ،
كما تفضلت.

فمحمد عبد الحي ،
وع.ع. ابراهيم ،
وحتى محمد المكي ابراهيم نفسه،
ومحمد جلال هاشم،
وبولا في مساهمته الاسفيرية،
و اخيرا ع.اللطيف علي الفكي ،
في مساهمت المهمة التي اشرنا اليها،
و التي نشرت في مجلة"احترام"،في منبر الجمعية السودانية ،

لا ينطلقون من مقاربه شخصية،
كما تفضلت،
و انما من مقاربات عميقة ،
تختلف طرائقها ،
لكنها تتفق حول ان المجذوب تبنى لاشعوريا ،
او شعوريا،
ما تقول به المخيلة العربية عن الاسود،
و الجنوبي واحد من اولئك السود.

فهنالك منابع و جذور منسية في اللاوعي الشخصي والجمعي،
وما تراكم في المخيلة الشعبية.
ولذلك حسن النية ،
و المطايبة،
ليس له قدر في المقاربة النقدية.

فمع مناهج ما بعد البنيوية ،
وما بعد بعد البنيوية،
و نظرية ما بعد الكولونيالية،
التي يعود الفضل في تاسيسها الى ادوارد سعيد.

راجع مفهومه عن الآخر ،
و التمثيل ،
و القراءة الطباقية* ،
والتي استفاد فيها من معرفته بالموسيقى و ممارسته لها،
كل تلك الجهود وغيرها تحاول تفكيك بنية السلطة والهيمنة والاستعلاء.
و تلك المقاربات تنطلق من منحى متداخل المقاربات :
Interdisciplinary approaches

وسنعود لتسليط الضوء على كتاب نادر كاظم المهم.

محبتي للمتابعين والمتابعات
المشاء

*راجع\ي نص درويش في رثاء ادوارد سعيد بعنوان "طباق".

Post: #372
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-28-2006, 05:01 AM
Parent: #371

الاستاذ الخواض ، بالمنطق الساذج جدا ، لا يمكن ان تتحدث عن نظرة محمد المهدي المجذوب الى الجنوبي ، الا من خلال رؤيته الشخصية والا فانك تتحدث عن وجهة نظرة اخرى لا تخص المجذوب.
فيما يخص ادوارد سعيد فان النظرة الشخصية او بالاحرى الذاتية من اكبر عيوب كتاب " الاستشراق ". اذ يبدو ان سعيد لم يفلح في التخلص من جنسيته كفلسطيني في مقاربته لموضوع الاستشراق ، حتى يمكن القول انه حصر رؤيته الى موضوعه من خلال وعد بلفور . ومن دلائل هذه النظرة الذاتية الشخصانية ان سعيد لم ينصف من المستشرقين الذين تعرض لهم ، سوى اؤلئك الذين عبروا عن مواقف يرى هو انه فيها تعاطف مع الحق العربي والفلسطيني .
والحق انه رغم تدثر الكاتب بخطاب ما بعد الكولونيالية ومفردات المنهج البنيوي واجراءاته - خاصة مفهوم المعرفة بوصفها سلطة - كما تبدى عند ميشيل فوكو في "اركيلوجيا المعرفة " ،الا انه لا جديد في اطروحة ادوارد سعيد حول الاستشراق ولا تعدو ما يردده سائر السلفيين الاسلاميين كل عمل الاستشراق الذي نصب نفسه له هو تشويه التراث والتاريخ الاسلامي وصورة الشعوب العربية والشرقية عموما .

وبعيدا عن اداورد سعيد ونادر الكاظم ، اعتقد ان المسالة الحاسمة في هذا النقاش الذي يبدو انه قد طال ، هو موقف الدكتور عبد الله على ابراهيم العدائي من المكون الافريقي في الذات السودانية . فهل تايده في ذلك ؟؟؟

Post: #373
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-28-2006, 12:03 PM
Parent: #372

الاستاذ العجب تحيه اتضح انك رجل واسع الاطلاع لكنك تعانى من مساله اسقاط اراء دون دليل واضح ملموس والا فلماذا تصر على ادراج ابن خلدون والجاحظ ضمن طائفه عقليه الكتاب العرب العنصريه رغم ان خطابهما ينطلق بعيدا عن هذه العقليه بل يعاديها احيانا بحكم العنصر فمثلا الجاحظ رغم انه عاش بالبصره والكوفه حاضرتى العرب الا انه كان ينظر اليه كزنجى لدرجه تهكم الكثير من الكتاب العرب بشلكه ولونه كذلك ابن خلدون ينتمى لقوميه غير عربيه وجزء كبير من ارائه قائم على تقزيم العرب ووصفهم بالجهل والبداوه ومعاداه الحضاره وعجزهم عن انشائها اضف الى ان الكثير من خطاب الجاحظ قائم على الانتصار للعنصر الاسود " راجع رسالته فضل السودان على البيضان".
قراءه المجذوب بعد اكتمال مشروعه بموته تقرا بواسطه كافه انجازاته حتى رسائله الاخيره الى عبدالحى " 1981" وجنوبياته كانت اندهاشا بعالم حر لا يتقيد بمحاذير دينيه " لا اقصد دين بمصطلحات فرانسيس كما نبهتنى بل اعنى بمقاييس ابن خلدون" لذا للابد من معادله جنوبياته بخطابه العروبى الذى تجلى فى الكثير من القصائد او الخرائد " اذا شئت" التى كتبها بعد فتره الجنوب والكثير منها تحمل همات عروبيا شكلت فلسطين ومشكلتها جزءا كبيرا منها..
مجذوب عيدروس تنبه فى اكثر من مساهمه الى سيطره الخطاب العروبى على شعر المجذوب عموما عليه لا اعتقد ان جنوبياته كانت انتماءا حقيقيا او رغبه فى التزاوج بل ملمح عبثى برق فجاءه فى شعره ثم تلاشى بعد نقله من الجنوب ولك الود.

Post: #374
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 10-28-2006, 12:38 PM
Parent: #373

الصديق عجب الفيا
موقف عبد الله العدائى من الانتباه للمكون الافريقى او الزنجى فى الثقافة السودانية
دى جوهر امر ودا مربط الفرس
وكل المهارة والفطنة والذكاء والخبرة السياسية والتاهيل الاكاديمى واللغة الزاهية
فشلت فى التمويه والخداع
المحاولات كانت كثيرة والطرق الملتوية ما جابت نتيجة
لتمرير افكاره
بذل د عبد الله جهدا عظيما
بدا بمحاولة التشكيك فى اصالة ما طرحه تيار الغابة والصحراء وحاول تشويه اطروحاتهم بالطريقة التقليدية والبسيطة للتشوية وذلك باحالتها للغربيين من مكمايكل وغيره
والتركيز على فكرة البدائى النبيل والقول بانهم يحتقرون الانسان الافريقى
الكلام الكتير عن البدائى النيل والبوهيمية وتمترس الخلعاء خلف الثقافة الافريقية
والحديث عن الهجنة والبوتقة والخلعاء وابناء السفاح
كل هذا الضباب لم يحجبك عن الوصول لسؤال هام
لماذا يعادى د عبد الله المكون الافريقى ولمصلحة من
ومرة ثانية نقول
هى الخمرة القديمة لن تنجح الاوانى الجديدة فى تسويقها

Post: #375
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-28-2006, 09:50 PM
Parent: #373

الاستاذ احمد الامين يبدو ان النقاش معك اصبح يتحول الى مماحكات وهذا لن يفيد. تقول :
Quote: الاستاذ العجب تحيه اتضح انك رجل واسع الاطلاع لكنك تعانى من مساله اسقاط اراء دون دليل واضح ملموس والا فلماذا تصر على ادراج ابن خلدون والجاحظ ضمن طائفه عقليه الكتاب العرب العنصريه رغم ان خطابهما ينطلق بعيدا عن هذه العقليه

فبعد كل الذي ارودناه عن وصف ابن الخلدون للسودان بالبهائم والحيوان واكل لحم الانسان والبعد عن الانسانية ها انت تطالبنا بايراد الدليل على عنصرية ابن خلدون فماذا تريده ان يقول اكثر من ذلك لتثبت عليه تهمة العنصرية !!!
باي منطق تدافع عن ابن خلدون رغم كل ما ذكره عن السودان وتهاجم محمد عبد الحي ومحمد المهدي المجذوب لمجرد انهم تحدثوا بمحبة عن انسان الجنوب وثقافته ؟؟ غريبة والله .
سوف اعيد عليك ما ذكره ابن خلدون مرة اخرى يقول في المقدمة :

" قد راينا من خلق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب فتجدهم مولعين بالرقص على كل توقيع موصوفين بالحمق في كل قطر ، والسبب الصحيح في ذلك انه تقرر في موضعه من الحكمة ان طبيعة الفرح والسرور هي انتشار الروح الحيواني وتفشيه .
واما الاقاليم البعيدة عن الاعتدال، فاهلها ابعد من الاعتدال في جميع احوالهم .. واخلاقهم مع ذلك قريبة من خلق الحيوان العجم ، حتي لينقل عن الكثير من السودان أهل الاقليم انهم يسكنون الكهوف ولغياض وياكلون العشب وانهم متوحشون غير مستانسين ياكل بعضهم بعضا .. ويبعدون عن الانسانية بمقدار ذلك ، وكذلك احوالهم في الديانة ايضا ولا يدينون بشريعة .. فالدين مجهول عندهم والعلم مفقود بينهم وجميع احوالهم بعيدة من احوال الاناسي قريبة من احوال البهائم ."


اما نظرية اثر المناخ فتنهار امام اول اختبار عندما يتحدث ابن خلدون عن الجزيرة العربية والحجاز ، ذا يقول في ذات السياق :

" ولا يعترض على هذا القول بوجود اليمن وحضروت والاحقاف وبلاد الحجاز واليمامة وما يليها من جزيرة العرب ، فان جزيرة العرب كلها احاطت بها البحار من الجهات الثلاث كما ذكرنا فكان رطوبتها اثر في رطوبة هوائها فنقص ذلك من اليبس والانحراف الذي يقتضيه الحر وصار فيها بعض الاعتدال بسبب رطوبة البحر . "

هنا يتهرب ابن خلدون من تطبيق اثر المناخ الحار على جنس العرب كما طبقه على السودان بحجة واهية جدا فما قاله عن الرطوبة والاعتدال بسبب احاطة البحار بالجزيرة العربية ضعيف جدا فرطوبة البحر تزيد الجو حرارة ، بل الاعتدال في افريقيا بسبب الغابات المدارية اعمق اثرا من رطوبة البحر .

راجع : مقدمة ابن خلدون - دار الكتاب العربي - بيروت 2004
ص 85 ،86 ،89
ارجو ان اسمع رايك فيما ذكره ابن خلدون عن السودان بصورة صريحة وعن انهيار نظرية اثر المناخ في حديثه عن اهل الجزيرة العربية قبل ان اجيبك عن مفهوم الدين والشريعة و رسالة المجذوب الى الاخيرة الى عبد الحي .

Post: #376
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 10-28-2006, 11:01 PM
Parent: #375

الاستاذ/ عجب الفيا

معذرة لما اوردته انا من إقتباس حول نظرية المناخ عند ابن خلدون وعلاقة ذلك بموضوع

النقاش الراهن...

Quote: قد راينا من خلق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب فتجدهم مولعين

بالرقص على كل توقيع موصوفين بالحمق في كل قطر ، والسبب الصحيح في ذلك انه تقرر في موضعه

من الحكمة ان طبيعة الفرح والسرور هي انتشار الروح الحيواني وتفشيه


وإذا كان هذا رأي ابن خلدون فينا... تجدني ادافع عن تقييمك له وبشدة

فهو بذلك لايختلف عن من نريد تعرية مشروعهم العنصري في هذا البوست



Post: #378
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-29-2006, 02:14 AM
Parent: #376

Quote: الاستاذ/ عجب الفيا
معذرة لما اوردته انا من إقتباس حول نظرية المناخ عند ابن خلدون وعلاقة ذلك بموضوع
النقاش الراهن...
وإذا كان هذا رأي ابن خلدون فينا... تجدني ادافع عن تقييمك له وبشدة
فهو بذلك لايختلف عن من نريد تعرية مشروعهم العنصري في هذا البوست

لا عليك يا استاذ حيدر ميرغني
يكفي انك اتحت لنا هذه الفرصة التي هيأت لنا هذا البوست العامر ،
ولا احد فوق النقد مع العلم اننا لسنا عدمين في نظرتنا للناس والاشياء .
لكن من الواضح ان ابن خلدون لم يكن امينا في تطبيق نظرية اثر المناخ الحار في حديثه عن سكان الجزيرة العربية مثلما طبقها على السودان وبالتالي كانت النظرية مجرد حيلة لاخفاء النظرة العنصرية لجنس السودان .

Post: #377
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-28-2006, 11:25 PM
Parent: #1

الصديق العزيز /محمد سيد احمد
تقول :
Quote: كل هذا الضباب لم يحجبك عن الوصول لسؤال هام
لماذا يعادى د عبد الله المكون الافريقى ولمصلحة من
ومرة ثانية نقول
هى الخمرة القديمة لن تنجح الاوانى الجديدة فى تسويقها

في مقالته عن الكرم التي نشرت بالراي العام تحت عنوان : "شفرة الثقافة العربية" ، يكتب عن الكرم ليس بوصفه خصلة سودانية وانما بوصفه خصلة عربية خالصة ويقول :
Quote: ولا أريد الخوض بأكثر من هذا في المسألة. فما جئتها إلا لأقول إن علم الكرم علم عربي شبه خالص.
ويورد مثلا على الكرم العربي الخالص بقوله :
Quote: وقد هزتني مكرمة قرية العبيدية، الواقعة إلى شمال مدينة بربر، التي استضافت قطاراً بحاله خلال وقوفه بمحطتهم خريف عام 1988 الذي أحدق فيه الماء بالسودان حتى كاد يغرقه. وكتبت عنها في بابي ''ومع ذلك'' بجريدة الخرطوم. وليس ينجح في امتحان هذه الأريحية كل أحد. فقد سقط أهل محطة منطقة في نهرالنيل مرة في استضافة قطر توقف لأيام عند بلدتهم. بل زادوا الطين بلة بالمغالاة في أسعار المشروب والمطعوم. وقد سار الشعر الشعبي بخبر خيبتهم هذه. وكان لبعضهم تفسيرات ''عرقية'' لسقوط أهل المنطقة في هذا الإمتحان السوداني السهل.

اما التفسيرات العرقية لفشل اهل تلك المحطة في امتحان الكرم العربي ، فنجدها في بحثه المعنون : " كسار قلم ماك مايكل او في رد الاعتبار لهوية الجعليين الكبرى " المكتوب اصلا بالانجليزية حيث نعرف ان اسم المحطة ، هي الشريك ، يقول :
Quote: شاعر رباطابي هو المرحوم البشير عمر يدافع عن جماعة من "أولاد" البلد هم أهل قرية الشريك التي تقع علي خط السكة الحديد بين عطبرة وأبوحمد. فقد هجا أحدهم أهل الشريك لانهم نصبوا علي ركاب قطار توقف عند محطتهم لأيام نظراً للسيول التي جرفت السكة. فقد غلوا أسعار ما باعوهم من الطعام والشراب. ولم يقبل البشير ذلك من الشاعر وقال له في رده الشعري أن لا يلوم أهل الشريك للخسة التي صدرت من الوضعاء ممن ساكنوهم البلد:
سببو كلو من الصعاليك
واحدين عرب والباقين رقيق
ينظر " العرب " و " المعاتيق "، في الجانب الآخر، إلى "ناس البلد" كرباطاب " و "أولاد عرب" على التوالي.

ولكن الدكتور يعود ليناقض مقدماته ليثبت الكرم في جنس غير عربي وذلك عندما يضطر للحديث عن بحث لاحد علماء الانثربولوجيا المشهوريين هو بيير بوردو ، فيما اسماه علم الكرم يقول :
Quote: ووجدت أن أفضل الكتابات في هذا العلم هو الذي كتب عن عرب أو مستعربين. وأشهر هذه الكتابات ما خطه بيير بوردو، الأنثربولجي الفرنسي، صاحب كتاب علم اجتماع الممارسة الذي درس فيه أحد شعوب البربر أو الأمازيغ في شمال أفريقيا.

اذن الكرم ليست صفة خاصة بالعرب طالما انه باعتراف الدكتور ان افضل الكتابات عن علم الكرم كتبت عن افارقة هم الامازييغ . رغم ان الدكتور حاول ان يقلل من حدة التناقض مع مقدماته التي استهل بها المقال بان قال "افضل الكتابات عن هذا العلم الذي كتب عن عرب او و مستعربين " استخدم مستعربين هنا- ربما لاول مرة - ليشير الى ان الامازيغ كرماء لانهم مستعربون ! رغم انه كان يرفض دائما وباصرار ان تطلق هذه الصفة على بعض سكان السودان .
اذن كان من الخير منذ البداية ان يتحدث عن الكرم بصفته خصلة سودانية دون حصره في ملة بعينها. ومثل الامازيغ ، عندنا قبائل افريقية معروفة بكرمها الفياض .

Post: #379
Title: Re: اخطأ منهجية في مقاربة موضوع الهوية
Author: Agab Alfaya
Date: 10-29-2006, 02:30 AM
Parent: #1

من الاخطاء المنهجية التي يقع فيها بعض ممن يتصدون للحديث عن قضايا الهوية ، هي انهم ينظرون الى الهوية من واقع انتماءاتهم الصغيرة وليس من واقع الانتماء الى الوطن الكبير .
ولعل هذا هو الفرق بين الدكتور عبد الله علي ابراهيم وجماعة الافروعروبيين (الغابة والصحراء ) مثالا . فبينما ينطلق هؤلاء من القواسم المشتركة العامة لشعب السودان ، نجد الدكتور عبد الله - كما عبر هو عن ذلك - ينطلق في توصيف الهوية السودانية من انتمائه الى المجموعة الجعلية الكبرى . وطالما انه يعتقد ان هذه المجموعة تنحدر من اصل عربي عباسي – وليس لنا اعتراض على ذلك في عمومه - فان الهوية السودانية او قل شمال السودان ، بالنسبة له، هي هوية عربية خالصة . ومن هنا ياتي نفيه للافرقة عن سكان شمال السودان .

ولعل ابلغ مثال على توضيح الفرق بين النظرتين الحكاية التي اوردها الدكتور عبد الله على ابراهيم نفسه عن محمد المهدي المجذوب وذلك في بحثه المعنون : " كسر قلم ماك مايكل او رد الاعتبار لهوية الجعليين الكبرى " .
حيث يقول الدكتور عبد الله : " حكي لي المرحوم محمد المهدي مجذوب، الشاعر المحسن والذي هو من دوحة المجاذيب الجعليين، عن قصة قريب ريفي له. فقد زاره القريب بعيد الاستقلال وعلم منه انه ظل يعاني توثيق أوراقه حتى يحصل علي الجنسية "السودانية" . واستنكر القريب حتى من إلزام الحكومة للشاعر الجعلي باستخراج وثيقة تدمغه ب "السودانية" ناهيك من أن يلاقي "ود عرب" مثل المجذوب الأمرين ليزعم هذه الهوية لنفسه. "

اي ان ذلك القريب يستنكر على المجذوب فخره بانتمائه السوداني الافريقي . فوعي المجذوب هنا متجاوز لانتمائه الجعلي الصغير الى رحاب الانتماء الى الوطن الكبير والقواسم المشتركة التي تجمعه مع غيره من بني وطنه ممن لا ينتمون الى عشيرته الجعلية .
ولكن هذا لا يعدو باية حال من الاحوال تنكر او خلع لانتمائه العربي او الاسلامي أو هروب كما عبر الدكتور عبد الله في - تحالف الهاربين - ، بل هو اقرار بابعاد آخرى لهذا الانتماء العربي . وعليه اذا ما تحدث المجذوب عن اصوله العربية او تضامنه مثلا مع القضية الفلسطينية فلا يعني ذلك انه نكس او تخلى عن هويته الافريقية كما يحاول ان يفسر البعض ذلك بهذه النظرة الاحادية التي تعجز ان ترى الاشياء في ابعادها الجدلية ، ونستغرب جدا ان تصدر مثل هذه النظرة من اناس ذوي خلفيات ماركسية .

Post: #382
Title: Re: اعتذار للجاحظ ،
Author: Agab Alfaya
Date: 10-29-2006, 05:29 AM
Parent: #379

الاخ الاستاذ احمد الامين

اعتذر لك وللقراء وللكاتب الكبير الجاحظ لكوني اوردته ضمن اصحاب النزعة العنصرية ضد السود
وذلك بسبب انني قرات في مصدر ما راي مضاد للسود اورده ضمن رسالته المشار اليه ثم رده هو على ذلك الراي منصفا السود ، وورد ذلك الراي في ذلك المصدر في صيغة ملبسة تبدو كان قائل ذلك الراي المضاد الجاحظ نفسه . ولا ابريء نفسي من التقصير .
الف شكر على التصحيح وفوق كل ذي علم عليم .
سوف اقوم بتصحيح ذلك سائر المدخلات .

هنا رسالة الجاحظ في فخر السودان على البيضان


http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=192&CID=4

Post: #380
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: هاشم الحسن
Date: 10-29-2006, 03:40 AM
Parent: #1

تحيات يا أساتذة يا كرام
الأخ عجب الفيا
لقد قرات لك باكراً من الأمس هذا
Quote: هذا النقاش الذي يبدو انه قد طال

فتشاءمت
(و هو ما يدفعني للتداخل الآن)
ثم قرأت لك من بعد أربع مداخلات متتاليات الثراء
فتفاءلت، رغم ما تعلمه قديماً(و سأعود ببعضه قريباً) من إختلافي مع تخريجاتك من و تآويلك في، تحالف الهاربين و أمر الغابة و الصحراء.

يا عزيزي و جميع الأعزاء هنا، إن ما يغني هذا البوست و يرفد معارفنا ليس هو الإتفاق بينكم أو إتفاقكم مع أو على أي أطروحة أو حتى إتفاق القارئ مع أي منكم،
بل هو الإختلاف الخلاق.
و في هذا البوست إختلاف مثمر و فيه أبواب لم تكد تفتح بعد
و حقاً نحن مستمتعون بهذا الفيض المتتالي من معارفكم
فلا تستكثروا علينا ياأعزاء أن نستفيد، بافتراضكم أن المتحاورين يجب أن يقتنعوا برأي معين أو لا جدوى إذن فلينقطع ذلك الرأي...لا، هذا لا يجوز في حق المتابعين بتلهف و شوق!!
بل فليختلف المتحاورون و ليتصل الرأي.

Post: #381
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-29-2006, 04:20 AM
Parent: #380

عزيزي هاشم الحسن،
شكرا لمداخلتك المتأخرة.
نرغب في ان تكون لك مساهمتك هنا،
استمرارا للنقاش الطويل الذي كنت واحدا من فرسانه.
اتقيد هنا بكثير مما قلت به،
أي قول ما اساهم به،
و أحيانا قليلة اتداخل مع المشاركين،
لو كانت هنالك حاجة الى ذلك .
المساجلة في احيان كثيرة غير مفيدة،
ولذلك ما قلت به أعمل به الآن،
في طرح آرائي ،
و للقراء بكافة مستوياتهم،ان يحكموا في ذلك ،
واعتقد ان النقاش الدائر الآن،
سيساهم في رؤية أكثر عمقا للغابة والصحراء،
و للعلاقات الثقافية في السودان.
محبتي
المشاء

Post: #383
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-29-2006, 10:01 AM
Parent: #1

الاخ الاستاذ هاشم الحسن
سعيدين بانك لا تزال تتابع معنا بكل رصانة وصبر
وسوف تزداد ساعدتنا بانضمامك الينا ،
وشاكرين ومقدرين لك كلماتك الطيبات المشجعات
التي تغسل عنا رهق ما نكابده من جهد ووقت .

مع عميق تقديري واحترامي

Post: #384
Title: Re: ابو بكر القاضي : الغابة والصحراء والاعتراف بالتعدد الثقافي
Author: Agab Alfaya
Date: 10-29-2006, 10:16 AM
Parent: #383

نشر الكاتب الناشط بجريدة الوطن القطرية ابو بكر القاضي ، مقالا بعنوان :

استخدام العروبة والاسلام كأدوات للاستعلاء والاقصاء

جاء فيه :

" .. نعم.. مدرسة الغابة والصحراء كانت حالة فريدة كأنما «واحة» في صحراء الاقصاء.. لانها تعترف بتعدد الثقافات وتعدد اللغات والاديان كانت بذرة السودان الجديد.. سودان التعدد"

هنا الرابط الى المقال :

http://www.al-watan.com/data/20061029/index.asp?content=writer2#7

Post: #385
Title: Re: ابو بكر القاضي : الغابة والصحراء والاعتراف بالتعدد الثقافي
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-29-2006, 11:06 AM
Parent: #384

الاستاذ العجب تحيه ومعذره اذا ازعجتك واشكر استدراكك حول تصنيف الجاحظ اما ابن خلدون فانا لم ادفع عنه تهمه العنصريه فقطذكرت لك انه لا يصنف مع العنصريين العرب حسب تصنيفك له مع المسعودى ثم ان نظريته حول اثر المناخ على الانسان لاتتقيدبعنصر بل يحمكها سيطره المناخ على العنصر حسب موقع الانسان فى الاقاليم التى رسمها للعالم بمعنى اذا انتقل عنصر من اقليم لاخر تختلف سيطره المناخ عليه ودونك اذا شئت ابداع وحركه الزنوج عند انتقالهم الى امريكا من افريقيا او الى اورباتحديدا فرنسا وللعلم فانه وضع جزء كبير من جزيره العرب فى اقليم يختلف عن اقليم السود بافريقيا عليه ضرورى معرفه الاحوال المناخيه السائده فى عصره واختلافها عما هى عليه اليوم لان المناخ ليس ثابت .
لم اهاجم عبدالحى " استاذى" ولا المجذوب فقط حاولت توضيح حسب جهدى تناقضهم فى مرحله معينه مع اثبات ادله على ذلك علما انى اقصد عبدالحى الناقد وليس الشاعر لان الفرق بينهما بعيد ختاما انا رجل حبانى الله بنعمه الصبر عليه اذا كررت مقولات بهدف اثراء النقاش ارجو ان لا يكون ذلك مماحكه كما تقول واعلم ان الامام مالك صنف " الموطأ" فى خمسين سنه لان العلم والمعرفه مقرونه بالصبر وليس المسلمات واعتذر مجددا.
قبل ان تحدثنى حسب وعدك عن رساله المجذوب الاخيره لعبدالحى 1981 اذكرك ان المنشور منها بمجله حروف ليس سوى راس جبل الجليد لان هذه الرساله الهامه تعرضت لتعديل تحريرى هام جدا اجراه البشير سهل " الان وزير" اثناء اعداد المجله للنشر لان جزء كبير منها لا يصلح للنشر العام وقد قراتها فى مظانها قبل التحرير كما ان صديقى القديم محمد ادم النعمان " خريجح قانون الخرطوم والان بامريكا " قد قام بنسخ مجمل الرساله بخطه ولعله لا زال يحتفظ بنسخه منها.

Post: #386
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 10-30-2006, 03:54 AM
Parent: #1

شكرا استاذ احمد الامين على التعقيب والتحية مجددا للكاتب الكبير الجاحظ الذي سبق وعي زمانه ولي عودة للمقارنة بين حديثه عن سجية الكرم عند السود وبين حديث الدكتور عبد الله ابراهيم الذي حصر الكرم في الشفرة العربية .
تقول عن المجذوب في مداخلة سابقة :
Quote: وجنوبياته كانت اندهاشا بعالم حر لا يتقيد بمحاذير دينيه " لا اقصد دين بمصطلحات فرانسيس كما نبهتنى بل اعنى بمقاييس ابن خلدون"
انت هنا تتبني حجة الدكتور عبد الله ابراهيم وتنظر الى الجنوبي بنفس المنظار الذي رسمه ابن خلدون ونظر به الدكتور عبد الله حينما وصف المجذوب وصحبه انهم ادعوا لهم نسبا افريقيا لاشباع غرائزهم ولتفكيك المحرمات الاسلامية . وللاسف قد التقط هذه الصورة الدكتور ايلياء حريق في المقدمة التي كتبها لكتاب " الثقافة والديمقراطية " ليسيء بها الى السوداني الافريقي ولسان حاله يقول هذه الصورة من صنيع انفسكم !!
واذا كنت تعترض على المستشرقين لانهم نظروا الى الافريقي كبدائي نبيل فشتان ما بين ذلك النبل ، وبين هذه الصورة التي رسمها ابن خلدون وايلياء حريق .
ان فهم ابن خلدون للدين ليس حجة ، فاهل الجنوب الوثني ، مثل المسلمين والمسيحيين لهم اديان وشرائع . يؤمنون باله خلق هذا الكون يتقربون اليه بالصلوات وبالاضاحي والقرابين وتقديس ارواح الاسلاف ولهم شرائع تحرم القتل والسرقة والزنا والاغتصاب والتعدي على الغير .و لهم اعراف وتقاليد وضوابط تنظم حياتهم الاجتماعية . يعتقد الدينكا ان المراة التي تتعثر في الولادة انها ارتكبت الزنا ولم تتيسر الولادة الا اذا اعترفت بتلك الخيانة . من نافلة القول ان الشرائع السماوية لم تهبط من السماء وانما نمت في الارض انها خلاصة تجربة المجتمع الانساني على الارض في عصور مختلفة .قال نبي الاسلام "انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق " لاحظ انه قال اتمم . وعندما نهي نساء مكة عن الزنا قالت احداهن : أو تزني الحرة يار رسوالله ؟
كل الشرائع السماوية لم تخرج في جوهرها عن شريعة حمورابي الوضعية . ان حصر الدين في مفهوم ابن خلدون هو استبدال للمركزية الغربية بمركزية عربية اسلامية للنظر الى الاخر . و القول ان انسان الجنوب بلا شريعة ولا دين هو نفس الحجة التي استعملها الغرب في استعباد هؤلاء القوم . ويستعملها الاسلاميون لاسلمة الجنوب.
ثم ما هي المحرمات التي لا يمكن ان يرتكبها المجذوب الا اذا هاجر اليها الى الجنوب ؟ هل هي غير شرب الخمر والنساء ؟
هذا كان مبذولا في الشمال ولا يزال . ولعلك سمعت بدار" فوز" اكبر انداية بام درمان لعيلة القوم من الشعراء والفنانيين والسياسيين .وماذا عن "سقاة الكاس من عهد الرشيد" كما يقول سيد خليفة ، الى عهد الهمباتة ببوادي عرب الكبابيش و دار حامد والشكرية .

Post: #387
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: احمد الامين احمد
Date: 10-30-2006, 09:28 AM
Parent: #386

عجب الفيا تعقيب مقتضب على مداخلتك الاخيره مشكلتك كما اراها خلطك بين الدين والشرائع والاعراف فاذا تنبهت لاختلاف تلك المسميات ستعذر ابن خلدون ولن تدافع عن بعض الاشياءالتى تتنافى مع الدين والشرع حسب وردوها فى الادين السماويه الثلاثه.
سمعت باكثر من فوز بالمورده لها دار او اندايه كما سميتهاكان يسكربها الخليل ورفاقه ويتحدثون عن الشعر والثوره لكن سؤالى لك لماذا قتلت فوز تلك برصاص زوجها ان كان فعلها مقبول وسط مجتمعها العام؟
القبائل السودانيه كالكبابيش وغيرها التى ذكرتها كامثله تعتبر بمقاييس سيد قطب قبائل تعيش فى "جاهليه" وليس " جهل" اى انها تمارس الاسلام كشعائر وليس كسلوك عام والا فمن الذى حلل لهم شرب الخمر؟قولى هذا على ضوء اشارتك للهمباته كطائفه تتمتع بحريه فى سلوكها المنافى للدين رغم انتمائها لخلفيه مسلمه او عربيه اذا شئنا عليه ارجو مقارنتهم بالشعراء الصعاليك فى الجاهليه الذين نبذهم حتى المجتمع الجاهلى لبوهيمتهم تلك " ارجو من المتابع قراءه كتاب شوقى ضيف " الشعراء الصعاليك و كتاب دكتور شرف الدين الامين " سودانى" الهمبانه فى السودان ليخلص الى ان هروب المجذوب الى الجنوب مرده بحث عن بوهيميه او حريه لمن شاء فى التخلص ولو برهه من قيود المجتمع الدينى الصارم على الاقل فى ديار المجاذيب علما ان هذا الامر تحقق لخدنه ابن بيرق كما يسميه وهو عبدالله الطيب عند سفره الى لندن للدراسه " راجع قصيده الكاس التى تحطمت " التى كتبها فى بار فندق بمدينه ليدز .
تصويب اغنيه "كاس وخمر وشفاه" لسيد خليفه لحن برعى التى اقتبست منها بيت " ياسقاه الكاس من عهد الرشيد" فى اشاره خفيه لمجون الخليفه هرون الرشيد تستند على قراءه خاطئه لهرون الرشيد وعصره اذ ان هرون كما جاء عنه كان متدينا يحج سنه ويغزو سنه ولم يكن ماجنا عربيدا حسب تصوير كتاب " الا غانى لعصره والاغنيه من كلمات حسين عثمان منصور.
اخيرا الجنوب وقد عشت به عشره اعوام ليس مسيحى بل معظم سكانه على الفطره وتحكمه اعراف وتقاليد وليس الانجيل كما يتوهم البعض وللعلم الجنس ليس محرم عند معظم قبائله بل بعض قبائله كالدينكاوالزاندى تحديدا تمارس الجنس بحريه يكاد ينعدم مثيلها فى معظم انحاء العالم.
بهذه المداخله اختم دخولى هذا البوست واشكر الجميع على سعه الصدر واثراء النقاش .

Post: #388
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-30-2006, 09:37 PM
Parent: #387

عزيزي الاستاذ:
احمد الامين احمد
قلت:
بهذه المداخله اختم دخولى هذا البوست واشكر الجميع على سعه الصدر واثراء النقاش .
دعوتي لك ،لان لك وجهة نظر نحترمها كمتابع و مترجم لمحمد عبد الحي.
ولذلك أرجو أن تبقى ،
ودعنا نتقيد بما قال به الصديق :
هاشم الحسن
اذ ان المرجو هنا هو فتح نوافذ جديدة حول الغابة والصحراء.
وكما قلت قبل ذلك ،فانني بدأت في اتباع استراتيجية محددة في "النقاش" هو هو نقاش؟؟
اي تقول برايك بدو ن الاشارة الى الشخص الذي قال به.
لان ذلك ،ومن وحي التجربة ،يقود الى "لت وعجن"،
وهذا الامر يعتمد على الكيفية التي نلج بها النقاش ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المهم ارجو بقاءك معنا ،
و انشر مداخلاتك من الناحية المعرفية ،
دون الاشارة الصريحة الى قائلها.
هل هذا حل وسطي ؟؟؟
المهم نرجو بقاءك ،اذا كانت لك الطاقة النفسية التي تمكنك من القيام بذلك .
محبتي لك.
المشاء

Post: #389
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 10-31-2006, 00:25 AM
Parent: #388

عزيزي الاستاذ :
أحمد الامين احمد
لا اريد ان احرف النقاش عن موضوعه الاساس،
وان كان ان الحديث فيه ذو شجون.
قال الفيا:
Quote: من نافلة القول ان الشرائع السماوية لم تهبط من السماء وانما نمت في الارض انها خلاصة تجربة المجتمع الانساني على الارض في عصور مختلفة

و انت قلت انه خلط بين الاديان السماوية والاعراف.
هذه هي وجهة نظرك،
لكن اعتقد ان وجهة نظر الفيا لها مصداقية عند الذين يرون ان الدين منتوج اجتماعي ،
وليس من السماء.

فكن رحب الصدر لتقبل افكار ،لا تتفق مع معتقدك.
و اعتقد ،بحسب وجهة نظري ،ان الفيا محق في ما قال به.
محبتي
ونرجو بقاءك ،
وارجو ان نركز ،ما امكن ذلك على الموضوع الرئيس.
المشاء

Post: #390
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-01-2006, 01:43 AM
Parent: #389

ادوارد سعيد واحد من الذين شكلوا الجهاز المفهومي لنادر كاظم في كتابه الذي اشرنا اليه، وخاصة في ما يتعلق بالتمثيل ،ومفهوم الآخر ، والقراءة الطباقية ، وما نحته نادر كاظم في كلامه عن خطاب المخيلة العربية حول السودان والزنج،وهو ما اسماه:
Quote: الاستفراق

و قد تبنى مفهوم ادوارد سعيد حول الاستشراق المضمر والظاهر، وهو اي نادر تحدث عن الاستفراق المضمر والظاهر،
المقالة ادنا ه هي بقلم نادر كاظم في الاحتفاء بادوارد سعيد:

إدوارد سعيد و"الاستشراق" والتلقي العربي
د. نادر كاظم
مدير تحرير مجلة (أوان)
[email protected]
يعد إدوارد سعيد واحداً من أهم المنظرين في حقل "الدراسات ما بعد الكولونيالية"، ويقف كتابه المؤثر على نطاق واسع، أي "الاستشراق" 1978، علامة على بداية هذا الحقل في صورته الأكاديمية والتنظيرية، كما يمثل الكتاب، من منظور بعض النقاد، الكتاب الجوهري والمصدري الخطير في نظرية ما بعد الكولونيالية، أي حالة دراسة الخطاب، وهو هنا خطاب الاستشراق، بوصفه شكلاً من أشكال الهيمنة. وهو الكتاب الذي "غيّر الطريقة التي نفكّر بها حول العلاقات الثقافية والسياسية. لم يعد مرتبطاً فقط بدراسة الشرق، لقد أصبح ينظر إليه على أنه مصطلح شامل حول الأسلوب الذي تعامل فيه الثقافات "الأخرى" وتصوّر" . وأطروحة إدوارد سعيد تتلخّص في أن صعود الإمبريالية قد تزامن مع صعود الاستشراق، وهذا التزامن قد شبك بين الحركتين، المعرفية من جهة، والعسكرية السياسية الاقتصادية من جهة أخرى. وهذا التشابك هو الذي حمل إدوارد سعيد على القول بأن هناك جانب مهم من المعرفة لم يصمّم كـ"معرفة خالصة" Pure Knowledge ، فهناك معرفة أريد بها التحكم في الآخرين والسيطرة عليهم وقيادتهم. ويبدو أن هذا الجانب الملوّث من المعرفة هو الذي كان يعني إدوارد سعيد في "الاستشراق"؛ وذلك لأن هذا الضرب من ضروب المعرفة لا يلعب دوراً هاماً وخطيراً في تشويه صورة الآخر المدروس والمعاين فحسب، بل إنه ينقلب، في لحظة من اللحظات التاريخية، إلى أداة من أدوات التحكّم بهذا الآخر، ووسيلة من وسائل تجييش المتخيّل ضده، إنها باختصار أداة من أدوات "المراقبة والمعاقبة" بحسب تعبيرات ميشيل فوكو. وبحسب أطروحة إدوارد سعيد، فإن الاستشراق كان هو "المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق - التعامل معه بإصدار تقريرات حوله، وإجازة الآراء فيه وإقرارها، وبوصفه، وتدريسه، والاستقرار فيه، وحكمه، وبإيجاز، الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق، واستبنائه، وامتلاك السيادة عليه" . إنه ببساطة أداة الإخضاع الغربي للمنطقة الجغرافية المعروفة بالشرق.

إن "الاستشراق" هو الكتاب الأول من بين أربعة كتب كُرّست لاستكشاف العلاقة والتفاعلات بين عالم الإسلام، والشرق الأوسط، والشرق، والعالم ما بعد الكولونيالي من جهة، وبين الإمبريالية الأوربية والأمريكية من جهة أخرى. ففي الوقت الذي يركّز فيه "الاستشراق" على فعل الإمبريالية الفرنسية والبريطانية في القرن التاسع عشر، فإن الكتب اللاحقة في هذه الرباعية "مسألة فلسطين" 1979، و"تغطية الإسلام" 1981، و" الثقافة والإمبريالية " 1993، قد انصبّت على الإمبريالية الظاهرة أو المستترة التي تطبع العلاقة بين الصهيونية والفلسطينيين، والولايات المتحدة والعالم الإسلامي، والغرب الحواضري الحديث وأصقاعه الواقعة فيما وراء البحار. وبمجموع هذه الكتب تبوّأ إدوارد سعيد موقعاً محورياً في النظرية ما بعد الكولونيالية، وهو الحقل الذي كثيراً ما يؤرخ له منذ السبعينات بصدور كتاب "الاستشراق" 1978.

بشكل أولي، يمكننا القول مع ليلا جاندي بأن "الاستشراق" يعتبر بمثابة الفهم الموسّع والفريد للإمبريالية/الاستعمار بوصفهما "تياراً ثقافياً وإبستمولوجياً" ترافق مع تصاعد نزعة الفضول والهيمنة والتحكّم في مساحات واسعة من أصقاع العالم البعيدة. فما يريده سعيد في "الاستشراق"، وهو الفريد والجوهري في الكتاب، أن يكشف عن أهمية التشكيلات الثقافية والأنساق الأيديولوجية والمعرفية في صعود حركة الاستعمار والإمبريالية .
إن الجديد في "الاستشراق" هو هذا السعي الحثيث والمحموم من أجل كشف التنكّرات الأيديولوجية والثقافية والمعرفية لعملية مادية ثقيلة كالاستعمار. إنه الكشف عن تعقّد عملية كانت تشخّص ببساطة تحت مقولات اقتصادية أو سياسية. ما حاول "الاستشراق" أن يستكشفه هو أن الإمبريالية والاستعمار ليسا "مجرد فعل بسيط من أفعال التراكم والاكتساب، فكل منهما مدعّم ومعزّز، بل ربما كان أيضاً مفروضاً، من قبل تشكيلات عقائدية مهيبة تشمل مفاهيم فحواها أن بعض البقاع والشعوب تتطلب وتتضرّع أن تخضع تحت السيطرة، إضافة إلى أشكال من المعرفة متواشجة مع السيطرة" . وعلى هذا، فإن الجديد في كتاب "الاستشراق" هو هذا الوعي الكثيف بخطورة التشكيلات الثقافية التي تدعم وتعزّز عملية الهيمنة والسيطرة الماديتين. وبتعبير آخر، يتمثل الجديد في "الاستشراق" في كشفه الجاد عن العلاقة الوثيقة والمتبادلة بين المعرفة الاستعمارية والقوة الاستعمارية.
غير أننا حين نقترب من التلقي العربي لهذا الكتاب سيدهشنا حجم التزييف والقراءات المغلوطة التي تعرّض لها هذا الكتاب. ومما يثير الاستغراب حقاً أن لا يجد هذا الكتاب استقبالاً جيداً في العالم العربي. إن المقارنة بين التلقي العربي لـ"الاستشراق" والتلقيات الأخرى له تكشف عن هشاشة التلقي العربي، وعن ضحالته وبؤسه، وعن انحصاره في الجزئيات التي كانت تزيّف مشروع إدوارد سعيد أكثر مما تقرأه. وهذا النهج في التلقي هو الذي حشر "الاستشراق" في زوايا ضيقة ولا تمت إلى مشروع سعيد بصلة. لقد استقبل الكتاب بوصفه دفاعاً عن الإسلام وهجوماً على الغرب، والبعض كان يجرّم حتى هذا الدفاع والهجوم معاً (انظر حازم صاغية في "ثقافات الخمينية" مثلاً). إن انتقال "الاستشراق" من سياقه الغربي وما بعد الكولونيالي إلى السياق العربي، قد مهّد السبيل لظهور كثير من القراءات الاستعمالية (القراءات الإسلاموية والقومية على وجه الخصوص)، أو القراءات المعيارية (القراءة الماركسية)، وأغلب هذه القراءات كان يتحرّك بانتقائية وتجزيئية، ويتعامل مع الكتاب بغائية لا تحترم كثيراً "قصدية النص" ولا خلفيته الثقافية ما بعد الكولونيالية. وهو ما أدّى إلى تعويم مضمون الكتاب الأصلي إلى الحد الذي ينقلب فيه مؤسس حقل "الدراسات ما بعد الكولونيالية" إلى ما يوحي بأنه "عميل للمخابرات الأمريكية"، أو ينقلب هذا المثقّف العلماني ذي الميول اليسارية وأشرس المعادين للتشرنقات الدينية والقومية، إلى نصير للفكر القومي أو للأصولية الدينية وداعية إلى "خمينية ثقافية تلوح بالأصول والمآلات" . إن هذا التأويل المغلوط بالمعنى السلبي للمفهوم هو الذي كان يتحدث عنه إدوارد سعيد بحسرة وأسى في "الثقافة والإمبريالية" ، و"تعقيبات على الاستشراق" .
إذا استثنينا بعض القراءات العربية التي حاولت أن تتواصل مع الكتاب بقراءة تأويلية أو دفاعية انتصارية، كقراءة مترجم الكتاب كمال أبوديب وفخري صالح وصبحي حديدي وآخرين، فإن المشهد يكاد يخلو لقراءتين تتفرّدان بمساحة التلقي العربي لكتاب "الاستشراق". الأولى هي القراءة "الإسلاموية" و"القومية" التي وجدت في الكتاب سنداً قوياً وبرهاناً من الوزن الثقيل، وبالإمكان استثماره في فضح تجنيات الغرب على الثقافة العربية والإسلامية، وهو ما يفسّر هذا الإعجاب والاحتفاء اللذين حظي بهما كتاب سعيد لدى كل من الاسلامويين والقوميين ممن جوّز لأنفسهم أن يستعملوا ويستخدموا هذا الكتاب بطريقتهم الخاصة التي تخدم أغراضهم ومقاصدهم التي تؤكّد على رفعة الإسلام وعظمته، وتعزّز من تحصين الذات القومية ضد تجنيات الخطاب الاستشراقي والإعلامي الغربيين.
يبدو أن كتاب سعيد قد قدّم للإسلامويين والقوميين تفسيراً موثّراً وجذّاباً ومدعّماً بأدلة وبراهين تضرب في عمق التحويرات والتزييفات الغربية للإسلام والعرب. لقد وجد هؤلاء بغيتهم في "الاستشراق" الذي أثبت لهم بـ"أن الشرق من إنتاج الغرب وخلقه"، بمعنى أن الشرق الذي كان يتعامل معه الغرب لم يكن شرقنا الحقيقي، بل هو شرق متخيّل ومزيّف لا يمت إلينا بصلة. وهذا يوصل إلى نتيجة بأن كل ما كتبه المستشرقون تزييف وباطل وإتباع للظن والتوهم. وبهذا نرمي عن كاهلنا عبء تلك النظرة الدونية التبخيسية التي شكّلها الغرب عنا. كانت فضيلة الكتاب في هذه القراءة هي "توضيح أخطار المستشرقين الخبيثة، وإنقاذ الإسلام من براثنهم" . في دراسة عن "منهج مونتغمري واط في دراسة نبوة محمد (ص)" 1985 وجد جعفر شيخ إدريس أن هذا المستشرق كان يدّعي استخدام منهج علمي في دراسة "نبوة محمد" وقضية "الوحي"، في حين أنه يتبع في دراساته منهجاً آخر، يقوم أساساً على العلمانية والمادية وإتباع الظن وعدم الثقة في علماء المسلمين وعامتهم والتعصّب ضد العرب والمسلمين. ولكي يعزّز المؤلف رؤيته اضطر إلى استحضار "استشراق" إدوارد سعيد؛ ليكون خاتمة القول والكلمة الفصل في تحويرات المستشرقيين وتجنياتهم. فينبغي "أن نتذكر نحن أن هذا الشرق الذي يتحدث عنه واط ورفاقه المستشرقون ليس شيئاً واقعياً يشار إليه بالبنان - وإنما هو - كما قال الدكتور إدوارد سعيد - شيء من نسج خيالهم، ينشأ عليه صغارهم ويشيب عليه الكبار" . وفي دراسة أخرى عن "منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي" استحضر محمد بن عبّود إدوارد سعيد و"الاستشراق" في سياق مناقشته مسألة الموضوعية والتحيّز بالنسبة للمؤرخين المستشرقين. وفي هذا الشأن يرى المؤلف أن هناك عوامل أثّرت في مناهج المستشرقين ومن ثم أثّرت في تصوراتهم للتاريخ الإسلامي. وهذا الرأي يجعل حضور إدوارد سعيد ضربة لازب، وأمر لا مهرب منه؛ فكتاب إدوارد سعيد "الاستشراق" "هو أحدث وأعمق تحليل للقوى التاريخية التي تقف وراء تطور فكرة الشرق، مقدمة إياها في صورة حديثة، متناقضة مع الشرق الحقيقي، عن طريق بحث تفصيلي لكتابات أصدق المستشرقين تمثيلاً. ونجد أن هذا العمل المهم الذي خطّه قلم عالم مستشرق[؟!]، قد حظي باستحسان عظيم وتعليق كثير في جميع أنحاء العالم، بيد أنه أثار كذلك غضب وسخط مستشرقين بعينهم يمضون في غيّهم متصورين الشرق صورة ثابتة من نتاج خيالهم يقصدون بها المستهلك الغربي" .
ليس ما يلفت في ما سبق من استشهادات هو وصف إدوارد سعيد في دراسة محمد بن عبود بأنه "مستشرق"، بل اللافت أن هذه القراءات لم تستطع استثمار قراءة سعيد للاستشراق في مقاربتها للمنهجيات الاستشراقية، بل بقي "الاستشراق" سلاحاً يشهر في كل مرة ضد الغرب والمستشرقين. إن سعيد يحضر في هذه القراءة حضوراً عرضياً ليؤدي وظيفة محددة له، وهي تعزيز الرؤية التي يتبناه القارئ. فالقارئ يبحث عن أدلة تعزز موقفه من الغرب والاستشراق، وقد وجد بغيته في "الاستشراق" لإدوارد سعيد. ولا يهم بعد ذلك ما اشتمل عليه هذا الكتاب من عمق التحليل والسبر الدؤوب والتقصي المتبحّر، المهم هو أنه أثبت أن "الشرق من اختراع الغرب". إن هذه النتيجة التي انتهت إليها هذه القراءات نتيجة متوقعة، فالقراءة الاستعمالية قراءة برغماتية متجوّزة إلى أبعد الحدود؛ لأن الذي يعنيها هو ما يخدم رؤيتها ويدعم موقفها. ولهذا فإنها تتعامل مع النص بحرية لا تحدها حدود، ولهذا تجد في هذا النوع من القراءات كثيراً من الانتقائية، وكثيراً من الاختزال، وكثيراً من تقطيع أوصال النص، وكثيراً من عزله عن سياقه.
إن هذا التفارق بين "استشراق" إدوارد سعيد وهذا النوع من القراءات في كل من الأهداف والمنطلقات هو الذي جعل هذه القراءات لا تلجأ إلى إدوارد سعيد إلا من أجل خدمة أغراضها وتعزيز مقاصدها. وهذه الوضعية هي التي كانت تدفع بهذه القراءات إلى مزيد من "القراءات المغلوطة"، وإلى مزيد من سوء التأويل. إن التباين بين مشروع إدوارد سعيد وبين القراءات الإسلامية تباين شاسع لدرجة لا يمكن رتقه بسهولة، بل إن قراءة "الاستشراق" على "أنه دفاع عن العرب والإسلام" واحدة من المظاهر الساخرة. فهذه القراءات تصدر في قراءتها للاستشراق والغرب من تصوّر يذهب جهة القطيعة الحادة بين العرب والغرب، أو بين الإسلام والغرب، أو بيننا وبينهم. إننا إذن أمام تشكيلات حضارية متمايزة، بل متعارضة وليس بالإمكان الوصول إلى نقاط التقاء بينهما. في حين أن رؤية سعيد تصدر عن أفق إنساني رحب، جعله من أشرس المهاجمين لمفاهيم "الهوية" و"النقاء" و"الصفاء" و"القومية"، بل إنه ليذهب إلى حد القول بأن "جذور القومية ترتبط كثيراً بجذور العنصرية"، حيث يفكّر الناس بأنهم جزء من جماعة متميزة ومن ثم متفوقة. إننا نعيش، بحسب إدوارد سعيد، في "أقاليم متقاطعة وتواريخ متواشجة" وثقافات هجينة، وبمقدار هجنتها Hybridity يكون ثراؤها.
وإذا قاد هذا التفارق بين منطلقات إدوارد سعيد وبين منطلقات القراءات الإسلاموية والقومية إلى التعامل مع نص سعيد بطريقة برغماتية تقوم على الاختزال والانتقاء، فإن التفارق بين منطلقات سعيد ورؤيته، وبين منطلقات القراءة العربية الماركسية قد قاد إلى عملية معايرة حادة لنص "الاستشراق". إن قراءة كل من صادق جلال العظم في "الاستشراق والاستشراق معكوساً" 1981، وقراءة مهدي عامل في "هل القلب للشرق والعقل للغرب؟ أو ماركس في استشراق إدوارد سعيد" 1985، إنما كانت تعاين الكتاب من منظور أيديولوجي راسخ ومكين ومجروح في الوقت ذاته، وهذه الوضعية تمهّد لقراءة من نوع محدد، قراءة تتكئ على معايرة الكتاب بمقاييس تجدها القراءة بدهية، وتؤهلها لأن تقيس قيمة الكتاب بدرجة انحراف الكتاب عن هذه المعايير أو وفائه لها. كما أن قراءة الكتاب بذات قرائية مجروحة في الصميم، سوف يحكم هذه القراءة بانفعالية متسرّعة، وبتشكيلة عاطفية عدائية. فهذه القراءة لم تكن لترضى عن حشر ماركس في خانة الاستشراق، أو اعتباره هو والاشتراكية، بعبارة فرانز فانون "جزءاً من المغامرة الضخمة للروح الأوربية" الاستعمارية. وقد قادت هذه الوضعية القراءة إلى قراءة مفرطة في اتهاماتها وتجنياتها ومحاكماتها، لدرجة أن يتهم إدوارد سعيد بأنه قد رجع إلى حظيرة الفكر اليميني، وإلى كنف المواقف السياسية العربية اليمينية، أو ارتدّ إلى مواقع المستشرقين الكلاسيكيين .
إن علاقة إدوارد سعيد بالماركسية علاقة متوترة، ومع ذلك فإن نقده لماركس والماركسية في "الاستشراق" نقد عَرَضي ورد في بضع فقرات، إلا أن الاختلاف الحاد والجذري بين أطروحة سعيد في "الاستشراق" وبين الطرح الماركسي بماديته التاريخية، يتمثل في اختلاف الطرحين في المنطلق والمهاد التأسيسي لتفسير تطوّر الظواهر والمؤسسات. فالطرح الماركسي يتأسس على رؤية مادية تاريخية للظواهر والمؤسسات. فالبشر، كما يقول ماركس، يصنعون تاريخهم، لكنهم لا يصنعونه كما يريدون، بل في ظل ظروف وأوضاع معطاة مباشرة ومتسامية عليهم، وتثقل كاهلهم، وتتمثّل في علاقات الإنتاج المادية التي تشكّل البنية التحتية التي تقوم عليها البنية الفوقية المتمثلة في القانون والسياسة والدين والأدب والوعي الاجتماعي. وعلى الرغم من أن إدوارد سعيد في مشروعه لا يعرض عن هذا الطرح إعراضاً تاماً، إلا أن أولويات مشروعه تفرض عليه أن يقلب هذا النموذج لعلاقة البنية التحتية بالفوقية. فسعيد، كما أشرنا سابقا، يريد أن يتفحّص الكيفية التي حدثت بها العملية الإمبريالية، لكن ليس على مستوى القوانين الاقتصادية والسياسية كما هو مسعى الماركسية، بل على مستوى التشكيلات الأيديولوجية، والتصورات الثقافية التي تمتلكها بعض الشعوب عن نفسها أو عن الشعوب الأخرى.
لقد مثّل هذا الاختلاف الجذري بين المنطلقين تحدياً كبيراً أمام القراءة الماركسية العربية. وهو تحدٍ لم يكن ليقود إلى محاولة التوفيق بين المنطلقين من خلال رؤية تؤكد العلاقة المتبادلة بين المستوى الاقتصادي والسياسي والمؤسساتي للعملية الإمبريالية وبين المستوى الثقافي والأيديولوجي، بل انصرف هم القراءات إلى تعزيز هذا الاختلاف إلى الحد الذي لم يعد ممكناً أي حل وسط بين المنطلقين.
يبدأ صادق جلال العظم قراءته لـ"الاستشراق" بعرض موجز لأطروحة الكتاب الأولية، ثم يعقبه مباشرة بانتقاد مبدئي يتأسس على خيبة أمل فيما كان ينتظره القارئ من كتاب يؤلّف لنقد مؤسسة الاستشراق. كان صادق العظم ينتظر من كتاب سعيد أن يفي بتوقعاته، إلا أن الكتاب قد كسر "أفق انتظاره" الذي ينطوي على رؤية مادية تاريخية لتطور المؤسسات والظواهر. يرى العظم أن سعيد بدأ تحليله للاستشراق بداية سليمة، ثم ثنّى على هذه البداية بتحليل مغلوط ومتراجع. فبداية تحليل سعيد حملت القارئ على أن يستنتج بأن الاستشراق "يشكّل ظاهرة ما كان يمكن أن توجد، بالمعنى الدقيق للعبارة، قبل صعود أوروبا البورجوازية وتثبيت سلطانها وتوسيع حدودها" ، وقد عزّز هذا الاستشراق أن سعيد، كما يقول العظم، يحدد بدايات الاستشراق عند عصر النهضة. غير أن "أفق الانتظار" هذا لم يلبث أن كُسِر، وذلك حين يتخلّى إدوارد سعيد عن كل هذه الوعود. فبدل أن يستخلص النتائج التاريخية والمنطقية المترتبة على هذه الأطروحة استخلاصاً صارماً ودقيقاً ومنتظماً كما يأمل القارئ، نجده "بفضّل اللجوء إلى الصياغات اللغوية البارعة والتوسطات الأدبية اللامعة لتبديد مظاهر الإحراج والتشويش والارتباك الفكرية التي يمكن أن تصيب تحليلاته نتيجة هذا النوع من القصور" . ولا يتمثّل هذا القصور، من هذا المنظور، في خلل في الرؤية والطرح، بل في تخلي إدوارد سعيد السريع عن الاتجاه الذي أوهم به في تفسير نشأة الاستشراق وتطوره، وتمسّكه باتجاه آخر يتعارض مع هذا الاتجاه، ويظهر "عبر إسقاط تاريخي هائل إلى الخلف، إلى هوميروس واسكيلوس ويوريبديس ودانتي، بدلاً من عصر النهضة" الذي كانت تحليلاته الأولى توهم بذلك.
لا يمكن لقارئ ماركسي عتيد كصادق جلال العظم أن يقبل بهذا "الإسقاط التاريخي الهائل" في تأويل ظاهرة حديثة كالاستشراق. ذلك أن هذا الإسقاط يتعارض مع تطور الظاهرة تاريخياً ومادياً وجدلياً من جهة، ومن جهة أخرى يقود إلى إلغاء أثر التاريخ والتطور، بحيث لا يعود الاستشراق، عندئذٍ، وليد ظروف تاريخية أو استجابة لمصالح وحاجات حيوية ناشئة وصاعدة. فالقول بأن الاستشراق هو عملية تشويه وتحقير لصورة الشرق، وأن هذا التشويه قديم قدم الحضارة الغربية والشرقية، يقود، من منظور العظم، إلى نتيجة منطقية بعيدة، وهي القول بـ"أسطورة الطبائع الثابتة" والجوهرية للثقافات وعلاقاتها. وهي الأسطورة التي كان سعيد يريد تدميرها وتفكيكها.
إن خيبة الأمل وكسر "أفق الانتظار" اللذين مني بهما صادق جلال العظم في "استشراق" إدوارد سعيد، قد قاداه إلى إساءة تأويل خطيرة لرؤية إدوارد سعيد ومشروعه. فإدوارد سعيد، ناقد "ميتافيزيقا الاستشراق" كما يسميها العظم، ينتهي إلى التسليم الصامت بـ"أسطورة الطبائع الثابتة"، وإلى تعزيز هذه الأسطورة التي يلخّصها العظم في مقولتيها المطلقتين: الشرق شرق، والغرب غرب، ولكل منهما طبيعته الجوهرية المختلفة وخصائصه المميزة. إن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف انتهى إدوارد سعيد من مقوّض لميتافيزيقا الاستشراق و"أسطورة الطبائع الثابتة" والجوهرانية إلى مسلم بهذه الميتافيزيقا وهذه الأسطورة، بل إنه يعطيهما المصداقية والجدارة؟ ما الذي جعل ناقد الإمبريالية الشرس ينتهي إلى مسلم ومعزّز لأساطيرها وتصوراتها؟
إن هذا التعارض بين ما ينتظره القارئ من النص وبين ما يتحقق في النص، يقود إلى التباس وسوء فهم خطير للنص، وإلى مجموعة من الاختلافات الجذرية بين رؤية القارئ ورؤية المؤلف. فالقارئ يفهم "الاستشراق" بوصفه تلك القوة المؤسساتية الغربية التي كانت أداة التوسّع الأوربي نحو الشرق، في حين أن الذي يعني إدوارد سعيد في هذا السياق هو "الاستشراق" بوصفه نظاماً من المعتقدات والتصورات التي كانت تحرّك الغرب المادي إلى الشرق الواقعي أو المتخيّل. إن "الاستشراق"، بهذا المعنى، أشبه بتشكيلة خطابية تبريرية، من حيث إنها تبّرر وتسوّغ وتشرّع لحركة مادية تجاه الشرق أو رؤية تخيّلية عن الشرق، وتعزيزية من حيث هي أداة لتدعيم هذه الرؤية أو هذه الحركة. وبتعبيرات إدوارد سعيد، فإن الاستشراق يساعد في كشف الكيفية التي حدثت بها عملية الإمبريالية على مستوى القوانين الثقافية والتصورية، لا الاقتصادية والسياسية والعسكرية كما ينتظر صادق جلال العظم من "الاستشراق".
إن النزعة المعيارية واضحة في هذه القراءة؛ فقراءة العظم تنطوي على تفسير لظاهرة الاستعمار والإمبريالية، وهو تفسير تراه القراءة "التفسير الصحيح"، وهو ما كان القارئ ينتظر من كتاب سعيد أن يبني عليه استنتاجاته وتحليلاته، غير أن سعيد يصدمه بخلاف ذلك، بل يقلب له العلاقة رأساً على عقب. وإذا كان تفسير صادق العظم "صحيحاً"، فإن هذا يستتبع بالضرورة أن يكون تفسير إدوارد سعيد خاطئاً. وعلى أساس من هذه المعيارية الصارمة، راح صادق العظم يؤاخذ سعيد على اهتمامه غير المبرّر بكل ما هو خيالي وذهني ومثالي وانفعالي وتصوري. يرى العظم أن سعيد يغالي في هذا الاتجاه حتى ليبدو له وكأن عوالم الخطاب والصور والانطباعات والحساسيات والمتخيلات قد حلّت محل الواقع الخام بفظاظته وكثافته وعينيته، وهو الأمر الذي لا يمكن لماركسي من حجم صادق العظم أن يتقبله أو يستسيغه. إن العامل الاقتصادي يمثّل، من المنظور الماركسي، الأساس التحتي لكل أشكال الوعي الاجتماعي. في حين أن أطروحة سعيد تذهب إلى مغادرة مستوى التفسير الأحادي للتاريخ والظواهر والمؤسسات، وهو ما كان يقرّب بين إدوارد سعيد وبين ماكس فيبر، أكبر ناقد للرؤية الماركسية المادية الأحادية، الذي كان يرى أن التاريخ لا يمكن تفسيره على أساس العامل الاقتصادي وحده، بل يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عامل آخر مهم، وهو ما يسميه فيبر بـ"روح الحياة الاقتصادية". فحيوية القوى المحركة للرأسمالية لا تعود إلى رؤوس الأموال فحسب، بل إلى نمو "روح الرأسمالية". إن "الرغبة في الكسب" و"البحث عن الربح" و"النهم إلى الذهب"، كل ذلك، من منظور فيبر، لا علاقة له بحد ذاته بالرأسمالية. فكل هذا، على الرغم من أهميته، لا ينطوي "أبداً على مقوّمات الرأسمالية ولا حتى على "روحها" التي تمثّلت كظاهرة جماعية في "أخلاق العقلانية البروتستانتية النسكية". وبتدعيم هذا التصور المثالي لماكس فيبر بتصور ميشيل فوكو عن المعرفة والقوة والتشكيلات الخطابية، استطاع إدوارد سعيد أن يقدّم أهم عمل في نقد الاستشراق والاستعمار والإمبريالية في العصر الحديث.
إذا كان التعارض بين القارئ والمؤلف على مستوى الرؤية والتصور قد قاد إلى إنتاج قراءة مغلوطة تعاير النص بمقاييس الخطأ والصواب، فإن موقف إدوارد سعيد من ماركس قد قاد إلى محاكمة النص ومؤلفه محاكمة انفعالية متسرّعة؛ فرمي ماركس بتهمة الاستشراق سابقة لم يقدم عليها، كما يقول صادق العظم، "دارس جاد" قبل إدوارد سعيد. هل معنى هذا أن ما أتى به إدوارد سعيد عن ماركس وتحليله للوجود الإنجليزي الإمبريالي في الهند، يمثّل دراسة جادة بحسب ما يوهم به وصف صادق جلال العظم؟ إن إجابة العظم عن هذا السؤال حاسمة في النفي؛ فهو يعتقد "أن الصورة التي رسمها إدوارد سعيد لوجهات نظر ماركس حول الشرق ولمحاولاته تفسير الصيرورات التاريخية المعقدة التي أخذت مجتمعاته وثقافاته تخضع لها، لا تشكّل أكثر من رسم كاريكاتوري ليس إلا" .
إذا كان صادق جلال العظم قد ختم مقالته عن "الاستشراق والاستشراق معكوساً" برصد نقاط التقاطع العرضية بين "استشراق" إدوارد سعيد وبين "الاستشراق المعكوس" والذي يتمثل في الفكر القومي العربي التقليدي وحركة الإحياء الإسلامي، إذا كان ذلك قد ورد عرضياً ومن دون أن يصرّح المؤلف بعمق الأواصر بين فكر سعيد وهذه الحركات القومية والإسلامية، فإن كاتبين آخرين لم يترددا أبداً في رمي إدوارد سعيد بتهمة "القومية الشوفينية" (مهدي عامل)، أو "الأصولية الإسلاموية الخمينية" (حازم صاغية).
ومن حيث المنطلق، فإن قراءة مهدي عامل لا تختلف كثيراً عن قراءة صادق جلال العظم؛ فكما بدأ هذا الأخير قراءته بـ"أفق انتظار" يتشكّل من التصور "الصحيح" للتاريخ وتطور الظواهر والمؤسسات، كذلك كان مهدي عامل يشدّد، في مفتتح قراءته، على ضرورة "أن يكون الفكر الناظر في التاريخ فكراً مادياً، حتى يتمكن من أن يكون علمياً" . أما الفكر الذي لا ينطلق من هذا التصور المادي والصراعي والتناقضي للتاريخ، فأقل ما يقال عنه "إنه مثالي"، وممثّل هذا الفكر المتهم، من منظور مهدي عامل، هو إدوارد سعيد. وهي ذات التهمة التي سبق لصادق جلال العظم أن وجهها إلى "أيديولوجيا" إدوارد سعيد. وليست هذه التهمة إلا بداية الخيط في سلسلة لا تنتهي من التهم التي كالها مهدي عامل لإدوارد سعيد وفكره. وهو ما جعل هذه القراءة قراءة اتهامية، ومغرقة في نزعتها الاتهامية بصورة أكبر مما وجدت لدى صادق جلال العظم. ففكر إدوارد سعيد هنا مثالي، ويحكمه منطق التماثل لا التناقض كما تفترض القراءة أو "الفكر العلمي الصحيح"، وهو فكر وضعي، ولاعقلاني، وهو يمثّل فكر الطبقة البورجوازية الذي يرفض الاختلاف والتناقض، ويقع في قبضة منطق الفكر الاستشراقي، كما أنه فكر عدمي يضرب بجذوره عند نيتشه وحفيده ميشيل فوكو. وهو فكر بنيوي يقول بأولوية الصراع المعرفي على الصراع الاجتماعي الطبقي، وفكر إمبريالي بحسب المضي بعبارات مهدي عامل إلى أقصى مدى تأويلي تحتمله، فإدوارد سعيد بنيوي، والبنيوية، كما ينقل مهدي عامل عن سارتر، هي آخر "شكل من أشكال الأيديولوجية البرجوازية الإمبريالية" ، وعلى هذا فنقد سعيد البنيوي للاستشراق شكل من أشكال الأيديولوجية البرجوازية الإمبريالية!!. وغريب حقاً هذا التأويل الذي قاد أشرس ناقد للإمبريالية إلى حظيرة "الأيديولوجية الإمبريالية"!!، بعد أن قاده قبل ذلك إلى حظيرة "الفكر القومي" المغلق .
وعبر استراتيجية التأويل ذاتها، كان حازم صاغية يربط فكر سعيد وأطروحته بالفكر الإسلاموي في العصر الحديث. فمعاداة الاستشراق، كما في حالة سعيد مثلاً، أقرب ما تكون، من منظور صاغية، إلى "خمينية ثقافية تلوّح بالأصول والمآلات، وفيما بينها تعتمد على الحذف والتبديد" . ومن هذا المنظور، فإن العداء الأكاديمي للاستشراق يلتقي مع الأصولية الدينية في عدائهما السافر للغرب، وفي نزعتهما النسبية الثقافية المتطرفة. لهذا لم يدهش المؤلف من كون "كتاب الاستشراق لسعيد هو أحد عدة الشغل عند أكثر "المثقفين" الأصوليين حذلقة، ولمّا كانت الخمينية السياسية "ثقافية" أكثر منها سياسي، بدا الأمر أقرب إلى التكامل منه إلى التوازي" . وبمنطق التكامل هذا، أمكن للمؤلف أن يشبك فكر سعيد بالأصولية الدينية، وأن يبحث عن دلالة تتسق مع تأويله هذا في كل الملابسات التي أحاطت بكتاب"الاستشراق"؛ فمن منظور صاغية، هناك دلالة ما ومغزى موضوعي في تزامن صدور هذا الكتاب وبين الثورة الإسلامية في إيران. وعلى هذا، لم يكن مستغرباً، من منظور المؤلف، كما قلنا للتوّ أن يكون هذا الكتاب أحد عدة الشغل الأساسية لدى المثقفين الإسلامويين، كما "لم يكن عديم الدلالة، والحال على ما هي عليه، أن يسقط هذا الكتاب على المنطقة كأنه جزء من الحدث الثوري الإسلامي [أي اندلاع الثورة الإيرانية]، في زمن أيلولة القومية العربية الناصرية والبعثية، إلى التفسّخ. فهو، من ضمن حقله الخاص وجهوده الأكاديمية البارزة، يشاطر ثورة الخميني ردّ كل شيء إلى الغير" . وردّ كل العيوب والأخطاء والمآزق إلى هذا الغير، أي الغرب، إنما يجد مشروعيته من تصوّر مخصوص للمعرفة وعلاقة العارف بموضوع المعرفة. وعلى أساس هذا التأويل المغلوط راح المؤلف يكشف عن التقاطعات بين برنامج "العداء الأكاديمي للاستشراق"، ممثّلاً في إدوارد سعيد، وبين برنامج "الخمينية السياسية". فبناءً على فهم المؤلف، فإن البرنامجين يشتركان في نظرة مفرطة النسبية للمعرفة، بحيث "يصير السوري هو وحده الذي يكتب عن سورية لأنه "أعرف" بها (أي ألصق بها) من غيرها، وكذلك يفعل الإيراني والصيني والفرنسي حيال بلدانهم. فكل امرئ أولى بدراسة بلده" . وهذا في الوقت الذي يذهب فيه سعيد إلى تأكيد تاريخية التجربة الإنسانية ودنيويتها ، والدنيوية، لدى سعيد، هي أساس التأويل وهي الشرط الضروري له؛ فكل ما يقع في الدنيا والتاريخ إنما يكون قابلاً للتأويل، وهو يكتسب هذه القابلية للتأويل من كونه "حدثاً دنيوياً". يتعارض هذا التأويل الدنيوي مع نظريات الجوهرانية التي كان العظم ومهدي عامل وحازم صاغية يأخذونها على كتاب "الاستشراق". إن القول بأن السوري أعرف بسوريته، والإيراني أعرف بإيرانيته وهكذا، إنما يفترض، من حيث الأصل، جوهرانية التجربة السورية والإيرانية وغيرها، أي أنه ينفي عنها سمة "الدنيوية" المتغيّرة. وهذا افتراض في غير محلّه بما أنه افتراض لجوهرانية ما هو، من منظور سعيد، مخلوق تاريخياً، ونتاج للتأويل الدنيوي. وفي الوقت الذي لا ينفي فيه إدوارد سعيد خصوصية أية تجربة إنسانية، سورية أو إيرانية أو يهودية أو نسوية أو غير ذلك، فإنه لا يتهاون في التشديد على المحافظة على قدر من الإحساس بالروح الإنسانية الجمعية. وهذه الروح هي التي جعلت إدوارد سعيد، وهو واحد من أشد المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، يبدي تفهّماً، قد لا يكون مقبولاً لا لدى القوميين العرب ولا لدى الإسلاميين، تجاه تجربة المعاناة اليهودية ، ليس بوصفها تجربة حقيقية بالضرورة، بل بوصفها "سردية" راسخة في المتخيّل اليهودي الحديث. كيف يمكن التوفيق إذن بين كل هذا وبين تأويل حازم صاغية لـ"الاستشراق"؟ كيف يمكن أن يقول المؤلف شيئاً، ويفهم القارئ منه شيئاً آخر، بل نقيضاً لما أراد المؤلف قوله؟
لقد أراد إدوارد سعيد من "الاستشراق" شيئاً، وفهم القراء منه شيئاً آخر نقيضاً لما أراده. لقد أراد سعيد، في "الاستشراق"، أن يعرّي ويفضح ذاك الانشباك الآثم بين المعرفة والقوة الإمبريالية، أو بين الحماس والفضول المعرفي من جهة وبين الرغبة في الغزو والهيمنة من جهة أخرى. غير أن حازم صاغية، كما كان صادق جلال العظم ومهدي عامل من قبل، قد وجد فيه ارتماء في أحضان "القومية" و"الأصولية الدينية"، بل إن البعض اعتبر إدوارد سعيد "كبطل من أبطال العروبة" .
لقد ظهر نص "الاستشراق" في سياق أنجلوأمريكي(*)، ثم راح يتفاعل مع سياقات مختلفة تشمل الهند، واليابان، وباكستان، وإيران، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية وغيرها. وبعد هذه الهجرة والتفاعلات لم يعد في مقدور صاحب النص، إدوارد سعيد، أن يوقف اندياح التأويلات، وانزلاق الدلالات المتفجّرة من داخل نصه. لقد حاول سعيد مرة أن يفعل ذلك ومني بالفشل. فبعد نشر صادق جلال العظم مقالته السابقة، وجّه إدوارد سعيد إليه "رسالة شخصية غاضبة جداً ومليئة بالشتائم غير الأكاديمية، بعثها من جامعة كولومبيا، بعد قراءته لمخطوط النسخة الإنكليزية" من نقد العظم لكتابه. غير أن هذا التدخّل الأبوي من قبل سعيد لحماية قصدية نصه لم يثنِ هذا القارئ عن قراءته، كما لم يمنع ظهور قراءة نارية كقراءة مهدي عامل، ولا قراءة "ملتبسة" ولا تخلو من تحامل كقراءة حازم صاغية. وهو ما يؤكّد أن ما يملكه المؤلف من حقوق نصه أقل بأضعاف مضاعفة مما هو ملك مشاع لأي قارئ، بحيث لم يعد في مقدور المؤلف، أي مؤلف، أن يتدخّل لإيقاف اندياح التأويلات المتحرّكة حول نصه الذي يهاجر من سياق إلى آخر. فالنص ينتج في سياق تاريخي محدد وداخل وضع اجتماعي مخصوص، وهو حين ينتقل إنما ينتقل مقطوعاً من سياقه ووضعه "الأصليين"، وهذا الانتقال هو الذي يجعل النص محكوماً عليه بتقبّل تأويلات عديدة، وهو ما ذهب إليه سعيد في "هجرة النظرية" .
هوامش :
• بيل أشكروفت وبال أهلواليا، إدوارد سعيد: مفارقة الهوية، تر: سهيل نجم، (دمشق/القاهرة: دار الكتاب العربي، ط:1، 2002)، ص195-196.
• إدوارد سعيد، الاستشراق: المعرفة، السلطة، الإنشاء، تر: كمال أبو ديب، بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، ط:2، 1984، ص39.
• Leela, Gandhi, Postcolonial Theory: A Critical Introduction, Australia; Allen & Unwin, 1998, in this site: http://www.allen-unwin.com.au/academic/Slpostcol.htm
• انظر توضيح سعيد لذلك في:الثقافة والإمبريالية، تر: كمال أبو ديب، بيروت: دار الآداب، ط:1، 1997، ص 83.
• المرجع السابق، ص80.
• يميّز إمبرتو إيكو في كثير من كتبه، "حدود التأويل" و"القارئ في الحكاية" مثلاً، بين نوعين من القراءة، فهناك قراءة يكون القصد منها استعمال النص واستخدامه لخدمة أغراض ومقاصد في نفس القارئ، وهي "القراءة الاستعمالية"، وهناك قراءة يكون هدف القارئ فيها هو تأويل النص واستثمار كل الإمكانيات لتفعيل النص وإثرائه دلالياً، وهي "القراءة التأويلية". وبالإمكان الاستفادة من هذا التمييز في قراءة أنماط التلقي لـ"الاستشراق" في الثقافة العربية الحديثة. انظر: إمبرتو إيكو، القارئ في الحكاية: التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية، تر: أنطوان أبو زيد، بيروت/الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط:1، 1996، ص137، 140، 141.
• حازم صاغية، ثقافات الخمينية: موقف من الاستشراق أم حرب على طيف، بيروت: دار الجديد، ط:1، 1995، ص33.
• "الثقافة والإمبريالية"، ص9.
• إدوارد سعيد، تعقيبات على الاستشراق، تر: صبحي حديدي، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط:1، 1996، ص112.
• ومن مظاهر هذا الاحتفاء إقدام "دار الكتاب الإسلامي" بـ"قم" في إيران على طباعة كتاب "الاستشراق" طبعة مصوّرة وغير مرخّصة من الطبعة العربية بترجمة كمال أبو ديب.
• تعقيبات على الاستشراق، ص104.
• جعفر شيخ إدريس، منهج مونتغمري واط في دراسة نبوة محمد (ص)، في: مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ط:1، 1986، ج:1، ص240.
• محمد بن عبود، منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي، في: مناهج المستشرقين، مرجع سابق، ج:1، ص363.
• إدوارد سعيد: مفارقة الهوية، ص200.
• انظر: صادق جلال العظم، ذهنية التحريم، لندن: دار رياض الريس، ط:1، 1992، ص59، 69 على التوالي.
• المرجع السابق، ص20.
• المرجع السابق، ص21.
• المرجع السابق، الصفحة ذاتها.
• ماكس فيبر، الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، تر: محمد علي مقلد، بيروت: مركز الإنماء القومي، د.ت، ص7.
• المرجع السابق، ص42.
• مهدي عامل، ماركس في استشراق إدوارد سعيد، ضمن أعماله الكاملة، بيروت: دار الفارابي، ط:3، 1990، ص98.
• المرجع السابق، ص159.
• المرجع السابق، ص100.
• ثقافات الخمينية، مرجع سابق، ص33.
• المرجع السابق، ص34، هامش رقم (6).
• المرجع السابق، ص67.
• المرجع السابق، ص35.
• الثقافة والإمبريالية، ص100-101.
• يرى إدوارد سعيد في آخر كتاباته وحواراته أن الحل الوارد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني إنما يتأتى، لا بحل يقوم على قيام دولتين، بل بحل يتمثّل في دولة واحدة تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين معاً. وهذا لن يكون إلا بمواجهة كل جماعة لتجربتها في ضوء تجربة الآخر. فليس هناك أمل في السلام إلا إذا اعترفت الجماعة الأقوى، اليهود الإسرائيليون، بذاكرة المعاناة الفلسطينية، كما أن على الطرف الأضعف، الفلسطينيين، أن يواجهوا بجرأة ذاكرة اليهود في المعاناة والنجاة من "الهولوكوست". انظر: إدوارد سعيد: الاختلاق، الذاكرة والمكان، تر: رشاد عبد القادر، مجلة "الآداب الأجنبية"،ع: 104، 2000، ص36. وانظر الحوار الذي أجراه Harvey Blume for "Atlantic Unbound", 22 September 1999.
• تعقيبات على الاستشراق، ص107.
(*) للمقارنة بين التلقي العربي والتلقي الغربي للكتاب، يمكن مراجعة مقالة مصطفى ماروتش، السرد المضاد، في كتاب "الحق يخاطب القوة: إدوارد سعيد وعمل الناقد"، تحرير: بول بوفيه، تر: فاطمة نصر، (القاهرة: سلسلة كتاب سطور، ط:1، 2001)، ص248.
• ذهنية التحريم، مرجع سابق، ص88.
• إدوارد سعيد، هجرة النظرية، ضمن "العالم، والنص، والناقد"، ترجمة: عبد الكريم محفوض، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2000، ص289
http://www.jehat.com/Jehaat/ar/AlBahrain/events/IdwardS...در%20كاظم[/B][/GREEN]

Post: #391
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 11-01-2006, 08:58 AM
Parent: #390

الاربعاء1نوفمبر2006

الشاعر محمد المكي ابراهيم.. الغابة والصحراء والتحولات:

الغابة والصحراء تأكيد للهوية

حاوره: عيسى الحلو

الشاعر محمد المكي ابراهيم من شعرائنا الكبار الذين أصّلوا القصيدة الحديثة الى مراحل من التجويد الجمالي العالي. له ديوان أمتي وبعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت، ويختبئ البستان في الوردة. هو من طلائع جيل شعري أتى بعد جيل التأسيس الشعري حيث سعى الشعر السوداني المعاصر على وضع أسئلة جدية تبحث عن إجابات أساسية في جوهر الثقافة السودانية.. التقينا به وكان هذا الحوار:

* الغابة والصحراء، هي بحث عن الهوية.. ولكنها ليست بحثاً عن شكل شعري؟.. ألا ترى أن الكتابة العربية المعاصرة حصرت نفسها في المضامين دون الشكول. ربما لسيادة تيار الواقعية الاشتراكية؟

= أخشى أنه بعد قريب من نصف قرن، لم تعد الغابة والصحراء بحثاً عن هوية، إنما تأكيداً لهوية سودانية قائمة أنجزها مثقفو وفنانو السودان منذ انطلاقة الحركة الوطنية في الثلاثينات والى يومنا الحالي. إينما ذهبت وجدت للسودان طعمه الثقافي الحريف، والمختلف عن أي بلد عربي آخر. اكتملت هويتنا في نظري، وكما أسلفت، كان ذلك بنشاط توليفي ساهمت فيه كل أعراق السودان وثقافاته. لقد اكتملت الهوية وادعو لأن يحفظها الله من الضياع.

