يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!

يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!


04-04-2008, 04:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=207&msg=1241817435&rn=1


Post: #1
Title: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-04-2008, 04:41 PM
Parent: #0

يقال إذا أذنبت، فتطهَّر بالقراءة، أو بالكتابة، فالحروف الصامتة، الميتة تصرخ في ذاتك، بصوتٍ يزِنُ وعيك بك، ورحم الله ديكارت، فقد قال عنه بودلير، بأنه جعل العميان يبصرون، حين قال: (إنسَ ما شببت به من مفاهيم وآراء، ثم ألقِ نظرةً على الوجود، تلك هي نظرتك الشخصية)، فلا تناصّ، ولا تقليد، وتلك هي الأرض البكر، التي سار فيها الأفراد عبر تاريخ الإنسانية المجيد، وهم قلَّة، أكاد أحسبهم على أصابع يدي اليمنى فقط، يا ترى هل هم، سقراط، والمسيح، وموسى ومحمد ومحمود؟.

وأحياناً، أشعر بعقم القراءة، فعلام نقرأ، والكتاب الأعظم بداخلنا، ألم يستفز الحكيم سقراط حكماء أثينا، حين استخرج بأسئلته التهكمية الذكية، من صبيٍّ زنجيٍّ صغير، معارف هندسية مقعدة، أدهشت مهندسي اليونان، موقناً بأن العلم المطلق كامنٌ في القلوب؟، ولكن هل من مثير أو سؤال، أو جدوى أو منهج يحرك أعماق الأعماق ليستخرج هذه الكنوز الدفينة، (إقرأ كتابك، كفى بك اليوم حسيباً)، ألم يقل علماء النفس بأن التداعي الحر للأفكار لا ينقطع، حتى نلج رحم الأولى، بل نلج ما كان وما سيكون، (قُلْ سيروا في الأرض، فانظروا كيف بدأ الخلق)، إنها أمر كالصوم والصلاة، فسُنَّة النبي، وسنة بوذا وسقراط هي الفكر، الفكر الحر، من كل قيد أو شرط، حتى قيود الطبع والشهوات والنفس السفلى والعليا، فالقانون الطبيعي، والذي يهيمن على الحيوات والجماد، والذي سيَّر الكون منذ دهر دهير، هو العقل الكلي، العقل الخالي من الرغبة والهوى، فالمطر ينزل على الغبي والذكي، والحياة تسير في النور والظلمات، نحو هدف معين، نحو المسك، وما العقل البشري، إلا ظل، أو قبس من هذا العقل الكلي الجميل الحكيم.

[تمنَّيْتُ على الزمان مُحَالاً أن ترى مقلتاهُ طَلْعَةَ حُرّ]،

لا تتوكَّأ على الحَوَاسّ...

فإنَّها أَشَدّ عماءً من جوفِ حُوتِ يونس

ولا على العقل..

فإنه أشَدّ تهوُّراً من هاملت

ولا على حَوَاشي القلب

فإنها كالأُمّ، تَغْمُرُكَ بحنانٍ عظيمٍ، تفسدُهُ أشواكُ الواقع.

ولكن في ذات القلب، في ذاتك، ما أنت طالبٌ، بلسان حالك ومقالك.

تاريخ الفطرة، أم تاريخ العقل، كارل بوبر أم الجيلاني.. أقرب إلى فطرتي ؟، أم كلاهما؟؟.
______________________

هُوِيَّتِي هذه الرُّوحُ التي تَسْكُنُني 2 / عبدالغني كرم الله – SUDANESE INK

والآن..
يا عبدالغني كرم الله - وإسمك دلالة، ولك منه نصيب بائن لا تخطئه (روح مبدعة) -. فلأبدأ بما انتهيت.فلأبدأ من حيث شعرت - أنا – أنه مأزق واحد لكلينا، هذه الأيام !
ففي ساعة شهوات الليل التي تجوس في الدم، وتستنفر الأعصاب كلها، وأنت/أنا، لاهث بين الضفة والضفة، (أبحلق) في الحروف، أجمعها على أطراف أقدامها، وأتوحد معها، في تلك الساعة، أروح أفكر، أما كان خير لي أن أكون - في هذه اللحظة بالذات - مزارع في (القولد)، تلهب حواسه كلها (الدلوكة)، ويعمر عالمه الصغير، ثغاء الأغنام، ورائحة الطين، وروث الأبقار، ونواح الريح حين تعبر.ذلك العالم الصغير المؤلف في أقصى حدوده، من (إذاعة لندن)، ليلا، وطيوف العذارى اللواتي تهجس بجمالهن قلوب الشبان، فيجوّدوا (العرضة) ليشغفن بهم !
هذا عالم وذاك عالم !
أيهما أنا ؟ ولأيهما أتوق ؟
أليس في الكتابة شيء من الحنين ؟
لويس أراغون له رأي يأسرني، أن (الرواية) ليست حكاية، ليست تسلية، ليست سردا! وإن لم تكن تنطوي على أسئلة وجودية كبيرة، فهي، ربما لا تساوي شيئا !!
وهذا عالم..!
عالم، دخلت إليه بقدميّ الحافيتين، فدغدغ باطنهما العشب الطري.ملمسه - لا تنكر - في باطن القدم، يجعلك كالسائر في الجنة.ولن تنتبه لأشواك (الضريسة) باديء الأمر.
باديء الأمر ؟!
(يــــاه) ..حتى تبلغ تلك المرحلة التي تحسّ فيها بـ(البرسيم على الأرفف في معارض الكتب) !!
طبعا، بما في ذلك برسيمـ(نا) !!
البداية عشب !
والطريق (ضريسة)
والآن...متاهة.
لم يكن بالمقدور، آنذاك، والمرء منكب على كلّ ما يقع تحت يده، أن يدرك أنه يفتح كوة، لن يعرف ما إذا كانت تؤدي إلى جهنم أم الجنة !!
ليال طويلة.ليال تتعرق خلالها ويقتلك الأرق.فالآفة الأبدية التي أقضت مضاجع الذين نثروا (السنن) كالمصابيح الكونية، تقضك الآن.
وتحاول أن ترى باطن قدميك بعد كل هذه السنين لتكتشف أنهما احترقتا تماما.
لا، لم تكن (ضريسة) !!
كانت نارا !!
وأنت كالرهبان البوذيين رحت تعبر فوق حقول النار، وتتلذذ وتتألم !!
وتقرفص في نهاية المطاف، على جدول رقراق، لتسأل:
تاريخ الفطرة، أم تاريخ العقل، كارل بوبر أم الجيلاني.. أقرب إلى فطرتي ؟، أم كلاهما؟؟.
لكن، من قال لك إن صديقنا محمد الربيع محمد صالح ليست له الأسئلة ذاتها.
أنا أقول لك:
تاريخ الفطرة، أم تاريخ العقل؟
سبينوزا وهيغل وبيرتراند راسل..
أم الحلاج ؟؟
هل تصدقني القول/الإجابة ؟
هل أصدق نفسي؟
مصلوب على جنته، مقطوع الأطراف، يمسح يديه (المقطوعتين) احداهما بدم الأخرى، ويضحك فرحا.وذاك - أظنه الشبلي - يسأل، فيقول له:
ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم !!
وضوء العشق !!
أية فتنة هذه ؟
فتنة في اللغة، وفي (الحب) !!
فتنة في ..(ماذا) ؟
ونحن، ماذا نريد من كلّ ذلك ؟
أما كان أفضل أن نؤوب إلى بلداتنا التي تنام عند التاسعة، بعد أن تتجشأ من (الكسرة بي اللبن)، يهفهف شعرها النسيم الليلي.
أكيد جربت ذلك.
أن تترك الفراش في (الحوش)، أول المساء، ليبرد، والريح الخفيفة تحرك أطراف الملاءة، لتأتي وتنام خفيفا ومنتشيا، وتصحو في الصباح الباكر، نشيطا، فـ(تشد السرج) على ظهر الحمار، وتقصد النهر الجميل.
هناك حقول القمح والفول المصري، كون آخر.
وغابات النخل، كون آخر.
وفتنة (الدلوكة)
وفتنة (الدلكة)
وفتنة (الخمرة) التي تضوع أجساد النساء
وفتنة السمر الليلي البسيط
وفتنة الأصدقاء البسطاء الذين لا يعرفون، لا بوبر، ولا ديكارت، ولا دريدا، ولا هيدغر، ولا (بطيخ) !!
أقصى هذه الأشياء كلها، أقصاها، صوت (صديق أحمد) ينساب في لياليهم، ملونا بالطنبور:
عديلة عليك محل ما تمشي تمشي يا عديلة
مشاويرك عديلة
عديلة عليك.

وها قد مشينا
فهل كانت مشاويرنا – يا صديقي – عديلة ؟
كن بخير أيها (المجنون).
ولصديقك/ي محمد الربيع ألف تحية.

Post: #2
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالله عثمان
Date: 04-04-2008, 07:37 PM


الا أن سر جنونهم عجيب!!
على أعتابه يسجد العقل
وما من نبى الا وأتهم بالجنون
كذلك الشعراء والملهمين
"إنشاء الله أجن وأزيد فى الجن"
غناها لهم صديق الكحلاوى
مادا لسانا طويلا
و"نعمة" محجوب شريف
لما لم "يفقهوا" ما دراها
قالوا: (جنت وما براها)

وصنو "الجنون" "الكفر"
الكفر بما عليه الناس من بال لا يفيد
"كفر ابن يوسف من شقى واعتدى"
ولكن التجانى كان يرى "شجرا يسير"
وهم لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم
ومع ذلك صعروا "خدودا" عجافا
وقالوا:
"أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا؟!"
وأردفوا:
"أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك"
وما كانوا هم على ما كان عليه آبائهم
==
هم لا شك "محتاجون" لـ "كبير" يعلمهم السحر
و"ماهو بساحر ولا مجنون"
هم هم - السحرة - ثم هم ليسوا بعد سحرة
"أولئك" من يغيرون العالم
أولئك من يعطون للحياة طعما ويعلمون الشعب
"معنى أن يعيش وينتصر" - ود المكى -
ويقول حفدة ساكسون
All is well till you see the other side of IT
وقديما قال الأستاذ محمود محمد طه
متحدثا عن ضرورة "ثورة ثقافية" جديدة:
نحن محتاجين لفكر:
يغتّس الدانة ويطفّّح المسحانةّ!!
هذا الأنقلاب فى الفكر
سحرته وسدنته "مجانين" مثل كرم الله ومثلك يا عويس
فـ "شدّوا المئزر"
ولك يا عويس التحايا والشكر على هذه الدرر

Post: #3
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Siddig A. Omer
Date: 04-05-2008, 10:03 AM
Parent: #2

عبد الغنى يكفيه جنه و يكفينى انه ابن الفكرة....أما خالد عويس.....فهو يؤثق بوعىء....لا اراه الا جنونا.....اسبحوا ايه المجانين...فلقد اتىء..هذأ الفتى ...بفكرته....


أخوى عبد الله....و الله مشتاقين...تمنياتى الطيبة....بصحة....و كل نجاح....


صديق - الدوحة

Post: #4
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-05-2008, 01:24 PM
Parent: #3

صور كثيرة تحضرني.... ذهول جماع... انتحار ابو ذكري....وموت معاوية نور.... وكثيرين....قالها مرة دستوفسكي "ثمة أشياء كبيره... أشياء مهمه... سأتوقف عن الحديث عنها لئلا أضحك جميع الناس!!"
الجنون والسحر ملاذ العقل العاجز ولذا كانا اكبر فكرتين سيطرتا علي الإنسان منذ التاريخ.... من توهم الجلادين انهم وحدهم الذين يرون الأشياء وحقيقة العظماء انهم وحدهم يرون الاشياء وبين الاثنتين تضيع شعوب من العامة والغوغاء بين من تصديق الجلاد , واضفاء السحر علي المفكر وبالتالي عزله من المجتمع حتي وان كان ذلك السحر هالة مبالغة من التقدير تثق ان زمانه لم يأت بعد!!! او رفضه المطلق لسوئه وخيره او نعته بالكفر او الزندقة او الاباحية او اي شي اخر تبغضه اكبر كمية ممكنة من العامه!!

شكراً وارجو ان تواصل

Post: #5
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 04-05-2008, 01:42 PM
Parent: #4


إنا لله ..
Quote: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي
قالت الأعراب : ( رمتني بداءها و انسلّتْ ) ..
هيهات ..
كلاكما يجوز فيه القول :
( بعشر ما شايف شغلو ) ..

يا خالد عويس ..
سرجكم واحد إنت و أخوك عبدالغني ..
فنعِمّا هو .



Post: #6
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-05-2008, 02:49 PM
Parent: #5

أصدقائي
عبدالله
مدثر
صديق
عماد

يبدو، كلنا في القارب ذاته !!

أشهد لهذا الـ(عبدالغني) أنه (مجنون كامل الدسم)، فلا تضعني - يا عماد - معه في مرتبة واحدة.ليتني أكون عند حسن ظنك هذا.
عبدالغني له قلم مجنون، و...أنت كذلك !!
والجنون هو (برزخ) العبقرية، أو العكس !!
سأعود.
وإني لأشم رائحة حبر عبدالغني هنا..!

Post: #7
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالله عثمان
Date: 04-05-2008, 03:17 PM
Parent: #4


قطعا أستاذ مدثر أن الجنون والسحر -
بمفهمومهما الذى تحدثت أنا عنه عاليه -
ليسا ملاذ العقل العاجز، فالعقل العاجز يسلّم
لما عليه عامة الناس ويسايره
ولكن العقل الرافض، ناشد التغيير
هو من "ينبذ" المسيرة فى القطيع
ويطرق الطريق البكر وإن نبذه الناس
ولكنهم قطعا سيئوبون الى طريقه
"ضحى الغد" وعند "منقلب الرعاء تسبق الشاة العرجاء"
و"فاز باللذة الفاتح المثابر"
"الرافضون" بفكر هم "عزّال" هذا العالم
بالمفهوم الصوفى - الرافض لدنيا معاوية
الراغب فى تزويجها بـ "دين على"
لتصير "قوزا أخضرا" للجميع
وليس "إقطاعية" يقف على أطرافها
المحرومون يتأملون كم هو أخضر الحشيش
على الشط الآخر والعالمون منهم يعرفون
أنه "خضراء دمن"
وللمعصوم "فى آخر الزمان ما يشبه الجنة فهو نار"
هؤلاء "العزّال" ما "واصلهم الاّ مقاطع"
وهو الرافض بفكر ... هو المجنون إن شئت
===
سلام يا صديق ويا عويس ويا عماد ويا مدثر
ومرابطون "رافضون" لله

Post: #8
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-05-2008, 07:13 PM
Parent: #7

أصدقاء الحبر والغواية
سلام لكم في الأسافير.
ويا عبدالغني، أصبحت ملتحفا بالحبر، فهل الحبر يخفي ؟
ما أبشع (و) أروع الورقة غير المنقطة.
هل تأملت (النقطة) يوما ؟
أظن – وبعض الظن جزم – أن (مولانا) مظفر النواب تأملها، فهو، كريكور، بلغ (بصرته) أو جاءت إليه (البصرة)، بعد طول تأمل.
لكن، تعال لنتأمل، هل حقا المسافة بين الروح والعقل بعيدة هذا البعد؟
ربما.ربما لا.ربما نعم.
وهذه الـ(ربما) بحد ذاتها إشكالية !!
قل لي، ما شأنك بالروائح ؟
هل هي على نحو ما، الأثر العميق لمعرفتنا، واحساسنا بالأشياء؟
ماذا لو لم تكن هناك روائح !!
هل كانت لتكون رواية ما لولا الروائح؟
آهـ من ماركيز وروائحه.لكن – أجزم – لدينا ما يضاهيها.روائح تعبر عن كلّ شيء.حتى الشوارع لها رائحة.والسقوف حين تثقل بماء المطر.والنهر له روائح مختلفة.النهر في (جوبا) له رائحة مختلفة عن تلك التي في (واو) و(دنقلا) و(مدني).
هل هو النهر ذاته؟
ندين له بالكثير.فنحن (نيليون) ! هو (جدنا).هو (الأسلاف).
هناك من يدينون للجبال والبحار.أما أنا فـ(كائن نهري) !!
وثمة رابطة غريبة مع هذا النهر (القديم)، شيء من التقديس، والمحبة، والهيبة.
النهر رواية تاريخية.هو أعظم رواياتنا.
فلتأت يا عبدالغني !
لتأت لنتحدث عن كلّ شيء !!

Post: #9
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 04-05-2008, 09:23 PM
Parent: #8


في ضحوية ..
و رابعة النهار لفاحة , قال الرسامون المعاتيه لشيخنا العاقب محمد حسن ..
- و الرجل صوفي مانع الجذب .. فارِعهُ - :
يا أستاذ .. في الرسم النقطة فعل تشكيلي مكتمل .
قال : و الصمت موسيقى كاملة الركن .

ثم غمغم : الله ده كبير جداً .. و كريم .



Post: #10
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: مامون أحمد إبراهيم
Date: 04-06-2008, 07:44 AM
Parent: #9

وأحياناً، أشعر بعقم القراءة، فعلام نقرأ، والكتاب الأعظم بداخلنا، ألم يستفز الحكيم سقراط حكماء أثينا، حين استخرج بأسئلته التهكمية الذكية، من صبيٍّ زنجيٍّ صغير، معارف هندسية مقعدة، أدهشت مهندسي اليونان، موقناً بأن العلم المطلق كامنٌ في القلوب؟، ولكن هل من مثير أو سؤال، أو جدوى أو منهج يحرك أعماق الأعماق ليستخرج هذه الكنوز الدفينة، (إقرأ كتابك، كفى بك اليوم حسيباً)، ألم يقل علماء النفس بأن التداعي الحر للأفكار لا ينقطع، حتى نلج رحم الأولى، بل نلج ما كان وما سيكون، (قُلْ سيروا في الأرض، فانظروا كيف بدأ الخلق)، إنها أمر كالصوم والصلاة، فسُنَّة النبي، وسنة بوذا وسقراط هي الفكر، الفكر الحر، من كل قيد أو شرط، حتى قيود الطبع والشهوات والنفس السفلى والعليا، فالقانون الطبيعي، والذي يهيمن على الحيوات والجماد، والذي سيَّر الكون منذ دهر دهير، هو العقل الكلي، العقل الخالي من الرغبة والهوى، فالمطر ينزل على الغبي والذكي، والحياة تسير في النور والظلمات، نحو هدف معين، نحو المسك، وما العقل البشري، إلا ظل، أو قبس من هذا العقل الكلي الجميل الحكيم.
-------------------------------------------------------------------------

ياسلام ياخالد !

أها جيب أضانك أقول ليك سر !
أنا يوماتى مع الكائن ده!
لما تكون ماشى معاو كأنك ماشى مع طائر !
على وشك التحليق !
ومرات بنطير فعلاً ,
لما يسرح فى الكلام
الذى ليس كالكلام!
أو لما يضحك,
فتضحك الدنيا
وتموج,
وتصحى الكهارب
فى الشوارع !

سلام ليك ياخالد ولى عبدالغنى ولى كل المعاكم فى السرج !
لما يقول كده ويصفق بى جناحتو ,

Post: #11
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 10:21 AM
Parent: #10

عزيزي عماد
النقطة كون
والصمت كذلك !
ألم يقل النفري كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة؟
ماذا إذا اتسعت جدا؟
يعقبها الصمت دون شك !!
وماذا إذا اتسعت النقطة ؟
هذه أكوان.

Post: #13
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 10:35 AM
Parent: #11

عزيزي مأمون
القراءة عالم يغني عن العالم.
عالم موجع معذب ساخر عميق.
قبل أشهر كنت أعيد قراءة (زوربا) لكزانتزاكس.هذا الـ(أليكسيس زوربا)، وعبدالغني يعرف، هو كنز روائي.كنز لأي روائي يلتقيه، فما بالك إذا كان الروائي بغوايات نيكوس كزانتزاكس، وتقاريره/سيرته الفكرية إلى (غريكو) !!
طفقت أتألم وأضحك حتى أنكرني أهل بيتي.
وقلت كم كان ألبير كامو محقا حين قال، بعد نيله (نوبل) عام 1957 بفارق صوت واحد عن كزانتزاكس، إن الأخير يستحقها مليون مرة أكثر منه !
وتأملت الموقف بحد ذاته.هل يسهل على روائي كبير ككامو أن يقر بعبقرية تفوق عبقريته؟
..
..لكن عبدالغني ما يزال غائبا عن حبرنا هذا !!
لعل المانع (حبر) !!

Post: #14
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-06-2008, 10:50 AM
Parent: #13

هاهو بوذا، يفتح بابك، باب كتابك، بابك همك، وبوحك، وشكواك

على الإنسان أن يتغلب على غضبه بالشفقة، وأن يزيل الشر بالخير، إن النصر يولد المقت، لأن المهزوم في شقاء، وإن الكراهية يستحيل عليها في هذه الدنيا أن تزول بكراهية مثلها.. إنما تزول الكراهية بالحب..


بالحب. تزول الكراهية، وبالحب نطفي نار الحقد..

Post: #12
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-06-2008, 10:32 AM
Parent: #10



عزيزي،
وأخي المبدع الخاص، والروائي خالد...
ابن الشيخ/ إبراهيم عويس..
أبن الحاجة/ بخيته بت محمد ساتي.." نخلتك، ونخلتنا الصامدة..

سلامي، ومحبتي العظيمة..

انت عارف، لمن أقرأ لزول، بحس بيهو هو/ قبل كتابته، او شخوصه، والله لمن قريت (الغريب)، احسست بكامو، بكيت له، لوحدته، وهمومه، و(توحده)، وفي العجوز والبحر، أحسست بانتحار همنجواي، نعم سوف ينتحر سانتاغيو، (همجنواي في صورة سانتغايو).. وكما بصق سانتياغو على غدر البحر، بتلك البصقة الحارة، الجافة، النحاسية الطعم، كما وصفها،، أحسست بهمنجواي،،.... وبخواطر همنجوي، كنت اسمعها في العجوز والبحر، العجوز المسكين، الذي يحاور العصفور، ويراقب انوار هافانا البعيدة، وهو تخبو، وهو مقبل على بحر عظيم، مغامر، كالأولياء، في طرق بكر، ....

والله وأنا بقرأ دون كيخوت، بيكت لسرفانتس، وليس للمحارب العجوز، في هذيانه... فالماء بلون الإناء، وكل اناء بما فيه ينضح ويكتب، ويئن..

وللحق، لم أحس برابعة، في وطن خلف الضبان، بقدر احساسي بعويس... كان الله في عونك، وعوننا، في بحر متلاطم، غريب، وقديم، وعصي الفهم، وعصي التفسير، وفي بلاده حس عام، ونمط تفكير، أقسى ما فيه، هو قتل (من يحاول زخرفته، وتطويره)، ... وعلى نفسها جنت براقش.. وأنت تجوس في ثالوث التحالف البيغض (العسكر، والساسة، ورجال الدين)... والضحية رابعة..

رابعة العدوية..
أنت عارف، اخوي محمد الربيع، عتبه، وحائط المبكى، .... واخوك بكاييييييي، أي منظر يسؤني، يبكيني.... حروب العالم كأنها في بيتي، القاتل والمقتول أنا، بيدي، لا بيد عمر، تهزم الروم، فأهزم، تنتصر الفرس فأنتصر، وأبكي علي هذه، وأطرب لتلك، ... مالي ومالهم؟

ماذا نعفل اخي خالد، صرنا نمقت الماضي، هو يدفعنا، كريشة في مهب الريح، وضع الماضي لنا كل شي، من ارحام تدفع، لقبور تبلع، وقفل باب الاجتهاد (الإتباع، لا الإبداع)، فصرنا.. نرعى كخراف في ماض، وتقاليد، وطرق تفكير، وحقول مزجاة، أما(الأنا)، الخاصة، ... فدونها بيد، كعيد المتنبي.. أم لأمر فيك تجديد، كما قال أيضا..

رثيت لك، .. وحنوت عليك، (كن شفيقا، فكل من تلقاه، يخوض حربا ضروسا)، والأية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، هي لي، و لك، ولهم، فالإنسان، حيث كان، يستحق الرحمة، والشفقة، والحنان والتفهم، كحال امل دنقل، حين قال لعبلة الرويني (احتاج شئين، المحبة، والفهم)، وياريت تصحو رقة القلب، وحنانه، حين أرى امي تقبل حفيداتها، أحس (بجفاف عاطفتي)، ليتني مثلها، مشاعر دفيئة، تجاه الاحفاد والابناء والجيران....

في رسائلي الخاصة، اشتكي لاصحابي، لأهل شأني، من ذلك الاخفاق العظيم، انهم حائط المبكى، اضع رأسي على صدرهم ثم أبكي، علي، وعليهم، وعلى الارض قاطبة، متى الحل الكبير؟ متى ومتى... (المهرجان آتى، والمهرجان الآن)..

الحكاء العظيم إيسوب.. ، والذي رمت حمامته البيضاء، ورقة الشجرة للنملة الغريقة، فركبتها كقارب للنجاة..
فالحكاوي، مثل هذه الورقة "القارب"، تنتشلنا من الغرق في العادة، والتبلد، وكما تقول علوية صبح، في تحوير الحديث النبوي الجميل، الغريب: (الناس نيام، فإذا حكوا انتبهوا)..
لإيسوب، وعلوية، وشهرزاد، وعويس، وبشرى الفاضل، وهيسه، عميق حبي..


