مناعة شرب كوز سبيل بلادنا من شرب جاريكانات أمريكا

مناعة شرب كوز سبيل بلادنا من شرب جاريكانات أمريكا


06-06-2002, 09:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=23&msg=1080454044&rn=1


Post: #1
Title: مناعة شرب كوز سبيل بلادنا من شرب جاريكانات أمريكا
Author: Sudany Agouz
Date: 06-06-2002, 09:12 PM
Parent: #0

مناعة شرب كوز سبيل بلادنا من شرب جاريكانة أمريكا

بالأمس وأنا بمكان عملى.. كاد أن يفصل موظف من عمله لأنه شرب من جاريكانة من البلاستيك بها الماء " المفلتر" .. يظهر كان أخونا عطشان ولم يجد كوبا .. فامسك بالجاريكانة ورأسا الى فمه .. ولسوء حظه لمحه أحد الموظفين فبلغ الادارة .. فقامت الدنيا ولم تقعد .. كيف يمكن أن يقوم شخص بمثل هذا العمل المخل بآداب الصحة العامة .. وماذا لو شرب آخر من هذا الماء الملوث ..
وبينما وأنا جالس بينهم أستمع الى كل هذه التأففات .. سرحت بعيدا الى سودانى الحبيب .. وتراءت أمامى صورة زير السبيل .. وبجانبه كوز .. وهو بقايا علبة " فروتة " مثقوب بأعلاه وتتدلى منه دوبارة متهرئة من كثرة الاحتكاك .. وان دققنا النظر نجد ان الكوز قد أكل الدهر عليه وشرب .. من شرب الغادى والرائح ليروى ظمأة من الحراية القاتلة .. كنا نخرج من المدرسة .. والى أقرب سبيل .. لأن الطريق طويل ومشى الأرجل بالأميال الى أن نصل الى منازلنا .. وان تكلمنا عن الزير .. لا أود الاطالة ..
وفجأة جال بخاطرى .. منظرنا ونحن نأكل من قدح واحد مع أبناء المدرسة الداخلية .. قدح به عصيدة لونها بنى وملاح " لايوق " .. أيامها .. لا أعرف ماذا آكل .. وانما أترك يدى تنغمس من ضمن أيدى بقية الاخوان .. والآن فقط .. أود أن أتقدم بخالص شكرى وتقديرى واحترامى لأبى المعلم الفاضل الذى كان مدرسا لنفس المدرسة ونحن بجبال النوبة .. لم أذكره يوما تأفف أو عارض .. كيف يكون حال ابنه وان مرض .. لا مستشفى ولا دكتور بالقرية .. ان أكل مع أبناء الداخلية.. سيمرض .. أشكرك يا أبى لأنك كنت مثال الأب ومثال المعلم ..
ثم فى خاطرة سريعة تذكرت أيضا .. فى غرب السودان .. كانت البساطة تأخذ مجراها الطبيعى .. كان الأهالى وتحت شجرة ظليلة .. يضربون البطيخة بسكين حاد قد استله أحد الأفاضل من جراب معلق حول ذراعه.. وكل قادم يمكن له أن ينال جزءا .. وذلك بغرز أصابعه أو أظافره فى البطيخة ليقتطع قطعة وراء قطعة .. وفى لحظات تصبح البطيخة اناء مجوفا يحتوى على سائل عكر..
هذه كانت حياتنا الماضية .. قد شربنا من كوز السبيل .. وأكلنا من قدح الخشب والذى لانعلم ما به .. ودسينا أيادينا فى قرعة بطيخة أخينا الكريم ..
وها نحن بأمريكا .. هل جرى لنا شيىء ..
وددت أن أرفع يدى فى هذا الاجتماع .. لأقول .. يا أحبائى .. هناك مناعة يخلقها سبحانه وتعالى .. تسمى مناعة المحبة .. مناعة تقاسم النبقة .. وكما يقول الكتاب .. ليس كل ما يدخل الفم ينجسه وانما ما يخرج من الفم ..


والى لقاء آخر..
مع عمكم .. العجوز
أرنست أرجانوس جبران