* ما دام أمر الهوية كذلك.. ففيم الغابة والصحراء؟

= الغابة والصحراء كانت المصباح الكاشف الذي جعلنا نتفطن الى قسماتنا الحضارية ونكشف ذاتنا. وخلال نصف القرن الماضي استطاع هذا الجسم الحضاري أن ينضج ويكتمل ولذلك لا أرى مدعاة للجدل والنقاش كما قال الأستاذ صلاح شعيب ولم يبق أمامنا سوى تطوير هذه الثقافة ونشرها في الناس وإذ أقول ذلك، أعني استقلالها عن الثقافات العربية المجددة في المشرق والمغرب العربي ووقوفها نداً لهذه الثقافات في الإبداع والتذوق والنقل عن هذا الغرب المتفوق الذي يروجون بضاعته عندنا من مذاهب فلسفية ونقدية جديدة، أرجو أن يقوم مثقفو السودان بنقلها وتقديمها للعالم العربي نفسه باعتبار أننا لسنا أقل منهم معرفة بالعربية ولا باللغات الأجنبية، ولا نحتاج لأن نتناول وجبتنا الثقافية عبر المعدة الثقافية للعالم العربي.

* القصيدة السودانية المعاصرة (قصيدة التفعيلة) استقرت ولم تجد آفاقاً جديدة تعبرها - أرى أن حالها من حالة القصيدة العربية المعاصرة، درويش أودنيس مثلاً. أنت اتجهت مرة للرواية (آخر العنابسة)؟

= شاركت في منتدى أصيلة ناقش أزمة القصيدة (قصيدة التفعيلة العربية) وذلك في محترف قاده أحمد عبد المعطي حجازي. من جانبه حاول أن يقول إن القصيدة العربية التفعيلية لا تمر بأزمة. ولكن معظم الحضور كانوا يقولون بغير ذلك، ناعين قصيدة التفعيلية ومقترحين قصيدة النثر مخرجاً من الأزمة. كنت معهم في وجود الأزمة، ولكن لم أكن واثقاً أن قصيدة النثر هي الحل. ذلك أنها تحتاج لقدر كبير من المعايشة والتذوق لنرى إن كانت تتجاوب مع الذائقة الشعرية لشعوبنا. وقد حاول الشعر الشعبي أن يطرح نفسه بديلاً لتلك القصيدة المأزومة، مرة على هيئة الزجل والدوبيت، ومرة على هيئة الأشكال الحداثية المتطورة (محجوب شريف، والقدال، وأحمد فؤاد نجم، ومظفر النواب). هؤلاء قدموا أنفسهم كبديل. وأسهموا حقاً في إغناء الوجدان الشعري، وصرف الأنظارعن أزمة القصيدة الرسمية.ومع ذلك تبقى الأزمة قائمة. وعلى الشاعر الجاد أن يبحث عن مخرج منها. وفي محاولاتي الخاصة رأيت الاقتداء بالشعر الأنجلو سكسوني المعاصر طريقاً جديداً لم يجرب. أعني بذلك أن الشعر الغربي تأثر فقط بالثقافة الفرنسية (الشعر الفرنسي) عن طريق (المعدة) الثقافية (الشام والمغرب) وتلاحظ أن كل الرموز الثقافية من نقاد ومبدعين تفتدي.. كلهم ذوو أسماء فرنسية. وفي ذلك العالم الآخر أسماء مماثلة إن لم تكن أعلى شأناً، يجب الإطلاع عليها خاصة وأن إنتاجها باللغة التي نفهمها (الانجليزية).

* بهذا الأفق الذي اقترحته لقصيدتك.. فأنت أعطيت الغابة والصحراء بعدها الثالث (الكوني) في الوقت الذي يرى فيه الدكتور عبد الله علي ابراهيم أن الحداثة تمتنع علينا في العالم الثالث بسبب عدم التوازن الحضاري بيننا وبينهم؟

= اكتمال البناء الثقافي للسودان يستبعد دعوات من طراز المشروع الحضاري الإسلاموي. فقد ثبت ذلك بالدليل حيث بقي إسلامنا كما هو بعيداً عن التطرف والتشدد. وحافظت المرأة السودانية على زيها التقليدي ومع لغتنا الانجليزية والعربية قد تعرضنا للقذف والإهمال. إلا أن استعدادنا اللغوي يظل عالياً لاستعادة ما فقدناه. من ناحية أخرى هنالك العولمة وهي صديقتنا وطريقتنا الى الإنفتاح على العالم وبفضلها أصبحنا نعض بالنواجز على أفكار الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان (وذلك على عكس) ما يقول به الشباب الأوروبي والأمريكي في مظاهراته المناوئة للمظهر الاقتصادي للعولمة. ونحن نجني منذ الآن ثمار العولمة من شبكة فضائية واتصال الكتروني وفضائيات تلفزيونية لم نكن نحلم بها في يوم من الأيام. لا أرى تناقضاً بين هويتنا مكتملة وبين التواصل مع العالم. بل على العكس أرى أن ذلك التواصل ينميها ويرفع من شأنها.

* الهوية هي طريقة لفهم مزيج التطابق والاختلاف اللذين تتكون منهما حياة الإنسان، كيف كان أمر الهوية في الغابة والصحراء.. هناك من يرى أن الغابة والصحراء تنظر للجنوب من موقع شمالي صرف؟

= أسعدتني الظروف بالتعرف على إفريقيا بصورة حقيقية منذ عام 1967 حيث تلقيت تدريبي الدبلوماسي بالسفارة الفرنسية في داكار ومن بعد ذلك قيض لي أن أزور كل دول القارة تقريباً وقد رأيت فيها تنوعاً إثنياً وثقافياً أكبر بكثير من ذلك الذي بين شمال السودان وجنوبه ولكن الناس استطاعوا أن يتجاوزوه ببساطة وتحت شعار أن إفريقيا متنوعة داخل إهابها الأسود ذلك ما كان يفتخر به سنغور متحدثاً عن الجذور العربية والإفريقية والفيتنامية لبلاده السنغال. وذلك ليس عسيراً علينا أن نتعايش مع جنوب يتحدث الانجليزية الى جانب لهجاته المحلية ويمارس ثقافته بحرية تامة. في اعتقادي ان الدعوات الجهادية هي التي أعاقت التعايش بين شطري السودان. قبل ليلتين قدم الصديق كمال الجزولي ندوة عن كتابه (الآخر) وزعم أن ما يجذب أطراف السودان نحو مركزها أقوى من قوة الطرد التي تجرها البلدان المجاورة. وأنا اتفق معه -فقد رأيت جنوبيين عجزوا تماماً عن التجاوب مع الزائيريين (لأن شرطتهم تريد أن تسلب مالهم) ولا مع الكينيين الذين يخطفون حقيبة أوراقك ويهربون. وينطبق نفس الشئ على أهلنا الأنواك في إثيوبيا، وعلى شعوب وأقوام تشاد. حقاً هناك قوة جذب متفوقة على قوة الطرد.

* قال الدكتور عبد الله علي ابراهيم: إنكم بالغابة والصحراء تهربون من ثقافة الشمال الى الجنة الإفريقية؟

= هذا كلام يتسم بالآنية والتموضع في زمانه ومكانه، ولا يصلح الآن، ونحن نستقبل وجه الله ونهرب إليه من كل المعاصي فقط سقط هذا النوع من التفسيرات لحركة ثقافية ثبت جديتها وعاش ومات عليها عدد من المبدعين الكبار وأنا أذكر صديقي محمد عبد الحي والشاعر الغنائي عثمان خالد وأبوذكرى وعلي عبد القيوم وعلي عمر قاسم.




أطبع هذه الصفحة

Post: #392
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2006, 01:50 AM
Parent: #391

شكرا صديقنا المفتاح على ايراد هذا الحوار المهم مع شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم.

وتنبع اهميته من انه يمثل آخر آراء شاعرنا الكبير .
و كنت اود مواصلة مساهمتي حول الجنوبي في الخطاب العربي الاسلامي السوداني،و المنابع العربية التي شكلت صورة الجنوبي كبدائي نبيل، وايضا كبدائي متوحش شرس.

و قد رايت ان هنالك نقاطا مهمة اريد التعليق عليها بشكل موجز.

النقطة الاولى تتعلق بالنظر الى لغات الجنوب باعتبارها لهجات.

يقول محمد المكي ابراهيم:

Quote: وذلك ليس عسيراً علينا أن نتعايش مع جنوب يتحدث الانجليزية الى جانب لهجاته المحلية ويمارس ثقافته بحرية تامة


وعلى ذكر كاتبنا الكبير كمال الجزولي ،احب ان اذكر حادثة تمت في مناقشة دستور اتحاد الكتاب السودانيين،فقد سال البروفيسور صلا ح الدين المليك عما ورد بخصوص الاشارة الى لغات غير المتحدثين بالعربية ،و اثار سؤالا حول تلك الغات باعتبارها لهجات وليس لغات ،وقد رد عليه كمال الجزولي بان النص ثبت كلمة "لغات" حتى لا يتحدث الآخرون عن لهجات غير الناطقين بالعربية.
و الآن للاسف يتحدث محمد المكي ابراهيم عن لغات الجنوب باعتبارها لهجات محلية.

النقطة الثانية ـ
و تتعلق باكتمال الهوية السودانية:
تحدث محمدالمكي ابراهيم عن اكتمال الهوية السودانية،
حين قال:

Quote: اكتملت هويتنا في نظري، وكما أسلفت، كان ذلك بنشاط توليفي ساهمت فيه كل أعراق السودان وثقافاته. لقد اكتملت الهوية وادعو لأن يحفظها الله من الضياع


الكلام عن "نشاط توليفي" هو كلام يرتبط بكناية ثقافية غير البوتقة او المصهر التي قالت بها الغابة والصحراء. و الى الآن لم نر هذا التوليف في الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي السوداني.
الكلام المطلق عن اكتمال الهوية، هو استنتاج يحتاج الى نظر فاحص.

و اذكر هنا ان عبد الحي في ا خر لقاء معه علق لمجرية اللقاء قائلا ان امر الهوية هو امر حرب.فلماذا تقوم الحروب اذن اذا كان ان امر الهوية قد اكتمل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والنقطة الثالثة تتعلق بالذين ظلوا على ولاء للغابة و الصحراء حتى رحيلهم.
يقول محمد المكي ابراهيم ردا على سؤال عيسى الحلو التالي:

Quote: قال الدكتور عبد الله علي ابراهيم: إنكم بالغابة والصحراء تهربون من ثقافة الشمال الى الجنة الإفريقية؟


يقول محمد المكي ابراهيم:

Quote: ]هذا كلام يتسم بالآنية والتموضع في زمانه ومكانه، ولا يصلح الآن، ونحن نستقبل وجه الله ونهرب إليه من كل المعاصي فقط سقط هذا النوع من التفسيرات لحركة ثقافية ثبت جديتها وعاش ومات عليها عدد من المبدعين الكبار وأنا أذكر صديقي محمد عبد الحي والشاعر الغنائي عثمان خالد وأبوذكرى وعلي عبد القيوم وعلي عمر قاسم



وسبق لمحمد المكي ابراهيم ان قال ان عبد الحي قد تنصل من الغابة والصحراء!!!
محبتي
و اعيد شكري للمنصور
المشاء



Post: #393
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2006, 02:32 AM
Parent: #392

قلنا أن محمد المكي ابراهيم قال ان محمد عبد الحي ،
قد تنصّل من الغابة والصحراء،
وقد ورد ذلك في بوست الافروعروبية،
قال محمد المكي ابراهيم في حوار معه:

Quote: وطبعاً محمد عبد الحي «إرتد» عن فكرة الغابة والصحراء ،

وقال أنا عربي،

وما عاد مشروع الغابة والصحراء يناسبه،

وقال «أنا عربي».


المشاء

Post: #394
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-02-2006, 03:14 AM
Parent: #393

قلنا أن عبد الحي تحدث عن علاقة الهوية بالحرب في آخر لقاء معه لم يتم .

وقد قالت مجرية اللقاء الاستاذة :

رباب سعد الله

قالت الآتي:

Quote: وعن الاسئلة التي اختار الاجابة عليها ،

أخبرني انه مهتم بها و ان بعضها تطرقت لمواضيع كان يود الحديث عنها مثل سؤال السياسات الثقافية في السودان ووضعها ومشاريعها ،

وسؤال الهوية الثقافية السودانية ،

والذي يعتبره سؤالا مهما للغاية وهو حريص على إجابته،

غير أنه ذكر لي بأنه لن يجيب عليه ،

إلا إذا تأكد من أن كل ما سوف سيقوله في الإجابة عليه سينشر كاملا دون أي حذف أو تغيير ،

وقال لي:

(إن هذا الموضوع ليس بسيطا بل فيه حرب وقتال وسلاح وأناس يموتون) ،

وتطلع الى زوجته الاستاذة عائشة يسألها عن رأيها ،

فاتفقت معه في الرأي
.


المشاء


*المصدر:
مجلة حروف-العدد الثاني الثالث المزدوج-دار جامعة الخرطوم للنشر-1991

Post: #395
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-03-2006, 01:49 AM
Parent: #1

up
up
up

Post: #396
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-03-2006, 03:07 AM
Parent: #395

نعود الى الكشف عن الجذور التي شكلت رؤية الخطاب العربسلامي الى الجنوبي ،
باعتباره بدائيا نبيلا ،وأيضا نبيلا شرسا ،
من خلال الاستشهاد بكتاب نادر كاظم المهم،
والذي يعتبر أكبر محاولة لكشف صورة السودان والزنج في المخيلة العربية في العصر الوسيط.
و تلك الجذور والمصادر المعرفية ،قد تسربت بطرق كثيرة الى مخيلة العربسلاميين وخطابهم حول "الجنوبي ".
هنا نحاول ان نشير -انطلاقا من ذلك الكتاب -الى بعض من المصادر التي شكلت الصورتين المتناقضتين حول الجنوبي.

ونبدأ ب:

*أهل السودان الحالي في المخيلة العربية العنصرية:

*دنقلا:

Quote: واذا ستر بعضهم بدنه فإنه في الغالب على لباسه جلود الحيوان وأوراق الشجر الكبيرة،كما هو حال أهل دنقلة ببلاد النوبة فهؤلاء "عراة مؤتزرون بالجلود ،والنمر عندهم كثيرة، يلبسون جلودها".

ص 184

*علاوا أو علوة:

وينقل ياقوت الحموي عن أمة من السودان يقال لهم "علوا" أنهم "عراة لا يلبسون ثوبا ألبته
Quote: ، وأنما يمشون عراة ،وربما سبي بعضهم وحمل الى بلاد المسلمين، فلو قطع الرجل أو المرأة على أن يستتر أو يلبس ثوبا لا يقدر على ذلك".


وفي الغالب ان الامر يعود الى "علوة".
ص 185

*الزغاوة:

Quote: يعد الادريسي أهل زغاوة من بلاد السودان "أكثر الناس فسادا ونكاحا ،وأعزرهم أبناء وبنات، وقلما توجد منهم المرأة إلا و يتبعها أربعة أولاد و خمسة ، وهم في ذاتهم كالبهائم لا يبالون بشئ من أمور الدنيا إلا بما كن لقمة أو نكحة.و غير ذلك لا يخطر لهم ذكره على بال".

ص185

*النوبة والبجة والزغاوة:

يقول "ابن النديم":
Quote: "فأما أجناس السودان مثل النوبة والبجة والزغاوة و المرارة والاستان والبربر وأصناف الزنج سوى السند فانهم يكتبون بالهندية للمجاورة،فلا قلم لهم يعرف ولا كتابة، والذي ذكره الجاحظ في كتاب البيان:للزنج خطابة وبلاغة على مذهبهم وبلغتهم،وقال لي من رأى ذلك وشاهده قال :إذا حزبتهم الأمور ولزتهم الشدائد جلس خطيبهم على ما علي من الأرض واطرق وتكلم بما يشبه الدمدمة والهمهمة ،فيهم عنه الباقون".
ص 167

*البجة:
ذكر ابن جبير:
Quote: أن السودان ألفوا عيش البهائم فأصبحوا "أقرب الى الوحش منهم الى الإنس".

ص179

Quote: بل يشير الى ان البجاة وهم فرقة من السودان،"أضل من الانعام سبيلا ،وأقل عقولا (..........)، وبالجملة فهم أمة لا خلاق لها، ولا جناح على لاعنهم".

179-80

*دارفور:

Quote: ويذكر محمد بن عمر التونسي أن "من طبيعة بلاد الفور الميل إلى اللهو والاستهزاء واللعب و الطرب،يستفزهم أدنى مطرب،فتراهم لا تخلو أوقاتهم من مطرب،ملوكا كانوا أو سوقة،ولذلك استحضروا جميع ما يمكنهم من آلات الطرب،فتجد كل ملك له غلمان صغار حسان الأصوات".

ص 197

Post: #397
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 11-03-2006, 09:06 AM
Parent: #1

نذكر القراء الكرام الا احد من الغابة والصحراء او الافروعروبين عامة استعمل تعبير البدائي النبيل او البدائي الشرس في ادبيات رد الاعتبار للبعد الافريقي في الذات السودانية او في وصف انسان الجنوب . عليه لا علاقة لما يقوله ابن خلدون او ابن عمر التونسي برؤية هؤلاء .
يكفي هؤلاء فخرا انهم اول من اعترف بالانتماء الزنجي والافريقي في انسان السودان في الوقت الذي لا يزال يسعي فيه الاخرون لتاسيس هوية عروبية خالصة من اي شائبة او شبهة افريقية بمباركة من يتظاهرون بالانتصار للافريقي المغلوب .

نواصل

Post: #398
Title: Re: حول حوار محمد المكي
Author: Agab Alfaya
Date: 11-03-2006, 09:27 AM
Parent: #1

الاخ الاستاذ الاديب الاريب /منصور المفتاح
جزيل الشكر على تزويدنا بحوار عيسي الحلو مع استاذنا محمد المكي والذي رغم قصره الا انه تضمن اشارات عميقة اضاءت نقاط سبق لمحمد المكي ان المح اليها في احادث مضت .
يمكن ابراز اهم هذه الاشارات في الاتي :
Quote: لم تعد الغابة والصحراء بحثاً عن هوية، إنما تأكيداً لهوية سودانية قائمة أنجزها مثقفو وفنانو السودان منذ انطلاقة الحركة الوطنية في الثلاثينات والى يومنا الحالي. إينما ذهبت وجدت للسودان طعمه الثقافي الحريف، والمختلف عن أي بلد عربي آخر. اكتملت هويتنا في نظري، وكما أسلفت، كان ذلك بنشاط توليفي ساهمت فيه كل أعراق السودان وثقافاته. لقد اكتملت الهوية وادعو لأن يحفظها الله من الضياع.

وهذا تاكيد لما جاء في تاريخ الغابة والصحراء ، من ان هذه الرؤية لم تكن اختراعا وانما هي توصيف لواقع وجودي قائم فعلا وليست تصور ايديلوجي لما يجب ان تكون عليه هوية السودان .
اما حديثه عن اكتمال الهوية فيقصد به ، هوية السودان كبلد عربي افريقي او افريقي عربي .
وقوله:
Quote: الغابة والصحراء كانت المصباح الكاشف الذي جعلنا نتفطن الى قسماتنا الحضارية ونكشف ذاتنا. وخلال نصف القرن الماضي استطاع هذا الجسم الحضاري أن ينضج ويكتمل ولذلك لا أرى مدعاة للجدل والنقاش كما قال الأستاذ صلاح شعيب ولم يبق أمامنا سوى تطوير هذه الثقافة ونشرها في الناس وإذ أقول ذلك، أعني استقلالها عن الثقافات العربية المجددة في المشرق والمغرب العربي ووقوفها نداً لهذه الثقافات في الإبداع والتذوق

وهذه الفقرة اختزلت كثير من الاشارات العميقة :
Quote: أسعدتني الظروف بالتعرف على إفريقيا بصورة حقيقية منذ عام 1967 حيث تلقيت تدريبي الدبلوماسي بالسفارة الفرنسية في داكار ومن بعد ذلك قيض لي أن أزور كل دول القارة تقريباً وقد رأيت فيها تنوعاً إثنياً وثقافياً أكبر بكثير من ذلك الذي بين شمال السودان وجنوبه ولكن الناس استطاعوا أن يتجاوزوه ببساطة وتحت شعار أن إفريقيا متنوعة داخل إهابها الأسود ذلك ما كان يفتخر به سنغور متحدثاً عن الجذور العربية والإفريقية والفيتنامية لبلاده السنغال.
وذلك ليس عسيراً علينا أن نتعايش مع جنوب يتحدث الانجليزية الى جانب لهجاته المحلية ويمارس ثقافته بحرية تامة. في اعتقادي ان الدعوات الجهادية هي التي أعاقت التعايش بين شطري السودان. قبل ليلتين قدم الصديق كمال الجزولي ندوة عن كتابه (الآخر) وزعم أن ما يجذب أطراف السودان نحو مركزها أقوى من قوة الطرد التي تجرها البلدان المجاورة. وأنا اتفق معه -فقد رأيت جنوبيين عجزوا تماماً عن التجاوب مع الزائيريين (لأن شرطتهم تريد أن تسلب مالهم) ولا مع الكينيين الذين يخطفون حقيبة أوراقك ويهربون. وينطبق نفس الشئ على أهلنا الأنواك في إثيوبيا، وعلى شعوب وأقوام تشاد. حقاً هناك قوة جذب متفوقة على قوة الطرد.




Post: #399
Title: Re: كسر قلم مكمايكل ام التاسيس لأيديلوجيا الهوية ؟
Author: Agab Alfaya
Date: 11-03-2006, 10:08 AM
Parent: #1

سبق القول ان مشروع الدكتور عبد الله على ابراهيم الثقافي يتلخص ، في ترسيم ملامح هوية عربية واسلامية خالصة لسكان شمال السودان دون شائبة افريقية محلية .
مقالة " تحالف الهاربين " كانت الخطوة الأولى لنفي الانتماء الافريقي عن سكان شمال السودان. وهي مقالة مكرسة في نقد "الغابة والصحراء" التي تعد أول محاولة مؤسسة في الاقرار بالبعد الافريقي الى جانب العربي ، في الذات السودانية .
اما الخطوة الثانية ، فكانت مقالة : " كسر قلم ماك مايكل : رد الاعتبار الى هوية الجعليين الكبرى"*
وهي في الرد على المؤرخ والادراي الانجليزي بالسودان ، هارولد ماكمايكل والذي يحمله الدكتور عبد الله ابراهيم مسؤولية مقولة ان عرب شمال السودان خليط من العرب والنوبة الافارقة والتي رددها من بعده المؤرخون السودانيون : يوسف فضل وحامد حريز وحيد ابراهيم وغيرهم.

والمقصود بالجعليين هنا المجموعة الجعلية العباسية وتشمل الجعليين والشايقية والبديرية والرباطاب وقبائل من الاواسط وكردفان كالجموعية والجمع الجوامعة الخ . .
اما عنوان البحث فقد استوحاه الدكتور عبد الله من قصة ناظر الكواهلة بكردفان مع ماك مايكل الذي كان مفتشا على كردفان في ذلك الوقت . يقول :
" اصطرع في نهاية العقد الأول من القرن الماضي شعب الكبابيش والكواهلة من سكان شمال كردفان حول ملكية عد (موضع للسقيا) كجمر. وعرض النزاع علي ماكمايكل مفتش شمال كردفان بمدينة بارا. وقضي ماكمايكل بعد كجمر للكبابيش. وحين مد يده ليتناول القلم ويمضي الحكم امسك المرحوم عبدالله ود جاد الله، زعيم الكواهلة، بيده وكسر القلم. وعوقب عبدالله علي فعلته بالفصل من نظارة الكواهلة. غير ان مغنيته أذاعت مأثرته واورثتها إلى الخلف في كلمات بقيت فينا . "
علما ان الكواهلة ليست من المجموعة الجعلية .

ولكن كسر الدكتور لقلم ماكمايكل له قصة اخرى فهو يريد ان يعمد الجعليين كعرب اقحاح من شبهة الاختلاط بالسكان المحليين .
يقول : " فقد استقرت تقاليد النسابة السودانيين ،على شكلها الحالي منذ القرن السادس عشر، تصنف ، بوضوح الجعليين باعتبارهم عرب اً ينحدرون من العباس ، عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ." وكان ها ر ولد ماكمايكل : " قد شكك في صحة نسبة الجعليين كما تواضع عليها النسابة السودانيون. وقد أذاع هذا النقد في كتابه ( تاريخ العرب في السودان * ) و الذي استفادت منه كل التحريات المعاصرة حول أصل الجعليين."
ثم يورد راي ماكمايكل موضوع النقد : " فقد ورد في كتاب ماكمايكل بصدد تجديد النظر في اصل الجعليين ما يلي: ((..إلى المدى الذي يمكن فيه اعتبار الجعليين جماعة واحدة ، فإن تماثلها العرقي إنما يتوقف على قاسمها الأعظم النوبي أو البربري والذي يسود بنسب شديدة التفاوت في كل أجزائها المكوّنة . توجد ثمة كذلك ، في هذه الجماعة ، دفقه قوية من الدم العربي وبصورة اكثر تحديدا لدي الجعليين بالمعنى الضيّق للكلمة . ولكن يكمن الخطأ الذي وقع فيه النسابة السودانيون عمداً في تجاهل العنصر النوبي وإرجاع العامل العرقي المشترك إلى قبيلة قريش . و بأخذ هذه الحقائق في الاعتبار فإن من المستحيل تحديد أية قبيلة من قبائل الجزيرة العربية يمكن أن يردّ إليها العنصر العربي الذي ساهم في تكوين قبائل الجعليين. ))


ونحن هنا لسنا بصدد اثبات او نفي ما ذهب اليه مكمايكل في تفصيلاته . الا ان اختلاط العرب المهاجرين كالجعليين وغيرهم ، بالسكان المحليين وتاثرهم بالثقافة المحلية الافريقية ، مهما كانت درجة هذا الاختلاط والتاثر ، امر من الصعب المماراة فيه ، من الناحية التاريخية والمنطقية والواقائعية . مع التاكيد ان منطلق مكمايكل وهو يأرخ لعرب السودان كان منطلقا عنصريا . فهو قد أعلن صراحة عن تفوق الدم العربي على الدم الزنجي حتى انه وصف بعض القبائل التي تزعم لها نسبا عربيا ويغلب عليها الدم الزنجي بالوضاعة .
وهذا ما حدا بالدكتور عبد الله على ابراهيم يستخلص في "تحالف الهاربين " من ان القول ان سكان شمال السودان هم حصيلة اختلاط العرب بالنوبة القارة ، ينطوى على فرضيةانحطاط .
الا ان نظرة ماكمايكل العنصرية ينبغي الا تستغل كمبرر لنفي المكون الافريقي المحلي في سكان شمال السودان من جعليين وغيرهم. وهذا ما انتهى اليه الدكتور عبد الله للاسف ، في خلاصة مشروعه العروبي الاسلامي .

لكنا بصدد الوقوف عند المفارقة المنهجية المذهلة في بحث الدكتور عبد الله . فهو لم يرد على مكمايكل في اثبات نسب الجعليين العربي الصريح ، بالاستقراء التاريخي والتحرى الوثائقي للانساب ، وانما رد عليه بمنطق آخر لا علاقة له بالحقائق الموضوعية والتاريخية . انه منطق ينحو منحى آيديلوجيا صريحا في التاسيس للهوية اعتمادا على الانتحال وشرعنة الكذب في ادعاء النسب وهذه كلمات الدكتور وليست كلماتي . يقول :

" فما أخذه المحدثون علي النسبة من عزة بأصل الجعليين العربي ليس محض نفاق أو أكذوبة. فهو في الغالب مؤشر لوعي جمعي نهض علي تراكم خبرة تاريخية اختار الجعليون من بينها الأصل العباسي وطاب لهم.. فللكذب في الهوية منطق ومغاز سنري طرفاً منها خلال هذا البحث."
" .. فالخيال، الذي ننسب إليه الادعاء والكذب، ممارسة مشروعة وموضوعية علي عهدنا هذا. وعليه فادعاء هوية عرقية أو دينية هي ممارسة شائعة بل هي في أصل ديناميكية الهوية. و قد حلل مايكل هرزفلد، وببراعة، كيف تبني الأكاديميون والفلكلوريون اليونانيون في القرن التاسع عشر هوية هيلينية لينسبوا أنفسهم للحضارة الإغريقية القديمة. ولم ينح هرزفلد في تحليله إلى مغالطة هذا الجيل اليوناني من النسابة وتكذيب "دعواهم" التي لا يري لها سنداً في الواقع "الموضوعي". ما اهتم به هرزفلد حقاً هو كيف يدرس الشواهد التي أبرزها الإغريق لإدعاء الهلينية بواسطة تفكيك هذا "الادعاء" ومغازيه في عصره. "

ومن وسائل الانتحال ما اسماه الدكتور بحيلة الثغور، وهي التحايل على الخصائص الثقافية لتأسيس هوية إثنية لجماعة ما: " فالعامل المقدم في تعريف الهوية ليس الميزات الثقافية بل ما تواضع العلماء علي تسميته ب"حيلة الثغور" أي بما تتفتق عنه الجماعة من براعة في استثمار ميزاتها الثقافية لتعزيز نفسها وتحسينها في نظر الآخرين الواقعين عبر حدودها الإثنية. "

هكذا يمضي الدكتور الفاضل في التاسيس لانتحال الهوية وشرعنة ادعاء النسب ،استنادا الى ما وصفه ، بما استجد في علم الهوية ويختم بحثه بالقول دون تلجلج :

" اخضع البحث الخطاب المعاصر حول هوية الجعليين الجامعة للنظر النقدي. . وقد بنينا نظرتنا النقدية لهذا الخطاب المحدث المتآمر علي مفهوم انثربولجي معاصر يقول ان الهوية هي تأويل ثقافي لمنشأ المرء البيولوجي وأنها مما ينتحل أو تزعمه الجماعة لنفسها زعماً. "

اذن ان الدكتور عبد الله ابراهيم لا يرد على مكمايكل انما يؤكد أراء ماكمايكل. الحقيقة ان الدكتور يذهب ابعد مما ذهب اليه ماكمايكل . فالاخير لم يذهب الى حد القول ان الجعليين او غيرهم من عرب السودان انتحلوا اصولهم العربية . وانما قال : "ولكن يكمن الخطأ الذي وقع فيه النسابة السودانيون عمداً في تجاهل العنصر النوبي وإرجاع العامل العرقي المشترك إلى قبيلة قريش " .
اذن مأخذ ماكمايكل ان النسابة السودانيين اسقطوا انسابهم الافريقية المحلية واكتفوا باصولهم العربية نقية من شبهة الاختلاط. لكنه لم يقل ان اصولهم العربية منتحلة او مخترعة اختراعا .

وبهذا يمكن القول - اذا جاز لي استعارة اسلوب الدكتور عبد الله في نقد الآفروعروبيين - انه اساء الى الجعليين من حيث اراد تكريمهم حينما لم يجد سوى مشروعية الانتحال مخرجا لهم من شبهة الاختلاط التي رماهم بها ماكمايكل .
ونحن من جانبنا ، نؤمن ان حق الانتماء حق مشروع مثله مثل اي حق انساني آخر . لكن حق الاعتقاد في الانتماء وممارسته شيء . ومشروعية البحث الاكاديمي المسنود بالحقائق التاريخية والوقائعية شيء آخر .

ولا أظن ان الجعليين وغيرهم من عرب السودان في حاجة للانتحال لاثبات أصولهم العربية . وفي ذات الوقت ، لا يشفع لهم الانتحال، في الافلات من حقيقة تأثر هذه الأصول العربية بالمكونات المحلية الثقافية والأثنية ذات الأصول الأفريقية التي تمنحهم سودانيتهم وتميزهم عن غيرهم من العرب .

مراجع وهوامش :

* كتب البحث باللغة الانجليزية تحت عنوان :
Breaking the Ben of Harold MacMichael: The Jakaliyyin Identity Revisted
The International Journal of African Historical Studies,Vol.21,No.2,1989
وترجم البحث عز الدين عثمان /المحامي :" كسار قلم مكميك : العودة الى هوية الجعليين الكبرى " .
اخذ ترجمة الجزء الاول من العنوان من الاسلوب الذى تروى به قصة فضل الله ود جاد الله ناظر كواهلة شمال كردفان مع ماكمايكل . الا انني ارجح ان تكون : "كسر قلم ماكمايكل : في رد الاعتبار لهوية الجعليين " مع اضاءة ذلك بايراد اسلوب القصة الشعبية في الهامش .

2- الآفروعربية أو تحالف الهاربين – الدكتور عبد الله على ابراهبم- نشرت المقالة بمجلة المستقبل العربي- 1987 واعيد نشرها بكتابه : " الثقافة والديمقراطية في السودان " الصادرعن دار الامين بالقاهرة سنة 1996

3-السودانوعروبية ، أو تحالف الهاربين – محمد جلال هاشم – مجلة الدراست السودانية - ابريل 1998 . اعتمدنا عل النسخة التي نشرها الاستاذ عادل عبد العاطي بمنبر سودانيزاولاين سنة 2003

4- الآفروعربية بين الواقع ووهم الايدلوجيا – عبد المنعم عجب الفيا – السودان ندوة الثقافة والتنمية – القاهرة 4-6 أغسطس 1999 – مركز الدراسات السودانية (نشرت اعمال الندوة بكتاب يحمل ذات العنوان ) .

Post: #400
Title: ود المكى
Author: mohmmed said ahmed
Date: 11-03-2006, 03:54 PM
Parent: #1

تستضيف قناة النيل الازرق
الشاعر الكبير محمد المكى ابراهيم
مساء غدا السبت 4 نوفمبر الساعة العاشرة والنصف بتوقيت السودان
يقرا بعض الرحيق وقصائد اخرى

Post: #401
Title: Re: ود المكى
Author: osama elkhawad
Date: 11-03-2006, 11:42 PM
Parent: #400

نحاول ان نعطي بعض النماذج على صورة السودان والزنج في المخيلة العربية الوسيطة،
والتي انتقلت بوسائط كثيرة الى الخطاب العربسلامي السوداني.ومن هنا كانت هنالك صورتان للجنوبي :
البدائي النبيل
و
البدائي المتوحش الشرس القاسي.

وسننتقل بعد ذلك الى مقاربة مفهوم الخطاب العربي حول الاستفراق.وبعد ذلك التحدث عن صورة وردت كثيرا عند الافروعروبيين حول الجنوبي كراقص وكثير الخفة والطرب.
*********

يتحدث نادر كاظم على أن الأسود ظل"
ثم يقول عن علاقة الكتابة بتهميش السودان والزنوج:
Quote: هو المثال الحاسم للأخر المغاير بصورة كلية للذات العربية الاسلامية. وسرعان ما تشكل حوله أرشيف ضخم من الصور و الرموز و التصورات والاوصاف المتكررة و العبارات التي تؤكد على هامشيته،وانحطاطه،بل حيوانيته وكونه ذلك الكائن القصي،والمهمش،والصامت،والغريب،والمدهش ،والشهواني.

ص 165.
ثم يقول:
Quote: كان هؤلا ء الآخرون لا يملكون أهم أداة من أدوات تمثيل الذات، وأخطر وسيلة من وسائل وصف الآخرين وهي "الكتابة" و"اللغة" كما هو شأن هذا الأسود،فكل ما عنده انما هو "دمدمة وهممهة" كدمدمة البهائم وهمهمة السباع، وأقوال لا ترتفع عن أقدار الدواب.هكذا ك ما لو كان ثمة رغبة قوية لإخراس هذا الأسود، وإبقائه يعيش في عالم الصمت المطبق ،يسمع دون أن يسمح له بالتكلم ،يكتب عنه دون أن تكون لديه القدرة على الرد.

ص 165.

وقد وجدنا هذا الامر أي انعدام الكتابة،في ما قال به العروبي :
محمد أبو القاسم حاج حمد
حول ان الجنوبي ليست له كتابة.
وأدناه بعض الآراء العربية الوسيطة ،وراي الطهطاوي حول السودان والزنح:

*ابن النديم:

Quote: "فأما أجناس السودان مثل النوبة والبجة والزغاوة و المرارة والاستان والبربر وأصناف الزنج سوى السند فانهم يكتبون بالهندية للمجاورة،فلا قلم لهم يعرف ولا كتابة، والذي ذكره الجاحظ في كتاب البيان:للزنج خطابة وبلاغة على مذهبهم وبلغتهم،وقال لي من رأى ذلك وشاهده قال :إذا حزبتهم الأمور ولزتهم الشدائد جلس خطيبهم على ما علي من الأرض واطرق وتكلم بما يشبه الدمدمة والهمهمة ،فيهم عنه الباقون".

ص 167

*رفاعة رافع الطهطاوي:


يذكر
Quote: بان همل السودان لا يعرفون الكتابة والقراءة ف"هم دائما كالبهائم السارحة لا يعرفون الحلا ل من الحرام ،ولا يقرأون ولا يكتبون ولا يعرفون شيئا من الأمور المسهلة للمعاش ولا للمعاد".

ص 167

Quote: يرتب الطهطاوي الامم بحسب درجة توحشها وتمدنها في سلم متصعد يبدأ بمرتبة الهمل المتوحشين ثم مرتبة البرابرة الخشهين، وأخيرا مرتبة أهل الأدب والظرافة والتحضر والتمدن والتمصر.أما المرتبة الأولى فلم يجد ما يدلل به عليها غير مثال "همل بلاد السودان الذين هم دائما كالبهائم السارحة لا يعرفون الحلال من الحرام، ولا يقرأون ولا يكتبون ولا يعرفون شيئا من الأمور المسهلة للمعاش ولا للمعاد، وإنما تبعثهم الجدانية على قضاء شهواتهم كالبهائم فيزرعون بعض شئ ، أو يصيدونه لتحصيل قوتهم". ثم لم يفت الطهطاوي،وهو يلخص باريز،ذكر لون أهل باريس، وهو "البياض المشرب بالحمرة ،وقل وجود االسمرة في أهلها المتأصلين بها، وإنما ذلك لأنهم لا يزوجون عادة الزنجية للأبيض أو بالعكس محافظة على عدم الاختلاط في اللون،بل لا يعدون إنه قد يكون للزنج جمال أصلا ،بل لون السوادد عندهم من صفات القبح (...........) على أنه لا يححسن عند الفرنساوية استخدام جارية سوداء في الطبخ ونحوه، لما ركز في أذهانهم أن السودان عارون عن النظافة اللازمة".

ص 178
*الجاحظ:
Quote: يقول إن للزنج خطابة ،بل إن لهم تطويلا في الخطب،غير أن معاني هذه الخطب"لا ترتفع عن أقدار الدواب إلا بما لا يذكر".

ص169
*الشعراء:
1-أبو زمعة جد أمية بن أبي الصلت:
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد
أمسى شريدهم في الأرض فلالا
2-حسان بن ثابت:

أولاد حام فلن تلقى لهم شبها
إلا التيوس على أكتافها الشعر
3-بشار بن برد:

[U
Quote: ]سروقا لما لافى طروبا إلى الزبى
وهل تجد الزنجي غير طروب

ص 173
Quote: ابن خلدون:


يقول ابن خلدون في تفسير خفة السودان والزنوج وطيشهم وغلبة الفرح والسرور عليهم،يفسره ب"
Quote: انتشار الروح الحيواني". أما المسعودي فقد ارتضى تفسير جالينوس ،ويعقوب بن اسحاق الكندي،وهو أن سبب خفة السودان وطيشهم وكثرة الطرب فيهم يرجع الى ضعف في أدمغتهم وعقولهم .

ص 177

*اخراج السودان من حكم الامم المتحضرة:

*الجاحظ:
Quote: "انما الامم المذكورون من جميع الناس أربع:العرب ، وفارس،و الهند،والروم،والباقون همج وأشباه همج".


*ابن رسته:

ذكر ان سكان الجنوب
Quote: "أشد سوادا،وشعورهم اشد تفلفلا ،وخلقهم أشد تشوها(.....) متوحشي الطبائع، متشبهين في أكثر طبائعهم بالسباع المتوحشة الذعرة".


*أبو حيان التوحيدي:


تعرض في الليلة الرابعة عشرة الى أخلاق الأمم قيقول:"
Quote: وأما الزنج والسودان فغلبت عليهم الفسولة "الرذالة والنذالة وانعدام المروءة والجلد" وشاكلت البهائم الضعيفة،كما شاكلت الترك السباع القوية".


*أبن جبير:

ذكر أن
Quote: السودان ألفوا عيش البهائم فأصبحوا "أقرب الى الوحش منهم الى الإنس".

ص179


*زكريا القزويني:


يتحدث عن بلاد التبر وهي واحدة من بلاد السودان في جنوب المغرب فيقول
Quote: "يقال :أنهم في مكان وأسراب من الحر وعراة كالبهائم لا يعرفون السترطن وفي حديثه عن بلاد الزنج ينقل ينقل عمن يسميهم الحكماء أن الزنوج:"شرار الناس،ولهذا يقال لهم سباع الإنس".ويذكر القزويني نفسه في مؤلف إخر أن من تأثير الشمس على العباد أنها صيرت سكان الجنوب سودا محترفين،وجعلت "وجوههم من شدة الحرارة قحلة ،وجثثهم خفيفة، وأخلاقهم وحشية شبيهة بأخلاق السباع".

ص 180

*شمس الدين الدمشقي:

ذكر أن
Quote: "خط الاستواء مسكون بطوائف السودان في عداد الوحوش والبهائم ،محترقة ألوانهم وشعورهم، منحرفة أخلاقهم وخلقهم".

ويذكر في موضع آخر أن :
Quote: "الانسان المخلوق هناك "في جنوب خط الاستواء" جاهلا شديد سواد البشرة،محترق الشعر،عاتي الخلقة، منتن العرق،منحرف المزاج،أشبه في أخلاقه بالوحش و البهائم".
ويضيف في موضع آخر ان هؤلاء السودان"عقولهم سخيفة، وأفكارهم قاصرة ،و اذهانهم جامدة (...........) والخلق الذي يوجد في غرائزهم قريب مما يوجد في أخلاق البهائم من سجاياها الموجودة في بالطبع من غير تعلم".

ص 180.

*ابن خلدون:

لم يجد لدى طوائف السودان عمرانا يعتبر ، والسبب أنهم
Quote: "أناسي أقرب إلى الحيوان العجم من الناطق ،يسكنون الفيافي والكهوف، ويأكلون العشن والحبوب غير مهيأة، وربما يأكل بعضهم بعضا، وليسوا في عداد البشر".


كما أن:
Quote: " الدين مجهول عندهم ،والعلم مفقود بينهم، وجميع أحوالهم بعيدة عن أحوال الأناسي قريبة من أحوال البهائم".

ص 180-1

يذهب ابن خلدون الى القول بان السودان"
Quote: لا يعرفون نبوءة ولا يدينون بشريعة إلا من قرب من جوانب الاعتدال وهو في الاقل النادر مثل الحبشة المجاورين لليمن الدائنين بالنصرانية فيما قبل الاسلام وما بعده لهذا العهد".

ص 184

*نصر الدين الطوسي:

ينقل عنه أنه
Quote: لم يجد اختلافا بين السودان والقرود إلا في استقامة القامة".


*ابن الفقيه:

السودان في تصوره
Quote: "قباح الوجوه عراة كالسباع، وأعمارهم طويلة، ودوابهم وطيورهم أعظم من عامة البهائم و الطير ".

ص 181.

*****
كانت هنالك محاولات للخروج على الصور النمطية للسودان،لكنها قوبلت باستنكار شديد.

*الخروج على التقليد الجماعي:
1-أبو العباس محمد بن خلف بن الرزبان:

خالف العرف في التأليف وخرج على الإجماع حين ألف كتاب "السودان وفضلهم على البيضان"،فلم يلق غير السخرية والتهكم،فجلال الدين السيوطي يقول فيه:"
Quote: ولا أستكثر هذا عليه،فإنه ألف كتاب"تفضيل الكلاب على كثير من لبس الثياب"،فإذا فضل الكلاب على بني آدم ،لم يكثر عليه أن يفضل السودان على البيضان.

ص 170

2-أبو العباس الناشئ الأكبر:

"وأما أبو العباس الناشئ فقد ألف رسالة في "تفضيل السود على البيض"، وكانت العاقبة أن أتهم بالجنون والهوس، ووصف السيوطي هذا التفضيل بمن
Quote: "عمل مفاخرة بين الذهب والزجاج".

ص 170

Post: #403
Title: Re: ود المكى
Author: osama elkhawad
Date: 11-04-2006, 01:57 AM
Parent: #401

أهمية كتاب نادر كاظم ،
لا تكمن فقط في كشف المصادر التي غذّت المخيلة العربية الاسلامية،
حول السودان و الزنج،
والتي تتشربها الخطاب العربسلامي في تمثيله للجنوبي ،
كبدائي نبيل وبدائي شرس متوحش،
والتي استبطنها شعراء الافروعروبية،
كما أثبت ع.ع. ابراهيم ،
وغيره من الباحثين،

و انما في انها تتفق مع طرح :
ع.ع. ابراهيم
حول هوية ما اسماها بالجماعة المسلمة في الشمال،
و هذا ما غاب عن الذين ينتقدون ع.ع. ابراهيم في هذا الصدد.
وسنعود لذلك
المشاء

Post: #402
Title: النسب
Author: mohmmed said ahmed
Date: 11-04-2006, 01:53 AM
Parent: #1

(و قد حلل مايكل هرزفلد، وببراعة، كيف تبني الأكاديميون والفلكلوريون اليونانيون في القرن التاسع عشر هوية هيلينية لينسبوا أنفسهم للحضارة الإغريقية القديمة. ولم ينح هرزفلد في تحليله إلى مغالطة هذا الجيل اليوناني من النسابة وتكذيب "دعواهم" التي لا يري لها سنداً في الواقع "الموضوعي". ما اهتم به هرزفلد حقاً هو كيف يدرس الشواهد التي أبرزها الإغريق لإدعاء الهلينية بواسطة تفكيك هذا "الادعاء" ومغازيه في عصره. ")

فى المقطع اعلاه الذى اورده الصديق عجب الفيا لحديث د عبد الله

يقول
لم ينح هرزفلد الى التكذيب ولكنه اهتم بتفكيك الادعاء
ونحن فضلا للاشتباك مع اخوتنا دعاة العروبية نكتفى بالتفكيك وكنا نطمح ان يقوم د عبد الله باضعف الايمان وان يفكك الانتساب المزعوم عندما بحث فى نسب الجعليين

ان مسالة الانتساب فى بلد متعدد الاعراق والثقافات مثل السودان ليست مسالة اكاديمية باردة بل هى قضية ثقافية وسياسية ومصيرية تسيل فيها الدماء وتشتعل بسببها الحروب

فبعض الذين يدعون الانتساب لاصول عربية فى السودان لا يكتفون بذلك فالهوية المصطنعة هذه تكون مدخلا للاستعلاء واضطهاد اعراق اخرى
البحث فى هذه القضايا يستلزم حيادية وصرامة اكاديمية واستقامة اخلاقية

Post: #404
Title: Re: النسب
Author: osama elkhawad
Date: 11-04-2006, 02:04 AM
Parent: #402

عزيزي محمد سيد أحمد
قلت:

البحث فى هذه القضايا يستلزم حيادية وصرامة اكاديمية واستقامة اخلاقية

بالعكس ،ع.ع. ابراهيم ينطلق من منحى صارم،
قد نختلف معه ،وقد نتفق ،
لكنه ليس بتلك البساطة التي تحدثت بها عنه.
وسنعود لذلك حول الكيفية التي تشكل بها الجماعات هويتها.
المشاء

Post: #405
Title: صورة لنادر كاظم
Author: osama elkhawad
Date: 11-04-2006, 08:58 PM
Parent: #404

صورة لنادر كاظم:


Post: #406
Title: Re: صورة لنادر كاظم
Author: osama elkhawad
Date: 11-04-2006, 09:52 PM
Parent: #405

من الواضح،وباعتراف نادر كاظم ان مفهوم كاظم عن الاستفراق،
قد تأثر بكتاب ادوارد سعيد المهم عن الاستشراق.
وهو كتاب احدث زلزلة قوية حتى في اوساط الاقسام المتخصصة في موضوعة الاستشراق.
كما ان ادوارد سعيد يعتبر المؤسس لمبحث ما بعد الكولونيالية.
وسأقدم دليلين على تاثير سعيد في الاوساط الاكاديمية والبحثية .
الدليل الاول هو عرض لكتاب عن :
الاستغراب
والدليل الثاني
كلام عن كتاب حسن حنفي مقدمة في علم الاستغراب.
الدليل الاول:

الاستغراب.. الغرب في عيون أعدائه


عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
بعد 26 عاما على صدور كتاب "الاستشراق" (197 للراحل إدوارد سعيد، لا تزال أصداء الكتاب تتردد بقوة في حقول الدراسات الأدبية والأنثروبولوجية والتاريخية.

ويرى كثير من الباحثين أن ذلك الكتاب شكل ولا يزال يشكل انعطافة تاريخية في سياق تلك الدراسات, حيث صار يؤرخ لها بحقبتين: حقبة ما قبل كتاب إدوارد سعيد, وحقبة ما بعده.
والكتاب الذي بين أيدينا "الاستغراب" (أي دراسة الموقف من الغرب) الذي وضعه بيوريوما ومارغاليت ليس سوى إضافة جديدة وأنيقة إلى مجموعة الكتب التي تنتمي إلى تيار ما بعد كتاب "الاستشراق".
وإن كان هذا الكتاب يعتبر نوعا من المعارضة الأدبية لكتاب سعيد فهو يعكس المعادلة الأصلية التي جاء بها إدوارد سعيد ويقدم لنا صورة "الغرب" كما تبدو في نظر "أولئك الذين يعلنون أنفسهم أعداء لنا"، على حد تعبير المؤلفين.
إن فكرة "الاستغراب" ليست بالفكرة الجديدة. فقد نسبت في تسعينيات القرن الماضي إلى مدارس وكيانات مختلفة منها -على سبيل المثال لا الحصر- الصين في الفترة التي تلت حكم الرئيس ماو تسي تونغ، والفنون الإسلامية، والدراسات التي تناولت المجتمعات "البدائية".
إلا أن ما يميز كتاب بيوريوما ومارغاليت ويثير حوله الاهتمام هو أنه يتناول موضوعا آنيا وساخنا. فالاستغراب أو الموقف من الغرب، الذي يقصدانه في هذا الكتاب، هو ذلك الموقف الذي تسلط عليه الأضواء في السنوات الأخيرة على نحو مكرر وقاس وهو الموقف المعادي للغرب، أو بالأحرى حالة الكراهية المرضية له.
في هذا الإطار يعتبر الكتاب مساهمة محمودة في الجدل الدائر حول "الاستشراق" وفي التعقيبات المتوالية حول تأثيرات "الحرب العالمية على الإرهاب"، وهي التعقيبات التي يعكس قسم كبير منها رؤى تتعلق بمفهوم "صدام الحضارات" ويقدمها أصحابها دون تحفظ يذكر.
المنهج الاستطرادي


وكما كانت عليه الحال بالنسبة لإدوارد سعيد، فإن بيريوما ومارغاليت يتبعان المنهج الاستطرادي: وكل همهما أن يلاحقا منشأ المشاعر المعاصرة المعادية للغرب وما لها من سابقات تاريخية، وهي المشاعر التي اتخذت أوضح أشكالها وأشدها عنفا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.
وينطلق المؤلفان من الافتراض أن "الصورة اللاإنسانية التي تقدم للغرب من قبل أعدائه" ليست جديدة ولا تشكل حالة فريدة. حيث يعتقد المؤلفان أن "الاستشهاديين ومنفذي الهجمات الانتحارية المعاصرين ليسوا ضحايا حالة مرضية مقصورة عليهم وحدهم إنما هم حملة أفكار نارية تستمد جذورها من تاريخ معلوم. وهو تاريخ يتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية".
ويمكن قراءة صفحات من ذلك التاريخ في هجمات الكاميكازي الانتحارية اليابانية التي نفذها الطيارون الذين اندفعوا صوب الأهداف الأميركية في الباسيفيك إبان الحرب العالمية الثانية غير عابئين بالموت الذي كان ينتظرهم في أعماق المحيط.
وقبلهم عرف التاريخ "السلافوفيليي" أو "عشاق الوطن السلافي" الذين ظهروا في روسيا القرن التاسع عشر والذين دعوا إلى التمسك بالروح الروسية "العضوية" كنقيض مضاد لـ"العقل الغربي" الذي كانوا يجدونه متعجرفا، باردا، وخاليا من الروح.
كذلك عرفت الساحة تلك التوجهات الإسلامية التي تدعو إلى نوع معاد من "الاستغراب الديني" الذي كان ولا يزال يصور الغربيين على أنهم "عبيد للمال والجشع" ويرى أن ما يمكن أن يلحق بهم من أذى ليس سوى عقاب الله الذي استنزلوه على أنفسهم.
حالات معممة
في عدد من الفصول الموضوعية المتميزة بلغتها البليغة، يقدم المؤلفان مجموعة من الحالات الدراسية المطعمة هنا وهناك بالملاحظات الذكية. ويتناول كل فصل من تلك الفصول جانبا مختارا من "الاستغراب". وهي حين تؤخذ مجتمعة تقدم "فكرة، أو قل رؤية، لمجتمع آلي خال من الروح الإنسانية" هو المجتمع الغربي المنزوع الإنسانية إلى الحد الذي يبرر الهجمات المميتة التي يمكن أن تشن على الغرب وساكنيه.
وإذا ما بدت هذه الانتقادات مألوفة بالنسبة للقارئ الغربي فإن هذا هو بالضبط ما سعى إليه المؤلفان. إذ تقوم نظرية بيوريوما ومارغاليت على الاعتقاد بأن "الصور النمطية" التي باتت تستخدم للتعبير عن معاداة الغرب كانت قد أنتجت أصلا من قبل الغرب نفسه.
ويجد القارئ في الكتاب حكايات الرومانسيين والثوريين والمفكرين والمعلمين من الأوروبيين تتمازج وتتقاطع مع الخطاب المعادي للغرب كما أطلقه الماويون والقوميون الهندوس وغيرهم.
تبعا لمؤلفي الكتاب، لم يكن من باب المصادفة أن متطوعي الكاميكازي كانوا "يعتبرون أنفسهم ثوارا ثقافيين ضد ما كان يشكل، في نظرهم، الإفساد الغربي لليابان، والجشع الأناني للرأسمالية، والخواء الأخلاقي لليبرالية، والضحالة التي تميز الثقافة الأميركية".
لقد كانوا، في غالبيتهم، شبانا يدرسون الآداب والفلسفة، وكانوا مشبعين بأفكار نيتشه وهيغل وكارل ماركس. كما لم يكن مصادفة، أيضا، أن يكون سيد قطب، وهو واحد من أقوى الأصوات الثورية الإسلامية في مصر، قد أمضى عامين في الولايات المتحدة في منتصف القرن العشرين حيث دفعه اطلاعه المباشر على "الفردية العمياء" و"عبادة اللذة" المستشرية في المجتمع الأميركي إلى أن يصبح "استغرابيا" حقيقيا.
يقدم هذا التحليل إطارا واسعا لفهم آليات الفهم المتبادل بين الغرب وبقية العالم, ويفك حصريتها الراهنة بالنظرة العدائية المتبادلة بين الغرب والعالم الإسلامي. فما ينطبق على التطرف الإسلامي الراهن في نظرته للغرب ينطبق أيضا على "تطرفات" الآخرين, والمسؤولية ليست محصورة في المجتمعات التي ينشأ فيها ذلك التطرف, بل يشترك فيها الغرب بالتساوي, سواء عن طريق السياسات التوحشية أو التوترات الإنسانية والحضارية التي فجرها مشروع الحداثة بشكل عام.
تداخل الخطابات النقدية
لا يقل عن ذلك أهمية في تحليل المؤلفين التقاطتهم المبدعة لتداخل النقد الذاتي الغربي للحضارة الغربية مع النقد الخارجي, وكيف أن النقد النابع من داخل الدائرة الغربية صار يستغل, وأحيانا ببشاعة, من قبل خصوم الغرب.
ولعل أكثر الشواهد النظرية على هذه الصيرورة -وإن لم يتوقف المؤلفان على عمقها النظري بالشكل المطلوب- هو سجالات الحداثة وما بعد الحداثة. إذ إن مشروع ما بعد الحداثة يقوم على تقويض قاس ونقد لا يرحم لمشروع الحداثة نفسه, لكنه متساوق مع التطور والسياق الغربي لتحولات الفكر الغربي.
لكن ما حدث على صعيد العالم غير الغربي, وخاصة في دوائر المثقفين العالم ثالثيين هو أن معظم نقد ما بعد الحداثة تم تبنيه وتوجيهه نحو الغرب عموما, أي تم استخدام النقد الذاتي الغربي كأدلة على فشل المشروع الغربي. لكن تلك الاستخدامات والتوظيفات لم تكن دائمة موفقة أو دقيقة, بكونها خارجة عن السياق, وقادمة من فضاء آخر.
لهذا, فإن حجة المؤلفين، التي يدعمها نثرهما السلس الدفاق، مقنعة إلى حد ما. فالاستغراب، كما يقدمانه، قد نشأ بطريقتين متداخلتين: أولا من خلال الاطلاع على النقد الذاتي التاريخي الذي كتبه الأوروبيون. وثانيا كردة فعل ضد الأنظمة السياسية والثقافية السائرة على النسق الغربي في بعض دول الشرق الأوسط.
ومن هنا تبدو الدراسة التي قام بها المؤلفان والتي كشفت عن العلاقة القائمة بين أنواع الخطاب التي تبدو متعارضة في الظاهر إنجازا يستحق الثناء. لكن تعريفهما الضيق للاستغراب على أنه "مجموعة من المشاعر والصور والنماذج النمطية المعادية للغرب كما يبدو في نظر أعدائه" يثير بعض التساؤلات عن طبيعة الاستنتاجات التي توصلا إليها.
ففصول الكتاب جميعا تدور حول صورة أساسية للغرب بصفته "مجتمعا آليا خاليا من الروح الإنسانية"، وهو انتقاد طالما وجهه العديد من المفكرين والكتاب الأوروبيين والأميركيين للمجتمعات الصناعية الغربية. فإذا كانت هذه الفكرة وما نشأ عنها من خطابات متفرقة هي التي تكمن وراء تعريفهما للاستغراب، أفلا يعني ذلك أن الاستغراب نفسه قد نشأ من أصول غربية؟
إلا أن الاستغراب يشمل أمورا أخرى تتجاوز مجرد الخصومة المعادية للغرب. إن اعتماد التعريف الذي جاء به بيوريوما ومارغاليت للاستغراب يعني شمول أطياف كاملة من الحالات العشوائية التي تمثل معاداة أي شيء يمكن أن يرتبط بالغرب كما هي الحال بالنسبة للمعارضة الداخلية الموجودة في عدد من دول الشرق الأوسط وغيرها للأنظمة السياسية التي تتبع المنهج الغربي.
كما أن هذا التعريف يستبعد، في الوقت ذاته، مجموعة من المواقف الواعية والمنظمة من الغرب والتي لا تصدر عن الكراهية. ففي ميلانيزيا -على سبيل المثال- تقوم العلاقة بين السكان العاملين في قطاع النقل وبين "الرجال البيض" على نوع من الروابط التبادلية التي تستفيد مما يأتي به الآخر من معرفة وبضائع تشمل الأسماك المعلبة والطائرات وأجهزة المذياع وغيرها.


إن هذه العلاقة غالبا ما قامت وتكرست على أسس من التبادل والتناظر. وعند إمعان النظر في هذه العلاقة نجد أن الإطار الذي حدده بيوريوما ومارغاليت لا وجود له فيها. فهل نستطيع أن نعتبر هذه العلاقة نوعا من أنواع الاستغراب أيضا؟
يكشف لنا هذا النموذج عن تحفظ مهم يكاد أن يحجبه النثر البليغ والمقنع للكتاب. ذلك التحفظ يكمن في أن الكتاب لا ينصف مجموعة كبيرة من المواقف المتنوعة التي يتخذها من الغرب أناس وشعوب على امتداد العالم كله.
ففي نظر مؤلفي الكتاب، تكون الطريقة المثلى لفهم الاستغراب هي اعتباره تفرعا فكريا نشأ عن التاريخ السياسي والفكري للغرب. ومن هنا نجد أن المصطلحات التي يستخدمانها والأطر التي يفسران من خلالها الغرب تعامل، في النهاية، على أنها غربية بغض النظر عن درجة انتسابها إلى مؤلفات الاستغرابيين وأعمالهم.
فالكتاب لا يعنى كثيرا بالفكر والثقافة المحليين، ولا يتوقف طويلا عند الاحتمال القائل بأن المواقف الاستغرابية المختلفة يمكن أن تكون قد نشأت بطرق مختلفة.
فالغرب هنا يعامل كمصدر للاستغراب وكهدف له ضمن إطار مقرر مسبقا يميل إلى اختزال الظاهرة كلها في عدد من التعاريف المبسترة. ولا يملك القارئ، في نهاية المطاف، إلا أن يتساءل عما إذا كان بيوريوما ومارغاليت قد نظرا إلى الغرب حقا "من خلال عيون الآخرين"، أم إن كل ما فعلاه لا يعدو أن يكون مجرد إملاءات لما "يعتقدان" بأن تلك العيون قد رأته؟

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/EF003224-0377-4D82-9...209453.htm[/B[/GREEN]

Post: #407
Title: Re: صورة لنادر كاظم
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-04-2006, 10:12 PM
Parent: #405

الاستاذ/ اسامة الخواض

صدر للدكتور نادر كاظم كتاب جديد منتصف هذا العام بعنوان الهوية والسرد/ دراسات في

النظرية والنقد الثقافي

جاء في التعريف بالكتاب

"أنه ينتظم في المسار الذي يفتتحه النقد الثقافي بما هو تعبير عن تحوَل جذري يعيشه النقد

اليوم وبما هو تعبير عن حاجة جديدة لايستطيع النقد الادبي تلبيتها إلابنقلة جديدة في

مفاهيم هذا النقد وادواته وطرائق توظيفها وفي الغايات من وراء النقد أصلاَ

وقد عبَر النقد الثقافي عن هذه النقلة من خلال تحولات عديدة تبدأ من موضوع النقد من النقد

الادبي الى النصوص الثقافية والممارسات الخطابية والاحداث بما هي ممارسات غير خطابية، والنسق

الثقافي بما هو مجموعة من القيم المتوارية خلف النصوص والخطابات والممارسات" إنتهى

أتمنى ان توجز لنا اكثر حول ما يعنيه الكاتب بـ ( نقلة جديدة) وكيفية إسقاط هذه

النقلة على النقاش الدائر هنا

ولك مودتي

Post: #408
Title: Re: صورة لنادر كاظم
Author: osama elkhawad
Date: 11-05-2006, 01:37 AM
Parent: #407

عزيزي حيدر ساعود الى سؤال ،
فقط اريد اكمال بعض المساهمات التي حضرتها.
محبتي
النموذج الثاني عن تاثير ادوارد سعيد وخاصة كتابه المؤسس لنظرية ما بعد الكولونيالية،
فنقدم العرض الآتي لكتاب بالانجليزية عن الاستغراب


الاستغراب.. الغرب في عيون أعدائه

عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
بعد 26 عاما على صدور كتاب "الاستشراق" (197 للراحل إدوارد سعيد، لا تزال أصداء الكتاب تتردد بقوة في حقول الدراسات الأدبية والأنثروبولوجية والتاريخية.
-اسم الكتاب: الاستغراب.. الغرب في عيون أعدائه
-المؤلف: إيان بيوريوما وآفيشاي مارغاليت
-عدد الصفحات: 165
-الطبعة: الأولى 2004
-الناشر: بنغوين، نيويورك


ويرى كثير من الباحثين أن ذلك الكتاب شكل ولا يزال يشكل انعطافة تاريخية في سياق تلك الدراسات, حيث صار يؤرخ لها بحقبتين: حقبة ما قبل كتاب إدوارد سعيد, و
حقبة ما بعده.

والكتاب الذي بين أيدينا "الاستغراب" (أي دراسة الموقف من الغرب) الذي وضعه بيوريوما ومارغاليت ليس سوى إضافة جديدة وأنيقة إلى مجموعة الكتب التي تنتمي إلى تيار ما بعد كتاب "الاستشراق".

وإن كان هذا الكتاب يعتبر نوعا من المعارضة الأدبية لكتاب سعيد فهو يعكس المعادلة الأصلية التي جاء بها إدوارد سعيد ويقدم لنا صورة "الغرب" كما تبدو في نظر "أولئك الذين يعلنون أنفسهم أعداء لنا"، على حد تعبير المؤلفين.

إن فكرة "الاستغراب" ليست بالفكرة الجديدة. فقد نسبت في تسعينيات القرن الماضي إلى مدارس وكيانات مختلفة منها -على سبيل المثال لا الحصر- الصين في الفترة التي تلت حكم الرئيس ماو تسي تونغ، والفنون الإسلامية، والدراسات التي تناولت المجتمعات "البدائية".

إلا أن ما يميز كتاب بيوريوما ومارغاليت ويثير حوله الاهتمام هو أنه يتناول موضوعا آنيا وساخنا. فالاستغراب أو الموقف من الغرب، الذي يقصدانه في هذا الكتاب، هو ذلك الموقف الذي تسلط عليه الأضواء في السنوات الأخيرة على نحو مكرر وقاس وهو الموقف المعادي للغرب، أو بالأحرى حالة الكراهية المرضية له.

في هذا الإطار يعتبر الكتاب مساهمة محمودة في الجدل الدائر حول "الاستشراق" وفي التعقيبات المتوالية حول تأثيرات "الحرب العالمية على الإرهاب"، وهي التعقيبات التي يعكس قسم كبير منها رؤى تتعلق بمفهوم "صدام الحضارات" ويقدمها أصحابها دون تحفظ يذكر.