الحكايات، كتلك الورقة، تنتشلنا.. من؟؟؟ (للخطاب بقية، وبقية، باغتني الزمن، وهم الشغل..)..


يتبع، بإذنه تعالى...


صباح الاحد...6/4/2008م

Post: #15
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 11:25 AM
Parent: #12

أخيرا جئت بحبرك الفذ هذا يا عبدالغني.
Quote: رثيت لك، .. وحنوت عليك، (كن شفيقا، فكل من تلقاه، يخوض حربا ضروسا)، والأية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، هي لي، و لك، ولهم، فالإنسان، حيث كان، يستحق الرحمة، والشفقة، والحنان والتفهم، كحال امل دنقل، حين قال لعبلة الرويني (احتاج شئين، المحبة، والفهم)، وياريت تصحو رقة القلب، وحنانه، حين أرى امي تقبل حفيداتها، أحس (بجفاف عاطفتي)، ليتني مثلها، مشاعر دفيئة، تجاه الاحفاد والابناء والجيران....


مرة أخرى..
حين أرى امي تقبل حفيداتها، أحس (بجفاف عاطفتي)، ليتني مثلها، مشاعر دفيئة، تجاه الاحفاد والابناء والجيران !!

ربما لأننا نخبيء عاطفتنا تجاه الوجود كله في (الحرف) !
ألم يكتب إبراهيم الكوني عن (الحجر) بكل تلك المحبة والشفقة والإكبار؟
ومظفر!!..مظفر يبكي:
أصغر شيء يسكرني في الخلق فكيف الإنسان.
مظفر ينقط الحبر على جرح الكتابة تماما.
هل الكتابة في جوهرها نوع من التضامن مع الوجود بأسره والتوحد معه؟
ألا تحس - يا عبدالغني - بالموجودات والمخفيات؟
ألم يهجس (شعراء الشايقية) بالسواقي، فوصفوا صوتها دائما بـ(الأنين)؟
تأمل..أنين السواقي.وهي تئن فعلا، وتحب، وتشتاق.
النخل كذلك.أليس له قلب؟
ألا تحس بالموجودات؟
من (العنقريب) الأثير الذي تنام عليه وتصطفيه، إلى (الزير) الحنون الذي ينقط دموعه على أمه الأرض؟
و(القماري) ألا تشعر أنها (خالات) و(عمات) يشاركننا أفراحنا ومباهجنا الصغيرة، وأحزاننا؟
هل تأملت عيني قمرية؟
البكاء - كما الكتابة - خلاص !
وهل الكتابة - احيانا - الا بكاء داخلي حين نعجز عن الافصاح بالدموع ؟
تبكي لحال عاهرة دوستوفيسكي والقاتل الشاب في (Crime and punishment)، ولموت أليكسيس زوربا، وحتى لغراميات كونديرا المرحة/التراجيدية.
ولنقرات أبيات أمل دنقل - كالظباء - على قلوبنا.لسبارتكوس خاصته.كأنما ينهض سبارتكوس خاص بأمل.يتوحد معه.يحس لواعجه كلها وأمانيه، وأصدقاءه العابرين في ميادين روما، لا يرفعون رؤوسهم!!
لمحمود درويش، وهو يدع حصانه وحيدا، ويحلم بسرير الغريبة.
كنا - محمد مدني، المجنون - نتحدث قبل يومين عن جدارية درويش.تلك المقاربة الإنسانية الابداعية القاتلة مع (الموت).على البرزخ تماما.
حين قرأها، هنا في دبي، قبل ثلاثة أعوام، وكنت لحسن حظي، موجودا (أنا أستمتع بالشعر،إذن أنا موجود)، بكيت سرا.
وحين صعد الاسباني العاشق، خوليو ايغلاسيس الى خشبة المسرح، ولوّن صوته فضاءات روحي، بكيت سرا.رحت أتأمل روحه.رحت اتسلق صوته، وأعمر به دواخلي، عله يغسلها.
وحين هتف الحلاج، مرات ومرات:
ركعتان في العشق!
اقشعر بدني.
تقول إنك لم تحس برابعة قدر احساسك بي؟بورطتي؟بمأزقي؟بعذاباتي؟
الله يا عبدالغني.
ما أقسى أن تكون الضحية رابعة العدوية!
ما أقسى أن يكون الحلاج مصلوبا!
وابن رشد على حماره، يتلفت هائما، وضوء النار التي تحرق كتبه منعكس على صفحة وجهه؟
هل بالمقدور أن نحرق كتبنا كلها، ونصادرها من الناس، ثم ننسل الى الخلاء، كابراهيم بن أدهم، وبوذا؟
الحقيقة إننا نبكي حالنا، انسانيتنا!
لعنة الله على انسانيتنا، ولعنة الله على الابداع كله!
طظ !

Post: #16
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-06-2008, 11:53 AM
Parent: #15


Quote: وابن رشد على حماره، يتلفت هائما، وضوء النار التي تحرق كتبه منعكس على صفحة وجهه؟


يااااااااه، ياخالد...

كم احسست برقيص هذا اللهب، على وجه ابن رشد، امام العقلاء، لقد قتلوا حروفه، تلك الحروف التي تجري في صفحة الكتاب، بل حقول الكتاب كخراف مذعورة من نار الهوس، والتعصب...

ابن رشد، كان يطرح العلة، والمعلول، والبن العربي، امام العلة الأولى... وابوحامد، يجاسر بقلمه، في تهافت التهافت، ... كان الحوار هو النبيل..

ثم جاء العسكر، كعادتهم.. .زنديق كافر فليقتل... فحرقوا كتب ابن رشد، وحرقوا كتب ابو حاد، وسخر منه

(العلم في الراس، مافي الكراس)..

مالها البشرية اخي خالد..
لم تحب قتل النور، والنبراس، لم تضع (المشكاة تحت السرير)، وليس في قمة الجبل..

لم قتلوا سقراط..
ومحمود
والحلاج..
وعبدالخالق..

لم الماضي شرس، قضى على قوته، ويحب قوتنا، (هم رجال، ونحن رجال)، فلم يحبون التناص، والتقليد، والحياة تجري للامام كعادتها، تكبر الاشياء، الطفل يكبر، والشجرة تكبر... والنهر لن ندخله مرتين..

فلم؟؟

غموض يخلق الاسئلة..
وعقول تتبنى أجوبة، موقته،،،، جاليلو طفل اليوم، لا شي في ذهنه عن الثورة المعرفية، بل الانفجار المعرفي..

والله كم تراودني فكرة ترك الكتابة، حرق كتبي (بيدي،)، وأرى لهبها في وجهي، ولكن بحث (عن خلاص أخرى)، فالكتابة عن الخمر ( لا تفضي إلى السكر)..

ياود بخيته، بت ساتي، والله متعب، متعب، متعب.. من نفسي، ومن قلبي، ومن عقلي، حوارحي بل ان تدخل علي السعد، ادخلت الهم والغم، لو عثرت موتر، في شيكاغو، لكنت مسؤلا عنه..أحيانا أحس بمعاناه بلوم، بطل يوليسس، وهو مهجس بالحياة، وهو رجل عادي، عادي، مثلنا، ولكنه مسكون بالاسئلة الوجودية، يريد معرفة من اين وإلى أين ولم؟..

لم يا اخوي خالد
أي طريق نسلك، العقل، أم القلب، ام معا؟ وكيف
كيف يحي جسدي، يستقظ..

منذ طفولتي تروادي فكرة الاختلاء بنفسي، ان اجد نفسي، وهيهات، بل ضللت لها، وصرت ساذجا، جاهلا، غبيا، تلفني الحيرة والارتباك، وقد انهد حيلي، وضعفت حواسي، و انمطس قلبي..

فما المخرج..

العقل، قد يكون سراج، ولكن العتمة حالكة، حالكة، حالكة
والقلب صبور، لا يعجل بعجلة احدنا، جبل جليد يظهر جزء ويغيب جزء عظيم..

وحالي... (انا الفقير المعنى، رقوا لحالي وذلي)...

المادح بقول (نفسي يا متعالي، تبقى تحت نعالي، مذعنة وطايعة لي)...
ياريت ياريت..

لم نقرأ..
لم نكتب..
لم؟ ولم؟

أين أجد نفسي، .. أين.. ومتى؟ وكيف؟

ولماذ الحياة بهذا الشكل؟

وليتني، كالرواي في موسم الهجري (أدرك مايدور في ذهن الإله)...

تراقص اللهب، في وجه ابن رشد، سحرتني، بكيت له، اراه ماثلة الأن... لم تكن كتب، بل شموس، تضي ليل الحياة المعتم..
لقد قتلوا اطفاله، حرقوا أسرته امامه..

طوبى لابن رشد
طوبى لابو حامد...

وللحق، مات العسكر، وظلت (تهافت التهافت)، وتهافت الفلاسفة، و الفتوحات..

وظل كتيب، بل مهج ابن رشد، رغم انف النار (المقال في فصل الشريعة والعقل من الاتصال)...

فالنار، للفكر، كنار إبراهيم ، بردا وسلاما..
ألم يبتسم الاستاذ محمود...

ابتسامته، تعني فما تعين (بأن الغد طيب)، والنار، نور، لم يرى..
اخي، خالد، محبتي، شوقي..

Post: #18
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 12:07 PM
Parent: #16

يا ابن أمي في الكتابة

Quote: ياود بخيته، بت ساتي، والله متعب، متعب، متعب.. من نفسي، ومن قلبي، ومن عقلي، حوارحي بل ان تدخل علي السعد، ادخلت الهم والغم، لو عثرت موتر، في شيكاغو، لكنت مسؤلا عنه..أحيانا أحس بمعاناه بلوم، بطل يوليسس، وهو مهجس بالحياة، وهو رجل عادي، عادي، مثلنا، ولكنه مسكون بالاسئلة الوجودية، يريد معرفة من اين وإلى أين ولم؟..


لو عثرت موتر في شيكاغو لكنت مسؤولا عنه !!
ياااااااه
هي الأسئلة الكبرى.
لم نقرأ؟
لم نكتب؟
لماذا كل ذلك؟
ولو (جهرنا) قتلنا !!
النار (تطهير)
لكن، هل كانت الكتب، كتب ابن رشد لتحتاج تطهيرا؟
مم؟
أقول لك، قتلوا ابن رشد أيضا!!
قتلوا السهروردي وابن عربي!
قتلوا كل من سولت له نفسه بكتابة حرف (مارق) عن سياقاتهم.
قتلوا خليل عبدالكريم والصادق النيهوم.
أليست (الأحكام المعلبة) و(دعاوى الحرق) هي القتل بعينه؟
أنا يعن لي أحيانا أن أحرق كل ما كتبت.
لا أمزقه ولا أذروه، بل أحرقه.
الحرق فعل مجيد.
والكتابة كذلك.
هم يحبون التناص.
ونحن نحب المشي بمحاذاة النار، واستراق النظر، بل والامعان في النظر بين العقل والقلب.
لا عليك !
فـ(بول ريكور وسبينوزا ونيتشة وابن رشد) رجال، و(الحلاج وابن عربي والشبلي والبسطامي) رجال!!
فليبتسم محمودا.
لأن النار نور.
وهي سر أزلي.
فليبتسم.
فليبتسم على صليبه، مثلما ضحك الحلاج.
هل جربت يوما أن تعلو رؤوس الجلادين بحذائك؟
ستصيبهم بـ(آلام) حادة في ظهورهم !!
هي (فكرة)!
هي فكرة يا صديقي.

Post: #17
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Bushra Elfadil
Date: 04-06-2008, 11:55 AM
Parent: #15

Quote: ( رمتني بداءها و انسلّتْ ) ..
هيهات ..
كلاكما يجوز فيه القول :
( بعشر ما شايف شغلو ) ..

يا خالد عويس ..
سرجكم واحد إنت و أخوك عبدالغني ..
فنعِمّا هو .


وأنت يا عماد؟ انت يا عماد؟
هل تنسل انت ايضاً ؟
لا لا . هذا لا يجوز وحتى لا تفتح كلماتي هذه الباب لتبادل كليمات أرجوك/ أرجوكم إعفائي من ربكتها. دعونا نقول إن كثيرين من شباب هذا الجيل الطالع امثال ثلاثتكم قد شبت كتاباتهم عن الطوق بما يؤهل بلادنا للاحتفال بجذوة ثقافية نأمل أن تكون نار ثقافتها الهائلة منيرة للقرى وبرداً وسلاماً عليها وعلى المدن وأن يقود الحوار الخلاق بينهم إلى تمدد ذواتهم في سعيها لأن تكون كل ذات منها أكثر من إنسان

Post: #20
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 12:15 PM
Parent: #17

أستاذنا وتاج رأسنا الدكتور بشرى
حبابك عشرة.
في حضرتك، سألم رجلي، وأنصت بأقصى قدر من الانتباه.
Quote: دعونا نقول إن كثيرين من شباب هذا الجيل الطالع امثال ثلاثتكم قد شبت كتاباتهم عن الطوق بما يؤهل بلادنا للاحتفال بجذوة ثقافية نأمل أن تكون نار ثقافتها الهائلة منيرة للقرى وبرداً وسلاماً عليها وعلى المدن وأن يقود الحوار الخلاق بينهم إلى تمدد ذواتهم في سعيها لأن تكون كل ذات منها أكثر من إنسان


هذه شهادة اعتز بها أيما اعتزاز.
للمناسبة، اتصلت بك هاتفيا قبل ثلاث ليال ولم تجب، لعلك - استاذي - كنت مشغولا.
كان معي صديق من (الخاصة)، مجنون جدا، ويحبك.وهذه الأيام هو يلون أيامنا في دبي شعرا و(دوزنة) و(مناورات..تكتيكية) !

Post: #126
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Haydar Badawi Sadig
Date: 04-16-2008, 05:47 PM
Parent: #4

غناها لهم صديق الكحلاوى
Quote: الا أن سر جنونهم عجيب!!
على أعتابه يسجد العقل
وما من نبى الا وأتهم بالجنون
كذلك الشعراء والملهمين
"إنشاء الله أجن وأزيد فى الجن"
غناها لهم صديق الكحلاوى


مع عبد الغنى، وعويس، وعبد الله "برطاح،" وزمرة المجانين هنا "إنشاء الله أجن وأزيد فى الجن"

شكراً عزيزي خالد!!

Post: #19
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Sabri Elshareef
Date: 04-06-2008, 12:10 PM

سلام

بوست تحفه كلمة حلوه تنفذ الي القلب

والصادق الرضي يقول
لا تثق بالقلب ان العشق
يؤذي


اجلس للتامل

وكلام جميل حد الغلط

خالد عبدالله عبد الغني عماد المدهش ايضا وعبد الغني الانسان ونابلسي عصرنا الحاضر ومامون الرقيق

والاديب بشري والله انا الان في حالة احبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري اقف في تلك الحكايا

ودنيا حلوه

Post: #21
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 12:33 PM
Parent: #19

صبري
اهلا بك وبصديقنا الصادق الرضي هنا.
هذا متسع للجمال لكم جميعا.

Post: #22
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: mahitab barakat
Date: 04-06-2008, 12:56 PM

ترى كم سيمشي جنوني حافيا... باحثا عن بستان نور؟
Quote: ولن تنتبه لأشواك (الضريسة) باديء الأمر

هي تجعلك تبتسم وأنت تدمع يا خالد
هنا يكمن الألم الماتع
أشكرك حد الرجفة التي تلتفحني الآن
فهنا وجدت أثر لضالتي

عبد الغني
سوف لن أقرأ مداخلتك الآن
سوف لن اتبع عطر كتابتك الآن , الآن أشعر بما كان يشعر به غرينوي (بطل رواية العطر عن باتريك زوسكند)
اعلم أنه عندما أعود , سأجد أن الرائحة تعتقت أكثر
ولكنني لا أستطيع أن ازيد في جني أكثر
ربما فقط الآن.
.
.
.
حتما سأعود

Post: #23
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 07:26 PM
Parent: #22

ماهيتاب
نعم، فالقدمان الحافيتان، تحسان أكثر.
تحسان ملمس العشب، والماء حين تعبران إلى الضفة الأخرى، كشيوخ وعارفي (ضيف الله)، وتحسان (طعم) النار، خفيفا باتعا، كالرهبان البوذيين.

لأنهما..روح، أو (بعض) الروح، أو نفحة من الروح.لذا، فالروح إما حافية أو غافية !!
وما أروع التعبير، تعبيرك:
هي تجعلك تبتسم وأنت تدمع يا خالد
نعم، هو كذلك.
تماما، كالذي أحسه في أغنيات (أهلي) الإثيوبيين.ذلك التمازج الساحر بين الأصوات اللاهبة الحزن، والموسيقى التي تطلق حمامات الفرح.
كيف يجتمع النقيضان؟
ما أورع تلاقيهما - يا عبدالغني -.
لكنه تلاق مر!!
وعلى وجه الدقة، الوصول إليه، طريق من الأشواك والنار.
الطريق إلى (العقل والروح) أو (الروح والعقل)!!
أو..مثل هذا:
http://www.youtube.com/watch?v=cOHQMaJZuN0&feature=related
هذا المزج الروحي العميق بين الحزن والفرح، بين الاحساس والصوت/الكون!!
...
يا عبدالغني، رابعة، ومعها ميري ومايكل والشيخ آدم، وحسين منصور (أو) إن شئت الدقة (الحسين بن منصور)، كلهم نموا في أعماقي، منذ زمان بعيد.
منذ أن كنت (كتابا صغيرا) في (واو)، أغفو على ضفة (الجور)، وأنصت في الليل لتلك الأصوات البعيدة الآتية من الدغل، وأشم الروائح، وأغتسل تحت المطر الاستوائي.
نمت كل تلك الأشياء المحرضة على الحياة والاكتشاف.
ذلك كون كم افتقده يا عبدالغني.
ليتني حين أموت، أدفن في (واو)!!
وتجدني أكثر الناس عذابا بانفصال الجنوب، إذا انفصل.
هل بمقدور انسان أن يحس بآلامي إذا انفصل الجنوب؟
هناك ذاكرتي البكر.هناك روحي.هناك (بخيتة) و(إبراهيم عويس).
بل هناك (خالد) !!
بالنسبة لهم، ربما الجنوب (ثروة اقتصادية) و(سيادة) و..(بطيخ).
لهم جنوبهم ولي جنوبي!!
جنوبهم القشرة
وجنوبي الجوهر.
ولهم - ايضا - كتاباتهم، ولنا كتاباتنا.
تعرف يا عبدالغني، أخشى أن أموت قبل أن أقرأ كل شيء، والأهم من ذلك، قبل أن أكتب كل ما أريد.
ولكن، هل فعلها كاتب من قبل؟؟
دائما، نموت، وثمة حسرة عميقة في الروح.
وبالكتابة نقاوم الموت.
وربما - كدرويش، كمحمود درويش - نتحدى الموت:
أيها الموت انتظرني خارج الأرض‏

انتظرني في بلادك ريثما أنهي‏

حديثاً عابراً مع ما تبقى من حياتي‏

قرب خيمتك
..
و
أيها الموت انتظر! حتى أعد‏

حقيبتي: فرشاة أسناني , وصابوني‏

وماكنة الحلاقة , والكولونيا , والثياب‏

هل المناخ هناك معتدل ? وهل‏

تتبدل الأحوال في الأبدية البيضاء?
..
هزمتك ياموت الفنون جميعها‏

هزمتك ياموت الأغاني في بلاد‏

الرافدين, مسلة المصري,مقبرة الفراعنة‏

النقوش على حجارة معبد هزمتك‏

وانتصرت, وأفلت من كمائنك الخلود‏

فاصنع بنا, واصنع بنفسك ماتريد
..
فهل - يا صديقي - سنهزمه قبل أن يطرق على أبواب العمر، لنستريح من لهاثنا على صفحات الكتب؟
أليس الموت بحد ذاته تجربة مثيرة؟
ليتنا نموت، ثم نعود لنكتب عن تجربة الموت، ثم نموت مرة أخرى.

Post: #24
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: munswor almophtah
Date: 04-06-2008, 07:46 PM
Parent: #23

يا عبدالله عثمان أظن محمود قال فكر يغطس الزانه وهى الخشبه التى تطفح بالضروره أما الدانه فهى حاتله حاتله أما طفو المسحانه فيحتاج لفكر فراعنه فما فوق..........

يغتّس الدانة


وعبدالغنى مجنون ويس مجنون وجنو يجنن عاين لكباية شاى ولنقاع تيبارو وتقول مكوار ويا عويس كلك ممجانين وناجيين من القيد ولكم السلام



منصور

Post: #25
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-06-2008, 07:56 PM
Parent: #24

يا منصور يا أخي
والله إني لأستغرب - كأستاذنا بشرى الفاضل - أن تتبرأ أنت وعماد عبدالله من هذا الجنون !!
متى ثبتما إلى رشدكما؟!
يا منصور....!

Post: #26
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالله عثمان
Date: 04-06-2008, 10:41 PM
Parent: #24




أعتقد أننى سمعتها "الدانة" وحسب علمى هى "قرعة بوص" صغيرة تطفو على سطح رهيف العجين، والقرينة بين الدانة والمسحانة هنا هى "الخمارة" و"العيش" الخ الخ
والله تعالى أعلم

Post: #27
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: munswor almophtah
Date: 04-07-2008, 01:59 AM
Parent: #26

وأنا قرأتها للنور حمد بالزانه ووقعت فى الذاكره كوقع الدانه لا تتزحزح وطالما هنالك دانة تطفو فلا نمانع ياشيخ عبدالله عثمان وقد ذكرها دكتور النور فى بوست البراجماتيه فى فجر الدوله الأمويه والعباسيه وأيضا قرأتها فى مداخله فى سودان فور أول ويا أستاذى عبدالله أنتم مرجعية فى قول ألأستاذ وحسبتك تعجلت فى كتابتها ب"الدانة" وطالما ماهى قرعه فنحن ود القرعه والخير لنا أن نرعى بى قيدنا ولك العفو والسلام...............


منصور

Post: #28
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-07-2008, 06:28 AM
Parent: #27



عماد...
إيها العماد، العمدة، تشم حواسي نصوصك، اشم حروفك، كبخور، كأفيون مبارك، وأسرح، ياعماد رفقا، بالطيور، ألسنا طيور، تحلق بدون ريش، حين نسكر، (بويضة أمي، تسعى في جسدي، سعى بجعة في نهر طيب)....وأمي طائر غريب..لا تمس اقدامها الارض، إلا لماما، دوما تحلق في البساطة، والفطرة، والجمال... دوما محلقة، ...اصلو ما بترك في ارض التبلد، والتقصير، على الإطلاق..

والبجعة، وهي تحني رأسها ورقبتها الملساء، البيضاء، الرشيقة، تفوق في طولها، رقبه بلال، حين يفرش العدل، وتوزع حلوى الفكر، والشعور العميق...
اشم نصوصك، ورب جماع، والعبيد ودريا، وجون قرن، ينشرح صدري لقيمص يوسف، وهو يسكوني من عرى فاقع لونه، وانحشر فيه، بجسد راجف، ويرجع بصري، وبالدهشة انظر حولي، كطفل، او مثل ذلك الذي فقد ذاكرته، فصار يضحك للنكته، عشرات المرات، وللحق، الحياة تغير وجهها، كل حين، وقد تشابه علينا القناع... زي حركة الضل، هو ماشي، وساكن، معا، ما
نفسي يقوم، وانا اركض في وادي نصوصك، ... تلال هنا، خيران، هناك، بل احيانا، ألبد بين شجيرات، حتى أنت (خالق النص)، لن تراني... وعلى نفسه جنى العمدة...
أي مقارنة سيدي النبيل، والله حين قرأت (وطن خلف القبطان،)، لعويس قلت لصديقي، عبدالله إبراهيم الطاهر، والله انا بلعب ساي، ... والاعور في بلد العميان مفتح... فياخي، ورجاء، وياريت، لا تقارنو القزم، بعمالقة، انحني لهم.. ويعماد ود امي... ود ابوي، ود ضحكتي، وود، همي... أحبك (والحمام رسائلي)..

أنت عارف، اول مرة التقينا، في الريتزكارلتون، بعد لقاء السيد/ الصادق المهدي، هل تذكره، كنت اتمعن فيك، وأنت تتحدث، وأنت تراقب (ألوان الفساتين، ألوان العشب... (الذي يغني)، ألوان القمصان، ألوان (الأفكار)، فللأفكار لون، زيها وزي مخلوقات الله، وبارك الله في المايكسوكب، واخواته، فقد فتح حواسنا، على عالم، كان معنا، ملايين السنين، ولم نحس به، ومع هذا (نتكئ على الحواس)، كعصا سير، في درب وعر، غامض، و....جميل..

انت عارف يالعمدة، وانت تبني نصوصك، كنت اغبط حال قلبك، وهو ينسج، بدقة، واستغراق هذا الحرير، هذه الحروف، ويسكب فيها، برفق، كعطار، أعظم الروائح، كتلك التي خلقها غرنوي، وأحال الوحوش لحملان وديعة، ما أعظم الروائح، وما افتكها، كل الغدد، تتسامى، وتنشط بها، حتى الغدد الجنسية، ولهذا (استغلت إناث غددها الذكية، فأطلقت بخور الغرام، والصبابة)، ...

في تلك الجلسة، أحسست بأني اعرف جزء من عماد (قراءتك، هم، أسلوبك، ..)، وطربت، لثراء فرد، بهذا السعة، والتحليق...

ثم صرت اترصد كتاباتك، كسفين تائه، يسترق (النظر)، بين الغيم والسحب، (لنجمة شاردة)، تدله، للبيت، والصحبة... كي يعود النسدباد، من رحلاته (المليون)، وجرابه ملئ بالعطور والثياب، والحكي المباح، وكأن الله خلق (سندباد)، كي تنجو شهرزاد، للإله غموض كهذا، بل أكثر، (ففي احد الحروب استطاع فنان فقير سرقة عود)، ما كان بمقدره شراءه في حال السلم... (الهذا قامت الحرب)... الامام الطبري لا يدرك هذا، ناهيك عن توينبي، وماركس، فالقدر يتحرك (بسناريو يابسة نجهله)، ,لعاطف خيري الشكر للاستعارة...

العمدة، أنت ملك المجانين... بشنبك الكثيف، وصوتك الطيب صالحي، وريشتك، التي تصارع القلم، فيمن هو أولى (بهويتك)،
أنت قلم؟ أم ريشة؟

ياله من صراع فيك، وما احلاهو.. فلنبارك صراع الهويات، إن كان كدي.. ونسعف نازك الملائكة، كي لا تسأل مره أخرى (والريح تسأل من أنا)...(أنا مثلها في لا مكان)..



صباح الاثنين... 7/4/2008م

Post: #29
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: معتصم الطاهر
Date: 04-07-2008, 09:35 AM

عبد الغنى كرم الله وجهه ..

Post: #30
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-07-2008, 10:12 AM
Parent: #29



اخوي خالد..

طيب، وما الحل، مع قدر الكتابة،؟؟؟ !!!..
مرات احس بهوانها، وتفاهتها، وأود حرق كل ما كتب، او كتبت، زي نية توفيق الحكيم، والله لمن كنت بحضر في ندوة عن عنف المرأة، وشفت وجه (سناء)، اصابني امتعاض من كل شئ، وخاصة الكتابة، أو بالأدق (موضوع الكتابة)، ياخي خلي نقاط الزير، وخلي البخور "يطير"، ، وكماليات الشعور، واشتغل بالكتابة عن الهم، عن الهوس الرجالي، عن قمع المرأة، عن تسلط فقه الدين ورجاله، ده موضوع الساعة، وده الحق... فلم الهروب لقصص وحكايات، ولهو.. بعيدة عن مشاكل البلد..

ولكن حين أرجع، ويبتعد الحدث عن ارنبة الانف، أعود للكتابة في المواضيع التي أحبها،، وبأنها نافذة، ومتنفس شخصي، ومحاولة لسبر الذات والعباد، يعني رحلة استكشاف.. والحياة حمالة اوجه، فبقدر ما هناك رجل في المستشفى يحتاج لحبة بندول، ولكلمة كفارة ان شاء الله، هناك عريس في الشارع المقابل يحتاج لعرضة ورقيص، وألف مبروك.. وهناك طفل روضة يحتاج لقصة، وحكاية مشوقة، ورسومات ملونة، جميلة..

يعني نهر الحياة، بل محيطها، يحوي ما يحوي..
وبرضو يعود السؤال لم نكتب، لم؟ وانت عارف طبعا شعار اتحاد الكتاب السودانين (خمسة الف سنة من الكتابة)، يعني اجداد اجدانا كانو بيكتو، ويرسموا، ويعبروا عن انفسهم، وفرحهم، وجنونهم، وعبقريتم، مرات بالرسم، ومرات بالنحت، ومرات بالرقيص، ومرات بالقتل ذاتو، فالحياة تعبر عن نفسها، ومرات بالأديان، ومرات بالانظمة الشمولية، أجارك الله..

النفس البشرية تتوق للتعبير، تتوق لتفجير انفعالاتها، شعورها، الوجه يبتسم، ويعبس، ويخجل، ويشمت، وكذا القلب، تعتريه ملايين المشاعر والاحاسيس، وهنا تعود (ملكة التعبير، التعبير عن الحياة)، كما يقول الاستاذ محمود في كتابه الاصيل (الاسلام والفنون)، فالانسان كلف بالتعبير عنه نفسه، وبطرق شتى، حتى الجنس، والنوم، والتهور، أساليب للتعبير عن (الأنا)، المحهولة دوما، وكنت بقول لاخوي محمد الربيع (من أنا)، اكل السوسة والعافية مدسوسة، مافي جواب شافي ليها، أصلو..

وأي حركة هي تعبير عن الحياة، ولكن هناك التعبير الشفيف (وفق مصافي العقول)، كما يقول ابي الاستاذ، التعبير النقي، الطازح، الحي..
وهناك التعبير الصادق، عن نوازع غريزية، برضو..
وعن تعبير عن النفوس الكتيرة التي تسكن الفرد، وزي ما بقول اخوانا، سواء علماء النفس، او الصوفية، فالنفس البشرية، ليها عشرات الانواع، نفس راضية، نفس قلقة، نفس هادئة، واختصارا، بسبع نفوس، من (الأمارة بالسوء، وحتى الكاملة)، وأي نفس من هذه النفوس سوف تعبر عن نفسها، بنفسها، وما تحس به من (حيوات، ومشاعر، وأفكار)... والإناء بما فيه (ينضح)..

ياريت النضح يكون مشرق، ولطيف، ومؤثر..

أهه، ده كما يرجع، هل الكتابة (وعظ)، قد تكون، أو أو تحريض، أو (صرخة ألم)، أو صرخة فرح)، أبوي جاء أبوي جاء، كما نفرح في طفولتنا...

احيانا نجد اسئلة، وأحيانا، نشك فيها، ذاتها، فعقل البشر، لا بجعبوا العجب، ولا الصيام في رجب، عشان كدة ظل (الشك، واليقين)، يمثلان خطوات الإنسان، نحو الإطلاق، وهيهات، يطرح العقل سؤال، ويجيب عليه، ويشك فيه، ثم يسعى ليقين آخر، وشك آخر... دي وظيفته، وظيفته (الشك)، انه ديكارتنا، بيدي، لا بيد ديكارت، او هاملت، أو سارتر...


والله ياخالد لمن كنت بكتب في نص (ثوان)، وهو عن رجل سقط من برج التجارة، ياااااااه، والله حاليا بخاف لمن اتصور حالي وانا اكتب عنه، كنت في تحدي، ما ممكن اكتب عنه، وتكون يدي في موية باردة، وهو في ماء حار، يعني كيف اكتب عنه؟ أكضب، ولكن هل اذهب لبرج (بنك البركة)، وأرمي نفسي، عشان اشوف مشاعره وهو ساقط..

وما الحل.. هنا يدخل الخيال، ولكن هل الخيال قادر، على تمثل شئ صعب زي ده، برضو تدخل الذاكرة، وتمثل حالات من السقوط، حتى لو من حيطة، أو سرير، أو تذكر السقطات الأولى، حين كنا أطفال، بمقدور الإنسان تذكره هذه الاشياء كما تقول الباراسكولجي، وكما تقول (كرامات الأولياء)، وللحق هي كرامات كل فرد بشري، كل فرد بشري هو إنسان كامل، أو قل مشروع إنسان كامل...

والله ياخالد الزول الوقع من البرج ده تعبني تعب، تخيلته قد هوى، صار أسير (الجاذبية الأرضية)، تمسكه بيدها غير المرئية، وتجذبه نحو جسدها (الأرض)، وهو في حال (.........يااااه)، لا تتصور، والله ياخالد لمن كنت بكتب فيهو، كنت بصحو مخلوع، لتمثل حالته،،،،...
ومع هذا، حين اكتمل النص، شعرت أنو احساسي انا في واد، والنص في واد آخر، وبرضو احساسي انا في واد، والزول الوقع في واد آخر، وده ثالوث صعب الدمج... بين الإحساس، والنص، والفعل المكتوب عنو..

ثم متعة الكتابة، كنت دائما بقول لأخوي مامون التلب، أنو القارئ الأول للنص، هو الكتاب نفسه، لم يكن له علم بما سيقوله، بدل دفق (هل الكتابة إلهام)، أم فعل متعمد، أم هذه وتلك، أم ملكات ذهنية، ولعب ذاكرة وخيال، وهذه أين كانت، قبل خلقها، فالأمر كله، (دفق من حنايا الذهن والقلب)، نحن لا نعرف أي حرف قبل كتابته، وقد تذكر شئ قديم، ولكنه هو قبل خلقه، أين كان... أين كان، أين كان..

المأساة زي ربونسون كروز، تكون براك في جزيرة النص، وتخلق حياتك، وسهامك، وتكون ملك، ورعية، معا، وتبتكر طرق، ومصايدك، وعشك، براك... ملك، سيد نفسك مين أسيادك، يمكن دي برضو تكون من لذائذ الكتابة، مش زي طارق ابن زيادة، في خياره الحتمي، البحر خلفكم، والعدو امامكم، ولكن زي كروزو، وجزيرته، حتى لمن عاد لانجلترا، عاوده الحنين، للجزيرة، للكتابة.. ولخلق أواني من طين،وحلب المعاز، والمشي عريان، وفعل ما يحلو له، بدون مراعاة (لرأي عام، ونمط ثقافة، وقيود أخلاق، واعراف)، فهو برااااااهو...
يمكن (القبر)، يكون كدة، بالنسبة للاديان القبرة كدة (روض من رياض الجنة)،ولكن للماديين، فناء، وفكرة الخلود، اتصور انها فكرة إنسانية، يعني مستحيل الكون يوقف حياة الأنسان، بعد تعبو ده كلو، ياخي نحن مش مؤمنون بنظرية التطور، طيب، التطور بدأ من الصلصال، يا ترى يقف في الإنسان، ويرجعو تاني، ولا بمشي طوالي في طريق التطور، ويخلق إنسان كامل، قد لا نراه بالعين المجردة، كم لا نرى مويجات الضوء والراديو، والطيف الكهربومغنطسي...

غايتو الكتابة، أجارك الله، تبدئ سرها، وتخفيه، وتظل كالغريزة، كالجوع، شر، لا بد منه,...
وتظل كالقبلة، كالشعر، خير، لا بد منه...
والناس ما بتخلي الكتابة، ولا بتخلي القراية، رغم نكران دورها في لحيظات، والتساؤل عنها دورها، وسرها، ولم هي؟
لم خلق الله الكتابة، ..
وهناك من يشك في الله، ذاته..
فيكون السؤال
لم الكتابة؟، والله ياخالد، بحاول اقنع نفسي بالكتابة ليك، وبعد نهايه الكتابة دي، طالعني السؤال، ذاتو.
لم الكتابة، وكأننا يا سعد، لا رحنا، ولا يجنا..

فعلا..
لم الكتابة؟....

Post: #31
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-07-2008, 10:24 AM
Parent: #30


ايوة .....
تذكرت حاجة، للكلام الفوق ده، برضو بعرف قيمة الكتابة من القراية..

والله اخوك بحب القراية اكتر من الكتابة، واخوك كتب موضوع اسمو طقوس القراية، قلت افيها حقها، وطيب القراية بتخلي عندي اصحاب ماتو وشبعو موت، زي ديستوفسكي، وزي سقراط، وزي هيسه، وزي البحتري، وزي الحطيئة، المتمرد، والمارق، والذي لم يسلم من لسانه، حتى نفسه، وامه وابيه، وهو ممتعض بشكل صعلوكي، مش زي ابي العلاء، وهذا ما جناه علي ابي، وما جنيت على أحد..

القراية طاعمة، وشهية، وتخليك تسبح في عوالم متخلية، انت عارف اخوك مواليد العسيلات، وهي قرية بسيطة، فطرية، تنام وتصحو بطبل شيخ يوسف، وتزخرف وجدانها اساطير الكرامة، والله النبي زارنا امس، والله شيخ يوسف رسل ولدو في المطرة، والمطرة ما بلتو... يعني تحالفت قطرات الماء، كي تزوغ منه، برشاقة الماء، كما تعرف، وهكذا، والحكاوي كلها، عن (تجاوز المألوف)...

في القرية دي تعلمت القراية، نجيب محفوظ طبعا، الكاتب الواحيد ، بعد الطيب صالح، قرأت كل كتبه، حتى الأخيرة، اصداء السيرة الذاتية، أو احلام فترة النقاهة، وبرضو كتب نص اسمو (ميرارمار في العسيلات)، عن زهره، وماريانا، وهي تطل من شرفة الفندق على أهلي، والاسقف المليئة بالقصب والملود والسولكة، فبهتت... ولكن القراية جابت الفندق من شواطئ الاسكندرية لضفاف النيل..

القراية، اعطتني اهمية الكتابة، يعني الكتب دي مؤلفة من قبل ناس، وهي خصبت حياتي، وجعلت لي صداقات عبر العصور، ففي صالوننا الطيني، كان يزورنا امرؤو القيس، وشهرزاد كانت تخلف رجليها، وتحكي لي، مع الملك شهريار، حتى يدركنا الصباح، وصوت اذان سعد...

برضو نعود للقراية، وزي ماقلت علوية صبح، قالت (الناس نيام، اذا حكوا انتبهوا)، انتبهو ايها السادة، وممكن دي خلت جونتر غراس، يكتب عن ماساة العنف الالماني تجاه العالم واليهود، في كل كتبه، كي لا ينسى العالم... والألمان... فالكتابة جرس انذاكر..


وبرضو اعود لإيسوب الحكاء اليوناني القديم، حين ألقت حمامته البيضاء الورقة، للنملة الغريقة، فسبحت النملة على ظهر ا لورقة حتى بر الآمان..

وما اكثر الاوراق الخضراء التي انتشلنتنا من الهم والخوف والبلاد والمحدودية،... فشكرا لكتاب العالم حيث كانوا..

القراية شنو؟...


...

Post: #32
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-07-2008, 11:25 AM
Parent: #30

عزيزي كرم الله
يبدو لي أننا نعيش في اللغة. أليست اللغة في سدرة منتهاها - أحيانا - فيوض؟
أنا (ممسوس)!!
وأنت كذلك!!
وعماد
ود.بشرى!!
بورخيس وكونديرا وبارغاس يوسا ووو.. كلهم ممسوسون!!
اللغة مس.اللغة ساحرة، ربما هي أروع أنثى على الإطلاق.
نعم، نحن نعيش في اللغة.
أحيانا أشعر فعلا أنه لا جدوى من الكتابة.لا جدوى مطلقة.أنها فعل تافه يقتات من أعصابي ويدمرني.لكن ثمة لذة تتسلق روحي وأنا أكتب، هي السر !!
لن أتخلى يا كرم الله في كتاباتي عن الإنسان.طالما أن هناك (سناء) و(انعام) التي ذبحت على مذبح (مفهوم الطهارة).طالما أن هناك إنسانا ليس قادرا على الاختيار، طالما أن هناك هوسادينيا يتمدد كل يوم، في ظل انكماش وتراجع مخيف للعقل !!
لكن الوطأة يا صديقي، وطأة ذلك كله باهظة جدا علينا.
أن تحدق طويلا في وجوه المتعبين، فيتسلل إلى أعماق روحك، تعبهم، ويسكن..يسكنك، وإلا كيف تكتب؟
أن تمعن النظر حتى في ظلال الأشياء والموجودات، لتحس بـ(كم هو هذا الوجود فاتن ومعذب)!!
أن تشم الروائح كلها وتنصت إلى كل الأصوات، حتى تلك الأصوات غير المسموعة.
هل نرى ما لا يراه الآخرون؟
هل ننصت إلى ما لا ينصت إليه غيرنا؟
الكتابة يا صديقي ألم.القراءة كذلك!!
ألا تفيض روحك بالحزن حين تقرأ ماياكوفسكي؟
ألا تتعذب روحك كطير في فرن ملتهب حين يخطر ببالك أنه أراح نفسه من كل هذا العذاب، بطلقة في الصدغ، بعد أن كتب وصيته الأخيرة:
(إلى الجميع ها انذا اموت الآن ، لا تتهموا احداً، ولا تثرثروا، فالميت يكره الثرثرة)
ترى ماذا كتب هيمنغواي في وصيته؟
ستيفان زيفايغ؟
يوكوميشيما!!
يوكوميشيما يرعبني يا عبدالغني.يرعبني فعلا هذا الياباني المجيد.كان يعرف أنه حين يفرغ من رباعيته، لن تكون لحياته جدوى!! حياته هي الكتابة!!وحين (أنجز)..أنجز!!
يوكوميشيما يخيفني يا عبدالغني!!
كل نص هو (روح)
كل نص هو (عذاب)
كل نص هو (توحد)
أقول لك، أحب غارثيا لوركا وآرثر رامبو وبابلو نيرودا.
وماياكوفسكي!!
هل بمقدوري أن أضيف كيتس وودوورث؟
لكني أسكر بمظفر النواب.وأغرق في درويش والفيتوري.
أحب كل كتاب العالم.أحبكم في الله يا عبدالغني.أحبكم جدا.
فتقبلوا محبتي.









Post: #33
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-07-2008, 11:47 AM
Parent: #32


أخبرني صديق أمس أن (الكهرباء العامة) دخلت إلى (القولد)!!
هل أكون أنانيا إذا قلت إنني شعرت بحزن عميق؟
فلأكن، لأن (قولدي) التي أعرفها وتلهمني، فيها أروع ظلام عرفته في حياتي.
حتى السماء هناك سماء!!
ترصعها نجوم تجر وراء ذيولها غمامة من تراب نوراني.والقمر كقرص رغيف جبار، أرى فيه وجوه الناس هناك.حتى السحب أراها أبقارا وشخوص!!
الآن، (قولدي) ماتت إلى حد كبير.
عبرت من حالتها الفطرية البدائية الجميلة إلى حالة أخرى.
صارت كأي بلدة أخرى في العالم، فيها كهرباء.
تعرف يا عبدالغني، الكهرباء فارق كبير.
أنا أحب ضوء الفانوس.أحس أن فيه معنى عميق.
لا أحب المصابيح الكهربائية.
ربما هو محض حنين، لكنه حنين موجع مغروس في أحشائي.



Post: #34
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 04-07-2008, 02:23 PM

Quote: عبرت من حالتها الفطرية البدائية الجميلة إلى حالة أخرى.
صارت كأي بلدة أخرى في العالم، فيها كهرباء.
تعرف يا عبدالغني، الكهرباء فارق كبير.
أنا أحب ضوء الفانوس.أحس أن فيه معنى عميق.
لا أحب المصابيح الكهربائية.
ربما هو محض حنين، لكنه حنين موجع مغروس في أحشائي.







كان قولدك شبه حلتنا في (قنس) فمصابنا واحد يا خالد و الفقد كبير
ياااه...
رجعتني لهناك
لزمن المحنة و راحة البال
حلتنا ...
ببيوتها الواسعة
الحميمة
تشيل حبان
و تقربهم
محل البيوت وادعة تنام مع مغيب الشمس
ولما تلملم حمرة الغسق أطراف النهار
و تغزلها حبل تعلقه على جدار الزمن
يبقى اليوم شارف على النهاية
حتى اكتمال مراسم نهاية النهار ...

وفي استعدالنا من تحت (النخل) لفوق (النوقري) نعاين شمالنا
نلاقي سعفات تلوح لينا
سعفات من نخل بعمر امي .. لا عمر ام امي .. لا بعمر موسى و ام موسى
تولح لي وتغيب في حلول الليل
تعلن نهاية النهار
والوح ليها على وعد نتلاقى باكر ...

ورجعنا تاني لحضن البيوت ...
تلمنا في ظلام محبب زي الرحم الولوف
نتلمس طريقنا فيهو نتبع همهمات العجائز
و حوقلة المصلين ..

ووه نور ... ووه دوّي ...

نعلق عيونا في سما ما تشبه باقي الكون
تطل علينا نجوم
نحضرها تلاحق بعض
تلمع فجأة و يبلعها بحر الليل
وتطلع نجمة الضيف
وتنطفي لمبة جاز ورى التانية
ويسود الصمت
إلا ضربات المسبحة الرتيبة
أو صوت جبهة سجدت على الأرض ...
وفجأة بيتوقف الكون
ويقيف في لحظة صمت
...
وننام! ملئ الجفون ...في مهد الظلام الضاوي ...ظلام ما بيخون!


ومع تباشير الفجر الباردة
نصحى مع خيوط الضوء الأولى
نتمطى بوسن
تفرد جدران الطين يديها
تنسلنا برقة من طيات النوم
وتوقفنا على ابواب بيوتنا اللي ما قفلناها
ونمشي نصبح على البحر
متمهلين ...
ليه العجلة؟
فالبحر ما ماشي مكان!
محل ما تركناه قبيل ..
والأرض ياها ما فايتانا .. هدو هجو؟

***
الكهرباء؟

يا خالد، لا حاجة لنا بالنور!
لست أنانية ولا ابحث عن (عزبة) أهرب إليها! ولكنني اخبر تلك الأرض!
انضبطت ساعة سكانها البيولوجية على إيقاع النور
النور الطبيعي
الصحي
اللايت!

لا أنوار،ـ لا بهرجة
الرتينة أقصى أشكال الاحتفاء
وتتلى الصلوات لظهور نجم
و توقظنا همسات المتعبدين بسحر

لا أتخيل نفسي اشرب ماء زير ملئ بصنبور!
أن فعلت، فقد خنت عشرة النهر!


ارقد عافية...

Post: #36
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-07-2008, 02:38 PM
Parent: #34

عزاز
قتلتيني مرتين
مرة بالصورة
والله إني لأكاد أشمها حنينا وأسى.
رائحة النهر و(الجروف) وحقول البرسيم.
ومرة بالكتابة عن (هناك).
(هناك) الغافي على صدر النيل منذ أن (كن) فـ(كان) !!
تلك الأبدية الموشاة بالنيل والصحراء.تلك حوافها.وذلك بهرجها البسيط الباذخ.

عزاز
شكيتك على الله.
الوقت الآن (عصر).هنا في دبي!!
و(هناك)..البنات شرعن في حط (العناقريب) في ظل العصر، وتجهيز البن.النسيم يهفهف الملاءات، وينعس الكون.
ايقاع الحياة يتسرب شفيفا إلى النفس.
عمّ فلان على حمارته العرجاء، يجلس فوق كومة البرسيم، وتتدلى (بستلة) اللبن إلى جانبه:
:فلان..علان..علكم طيبين! الباصات جابت منو الليلة؟
:ميل..تعال اشرب فنجان قهوة !!
الله يا عزاز، من تلك الوداعة، وداعة الكون.
أولئك النهريون!

Post: #35
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خضر حسين خليل
Date: 04-07-2008, 02:33 PM

شكراً عويس بدايةً وأنت كعادتك تملأ المكان بطاعم الكلام
وعبد الغني كرم الله الذي تحتفي به هنا أظنه أحد إشراقات هذا المنبر ... لديه ميزة تخصه هذا العبد الغني ولغة (حقتو براهـ) ينفذ من خلالها لروح القارئ ...... تابعته في كثير حكايات رماها هنا ولطالما خرجت بذات نتيجة قراءتي الأولية له فهذا الزول حكاي ويجيد التسلق في أكتاف الحروف ليبني لقرائه عوالم جديدة وفريدة .


عبد الغني كرم الله تسلم ياخ

وشكراً ياعويس

Post: #37
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-07-2008, 02:51 PM
Parent: #35

تعرف يا خضر..
لدينا عادة سيئة، هي أننا لا نحتفي بمبدع إلا بعد موته!
ونظل ننتظر بفارغ الصبر رحيله، لننصب له، بعد ذلك، (مشانق) المراثي!!
ونروح نكتب - أثناء حياته - أن فلانا لو كان من بلد آخر، لأحتفوا به أيماء احتفاء، ولأقاموا له تماثيل في الشوارع.
أها، أنا أقول - الآن - إن بوسعنا أن نحتفي بعبدالغني.احتفاء بسيط.احتفاء بمبدع حقيقي.
لا أود أن أتورط في كلام مجاني بأن عبدالغني لو كان من بلد آخر..ألخ.
لكن الذي أعرفه حق المعرفة أن هذا الـ عبدالغني (ثروة قومية).
هذا الرجل ثري ثراء ليس له نهاية.

Post: #38
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خضر حسين خليل
Date: 04-07-2008, 02:57 PM

Quote: لكن الذي أعرفه حق المعرفة أن هذا الـ عبدالغني (ثروة قومية).
هذا الرجل ثري ثراء ليس له نهاية.