المنهج الاستطرادي

الاستشهاديون ومنفذو الهجمات الانتحارية المعاصرون ليسوا ضحايا حالة مرضية مقصورة عليهم وحدهم إنما هم حملة أفكار نارية تستمد جذورها من تاريخ يتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية

وكما كانت عليه الحال بالنسبة لإدوارد سعيد، فإن بيريوما ومارغاليت يتبعان المنهج الاستطرادي: وكل همهما أن يلاحقا منشأ المشاعر المعاصرة المعادية للغرب وما لها من سابقات تاريخية، وهي المشاعر التي اتخذت أوضح أشكالها وأشدها عنفا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.

وينطلق المؤلفان من الافتراض أن "الصورة اللاإنسانية التي تقدم للغرب من قبل أعدائه" ليست جديدة ولا تشكل حالة فريدة. حيث يعتقد المؤلفان أن "الاستشهاديين ومنفذي الهجمات الانتحارية المعاصرين ليسوا ضحايا حالة مرضية مقصورة عليهم وحدهم إنما هم حملة أفكار نارية تستمد جذورها من تاريخ معلوم. وهو تاريخ يتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية".

ويمكن قراءة صفحات من ذلك التاريخ في هجمات الكاميكازي الانتحارية اليابانية التي نفذها الطيارون الذين اندفعوا صوب الأهداف الأميركية في الباسيفيك إبان الحرب العالمية الثانية غير عابئين بالموت الذي كان ينتظرهم في أعماق المحيط.

وقبلهم عرف التاريخ "السلافوفيليي" أو "عشاق الوطن السلافي" الذين ظهروا في روسيا القرن التاسع عشر والذين دعوا إلى التمسك بالروح الروسية "العضوية" كنقيض مضاد لـ"العقل الغربي" الذي كانوا يجدونه متعجرفا، باردا، وخاليا من الروح.

كذلك عرفت الساحة تلك التوجهات الإسلامية التي تدعو إلى نوع معاد من "الاستغراب الديني" الذي كان ولا يزال يصور الغربيين على أنهم "عبيد للمال والجشع" ويرى أن ما يمكن أن يلحق بهم من أذى ليس سوى عقاب الله الذي استنزلوه على أنفسهم.

حالات معممة
في عدد من الفصول الموضوعية المتميزة بلغتها البليغة، يقدم المؤلفان مجموعة من الحالات الدراسية المطعمة هنا وهناك بالملاحظات الذكية. ويتناول كل فصل من تلك الفصول جانبا مختارا من "الاستغراب". وهي حين تؤخذ مجتمعة تقدم "فكرة، أو قل رؤية، لمجتمع آلي خال من الروح الإنسانية" هو المجتمع الغربي المنزوع الإنسانية إلى الحد الذي يبرر الهجمات المميتة التي يمكن أن تشن على الغرب وساكنيه.

وإذا ما بدت هذه الانتقادات مألوفة بالنسبة للقارئ الغربي فإن هذا هو بالضبط ما سعى إليه المؤلفان. إذ تقوم نظرية بيوريوما ومارغاليت على الاعتقاد بأن "الصور النمطية" التي باتت تستخدم للتعبير عن معاداة الغرب كانت قد أنتجت أصلا من قبل الغرب نفسه.

ويجد القارئ في الكتاب حكايات الرومانسيين والثوريين والمفكرين والمعلمين من الأوروبيين تتمازج وتتقاطع مع الخطاب المعادي للغرب كما أطلقه الماويون والقوميون الهندوس وغيرهم.

تبعا لمؤلفي الكتاب، لم يكن من باب المصادفة أن متطوعي الكاميكازي كانوا "يعتبرون أنفسهم ثوارا ثقافيين ضد ما كان يشكل، في نظرهم، الإفساد الغربي لليابان، والجشع الأناني للرأسمالية، والخواء الأخلاقي لليبرالية، والضحالة التي تميز الثقافة الأميركية".

لقد كانوا، في غالبيتهم، شبانا يدرسون الآداب والفلسفة، وكانوا مشبعين بأفكار نيتشه وهيغل وكارل ماركس. كما لم يكن مصادفة، أيضا، أن يكون سيد قطب، وهو واحد من أقوى الأصوات الثورية الإسلامية في مصر، قد أمضى عامين في الولايات المتحدة في منتصف القرن العشرين حيث دفعه اطلاعه المباشر على "الفردية العمياء" و"عبادة اللذة" المستشرية في المجتمع الأميركي إلى أن يصبح "استغرابيا" حقيقيا.

يقدم هذا التحليل إطارا واسعا لفهم آليات الفهم المتبادل بين الغرب وبقية العالم, ويفك حصريتها الراهنة بالنظرة العدائية المتبادلة بين الغرب والعالم الإسلامي. فما ينطبق على التطرف الإسلامي الراهن في نظرته للغرب ينطبق أيضا على "تطرفات" الآخرين, والمسؤولية ليست محصورة في المجتمعات التي ينشأ فيها ذلك التطرف, بل يشترك فيها الغرب بالتساوي, سواء عن طريق السياسات التوحشية أو التوترات الإنسانية والحضارية التي فجرها مشروع الحداثة بشكل عام.

تداخل الخطابات النقدية

الطريقة المثلى لفهم الاستغراب هي اعتباره تفرعا فكريا نشأ عن التاريخ السياسي والفكري للغرب

لا يقل عن ذلك أهمية في تحليل المؤلفين التقاطتهم المبدعة لتداخل النقد الذاتي الغربي للحضارة الغربية مع النقد الخارجي, وكيف أن النقد النابع من داخل الدائرة الغربية صار يستغل, وأحيانا ببشاعة, من قبل خصوم الغرب.

ولعل أكثر الشواهد النظرية على هذه الصيرورة -وإن لم يتوقف المؤلفان على عمقها النظري بالشكل المطلوب- هو سجالات الحداثة وما بعد الحداثة. إذ إن مشروع ما بعد الحداثة يقوم على تقويض قاس ونقد لا يرحم لمشروع الحداثة نفسه, لكنه متساوق مع التطور والسياق الغربي لتحولات الفكر الغربي.

لكن ما حدث على صعيد العالم غير الغربي, وخاصة في دوائر المثقفين العالم ثالثيين هو أن معظم نقد ما بعد الحداثة تم تبنيه وتوجيهه نحو الغرب عموما, أي تم استخدام النقد الذاتي الغربي كأدلة على فشل المشروع الغربي. لكن تلك الاستخدامات والتوظيفات لم تكن دائمة موفقة أو دقيقة, بكونها خارجة عن السياق, وقادمة من فضاء آخر.

لهذا, فإن حجة المؤلفين، التي يدعمها نثرهما السلس الدفاق، مقنعة إلى حد ما. فالاستغراب، كما يقدمانه، قد نشأ بطريقتين متداخلتين: أولا من خلال الاطلاع على النقد الذاتي التاريخي الذي كتبه الأوروبيون. وثانيا كردة فعل ضد الأنظمة السياسية والثقافية السائرة على النسق الغربي في بعض دول الشرق الأوسط.

ومن هنا تبدو الدراسة التي قام بها المؤلفان والتي كشفت عن العلاقة القائمة بين أنواع الخطاب التي تبدو متعارضة في الظاهر إنجازا يستحق الثناء. لكن تعريفهما الضيق للاستغراب على أنه "مجموعة من المشاعر والصور والنماذج النمطية المعادية للغرب كما يبدو في نظر أعدائه" يثير بعض التساؤلات عن طبيعة الاستنتاجات التي توصلا إليها.

ففصول الكتاب جميعا تدور حول صورة أساسية للغرب بصفته "مجتمعا آليا خاليا من الروح الإنسانية"، وهو انتقاد طالما وجهه العديد من المفكرين والكتاب الأوروبيين والأميركيين للمجتمعات الصناعية الغربية. فإذا كانت هذه الفكرة وما نشأ عنها من خطابات متفرقة هي التي تكمن وراء تعريفهما للاستغراب، أفلا يعني ذلك أن الاستغراب نفسه قد نشأ من أصول غربية؟

إلا أن الاستغراب يشمل أمورا أخرى تتجاوز مجرد الخصومة المعادية للغرب. إن اعتماد التعريف الذي جاء به بيوريوما ومارغاليت للاستغراب يعني شمول أطياف كاملة من الحالات العشوائية التي تمثل معاداة أي شيء يمكن أن يرتبط بالغرب كما هي الحال بالنسبة للمعارضة الداخلية الموجودة في عدد من دول الشرق الأوسط وغيرها للأنظمة السياسية التي تتبع المنهج الغربي.

كما أن هذا التعريف يستبعد، في الوقت ذاته، مجموعة من المواقف الواعية والمنظمة من الغرب والتي لا تصدر عن الكراهية. ففي ميلانيزيا -على سبيل المثال- تقوم العلاقة بين السكان العاملين في قطاع النقل وبين "الرجال البيض" على نوع من الروابط التبادلية التي تستفيد مما يأتي به الآخر من معرفة وبضائع تشمل الأسماك المعلبة والطائرات وأجهزة المذياع وغيرها.


هل نظر بيوريوما ومارغاليت إلى الغرب حقا من خلال عيون الآخرين أم أن كل ما فعلاه لا يعدو أن يكون مجرد إملاءات لما يعتقدان بأن تلك العيون قد رأته؟

إن هذه العلاقة غالبا ما قامت وتكرست على أسس من التبادل والتناظر. وعند إمعان النظر في هذه العلاقة نجد أن الإطار الذي حدده بيوريوما ومارغاليت لا وجود له فيها. فهل نستطيع أن نعتبر هذه العلاقة نوعا من أنواع الاستغراب أيضا؟

يكشف لنا هذا النموذج عن تحفظ مهم يكاد أن يحجبه النثر البليغ والمقنع للكتاب. ذلك التحفظ يكمن في أن الكتاب لا ينصف مجموعة كبيرة من المواقف المتنوعة التي يتخذها من الغرب أناس وشعوب على امتداد العالم كله.

ففي نظر مؤلفي الكتاب، تكون الطريقة المثلى لفهم الاستغراب هي اعتباره تفرعا فكريا نشأ عن التاريخ السياسي والفكري للغرب. ومن هنا نجد أن المصطلحات التي يستخدمانها والأطر التي يفسران من خلالها الغرب تعامل، في النهاية، على أنها غربية بغض النظر عن درجة انتسابها إلى مؤلفات الاستغرابيين وأعمالهم.

فالكتاب لا يعنى كثيرا بالفكر والثقافة المحليين، ولا يتوقف طويلا عند الاحتمال القائل بأن المواقف الاستغرابية المختلفة يمكن أن تكون قد نشأت بطرق مختلفة.

فالغرب هنا يعامل كمصدر للاستغراب وكهدف له ضمن إطار مقرر مسبقا يميل إلى اختزال الظاهرة كلها في عدد من التعاريف المبسترة. ولا يملك القارئ، في نهاية المطاف، إلا أن يتساءل عما إذا كان بيوريوما ومارغاليت قد نظرا إلى الغرب حقا "من خلال عيون الآخرين"، أم إن كل ما فعلاه لا يعدو أن يكون مجرد إملاءات لما "يعتقدان" بأن تلك العيون قد رأته؟

Post: #409
Title: Re: صورة لنادر كاظم
Author: osama elkhawad
Date: 11-05-2006, 01:38 AM
Parent: #407

عزيزي حيدر ساعود الى سؤال ،
فقط اريد اكمال بعض المساهمات التي حضرتها.
محبتي
النموذج الثاني عن تاثير ادوارد سعيد وخاصة كتابه المؤسس لنظرية ما بعد الكولونيالية،
فنقدم العرض الآتي لكتاب بالانجليزية عن الاستغراب


الاستغراب.. الغرب في عيون أعدائه

عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
بعد 26 عاما على صدور كتاب "الاستشراق" (197 للراحل إدوارد سعيد، لا تزال أصداء الكتاب تتردد بقوة في حقول الدراسات الأدبية والأنثروبولوجية والتاريخية.
-اسم الكتاب: الاستغراب.. الغرب في عيون أعدائه
-المؤلف: إيان بيوريوما وآفيشاي مارغاليت
-عدد الصفحات: 165
-الطبعة: الأولى 2004
-الناشر: بنغوين، نيويورك


ويرى كثير من الباحثين أن ذلك الكتاب شكل ولا يزال يشكل انعطافة تاريخية في سياق تلك الدراسات, حيث صار يؤرخ لها بحقبتين: حقبة ما قبل كتاب إدوارد سعيد, و
حقبة ما بعده.

والكتاب الذي بين أيدينا "الاستغراب" (أي دراسة الموقف من الغرب) الذي وضعه بيوريوما ومارغاليت ليس سوى إضافة جديدة وأنيقة إلى مجموعة الكتب التي تنتمي إلى تيار ما بعد كتاب "الاستشراق".

وإن كان هذا الكتاب يعتبر نوعا من المعارضة الأدبية لكتاب سعيد فهو يعكس المعادلة الأصلية التي جاء بها إدوارد سعيد ويقدم لنا صورة "الغرب" كما تبدو في نظر "أولئك الذين يعلنون أنفسهم أعداء لنا"، على حد تعبير المؤلفين.

إن فكرة "الاستغراب" ليست بالفكرة الجديدة. فقد نسبت في تسعينيات القرن الماضي إلى مدارس وكيانات مختلفة منها -على سبيل المثال لا الحصر- الصين في الفترة التي تلت حكم الرئيس ماو تسي تونغ، والفنون الإسلامية، والدراسات التي تناولت المجتمعات "البدائية".

إلا أن ما يميز كتاب بيوريوما ومارغاليت ويثير حوله الاهتمام هو أنه يتناول موضوعا آنيا وساخنا. فالاستغراب أو الموقف من الغرب، الذي يقصدانه في هذا الكتاب، هو ذلك الموقف الذي تسلط عليه الأضواء في السنوات الأخيرة على نحو مكرر وقاس وهو الموقف المعادي للغرب، أو بالأحرى حالة الكراهية المرضية له.

في هذا الإطار يعتبر الكتاب مساهمة محمودة في الجدل الدائر حول "الاستشراق" وفي التعقيبات المتوالية حول تأثيرات "الحرب العالمية على الإرهاب"، وهي التعقيبات التي يعكس قسم كبير منها رؤى تتعلق بمفهوم "صدام الحضارات" ويقدمها أصحابها دون تحفظ يذكر.

المنهج الاستطرادي

الاستشهاديون ومنفذو الهجمات الانتحارية المعاصرون ليسوا ضحايا حالة مرضية مقصورة عليهم وحدهم إنما هم حملة أفكار نارية تستمد جذورها من تاريخ يتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية

وكما كانت عليه الحال بالنسبة لإدوارد سعيد، فإن بيريوما ومارغاليت يتبعان المنهج الاستطرادي: وكل همهما أن يلاحقا منشأ المشاعر المعاصرة المعادية للغرب وما لها من سابقات تاريخية، وهي المشاعر التي اتخذت أوضح أشكالها وأشدها عنفا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.

وينطلق المؤلفان من الافتراض أن "الصورة اللاإنسانية التي تقدم للغرب من قبل أعدائه" ليست جديدة ولا تشكل حالة فريدة. حيث يعتقد المؤلفان أن "الاستشهاديين ومنفذي الهجمات الانتحارية المعاصرين ليسوا ضحايا حالة مرضية مقصورة عليهم وحدهم إنما هم حملة أفكار نارية تستمد جذورها من تاريخ معلوم. وهو تاريخ يتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية".

ويمكن قراءة صفحات من ذلك التاريخ في هجمات الكاميكازي الانتحارية اليابانية التي نفذها الطيارون الذين اندفعوا صوب الأهداف الأميركية في الباسيفيك إبان الحرب العالمية الثانية غير عابئين بالموت الذي كان ينتظرهم في أعماق المحيط.

وقبلهم عرف التاريخ "السلافوفيليي" أو "عشاق الوطن السلافي" الذين ظهروا في روسيا القرن التاسع عشر والذين دعوا إلى التمسك بالروح الروسية "العضوية" كنقيض مضاد لـ"العقل الغربي" الذي كانوا يجدونه متعجرفا، باردا، وخاليا من الروح.

كذلك عرفت الساحة تلك التوجهات الإسلامية التي تدعو إلى نوع معاد من "الاستغراب الديني" الذي كان ولا يزال يصور الغربيين على أنهم "عبيد للمال والجشع" ويرى أن ما يمكن أن يلحق بهم من أذى ليس سوى عقاب الله الذي استنزلوه على أنفسهم.

حالات معممة
في عدد من الفصول الموضوعية المتميزة بلغتها البليغة، يقدم المؤلفان مجموعة من الحالات الدراسية المطعمة هنا وهناك بالملاحظات الذكية. ويتناول كل فصل من تلك الفصول جانبا مختارا من "الاستغراب". وهي حين تؤخذ مجتمعة تقدم "فكرة، أو قل رؤية، لمجتمع آلي خال من الروح الإنسانية" هو المجتمع الغربي المنزوع الإنسانية إلى الحد الذي يبرر الهجمات المميتة التي يمكن أن تشن على الغرب وساكنيه.

وإذا ما بدت هذه الانتقادات مألوفة بالنسبة للقارئ الغربي فإن هذا هو بالضبط ما سعى إليه المؤلفان. إذ تقوم نظرية بيوريوما ومارغاليت على الاعتقاد بأن "الصور النمطية" التي باتت تستخدم للتعبير عن معاداة الغرب كانت قد أنتجت أصلا من قبل الغرب نفسه.

ويجد القارئ في الكتاب حكايات الرومانسيين والثوريين والمفكرين والمعلمين من الأوروبيين تتمازج وتتقاطع مع الخطاب المعادي للغرب كما أطلقه الماويون والقوميون الهندوس وغيرهم.

تبعا لمؤلفي الكتاب، لم يكن من باب المصادفة أن متطوعي الكاميكازي كانوا "يعتبرون أنفسهم ثوارا ثقافيين ضد ما كان يشكل، في نظرهم، الإفساد الغربي لليابان، والجشع الأناني للرأسمالية، والخواء الأخلاقي لليبرالية، والضحالة التي تميز الثقافة الأميركية".

لقد كانوا، في غالبيتهم، شبانا يدرسون الآداب والفلسفة، وكانوا مشبعين بأفكار نيتشه وهيغل وكارل ماركس. كما لم يكن مصادفة، أيضا، أن يكون سيد قطب، وهو واحد من أقوى الأصوات الثورية الإسلامية في مصر، قد أمضى عامين في الولايات المتحدة في منتصف القرن العشرين حيث دفعه اطلاعه المباشر على "الفردية العمياء" و"عبادة اللذة" المستشرية في المجتمع الأميركي إلى أن يصبح "استغرابيا" حقيقيا.

يقدم هذا التحليل إطارا واسعا لفهم آليات الفهم المتبادل بين الغرب وبقية العالم, ويفك حصريتها الراهنة بالنظرة العدائية المتبادلة بين الغرب والعالم الإسلامي. فما ينطبق على التطرف الإسلامي الراهن في نظرته للغرب ينطبق أيضا على "تطرفات" الآخرين, والمسؤولية ليست محصورة في المجتمعات التي ينشأ فيها ذلك التطرف, بل يشترك فيها الغرب بالتساوي, سواء عن طريق السياسات التوحشية أو التوترات الإنسانية والحضارية التي فجرها مشروع الحداثة بشكل عام.

تداخل الخطابات النقدية

الطريقة المثلى لفهم الاستغراب هي اعتباره تفرعا فكريا نشأ عن التاريخ السياسي والفكري للغرب

لا يقل عن ذلك أهمية في تحليل المؤلفين التقاطتهم المبدعة لتداخل النقد الذاتي الغربي للحضارة الغربية مع النقد الخارجي, وكيف أن النقد النابع من داخل الدائرة الغربية صار يستغل, وأحيانا ببشاعة, من قبل خصوم الغرب.

ولعل أكثر الشواهد النظرية على هذه الصيرورة -وإن لم يتوقف المؤلفان على عمقها النظري بالشكل المطلوب- هو سجالات الحداثة وما بعد الحداثة. إذ إن مشروع ما بعد الحداثة يقوم على تقويض قاس ونقد لا يرحم لمشروع الحداثة نفسه, لكنه متساوق مع التطور والسياق الغربي لتحولات الفكر الغربي.

لكن ما حدث على صعيد العالم غير الغربي, وخاصة في دوائر المثقفين العالم ثالثيين هو أن معظم نقد ما بعد الحداثة تم تبنيه وتوجيهه نحو الغرب عموما, أي تم استخدام النقد الذاتي الغربي كأدلة على فشل المشروع الغربي. لكن تلك الاستخدامات والتوظيفات لم تكن دائمة موفقة أو دقيقة, بكونها خارجة عن السياق, وقادمة من فضاء آخر.

لهذا, فإن حجة المؤلفين، التي يدعمها نثرهما السلس الدفاق، مقنعة إلى حد ما. فالاستغراب، كما يقدمانه، قد نشأ بطريقتين متداخلتين: أولا من خلال الاطلاع على النقد الذاتي التاريخي الذي كتبه الأوروبيون. وثانيا كردة فعل ضد الأنظمة السياسية والثقافية السائرة على النسق الغربي في بعض دول الشرق الأوسط.

ومن هنا تبدو الدراسة التي قام بها المؤلفان والتي كشفت عن العلاقة القائمة بين أنواع الخطاب التي تبدو متعارضة في الظاهر إنجازا يستحق الثناء. لكن تعريفهما الضيق للاستغراب على أنه "مجموعة من المشاعر والصور والنماذج النمطية المعادية للغرب كما يبدو في نظر أعدائه" يثير بعض التساؤلات عن طبيعة الاستنتاجات التي توصلا إليها.

ففصول الكتاب جميعا تدور حول صورة أساسية للغرب بصفته "مجتمعا آليا خاليا من الروح الإنسانية"، وهو انتقاد طالما وجهه العديد من المفكرين والكتاب الأوروبيين والأميركيين للمجتمعات الصناعية الغربية. فإذا كانت هذه الفكرة وما نشأ عنها من خطابات متفرقة هي التي تكمن وراء تعريفهما للاستغراب، أفلا يعني ذلك أن الاستغراب نفسه قد نشأ من أصول غربية؟

إلا أن الاستغراب يشمل أمورا أخرى تتجاوز مجرد الخصومة المعادية للغرب. إن اعتماد التعريف الذي جاء به بيوريوما ومارغاليت للاستغراب يعني شمول أطياف كاملة من الحالات العشوائية التي تمثل معاداة أي شيء يمكن أن يرتبط بالغرب كما هي الحال بالنسبة للمعارضة الداخلية الموجودة في عدد من دول الشرق الأوسط وغيرها للأنظمة السياسية التي تتبع المنهج الغربي.

كما أن هذا التعريف يستبعد، في الوقت ذاته، مجموعة من المواقف الواعية والمنظمة من الغرب والتي لا تصدر عن الكراهية. ففي ميلانيزيا -على سبيل المثال- تقوم العلاقة بين السكان العاملين في قطاع النقل وبين "الرجال البيض" على نوع من الروابط التبادلية التي تستفيد مما يأتي به الآخر من معرفة وبضائع تشمل الأسماك المعلبة والطائرات وأجهزة المذياع وغيرها.


هل نظر بيوريوما ومارغاليت إلى الغرب حقا من خلال عيون الآخرين أم أن كل ما فعلاه لا يعدو أن يكون مجرد إملاءات لما يعتقدان بأن تلك العيون قد رأته؟

إن هذه العلاقة غالبا ما قامت وتكرست على أسس من التبادل والتناظر. وعند إمعان النظر في هذه العلاقة نجد أن الإطار الذي حدده بيوريوما ومارغاليت لا وجود له فيها. فهل نستطيع أن نعتبر هذه العلاقة نوعا من أنواع الاستغراب أيضا؟

يكشف لنا هذا النموذج عن تحفظ مهم يكاد أن يحجبه النثر البليغ والمقنع للكتاب. ذلك التحفظ يكمن في أن الكتاب لا ينصف مجموعة كبيرة من المواقف المتنوعة التي يتخذها من الغرب أناس وشعوب على امتداد العالم كله.

ففي نظر مؤلفي الكتاب، تكون الطريقة المثلى لفهم الاستغراب هي اعتباره تفرعا فكريا نشأ عن التاريخ السياسي والفكري للغرب. ومن هنا نجد أن المصطلحات التي يستخدمانها والأطر التي يفسران من خلالها الغرب تعامل، في النهاية، على أنها غربية بغض النظر عن درجة انتسابها إلى مؤلفات الاستغرابيين وأعمالهم.

فالكتاب لا يعنى كثيرا بالفكر والثقافة المحليين، ولا يتوقف طويلا عند الاحتمال القائل بأن المواقف الاستغرابية المختلفة يمكن أن تكون قد نشأت بطرق مختلفة.

فالغرب هنا يعامل كمصدر للاستغراب وكهدف له ضمن إطار مقرر مسبقا يميل إلى اختزال الظاهرة كلها في عدد من التعاريف المبسترة. ولا يملك القارئ، في نهاية المطاف، إلا أن يتساءل عما إذا كان بيوريوما ومارغاليت قد نظرا إلى الغرب حقا "من خلال عيون الآخرين"، أم إن كل ما فعلاه لا يعدو أن يكون مجرد إملاءات لما "يعتقدان" بأن تلك العيون قد رأته؟

Post: #410
Title: Re: النقد الثقافي
Author: osama elkhawad
Date: 11-05-2006, 04:28 AM
Parent: #409

عزيزي حيدر
هذه محاولة للاجابة على سؤالك.
الغذامي السعودي هو رائد من رواد توطين النقد الثقافي في الخطاب العربي المعاصر.
وقد قدم لكتاب نادر كاظم،
أما ما العلاقة بين كتاب نادر كاظم ،
والحوار الدائر هنا،
فان ذلك له شقان:
الشق الاول الذي يعتقد ان استشراق ادوارد سعيد ،
لم يكن غير ترجيع لآراء المسلمين المتطرفين.
و الشق الثاني:
اننا نحاول البحث عن الجذور التي شكلت صورة الجنوبي في خطاب الافروعروبية ،
وفي الخطاب العربسلامي عموما.
فقد اشار ع.ع. ابراهيم الى ان صورة البدائي النبيل ،التي شكلها الخطاب الافروعروبي لها مصدران:
فكرة البدائي النبيل في الخطاب الغربي الكولونيالي،و الخطاب العربي حول الزنوج والسودان.

وسنأتي لذلك لاحقا
حين نتحدث عن "الخفة والطرب والرقص" كمميزات للجنوبي ،
والتي وردت عند الافروعروبيين،
وما هي المصادر التي انطلقوا منها

فالى الحوار:
مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العددان 423 تموز 2006



فهرس العدد فهرس الدوريات


لقاء مع.. المفكر والناقد السعودي الدكتور عبد الله الغذامي ـــ حوار: وحيد تاجا

بطاقة:‏

الباحث والناقد الدكتور عبد الله الغذامي من أهم النقاد في الجزيرة العربية وأحد أهم النقاد العرب الذين يملكون مشروعاً ثقافياً متكاملاً.‏

يعمل حالياً أستاذ النظرية والنقد في جامعة الملك سعود في الرياض.‏

نشر العديد من الكتب أهمها:‏

الخطيئة والتفكير من البنيوية إلى التشريحية ـ تشريح النص ـ الموقف من الحداثة ـ الكتابة ضد الكتابة ـ ثقافة الأسئلة: مقالات في النقد والنظرية ـ القصيدة والنص المضاد ـ النقد الثقافي..
وغيرها.‏

النقد الثقافي بديلاً عن النقد الأدبي؟‏

الخطاب الثقافي السائد؟‏

الحداثة والمثقف العربي؟‏

ثنائية المثقف والسياسي.. المثقف والسلطة.. المثقف والمتلقي؟‏

التطبيع والجدل بين المثقفين؟‏

هذه النقاط شكلت أهم المحاور في لقائنا مع المفكر والناقد عبد الله الغذامي.‏

إليكم نص اللقاء:‏

? معروف عنك اهتمامك بـ"النقد الثقافي" ومناداتك بضرورة جعله أساساً أو بديلاً عن النقد الأدبي، هل يمكن إيضاح هذه النقطة؟‏

?? إن توسيع دائرة النقد لتشمل كل ما هو ثقافي وروحي وحياتي هو أكثر ما يقلقني، وذلك يعود إلى جملة من الانكسارات الذاتية ترسبت في ذواتنا وواقعنا، صار لا بد من محوها عبر قناة النقد الثقافي الذي يشمل وجوهاً عديدة من الحياة وليس الأدب فقط.‏

إنني أحس أننا بحاجة إلى النقد الثقافي أكثر من النقد الأدبي، ولكن انطلاقاً من النقد الأدبي لأن فعالية النقد الأدبي جربت وصار لها حضور في مشهدنا الثقافي والأدبي وقد توصلنا إلى أن الكثير من أدوات النقد الأدبي صالحة للعمل في مجال النقد الثقافي بل أستطيع أن أؤكد بأننا ومنذ عصر النهضة العربية وحتى يومنا الراهن ما من شيء جرب واختبر ثقافياً مثل النقد الأدبي، ولهذا أدعو إلى العمل على فعالية النقد الثقافي انطلاقاً من النقد الأدبي وعبر أدواته التي حازت على ثقتنا بعدما أخضعناها للمعايير المعروفة عالمياً ولا شك بأنه بات للنقد الأدبي في بلادنا العربية من الحضور والسمعة ما يؤكد على أهميته في حياتنا الثقافية والأدبية, وأن المشكلات أو الملاحظات التي تسجل على النقد الأدبي لا تتوجه نحو الأدوات أو الضرورات، وإنما تتوجه إلى الغايات والمقاصد وطرائق العمل في مجالات النقد والتي تؤدي أحياناً أو أغلب الأحيان إلى ما نسميه بالتحيز والمحاباة أو الاقتصار على أمر من الأمور كالجانب التنظيري وحسب.‏

? ما هي التساؤلات المفترض أن يجيب عنها النقد الثقافي؟‏

?? إن الثقافة العربية سجل ضخم جداً، سجل متنوع الوجوه والأشكال والتكوينات, والسؤال الذي يطرح نفسه هل نستطيع داخل هذا السجل الضخم أن نقرأ بعض أنساقه على أنها نص واحد طويل الأمد يتشكل على مدى قرون ويحمل سمات أساسية وجوهرية.. دور هذه السمات قد يكون إيجابياً وقد يكون سلبياً، وبالتالي هل باستطاعتنا أن نتعرف على عيوبنا الحضارية وعلى أسباب عدم قدرتنا على تحقيق النهضة العربية حتى الآن؟؟ هل هي أسباب سياسية؟ أم تاريخية راهنة؟ أم أن هناك إشكاليات قديمة مستمرة تفرز هذه العوائق دون أن نعيها؟ وما الذي يجعل الديمقراطي مثلاً، حينما تتيسر لـه قيادة الأمور أن يتحول إلى ديكتاتوري؟! لماذا نجد داعية الحرية وداعية الإنسانية إذا ملك ناصية القرار يتحول إلى مستبد؟!، وما الذي يجعل فكرة المستبد العادل مطلب من الجماهير وليس من المفكرين؟! وبالتالي لماذا نريد مستبداً من نوع ما.. ونشعر أنه لا ينقذنا إلا هذا المستبد.. لا ينقذنا إلا الرأي الواحد.. لا ينقذنا إلا الرأي الذي يأمرنا ونحن ننصاع؟! لماذا نحن كجمهور وكأمة لسنا منتجي أفكار عملية، لا يعني هذا أنه ليس عندنا أفكار،عندما زخم من الأفكار، لكن لمَ هذا الزخم الضخم من الأفكار لا يتحول إلى برامج عمل؟!، هذه أسئلة اعتقد أننا نجد إجابتها عبر قراءة الثقافة نفسها لأن الثقافة تبرمجنا وعبر هذه برمجة يجد الإنسان نفسه منساقاً أحياناً إلى تصرفات لا يعلم لماذا قام بها، أذكر من الأحداث التي صدمتني بشدة عندما أجريت لقاءات مع قادة الحرب اللبنانية ولم يستطيع أحد أن يعقلن ما كان يفعله في السابق، أي في أثناء الحرب الأهلية، كل منهم يقول إنه كان خارجاً عن عقله.. خارج عن قدرته على التفكير.. قدرته على التبصر بما يعمل، كانت مجريات الحرب الأهلية تقودهم بشرطها هي لا بشروطهم هم مما يعني أن هناك عيوباً نسقية خفية متشكلة في الأفراد تجعلهم يتخذون قرارات إذا عادوا لوعيهم يرونها غير صحيحة لكن بعد فوات الأوان, والسؤال ما الشيء اللاواعي في الثقافة الذي يدير كينوناتنا، الثقافة تشبه علم الوراثة الجينات حيث نجد هناك جينات ثقافية تنغرس في تكويننا.‏

مجمل هذه التساؤلات تقتضي مشروع نقد ثقافي لكي نرى ثقافتنا على حقيقتها.. نرى الجمالي والمثالي فيها.. كما نرى القبيح المعيب، نرى لماذا اللاإنساني ينتصر على الإنساني دائماً؟ عندنا المشوه ينتصر على الجميل لماذا؟ ثقافتنا لا ينقصها جماليات ولا ينقصها مثل ولا قيم إذاً لما هذه القيم لا تقود واقعنا؟ يجب أن نطرح هذا السؤال بقوة، وباعتقادي أن السبب يعود لوجود نسق نقيض دائماً ينقض مثل ما حدث في ورقة الليل، أن خطاب الحب خطاب راقٍ لكن هناك شيء ينقض هذا الخطاب باستمرار.. يفككه ويجعله غير صالح.. غير منتج.. غير إيجابي.. وغير مثمر، لا بد أن نكشف هذه العيوب.. عيوب الأنساق الثقافية ولا يتسنى هذا إلا عبر مقولة النقد الثقافي وليس عبر النقد الأدبي الذي مارسناه لمدد طويلة جداً وكان يقف على جماليات النص وجماليات التذوق والاستقبال وروعة النص وما إليه.. هذا أمر مسلم به لكن هل بالنصوص أيضاً النصوص كمجموعة نصوص هل فيها عيوب نحن نستهلكها دون أن نعي هذا هو السؤال.‏

? ضمن هذه المقولة الجدلية هل يمكن القول إنك توصلت إلى إجابات..؟‏

?? أسست الثقافة العربية خلال فترات طويلة على مفهوم الفحولة في الشعر العربي, وقد انتقل هذا المفهوم من الشعر السياسي إلى علم الاجتماع.. إلى الفكر.. إلى الثقافة عامة فصار لدينا الفحل السياسي والفحل الاجتماعي والفحل الثقافي والفحل الإعلامي بمعنى أن المفهوم دخل كل أنساق الحياة.‏

في الشعر نكبر الفحولة والقوة.. نكبر المبالغة.. نكبر الكذب الجميل.. كما نكبر القيم المجازية ونكبر اللغة التي تقول الشعراء يقولون ما لا يفعلون، هذه سمات شعرية تخلق إشكالات حتماً, إن اللغة أهم شيء في حياة الإنسان فهي التي تصنعه وتصنع تفكيره.. وتصنع رؤيته للعالم.. تصنع موقفه في الوجود.. تصنع طريقة استقباله للعالم، فإذا سيطر على اللغة البعد المجازي.. اللاعملي واللامنطقي واللاعقلاني فمعناه أن هيئة استقبالنا للعالم أصبحت مجازية لا منطقية ولا عقلانية وتقوم على ذات فحولية وفي هذه الحالة يظل إنتاج هذه الصيغ المغلوطة باستمرار، وبالتالي يجب أن نكشف هذه الذات الفحولية المتعجرفة لكي نعرف أنها علة ويجب أن نتخلص منها وأن نخرج إلى شخصيات حوارية قادرة على أن تقوم بقيم العمل بدلاً من قيم المجاز، أن تجعل اللغة نفسها لغة قول حقيقي.. نحن نقول منذ خمسين سنة إن فلسطين عربية، وهذه جملة لغوية لم تتحول إلى حقيقية تاريخية ولا حقيقة عملية لأنها ظلت كأنها مجاز لغوي، ولكن لا بد أن يكون هناك برنامج عمل.. برنامج تخطيط واستراتيجية.. وبرنامج تحقق هذا الذي أقوله.‏

? إذا حاولنا أن ننتقل إلى مسالة الحوار الثقافي السائد الآن كيف تقيم هذا الخطاب ضمن هذا المفهوم؟.‏

?? لا أريد أن أتجنى على خطاب ثقافي لأمة كاملة، خاصة الخطاب السائد، وأقول إن كله معيب وليس فيه اجتهادات هامة وقوية وراقية جداً، لكن لا بد من القول إن هذا الخطاب يعاني من المشاكل أحياناً، كثيراً ما نجد بعض المثقفين الذين وصلوا إلى مرحلة متقدمة و صاروا رموزاً إلا أننا نجدهم يقومون على فكرة إلغاء الآخر باستمرار.. فكرة الأنا الطاغية.. فكرة أنه الوحيد سواء بشخصه أو بأفكاره ولا يحتمل أبداً الذوات الأخرى أو الأفكار الأخرى، كل الصيغ الفكرية التي تطرح كحلول لمشاكل الأمة تأتي دائماً على مراحل كل مرحلة تحمل صيغة واحدة تتآلف مع الصيغة الأخرى، وهذه الصيغة تأتي بعدها صيغة تلغيها إلغاءً تاماً.. وتصنع صيغة أخرى بدلاً عنها ثم تأتي صيغة ثالثة ورابعة.. يعني لو استعرضنا العقود السبعة الماضية نجد كل عقد يطرح صيغة لكي يطرحها وكأنها الحل الوحيد الذي لا حل سواه ملغياً الحلول السابقة ويؤهل نفسه لكي يكون ملغياً من حل يأتي بعده، لكن لم نجرب أن نتعامل مع الصيغ باعتبارها كلها إمكانيات اجتهادية يمكن أن توصلنا إلى نوع من الخطاب التحضري، لذلك تجد عندما تقرأ لكثير من المثقفين الكبار أنهم أحاديين لأن الفحل الشعري نفسه يتكرر وتجد ثنائية المديح والهجاء، وهذا الأمر انسحب على الخطاب الثقافي السائد نفسه، فإذا كان الشاعر يعتمد على صيغة المدح والهجاء لتحقيق مآربه نجد أيضاً المثقف يستخدم صيغة المدح والهجاء بلغة مختلفة لكن هي الصيغة ذاتها، يعني لو نأخذ الخطاب الإعلامي مثلاً بين دولتين عربيتين في حالة الوفاق نجده خطاباً مسالماً مدائحياً، وعندما يحصل خلاف ما بين هاتين الدولتين اقرأ عندها خطاب كل واحدة عن الأخرى، وما يلبث أن يعود مرة أخرى ويتحسن وكأن شيئاً لم يكن، يعني نفس صيغة الهجاء والمديح القديمة تستمر وتتآكل وتأكل بعضها بعضاً.‏

? التأثير السياسي على الثقافي ضمن هذا الخطاب كيف تنظر له؟‏

?? من المعروف أن الشعر يعتمد عادة على الجملة البليغة اللحظية وليس على الفلسفة الكلية، يعتمد على الجملة المسكتة.. الجملة القوية القاطعة, فهو آني ومرحلي، كذلك تجد أن استجابة المثقف للسياسي استجابة آنية ومرحلية وليست استجابة استراتيجية، ناحية أخرى أنا أقول إن السياسي هو ضحية للثقافة وهو ناتج ثقافي لأن أي إنسان سياسي أو أي فكر سياسي هو منتوج ثقافي تراكم عبر سنين وولد أنواعاً من الشخوص وأنواعاً من الأفكار، فبالتالي لكي نعرف العلة السياسية لا بد أن نبدأ بمعرفة العلة الثقافة لأنها هي الأصل.‏

? في هذه الحالة كيف ترى طبيعة العلاقة بين السياسي والمثقف؟‏

?? العلاقة بين السياسي والمثقف قديمة جداً منذ أن نشأت علاقة الشاعر المداح مع الملك الممدوح في أواخر العصر الجاهلي ثم بعثت في العصر الأموي ثم تكررت في العصر العباسي واستمرت إلى يومنا هذا.. حصل تواطئ بين الثقافي والسياسي لمصلحة الطرفين كل واحد منتفع من هذا التواطئ وظل هذا التواطئ يتكرر وإن بصيغ مختلفة وما لم نفك هذا التواطئ وننتج المثقف الناقد وليس المثقف المناوئ فقط للمناوئة، نريد المثقف الناقد الذي يملك وعياً نقدياً لكي يجعلنا على بينة بالأخطاء التي نقترفها وإلا سيكون المثقف هو الذي يغطي على هذه الأخطاء وتمر دون أن ندرك سلبياتها إلا بعد فوات الأوان.‏

? بناء على ما ذهبت إليه ما هي أولويات المثقف الآن؟‏

?? أنا أؤمن إيماناً شديداً بفكرة المثقف الناقد، لذلك لتلك الأولوية هي لبعث الحس النقدي.. نقد الذات ونقد الثقافة ونقد المجتمع ونقد المؤسسة، لا بمعنى محاربتها وإيذائها والتصادم معها لذات التصادم وإحراجها أو القضاء عليها، المثقف الناقد هو بالحقيقة صديق للمؤسسة لكنها صداقة من نوع مختلف صداقة من يحاول أن يربي المؤسسة تربية إيجابية عملية تعي أخطاءها ولا يعميها عن هذه الأخطاء، الذي يعميها عن هذه الأخطاء أعتبره مثقفاً متآمراً لأنه يجعل المؤسسة لا تعي بأخطائها فبالتالي يقضي عليها، أما المثقف الناقد فهو صديق المؤسسة الحقيقي لأنه يبين لها الأخطاء التي ترتكب ويدفع بها إلى معالجة هذه الأخطاء.‏

? وكيف ترى ثنائية العلاقة بين المثقف والمتلقي؟‏

?? المثقف يستطيع أن يكون مثقفاً حقيقياً إذا صار نموذجاً راقياً وليس نموذجاً انتهازياً أو ابتزازياً، إذا قدم المثقف نفسه كنموذج راقٍ، وهذه قد تكلفه ثمناً باهظاً يمكن أن يدفع حياته وراحته أو يدفع قوت يومه من أجلها لأنها نوع من النضال، فلا يمكن للجمهور العريض الذي يستقبل الثقافة أن يستقبل ثقافة صحيحة إلا إذا خرجت من نماذج عالية يعني نموذج المثقف الناقد كما سميته المثقف الذي يعمل من أجل تكوين ذهنية ذات وعي إيجابي نقدي أيضاً بحيث أن الجمهور نفسه يمتلك هذه الذهنية النقدية، لقد اعتدنا على نموذج المثقف كمؤلف فتقرأ الكتاب لكي تأتيك الطبخة جاهزة وتصبح مجرد تلميذ على هذا الكتاب، لكن ليس أمامنا المؤلف الذي يجعل القارئ ناقداً للمؤلف نفسه، إذا توفر لدينا هذا المثقف الذي يستنبت روحاً نقدية في القارئ لكي ينتقد المثقف نفسه ليس من خلال الكتاب فقط، فالمثقف نفسه وهو ينتقد المؤسسة أيضاً يتعرض إلى نقد من جمهور يستقبله وجمهور يتدرب على نقد المثقف لأنه هو نفسه يعطي الجمهور أدوات لنقده ولنقد أطروحته، وإن لم يحدث هذا فنحن دائماً نقدم إذاً طبخات جاهزة تستهلك لظرفيتها ولا يعود لها أي مفعول.‏

? هناك الآن شرخ بين المثقف بشكله الحالي والجمهور, ألا يعتبر هذا الابتعاد نوعاً من النقد برأيك؟‏

?? أنا لا أعتبر هذا نقداً بل أعتبره رفضاً وخيبة أمل، الجمهور أصبح يشعر بخيبة أمل من مثقفيه يعني لم يعد يجد عندهم الشيء الذي يريده ويحتاج إليه، إذا لاحظنا مثلاً معارض الكتب نرى أن هناك بعض الكتب التي تباع بشكل كبير جداً، ونرى أن هناك مؤلفين أو محاضرين أو متحدثين يقبل الناس عليهم أكثر من غيرهم، بالتالي فالإقبال والاستقبال موجود لكن لـه نوعيته الخاصة، هل يستطيع المثقف الذي يحمل رسالة حقيقية للأمة وللثقافة أن يعرف الرسالة التي توصله للناس.. لا يتعالى عليهم لا يبتعد عن الخطابات التي تمسهم مباشرة وإنما يدخل بهذه الآلية التي نحن بحاجة إليها للدخول إلى الجماهير، وباعتقادي أن زمن المثقف النخبوي قد زال الآن والمرحلة التي نعيش فيها أكبر وأخطر من أن يكون المثقف نخبوياً، لا بد أن ينزل المثقف إلى الشارع وإلى الناس لا بمعنى أن يتنازل عن أفكاره وطروحاته وعن المستوى الراقي للمعرفة، لكن بمعنى أن يعرف كيف يستخدم الوسيلة الموصلة، زمننا هو عصر الوسائل، فالمثقف يجب أن يتقن استخدام هذه الوسائل.. يتقن كيف يصل للناس إذا كانوا هم عاجزون عن الوصول إليه فعليه هو أن يصل إليهم، وهذا نوع من الإبداع الراقي جداً كيف تصل إلى الآخرين هذه مسألة دقيقة وحساسة جداً لكن الذي يتقنها فعلاً هو الذي يصل للناس أما الذي لا يدخل في هذا الإطار أولا يتقنه فيظل بعيداً عن الناس وسيظل الناس يرفضونه.‏

? كيف ترى طبيعة العلاقة مع الغرب ولا سيما على أثر أحداث أيلول/ سبتمبر في أمريكا؟‏

?? علاقة الإنسان العربي عموماً مع الغرب هي علاقة ذات وجهين: علاقة كراهية من ناحية وعلاقة حب من ناحية أخرى، نحن نكره سياسات الغرب وتحيزه، لكننا نحب ثقافة الغرب وفكره، علاقتنا مع الغرب إذاً علاقة مضطربة فهو عندما ابتعد عنا كمستعمر ظل معتدياً علينا سياسياً وفي الوقت ذاته هو مصدر علم ومصدر ثقافة، صورة الغرب عندنا مزدوجة تجمع بين الحب والكراهية في آن واحد، تحب ثقافته وحضارته وتكره سياسته وانحيازاته.‏

? هل ترى أن المثقف العربي استطاع أن يستوعب مفهوم الحداثة فعلاً وينتهي من إشكالياتها؟‏

?? حداثة الوسائل محسوسة تماماً، لا يوجد عربي يتردد أمام الوسائل الحديثة فهو يستخدمها كلها، لكن حداثة الأفكار هي التي تشكل نوعاً من المعضلة، وأبرر فعلاً تخوفات الناس لأن عندها قضايا وإشكاليات ضخمة.. عندها مشكلة وطنية وعندها مشكلة اقتصادية وعندها مشكلة فلسطين ومشكلة مصير وحضارة ولهذا تراهم يشعرون في بعض الأحيان أن الحداثة الغربية تسهم في الجناية عليهم، ولن تحل هذه المشكلة إلا بموجود حداثيين عرب يصنعون نمطاً من الحداثة التي تخدم نهضتنا ولا تستفز ثوابتنا الأساسية، عندنا ثوابت لا يمكن التخلي عنها على الإطلاق وإلا انسلخنا عن هويتنا الوجودية، هل نستطيع أن نقيم هذه المؤاخاة الحضارية الثقافية بين استنارة فكرية حداثية شجاعة وجزئية وقوية ومنتجة وبين التثبت من وجودنا الأساسي ثوابتنا التي نرتكز عليها، هل نستطيع أن نحرك ثوابتنا تحريكاً عصرياً بحيث تكون ثوابت عصرية وليست ثوابت تنتمي إلى الماضي فقط، ما لم نحل هذه المشكلة سنظل في هذه الدوامة التي لا تفضي بنا إلى شيء.‏

? كيف تنظر إلى ما يطرح حول مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني.. حيث يرى البعض أن هذه المسألة وجدت أصلاً لخلق شرخ بين المثقفين العرب أنفسهم من جهة وبينهم وبين جماهيرهم من جهة ثانية؟‏

?? بالطبع لا بد أن يحدث هذا الشرخ على الصعيدين لأن القضية المطروحة أصلاً غير طبيعية وغير مكتملة الشروط ومصطلح التطبيع بحد ذاته غير صحيح فكرياً قبل أن يكون مرفوضاً سياسياً ووطنياً ونضالياً.‏

أنت لا تستطيع أن تطبع مع إنسان إذا كان هذا الإنسان نفسه غير طبيعي، والمشكلة أن التطبيع المفروض علينا هو تطبيع مع كيان هو أصلاً غير طبيعي ولا يريد أن يكون طبيعياً، فإسرائيل تصر على أن تكون لا طبيعية.. ولو جربت أن تكون كذلك يمكن عندها أن يقابلها تطبيع عربي، ولكن طالما أن إسرائيل غير طبيعية في نشأتها وغير طبيعية في استمرارها فالمعادلة أصلاً غير صحيحة، لأن إسرائيل غير قادرة من داخل ذاتها أن تتأقلم مع المنطقة وأن تكون جزءاً منها، وطالما هي رافضة لهذا فكيف أطبع معها.‏

إن معضلة الكيان الصهيوني ليست منا وليست فينا بل في داخله هو.. الصهاينة يشعرون حقيقة أنهم لا ينتمون إلى هذه المنطقة.. لا إلى لغتها.. ولا إلى دياناتها.. ولا إلى ثقافاتها ولا إلى شروطها الاقتصادية أو الجغرافية.. كل هذه الشروط ليست مقبولة أصلاً عند الإنسان الإسرائيلي، إذاً كيف سيكون طبيعياً وكيف سأكون طبيعياً معه؟!.‏

ولذلك فإن سبب الشرخ بين المثقفين العرب الذين يقولون بالتطبيع أو لا تطبيع إنهم يتعاملون مع شيء هو أصلاً لا شيء, وكأنك تطلب من شخص أن يكون سوبرمان في حين أن شروطه لا تؤهله أن يكون سوبرمان فمهما فعل لن يصبح ما طلبت.. فالكيان الصهيوني يشعر أنه كيان غير طبيعي ولسنا نحن الذين نقول عنه ذلك فهو يشعرنا بهذا تماماً ولديه عقدة سيكولوجية أكثر مما هي عسكرية، ومن هنا فإن أخطر موضوع بالنسبة لـه عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم لأنه يدرك تماماً أن في هذا نهايته.. ولو كان طبيعياً لما تأثر إلى هذا الحد.. ومن هنا نراهم يجهضون أي مبادرة سلام عربية ولا يستجيبون لها لأنهم غير قادرين على أن يكونوا طبيعيين رغم كل المساعدات الأمريكية لهم والجبروت الأمريكي وقوتهم الذاتية، ولكن كل هذه عوامل وهناك شيء أخطر بكثير وهذا هو الذي سيدفعهم للرحيل عن أرضنا في النهاية.‏

أنا أؤمن تماماً أن فلسطين في النهاية لنا.. ولكن متى تعود فعلاً فهذا غير مهم نسبياً فالزمن لـه لغته الخاصة, وهذا لا يعني أن لا نناضل الآن ونتركها للزمن وللتاريخ.‏

إن مسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى أن نناضل من أجل استرجاع الأراضي المغتصبة وسنحاسب أمام الله ناضلنا أم لا.. ولن يحاسبنا الله على ذهاب فلسطين فهذا الأمر ليس بيدنا ولكنه سيحاسبنا ناضلنا أم لا.. كذلك لن يحاسبنا إن حررنا فلسطين أم لم نحررها فأيضاً هذه المسألة ليست بيدنا وحدنا، فالرسول (() بقي في مكة ولم يحاسبه الله أنه لم يهتد على يديه سوى قلة قليلة من الرجال لكنه ظل يدعو.. ويدعو.. ويدعو لأنه مسؤول عن الدعوة ولأن الله سبحانه وتعالى سيحاسبه دعوت أم لم تدعُ.. ونحن هنا مسؤولون أمام الله أن نناضل ونبقى نناضل ولكن أن نعيد فلسطين أو لا نعيدها فهذا شأن آخر. والمهم أن تقوم بما هو واجب عليك.‏
http://www.awu-dam.org/mokifadaby/423/mokf423-035.htm[/B]

Post: #411
Title: Re: النقد الثقافي
Author: osama elkhawad
Date: 11-06-2006, 01:18 AM
Parent: #410

فوق،


حتى عودتنا للحديث عن الاستفراق ،
كما في اقتراح نادر كاظم ،
كمبحث لصورة السودان والزنوج في المخيلة العربية الوسيطة،
وعلاقته باستشراق ادوارد سعيد
المشاء

Post: #412
Title: Re: النقد الثقافي
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-06-2006, 11:10 AM
Parent: #411

الاستاذ/ اسامة الخواض

اشكر لك ردك المستقيض

Post: #413
Title: Re: النقد الثقافي
Author: osama elkhawad
Date: 11-08-2006, 00:52 AM
Parent: #412

شكرا حيدر حسن ميرغني على كلامك.
ونواصل ما بدأنا به عن :
الاستفراق
في مفهوم نادر كاظم.
الاستفراق
****
يحاول نادر كاظم الاستناد على ثلاثة مفاهيم محورية:
هي :التمثيل والمتخيل والآخر.

فالتمثيل يعرفه بأنه "ضرب من العمليات التي تدور حول طريقتنا في النظر الى أنفسنا ووالى الآخرين،وطريقتنا في عرض أنفسنا وتقديم الآخرين او عرضهم أو استحضارهم كما تصورتهم الثقافة التي تمارس التمثيل،أما وسائل التمثيل فهي متعددة ولكن أرزها وأخطرها الكتابة والقول،أي الكتابة عن هذا الآخر بالنيابة عنه، والتكلم باسمه،وهو ما يعني مصادرة تاريخ هذا الآخر وثقافته وحقه الطبيعي في الحديث عن نفسه أو في تمثيل ذاته بذاته.
ص 21.
ويتحدث عن المتخيل قائلا:
والمتخيل كمفهوم يشير الى شيئ متشكل تاريخيا في اللاوعي الثقافي اللامة ،و هو قابل للاستثارة والتحريك كلما دعت الحاجة الى ذلك .ص 20. والمتخيل "لا يعني الأوهام ،إنه يعني الدلالات الكبرى التي تجعل المجتمع يبدو متماسكا ككل" و لذلك فهو "عبارة عن نسق مترابط من الصور و الدلالات والأفكار والأحكام المسبقة التي تشكلها كل فئة أو جماعة أو ثقافة عن نفسها وعن الآخرين.ص 20
وليس معنى ذلك أن المتخيل هو النقيض الحاسم للواقع،فالمتخيل ،في أحد أبعاده،جزء مندغم في الواقع وبعد مكون لميدان الممارسة الى درجة يصعب فيها التمييز بينهما ،فكثير من الثقافات تعيش في الواقع بواسطة المتخيل،وأخرى تعيش في المتخيل الذي يعاش كواقع،أو هو الواقع المتخيل".ص 21
و انطلاقا من بندكت اندرسون و كاستورياديس يركز نادر كاظم على "أن اغلب أشكال التضامن والترابط بين أفراد الجماعات إنما تتأسس على "روابط متخيلة" ،وكثير من تلك الجماعات لا تؤسس هويتها على حدود جغرافية مادية فحسب ،وإنما على "حدود رمزية متخيلة" و من هنا فان المتخيل ينتمي إلى الأنظمة الرمزية والتي تنتمي فعلا إلى البنية التحتية، إلى البنيان الأساسي للوجود الإنساني ،كما يقول ريكور. ص 21.

ومسالة المتخيل هنا لها علاقة بكلام ع.ع.ابراهيم ،
حول المخيلة التي كونت نسب الجعليين
وسنعود لذلك في وقت آخر.
محبتي
المشاء

Post: #414
Title: Re: النقد الثقافي
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-08-2006, 01:01 AM
Parent: #413

شهد مركز راشد دياب الثقافي لقاء السحاب بين عملاقى الكلمة والغناء، وذلك باستضافته

شاعر الاكتوبريات والوطن محمد المكى ابراهيم وفنان افريقيا محمد وردى وذلك في امسية الاحـد

5/11/2006م على مسرح المركز..كان الحضور باناقة اللقاء بتواجد ملحوظ للشق النسوى الذى

تلقى بحماس وحميمية وتجاوب افادات الشاعر وشاركه في القراءات الجماعية لبعض نصوصه مثلما

شارك في ترديد «الورديات» او الاكتوبريات، لا فرق..

قدم الليلة الاستاذ محي الدين الفاتح واستهل الافادات الاستاذ سيد محمد احمد محجوب والذى

اماط اللثام عن نص عمودى للشاعر محمد المكى ابراهيم قام بتلاوته لأول مرة وهو يدور

حول «الجمال الكردفاني»، كما يحلو للشاعر ان ينطق اسم كردفان.

وجاء في افادات الشاعر انه يدين لانطلاقه للشاعر الكبير محمد المهدى المجذوب الذى زامله في

العمل بوزارة الخارجية، وذكر انه قد أفاد منه لحد كبير في تقديم أشعاره، واعانه في نشر

ديوان «أمتى» من مصلحة الثقافة. وفي سؤال حول علاقة الشعر بالدبلوماسية أكد الشاعر على

الظاهرة وأحصى العديد من الدبلوماسيين السودانيين الذين ارتبطوا بالشعر وألمح على نحو

خاص الى محمد احمد محجوب الذى يدين له بشعور من البنوة نحوه لم يفارقه الى الآن.. كما أشار

الى جدية التعليم في الماضى والتى دفعت بذلك الجيل باكراً الى وجهات العلم والمعرفة من خلال

المنبر الأول، الجمعية الأدبية..

الى ذلك القيت بعض الافادات اختتمها الشاعر عبدالقادر الكتيابى. ثم انشد الشاعر

رائعته «بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت»، وقصيدة «اكتوبر الاخضر» ومقطع: من غيرنا،

اعتلى بعد ذلك المسرح الفنان الكبير وردى الذى اغرق بطوفان روعته المحفل، عبر أداء

الاكتوبرية الخالدة:

اسمك الظافر ينمو

في ضمير الشعب ايماناً وبشرى

ثم انتشله عبر عاطفياته الدافئة..
http://www.rayaam.net/mono/mono.htm

Post: #415
Title: Re: النقد الثقافي
Author: osama elkhawad
Date: 11-09-2006, 00:56 AM
Parent: #414

للتعريف بالاستفراق ،كمبحث عربي في مقاربة الآخر السوداني او الزنجي،
يحاول نادر كاظم المقارنة بين الاهتمام الغربي بالشرق ،والاهتمام العربي في العصر الوسيط بالسودان والزنوج،و قد تم الاهتمام في كلا السياقين من خلال الغلبة والقوة والهيمنة،
يقول مقارنا:

Quote: وعلى غرار الاهتمام الغربي بدراسة الشرق،كان للثقافة العربية الإسلامية اهتمام مماثل ،اهتمام محموم بدراسة ثقافات الآخرين من أجناس الشمال والجنوب والشرق والغرب.وفي سياق هذا الاهتمام تشكل في الثقافة العربية الإسلامية تراث ضخم وأرشيف بالغ الثراء عن "الأسود أو "الزنجي،وثقافته ،وعاداته،وتقاليده وأديانه 0وان كان أكثر الرحالة العرب يؤكدون أن هؤلاء السود لا دين لهم ولا شريعة،ومنتوجاته ،وملبوساته (وان كان العري هو الظاهرة المهيمنة بحسب مدونات الرحالة العرب)ومأكولاته ....الخ.

ثم تحدث عن السياق الذي تأسس فيه الاستفراق،قائلا:

Quote: وقد تحقق ذلك كله في سياق الغلبة الحضارية والسياسية التي تمتعت بها الحضارة العربية الاسلامية طوال القرون الهجرية الخمسة الاولى. وفي سياق هذه الغلبة ترعرع ما يمكن ان نسميه هنا بخطاب الاستفراق. العربي ،أي هذا التمثيل العربي للسودان،وهذا الاهتمام العربي المحموم بالتعرف على أجناس السودان والزنوج الأفارقة وثقافاتهم المتنوعة، وذلك على غرار الاستشراق في علاقته بالشرق.


ثم يحاول ان يقارن بين مقاصد الاستشراق والاستفراق،والمشترك بينهما من خلال تمثيل الآخر،يقول:

Quote: أن اغراض الاستشراق ومقاصده ليست متطابقة بالضرورة مع أغراض "الاستفراق" ومقاصده،غير أن "الاستفراق" العربي والاستشراق الغربي وجملة الكتابات الاوروبية عن أفريقيا والهند وبعض مناطق الرق الأقصى وأستراليا وجزر البحر الكاريبي،كل ذلك قد نشأ وترعرع في سياق الغلبة الحضارية والسياسية والعسكرية للذات الدارسة والمعاينة. واذا كان "الاستفراق العربي" لا يبلغ في خطورته مبلغ الاستشراق من الناحية السياسية والاقتصادية والمؤسساتية فانه يمثل كالاستشراق،خطابا تمتزج فيه "إرادة القوة" السياسية والحضارية-وهي التي تعززت بالاستعمار مع الاستشراق،وبالفتوحات الاسلامية واندفاعة الرحلات مع "الاستفراق"-بارادة المعرفة" والبحث والرغبة في الاستكشاف،كما أن كلا من الاستشراق و"الاستفراق" كان يمارس عملية تمثيل نشطة وعنيفة لآخر خارجي مختلف عنه دينيا وثقافيا ولغويا وحضاريا.وهو ما أفضى الى تشكيل كيانات متخيلة ومصنوعة عن الآخر،فكما كان الشرق،من منظور ادوارد سعيد"كيانا مشكلا مكونا من صنيع الاستشراق،كذلك كان "عالم السودان" الذي ندرسه هنا كيانا مشكلا مكونا من صنيع الثقافة العربية الاسلامة.لقد صاغ كل من الاستشراق والاستفراق خطابا متماسكا وبالغ الثراء عن الآخر،لكنه خطاب متخيل تشكلت ضمنه صورة وتمثيلات وتحيزات اكتسبت طبيعتها البديهية المزعومة من سياقات القوة التي تحصن الذات ،وتشكل خطوطا متشيئة تفصل الذات النقية الصافية عن الاعراق والثقافات الاخرى "الملوثة.


ثم يقول معرفا الاستفراق قائلا:

Quote: ان هذا التقليد في التأليف عن السودان او في الحديث عنهم،ومجموع الصور النمطية المتواترة في كل حديث أو كتابة عن هؤلاء البشر،ان هذا هو ما نسميه هنا بخطاب الاستفراق العربي،أي هذه الطريقة في الرؤية ،وهذا الميدان من التاليف والتخيل الذي يكون فيه السودان والزنوج الافارقة موضوعا للدرس والكتابة والحديث و اطلاق الاحكام القيمية وإشاعة الأوصاف المتكررة بشأنهم ،و اذا استخدمنا مفاهيم ميشيل فوكو يمكننا القول بأن الاستفراق العربي انما هو ضرب من ضروب الالتزام بقواعد انتاج الخطاب العربي عن السودان وصيانته وتمثله و توزيعه على المستهلكين في الثقافة العربية الاسلامية.

ص 170-1

انه اذن خطاب حول السودان الافارقة، وهو خطاب له قواعده وضوابطه الخاصة ،غير انه لا يمكننا الادعاء بان هؤلاء السودان كانوا موضوعا خاصا بجماعة ما من جماعات انتاج الخطاب.
171
ثم يقول:عن علاقة الاستفراق بجماعات عربية اسلامية مختلفة قائلا:

Quote: فهو موضوع تداولته جماعات عدة ،وتوزع على خطابات كثيرة،بحيث يتعرض له الطبيب كما يتعرض له الكلامي واللغوي والمحدث والفقية والجغرافي والملاح والمنجم والمؤرخ والشاعر والقصاص ,وجميع هؤلاء لا يدعون ملكيتهم الخاصة لهذا الموضوع ،فهو موضوع مشاع بينهم ،ومعنى مطروح في الطريق يحق لأي منهم التطرق اليه،ولكن بشروط وضوابط،وهي الالتزام باللغة المشتركة والمجازات الموحدة والمقاصد المستهدفة من وراء التطرق الى هذا الموضوع "
ص 171


ثم انطلاقا من التفريق الذي قال به ادوارد سعيد عن نوعين من الاستشراق:
الاستشراق الكامن "و "الاستشراق الظاهر "،
يتحدث نادر كاظم عن نوعين من الاستفراق:

Quote: " وفي تشكيلة الاستفراق الخطابية هذه يمكننا أن نميز بين ضربين من ضروب "الاستفراق":الأول يمكن أن نطلق عليه مصطلح "الاستفراق الكامن"، والآخر يمكن أن نسميه "الأستفراق الظاهر. أما هذا الاخير فهو الميدان الذي يحتمل التغير من فرد الى آخر،ومن مجال الى آخر،ومن عصر إلى آخر،وذلك تغير ينحصر في طريقة الكتابة او الحديث عن السودان والزنوج.أما "الاستفراق الكامن" فهو الميدان ذو الطابع الاجتماعي ،إنه تقليد راسخ يحتفظ بمجموعة من الصور النمطية عن السود ثابتة ومستقرة لا تكاد تتغير.
ص 172

**

Post: #416
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 11-09-2006, 10:53 AM
Parent: #1

شكرا الاستاذ حيدر حسن ميرغني
على تزويدنا بخبر تلك الامسية
والتحية لاستاذنا محمد المكي ولمطربنا الكبير محمد وردي
والفنان العالمي راشد دياب

اما عن موضوع البوست ، فنقول ان التركيز على صورة الافريقي الزنجي في المخيلة العربية
والاصرار على ابرازها بهذا الحجم وكانها هي محور هذا النقاش القصد منه تبرير وتمرير تنكر الدكتور عبد الله علي ابراهيم للانتماء الافريقي لانسان شمال السودان .
فكأن الدكتور ومناصريه يقولون بلسان حالهم : اذا كانت هذه هي صورة الافريقي عندكم فنحن بهذا براء من النسبة الافريقية ، وكل من يدعي منا انتماء افريقيا الى جانب الانتماء العربي الصريح ، فما هو الا "هارب " الى واقع مطموس لا وجود له في وجداننا . فنحن عرب وكفى .

ونواصل

Post: #417
Title: Re: قراءة في ورقة محمد جلال : حول مشروع د.عبد الله علي ابراهيم الثقافي
Author: Agab Alfaya
Date: 11-09-2006, 11:51 AM
Parent: #416

تأتي أهمية ورقة محمد جلال هاشم " السودانو عروبية او تحالف الهاربين - المشروع الثقافي لعبد الله علي ابراهيم "
من كونها كشفت عن الاتجاه العروبي الاسلاموي الذي ظل الدكتور عبد الله ابراهيم يبشر به بين ثنايا كتاباته في الثقافة السودانية دون ان يعلن عنه صراحة . ويتخلص هذا المشروع حسب محمد جلال في رسم " حدود هوية اسلاموعروبية خاصة بالسودان دون ادعاء للافريقية " .
وبهذا ترسم الورقة صورة على النقيض تماما من الصورة السائدة التي ظل يروج لها اليسار للدكتور عبد الله على ابراهيم ، بوصفه مفكرا ديمقراطيا يكرس فكره في الدفاع عن دولة المواطنة القائمة على حماية الحقوق المدنية بعيدا عن الاستقطاب الاثني والجهوي والديني .

ولعل الصدفة وحدها هي التي جعلت رؤانا تتلقي انا ومحمد جلال في هذا التشخيص العام لمشروع الدكتور عبد الله الثقافي . حيث تشاء الظروف ان يشارك كل منا دونما اتفاق بندوة الثقافة والتنمية التي اقامها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة في اغسطس 1999 بورقة عن افكار الدكتور عبد الله ابراهيم .
قدمت انا في الجلسة الاولى ورقة "الافروعربية بين الواقع ووهم الايدلوجيا " وقدم هو ورقته "السودانوعروبية او تحالف الهاربين " في جلسة تالية لم احظى بحضورها . وعلى كل كان الزمن المخصص لكل متحدث غير كاف في التعريف بالمواضيع المشاركة اذ لم يتجاوز العشرين دقيقة . لذلك لم اطلع على نص الورقة الا عندما قام الاستاذ عادل عبد العاطي بنشرها في منبر سودانيزاونلاين سنة 2003 .
وكنت المناقش الرئيسي للورقة في ذلك البوست وتفضل محمد جلال بالتعقيب على ما اثرته من خلال " ابو منذر " احد الاخوة الاعضاء بالمنبر في ذلك الوقت . وشارك في النقاش باراء ثاقبة الاستاذ فيصل محمد صالح والاستاذ عادل عبد العاطي والدكتور بشرى الفاضل . وقد بحثت عن ذلك البوست لكن جهودي بائت بالفشل في العثور عليه ولكن لحسن الحظ كنت قداحتفظت بنسخة منه على الورق . فارجو من الجميع المساعدة في الحصول عليه .

الا ان المفارقة التي أذهلت البعض في ورقة محمد جلال والتي نوهت اليها في مناقشتي في ذلك البوست . ان هذه الورقة على خلاف ما يتوقعه القاريء ، لم تقدم قراءة نقدية لهذا المشروع او تخضعه لدراسة تحليليه كاشفة عن تناقضاته ، وانما تتبناه في كافة تفاصيله ليس على المستوى الشخصي ، وانما باعتباره الخيار الثقافي الوحيد المتاح لابناء الشمال العربي المسلم .

بهذا المعنى يمكن القول ان قراءة محمد جلال جاءت توصيفية تبريرية ، وليست تحليلية نقدية . فهي تؤمن على كل مقولات عبدالله ،وتاخذها كمسلمات دون فحص وتمحيص ،وذلك سواء ، في نقد الرؤى الثقافية لخصومه او في التاسيس لمشروعه على انقاض تلك الرؤى . بل عمد الى خلق التبريرات لرؤية عبد الله ، الى حد انه انتهى الى القول بان اي ادعاء او تبني لاي رؤية ثقافية مغايرة لهذه الرؤية ، هي هروب لكنه هروب مؤقت وان مصير كل الهاربين في النهاية المثابة لهذا المشروع الاسلاموعروبي طوعا او كرها .
من هنا تاتي استعارة محمد جلال لعنوان ورقته " السودانوعروبية او تحالف الهاربين " من عنوان ورقة عبد الله ابراهيم :" الافروعربية او تحالف الهاربين " . وهي احد اهم ثلاثة مقالات استند بني عليها محمد جلال في ترسيم محددات المشروع الثقافي لعبد الله .

وتجلت النزعة التبريرية ، في التعديل الذي اجراه محمد جلال عقب نشر الدكتور عبد الله سلسلة المقالات التي يدعو فيها الى تطبيق الشريعة الاسلامية والتي نشرها سنة 2003 ثم اعاد نشرها في كتاب . فقد قام محمد جلال بذلك التعديل لينفي ان يكون الدكتور من دعاة تطبيق الشريعة الاسلامية وذلك في اشارة الى الانتقادات التي وجهناها للورقة في ذلك البوست .

فدعوة الدكتور الى تطبيق الشريعة الاسلامية والدستور الاسلامي تؤدي حتما الى انهيار اهم ركن من اركان ورقة محمد جلال في ترسيم المشروع الثقافي لعبدالله ابراهيم . وهذا الركن مبني على زعم محمد جلال ان الدكتور يطرح الاسلام الشعبي كبديل للاسلام الرسمي ، اسلام الحركات الاسلامية حيث يجلد الناس ويحدون على حد تعبيره .
ونحن نرى ان دعوة الدكتور هي على النقيض تماما مما رسمه محمد جلال . فالاسلام الشعبي هو "دين الرجرجة " والدهماء : عنوان مقالة الدكتور في نقد مفهوم الاسلام الشعبي عند ترمنغهام . فقد تبرأ الدكتور من الاسلام الشعبي تبرأه من الانتماء الافريقي . وسنعود لمناقشة ذلك تفصيلا .

ويتوج اعجاب محمد جلال بهذا المشروع بتعميده له ، وسطا جديدا ، حسب اعادة تقسيمه للاتجاهات السودانية السياسية على اسسس ثقافية وجهوية ، و يراهن عليه باعتباره الاتجاه الاقدر على المساهمة ، فيما اسماه بناء الدولة القومية السودانية ذات التعددية الثقافية . يقول :
" إذ إننا نرى أن تيار "السودانوعروبية" يمكن أن يمثل لنا "يمين الوسط"، ذلك إذا ما قام بترفيع وعيه الأيديولوجي وعرف مواقع أقدامه بذكاء لا نظنّ أنه يعوزه.إن هذا التقسيم يفتح الباب نظرياً لظهور "يسار الوسط" الذي سنطلق عليه تيار "السودانوأفريقية".

ويرى في هذا التيار بشقيه ،الوحيد الذي: "يقوم على أيديولوجيا القومية السودانية أو التكامل القومي، والتي تستند بدورها على الحقوق الثقافية المتكافئة والمتوازنة بين الأقوام السودانية شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً، ثم وسطاً. كما تقوم على ضرورة إلغاء واقع الهيمنة والقهر الثقافي بكل تجلياته السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، " .

ثم يختم محمد جلال ورقته قائلا :

" وفي هذا الخضم أملنا كبير في "تيار الوسط" الصاعد بشقيه (حسب فهمنا له). إن هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن أن يستشرف آفاق الدولة السودانية القومية، متجاوزا بذلك واقع الدولة السودانية المركزية. إن على قوى الوسط ـ بشقيه السودانوعروبي والسودانوأفريقي ـ أن تجوِّد أولاً من عملية ترفيع وعيها بالواقع، ومن ثم بنفسها، حتى تدرك بصورة موضوعية وعملية المشتركات والمفترقات، بغية تحقيق أكبر قدر من التنسيق والتفاهم."

في النقاش الذي جري في بوست عادل عبد العاطي عن ورقة محمد جلال قال الاستاذ فيصل محمد صالح في سياق تعليقه على بعض ما جاء بالورقة :
" واعلم مثل كثيرين ان ورقة محمد جلال لم تعد مجرد ورقة فكرية ، وانما صارت مع دراسة د. ابكر ادم اسماعيل لبعض التنظيمات الطلابية واعني بعض تنظيمات ؤتمر الطلاب المستقلين وهذا يعطيها بعدا اضافيا ."

نواصل

Post: #418
Title: Re: نص ورقة : السودانوعروبية او تحالف الهاربين - محمد جلال
Author: Agab Alfaya
Date: 11-09-2006, 02:10 PM
Parent: #417

"السودانوعروبية او تحالف الهاربين

المشروع الثقافي لعبد الله علي ابراهيم "

محمد جلال هاشم



هنا نص الورقة المنشور بمنبر سودان فوراول
http://www.sudaneseonline.com/sections/kitabat_naqdiya/pa..._sudano3arabiyya.htm

ويلاحظ ان محمد جلال اجرى تعديلا على النص الاصلي حيث نفي ان يكون الدكتور يدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية او الى تبني الاسلام السياسي والمدرسي .