وأنا أقسم علي ذلك جملة وتفصيلاً
شكراً مرةً أخري عويس وأنت تعطي الرجل بعض حقه
سلمت ياخ

Post: #39
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-07-2008, 03:16 PM
Parent: #38

تحرضك نفسك على الإختلاء.
وأنا يحثني من حيث لا يحتسب كاتب وإنسان فريد بالمقاييس كلها على ذلك.
الخلوة!!
آه الخلوة..العزلة!!
(أستاذي) أولا وثانيا وثالثا، ثم صديقي، إبراهيم الكوني، كلما غشى مدينتنا/معسكر العمال (المكندش)، يحرص، ونحرص – صديقي الطارقي البهي، عمر الأنصاري (المجنون محسن خالد يعرفه) – على أن نغيب عن الأنظار في خلوة حقيقية، في حضرته، في حضرة فيلسوف وروائي عبقري.
شيئا فشيئا، بدأت أتنبه إلى أنني مأخوذ للغاية بعزلته الفلسفية المجيدة.منذ عشرين سنة تقريبا، وهو معتزل بكل ما تعنيه الكلمة.
لا هو، ولا نحن نعتبرها عزلة.ليست عزلة طالما أنها مع أرسطو، وبوشكين، ونيتشة، وهيغل، وكروتشة!
وشأنه شأن العارفين الكبار، الذين يحتذون بالنفري..(كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)، لا يتحدث كثيرا (لاحظت هذه السمة المتأصلة، متجذرة في أستاذي الطيب صالح كذلك).نحثه ونستفزه ليتحدث.نروح نسأل.نسأل عن الصحراء/العدم/الوجود، فلسفة الكتابة، (أسوف)، (الودان)، (الشيخ غوما)!!
تعرف، أصبح (نصف طارقي)، لدرجة أن عمر أهداني لباسا كاملا للطوارق.
والكوني إنسان!! يا الله كم أحب هذا الرجل.
تعرف يا عبدالغني، بعض الناس تلتقيهم، فتصبح (مجذوبا) لإنسانيتهم.وكلما (عرف) الإنسان، ازداد إنسانية.
يا الله، كم أحبّ أن أخلع نعليّ، وأسير وراءهما – هو والطيب صالح – في خلائهما الفسيح.ففيه جنة.
أن تكون حواريا لروح، أو روحين يحويان الكون، وبعض أسراره الإنسانية الهائلة!!
ويبدو أن العزلة يا عبدالغني هي مصيرنا.
ألم يكن الحلاج معزولا على صليبه؟
ومحمود على مشنقته؟
والسهروردي في ليلته الأخيرة؟
وابن رشد على حماره؟
وفان غوخ وهو يقطع أذنه؟
وماياكوفسكي..خليل حاوي..هيمنغواي؟
أليست العزلة هي غربتنا عن كلّ شيء؟
حتى عن أنفسنا؟

Post: #40
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-07-2008, 03:46 PM
Parent: #39

يا عبدالغني
شكرا لويس ماسينيون..!
كيف لـ(الحسين بن منصور) أن يقرأ إشارات النهاية؟
يهتف:
ألا ابــلــغ أحـبـّائــــي بـأنـّــي
ركبت البحر وانكـسر السفينة
على دين الصليب يكون موتي
ولا الـبطحـا أريـد ولا الـمدينـة
!!
كيف عرف؟
كيف عرف أن قضاة قساة القلوب، وسياسيين خلت قلوبهم من نور الرحمة (التي هي من نور الله)، سيقطعون أطرافه، ويعلقونه، كالشمس، على الصليب؟
ونعود نحرث مجددا في تلك الحلقة المفزعة: العقل أم الروح.
طاقتان هائلتان تتجاذبانـ(ك/ي/نا) !!
تارة، يقطّر دم الحلاج فوق رأسي، وتروح تأكل الطير من فجواته.أمشي فوق الماء والنار، ولا أحس إلا بنشوة في القلب.
وتارة أخرى، يأخذني (مطلق/لا مطلق) هيغل مثلا !!
وأنا بينهما في برزخ!!
فأين النعيم ؟
وأنا، كـ(كزانتزاكس)، في درب صعوده، لي (مسيحي) و(بوذاي) و(لينيني)!!
لي مثله بلواي !
ولك.
لي (حلاجي) !!
يحرضني على ركوب السفينة، لأعبر!
والبحر هائج.
ولا ملاذ أبدا.
بحر مطلق.
ألوذ بالكتابة.والكتابة (صلب) من نوع آخر.
الكتابة تنقيط الروح على صفحة الدنيا البيضاء.
ألم تكن (رابعة) – مثلا – كائنا يخفق في روحي، ويقتبس منها.
حتى الحجر له روح:روحنا!
تدرك – يا عبدالغني – هذا الألم.
تدركه، وإلا ما كنت مجنونا هائما في البرية.
سلام لك.

Post: #41
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Sabri Elshareef
Date: 04-08-2008, 03:27 AM

******

Post: #42
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-08-2008, 05:37 AM
Parent: #41

ماهذا الحكي، ياخالد، رفقا بنفسك

Quote: ألوذ بالكتابة.والكتابة (صلب) من نوع آخر.
الكتابة تنقيط الروح على صفحة الدنيا البيضاء.
ألم تكن (رابعة) – مثلا – كائنا يخفق في روحي، ويقتبس منها.
حتى الحجر له روح:روحنا!
تدرك – يا عبدالغني – هذا الألم
.



رفقا بنفسك منها..المعاني الدقاق سوف تصلبك على مشانق الحروف..

Post: #43
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-08-2008, 05:54 AM
Parent: #42



ياخالد...

الغروب،
والفانوس
وضوء الشموع، هذا الثالوث يصلبني، مثل حروفك، ...

شمس الغروب:

شمس الغروب، أشعتها تمسد ظهور الحوائط والجداول والسحب بشعاع ملائكي، يكسي الوجود بعداً وجدانياً، وينفخ الروح في الكون، فترى مشاعر أوراق الشجر، وندوب الحوائط، ورعشة الحصى، هكذا تبدو الحياة عند الغروب، عندما يجثو أسد الشمس مرغماً على سرير الأفق الغربي، متعباً، مستسلماً، والنجم إذا هوى، فلتجرب الهوان إيها الملك الجليل.


ما أرق الذوات المودعة، حتى الشمس تطاطئ رأسها، كي تودع مجدها، ووطنها ظهيرتها، واعدائها، أشعة لا تقوى على خلق رمضاء باردة، حتى النمل خرج من جحوره منتفضاً، ، من يهن يسهل الهوان عليه، بل زحف النمل نحوها، كي يقرض البرتقالة الكبيرة، وبالفعل، بدأ يقضمها قليلا .. قليلاً، ويسحبها قليلا.. قليلا.. إلى جحرة عند الأفق.



شمس لا تقوى إلا على الحكي، مثل النساء الهرمات، كانت تحكي للشعراء والعشاق بنورها الخافض إسرار غريبة، زخرفت ريشة اشعتها الوجود بلون الحزن النبيل، لذة الحكي عن مجد غابر، كبد سماء غابر.

لا تقوى أعتى السحب على حجبها، بل تزرف السحب دموعها من سطوة الشمس، تسيل دموع السحب في الأرض وهي تبكي من مجد غابر، من تحليق كالطيور في عنان السماء، تمنت السحب أن تسمو وتتعالى، حتى تطفئ شمعة الشمس المتكبرة، فيعود القمر، ملكاً في السماء، والنجوم، أميرات وحاشية لهالاته الوضاءة.. وتتهادى هي كقطن منفوش محلق....


قط ينام قرب جثة نمر، إخاء قهري، انطفأت هاله الخوف، تلاشت الأشواك من الغصون، الضفادع تغرد، انقرض النهيق والنقيق والسطوة، اصاب الوهن عضلات الجبابرة، تتكئ عند الغروب، شاعرية، لا تقوى إلا على الشعر، بلا إرادة منها، تحكي بسحرها قصص أنس عجيب، (على أن البعد خيراً من القرب)، ملت الحياة من صليل السيوف، من امتلاء العضلات، أستكانت في غفوة عميقة، تحوم العصافير فوفق رأس النمر النائم، وتحط على جبهته، فالمسكنة أس الحياة.

يدي لا تقوى على لمس الريشة، حجب عني القبر رؤية أغاني القمر، يغني بكمان الصمت، يغني للعيون، بأوتار الأشعة الواهنة، لطافة مسكرة، كأنها لم تسمع بالظيرة في حياتها الخجولة القصيرة، يملأ الوجود بخمرة أشعته المسكرة، تترنح النجوم وميضاً وبريقا، يظهر أن الله منحني وقتا، كي أكمل كتابي، أكمل قراءة كتاب هذا الشمسش، وهذا الغروب، وهذا الرحيل، يبدو أنه كتاب لا ينتهي، لا يملل التكرار السعيد، ولذا فأنا خالد، خالد في حيوات لا تحصى، كي أتم قراءة هذا الكتاب الغامض.

غيم كثيف يغطي السماء هذه الليلة، وكثير من الشهب المتساقطة، ما أكثرها من رغبات حارة، فٌٌقدت..

حتى النجوم تجرأت على إبراز مفاتنها معها، شمس متحسرة على سلطان ظهيرة ضائع، تحجب خلف ظهيرتها النجوم الخافتة، في أي منزل عبدك الأجداد، ، طفلة شقية، عند الشروق، أم مارد جبار، في كبد السماء، وقد ولت الذاوت الحية الأدبار إلى الظلال والسقوف، استدرجها الدهر إلى قبر الغروب، صارت الشمس برتقالة واهنة الإشعاع، متكئة على سرير الأفق، عاجزة عن حمل نفسها، والعودة إلى كبد السماء، إلى عرشها وعنفوانها المفقود، (ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل الغروب).. صارت شمس مسالمة (نمر في قفص) بمقدور أي شاعر أن يقلب بقلمه البرتقالة المسالمة، وأن يسحبها إلى دخيلته المظلمة، كي تسلل أشعتها الذهبية المتعبة إلى أعماقه المظلمة، ليرى وجه محبوب مغمور هناك

بمقدور أي طفل أن ينظر للشمس عند الغروب، أن يحدق فيها ملياً، كما لو يحدق في شمس صغيرة مرسومة على ظهر كتاب، بل بمقدوره أن يضع إصبعه الغض، على شمس الكتاب، على شمس الأفق بلا خوف، لا حول ولا سطوة لها، فقد سُلبت من ضراوة الظهيرة وقسوتها، شمس عجوز، فقدت انيابها ومخالبها، أسد هرم، لا يكاد يقوى على تحريك ذيله كي يطرد عن عينيه الحزينة سرب ناموس مزعج، بلا غيرة أو طموح تسكن جسده المترهل، سوى نظرة باهتة لذكرى تليدة.. لظهيرة تليدة

لقد سئل بوذا من قبل تلميذين صغيرين [ يا أستاذ هل تكون الشمس قريبة من الأرض عند الغروب، أم عند الظهيرة]
فقال لهما وما رأيكما انتم ؟
قال الأول : أنها تكون أقرب عند الظهيرة، لأن الأرض تكون حارة جداً، وهذا يدل على أنها اقتربت من الأرض،
وقال الآخر: بل عند الغروب تكون قريبة من الأرض، لأنها تبدو أكبر، وهذا يدل على أنها اقتربت من الأرض،
فقالوا له ما رأيك يا أستاذ،
فقال بوذا لا أعلم، فقالا له:
ومع هذا يقول الناس بأنك معلم عظيم... أنت جاهل،
أكد على قولهم بنبرة صادقة: نعم أنا جاهل عظيم.


الفانوس
ياخالد...

لا أشك في بركة الشمس، والقمر، والأنوار الساطعة، ولكن للفانوس إلفه، فلا سلك يربطه بإزار، ولا مسمار يشده لحائظ، ولكنه مسيح متجول في دارنا البسيطة، تحمله أيدي أخواتي وأمي، وأنا، تراه في التكل، وهو يكشف لأمي غطاء العتمة، كي ترى وجه الصاج، والصحون المطفقة، وجركانة الزين، وتراه في الزريبة، وقد ألمتعت عيون المعاز والخراف، لضيف باغت أمي، ببشاشة استقباله، ومرات يتسلل ضوءه الواحد من غرفة حبوبتي، يمد يده من النافذة، ونحن في الحوش، وكأنه يقول لنا، أنا هنا، هنا..

يتلاعب بالظلال بشكل ساخر، ساخر،، يسخر من اشكالنا، يمط الجضوم، ويمط أنف أمي، فتبدو كخرطوم فيل، فنضحك عليها، أخواتي وأنا، حتى نقع على قفانا، وهي وهي (أمي)، تصير أجمل، حتى في الظل الكاركاتوري لها.. بل تحرك الفانوس امام وجهها، فننظر للحائط، للسينما الطينية، وخيال الظل، فنضحك اكثر واكثر، وهي، تتمنى ان نضحك مدى الدهر... بها، ولها، ومعها..

وضوء الفانوس يشبه لون الغروب، ويالها من قرينة، تصلبني، مثلك ياخالد..
الكون جميل، ونحن عميان... (وأي أرض تخلو منك، حتى تعالو يطلبونك في السما)، جدك الحلاج ياخالد، كان سكران، سكران ديمه...

وحين ينعكس ضوء الفانوس على اخواتي، أرى ملائكة عيان بيان..

تهتم به اختي (محاسن)... تغسله من المغربية، تغسل الزجاجة، وتملاهو بالجاز، وتوزن الشريط، توزن الضوء، فالزيادة كالنقصان..

ثم تخرش عود الكبيت، وتنقل عدوى النار للفانوس الطيب، المثالي، الشهيد، الكريم.. فيبتسم كملاك، وتضئ بسمته حوشنا، وأوضنا... مشاركا الاسرة حياتها، سور القرآن تظهر حروفها به، نرتلها، ونحلب الشاي، ونقرأ الألغاز..
ونلعب السيجة..

أحيانا، أكون مستقلي، أقرأ في كتاب، فاسم نداء أمي
يابت جيبي لأختك لبن تحت الطربيزة... فتأخذ أختي الفانوس
وأضع الكتاب على بطني.. واسرح وأسرح،واسرح، تبدو فوانيس النجوم بعيدة، وهي تبرق، لي، لك، لهم، لنا...

ما اوسع الحياة، وما أجملها..


ضوء الشموع:

Post: #44
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-08-2008, 06:33 AM
Parent: #43


اخوي خالد..

دوما تسحرني الانوار الهادئة، الودودة، والتي تزخرف وتطلئ الوجوه والحائط (أكثر من ريشة القصاص في ذات صفاء)... النور حنون، هادئ، حكيم...
النور والنسيم الوادع، يضللاني..
ولكن النور صامت، هادئ، والنسيم .. طفل شقي، يهبش اطراف الملاءات، يندس وراء الستائر، ويلصق فساتين البنات باجسادهن (ااااااااااه).... 0جسد المرأة كامل... لذا (ظلت الاديان تدسه، وتحرمه،)، انت عارف اخوك هسي بكتب في اقصوصة طويلة باسم (مذكرات امراة عارية)،.....

ضوء الشمعة... مخلوق من اللهب، لهب يتوج رأس الشمعة، كما تتوج المعرفة رأس العالم، والمحبة قلب العارف... ذلك اللهب ذو الشكل القلبي، يشبه القلب، محترقا بالنار والنور... ويتلاعب مع النسيم...


كنت اتساءل اخي خالد..
عن قدرة الاشياء الشفيفة في (التساكن، والتعايش)، معا..
حين أدخل الاوضة الطينة البسيطة، نولع الفانوس، او الشمعة، فيملأ الضوء الأوضة كلها..
ثم نفتح الرادي، فتملأ اصوات الكاشف الاوضة كلها..
ثم تشعل اختي البخور..
فتملأ الرائحة الأوضة كلها..
وحنان أمي، يملأ الحوش.. والأوضة كلها..
يالها من اوضة، و(طن)، مليئة، ومعا
بالضوء
بالبخور
بالنسيم
بالاغاني..
وبحنان أمي (حنان النيل، حنان الصحراء، حنان الغاب، حنان الجبل، وهيبته)..

نحن روحان حللنا بدنا..
(لن ينفصل الجنوب، حدسي يقول أكثر من ذلك)، هل يفارق القلب الجسد، هؤلاء (الاغبياء) موقتون، سوف يرحلون، (الحياة تعرف ان تشق طريقها)، انها اختلقت (البقاء للأقوى، للأصلح)، وسوف تنهي المطاف بالبقاء (للأجمل)، في دولة العز، وكنز الفرح..

لهب الشمعة، غريب...(مثل الاستماع لأغنية)، تحس بأنك جزء من الكون، لا .. بل جارحة من الكون، فالكون حي، (حين نغني، وننشد، ونسكر)، الكون حي، فخفف الوطء...

اخي خالد، عباد الهند، وكنائس العالم، واضرحة التصوف، اختارت الشموع، شمسا لها، وقمرا لها.. ففيها تلك الاضاءة الحنون، تشرق على النفس انفعالات غريبة، دفء، وهدوء في معتكر الروح، تهدأ أعمق أعماق الفرد، ألهذا قال، أخي خالد المتصوفة..

إذا راق الغدير على صفاء، وجنب ان يحركه النسيم..
ترى فيها السماء بلا امتراء ، والشمس تظهر فيه والنجوم.
كذاك، قلوب ارباب التجلي، يرى في (صفوها)، الله العظيم..

الشموع تخلق هذا الصفاء العجيب...
وأنتم شمعة..
وأنت شمعة..
وشمعتي الضوايه..

أخوي خالد، أنا كثير البكاء..
وربي كثير البكاء..

Post: #45
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: مامون أحمد إبراهيم
Date: 04-08-2008, 06:51 AM
Parent: #44

تعرف يا عبدالغني، بعض الناس تلتقيهم، فتصبح (مجذوبا) لإنسانيتهم.وكلما (عرف) الإنسان، ازداد إنسانية.
يا الله، كم أحبّ أن أخلع نعليّ، وأسير وراءهما – هو والطيب صالح – في خلائهما الفسيح.ففيه جنة.
أن تكون حواريا لروح، أو روحين يحويان الكون، وبعض أسراره الإنسانية الهائلة!!
ويبدو أن العزلة يا عبدالغني هي مصيرنا.
ألم يكن الحلاج معزولا على صليبه؟
ومحمود على مشنقته؟
والسهروردي في ليلته الأخيرة؟
وابن رشد على حماره؟
وفان غوخ وهو يقطع أذنه؟
وماياكوفسكي..خليل حاوي..هيمنغواي؟
أليست العزلة هي غربتنا عن كلّ شيء؟
حتى عن أنفسنا؟ !!!!!!!!!!!!
------------------------------------
لاحولا ياخالد !

حقاً , أن المجانين فى نعيم !

إستمتعا بجنونكما !!!

Post: #46
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 04-08-2008, 08:11 AM
Parent: #45

خالد العويس – عبدالغني، زوار خيط النور
أوغلوا واسبروا أغوار المجاهيل التي يتبختر على قشورها
الطواويس، استشرفوا بعيدا فوق المستطاع و (إن تكن
صادق متِ)، فكل المناطق القيمة في أقصى الأطراف
وذرى الهول فلا تبتئسوا وأنتم على أكتاف على رواد
الإستنارة عبر التاريخ، كل من عرفوا مضوا سراعاً حالما
ضاقت أوعية أفاق السادة عن إحتمال فتوحاتهم الفكرية
وتوجوا أشكال تعبيرهم بإحتمال الأذى جسدا وروحا أو
بالموت وهم يرفعون لاءهم التي تلهم الآتين، تحية هؤلاء أن
لا ينتقض خيط أبدعوه وأحكموا غذله، فواصلوا أيها
الاعزاء الإيغال الرصين حتى يضىء فجر الإنسانية بمولد
الحقيقة:

أبيت الكلام المغتغت وفاضي وخمج
أخيرلك أقول الكلام البحرق حشايا
أخيرلك أفضفض جراب الخبايا
أقول الكلام البفكفك سوارك
يوقف جدار .. ويرفع عضايا - القدال

آمل أن يتواصل هذا الخيط بؤرة ضوء تشع

Post: #47
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: tarig almakki
Date: 04-08-2008, 08:55 AM




Quote: ganikaram says:
الشي التاني (القراية)، الكلمة دي داير ننصفها، ياخي الواحد عندو علاقة مع الكتابة، زي الامومة، اكتر من الحب ذاتو، كتب بتين تختلي بها، بعيدا عن اي شي، وهي قا درة على الرحيل بك لعوالهما، حتى ولو في عصور متأخرة، (براق القراءة)، اسرع من الفكرة، في رمشة عين تلقى نفسك في العصر العباسي، او المستقبل، أو في سجن، او محاصر في قلعة، أو تسبح في السماء، كشاعر، القراءة هي الاكسير، وخاتم المنى، وهي النضال الشاق من اجل الوصول لنهاية الكتابة، وهي فتح الذهن، بحياد، كي لا تترك اثر من وعيك على القراءة، يعني السير على الحبل، عشان ما تحجب بوعيك الخاص، وكمان عشان تعطي النص حقه، بدون تأويل، ثم بتأويل، عشان كدة هناك مقامات للقراءة، القراءة بحياد، القراءة، بتأمل، تأويل النص، حتى نصل (لقتل المؤلف)، حين يكون النص قد تم تمثيله في ذهن القاريء.

عبد الغني كرم الله في ذات ماسنجر 25-09-2007 الموافق 13 رمضان

يا عويس
أنت نصبته مجنون وأنا عمدته مجذوب
فهذه هي الأسفار التي أتلقاها من هذا المجنون المجذوب صباح كل ماسنجر


القراءة التي تحث حفار الفكر على التنقيب بحثاً عن نفط الفكرة
هكذا هو فعل ما يكتب صديقي فيّ وآخرون
قال لي يوماً أن: "الكتابة هي الفعل الموازي للقرائة" صدق
أقرأ وأستمع له
والنعم
متعني الله بالنظر والسمع والإستيعاب آمين
وبين أبناء عبروا الوطن ذات إنهزام رأيته يعبر بكل إنتصار
أحببت غربته التي أخرجت من صلبها آلام ظهر حادة وسارت في الطريق إلى المدرسة عبر طقوس القرائة بفعل الكتابة .
ألتقيه عند:
(عند أنيقِ السرد
البوحَ
الصدق في الشوارع الخلفية
حيث سردٌ لا يجُر خلفَه سيرةَ أحد
" م.ب")

أعطاني هذا العبد الغني الفرصة لأكون صديقاً له وإنسان وقاص يجتمعان داخله
شكراً لهكذا عطاء

عويس
عند قرائتي لهذا البوست
علمت ان جنون هذا عبد الغني يستشري
مدد ياغني

Post: #48
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حسن طه محمد
Date: 04-08-2008, 09:10 AM
Parent: #47

الأخ خالد

تحية عطرة

وبوست جميل جمال صاحبه والمتداخلين في

قرأت كل كلمة فيه بحب وعمق

وساواصل

لكم حبي

Post: #49
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-08-2008, 11:05 AM
Parent: #48

حبة القمح،
يامامون...
تشتكي من العصفور، المغرد الجميل..
فلنصغي، لها، لمأساتها...



شكوى حبة قمح، من عصفور مغرد..


هاهو فوقي، القاتل الغشيم.
كيف ترونه ؟ جميلا!!
منقاره الحاد.. لا يعني لكم سوى التغريد...
أغراه تكوري وجمالي..
انتم ترون ريشه وتحليقه، وتغريده.....
ومنقاره الجميل...( يهدد حياتي!!) ...
أه ..لو كان بجسدي الأملس شوكة واحدة..
تحرسني من هذا اللص الطائر... المحلق... الغريد..
فأي ذنب ارتكبته سنابلي،
ها هو مناقره الحاد يتجه نحوي...

آأأأأأأخ.....فتحت ريشه الجميل،
معدة صغيرة حارقة...
تناثر جسدي في فرن معدته القاتلة...
وأراكم تصغون لتغريده بخشوع... وشاعرية...
أترون ماذا يقول في تغريده الجميل!!

"يا معاشر العصافير... هنا قمح مبثوث، هلموا لسحقه، لإلتهامه.."
أيثير هذا الطوفان الغاشم أسى وجمال في صدوركم المخدوعة..
ما بال آذانكم !!
لا تعرف لغة الكون...
إنها طبول حرب...
وليست تغريد..
(الجاهل العظيم )... تستحقون هذا اللقب يا بني آدم...

أحن للعودة للوطن، مثلكم
لسنابلي، كي ألوح للشمس والنسيم....
والخروج من هذا الفرن
......



لك الله ياحبة القمح...(فالتغريد دعوة لإلتهامك)...وكلني اصم، أعمى،..


.....

Post: #50
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-08-2008, 11:41 AM
Parent: #49


أصدقاء النزف والحرف
أصدقائي المعلقون – مثلنا – على مشانق الحروف
السلام عليكم يوم تقرأون، ويوم تنزفون، ويوم تهيمون في بيداء التيه!
الفوانيس يا عبدالغني؟
الفوانيس:جراح.
الفوانيس:حنين.
الفانوس منتهى الحنين، والأنين.
الفانوس، كائن حي.يحسّ ويتألم، ويبكي.يحن إلى عاشقيه، وإلى حيطانه الطينية.وإلى سقوفه.
الشمس تهبه، قبل الرحيل، أنفاسها، فيشتعل عشقا.حين تنحدر، لتغفو على سريرها الأبدي، تهيج عبرات الفانوس/الطفل.
لونه:لون شعرها ساعة الأصيل.
ساعة الأصيل فاتنة جدا يا عبدالغني.
وفي تلك الساعة تحديدا، يجن الناس.لأنهم لا يطيقون فتنة الأصيل.
ذلك اللون الأسطوري، الذي يندلق على قمم النخل، وهامات الطين، متسللا من فرجات السحب الدخانية.ذلك اللون الذي يهمس في صبابة ووجد.ذلك اللون/المغني.يسكب روح الألوان على كلّ شيء، ويسلف فرشاته إلى الفوانيس، لتذكّر – دائما – بشيء ما.
في ساعة الأصيل، والشمس تقبل شفتي الأرض/الحبيبة، وتشمّ عطرها التالد، وتتمرغ – بضوئها – في حضنها الأزلي، لتغطس أخيرا بين نهديها، في تلك الساعة، يجنّ الناس.ولولا تلك الساعة، وساعة شروق الشمس، ما عرف الناس الإبداع، ولا الجنون!
إنها الساعة التي تشحننا بذلك الغموض:غموض الموت، والحب، والحنين.
ثمّ، يستلف الفانوس أغنية الشمس، ويمزجها بالحنين، ليضيء عشقا.
أقسم – يا عبدالغني – إن الفوانيس لا تضيء بالكبريت.الفوانيس تضيء عشقا.
الفانوس أكبر عاشق.
الفانوس:روح.
روح متسربلة بروح الكون المطلقة.فيها من قبسه !
يأسرني ذلك اللهب المتواضع.ذلك اللهب (الصوفي).لا يخاتل، ولا يكذب، ولا يثرثر.لهب متأمل جدا.لهب حكيم يا عبدالغني.ومنه، تستمد الفوانيس حكمتها.



Post: #51
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-08-2008, 11:58 AM
Parent: #50


بوذا!
جاهل عظيم.
يا لها من عبارة.
لأن، في هذا التيه، في هذه الصحراء، التي لا نهاية لها، ما من أحد (عارف) يمكن أن يدعي سوى (الجهل).
على أن الجهل نعمة
والمعرفة نعمة ونقمة
والسعيد من دنت له قطوفها، فعزف، وعرف، وانطلق إلى السر.
السعيد من خلع نعليه، ومضى.
وأولّ هذا الإشراق كله:الحب.
الحب جوهر النور ومنتهاه.هو الثمرة الناضجة للعواطف كلها.وهو النار المطهرة.وهو النور المقتبس.
(إن الكراهية يستحيل عليها في هذا العالم......بوذا)!!
هل نحب أعداءنا؟ (السيد المسيح..المعلم)
وهل من سبيل إلى بداية الطريق غير هذا؟
نحبّ كلّ (شيء).
وهل الأشياء – من فرط جهلي – أشياء؟
أليست (كائنات)؟
....(الجاهل من ظن الأشياء هي الأشياء
والخاسر من لم يأخذ ما تعطيه على استحياء).
أليست (كائنات)؟
ألسنا نتقاسم الوجود؟
وحدنا..، وحدنا على هذا الكوكب.نرتجف من عزلتنا وضعفنا.مذعورون من وجودنا.من المجهول.من هذا الفضاء العريض.
ألسنا نتقاسم الوجود.
أليس (الفانوس) هو أنت يا عبدالغني على نحو ما؟
والنخلة؟
ألا تحس بها؟
والحجر؟
هل يشبه حجر حجرا؟
ألا تحس بروحه و(وجوده) حين تلمسه، لا بالكف، بل بالروح؟
ألا تحس أن (وجودا..ما) مات، حين تفتت حجرا صغيرا بأصابعك؟
ساعتها تحس أنك أيضا ستتفتت يوما ما.وأن قسما منك تفتت مع الحجر.وأنك، و(هو) على قارب الدنيا.سائرون في الطريق ذاتها.



Post: #52
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-08-2008, 12:46 PM
Parent: #51


ثمانية أعوام على رحيله !!
(إبراهيم عويس)!
ذلك المخلوق الطيفي!
ذلك الصديق العظيم الوفي.
يعود عند الظهر، محملا بالصحف.يحبّ (الهلال).يروح يتابع بشغف مباريات الهلال الذي يدوخه حبا وعشقا.يقول إنه لعب مع عبدالرحيم قطر، و(الأمير) صديق منزول!
يبدل ثيابه بـ(عراقي) خفيف لتحاشي حرّ (السموم) في نهارات (القولد) الغائظة.
مؤشر الراديو على (أم درمان)، في انتظار (عالم الرياضة).
ولا بأس من مناقشة موضوعات عدة قبيل (الغداء)، وبعض المزاح مع (بخيتة)!
العقاد! كتابه : (الله)، هو الأصعب.يحكي عن توفيق الحكيم وطه حسين.التجاني يوسف بشير.يحب ميكي سبيلين، وسومرست موم، وغالبية الروائيين الروس.
حين يأتي أبناء (إسحق)، ابن أخته الأثيرة إلى نفسه (ستنور)، يروح يحضنهم، ويوزع عليهم الحلوي، ويفيض عليهم بفيوض حنان لم أره.وأبناء (سامية) ابنة أخيه (عووضة).يقص عليهم حكايات ينسجها من واقع أمامهم ومن خيال خصب غذته القراءة الواسعة بالعربية والإنجليزية.
يحب صلاح جاهين، وعلى محمود طه المهندس.
(إبراهيم عويس)..طاقة هائلة من الحب الذي يضيق به.
هل صعب عليك – يا عبدالغني – أن تبكي حبيبا، لأن الحزن – فعلا – أكبر من الدموع ؟
أصدقاؤه، طائفة من كبار الموظفين والسفراء والمزارعين والعمال.
وكلهم سواء !!
أصدقاؤه: (أحمد موسى)، و(عيسى عثمان) و(نون أبادير)، و(كنة)، و(عبدالغفار)، و(عبدالقادر) و...(خالد عويس)!
حين أقصد (القولد) في إجازات الجامعة، يكون في الإنتظار منذ وقت باكر.وحين يبلغ (بص صالح العربي)، البيت، يكون هو جالسا وعصاه في يده، على الدكة الطينية.أعانق كونا من الطيبة والشوق.أعانق حشاشة روحي.
(بخيتة) تبكي! وألمح في مقلتيه دمعتين يجاهد أن يخفيهما.
يذبح.يشرف على الذبيحة بنفسه.يروح ينتقي ما أحبه.يسألني عن الجامعة.عن (أنشطتي)!
قرأ (الرقص تحت المطر).كان يحثني.
:رواية جميلة، إنت يا خالد متأثر بالروس، خصوصا دوستوفيسكي!!
:وإنت يا أبوي ما بتحبهم؟ أنا عرفت دوستوفيسكي وتورجنيف وغوركي من وين ؟ مش منك؟
ليس الروس وحدهم!
الأغنيات الإثيوبية كانت تهزّ وجدانه.
وحين جاء (أولاد حاج الماحي) إلى دار (عمي..عووضة) في دنقلا، توهج ذلك النهار.يحبهم.يحكي عن الصالحين.عن جده (عووضة القارح).ركبتاه تؤلمانه.ورأسه.لا يشكو.راض رضا يشق على النفس.مهموم بالناس.بعشيرته والآخرين.بالأطفال.يذوب فيهم.ويحبونه.ما من طفل – مطلقا – يأبى أن يجلس على حجره، ليرى خدعته في تدوير الخاتم على الأرض.
يحب التمر.ينقعه في الماء طويلا.ويتداوى من الحرقان بـ(العطرون).
وفي الليل، نرقد في الحوش.سريرانا متجاوران، من أجل أنس يطول!
السياسة والكورة والفكر والأدب.وأحوال الحياة.ساخر.ساخر سخرية نابهة، حتى من نفسه.يذكر التفاصيل.يوم تسلق شجرة المانجو في (واو) ليجلب لي ثمارها الطازجة، فهاجت خلية النحل، وراح يحاول أن يبعدني عن أسفل الشجرة، وأنا رافض، حتى تأذى من اللسع! يومذاك تورم جسده، ولم يأت بثمرة واحدة.
يحكي عن أغنيات الحقيبة وأحمد المصطفى والكاشف ووردي.عن (تلاهون)، الصوت الذي يشجيه تماما.
نذهب سويا إلى (عمتي ستنور) العصر لنشرب عندها القهوة.نغشى (فوزية) ابنة أخيه (المرحوم تاج السر).ما يزال حزينا لرحيل (تاج السر وحسن) المبكر!!
ينهمكان، هو و(ستنور) في حكايات طويلة عن (قولد زمان)، وكيف كانت، كيف كان فيضان 46، وكيف كانت (الدلوكة) وأشهر الراقصات و(العراضين).وكيف أنه هو ذاته كان عراضا.تلتمع عيناه ببريق عابر، هو الحنين.جوفه مملوء بالحنين.
..
..
حين وضعت القلم، وانتهت امتحانات السنة النهائية، وكان مقدرا أن أسافر (وفي النفس أشواق عاتية لتعويضه..تعويضه عن سنوات الرهق والعطاء اللا محدود)، بكى طويلا وسالت دموعه، وهو يعانقني ليلا، قبل أن أركب البص، لأغادر إلى الخرطوم، ومن هناك إلى..
شهران.شهران فقط، وقبل أن أعوضه بأي شيء، اختار أن يقول لي من خلال رحيله:
يا ولدي أنا لم أفعل كلّ ذلك إلا لأنه عطاء لا ينتظر أي مقابل.
ولم أتمكن يا عبدالغني أن أقول له:
لكن يا أبي أنا أريد أن أعوضك، ليس لأنك أب وحسب، وإنما لأنني أحبك حبا لا يطاق!!
وتزوجت بمن أحب..(نجلاء رضا) قرة العين، وعضدي في الحياة.
ولم يكن هناك!!
ورزقت بـ(رند)، رند التي أسى جدا أنها لم تحظ ولن تحظى بحنان جدها، حنانه الباذخ الذي يعلم حقا كيف يكون الحب.


Post: #100
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: doma
Date: 04-13-2008, 07:52 AM
Parent: #52

خالد عويس عبد ا الغني كرم الله
مالكم علي يا ولادي ؟؟؟
فقد تورمت عيناي
وتعبت تعبت شديد

Post: #53
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-08-2008, 01:59 PM

صاحبي خالد عويس
صاحبي عبد الغني

يااااااااااا لله دري كيف لم ألحظ هذا المكان الرائق بكما ....
انحني اعتذاراً لتأخري حضوري هنا ...
الآن قرأت ...
ولكن يبدو أن الزمن تهاوى من بين يدي حتى جاءني صوت إبنتي رذاذ على الهاتف تسألني إن كنت سأحضر إلى البيت ... لذا أعتذر لأنني سأخرج ..
ولكن حتماً سأعود ...

وأجلس ها هنا لاستمع لهذا الحوار الرائق روقان الشاي الأخضر في صباحات بلادي ...


احتراماتي وأشواقي

Post: #54
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 04-08-2008, 03:28 PM
Parent: #53


مُنهِكان أنتما .

في جبال النوبة ذات عام بعيد ..
( و البلاد ما بها من غضب ) ..
جست ما جست حدّ الرهق في بكورة تلك الأنحاء ..
عائد من جولة الإندغام في منظومة الناموس تلك .. و الرسم المهلك ..
و العوث في نفسيَ أم قدود ..
لقيني المطر .. و حالي أريتو حال السواد ..
و بالنفس روايش و حُتراب - إرعادئذٍ - و الفكرة تسلمني لأخيتها .. و الرحمة دونها خرط القتاد ..
( بلد تشيلك و بلد تخُتك يا رويحة الجن ) ..
فتعريت من مخيط الثياب .. و الأعين ..
كنتُ عاريا كساعة ولدتُ ( كم مرة يولد المخلوق مِنّا ؟؟ ) .
تقدست تحت الزخ .. و مكاييل يكيل بالربع الكبير ..
عاريا كنت , واقفا مدّ قامتي القاصرة , و الله يغسلني ..
و يغسل أمنا الأرض من طمثها ..
لا أدري لكم لبثت هناك شاهر الروح كفنار وحيد .. عظيم الوجع ..
لكنني مغسول و مُتمّر .. كما يليق بمخلوقٍ أخرق - آخر - يحبه الله .. فهو الكريم .

أقرأكما ( يا حرّ ما هي الكتابة ) فأستعيد الآن المطر ذاك ..
هو الغُسل لي ما تفعلان يا مجنونان ..
و ليس بأفضل منكما حالاً أستاذي الشيخ بشرى .. و لا منصور و لا ماهي .. و ليس كل العابريكم هنا ..
لا عجب , فواديك يا عبقر يلم إليه أطراف العابدين ..
من أنسٍ و جان .

( إن هذا إلا سحرٌ يُؤثر ) ..
لا بأس ..
افعلا ما تُؤمرا به ..
فإنّا لمِن الباخعين .



Post: #55
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: أيزابيلا
Date: 04-08-2008, 11:14 PM
Parent: #54



مساء الكتابة با خالد
ويا صديقنا عبد الغنى

مساء الكتابة يا عماد

-مساء الذين يلمُعون قناديلنا فى المساء

الساعة الآن الواحدة صباحا بتوقيت الخرطوم
وانا فاتتنى من الاسافير اوجاعا كثيرة ...وخلفتنى اللغة وراءها منذ عام او اكثر

خلفتنى اوان انشغالى بفكرة قيد التشكل..........
-اللغة لم تكن رحبة لتتبعنى فى منعرجات التشكل
لم تكن رحبة لتتلوى جيدا
وتنحرف جيدا وتتمطى وتتعب
وتهرس جليدها فى دمى
وتلمع اعصابها لتبرق فى الظلام

-الساعة الان هى الواحدة صباحا
وانا اعرف ان ثمة ضوء ما هنا
يوقظنا منتصف الليل لننقر على خيباتنا النائمة
ونلعن فى سرنا ما اغتمضت عيوننا من عتمة

...............

كم آنستم وحشتى يارفاق

Post: #56
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: أيزابيلا
Date: 04-09-2008, 00:29 AM
Parent: #55



باب الروح متاكى انسربى....

......

Post: #57
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: ودرملية
Date: 04-09-2008, 01:41 AM
Parent: #56

سلامات
وعوافي
"وكأنكم للروح غسولها"...
ما قضيت وطري قط في هذا المكان .."علو ما انقضى"..
كل شيء يمكن احتماله إلاها "خمر الكتابة"... ماالتهمت الروح سطر الا وسال لعابها ..
ثم سألت "هل من مزيد...هل من مزيد"...وتظل هكذا الي ان يرث الله الارض وماعليها ..
عليكم السلام جميعا...
تواصلوا ...
تعيشوا ..
.
.
محبتي...

Post: #58
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: emad altaib
Date: 04-09-2008, 03:27 AM

ـــــــــــ
بكيت .. ليشهد الله اني بكيت بوزن الدمع خشيةً من كل حرف
وإشتدة البكاء عليا .. وكل دمعات بحور من نار..
وهل بكائي يطهر روحي ؟؟؟
تقرحت عيوني ..وصار وجهي نيلاَ.. والله لو أرخيت (المراكب) لجرت.
بكيت لكل الكتابات هنا حتي اهتز البقاع من تحتي
واري فانوسكم يبكي معي .. والارض البكري تبكي
لم اعرف البكاء منذ زمن بعيد .. لم اعرف ما الذي ساقني لهذا
البوست ؟؟؟ وهنا عندنا كل شيءٍ حجر.. حتي صرت انا الحجر..
وتنهدت وهج الشمس .. كل الارواح التي ذكرتموها(قالدتي) في النحيب.
لم ادري بنفسي اني احمل كل خفايا الحزن إلا هاهنا..
لم اعرف ان الحرف يعصف بي الي منتهاي..
ربما قيد روحي انكسر هنا والبكاء
وجسدي يابسا خاليا لم ترد فيه الروح
عطشت ظمآً وشربت من حروف جداولكم
كتاباتكم تلك فوانيس خبلت اللب واستحوذت علي الفؤاد..

بكيت ودمع العين للنفس راحه ــــ ولكن دمع الشوق يُنكي به القلب
وذكري لما القاه ليس بنافعي ــــ ولكنه شئ يهيج به الكرب
هذه ابيات ل (سمنون المحب)هي حالي ..
ـــــ
خالد و عبد الغني وعمادوعبد الله وطارق وعزازومامون ومنصور و
عبد الله عثمان وبشري ومدثر وصديق وكل الاخوان ..
اكتبوا وواصلوا تلك الكتابات ..
ولاتنسوا ان ترفقوا بنا .. كي لا اشتاق إلي البكاء فكلكم مجانين .
[BLacK/]

Post: #59
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: الفاتح ميرغني
Date: 04-09-2008, 05:36 AM
Parent: #58

Quote: ما أقسى أن تكون الضحية رابعة العدوية!
ما أقسى أن يكون الحلاج مصلوبا!
وابن رشد على حماره، يتلفت هائما، وضوء النار التي تحرق كتبه منعكس على صفحة وجهه؟
هل بالمقدور أن نحرق كتبنا كلها، ونصادرها من الناس، ثم ننسل الى الخلاء، كابراهيم بن أدهم، وبوذا؟
الحقيقة إننا نبكي حالنا، انسانيتنا!
لعنة الله على انسانيتنا، ولعنة الله على الابداع كله!
طظ !


الاخ العزيز خالد عويس
شكرا لك وانت تحتفي بقلم "مجنون" وهو قلم الاخ عبد الغني كرم الله فهو حقا " مجنون" ولكنه الجنون الخلاٌق ، إن شئت " الإبداع الخلاق على النقيض من "الفوضى الخلاقة" بتاعت ناس رامسفيلد التي ترى في الدمار إعمار وفي سلب الاخرين الحق في الحياة محاولة لإعادتهم لجادة الحق والصواب الوهم.وأنت يا خالد إنسان جميل لذا لا يأتي منك إلا ما هو جميل.

Quote: نجن لا نحتفي بمبدعينا إلا بعد موتهم

ليتنا ندرى معنى كلمة "عرفان".
مودتي وإحترامي

Post: #60
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-09-2008, 06:08 AM
Parent: #59



صديقي،
وأخي خالد،
والسرب الجميل، المحلق...


كم كنت حزين لعدم حضوري عرس (الأم)، عبير خيري... هل ترى ابن يسعد لزواج امه، هذا انا، وأنتم، فمن الذي لا يعشق عبير...

(أم) في الحنو، المجاني (لا تريد جزاء، أو...)، ذلك الحنان الذي يحنن قلبها، تطرب لرؤيتها، وتغني جوارحك، ألهذا خلق الله المرأة... (بل يتوارى خلفها صمتها، ودأبها)... فجر عصي الوصف...

واليوم ستلتقي بشقها الغائب، بنفسها (عزاز)، وستطير بجناحها العائد، لأفاق، في فردوس المحبة والعشق، والفرح.. فألف مبروك أختي، وأمي، وصديقتي الرائعة عبير... كم أحسست بجفاء المسافات.. وبعناد القدر (له حكمة).. في خلق (أسى، وحزن)، بقلبي...

ليتني استرق (البصر)، لنضاره وجه امك، بك.. ليتني، أحس (بصدق، وتحقيق)، بتلك الزغاريد من الخالات والعمات، والجيران، والضيوف، كي (أحس بالفرح)، كما هو، وليس كما يتراءى، له، أو كما اتخيل...

طوبى لك... أي ثمار سوف تجني من زرعك، هنا وهناك، حقلك المزروع كبيرا جدا، أمي عبير، كبيرا جدا، سوف اخاطب السحابة مثل ذلك السلطان الاموي (اذهبي ما شئت فسوف يأتيني خراجك)..
مائة عام، لا تكفي، كي تجني ثمار علمك، إخلاصك، حبك، تجردك..

فكونا بخير، عزاز، وعبير..

لعبير، ولكل فتاة في بلدي المحبوب، كن بخير، وأسعدنكن الله، وأسعدنا بكن، قرة عين، وفرح أصيل، وتحليق مبارك..

في الزواج، أحب تأمل وجوه الأمهات ( كيف يقوى وجه صغير كإطار للإطلاق، كيف وكيف)، بكاء، وفرح، وحزن معا.. بربك كيف يلتقيان..
حين اتجول في شوارع الخرطوم، أتمنى أن أصيح مثل الزين المبروك، بعرسه الشهير (يانا الحلة انا مكتول في بنات بلدي كلهم، المريضة، والجميلة، والعرجاء، والعمياء، والفقيرة، والأمية، )...

فتتزوج بنات بلدي كلهن، برجال انقياء اصفياء، ودودين،....

لعبير... ولعزاز، وللوطن، أجمل عرس، وأجمل فرح، ووئام أبدي، مكلل بالسعد.. والجمال..


اخوك عبدالغني


....

Post: #61
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-09-2008, 06:44 AM
Parent: #60

ما هذا النشيد، أخي خالد..


Quote: بوذا!
جاهل عظيم.
يا لها من عبارة.
لأن، في هذا التيه، في هذه الصحراء، التي لا نهاية لها، ما من أحد (عارف) يمكن أن يدعي سوى (الجهل).
على أن الجهل نعمة
والمعرفة نعمة ونقمة
والسعيد من دنت له قطوفها، فعزف، وعرف، وانطلق إلى السر.
السعيد من خلع نعليه، ومضى.
وأولّ هذا الإشراق كله:الحب.
الحب جوهر النور ومنتهاه.هو الثمرة الناضجة للعواطف كلها.وهو النار المطهرة.وهو النور المقتبس.
(إن الكراهية يستحيل عليها في هذا العالم......بوذا)!!
هل نحب أعداءنا؟ (السيد المسيح..المعلم)
وهل من سبيل إلى بداية الطريق غير هذا؟
نحبّ كلّ (شيء).
وهل الأشياء – من فرط جهلي – أشياء؟
أليست (كائنات)؟
....(الجاهل من ظن الأشياء هي الأشياء
والخاسر من لم يأخذ ما تعطيه على استحياء).
أليست (كائنات)؟
ألسنا نتقاسم الوجود؟
وحدنا..، وحدنا على هذا الكوكب.نرتجف من عزلتنا وضعفنا.مذعورون من وجودنا.من المجهول.من هذا الفضاء العريض.
ألسنا نتقاسم الوجود.
أليس (الفانوس) هو أنت يا عبدالغني على نحو ما؟
والنخلة؟
ألا تحس بها؟
والحجر؟
هل يشبه حجر حجرا؟
ألا تحس بروحه و(وجوده) حين تلمسه، لا بالكف، بل بالروح؟
ألا تحس أن (وجودا..ما) مات، حين تفتت حجرا صغيرا بأصابعك؟
ساعتها تحس أنك أيضا ستتفتت يوما ما.وأن قسما منك تفتت مع الحجر.وأنك، و(هو) على قارب الدنيا.سائرون في الطريق ذاتها.



أي قلب فيك..
أي (أم)) فيك.. أي أب، أي عاشق..

Post: #62
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-09-2008, 08:49 AM
Parent: #61

أصحاب.. اصحاب أصحاب..

اساتذة ... اساتذة ..... استاذة

أصدقاء ... اصدقا .... اصدقا..


سأحول، قدر الامكان...
ذكر بعض من أصحاب...

وهم فوق الحرف.. فوق المعنى..

Post: #63
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-09-2008, 09:02 AM
Parent: #62





استاذ أحمد المصطفى دالي:

Quote: صار أقرب للأسطوة في حكاوي المثقفين في بلدي، القدامى منهم، والمحدثين، ممن اسمتعموا له، وهو في الأركان، كأشهر خطيب في افريقيا، أن لم نقل العالم المعاصر، مذكرا بسقراط، وابيقور، وحملة مشاعل الفكر، وتنوير الشعوب، واستياقظ النفوس، كي تعي ذاتها، ورسالتها الخالدة....

كان خطيبا قوياً، سهلا، وشجاعا، تعرض لأكبر المعضلات وأصغرها، تتذكره طرقات الخرطوم كلها، وجامعاتها، وهو يخطب او يرد، أو ينبه، حاملا بيده كتاب، وبالأخر المايك، وأمامه كرسي الخيزران المشهور، وعليه كتيبات الفكرة، البسيطة الطباعة والتصميم، والثرية المعنى، وحوله جلوسا، على العشب أو التراب، عقول عطشى للفكر، للصحو، للتجاوز، وإكتشاف الذات...

سخريته المحببة، وتهكمة السقراطي، جعل من اركان نقاشة اغنية جميلة، لا يمل منه المتابعين من عمق الطرح، وجمال الطرح، وأسلوب الطرح (الإسلام والفنون، المرأة، المنهاج المدرسي، المعراج والسير الافقي والرأسي، الهوس، الاقصاد، التسيير والتخيير، الوضع السياسي، والإسلام، والإنسان الكامل)....

وحين ينتهي الركن، ويحج الحضور لبيوتهم، تتفتح عقولهم على حقائق، اقرب من حبل الوريد (من أنا، لم خلقت، كيف أعي ما يجري فيني، وحولي،كيف أعثر على ذاتي)، فرحين باكتشاف الداء، حزانى عليه،على حقائهم المغيبة، حقائهم الكبرى، كلهم أجميعن، فقد كان خطيب (الأفراد)، بلا نظير في تاريخ الكوكب...

تحمل في ذلك الكثير، ضرب، وشتم، وقمز، وهمز، ومدح، ورشى، ولكنه ظل ثابتا، عصيا، في محاربة الجهل والخرف والهوس والكسل واللامبالاة..