Post: #419
Title: Re: ابرز مرتكزات ورقة محمد جلال : اقتباسات ،
Author: Agab Alfaya
Date: 11-09-2006, 02:39 PM
Parent: #418

هذه اهم محددات المشروع الثقافي لعبد علي ابراهيم كما يراه محمد جلال هاشم اقتطفناها هكذا:
Quote: يهدف هذا المقال إلى ترسم أبعاد اتجاه جديد في قضايا الثقافة والهوية في السودان. هذا الإتجاه يقوم ـ كما نرى ـ على سودنة الإسلام والعروبة، وبالتالي رسم حدود هوية إسلاموعروبية خاصة بالسودان دونما عداه من دول أخرى ضمن المنظومة الإسلامية عامة، وتلك الناطقة بالعربية خاصة. ولهذا أطلقنا على هذا الاتجاه مصطلح "السودانوعروبية"،

Quote: تأتي أهمية هذا الموضوع من كونه حاسماً في تحديد مسار السودان اجتماعياً، وسياسياً وحضارياً.

Quote: تستند الورقة في قوامها المنهجي على تحليلنا لثلاثة مقالات كتبها عبدالله علي إبراهيم خلال عقد الثمانينات. وحتى عنوان مقالنا هذا نفسه مصاغ ومنحوت على غرار عنوان واحد من المقالات الثلاثة.

Quote: بخصوص عبدالله علي إبراهيم فإن أهميّته تأتي من كونه أكاديمياً ضليعاً، وسياسياً نبيهاً، خرج من أروقة الحزب الشيوعي السوداني بعد علاقة استشارية لصيقة بالمرحوم عبد الخالق محجوب (السكرتير العام السابق للحزب الشيوعي السوداني، الذي أعدمه نميري عقب انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م)، مسنوداً بخبرة مشهودة، ومَكِنةٍ فكرية غير منكورة. وقد وظف جهوده منذئذٍ لتكريس الهوية العربية الإسلامية دون أن يدور في فلك أي حزب سياسي. وقد أدت به مواقفه هذي إلى مناورات تشهد له بالذكاء، واتبع في ذلك حيلاً أعانته عليها ألمعيته الأكاديمية الفذة.

Quote: فأين المفر؟
المفر هو عروبة خاصة بالسودان، وإسلام خاص به، دونما إدعاء للأفريقية. وهذا هو الإطار الذي سنسعى ـ فيما يلي ـ كي نترسّم أبعاده في كتابات عبدالله على إبراهيم، وهو الإتجاه الذي نحتنا له مصطلح "السودانوعروبية". وفيه سنضرب أمثلة موثقة بمن نرى أنهم ينتمون لهذا التيار الجديد.

Quote: ومن ثم يتحرك عبدالله على إبراهيم بخطى ثابتة نحو هدفه الثاني: الإسلام الأورثوذكسي. فهو يريد أن يقلم أظافر التيار الإسلامي الذي إذا تُرك له الحبل على الغارب سيشتطّ وربما أفضى بعروبة السودان إلى موارد الهلاك. وكيما يفعل ذلك فإنه يعيد تقويم الإسلام الشعبي، أي إسلام الصوفية.

Quote: وأخيرا يتوجه عبد الله علي إبراهيم في مسوحه الأكاديمية ليمنح بركته العروبية لأهل وسط وشمال السودان الذين تحوم حولهم إشكالية العروبة من عدمها، فيعمّدهم عرباً بصرف النظر عن تخالط دمائهم بالأفارقة. فالهوية يعتمدها كخيار، ولا يجوز أن نقسر أناسا بعينهم على تبني هوية لا يستشعرونها.

Quote: فما الحل؟!
الحل الذي يقدمه عبدالله علي إبراهيم يقوم على أن يكف أبناء الشمال العربي المسلم في السودان عن البحث عن هوية أفريقية لهم. فكأنه يقول إن أي محاولة من هذا القبيل سيكون مصيرها ـ مهما تسلحت بأدوات الهجوم على العروبية ـ هو نفس مصير مدرسة الغابة والصحراء. وعليه فإنه لا مناص من أن يقبلوا بأنفسهم كعرب مسلمين، وأن يكفوا كذلك عن خلع سيماء الحضارة عنهم بدعوى الهجنة.

Quote: وبهذا يكون عبد الله علي إبراهيم قد أتم بناء الزاوية الأولى في مشروعه ذي الأضلاع الثلاثة. ومشروعه يقوم على بناء حدود ثقافية Cultural Boundaries ـ اعتماداً على مفهوم الحدود عند بارث [1970] ـ بين أبناء الشمال العربي المسلم وأبناء الجنوب الأفريقي. فهذان هما القوامان، كما إن الفرصة متاحة لأقومة أخرى. وهنا لا يفصل لنا طبيعة الأخرى هذه، بل يتركها لنا كيما نذهب فيها مذاهبنا. ولا نملك هنا إلاّ أن نتم له جملته الناقصة، فنقول: "الفرصة متاحة للنوبيين والفور والبجا كيما ينفضوا عن هذا الحلف السناري ويكوّنوا أقومة خاصة بكلٍ". وهكذا يتفرق السودانيون أباديد في الآفاق مع اتجاهات الرياح الأربع: الشمال ـ الجنوب ـ الغرب ـ الشرق … ولا عاصم لهم من هذا الشتات إلاّ الوسط (الإسلاموعربي).


Quote: ولعمري، إنها العروبية، (وبالمكشوف)! وأي عروبية؟ إنها عروبية لا تنهض على كثيب مهيل بالحجاز، أو طلل دارس بتيماء، أو ريح صبا تهب عليك من تلقاء كاظمة. فهي عروبية لا تستمد مشروعيتها من اعتراف العرب بها، كما سعى إلى ذلك عبد الغفار محمد أحمد. إنها عروبية خاصة ومفصلة (بالمقاس) على أهل السودان الذين لا يعرفون غير العربية لغة وغير الإسلام ديناً، وكفى الله المسلمين شر الهجنة، فلكم دينكم ولي دين، ولكم جنسكم ولي جنس.


Quote: صفوة القول
إن مشروع عبد الله علي إبراهيم يتلخص في أنه لا مجال لإدعاء هوية آفروعروبية في السودان، لأنها مهما تمسّحت بالأفريقانية فإنها لن تعدو أن تكون شكلاً آخر من أشكال الخطاب الإسلاموعروبي الغالب في السودان. كما إنه لا يجوز أن نخلع عن أنفسنا ملامح حضارتنا العربية الإسلامية إدعاءً للهجنة.
ثم علينا أن نحصّن أنفسنا من أي احتمالات انجراف نحو "الهوس الديني". والطريق الأمثل لذلك هو أن نكرّس "الإسلام الشعبي" بالنظر إليه كنمط صحيح ومعافى وليس مشوباً بالخرافات الوثنية. عليه لابدّ من قفل الطريق أمام الإسلام "الأورثوذوكسي".
وأخيراً، لا مشاحة من أن نفخر بانتسابنا للعباس، كما لا غضاضة من أن نحتفي بأشجار النسب، دون أن نعير أغلاطها وأخلاطها أدنى اعتبار. فقيمة الأنساب ليست "تاريخية" بل "أيديولوجية".


Quote: تيار الوسط: هذا التيار يقوم على أيديولوجيا القومية السودانية أو التكامل القومي، والتي تستند بدورها على الحقوق الثقافية المتكافئة والمتوازنة بين الأقوام السودانية شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً، ثم وسطاً. كما تقوم على ضرورة إلغاء واقع الهيمنة والقهر الثقافي بكل تجلياته السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية،

Quote: إذ إننا نرى أن تيار "السودانوعروبية" يمكن أن يمثل لنا "يمين الوسط"، ذلك إذا ما قام بترفيع وعيه الأيديولوجي وعرف مواقع أقدامه بذكاء لا نظنّ أنه يعوزه.
إن هذا التقسيم يفتح الباب نظرياً لظهور "يسار الوسط" الذي سنطلق عليه تيار "السودانوأفريقية".

Quote: وفي هذا الخضم أملنا كبير في "تيار الوسط" الصاعد بشقيه (حسب فهمنا له). إن هذا التيار هو الوحيد الذي يمكن أن يستشرف آفاق الدولة السودانية القومية، متجاوزا بذلك واقع الدولة السودانية المركزية. إن على قوى الوسط ـ بشقيه السودانوعروبي والسودانوأفريقي ـ أن تجوِّد أولاً من عملية ترفيع وعيها بالواقع، ومن ثم بنفسها، حتى تدرك بصورة موضوعية وعملية المشتركات والمفترقات، بغية تحقيق أكبر قدر من التنسيق والتفاهم.

Post: #420
Title: Re: ابرز مرتكزات ورقة محمد جلال : اقتباسات ،
Author: osama elkhawad
Date: 11-09-2006, 10:59 PM
Parent: #419

الطرب والفرح والغناء:

Quote: أما خفتهم و طيشهم وغلبة الفرح والسرور عليهم ،فيفسره ابن خلدون بانتشار "الروح ا لحيواني وتفشيه"، أما المسعودي فقد ارتضى تفسير جالينوس ويعقوب بن اسحاق الكندي،وهو أن سبب خفة السودان وطيشهم وكثرة الطرب بفيهم يرجع إلى ضعف في أدمغتهم وعقولهم.أما الربط بين الأسود والأفحم والأسحم والحية فمن صميم الدلالة الثقافية في اللغة العربية".

ص 177

يعدد ابن النديم عشرات الكتب المقولة الى العربية لجالينوس في الطب" ثم يمضي قائلا:
Quote: ونرجح أن هذه الكتب هي المصدر الذي استقى منه المؤلفون العرب في القرون الوسطى جل معارفهم عن السودان والزنوج من ناحية الهيئة الجسمانية و دلالاتها الأخلاقية والاجتماعية ،وهم ينقلون أن جالينوس هذا قد أحصى للسودان عشر خصال متميزة اجتمعت فيهم،ولم توجد في غيرهم ،وهي "تفلفل الشعر،وخفة الحاجبين ،و انتشار المنخرين،وغلظ الشفتين ،وتحديد الأسنان ونتن ا لجلد ،وسواد الحق، وتشقق اليدين والرجلين،
وطول الذكر وكثرة الطرب،قال جالينوس :و إنما غلب على الأسود الطرب لفساد دماغه،فضعف عقله" وهذه الرواية عن حالينوس مذكورة في مؤلفات كثيرة وبألفاظ وطرائق مختلفة،لكن كل هذه المؤلفات تحافظ على خصوصية الرقم عشرة في تعداد هذه الخصال،قالقزويني مثلا يروي هذا الخبر بالصورة التالية :"قال جالينوس: الزنج خصصوا بأمور عشرة:سواد اللون وفلفله الشعر وفطس الأنف وغلظ الشفة وتشقق -193 اليد والكعب ،و نتن الرائحة وكثرة الطرب وقلة العقل وأكل بعضهم بعضا،فإنهم في حروبهم يأكلون لحم العدو ،ومن ظفر بعدو له أكله.وأكثرهم عراة لا لباس لهم،ولا يرى زنجي مغموما،الغم لا يدور حولهم والطرب يشملهم كلهم،قال بعض ا لحكماء:سبب ذلك اعتدال دم القلب .وقال آخرون:بل سببه طلوع كوكب سهيل عليهم كل ليلة فانه يوجب الفرح".أما شمس الدين الدمشقي فهو أقرب إلى نص المسعودي حين ينقل عن جالينوس قوله:"إن في الأسود عشر خصال لا توجد في غيره من البيض:تفلفل الشعر،ودقة ا لحاجبين ،وانتشار المنخرين،وغلظ الشفتين،وتحدد الأسنان، ونتن ا لجلد،وسوء الخلق،وتشقق الأطراف، وطول الذكر ،وكثرة الطرب
"

194

Quote: "ينقل اليعقوبي في تاريخه خبرا يؤكد أن السودان و الزنوج هم أول من رجع من أولاد نوح إلىالملاهي والطرب واللهو والرقص والغناء وآلاته ،فكنعان بن حام بن نوح هو "أول من رجع من ولد نوح إلى عمل بني قابيل ،فعمل الملاهي والغناء والمزامير والطبول و البرابط والصنوج ،و أطاع الشيطان في اللعب و الباطل"

ص 195

Quote: ويروى عن اسحاق بن ابراهيم الموصلي أنه قال:"لم يكن الناس يعلمون الجارية الحسناء الغناء وإنما كانوا يعلمونه الصفر والسود".ويقول ابن بطلان في شأن الاماء الزنجيات" وليس في خلقهن الغم ،والرقص والايقاع فطرة لهن وطبع فيهن،ولعجومة ألفاظهن عدل بهن إلى الزنر والرقص.ويقال لو وقع الزنجي من السماء إلى الأرض ما وقع إلا بالايقاع،وينقل شمس الدين الدمشقي أن الطرب قسم إلى عشرة أجزاء "تسعة في السودان،،وواحد في الناس".

ص 196

Quote: أما ابن خلدون فقد أجمل أخلاق السودان على وجه العموم تكمن في "الخفة والطيش وكثرة الطرب، فتجدهم مولعين بالرقص-196 على كل توقيع، موصوفين بالحمق في كل قطر".والنويري كذلك ينقل أن من أخلاق السودان الطرب،ولهذا السبب فأن الغم لا يعرف في الزنج.ويذكر محمد بن عمر ا لتونسي أن "من طبيعة بلاد الفور الميل إلى اللهو و الاستهزاء واللعب والطرب،يستفزهم أدنى مطرب،فتراهم لا تخلو أوقاتهم من مطرب،ملوكا كانوا أو سوقة،ولذلك استحضروا جميع ما يمكنهم من آلات الطرب،فتجد كل ملك له غلمان صغار حسان الأصوات".

ص 197

Quote: هنالك مصطلحات طبية قديمة تتردد لدى المسعودي والقزويني والدمشقي و ابن خلدون مثل حرارة دم القلب والروح الحيواني والحرارة الغريزية وفساد الدماغ وغيرها ،وكل ذلك من أجل البحث عن تفسير جسماني لظاهرة "كثرة الطرب" الشائعة لدى السودان.

ص 200

Quote: ربط ابن خلدون بين عبودية السودان وبين حيوانيتهم ،حين قال"إنما تذعن للرق في الغالب أمم السودان لنقص الإنسانية فيهم وقربهم من عرض الحيوانات العجم".

ص203


Quote: لقد شاع وصف السودان والزنوج بكثرة الطرب واللهو والغناء،وكأن المقصود بها "إثبات أنهم كانوا سعداء بالحياة ومخلصون كل الإخلاص لسادتهم،ولنغض النظر عن العمل الشاق اليومي الذي يقصم الظهر في الحقول والضرب المعتاد بالسياط والتفريق بين الأحباب،والإنكار التام لأي شيء يشبه ا لحياة،فقد كان السود سعداء في فضائهم الاجتماعي و الأخلاقي".

ص 203

Quote: فالزنجي اذا طرب وانتشى و "شبع فصبّ العذاب عليه صبا،فانه لا يتألم له"كما يقول ابن بطلان في نصيحته لمن يرغب في شراء عبد زنجي".

ص ص 203-4

Post: #421
Title: راي حيدر ابراهيم في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-11-2006, 01:13 AM
Parent: #420

في حوار نشر في العاشر من نوفمبر 2006 سال المبدع عيسى الحلو الاستاذ حيدر ابراهيم قائلا
Quote: { ماذا عن الغابة والصحراء، في اطار بحث الإبداع عن الأفكار الكلية؟

فرد الاستاذ حيدر ابراهيم قائلا
-
Quote: اعتقد اتجاه الغابة والصحراء، اعطي اكثر من حجمه الطبيعي، فهو لا يمثل مدرسة بل يمثل وجهة نظر اجتهادية اقرب الى الانطباعات والدليل على ذلك عدم استمراريتها، فقد ارتبطت بفترة زمانية محددة لم تستطع تجاوزها. قد تكون تأثرت بفكرة الزنوجة عند سنغور والإفريقانية عموما، بالإضافة لصعود تيارات القومية العربية، ولأن السودان وسط بين الاثنين، ظهرت وجهة نظر تعبر عن ثنائية الغابة والصحراء، لكنها لم تصل الى التركيب فقد توقفت عن الثنائية المتجاورة دون الغوص في التفاعل والاندماج والتمثل المتبادل. وأعتقد ان تعدد الشخصيات التي تدعي ريادة هذا الاتجاه دليل على غياب تاريخ للفكرة يساعد في البحث عن مكوناتها وتطورها في اتجاه ترسيخ وتقعيد الأسس الفكرية والنظرية لأي مدرسة. وأميل لاعتقاد بأن وجود الشاعر صلاح احمد ابراهيم في غانا بالإضافة لقصائده المبكرة عن افريقيا ولوممبا والكنغو والصومال ثم لاحقا اعتماده على الأساطير الإفريقية في «غضبةة الهبباي» مثلت هذ ا الاتجاه ابداعيا، ولكن لم تقدم اضافة نظرية او فكرية، وأيضا اعتقد ان ثنائية الغابة والصحراء ملغومة لحد ما، لأنها بشعور او لا شعور ليست بعيدة عن فكرة افريقيا شمال الصحراء وإفريقيا جنوب الصحراء، التي رددها فكر القرن التاسع عشرالغربي، كما ان التقسيم يبدو جغرافياً اكثر منه حضارياً او ثقافياً، فما هي ثقافات الغابة؟ وهل تتشابه ثقافات غرب افريقيا ووسط افريقيا وجنوب افريقيا؟ هل هناك غابة واحدة ام غابات؟ ونفس السؤال ينطبق على الصحراء.

فهل قصد اصحاب هذا الاتجاه ان السودان هو نتاج ثقافتين، ثقافة الغابة وثقافة الصحراء؟ ام هو مصهر ثقافات عديدة من الغابات ومن الصحاري؟.. فالفكرة ليست واضحة. ويبدو ان فكرة الوحدة والتنوع الآن قد حلت محل تلك النظرة ولكن ما تزال تراوح على صعيد الشعار السياسي فقط. حاولت السوداناوية ان تحل اشكالية هذا التركيب ولكن كنت اتساءل دائما: ألا تكفي السودانية، فلماذا السوداناوية؟ لأن النسبة في الحالة الأخيرة قد يقصد بها الادعاء او المبالغة، فالعلمية غير العلماوية، فهل المقصود في هذه الحالة سودانية فائقة او زائدة؟ أم هو مجرد تعبير عفوي؟ لست ادري لماذا سوداناوية؟

حدثت في الفترة الأخيرة محاولات تعسفية تتحدث عن الثقافة السنارية وتحاول ان تبني لها تاريخاً يجعل من الهوية السودانية ذات صلة بتلك السلطنة باعتبارها الدولة الإسلامية الأولى التي جمعت العرب وغير العرب.. ولكن ما هي العناصر التي كونت الثقافة السنارية من كتب وأفكار ومعمار وعمران وطرق معيشة وإدارة حكم؟ ففكرة الثقافة السنارية لا تخلو ايضا من المبالغة والافتعال، وهي تأتي ضمن الأعمال الدعائية والأيديولوجية.

اعتقد ان البداية الصحيحة والحقيقية في البحث عن هوية سودانية يجب ان يكن بالبحث عنها ضمن القيم العصرية التي لا تهتم بالأصول والخلفية ولكن ستشرف اكثر المستقبل وتبحث عن التشابهات وليس التمايزات او الاختلافات ضمن مواطنين متساوين داخل دولة حديثة ديمقراطية ومتنوعة الثقافات. هذه يمكن ان تكون مكونات هوية سودانية حديثة، وكما قيل في المأثور ان العربية لسان فمن تحدث العربية فهو عربي يمكن ان نقول عن الهوية السودانية هي موقف من الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان، فمن آمن بهذه المبادئ فهو

http://alsahafa.info//index.php?type=3&id=2147487499&bk=1

Post: #423
Title: Re: راي حيدر ابراهيم في الغابة والصحراء
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 11-13-2006, 11:59 AM
Parent: #421

up

Post: #424
Title: الشاعر (محمد المكي إبراهيم) لـ (السوداني
Author: osama elkhawad
Date: 11-13-2006, 04:24 PM
Parent: #423



الشاعر (محمد المكي إبراهيم) لـ (السوداني:
عن الغابة والصحراء

كان لنا سؤالان في هذا الاتجاه، حيث أثيرت العديد من الأسئلة بعد نشره لمقاله الطويل (التاريخ الشخصي للغابة والصحراء) والتي تحولت فيما بعد إلى ورقة قُدمت في المؤتمر العام لاتحاد الكتاب السودانيين، هل يمكننا أن نطلق اسم (مدرسة أدبية) على الغابة والصحراء؟ و هل كان الانتباه لواقع التعدد من قبل متبنيي تيار الغابة والصحراء رد فعل للعنف والحرب التي استعرت في تلك الفترة؟، يقول محمد المكي: (لا أعتقد أن إسم (مدرسة) سيكون سليماً لو أطلقناه على الغابة والصحراء، وربما كانت أقرب إلى (رؤية) لواقع التنوع والاختلاف في السودان، إذ كنا نريد وعملنا على إتجاه أن تصبح الغابة والصحراء مدرسة أدبية فنية، وكنا نريد لمتن الثقافة السودانية أن يكون سودانياً، كيف؟ كان هذا متروكاً لإبداعنا عن طريق تنقية تعابير من اللهجة السودانية وإدخالها في لغة الشعر، أخيلة، أساطير، ولكن لم نمض كثيراً في هذا السبيل، فقد كادت مدرسة الغابة والصحراء أن تحولنا من شعراء إلى باحثين في الانثربولوجي والإثنولوجي وأشياء من هذا القبيل، وكان الاستاذ يوسف عيدابي هو القاطع لمسافات طويلة في هذا الطريق، طريق الكتابة النظرية للغابة والصحراء، فكان يعقد مقارنات ويتوقف في الأسماء محاولاً إيجاد الأسماء السودانية الخالصة، وأذكر أنه توقف مرة في اسم (حمد النيل) إذ كان يرى فيه إبداعاً سودانياً خالصاً، غير مستمد من ثقافة عربية أو من ثقافة أخرى. ولكن توقف هذا المبحث فيما بعد، ربما لنمو نوع من الوعي الجديد، وتوقف خاصة عند الذين هاجروا إلى البلاد العربية، حتى أنهم اتخذوا موقفاً متحفظاً معي، وهذا التحفظ والتوقف هو ما حول ما كنا نريد له أن يصبح تياراً ومدرسةً فنية، إلى نوع من (الرؤية) سودانية لواقع الاختلاف، ولا أعتقد أن لنا الفضل في ذلك لأننا صمتنا لفترات طويلة جداً).

ويستطرد المكي نحو السؤال الثاني قائلا: (بالنسبة لي ولعثمان النور أبكر، كان وجود العملاق الأوربي، أحد الأسباب التي أدت لهذه الانتباهة، كان هنالك عملاق ثقافي يتطلع من علوه إلينا ويتساءل عنا نحن الناظرين إليه من أسفل: (من أنتم؟) والسبب والمحفز الثاني هو كما قلت (حرب الجنوب)، وجود الحرب يثير التساؤل حول جدوى ومعنى الحرب بين عرب وأفارقة، ولماذا؟ وأين هم هؤلاء العرب؟ وقد كان هنالك بعض الأشخاص، ممثلين لنا، ممن ساهموا في إشعال نار الحرب، كان منهم مثلاً الإداري المعروف علي بلدو، وعندما تنظر إليه تدرك أنه أفريقي مثلك، ولا تجد مبرراً لما قام به من تصرفات ساهمت في إشعال الحرب. كيف تنتفض الحرب بين أفارقة وأفارقة؟ حتى أنني أتحفظ على أفريقية الجنوب، وأعتقد في أن الجنوب لا يحب شيئاً كما يحب الشمال، الجنوبيون في أفريقيا غرباء، هم ينتمون لهذه البلاد فقط، هم أهلنا وأحبابنا كما نحن أهلهم وأحبابهم).


http://alsudani.info/index.php?type=3&id=2147512580

Post: #425
Title: Re: الشاعر (محمد المكي إبراهيم) لـ (السوداني
Author: munswor almophtah
Date: 11-13-2006, 04:57 PM
Parent: #424

كل هذه الإضافات والإضاءات النيره ستكون كبسوله شافيه لمن يود أن يؤسس معرفة...أو يعمق بحثا لإضفاء بعدا آخر يتراءى له...من إخوة وأساتذه أجلاء أقدمهم ولا أتقدمهم... فالشكر لهم جميعا الأستاذ حيدر صاحب المبادره والأساتذه عبدالمنعم عجب الفيا الباحث الناقد...الأستاذ أسامه الخواض الناقد الشاعر...الأستاذ محمد سيد أحمدالدارس لأحد روافد الإبداع وأحد ركائز الفنون والمدرس له...الأستاذالشقلينى الناقدر والصحفى القدير...والأستاذ أحمد الأمين أحمد الناقد وكل الذين تداخلوا ولم تسعفنى الزاكره بإدراج أسمائهم أحسنتم الإبانه...وخلعتم الغشاوة...واخترتم صالح البهار لتقديم هذا الموضوع الهام...والذى نتمنى أن يكون أساسا للتصالح والتسامح والقبول الذى يمكن أن نبنى عليه وحدة يصعب شقها وشرخها...وإلفة يصعب إختراقها...........................


وسلامى وتحاياى للكل

منصور

Post: #426
Title: Re: الشاعر (محمد المكي إبراهيم) لـ (السوداني
Author: osama elkhawad
Date: 11-14-2006, 04:27 AM
Parent: #425

عزيزي الصديق المنصور المفتاح
اتفق معك ان هذا البوست حتىالآن قدوفر مادة ثمينة اسفيرية وغير اسفيرية ،
للباحثين
لكن كلامك يوحي اننا بصدد اغلاق البوست
سأعود بكلام لعبد الحي في "اقنعة القبيلة" عن التمثيلات
ولي مداخلات مؤجلة حول :
البدائي النبيل
في الخطاب الثقافي السوداني
و كلام آخر عن الكنايات الثقافية،
وخاصة مفهوم المصهر في خطاب جون قرنق،
و الشكر مقدم لصديقي :
عبد المنعم ابراهيم الحاج
الذي ارسل لي كتاب قرنق المحرر
محبتي للجميع
المشاء

Post: #429
Title: التمثيلات في "أقنعة القبيلة"
Author: osama elkhawad
Date: 11-14-2006, 08:56 PM
Parent: #426

ليوبولد سنغور:[/B]

*******
في كتابه "أقنعة القبيلة"* يقدم عبد الحي بعضا من أنواع التمثيلات التي يقدمها الغرب لإفريقيا , وتمثيلات الإفريقي لنفسه وللآخر الغربي. وتمثيلات الافريقي لنفسه ،قام الشعر الافريقي المعاصر بنقدها، وتجاوزها كما بين عبد الحي في تتبعه لتطور الخطاب الشعري الافريقي المعاصر ،كما سنرى.
يقدم عبد الحي في "مدخل"ه لأقنعة القبيلة تمثيلات الخطاب الانثروبولوجي الاوروبي للابداع الافريقي.فذلك الخطاب يحصر "أصالة "افريقيا المبدعة،ضمن المخزن الانثروبولوجي..

يقول محمد عبد الحي: ثم ينتقد النظرة الانثربولوجية الاوربية في تفضيلها التراث الشعبي الافريقي على الخطاب الشعري الافريقي المعاصر ،
قائلا:
Quote: وفي اوربا ما زال بعض المهتمين بالثقافة الافريقية من علماء الانثروبولوجيا،أي الذين يدرسون عادات المجتمعات البشرية المختلفة،ومناحي تفكيرها ونظمها،يصرون على تفوق الآداب الافريقية الشعبية التي لم تفسد –فيما يقولون-باتصالها بالعالم الاوربي وثقافته و آدابه،انهم يرون في تلك الآداب الوجه الحقيقي والسمات الأصلية لثقافة افريقيا.و يكتئبون جدا حينما يحدثهم البعض بالآداب الافريقية المعاصرة، تلك الآداب ينفون أنها موجودة.ففي رأيهم أن كل الآداب الافريقية المعاصرة ليست غير غراب أعجبته مشية الطاؤوس الاوربي،فحاول أن يقلدها،فلم يقدر عليها و أفسد مشيته الاولى.فتلك في نظرهم آداب بين بين ،فقدت صلتها بجذورها الأثيلة في تربه تراثها الأول دون أن تلتحم بالتراث الذي استدانت منه لغتها و طرائقها في التعبير.
ص 8
و على النقيض من الانثروبولوجيين الاوربيين،يؤكد عبد الحي ابداعية الخطاب الشعري الافريقي المعاصر،

Quote: منذ منتصف خمسينيات هذا القرن انتبه العالم الأدبي الى صوت أدب جديد نابع من القارة الافريقية.ومنذ ظهور نصوصه الأولى اتضح أن لهذا الأدب سمات خاصة به ،ولونا يعرف به ،بين آداب العالم،و لغة متميزة صيغت وطرقت من مادة اللغتين الانجليزية و الفرنسيه صياغة انتزعت هاتين اللغتين من مناخ الثقافة الغربية،وحقنتهما بدم جديد،وشكلتهما تشكيلا جديدا فيه من الثقافة الافريقية ملامحها و تطلعاتها وأصالة تراثها الموغلة جذوره في أرض تاريخها الغني برموزه وصوره.
ص 7
ثم يتحدث عبد الحي عن سبب اهتمامه بذلك الادب الافريقي الجديد في لغتيه الانجليزية و الفرنسية قائلا:
ان اهتمامنا بالأدب الافريقي ينبع من الاهتمام بالأدب في حد ذاته وبثقافة الانسان في ثرائها
Quote: المتنوع،كما ينبع من احساسنا بالثقافة الافريقية كواحدة من أولى الثقافات التي امتزجت و التحمت بالثقافة العربية ،بتاريخها الفكري والسياسي،في شرق القارة، وفي غربها وشمالها و وسطها .

ص 7
ثم ينتقد ،لتأكيد الغابة والصحراء،ينتقد كتاب اوربا في فصلهم بين شمال الثقافة الافريقية و جنوبها،قائلا:
Quote: والخط الوهمي الذي أدعى كتاب اوربا طويلا أنه يفصل بين ثقافة شمال القارة ،أو شمال صحرائها الكبرى ،وبين جنوبها أو غاباتها،لا وجود له في حقيقة الخارطة التاريخية والجغرافية والفكرية.فقد خطّت الصحراء في تاريخها الطويل طرق للاتصال الثقافتي "هكذا في الاصل" او الثقافي ، وكان النيل عصبا فكريا يربط شمال القارة بأقصى وسطها.

ص 8


ثم يتحدث عبد الحي في رصده التاريخي لتطور الشعر الافريقي المعاصر عن بذرة الانفصام،بين الاوربي والافريقي ،
وهو ما سماه ب:
الفصام الثقافي والذاتي
ص 11
ثم يحاول ايجاد تفسير لذلك الفصام ،والرجوع الى الجذور التي شكلت ذلك ،في اطار حديثه عن الارهاصات الاولى لذلك الشعر الافريقي المعاصر ،حين يقول:
Quote: الارهاصات الاولى للشعر الافريقي المعاصر لا تنفصل عن المرحلة الاولى لدخول الثقافة الاوربية افريقيا مع جماعات المبشرين،الذين سندتهم القوة العسكرية والتجارية،وهي المرحلة التي بدأ فيها تعليم الصغار و بعض الكبار ديانة جديدة ولغة تخاطب جديدة مع محاولة جادة لمسخ أشكال ثقافتهم الاصلية وتأكيد تفوق الثقافة الأوربية عليها،تلك كانت بذرة الانفصام والانشقاق والانقسام في الثقافة وفي العقول

ص 11
ثم يتحدث عبد الحي عن لحظة مهمة في الخطاب الشعري الافريقي المعاصر:
Quote: وعلى أي حال،كانت تلك العلاقة علاقة انشطار وانقسام بين ثقافتين-ولكن مع نمو الوعي السياسي والفكري في القارة بدأت صوت الانكسار يخفت رويدا رويدا، وصوت التمرد يرتفع أكثر.

ص 12
ثم يفصل عبد الحي في ملامح التمرد حين يقول:
Quote: الرجوع الى الجذور كان هو الخطوة الضرورية لتأكيد نبرة التمرد والاستقلال عن التثقيف الاوربي الذي محلت به الثقافة الافريقية.والرجوع الى الجذور رجوع الى التراث بلا انفصام ولا عقد نفسية،ولكنه ايضا اعادة لتشكيل هذا التراث حتى يصبح قوة فعالة مستمرة في الحاضر و المستقبل.

ص 13
ثم يتحدث عن أهمية تشكيل التراث الافريقي في مقاربة الخطاب الشعري الافريقي المعاصر له:
Quote: إن إعادة تشكيل التراث هي اتمام للزاج الخلاق بين التراث والمعاصرة في فكر واع بجذوره وبمكانه في التاريخ الحديث-ولقد كان ذلك هو صلصال البداءة الذي نفخ فيه الوعي الافريقي من روحه فنما الشعر الافريقي الجديد.

ص 14
ثم يتحدث عبد الحي عن العلاقة بين ذلك الزواج الثقافي بين التراث والمعاصرة وأصالة الشعر الافريقي الجديد:
Quote: من ذلك الزواج الثقافي بين التراث والمعاصرة ولد الشعر الافريقي الجديد الذي تخطى الانفصام والانشطار و الثنائية الثقافية التي حدت من انطلاق الشعر الذي سبقه

ص 14
ثم يتحدث عن اصالة الشعر الافريقي الجديد داحضا دعاوى الانثبربولوجيين الاوربيين:
Quote: وهذا الشعر الجديد يدحض بقوته الخلاقة وبنسيجه الملتئم ما ذهب اليه بعض الباحثين الاوربيين الذين وصفوه بعدم الأصالة.ان الأصالة لا تتعارض والتأثر،بل ان الأصالة معدة قوية تهضم كل ما يأتي لها به الكفر من ثقافات وتجارب وتحولها الى غذاء يتمثله البدن فيقوى به.

ص 14
ثم يتحدث عبد الحي في مدخله المختصر المهم عن أثر "الزنوجة"-وعبد الحي قد صاغ هذه الترجمة البديعة كما قال بذلك في هامش ص 14،يتحدث عبد الحي:
Quote: هذا الرجوع للجذور الثقافية للابداع،و المتمرد على النموذج الاوربي هو جوهر حركة الزنوجة ،المنبع الاول للشعر الافريقي المعاصر،والتي انتجت أعمالها الضخمة في الثلاثينات والأربعينات.
نفس الصفحة
ثم يتحدث عن علاقة الشعر الجديد بالزنوجة:
Quote: الشعر المعاصر ليس رفضا لشعراء "الزنوجة".لقد امتد بها، و استقل عنها،كخروج الجنين من رحم الأم،وبدأ مرحلة التاسيس.
ص 15
خرج الشعر الافريقي المعاصر من معطف الزنوجة. ف"خرج الذهن الخلاق الى صحو جديد. وهو خروج من الرومانتيكية الى المعاصرة".16ص 15
ويلخص عبد الحي ذلك الخروج قائلا:
Quote: ان خروج الشعر الافريقي من "لابرنث الرومانتيكية" يوافق انتصار الشاعر الافريقي على الانفصام الثقافي في التعبير عن تجربته.
ص 16
وفي حديثه عن سنغور ،يحاول عبد الحي استخلاص المكونات الاساسية للزنوجة ،كما تبدت عند سنغور:
يقول في ذلك :

Quote: يمكن أن نستخلص ،كما فعل نفر من النقاد،العناصر التي تكون في تكاملها فكرة سنغور الفلسفية الشعرية عن "الزنوجة" .تلك العناصر هي (1) حيوية العاطفة التي يظل الزنجي مأخوذا بها ،بينما يستمسك الاوروبي بالتركيب العقلي و المنطق التحليلي النفعي(2) قوى الحدس والاستلهام خصائص زنجية،يقابلها المنهج الرياضي والعلمي عند الاوروبيين (3) وبذلك يجعل سنغور الآداب والفنون، والرقص والموسيقى،لا سيما الفنون الايقاعية منها،روحا يسرى في الدم الأسود (4) ويغذي ارتباط وثني بالمحسوس والمنظور يميز التعبير الزنجي بذاتية موغلة وتشخيص حيوي يبعده عن التجريد والموضوعية في الفكر الأوروبي (5) الزنجي يصرخ: أنا أشعر ،اذن أنا موجود (6) الايقاع-يؤكد سنغور –عطاء الزنجي المميز له عن غيره من الشعوب في حفل الانسانية ."هل هي حقل أم حفل؟ اسامة .


نلاحظ ان عبد الحي يشير الى تمثيل تقدمه الزنوجة للافريقي ،كما هنالك تمثيل آخر تقدمه عن الفكر الاوروبي.
وبعض تلك التمثيلات للافريقي هي ،كما يرى منتقدي الزنوجة من بقايا صورة البدائي النبيل في الخطاب الغربي.
ويمضي عبد الحي قائلا في نقد تجربة سنغور وتصوره للزنجي في مقابل الغربي متسائلا:
Quote: هل تكفي هذه العناصر لفهم شعر سنغور؟

ثم يجيب قائلا:
Quote: لقد أضر بشعر سنغور أو بتذوق القارئ له-تناول النقاد له و كأنه رسائل فلسفية أو اجتماعية ينظر اليها بمنظار الخطأ والصواب.والحق،ان استمتاعنا بقراءة ذلك الشعر المتدفق الثري بصوره،المنطلق بحيوية في اللغة والخيال الى ذرى الشعر الرفيع، لا يقف في سبيله اتفاقنا أو اختلافنا مع كاتبه حول ما قد يكون قد دخل في تكوينه من عناصر فلسفة.


ثم يمضي قائلا :
Quote: وفي شعر سنغور مسيحية كاثوليكية تأصلت فيه منذ طفولته يغشى مدارس المبشرين،ثم في شبابه يقرأ توما ألاكويني-ابن رشد الكاثوليكية – ويعجب بروحاينة بيار تيلهارددي شاردين.ولكنها كاثوليكية من قرأ الماركسية، وتفتح على سريالية بريتون التي رفعت الغطاء عن بركان اللاوعي و أرادت ان تحطم كل ما يغل القوى الخلاقة البدائية في الانسان"

ص 37-38
ثم يتحدث عبد الحي عن سؤال وجِّه لسنغور:
Quote: قيل لسنغور ان ما تدعي أنه خاصة زنجية،متسرب في شعوب وقبائل لا تمت لافريقيا بصلة،فكان أن قال "حسنا،أقول انهم يمتون" للزنوجة "بصلة.يعني انه يهتم بالروح الذي يعلن عن نفسه في تلك الخصائص،أكثر من اهتماهه بالشخصية العنصرية.

ص 38
ثم يلخِّص عبد الحي تجربة سنغور الشعرية قائلا:
Quote: امتزجت التجربة الافريقية ،بالتجربة الاوروبية المسيحية، بالتاريخ الشخصي في حياة الشاعر.وقد حدد هذ الامتزاج شخصية الهيكل الداخلي للتجربة الشاملة في شعره.
ص 39
ولتلخيص التجربة الشعرية لسنغور ،اورد عبد الحي المخطط التالي:
1-افريقيا الخيال = مملكة الطفولة = الفردوس
2-أوربا =نمو الوعي والاحساس بالتناقض =السقوط
3-الرجوع الى افريقيا =مملكة الطفولة تبعث التجربة الاوروبية = الخلاص الرجوع الى الفردوس
ص 39

من ذلك المخطط الذي أجراه عبد الحي ،نلمس الثنائيات الضدية القائمة بين الافريقي وبين الأوروبي.


*********************
*محمد عبد الحي:أقنعة القبيلة –قصائد من الشعر الإفريقي المعاصر-ترجمات ودراسات –إدارة النشر الثقافي –مصلحة الثقافة-وزارة الثقافة والإعلام –الخرطوم –الطبعة الأولى -1976

Post: #430
Title: Re: التمثيلات في "أقنعة القبيلة"
Author: munswor almophtah
Date: 11-14-2006, 10:17 PM
Parent: #429

الأخ أسامه....الله سبحانه وتعالى قال(ولئن شكرتم لأزيدنكم) فغاية الشكر زيادة الخير وكعبه الرقده بعد الشكر..........................


مع خالص التحايا


منصور

Post: #431
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-15-2006, 00:01 AM
Parent: #1

نشر الطيب مصطفى مقالا في جريدة :
الانتباهة
كرد على مقال لمحمد المكي ابراهيم عن الغابة والصحراء ،
و أثر الحركة الشعبية ومقولاتها عن السودان الجديد كون انها اعطت الغابة والصحراء دفعا جديدا،
حسب وجهة نظر شاعرنا الكبير.
ونكتشف في المقال جهل الطيب مصطفى بكل من مقولات الغابة والصحراء ومقولات الحركة الشعبية عن :
السودان الجديد
وفي مقال الطيب مصطفى نجده يصنف مقولات الغابة والصحراء ومفهوم السودان الجديد،
بأنها تصب في خانة العداء للعروبة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فالي المقال:

زفرات حرى

الطيب مصطفى

بين الغابة والصحراء ومشروع السودان الجديد‮!‬

يقول الأستاذ محمد المكي‮ ‬ابراهيم إن دخول الحركة الشعبية بفكر السودان الجديد الذي‮ ‬تتعايش فيه كل الاثنيات في‮ ‬مساواة وسلام أعطى قوة دفع جديدة لتيار الغابة والصحراء خاصة بعد إعلان الجهاد على الحركة الشعبية‮ »‬مما خلق أزمة فكرية لدى أجيال من السودانيين عبرت عن نفسها بأشكال متعددة منها التعاطف ومنها الانتماءالصريح ومن كل ذلك إعادة الافروعربية إلى الظهور‮«‬ ضحكت حينما قرأت هذا الكلام الغريب الذي‮ ‬لا أظن أن كاتبه نفسه‮ ‬يصدّقه‮! ‬عن أي‮ ‬أجيال سودانية‮ ‬يتحدث الرجل وأي‮ ‬أزمة فكرية ؟ أيعني‮ ‬بالأجيال الشيوعيين والعلمانيين الذين لا‮ ‬يمثلون بضع في‮ ‬المئة من الشعب السوداني‮ ‬ومن الذي‮ ‬قال للرجل إن الجهاد منكر عند الشعب السوداني‮ ‬المسلم الذي‮ ‬يقرأ آيات الجهاد في‮ ‬القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار مما‮ ‬يصيبه بالحرج منه ويولّد لديه أزمة فكرية؟‮!‬ أما إعجاب الكاتب بما سماه ب»الزعيم الوطني‮« ‬قرنق فهو مما‮ ‬يعكس طبيعة العلاقة الفكرية المشتركة المبغضة للعروبة بين الرجلين ويكفي‮ ‬أن أذكر هنا ما قاله قرنق حول الحركة الشعبية حيث‮ ‬يقول‮ »‬الهدف الرئيسي‮ ‬للحركة الشعبية هو انشاء السودان الجديد وهو‮ ‬يعني‮ ‬انتهاء النموذج العربي‮ ‬الاسلامي‮ ‬وإعادة بناء السودان وفق رؤية الحركة للسودان الجديد عن طريق الاحلال والإبدال‮«‬ محمد المكي‮ ‬ابراهيم‮ ‬يقول إن النقد الحديث صار‮ ‬ينسب إلى مدرسة الغابة والصحراءعدداً‮ ‬من المبدعين الذين عارضوها أول ظهورها كالشاعرين صلاح احمد ابراهيم ومصطفى سند وحجته في‮ ‬ذلك أنهما نظما شعراً‮ »‬ينضم إلى منظومة الشعر السوداني‮ ‬الساعي‮ ‬لتمييز نفسه عن بقية آداب اللغة العربية في‮ ‬بلادها الأخرى‮« ‬عن أي‮ ‬تمييز‮ ‬يتحدث الرجل‮ ‬يا ترى وهو‮ ‬يعلم أن أي‮ ‬شعر‮ ‬يعبّر عن البيئة التي‮ ‬ينظم فيها فالشعر المصري‮ ‬يعبر عن البيئة المصرية وكذلك الأندلسي‮ ‬والسوداني‮ ‬فهل‮ ‬يعني‮ ‬هذا أن‮ ‬يُنفى عن الشعر المصري‮ ‬الناطق بالعربية أنه عربي‮ ‬ثم كيف‮ ‬يجوز للرجل أن‮ ‬ينسب‮ - ‬وبالقوة‮- ‬إلى الفكرة من عارضوها بل كيف‮ ‬يعتبر محمد عبد الحي‮ ‬ثالث ثلاثة من مؤسسيها وهو الذي‮ ‬انسلخ عنها وأعلن باعتراف محمد المكي‮ ‬ابراهيم عدم وجود مدرسة فنية اسمها الغابة والصحراء ؟‮! ‬ثم أيهما أكثر معقولية منطق المحجوب وصلاح احمد ابراهيم ومصطفى سند وطمبل والذي‮ ‬تواضع عليه الناس في‮ ‬كل العصور والأزمان بأنهم‮ ‬ينطقون‮ »‬شعراً‮ ‬عربياً‮ ‬بقسمات محلية‮« ‬أم فكرة الغابة والصحراء التي‮ ‬تنكر صفة العربي‮ ‬لأسباب عرقية وعنصرية؟‮!‬ كذلك‮ ‬يحق للمرء أن‮ ‬يتساءل عما‮ ‬يقصده الرجل بعبارة‮ »‬آفروعربي‮« ‬وهل‮ ‬يعني‮ ‬بعبارة‮ »‬آفرو‮« ‬المعني‮ ‬الجغرافي‮ ‬أم العرقي‮ ‬؟ بالطبع أستطيع أن أجزم أنه‮ ‬يشير إلى العرق بمعنى‮ »‬الزنجي‮« ‬المقابل‮ »‬للعربي‮« ‬في‮ ‬كلمة‮ »‬آفروعربي‮« ‬ولكن إذا كان الأمر كذلك لماذا لا تستبدل عبارة‮ »‬آفرو‮« ‬ب‮ »‬الزنجي‮« ‬حتى‮ ‬يكون التعبير دقيقاً‮ ‬ذلك أن كلمة‮ »‬أفريقي‮« ‬لا تعبر تعبيراً‮ ‬صحيحاً‮ ‬عن‮ »‬الزنجي‮« ‬خاصة وأن كلمة‮ »‬افريقية«اسم أطلقه العرب على تونس القديمة؟‮! ‬لكن دعاة الزنوجة باتوا‮ ‬يشيرون به إلى عنصرهم الزنجي‮ ‬وهذا ما‮ ‬يعضد رؤية الأستاذ صلاح أحمد ابراهيم الذي‮ ‬كان‮ ‬يعتقد بحق أن الغابة والصحراء نسخة أخرى من حركة الزنوجة التي‮ ‬قادها سنغور وايمي‮ ‬سيزار وهي‮ ‬قريبة من‮ »‬السودانوية‮« ‬التي‮ ‬كان‮ ‬ينادي‮ ‬بها أحمد الطيب زين العابدين وقد وجد جون قرنق وكثير من الشيوعيين والعلمانيين المعادين للهوية العربية الاسلامية بالسودان في‮ ‬كلتا المدرستين ضالتهم‮ .‬ ثمة سؤال‮ ‬يطرح هنا وهو ألا‮ ‬يعتبر الأدب الأندلسي‮ ‬بفنياته الجديدة كالموشحات أدب عربي‮ ‬ثم ألا‮ ‬يعتبر الدوبيت السوداني‮ ‬والشعر الحديث أدباً‮ ‬عربياً‮ ‬بل ألا‮ ‬يعتبر عربي‮ ‬جوبا رغم ركاكته لغة عربية وهل هناك ما‮ ‬يمنع أن تطوّر أي‮ ‬بيئة فنياتها في‮ ‬اطار الأدب والشعر العربي‮ ‬؟‮!‬ إن الأدب العربي‮ ‬يظل أدباً‮ ‬عربياً‮ ‬مهما كانت فنياته طالما أنه‮ ‬يعتمد الحرف العربي‮ ‬ويستند إلى اللغة العربية والنحو العربي‮ ‬المعلوم أما إذا كان هؤلاء‮ ‬يريدون أن‮ ‬يصنعوا لغة جديدة بحرف جديد تحل محل اللغة التي‮ ‬نتحدث والحرف الذي‮ ‬نكتبه كالحرف اللاتيني‮ ‬مثلاً‮ ‬على‮ ‬غرار ما فعله أتاتورك فليقولوها صريحة فنحن نعلم أن هناك محاولات دؤوبة برعاية أمريكية لكتابة بعض اللهجات المحلية مثل البدويت في‮ ‬شرق السودان والتي‮ ‬نُظمت لها ورشة في‮ ‬أسمرا قبل نحو عامين تحت رعاية إحدى المنظمات الأمريكية‮ ‬وكذلك لإحياء بعض اللهجات المنقرضة في‮ ‬الشمال وليس في‮ ‬الجنوب الذي‮ ‬لا‮ ‬يسرى عليه هذا المخطط‮!.‬ تأملوا بربكم كلام محمد المكي‮ ‬ابراهيم وغوصوا في‮ ‬معانيه حين قال‮ »‬أما نحن فنريد شعراً‮ ‬سودان
اً‮ ‬وأن ننتج لغة جديدة وفنيات جديدة تعبر عن البيئة الافريقية التي‮ ‬نعيشها‮« ‬لست أدري‮ ‬والله ما‮ ‬يعنيه الرجل بالبيئة الافريقية التي‮ ‬نعيشها أيعني‮ - ‬مرة أخرى‮- ‬المنطقة الجغرافية التي‮ ‬يعيش فيها المصريون والتونسيون كذلك أم العرق أم الثقافة ؟‮! ‬خبروني‮ ‬بربكم ألا‮ ‬يعني‮ ‬هذا إنحيازاً‮ ‬فقط للعنصر الزنجي‮ ‬الذي‮ ‬بات‮ ‬يُعرف بالأفريقي‮ ‬؟‮! ‬ثم هل نحتاج إلى أن نذكر بأن الرجل‮ ‬يرفض أن‮ ‬يسمي‮ ‬الشعر الذي‮ ‬يكتبه عربياً‮ ‬لكنه‮ ‬يريده شعراً‮ ‬سودانياً‮ ‬افريقياً‮ »‬يعبر عن البيئة الافريقية التي‮ ‬نعيشها؟‮!‬ إن الفرق بين المحجوب وطمبل ومصطفى سند وصلاح احمد ابراهيم وبين رافضي‮ ‬العروبة وعاشقي‮ ‬الافريقانية هو‮ - ‬ببساطة شديدة‮ - ‬أن المحجوب‮ ‬يقول إنه‮ ‬يكتب شعراً‮ ‬عربياً‮ ‬طالما أنه ناطق بالعربية لكنه في‮ ‬نفس الوقت ليس كارهاً‮ ‬لتأثير البيئة الافريقية وإنما مستجيباً‮ ‬لها فهو شعر وفيٌّ‮ ‬للبيئة السودانية أو قل الافريقية كما هو الحال في‮ ‬أي‮ ‬شعر أو أدب في‮ ‬العالم‮ .. ‬يتأثر بالبيئة التي‮ ‬يعيش فيها الشاعر أو الأديب‮.‬ ثم أرجو أن‮ ‬يتأمل القارئ الكريم في‮ ‬عبارة محمد المكي‮ ‬عندما قال إنه‮ ‬يريد أن‮ ‬ينتج‮ »‬لغة جديدة وفنيات جديدة‮« ‬وفي‮ ‬قوله كذلك أريد‮ »‬أن أفرض ذاتي‮ ‬على اللغة العربية‮«!.‬ أقول للرجل إننا نعتبر عربي‮ ‬جوبا عربي‮ ‬دعك من أن نشكك في‮ ‬عروبة شعر المحجوب أو محمد المكي‮ ‬ابراهيم وبما أن محمد المكي‮ ‬يريد أن‮ ‬ينتج لغة جديدة فإني‮ ‬أنصحه وأنصح مدرسته والمدرسة السودانوية أن‮ ‬يتبنوا عربي‮ ‬جوبا الذي‮ ‬هو‮ »‬إنتاج لغوي‮ ‬جديد بفنيات جديدة‮« ‬ويسموه الشعر السوداني‮ ‬ولا بأس من إضافة كلمة‮ »‬الجديد‮« ‬المنبثقة عن مفهوم‮ »‬السودان الجديد‮« ‬الذي‮ ‬تسعى الحركة الشعبية وحلفاؤها إلى إعادة صياغة السودان الحالي‮ ‬وفق مفهومهم في‮ ‬كل شأن بما في‮ ‬ذلك اللغة ولذلك‮ ‬ينشط أدباء الحركة الشعبية في‮ ‬إيجاد سودان جديد في‮ ‬مجال الأدب‮ ‬يرفض حتى استخدام كلمة عربي‮ ! ‬ثم بعد أن‮ ‬يتبنوا عربي‮ ‬جوبا فإني‮ ‬أنصحهم أن‮ ‬يسعوا إلى تعميمه على السودان كله ليحل محل اللغة التي‮ ‬يتحدث بها الشماليون وذلك حتى‮ ‬يتسق مع الحملة المحلية والدولية لإضعاف اللغة العربية وإحياء اللغات المنقرضة وكتابة‮ ‬غير المكتوب منها‮!.‬ على كل فإني‮ ‬لا أشك لحظة في‮ ‬أن مشروع السودان الجديد‮ ‬يمضي‮ ‬في‮ ‬مختلف الاتجاهات التي‮ ‬ترمي‮ ‬كلها إ لى تحقيقه من خلال وسائل متعددة‮ ‬يأتي‮ ‬إضعاف اللغة العربية وانكارها في‮ ‬مقدمته‮.‬ هل فهمتم لماذا عقد إتحاد الكتاب ورشة حول الهوية في‮ ‬قاعة الشارقة قبل نحو شهر وكان من بين أوراقها‮ »‬مدرسة الغابة والصحراء‮« ‬و»السودانوية«ومشروع السودان الجديد الذي‮ ‬تحدث عنه الشيوعي‮ ‬وعضو الحركة الشعبية الواثق كمير وهل فهمتم لماذا عاد محمد المكي‮ ‬ابراهيم الآن وليس في‮ ‬أي‮ ‬وقت مضى للتبشير بمشروع الغابة والصحراء وبعثه من مرقده بعد أن هلك؟‮!‬ اختم بإبداء ملاحظة أخيرة وهي‮ ‬أن الكاتب في‮ ‬مقاله تعمّد ارتكاب ذات الخلط الذي‮ ‬يعمل الاعلام الغربي‮ ‬على ترسيخه في‮ ‬إطار الحملة على العرب والعروبة في‮ ‬السودان والتي‮ ‬تقع ضمن مشروع السودان الجديد وذلك حين وضع كلمة‮ » ‬الجنجويد‮« ‬في‮ ‬مقابل‮ »‬الزرقة‮« ‬بما‮ ‬يعني‮ ‬أن الجنجويد هم العرب الذين‮ ‬يكرههم الكاتب بل‮ ‬يرفض حتى تسمية شعره منسوباً‮ ‬إلى لغتهم‮ .. ‬لغة القرآن الكريم‮


!‬
http://www.alintibaha.sd/writerdetails.aspx?colID=191


Post: #432
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-17-2006, 12:58 PM
Parent: #431

الاستاذ ود الخواض

شكرا على رفدنا بمقالة نافخ الكير العنصري الطيب مصطفى

فامثاله لايرون في الغابة والصحراء إلا اللون الذي لايروق لهم

فلا نعجب إذاً إن لم يأت من بينهم مبدع

Post: #433
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-17-2006, 11:19 PM
Parent: #432

عزيزي حيدر صاحب الحوش الصغير
تحياتي
لا شكر على واجب
لكن لا بد من الاشارة الى ان محمد المكي ابراهيم نفسه في انتباهته للتجربة الامريكية،
وهي تجربة ضخمة ازاء النظر الى مسائل العلاقات بين الثقافات،
لم يتبين للاسف ،الفرق بين الكنايات الثقافية التي طرحتها التجربة الثقافية الامريكية.

فشاعرنا الكبير يخلط مثلا بين مشروع الغابة والصحراء اي المصهر ،
وبين فهم الحركة الشعبية لمسالة العلاقة بين الثقافات السودانية
وقد اشرت الى فهم محمد المكي ابراهيم الخاطئ ،في مداخلة لي ،
حين ربط جنوبيات المجذوب بما اقترحته التجربة الثقافية الاميريكية حول مسالة :
الكنايات الثقافية
الغابة والصحراء تنطلق من نموذج للانصهار ،
تريد تعميمه على بقية الثقافات
و هذا ما ترفضه ثقافات كثيرة .
والاجدى كما قال :
ع.ع.ابراهيم
هو البحث ،بلغتي ،عن كناية اخرى غير كناية المصهر
وسنرى ان جون قرنق ،وهو من المتأثرين بالثقافة الامريكية في ما يتعلق بالمصهر،
يرى ان المصهر اصلا لم يتحقق ،
وانما يمكن ان يتحقق في شروط و ظروف اخرى.
وسنعود لذلك
احب ان اشكر صديقنا :
منصور المفتاح على شكره للمتداخلين هنا،
رغم انه اتى مبكرا
كما احب ان انوه انني اعاني من مشكلات تقنية لا تتيح نشر ما تبقى لي من مداخلات
و اتمنى ان اعالجها يوم الاثنين كان الله هون
محبتي
المشاء

Post: #434
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-19-2006, 10:06 AM
Parent: #433

مَرحى .. تُطِلُّ الشمسُ هذا الصُبحُ من أُفقِ القبول
لُغةً على جسد المياه
و وهْجُ مِصباحٍ منَ البلور في ليلِ الجذورْ

Post: #435
Title: عن عشاري وصورة الجنوبي في الخطاب العربسلامي ك"بدائي وحش ومفترس"
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2006, 01:01 AM
Parent: #434

فاتني ان أنبه الى مقال مهم نشره الدكتور عشاري،
نفعنا الله بعلمه و شجاعته،
وهو مقال نشر في بدايات الانتفاضة ،
من خلال اصدارة كان يصدرها التجمع الوطني،
وكانت بعنوان:
صورة جون قرنق في كلمة الصحافة

وفيها نجد الصورة الكريهة للجنوبي ،
باعتباره:
Quote: بدائيا متوحشا شرسا Ignoble Savage


وقد ناقشت عشاري بعد ذلك بمدة حول ذلك المقال المهم.
فقال لي انه يحاول تطبيق ما تعلمة من نقد الخطاب الصحافي في امريكا.

ارجو ان نجد من يعيد لنا نشر ذلك المقل المهم في رأينا.

وبعد ذلك المقال نشر عشاري مقالا عن الفبركة في ما اسمي بالمؤامرة العنصرية التي حاول ان يروج لها رئيس الوزراء في ذلك الوقت :
الدكتور الجزولي دفع الله

وقد ثبت فعلا بعد المحاكمة ان ذلك كان فبركة متقف عليها من انصار الخطاب العربسلامي .
محبتي للجميع


المشاء

Post: #436
Title: Re: عن عشاري وصورة الجنوبي في الخطاب العربسلامي ك"بدائي وحش ومفترس"
Author: osama elkhawad
Date: 11-22-2006, 01:56 AM
Parent: #435

نبدأ الآن رصدنا المتواضع للبدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني
وارجو ان يتسع صدر القراء لي ،
لاسباب تقنية
وسنبدأ ب:
عبد الله بولا
اذ انه يضيئ لنا سؤالا اساسيا حول ملاحقة :
الفيا
لعبد الله ابراهيم

فالفيا يعتقد ان بولا وآخرين لم يذكرهم،
من المسوقين لافكار ع.ع.ابراهيم و حسن موسى،
او كما نقل الفيا ذلك من آخرين سنشير اليهم بحسب شهادة الفيا،
و تبريره لملاحقة ع.ع.ابراهيم ،
كرد فعل للمسوقين لفكر عبد الله علي ابراهيم ،


المشاء

Post: #437
Title: Re: عن عشاري وصورة الجنوبي في الخطاب العربسلامي ك"بدائي وحش ومفترس"
Author: munswor almophtah
Date: 11-22-2006, 03:22 AM
Parent: #436

صديقنا الفياالذى تاتا الهويه حتى مشت بلا عجل فى سوح المعارف بملامح سودانوية سوية تأبى أن تكون غيرها.... يبدأ الآن مشوارا آخر....فجر أطل عليه وعروسته بهوية ملحمة تحمل كل ملامح السودان...طفلة جاءت فى زمان الهويه ويراع والدها غير الواهى يغوص فى هلامى بحرها بدراية ومهاره فألاف التهانى للفيه وزوجته بهذه الطفله المباركه وأمانينا أن تكون سماحا يتوحد به به تعدد السودان وتنوعه...................................................



منصور

Post: #438
Title: Re: عن عشاري وصورة الجنوبي في الخطاب العربسلامي ك"بدائي وحش ومفترس"
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-22-2006, 09:42 AM
Parent: #437

تهانينا الحارة يا عجب لمقدم الامورة


.............

الاستاذ/ اسامة

اعتقد ان في الرابط ادناه مخزون ثر قد يرفد النقاش من زاوية ما خاصة وان صاحبه الاستاذ/ احمد

الامين عضو المنبر قد ساهم بمداخلات ثمينة ورصينة في هذا البوست


إشارة وشذرات من كتاب الصراع وإلإنتماء في الشعر الثقافي السوداني المعاصر للدكتور محمد عبد

الحي 1944-1989 ...ترجمة أحمد الأمين أحمد

http://www.sudaneseonline.com/aarticle2006/dec12-39604.shtml

اتمنى ان يكون ايرادي للرابط اعلاه بمثابة تحريض لعودة الاستاذاحمد الامين للمساهمة بمزيد من

لمداخلات

Post: #440
Title: Re: عن عشاري وصورة الجنوبي في الخطاب العربسلامي ك"بدائي وحش ومفترس"
Author: Agab Alfaya
Date: 11-23-2006, 12:15 PM
Parent: #437

Quote: صديقنا الفياالذى تاتا الهويه حتى مشت بلا عجل فى سوح المعارف بملامح سودانوية سوية تأبى أن تكون غيرها.... يبدأ الآن مشوارا آخر....فجر أطل عليه وعروسته بهوية ملحمة تحمل كل ملامح السودان...
الف شكر الصديق الاديب المفوه /منصور المفتاح على هذه الكلمات والتهنئة بقدوم سارة جعلها الله من السارات المسرورات ،
ونسال الله ان يخلي ليك وليداتك وبنياتك ويديم عليكم السعادة الصحة والعافية. امين

ووصلا لربط هذه التهنئة بموضوع النقاش اقول انه عندما نشر استاذنا محمد المكي ، قصيدته : " بعض الرحيق انا والبرتقالة انت " والتي يقول فيها : الله يا خلاسية!
رد عليه الشاعر مصطفى سند المعروف بميوله العروبية بان محمد المكي انما حاكى الشاعر الفرنسي شارل بودلير الذي كان يهوي خلاسية حسناء . وفي ذلك جاء تعليق محمد المكي على سند :
" هواه العروبي جعله يتوجس منا ظانا اننا ضد العروبة وتجلياتها السودانية غير عالم اننا اقرب الناس اليه فنا وفهما. وكان سند قد اختصني شخصيا بكثير من سوء الفهم فلكوني درست في فرنسا وعشت في السنغال نسب الكثير من شعري الى الفرنسيين حتى انه اعتبر (الخلاسية) تأثرا ببودلير الذي للمصادفة كان يتعشق امراة خلاسية بينما انا - وهو وكافة معشوقاتنا - خلاسيون من ارحام عرب - أفريقية وقد مضى اسلافنا على ذلك النهج قبل ان يولد بودلير بألف أو بخمسمائة عام على أسوأ الفروض. "





Post: #439
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-23-2006, 01:16 AM
Parent: #1

B][Bصاحب الحوش الصغير :
حيدر
سلام
نتمنى عودة الاستاذ:
أحمد الامين أحمد
فهو مهم لتطور النقاش ،خاصة انه قريب من عبد الحي ،
وفي نفس الوقت مترجم له.
في الترجمة هنات ،يمكن ان نعود اليها في بوست منفرد،
ربما يعود الأمر لأخطاء طباعية.
نتمنى عودته ،وفي اسرع وقت ،لو سمحت ظروفه.
بالنسبة لي ،احب ان انوه مرة اخرى ان كمبيوتري اصابه فيروس،
ولذلك اواصل العمل على البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني من كومبيوترات اخرى ،
بحسب ما يسمح الظرف.
جهزت مقاربة بولا ِ،
وهي مقاربة طويلة،
لكنها تحتاج لجهد أكبر بحيث تخرج بشكل معقول ،
ذلك انها موزعة في بوستات متعددة ،
ضمن حوارات بولا المعروفة في بوسته "السلبة".
وبولا من المختصين في مسالة الهجنة ،
بحكم اهتمامه بنقد التجربة التشكيلية لمدرسة الخرطوم ،
و اتجاه الغابة والصحراء الشعري.
وفي نقده للغابة والصحراء يثير نفس الملاحظة النقدية التي قلنا بها في بوست الافروعروبية،
ان الغابة والصحراء هي تبسيط مخل
و من اللافت في نقده لذلك التبسيط حول هجنة الوسط والشمال السوداني،
انه ادرج عبد الحي نفسه ،باعتباره صاحب هجنة مختلفة ،
لم يلتفت اليها عبد الحي شخصيا ،
و يتمثل ذلك في ان لعبد الحي جذورا تركية،
حسب روايته لبيان.
ويرى بولا ان ذلك التبسيط وتلك الخفة في فهم الهجنة ،
يتماثلان مع ايديولوجيا الافندية
وفي هذا الصدد الطبقي،
يحاول بولا ان يربط بين الممثلين الايديولوجيين لفئة الافندية،
و بين تبسيطهم المخل لمسالة الهجنة التي يرى بولا انها في غاية التعقيد.
اذن بولا يرى ،وهذه لغتي انطلاقا من "غولدمان"،
ان رؤيا عبد الحي ،ومحمد المكي ابراهيم والنور عثمان ابكر،
لمسالة الهجنة،تعكس رؤيا الافندية لاشكالية الهجنةفي وسط وشمال السودان.
وقدأشار بولا مرات عديدة الى القراءة الخاطئة التي تمت لنصوصه ،
وأيضا لنصوص ع.ع. ابراهيم.
كماأشار بولا الى علاقة رواد الغابة والصحراء ب:
الزنوجة
من خلال احتفاء محمدالمكي ابراهيم بسنغور ،
وأثر سنغور على عبد الحي في ما يتعلق ب:
البراءة الأولى
وهي تمثل في نظر سنغور العودة الى الجذور .
وسأعود
محبتي
ارقدوا عافية


المشاء

Post: #441
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 11-23-2006, 12:38 PM
Parent: #1

شكرا الاخ الاستاذ حيدر حسن ميرغني
على التهنئة ويخلي ليك امورتك الحلوة دي ويديكم الصحة والعافية
ويغمركم بالسعادة والرفاه


واعتذر للاخوة المتابعين عن الانقطاع بسبب بعض الانشغالات . ونواصل

Post: #442
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 11-23-2006, 07:31 PM
Parent: #441

على هامش الندوة الثقافية لوداع الباقر العفيف في واشنطن

حول محاولات اختطاف الوجه العربي للسودان وطلب فدية

حسن أحمد الحسن
[email protected]

يقول إدوارد سعيد «الإسلام تراث يشملنا جميعا». والأفريقية لم تكن يوما رابطة عنصرية بل هي رابطة سكانية وجغرافية تضم العرب وغيرهم كما كان يرى ذلك نيريري ونكروما وكينياتا وبن بيلا وسنغور، والسودان بحكم تكوينه أشبه بأفريقيا مصغرة .

يجمع غالبية الباحثين السودانيين أن سياسة الإدارة البريطانية كانت ترتكز إلى ركيزتين مهمتين لدعم مفهوم القبيلة والقبلية في السودان لدعم مصالحها وهو ما عبر عنه أحد قادة مؤتمر الخريجين فيما بعد الأستاذ أحمد خير المحامي بسياسة فرق تسد. وتمثلت هذه السياسة في الإدارة الأهلية من ناحية والسياسة المعلنة تجاه الجنوب من الناحية الأخرى .
ومع التطور الفكري في الشمال تقلصت القبلية أو كادت تندثر لعوامل مهمة أبرزها قيام الثورة المهدية التي عملت على توحيد السودانيين حول أهداف وغايات وطنية. وعامل آخر هو قيام مؤتمر الخريجين الذي كان يقاوم السياسة البريطانية ويدعو للتوحد والوحدة وتجاوز مفاهيم القبيلة إلى المفهوم الوطني الواسع. ومنذ العام 1919م قررت الإدارة البريطانية بصورة فعالة إضعاف الصلة بين الشمال والجنوب من ناحية وإضعاف صلة الشمال بمصر من ناحية أخرى وذلك من خلال سياسات معينة كسياسة المناطق المقفولة وإطلاق دعاوى وأقاويل كثيرة حول هوية السودان.

إن هذه الدعاوى تمثلت في أن السودان هو في الواقع سودانان، سودان عربي مسلم مرتبط بالعالم العربي والشرق الأوسط وسودان آخر هو الجنوب وهو إقليم أفريقي زنجي غير عربي لا يمت بصلة للأول مع بذل جهود منظمة لمحو الآثار العربية والإسلامية في الجنوب التي تسربت من غرب وشرق أفريقيا بدقة ملحوظة. وهنا يثور التساؤل حول هوية السودان هل هو عربي مسلم أم هو زنجي مرتبط بالموروثات الأفريقية .

والحقيقة هي أن السودان عربي أفريقي وعروبته عروبة ثقافية وحضارية ليست مرتبطة بالعرق والعنصر لاسيما وقد أثبتت أحدث النظريات في مجال علم السكان أنه لا يوجد نقاء عرقي بالمعنى المطلق .

وقد عرفّ الإسلام العروبة بأنها عروبة ثقافية (كل من تحدث العربية فهو عربي). ومنذ ظهور الإسلام تبدد التعريف العنصري للعروبة وانتشر العرب في الأمصار ينشرون الإسلام ويختلطون بأهل تلك البلدان فأصبحت العروبة إطارا ثقافيا وأصبح العرب أصحاب رسالة حضارية عنوانها ( قرآنا عربيا ) لكل العالمين .

وبهذا المعني فإن الذين يخطئون بتبني مفهوم أو تعريف عنصري أو شعوبي للعروبة لا ينال بالضرورة من جوهر الفهم الصحيح للعروبة كهوية ثقافية وحضارية غير عنصرية .

تعرف الهوية بأنها مجموع القيم والمبادئ والمعتقدات التي تشكل سلوك وتصرف الإنسان في مختلف أبواب الحياة والسياسة لاسيما في إطار هويات كثيرة ومتنافسة فيما يتعلق بقضايا كقضية الحكم والثروة والتنازع بين المركز والإقليم .

والعروبة تعتبر هوية ثقافية ولغوية تتصل بالإسلام ولا تنحصر في المسلمين، وقد عزز هذا التعريف المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد بقوله «الإسلام تراث يشملنا جميعاً» وتبعه في ذلك مفكرون مسيحيون عرب في مصر وسوريا والعراق. أيضا فإن الأفريقية ليست رابطة عنصرية أو عرقية حيث عرفها المفكرون والزعماء الأفارقة بأنها رابطة سكانية تضم العرب والزنج وكما أشرت إلي ذلك فإن الآباء الأفارقة نيريري ونكر وما وكينياتا وبن بيلا وليوبولد سنغور قد عززوا هذا المعنى بجدية واضحة في خطابهم .

وقال إن شعوب العالم العربي متفاوتة الدرجات في سحنتها وألوانها فتجد الأسمر في المغرب العربي والخليج ومصر واليمن والسودان مثلما تجد الأبيض والأشقر في سوريا ولبنان والعراق كذلك تجد الدرجات والتنوع الثقافي في الفن والفلكلور بدرجة توضح مدى التداخل وعمقه الإيجابي. وقال إن هناك تداخلاً ثقافياً وعرقياً في العالمين العربي والإسلامي، فهناك قطاعات واسعة من السكان يعتبرون غير عرب من حيث العنصر لكنهم استعربوا وتجد هؤلاء في الجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا والسودان ومصر، حيث تعتبر اللغة العربية لغة حضارة وثقافة ويطلق عليها في العديد من البلدان الإسلامية لغة القرآن. وأشار إلى مقولة قال إنها تنسب للنبي صلي الله عليه وسلم « كل من تحدث العربية فهو عربي»، مذكراً بالمفكرين والعلماء والقادة المسلمين الأوائل الذين أثروا الحضارة الإسلامية ابن سيناء والإمام الغزالي وسيبويه وصلاح الدين الأيوبي وغيرهم من أعلام الحضارة العربية الإسلامية الذين أكدوا البعد الثقافي والحضاري للعروبة. مؤكدا أن العروبة ثقافة وحضارة بالمفهوم الإسلامي وليست عنصراً أو عرقاً.

وكشف المحاضر عن أن هناك تيارات مناهضة تغذيها الصهيونية لتفتيت الكيان العربي المسلم بإعطاء العروبة بعداً عنصرياً لفض التداخل والتمازج العربي الأفريقي، مشيراً إلى ما يقوم به الباحثون الإسرائيليون في هذا المجال من خلال مراكز الدراسات والبحوث في إسرائيل وغيرها ملقياً الضوء على كتابات الباحث الإسرائيلي غاب ريال ووربيك التي تتحدث عن هوية السودانيين في الشمال والجنوب في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية، مشيراً إلى دراسة نشرت في هذا الخصوص للكاتب مترجمة في الكويت في العام 1990 وتتحدث أيضاً عن الأكراد في العراق بصورة تهدف إلى إثارة النعرات العنصرية وإثارة التناقضات بغرض إنفاذ الإستراتيجية الإسرائيلية لإضعاف وتفتيت العالم العربي بإثارة الأزمات بين الأقاليم حول الهوية والديانات والعناصر وقال إن هذه الوثيقة نشرت تحديداً في إسرائيل في الثمانينات وتركز بشكل واضح على السودان والعراق. وأضاف المحاضر أن ما يحدث حالياً في العراق من سعي إسرائيلي لعقد حلف بين الأكراد والإسرائيليين تهدف من خلاله إسرائيل للتأثير على إيران وتركيا، يوضح ذلك مثل سعيها المماثل من خلال جهدها الدؤوب في الحزام الأفريقي الذي يضم جنوب السودان لإثارة التناقضات والصراعات. وقال هذه للأسف مخاطر غير مدركة بالنسبة للعديد من الحكومات العربية ولم يتم التعامل معها كما يجب. وقال في ختام محاضرته إن التعددية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان هي السبيل الوحيد لضمان وحدة واستقرار بلد مترامي الأطراف كالسودان والذي تبلغ مساحته عشرة أضعاف مساحة المملكة المتحدة أي ما يعادل مساحة عشر دول أوروبية. وأشار إلى أن التسامح سمة أساسية من سمات المجتمع السوداني وهو ما يشكل أرضية صالحة للتعايش بين جميع أجزاء الوطن وهي قيم أرستها تعاليم الصوفية التي صاغت المزاج السوداني المتسامح، مركزاً على مفهوم الكرامة الإنسانية التي قال إن الإسلام كفلها لجميع أبناء آدم بغض النظر عن إسلامهم أو كفرهم وهي منصة الإنطلاق الرئيسية للإبداع والتطور.
وأجاب المحاضر على العديد من التساؤلات ومعلقاً على ما ورد من مداخلات الحضور.



Post: #443
Title: الهجنة والبدائي النبيل في خطاب عبد الله بولا
Author: osama elkhawad
Date: 11-24-2006, 05:21 PM
Parent: #442

بولا والبدائي النبيل:

في رد للفيا على بولا ذكر ان بولا تنبه الى مسالة البدائي النبيل عند المجذوب قبل ان ينبه اليها عبد الحي في نقده المتأخر لجنوبيات المجذوب التي احتفى بها في وقت سابق:
يقول الفيا
Quote: ثانيا : لقد كنت انت اول انسان تناقشني في ورقة ، الافروعربية ، يا بولا! لقد طلبت مني بعد الفراغ من تقديم الورقة في ندوة الثقافة والتنمية التي اقامها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة سنة 1999 ، طلبت مني نسخة من الورقة ،اخذتها وقراءتها ثم بعد حوالي ثلاثة ايام عدت وناقشتني فيها ، والنقطة الوحيدة التي تحفظت انت عليها في الورقة هي فكرة البدائي النبيل في قصائد المجذوب والتي نسبها عبدالله ابراهيم الي محمد عبد الحي ولكنك قلت لي انك انت اول من اشار الي تصوير المجذوب للجنوبي في صورة بدائي نبيل ، وليس عبدالحي !
وبخلاف ذلك لم تعترض او تتحفظ علي اي مسالة ، رغم ان العنوان هو نفس العنوان ولم تتغير في الورقة كلمة واحدة .فما الذي جد

<a href="http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=profile&nickname=agab¤20alfaya" target="_blank">http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=p...ckname=agab¤20alfaya
وفي رد على اتهام بولا للفيا بملاحقة ع.ع.ابراهيم ،علل الفيا ذلك كرد فعل على ما سماه بتسويق بولا ل:ع.ع.ابراهيم و آخرين من ضمنهم حسن موسى .
يقول الفيا رادا على بولا:
Quote: اذا صح وصفك للنقد الي وجهته للدكتور عبدالله ابراهيم بانه مطاردة محمومة ،فهذه المطاردة المحمومة ،هي رد فعل طبيعي جدا للاعجاب المحموم الذي ساهمتم انتم فيه بنصيب وافر ،
واحيانا يبدو لي ان دفاعكم هنا ،ليس عن عبدالله ابراهيم وانما عن هذا الاعجاب المحموم الذي قدمتم به عبدالله ابراهيم الي الاخرين ،
لا زلت اذكر الحماس الذي حدثتني به اول مرة عن مقالة: " تحالف الهاربين" .
ولعلك تذكر الندوة التي اقامها علي شرفك مركز الثقافات السودانية بالقاهرة سنة 1999والتي حضرنا اليها متاخرين انت وانا ومحمد خلف الله ،حيث تصدي لك الاخ بكري جابر بكلام قاس وقال لك :انت يا بولا شغال تسويق :تسويق عبدالله علي ابراهيم وحسن موسي ،
وقال لك انك انت كنت تدرسنا في الجامعة وتقول لنا ان عبدالله ابراهيم هو المفكر الوحيد في السودان وعندما قرآنا ه لم نجده بالمستوي الذي وصفته به !
ان مانقله قاله بكري جابر عنك عن عبدالله ابراهيم ،لا يزال يقال لطلبة الجامعات حتي الان !
ولذلك اذا جاء نقدنا صارما غير مجامل فانما لكل فعل رد فعل ،



ثم يرد بولا على الفيا،بخصوص مسألة الهجنة ،والتبسيط الذي قامت به الغابة والصحراء لهجنة شمال ووسط السودان،و ان مسالة الهجنة شديدة التعقيد،والخفة التي تعاملت بها الغابة والصحراء مع الهجنة ،هي تمظهر لايدلوجيا الافندية :
يقول بولا:
Quote: وتسري تحفظاتي على أمر الإفريقانية أيضاً وأمر الهجنة كذلك، إزاء نصوصك ونصوص عبد الله ونصوص آخري. ومما يزيد الأمر تعقيداً وضُغثاً، في خصوص قراءة نصوصي ومحاولات تصنيفي وتصنيف التيار والنموذج الذين "أمثلهما"، إنَّ آخرين غيرك، اعتبروني داعيةً عروبياً متعصباً من غير تحرٍ من واقع نصوصي أو معرفةٍ بواقع حالي، وواقع رأيي في التعقيد الرهيب الذي تتسم به هجنة الشمال والوسط. وهي تعقيداتٌ عصيةٌ جداً في رأيي. وأزعم أنك اقتحمتها من أدنى أبوابها إلى التبسيط: باب "مدرسة الغابة والصحراء"، ورفيقاتها، ومنهن "مدرسة الطيب صالح" إذا جاز لي هذا الاختراع، من رواد إيديولوجية التكنوقراط الأفندوية العضويين والمتطوعين، أو المبدعين الشوامخ، الذين ضلوا طريقهم إلى حوش الأفندويين، مثل عبد الحي وود المكي والنور عثمان أبكر، في غرارة الشباب، وغرارة زينة الوظيفة والامتيازات الأفندوية، مما استحقوا عليه في تقديري لعنة حسن موسى التي ساندتُه فيها، على شيءٍ من التحفظ، لأوضح به أن في مساندتي تلك إنما هي في معنى الذم في مقام المدح، الذي أهمل الحسن ود آمنه شقي الحال، عاصي القيد، المنعول الذي لا يتورع، بيانه. وذلك في معنى إنهم كتيرين على تكنوقراط السلطة الأفندوية، وكثيرين جداً على صعلوكٍ مثل نميري. (كما أن عبدالله كثير جداً، وجداً، وجداً على مهادنة ومجاملة جهلاءٍ مستبدين غُشماء وطغاة مثل البشير وزمرته). وربما سميت هذه الفئة السلطوية صاحبة إيديولوجية الهجنة السعيدة، "صفوة" البرجوازية الصغيرة "القُحة"، التي يقوم مشروعها السلطوي على مناهج التبسيط والترتيب والتبويب الأفندوية لثقافاتنا، وخلافاتنا، واختلافاتنا ونتوءاتها وتضاريسها العصية والوعرة، التي أرادوا تسويتها بجرة قلمٍ مكتبيةٍ واحدةٍ من هجنة سهلةٍ سعيدةٍ تسُر الناظرين إليها من السطح فقط. هذا في خصوص النميرية. أما "البشيرية الترابوية" (وإن أعلنت الأخيرة توبتها التي أشك في أن تكون نصوحا)، فإن قبولها المتأخر للهجنة، وللتعايش مع الآخر المختلف، إنما هو عندي، حتى إشعار آخر، نوعٌ من مكر إديولوجيي الرأسمالية الليبرالية الطفيلية العايرة التي تصلي بلسان وتتاجر بلسان، وتغش بلسان.
خلاصة قولي يا شيخي إن هجنتنا مستشكلةٌ عصيَّة التعقيد بصورةٍ قليلة النظير. كما أن إفريقيتنا "القحة" لا تقل استشكالاً. وأراك تميل إلى حل هذا الاستشكال في خصوص هجنة الشمال والوسط، بمفهوم الأغلبية والأقلية، وهو حلٌ أفندوي مكتبي، بيروقراطي في عمقه الحقيقي، ولا يشبهك فيما أعرف من سعة أمرك وصدقك وحسن سريرتك. (وقد يخطئ الإنسان دون سوء نية، ودون مؤامرة، بل أحياناً بكل حسن نيةٍ، وبراءة ونبل. وسوف تدوس بمثل هذا المعيار الإجرائي المكتبي الأفندوي، (إذا ما أصررتَ عليه)، على حساسياتٍ كثيرةٍ، وتقفز فوق حقائقَ جليلةٍ وتزري بنفرٍ مقدرٍ من النساء والرجال المبدعين الأشاوس في بلادنا، وأخشى أن يكون منهم عبد الحي نفسه، الذي أكدتً أنت أنه يخلو من أي قطرة دمٍ هجين. مع إن له جدةٌ كاهليةً، حسب ما أكده لنجاة من باب الحقائق القطعية. وقد تكون من الكواهلة الذين صاهروا البجا، أو من الكواهلة الذين اختاروا البجاوية لغةً وثقافةً لهم، أو من البجا الذين "تكهولوا"، إلخ. وهو في بحث الدكتورة بيان ينتمي، في سائِرِهِ، أي في جملة نسبة، فيما عدا الحبوبة الكاهلية، "إلى أسرة (...) ذات أصول تركية". فإذا كان ذلك صحيحاً، وهو عندي كبير احتمال الصحة، فإنك باقتراحك لغلبة العنصرين العربي والإفريقي، معياراً صَمَداً لتعريف هوية هجين الشمال والوسط، بذريعة أن ما عداهما أقليات يمكن تجاوزها في التعريف الرصين المبرَّأ من الإيديولوجيا، لهوية هذا الهجين، تكون قد هدمت بنفسك ركناً ركيناً من أركان مسعاك لإثبات الصواب المطلق، ومطابقة الواقع المطلقة، اللذين زعمتَهما لمدرسة الغابة والصحراء، في وصف، وتصنيف، ورصد وإثبات، واقع ووقائع العناصر المكونة للهجنة، ومن ثَمَّ لأحد شقي الهوية الثقافية الأساسيين. وهو هدم لحجتك الرئيسية أكثر وجوهه تورطاً في مجافاة منطق حقائق الواقع "القائمة هنا والآن"، إن أحد أهم شواهده يتمثل في أن "عمدة" مؤسسي المدرسة، التي اعتبرتَ مناط صواب رؤيتها لمشكل هوية الهجين اعتمادها معيار الأغلبية، وصرف النظر عن الأقليات بقرينة هامشية تأثيرها أو ضعفه، ينتمي إلى نفس هذه الأقلية التي يجوز إهمالها في عناصر التصنيف والتعريف الأساسية للهوية في زعمك! وسيكون هذا مآلاً سيئاً جداً وزلزلةً شديدةً لقرائن إثباتك، التي زعمت لها مطلق الصواب! فأما أن عبد الحي، وأمثاله من أبناء الأقليات، المبدعين الشواهق لا اعتبار لهم في تعريف الهجنة، على الرغم من مساهماتهم الثقافية العالية، أو أن معيار الأغلبية والأقلية في تعريف الهجنة الثقافية(و"المواطنة الثقافية") غير مناسب. (وربما جئتُك راجعاً، لو أسعفني الوقت، لأعرض عليك، وعلى البورداب من غير أهل التخصص، مشاهد وشواهد من تعقيد هذه الهجنة الثقافية و"العرقية"، تفلق الراس. وربما عدت إليك أيضاً لمناقشةٍ أكثر تعقيداً وتركيباً لمشروعية مفهوم عبد الله في خيار الانتماء الثقافي، وأصله في "نظرية الخيار الثقافي" ومشروعيته. أي في كونه صادرٌ عن نظريةٍ مشروعة هي الأخرى، لا يستقيم الحوار مع حَمَلَتِها بالتبخيس، والاستخفاف، والاتهام بالصدور عن محض إيديولوجيا لا قيمة لها في معايير العلم ومباحث الحقيقة). وسوف تجد في خيار أهلنا في مدن وقرى النيل ـ قبل أن تهجم الأسئلة على أجيالهم الجديدة في عقر دارهم، وفي عقر دور المهاجر العربية التي أوردهم إياها بؤس إدارة حَمَلة الثقافة العربية الإسلامية السلطويين للوطن، الذي أوردوه بدورهم موارد الهلاك المبين، من فرط استعلائهم بالأصل والعقيدة ـ جلَداً شديداً لا مجال معه لمناقشتهم على مسند استراتيجيةٍ وتاكتيكٍ، يعشمان في إقناعهم بالتراجع عن هذا الخيار الأصم "بي هينة"، وبتبسيطيةٍ مثل تبسيطية "الآفروعروبية" الغاشمة. وقد كفاني عبد الله مشقة الخوض في مواطن جَلَد الجنوبيين في الامتناع على مشروع الانتماء العروبي وموقفهم من خطة الهجنة. وخطة الهجنة يا سيدي كمشروعٍ للخلاص من فلقة التعدد موجودة في دوائر التخطيط الثقافي والسياسي في أوساط إيديولوجيي الثقافة العربية الإسلامية (الحاكمة منذ "الإستقلال") المعتدلين منذ زمنٍ طويل، طويلٌ طول تاريخ بداية الوعي بالمظالم والغباين، وبداية دوي المنابر والمدافع، في مسعى إزالة الغبائن التراجيدي. وفي ظني إن "إيديولوجيي" مدرسة الغابة والصحراء، (ونظرائهم في التشكيل، والموسيقى والرواية)، أكثرهم اعتدالاً و"لطفاً" إزاء المكون الإفريقي، فالغلاة يقترحون الإبادة، ولم يقصروا في السعي إليها وإن لم يوفقوا. والأقل غلواً يقترحون شتى صنوف الحيل لمحو الثقافات والهويات المزعجة، وأدوات ترميزها وتوقها وتعبيرها المستقل في إطار الوطن الواحد. وقد أوردتُ في ذلك شواهد عديدة في ورقتي "شجرة نسب الغول"، التي من فروعها رؤية الغابة والصحراء السعيدة "الحالمة"، في خصوص السياسية اللغوية والإبداع الأدبي التشكيلي والموسيقي والديني والفلسفي. إلا أنك لم تحفل بها.
وأرجو أن تعتبر هذه المداخلة من باب إعادة تأسيس الإشكالية واستعدال النقاش كما عبرتُ من قبل، في مداخلاتٍ أخرى، وكما عبر الصديق أسامة الخواض باستماتةٍ أشدُّ مما أقدر عليه بفعل وقتي اللئيم، في مداخلاته ببوستك. وأرجو أن تتأملها ملياً، وأن يتسع لها صدرك، حتى أجد "مَهَلةً لحوار مدققٍ فيها" معك، ومع مناصريك، ومخالفيك، من البورداب. وأختتم هذه المداخلة في مسعاي لتبيان تعقيدات الهوية والهجنة الثقافية والعرقية بالسودان، وموقفي منها، بوعدٍ بمحاولةٍ للمساهمة في تحديدٍ وجوه الإشكالية التي نعالجها، إشكالية التعدد، والتمازج، والاستقلال والفرادة، في تكويناتنا الثقافية والعرقية، وفي أسئلة وقضايا الهوية الثقافية في السودان، العديدة والشاقة، أزعم أنه قد يكونُ أكثر سعةً وتعميقاً، أو أتمنى أن يكون كذلك. وفي انتظار ذلك، أتمنى أن تضع اعتباراً لدعوتي لك إلى إعادة النظر في نموذجك الإرشادي أو مقارباتك الحوارية بحيث يكون فيها احتمالٌ لصوابٍ يمكن أن يأتي من الطرف المخالف. ذلك أنك زعمتَ من "قولة تيت" أن قراءة من تدافع عن صواب وجهات نظرهم من رواد الغابة والصحراء " تنطلق في الإجابة على السؤال من الهنا والآن، من اللحظة التاريخية المتشكلة والتي هي في حالة تشكل، من المكون الثقافي والعرقي الموضوعي المعطى على أرض الواقع بكل تجلياته وتعيناته المتعددة والمتشابكة(...) يمكن وصفها بالقراءة المعرفية". وإن قراءتنا نحن، عبد الله على ابراهيم، وحسن موسى وشخصي، تقع في دائرة "القراءات التي تنطلق في توصيف الهوية لا مما هو كائن فعلاً، بل مما يجب أن يكون. لا من الواقع المتشكل على الأرض، بل من الرغبة في إعادة تشكل هذا الواقع. لذلك فهي تعمد في مقاربتها لسؤال الهوية إلى الانتقاء والنفي والغربلة لمكونات الواقع الثقافية والعرقية حتى يتلاءم مع رغبتها الأحادية في تشكل هذا الواقع. ويمكن وصف هذا النوع من القراءات بالقراءة الأيديولوجية". وأوضحت، حتى لا تترك لنا منفذاً للنجاة، أنك لا تقصد بالإيديولوجيا في مداخلاتك تلك " المعنى السياسي والعقائدي وحسب بل (...) منظومة التصورات والمفاهيم التي لا تقوم على أسس موضوعية في الواقع" وأكدتَ هذا الزعم مرةً أخرى بقولك "فالأفروعربية عند جماعة الغابة والصحراء ليست تصوراً نظرياً لما يجب أن تكون عليه الهوية السودانية بقدر ما هي توصيف لما هو واقع فعلا. وأي توصيف بديل للآفروعربية لا يعدو أن يكون ذو بعد واحد يقوم على نفى الآخر. فإذا قلنا مثلا أن السودان بلد عربي خالص العروبة فلا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر الأفريقية، وإذا قلنا أنه بلد أفريقي خالص الأفريقانية لا يستقيم ذلك إلا بنفي العناصر العربية الإسلامية. ولا مخرج إلا بالإقرار بالبعدين العربي والأفريقي في بنية الهوية السودانية".
ومثل هذه العقيدة الصماء في صواب مقولات الغابة والصحراء، وفي نجاتها التامة من الاختزال والتبسيط الإيديولوجيين، يجعل الحوار معك غايةً في الصعوبة، إن لم أقل يجعله مستحيلاً أصلاً. ففضلاً عن أنك تبرئ نفسك، كما تبرئ الجماعة التي تعتقد بصواب أطروحاتها المطلق من مزالق الإيديولوجيا مُقَدَّماً، ومع سبق الإصرار، ورفع راية الإصرار في كل مرة يحاول فيها نفرٌ من المحاورين الصادقين المهتمين والمتابعين مثلك (أسامة وهاشم الحسن والنور)، بنصوصٍ صمدةٍ، مراجعتك في أمر هذه العصبية الباسلة، من دون قرائن أخرى، سوى الزعم بأن رؤيتهم مطابقة للواقع لأنها تقوم على اعتبار الهجنة العربية الإفريقية، بلا زيادةٍ ولا نقصان. مع أن في الأمر كثير من وجوه الزياداتٍ والنقصانٌ، حاول محاوروك إجلاءها والتعريف بها، لعلها تكون شفعاء عندك لمجرد اعتبار احتمال وجود حقيقةٍ لدى الأطراف الأخرى. وقد باءت مساعيهم بفشل مجلجلٍ، ومزلزلٍ، ومحيِّرٍ، حتى الآن. كما أنك لم تبذل طويل نظرٍ وكثير عناية بما يحيط بمفهوم براءة نصٍ ما، في ساحة العلوم الإنسانية، وقيل حتى الطبيعية أحياناً، والخطاب الثقافي بالذات، والشعري بصورةٍ أخص، من الإيديولوجيا! ففي حوارٍ جرى مع الفيلسوف الألماني الشهير يورغان هابرماس، ترجمتُه في العام الماضي إلى العربية، للجهة التي أعمل بها، سمىَّ فيه مفكر الحداثة وما بعد الحداثة الكبير، هذا النوع من الزعم بالتنزه عن الإيدويولوجيا، الذي يستند على مقولة "نهاية الإيديولوجيا"، التي يروج لها "مفكرو الليبرالية الجديدة، ب "إيديولجية دعاة نهاية الإيديولوجيا". هذا وأنا أدعوك أيضاً، استناداً على معطيات "الواقع المتشكل على الأرض"، التي أوافقك على اعتبارها من أهم مراجع ومحكات اختبار صدق المقولات والمفاهيم، إلى تأمُّل كون عبد الحي ومحمد المكي ابراهيم كانا كلاهما مثقفين عضويين، في لحظةٍ عظيمة الدلالة على التلبس بالإيديولوجية، ضمن "الانتلجنسيا النميرية"، وضمن زوار حوش الاتحاد الاشتراكي في أسوأ أطوار النميرية الاستبدادية، بصورةٍ مباشرةٍ أو من وراء ستار.


ثم يتحدث بولا عن تاثير سنغور على الغابة والصحراء ،وعن العلاقة بين النص والايدلوجيا::
Quote: وإلى تأمل واقعة احتفاء مكي المجلجل العالي بسنغور، لدي زيارته للسودان (في مستهل الثمانينيات إذا لم تخني الذاكرة)، بمناسبة إقامة مؤتمر الأحزاب الاشتراكية الدولية"، أو شيء من هذا القبيل بالخرطوم! وليس في العالمين إيديولوجي أكثر "قحاحةً" من سنغور. وليس فيه إيديولوجية أكثر "صفاءً" و"نقاء" ونموذجيةً من "اشتراكيته الإفريقية" المزعومة، وليس فيه من أزرى مثله بالزنجي ورماه بكل صنوف الدونية من قبيل العجز التقني والعلمي الفطريين، والغرارة، والفرح البهيم، والبعد عن الحكمة والرزانة، وعن روح العلم والصناعة، وأزلية غريزة الزراعة فيه، وانصرافه عن منازلة الشدائد المعرفية الذي يقيمه سنغور ورهطه من دعاة الزنوجية السعيدة وأساتذته الكواونياليين على مقولة "البراءة الأولى". وإن جاء ذلك في قالبٍ من المدح الزائف الماكر، والمقارنة الكاذبة التي تنتصف في مظهرها الخارجي وفي مزاعمها، للزنجي من الأوروبي. فسنغور هو القائل في مضمار هذه المقارنة البائسة المستميتة، بأن "العاطفة زنجية بينما العقل هيليني". وهذا كما قال صديقنا الكاتب البنيني المفَوَّه، استانيسلاس أدوتفي في كتابه "زنوجية وزنوجيون"، "أنصع صورةٍ لإيديولوجية تقسيم العمل العالمي الكولونيالية، والكولنيالية الجديدة". فالذي احتفى بهذا العَلَم العمدة لجماعة الإيديولوجيين الكولونياليين "الأصالويين"، في إفريقيا، هو ود المكي، شاعرنا وصديقنا العظيم نفسه، الذي لا سبيل إلى التقليل من شأن مساهمته الشعرية الرؤيوية العاليةother wise. كما أن لمقولة "البراءة الأولى" مكان معتبر في قاموس عبد الحي الشعري. وهذه يا سيدي قاعدةٌ "قائمة" ووقائع "قائمة"، في التاريخ القريب، وفي "الهنا والآن"، تستدعي النظر في شأن الإيديولوجيا في مشروع "مدرسة الغابة والصحراء (ورفيقاتها)، لم تتحرَّ أصولها في واقع أوضاع وممارسات، "رموزك" التي لا يأتيها باطل الإيديولوجيا من خلفها ولا من بين أقلامها فيما زعمتَ!!
وعبد الحي، من بعد، هو الذي حرر كتاب "الثقافة السياسية" للدولة النميرية الذي يمثل مفهوم "أصالة الهوية السودانية الآفرعروبية" السعيدة، لُحمته وسداته. وكان مساعده في إخراج الكتاب، وتزيينه بالرسومات، زميلنا الأستاذ حسين جمعان، أحد أحب تلاميذ شبرين وأقربهم إليه. وشبرين فيما تعلم أحد أركان مدرسة الخرطوم، وهو ركنها الإسلاموي على وجه الخصوص. والذي أصبح في النصف الأول من السبعينيات، وحتى انتفاضة مارس/أبريل، فنان النظام الرسم. ولعله من عظيم عناصر الدلالة المباشرة على الصلات العضوية بين النظام وكتيبته الإيديولوجية، في مجال التخطيط الثقافي ("الإيديولوجيا "الثقافية")، مما لا أظنه يفلت على عبد الحي، تلك التهديدات الغاشمة التي وجهها شبرين لمخالفيه ومعارضيه في الحقل التشكيلي ومؤسسة التشكيليين الرئيسية (إتحاد الفنانين التشكيليين السودانيين) في مجلة الثقافة السودانية، مجلة مصلحة الثقافة الرسمية، (العدد الرابع أغسطس، 1977، ص ص. 85ـ95). وقد جاء ذلك في حوار أجراه معه جمعان، "سَوَّالُو فيه المديدة حرقتني"، في مسعىً شديد الوضوح لتحريض السلطة على جماعة التشكيليين "العصاة"، المعارضين لمايو، ولرؤية مدرسة الخرطوم في خصوص "هوية" التشكيل السوداني "العربيةالإسلامية/الإفريقية/". وقد حاز جمعان وشبرين ومدرسة الخرطوم "الأصالوية الهَوِيوية" على نصيبٍ وافرٍ من ثناء عبد الحي في كتابه المذكور. وهو من منشورات اليونسكو. هذه المؤسسة الراعية للهويات الظريفة المنمقة المؤدبة الملساء، الخالية من النتوءات، التي لا تعكنن مزاج "العالم" بالمطالبة بفتح أبواب الإبداع، والاختراع، والبحث، والحداثة الطليقة، والعالمية الطليقة القائمة على الندية للجميع. مؤسسة "منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم"، الحريصة على إلزام "كل قرداً جبله" في إطار قانون تقسيم العمل الثقافي "العالمي". فمن أين لمثل هذه الأفعال والوقائع بالبراءة من الإيديولوجيا يا سِيْدِي؟ وما الذي يمكن أن يحول، دون أن نتصور، أو نتحرى، أو نفحص، في أضابير ومنحنيات العمل الإبداعي والنظري لمن يفعل مثل هذا، وجود ظلالٍ من الإيديولوجيا؟ (حتى لا أقول عناصر إيديولوجية صمدة). ومن أين لك الزعم بأن الخطاب النظري والشعري يمكن أن يكونا بريئين من الإيديولوجيا على ذلك النحو من الصفاء الذي ذكرتْ، حتى وإن كانا في حِذق، ولنقل أيضاً جدِّية وحسن مقاصد، خطاب دعاة الغابة والصحراء، وفي سموق وعذوبة أشعار عبد الحي وود المكي والنور عثمان؟
أما أنا فلا أزعم لخطابي الفلسفي والثقافي، في وجوهه الوصفية أو المفاهيمية، براءةً من الإيديولوجيا، وقصارى ما أسمح لنفسي به، من الاعتقاد أو الظن، في أمر قيمة مساهماتي هو إنها محاولات لمقاربة الواقع، والممكن، واستشراف المستقبل بقدر ما أستطيع، ليس إلا.
هذا ولك كامل محبتي وتقديري لاجتهاداتك الصادقة، وشكري لك على حسن ظنك، وعلى مراجعاتك الأخيرة لملاحظاتي على ورقة عبد الله.
بــولا
Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا


ويقل بولا في كلام له حول البدائي النبيل عند المجذوب في رد لبولا على بشاشة:

Quote: ويستشهد عبد الله على فكرة خفة العقل الإفريقي "الطروب الغشوم" كما هو عند المجذوب بالأصالة، وعند مكي بالإحالة "الآفروعربية، "الغابوصحراوية"، إذا جاز لي التعبير، استشهاد وثَّق مصادره توثيقاً عضوضاً، مو طق حنك ساكت، وقد صرفتما عنه، أنت ومنعم ومناصروكما، النظر تماماً. علماً بأن محمد المكي ابراهيم هو الذي يقول هذا لا عبدالله ولا شخصي :
"والانسان السوداني العربى الثقافة إنسان جاد. وهو بالفعل إنسان مفتوح القلب لكنه يرفض أنواعا شتى من الهزل؛ يرفض أن تشتمه مداعباً ويرفض النكتة العملية، بعكس الانسان العربى في مصر والشام ... ومن الجانب الآخر نجد الدم الأفريقى خاليا (أى من الجد والوقار ) تماماً، بل بصورة مستحبة. الأفريقى ملئ بالحركة بحيث لا يهمه أن عبر الشارع قفزاً أو ركضا أو يرقص فيه، وهو في ضحكه معتمد على النكتة العملية على الأقل بصفتها أكثر بدائية من النكتة المحكية. وهذا الإنسان الضاحك الخفيف خليق بأن يؤثر على المزاج العربى غير المتلائم ومتطلبات الحياة الحديثة، بحيث يتخلى عن هذا الوقار الجاد في تصرفاته المتزمتة، وبحيث تكتسب الخفة الأفريقية اتزاناً يعصمها من الفوضى" (الرأي العام، 15/12/1963).
وأتمنى أن تقف أنت ومنعم أمام نص مكي هذا وقفة تفلح في تبرئته عن حق من القول بحرارة وخفة دم الإفريقي التي هي في معناها العميق "خفة عقله". لقد سبق لي أن زرت عواصم إفريقيةٍ كثيرة، في فترة قريبة من الفترة التي كتب فيها مكي نصه هذا. فلم أقع فيها قط على مثل هذا النموذج الذي يتحدث عنه مكي من "خفة الدم الإفريقي" في التعامل مع قواعد حركة المرور على الأقل. بل أثار إعجابي تنظيم حركة المرور فيها ونظافة شوارعها، ورصانة أهلها وأدبهم الجم. وعايشت الزنوج الأفارقة في بلدان شتى من بلدان العالم الأخرى فعرفت فيهم صنوفاً جليلةً من الحكمة والتعقل. كما عرفت منهم قلةً من ضعيفي النفوس والعقول مثل سائر خلق الله. بلا زيادةٍ ولا نقصان.
وأنا لا أدافع هنا بالطبع عن عبد الله وليس هو بحاجةٍ إلى دفاعي بأي حال. إلا أنني اتعشم في أن تقرآ، منعم وأنت نصوص الرجل المركبة المعقدة، مثل كل النصوص الكبيرة، بشيءٍ من التوقير هي أهلٌ له. من دون أن ننزهها عن النقد. وللنقد الحقيقي شروطٌ صعبةٌ جداً لا أراكما تحرصان عليها في منهج قراءتكما التي تقفز فوق كثير من عناصر النص التي قد تنكث عليها نسيجها العجول

Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا


Post: #444
Title: Re: الهجنة والبدائي النبيل في خطاب عبد الله بولا
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 11-25-2006, 01:09 AM
Parent: #443

الاستاذ اسامة الخواض

اعذرني إن تقاطعت مداخلتي مع الاسترسال الجميل الذي تتبعه للوصول الى مبتغاك حول مفهوم البدائي

النبيل ومفاهيم اخرى انبريت وغيرك من الاساتذة الاجلاء المتداخلين لايضاحها والدفاع عنها

ومادعاني لذلك هو رغبتي في إفراد مساحة للدراسة التي قدمهاالأستاذ عبدالجبار عبدالله تحت


عنوان: "رؤى جديدة حول مسألة الهوية"

وفي اعتقادي ان خلاصة الدراسة، كغيرها من الدراسات المتشابهة حول مسألة الهوية، تكاد تلتقي في

في بعض النواحي وتفترق احيانا مع ما اكد عليه المتداخلون هنا...

لاحظ ما تحته خط (راي الاستاذ عبد الجبار حول مساهمات عبدالله بولا وحسن موسى وعبدالله علي ابراهيم)



رؤى جديدة حول مسألة الهوية/ للاستاذ عبد الجبار عبد الله

Quote: اعد صديقنا الأستاذ عبدالجبار عبدالله دراسة قيمة حول موضوع الهوية في السودان، الذي اتخذ

في معظم الأحيان كأحد العوامل المهمة في الصراع المدمر الذي هد قواه وأقعده عن التقدم. جاء

البحث تحت عنوان (السودان في متاهة.. من الهوية الى الوحدة أو وضع العربة امام الحصان) مساهمة

ثرية في اطار السجال الفكري الذي استعر خلال السنوات الأخيرة بين تيارات العروبيين ودعاة

الأفرقة، والتوفيقيين المنادين بالأفروعربية. استهله بالإشارة الى مصير (الملك لير) المأساوي

الفاجع في مسرحية الكاتب الإنجليزي الخالد ويليام شكسبير، وكيف عصفت به الأهواء والصراعات

الداخلية وأودت به الى الجنون. تلك التراجيديا التي تتماهي مع ما آلت اليه الأحوال في بلاد

السودان.

مكي ابوقرجة

استطاع الكاتب الحصيف ان يؤسس بحثه على رؤية نقدية ثاقبة تناول بها عملا للبروفيسور سيد حامد

حريز حول الحكاية الشعبية عند الجعليين، وقد جاء العنوان للعمل المترجم الى اللغة العربية

هكذا (الحكاية الشعبية عند الجعليين... تداخل العناصر الأفريقية والعربية الإسلامية)، ولم يفت

الكاتب ان ينوه بقيمة وسبق الكتاب وريادته العلمية الأكاديمية حيث نشر في عام 1991م، الا انه

ابدى ملاحظات مهمة حول المحصلة المعرفية، والاستنتاجات النهائية للبحث. لم يكن هو اول من يثير

النقاش حوله الا انه اعاد النظر فيه مجددا واتخذه مدخلاً لهذه المسألة التي وصفها بجرح الهوية

والوحدة الوطنية، القديم المتجدد؛ جرح لا يغريه بالتناسي، فهذا هو أوان الكتابة والتمحيص

والمشاركة الحثيثة والمكثفة في ما يدور الآن والبلاد تقف في مفترق الطرق لا تدري ما سيؤول اليه

المصير.

يرى الكاتب ان ابرز ممثلي التيار العروبي هم كتاب مجلة (الفجر) ومن بينهم قيادات سياسية نظرت

الى السودان من زاوية واحدة اختزلته سياسيا وجغرافيا وعرقيا وثقافيا، وأن هذه القيادات رسخت

فكرة اندياح المركز على بقية اجزاء قطر الدائرة، وهي فكرة توسعية استعمارية في الأساس، الا ان

تطبيقها على الواقع السوداني، يقع في مستوى ادنى من مستويات التوسع والهيمنة. وتحدث عما وصفه

بظاهرة (الإزاحة الثقافية)، أي ان الثقافة المهيمنة تزيح كتلة ثقافية اخرى مكافئة لوزنها

كثقافة مهيمنة وتحل محلها وتمحو شخصيتها بالكامل.

تحدث السيد باقان اموم - احد قادة الحركة الشعبية - في مجلس خاص يوما متسائلا عن اللغة التي

كان يتحدث بها الناس بعد سقوط مملكة سوبا عام .1504 ولم يذكر لي محدثي كيف كانت الإجابة، لكن

السؤال اثار فيّ تلك الرغبات الحارة في ان ينكبّ المثقفون على دراسة تاريخهم الثقافي والاجتماعي -

لا السياسي وحده - لتعزيز معارفهم النظرية وتطوير آرائهم السياسية وفقا لذلك.

كانت منطقة الجزيرة تقع ضمن مملكة علوة النوبية المسيحية وعاصمتها سوبا، لم تفتح ذراعيها

للعناصر العربية الا لمن استطاعوا التسلل في جماعات قليلة. كانت هناك لغة نوبية وثقافة ذات

خصوصية، ولكنها لم تلبث ان ذابت في خضم الوافدين الجدد والمقيمين القدامى. لا احد يدري اين ذهب

(العنوج) وهم اقوام وصفتهم بعض المصادر التاريخية بطول القامة وضخامة الجسم، لم يتبق منهم الآن

سوى تسربهم الثقافي في مظاهر الأذكار الصوفية في الجزيرة: نقاقير ومواكب وجبب مزركشة.. ذهبوا

ولكنهم تركوا آثارهم في الثقافة السودانية وأنماط سلوكها، ولا بد انهم او بعضهم كانوا قد

تناسلوا من الحضارة المروية التي انزاحت سياسيا وتبعثرت ثقافيا بفعل الصراع العسكري والغزو

الأجنبي، ولكنها بثت اشعاعها في كثير من مناطق القارة الأفريقية.. وقد تكررت تلك التجربة مرات

في بلاد السودان اكثر من غيره من البلدان بسبب موقعه وطبيعته الجغرافية، كما حدثت فيه انقطاعات

حضارية وثقافية منذ ان درج الإنسان على وجه الأرض.

رأى الأستاذ عبدالجبار في بحث البروفيسور حريز مدخلا للتعميم النظري المخل، اضر بأصله

واستنتاجاته النهائية التي تصب في خانة الدفاع النظري عن مفهوم المركزية وتكريس استراتيجية

النفي، ونعى عليه الحديث المشبوه حول الأعراق في السودان، وذلك حين قسم الجعليين الى خلص (اولاد

عرمان) وغير ذلك، الأمر الذي من شأنه ان يثير الحساسيات العرقية، ليس بين الجعليين وغيرهم من

المجموعات العرقية، ولكن بين الجعليين انفسهم.

ويرى الكاتب في دراسة حريز محاولة للتوفيق بين الثقافتين العربية والأفريقية، معبرا عن الحنين

الى سنار كما تجلى ذلك في اعمال مدرسة (الغابة والصحراء) وأسقط عليها نظرية الغش الثقافي. كما

رأى في مساهمات عبدالله بولا وحسن موسى وعبدالله علي ابراهيم جدارة فكرية وتنظيرا حاسما لما يتعلق

بالهوية، وهم الذين انتصروا للأفريقية رافضين نسب الغول وأوغلوا في جلد العروبيين ودعاة

التوفيقية، واضعين الصراع السياسي نصب اعينهم، دون تمييز للمقاربات والمفارقات التي تميز

الثقافي عن السياسي.

وامتدح الكاتب فرانسيس دينق في تحليله لأحاجي قبيلة الدينكا لتوظيفه فهما مفتوح البصيرة والذهن

للاجتماعي والثقافي دون ان يتجاهل علاقات التأثير والتبادل ما بين الدينكا وغيرها من القبائل،

ودون التعلق بالأوهام بتواشج ثقافة الدينكا وتأثرها بالثقافة العربية.

توصل الأستاذ عبدالجبار، شأن المثقف اللوذعي، الى ان ازمة الهوية والثقافة في السودان هي جوهر

الصراع السياسي والاجتماعي بمفهومه الحقوقي السيادي، ودعا الى التسوية السياسية عبر دستور

ديمقراطي يقر الحقوق والحريات الأساسية والعامة لكافة المواطنين، دون الارتهان للانتماءات

الدينية او العرقية او الثقافية. اتحفنا عبدالجبار برؤية ثاقبة ومساهمة ذكية نحن في اشد

الحاجة اليها في تلك الأجواء المدلهمة، وأتمنى ان تكون هذه الدراسة قد وجدت سبيلها للنشر لتعم

فائدتها.

http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147513417

Post: #445
Title: عبد اللطيف علي الفكي:الفانتازيا و "البدائي النبيل" في "انطلاق "المجذوب:
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2006, 01:54 AM
Parent: #444

شكرا أخي حيدر على ايراد دراسة الاستاذ عبد الجبار عبد الله.

نواصل الحديث عن مفهوم البدائي النبيل في الخطاب السوداني المعاصر.

عبد اللطيف علي الفكي:الفانتازيا و "البدائي النبيل في "انطلاق "المجذوب:

يشتغل كل من ع.ع.الفكي و ع.ع.ابراهيم على مفهوم "الفانتازيا" من خلال نسب الجعليين.وان كان ان عبد اللطيف لم يتمعن في الامر كما فعل ع.ع.ابراهيم.
وللوصول لمفهوم الفانتازيا،يميز لطيف بين نوعين من الجغرافيا الطبيعة والجغرافيا المتخيلة.
يرى ع.ع.الفكي أن الجغرافيا المتخيلة تحيلنا الى ارتباط متخيل بالآخر.وذلك التخيل ،كما يرى لطيف:
Quote: لا نفهمه صادرا ونابعا من جهل أو سوء فهم أو توهم،بل هو نوع من تفسير له وعيه يعتمد الخطاب الآحاي الذي لا يأخذ الوجود الحاضر في "توتره" وانما في "آحاد".


يعرف لطيف الفانتازيا استنادا على ان الفانتازيا توظف وتعمل في مجالي علم النفس والنقد الادبي.و يعمم النموذج المرضي النفسي على الجماعة لكي يصل ان للفانتازيا خصيصتين هما
Quote: "انتظام شيئ وجداني يحل محل الواقع بوصفه هو الواقع من غير توهم أو هذيان .وأن يأتي هذا الانتظام أصيلا تلقاء نفسه.وكذلك في انتشار صفة التواتر.

ثم يمضي قائلا من خلال حديثه عن الفنتازيا و اختلافه عن التاريخ":
Quote: أما الصفات مثل "الخداع" ،و"الالتواء"، و"الخيال"،و"الحلم "، و"اخفاء العقل"،فيه صفات يقول بها لسان حال عالم التاريخ،وليست تتبع لانتاج الفانتازيا.فالفانتازيا في إنتاجها كاللغة ضائعة الأصل وغير مسؤول عنها الفرد الذي تجري الفانتازيا كاللغة على لسانه".

وع.ع.الفكي ينسب كتاب نسب الجعليين الىالفانتازيا:يقول
Quote: "أما كتاب "نسب الجعليين"فيخلق فانتازيا يقرنهم بالعباس".

ثم يتحدث عن علاقة الفانتازيا بالوجدان الجمعي
Quote: "نشعر شعورا قويا أن "الفانتازيا" تتوظف في وجدان الناس توظيفقا يشكل مشاربه بصورة قوية كما يفعل الآن النسب الشفاهي الفانتازيا الملحقة بعالم التاريخ."

*موقع الخطاب:

في مقاربة البدائي النبيل ،يتحرك لطيف من مفهومه الذي اشتغل عليه قبل سنوات ،وهو مفهوم "موقع الخطاب".*راجع مقالته"موقع الخطاب في كتاب الرؤيا والكلمات"مجلة حروف،ملف "المشروع الثقافي لمحمد عبد الحي.
يقول لطيف عن ذلك المفهوم:
"
Quote: يأخد مفهوم موقع الخطاب مستويان يتنامان بعضهم ببعض.مستوى في تراتيب جواني خاص بانتاج نفسه،و مستوى براني في ترتيب هذه الخصوصية مع قوى الخطاب الآخر".
*

البدائي النبيل في "انطلاق " المجذوب :
يرى لطيف ان المجذوب وقع في الخطاب الذي يميز بين السودانية،والمنسوب قبليا،
يقول:
Quote: قد يبدو بدهيا حين نقول ما قلناه عن أي شعب من الشعوب ،لكن ما هو ليس ببدهي على الاطلاق هو الواقع الذي كان يطلق عليها وأمثالها عبارة "سودانية"ديل سودانية) .فالثننائية الضدية عصر المهدية في الواقع المعاش آنذاك كانت ت:النسوب قبليا يقصي سودانية.هذه الذات "سودانية" هي الذات غير معروفة النسب.ففي عالم التاريخ هي غير معروفة النسب لأنها نخست من مكانها،وليس لأنها هي في مكاكنها غير معلومة النسب.فكان هو الضد السائد الذي صنع تاريخا مركوما ب"الذات".وقد ساد حتى الدرجة التي يقول فيها الشاعر محمد المهدي المجذوب في "جنوبياته:
وليت في الزنوج و لي رباب تميد به خطاي و تستقيم
وأجترع المريسة في الحواني وأهذر لا ألام ولا ألوم
وأصرع في الطريق وفي عيوني ضباب السكر والطرب الغشوم
طليق لا تقيدني قريش بأحساب الكرام ولا تميم

ثم يمضي قائلا:
Quote: قد يذهب بنا التمني "و ليتي في الزنوج" مذهبا" خادعا نحو تخفيف العلامة المضادة.لكن "التمني" يذهب مذهب الطليق من قيد "الأحساب و الأنساب" مما يفترض سلفا ان الزنوج لا حسب و أنساب لهم.وبهذا "التمني" يصبح الزنوج نخسة،لا تثيدهم الأحساب و التفاخر بها.مما يؤدي أن تقع هذه الأبيات موقع الثنائية الضدية:المنسوب قبليا \سودانية.بالجملة يقع موقع الخطاب هنا عند المجذوب نفس موقع العالم اللغوي عصر المهدية.لذلك قلنا أعلاه أن هذه الثنائية لها قوتها العاتية في وجدان هذه "الذات".ليس بالضرورة أن أتمنى أن أكون في الزنوج،لكن يصبح ضرورة ألا أعول على تشغيل هذه العلامة المضادة.فحين "تتوارى" هذه العلامة المضادة تحت الثرى،أكون بذلك قد صنعت هذه "الذات " المركبة التي لها تاريخها و علاقاتها الاجتماعية وأ،سابها وفخرها،تعمل بنيتها في فرق يختلف من فرق بنيتي،لكن هذه الفروق يصنعها إلفة"جمع "الذات".وسوف يظل تحقيق هذا الجمع من المحال إن لم نغادر موقع خطاب هذه العلامة المضادة.

ثم يتحدث عن "جنوبيات" المجذوب وانها تنظر الى الجنوبي باعتباره بلا حسب ونسب،وهو نفس ما لاحظة نادر كاظم في مقاربته لخطاب الاستفراق،فيكون المجذوب قد وقع ضحية لطغيان خطاب الاستفراق في الخطاب العربسلامي:

Quote: لقد كنت أقرأ الجنوبيات قراءة من يجد فيها التام،لكن بان لي بأخرة أنها تجتر نفس موقع الخطاب الذي انتقده هنا بل في تاريخ المدنس نفسه".

لم يأت التغيير من تراكم،فهنا يغيب عبد الحي ويغيب ع.ع.ابراهيم.
ويقول لطيف في هامش رقم "52":
Quote: "ربّ قراءة أخرى:عبارة "وليتي في الزنوج" تكشف لنا ذلك التزاوجالمرتجى اذا اعتبرنا ضمير المتكلم "ني" في التمنىي (ليت) ضميرا مقيدا بشيئين:أ\علاقات اجتماعية ،ب\أنساب. فهذا التزاوج قد يحل ويضع حدا لهذين القيدين.لذلك جاءت كلمة (طليق) وظيفة لحل القيود.مثل هذه القراءة أيضا تستلف من العلامة المضادة أسوأ أفعالها ألا وهي الانصهار في حالة (ب) في رعف النفي.(ن. الخصيصتين أعلاه).
على المستوى النطمي لا ترتبط "طليق" فالأفعال "تميد و أجترع و أصرع" لذلك جاءت بالرفع بدلا من النصب حتى لا تفسر "طليق" ب"الانطلاقة" بالمعنى العامي اعتمادا على ذكر "المريسة والحواني والهذر والسكر والطرب".بل هي طليق التي تنتمي الى التمني "ليت" فنقرأ الافادة:
(ليتني في الزنوج طليق لا تقيدني الأحساب) .مما يؤدي بهذه الافادة ان تكون وفق قراءتنا الاولى على المتن اعلاه،وهو ما يبرر لنا هذه القراءة ،وهذا التخريج.

لم يتحدث لطيف صراحة عن مفهوم البدائي النبيل لكن كلامه يتقاطع تماما مع ذلك المفهوم.

*الأفرو عروبية:

يشير لطيف الى نقطة مهمة ،ولكنه لم يركز عليها اذ قال:
Quote: "فاوالية هذه الثنائية الضدية التي كانت تشتغل شغلا حقيقيا في الوجود هي التي صاغت ذلك التاريخ ا لمدنس.ننتبه إالى أن الثنائيات (أفروعروبي ) أو (عربي\أفريقي) هي طالعة من الخطاب الثقافي ولم تطلع من مصادر الوجود المعاش.أم منسوب قبليا\سودانية) فهي قد طلعت علينا من ممارسة وجودية معاشة وفي لغتهم اليومية آنذاك

وهو بذلك يرى ان الأفروعروبية ليس لها مقام في الوجود الواقعي المعاش،وانها من انتاج الخطاب الثقافي فقط.
المشاء


*راجع مقال لطيف"الهوية والنسيان الانطولوجي-في نقد الخطاب الأحادي الهوية
في العدد الثاني من مجلة احترام الالكترونية،
في موقع سودان فور اول:
http://sudaneseonline.com/sections/ihtiram/pages/ihtiram_.../ihtiram_issue2.html

Post: #446
Title: ملحق مهم لمساهمة "بولا " حول الهجنة و كتابات ع.ع.ابراهيم
Author: osama elkhawad
Date: 11-25-2006, 06:02 PM
Parent: #445

في اللنك الذي اوردناه هنالك كثير لم ننشره،لانه موجود في اللنك،و اكتفينا بالاضاءات الفكرية التي تكشف خطاب بولا حول الهجنة والبدائي النبيل ومسائل الافروعروبية والغابة والصحراء.وسنورد هذا الملحق في دفاع بولا عن ع.ع.ابراهيم ،في رده على بشاشة والفيا اللذين يتهمان ع.ع.ابراهيم بمعاداة الثقافات الاقريقية السودانية.
يقول بولا في رده على بشاشة ،مختلطا برده على الفيا:
Quote: وهاك أيضاً شيئاً من نصوص عبد الله على ابراهيم الذي شنَّع الصديق عبد المنعم ب"استعلائه العروبي" المزعوم أيما تشنيع، على الرغم من عبارات الاحترام التي لا أصل لها في واقع التحليل. إلا أنه لم يصل إلى الحد الذي وصلت إليه أنت في الإزراء بالمخالف، وفي حق رجل كان أول رواد نكث ونقض ونقد المسكوت عنه في النسخة السودانية للثقافة العربية الإسلامية. رجلٌ سعى بقدر ما يملك من جهدٍ في إنصاف المكون الزنجي في هويتنا الوطنية. وذلك من مثل قولك: "سنواصل بعد قليل بايراد ساقط قول عبد الله، مع تعليقنا، سطرا بسطر". ولتسمح لي بأن أقول لك قبل إيراد عينةٍ مما أسميتَه "بساقط قول عبد الله"، أن عباراتك هذه تخرج على حدود اللياقة وآداب الحوار والخلاف خروجاً بعيداً. وهاك هذه العينات المقتطفة من بعض نصوص عبد الله: فهو يجيب في حواره الذي تم إثباته لاحقاً في بوست منعم، بفضل حدب وعناية الأستاذ هاشم الحسن، على سؤال محاوره السموأل أبو سن، (على الرغم من أن النص نُشر في صحيفةٍ خليجية منذ عام 2001 ولم يُعن به منعم للأسف طوال هذه المدة مع إنه نصٌ عمدةٌ في فهم مقولات عبد الله وفهم منهجه في نقد إيديولوجية الهجنة السعيدة) مع لفت النظر أن نص الحوار ليس من صياغة عبد الله :

س: ولكن رغم وصفك لهذا الاتجاه بأنه ميثاق شمالي أو فرح شمالي بمعني أنه يمثل حالة احتفالية وسط تيار الثقافة العربية الإسلامية، فانك اتهمته في نفس السياق بالتآمر علي العروبة و الإسلام، كيف؟؟"
ج: "[الخطأ] الأول هو إن إفريقيا حينما تدخلها الأشياء تسوء و تخرج عن قواعدها، يعني إذا كان هناك فقه، فإن الأفارقة ليسوا قادرين علي موضوع الفقه هذا فيضفون عليه صفة الإفريقية و يصير الأمر كلعبة. فما الخطر في أن نتعامل مع ثقافة جادة؟؟ والخطأ الثاني هو أن إفريقيا حينما تدخلها الأشياء تتوحش و تصبح وحشية و تتنازل عن قواعدها الفلسفية و تصبح، يعني، فولكلورية".
ويستطرد عبد الله في بيان دلالات وجود آثارٍ مكينةٍ مقولة خفة وغرارة العقل الإفريقي عند دعاة مدرسة الغابة والصحراء، ومن لف لفهم من مناصري فكرة الهجنة السعيدة، في معنى نقل الدم الإفريقي "الحار الخفيف" (من غير سوء مقاصد)، إلى الثقافة العربية الإسلامية الجامدة المتشددة لحملها على السماحة والطلاقة:
"هم يقولون إن الإسلام حينما جاءنا جاء صوفيا و أخذنا عنه و كأنما الذهن الإفريقي لا يحتمل القضايا الفقهية و هذا أمر غير صحيح تركنا الفقه و الشريعة و أصبح لدينا فقط الإسلام الصوفي لأنه يتناسب مع الإيقاع الإفريقي".

س ـ أشرتَ إلي ضرورة أن يوطن" أهل الشمال المسلم " حسب تعبيرك في ثقافتهم قيم الحرية و أن يكفوا عن خلع ثقافتهم بدعوى الهجنة، كيف تري ذلك وأنت ترفض فكرة التمازج كما طرحتها مدرسة الغابة و الصحراء؟

ج - أعتقد أن لدينا مكونات ثقافية كثيرة ستسعد بأطروحات التمازج هذه فالتمازج سيستمر و ستزيد وتيرته، لظروف الاضطراب السياسي لأنه حدث اقتلاع مفاجئ دفع الناس دفعاً للتمازج و النزوح الكبير إلى القرى الطرفية في الخرطوم وحول المدن، لم يكن واضحاً الطريق الذي يستمر فيه التمازج، سرعته ومعدلاته، في الماضي كنا نتحدث عن ظروف طبيعية بمعني أن الكيان الإفريقي موجود في الجنوب و الكيان العربي في الشمال فحدثت خلطة وامتزاجات طرحت تحديها و [ضرورة] النظر الثقافي المتجدد إليها. وهذا البحث الذي أعكف عليه الآن هو لمعرفة هذه الوتائر المتسارعة في الفترة الأخيرة بحيث نمنح مسألة الهجنة والاختلاط براحات أوسع. لكن الافتراضات السابقة كانت تتحدث عن أن الهجنه حدثت أصلا و ستحدث لكن كان هناك اعتراض حول وجود قوامات ثقافية، و هي تطرح أهمية أن تكون الدولة محايدة تجاه الثقافات، بمعني أن يكون هناك برنامج لديمقراطية الثقافة. فمسألة كيف يكون التعليم علي سبيل المثال و بأي لغة، هذا ليس من شأن الدولة أن تصدر فيه قراراً و كذلك بالنسبة للعادات وشرائع الناس و قوانينهم. نريد أن نستل من الدولة كل هذا العنف ونجعلها محايدة تجاه العملية الثقافية بقدر ما يمكن أن يكون الحياد. هذه أهم عناصر برنامج ديمقراطية الثقافة وهو بالطبع ما لم يكن حاصلاً أبداً، لأن الدولة كانت مستخدمة باستمرار لأغراض إيديولوجية و سياسية مباشرة في أن تقرر ما الثقافة. مثال الآن الشرعية يصب في اتجاه عدم حياد الدولة تجاه القوامات الثقافية، فلذلك أنا أطالب الجماعة العربية أن تحرر نفسها بنفسها و أن تقرر بنفسها تجاه مسألة الشريعة ما تريده و ما لا تريده و ألا تذهب في اتجاه تأكيد أن ثقافتنا هجينة وممتزجة وغير ذلك مما أسميه الغش الثقافي الذي يجد من ورائه من هم من غير العرب والمسلمين حقهم مبخوساً في الدولة من جراء هذه الاتجاهات.
ويختلف خطابا غلاة الإسلاميين والأفروعربيين في منتوج التمازج. فالتمازج القومي في نظر الغلاة سينتهى بشكل مؤكد إلى تبنى الجماعة الجنوبية الإسلام والعروبة لأنهما مميزان علويان مقابلة بملل الوثنية ورطانات العجم. فالتمازج في أفق الغلاة هو معسكر دعوة كبير لتغيير الملل واللسان ". (الخطوط تحت السطور من عندي وليست في الأصل ـبولا).

Re: رحبوا معي بالناقد، الفنان، والكاتب، عبدالله بولا]

Post: #447
Title: النور عثمان أبكر :الغابة كمستودع للغيبيات
Author: osama elkhawad
Date: 11-26-2006, 01:13 AM
Parent: #446

نرجع قبل ان نواصل حديثنا عن البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني،
الى واحد من مؤسسي الغابة والصحراء بل هو الذي اقترح مسمى الغابة والصحراء،
ألا وهو الشاعر الكبير:
النور عثمان أبكر
***
النور عثمان أبكر :الغابة كمستودع للغيبيات:

من نقائص "تحالف الهاربين" ل:ع.ع.ابراهيم انها لم تتطرق الى مساهمة النور عثمان ابكر ،احد رواد الغابة و الصحراء.
وفي ذلك يقول ع.ع.ابراهيم :
Quote: فكلمة النور عثمان ، التى لم أقع عليها بعد (16) . كانت " لست عربيا ولكن ... "


نحاول هنا ان نشير الى تلك الكلمة من خلال عبد الهادي الصديق في كتابه:
أصول الشعر السوداني.
***
ما يميز النور عثمان أبكر انه مختلف عن محمد عبد الحي و محمد المكي ابراهيم،اذ انه قادم من جذور افريقية ،و اللغة العربية بالنسبة اليه كما سنرى ،هي لغة ثانية.

ولذلك فهو قد دخل كمؤسس للغابة والصحراء من منطلق افريقي يرى في الغابة مستودعا للغيبيات التي هاجرت الى الثقافة العربية الاسلامية.

يرى النور عثمان أبكر أن شمال السودان هو المنطقة التي تشكلت فيها الغابة والصحراء تاريخيا.

يقول في ذلك :

Quote: "شمال السودان أرض النوبة كان من قديم الأعصر لقاح الوادي..اجتماع المنبع بالمصب ..الفن الفرعوني بمصر العليا هو استلهام لأعالي النيل على الدوام.هو فن احترق بالشمس المحرقة في قلب القارة حيث ينبع النيل فيحرق كبد الصحراء ويطعمه العافية الخضراء والظلال-إذن الزنجي الذي جمح به القارب حتى ابتنى لنفسه هرما وشاد صرحا جميلا ألوانه عاج ومرجان نوبي شمال السودان عشبه أزهرت بعيدا عن الغاب ومتصلة الرحم بالصحراء عبر النهر والقادمين الجدد.


ص 58"جريدة الصحافة 19\9\1967"لست عربيا ولكن...

ثم يقول النور في ادعاء واضح ان الغيبيات هي من تراث الزنوج،و من ثم انتقلت الى الثقافة العربية الاسلامية:

Quote: "كل ما هو غيبي وعميق في السودان هو عطاء الغاب"


ثم يعلق عبد الهادي الصديق على هذه العبارة قائلا:

Quote: و بهذه العبارة و تحت عنوان"لست عربيا ولكن" رفع الشاعر النور عثمان أبكر لواء هذه المدرسة في الشعر السوداني و أخذ ومن معه يعرضون أفكارهم على صفحات الصحف السيارة آنذاك.وقد تناولت هذه المدرسة أصول الثقافة السودانية بالتحليل ومن آرائهم أن الصوفية في الشعر السوداني ليست وترا شرقيا إنما هي عطاء الحركة الرخيمة لرقصات الغاب للطبل للبوق وأن القبول الأول للثقافة العربية قد تم بالطريقة التي تعكسه حلقة الذكر،ليس بمفهومها الإسلامي ،ولكن بمفهومها البدائي"

ص 70

يستخدم عبد الهادي الصديق مفهوم "بدائي" بدون اي حذر.ويبدو انه لم يطلع على النقد الحاد الذي وجه الى مفهوم "البدائية" وخاصة في الغرب الذي انتج ذلك المفهوم.

ثم يقول النور في حديث له ،يؤكد فيها اهتمامه الاساس الذي قلنا به عن الغابة كمستودع للغيبيات ،فهو يتحدث عن ايقاع الرب والمجهول اليومي والميتافيزيقي ،ويبدو ان هذا ما جعله يقترح صيغة الغابة والصحراء ،

يقول النور عثمان أبكر في ذلك الصدد الغيبي:

Quote: "الغاب والصحراء في عمرنا هو لونية هذه الساحة في علاقتنا مع إخواننا العرب وإخواننا الزنوج –في قاعة الجامعة العربية يلهج الابن بعروبته-وفي "كوناكري" يصر على إفريقيته-لا يستطيع أن يؤدي فريضة الصلاة كاملة اللفظ والحركة. هذه "المستورة" تخرج "لدق الريحة" وأغنيات السيرة والحنة "بالشتم" والغصن الأخضر نخلا أو موزا..لا يهم الخضرة هي اللون المهم والنبض والإيقاع هو إيقاعها –إيقاع الرعب والفرح إيقاع الرب والمجهول اليومي و الميتافيزيقي

ص 70

ثم يقول مستشهدا ب:
خليل فرح حول هجنة الزنجي والعربي من خلال ان السودان هو "جنة بلال":

Quote: و هذا يجعلنا نتساءل هل صدق "خليل فرح" حينما أطلق على السودان"جنة بلال"..بلال النوبي المسلم و الأسود ذو اللسان العربي.ربما لأن هاتفا داخليا يدعو مؤذنا بهذه الملامح الوجدانية.فهذه هي صفة السوداني الذي يسكن ويعمر دار "عزة" هو إنسان دار عزة هو سوداني دمغته السواد،هذه هي جبلته طينته،تاريخيته ومصيره"
.
ص 70
يتحدث عبد الهادي الصديق عن أن اللغة العربية هي لغة ثانية للنور عثمان ابكر ،
و ما جعلها تعود بعد صمتها في داخلها ،نجده مرتبطا بما قلنا به عن الغيبيات ،حيث يتحدث عن الكجور والوثنية،

يقول عبد الهادي الصديق:

Quote: فها هو النور عثمان أبكر يؤكد من جديد أن اللغة العربية بالنسبة له هي اللغة الثانية وليست لغة الام التي انحدرت من مكان ما في هذه القارة انه يدرس تلك اللغة فتصير مقدسة عنده يعشقها و يرتبط بحضارتها وآدابها.و يعرض مفهوم اللغة عنده بنفس ذلك الاسلوب الساحر الغامض الذي يتميز به شعره انه يحدد المسافة ما بين لسانه ووجدانه حيث يحدث ذلك الخلط و التزاوج بين الاحساس والتعبير عن الاحساس يعبر عن ذلك بقوله "هي اللغة الام التي صمتت في داخلي وخرجت عن طريق الثنائية العربية.و ستجدك عوالم تبهرك بسحرها الذي هو سحر الكجور و الوثنية التي لا تزال تخرج كلما أثارني أبناء العم
"
ص 72

Post: #448
Title: عن بدايات نقد "البدائي النبيل" في الخطاب الثقافي السوداني
Author: osama elkhawad
Date: 11-26-2006, 01:53 AM
Parent: #447


نرجع الى بدايات مقاربة صورة البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني، والتي اشار اليها ع.ع.ابراهيم في مقاله الكوبرنيكي :
تحالف الهاربين
فأول من جاء بمصطلح البدائي النبيل كان عبد الحي ،الذي ،حذا حذوه عبد اللطيف علي الفكي ،في اطار اعادة النظر في جنوبيات "المجذوب" التي احتفى بها عبد الحي في كتابه المعروف عن الهوية .

وبعد ذلك جاء ع.ع.ابراهيم ليؤكد ذلك النقد ويوسعه من خلال نقده لمقالات محمد المكي ابراهيم التي تحتفي بخفة الجنوبي ورقصه حتى وهو يقطع الشارع!!!!!!!!!!!!
وقد أشار ع.ع.ابراهيم الى منابع تلك الرؤية الاستفراقية للجنوبي .فهي حسب وجهة نظره جاءت من مصدرين.يقول في ذلك:

Quote: ومن الجانب الآخر أساء الأفروعربيون إلى أفريقانيتهم ، من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها . فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقيا وهميا لحمته وسداه معطيات أوربية عربية مردودة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفلة القلب والولع بالايقاع والرقص . والأفريقى المخترع هذا هو الذي جرى وصفه دائما بـ " البدائى النبيل " في علم الأثنوغرافيا.


فالى ما قال به ع.ع.ابراهيم عن "البدائي النبيل":

ثالثا – البدائى النبيل وتأرجح الثقافات :

سافر محمد المكى إبراهيم وزميله الشاعر النور عثمان في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة الألمانية السودانية الناشئة . وقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكى أن يمد إقامته في ألمانيا إلى عام تغيب فيه عن الجامعة ، وعاد بشعر صاف عذب يرويه الجيل بعد الجيل من ديوانه " أمتى " . وقد قال مكى عن رحلته هذه عام 1963 : إنها كانت " تحالفا بين هاربين " لم يتركوا في وطنهم حبا يشتاقون إليه فلاذوا بالهرب مغادرين السجن المفروض عليهم ، وعليه لم يكن بين دوافعهم " فهم أو تعاطف يصلح لحب عميق " (30) .

في فرار الأفروعربيين إلى النسبة الأفريقية تشابه مع رحلة مكى البائسة . فدعاة الأفروعربية لم يلقوا ، وهم في ريعان الشباب ، من ثقافتهم العربية الاسلامية ما يروى غلتهم من الحب والتعبير . فاضطروا إلى الهرب بأجندة الريعان والشغف إلى فردوس أفريقى مطموس في تكوينهم الاثنى ، الغرائز فيه طليقة ، والرغائب مستجابة . ولأن رحلتهم لم تقم على فهم وتعاطف مع " سجن " الثقافة العربية الاسلامية الذي هربوا منه ، أو معرفة بالثقافة الأفريقية التي هربوا إليها ، لذا فقد كان حصادها مؤسفا . فقد ترك الأفروعربيون الانطباع الخاطئ بأن تزمت الثقافة العربية الاسلامية لا ينصلح إلا بعملية نقل دم من حضارة أخرى أكثر تسامحا في إرواء الأشواق والغرائز . ولذا بدأ جفاء الثقافة العربية عندهم خصيصة بيولوجية وليس خصلة اجتماعية قائمة في التاريخ العيانى .

ومن الجانب الآخر أساء الأفروعربيون إلى أفريقانيتهم ، من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها . فقد اصطنعوا في صلف سخطهم وبوهيميتهم الكظيمة أفريقيا وهميا لحمته وسداه معطيات أوربية عربية مردودة عن أفريقيا مثل الطفولة والغرارة والمشاعية والروحانية وخفلة القلب والولع بالايقاع والرقص . والأفريقى المخترع هذا هو الذي جرى وصفه دائما بـ " البدائى النبيل " في علم الأثنوغرافيا . وقد لا نستغرب حصاد الأفروعربية البائس من مشروع لم يجمع الهاربون فيه حبا عميقا أو معرفة دقيقة بأي من الأمكنة : لا تلك التي هربوا منها ولا تلك التي هربوا إليها .

جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) . فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل " . و " الجنوبيات " هى نسل مجرد من شعر المجذوب وقعت له حين جرى نقله من بورتسودان ( على ساحل البحر الأحمر ) إلى واو ( في جنوب السودان ) في أوائل 1954 ، والتى أقام فيها حتى قبيل حوادث الجنوب المشهورة في آب / اغسطس 1955 .

وقد اعتقد الأفروعربيون أن " الجنوبيات " هى باكورة لنوع الشعر السودانى الذي يريدون له الذيوع . فقد رأينا عبد الحى يصف المجذوب في كلمته عام 1976 بأنه الشاعر السودانى الذى أدرك حقيقة انتسسسابه إلى أرومة زنجية . وأضاف عبد الحى بأن شعر المجذوب إنما يعكس في جنوبياته وغيرها وحدة على مستوى عمق مصادر التقليدين العربى الأفريقى (32) . وقال مكى فى المعنى نفسه أيضا : إن المجذوب في جنوبياته قد جعل ذاته الشاعرة معلما على سودان الغابة والصحراء . ورأى في شعره استيعابا وتصويرا وتمثيلا لتجربتنا الحضارية ، مؤصلا في معرفة بثقافة الشمال العربية وثقافة الجنوب الأفريقية (33) . وهكذا عمد الأفروعربيون المجذوب ، الذى هو فى سن آبائهم ، أبا روحيا لمشروعهم الشعرى الرامى إلى التعبير عن الوحدة العميقة للوجودين العربى والأفريقى ، في ذاتية سودانية صمدة .


رد عبد الحى في كلمته الأخيرة ( 1985 ) جنوبيات المجذوب إلى تأرجح الشاعر (34) بين ثقافة العرب وثقافة الأفارقة ، لا إلى وحدتهما في عمق المصادر كما فعل في كلمته عام 1967 ، كما رأينا أعلاه . فجنوبيات المجذوب عند عبد الحى قائمة في ثنائية الحضارة ، التى تمثلها ثقافة الشمال العربية ، والطبيعية ، التي تمثلها ثقافة أهل الجنوب (35) . وهى ثنائية يتعارض فيها العرف مع الملابس ، البراءة مع العار ، والقلب مع العقل ، والأريحية مع النقود ، والطلاقة مع الأخلاق ، والمشاعة مع النسب . وعند عتبة مجتمع الطبيعة الجنوبى البكر العذوبة ، خلع الشاعر عباءة الحضارة العربية بمحرماتها ونواهيها الكاسية . فالمجذوب يشبه تحالف الأفروعربيين في يأسه من إصلاح الثقافة العربية الاسلامية من باطنها ، واصطناعه بدائيا نبيلا في الجنوب يصوب به ذهنيا علل وآفات تلك الثقافة . لقد تمنى المجذوب :

وليتى في الزنوج ولى رباب تميد به خطاى وتســــتقيم
وأجتزع المريسة في الحوانى وأهــدر لا الأم ولا ألــوم
وأصرع في الطريق وفي عيونى ضباب السكر والطرب الغشوم
طليق لا تقيدنى قريـــش بأحساب الكرام ولا تنيـــم

غير أن هذا البدائى النبيل صورة وهمية كما يقول عبد الحى (36) . فالبوهيمية الاجتماعية (37) التى رآها الشاعر في الجنوب إنما هى إسقاط من شاعريته النهمة التى قيدتها الزواجر الاجتماعية في الثقافة العربية الاسلامية . فهذه الاسقاطات هى عبارة عن شهوات للشاعر لم ينقع مجتمعه غلتها فأرغت وأزبدت عالما من البوهيمية .

إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955 (3 . وقد اضطر المجذوب إلى أن يسقط حقائق اجتماعية جنوبية كثيرة لكى يخلص له " إنسان الجنوب البسيط الضاحك المتفاعل " (39) . فقد لاحظ مكى مثلا إغفال المجذوب ذكر السياسيين من مثقفى الجنوب الذين ، " كان يمكن أن يكونوا صيدا نموذجيا لهجائه الساخر وتصويره المضحك الدقيق " (40) . فقد أراد المجذوب أن يختصر طريقه إلى البراءة والسلاسة الجنوبية اختصارا .



تبقى لنا لاكمال حديثنا عن "البدائي النبيل" في الخطاب الثقافي السوداني ،
أن ندرج مساهمة:
محمد جلال هاشم
في هذا الصدد
المشاء

Post: #449
Title: استدراك حول مساهمة بولا في نقد مفهوم "البدائي النبيل"
Author: osama elkhawad
Date: 11-26-2006, 05:19 AM
Parent: #448

قبل ان ننهي حديثناعن البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني،
ستكون لنا رجعة الى مساهمة بولا.

فقد اكتشفت ،في سياحة اسفيرية،
أن الفياأورد استشهادا مجتزء عن بولا .

و نعتقد أن ذلك الاستشهاد المنقوص،
يعطي صورة مغلوطة لخطاب بولا حول البدائي النبيل في "جنوبيات" المجذوب ،
التي اسماها بولا :
زنوجيات
وسنعود لذلك غدا ،
كان الله هون.
المشاء

Post: #450
Title: Re: استدراك حول مساهمة بولا في نقد مفهوم "البدائي النبيل"
Author: osama elkhawad
Date: 11-26-2006, 07:39 AM
Parent: #449



في سياحة اسفيرية ،
اكتشفت ان الفيا اورد استشهادا منقوصا لبولا.
ولم انتبه الى ذلك،
لان بولا لم يشر الى ذلك في رده على الفيا حول ورقته عن الافروعروبية.

يورد الفيا في ورقته "عن الافروعروبية"،
الاستشهاد الآتي نقلا عن مقالة بولا الشهيرة- قبل التعديل-"شجرة نسب الغول":

Quote: ولقد أصاب د. بولا عندما قال :
" إن المجذوب أنشغل بصدق لا مراء فيه بموضوع اعتبار المكون الزنجي بالذات في مسألة الهوية الثقافية السودانية بل هو أول من جرؤ من أبناء جيله من قبيل أولاد العرب على أن يدعو جهرة لأصول زنجية في جملة تكوينه . وهذه تحتاج إلى شجاعة كبيرة في بلد يتبرأ فيه الناس من العرق الزنجي تبرؤهم من الجذام . "

وفي الهامش رقم"16"نجد المرجع التالي:
(16) د. عبد الله بولا ، شجرة نسب الغول ، سبق ذكره ص 49
الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا

وقد أورد الفيا هذا الاستشهاد في سياق الدفاع عن "جنوبيات " المجذوب,وهو استشهاد في غير محله.

وهذا الاستشهاد يتناقض مع رد بولا لبشاشة،و الذي أكد فيه أن المجذوب هو المؤسس لما قال به لا حقا محمد المكي ابراهيم عن الافريقي الراقص.
كما يتناقض هذا الاستشهاد المبتور،
مع ما ذكره الفيا عن ان بولا ذكر له انه انتبه مبكرا لمسالة البدائي النبيل في جنوبيات المجذوب .يقول الفيا في رد له على بولا:

Quote: ثانيا : لقد كنت انت اول انسان تناقشني في ورقة ، الافروعربية ، يا بولا! لقد طلبت مني بعد الفراغ من تقديم الورقة في ندوة الثقافة والتنمية التي اقامها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة سنة 1999 ، طلبت مني نسخة من الورقة ،اخذتها وقراءتها ثم بعد حوالي ثلاثة ايام عدت وناقشتني فيها ، والنقطة الوحيدة التي تحفظت انت عليها في الورقة هي فكرة البدائي النبيل في قصائد المجذوب والتي نسبها عبدالله ابراهيم الي محمد عبد الحي ولكنك قلت لي انك انت اول من اشار الي تصوير المجذوب للجنوبي في صورة بدائي نبيل ، وليس عبدالحي !
وبخلاف ذلك لم تعترض او تتحفظ علي اي مسالة ، رغم ان العنوان هو نفس العنوان ولم تتغير في الورقة كلمة واحدة .فما الذي جد


وفي راينا ان هذا استشهاد خاطئ،
او قل انه لا يتوافق تماما،
مع الاعراف السائدة في الاستشهاد،
و يمكن ان يصنف في دائرة "مكر الاقتطاف" نقلا عن كاتبنا الكبير الشقليني.
ذلك ان بولا لم يعدل كثيرا في مقالته الاصل.

يقول بولا حول انه احتفظ بجوهر مقالته ،في مجلة احترام الالكترونية ،في منبر سودانفور:

Quote: "وقد رأيت أن أحافظ على النص الذي كتب في عام 1996،كما هو ،فيما عدا بعض التعديلات والتصويبات "الطفيفة" (حقيقة)، وبعض اضافات قليلة هنا وهناك،غير ذات أثر في اتصال النص بسياقاته التاريخية.