أنه تلميذ مدرسة كبرى، في الفكر، والتربية، والفهم، والمعارف، والمحبة.


أحمد جون

Quote:
(نص غير واقعي)..!!


أحمد جون، رجل تسكنه النشوة، والتأمل العميق، يرى الوجود الماثل بعين ساحرة، شكبيته معتقة بالمتعة، والتهكم، والصحو.. يرى الروابط التي تسنج ضفائر هذا الوجود، كم كنت سعيدا، حين سكنت معه، ومحظوظا...

علمني مراقبة وقائع حياتي العادية، درجة حرارة الغرفة، الضوء، مراقبة الخواطر، تصرفاتي تحت المجهر، مجهر عقلي وقلبي، رصد خواطري، (لا تنام اكثر من حاجة جسد، وليس فضوله)،





محمد الربيع

Quote: !!..

نحيف، بسيط الملبس، يمشي دوما وهو يحتضن كتاب على صدره، وكأن الكتاب جزء من الصدر، والصدر جزء من سماء (بدت له، واستعصمت، كعادتها، بالبعد عنه، كي يحلق نحوها، أبداً)، عيونه متسعة، (دهشا، من العادي، والأكثر عادية، ناهيك عن المذهل)، يتابع أحوال الكون، "كأحوال القلب"، لا يعرف هل خلق أيليا "نخلته الحمقاء"، أم لا.. والتي تفصل (كسائر الناس)، ظلها على جسدها، ولا يهما أنين افريقيا، وضمور التذوق العالمي، وفوز لسينج، بعشبها المغني، يصحو من نومه، كي يتابع نهاية الحلم.. والسريالية، وقائع الحياة أكثر سذاحة من خمر الحلم.. وهو يتفرج بذكاء على مسرحية قديمة، تمتد فصولها من ماض غابر، لمستقبل مجهول (الحياة)!!...

ومن عينه (المتسعة دهشا)، تدخل صور ووقائع الحياة اليومية، تعبر خلالها لقلبه (وهناك تفرد اجنحتها، الضامرة، وتغرد كطفلة، في حجر أم، وأب، ورب).. يتذوق عسل العقول، من رفوف المكتبات، والثورات، والانخطاف، يؤذيه نواح هاملت، وحين سمع استغاثة مصطفى سعيد (النجدة النجدة)، كان سباقا (قبل الملائكة)..

أين مصطفى سعيد ياربيع..
مات... أم تشرد، أم رفع كالمسيح..
هل ترثي له (في صراعه الأبدي بين الشرق والغرب، بل نقل إكثر إيجازا، "بين القلب والعقل"...

معه تحس برحابة الأشياء والأحياء، ولخواطره قدرة على نسج وحدة بين المتنافر، والمختلف، كأنه سماء (تلف ببطنها الوديع، الجبال والارض والضوء، والغناء، والزمن)، كم أغبطه على التأمل (كراهب بوذي، يشاهد زحف دودة مبرقعة، وفراشة ملونة، وملاك خفي، وغد ماثل)... مندهشا، ساجدا، (لجمال الحياة، لغرابة الحياة، لسذاجة الحياة)... كم تبدو الحياة معه، مفارقة، (وتستحق أن تعاش، رغم ضرواتها)، أيومن ب (من مادة الفكر خلق الكون)...

يفهم الإشارات، بفطرة سمحة، كبدوي، يقرأ طالع الحياة، يشم ما سيأتي، ويحي ما مضى، مخاطبا نفسه (عن الميلاد، والحال والمآل)، وتتغذى جوارحه ( بمداد جورج امادو، وفوكو، والحلاج، والحاردلو، وسقراط، و....و)... وبقلب، وبذهن منفتح، (أي فضل هذا)... بيده اليمنى، وكلتا يديه يمين، مصباح ديوجين، يطرد عن وجه الحياة (عتمة الخوف، وصدأ الرغبة)، فتبدو (في حقيقتها الغائبة)، قصيدة شعر، بلا نهاية، لموسيقاها، ورؤاها، وعبقريتها..

رؤيته، تعيدني للصواب، للأمل، للاحتفاء بالماثل، والماضي والقادم، ينفخ الروح في خواطري، وإخفاقي، (مالنا إذ كنا معك، رأينا الفرح رأي العين)... هكذا هو (طفل ، أمام أب قديم، وأم أقدم)...

(صير الرومي طيني جوهرا، ومن غباري شاد كون ساحرا)، هكذا قال إقبال عن (جلال الدين الرومي)، وعن الربيع، وعن كل عقل ينفخ الروح فيك، ويعطى للحياة معنى، وسحرا، وتجلي..

تبدو حياته، في كلمة (باحث)، أو قال سالك، أو قل (ضال)، او قل (مسكين)، لا حول ولا قوة له، أمام (إيجاد، وإمداد)، غريب المنشأ، والطلعة، والمآل، طفل ساذج، لأم عجوز (الأرض)، وأب عجوز (السماء)...

في مجلسه، ومعيته، تعطى كل عين هدية (واحدة)، مايكورسكوب، والآخرى (تلسكوب)، فترى البعيد، والقريب (بصورة مغايرة)، أكثر ثراء، وفرح (وجدوى)!!...

إنه يخصب الحياة... لأنه يفحص الحياة، الحركة، المسعى، التكوين، التفكير، ويبحث (عن فرديته)، في تاريخ طويل (وقاسي)، لحياة القطيع، (كان الفرد، ولم يكن المجتمع)... أيهما أولى بالرعاية (وكأن هناك تناقض بينهما)، طوبى للعقول الصافية (فهي ترى الجنة داخل الجحيم، كنار موسى)، وسم سقراط (أرغب في تأمل الأبدية)، هكذا احتضر العجوز اليوناني القبيح (...!!!)... وخلق الموت (كي تكف الحياة الدنيا عن غرورها، وبأن الحيوات (لا تحصى)، وبأن (الوعي)، قاصر على إلباس سواره على معصم (الإطلاق)، أنى سعى، وأدعى..

كنا نجلس في القهوة، ونفترش الارض، ونثرثر، ونبكي، ونضحك، على أناس هناك، في الاكوادور، في كينيا، نغوجو واثنغو، على ماركيز، على الحلاج، على آلان روب غيرى، على فشل التوحيدي، ومأساة الجاحظ بين التصوف والاعتزال، ومن عبء ا لحاضر، من سطوة الماضي، بجبروت العقائد، والشكل، والهدف..

هم ملح الأرض، عرفوا، أم لم يعرفوا، معه (مضى عهد الراحة)، و "غدا تشرق الشمس)، وصباح الخير أيها الحزن ...




هدى سلطان..

Quote: إلى فرح الخلد، أيتها الجميلة، الرؤوم...

للحق، أول مرة ارى امي، تخرج من البيت، وما اندر ذلك، فالعمل في الدار البسيطة لا ينتهي، كي يبتدئ، تعوس، وتنظف، وتكنس، وتحب وتحب،..

ولكن مرة واحدة، خرجت امي من صومعتها، والتي تضفر بداخلها ألق الشخصية السودانية، الخاصة، والعصية التقليد، خرجت امي، ودخلت الشاشة البلورية، كمعجزة بسيطة، ففي قلب الام أكسير عظيم، دخلت، وغيرت القليل من شكلها، الكثير من سحرها، بل هي هي، لو اضافت شلوخ هنيئة، وثوب بسيط، في مكان الوجه الابيض والاسكيرت والبلوزي، لكانت هدى سلطان...

كنا نحب ان تجري الكاميرا، لوجهها، فقط، ولصوتها فقط، ولسمتها فقط، تتنافس بداخلها ملامح ثمان، كلا ينتصر، مباراة واحدة، وعشرات المنتصرين أنها اشتراكية الفوز، بمقدور قلب الأم أن يفعل أي شئ، كانت تزورنا، وتزوركم كل مساء، ضيف جميل، يغزو صوتها الحنون باحة الصدر، فتحس بثراء الامومة، وبأن الصوت الصادق، قادر على بناء جنة في لمح البصر، يالها من أمومة مدخرة، وموزعة عبر الاثير، كان سمتها، كرائحة البخور، تتسلل من نافذة التلفزيون البسيط، والذي يعتلي طربيزة بسيطة هي الأخرى، ليدخل قلوب اكثر بساطة، لاسرة سودانية، وغيرها من بقاع الارض..

اطفال صغار، أثار العشاء لاتزال تعاند الغسيل المتسرع،، وأب برد الشاي امامه، وأم ترى نفسها داخل الشاشة، وخارجها (كعادة الام في عادة الاعجاز)، جزء من النسيج الخاص، كانت هدى سلطان مثل خالي دفع، وبخيت، وخالتي فاطمة، جزء من اسرة بسيطة تسكن ضفاف النيلا الازرق، يصطف حولها اهلي، كي تحكي لنا، بصوتها المؤثر النفاذ، كروحها...جميع اهل قريتي يعرفونها، فهي تزورهم يوميا، كأنها شمس المساء، وتفجع لمشاكلها، وتتحسس مشاكلهم، الطلاق، اكتظاظ الاسر، تمرد الابناء، كانت ام، وكنا خلف الشاشة اطفال...

كنا نكره انقطاع التيار الكهربائ، لأنه يمنع هدى سلطان من زيارتنا، كنا نرى في صوتها صوت الام، يتتداخل صوتها، احس به، وكأنه يأتي من الصالون او من البرندة، أو ناس الجيران... أهكذا التمثيل الاصيل، يخرج من الشاشة، كي يفترش البرش معنا....

بلورت مأساة الأم المستسلمة، الأم المتفانية، الأم الباسلة، جبل من هموم على عرش قلبها، انفلت الأولاد عن باحتها، أمرأة مسنة، هجرها الابناء لدنيا المدن، زوجة ابن شرشة الطباع، حقول تضررت بالامطار الرحيمة (والارحم في فتكها)، في ثلاثية نجيب محفوظ الرائعة، وكأنه استلهم النص منها، فهي القالب...



ماهيتاب

Quote: ماهيتاب...


المرأة العجوز، الحكيمة، وكأنها مرسومة بريشة باولو كويهلو، أو إيسوب، تسير عكس نهر الحياة، ولدت عجوز، وهاهي تسعى للطفولة عبر الشباب النضير...

وتسعى خلف الشوارع (الخلفية)، لتحسس جرح المنسى من الخواطر، والمنسى من نبض القلوب، وتنسج بعقلها، وقلبها (معا)، شكل لهوية جينية موروثة (بركات، ورشيدة)، ومكتسبة..

بمقدورك ان تتصل بها الساعة الثانية صباحا، (كمركز للطوارئ، هذه مهنته)، والنعاس يغطي صوتها، وهي تبوح لك

(الله ... يخليك)...
وبها براح... يااااه، ياخالد، براح عجيب، بحيث تمد (تهورك)، خيالك، بكائك، ونحيبك امام حضرتها، (أمام كاهن كنيسها الرؤوف)، ولا تبالي... (عقل يستوعب، كل شئ)، وكأنها الوجه الآخر، للحكمة الصوفية (أقام العباد، فيما أراد)، فلا يعترضون على قدره، مهما جار، او غاب، أو استلغز..

تلك السعة، تستدرج منك، كل شكوى، أو أنين، أو سيرة مخفية من قسوة (الرأي العام، وعب الماضئ)... وبفهم (وحنان)، تصغي لك، مهما أطلت الحكي، واسترسلت فيه، فن الإصغاء العميق، (لك، وللسحب)، أليست شاعرة، وهل هناك تاج وأكسير، أغلى من (الشعر)..







سناء يونس (بمناسبة رحيلها)..

Quote:
سناء يونس، ليست ممثلة، ولكنها فرد من أسرتي، وأسرتكم، تدخل علينا، كل مساء من باب الشاشة البلورية، كي تمزج، وتركض في بيوتنا، ونظل نحدق في تعابير وجهها، الثري بالطيبة والبساطة، وقلة الحلية، والأغرب كانت شخصية كالشمس، تدخل كل بيوت وطني في آن واحد، لا يشغلها بيت عن بيت، كنا نرى فيها وجوهنا، مرآة، للفقراء والبسطاء، وخفة دم فطرية، صقلتها التجربة، فكانت الحبيبة لكل النفوس، قاسم مشترك أحلى وأعلى، وللحق لم تكن تمثل، بل تنقل تعابير وجهها انفعالات وصورة داخلية للحياة الشعبية، للإنسان المقهور، الملئ بالهم والجوع والعطش، وجه فذ، يتشرب المعاناة، قدر طاقته، فيخرج ا لبكاء كالضحك، والضحك كالبكاء..

تسرع أخواتي في عمل شائ المساء، وفي تجهيز مسرح الفرح، عناقريب مرصوصة كي تواجه شاشة تلفزيون بسيط، على طربيزة قديمة، ونرش الفشحة، ثم يبدأ المسلسل، تضج البيوت بالضحكات العالية، تخرج من فوق الاسوار، كي تلتقي بضحكاتنا، وضحكات الشارع، والقرى، أي وحدة وجود تجري في هذا الكون، لقد رأو سناء، ظهرت في عنفوانها، مجرد رؤيتها، يجلب السعد، والحب، كأنها رمز من رموز الجمال الإلهي، بسيطة، كالماء، وتروي النفوس مثله، تتعب في البروفات، في حفظ الأدوار، في حفظ المعاناة، ثم يأتي جسدها، ووجوها، وعينيها، كي تعبر عن تلكم الانفعالات الصعبة، وللحق هي لا تمثل، ولكن تنقل نبض شريحة من الذوات البشرية المقهورة، دوما، كي تزور بيوتنا المتواضعة، بكينا معها، وضحكنا، وتنهدنا، فأي صداقة، وجيرة أعظم من هذه..

جلس تحت قبتها، تحت شاشتها، خالي، وبناته، صاحب الكارو يركض كي يلحق بالمسلسل، بسناء يونس، البصات تتوقف، وكباية الشاي تبرد امامك، تأخذنا للبيوت المصرية، لبيوت الفقراء أنى كانت، لمشلكة الطبقة الوسطى، لم تمثل دور غني، حتى في التمثيل هي أصيلة، لأن طينتها قدت كي تمثل دور الفلاحة، دور الأرملة، دور الجائعة، لأنها منهم، تحس بمشاعرهم وانفعالاتهم الفطرية....

حبيبتي سناء، كم تركت في قلبي، وفي ذهني فرح خاص، والله بحبك، بحبك كشخص حي، نراه في التلفزيون كل مساء، نترك الكتب والكراسات كي نحدق فيك، ونضحك ونضحك، من القلب، ونبكي معك، ونرجع إلى السراير والنعناقريب فرحين سعيدين....

نبحك أكثر وأكثر وأكثر..


بشرى الفاضل:

Quote: بشرى، كنت اعجب من أبطاله، قمزه، وشخوصه، وغرابتهم، في الجينات والملامح والاهتمام، فوجدته هو الغريب، ومن شابه اباه ما ظلم.. كل إناء بما فيه.. يسكر، ويسقى، ويغرق!!

إنه الفتى، الذي طارت عصافيره، وأحلامه لأفق بعيد، عصى الفهم، وبكر الخطو... ولن تجدي (حملات عبد القيوم، وسقراط، وعشة الفلاتية، ورولان بارت في حشره في زمرة المصطلحات، والتعريفات القسرية)، طوبى له،لنا، لهن، لكم، بهذا الضلال... الجميل!!

كنت اراقب وجهه، ويديه (كثيرة الحركة، كأنه يحارب، كدون كيشوت، الجور الماثل في العيون والعقول، والغد) ، كل هذا جرى في (دار استاذي صديق محيسي)، فأحسست بأنك معنا، وليس معنا، (أن جسمي هنا، وقلبي هناك، وأنا الصب ما بين هذا وذاك)، هل ترحل إلى (عوالمك .. بالجسم)، والخيال معا، حتى تفتن فقه الأدب (أكان المعراج بالجسد أم الروح)، كلاهما وطن واحد، لروح طليقة، ما رأيك في أشعة اكس؟ انها تخرب توهمات العين الشحمية، وتبني فوقها، بل فيها، تصورات أخر (حتى الضلوع تظهر، كالشمس، وكالقمر)، اذن ما رأيك في عين القلب؟ (العين الثالثة، كما يقول الرهبان، والغدة الصنوبرية كما يقول العلم)، أنها أيضا تفسد الروية، مثل نصوصك، وتشكل عالم آخر، أي تزخرف هذا العالم الماثل، بكشف حقيقته ( شق ثوب الوهم عن ذاتك، ينشق غطاها، وأدخل الجنة في ديناك وأنعم بشذاها)، قد ندخل الجنة (بسكرة كاربة بقزازة عرقي، أو افيون، أو حالة نشوة وتأمل عميق، فتبدو (الاشياء "متماسكة، ومتناسقة، وما الموت إلا وجه من أوجه الحياة) كما تقول آية الطيب صالح...

لا أدري، سافرت بك، لعوالم أخرى، أحسست بتتداخل العوالم فيك، ومعك، يالك من طفل، سقته المطره والخمر والحليب..

تقفز خواطرك، كالطفل، من غصن إلى أخر، غارقا في ثراء (الفقر والبساطة)، مندهشاً من (النمل، والحصى، والبصل، والعادة المملة).... عيناك كبساط سحري، ينقلها الهوى والرغبة والحلم لأصقاع بعيدة، تختفي من نفسك، كي تجدها أنضر وابهى واعمق...

لم تكتب؟ كي تثير ذهنك، كي تغمس يديك بفضول في كباية شاي قلبك، (اعترافات القديس اغوسطين)، تناص مبارك، مجازفا بالاحتراق، وآملاً بنار موسى.. سوف (أقرأك من جديد)، كم تشبه كتابتك، الخالق الناطق...(مجانين إلا أن سر جنونهم على اعتابه يسجد العقل)... أنت القصة، الحقيقية، الماثلة، يالك من طعام شي، يسيل بمكره، وبرائحته، لعاب الفرح، والغموض والانخطاف..

أراك ماثلاً، وفي دواخلي ينتفض حس، ورغبة، في مقاربة بشرى الفاضل، القاص الخاص، والنبي، والخاطئ، وال...

(احبكم والحمام رسائلي)... كانت ليالي الدوحة، حبلى، بأطفال بلا ملامح، كالإله، وكالغد الغامض..

سلام سلام سلام.. الجميل بشرى، القصة الماثلة فيك، أكبر من كل القصص، المقرءوة، والمسموعة، والنائمة.. والمنتظرة!!

كيف نعثر على بشرى

انه متشظى، جسمه معنا، وقلبه على الوطن، وخواطره في جنان تخيله، فكيف نعثر عليه، معا، سيرة وسريرة... زي لعبة الدسوسية، كنت ابحث عن اختي تحت السرير وداخل الدولاب ووراء المزيرة، ولكن ليس المفاجأة ان تجدها، ولكن أ ن تجدها في كل تلك الأمكنة، وفي آن واحد (تجزأ فرة فطر عند اربعين فد مرة)، هكذا قيل عن الشيخ السماني، حين تحقق بالأية (لا يشغله شأن عن شأن)، تمددت روحه، بنكهة المعجزة، و(هل لها صفة غير ذلك)، في الأفاق..فالسهم حين ينطلق يكون موضعه (التغير)، وكان سلامه توديعا، كالبرق يسحب جلده من الاشياء والاحياء التي مسها، دون أن تلتصق بملاءته الوضيئة غبار أو حرارة أو رعشة..فسلامه توديعه




نزيهة محمد الحسن

Quote: صباح حنون، ومساء سعيد، حسب موقع الشمس (المهيمن) من فلكم... وإن كانت شمسكم (لا شرق يظهرها، لا غرب يسترها)، ولكنه المجاز، والإشارة..

طوبى لكم، كم اشتاقنا لك، اشتقنا للفكر الجميل المشرب بالعاطفة، للرؤية الساحرة والتسلكية لايقاع الحياة اليومي، (غسل العدة زي ذنوبك)، (الماء معرفة) ( الحدث ده حصل لي لأني لم اذر ناس فلان)، لم يفارقكم ميزان (ولكم في القصاص حياة)، ميزان لا يضل ولا يجور، الذات أمام الذات، ميزان التسوي تلقاه، كم تطربني رؤية الاخوان، نظراتهم، احاديثهم، إنهم ملح وسكر وعسل، تسمو الحياة بهم، يخصبون السيرة بجمال عقولهم وقلوبهم، يمسكون بميزان دقيق، لوزن حركة الوجود، وأنفسهم، يالها من مدرسة كبيرة، استاذها الله، وسبورتها هذا الوجود المترامي الأطراف، بل ا لمجهول الاطراف، فحيث يقف الفكر، وهو في سرعته الاسطورية يجعل الضوء سلحفاء، تغرق نفوسكم الطيبة في الحيرة، ويالها من حيرة، اعجب لايقاع الاخوان المختلف، لا تشابه، سوى في المحبة، علم كل اناس مشربهم، تعدد في وحدة، ووحدة في تعدد، خرجوا، أو كادوا من حياة القطيع (لهذا السبب انتقل كبار الاخوان) كما يقول استاذ خالد، والله لايزال سمتكم يعطر الشقة والدوحة، (ياكرام ياكرام..... ياكرام)، حقا لا جنة سوى حياة الفكر والشعور، هاهي المدينة المعاصرة، وقد ضلت طريقها، تخلق انسان آلي، فقد روحه وهويته، صار نملة عصرية، ومن لايعرف من أين جاء، لا يعرف إلى أين يذهب، (الحديث عن أصل الكون، والجبر والاختيار، ليس ترف ذهني، بل ضرورة يمليها تطلع العقل المعاصر لفهم وسبر نفسه)، دوامة الحياة قوية، جارفة، رياح هوجاء تسوق السفن نحو الخيار المادي، فصار صوت الروح واهن، ضعيف، ساكن، غوراً (فمن يأتينا بماء معين)، كانت هوايتي، في الثانوية، أن أرمي حجر في ماء عقلي الراكد، كي يصحو، ويتحير، لم اكن احب الاذعان، لم اصلي واحفظ الفاتحة إلا بعد قراءة الرسالة الثانية وتعلموا كيف تصلون، حين ادركنا أهمية الصلاة في فهم النفس (الصلاة جلسة نفسية) مع الطبيب النفسي الأكبر، مع الله، مع النفس/الروح، كم تمتعت وان أقرأ تراث الفكرة، والذي اهداني له الاخ الاستاذ/ أمين لطفي، وهي جلسات التسلكيك، وما يدور فيها من حديث سلوكي عذب وجميل (الصلاة انتصار على الخوف، هي العيش في اللحظة الحاضرة، هي نفخ الروح في خلايا الجسد الخائف، هي رحلة من البدء إلى النهاية، هي العبودية)، ثم يجئ الصوم، مع صديقته الصلاة لايغاظ الجسد من سباته (الجسد عارف، والعقل يحاول أن يكون عارف مثله، طرفي ميزان، عقل وجسد) إنها فقرة من الإسلام والفنون، هذه الفقرة شغلتني إلى الأن، تعجنبي المعضلات التي اجدها في كتب الفكرة، أحيانا افهم، وأحيانا اتعجب، واحاول بسبل أخرى فهما، بل تذوقها، (سجادة الثلث) هي الحل، ولكن كيف، اللهم لا تحرمنا من الجلوس معك في أحب الأوقات إليك،



أصحاب.. أصحاب..
ولسه الساقية مدورة، فما أكثر الأصحاب، وما أجملهم..

لسه..

Post: #64
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: نزار عثمان السمندل
Date: 04-09-2008, 09:47 AM

هذا جنونٌ فادحٌ ، قد لا أقوى ، في هذه الساعة من الوقت ،
على مجاراته في أشواطه الممتدة .
لكنه أسعدني , وجعلني أحسّ بأن قلبي ما يزال في مكانه ،
وأنه صالحٌ للاستعمال .

على خطى جداريتك ، يا خالد ، مع يحيى فضل الله . تلك التي كانت إلياذة البورد بامتياز ،
تكتب جداريةً ثانية لتضيف وردةً إلى وردة الروح ، طالما أن عبد الغني كرم الله ، هذا الكاتب الفذّ ،
هو نبيُ المماشي هنا ، وموقد الشعلة ، وجابر كسر الغواية التي في الكتابة ..
وأنت شريكه في كل ذلك .

الآن ،
إنما جئتُ مباركاً ابتكاركما هذا الرونق اللذيذ للنسيان بذكريات دون بهارات ،
وجئتُ محيياً هذه الكسور الشاردة في أضلع الأمكنة والناس والأغنيات ،
وجئتُ مخفوراً بالنشيج المتماوج مع كل تلك التناهيد التي يكمن في كل تنهيدةٍ منها ضريحٌ ، لنا ..

محبتي لك ولعبد الغني يا خالد ،
ولكل الأصدقاء والصديقات هنا وهناك ..
وأعود في متسعٍ عساه قريبا .