ونعود الآن الى نص بولا الاصلي حول المجذوب،
يقول بولا في مقاله المشهور "شجرة نسب الغول":

Quote: " وسوف نجد أن "الأب الروحي" لحركة الحداثة الشعرية في السودان محمد المهدي المجذوب،الذي انشغل كثيرا وبصدق لا مراء فيه،بموضوع اعتبار المكون الزنجي ،و بالذات، في مسالة الهوية الثقافية السودانية،لم يوفق في مسعاه لتأسيس رؤية للزنوج تليق برد الاعتبار.فالمجذوب ،الذي هو،في اعتقادي، أحد شعراء العربية العظام على اطلاق العبارة،وهو من عرف بالسماحة وسعة الأفق والقدرة على اتخاذ المواقف الواضحة الشجاعة،هو أول من جرؤ في أنباء جيله من "أولاد العرب" على أن يدِّعي جهرة لأصول زنجية في جملة تكوينه.وهذه تحتاج الى شجاعة كبيرة،في بلد يتبرأ في الناس من "العرق" الزنجي ،تبرؤهم من الجذام.

ففي قصيدته الشهيرة "فجر كذوب" يقول المجذوب:
عندي من الزنج أعراق معاندة وإن تشدق في أشعاري العرب
ومع ذلك فإن لوحة إعلان المجذوب المجلجل هذا عن أعراق الزنجية تبدو لي مليئة بالثقوب لدى النظر اليها عن قرب. فالمجذوب يكون عن الزنوج في شعره الذي أراد به امتداحهم،صورة لا أظنها مشرفة جدا. فهو ينشد في قصيدته "انطلاق" التي يكثر الاستشهاد بها في مضمار تأكيد أصالة زنوجيات المجذوب وسدادها في مسعى لم الهوية:

وليتي في الزنوج ولي رباب تميل به خطاي وتستقيم
أجمشه فيجفل و هو يشكو كما يشكو من الحمة السقيم*
و أجترع المريسة في الحواني وأهذر لا ألام و لا ألوم
و أصرع في الطريق وفي عيوني غيوم السكر و الطرب الغشوم
طليق لا تقيدني قريش بأنساب الكرام ولا تميم

ولا أحسب أن ثمة مراء ممكن من أن هذه هي صورة "العبد السكران الخفيف العقل" التي تكونها الثقافة العربية الاسلامية عن الزنوج.و هي عين الصورة التي "قننها" و أكدها مؤسس علم الاجتماع العربي الاسلامي الشهير "ابن خلدون".

بيد أن المجذوب أقامها هنا مقام المدح. ولست أشك في حسن مقاصد المجذوب بأي حال من الأحوال.إلا بأن الزعم بأنه قد استقام له تأسيس موقف نقدي مبرأ من رؤية الثقافة العربية الاسلامية السائدة للزنوج،فقول لا أساس له من واقع بنية النص ولا من سياق الواقع الاجتماعي والنفسي المحيط بالنص.ولا أصل لها من قبل وفوق ذلك في واقع الحضارات والثقافات الزنجية التي تعرف للجد والحزم نماذج باهرة بقدر ما تعرف في مقامات الفرق والطلاقة. وإن كان لرؤية المجذوب هذه من أصل ،ففي هواجس الشاعر وتشهياته و استقرار رؤى الثقافة العربية العميقة في لا وعيه مما لا مجال لمناقشته باستفاضه هنا.


http://sudaneseonline.com/sections/ihtiram/images/ihtiram-nov05-dr.bola.pdf

من الواضح أن هنالك خطأ بينا في الاستشهاد،

وهو خطأ يخل بالفكرة الاساسية التي يطرحها بولا حول "جنوبيات" المجذوب.

نلاحظ أن الفيا ،
لم يشر الى استدراك بولا حين قال:
Quote: ومع ذلك .............الخ


وهذا النوع من الاستشهاد يشبه الاستشهاد المشهور:
Quote: ويل للمصلين


المشاء

*لم يورد كلا من الفيا و عبد اللطيف علي الفكي هذا البيت.
هل هي الحمى أم "الحمة" كما ورد في مقال بولا؟؟

Post: #451
Title: Re: استدراك حول مساهمة بولا في نقد مفهوم "البدائي النبيل"
Author: osama elkhawad
Date: 11-27-2006, 00:29 AM
Parent: #450

لاسباب عملية ،
ساحتجب عن البوست لمدة اسبوع،
وسأعود للمواصلة.
محبتي لكل متابعات ومتابعي البوست.
ارقدن\وا عافية
المشاء

Post: #452
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 11-28-2006, 05:15 PM
Parent: #1

For more readings and discussions
Almashaaa

Post: #453
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-02-2006, 02:31 AM
Parent: #452

نعود لمواصلة مساهمتنا حول :
البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني

وتبقت لنا مساهمة الاستاذ:
محمد جلال أحمد هاشم

والتي نشرت في سودانفوروم دوت نت
وكانت بعنوان:

Quote: الأسس الفكرية لتحقيق السودان الجديد"كوش" وصناعة الاستقلال



فالى الرابط:


http://www.sudanforum.net/forum/viewtopic.php?t=85504&s...db540f63a60d28632690

Post: #454
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-03-2006, 02:43 AM
Parent: #453

نعود للحلقة الاخيرة في مساهمتنا حول :
البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني
.
******

يعتبر مقال محمد جلال أحمد هاشم "الأسس الفكرية لتحقيق السودان الجديد (كوش) وصناعة الاستقلال" مقالا مهما في رصد مفهوم السودان الجديد وعلاقته بالسودان القديم من خلال المنظورات الثقافية التي طرحت في الخطاب الثقافي السوداني.

يتخذ المقال من نقد الوعي العروبي اساسا لمقاربته لمسائل ثقافية تدور حول "بوتقة الانصهار" وما يقابلها من مفهوم "الوحدة في التنوع" كبديل للبوتقة الثقافية،و المحاولات الثقافية المتعددة للتعبير عن استراتيجيتين ثقافيتين هما:
بوتقة الانصهار و الوحدة من خلال التنوع.

يبدأ المقال بنقد الوعي العروبي السوداني باعتباره آحادي النظرة:

Quote: إن أكثر ما اتصف به الوعي العروبي في السودان هو هذه النظرة الأحادية، حيث يتمّ تغييب الهويات غير العربية فيه تغييباً يستفزّ الأغبياء قبل العقلاء. ويستطيع المرء أن يقول باطمئنانٍ كبير إن الوعي العروبي منذ تأسيس السلطنة الزرقاء (أي السوداء، لاحظ!) قد أسقط من اعتباره أن السودان ما هو في الواقع إلاّ دولة أفريقية سوداء الأمر الذي ينبغي أن يحتلّ فيه غير العرب من السود مكانة الصدارة. المفارقة تكمن في أن أهل السودان بعربهم وأفارقتهم جميعاً سود في الواقع. إذن إسقاط هذه الأفرقة السوداء من الاعتبار ما هي إلاّ عملية استلاب واغتراب، وهذا أسّ البلاء الذي لازم عملية البناء الوطني وقعد بنا كل هذه القرون فأصبحنا كمن يصعد إلى أسفل.


ثم يحاول المقال ان يلجأ الى تاريخ الوعي العروبي السوداني المعاصر ناقدا لحركة التنوير السودانية العربية:

Quote: حتّى في القرن العشرين حيث كان ينبغي ـ افتراضاً ـ أن يشهد حركةً تنويرية، انكفأ المثقفون السودانيون من حملة الثقافة العربية داخل خباء عروبتهم العرجاء. فمشروع هذه الثقافة فيما بدر منها منذ بدايات القرن العشرين وحتّى الآن يشير بوضوح إلى أنه قائم على إدارة معركة هويّته الدونكيشوتية المتمثّلة في إثبات عروبة السودان مقابل إنكار أو تشكّك العرب العاربة لذلك. فمثلاً غاب الوعي بأفريقية السودان في فكر حركة الفجر أوائل عقود القرن العشرين.


وفي اطار نقد الانتلجنسيا العروبية في علاقتها بالثقافة الافريقية يشير المقال ،
الى تبني مفهوم "البدائي النبيل " في نظرة العربي السوداني الى الافريقي السوداني ،من خلال استبطان الارث العربي والاوروبي المحط بشأن الثقافة الافريقية وصورة الافريقي،وضرب مثالا لذلك بالشاعر محمد المهدي المجذوب:

Quote: وحتّى عندما اتّجه بعض المثقفين منهم إلى أفريقيا السوداء وبوعي تام (مثل محمد المهدي المجذوب)، استبطنوا ذات النظرة الانحطاطية التي عُرف بها العرب والغربيون عموماً فيا يخصّ أفريقيا (مفهوم البدائي النبيل).


ثم في اطار التناول التاريخي للتجارب الثقافية الابداعية ،يتحدث المقال عن مدرسة الغابة والصحراء باعتبارها دشنت منظور "بوتقة الانصهار" لاعادة انتاج بقية الثقافات السودانية داخل الثقافة العربية:

Quote: فيما بعد عندما ظهرت مدرسة الغابة والصحراء وهي التي سعت وبوعي تام أيضاً إلى رد الاعتبار إلى المكوّن الأفريقي في هويّة السودان العربية، بدا جليّاً أنها في خاتمة أمرها إنما جاءت لإنقاذ هذه الهويّة من مأذق محاصرتها أفريقياً، فكان أن دشّنت منظور "بوتقة الانصهار" متّخذةً من إنسان سنار نموذجاً لإعادة إنتاج باقي أمم السودان الذين لا زالوا على أفريقيتهم داخل الثاقفة العربية كما حدث لإنسان سنّار، تلك الدولة التي أسسها قومٌ سود لا يعرفون العربية، فكان أن أسمَوا دولتهم "السلطنة الزرقاء"، أي السوداء، فانتهى أمرُهم بِددا. فمن نال منهم شرف إعادة الإنتاج هذه فَقَد أي صلة بهويّته الأفريقية الأصلية، أمّا من استعصت عليه هذه العملية (الفونج والأنقسنا) فقد تمّ تهميشه ليقبع في أدنى دركٍ للمجموعات المهمّشة حتّى لم يجد بدّاً في النهاية من حمل السلاح.


وهنا نجد محمد جلال هاشم يتبنى نقد ع.ع.ابراهيم للغابة والصحراء ومفهوم الافروعروبية حول اعادة انتاج انسان سنار .*

يقول ع.ع. ابراهيم في "تحالف الهاربين":

Quote: صفوة القول : إن الأفروعربية هى صورة أخرى من صور الخطاب العربى الاسلامى الغالب في السودان . وهى كخطاب غالب تنهض على محوريـن : المحور الأول ، هو تمييز " إنسان سنار " – نواة السودان الشمالى – عما عداه من أناس في الوطن . ولذا تنظر الأفروعربية إلى الحركة التاريخية في السودان كحركة مستمرة صائبة من التمازج بين العرب والأفارقة ، بين الشماليين والجنوبيين ، لاصدارات متكررة من ذلك الانسان ؛


ويشترك الدكتور هشام عمر النور في مقالته:
التفكير نقدياً فى نزاع الهويات - فرانسيس دينق نموذجاً
المنشورة في موقع "الحوار المتمدن" ،مع محمد جلال هاشم في تنبي نقد ع.ع.ابراهيم للافروعروبية .يقول الدكتور هشام عمر النور:

Quote: هذا التصور يتجاوز الآفروعربية التى فضحها من قبل د. عبد الله على ابراهيم(4) كمحاولة لمثقفين شماليين للتخفيف من غلواء وتزمت ثقافتهم العربية الاسلامية بإدخال مكون متخيل أفريقى عليها وفشل المشروع لأنه مجرد تنويع على المركزيةالعربية انتهى برفض المركزيتيين لها كما ذهب إلى ذلك د. عبد الله.

http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=6785

ثم يواصل محمد جلال هاشم الحديث عن الغابة والصحراء باعتبارها مؤسسة لمنظور الافروعروبية والانصهار الثقافي،واثر الحرب في الجنوب على ظهور وتبلور ذلك الاتجاه الابداعي:

Quote: فبروز مدرسة الغابة والصحراء الفكرية والتي دشنّت منظور الآفروعروبية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الحرب الدائرة حينها. إذ جاء ذلك الاتّجاه الفكري كحل توفيقي بغية إيجاد معادلة للخروج من مأذق الحرب.


يرى المقال في الغابة والصحراء تمظهرا عروبيا باعتبارها منحازة للمشروع العروبي حين تحدث عن انحياز تلك المدرسة الواضح:

Quote: "للمشروع العروبي باعتبارها تنظيراً فكرياً لمنظور بوتقة الانصهار.


ثم تحدث عن أثر اتفاقية اديس ابابا للسلام عام 1972 في نشوء بروز منظور السودانوية،كنقد للأفروعروبية الضيقة، وتبلور ذلك المنظور المتخطي للأفروعروبية من خلال طرح منظور "الوحدة في ا لتنوع"،كبديل لرؤية الانصهار التي تبشر بها الأفروعروبية:

Quote: كما إن اتّفاقية أديس أبابا كان لها الدور الأعظم في بلورة منظور السودانوية، وهي الاتّجاه الفكري الذي تجاوز انحيازية الآفروعروبية. فمجرّد تواجد المثقفين الجنوبيين وإثبات تميّزهم الفكري السودانوي إزاء رصفائهم ممّن كانوا يعرفون بمصطلح "الشماليين"، وهو تميّز نشأ عليه مثقّفو الجنوب الأفارقة سليقةً وطبعاً جرّاء عدم الاستلاب، الأمر الذي كشف للعديد من المثقفين السودانيين عن خطل الآفروعروبية كما كشف عن الإمكانات الفكرية الهائلة لجدلية التعدّد الثقافي بالسودان. وقد تبلور كل هذا أخريات السبعينات في طرح منظور "الوحدة في التنوّع" كبديل نموذجي لمنظور "بوتقة الانصهار".


و كتتبع تاريخي لنشأة مشروع الانصهار يقول عن المؤسسين لذلك أي "عمارة دنقس و عبد الله جماع":

Quote: لقد حُظي السودان منذ سقوط ممالكه الكوشية والنوبية القديمة برجالٍ عظام، تحديداً منذ عام 1505م، هم الذين لعبوا الدور الأعظم في صناعة وبلورة السودان في كلا صيغته التقليدية ومشروعه الجديد، وهم: عمارة دونقس وعبدالله جمّاع، اللذان دشّنا مشروع بوتقة الانصهار بقيام دولة الفونج وكان ذلك بمعايير ذلك الزمان فتحاً فكرياً وأيديولوجياً كبيراً؛


و يربط المقال بين ما سماه "اليمين السوداني" و بوتقة الانصهار ،كوسيلة للمحافظة على السودان القديم واعادة انتاج الهوية الافريقية داخل حقل الثقافة العربية:

Quote: إن الفرضيات الأخلاقية والثقافية لمؤسسة الرق لا تزال على حيويتها في الوجدان السوداني (الشمالي المسلم عامة وفي الوسط خاصة). فليس أسهل من أن يدمغ السوداني (كذا) بأنه عبد لمجرد سواد لونه. ولنا أن نتساءل: هل يكون السودانيُّ غير أسود؟ هذا التيار هو ما نطلق عليه مصطلح "اليمين السوداني"، ذلك لأنه يعمل أساساً بدافع المحافظة على السودان القديم القائم على منظور بوتقة الانصهار والأحادية الثقافية وإعادة إنتاج الهوية الأفريقية داخل حقل الثقافة العربية
.

ثم يقف المقال ضد العملية الزائفة لتوحيد السودانيين رغم اختلافاتهم الناجمة عن التعدد الثقافي تحت دعاوى القومية مرة ،وبوتقة الانصهار او الافروعروبية مرة أخرى:

Quote: إزاء هذا تنهض الدعوة إلى قوميةٍ زائفة تزعم أنها تعمل على توحيد جميع السودانيين من خلال إزالة جميع الفروقات والاختلافات الناجمة عن التعدد الثقافي من خلال إعادة إنتاجهم ثقافياً داخل إحدى الثقافات وذلك تحت مسمى القومية مرة، وأخرى التمازج القومي، أو "بوتقة الانصهار". إن الدعوة إلى هذه القومية الزائفة تعني في الواقع تذويب كل الكيانات الثقافية في كيان واحد عبر عملية مستمرة من القهر والاستتباع والاستيعاب. أي أن هذا التيار هو أيضاً قبلي مع فارق واحد هو أنه لا يعترف بأي قبيلة غير القبيلة التي ينتمي إليها كما إنه يعمل بقوّة على ابتلاع كل القبائل الأخرى داخله.


يتخذ المقال من امدرمان نموذجا لبوتقة الانصهار لا يراعي ابدا منظور "الوحدة في التنوع":

Quote: وكنّا من قبل قد أطلقنا على المنتجات الثقافية لمنظور بوتقة الانصهار مسمّى "إنسان أمدرمان" و"ثقافة أمدرمان" كإشارة لمركز المراكز. ودمغُنا لهذه العملية باسم ’أمدرمان‘ له سبب: فأمدرمان من أحدث المدن السودانية تاريخياً وتمثل نموذجاً حيّاً لمنظور ’بوتقة الانصهار‘، بينما لا تقارب أبداً منظور ’الوحدة في التنوع‘. كما نلاحظ أنه قلما نجد مجموعة ثقافية سودانية ليس لها أسر (قلّت أم كثُرت) ذابت في مجتمع أمدرمان.


ثم يتحدث عن موقع المجموعات الهامشية التي قطنت امدرمان،وساهمت في تأسيس مشروع الحداثة السوداني،
قائلا:

Quote: وفي الحق، فقد رادت مجموعات الهامش السودانوأفريقية (خاصة من الجنوب وجبال النوبة والأنقسنا ودارفور) حركة الحداثة في مجتمع أمدرمان، وذلك بُعيد الدولة المهدية. لقد خضعت هذه المجموعات ـ عن سماحةٍ ـ لعملية إعادة الإنتاج فاستعربت تماماً، فضلا عن بادئ إسلامها؛ هذه هي المجموعات التي رادت فن الغناء عندما كانت المجموعات السودانوعروبية تحاربه في أمدرمان؛ وهي نفسها التي رادت التعليم عندما تحامته المجموعات الإسلاموعروبية؛ وهي نفسها التي رادت خروج المرأة للعمل، وعبر مهنٍ شريفة استعرّت منها المجموعات السودانوعروبية، كالتمريض وغيره. هذه هي المجموعات التي رادت عملية الحداثة في سودان القرن العشرين فيما بعد.


ثم يتساءل عن مصير تلك المجموعات الحداثية الرائدة :
Quote: فإلى ماذا يا تُرى انتهى أمرها؟


فيجيب قائلا في حسرة واضحة:

Quote: لقد تم إيداعها في أدنى سُلّم المجتمع لا لشيئ إلاّ لسواد لونها وغلظة شفاهها وتفلفل شعرها وقلة حظها، نسبيا، مما نُظر إليه خطأً على أنه الدم العربي. إنها نفس المعاناة التي تعرّض لها عنترة في الجاهلية وبلال في الإسلام.


ثم يتحدث عن عملية اعادة انتاج الثقافة من خلال بوتقة الانصهار الامدرمانية:

Quote: إذن فعملية إعادة الإنتاج ليست جزءاً من الحل، بل هي في الواقع جزء من المشكلة. هذا النموذج هو الذي يُرادُ له أن يعمّ السودان كله عبر ’منظور بوتقة الانصهار‘ وإعادة الإنتاج.


ويخلص الى ان الترويج لفكرة "الانصهار " ينم عن فكرة محض ايديولوجية ،وتهدف الى الحفاظ على مصلحة المركز العربسلامي:

Quote: ومع أن هذا الأمر ليس ممكناً عملياً، إلا أن الترويج لهذه الفكرة ليس عفوياً وإن بدا كذلك. إنه الصراع حول السلطة، وذلك عندما تتحول المواقف الثقافية من لغة إلى عادات ... إلخ ، إلى مواقف أيديولوجية، ومن ثم أسلحة، لحسم الصراع حول السلطة لمصلحة الطبقة المهيمنة على السلطة، أي لمصلحة المركز.


المشاء

*في النسختين الاسفيريتين لمقال محمد جلال في موقع سودانفورم وموقع سودانفورول ،لا نجد اية اشارة الى المراجع.

Post: #455
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-03-2006, 12:56 PM
Parent: #454

جزء من مقالة للاستاذ خالد احمد بابكر منشورة في موقع سودانايل

ما ذُكرت (الغابة والصحراء) أو (الآفروعربية) في أدبيات ثقافتنا المعاصرة، إلا وبرز اسمه مع

الرفقاء الذين اختطوا طريقها. فها هو النور عثمان أبكر يقول عنها في (صحوالكلمات المنسية):

مولود الغابة والصحراء

من هذا الطافر كالجبل الأسمر

كمنارة ساحلنا الأزرق

جاء عند عبد الحي أنّ مجاز الغابة والصحراء وقع للشاعر النور عثمان أبكر وهو في محيط أوربا

الحضاري. وهي الرحلة التي وصفها الدكتور عبد الله علي إبراهيم في ورقته (الآفروعربية: أو تحالف

الهاربين) بـ (رحلة مكي البائسة)!. لكننا ـ على أية حال ـ لا ندري السبب الذي حمله على وصفها

بـ (البائسة)، مع إنها قادت إلى اجتراح فكرة مستنيرة وناضجة بكل المعايير. هل لأنه استهجن

حديثهم عن الهُجنة؟ أم ماذا كان يرمي وراء ذلك؟. في اعتقادنا أنّ الهُجنة التي قال بها أهل

الغابة والصحراء كانت وصفاً حقيقياً وواقعياً لحالتنا السودانية، ورؤية حصيفة اعترفت بالتعدد

والتمايز الذي ينطوي عليه هذا البلد. وقد رأى د. عبد الله علي إبراهيم أنّ دعوة الآفروعربية تقف

بيولوجياً على ما روجه المؤرخون والإثنوغرافيون خلال هذا القرن من أنّ سكان شمال السودان هم هجين

عربي إفريقي. فهارولد ماكمايكل يصف الخليط من النوبة القارة والعرب ممن أقاموا على النيل من

القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر كهجين آفروعربي. ويقول إنّ بقية المؤرخين تبعوا ماكمايكل في

دعوته هذه، وذكر منهم من الأجانب (ج. ترمنغهام) و(وليام آدمز)، ومن السودانيين: يوسف فضل وحامد

حريز وحيدر إبراهيم.

كان من رأي الشاعر صلاح أحمد إبراهيم رحمه الله أنّ جُلّ أقوال الأنثروبولوجيين (علماء السلالات) حول

أصول سكان شمال السودان تناهض حقائق الواقع ولا تخلو من التدليس. ففي معرض رده على النور عثمان

أبكر عَرَض لبعض المراجع التاريخية الأمينة، كما أخذ عدة مآخذ على علماء السلالات المتشككين في

عروبة أقوام شمال السودان. ومع ذلك، فإنّ صلاحاً كان من كبار المعترفين بحقيقة الهُجنة السودانية،

فحينما سئل في الخليج عن ماهيته، قال: أنا الهجين عنترة». أما اختزال رؤية الغابة والصحراء

على أنها تقوم بيولوجياً على ما روجه المؤرخون وعلماء السلالات، لهو قولٌ منقوص لا يقف على أساس

واقعي وحقيقي متين.

وقد عارض الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا في ورقته (الآفروعربية.. بين الواقع ووهم الآيديولوجيا)

أطروحة د. عبد الله علي إبراهيم ـ معارضة الباحث المدقق والناقد المتمكن في أسلوب منهجي قويم،

وشارك عجب الفيا بورقته في إحدى الندوات التي أقيمت بالقاهرة في وقت مضى، وهي عبارة عن قراءة

نقدية لما انتهى إليه د. عبد الله علي إبراهيم في هذا الشأن. وخلص إلى أنّ ورقة د. عبد الله علي

إبراهيم تنتمي إلى القراءات ذات الصبغة الآيديولوجية في توصيف الهُوية الثقافية للذات السودانية.

(3)

في منحى آخر، قاد التشكيليان حسن موسى ود. عبد الله بولا حملة مناهضة للغابة والصحراء ـ قوامها

الترهات والأباطيل ـ في التسعينيات الأولى إبان سياسات القمع والتعسف التي انتهجها النظام

الإسلاموي باسم التمكين. فحسن موسى في ورقته (شبهات حول الهُوية) وبفعل إفراطه في الخصومة غير

المبررة يُحمّل المسؤولية الكاملة لجماعة الغابة والصحراء في التمهيد لبروز سلطة الجبهة

الإسلاموية ويتفوّه بمنكر من القول حين يرميهم رمياً بقوله: «لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الأسد في

المسؤولية الأخلاقية بقدرما عبّدوا الطريق لسلطة الصيارفة الإسلاموية وسوّغوا مقولاتهم الغوغائية على

مراجع العروبة والإسلام.. فهم قومٌ لم يرعوا حرمة الإبداع، ولم يرعوا دور المبدع كمعارض وكخارج،

وانساقوا وراء إرضاء الدولة المخدِّمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم. فهم يستحقون اللعنة

بقدرما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي». ولا يُخفي عبد الله بولا تورطه

الأحمق مع تلميذه حسن موسى في رميهم بالباطل على النحو الذي جعله يقول في ورقته (شجرة نسب

الغول): « عليهم اللعنة بقدرما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة، عندما

آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة على مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية».


عجبي ممن يزاولون التدليس في رابعة النهار ويجعلون منه منهاجاً لنقد الآفروعربية. فهذا (الغش

الثقافي) من جانب عبد الله بولا وتلميذه (النجيب) حسن موسى كفيل باستحقاقه اللعنة، فليست هناك

أدنى صلة ـ ولو مفترضة ـ بين أصحاب المشروع الحضاري السلطوي وشعراء الغابة والصحراء. هنالك

مجازفة كبيرة في الزج بالآفروعروبيين كونهم مسؤولون عن بروز سلطة الجبهة، فالجميع يعلم بمدى

الاختلاف العريض بين مرجعية المودودي وإسلام التصوف السناري، هذا إنْ جعلنا من أوبة الآفروعروبيين

إلى سنار ـ كما في دعوة عبد الحي ـ حُجة يحتجُّ بها المدلِّسون. لكننا لو توجهنا بالسؤال لكليهما

عن ماهية (الأقوال الغوغائية) ـ كما زعمها حسن موسى ـ التي سوّغوها على مراجع العروبة والإسلام،

فلن يجد ما يقوله، سوى المزيد من المراوغة والتضليل.

الغابة والصحراء صيغة ثقافية جامعة وليست آيديولوجيا يطوّعها كل عقل مؤدلج كيفما شاء، ويحاكمها

كيفما أراد ورغب. فكل من سعى لانتقادها من منظور آيديولوجي تنكّب طريقها ولو كان من الرواد

المؤسسين. وحسناً فعل محمد المكي إبراهيم حين قال بأنه لن يمنح الطموحين فرصة للمبارزة

(المهاترة) جرياً على قول الأستاذ سند في رفضه (منازلة المسفّ)، فما أكثر المسفين اليوم والساعين

لمعركة (الظهور) التي لن يبلغوا ساحتها عبرنا مهما رفعوا عقيرتهم بالسباب.


http://www.sudanile.com/

Post: #456
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-03-2006, 07:09 PM
Parent: #455


ثرثرة وذكريات....محمد عبد الحي: استدار قمراً .. ثم أفل

(اذبح فؤادي إنني

بك يا حبيب متيم

أيضئ مصباح الهوى

إن لم يضئ فيه الدم؟

إني وقفت أمام بابك

بالعذاب أجمجم

لأراك تشرق في الظلام

وفي المشارق أظلم

×××
أنت الزلازل هدمت حصني

ففي التشريد أمني

وسجنت فيك معانقاً

حريتي في ليل سجني

جهلوا فما يدرون أنّا

ملتقى وتر ولحن

×××

أسفرت فيّ فإنني

مرآة وجهك يا جميل

وسملت عيني كي أراك

بعين قلبي يا خليل

فأنا الضرير يقودني

شوقي إليك ولا دليل).

حظي الشاعر العبقري محمد عبد الحي بقدر مهول من الاعتبار، وفيض وافر من الاهتمام، وتحدث النقاد - على قلّتهم في البلاد - عن سيرته القصيرة العامرة بالعطاء الأدبي المتفرد وعن شعره، وعن مدرسة الغابة والصحراء التي أسهم فيها بالقدح الأكبر مع رصفائه الشعراء الأفذاذ؛ النور عثمان أبكر ومحمد المكي ابراهيم، ثم (العودة الى سنار) بإحاطتها المدركة للهوية والانصهار عبر مدارج الزمان:

- (بدوي أنت؟

لا

- من بلاد الزنج؟

لا

أنا منكم .. تائه عاد يغني بلسان

ويصلي بلسان
من بحار نائيات
لم تنر في صمتها الأخضر أحلام المواني

كافراً تهت سنيناً وسنين

مستعيراً لي لساناً وعيوناً).

أثرى عبد الحي خلال عمره الوجير (1944 - 1989) المكتبة العربية بفيض غامر من الشعر العميق والكتابات الذكية: (العودة الى سنار، معلقة الإشارات، السمندل يغني، حديقة الورد الأخيرة، زمن العنف، رؤيا الملك).. ثم ذلكم البحر الدافق من المقالات والموضوعات. كان عبد الحي منذ زماننا بحنتوب الثانوية ينظر أبعد من أبناء سرحته جميعاً الى أفق بعيد، أفق يتلون فيه الزمان بألوان مبهمة ويتضمخ بأريج غريب، لم ندرك آنذاك له كنهاً ولا مداراً.

تشكل هناك واستدار قمراً يهم بالانطلاق نحو مجرات بعيدة.. كنت قريباً منه استضئ بجانبه وأنعم بالبريق، ثم انطلق رمحاً عبقرياً صوب جامعة الخرطوم على قدر حتم وموعود.. فتعقبنا آثاره الى هناك، وهالنا ان شغل الدنيا ببعض من رحيق برتقال روحه الذي لا يفنى ولا ينضب له رحيق.. كان في زماننا العصر الجديد والتمدد يسعيان على قدمين، كان الريف في هديله الجميل عابراً والحضر حاضراً بحدائقه وسمندله وفراشه وطاووسه وحمامه وطيره الخداري:

(في اول الصبح

كان الطائر الأخضر
يدور محتفلاً

في صحوه المزهر

يعلو ويرتفع

في اللازورد

وفي أشراقة الذهب).

لوهلة ظننت وبعض الظن قصور وقفز عجول، ان عبد الحي يقف على ذروة الجبل وحده، ولكني أرجعت بصري بالشعر كرتين فرأيت صلاحاً قد ركز راياته هناك ومضى... ورأيت محمد المكي وعبد الرحيم أبوذكرى يقفان في صف مع عبد الحي الصدر بالصدر والحافر بالحافر.. عرف الكثيرون ود المكي وجهل الكثيرون عبد الرحيم ولم يظفر إلا بالقليل من الصيت. وقد ذكر لنا الفيتوري في احتفاء اقامه له الأستاذ عبد الكريم الكابلي بمنزله ان بعد شعراء السودان مسافة في الفترة المعاصرة الثالثة عبد الرحيم أبوذكرى.

كان رصفاء عبد الحي ود المكي والنور وعمر عبد الماجد وحيرانه كثر، وكنت من بينهم، وعبد الله جلاب لا يفارقه قيد خطوة، غير ان عبد الحي كان يؤثرني حين يكتب شيئاً جديداً، ويعهد لي ان أطلع عليه وكان ذلك يمطرني زهواً.. وأذكر الآن - ولأول مرة وبحزن غامر وأسف شديد - أنه قد سلمني مسودة روايته الشعرية (رؤيا الملك) لأطلع عليها فسافرت لبريطانيا والرواية بخط يده معي، وعز لفترة طويلة بيننا التلاقي وخفت ان أرسلها مع من يعيدها له فتضيع فقبعت معي ردحاً طويلاً من الزمان.. جاء عبد الحي وقد داهمته العلة مستشفياً بلندن وقد فارقها الى الخليج.. وحدثني أستاذنا الشاعر الكبير عمران العاقب الذي زاره بالمستشفى ان عبد الحي حاول جاهداً ان يتذكرني وعرف الأستاذ عمران انه يعنيني فنطق له باسمي فقال: (نعم، الرؤيا معه).. خرج عبد الحي وقد خفت علته بجسارته وعزمه الذي لا يلين وتعلم الكتابة باليسرى وأعاد كتابة (رؤيا الملك) من ذاكرته وأشار في مقدمتها انه سلمها لصديق نسي أن يعيدها اليه وما درى انني خفت عليها ولم أجد سبيلاً لردها اليه.

الفيض الغامر من الدراسات النقدية صب جله في (العودة الى سنار) وأثر الشعر الإنجليزي في ابداع عبد الحي، ولكن ما من ناقد رصد تغيير النمط النظمي الذي أحدثه عبد الحي بظهور ديوانه (حديقة الورد الأخيرة) وعودته الطوعية من حين لحين الى القصيدة القديمة شكلاً المتجددة محتوى:

(لن تدرك البرق إلا أن تراوقه ×× في النار من بين تطريق وتجويد)

من قصيدته (سمعت صوتك).

(بكرت سعاد وهجّرت طاووسا

والربع كان بوجهها مأنوسا

الآل غرّق أهلها وركائباً

حملت بدوراً غضة وشموسا)

من قصيدته (رحيل الطاووس)

(لمن طلل من آل مية حاسر

توالت عليه بالسوافي الهواجر؟

ففي نخله المعقور تفرخ حية

وللوحش في السور الحطيم منابر

يضج غراب البين: اني حمامة

تغني ويعوي الذئب: إني شاعر)

من قصيدته (طلل).
(عمرية شغفت فؤادك بعدما

شكمت خيول للشباب جوامح

قد كانت الأفراس عندك في الحمى

ترعى ويطربك البريق القادح

وتنير درعك في النهار مسافراً

ويضيئها في الليل نجم نازح
وغدوت كالعقد العجوز جناحه

وهن وأرياح الشتاء تناوح)
من قصيدته (الصقر العجوز).

وإني لأعجب كيف لم يبصر النقاد هذا المنحى عند عبد الحي، هجموا على ابداعه هجمة رجل واحد، كل يفتي وكل يقول، وقديماً قال أحدهم: (اللهم انصر النقد بأحد العبدين).. لا أدري من قال هذا، ربما مبارك بشير، وعنى بالعبدين عبد القدوس الخاتم، وعبد الهادي الصديق؛ الأول غيّبته الغربة، والثاني غيبه الموت، عليه الرحمة. كنت وعبد القدوس أول من كتب بصورة راتبة في صحيفة (الهوني) (العرب) بلندن، الصحيفة العربية الأولى هناك، ثم فرقنا الزمان، يمم شطر المملكة العربية السعودية ويممت شطر الخليج.. أما عبد الهادي - أمطر الله قبره بوابل الغفران - فقد كان صنو الروح بجامعة الخرطوم.. جئت اسأل عنه بمنزلهم بالملازمين قيل لي خرج.. عدت وأتيت اليوم الثاني قيل لي خرج.. أتيت اليوم الثالث ولم أحظَ بوجوده.. سعيت له بمنزل الأسرة بالملازمين ومنزله بالخرطوم اثنين دون جدوى، وقفلت عائداً الى مقر عملي بالقطينة فاتصلت بي زوجته عطور بعد يومين وأبلغتني نبأ رحيله.. فتأمل!! تعجل أبناء جيلنا الرحيل.. لحق عبد الهادي بصلاح وعبد الحي وأبي ذكرى وعبد القيوم، لهم جميعهم الرحمة بقدر ما بذلوا من وعي وعطاء وبأكثر مما بذلوا، فرحمته تعالى لا تحد ولا تحاط.

لم أسمع لعبد الحي قصيدة بالعامية ولا لأبي ذكرى ولا لود المكي، وأدهشني اثنان كانا يحفظان بعض أبيات من أشعاري العامية هما المجذوب وفراج الطيب.. وسبب دهشتي انهما من الضاربين في أودية العربية ببحورها ومنابعها، وأن العامية أدنى للعامة وأكثر انتشاراً وأيسر نظماً.. والعامية هي شعر الغناء والألحان التي تحلق بالشعر وتصل به للناس، وقد تغنى عبد الكريم الكابلي بشعر عربي لبعض شعرائنا كانت أغانيه بأشعارهم سبباً رئيسياً في انتشار صيتهم لأول مرة لدى الكثيرين: (المولد) للمجذوب، (حديقة العشاق) لتوفيق صالح جبريل، (ضنين الوعد) لصديق مدثر، (حبيبة عمري) للحسين الحسن، (آسيا وأفريقيا) لتاج السر الحسن.

زرت مرة الشاعر الكبير والأديب الضخم فراج الطيب بمكتبه بالمجلس القومي، وقد كان عندئذ الأمين العام للمجلس، وأذكر انه بعد الترحيب أسمعني بصوته الجهور لأول مرة رائعة شيخ الشعراء عبد الله الشيخ البشير (البحث عن بيت شعر) التي تنم عن خيال عبقري لشاعر سوداني فذ، وقد سلمني نسخة منها وحفظتها عن ظهر قلب في يوم وبعض يوم. أطرق الأستاذ فراج عليه الرحمة ثم قال لي: (ألست أنت القائل).. وبدأ يقرأ بحفظ رصين قصيدة عامية كتبتها منذ جامعة الخرطوم اسمها (تقول أهلاً).. وسألته والدهشة تملؤني: وهل ترك لك يا أستاذنا الخليل بن أحمد وقتاً للعامية؟.. قال لي انه يحفظ شعر العامية وخاصة شعر الحقيبة، وأردف يقول لي ان العامية يجب ان تقرأ بالطريقة التي كتبت بها. وأذكر انه ساق لي مثالاً.. (وصف الخنتيلة) موضحاً ان كابلي ينطقها وهو يغنيها بضم حرف الخاء والصحيح كسرها.. ثم يقول: (المافي مثيله).. والصحيح (متيله) بالتاء وليس الثاء.

تم تعيين عبد الحي رئيساً لشعبة اللغة الإنجليزية ورئيساً لشعبة الترجمة بجامعة الخرطوم، وفي عام 1976 عين مديراً لمصلحة الثقافة، وشهدت كل هذه الدوائر استقراراً ونشاطاً ثراً في عهده، فقد كان يديرها بروح الإبداع والابتكار.. انتظمت في الصدور مجلة (الخرطوم) ومجلة (الثقافة السودانية) التي عهدوا بها للشاعر عبد الرحيم أبوذكرى وازدهت الساحة الثقافية أيما ازدهاء.

رحل الشاعر العظيم عبد الحي في اغسطس من عام 1989 بعد صراع ونزال جسور مع المرض، كان إن عطل يده اليمنى انتصر بتعلم الكتابة باليسرى، وإن أسكت منه لسانه نطق بالكتابة غير أن اليوم لا يؤخر.

أذكره الآن ونحن في سن اليفاعة نرفل وعيوننا، كما يقول المجذوب: (تغمض على حلم به الكون كبير).. وضباب الزمان أمامنا يخفي الشموس في المجرات والتخوم ويجئ صوته:

(حمل العود المرنّا
وامتطى مهراً جموحاً وتغنى
بين غابات النخيل:
غبت عنا
لم تعد، عادت عصافير الأصيل

غبت عنا
أيها الطفل الجميل

وعلى الرمل ارتمى
بلبل غنى صبيات الحما
ذات يوم بالغرام

هل ترى يجدي الكلام؟).

مع تحياتي وعرفاني للقراء الذين ظلوا يهاتفونني ويستحسنون ما أكتب من ثرثرات وذكريات ويحثونني على المضيّ فيها.. لهم جميعاً شكري وامتناني.


كامل عبدالماجد *


http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147513092&bk=1[/B][/GREEN]

Post: #457
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-06-2006, 04:38 AM
Parent: #456


Post: #458
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-06-2006, 04:51 AM
Parent: #456

قبل أن نعود لكي نختم مساهمتنا حول:
البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني

ارتأينا ان نورد آراء بولا حول الغابة والصحراء ،
وحول الأفروعروبية ،
بالرغم من اننا اتينا باللنك ،
وهو مقاله عن شجرة نسب الغول،
لكن احببنا ان نورد ما قال به بولا ،
وهو باحث متخصص في مسالة الهوية السودانية،
ورائد في هذا المجال شديد التعقيد.
***

نلاحظ في نقد بولا للافروعروبية وللغابة والصحراء ،
انه يرتكز كثيرا على ما قال به ع.ع.ابراهيم في مقالته التي يسميها بولا بالسديدة.
كما انه يرتكز على منظور تاريخي مهم في النظر الى أهلية سنار كي تكون نموذجا للتعايش السلمي والقبول بالآخر المختلف ،بحسب التعابير المعاصرة.

كما انه يشير الى بؤس معرفة الافروعروبيين بالتاريخ،
رغم اشارته الى مقاصدهم الخيرة،
كما انه ينوه الى المنبع الطبقي في تكوين مقاربة الافروعروبيين لمسالة الهوية،
ويرجعها الى ذهنية الممثلين الايديولوجيين للسودنة،
ومن ثم ينطلق الى دمغهم بالتبسيطية،
و هي فعلا رؤية تبسيطية ترمي الى تأسيس الهجنة الوسطية السعيدة خارج تعقيد الفضاء الثقافي السوداني المعقد.

من الواضح ان بولا يتفق ضمنيا مع ع.ع.ابراهيم حول قوامات ثقافية متعددة ومتعايشة في نفس الوقت،وهو كلام يقف ضد كناية المصهر او البوتقة ويحيلها الى كنايات اخرى مثل قوس قزح .
فالى ما قال به بولا.
**
بعد نقده لصورة الجنوبي "العبد السكران الخفيف العقل"عند محمد المهدي المجذوب،
يعرج بولا الى نقد ما اسماها بمدرسة الغابة والصحراء.
يقول في ذلك:

Quote: و لم يكن حظ شعراء مدرسة الغابة والصحراء من التوفيق في لم ما انفرط من عقد هذه "الهوية" الشقية الصعبة أوفر من حظ المجذوب.فقد اختار هؤلاء سنار،عاصمة ِأول مملكة إسلامية سودانية ملوكها من أصول زنجية،بوتقة ومصهرا لصناعة الهوية. واختاروها مرجعا ونموذجا يحتذى "لاستعادة الدم الإفريقي" الذي يجري في عروق الثقافة السودانية"، ولتصحيح معادلة الهوية التي عالجها السابقون باختلال كبير حين أهملوا مكونها الزنجي.
لدى الوهلة الأولى يبدو هذا المشروع متماسكا معافى من أدواء المركزية الذاتية للثقافة المسيطرة.بيد أن النظر الفاحص يكشف عن بقاء رؤى الثقافة العربية الاسلامية بكامل عدتها وعتادها في أجندة هؤلاء الشعراء،وفي تعبيرهم.فالشاهد أن سنار كانت مكانا مميزا للهوية العربية الاسلامية ."وطن ٌ للعروبة في قلب أفريقيا" على حد عبارة محمد المكي ابراهيم أحد أميز شعراء هذه المدرسة. ولا عبرة بأن ملوكها كانوا زنوجا فقد كان وعيهم في الواقع عروبيا،حتى أنهم "انتحلوا" لأنفسهم نسبا عربيا قرشيا(أموياً).ومع ذلك ،فليس هذا أهم ما يمكن أن يؤخذ في الدلالة على مجافاة التوفيق لهذه المعالجة لموضوع "الهوية" ا لثقافية السودانية من جانت شعراء "الغابة والصحراء" . وسأتفق مع عبد الله على إبراهيم في أن اضطراب منطق هذه المدرسة،وفساد حجاجها،يلتمسان أصلا في أطروحة الهجنة "الأفروعروبية" التي اقترحها هؤلاء الشعراء أجندة لتصالح الدغل والبادية.فهذه الأطروحة تجرد أجندة المشروع المقترح من كل مجال لوجود أو لتفاوض ثقافي سوداني ممكن،خارج إطار الهجنة العربية الزنجية.فليس فيها مجال لصفة الافريقية إلا وهي زنوجية ،وليس فيها مجال لخيار هوية زنجية مستقلة تتطور في مسارب "التوق والترميز" مستقلة عن الاشتغال بثقافة الهجنة،وليس ضدها بالضرورة.فالمشروع بكلمة واحدة لا مجال فيه لمشروعية الاختلاف ثم البقاء ضمن الوطن الواحد.وهو يقترح اكتمال الهجنة "شرطا" لسلامة الهوية وسلامة الثقافة الوطنية من الشقاق.ولعبد الله في ذلك كلمة طريقة وصائبة حيث كتب:"فقد تلزم الجنوبيين ضرورات التساكن القومي الى اكتساب اللغة العربية أو عادة عربية اسلامية،غير أنهم سيقاومون كل ميل لجعلهم يتبنون النسبة العربية إلى نسبتهم الإفريقية المؤكدة. وستبدو لهم الدعوة الى إعادة انتاجهم،عبر التمازج الثقافي كطبعة لاحقة لانسان سنار،نوعا من الغش الثقافي لا الحوار.فالجنوبيون محاذيرهم كثيرة ،الصادق منها والمخترع،حيال عرب الشمال. وهذه المحاذير واضحة في دلالات الازدراء التي تجري بها كلمة عربي على ألسنتهم.بل إن بعضهم لا يزال يحدس أن أفضل المخارج لمسألة السودان أن يحزم عربه حقائبهم و يقطعوا البحر الأحمر.وهذا اعتقاد بعيد بما لا يقارن مع النسبة الجزئية الى العرب التي تقدمها الافروعروبية".


ثم يتحدث عن "الحيل الذهنية " للافروعروبية" من خلال نقده لما طرحته تلك المدرسة حول سنار كنموذج للتعايش السلمي والقبول الطوعي للآخر المختلف،يقول في نقد تلك الاطروحة التعايشية السلمية:

Quote: من وجه آخر في وجوه "الحيل الذهنية" العديدة التي تقترحها الأفروعروبية الجامعة للخروج من مأزق الهوية المستشكلة بلا ثمن،تطرح جمهرة "دعاة السنارية"،العريضة،نموذج سنار باعتباره قد بلغ الغاية من صور التعايش السلمي والقبول الطوعي بالآخر المختلف(تقرأ غير العربي المسلم، والزنجي بالذات).وهذه مقولة يحتاج التسليم بها إلى قفزات عالية عالية وطويلة فوق حقائق الواقع التجريبي،وحقائق الوثائق التاريخية السنارية نفسها.فأقل ما يمكن ان يقال في هذا الخصوص أن سنار كانت ،في جملة ما كانته من حسن وقبيح،مثلها مثل كافة "بلاد الله"،سوقا،لتجارة الرقيق فيها نصيب لا يمكن إنكاره،إلى جانب التجارات الأخرى ،التي منها تجارة التقوى



ثم يحتج بولا بالوثيقة التي أوردها أبو سليم وسبولدنق،وملاحظات نقد حول ورود أنباء عن الرقيق منثورة في ثنايا تراجم ود ضيف الله صاحب "الطبقات" لأعلام ذلك العهد في أكثر من ثلاثي موضعا بين صفحتي 59 و 361.

ثم يقول :

Quote: أما أن يقال إن سنار كانت نموذجا يحتذى في أدب التسامح (على علات العبارة) ,ن تقترح "إعادة طبع إنسانها" برنامجا لسلامة "الهوية" ونجاتها من أسباب الشقاق،فلا.هل يجوز أن نرد هذا الخيار قليل التوفيق لسنار مرجعا لسداد مسعى الهوية الى بؤس معرفة شعراء الغابة والصحراء "بالثقافة العربية الإسلامية التي هربوا منها (...) أو بالثقافة الإفريقية التي هربوا إليها" كما رأى عبد الله علي إبراهيم ؟هذا سائغ عندي في حدود سياق مرحلة شرخ الشباب من سيرة ومسيرة أولئك الشعراء،وهو من غير شك وجه من وجوه المشكل المنهجي.بيد انني أميل إلى الاعتقاد،إلى جانب ذلك ، بأن أمرهم قد انطوى أيضا على تبسيطية مؤسفة في صناعة وصياغة المفاهيم الفلسفية والنقدية،ميزت جل أداء "مثقفي" الشريحة الغالبة من ذلك الجيل من "أولاد العرب" الأفندويين ثمار السودنة العرجاء، وصناع أيديولوجيتها حسيرة البصر،ببما ليس هنا مجال للتفصيل فيه



ثم يقول عن أسفه لذلك النقد،ونحن نتفق مع بولا في ان حسن النوايا فقط ،لا يمكن ان يخرج الخطاب من خانة التعبير الايديولوجي :

Quote: وأنا لا أقول ذلك دون شعور بالأسف والمرارة يقاسان بالتقدير الكبير الذي أكنه لموهبهم الفنية وسموق قاماتهم الشعرية.كما أنني لا اتهم باي حال من الأحوال طبيعة مقاصدهم،التي ربما اعتقدت بانها تحتوي على قدر كبير من الارادة الخيرة

.


Post: #459
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 12-06-2006, 06:21 AM
Parent: #458

نقد د عبد اله بولا لمدرسة الغابة والصحراء
يشير الى ما يسميه الغش الثقافى

ويقول انهم ينطلقون من ثقافة الوسط وعندما اختاروا نموذج دولة سنار كان ذلك انحيازا مبطنا للثقافة العربية الاسلامية

ود عبد الله على ابراهيم ينطلق فى نقده لهم الى انحيازهم الى الثقافة الافريقية اوالزنوجة

وكتابات عبد الله الاخيرة
عن الخلعاء
وعن نسب الجعليين
وعن قضاة الشرع
وقذائفه الثقيلة على كتاب بلدو وعشارى
وانتقاداته المتكررة لجون قرنق والحركة الشعبية

كلها تصب فى خندقه الجديد ثقافة الوسط العربية والاسلامية


والاختلاف بائن بين ما يدافع عنه بولا وحسن موسى
وبين ما يروج له عبد الله على اراهيم

Post: #460
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 12-06-2006, 08:22 AM
Parent: #455

شكرا الاستاذ حيدر على رفدنا بمقال الاخ الاستاذ خالد احمد بابكر

والتحية مجددا لاستاذنا محمد المكي ابراهيم

Post: #461
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 12-06-2006, 08:25 AM
Parent: #1

التحية للجميع وساعود لكفكفة الحديث حول بعض ما اثير من نقاط في هذا الخيط

Post: #462
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-06-2006, 09:51 AM
Parent: #461

مرحبا بعودة الاستاذين محمد سيد احمد وعجب الفيا لاثراء النقاش الدائر هنا مرة اخرى

والشكر للاستاذ اسامة الخواض في تطوافه الشيَق لتوضيح المفاهيم والمصطلحات النقدية والثقافية

لقد تعلَمنا الكثير من مساهماتكما القيمة

لكم جميعا اجزل الشكر واوفره

Post: #463
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-06-2006, 09:53 PM
Parent: #462

عزيزي حيدر ،
لأ ادري هل ستودع هذا البوست الارشيف؟

تبقت لي مداخلتان،
واحدة عن جرد لمفهوم البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني،
والثانية عن مفهوم الانصهار والبوتقة في خطاب :
جون قرنق
يبدو ان المسالة قد تتحول الى كتاب او قل _على الأقل_الى كتيب
أرقد عافية
المشاء

Post: #464
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-07-2006, 05:22 AM
Parent: #463

الاستاذ/ اسامة الخواض

طلبت من الاخ بكري سيَد الحوش عدم إحالة البوست الى الارشيف:

اعلان للجميع:ارشفة المنبر العام الحالى للنصف الثانى لعا...6 يوم 20 ديسمبر 2006

Post: #465
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-07-2006, 11:19 AM
Parent: #464

أي نزاع بين الغاب والصحراء؟

خالد أحمد بابكر

سأعودُ اليوم يا سنارُ حيثُ الحُلْمُ ينمو تحتَ ماءِ الليلِ أشجاراً

تعرّي في خريفي وشتائي

ثم تهتزُ بنارِ الأرضِ، ترفضُ لهيباً أخضرَ الريشِ لكي

تَنْضجَ في ليل دمائي

ثمراً أحمرَ في صيفي، مرايَا جسدٍ أحلامُهُ تصْعدُ

في الصمتِ نجوماً في سمائي

سأعودُ اليومَ يا سنارُ حيث الرمزُ خيْطٌ

من بريقٍ أسودٍ بين الذُرى والسفح

والغابةِ والصحراءِ، والثمرِ النّاضجِ والجَذْرِ القديم

لغتي أنتِ، وينبوعي الذي يأوي نجومي

وعرقُ الذهب المبرقِ في صخرتي الزرقاء

والنارُ التي فيها تجاسرت على الحب العظيم

(د. محمد عبد الحي)

لم يكن الشاعر صلاح أحمد إبراهيم من العاطفين على تيار الغابة والصحراء، بل كان من الناقمين

عليه، وقد سبقهم إلى التغني لإفريقيا. كما أنه لم يكن عضواً في التيار الذي ضمّ المرحوم د. محمد

عبد الحي ومحمد المكي إبراهيم والنور عثمان أبكر.. وصرّح بذلك الجفاء الشاعر الجميل محمد المكي

إبراهيم في الحوار الصحفي المشهور الذي أجراه صلاح شعيب ونشرته مجلة (دراسات سودانية) قبل زمان

مضي..

وفي السياق ذاته، أورد د. عبد الله على إبراهيم في ورقته المعروفة بـ (تحالف الهاربَيْن) أنّ شيخ

الشعراء محمد المهدي المجذوب رحمه الله لم يكن كذلك عضواً في التيار، وإنما اتخذوه بمثابة شيخ

لهم وهو يومئذ في عمر آبائهم. والهاربان هما: الأستاذ النور عثمان أبكر ومحمد المكي إبراهيم..

وكان أنْ سافرا إلى أوربا مطلع الستينيات وهناك داهمتهما فكرة (الغابة والصحراء) أو ما اصطلح

على تسميته بـ (الأفروعربية). ومما أخذه عليهم د. عبد الله علي إبراهيم أنهم عندما هاجموا

العروبة سعوا للتبرؤ منها، وعدّوا الانتماء لها تكبراً أجوف... ومن ثَمّ نادَوْا بهُويّة إفريقية

ابتنوا صورَها من خيالهم الرومانسي.. وقد استبطنوا ذات النظرية الإنحطاطية عند (ماكمايكل) دونما

وعيٍ أو رؤية منهم، فهم قد صوروا العربي المسلم في صورة العقلاني المتسم بالرصانة والاتزان، في

مقابل تصوير الإفريقي بالإنسان المهدار خفيف العقل... منفتح الصدر بالانفعالات والذي لا يملك إلا أنْ

يرقص على إيقاعٍ في سلوكٍ انفلاتيّ الطابع دونما تقيد بالعقلانية. ويذهب إلى القول بأن

الأفروعروبيون أساءوا إلى إفريقيتهم من حيث أرادوا تعزيزها وتكريمها. الأفروعربية لم تسعد أحداً

فلا العرب وجدوا رحابة فيها ولا الأفارقة وجدوا أنفسهم فيها.

وعلى صعيد آخر، فقد استُخدمَتْ بعض أشعار (الغابة والصحراء) كبينة تجيز استهداف الثقافة العربية

في السودان. ونبه لذلك د. خالد المبارك قبل أكثر من عامين على صفحات (الرأي العام) في مقالة

رصينة في ذكرى الشاعر محمد عبد الحي. وذكر أنّ عبد الحي أجرى بعض التعديلات على المسودة القديمة

لقصيدته (العودة إلى سنار) لئلا تستخدم في الهجوم ضد الثقافة العربية، وكان يهُم بإحراق جميع

المسودات القديمة، لكنه اقتنع برأي الدكتور خالد المبارك فسلمها له، وهو بدوره أودعها دار

الوثائق. ومن التعديلات التي أجريَتْ على القصيدة قوله في السابق (عربي أنت؟ لا)، حيث عُدّلت إلى

(بدوي أنت؟ لا) كما في نسخة الديوان الحالية. وأشار د. خالد المبارك إلى أن نبوءة الشاعر عبد

الحي قد تحققت بالفعل حينما زيّن د. منصور خالد منصة العداء للثقافة العربية بذات الأبيات من

قصيدة (العودة إلى سنار) دون تعديلها إلى النسق الأخير الذي انتهي إليه صاحبها.. وذلك في كتابه

(النخبة السودانية وإدمان الفشل ـ الجزء الثاني) تحت عنوان (جدل الهوية والأهواء).

مرة أخرى نعود لما ابتدرنا به الحديث حول الشاعر صلاح أحمد إبراهيم وحول ما قال به كثيرون من

أنه أضاعَ وقتاً ثميناً في المعارك السياسية والثقافية التي كانت خصماً على إنتاجه الشعري

والإبداعي. لكني أري غير ذلك، فالمعارك التي خاضها كانت قد فرضت نفسها عليه منذ البداية، وما

كان لمثله أن يتراجع أو ينسحب كما يفعل الجبناء أوقات الشدة والبأس.. فالانسحاب عار على الفارس

إلا ما اقتضته استراتيجية المعركة ودواعي التخطيط. وهو بذلك يكون قد أسهم إسهاماً مقدراً في أدب

المساجلات، وترك بصمة واضحة في هذا المجال.

ونحن هنا بصدد كلمته ذائعة الصيت.. بل نحن عرب العرب التي نشرها عبر صحيفة الصحافة الصادرة في

يوم الأربعاء (25/10/ 1967م) وكانت رداً على كلمة الأستاذ النور عثمان أبكر (لست عربياً.. ولكن)

على ذات الصحيفة. وعلّق صلاح أحمد إبراهيم على ذلك بأنّ مقالة النور عثمان كُتبت بلغة شعرية تنفلت

من بين الأصابع كالزئبق.. بلغة تقف المناقشة المنطقية والدقة والتحديد حيالها في حيرة وارتباك

وعجز مثل قوله: (الألوان الرئيسية في عمرنا هي الألوان الأولية بصراخها الشمسي) ومثل قوله: (نزاع

الغاب والصحراء في عمرنا هو لونية هذه السماحة في علاقاتنا مع إخواننا العرب وإخواننا الزنوج).

لكن صلاحاً استهلّ حديثه قبل ذلك بأنّ مقالة النور عثمان غير موفقة من حيث توقيتها.. لأن جنودنا

على خط النار قد اختاروا مصيرهم هناك في مواجهة المعتدين (الصهاينة).. على شمالهم المصريون

وعلى يمينهم الجزائريون وقلوب العرب كافة ترف عليهم لا تفكر أصابعهم القابضة على (الرشاش)

والزناد ما إذا كانت أصابع عربية أو زنجية أو بين ذلك. فالسؤال ـ كما يراه صلاح مطروح على صعيد

عنصري لا معنى له ولا يمكن أن تكون له إجابة نهائية أو قيمة حقيقية.. ولكنه قد يكون تساؤلاً

سياسياً ومراجعة لمواقفنا الرائعة أو تشكيكٌ فيها

ويمضي في نقده إلى أن المقالة لا تخلو من أخطاء كمثل قوله: (كل ما هو غيبي وعميق في السودان

إنما هو عطاء الغاب). ويري أن هذا مجرد إسراف ومعاملة ابتسار للحقيقة، ويستنكر على النور

عثمان كونه جعل للغاب والصحراء نزاعاً ـ أي نزاع بين الغاب والصحراء؟.. الزنجي بأكثر من النور

عثمان والمفكر الإفريقي بأكثر من النور عثمان هو (كوامي نكروما): أوقف حياته لأن يجلي ويؤكد بأن

الصحراء لم تكن في يوم من الأيام حاجزاً بين عرب الشمال وزنج الجنوب، بل ظلت حتى قدوم الرجل

الأبيض طريق القوافل حاملة الملح إلى (الأشانتي) قافلة بالذهب من (كوماسي).

وذهب آخذاً عليه كذلك الإسراف والابتسار في قوله: (الفن الفرعوني بمصر العليا هو استلهام لأعالي

النيل على الدوام). يجيب صلاح هنا عبر تساؤل آخر: ألم تهب مروي كل إفريقيا الحديد وفكرة

(الملكة الأم)، وماذا يقول (فريزر) عن أصل (الزعيم ـ الإله) المعتقد الذي ران على داخلية

إفريقيا؟

أما قول النور عثمان: (في قاعة الجامعة العربية يلهج الابن بعروبته وفي (كوناكري) يصر على

إفريقيته) فقد جعله صلاح مفهوماً خبيثاً وأبان إلى أن وضع العروبة مقابلاً للإفريقية هو مفهوم خبيث

فالعروبة قد تكون إفريقية. ومضى إلى أن أكثر من سبعين بالمائه من العرب إفريقيون.. وإذا صُحح

التعبير ووضعت كلمة الزنجية: فإن المذهب الزنجي في الثقافة مذهب سقطت أهميته وبانت عورته حتى

للزنوج الخلّص. وحمل على النور عثمان عدم قراءته نقد (كوامي نكروما) وآخرين للمذهب، وأن إصرار

(كوناكري) على الإفريقية هو ذات إصرار القاهرة والجزائر.

ويخلص صلاح إلى أن في قول النور عثمان شعوبية وأنه مهما كانت دوافعه فهو لم يأتِ بجديد.. فأعداء

العرب الذين يدرسون عورة العرب في المعاهد الخاصة ويحاولون طعنهم في خاصرتهم وفي كعب أخيلهم

يثيرونها بذات الطريقة. أي بلد عربي لم يسعَ فيه أعداء العرب بث الفرقة والقطيعة والشقاق بين

أبناء البلد الواحد، ومن ذلك، وعلى رأس ذلك إنكار عروبة البلد ووضعها موضع اتهام وتجريمها

ومحاولة سلخ البلد عن موكب العروبة. يقول: في السنة الماضية ـ أي في نحو 1966م ـ أثاروها فتنة

شعواء في موريتانيا لأن موريتانيا العربية قررت إدخال العربية في تعليمها الرسمي.. وقالت ألسنة

الاستعمار المحلية أن (شنقيط) ليست عربية. في المغرب يسعون بالوشاية بين عرب المغرب وبربرها.

في الجزائر يقولون إن التعريب نكسة للوراء فالجزائر ينبغي أن تظل (فرنسية) وأن تظل (قبلية).

في تونس (بورقيبة) يأخذ زمام المبادرة مع (سنغور) في الدعوة لمجموعة البلدان المتكلمة

بالفرنسية.. تلك الدعوة التي ركلتها الجزائر التي هي أكثر اعتماداً على الفرنسية. في مصر أصوات

ما فتئت تُسمع من حين إلى حين تقول بالفرعونية وبطريق مصري منفصل. ولا يزال في لبنان صراع ضار

من أجل إثبات عروبة لبنان.. هناك من يبكون على أجدادهم الصليبيين ويحنون إلى فرنسا الأم

الحنون، وهناك من يبكون على فينيقيتهم وعلى (صور) و(صيدا). وفي سوريا ما فتئ القوميون

السوريون يعملون على إطفاء نور العروبة في أعز قلاع العروبة.. وهناك من يبكي اللسان السرياني

ولا يري في العروبة إلا طاعوناً وبيلاً وهكذا..

ثم يتساءل الشاعر صلاح أحمد إبراهيم: أين هم العرب الخلّص، ما من شعب عربي في قطر عربي إلا

وامتزج بدماء الأعاجم (كل لغة لدي الهوسا لغة ـ لارابنشي أو يوروبانشي مثلاً إلا لغة الهوسا فهي

الهوسا وكفي). ولكن كان نصيبنا أن يظهر من اختلط بهم أجدادنا في اللون والقسمات.. نسبة الاختلاط

واحدة أو تكثر أو تقل ولكنها لا تقلل من عروبة السودان.. في الجزائر ولبنان بل حتى في المنصورة

قد يُعبر الامتزاج العنصري عن نفسه بازرقاق العيون ونصاعة البشرة، والمهم أنه قليلاً ما تقابل

عربياً قحاً أو خالصاً في معظم البلدان العربية، وهذا من تسامح العرب وتسامح الإسلام. ولعل أروع ما

قدمه العرب وقدمه دينهم أن رمز شجاعتهم هو عنترة بن شداد، وأن نصيباً هو أشعر بني جلدته وجلدة

من قال ذلك، وفي نظر شاعرهم الجاهلي (أن من يريد عراراً بالهوان فقد ظلم) وأنّ غفاريهم وهو من

الأقحاح قد وضع خده على التراب ليطأ عليها بلال برجله لأنه قال له (يا ابن السوداء) مما أثار

حفيظة النبي عليه الصلاة والسلام.

ويصفه بعد ذلك بالمتسرع وأنه كان على النور عثمان قبل أن يتسرع بمثل مقاله أن يقرأ (العربية

في السودان) للشيخ عبد الله عبد الرحمن و(العروبة في السودان) للشيخ محمد عبد الرحيم على سبيل

المثال وغير ذلك من المراجع الأمينة ـ بل وحتى غير الأمينة، فإن الذين يريدون أن يشككونا في

عروبتنا كثر، وعلى رأسهم علماء السلالات البشرية، ويجدر بنا أن نذكر أنّ أول قطر أسعف إدوارد

عطية بمثال هو السودان.


http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147513534

Post: #466
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-09-2006, 06:27 PM
Parent: #465

شكرا أخي :
حيدر
على احالة هذا البوست التاريخي الى العام المقبل.
ونأمل في مزيد من المساهمات حول هذا الموضوع الحيوي.
أرجو ان اعود بتلخيص عن :
الخطاب البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني
قريبا
محبتي بلا "قيف".
المشاء

Post: #467
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-09-2006, 07:44 PM
Parent: #466

صورة تعبر عن كناية :
البوتقة أو المصهر




خاتمة لمقاربتنا حول :
البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني
*****

أوردنا في حديثنا عن البدائي النبيل في الخطاب الثقافي السوداني،
المقاربات التي ترى في مصطلح البدائي مصطلحا مهينا،
في مقابل ما قال به الفيا حول ان "البدائي النبيل" هو مصطلح نبيل.

وتلك المقاربات تعود الى عبد الحي الذي كان اول من أورد ذلك المصطلح في الخطاب الثقافي السوداني،
ثم جاء ع.ع.ابراهيم في مقالته الكوبرنيكية أو السديدة بتعبير بولا،ليلقي مزيدا من الاضواء حول الجنوبي كبدائي نبيل من خلال ما قال به :
محمد المكي ابراهيم
عن الجنوبي

و الأهم من ذلك ان ع.ع.ابراهيم اشار الى المصادر المعرفية التي تسرب منها "البدائي النبيل " الى الخطاب الثقافي السوداني شعر ا ونثر ا ، من خلال اشارته الى المصادر الغربية والعربية التي تسربت الى الخطاب العربسلامي عن "الجنوبي " كبدائي نبيل".
وقد ألقى مقال "تحالف الهاربين" بظله على كتابات بولا في مقاله شجرة نسب الغول ،وكتاباته الاسفيرية في سودانيزأونلاين في بوست الترحيب به.
وكذلك مقالة محمد جلال أحمد هاشم:
"الأسس الفكرية لتحقيق السودان الجديد- (كوش) وصناعة الاستقلال"

وعلى دكتور هشام عمر النور في مقالته :

التفكير نقدياً فى نزاع الهويات - فرانسيس دينق نموذجاً

لم يشر عبد اللطيف علي الفكي الى مسالة البدائي النبيل مباشرة،
و لكنه اشار الى انه ،كما في حالة عبد الحي الذي عاد وانتقد "جنوبيات المجذوب"،
قد غير رأيه في "جنوبيات المجذوب"،

حين قال لطيف في مقاله:
الهوية والنسيان الانطولوجي-في نقد الخطاب الأحادي الهوية
قال لطيف:
Quote: لقد كنت أقرأ الجنوبيات قراءة من يجد فيها التام،لكن بان لي بأخرة أنها تجتر نفس موقع الخطاب الذي انتقده هنا بل في تاريخ المدنس نفسه".

وليس من الواضح ما هي الخطابات او الاسباب التي دعته لتغيير رايه في "الجنوبيات"،
هل من بين ذلك ما أتى به عبد الحي عن "البدائي النبيل "في اوائل الثمانينينات؟
أم مقالة "تحالف الهاربين" التي أتى بها ع.ع.ابراهيم في نهاية الثمانينينات؟

الوحيد الذي امتدح مصطلح البدائي النبيل باعتباره "مصطلحا نبيلا " ،كان الفيا.

يقول الفيا في مدح ذلك المصطلح :

Quote: وكان محمد عبد الحي قد استخدم مصطلح "البدائي النبيل" لنقد قصائد "جنوبيات " المجذوب واصفا المجذوب بانه صور فيها انسان الجنوب كبدائي نبيل . اي انه صور الجنوبي بخيال الشاعر الرومانسي ولم يكن تصويره له تصويرا واقعيا . وكان المجذوب وهو الافندي الموظف الصغير الذي نقل من عاصمة الترك /الخرطوم كما يسميها الي بورسودان ثم ما لبث ان نقل مغضوبا عليه الي الجنوب سنة 1953فصور الحياة هنالك في صورة بدائية نبيلة بالمعني الرومانسي الذي يتحدث عنه جان جاك روسو ودعاة العودة الي الطبيعة .لكن عبد الحي راي ان "جنوبيات" المجذوب قد اسقطت الجانب الواقعي في حياة هؤلاء القوم. بمعنى ان المجذوب صور الانسان الجنوبي بعين الشاعر لا بعين المحلل السياسي . كانما كان ينشد خلاصه الشخصي في ذلك النموذج للانسان النبيل هربا من عاصمة الترك وتزمت اهله المجاذيب . وهذا شيء طبيعي من شاعر .

واذا كان عبد الحي يرفض صورة البدائي النبيل في شعر المجذوب ،لاسباب نبيلة هدفها رسم صورة واقعية للانسان الافريقي، فعبدالله ابراهيم ،يرفض هذه الصورة النبيلة لاسباب تخصه،منها اثبات الروح العداونية للجنوبي التي تجعله يرفض التعايش السلمي مع الشمالي في ظل وطن واحد جامع . يقول في تحالف الهاربين :

Quote: إن صورة الجنوبى كبدائى نبيل لا تصمد أمام الصورة الاثنوغرافية التى رأيناها عند إيفانز برتشارد وليتهاردت وغيرهما ، والتى فيها الجنوبى أيضا إنسان مشدود بين الثقافة والطبيعة ، وهى الثنائية التى لا مهرب لبشرى من مجابهتها . وهى لم تصمد بالفعل للجنوبى الواقعى الذى ارتكب أنواعا من القتل المجانى ضد طائفة من موظفى الدولة الشماليين فى حوادث 1955


يتحدث الفيا عن العلاقة بين الشاعر و المحلل السياسي

وهذا مقارنة تتجاهل ان الاصل في النظر الى مفهوم البدائي النبيل هي مسالة التمثيل ،
و بناء على ذلك ،يمكن للمحلل السياسي ان يقع ايضا في فخاخ التمثيل الخاطئ.
في رد الفيا على عبدالله علي ابراهيم حول البدائي النبيل.

نجد أيضا قراءة خاطئة لما أورده الفيا نقلا عن "تحالف الهاربين"،
اذ يرى الفيا ان اعتراض ع.ع.ابراهيم يكمن في اسباب تخص ع.ع.ابراهيم،ولم يقل بها كلها،ومن ضمنها اثبات الروح العدوانية للجنوبي ....الخ
وهذا استنتاج خاطئ لا تقول به كلمات ع.ع. ابراهيم.
Re: البدائي النبيل ، يا له من تعبير نبيل !

ثم يقول الفيا عن علاقة محمد عبد الحي ب:

البدائي النبيل:

Quote: ويبدو ان افكار الدكتور عبد الله تجد قبولا واستحسانا عند الامام الصادق المهدي فياخذها كمسلمات كغيره من معجبي الدكتور عبد اله وحوارييه الكثيرون .
الا ان الخطأالذي اوقع فيه الدكتور عبد الله ابراهيم تلاميذه ومعجبيه هو ان ليست الغابة والصحراء هي التي اكتفت بصورة الجنوبي كبدائي نبيل حالم ، وانما الغابة والصحراء هي التي انتقدت هذه الصورة الحالمة غير الواقعية التي صورتها جنوبيات المجذوب . وهي صورة لا غبار عليها سوى انها شاعرية . والفضل في توظيف مصطلح البدائي النبيل هنا يرجع الى محمد عبد الحي وليس الى عبد الله ابراهيم وذلك باعتراف الاخير نفسه حيث يقول في : تحالف الهاربين :

جاء عبد الحى بمصطلح " البدائى النبيل " إلى حلبة نقاش العلاقات الثقافية في كلمته القيمة المشار إليها آنفا (31) . فقد خلص عبد الحى من دراسة القصائد التي اشتهرت بـ " الجنوبيات " ، من شعر الشاعر المجذوب – عليه رحمة الله – إلى أنها قد صورت الجنوبى في صورة وهمية هى صورة " البدائى النبيل " . و " الجنوبيات " هى نسل مجرد من شعر المجذوب وقعت له حين جرى نقله من بورتسودان ( على ساحل البحر الأحمر ) إلى واو ( في جنوب السودان ) في أوائل 1954 ، والتى أقام فيها حتى قبيل حوادث الجنوب المشهورة في آب / اغسطس 1955 .


ثم يعلق قائلا باعتبار ان الفضل يرجع لمحمد عبد الحي ،وليس ل ع.ع.ابراهيم:
Quote: يعني الخيل تجقلب والشكر لحماد .


هذا كلام ينطوي على ان ع.ع. ابراهيم قد أخطأ في ايراد ذلك الاستشهاد حول ان عبد الحي هو اول من أورد مصطلح البدائي النبيل،وأن عبد الحي قد جاء بمفهوم البدائي النبيل،لاول مرة في الخطاب الثقافي السوداني،لاسباب نبيلة،وهذا ايضا قراءة خاطئة ،ترى ان عبد الحي قد جاء بهذا المفهوم للدفاع عن "جنوبيات المجذوب"،وهو كلام غير مقبول ،فمن الواضح ان عبد الحي قد أعاد النظر في اعجابه بالجنوبيات.

وفي مقام آخر مادح للبدائي النبيل ،
يقول الفيا:

Quote: ومع ذلك ان نقد عبد الحي لقصائد المجذوب لا يقدح في صدقية الصورة النبيلة التي رسمها المجذوب لانسان الجنوب اذا نظرنا اليها بعين الشاعر وقاريء الشعر بعيدا عن تجاذب الاستقطابات الايديلوجية التي لا شك تلون النقاشات حول الهوية .

Re: الخيل تجقلب والشكر لحماد !

و تعود تلك القراءة الخاطئة لمصطلح البدائي النبيل الى عاملين:
العامل الأول هو القراءة الخاطئة للمصطلح
يقول الفيا في قراءة غير صحيحة ،حتى لو استندنا الى الفهم القاموسي:

Quote: المقصود بالمصهر الخصائص المشتركة التي تكون شعورا وجدانيا للجماعة بانهم ينتمون الى وطن واحد . وليس المقصود الذوبان الكلي لمفردات الثقافة وفقدانها لخصائصها .


وهذا كلام غير صحيح اطلاقا.فكناية البوتقة ،لها علاقة بالكيمياء ،فالناتج الاخير هو الاساس.وليس من مقام لاي عنصر آخر في ان يبرز نفسه.فالمسألة باختصار تعني المعادلة الآتية:
العنصر الثقافي أ +العنصر الثقافي ب= المركب "ج"
وبحسب قوانين الكيمياء فان العنصر الغالب تكون له الغلبة في الناتج النهائي.
ولذلك كانت الاقليات في امريكا ترفض كناية المصهر ،
باعتبار ان الناتج النهائي سيكون في مصلحة العنصر الثقافي المهيمن أي :
الثقافة البيضاء ذات النزعة الراسمالية الذكورية.

ثم يقول الفيا عن مفهوم البوتقة كما ينظر اليه :

Quote: إن الانتماء للوطن الكبير لا يلغي بالضرورة الانتماء للقبيلة والعشيرة ، ففي ظل هذا الوطن البوتقة يظل الانتماء للقبيلة موجودا وتظل الخصوصية موجودة
Re: أول محاولة جادة في التأسيس للتعدد الثقافي
وهذا كلام ينتمي الى كناية أخرى غير كناية البوتقة،كما في حالة صحن السلطة مثلا.

وفي مقام آخر يقول الفيا في تبرمه بمفهوم البوتقة ،حين سماها "
Quote: البوتقة اللعينة
":
يقول الفيا في سياق تبرمه من "البوتقة اللعينة":

Quote: الاصرار على حشر الغابة والصحراء في هذه البوتقة اللعينة قاد ويقود هذا الحوار الى طرق مغلقة ،
قالوا " الغابة والصحراء " ولم يقولوا " البوتقة "
كلمة البوتقة اطلقت اصلا على وصف نسيج المجتمع الامريكي في بداياته .
ومحاولة احلال كلمة البوتقة محل كلمتي الغابة والصحراء هو اشبه بمحاولة احلال المجتمع الامريكي مكان المجتمع السوداني .
الغابة والصحراء هي السودان .
والسودان ليس امريكا .
والبوتقة ما هي الا وصف تقريبي لما يمكن يحدث من تلاقح ثقافي بين الغابة والصحراء .
Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء

وقد نسى الفيا انه اشار الى مصهر الروح،
حين قال في مكان آخر عنوانه "مصهر الروح"،
قال:

Quote: مصهر الروح :

يقول عبد الحي في الهوامش : " القصيدة ربما كانت سنار دفقة من كيان الفنان في شبابه حينما رغب – كما رغب جيمس جويس قبله – في أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد . "
ويتخذ من اسطورة الشيخ اسماعيل صاحب الربابة رمزا لهذا المصهر : .
وتعد أسطورة الشيخ إسماعيل كأحد أهم النظم الجمالية لعالم عبد الحي الشعري . الحقيقة أن أسطورة الشيخ إسماعيل هي بالأهمية بمكان بحيث يمكن أن نعتبرها المفتاح الرئيسي ليس لقصيدة ( العودة إلي سنار ) فحسب بل لسائر عوالمه الشعرية .

Re: محمد المكي ومحمد عبد الحي ومصهر روح الامة !

وفي مكان آخر يقول عن الانصهار :

Quote: هنا يتحدث محمد المكي عن التغيير الذي طرأ على منظومة المجتمع الامريكي . اذ لم يعد الاندماج في المجتمع الامريكي كما كان في الماضي وكما اراد له منظرو البوتقة الثقافية . بل صارت جاليات المهاجرين تشكل كيانات ثقافية شبه منغلقة على ذاتها . او كما وصفها محمد المكي بالباقة تحتفظ كل زهرة بخصائصها الفردية . اي مفهوم الاندماج والانصهار تحول من فكرة melting pot الى unity in diversity

Re: بين البوتقة والباقة

فهو يدخل في تناقض واضح ،حين يشير الى ان مفهوم الانصهار،
قد تحول الى كناية أخرى.

والاصح ان مفهوم الانصهار ،قد اعلن افلاسه،و انتقلت كناية المصهر الى كنايات أخرى.
ومن الواضح ان الفيا ليس ملما بتاريخ الكنايات الثقافية،وانساق الى مفهوم محمد المكي ابراهيم الخاطئ حول تطور الكنايات الثقافية في المجتمع الامريكي.ولو ان محمد المكي ابراهيم متابع لذلك التاريخ ،لكان ان أعلن توبته عن كناية "الغابة والصحراء" وهي كناية تعبر عن الانصهار ،الذي بدا للاوروبيين الامريكيين في اوائل القرن العشرين ،نتيجة للهجرات الاوروبية .لكن بعد توافد هجرات اخرى ،طالبت الاقليات بكنايات ثقافية اخرى غير كناية "المصهر " او "البوتقة " التي تعبر عن تجانس المهاجرين الاوروبيين ،وذوبانهم في بوتقة المجتع الامريكي.

والعامل الثاني هو القراءة الخاطئة لما قال به عبد الحي في نقد المجذوب

فالفيا ينظر الى الأفروعروبية باعتبارها اتجاها واحدا،
ولا يرى في نقد عبد الحي سوى دفاع مستبطن عن "جنوبيات المجذوب"،
وهذه قراءة خاطئة من الدرجة الاولي مثلها في ذلك قراءته الخاطئة لمصطلح البدائي النبيل في تمظهراته الكولونيالية الغربية.

فقد ارتبط ذلك المصطلح بالتوسع الكولونيالي الغربي،
ومن ثم ثم اجتراح مصطلحين حول البدائي كان اولهما:
البدائي النبيل
وبعد اشتداد الهجمة الكولونيالية الغربية ،
تحول البدائي النبيل الى :
بدائي همجي


خلاصة الأمر عندنا أن مفهوم البدائي النبيل ،في الخطاب الثقافي السوداني ،هو مفهوم لا يمكن الدفاع عنه، ما عدا في حالة الفيا .

وسنعود لاكمال مساهمتنا هنا ، من خلال الحديث عن مفهوم البوتقة والانصهار في خطاب جون قرنق.

محبتي للجميع

المشاء

Post: #468
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-13-2006, 03:34 AM
Parent: #467

الاساتذة أسامة الخواض وعجب الفيا

يرجى مخاطبة السيد/ بكري ابو بكر بشأن تبني أحدكم لهذا البوست نسبة لعدم إمتلاكي لمكتبة تخصني


Post: #469
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-13-2006, 04:14 AM
Parent: #468

عزيزي حيدر
المسالة لا تتعلق بامتلاكك لمكتبة،
واذا كان أن الأمر كذلك ،
فانا أطالب الصديق بكري
بعدم ارشفة هذا البوست الذي يضج بالقراء.
ارقد عافية
المشاء

Post: #470
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-13-2006, 10:32 AM
Parent: #469

عزيزي اسامة

شكراً لك

ومبلغ قصدي من إضافة البوست للمكتبة هو حرصي الشديد على عدم ضياع مساهماتكم والاخوة المتداخلين

ارسلت رسالة للسيد بكري ابو بكري بهذا الخصوص

Post: #471
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 12-13-2006, 02:30 PM
Parent: #470

سؤالات نقدية (6)

أكثر من سؤال ؟

د. عبد الماجد عبد الرحمن

يقيني مقيم

في بيت عنكبوت.

وهذا الذي يتفتت في هباء المجرّات

ليس كوكبا

وليس آلة لغزو الأفلاك

انه شعر المادة.

ما أحوج حواسي اليوم إلى أن تقرأ الكتب المقدسة

بعين الشعر

سيكون بوذا سعيدا

بوذا يقرأ بجسده ويحب الشعر.

(...)

يجمعني بما مضى هذه الفاصلة : المستقبل

«ادونيس، تنبأ ايها الاعمى 2003»

قصيدة النثر والترجمة

هل يمكن ترجمة الشعر ؟ كان من بين الأسئلة التي شغلت المهتمين بعمليات اللغة والأدب منذ قرون . وربما كان أبو عثمان الجاحظ - مؤسس النثر العربي- أول من قال باستحالة أو صعوبة ترجمة الشعر. وهذا يصور كيف أن شعور الناس بتعقد العملية الشعرية ضارب في العمق والزمن .

كثيرا ما تبدو قصيدة النثر وكأنها قصيدة مترجمة من لغة أخرى . وبالفعل فان مطالعة القارئ العربي لقصائد مترجمة - خاصة حينما بدأ المترجمون يفضلون نقل القصائد الأجنبية إلى العربية بدون وزن - كانت من ضمن العوامل التي ساهمت في تذوق قصائد النثر العربية . وذلك باكتشاف القارئ الحصيف أن روح الشعر يمكن أن تتلبس قصيدة لا وزن لها وأن الشعرية أعمق من الوزن بسبب ما رأى من قصائد أجنبية مترجمة إلى العربية بطريقة خالية من الوزن ولكنها رغم ذلك تفيض بروح الشعر ورائحة القصائد إذ '' للترجمة عمر ولا عمر للشعر '' على وصف أدونيس .إذاً ليس غريبا أن تبدو بعض قصائد النثر وكأنها منقولة من لغة مختلفة، وليس في ذلك ما يعيبها . بل يبدو لي أن هذا - ضمن مقاييس أخرى - قد يقف دليلا على عمق قصيدة النثر وقوة شعريتها وعبورها للثقافات.

''الغابة والصحراء '' بين النقد الأدبي والنقد الثقافي

سهرت تبني نصف تمثال من الرخامتطهر النظام

من درن الفوضى تصفّي لغة الكلام

تلملم العظام

من طرق الغابة والصحراء

من طرق نائية

بطرق قريبة

وطرق مجهولة الأسماء

يجمعها - في ظلمة الشعر- لهيب القلب والأحلام

لعلها في لحظة فريدة

تلتمّ تحيا هيكلا جديدا

ينمو عليه جسد القصيدة .

(محمّد عبد الحي)

يختلف النقد الثقافيCultural Criticism) ) عن النقد الأدبي في طائفة من السمات : يركز أكثر على تحليل البنى والأنساق الثقافية التي تنتج أو تجعل إنتاج النصوص الأدبية ممكنا. ويتشاكل هنا مع مفهوم التاريخانية الجديدة New Historicism)) ويدين في تطوره- بلا شك- للنقد الماركسيGramsci , Althusser) ) وان كان لا يركن لمسلماته الفكرية ويتجاوزه لآفاق تحليل الخطاب النقدي مثلما يدين أيضا لفوكو ويتجاوزه في الآن معا. ومن مزايا النقد الثقافي عدم إيمانه بالتعريف النخبوي الصفوي ''للثقافة'' ونكرانه التمايز بين الثقافة العلياHigh Culture)) والثقافة الدنياLow Culture) ) وعدم اعترافه أصلا بوجود شكل نهائي وثابت للثقافة . ولا يعني كثيرا بتقويم النصRating the text) ) وإنما يعطي أولوية أكثر لربط النص الأدبي بشبكة علائقه بالبنيات والمؤسسات والممارسات الاجتماعية التي تحيط به أو التي يحيطها هوelating the text) . ) وموقف النقاد الثقافيين الرافض للتشطير الجامعي العاسف للمعرفة كمثل الفصل بين التاريخ والآداب والفنون , هو الذي أدى حديثا لفكرة الدراسات والعلوم البينيةInter-disciplinary studies) ) أو العابرة للتخصصات

( Cross-disciplinary) وتأخذ أحيانا مسمى العلوم المضادة للفصل التخصصيAnti-disciplinary studies) .) نقد'' الغابة والصحراء'' - أشهر الحركات والتيارات الأدبية في تاريخنا الأدبي الحديث وأكثرها إثارة للجدل والذي يعود الآن للساحة من جديد - توزع بين النقد الأدبي والنقد الثقافي، ولكنه مال جهة الأخير ميلا. وقد كان السؤال : لماذا 1504(لحظة نشوء سلطنة سنار ) ؟!, في بلد يرتد تاريخها إلى تخوم العصور الحجرية القديمة وهي عصور تزحف في فضاء يمتد بين(600 - 40) ألف سنة قبل الميلاد، كما دلت على ذلك الآثار الحجرية التي وجدت في خور أبي عنجة ( راجع ''تاريخ السودان القديم'' لمحمد إبراهيم بكر) . وهو سؤال لاحق ''الغابة والصحراء'' منذ ميلادها في الستينات، يرجح (أي السؤال) منذ البداية كفة النقد الثقافي . وكان عبد الحي وصحبه ''الغابو- صحراويون'' يحاولون ترجيح كفة النقد الأدبي بدفعهم أنها - أي لحظة سنار- مهمة إبداعيا لندرتها وبسبب قدرتها على الخلق والإنشاء التاريخي ( لعلّها في لحظة فريدة / تلتمّ تحيا هيكلا جديدا / ينمو عليه جسد القصيدة) بصياغة عبد الحي. اجتذبهم هذا الانصهار الثنائي ( الفونج- عبدلابي) فتمثلوه شعريا وطفقوا يغنونه ويتغنون له . وما جاء التيار الشعري المنافس والمناهض '' للغابة والصحراء '' : أباداماك (الإله النوبي الأقدم من سنار) إلا تكريسا لرؤية النقد الثقافي منذ البداية.

يعتبر نقد أستاذنا عبد الله علي إبراهيم ''للغابة والصحراء'' من أميز ''النقود'' وأكثرها جدية وعمقا ومنحى أكاديميا. وعبد الله علي إبراهيم يعد نموذجا جيدا للمفكر والمثقف السوداني المتجدد و المتأبى على الانسداد الفكري التاريخي الذي كثيرا ما أعاق حركة تطورنا الفكري والسياسي. ''الآفروعربية أو تحالف الهاربين '' التي كانت في الأصل ورقة علمية قدمها عبد الله علي إبراهيم في جامعة الخرطوم ونشرت في أواخر ثمانينات القرن المنصرم ثم ظهرت لاحقا في كتاب '' الثقافة والديمقراطية في السودان ''. هذه الورقة تقع في باب النقد الثقافي وليس النقد الأدبي (إذا جاز الفصل بينهما أو قل حين نفصل بينهما فصلا غير تعسفي) . فهي تقوم أساسا على نقد نظرية التمازج الآفروعربي لوصف وتمثيل الثقافة السودانية . ويرى الدكتور عبد الله أن نظرية التمازج بين ''الدغل والبادية'' سطحت مفهوم الثقافة السودانية المعقد، إذ نظرته ايدولوجيا وتعاملت معه كأمر منتهي التشكل . في حين أن أمر الثقافة السودانية أكثر تركيبا ودائم التكوين . نحتت أطروحة ''الغابة والصحراء''- في زعم أستاذنا - صورة ''إستشراقية '' للإنسان الجنوبي (البدائي النبيل) وراحت تختفي خلفه وتسقط عليه مخاوفها وإشكالاتها وهواجسها التاريخية الخاصة . إذاً المنطلق النظري الأساس الذي تبناه الدكتور عبد الله علي إبراهيم هو منطلق النقد الثقافي. فليس للكاتب أي مأخذ جمالي أدبي على نصوص الغابة والصحراء . بل انه معجب ومتذوق لبهاء '' بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت '' لود المكي . ومدرك لعمق وندرة '' العودة إلى سنار '' لمحمد عبد الحي و''لصحو الكلمات المنسية '' للنور عثمان أبكر. إن نقد الدكتور عبد الله علي إبراهيم للغابة والصحراء يثير أهمية النقد الثقافي وطبيعة علاقته بالنقد الأدبي: ما هو شكل العلاقة بين نقدة الثقافة ونقاد النصوص الأدبية ؟ هل يصلح النقد الثقافي بديلا للنقد الأدبي كما دعا إلى ذلك عبد الله الغذامي (النقد الثقافي2000)؟ألا يكفي تحليل الخطاب النقدي (Critical Discourse Analysis ) بوصفه مفهوما جديدا للنقد الشامل ؟ (

Post: #472
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 12-14-2006, 00:38 AM
Parent: #471

اول امس شاهدت د عبدالله على ابراهيم يتخدث فى قناة النيل الازرق


تهكم على السودانين المغتربين فى الخليج وقال ديل حردانيين السوق
وعندما ما تعاملوا مع ما يسمسه (عروبة الكفيل) ارتدوا عن عروبتهم

وسبق له ان قال عن شعراء الغابة والصحراء ان رؤيتهم شكلها المستعمر

ووصف من يتحدثون عن الاهتمام بالبعد الافريقى فى الثقافة السودانية بالخلعاء


غايتو الزول دا شايل كريزتو وواقف البجى جنب عروبة السودانيين بديهو فوق راسو

Post: #473
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-14-2006, 01:52 AM
Parent: #472

شكرا عزيزي حيدر
و اعتقد ان هذا البوست اعاد تعريف النظر الى الغابة والصحراء،
وأعاد اعتبارا كبيرا لعبد الحي بحسبانه من انتبه الى مسالة المصهر الروحي أو البوتقة ككناية ثقافية.

هو لم يتحدث عن " كناية ثقافية،
و كذلك عبد الله على ابراهيم تحدث عن قوام ثقافي ولم يتحدث عن كناية ثقافية.
ولعلني استفدت من التجربة الثقافية الامريكية و الكندية كتجارب غنية في مسائل التعدد الثقافي.
كما لفت الانظار مجددا الى المصطلح الجديد "البدائي النبيل"،
الذي وطنه عبد الحي في إعادة نظره النقدي الى "جنوبيات "المجذوب.
وعبد الحي كان ملما الماما جيدا بذلك المصطلح و تطوره.
نلاحظ كما اثبتنا ان المقاربات النقدية ،قد تبنت النظر الى ذلك المصطلح وقاربته أحيانا بشكل مباشر ،
كما في حالة محمد جلال ،وقبله ع.ع.ابراهيم ،
أو بطرق غير مباشرة كما في حالتي بولا وع.ع. الفكي.

الوحيد الذي قرأ المصطلح بشكل خاطئ كان الاستاذ الفيا الذي لم يقرأ المصطلح في نشاته وتطوره التاريخي ،
وما آل اليه حال المصطلح في الدراسات المعاصرة,

وحينما نأتي الى مفهوم البوتقة والانصهار عند قرنق نراه متراوحا بين الكنايات الثقافية المختلفة.
طبعا قرنق ايضا لم يتحدث عن كناية ثقافية صراحة وان اشار الى مسالة البوتقة والانصهار.
ربما لان قرنق كان مهتما اساسا بتوصيل فكرته مباشرة دون تعقيد،
واعتقد انه حاول ان يستفيد من تجربته الامريكية من خلال التاريخ الثقافي الامريكي .
لك محبتي
نتمنى ان نلتقي بعد الارشفة.
المشاء

Post: #474
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 12-14-2006, 02:31 AM
Parent: #470

اجدد شكري اخي العزيز الاستاذ حيدر حسن ميرغني
انت احق الناس بهذا البوست الذي اعتبره اهم البوستات التي شاركت فيها
والى لقاء قريب في ساحات فكرية ارحب

Post: #475
Title: Re: قراءة في مذكرا ت محمد المكي حول تاريخ الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 12-14-2006, 02:39 AM
Parent: #1



[email protected]




Last Update 13 ديسمبر, 2006 09:24:08 PM

قراءة في مذكرات محمد المكي حول تاريخ الغابة والصحراء


عبد المنعم عجب الفيا
[email protected]

السودان ثقافيا وعرقيا بلد عربي افريقي او أفريقي عربي ان شئت . هذه الحقيقة التي لا تتناطح فيها عنزتان - كما يقال - ظل مثقفو السودان يتناطحون حولها منذ فجر الاستقلال حتي اليوم . هذه الحقيقة التي تمشي على رجلين ، هي باختصار ما اراد نفر كريم من ابناء هذه الامة التعبير عنه في بدايات عقد الستينات من القرن الماضي ، من خلال رمزية " الغابة والصحراء " . واكتشاف هذه الحقيقة ، كما يقول محمد المكي ابراهيم " امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق " .

فليس للغابة والصحراء " أي فضل في خلق الثقافة السودانية فهي حقيقة وجودية سابقة لذلك التيار بل ان الغابة والصحراء تدين بوجودها للثقافة السودانية بحكم انها مجرد توصيف لما هو كائن في الثقافة وليس فرضا لواقع جديد على تلك الثقافة ."

ولكن برغم هذه البداهة لا أعرف حركة فكرية وثقافية، نبيلة المقاصد ، تعرضت للتشويه والتبخيس و التجني وسوء الفهم والتخريج ، من اهل اليمين واهل اليسار على السواء ، كالذي تعرضت له جماعة الغابة والصحراء .
بعض اصحاب اليمين وغلاة العروبيين رأوا فيها محاولة علمانية " لتحجيم انتماء السودان للعروبة والاسلام " وبعض أهل اليسار وغلاة المتأفريقين رأوا فيها تكريس لواقع غلبة الثقافة العربية والدين الاسلامي . وفريق آخر يضم ثلة من هؤلاء وثلة من اؤلئك أدركوا عبقرية وواقعية وبساطة هذه الصيغة في وصف حال السودان الثقافي والاثني فاسكثروا ذلك على اصحابها وودوا لو كان لهم فضل السبق الى ذلك الاكتشاف ، فسعوا الى وأد الفكرة والنيل منها بشتي السبل حسدا ، والحسد في دنيا الثقافة والادب فنون .

كل ذلك اصاب اصحاب الفكرة باحباط مبكر ، دفع بهم الى هجر حلبة الصراعات الفكرية الثقافية والناى بانفسهم عن الخوض فيما ظل يحتدم من لجاج وجدل حول قضايا الهوية لاعتقادهم ان الامر من البداهة بحيث لا يستحق كل هذا اللجاج والخصام .

و بعد صمت دام اربعين عاما قرر الشاعر والمفكر السوداني محمد المكي ابراهيم ان يكتب ذكرياته عن نشوء أهم حركة فكرية حاولت ان تاسس ثقافيا واثنيا للسودان كبلد عربي افريقي او أفروعربي . وذلك في المقالات التي بدأ نشرها منتصف هذا العام المنصرم بصحيفة ( السوداني) تحت عنوان : "التاريخ الشخصي للغابة والصحراء " *.

وحيث ان الوعي بالذات ينشا من الاحتكاك بالآخر ، فقد كانت البداية بالمانيا سنة 1962 حينما قضى احد العطل الصيفية اثناء دراسته الجامعية. حيث التقي هنالك بزميله الشاعر النور أبكر وتدارسا سويا في حقيقة الانتماء الثقافي والاثني للسودان .

كانت المانيا في تلك الفترة تعيش الاحساس " بروح الندم والتكفير عن خطايا " حروبها النازية ذلك الاحساس ولد روحا شعبيا عاما متسامحا مع الاجانب . " في ذلك المناخ الودود كان سؤال الهوية مطروحا على الدوام وكان أناس لطيفون خرجوا من تحت أنقاض الحرب يريدون أن يعرفوا اذا كنت زنجيا من أفريقيا او عربيا من الشرق الأوسط ، وحين تقول أنك عربي كان نفس الأشخاص الطيبون يصارحونك ان فكرتهم عن اشكال العرب كانت مغايرة تماما .وبالمقابل لم يكن يسيرا عليهم ان يفهموا ان اشخاصا يتفاهمون بينهم بالعربية يمكن ان يكونوا زنوجا افريقيين او أن أناسا سودا يمكن ان يكونوا عربا تماما مثل عبد الناصر وملك الأردن الشاب المحبوب."

هذه التساؤلات فتحت اذهانهم على حقيقة انتمائهم كسودانيين . وبعد تفاكر وتدارس اهتدوا الى انهم خلطة جميلة ومتفردة من أعراق عربية وأفريقية وهداهم حسهم الشعري الى وصف هذه الخلطة " بالغابة والصحراء " وكانت هذه التسمية من ابتكار النور عثمان ابكر .

ترك محمد المكي ، النور ابكر بالمانيا وعاد الى السودان لمواصلة دراسته بالجامعة حيث فكر في تاسيس اتجاها شعريا انطلاقا من مفهوم الغابة والصحراء . في صباح أحد أيام اغسطس 1963 نقر باب غرفته اثنان من الشباب راح أحدهما (يوسف عيدابي) يقدم نفسه ورفيقه: " نحن شاعران ونريد أن نتعرف بك ونقرأ لك.أنا يوسف عيدابي من كلية الحقوق وهذا صديقي محمد عبدالحي وهو حاليا في كلية العلوم. "

و سرعان ما انضم اليهم عدد كبير من اصدقاء يوسف ومحمد عبد الحي على راسهم الشاعر على عبد القيوم والمعماري الفنان صابر ابو عمر والبروفسور طه أمير. الا ان المجموعة تعرضت لهزة قوية حين غادر يوسف عيدابي السودان للدراسة بالخارج حيث بقي الى ان نال درجة الدكتوراه . بينما توثقت العلاقة أكثر بين محمد المكي ومحمد عبد الحي .

وكان الميلاد الحقيقي للغابة والصحراء اثناء مكوث الاثنيين لقرابة الشهر في بيت جدة محمد عبد الحي بالخرطوم بسبب قفل الجامعة في أحد الاضرابات . حيث " شرعنا في تعميق الفكرة وإضاءة جوانبها وأطلعت محمدا على بعض الفصول التي سجلتها من كتابي عن الفكر السوداني وهو محاولة لاستكشاف العناصر المكونة للثقافة السودانية في بدايات تخلقها في العصر الفونجي..و بينما كنت اجاهد متنقلا بين المادة الخام لذلك البحث واعداد مخطوطته الأولى كان محمد ينغمس في اعداد واحد من اهم اعماله واحقها بالخلود فقد كان يكتب قصيدته الكبرى عن (العودة الى سنار) وما كادت عطلتنا الاجبارية تنتهي حتى كان محمد قد فرغ من مسودتها الأولى . "

ولكن لماذا سلطنة الفونج ؟ لماذا سنار " السلطنة الزرقاء " وليس مروى او نبتة او كرمة ؟

يقول محمد المكي :

" ان المسالة ليست يانصيبا جزافيا ولا هي خاضعة لأحكام الهوى الشخصي، فواقع الحال ان السلطنة الزرقاء بداية حقيقية للسودان الحديث وهي تاريخ حي متحرك وليست جزءاً من التاريخ الميت المنبت .وكان يسعدنا ان تكون البداية من مروي او كوش لولا ان تلك الحضارات الباهرة بادت مفرداتها واصبحت جزءا من لحمة الماضي وانضمت لغاتها الى اللغات الميتة بينما قامت السلطنة الزرقاء بضم بلادنا الى عالم جديد هو عالم الثقافة العربية التي لا تزال حية ومتفاعلة في وجداننا. واصبح علينا ان نستخدم المفردات الجديدة لندون موقفنا الحضاري ، بتشكيلنا للثقافة العربية واعادة صياغتها في لبوسها الأفريقي الناشيء عن المناخ السوداني."
وقد اقتدوا في تشكيل الثقافة العربية في لبوسها الافريقي السوداني بمحمد المهدي المجذوب " الاب الاكبر للحداثة السودانية " الذي سبقهم وسبق " جيله وسبق الاجيال اللاحقة باعترافاته الباهرة بالدماء المزدوجة الاصول التي تجري في عروقه كقوله لمؤتمر الأدباء العرب:

عندي من الزنج اعراق معاندة

وإن تشدق في إنشادي العرب

كان هدفهم نحت بلاغة جديدة من جسم اللغة العربية للتعبير عن الوجود السوداني وتوطينه داخل الادب العربي . " اريد ان اكون شاعرا سودانيا قبل كل شيء وأن افرض ذاتي على اللغة العربية واتخذ لنفسي مقعدا خاصا في محفل الثقافة العربية. " وان يتم كل ذلك في جو " من الفخر والاعتزاز وليس في إطار من الاعتذار او عمى الألوان ."

مما يشد الانتباه في حديث محمد المكي ، ان اثنيين من الشعراء يعدهم بعض مؤرخي الادب ضمن تيار الغابة والصحراء الشعري هما صلاح احمد ابراهيم ومصطفى سند ، كانا قد هاجما هذا الاتجاه علنا في بدايته . لقد كان صلاح يظن ان هذا الاتجاه " نسخة أخرى من حركة الزنوجة التي قادها سنغور وايمي سيزار " ودار سجال مشهور بينه والنور عثمان أبكر حيث كتب الاخير مقاله: (لست عربيا ولكن)، فرد عليه صلاح بمقاله: (بل نحن عرب العرب).

ولكن محمد المكي يرى ان ذلك السجال لا يمثل الموقف الحقيقي لصلاح بل ان شعر صلاح الذي يتقدمهم زمنيا ، كان رائدا لهم واخذوا عنه ، هو والمجذوب ، الطابع السودانوي للشعر . ولعلهم استلهموا الكثير من ديوان " غابة الابنوس " لصلاح .

وما يؤكد رأي محمد المكي ان الدكتور عبد الله بولا سأل صلاح عن هذه المقولة المسرفة " نحن عرب العرب " فرد عليه ان ذلك كان نتيجة موقف عاطفي مع العرب اثر الشماتة عليهم عقب هزيمة حرب 1967 وحين سئل فيما بعد وهو باريس في حوار صحفي : من انت ؟ أجاب أنا الهجين عنترة !

اما سند " فان هواه العروبي جعله يتوجس منا ظانا اننا ضد العروبة وتجلياتها السودانية غير عالم اننا اقرب الناس اليه فنا وفهما." وكان سند يردد ان قصائد محمد المكي هي محاكاة للشاعر الفرنسي بودلير الذي كان يتعشق امراة خلاسية: " بينما انا - وهو وكافة معشوقاتنا - خلاسيون من ارحام عرب - أفريقية وقد مضى اسلافنا على ذلك النهج قبل ان يولد بودلير بألف أو بخمسمائة عام على أسوأ الفروض."

والحقيقة ان الدارس لشعر سند لا يملك الا ان يصنفه ضمن هذا التيار ويكفي دليلا على ذلك ديوانه "البحر القديم " الذي صدر في تلك الفترة .

ولعل أعنف نقد وجه للغابة والصحراء، مؤخرا ، صدر عن الدكتور عبد الله علي ابراهيم . فهو قد نفي بشدة ان يكون سكان السودان عرب افارقة واصر على عروبتهم الخالصة وثقافتهم العربية الخالصة وذهب الى حد القول ان وصف سكان شمال السودان بكونهم افروعرب انما هي دسيسة روج لها المستشرقون .وان ينابيع الغابة والصحراء ترجع الى كتابات مكمايكل وترمنغهام عن السودان .

وجاء رد محمد المكي على ذلك ، في شيء من المرارة ، ودون ان يذكر الدكتور عبد الله بالاسم . قائلا : " ان ذلك الاكتشاف امر ممعن البساطة ولم يكن بحاجة لعبقرية او تحليل متعمق او قراءات في أدب المستشرقين أو تأثر بهم . وبين هلالين أقسم برأس أبي انني لم أقرأ حتى اليوم ترمنجهام وذلك الآخر الذي روجت ألسنة السوء أننا قرأناه وتأثرنا به ." ويضيف ان تلك : " الفرية مقحمة اقحاما ليذكرنا مروجها انه متمكن عظيم الباع وأنه ليس أقل من ادوارد سعيد مقدرة على نقد الاستشراق والمستشرقين وإظهار ما هم عليه من التفاهة وحقارة الشأن وكل ذلك إثباتا لعبقرية انا كنت ذات يوم ممن يتوسمونها في مروج تلك الافتراءات ".

واستدلالا على ان الآفروعربية ليست تحديدا لانتماء فردي بقدر ما هي بحثا عن القواسم المشتركة لانسان السودان ، يقول محمد المكي : " فقد كان صديقنا محمد عبد الحي عربي السمت بصورة صارخة ومع ذلك اضطلع بدوره التأسيسي في حركة الغابة والصحراء بينما اختار الدكتور (الاخدراني) ان يقف على الجانب الآخر ساخراً هازئاً من القائلين بالهجنة واختلاط الانساب. " وذلك في اشارة الى الدكتور عبد الله لنكرانه حقيقة التمازج العربي الافريقي في السودان .

ومن العوامل التي يرى محمد المكي انها ساعدت على احياء و ترسيخ الطابع الافروعربي للثقافة السودانية حركة اغتراب السودانيين الى بلدان النفط العربية . فقد القت " ضوءاً كاشفاً نزع عن عيون السودانيين غطائها وزودهم ببصر حديد " بخصوصية وضعهم وتميزهم عن بقية العرب .

اما بازاء الاستقطاب الحاد الذي ساد الساحة الثقافية والسياسية نتيجة بروز تيار السودان الجديد ، يرى محمد المكي ان الافروعربية تنهض كخيار وسط بين دعاة الافرقة الخالصة والعروبة الخالصة . فهنالك " شبه كبير بين غلاة العروبيين وغلاة المتأفرقين فكلاهما ينظر الى السوداني عربياً خالصاً-هذا ليحشره رغم أنفه في الكتلة العروبية وذاك ليتبرأ منه ومن الأصول التي نمته. ومن يتأمل الجنجويد وحديثهم المبالغ فيه عن (الزرقة) يضحك ضحكاً مراً على النزاع ومبرراته فليس اشد زرقة من واحدهم سوى الآخر، وممكن جداً تبادل المواقع بينهم فيكون بعض الجنجويد افحم سوادا من أعدائهم في المعسكر الآخر."

ومن الذين وقفوا مع هذا الاتجاه الشعري يذكر محمد المكي ، الشاعر عبد الله شابو الذي شملهم بعطفه ونصحه و كان وجوده الشخصي في الاطار الجامعي مصدراً لإشعاع فني وانساني لهم . ويذكر بمزيد من المحبة ، صديقه ،علي عمر قاسم ، والشاعر الغنائي المبدع عثمان خالد و علي عبد القيوم ، وعبد الرحيم ابو ذكرى الذي يقول انه يشترك معه في نفس المنطلقات. ومن بين الشخصيات المضيئة التي رعت أو اكدت اتجاهاتهم الفنية يذكر الدكتور ابوسليم ، و الدكتورخالد الكد .

ومن علامات رسوخ وصمود هذا الاتجاه الافروعربي ، كما يقول محمد المكي ، انه استطاع ان يجد انصاراً بين الأجيال اللاحقة يذكر منهم الاديب والصحفي البارع صلاح شعيب وشخصي . وليسمح لي القاريء الكريم ان اورد بعض مما قاله محمد المكي فقط من باب حفظ الجميل وعرفانا لفضل مفكر وشاعر عظيم في الاحتفاء بشباب هم في سن ابنائه ، يقول : " اخص بالذكر نموذجاً متفرداً هو الأديب الناقد المحقق الاستاذ عبدالمنعم عجب الفيا الذي لم يقف عند حدود التأييد والاجترار وانما مضى قدماً ليضيف الى الصرح لبنات جديدة . وما اعجبني في هذا الاديب الشاب هو تناوله للآفروعروبية من مدخل صحيح هو المدخل الفني وحسب تعبيره اعتبرها ناظماً جمالياً للانتاج الثقافي في السودان اليوم وغدا. والواقع ان نموذجه الفريد يؤكد على استمرارية العطاء الثقافي بين الأجيال " .

قطعا كل عبارات الشكر ستقف عاجزة ، ان تفي الشاعر والمفكر الكبير حقه على هذه الكلمات . ولكن ما استطيع قوله هو ان مساهمتي بالكتابة في هذا المجال لا تتعدي الرغبة في رفع الحيف واجلاء سوء الفهم الذي حاق بأهم محاولة رائدة في التاسيس للتعايش والتمازج السلمي بين الثقافتين العربية والافريقية .

واؤكد ان "الغابة والصحراء" ، ليست مجرد اتجاها ادبيا و شعريا ظهر لفترة ثم انفض سامره وانما هي تعبير عن موقف وجودي وواقع حياتي متجدد ودمغة يحملها كل سوداني كالبصمة . الغابة والصحراء هي السودان . تتغير الشعارات وتتلون الرؤى، وتتبدل الاسماء ويظل السودان هو السودان .



عبد المنعم عجب الفيا

_______

* للاطلاع على مقالات محمد المكي ابراهيم ، ابحث في موقع جريدة ( السوداني) تحت عنوان : التاريخ الشخصي للغابة والصحراء .


Post: #476
Title: Re: جمال محمد احمد والآفروعربية
Author: Agab Alfaya
Date: 12-14-2006, 02:47 AM
Parent: #1


المفكر السوداني جمال محمد احمد ( 1915 – 1986 ) عالم وباحث وكاتب ضليع في اللغتين العربية والانجليزية له اسلوب متفرد في الكتابة وهو عندي صاحب أحد اميز ثلاثة أساليب في النثر السوداني الحديث. وقد نبغ جمال في اللغة العربية حتى اختير عضوا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة . وهو من الكتاب القلائل الذين حظوا باحترام وحضور كبيربين خارج السودان في العالميين العربي والغربي . و قد ترك جمال بصمات أسلوبه على عدد من الكتاب السودانيين منهم ، صديقه على المك ، والأديب الطيب صالح الذي كثيرا ما يذكر انه تاثر باسلوبه وافكاره .
لقد ظل جمال يكتب في صمت العلماء بعيدا عن الشعارات السياسية والاكليشهات الايديلوجية . يكتب عن أفريقيا بمعرفة ومحبة حتى تخاله أحد مؤسسي حركة الزنوجة . ويكتب عن العرب بكل المعرفة والمحبة حتى تظن أن جده العباس ، وحتى تكاد تنسى ما قاله عن أفريقيا للتو . يتحدث بمعرفة عميقة عن الثقافة الغربية في غير ما تنطع أو تعقر كأنه أحد أبنائها . عضويته في مجمع اللغة العربية بالقاهرة لم تغريه بالتنكر لأصله الأفريقي النوبي ولم تحول بينه و تمجيد الثقافات الأفريقية والتغنى بأمجاد أفريقيا والانحياز لأبنائها ومفكريها . نظرة متوازنة قل نظيرها بين انداده ، تكشف عن عمق التصالح الداخلي واتساع الرؤية لديه .
ساله الصحفي المصري مفيد فوزي : ما هو أسخف سؤال مر بك ؟ فاجابه : " هذا السؤال السمج هل السودان عربي أم أفريقي ؟ وكنت أقول لعل عبقرية السودان تكمن في محتوى السؤال ."
وأنا أقول لعل سماجة السؤال تكمن في انه يحدد الاجابة سلفا باحد الامرين . فاما هذا ، واما ذاك . ولا يترك خيارا آخر حيث تنبع عبقرية السودان . تلك العبقرية التي رمز اليها مصطفي سعيد ، بطل رواية موسم الهجرة الى الشمال حينما أهدي سيرة حياته التي لم تكتب بقوله : " الى الذين ينظرون بعين واحدة ، فيرون الاشياء اما سوداء واما بيضاء ! "
والنظر بالعين الواحدة يسارا او يمينا ، هي آفة ما يطرح الان من مقاربات في قضايا الثقافة السودانية . ومن عجب ان هذه النظرة العوراء تصدر عن أناس هم أولى الناس بنظرة جمال الديالتيكية . لكنهم آثروا الحلول السهلة فبنوا مجدهم على اصطناع الحواجز المتوهمة ، جريا وراء سراب يتوبيا النقاء الثقافي والعرقي وتذرعا بميتافيزيقيا التمايز والاختلاف .

من مؤلفاته :

• مطالعات في الشئون الأفريقية – صدر عن دار الهلال بالقاهرة سنة 1969م .

• سالى فو حمر - حكايات من أفريقيا – صدر سنة 1970

• في المسرحية الأفريقية – صدر سنة 1971م

• عرب وأفارقة – سنة 1977م

* وجدان أفريقيا 1972

Post: #477
Title: Re: جمال محمد احمد والآفروعربية
Author: mohmmed said ahmed
Date: 12-14-2006, 04:35 AM
Parent: #476

(من العوامل التى يرى محمد المكى انها ساعدت على احياء وترسيخ الطابع الافرو عربى للثقافة السودانية حركة اغتراب السودانيين الى بلدان النفط العربى فقد القت ضوءا كاشفا نزع عن عيون السودانيين غطائها وزودهم ببصر حديد بخصوصية وضعهم وتميزهم غعن بقية العرب)

يتحدث ود المكى عن تجربة الاغتراب السودانى فى بلاد النفط بطريقة موضوعية تحتمل الحوار


فى الوقت الذى يطلق د عبد اله احكام مبتسرة ومتعسفة عن تلك التجربة ويقول بطريقة تحقيرية انهم تعرضوا لعروبة الكفيل فكفروا بالعروبة


وفى الحقيقة ليس هناك كفر بالعروبية او دعوة لخلعها ولكن النقد يتجه نحو ثقافة الاستعلاء والتفرقة بين ابناء الوطن

Post: #478
Title: مفهوم البدائي النبيل بين بولا و محمد عبد الحي
Author: osama elkhawad
Date: 12-19-2006, 03:42 AM
Parent: #477


سبق للفيا كما أوردنا من قبل ان قال ان بولا زعم انه قد توصل الى مفهوم البدائي النبيل في جنوبيات المجذوب قبل ان يتوصل إلى ذلك محمد عبد الحي ،
يقول الفيا مخاطبا بولا:

Quote: لقد كنت انت اول انسان تناقشني في ورقة ، الافروعربية ، يا بولا! لقد طلبت مني بعد الفراغ من تقديم الورقة في ندوة الثقافة والتنمية التي اقامها مركز الدراسات السودانية بالقاهرة سنة 1999 ، طلبت مني نسخة من الورقة ،اخذتها وقراءتها ثم بعد حوالي ثلاثة ايام عدت وناقشتني فيها ، والنقطة الوحيدة التي تحفظت انت عليها في الورقة هي فكرة البدائي النبيل في قصائد المجذوب والتي نسبها عبدالله ابراهيم الي محمد عبد الحي ولكنك قلت لي انك انت اول من اشار الي تصوير المجذوب للجنوبي في صورة بدائي نبيل ، وليس عبدالحي !

لم يرد بولا على زعم الفيا.لكن عندما نعود الى الهامش السادس في
"شجرة نسب الغول في مشكل الهوية السودانية وحقوق الإنسان في السودان
أطروحة في كون الغول الإسلامي لم يهبط علينا من السماء
يقول بولا في الهامش السادس":

Quote: سبق لي طرح هذه الملاحظات النقدية على رؤية المجذوب الزنوجية ،و مناقشتها باستفاضة أكبر ،في أطروحتي للدكتوراه .وقد حدثت "أظنها "تحدثت" عنها أيضا في مناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى لوفاة المجذوب،في شتاء عام 1983 بجامعة الخرطوم.وهي المناسبة التي نسبت فيها رؤية المجذوب إلى مفهوم " البدائي النبيل" ،كما عند جان جاك روسو ،ونفر من فلاسفة الأنوار الفرنسيين والأوروبيين ،في القرن الثامن عشر. وقد احتجت جمهرة من محبي المجذوب يومها على كلمتي تلك احتجاجا شديدا، وتعللوا بان "الشعر ينبغي أن لا يحاكم بمثل هذا المنطق السياسي الإيديولوجي ". وذلك في معنى أن الشعر نمط من التعبير "الطليق" المتسامي، ينجو تماما من ملابسات الزمان والمكان السياسي و الإيديولوجي وقيل الاجتماعي الثقافي. مع أن "منطقي" ،أعني منهجي في تحليل رؤية المجذوب أو غيره من الشعراء وكل الغواة المبدعين الآخرين، لم يكن سياسيا ،بل كان ، وما يزال،في اعتقادي ،فلسفيا نقديا، ولسانيا،بالدرجة الأولى،يقوم على ما أسميه منهج النظر الإشكالي الذي لا تنجو منه أي مسلمة من النقد و النقض. ولا أزعم لنفسي ولا ل"منهجي النقدي" نجاة من الأيديولوجيا بالطبع. كما أنني من محبي المجذوب الأشاوس.


نلاحظ ان بولا اشار الى مفهوم البدائي النبيل في جنوبيات المجذوب في عام 1983 و كتب عنها في اطروحته للدكتوراة عن الفن و مسألة الهوية الثقافية في السودان،من جامعة السوربون 1984.
ولمعرفة تاريخ استخدام عبد الحي لمفهوم البدائي النبيل لنقد جنوبيات المجذوب ،كتراجع نقدي مهم ،بعد اعلن عام 1976 اعجابه بتلك الجنوبيات ،سنرجع الى "تحالف الهاربين".

يقول عبد اله علي إبراهيم في تحالف الهاربين في الهامش السابع:
Quote: أنظر:محمد عبد الحي، “مفهوم الزنج في الشعر العربي في السودان" ورقة قدمت إلى جامعة الخرطوم، معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية، مؤتمر القومية السودانية في ضوء التعدد العرقي و التنوع الثقافي، الخرطوم، 26-28 تشرين الثاني\نوفمبر 1985 .


ففي حين توصل عبد الحي الى ذلك المفهوم في عام 1985،نجد ان بولا قد سبقه في ذلك من خلال اشارتنا لتاريخين 2983 و 1948.
المشاء

Post: #479
Title: Re: مفهوم البدائي النبيل بين بولا و محمد عبد الحي
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-21-2006, 09:53 AM
Parent: #478

نشـرت مجلة الـوطن العـربي في عـددها الصـادر يـوم الاربعـاء المـوافق

29 نوفمبر 2006 لقاء اجـراه محمد عبد الحميد مع الشاعر محمد المكي ابراهيم

حاولت إنزال اللقاء في البوست الا انني لم أستطع نسبة لأن موقع المجلة في شبكة

الإنترنت يشترط على من يرغب في تصفح المجلة أن يكون من المشتركين ...

وهذا ما أفتقده....

ولإهمية ما أورده الشاعر ود المكي في اللقاء رداً على الاسئلة المطروحة عليه

تكبَدت مشقة نقل اللقاء حرفاً حرفاً لطرحه هنا في البوست تعميماً للفائدة وإثراءاً

للنقاش الجميل الدائر حول مدرسة الغابة والصحراء.
...........

اللقاء..

الثقافة السودانية ند للثقافات العربية

الشاعر محمد المكي ابراهيم من الشعراء السودانيين الكبار الذين أوصلوا القصيدة

الحديثة الى مراحل التجويد الجمالي العالي. له دواوين " امتي وبعض الرحيق أنا

والبرتقالة أنت ، ويختبئ البستان في الوردة " وهو من طلائع جيل شعري أتى بعد

جيل التأسيس الشعري حيث سعى الشعر السوداني المعاصر الى وضع أسئلة جدية

تبحث عن إجابات أساسية في جوهر الثقافة السودانية ... ألتقينا به وكان هذا الحوار:


الغابة والصحراء، هي بحث عن الهوية ولكنها ليست بحثاً عن شكل شعري ... ألا

ترى أن الكتابة العربية المعاصرة حصرت نفسها في المضامين دون الشكل؟


- أخشى أنه بعد قريب من نصف قرن ، لم تعد الغابة والصحراء بحثاً عن هوية ،

إنما تأكيد لهوية سودانية قائمة أنجزها مثقفو وفنانو السودان منذ إنطلاقة الحركة

الوطنية في الثلاثينيات وإلى يومنا الحالي. أينما ذهبت وجدت للسودان طعمه الثقافي

الحريف، والمختلف عن أي بلد عربي آخر. اكتملت هويتنا في نظري، وكما أسلفت،

كان ذلك بنشاط توليفي أسهمت فيه كل أعراق السودان وثقافاته ، لقد اكتملت الهوية

وأدعو لأن يحفظها الله من الضياع

مادام امر الهوية كذلك ... ففيم الغابة والصحراء؟


- الغابة والصحراء كانتا المصباح الكاشف الذي جعلنا نتفطَن الى قسماتنا الحضارية

ونكشف ذاتنا. وخلال نصف القرن الماضي استطاع هذا الجسم الحضاري ان ينضج

ويكتمل ولذلك لا ارى مدعاة للجدل والنقاش ولم يبق أمامنا سوى تطوير هذه الثقافة

ونشرها في الناس وإذ اقول ذلك ، اعني إستقلالها عن الثقافات العربية المجددة في

المشرق والمغرب العربي ووقوفها نداً لهذه الثقافات في الابداع والتذوق والنقل عن

هذا الغرب المتفوق الذي يروجون بضاعته عندنا من مذاهب فلسفية ونقدية جديدة،

ارجو أن يقوم مثقفو السودان بنقلها وتقديمها للعالم العربي نفسه باعتبار أننا لسنا أقل

منهم معرفة بالعربية ولا باللغات الاجنبية،ولا نحتاج لأن نتناول وجبتنا الثقافية عبر

المعدة الثقافية للعالم العربي.


القصيدة السودانية المعاصرة ( قصيدة التفعيلة) استقرت ولم تجد آفاقاً جديدة تعبرها،

ويعتبر البعض ان حالها من حال القصيدة العربية المعاصرة ... كيف ترى هذا

الأمر؟


- شاركت في منتدى أصيلة الذي ناقش أزمة القصيدة ( قصيدة التفعيلة العربية) وذلك

في محترف قاده أحمد عبد المعطي حجازي. من جانبه حاول أن يقول ان القصيدة

العربية التفعيلية لا تمر بأزمة. ولكن معظم الحضور كانوا يقولون بغير ذلك ، ناعين

قصيدة التفعيلة مقترحين قصيدة النثر مخرجا من الأزمة. كنت معهم في وجود

الأزمة، ولكن لم أكن واثقاً أن قصيدة النثر هي الحل. ذلك أنها تحتاج لقدر كبير من

المعايشة والتذوق لنرى إن كانت تتجاوب مع الذائقة الشعرية لشعوبنا. ةقد حاول

الشعر الشعبي أن يطرح نفسه بديلاً لتلك القصيدة المأزومة ، مرة على هيئة الزجل

والدوبيت ، ومرة عبلا هيئة الاشكال الحداثية المتطورة ( محجوب شريف ، القدال ،

أحمد فؤاد نجم، مظفر النواب ) هؤلا قدموا أنفسهم كبديل. وأسهموا حقاً في إغناء

الوجدان الشعري، وصرف الأنظار عن أزمة القصيدة الرسمية. ومع ذلك تبقى

الأزمة قائمة. وعلى الشاعر الجاد أن يبحث عن مخرج لها.


المشروع الحضاري الاسلاموي

بهذا الأفق الذي اقترحته لقصيدتك ... فانت اعطيت الغابة والصحراء بعدهما الثالث

(الكوني) في الوقت الذي يرى فيه الدكتور عبد الله علي ابراهيم ان الحداثة تمتنع

علينا في العالم الثالث بسبب عدم التوازن الحضاري بيننا وبينهم؟


- اكتمال البناء الثقافي للسودان يستبعد دعوات من طراز المشروع الحضاري

الاسلاموي . فقد ثبت ذلك بالدليل حيث بقى إسلامنا كما هو بعيداً عن التطرَف

والتشدَد. وحافظت المرأة السودانية على زيَها التقليدي ومع لفتنا الانجليزية والعربية

قد تعرَضنا للقذف والاهمال. إلا ان استعدادنا اللغوي يظل عالياً لاستعادة ما فقدناه.

من ناحية أخرى هنالك العولمة وهي صديقتنا وطريقتنا الى الانفتاح على العالم

وبفضلها أصبحنا نعض بالنواجذ على أفكار الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق

الانسان وذلك على عكس ما يقول به الشباب الاوروبي والامريكي في مظاهراته

المناوئة للمظهر الاقتصادي للعولمة. نحن نجني منذ الان ثمار العولمة من شبكة

فضائية واتصال اليكتروني وفضائيات تلفزيونية لم نكن نحلم بها في يوم من الايام. لا

ارى تناقضاً بين هويتنا مكتملة وبين التواصل مع العالم. بل العكس ارى ان ذلك

التواصل ينميها ويرفع من شأنها.


الهوية هي طريقة لفهم مزيج التطابق والاختلاف اللذين تتكون منهما حياة الانسان،

كيف كان امر الهوية في الغابة والصحراء ... هناك من يرى ان الغابة والصحراء

تنظر للجنوب من موقع شمالي صـرف؟


- اسعدتني الظروف بالتعرَف على افريقيا بصورة حقيقية منذ العام 1967 حيث تلقيت

تدريبي الدبلوماسي بالسفارة الفرنسية في داكار ومن بعد ذلك قيَض لي ان ازور كل

دول القارة تقريباً وقد رأيت فيها تنوعاً إثنياً وثقافياً أكبر بكثير من ذلك الذي بين

شمال السودان وجنوبه ولكن الناس استطاعوا ان يتجاوزوه ببساطة وتحت شعار ان

افريقيا متنوعة داخل إهابها الاسود، ذلك ما كان يفتخر به سنغور متحدثاً عن الجذور

العربية والافريقية والفيتنامية لبلاده السنغال. وذلك ليس عسير علينا أن نتعايش مع

جنوب يتحدث الانجليزية الى جانب لهجاته المحلية ويمارس ثقافته بحرية تامة. في

اعتقادي أن الدعوات الجهادية هي التي أعاقت التعايش بين شطري السودان. ومؤخراً

قدَم الصديق كمال الجزولي ندوة عن كتابه (الآخر) وزعم أن ما يجذب أطراف

السودان نحو مركزها أقوى من قوة الطرد التي تجرها البلدان المجاورة. وأنا أتفق

معه – فقد رأيت جنوبيين عجزوا تماماً عن التجاوب مع الزائريين ( لأن شرطتهم

تريد أن تسلب مالهم) ولا مع الكينيين الذين يخطفون حقيبة أوراقك ويهربون. وينطبق

نفس الشئ على أهلنا الانواك في اثيوبيا ، وعلى شعوب وأقوام تشاد. حقاً هناك قوة

جذب متفوقة على قوة الطرد.


قال الدكتور عبد الله علي ابراهيم إنكم بالغابة والصحراء تهربون من ثقافة الشمال

الى الجنة الافريقية؟


- هذا كلام يتسم بالآنية والتموضع في زمانه ومكانه. ولا يصلح الأن، ونحن نستقبل

وجه الله ونهرب اليه من كل المعاصي ... فقط سقط هذا النوع من التفسيرات لحركة

ثقافية ثبت جديتها وعاش ومات عليها عدد من المبدعين الكبار وانا اذكر صديقي

محمد عبد الحي والشاعر الغنائي عثمان خالد وابوذكرى وعلي عبد القيوم وعلي

عمر قاسم.


الرابط:

http://www.alwatanalarabi.alqanat.com/arabi/result2.asp

Post: #480
Title: نقلا عن الراى العام
Author: mohmmed said ahmed
Date: 12-21-2006, 10:54 AM
Parent: #479

خالد إحمد بابكر

في منحى آخر، قاد التشكيليان حسن موسى ود. عبد الله بولا حملة مناهضة للغابة والصحراء - قوامها الترهات والاباطيل - في التسعينات الاولى ابان سياسات القمع والتعسف التي انتهجها النظام الاسلاموي باسم التمكين. فحسن موسي في ورقته «شبهات حول الهوية» وبفعل افراطه في الخصومة غير المبررة يحمل المسؤولية الكاملة لجماعة الغابة والصحراء في التمهيد لبروز سلطة الجبهة الاسلاموية ويتفوه بمنكر من القول حين يرميهم رمياً بقوله:« لمحمد عبد الحي وشركائه نصيب الاسد في المسؤولية الاخلاقية بقدر ما عبّدوا الطريق لسلطة الصيارفة الاسلاموية وسوّغوا مقولاتهم الغوغائية على مراجع العروبة والاسلام.. فهم قوم لم يرعوا حرمة الابداع، ولم يرعوا دور المبدع كمعارض وكخارج، وانساقوا وراء ارضاء الدولة المخدمة بغشامة لا تليق برجال في ذكائهم. فهم يستحقون اللعنة بقدر ما تتسع الشقة بين رهافة حسهم الجمالي وغلظة تواطئهم الاجتماعي.» ولا يخفى عبد الله بولا تورطه الاحمق مع تلميذه حسن موسى في رميهم بالباطل على النحو الذي جعله يقول في ورقته «شجرة نسب الغول»: «عليهم اللعنة بقدر ما بددوا شاعريتهم العظيمة في مراوغة حقائق الواقع الصادمة، عندما آثروا المسكنات الغنائية الرقيقة علي مراويد ومباضع النقد الكاوية الشافية». عجبي ممن يزاولون التدليس في رابعة النهار ويجعلون منه منهاجاً لنقد الآفرو عربية. فهذا «الغش الثقافي» من جانب عبد الله بولا وتلميذه «النجيب» حسن موسى كفيل باستحقاقه اللعنة، فليست هناك ادني صلة - ولو مفترضة - بين اصحاب المشروع الحضاري السلطوي وشعراء الغابة والصحراء. هنالك مجازفة كبيرة في الزج بالآفرو عروبيين كونهم مسؤولين عن بروز سلطة الجبهة، فالجميع يعلم بمدى الاختلاف العريض بين مرجعية المودودي واسلام التصوف السناري، هذا ان جعلنا من أوبة الآفرو عروبيين الى سنار - كما في دعوة عبد الحي - حجة يحتج بها المدلسون. لكننا لو توجهنا بالسؤال لكليهما عن ماهية «الاقوال الغوغائية» - كما زعمها حسن موسى - التي سوغوها على مراجع العروبة والاسلام، فلن يجد ما يقوله، سوي المزيد من المراوغة والتضليل.

الغابة والصحراء صيغة ثقافية جامعة وليست آيديولوجيا يطوّعها كل عقل مؤدلج كيفما شاء، ويحاكمها كيفما اراد ورغب. فكل من سعى لانتقادها من منظور آيديولوجي تنكب طريقها ولو كان من الرواد المؤسسين. وحسنا فعل محمد المكي ابراهيم حين قال بانه لن يمنح الطموحين فرصة للمبارزة «المهاترة» جرياً على قول الاستاذ سند في رفضه «منازلة هؤلاء»، فما اكثر الساعين لمعركة «الظهور» التي لن يبلغوا ساحتها عبرنا مهما رفعوا عقيرتهم بالسباب.






نقلا عن الراى العام 20-12-2006

Post: #481
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-22-2006, 04:42 AM
Parent: #1

سبق للعزيز حيدر ان اورد هذا المقال،
الذي قام بايراده محمد سيد أحمد،
نقلا عن سوداننت
وفي المقابل فانني ارى ،
ان شهادة محمد المكي ابراهيم،
لم تضف شيئا نقديا،
و إنما سعت الى تكريس نفس الرؤية النظرية الخاطئة التي قالت بها الغابة والصحراء في المستوى التنظيري ،
لا الشاعري.
و حاولت ان تستنجد بقشة الغريق.
ولم تتطرق الى النقد الذي وجه الى كتاباته الباكرة،
التي تصور الجنوبي و الجنوبية ايضا ،
كبدائيين نبيلين.
محبتي

Post: #482
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-22-2006, 10:30 AM
Parent: #481

نعود للتعليق على ما قال به بولا،
والذي -كما اثبتنا -كان اول من قال بعلاقة جنوبيات المجذوب بمفهوم البدائي النبل
لكن من الواضح نسبةلان بولا قال بذلك في دائرة ضيقة،وفي اطروحةاكاديمية نشرت بالفرنسية،
فلكل ذلك ،
كانت مقالة "تحالف الهاربين" هي التي اسهمت في التنبيه الى مفهوم "البدائي النبيل".
نحب ان نشير في ما يتعلق بمساهمة بولا إلى ملاحظتين اساسيتين:
الملاحظة الاولى :
أن عبد الله بوا -بالرغم من قراءته لمقالة "تحالف الهاربين" لم يشر الى ان هنالك امكانية في ان ما قال به المجذوب،
يعود الى مصادر عربسلامية.فهو قد ارتكز اساسا-بحكم مرجعيته الفرنسية-على . فلسفة الانوار الفرنسية.
أما الملاحظة الثانية فتستند الى المنهج الذي قارب به بولا مفهوم البدائي النبيل في جنوبيات المجذوب.
فهو يستند الى ما سماه بالمنهج الاشكالي ،الذي يرى أن كل قراءة يمكن ان تقع في فخ الايديولوجية.
و لم يشر الى المصادر التي يمكن ان تساهم في تشكيل ايديولوجية اي نص.
وبلغتنا نقول ان تناص المجذوب مع الخطاب العربسلامي ،على الأرجح،
قد ساهم في ان يقع خطابه في فخ "البدائي النبيل".
محبتي
المشاء

Post: #483
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-22-2006, 10:32 AM
Parent: #481

نعود للتعليق على ما قال به بولا،
والذي -كما اثبتنا -كان اول من قال بعلاقة جنوبيات المجذوب بمفهوم البدائي النبل
لكن من الواضح نسبةلان بولا قال بذلك في دائرة ضيقة،وفي اطروحةاكاديمية نشرت بالفرنسية،
فلكل ذلك ،
كانت مقالة "تحالف الهاربين" هي التي اسهمت في التنبيه الى مفهوم "البدائي النبيل".
نحب ان نشير في ما يتعلق بمساهمة بولا إلى ملاحظتين اساسيتين:
الملاحظة الاولى :
أن عبد الله بوا -بالرغم من قراءته لمقالة "تحالف الهاربين" لم يشر الى ان هنالك امكانية في ان ما قال به المجذوب،
يعود الى مصادر عربسلامية.فهو قد ارتكز اساسا-بحكم مرجعيته الفرنسية-على . فلسفة الانوار الفرنسية.
أما الملاحظة الثانية فتستند الى المنهج الذي قارب به بولا مفهوم البدائي النبيل في جنوبيات المجذوب.
فهو يستند الى ما سماه بالمنهج الاشكالي ،الذي يرى أن كل قراءة يمكن ان تقع في فخ الايديولوجية.
و لم يشر الى المصادر التي يمكن ان تساهم في تشكيل ايديولوجية اي نص.
وبلغتنا نقول ان تناص المجذوب مع الخطاب العربسلامي ،على الأرجح،
قد ساهم في ان يقع خطابه في فخ "البدائي النبيل".
محبتي
المشاء

Post: #484
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-24-2006, 08:03 AM
Parent: #483

نحب ان نهنئ السودانيين الذين يحتفلون بالكريسماس
ونرجو ان نعود بعد الكريسماس لمساهمتنا الاخيرة عن علاقة جون قرنق بالكنايات الثقافية في اطار خطابه حول السودان الجديد.
تحياتي لصاحب البوست ،
و المساهمين ،
والمتابعات والمتابعين بدون فرز.
أرقدوا\ن عافية
المشاء

Post: #485
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: بدر الدين الأمير
Date: 12-24-2006, 09:10 AM
Parent: #484

حيدر لك جزيل المعرفة

وبعد

كل مادخلت على هذا البوست اصاب بعشرجة المعرفة

واستغفر لجهلى واحمدالله على الصحو الغير منسى

والتداخل معكم هنا يحتاج لتفرغ وانى لحفى لاجل هذا

ونلتقى ربحا فى التضاد المعرفى ياعارفين

Post: #486
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-25-2006, 02:09 AM
Parent: #1

عزيزي بدر الدين
قلت في ما قلت:

Quote: كل مادخلت على هذا البوست اصاب بعشرجة المعرفة

واستغفر لجهلى واحمدالله على الصحو الغير منسى

والتداخل معكم هنا يحتاج لتفرغ وانى لحفى لاجل هذا

ونلتقى ربحا فى التضاد المعرفى ياعارفين

شكرا لكلماتك المسشجعة المقدرة
محبتي لك
المشاء

Post: #487
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-25-2006, 03:41 PM
Parent: #486

بدر الدين

المعرفة...

تزدان بهاءاً بـ(متاوقتكم) الشفيفة هنا

أو كما المشَاء ...شكرا لكلماتك المسشجعة المقدرة


Post: #488
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-26-2006, 02:40 AM
Parent: #487

عزيزي حيدر
كلمة "متاوقة "تضيف الى الخطاب الاسفيري،
فهي تنضاف الى "المرور" و الحضور .
***
حينما سالتك عن تحويل البوست الى العام الجديد،
كان في بالي ،ما توقعته من قلة المداخلات،
بعد ان دخل البوست في اعماق النقاش،
ولولا مساهمتي عن قرنق ،والتي سانشرها غدا عن الكنايات الثقافية في خطابه،
لا وصيتك بقفل البوست.

عموما دعنا نتفاءل بمداخلات واضافات للنقاش.
محبتي لك ،
و للمتابعات والمتابعين بدو فرز.
ارقد عافية
المشاء

Post: #489
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-28-2006, 03:38 PM
Parent: #488

عزيزي اسامة

Quote: كلمة "متاوقة "تضيف الى الخطاب الاسفيري،

فهي تنضاف الى "المرور" و الحضور .


نعم ... وياله من حضـور

عندما يكون من عاشقين لما تخطونه هنا


Quote: عموما دعنا نتفاءل بمداخلات واضافات للنقاش


وهو كذلك...

لكني لازلت اطالب بإلحاق البوست الى مكتبة

ليت بكري يلبي هذا الطلب البسيط والمفيد

Post: #490
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 12-29-2006, 03:01 PM
Parent: #489

الاساتذة الاجلاء

اسامة الخواض

عجب الفيا

محمد سيد احمد

عبد الله الشقليني

منصور المفتاح

احمد الامين

أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة عيد الاضحى المبارك ..اعاده الله علينا وعليكم بوافر اليمن

والخير والبركات

وكل عام وانتم بخير

وسودانا غابة وصحراء

Post: #491
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-30-2006, 08:09 AM
Parent: #490

عزيزي :
حيدر حسن ميرغني
"صاحب الحوش الصغير"
كل عام وانت وعائلتك بخير

و شكرا لك على ايرادك لهذا الحوار المهم

كما نشكر كل الذين شاركوا في هذا النقاش الماراثوني الطويل

و اتمنى بمناسبة العيد ان اطرح غدا مساهمتي الاخيرة حول :
الكنايات الثقافية في خطاب جون قرنق
ومفهومه حول البوتقة والانصهار ،والهوية السودانية،
وعلاقة ذلك بالعولمة.
محبتي لكل المتابعات والمتابعين
المشاء

Post: #492
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 12-30-2006, 05:26 PM
Parent: #490

الإخوه حيدر حسن ميرغنى
اسامة الخواض

عجب الفيا

محمد سيد احمد

عبد الله الشقليني

احمد الامين


كل عام أنتم وآهليكم فى أتم الصحه والسعاده والعيد مبارك عليكم أجمعين وعفونا لكم لوجه الله مع خالص الأمانى



منصور

Post: #493
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 12-31-2006, 01:35 AM
Parent: #492

بين البوتقة وقوس قزح:الكناية الثقافية في خطاب "جون قرنق"
إهداء إلى :
المقاتل المبدع الصديق :عبد المنعم إبراهيم الحاج
----------------------------
يعتبر كتاب " جون قرنق-رؤيته للسودان الجديد و إعادة بناء الدولة السودانية*، مهما في كشف اطروحات الحركة الشعبية لتحرير السودان.
يتحدث الواثق كمير عن أهمية كتاب قرنق قائلا:
فالكتاب يتناول بالمعالجة قضايا السودان الأساسية المتعلقة بالوحدة والتنوع،الهوية ،حق تقرير المصير،نظام الحكم، والتحالفات مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية بالسودان.
ص 36.
ثم يقول في نهاية مقدمته للكتاب:
وتلك الأطروحات تتجلى من خلال تصورات ومفاهيم القائد جون قرنق.
وسنحاول أن نقارب كناية البوتقة من خلال ذلك الكتاب.
جون قرنق لم يتحدث صراحة عن الكنايات الثقافية و إنما أشار إليها ضمنا من خلال كلامه عن "البوتقة".ومن الواضح أن هنالك عنصرا أساسيا في خطاب قرنق يرتكز على العلاقة بين الثقافات و الاثنيات والديانات السودانية المختلفة.

وارتكازا على ذلك العنصر الأساس ،نجد أن مفهوما مثل مفهوم الوحدة ، يستند على التنوع الثقافي.يقول في ذلك :
فالوحدة التي نعنيها تقوم على واقعين،أولهما اسميه الواقع التاريخي ،والثاني أطلق عليه التنوع المعاصر أو الواقع المعاصر.
ويقول قرنق في مكان آخر عن التنوع الثقافي السوداني المعاصر وعلاقته بالوحدة التي تتأسس على شروط السودان الجديد::
أما بالنسبة إلى السودان المعاصر ففيه ما يربو عن خمسمائة مجموعة عرقية تتحدث بأكثر من مائة و ثلاثين لغة مغايرة.هذان التنوعان أو الواقعان يمثلان عناصر تكويننا وتشكيلنا ،ولابد من تأسيس الوحدة عليهما.
ص ص 72-3
ونلاحظ أن قرنق يصر دائما على إيراد نماذج متنوعة لغنى الواقع الثقافي السوداني المعاصر.
فلننظر إلى هذا المثال عن تنوع السودان الثقافي:

الشكل الآخر من التنوع هو التنوع المعاصر. يتكون السودان من قوميات متعددة، من مجموعات أثنية متعددة، أكثر من 500 مجموعة تتحدث أكثر من مئة لغة مختلفة، ومن قبائل كثيرة. هذا هو الموجود وأنا لم أختلقه. فالدناقلة ما زالوا يتكلمون "بالدنقلاوى"، والبجة ظلوا يتحدثون "بالبجاوية". وحدث لي شئ غريب عندما ذهبت إلى شرق السودان، في منطقة همشكوريب، لأتفقد قواتنا الموجودة هناك. كنت أخاطب شباب البجة، وهم لا يعرفون العربية إنما يتكلمون لغة البجة فقط، وأنا قادم من الجنوب وأتحدث معهم بالعربية، فكان لا بدَّ لى من الاستعانة بمترجم، كدكتور الواثق وهو معي الآن، ليترجم حديثي من اللغة العربية إلى لغة البجة. هذا هو التنوع المعاصر. نجد العديد من القبائل فى الجنوب، مثل الدينكا، والنوير، والشلك، والزاندى، واللاتوكا، والفرتيت، والمورلى وغيرها من القبائل. وفى الشمال أيضاً توجد قبائل كثيرة غير عربيَّة، فهناك النوبة والفور، والزغاوة، والمسا ليت، والعديد من القبائل العربية كالبقارة، والكبابيش، والرزييقات، والجعليين وغيرهم. لدينا كل هذه القبائل وغيرها. هذا هو التنوع، وهو أيضاً هناك ولم أفتعله أنا. ولدينا أديان مختلفة، فهناك المسلمون، وهناك المسيحيون وأصحاب كريم المعتقدات الأفريقية. أما مفهوم الإله الواحد فهو شائع بغض النظر عن دين الفرد. فالدينكا، مثلاً، يؤمنون بإله واحد يسمونه نيالج، ويشيع مفهوم الإله الواحد أيضاً وسط كل القبائل الأخرى، إذ ينطبق هذا على النوير والشلك كما ينطبق على القبائل الأخرى في جنوب السودان. إذن، لدينا أديان مختلفة كلها متعايشة منذ زمن بعيد، باختصار هي الإسلام والمسيحية والديانات الأفريقية التقليدية.
ص ص 76-7
وفي مكان آخر يتحدث عن التنوع الثقافي المعاصر:
وتقع هذه المجموعات العرقية ضمن فئتين عريضتين ،السودانيين الأفارقة الأهليين ولغتهم الأصلية لغة غير عربية ونسبتهم تبلغ 39 بالمائة (30%) من السكان استنادا إلى إحصاء أجراه الاستعمار عام **1955،فيما بلغت نسبة السودانيين العرب 31 بالمائة (31%) من السكان.

وحقيقة أخرى أن كثيرا من الناس لا يعرفون أو يتجاهلون أن الأفارقة الأهليين أكثر عددا في الشمال منهم في الجنوب (39 بالمائة من إجمالي السكان مقارنة ب 30 بالمائة في الجنوب).
ص 207
يرى قرنق أن عامل التنوع والثراء الثقافي السودان ،يمكن ان يكون عاملا ايجابيا ،وفي وجه آخر من اوجه توظيفه يمكن ان يصبح عاملا سالبا.يقول في وجهي توظيف الثراء الثقافي :
إن الإخفاق في تقدير الغنى في التنوع هو سبب رئيسي لويلاتنا الوطنية و محننا إلا أن النظر إيجابيا إلى ذلك التنوع يعد ظاهرة غنى متبادل ومصدر لحمة وقوة.وإذا نظرنا إلية بشكل مغاير أي كمصدر للاختلاف و التميز سوف يؤدي بنا حتما إلى تفكك البلاد كليا كما يهدد اليوم دون شك.
ص278.

ويحتل عامل "القوميات" مكانا مرموقا ضمن التنوع المعاصر.يقول قرنق حول الاهمية القصوى لذلك العامل القومي:
من حيث التنوع المعاصر ،الذي نتحدث عنه،فبلادنا تتكون من قوميات متعددة،وعامل القوميات شديد الأهمية و الحساسية خصوصا إذا وضعنا المناطق الريفية في الاعتبار.
ص 153.
ثم يمضي في تحليل أكثر جرأة ،الى قراءة أثر العامل القومي على المعادلة السياسية السودانية،يقول في ذلك :
فقبل أن يدخل العامل الثالث هو عامل "القوميات" في المعادلة السياسية،كانت هنالك قوتان: هما القوى "التقليدية" و القوى "الحديثة"،عموما ، هي الأحزاب التقليدية،التحالفات التي يقيمونها ،وقد ظلت هاتان القوتان في صراع مستمر منذ الاستقلال عام 1956.
ثم يتحدث قرنق عن أثر العامل القومي أو القوميات على الخريطة الاجتماعية والتحالفات السياسية في الساحة السودانية:
وبعدها فرض عامل "القوميات" نفسه على الساحة السياسية هو أساسا من الريف-وهو الأمر الذي أشار إليه ياسر من قبل و هكذا صارت الخريطة الاجتماعية غير محددة، مما يجعل التحديد الدقيق لمن هم حلفاء "كتبت خلفاء" أمرا فضفاضا و ملتبسا.
ص 158
يثير كلام قرنق عن ريفية القوميات سؤالا نظريا وعمليا حول كيفية تأسيس سودان جديد بخلفية ريفية،وهذا ليس محل بحثنا ،وقد حاولنا فقط التنبيه الى ذلك السؤال المهم.