Post: #65
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: محمد مكى محمد
Date: 04-09-2008, 10:07 AM

أثناء طوافى بالمنبر ,عند أدائى لشعيرة القراءه ,وفى الشوط قبل الاخير قبل النوم دخلت هنا....
وجدت حجرى الاسود هنا..
اليوم أكملت فريضتى فسأذهب لأنام مطمئنا..
تحايا عاطرات لعموم الحجيج

Post: #66
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-09-2008, 11:48 AM
Parent: #65

يااااااااااا الله...
لقد عاد ابوك حيا،
...
ياااا لأكسير حروفك، تنثره فوق "قبر" ابيك، فوق "روض" ابيك..
أكثر من قميص يوسف، حروفك..
مثل دعاء الشيخ حسن ودحسونة لبقارة..
مثل همس المسيح لعاذر.. فنهض من غفوته، موتته..
مثل أمر مايكل انجلو لتمثاله المنحوت لموسى : أحكي ياموسى، أحكي لنا ألواحك،...
بحروفك، عاد عم إبراهيم حيا..

خيالي تمثله، كماهو، حتى رائحته، حتى نبض قلبه، حتى ذاكرته المليئة بالحكم (ورباعيات صلاح جاهين)، وشعر المتنبئ، وود ضحوية، ها انا أصغي له، لأبيك، في صلاح جاهين.

خرج ابن آدم من العدم قلت : ياه
رجع ابن آدم للعدم قلت : ياه
تراب بيحيا ... وحي بيصير تراب
الأصل هو الموت و الا الحياه ؟

عجبي


ثم يسرح عم إبراهيم، بل الوالد إبراهيم، مع (الأصل هو الموت والا الحياة)..
ثم:

يا باب يا مقفول ... إمتي الدخول
صبرت ياما و اللي يصبر ينول
دقيت سنين ... و الرد يرجع لي : مين ؟
لو كنت عارف مين أنا كنت أقول


عجبي !!!

الكتابة الحقيقة، تعيد الحياة للموتى، تعيد النشوة، .. صفحات الكتب تأوي تغريد عصافير حلقت في زمن عاد، وصراخ صبية في الطوفان الأول، تحكي ما كان، كأنه كائن، للحروف السوداء، وهي ترقد على جنبها في سطور متوزاية، على سرير الصفحة، أسرار، وأقدار، وأنوار..

احكي لنا عنه، فأخوك يتيم، رأى (الأم)، هي الأب، ولم أسعد بعشرة أبي، بل ازور قبره كل حين، في كل إجازاتي، لم احيد عن هذا، وفي طفولتي، حين اذهب لجلب البرسيم من البحر، امر على قبره، واسلم عليه

- ازيك يا ابوي
- اهلا يا ولدي..
- سلم لي على النبي والجيلاني
- هم بسلمو عليك...
- ناس امي كويسين ومحاسن دخلت المتوسطة..
- شايفكم انا يا ولدي.. البرقد في القبر بشوف كل شئ..
- ما اسعدكم يا أبي..
- وما اسعدكم يا ابني لو تفتحت عيونكم على الحقيقة..
- وما الحقيقة يا ابي..
- وراء القبر..
- وما القبر..
- كثيب لرؤية كل شئ.. أجمل ما يكون..
- حتى النار؟
- حتى النار هنا (بردا وسلما)، للعصاة..
- ولم السر يا أبي، ولم الغموض..
- لست أدري..
- ألست تدري، حتى هناك..
- الأمر فوق الحياة الدنيا، والحياة الأخرى..
- مع السلامة يا ابوي..
- الله يسلمك يا ولدي، .. أحلق الشعفوفة دي يا ولدي...
- !!!!,,,

كما نسمع الخواطر، كنت اسمع أبي.. كم نسمع الاصوات في الذكريات القديمة، كنت اسمع صوته، يبدو هادئا، مسالما..

اسمع (صمت) ردوده، اسمعها اكثر من الرعد، من صارخ اخواتي محاسن وعلوية، ... الأب يحى فينا، الخلود يتلبس وراء حجاب الابن.. البيوضة والحيوان المنوي، تدس بريق الحياة فينا..

والله ياخالد، لمن سمعت حكاية موسى ابوقصة... تعجبت من الموت، بل من الحياة،... وإليك هي..

سألت موسى امه يوما..
- يا يمه، حصل مريتي بظرف صعب.؟.
- ايوه يالود، لمن كنت فتاة، قبل اتزوج ابوك..
- حصل ضنو؟
- كنت بفزع (جلب الحطب من الغاب)، ومعاي صاحباتي، والليل دخل تب، وهن قدامي، جات كتاحة، وما شفتهم، وضليت الطريق وخفت شديد، جاني شاب، ابيض، شال الحطب من رأسي ووصلني الحلة..
- يا يمه ده أنا..

هذه القصة سردت بلسان استاذ محمود في احدي جلسات تلاميذه، وهم حوله، فأي ثراء، وغموض للأنسان..

ألم يقل متى، وقد ظهر قبل المسيح، وقد هام به الناس، وظنوا انه المخلص الموعود، فقالوا له:..
أأنت المسيح..

فقال،: لا ... يأتي رجل بعدي، لأنه كان قبلي، ويكون بعدي..

فالزمن قناع، يستر حيوات، ومكر جميل...

فلتمطر، ذكرى عم إبراهيم، الوالد إبراهيم.. فالحروف الحقيقة، كالأكسير، وعصى موسى، تشق البحر، وتلغف الحيات، وتذكي الحياة..



....

Post: #67
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-09-2008, 11:53 AM
Parent: #65

مساء الحب
وصلتني هذه الرسالة عبر البريد الإلكتروني من الأخ متوكل..

سألت نفسي كيف أكتب جمل مفيدة أو اختار جزء من هذا المعجم . مهما خدعت نفسي واعطيت نفسي اوصاف كنت اسمعها عندما كنت صغيرا وانا احمل كتاب يفوق عمري وتاريخي وجدتها صارت عبثا امام كتاباتك . حاولت ان اوفق لاختارسطرا" واحد فاذا بكل كلمة انتقيها اراها تسقط اخري او ربما انتقصت معني من معانيك الجميلة .
لذا قررت ان لا ارهق نفسي او اعدو اكثر من امكانياتي وانت تجلس يبن الحد الفاصل للروح والقلب لتسأل من يحمل في يدة بطارية وبالاخري عصاية عائدا من صلاة العشاء بالله يا اخونا الحد الفاصل بين العقل وقبل ان تكمل أغلق الباب ووضع خلفة ماسورة حديد حتي لايفتحة الريح ليس هناك وقت للسؤال المسلسل قبل الاخبار لعن الله الدراما المص....... فلم تعد تجدي لا هي ولا النشرات قابل لم يفابل انشاء الله وعنو ما قابل
ربما عبد الغني كرم الله لو لم يسمع بارسطو ولا سقراط ولا قيود الطبع ولا مجلس المطبوعات من يمنعه عن القرأه وهو لم يقرأ سوي الراتب ولم تمسك يداه صحيفة سوى التي يشحتها من ابن خالتة في المدينة عندما يذهب للتطعيم جرايد الشهر الفات يفرشها تحت الكبايات في المطبخ يتدلي منها عنوان اغتيال بنازير بوتو في راولبندي .
تسألنا تاريخ الفطرة ام تاريخ العقل نقول ان الفطرة سبقت العقل واعادت صياغتة وفق الحالة والظروف وحركت عواطفة وادخلتة في نفق الخير والشر .
مرة اخري تدعوننا ان نتأمل المسافة بين الروح والعقل والروح الانسانية ما ابعدها عن العقل
يا كرم الله دوما اتذكر مدرسة القرية جبارة يكتب من غير تنقيط تدري لماذا؟ ليلحق موعد المسلسل فيكون ثمنة السياط لكنها ليست من الجلادين .
يا كرم الله هل جربت ان تستخدم حواسك الخمسة من رائحة الخمرة والحناء في نفس اللحظة لا اظنك فالكهرباء تقطع بعد المسلسل وقبل نوم العيال بلحظات وحاسة البصر تفوق كل الحواس سئمت من ناس خالد والنشرات والاخبار والقتل والانجازات التي لم تجعلك تتمتع بحواسك الخمسة في نفس اللحظة .
اسأل بائع الكتب عن رواية لماركيز فيقول هس محظور
يا خالد كفانا جراح لا تخرج عن النص عانق كلمات التبجيل والتشكير والانجازات او دعنا نركض خلف جبارة وكرم الله المجنون
مفاجأتي انني وجدت الحمض النووي لأبن عويس يتطابق مع كاتب الراتب والتاريخ
اخوك أبو جعفر الطيار

Post: #68
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-09-2008, 12:31 PM
Parent: #67

أصدقائي وصديقاتي
أهلا بكم في القلب
انفروا – كالظباء – من موارد الماء/التهلكة
وانقروا – كالظباء – على الأرض البكر لتتشقق حروفا..إن شئتم!
انفروا..انفرن، فهذا الذي..( ) شديد الوطأة!
هو محض سراب/ماء صاف رقراق
ما الذي – يا إيزابيلا – يوقظك في تمام الزمن المموّه، لتركضي فوق حقول النار؟
الأبشع من ذلك، أن تشعري – في أوقاتك تلك – بحمى الكتابة، ونزقها، وعبثيتها، وجنونها، و(معافرتها)، وجلدها الذاتي.
يا الله !

يا أصدقائي وصديقاتي
دعوني أتلفت..لأتمعن في قلوبكم ..في مفازاتكم!
يا الله!
كلكم هنا؟!
ما هذا الجمال كله والجنون؟!
لكن عفوا، لا تزعجوا الآخرين – هنا – بطرقكم على الصفيح، وعريكم، وصياحكم، وأغنياتكم، وأنتم تترنحون – آخر الليل – من السكر (وسيؤاخذني الذين لم يعرفوا السكر بعد، على سكري، يا أيها..أنا سكران جدا، ولست منطفئا، أنا سكران جدا، بالوجد والحب والكتابة، سكران بالخلق، بالوجود، بالحيطان، وبحنيني إلى هناك، إليكم، إلى نفسي، إلى الذين رحلوا، وأسكر أكثر بالشعر، وبكم، ..)، لا تزعجوهم، فأنتم في حلّ من أمر جنونكم وسكركم.
الله يا عبدالغني..
يقول ..(هو، شيخنا الحلاج)
سقاني شربة أحيا فؤادي
بكأس الحب من بحر الوداد
فلولا الله يحفظ عاشقيه
لهام العاشقون بكل واد !!

يا عبدالغني..يا عماد (سأنصبك عنوة، ورغما عن وعيك، أميرا لعشيرتنا، على ألا تجمع خراجا، ولا تؤذي طفلا، بتثقيفه!!)
يا..
شربة بشربة.
والله لو حلف العشاق أنهم ! (الحلاج)
شربة بشربة يا عبدالغني
هذا السكر الذي يحي الفؤاد، أنا على استعداد أن أقايضه بكل (كانط وسبينوزا وماركس وهيدغر ودريدا وفوكو و..)
كل ذلك بشربة واحدة!
يا عماد..
قلت..في جبال النوبة ؟
يا عماد، لابد أن نلتقي!
فأنت مجنون جدا.يعجبني هذا.ويعجبني أن نلتقي مع رهط من المجانين الذين يخففون عنا وطأة هذا الوجود.
تعريت؟
كم تعريت أنا بالروح!!
وكم هي عارية أصلا!!
في تلك اللحظة يا عماد، ولدت أنت مرة أخرى.
بوسعنا أن نولد مرات ومرات.
أنا ولدت مرتين.المرة الثانية هي (الكتابة).لعنة الله عليها !
أما بشرى، بشرى الفاضل، فقد توغل – باكرا – في خلائه.وما عاد ليلحق!!
كيف لنا، والبيداء بيداء!
حسبنا منه أن يضيء قناديله – من على البعد – لنزحف باتجاهه.
هذا إن كانت به طاقة ليفعل!!
يا عبدالغني
ولعبير وعزاز زخات من المطر الملون، وبعض ملح الحياة.
أحب جدا أن يتزوج محبان، عاشقان، للحياة، للابداع،لبعضهما بعضا.ذلك ابداع بحد ذاته.
وأنت ستحزن.فأنت بعيد – يا كرم الله – حتى لو كنت (هناك).
نحن بعيدون يا كرم الله، وذلك قدر متربص.قدر ننزلق في تجاويفه تدريجيا.قدر مخاتل.
نحن لسنا هنا، ولا هناك، أين نحن ؟
أنت تحمل الآخر، (آخرك) في ذاتك المتشظية، وتروح تغيب في سكرك، فلا تدري بأي أرض تقف، وعلى أي مشارف تطل.أنت أم الآخر؟الآخر أم أنت، أم أنت/الآخر؟
الحق، الآخرون؟
أليست كل شخصية من شخوصك، هي جزء من روحك؟
هذه الشخوص التي تقتاتنا يا كرم الله، وتصرخ في وجوهنا – أحيانا – وتأبى مصائرها، مثلا تماما!!
تبصق الشخوص علينا – أحيانا – وتستهزيء بنا، وتمد لسانها، وربما تأتي بحركة، يصنفها الآخرون أنها بذيئة جدا، ومنحطة.والله لا أعرف ما هو الانحطاط؟ حركة ؟ يا أخي هذه روح نحن نتلاعب بمصيرها وقدرها !!
وتقول لي يا كرم الله أيّ قلب أي أم أي أب أي عاشق بداخلي؟
عاشق كبير.فالحبّ أول وآخر، وما بينهما لا يعمره إلا الحب.
ذلك حبل لا يرتجف – حين المسير عليه – العاشقون.
كلهم كانوا عاشقين!!
يأسون للحجر والطير والحائط. أنا أحب الحيطان، والأبواب والشبابيك.أقسم، إنها أرواح.ليس الشجر والحيوان فحسب.الجماد يحس.الأبواب، بعضها حنون دافيء، وبعضها – لعلة ما – قاس، ومكشّر!!
والشبابيك، الله ما أحلى الشبابيك، شرط أن تكون من الخشب.
أتشم رائحتها؟ لها رائحة، رائحة العابرين، والغادين، رائحة الأمهات والجدات، رائحة الحبر الأزلي المخبوء في الإنسان.
وأنت يا عبدالغني؟
ألم تتوحد مع حبة القمح؟
يا عبدالغني البركة فيكم
أعرف مرارة فقد الوالد، خاصة إذا كان (صديقا).
وأنا، (إبراهيم عويس) كان صديقي الأكبر.
تعرف صديقي الأكبر، هذه تشبه (الشيخ الأكبر)..!
كان (مسيحا).
كان صوفيا.
يعنّ له أن يعد لنا العشاء أحيانا.يحب أن يدمس الفول، ويقلي الثوم على الزيت الحار، ويخلطه بالطماطم والبصل والجبن الأبيض.
في العصارى، تمضي عيناه تسرحان في البعيد.في المدى.يعلق بصره بالسحب الخفيفة العابرة، والشمس الغاربة.لكن..ما وراء ذلك.له روح طيفية فعلا يا عبدالغني.على عكس ما يذهب إليه ميلان كونديرا في (خفة الكائن)، في أعماقه خفة.خفة الذين يعرفون أن وجودهم خفيف، وعابر.الذين يدركون – مهما عاشوا – أنهم إنما أضياف.يلوذ بروحه تلك في كلّ الأوقات.ويبكي إذا مات قريب أو قريبة.
سأكتب عنه يا كرم الله، لأن في الكتابة عنه إحياء له.
وكم أنا مشتاق إليه.إلى صوته، ورائحته، وأحاديثه، وذكرياته.


يا سمندل..هذا ظل وريف، فحط!

Post: #69
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 04-09-2008, 01:24 PM

الانتحار...
كتر خيرك يا خالد!
عاديتني بالتفكير في الانتحار!

تقديم موعد مغادرة قادم لا محالة ...
رفاهية موت اختياري ...
قرار ينم عن طفولة لم تغادر فالانتحار بسيط ممتنع كدس عصا نحيلة لإيقاف ترس كبير!
قد يصدأ الترس يوما،
ولكن هل تتوب العصي من الانكسار؟
الانتحار ...
آخر الحلول ...
أفضلها، لا!
أشبه بنشر نقد لرواية من فصلين
اقُتطع فصل منها
و لم يقرأها احد!
و لم تُطبع بعد...
الانتحار، أو اختيار موعد رحلة المغادرة الطوعية ..
سفر على عجل
ولملمة لهلاهيل حياة في قجة تسقط منا في منتصف شارع مكتظ بالمارة،
لتفتش ألسنتهم في محتوياتها ..
و تدوس أقدامهم على أيامي ... ثيابي ...
سترش اغباهن من قنينة عطري..
وسيخطف مجنون شالا كان يدفأ ليل انتظاري ...
سيتساوى بنطلون أول وظيفة
مع قميص أول محاضرة
مع فستان أو موعد غرامي
مع مريلة المدرسة الثانوية
مع طاقية ابوي !
ولن يمكنني الصراخ أو الاعتراض ،
فمن العجلة وضبت صوتي في ذات القجة و نسيت أن اترك معي بعضا من كلام ...
ليس من متسع لجمع بطاقات أعياد الميلاد و مناديل المقاهي التي تحمل أسراري ...
فالعصا تلكزني وتحثني ..
قبل ان يستيقظ الخوف فيني!
وسأغادر ...
وحدي كما جئت و عشت و حييت و أردت دوما أن أكون ...

وأديني مت!
ما الذي سيحدث؟
سأُنشر كنعي في ركن قصي من جريدة محلية
وسأختزل لسطر في برقية
وسيوقع زملائي كتاب موتي بجانب صورة لي ابدو فيها مبتسمة بلا هموم ..
قد يقيمون عزاء .. لست أدري
ستضيء روز شمعة
وقد تختم مها لي القرآن ...
سأصبح قصة منشورة على أحبال النميمة و الكلام
كالكتب الممنوعة المخفية تحت مفارش الطاولات في المهندسين
يشتريها الجميع خفية و يسبونها في العلن
سيهمس بعض لأحبتي، بأنهم رأوا الجنون في عيني و آثروا السكوت ... وأنني كنت أحدث نفسي .. وأنني ... و أنني ...
سيمصمص البعض الشفاه و أعينهم تدور تبحث عن شيء يحملونه معهم في طريقهم للخارج – ولن يجدوا سوى فردة حذاء!
سيحسدني كثيرون على عبور الباب ...
وسيكرهني كل من أسقطت نفسي من فصول حياتهم ...
هل يمكنني تقديم ظهوري في أحداث حياتهم؟ أو تغيير مواعيدها بشكل يتوافق مع موعد رحيلي؟
ستحزن قططي ...
سيفقدني كتابي الذي لم اكلمه بعد،
سأوصي صديقتي بأن تقرأه من حيث وقفت... حذرها من أن تقرأه من جديد ... فاللعنة بدأت هناك!
لا يمكنني الانتظار الآن ...
لابد ان أغادر ...
أسئلة التشفي تلكزني
شفاهها مشقوقة
لن يبل ريقها إلا طرح سؤال
(ماتت كيف ؟)
هذا الـ (كيف) ليس شأن أحد منكم ..
لا شان لأحد بموتي فأنا محتارة بين الموت كمدا و بين الموت شوقا ...
ولكن أمانة، وزع منشورا يسأل (عاشت كيف؟)
وأرصد جائزة بقيمة مئة حلم ...
واخبرني متى ما عبرت إن كانت (العيشة) مدخلا للنهايات!

Post: #70
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-09-2008, 04:12 PM
Parent: #69



بيتنا.!!..
ما هذه العدوى التي اصابتنا منك ياعويس..
لم أنت أجمل ( من عظام التصورات)..
بيتنا (بحروفك)، يسعى نحوي، ...

في بيتنا يختفي شئ ما!!.. يشبه الحبل السري.. إلا إنه أكثر رخاوة من الشعر، ودافئ، كالأمومة، ينتشر حتى في اللامكان، أحسه في الأركان، في الظلال، صوت خالاتي، رائحة الطين، صياح الديك، في موكب النمل، وفي الهواء وهو يستلل برفق من النوافذ، وفي حركة الارواح، والأهل، أحسه، فقط، ولكني غير قادر على فهمه، أو تحديده، مجرد أحساس عميق بالأمن، والضألة، والدهش...

حوش كبير، من طين، لا أدري لم اختاره أبي هكذا، (من خير الدنيا الدار الوسعية، والمرأة المطيعة، والدابة السريعة)، هكذا كان ابي يردد، في كثير من احاديثه، ألهذا اختاره هكذا، واختار امي لذات السبب، أم الدار الوسيعة تلبي تتطلعات النفس البشرية في الانشراح، والبراح، أليست الاحاديث النبوية تعبير عن نزوع النفس، وفي أعمق انشراحها، وفطرتها.. أبي يبرر افعاله دوما، بالسنة النبوية.. حتى اسمائنا، (عبد العزيز، عبدالوحد، عبدالعظيم، عبدالغني ...)، كانت أثر حديث نبوي، يمدح العبد الذي يشكر النعمة (نعمة الوجود)، نعمة الإيجاد والإمداد، كما قرأتها لاحقا لأبن عطاء الله السكندري، والذي كان ابي يكن له احترام فريد، وكأنه خالي دفع الله... دائما ابي يربكني بين الأحياء والأموات، فهو يعطي الارواح حقها، وهي لا تتقيد بمعطيات الحواس، لذا يخاطب في خلوته، ومناجاته أموات، كما لو أنهم امامه، بل بداخله.... وحين جرى بي الزمن، كما يجري بالجميع، نحو غايه يعرفها هو، أدركت بأن (عين زرقاء اليمامة، وعين ابي، وعين الملاك، وعين الرب، وعين التلسكوب)، تختلف في حقيقة المرئي، رغم أنه شئ واحد، كما يترائئ، أبي يردد في صلاته، في الثلث الاخير (اللهم أرني الأشياء كما هي).... لم أكن اصدقه، ولكن حين اصبت بالملاريا، كنت أكره شراب الشاي السادة، (وحين أدركت بأن الله لو أرى أبي الأشياء كما هي)، سيكون سعيدا، لأني أحب الشاي السادة، حبا جما، لذا لا أحب الملاريا لهذا السبب... وأختي تعطس حين تشم (البخور)، لأنها مصابة بالحساسية.. تعطس كما لو أن عطر البخور الجميل هو صرصور يدخل مناخيرها، وهي تكره البخور، تكره بصدق، لأنه مؤذي.... فعلا هو مؤذي في انف اختي.. فعيونها تدمع، وتصير حمراء، وانفها يجري، وتهرب من الغرفة، وتترك للبخور المكان....
والبخور يظهر لي بوجه آخر، استنشقه بدفء غامر، وأراقب رقصه في الاثير، يرقص كما انه لا يعرف هل خلق الله العظام أم لا، ويظهر لي بوجه آخر، وجه ملاك (كم وجه للبخور، ملاك وصرصور، ووحش)، ياترى كيف ترى قطتنا البخور، والصراصير ترى سحب البخور، كأنها حريق هيروشيماء، ولكن كيف تشم بأنفها الصغير، لست أدري..
في بيتنا روح ما..
في بيتنا ضوء ما،
أشياء لا مرئية تسكن معنا..
هناك غناء صامت يملأ اركان البيت..
هناك حزن، ينتشر مع رائحة الجرير، والبرسيم، واللبن في قلب البيت، والحوش وغرفة جدي، والصالون ذات الكراسي البسيطة، والمراتب القطنية المنتخفة، وبروش الصلاة..

النيل يجري في هذه اللحظة كعادته، وأمي غاضبة، واللبن اندلق من اختي محاس، إنه عشائنا، ولا بديل له (القدر أراد ذلك)، القدر كائن حنون، بصورة غامضة، (أقام العباد فيما أراد)، صوت محاسن يتردد في الحوش (ياله عرس يلاقي كل مثل فيه مثلا)، ومض خاطري، برؤية ...ألغت هذا الوجود الماثل، وأدخلته في كون مخلوق من الضوء والشعور العميق، ونسيج من لذة لا توصف..

يا رب جوهر علم لو أبوح به لقيل لي: أنت ممن يعبد الوثــنا
و لاستحل رجال مسلمون دمي يرون أقبح ما يأتونه حســــــنا "
عبادة الوثن، رؤية الله في المادة، في الطين...
غرفة جدي..
غرفة حببوتي..
ولادة أختي
الصالون، هادئ، كأنه ليس من البيت، يتندر أن تجدي أخواتي به..
الغرفة كالرحم..
النبي جزء من بيتنا..
بيان السيد الحسن، راجل كسلا..
(ونفخت فيه من روحي)، لا نهاية للطموح، هكذا يقول لي أبي سرا، خلق الزمن بلا نهاية، لهذه الغرض العظيم، باب الموت باب من الابواب لوصول اللامنتهى، (ونخفت فيه من روحي)، يرتلها أبي بصوت يقشعر له البيت، والغرف، صوت الهادئ ينقل العدوى للبيت، فيسكن قلب امي، وقلبي، وننبض معا بحب، للاشياء، وتظهر السحب مرة آخرى من النافذة، ويتسلل الضوء، وتمضي الحياة، تمضي السمفونية..

يقول أبي بأن نعمة الإيجاد لا تدانيها نعمة (أليست الحواس كلها، بما فيها حاستي العقل والقلب)، خلقت كي نطرب، ونسكر، ونصفق، وننشد، لذلك الملكوت الغريب، العميق، حتى (باب الموت)، خلق كي نطل على عالم آخر، (أكثر بهاء ونضرة)، ولذا سمى المخلوق الذي يلتقط أرواحنا (بملك الموت)، والملائكة هي أجمل المخلوقات، هكذا يقول أبي (بأن عزرائيل أجمل الملائكة)، ونحن نموت من فرط وجهه الجميل (ألم تقطع النسوة أيدييهن حين رأين يوسف)، فالجمال خطير، وله سحق ومحق، وفناء...