لا يتحدث قرنق فقط عن الماضي والحاضر الثقافي ،وإنما-أيضا- عن المستقبل الثقافي السوداني.و يرى ان المستقبل يمكن في كناية البوتقة ،حين يقول:

هكذا، فإن هذا التنوع المعاصر، "قومياً" واثنيا وثقافياً ودينياً، يشكل جزءاً منا، وكما أراكم أمامي الآن فأنتم مختلفون ولكنكم واحد، والتحدي الذى يواجهنا فى السودان هو أن نصهر جميع عناصر التنوع التاريخي والمعاصر لكي ننشئ أمة سودانية، نستحدث رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها دون أن تنفى أي من هذه المكونات.
ص 207

وعلى النقيض من الأفروعروبية التي ترى ان البوتقة قد اكتملت في الماضي،يرى قرنق إن البوتقة الثقافية لم تحدث بعد، ونراه مترددا قليلا تجاه مسالة الصهر ،فهو يصر على صهر جميع الثقافات .كما انه يميل قليلا إلى استعارة مثل استعارة قوس قزح التي تعطي لقوس قزح منظره الزاهي الأخير ،وفي نفس الوقت تجعل لكل لون استقلاليته ،وذلك حين تحدث عن :
رابطة قومية تتجاوز هذه "المحليات" وتستفيد منها ،دون أن تنفي أي من هذه المكونات".
هنالك دليل آخر على أن قرنق ينظر إلى مسالة الصهر باعتبارها مسالة مستقبلية ،ويضرب مثلا بذلك "لواء السودان الجديد" ،كبوتقة قادمة،يقول في ذلك:
وقد كونا هيكلا جديدا أسميناه "لواء السودان الجديد" و هو ينسجم تماما مع وصف البوتقة التي تنصهر فيها كل قوميات السودان.هذه هي الكيفية التي نطور بها أوضاعنا.الآن كل فصائل التجمع الوطني تحمل السلاح كما نوهت إلى ذلك آنفا.فهناك جيش تحرير الأمة التابع لحزب الأمة، قوات الفتح التابعة للحزب الاتحادي الديمقراطي،قوات التحالف السودانية ، قوات البجة وقوات ا لتحالف الفيدرالي وغيرها من القوات و التي ستنصهر جميعها في جيش السودان الجديد.
ص 90.
لا ينظر جون قرنق إلى الهوية السودانية باعتبارها ناتجا محليا للفضاء السوداني فقط ،وانما يفتحها على عامل خارجي آخر مهم هو التأثير الحضاري على هوية السودان. ويشر ح قرنق مفهومه للهوية من خلال معادلة رياضية:
ولأولئك الذين يميلون نحو منهج علم الرياضيات،إذ أردت أن أعرف السودان فسأقدمه في شكل معادلة رياضية بسيطة كالآتي: س= (أ+ب+ج)،حيث (س) هي السودان أو الهوية السودانية وهي دالة مرتبطة بالمتغيرات أ،ب،ج.أ يمثل التنوع التاريخي ،ب يمثل التنوع المعاصر و ج يمثل تأثيرات الحضارات الأخرى علينا،فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة إنما في مجتمع إنساني .أما المتغير الثابت (س)، والذي يمثل الهوية السودانية، فهو المحصلة النهائية لهذه المتغيرات أو المكونات.
ص 81.

*العولمة:
يفتح قرنق مفهوم الهوية السودانية على عامل آخر هو عامل العولمة،فهو يرى ضرورة اقامة وحدة بين شعوب وادي النيل .يقول في ذلك:
ثم يقول :
ونحن على ثقة تامة بأننا سوف نحقق هذه الوحدة و سنصبح دولة عظيمة،كما إننا سنتلاحم مع شعب مصر وكل شعوب حوض النيل حتى نخلق سوقا كبيرة.و يشكل شعب مصر إضافة إلى باقي سكان حوض النيل والذي يبلغ مجمل سكانه حوالي 250 مليون نسمة مما يجعلها سوقا كبيرة تعزز تطوير و تنمية المنطقة ورفع معدلات رفاهية شعوبها و مستوى معيشتها تدريجيا.
ص 196.
ويرى قرنق أن وحدة شعوب وادي النيل بالغة الاهمية لعلاقتها بموضوعة العولمة والتكتلات الاقتصادية ،يقول عن أثر العولمة على شعوب العالم:
نحن نحتاج لتمكين هذه الوحدة حتى نصبح دولة عظيمة، وشعبا عظيما و حضارة عظيمة، ونتواصل مع الحضارات الأخرى، ومع الشعوب الأخرى خصوصا شعوب وادي النيل والتي تجمعنا معها روابط تاريخية منذ الأزل.العالم يقترب من بعضه،وهو يتشكل من أسواق و تكتلات مثل الاتحاد الأوروبي والذي يطلق عليه الأوروبيون الآن "البيت الأوروبي"، في الولايات المتحدة و أمريكا اللاتينية يخلقون سوقا واسعة ،و يفعلون نفس الشيء في دول آسيا ،حتى أولئك الذين لا يجمع بينهم شيء مشترك أضحوا يقتربون من بعضهم البعض لكي يخلقوا لأنفسهم قوة تنافسية في المجال العالمي ، ونحن في وادي النيل نتمتع بفرص أفضل، نسبة لما بيننا من روابط تاريخية تتيح لنا أن نؤسس مجتمعا رحيبا. ولكن، لكي يكون لنا نصيب في بناء هذا النموذج فإنه من الضروري لنا في السودان أن نرتب بيتنا من الداخل أولا إذ لا يمكن، دون ذلك، أن نسهم و بيتنا في حالة اضطراب".ص 82.
لكن وحدة "وادي النيل"لا تتحقق إلا برتيب البيت السوداني من الداخل.
و في مكان آخر يتحدث عن ضرورة "ترتيب البيت" أولا قبل الدخول في أي وحدة:
بعد ذلك –بعد أن نكون قد قبلنا بعضنا بعضا-يمكن أن نطمح إلى وحدة أرحب، مجتمع أوسع، أي وحدة مع مصر على سبيل المثال، وبعد ذلك تشمل كل وادي النيل، لكن يجب علينا أن نرتب بيتنا من الداخل في السودان أولا.
ص
144
تأسيس هوية سودانية ،في منظور قرنق مرتبط بدولة جديدة،تمثل وتحترم التعدد والتنوع الثقافي الباذخ والمعقد في السودان.يقول الواثق كمير في مقدمته ، ملخصا فكرة قرنق عن العلاقة الوثيقة بين دولة المواطنة وقدرتها على استيعاب التعدد الثقافي في مختلف أوجهه:
يطرح هذا الكتاب في مجمله صورة شاملة ومتكاملة لرؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان لقضايا السودان الأساسية في سياقها التاريخي والمعاصر وتصورها للحلول السياسية التي ستمهد الطريق لسودان جديد موحد وبناء دولة Nation -Stateمواطنة
حقه قابلة للتطور و الاستمرار ولها القدرة على استيعاب تنوع البلاد العرقي والإثني والثقافي و الديني
ص ص 59-60.



هوامش :
جون قرنق-رؤيته للسودان الجديد و إعادة بناء الدولة السودانية-تحرير وتقديم د.الواثق كمير-رؤية للنشر والتوزيع-القاهرة –الطبعة الأولى -2005.
**ورد في تقرير أعد على أعتاب الاستقلال أن السودان يتكون من 570 قبيلة تنقسم إلى 56 أو 57 فئة اثنية على أساس الخصائص اللغوية والثقافية والاثنوغرافية و تتحدث 114 لغة منطوقة منها المكتوبة، 50 منها في جنوب السودان. هذه المجموعات الاثنية الـ 57 أعيد تجميعها في ثماني مجموعات رئيسة 39 % عرب أو من أصول عربية، 30 % جنوبيون أو من أصول أفريقية، 12 % بجة، 15 % نوبيين، كما أن هناك مجموعات أخرى مثل الفور والنوبا والأنقسنا والأجانب المولدون قد تم تصنيفهم ضمن المجموعات أعلاه. 51 % يتحدثون اللغة العربية، 49 % يتحدثون لغات ولهجات أخرى و60 % مسلمون، 10 % مسيحيون، 30 % وثنيون وأصحاب ديانات أفريقية مختلفة.
وقد تم تقسيم المجموعات أعلاه إلى مجموعتين ثقافيتين رئيسيتين هما الشمال العربي المسلم والجنوب الأفريقي ذو القيادة المسيحية. (1)

http://www.arkamani.org/vol_3/anthropology_vol_3/atifaage.htm
لا يتحدث الأستاذ عاطف عبد الله قسم السيد عن البدائي النبيل وإنما عن الأفريقي النبيل كما في قوله متسائلا:
ما هي مكونات الشخصية السودانية؟ ما الذي يميزها عن سواها؟ ما هي الخصائص المادية والروحية التي جمعت السودانيين ووحدتهم، أو تلك التي فرقتهم وتصالحوا وتحاربوا من أجلها لأكثر من نصف قرن؟ ما هو تأثير الإسلام والعروبة في تلك المكونات؟ وما هي المعالجات التي طرحتها وجهات النظر المتباينة في مسألة الهُوية الثقافية؟ على ماذا يا ترى استندت ثقافياً ثنائيات (الغابة والصحراء) و(الحراز والمطر) و (رجل سنار والأفريقي النبيل)؟
http://www.arkamani.org/vol_3/anthropology_vol_3/atifaage.htm

Post: #498
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: بدر الدين الأمير
Date: 12-31-2006, 09:45 PM
Parent: #487

المشاء وحيدر

يامن تعرفون كيف تختلفون والماذا تتفقون

تجمعنى على مدى خمسة عشر سنة علاقة وطيدة جدا

باابى فى المعرفة الاستاذ النور عثمان ابكر هنا فى الدوحة

وكم وكم سهرنا وتجادلنا طويلا عن ابا دماك والغابة والصحراء

وكما تعلمون وقد لايعلم البعض هنا ان مسمى الغابة والصحراء

من ابتدعه هو الاستاذ النور عثمان ابكر وحين سالته عن مضامين

هذا المسى عنده أجاب (السودان جغرافيا هو غابة وصحراء والسودان

بشريا هو زنج وعرب يعنى غابة وصحراء ولو عرفنا نخلق ماهية التعايش

بينهما ح يكون هناك السودان الذى يحلم به كل منا

Post: #499
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-01-2007, 01:42 AM
Parent: #498

شكرا صديقنا بدر الامير على كلامك القيم حول النور عثمان ابكر
نعود لما قال به الفيا بخصوص مساهمة لطيف ا لتي لم تنشر بعد.
أحب ان انوه ان اشارتي الى تراجع لطيف عن رايه في المجذوب،
قد يكون مقدمة لتراجع فكري نفدي آخر حول الغابة والصحراء خاصة ان المجذوب هو الأب الروحي للغابة والصحراء.
وقد اشار لطيف في دراسته التي اشرنا اليه سابقا الى ملخص مهم لما سيقول به عن الغابة والصحراء،
حين قال:
Quote: : "فاوالية هذه الثنائية الضدية التي كانت تشتغل شغلا حقيقيا في الوجود هي التي صاغت ذلك التاريخ ا لمدنس.

ننتبه إالى أن الثنائيات (أفروعروبي ) أو (عربي\أفريقي) هي طالعة من الخطاب الثقافي ولم تطلع من مصادر الوجود المعاش
.
أما منسوب قبليا\سودانية) فهي قد طلعت علينا من ممارسة وجودية معاشة وفي لغتهم اليومية آنذاك

Post: #494
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 12-31-2006, 07:26 AM
Parent: #1

الاعياد مباركة عليكم جميعا
ربنا يحقق اماني الجميع ويفسح في الايام ويبدل الحال باحسن حال

الشكر مجددا لحيدر ميرغني والتحية لجميع المساهمين والمتابعين

Post: #495
Title: Re: عبد اللطيف الفكي ورد الاعتبار للغابة والصحراء !
Author: Agab Alfaya
Date: 12-31-2006, 07:49 AM
Parent: #494

كتب الناقد والاكاديمي المعروف الاستاذ عبداللطيف على الفكي :
Quote: فقد فرغت من دراسة طويلة تجمع عبدالحي والنورابكر ومحمد المكي ابراهيم في اعادة الاعتبار لمساهمات مدرسة الغابة والصحراء التي كانت رائدة في فهم ايجابي لهوية الثقافة السودانية.

ورد هذا الكلام على لسان عبد اللطيف الفكي في 20/11/2003
وذلك عقب انضمامه مباشرة الى عضوية المنبر الحر
وقد فات علي ان اشير الى ذلك عندما احالنا الخواض الى مقالة عبد اللطيف في نقد جنوبيات المجذوب .
وكنت قد رددت عليه وقتها بقولي :
Quote: الف مرحب للمرة الثانية بعبد اللطيف علي الفكي
تجدني في شوق للاطلاع علي هذه الدراسة. فكما تعلم لقد كان رد الاعتبار
للغابة والصحراء احد اهتماماتي في الفترة الاخيرة


Re: عبداللطيف علي الفكي يكتب عن البنيوية في رده على محمد المكي ابراهيم

نجدد رجائنا بالاطلاع على هذه الدراسة التي يقول عبداللطيف انه فرغ منها منذ ذلك التاريخ ؟


Post: #496
Title: Re: عبد اللطيف الفكي ورد الاعتبار للغابة والصحراء !
Author: osama elkhawad
Date: 12-31-2006, 11:07 AM
Parent: #495

عبد اللطيف علي الفكي عضو في هذا المنبر ،
وله اذا أراد ان يرد على طلب الفيا
لكن من الواضح ان عبد اللطيف في مقاربته الاخيرة التي اشرنا اليها،
والتي نشرت في مجلة احترام الالكترونية في منبر سودان فورل،
انه قد أعاد النظر الى فهمه لجنوبيات المجذوب،
و قام بنقدها ،
في المقاربة التي قام بها،
و التي نرى انها تصب في حدود فهمنا ،
تصب في الاشارة الى ان المجذوب نظر الى الجنوبي باعتبارها منقطع النسل،
وهذا ما يصب في اطار النظر العربسلامي للجنوبي باعتباره بدائيا حقيرا.
و الاشارة الى الطرب تصب في ذلك المنحى ،
واحتفاء المجذوب بالجنوبي مرتبط في مكان آخر بالبدائي النبيل، من خلال الاشارة الى الطرب الافريقي.
محبتي
وساحاول ان اعود الى ما قال به قرنق عن التأثير الحضاري في علاقته بسمالة الهوية،
وهذا ما يجعل من الهوية امرا متحركا،
و هو ما يدخلنا في باب آخر من ابواب النظر الى الهوية،
وسنعود الى ذلك كان الله هون
المشاء

Post: #497
Title: Re: عبد اللطيف الفكي ورد الاعتبار للغابة والصحراء !
Author: Agab Alfaya
Date: 12-31-2006, 03:08 PM
Parent: #496

نقد "جنوبيات " المجذوب ليس نقدا للغابة والصحراء لان المجذوب عندما كتب هذه القصائد لم تكن هنالك غابة وصحراء اصلا وبرغم ان قصائد المجذوب كانت ملهمة لشعراء الغابة والصحراء الا انهم اول من انتقد هذه القصائد انطلاقا من مفهوم البدائي النبيل وذلك باعتراف الدكتور عبد الله على ابراهيم نفسه . الا ان هذا النقد – على فرض صحته – فهو جزئي عارض ، لا يلغي ايجابيات هذه القصائد ولا يجرد المجذوب من الريادة والفضل في ادخال انسان الجنوب الى معادلة الهوية السودانية والاقرار بالعنصر الافريقي في هذه الهوية . ولا اريد ان اكرر ما سبق ان قلته في هذا السياق فالتكرار ابغض الاشياء الى نفسي .
اذن ان نقد عبد اللطيف الفكي لقصائد المجذوب لا ينسحب ولا ينبغي ، على مجمل مساهمات الغابة والصحراء التي وصفها بالايجابية ولكن يبدو ان له أسباب اخرى جعلته يحجم عن نشر هذه الدراسة التي اعلن انه اعاد فيها الاعتبار الى الغابة والصحراء . ونتسآءل مرة اخرى : هل نطمع في ان ترى تلك الدراسة النور ؟؟!!!

ربما تكون لي مداخلة اخيرة حول : "مفهوم الوطن بين جدلية التعدد الثقافي والثقافة الجامعة "

Post: #500
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-01-2007, 03:32 AM
Parent: #1

نرحب بالاستاذ بدر الامير وكل سنة وانتم خير
جاء في مداخلة بدر :
Quote: مسمى الغابة والصحراء

من ابتدعه هو الاستاذ النور عثمان ابكر وحين سالته عن مضامين

هذا المسى عنده أجاب (السودان جغرافيا هو غابة وصحراء والسودان

بشريا هو زنج وعرب يعنى غابة وصحراء

التحية لاستاذنا النور عثمان أبكر ونتمني له مع اطلالة العام الجديد دوام الصحة والعافية
وله مني سلام خاص ،
صحيح ان تسمية الغابة والصحراء تعود الى النور عثمان وقد اكد استاذنا محمد المكي ذلك في مذكراته عن الغابة والصحراء التي انزلنا نصها هنا .
والتسمية كانت ابتكارا عبقريا نابعة من الواقع المعاش السكاني والجغرافي (الديمغرافي )
انها حقيقة تمشي على رجلين وليس مجرد خطاب ثقافي . وكنت قد وصفت ذلك بالقول :

"الغابة إشارة إلى العنصر الأفريقي والصحراء إشارة إلى العنصر العربي . وذلك للدلالة على ذلك التمازج الثقافي والأثني .
ولعل من دلائل التوفيق على حسن اختيار هذه الصيغة الرمزية أن تعبير ( الغابة والصحراء ) لا يتطابق فقط مع توزيع المناخ الجغرافي في السودان بل يكاد يتطابق مع التوزيع الديمغرافي للسكان . فالمعروف أن مناخ السودان يبدأ في التدرج من مناخ صحراء في الشمال ثم يتحول إلى شبه صحراء ثم سافنا فقيرة وأخرى غنية في الأواسط إلى أن ينتهي عند الغابات المدارية في الجنوب . وبذات القدر نجد السكان يتوزعون على هذا النحو إذ نجد العنصر العربي غالب في الشمال مع بعض الاستثناءات ثم يبدأ في التقلص كلما اتجهنا مع بعض الاستثناءات أيضا إلى أن ينتهي إلى غابة العنصر الأفريقي الزنجي في الجنوب ."

من مقال : جماليات الثقافة السودانية - مجلة العربي - اكتوبر 2004

Post: #501
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 01-01-2007, 05:42 AM
Parent: #500

فى ملامح النور عثمان أبكر تختبئ الغابة والصحراء فتجذبك فصاحة الصحراء فيه وبلاغتها وسحر بيانها ورونقها وتدهشك الأفريقيه فى عنجيته لا عنجهيته وربما تكسل فيه السن ورطانات ولكنه يطرب إذا عزفت فى حضرته طبلا كانت أو وترا فالنور ذلك الدقيق الملامح الفاره الفارع خطف من الأفريقيه أروع مافيها ومن العربيه أبدع ما فيها خطف ملامح العنج من العنج وسحر الشنفرى من لسان العرب فهو أجدر بان يكون الخلاسى الخاص لذا آوته عروش الخواص ليكون لسانانيا لها لا عليها فللنورالتحايا وللأمير والفيا التهانى بالعيد السعيد



منصور

Post: #502
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-01-2007, 06:04 AM
Parent: #501

الاديب الاريب /منصور المفتاح
علينا وعليك يتبارك العيد وعلى الغابة والصحراء يمتد وشاحا ويتوهج فرحا ووعدا وتمني ،
والتحية مجددا لاساتذتنا الاجلاء النور عثمان ومحمد المكي
وسلام على ، محمد عبد الحي في الخالدين .

Post: #503
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: بدر الدين الأمير
Date: 01-01-2007, 06:43 AM
Parent: #501

المشاء حيدر منصور وكل المتداخلين والمتصفحين

كل الاعوام وانتم بخيرين وزيادة

جد قد احزننى عجزى عن التداخل معكم منذ بدء الموضوع

ومن العسير عليا اتداخل معكم الآن حتى على مستوى مجردالمعلومة بعد مافاتنى الفاتنى

وزى مابقول استاذنا نبيل النبلا الدكتور اسماعيل على الفحيل

عالم الانثر بولجى :قاتل الله الوظيفة انها تمسك بتلابيبنا) المهم حتى الامس

شيخى النور لا يعلم شىء عن نبعكم هذا وحين هاتفنى معيدا بالامس بعد دقائق

من داخلتى اخبرته وانا ضاحكا انى الان كتبت كذا000 شتمنى ياكلب انا مش قايليك

انى رجل على ابواب السبعين من العمر ولم ازل موظف وكلمتك ان تنبهنى على الاشياء

التى تستحق المتابعة وكان عزرى ايضا انشغالى فى الفترة الماضية بسبب الوظية

المهم هو يبلغكم جميعا تحياته وتقديره 0 اعتزر بشدة للتطويل وبسأل فى الختام

هل وصلكم كتاب النور عن الفور وديارهم الذى ترجمه من الالمانية قبل ان تتفجر مشكلة

دار فور

ولكم اجزيل تقديرى على تتلمذى معكم هنا

Post: #504
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 01-01-2007, 07:02 AM
Parent: #503

بدر السمح

دي عيدية عديل..

أو هكذا خيَل لي

البوسـت في تهاديه نحـو النهايات الجميلة (كما ذكـر حـراَسه الخـواض والفيا) تقوم تجينا بسيرة

النور والنوار زاتو.

ليتك تستنطقه أو تستكبه لنا

تحياتنا له

Post: #506
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 01-01-2007, 04:50 PM
Parent: #504

Quote: هل وصلكم كتاب النور عن الفور وديارهم الذى ترجمه من الالمانية قبل ان تتفجر مشكلة [/QUOT]

لم يصلنا

وهل تم نشر الكتاب في موقع اليكتروني؟

Post: #515
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-06-2007, 00:20 AM
Parent: #500

عزيزي محمد
كل عام وانت بخير
البوست "مصطك" منذ زمن
وما زالت اماك الفرصة للمساهمة
محبتي
المشاء

Post: #505
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-01-2007, 04:31 PM
Parent: #1

" قد يكون الفرد منا عربياً او افريقياً او سودانياً (بمعنى اعترافه بالهجنة والاختلاط في أصوله العرقية) ولكننا نحمل سحناً متقاربة في الغالب الأعم وعلى ما فيها من التنويع الشديد الا ان هنالك ما يجمع بينها وهو ذلك الشيء الغامض الذي يجعل السودانيين يتعرفون على بعضهم البعض في المهاجر ويهتدون الى بعضهم البعض بما يسمونه (الدم السوداني) وهو نوع من الحدس الصائب يميزون عن طريقه بعضهم البعض عن الاريتريين والأثيوبيين والنوبة المصريين والغوارنة في الأردن والجيزانية في السعودية والبصراوية في العراق والأطياف الاثنية المتنوعة لأهل الكاريبي والأفارقة الأمريكيين.
ويعمل ذلك الحدس بطرق بالغة الغموض لا سبيل الى فك شفرتها السرية وتصنيفها. ومع ذلك فان الثقافة المشتركة هي وسيلة من وسائل عمل تلك الحاسة من حواس الاستشعار. والذي نسميه (الدم السوداني) ربما كان طريقة اللبس او طريقة السير او تصفيف الشعر أو طريقتنا في تحريك أعضاء الجسم. نعم لدينا ثقافة مشتركة تميزنا الى هذه الدرجة عن الآخرين، وسواء رضينا ام أبينا فقد أفرزت معيشتنا في هذه الأرض ثقافة سودانية تحتل رقعة كبيرة من أرض الوطن وأرواح أهله وهي رقعة تتزايد باستمرار ولكن ذلك ليس بفعل الهيمنة مقابل التهميش وانما بمزيد من الالتحام والتناغم بين ثقافات الاطراف وثقافة المركز."


محمد المكي ابراهيم
من مقال : "أربعون عاما من الغابة والصحراء "




http://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147506274&bk=1

Post: #507
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: تبارك شيخ الدين جبريل
Date: 01-01-2007, 04:56 PM
Parent: #505

شباب! بالغتوا!

ستة صفحات وما تقولوا اىّ حاجة؟

كل سنة وانتوا طيبين!

(بعدين يا عجب الفيا الكلام دا أصالة عن نفسى وليس نيابة عن ع.ع.ابراهيم)

ومافى زول يرد لى لأنو بصراحة البوست دة لو ختوا لى فيه خبر امى (الله يرحما) تانى ما بفتحو!

Post: #509
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-01-2007, 05:26 PM
Parent: #507

الاخ تبارك شيخ الدين
الف مرحب بك وبرايك .

Post: #508
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-01-2007, 05:05 PM
Parent: #1

" الثقافة هي المحصلة النهائية لما انتج الناس في بلد أو جهة من عادات وقيم وفنون ولغة ومعتقدات ومنتجات ووسائط إنتاج. وثقافة بلد ما تشمل طريقة عيشه ومنتجاته ومعتقداته ولغته، وتشمل طعامه وملبسه ومعماره وفنونه وطريقته في العمل والترفيه وتنشئة الأطفال، كما تشمل الأدوات التي أبدعها أو اقتبسها من شعوب أخرى لينتج بواسطتها طعامه ومفردات حياته المادية والفنية. وبذلك المعنى فان اللغة والدين من عناصر الثقافة وليسا معادلاً للثقافة أو شيئاً أهم منها أو أقل منها، ولكن الكثيرين درجوا على اعتبار اللغة والدين عنصرين أساسيين قائمين بذاتهما وشروطهما لتحديد الهوية الوطنية لشعب من الشعوب.

ومع ذلك فان اللغة وحدها لا تعني الكثير في تحديد الهوية وأمامنا المثال الشائع عن جمهرة المتحدثين باللغة الإنجليزية من هنود وأفارقة وأمريكيين وإنجليز وايرلنديين وسكوتلانديين وعرب فان اللغة رغم ما تشيع بينهم من قدرة على التفاهم إلا أنها لا تلغي ما بينهم من أشكال الاختلاف ولا تحولهم الى أصحاب هوية مشتركة. وبالمثل لم تفلح اللغة العربية في توحيد الناطقين بها في هوية مشتركة، فغالبية الأكراد العراقيين يتحدثونها وكذلك غالبية الأمازيغ (الشلوح) في المغرب والجزائر ولكنها لم تمنع الأكراد العراقيين من الإحساس بهويتهم المميزة ومطالبتهم بالاعتراف بها وبمكوناتها فيما قوبل باستجابة حاسمة في المغرب، بينما قوبل في العهد الصدامي في العراق برفض قاد الى قتال دام طويل بين العراقيين العرب والعراقيين الأكراد.

ولقد كانت اللغة والدين موضع تركيز شديد في عصر انتشار الدعوة الى القومية العربية والتفاسير التي حشدها أنصارها للتعريف بمفهوم الأمة كمجموعة من البشر تجمعها لغة مشتركة ودين وتاريخ ومصالح مشتركة وهو تعريف واسع فضفاض يقفز فوق تفاصيل مناقضة في الواقع المعاش، إذ إن لأمة العرب أكثر من دين وأكثر من لغة وأكثر من تاريخ وفيها تنوع اثني ومصالح متعارضة ويقتضي ذلك تضييق ذلك التعريف الواسع الى ما يسميه المناطقة العرب القدماء بالتعريف الجامع المانع، أي ذلك الذي يقدم الشيء كله (يجمعه) والشيء وحده (مانعا) ما عداه من مشاكلته. ويقتضي ضبط المفهوم استبعاد عناصر عديدة من النطاق الأممي وحصر الدعوة (ولو مرحلياً) في بؤر عربية شديدة التركيز وذلك ما لم تكن تقبله التيارات القومية على أيام سطوتها واشتداد غلوائها.

يبدو أننا ورثنا عن تلك الأيام المبالغة في دور اللغة والدين على حساب الثقافة أو بالأحرى فرز هذين العنصرين من مكونات الثقافة ووضعهما بمعزل عنها وكأنهما فوقها أو تحتها أو الى جانبها. وكيفما فعلنا فان الخطأ ينشأ عن محاولة العزل هذه فلا وجود للثقافة دون دينها ولغتها وبنفس الوقت لا يصلح الدين المجرد واللغة المجردة كمحددات لهوية لشعب من الشعوب. والواقع أن تجريد الدين وجعله وسيلة للممايزة بين الناس هو دعوة للتعصب والشطط ليس فقط بينك وبين العالم الخارجي وإنما بينك وبين بقية أبناء أمتك الذين لا يعتنقون دينك أو الذين لا يقبلون تفسيرك للدين. وتلك حقيقة لا يحتاج إثباتها إلى كثير عناء. فمن الواضح أن العنف ضد الأقباط وضد الشيعة وضد المارونيين كان (ولا يزال) أقوى بكثير من عنف المسلمين ضد الأوروبيين والأمريكيين.."

محمد المكي ابراهيم

من مقال : أربعون عاما من الغابة والصحراء

Post: #510
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-03-2007, 07:43 AM
Parent: #508

عزيزي حيدر
تحدثت عن نهايات البوست،
و اعتقد ان هذا البوست من البوستات القليلة التي وصلت الى نهاية باتفاق الجميع
كنت اود المواصلة في الحديث حول طرح قرنق عن التاثير الحضاري ،
وهذا ما يجعل الهوية امرا غير ثابت و يتحرك دائما في اتجاه التأثر ب ،
و التأثير في العوامل الخارجية،
كان رواد الافرو عروبية يبحثون عن الهوية في الماضي،
وقرنق لا يعترف بانصهار على المستوى القومي،
و انما يعتقد ان ذلك الانصهار هو مشروع مستقبلي.
كماأنه تحدث عن التأثيرات الحضارية،
وهي عوامل ذات تأثير كبير في زمن العولمة.

فهو يرى المصهر مشروعا مستقبليا ضمن ضمانات معينة،
واهمها دول المواطنة.
وقد عدلت عن تلك المقاربة ،لانني انوي نشرها ضمن نقاشي لمفهوم حسن موسى الباطل عن انه غربي من نوع فريد.
وهو كلام بائس ،ويصب في مصلحة الغرب المستبعد في بعض جوانبه لاطراف اخرى في العالم تنشئ حداثات اخرى ،
غير غربية.
في الاصل ان جوهر ما قلت به في هذا البوست،
كان من المفترض ان ينشر في :
لاهوت الوردة
لذلك أكتفي بهذا القدر وسأنشر كلامي حول الهوية المركبة في لاهوت الوردة ضمن ردنا على المغلواتي و السارق الأكبر لفكرتنا التي قلنا بها في نقده حول :
توسيع مواعين الحداثة
،وقام بسرقتها،
بدون أن يطرف له جفن، المغلواتي السارق الأكبر:
حسن موسى

و في انتظار الفيا اذا ما قام بنشر مداخلته الأخيرة الموعودة أو المحتملة كما يشتم من كلامه.
محبتي للمتابعات والمتابعين والمساهمين،
نلاحظ غياب المساهمات ،وكأن موضوعة الهوية شأنا ذكوريا محضا.
ارقدوا عافية
المشاء

Post: #511
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 01-03-2007, 02:52 PM
Parent: #510

Quote: نلاحظ غياب المساهمات ،وكأن موضوعة الهوية شأنا ذكوريا محضا.


الاستاذ/ اسامة الخواض

سبق لي أن خاطبت الاخت رباح الصادق المهدي عبر اختنا لنا مهدي للمشاركة في النقاش حيث سبق ان

قرأت لها مساهمات جيدة حول مدرسة الغابة والصحراء وإشكالاتها بالتحديد في صحيفة الصحافة

السودانية العام الماضي.

الرابط ادناه فيه احدى المساهمات الجيدة للاستاذة رباح عن الدكتور حسن موسى


http://alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147494506&bk=1

ولا ضير إن واصلت حول طرح الدكتور الراحل جون قرنق عن التأثير الحضاري ..

فحديثي عن نهايات البوست ليس بملزم إن كان هناك للحديث بقية

Post: #512
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-05-2007, 04:20 AM
Parent: #511

عزيزي حيدر
النقاش الاساس في هذا البوست ،
مع احتفاظنا بالتقدير الكبير لكل من ساهم في هذا البوست،
كان بيني وبين الفيا
وقد أثبت له سوء الاستشهاد من خلا ل ما أورده عن بولا
وأثبت له بطلان فهمه ،
أو قل قراءته الخاطئة لمفهوم البدائي النبيل،
من خلال نماذج متعددة من الخطاب الثقافي السوداني ،
ولم يقل بكلمة واحدة للدفاع عن اطروحاته.
ولذلك اعتقد ان البوست يجب ان يغلق الى حين عودة الفيا للدفاع عن آرائه.
قد أعود للتعليق على اقتراحك بصدد ما قاله جون قرنق.
لاحظ اننا نمدد الحوار حول رؤيتي،
بينما ان الفيا صامت،
عموما سأعلق على كلام جون قرنق حول التأثير الحضاري ،
ويبدو أن ذلك سيكون ختام البوست،
في حالة ان الفيا اكتفى بالصمت.
محبتي

Post: #513
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 01-05-2007, 09:25 AM
Parent: #512

البوست الاساسى كان بينى وبين عجب الفيا
كتب صديقنا الخواض

وعجب الفيا توقف
وعندما اتوقف انا


يتوقف البوست

منطق غريب

Post: #514
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: عبدالله الشقليني
Date: 01-05-2007, 10:24 AM
Parent: #513

الأحباء
تحية وسلاماً
إنني أرى ( البوست ) أصبح ملفاً ،
ويستحق كثير عنايتنا بأن نُضيف عليه الجديد .

والشكر للجميع

Post: #516
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-06-2007, 04:01 AM
Parent: #1

التحية لكل المتداخلين والمتابعين
اتفق مع الصديق / محمد سيد احمد في ان هذا البوست مفتوح للجميع ولا يتحدد الاستمرار فيه بتوقف احد المساهمين .
وهنا احب ان اذكر الخواض بانه سبق وان أعلن اثناء احتدام النقاش انه لا يريد الدخول في حوار مباشر وانه يفضل ان يطرح اراءه منذ الان فصاعدا ، دون سجال ومن غير التعرض المباشر للرد على اراء الاخرين ومن وقتها توقف ان يكون الحوار سجالا بيني وبينه واصبح النقاش مفتوحا مع كل المساهميين الذين لولا هم لما وصل البوست الى ما وصل اليه وبالتالي ليس من حق الخواض الان ان يطالب الاخرين بالتعقيب علي ما يطرحه من اراء أو ان يحدد لهم متي يتوقفوا او يستمروا في رفد البوست بما يرونهم من افكار أو ان يحدد مجرى البوست في قضايا هامشية معينة او يحسم نتيجة هذا النقاش على طريقة ضربات الجزاء .

من ناحيتي لدي الكثير الذي لم اجد الوقت الكافي لانزاله ، مثلا لم اتمكن من تقديم الرد الكامل والمفصل على ورقة محمد جلال . ولا زالت اعمل على انجاز مقال بعنوان : " مفهوم الوطن بين جدلية التعدد الثقافي والثقافة الجامعة " كما لدي دراسة كاملة عن "جنوبيات المجذوب" الى جانب دراسة مقارنة بين مقالي النور ابكر وصلاح احمد ابراهيم . كذلك لدي راي مفصل حول "النقد الثقافي" الذي جرى اقحامه هنا والذي يمثل ذروة تراجعات النقد الحداثي (البنيوي والتفكيكي ) لكني رايت ان هذا ليس هو المكان المناسب للحديث عن ذلك ، على كل هذا البوست ليس هو خاتمة المطاف في الحديث عن قضايا الثقافة السودانية وغيرها من القضايا الاخرى .
اجدد شكري وتقديري لكل من ساهم معنا في هذا الخيط ولكل المتابعين والمتابعات .

Post: #517
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-06-2007, 10:45 AM
Parent: #516

كلنا في انتظار ما لم ينشره الفيا من مقالات .
كلامي حول ان يعبر كل منا بطريقته بدون الرد المباشر،
كان لمباصرة خروج الاستاد أحمد الامين عقب نقاشه مع الفيا.
لكنني من الذين يحبذون الاخذ والرد،
وهذا ما تسمح به المنابر الاسفيرية .
كلامي عن الاستشهاد هو كلام مهم لانه يتعلق بطريقة ايراد الاستشهاد،
وهذا من ابجديات البحث.
فالذي يقع في مثل هذا الخطأ له ان يراجع علاقته بالبحث.
كلام الفيا عن اقحام النقد الثقافي ليس في محله،
وله ان يعود الى كتاب نادر كاظم.
والكلام عن البدائي النبيل مهم،
لانه انطرح من جملة منظورات كثيرة:
منظور اصل المصطلح وتطوره،
وايضا من منظور هجرة هذا المصطلح الى الخطاب الثقافي السوداني.
و من ذلك نصل الى ان كلا من :
محمد عبد الحي
عبد الله علي ابراهيم
عبد الله بولا
محمد جلال هاشم
عبد اللطيف علي الفكي "بشكل موارب".
والعبد لله
قد توصلوا الى مفهوم موحد حول البدائي النبيل،
وبقى الفيا وحيدا في فهمه الخاطئ لذلك المصطلح.
وكنا نود من الفيا ان ينتقد هؤلاء الكتاب ويوضح خطل فكرتهم .
لكنه للاسف لم يفعل ذلك ،واكتفى بالصمت حول فكرة جوهرية انبنى عليها خطابه .
وفي حالة عدم اثبات خطلها ،فان الخطاب كله سينهار.
تتبقى ملاحظة اخيرة ،
كون ان الفيا لا يعرف ما هي الكنايات الثقافية،
لا ينفي انها موجودة.
وهي فكرة مهمة جدا للتحدث حول حاضر و مستقبل الثقافات السودانية،
واية كناية يمكن ان تكون مناسبة لذلك المجتمع.
محبتي
وساعود للتعليق حول كلام جون قرنق حول التاثير الحضاري،
بناء على رغبة سيد الحوش الصغير.
المشاء

Post: #518
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-06-2007, 01:03 PM
Parent: #517

شكرا حيدر على ايراد مقال رباح المهم.
نلاحظ ان حسن موسى لم يقل لمواطنيه الذين احتفلوا به انه
Quote: غربي غير اوروبي
.
وقدجاء كلامه على استحياء.
هل ياترى ان حسن موسى يتحدث للمثقفين بلسان ، ويتحدث للآخرين بلسان آخر؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل هذا انفصام آخر من انفصامات الدياسبورا؟؟
المشاء

Post: #519
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-07-2007, 09:27 AM
Parent: #518

حين اشرنا الى حسن موسى ،
كنا نريد التنبه الى مسالة الهوية التي يراها حسن مسالة اكاديمية فقط.
بينما نرى ان قرنق يعتبرها مسالة مركزية.
ولنا ان نعود الى عبد الحي حين قال في آخر حوار معه ،
لم يكتمل:
إن هذا الموضوع ،أي الهوية كاتب البوست،ليس بسيطا،
بل فيه حرب وقتال وسلاح و أناس يموتون.
لاحظ الفرق بين حسن وعبد الحي في اتجاه حساسيتهما تجاه مسالة الهوية.
ولذلك كان حسن خجلا حين ساله جمهوره عن الأثر السوداني في لوحاته.
و قد خجل أن يقول لهم انه اوروبي غير غربي.
نرجو العودة الى اللنك الذي اورده حيدر.
محبتي
وساعود للتعليق حول التاثير الحضاري الذي اشار اليه قرنق في كلامه عن الهوية باعتبارها متحركة.
المشاء

Post: #520
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 01-07-2007, 10:24 AM
Parent: #519

امس شاهدت د عبد الله فى قناة النيل الازرق ونلاحظ ان حظ د عبد الله فى اجهزة اعلام الدولة كبير وهى التى طالماحجبت قامات لمثقفين كثر
البرنامج اسمه اوراق
استضاف د عبد الله
ود خالد التجانى من الاسلاميين
وشاعر برضو من الاسلاميين اسمو محى الدين الفاتح
الحوار كان عن الشخصية السودانية واتسم بالتشتت والتبسيط تحدث كثيرا د عبد الله
وقال ان الحوار فى موضوع الشخصية والهوية اختلط كثيرا بالاجندة السياسية
وقال عند تناول الاسلام فى السودان لا يتم الالتفات لمرور 14 عشر قرنا تاثر فيها اسلام السودان
وضرب مثلا بفترة وجود الانجليز والسخرية من مدرس العربى والدين
وعن خفض الشريعة حتى حصرت فى قانون الاحوال الشخصية
عن الصوفية قال د عبد الله ان الاشارة الى الصوفية بالزهد والتعفف غير وافى لانه فى تاريخ الصوفية ايضا صراع حول الاراضى والمنافع الشخصية

يتحسر د عبد الله عن خفض الشريعة
ولا يحدثنا عندما توسعت شريعة نميرى وشريعة الانقاذ وما حدث باسمها من اضطهاد وقتل لابناء الوطن

مايهم ليس توسع او خفض الشريعة
المهم موقف دعاة تطبيق الشريعة من قضايا العدالة والمساواة وحقوق الانسان لابناء الوطن

الشاعر محى الدين
قال عندما دخل الدين للسودان وهل كان السودان جاهلا بالدين قبل دخول الاسلام
هو طبعا يقصد الدين الاسلامى لكنه العقل الباطن لا يعترف بدين فى ارض السودان قبل او غير الدين الاسلامى

و لمثل هذا الغافل تتاح المنابر الاعلامية

Post: #521
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-07-2007, 11:43 AM
Parent: #1

عزيزي محمد
سلام شديد
ما تعرض له ليس له علاقة بموضوع الغابة والصحراء.
وقد انبنى خطابك كله على مواضيع لا تخدم الحوار.
اذا اردنا الحديث عن ع.ع.ابراهيم و خطابه و مواقفه السياسية،
فهذا موضوع آخر يمكنك ان تفرد بوستا عنه.
هنا نتحدث عن مساهمة ع.ع.ابراهيم في نقد الغابة والصحراء،
كما هو معروف للجميع،
ولذلك ارجو الا نشتت أذهان القراء.
محبتي
المشاء

Post: #522
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: mohmmed said ahmed
Date: 01-07-2007, 04:24 PM
Parent: #521

نقد د عبد الله للغابة والصحراء
هى جزء من مشروعه الفكرى والثقافى
مقالات د عبد الله وحواراته الكثيرة فى الصحف واجهزة الاعلام
هى تجليات لمشروعه الجديد
لذا يمكن قراءتها بالمتصل وليس المنفصل
ومثل ما كان لك اخى اسامة فى اختيار جزئية البدائى النبيل والاغراق فيها

لى الحق فى اختيار زاوية الكتابة
وانت لست وصى على البوست والقراء

Post: #523
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-08-2007, 06:03 AM
Parent: #522

عزيزي محمد
كيفك وسلامات كثيرة
هون عليك
لست وصيا على احد،ولعبة الانترنت لا تسمح بأية وصاية اللهم الا مسائل الوقف والفصل.
غرضي هو لم النقاش.
ولك ان تواصل ما تريد ان تقول به.
مع وافر الاحترام ،
وتحياتي للعائلة .
المشاء

Post: #524
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-09-2007, 07:53 AM
Parent: #523


عموما حتى تكون الصورة واضحة للمتابعين والمتابعات.
سيكون هذا آخر بوست لي في انتظار مقالات الفيا ،
و المداخلات الأخرى .
كلامي عن الكنايات الثقافية في خطاب جون قرنق ،
تدعم ما قال به ع.ع.ابراهيم ،حول ان الجنوبيين ينظرون بريبة الى مشروع الافروعربية.ولذلك نجد ان جون قرنق لم يتحدث عن اية بوتقة او انصهار ثقافي يمكن ان يشكل نموذجا يمكن ان يحتذيه ،
ولذلك كان الانصهار عنده ,بمحاذير اشرنا اليها في تراوحه بين البوتقة وقوس قزح،
كان الانصهار مشروعا مستقبليا،ولم يحدث في الماضي كما يرى ممثلو الثقافة العربسلامية .
وقد أشار ع.ع.ابراهيم الى استرابة الجنوبيين حول مشروع المصهر الافروعروبي،
حين قال:
Quote: فقد تلزم الجنوبيين ضرورات التساكن القومى إلى اكتساب اللغة العربية أو عادة عربية إسلامية . غير أنهم سيقاومون كل ميل لجعلهم يتبنون النسبة العربية المقترحة من قبل الأفروعربيين إلى جانب نسبتهم الأفريقية المؤكدة . وستبدو لهم الدعوة إلى إعادة إنتاجهم ، عبر التمازج الثقافى كطبعة لاحقة لانسان سنار ، نوعا من الغش الثقافى لا الحوار . فالجنوبيون محاذيرهم كثيرة ، الصادق منها والمخترع ، حيال عرب الشمال . وهذه المحاذير واضحة في دلالات الازدراء والمقت التى تجرى بها كلمة عربى على ألسنتهم . بل إن بعضهم لايزال يحدس أن أفضل المخارج لمسألة السودان أن يحزم عربه حقائبهم ويقطعوا البحر الأحمـر . وهذا اعتقاد بعيد بما لا يقارن مع النسبة الجزئية إلى العرب التى تقدمها لهم الأفروعربية .

هذا آخر بوست لي ،
وساواصل الكلام حول الهوية المركبة في :
لاهوت الوردة
محبتي للك.
المشاء

Post: #525
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-10-2007, 07:27 AM
Parent: #524

????????????????????????

Post: #526
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-13-2007, 08:21 AM
Parent: #525

مازلنا في انتظار المقالات الموعودة.
فقط أحب أن اعلق على ما فاتني ،من كلام الصديق :
محمد سيد أحمد
حين قال:
Quote: ومثل ما كان لك اخى اسامة فى اختيار جزئية البدائى النبيل والاغراق فيها

لى الحق فى اختيار زاوية الكتابة

موضوع البوست هو عن علاقة ع.ع. ابراهيم بالغابة والصحراء ،
من خلال مقاله الكوبرنيكي :
تحالف الهاربين
ولذلك فالنقاش محصور في هذه المسالة.
وهي ليست مسألة هينة،كمايرى البعض.
و تركيزي على :
البدائي النبيل
كان يهدف الى كشف القراءة الخاظئة للمصطلح.
محبتي
المشاء

Post: #527
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: Agab Alfaya
Date: 01-13-2007, 08:38 PM
Parent: #1

موضوع هذا البوست كما هو معروف للجميع وكما هو ثابت اعلاه الحوار الذي اجراه عيسى الحلو مع الدكتور عبد الله على ابراهيم وياخذ هذا الحوار اهميته من ان الدكتور يعلن فيه ربما لاول مرة انه كان يحمل فكر الغابة والصحراء ومن هنا كان اختيار الاخ حيدر لعنوان البوست . لكن عظم ظهر هذا الحوار هو قول الدكتور انه تخلي عن الغابة والصحراء عندما تكشف له ان القول باختلاط السودانييين بالدم الافريقي والثقافة الافريقية ،مؤامرة مدسوسة دسها المستشرقون الذين كتبوا عن تاريخ وانسان السودان . وهو كلام اقل ما يقال عنه انه يثير الشفقة ! ولا يخفف من اثارته للشفقة باية حال تعلقيه على شماعة البدائي النبيل ! ولا اريد ان اكرر ما سبق ان قلته في هذا السياق .
اما عن المقالات والدراسات التي اعلنت انني بصدد الاشتغال عليها ، فهي جزء من مشروع متكامل اعمل عليه منذ فترة ونشرها ليس بالضرورة مرتبط بهذا الخيط . سوف انشرها حال الفراغ منها وفي الوقت والمكان المناسبيين ووفق تقديري الشخصي .
وبهذا اعلن عن انتهاء مساهماتي في هذا الخيط ولا املك الا ان اجدد الشكر والتقدير للاخ الاستاذ حيدر حسن ميرغني الذي اتاح لنا هذه الفرصة والشكر اجزله لكل من ساهم بالنقاش والمداخلات وللاصدقاء القراء المتابعين خالص الود والتقدير .
عبد المنعم عبد الله عجب الفيا

Post: #528
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-14-2007, 08:08 AM
Parent: #527

فوق
وسأعود الى التعليق على كلام الفيا حول ان ما قال به هو الكلام الأخير،
مثلما قلت انني ما يمكن أن اضيفه في حدود الحوار .
و أرجو من المشاركين في هذا البوست ان يوضحوا رأيهم ،
حول قفل البوست ،في حالة انعدام مساهمتهم،
حتى نقوم ،
أو بل الأحرى ان يقوم صاحب الحوش الصغير بقفله.
و أعتقد ان هذه سابقة لم تحدث في الاسافير،
اذ اننا بعد ذلك،
سنترك الحكم للقارئ ،
وللحركة الثقافية السودانية في المقام الأول.
شكرا للجميع كتابا و متابعين ومتابعات.
وسأعود لقول كلمتي الاخيرة.
المشاء

Post: #529
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-15-2007, 08:34 AM
Parent: #528

أحب أن اوجه كل التقدير لصاحب الحوش الصغير الصديق حيدر ،
ولكل المشاركين الذكور بدون فرز،
ولكل الاناث اللواتي لم يشاركن هنا،
و قد اضاف لي البوست كثيرا في رفد ما كنت اريد ان اقول به سلفا،
و ارجو ان تتاح لي الظروف لتحويل مساهماتي هنا الى كتيب حول الكنايات الثقافية.
كان البوست فرصة لا ختبار فرضية "المصهر " او "البوتقة " التي اقترحتها الغابة والصحراء،
مع تقديرنا الكبير لانجاز الغابة و الصحراء في الخطاب الشعري ،
و اسهاماتها المقدرة،
لكن اربعين عاما تجعلنا نتساءل عن قيمة كناية ثقافية مثل المصهر ،
والتي اقترحتها الغابة والصحراء كحل لاشكالية الهوية في السودان.
وكما رأينا في مقاربتنا لخطاب جون قرنق،
فان المصهر ككناية تظل حلما مستقبليا،
وهي الى الان تمثل خطاب العربسلاميين،
ولا تكفي لحل مشكلة الهوية.
وكما اثبتنا فان المجتمع الامريكي مخترع المصهر لم يتمكن من انجاز ذلك،
وكذلك المجتمع الكندي، و المجتمع الفرنسي والاسرائيلي،
و ستظل البوتقة حلما حتى تتحقق.
وفي اطار ذلك فان رؤى مثل البدائي النبيل والبدائي الشرس الحقير،
ينبغي ان يتم نقدها في كل الخطابات.

تحياتي للجميع مشاركين ،

ومتابعات ومتابعين.
و كل عام والهوية بخير.
المشاء

Post: #530
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 01-17-2007, 09:20 PM
Parent: #529

سؤالات نقــدية «7»

الغابة والصحراء

بين النقد الأدبي والنقد الثقافي.. «1-2»

د. عبد الماجد عبد الرحمن الحبوب

من اشتراك اشترى فوح القرنفل

من أنفاس أمسية

أو السواحل من خصر الجزيرة

أو خصر الجزيرة

من موج المحيط

وأحضان الصباحية

من اشتراك اشترى

للجرح غمدا

وللأحزان مرثية

من أشتراك اشترى

منى ومنك

تواريخ البكاء

وأجيال العبودية

من اشتراك اشتراني يا خلاسية

فهل انا بائع وجهي

وأقوالي أمام الله

«محمد المكي ابراهيم»

* مدخل نظري: كيف يشتغل النسق الثقافي؟

طرحنا في المقالة السابقة، أن نقد «الغابة والصحراء» مال ميلا عظيماً جهة النقد الثقافي. والنقد الثقافي {Cultural Criticism» يترادف مع مصطلحات أخرى تشاركه كثيراً من خصائصه: التاريخانية الجديدة

«New Historicism» والمادية الثقافية {Cultural Materialiٍ» والدراسات الثقافية «ىCultural Studie» كمصطلح- مظلة

«اUmbrella Term». ولكن المصطلح المستوعب لتلك المفاهيم جميعا، والساعي باستمرار لتجاوزها هو مصطلح «تحليل الخطاب النقدي»

«ْitical Discourse Analysi» . ثمة اختلافات في ترتيب الأوليات وفي بعض الإجراءات المنهجية بين هذه المصطلحات، ولكنها جميعاً تشترك في السمات التالية:

1- لا يمكن فهم ومعالجة النصوص- أيا تكن- إلا في إطار سياقها الثقاف- اجتماعي- سياسي العام. ولكن هذه المعالجة- خاصة عند التاريخانيين الجدد- تتجاوز اعتبار النصوص مجرد بنية فوقية- شأن الموقف الماركسي التقليدي «الناقد الماركسي ألثسر «ءٌومْ» كان أول من ذهب إلى استقلالية الأدب النسبية من منظومة البني الفوقية، مساهما بذلك في وضع لبنات النقد الثقافي». وهذا يتسق تماماً مع الحقائق العلمية التى قررتها اللسانيات السوسيولوجية: جدلية اللغة والمجتمع- فنحن نشكل لغتنا «نصوصنا» مثلما لغتنا تشكلنا.

2- النص ساحة تشتغل فيها علاقات وصراعات عديدة: علاقات وصراعات السلطة « ےےےPower Struggle» بين كيانات مهيمنة وكيانات أو أفراد تابعة أو مهيمن عليها. وليس بالضرورة، ان تكون هذه الصراعات واعية لدى الذات الكاتبة- بل غالباً ما تشتغل في لا وعي منتج النص «كلمة منتج هنا تتسع للقارئ أيضاً».

3- تولى هذه الاتجاهات- جميعاً- دوراً مهماً «للمؤسسة» في تحليل وتأويل النصوص.

4- للنسق المعرفي «ِisteme» أو البنية الثقافية المضمرة دور نشط وفعّال في تكوين النص، وتاليا، لمعرفة أعمق بحركة النص. والنسق الثقافي مخاتل وماكر- في اعتقاد التاريخانيين الجدد والماديين الثقافيين ونقدة الخطاب بعامة- ويأتى من طرق عديدة وبأساليب مخادعة- كأن يتذرع «بالجمالية» ويتسلل الى النصوص الأكثر جمالا وندرة وعذوبة. وعادة ما تشكل النصوص ذات الجماهيرية الواسعة مرتعاً خصباً لهذا النسق - «الفيروس».

يحدد عبد الله الغذامي «200:77-78» أربع خصائص للوظيفة النسقية:

أ- نسقان يحدثان معاً وفي آن، وفي نص واحد أوفي ما هو بحكم النص الواحد.

ب- يكون المضمر منها نقيضاً ومضادا للعلني. فان لم يكن هناك نسق مضمر من تحت العلني فحينئذ لا يدخل النص في مجال النقد الثقافي -كما حددناه هنا- «يعني كتابة: النقد الثقافي: قراءة في الأنساق الثقافية العربية، 2000».

ت- لا بد ان يكون النص جميلاً ويستهلك بوصفه جميلا، بوصف الجمالية هي أخطر حيل الثقافية لتمرير أنساقها وإدامتها.

ث- ولا بد ان يكون النص جماهيرياً ويحظى بمقروئية عريضة، وذلك لكي نرى ما للأنساق من فعل عمومي ضارب في الذهن الاجتماعي والثقافي.

وعلى أساس هذه السمات النسقية، شكل الغذامي نقده لمشروع الحداثة العربية- خاصة في تجليها الشعري. فعن طريق -ديوان العرب- مررت الثقافة العربية احدا من اخطر انساقها: النسق القبلي الفحولي الأبوي الرافض للآخر والممجد الدائم للأنا المتضخمة. ويعتبر هذا النسق -في تحليل الغذامي- مسئولا عن صناعة الطاغية السياسي والاجتماعي الذى طبع الحياة العربية من آماد متطاولة. وعلى هذا الاساس النسقي لا يرى الكاتب فرقاً بين المتنبي وأدونيس- فكلاهما رجعي «فحولي» بطريريكي ساهم في صناعة الطاغية. وصارت الحداثة العربية- على الإجمال- حداثة رجعية بسبب طغيان هذا النسق وتمكنه من التسرب اليها عبر اكثر ممراتها أمنا. لنا عدة ملاحظات نقدية على كلام الغذامي- خاصة في جانبه التطبيقي سنوردها لاحقاً. ولكن الإشارة إليه هنا، لزمت لإعطاء صورة عن الأنساق ووظائفها والطريقة التى تعمل بها.

وحتى قبل بروز تنظير النقد الثقافي، فان النقد الأدبي لم يكن دائماً بعيداً عن عموم موجهات النقد الثقافي. ولئن كانت هنالك دائماً مدرستان -مظلتان في التحليل الأدبي: مدرسة التحليل المايكرو «Micro- level Analysi» او المدرسة الداخلية «مIntrinsic ءpproach» ومدرسة التحليل الماكرو

Macro-level Analysi أو المدرسة الخارجية

«وExtrinsic Approach»، فإن الأخيرة هي التى جسرّت المسافة بين النقد الأدبي والنقد الثقافي الحديث.

* نقد الغابة والصحراء: نموذج عبد الله علي ابراهيم

نقد الدكتور عبد الله علي ابراهيم «للغابة والصحراء» -كما سلف- يستنهج النقد الثقافي «بقربه من المفاهيم والمصطلحات التي ذكرنا».

وبالإضافة لمتن نص الورقة المنشورة ضمن كتاب «الثقافة والديمقراطية في السودان»، نورد عدداً من الملاحظات الأخرى لدعم ما نذهب إليه:

1- يبدو أثر تناصات كتاب الإستشراق «Orientaliٍ» لإدوارد سعيد واضحاً في تفكير الدكتور عبد الله علي ابراهيم في كثير من رؤاه في نقد الممارسة السودانية كما تتبدى سياسياً وثقافياً واجتماعياً. والكتاب الذى صدر أول الأمر في 1978م، ثم توالت طبعاته مذاك بلا انقطاع، كان له صدى واسع في طريقة تفكير كثير من المثقفين على مستوى العالم. وقد كان نصيب عبد الله علي ابراهيم من ذلك كبيرا- وهو القادم من قلب اليسار السوداني ومن تجربة عريضة، والآتي كذلك للنقد الأدبي من غياهب التاريخ والدرس الفولكلوري الاجتماعي. فقد ذكر مرة كيف أنه عرف «كيف استشرق الشرق بالاستشراق»- عن طريق كتاب الاستشراق لادوارد سعيد. ومعلوم ان كتاب سعيد كشف عن عيوب مركزية في خطاب تلك الأكاديمية التى عرفت بالاستشراق «الكتابة التى تناولت «الشرق» «دْىمَ» العربي- الاسلامي ءةبوصفه مادة للدراسة»- من خلال إفادته من منهجيات الدراسات الثقافية ونقد الخطاب في مستواه الفوكويوي-- نسبة لميشل فوكو وكلامه عن مركزية «السلطة» «Poweْ» في تحليل الخطاب.

Post: #531
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 01-17-2007, 09:23 PM
Parent: #530

حوار مع الفنان التشكيلي صلاح حسن جرق

من الصعب تعريف الفن الافريقي

* مدخل : الاستاذ صلاح حسن جرق مدير مركز الدراسات الافريقية والأفرو امريكية (الانيكان) بجامعة كارنيل بالولايات الامريكية المتحدة. ورئيس تحرير مجلة (الفنون الافريقية) التي تصدر عن ذات المركز. وقد جاء الاستاذ صلاح ومعه المخرج الامريكي مانثيا ديوارا إلى الخرطوم في زيارة عمل مشترك مع اتحاد الكتاب السودانيين. التقت به «الرأي العام» الثقافي واجرت معه هذا الحوار حول الجهود التي يبذلونها في المركز للتعريف بالفن الافريقي وسط الثقافة الانجلو سكسونية.

* وبدأنا مدخلنا لهذا الحوار بمجلة الفنون الافريقية.

* مجلة الفن الافريقي الحديث ، التي تصدرونها في مركز الدراسات الافريقية بجامعة كارنيل الامريكية.. ماذا عنها اجمالاً؟

- تأسست العام 1994م في مدينة نيويورك من جامعة كارنيل في مركز الدراسات الامريكية. الغرض منها هو ملء الفراغ في مجال النقد الفني الافريقي وفن المهجر الافريقي. لأن هذا هو مجال تاريخ الفنون الحديثة. لهذا شعرنا نحن النقاد ومؤرخي الفنون الافارقة أن علينا المبادرة بأنشاء مجلة تعطي الفرصة لتعكس نشاطات الفنانين الافارقة هنا ونشاطات الحركات الحداثية ومابعد الحداثية في افريقيا والمجموعات المهاجرة بسبب عهود القهر او الهجرات الحديثة ، وبالتالي تمكين الفنانين الافارقة من احتلال المكان المناسب لهم عالمياً في المعارض وبنيليهات.

* كيف هو الفن الافريقي الحديث وسط هذه التيارات الحديثة وما بعد الحديثة هناك؟

- من الصعب تعريف الفن الافريقي الحديث بسبب تعددية وتعقيد الثقافة الافريقية لكن يمكن ان نقول ان كلمة افريقيا تعني لكل مجموعة اشخاص مفهوماً ذهنياً مركباً تبعاً لأختلاف النظرة اليها. فمجلة (فنون افريقية) تعكس كل هذه المفاهيم والتعقيدات وتحاول ان تكون مفتوحة لكل التيارات.

كان في البداية ان واجهنا مشكلة التمويل ، لكن الكثير من المنظمات الثقافية والجامعات بدأت تتنبه لأهمية فتح الباب للتيارات الافريقية في الفن الحديث، وهو جزئية من انتاج المجهودات التي بذلناها لتعريف النقاد الأوروبيين في ثراء واهمية الفن الافريقي وقدرة الافارقة على الابداع.

* هل المناهج النقدية الاوروبية الحديثة وما بعد الحديثة تتلاءم وتستطيع رواية هذا الفن الافريقي؟

أدورد سعيد المفكر الفلسطيني الامريكي له مقولة مشهورة وهي أن «الحضارة الأوروبية لها أمهات كثيرات» فالفن الاوروبي والثقافة الأوروبية ليست ثقافة صافية وإنما هي نتاج هجين وتلاقح مع الثقافات الاخرى التي سبقتها والتي عاصرتها. وبالتدقيق في الثقافة الادبية خاصة ثقافة العواصم الاوروبية كباريس ولندن هي ثقافة هجين اسهم فيها مفكرون غير أوروبيين تواجدوا فيها بسبب الاستعمار والهجرة والمنفى. والمثقفون والمفكرون الأفارقة والمهاجرون ساهموا في بناء نظريات ومناهج النقدية الاوروبية الحديثة وما بعد الحديثة. فالأفارقة وذوو الاصول الافريقية أمثال «فرانزاخانون» وأيمي سيزيز وسنغور اسهموا في بناء هذه المناهج ولذلك يمكن تطوير هذه المناهج لتلائم الفن الافريقي فالغرب بسبب الاستعمار والمعاصرة لا يمكن فصله من الثقافات الأخرى. صحيح أن هنالك خصوصيات للثقافة الأفريقية ولها تاريخها الخاص ونهجها الخاص لكن نظريات الحداثة يمكن ترجمتها في كل بلد وفي كل مكان في العالم. ونحن جزء من العالم الحديث لنا وجهة نظرنا وترجمتنا وأداؤنا للحداثة ومابعد الحداثة بالشكل الذي يوائم تاريخنا وثقافتنا بدون أن نبني حوائط وعزلة عن العالم وننكفيء عن التواصل مع الثقافات الأخرى. أجمل وأغنى فترات تاريخنا كانت نتيجة للتلاقح والتمازج مع الثقافات الاخرى.

* ما هي الفائدة التي يمكن ان تجنيها الثقافة الافريقية من مثل هذه المنشورات؟

جعلها متاحة للعالم الخارجي ولكل الافارقة ويمكن أن تسهم أيضاً في تعميم الفائدة على كل المهتمين بالفن الافريقي. وهي ستسهم أو اسهمت في تطوير النقد الفني وكذلك التاريخ والتوثيق للفن الافريقي المعاصر. ونتمنى أن تكون هنالك مجلات ومنافذ أخرى.

* كان الفن التشكيلي الافريقي يؤخذ مجتزأ ويستخدم في اللوحة الاوروبية.. هل أصبح الآن فناً قائماً بذاته.. لوحة متداولة داخل الثقافة الاوروبية ولماذا؟

لقد أستخدم الفن الافريقي في بداية حركة الحداثة في مطلع القرن العشرين ضمن حركة «البدائية» والتي نتج عنها ما يعرف بحركات الطليعية في بداية القرن العشرين مثل التكعيبية والتجريدية وأنتجت فنانين مثل بيكاسو وبراك وماتيس والذين تأثروا بالفنون غير الاوروبية. ولكن هذا لا يعني أن الفنان الافريقي توقف عن الابداع فهو أنتج في الماضي وما زال ينتج وهو كان ولا زال فناناً ينتج فن قائماً بذاته والحركات الفنية الافريقية متعددة ومعقدة تعقيد أفريقيا والمجموعات التي هاجرت منها إما قسراً أو بإرادتها وأنتجت ثقافات مهجر جديدة ومتجددة بأستمرار كل الذي حدث أن أوروبا ثبتت فنها عن طريق الكتابة والتوثيق والسيطرة والصحية الثقافية.






Post: #532
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 01-18-2007, 08:58 AM
Parent: #1

يبدو ان المفتاح مصر على احياء البوست،
من خلال ايراد اراء كتاب آخرين,
و من ضمن ذلك ما ورد ،في ما نقله ،عن الدكتور الحبوب،
الآتي:
Quote:
نقد الدكتور عبد الله علي ابراهيم «للغابة والصحراء» -كما سلف- يستنهج النقد الثقافي «بقربه من المفاهيم والمصطلحات التي ذكرنا».

وسبق للفيا أن ذكر الآتي:

Quote: كذلك لدي راي مفصل حول "النقد الثقافي" الذي جرى اقحامه هنا والذي يمثل ذروة تراجعات النقد الحداثي (البنيوي والتفكيكي )


ما قلنا به عن النقد الثقافي ،هو من ضمن صميم ما قال به ع.ع.ابراهيم،
والذي استند الى خطابات ثقافيةخارج النصوص الادبية.
من ذلك نخلص الى ان الفيا ينتقد النقاد ،
بدون ان يكون له منهج نقدي،
وبدون ان يتحرى مثلا ماهوالنقد الثقافي ،
وما هي علاقته بالنقد المعاصر في تطوره,
محبتي
المشاء

Post: #533
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: munswor almophtah
Date: 01-31-2007, 06:46 PM
Parent: #532


الاربعاء31يناير2007

سؤالات نقدية.«2-3»

الغابة والصحراء « بين النقد الادبي والنقد الثقافي»

بقلم الدكتور: عبدالماجد عبدالرحمن

2- بعد تركه الحزب الشيوعي ، انفتح الدكتور عبدالله علي ابراهيم بلا حدود على تيارات الفكر والثقافة- سودانياً وعالمياً، دون ان يعني ذلك انه كان قبلا منغلقا واتخذ الدكتور رؤية ناقدة تجاه التجربة اليسارية، والسودانية برمتها صارت بشكل عام اقرب الى رؤية اليسار الجديد في اوربا وامريكا يتجلي ذلك بصورة اوضح في اصداراته الجديدة منذ منتصف التسعينات « على سبيل المثال كتابه: الشريعة والحداثة» وفي الكتاب ينتقد الدكتور ثنائية « المعهديين والغردونيين» التي ظللت المشهد التعليمي والفكري السوداني زمنا عريضا. قصدنا نقول: ان هنالك انسجاما بين نقده « للغابة والصحراء» وجملة موقفه الناقد للتجربة السودانية جميعا.

3- في حواره مع الاستاذ عيسى الحلو « الرأي العام» ، قال الدكتور عبدالله ان رموز الغابة والصحراء كانوا جيلا مفعما باليسارية السمحة وفي عبارة اخرى يصفهم بانهم اختلطت عندهم الممارسة بالتنظير وكانوا محض شوق « للوجود المغاير» هذا جيل كامل الدسم يعني بكلام آخر انهم كانوا يساريين رومانسيين لا واقعيين هذا ايضا يأتي منسجما مع رؤيته في نقد اليسار التقليدي من وجهة نظر تنزع منزع اليسار الجديد « New Left» بمنحاه الواقعي « اللا ايديولوجي».

4- كثيراً ما اشتكى الدكتور عبدالله، من هيمنة السياسي وتدخلات الكادر السياسي في التأثير على جدول اعمال الادباء . وهو بحكم انه ايضا ينتمي الى معسكر الادب « هو مسرحي وقاص ومقالي وربما شا عر ايضا» فانه كان دائما يحس بتوتر العلاقة بين المعسكرين الادب والسياسة وكون الاديب بجبلته انزع دوما نحو فضاءات مختلفة، قد لا يستحبها السياسيون، اذا فقد كان عبدالله علي ابراهيم منذ البداية ميالا جهة موقف آرثر احد مؤسسي النقد الثقافي ونقد الخطاب تعميما والمشار اليه في صدرهذا المقال وليس غريبا اذاً ان يتبنى الدكتور ابراهيم لاحقا موقف النقد الثقافي في تحليله « للغابة والصحرا».

5- لم ينكر الدكتور عبدالله علي ابراهيم القيمة الجمالية العالية والنادرة لشعر « الغابة والصحراء» سواء في ورقته الرئيسية الآفرو عربية او تحالف الهاربين» او في الحوارات والمحاضرات والمقالات العديدة التي كتبها من بعد ذلك ففي حواره المشار اليه مع الاستاذ عيسى الحلو- الذي حفز حواراً طويلاً وعميقا في موقع سودانيز اون لاين خاصة بين الاستاذين الناقدين عصام الخواض وعبدالمنعم عجب الفيا، قال عبدالله علي ابراهيم في ذات الحوار مع الاستاذ عيسى انه وصل الى رفض الغابة والصحراء لان موضوع الهوية اكثر من مجرد معادلة ثقافيةرائعة وجميلة كالذي تطرحه الغابة والصحراء وانه اكتشف تبسيطية هذه المعادلة حينما بدا ينظر في الينابيع الثقافية والنظرية والمعرفية لمدرسة الغابة والصحراء. ويمضي الدكتور معترفا بقيمتها الادبية العالية ولم انكر في يوم من الايام ان شعرها من اجمل ما تقرأ من الشعر.. بل واكاد استشهد به من غير انقطاع ولكن الشعر شئ واعذب الشعر اكذبه والمعارف حول هوية السودان التي اصبحت حربا وفداء ودما، شئ آخر « من الحوار ، بتصرف» وقد قلنا ان النقد الثقافي لا يكترث كثيرا للقيمة الجمالية للخطاب الادبي مفضلا النظر في المستوى التحليلي الكبير «Macro-level-Analysis» مستوى المنطلقات المعرفية والنظرية والفكرية والسياسية للخطاب والاستاذ الناقد اسامة الخواض الذي يشارك عبدالله علي ابراهيم في مرتكزاته المعرفية لنقد « الغابة والصحراء» يؤمن هو الآخر بجمالية شعر الغابة والصحراء حيث يقول ان الانجاز الشعري للغابة والصحراء، هو انجاز لا يمكن نكرانه بل هو من الانجازات الضخمة في الخطاب الشعري السوداني الحداثي المعاصر « سودانيز اون لاين» وباستثناء الشاعر محجوب كبلو الذي مال جهة النقد الادبي التقويمي لم يشكك احد من نقاد « الغابة والصحراء» في عذوبة وجمالية شعرها ومركزيته في الخطاب الشعري السوداني الحديث.

شكرا عريضا .. ونواصل




Post: #534
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: osama elkhawad
Date: 02-01-2007, 01:36 AM
Parent: #533

الصديق منصور
لعلك طيب
شكرا على ايراد الجزء الثاني من مقال الدكتور حول حوار عيسى الحلو مع ع.ع.أبراهيم.
فقط احب ان انبه الى نقطتين:

النقطة الاولى انه خلط بيني وبين قريبنا عصام الخواض حين قال:
Quote:
الذي حفز حواراً طويلاً وعميقا في موقع سودانيز اون لاين خاصة بين الاستاذين الناقدين عصام الخواض وعبدالمنعم عجب الفيا،

-اما النقطة الثانية فتتعلق بما ذكره عن مشاركتي مرتكزات ع.ع.ابراهيم حين قال:

Quote: والاستاذ الناقد اسامة الخواض الذي يشارك عبدالله علي ابراهيم في مرتكزاته المعرفية لنقد « الغابة والصحراء» يؤمن هو الآخر بجمالية شعر الغابة والصحراء حيث يقول ان الانجاز الشعري للغابة والصحراء، هو انجاز لا يمكن نكرانه بل هو من الانجازات الضخمة في الخطاب الشعري السوداني الحداثي المعاصر « سودانيز اون لاين» وباستثناء الشاعر محجوب كبلو الذي مال جهة النقد الادبي التقويمي لم يشكك احد من نقاد « الغابة والصحراء» في عذوبة وجمالية شعرها ومركزيته في الخطاب الشعري السوداني الحديث


لقد هدفت الى توضيح فكرة ع.ع.ابراهيم عبر توطين الكنايات الثقافية،وهي مسالة مهمة.ولقد راينا ذلك في خلط الشاعر الكبير محمد المكي ابراهيم بين ما قال به المجذوب في جنوبياته،وبين ما يقول به الخطاب الثقافي الامريكي حول الكنايات الثقافية،فليست هنالك ادنى علاقة بين الخطابين،ويتضح ذلك في قوله في حواره الاخير:

Quote: وذلك افضل ما يمكن استخدامه في الرد على القائلين بأن وحدة العرب تستدعي التماثل بين العرب. وحاليا تروج في الثقافة الأمريكية المعاصرة فكرة كفكرة المجذوب فلم تعد امريكا تنظر الى نفسها كبوتقة انصهار وانما كخلطة او كباقة من الزهور يظل قرنفلها قرنفلا وسوسنها سوسنا واقاحها اقاحا ولكنها تأتلف فيما بينها لتتكون منها باقة منسجمةالألوان والاحجام والأشكال.


,لقد اثبتنا ايضا من خلال النظر الى مفهوم جون قرنق لكناية المصهر ،التي تمثلها الغابة والصحراء،ان تلك الكناية لا تجد قبولا لدى الجنوبيين مثلا ،في قمة التجلي الوحدوي لقرنق.
محبتي يا منصور
وتحياتي للاسرة الكريمة
المشاء

Post: #535
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 03-01-2007, 01:57 PM
Parent: #534

على سبيل التحية الوداعية المؤجلة

لكل من شارك في هذا البوست

أقول لكم

شكرا







لغاية يوم باكر لو مد الله في الأجل

Post: #536
Title: Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 03-11-2007, 08:57 PM
Parent: #535

الشكر أجزله لجميع من إستدرجتهم جماليات الغابة والصحراء وإشكالاتها

ولجميع من (تاوق) عبر نوافذها المطلة على تاريخ (المدرسة) الفاتحة على (ملامحنا)

كل المنى أن يكون البوست قد حقق غرضه عبر الشهادات غير المتشابهات التي ساهم

بها عدد من النقاد والمهتمين بالشأن الثقافي في المنبر

وشكرا