اما انا فقد وجدت ضالتي، في الركض، والجري، والاختباء، ولأن الخريطة فطرية، طرق ملتوية، وبرندة، وغرف متراصة، وظلال، وراكوبة، وحظيرة للحيوانات التي ارغب (ماعز، وضان، وغنم ودجاج، وصراصر، وجراد)، فقد أطلت الطبيعة بوجه احبه، واندهش له، وهي تخلق نفسها بصورة تجعلني احبها، وابغضها (أليس الموسيقى من خلق الطبيعة، وتغريد الطيور، وكذلك المرض والموت)، هي تحب هذا التناقض، فتظهر بوجه، وتناقض نفسها، بوجه آخر، وإلا لم بنى بني آدم المدرسة والكنيسة، والسجن والمصح النفسي، فهو يحتاج لكل ذلك..

هنا كان العش، من طين، وحنو، وأسرة تمتد للحبوبة عمقا، والاحفاد استشرافا، كلهم يغردون، ويبكون، ويحلمون داخل هذا العش الطيني، داخل هذا الرحم، والذي يغرق بدوره في سديم السماء، كما تغرق الارض في بحر السماء، وتلف حول الشمس، والمجرة، بلا حول لها ولا قوة، كما يستسلم قلبي لحب آمنة، بلذة لا أدري سببها، ونشوة تخلق نفسها بنفسها (أهي نعمة الإمداد)، كما يقول السكندري، ... والإيجاد..

رائحة بيتنا غامضة،
الشعور بإلفة حقيقية، الضوء، الروائح، حواف الحائط، الشبابيك،...
سعال من حبوبتي، وظل طائر يحبو بسرعة بين الغرفة والحوش.. (لم يحبو الظل دوما)، ويتعلق على الحائظ، وثم يقع في الجانب الآخر، دون انين..

ما هذه العدوى التي اثارتها ياعويس..

لم..

عاد بيتي يسعى نحو، كذاك الرجل أقصى المدينة،
دوما ارسم بيتنا ياعويس،، أحن له، قبل جماليات المكان، بل جماليات الزمان..


....

Post: #71
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-09-2008, 06:11 PM
Parent: #70

عماد يا صديقي الذي مقامه مقام البكاء.
ولمقامات البكاء..مقام !
كلّ وجود لا يبكي، لا يعوّل عليه!
كلّ وجود لا يحزن، لا يعوّل عليه.. (أليس هذا – مجازا – ابن عربي؟)
نحن يهصرنا الوجود.يفجعنا ويمزقنا ويفتتنا.ونحب – أحيانا حين نبصر – تفتتنا هذا.نحب الوجود بكلّ ما فيه.نراه في أصغر برعم زهرة.
نراه في جبل يتصدع لتفتق وردة (كما رآه محمود درويش على عتبات الموت/الحياة في جداريته).
في ساعة الفجر حين يفتق صوت المؤذن القروي، (الحاج سيدأحمد النوش، رحمه الله) يفتق السكون، ويسيح في الخلايا.صوت قادم من أبعد نقطة في الكون.يوقظ الوجود.يتحسس مكامنه، ويرش بهاءا خالدا يتقطر من فرجات لا مرئية في السماء المرصعة بالنجوم، هناك !
في تلك الساعة يختلط بكاؤه ببكاء كوني متعاطف إلى أقصى حد مع عذابات الإنسان.
في أجراس كنائس (جوبا)، وترانيم الوجود التي يترنمون بها.أحبّ الترانيم! تلك الأصوات الممزوجة بالجراح الأبدية والتوق الأزلي للخلاص.
كم هو غريب أمرنا، نحب الوجود، ونسعى للخلاص!
يا عبدالغني!
(محمد مدني) يشاطرني جنوني هذه الأيام.
أمّي (بخيتة محمد ساتي) تصنع لنا (القراصة بي الويكة) و(الملوخية)، وتعد لنا القهوة، ونحن نوغل في (محمود درويش) و(مظفر النواب) و(سبينوزا) و(دريدا) و(أسامة الخواض) و(بشرى الفاضل) و(ميشيل فوكو، و(محمد خلف الله) و(عادل عبدالرحمن)و....!
و(محمد مدني) ذاته !
قرأ لي (جدارية).الحق، أنا عرضت عليه أن يقرأ.ويقرأ قصائده.
هاتفنا (بشرى الفاضل) و(السمندل)، وحاولنا الاتصال بالمجنون محسن خالد، لكن هاتفه لا يجيب (يا محسن، يا سفيه، غاطس وين، الله يغطس حجرك يا مجنون، معقول اربعة خمسة شهور ما تتصل؟ أها خليني أكاويك شوية، أنا مشيت – بعدك – أديس أبابا، يااااااه! دي براها – خلي شاشاماني – عايزة ليها رواية قدر الدون الهاديء! هناك يا محسن كل شيء حكاية، هناك الموسيقى والكلمات والمطر والشوارع والناس و(الصبايا) والابتسامات والبيوت والشطة و(الأزّي) و(الكرار) كلهم غواية للكلمات! حرّم، أنا كان ألقى شوية قريشات أمشي البلد ديك أغطس، ما أطلع إلا بعدما أكمل خمس روايات !! يا سفيه اتصل !!)

عزاز
هو الوجود يا عزيزتي! ثقيل الوطأة جدا، فإما أن نمضي، وإما أن نهذي!!
ويقولون إن (إدريس جماع) جنّ في آخر سنيه!!
والله – لو علموا – هم المجانين!!
الرجل – قدس الله سره – يرى ما لايرون، ويحس ما لا يحسون.يحس بالوجود، بالأرواح التي في البشر والحيوانات والطيور و(حبة القمح يا عبدالغني)، والطين، فكيف يجن؟!
ويقولون – سماحهم الخالق – إن ابن يوسف شقي، وقد كفر!!
والحلاج!!
والله هم الذين لا (يعرفون) !
ولو (عرفوا) لـ(نازعوهم)
هو الوجود يا عزاز.هو الحب، هو قهر الكراهية والتوحد بالآخر.هل أحببت حجرا يا عزاز ؟
وهل أحببت نخلة،ثوب أمك المضمخ بالعطر، الظل في بيتكم (هناك في المحس) ساعة الأصيل، لا يخطيء – أبدا – مواقيت عشقه، إناء (اللبن)، زجاجة السمن، الزير الذي يبرّد الماء جيدا، (الدوكة) التي تصنع عليها (عمتك) الكسرة؟
أأحببتيهم ؟
أليست هذه الأشياء جزء من الوجود/منا؟
ولذا، تتقاذفنا الرغبات كلها.رغبات الوجود.رغبة الحجر في أن يفتته وابل المطر، ورغبة النخلة في أن تتكيء أخيرا على النيل، ورغبة القمر في أن يمحي بياضه، ورغبة الضد في أن يصبح ضدا!!
تلك الرغبات البدائية الأبدية.
كم هي ثقيلة الحياة، وكم هو خفيف – أيضا – الوجود!!
حين نذكر الذين رحلوا، نتوق إليهم!
نزحف نحو كهولتنا، وإن بدت بعيدة، وتخطر ببالنا أيامنا الأولى، وذكريات متشظية، لا تبدو بارقات السعادة فيها، إلا بعد انطوائها، لا يبقى سوى الحزن معلقا فوانيسه في غرفة القلب الطينية!
نذكر الذين رحلوا نازفين.نتوق إليهم.يعذبنا الشوق، والوجود.نريد أن نكسر هذا الحائط الرخو.هذا الحائط الذي يفصلنا (عن ماذا؟)
أليس الـ(هناك) اكتشاف جديد، وتجربة مغايرة؟
ربما أشتاق راحة أبدية.
ما أروع أن يتوسد الواحد منا الثرى، لينام طويلا، طويلا جدا.يشم رائحة طينه ممزوجا بالتراب.أخيرا، يرتاح من وجوده!!
عزاز
حين أعبر، سأزورك – كالأطياف – تحفني الفراشات، وملتصق بثيابي، اخضرار العشب، لنتسامر.فقط، اعدي لي قهوة، وضعي سجائري قرب مجلسي، وشمعتين، فضلا لا أمرا !!
ما رأيك في أن أكتب حكاية (...) معلن ؟؟
ماركيز..! يا له من مجنون، الأفضل أن يكتب المرء علانية، عن هذا، طالما أن (واحدهم) ما يزال في متاهته، التي هي بعض من متاهاتنا!!
بالله عليك، خبريني، أليست هذه الغربة بحد ذاتها..(حكاية موت معلن)؟
وكيف يموت الإنسان؟
أنا أحيا – فقط – بالكتابة والقراءة.
وأكتب حكايات/ي/نا/ك/هم!!

يا عبدالغني !!
هذا تناص مكاني !!
تخيل
في القولد، ابتنى (إبراهيم عويس) حوشا (حدادي مدادي)، يماثل دارا للرياضة.بيت طيني، هو، وأراض زراعية في القولد وجزيرة (كومي)، كلّ ما يملك من حطام الدنيا!!
لكنه عالم مترام.فالأرواح هي التي تعمر.
الصالون مكتظ بالكتب العربية والإنجليزية.والبراندة الفسيحة مفتوحة على الجهات كلها إلا جهة الشرق، مفتوحة أكثر على جهة الوجد.
هناك حياتنا.هذه (البراندة) فقط، هي حياتنا.الأسرة و(العناقريب).الفوانيس – ليلا – وحتى الحمام الذي يحطّ على أعواد السقف، والقمرية التي تروح منذ الصباح تؤنسنا، وتسأل (إبراهيم عويس) عن صحته، وعن آلام (الرطوبة) التي غزت ركبتيه في (واو).
لديّ غرفة تتوسط غرفة النوم، والصالون.هي عالمي الخاص.كم أحنّ إليها.
كتبت بداخلها (الرقص تحت المطر).
كنت أدخن (سرا).هو صديقي، لكن الاحترام والحب !
الحب الكبير.
قبل أن يتوجه إلى العمل (الثامنة صباحا)، يطرق باب الحجرة بكل تهذيب (..تخيل) !! يتوكأ على عصاه، ويدخل، تعلو وجهه – كالعادة، منذ أن رأيته – ابتسامة تشع على كوني الصباحي. يحب أن (يتونس) معي.وأنا أحب ذلك. يجلس قريبا مني. نتحدث في كل شيء.الأقرباء، والمواقف والسياسة والزراعة والجامعة والرواية !
هو قارئي الأول !
كم أفتقد قراءته الأولى لأعمالي !
وكم كنت أتمنى أن يقرأها (مطبوعة، ومنشورة)
تعاطف للغاية مع (مايكل) في الرقص تحت المطر. يقول إن لغتي جميلة.الحق، إنه أول من قال لي ذلك، وشجعني على الكتابة.
لا طعم لأي نجاح أدبي أو حياتي في غيابه.غيابه/حضوره.وكم هو متعب هذا الحضور الباذخ الفسيح.حضور يطغى على القلب.
حين ذاع صيت ويتني هيوستون بعد (The body guard) واحتلت المرتبات الأولى في Top 10 طيلة أشهر، كنا، في الليل، نستمع إلى أغنياتها سويا، كأيّ صديقين.
والجمعة !!
منذ الصباح الباكر، نتناول الشاي سويا، ثم القهوة، والإفطار.نتحلق ثلاثتنا (هو، وأمي، وأنا) حول المائدة، ثم ننتظر مرور أبناء (إسحق)، محمد، وأحمد، وشيماء.يمرون كلّ جمعة لتحيته.كما يفعل أبناء سعيد (ابن أخته، يمن) حين يأتون من السعودية.يحب أن يشاغل سعيدا وسامرا (ابنه).كلاهما يشجعان (المريخ).يروح يغيظهما بحب، كما يغيظ (ناصر عبدالمنعم – مهدي في سودانيز أون لاين، ابن خالتي فتحية محمود، وخالي، المرحوم عبدالمنعم إبراهيم)، أن الهلال أعلى كعبا، وأن الريح مصطفى، كجكسا ودريسة ومنزول وعبدالرحيم القطر، يهزمون المريخ بسهولة.
يحب كمال عووضة (ابن أخيه).يحب نقاشاته حول الأدب والثقافة.
البيت فسيح جدا يا عبدالغني.لذا أرواحنا – على عكس هنا، الشقق الضيقة القاتمة – طليقة، تستحم في الضوء الطبيعي، وتتمرغ في الأصوات الطبيعية، ثغاء الأغنام الطليقة في الشوارع، ونهيق الحمير، والناس الذين ينادون بعضهم بعضا بأصوات عالية.
أحبّ حيطانه الخشنة، وبابه العالي.مسوّر بدكة طينية مرتفعة.السيول تمر أحيانا قرب بيتنا، وتنحدر بسرعة جنونية إلى النهر.
يا أخي هذا نزف.هذا يأخذ من الروح، ويتعبها.يغسلها بالحزن !!

Post: #72
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-09-2008, 06:52 PM
Parent: #71

عزاز

Quote: ستحزن قططي ...
سيفقدني كتابي الذي لم اكلمه بعد،



هذا لأن القطط أكثر إنسانية من الإنسان أحيانا
ولأن الكتاب صديق حميم.
حين نستلف كتابا، يخص ميتا، نشعر بلوعته وحزنه.
ناس !!
وهل كلهم كذلك ؟
لطالما كانت تسترعيني الكلاب والخيول والحمير وحتى (النخلات) التي يموت أصحابها عنها.
في (القولد)، بداية الثمانينات، كان لي (كلب) اسمه (رنقو).رحلنا إلى دنقلا، فظل ملازما البيت.يأكل من خشاش الأرض، وما يتفضل به الجيران (الجيران هناك يا عزاز يحسون بالحيوانات ويتكلمون معها).
هذا الكلب يا عزاز، حين كنا نعود إلى القولد، كان يبكي، ويكاد يتعلق في أعناقنا، ويمسح دموعه، ويفرح فرحة لا نهائية.فإذا ما حان موعد مغادرتنا، يودعنا بدموعه !!


Post: #74
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: emad altaib
Date: 04-10-2008, 01:59 AM
Parent: #71

ــــــــــــ
Quote: عماد يا صديقي الذي مقامه مقام البكاء.
ولمقامات البكاء..مقام !
كلّ وجود لا يبكي، لا يعوّل عليه!
كلّ وجود لا يحزن، لا يعوّل عليه.. (أليس هذا – مجازا – ابن عربي؟)


عزيزي خالد والاخوه
ليت لي في المقامات سلوي ..لتحلق نفسي في الملكوت
لتفني روحي بين الرقة والبكاء ليتني هكذا..
شدتني كتابتكم تلك ..ويحترق جوفي شوقا والقأ وحنين
وزرفت الدموع الغواني ل( ابريق الطين) وتذكرت هذا المقوله
و قال الله لارمياء: " هو ذا كالطين بيد الفخار أنتم هكذا بيدي."
(ابريق الطين) ياخالد ..
هذا المخلوق يشبهنا تماما والاصل واحدُ يعطش ويروي ويُكِرم ضيفه
ويحفظ الاسرار لا يبوح بها ابدا ويتنفس
ويعرق ويتوضأويحن إليناويمر بمراحل عمرية كأطوارنا..
عرفته من زمنا ليس بقريب..ناتي إليه في الهجير ينظرنابالماء
البارد ونحن اطفال..
وكل من في البيت يعشقه خاصةً (الوالد) فنجده يخصص له مكانا محددا
وهوإعتاد عليه والفه ..لم ادري ماذا صنعت به الايام هل هوبخير
كما كان؟؟؟ ام تغير اوإندثر ..ام فضله الانزوا لمكانا قصيا..وزهده
وإلتزم الصمت ..لكنه عالقا في نفسي من ان دخلت هذا البوست .
اظنه (تذكرني) عندما بكيت شوقاإليه اتمني ان اجده في عودتي لتراب
الوطن.. وهو جزاءً اصيلاً من نسيج الوطن ومن تراب الوطن وماء الوطن..
إنه اكثر وفاءً مني ..لم يهاجر كما هاجرت وهجرته..
ويحب الناس والناس تحبه.. إنه روحًاوجسداُ ..
بكيت اخي خالد لهذا وإلي اشيئاً اخر..
(للمسيد) و(بليلة الاربعاء) من اجل المطر و(الحيران) والمجانين
والمجاذيب خاصة صديقي ووالدي دكتور/زراعه محمد علي (من قرية كرية)
بعد ان طابه وشفيه من الالم رفض ان يذهب من (المسيد) قال لي بنفسه
وجدت روحي هناكان هذا في بداية التسعينات كان يعمل بوزارة الزراعة..
قطع (الصالح العام)معاش اولاده.. لم يحتمل الامر ..يجلس في الارض توضعاً
وياخذ الحشائش ويشرحها لي (لسان الطير)و(عرق الدم)و(الموليته) تشريع
علمي وفؤائدها ويقول لي كم من ارضنا جميله تجود لنا من العطايا دون ان
نجتهد .. ولكن هل ابناؤها عاقون ؟؟؟
لاجل ذلك بكيت يا خالد ..واشتاق لهم بمحيا الفؤاد..
كتابتكم عملت في قلبي مالم تعمله النار في الحديد..

Post: #82
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 01:39 PM
Parent: #74


عماد
هذا الأسى العميق، الذي لا نعرف كنهه، هو جزء من وجودنا واختلاطنا (بكل) الموجودات الأخرى
الأهل
الأزيار
الأبقار
الأقمار
الشموس
الضوء
الفخار
الأباريق
النار
الماء
الحجارة
ذواتنا - إن شفت - تأخذ من كل ذلك وتمتزج !!

Post: #73
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 04-09-2008, 11:21 PM

Quote: ما أروع أن يتوسد الواحد منا الثرى، لينام طويلا، طويلا جدا.يشم رائحة طينه ممزوجا بالتراب.أخيرا، يرتاح من وجوده!!
الوجود عبء لا يضاهيه عبء آخر إلا الانتظار !
نحتاج هذا العبء لكي نتوازن
لنمشي على الحبل الممدود من اعصابنا ...
الوجود و الـ لاوجود ... خيط رفيع، مجرد نفس يخرج ولا يعود أو يدخل ولا يخرج ...
حي ... ميت!
كده!
لحظة من بين ملايين اللحظات تحسم كل ما مضى بجرة نفس!
لا اخشى الموت كحالة ولكني اتساءل عن طقوسة وما يليه هنا، الذي سيصبح (هناك) متى ما عبرت ...
اين سأدفن ؟ كيف سيتم تأبيني؟ اي صلوات ستتلى على روحي؟ وما مصير تراتيل حزن من لا يؤمنون من أصدقائي؟ هل يمكنني املاء رغبتي في كيفية حزن احبائي؟ هل سأشعر بغربة هناك؟ ام هناك هو الوطن و ووجودي المثقل هنا كان غربة اجبارية – تمهيدية لوطن قاب قوسين او ادني من نبضي؟
ظل ابي يردد على مدى الاربعة و التسعين عاما التي عاشها بانه سيعود يوما ما لتلك الأرض ليدفن فيها، لوح بجملته تلك في وجهي في كل مرة ضربت الأرض فيها اصرارا على تصرف جنوني – السفر غالبا – مستهجنا اصراري على الاغتراب في الغربة! وينتهي الخلاف بيده المعروقة تمتد لتلمس جبيني و يهمس لي بأننا مسافرون ولابد أن نعود ... ولكنه لم يعد ولم أعد بعد!
وقد لا أعود
فقد ألفت غربتي وبات أي (هناك) غربتي الحقيقية!

السفر هو ثورتي على هذه الغربة المقيمة ...
ولكنها تزداد عمقا كجرح غائر كلما حلقت في سماء ما أو طويت أرضا ما ...
شعور يرهقني بحثا عن وسادة لرأسي...
كيف آبه برأسي وروحي تواقة للدوران؟

ولكني حزنت لموت ابي لسبب آخر غير الظاهر ..
حزنت لخيبة أمله لحظة رحيله عبر خطوط لا يرغبها و ظل يلعنها طوال عمره!
لقد ظن دوما بانه سيدفن (هناك).. وان جسدة سيعود لذات الأرض التي انبته ...

وحزنت لعجزي عن تحقيق حلمه بأن تغرس سعفات من نخله على شاهد قبره
وان نرش ماء من نهر سقى عوده وشبابه على تراب قبره ...
وان يمر السابلة و السيارة على قبره صبح مساء يقرأونه السلام و يؤنسونه نهارات الجمع و الاعياد ...

دفن في الغربة التي ظنها دربا ذو نهاية واكتشف في لحظة خاطفة انها حلقة مكتلمة الاستدارة ..
دفن في قبر بلا شاهد محاط باسوار عالية ...
لا نسيم بحر يحرك ترابه ولا قمرية تحط على وعاء ماء وضعته احدى بنات اخوته ...

لذا،
وطنت النفس على الانفصال و حاولت بناء جدار بيني و بين (الاشياء)
فلا يمكنني احتمال هذا الشوق و النوستالجيا!
ولكني ضعيفة .. كحال البشر ...

و (الاشياء) تسكنني عنوة و تنفذ إلي عبر الحواس،
رائحة، ملمسا، وألوان ...
تعبرني ... تعبر جلدي وتمسك بتلابيبي تذكرني ان نسيت ...

ولكني متعبة ... ولا طاقة لي بكل هذا،
فشرنقتي ضاقت بي واحسد كافكا على الفكاك،

الوجود ضيق جدا جدا جدا ...

اريد متسعا لمد تعبي!

Post: #75
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-10-2008, 06:25 AM
Parent: #73



قلها ياعويس،...

ترجل من تواضعك، وقل "أنا الأجمل"، لن نتهمك كفرعون، ولا مثل نبي الشعر، الذي نظر الأعمى إلى أدبه، قالها حالك، فليقلها لسانك، كم عذب لسانك، يغني بالكتابة، ولم تبقى مني جارحة إلا تمنيت انها أذن، حروفك كفي نبي، تمسد ظهورنا من عبء ما نحمل، من غموض للكون، وهموم يومية، وابتذال قسري، حروفك تشبه نظرة أمي، تراني بطلا، وأنا أفر من صفير الصافر، فأحس بالبطولة، وأنام قربها في العنقريب، وأنا اسمع انفاسها، شهيق يمتص الرضى، وزفير يبدد الجفاء، وقلب ينبض بالرحمة، والأمن..

حروفك ثكلى، وليست مستأجرة، أنها معول يحفر جدوال وقنوان بجوارحنا، بحنايانا، ونهر يسقي هذه الجدوال، وبذرة تنمو وبيضة تفقس بداخلنا عصافير وحكايات، كلماتك قريبة مني، ليست متعالية، أحس بحرارة حروفها، وصدق معانيها، فأمد يدي واقطف ثمارها، ولا شوك في الإغصان، وألوكها بمهل، وحلاوتها لا تنفد، كسورة الفاتحة، نقرأها سرا، وعلن، وهي تسمع في الحالتين نجوى الحادث الفقير، للقديم الغني، فالعنب حلو، حين يكون (بمقدور كل سواداني ان يشتريه)، كما قال أبي محمود، ولا .. بأرضي سحائب ليس تنظيم البلاد..

ما أرق البوح، عضمة اللسان، المسجونة بين الفكين، تصرخ، وتغني، وتبوح، وتتذوق طعم الكسرة، والحنظل، طعم الكركدي، وطعم الليمون، لا يشغلها شأن عن شأن، والمرء مطوي تحت لسانه، تحت كنزه المبارك، واللسان أسير العاطفة، والعاطفة أسيرة العقل، والقلب..

ياعويس، يشهد أني احبك، لأنك تحسسني بالهوان، وبأني قزم، هل تعرف، أحب الذهاب للبحر، كي أحس بالهوان، وأمامي بحر لا نهائي، أحس بأني ذرة، بل أضئل، وأحقر، وأصغر، فيباغتني، كإحساس داخي، هوان لذيذ (لم)، الخوف)، وأنت هباء، أمام مسافات، وقوانين، لا تسبر، لم؟ كان الله ولا شئ معه، فلم نزاحمه، إن هو، ولا شئ معه.. أترك الخبز للخباز، وتفرج، سورة الكرسي لنا، كي نجلس ونتفرج، لا أكثر، ولا أقل (السير للرحمن .. بالرحمن، السير لا بالروح، ولا الأبدان)!!..

سعة حروفك، ورحابة صدرها، وحنان معانيها، أصابني بهذا الهوان، المبارك.. وبأني قزم، "جلفر في بلاد العملاقة"، تلعب بي بنت السلطان، وحين تمل تدخلني في جيبها، أو تملأ صحن فطورها بالماء، كي اسبح للشواطئ، لنهاية الصحن..

وأنت (جلفر في بلاد الأقزام)، ترفع بكفك القوي (بجماله)، جيش جرار، وتشرب (ببراميل، هي تكفينا كأقزام)، ولكن هيت لك..

هل رأيت وجه أمي، وهي تحاول إدخال الخيط في الإبره، ببصر انهكته المأسي، وعيون حاول الأسى أن يطفئ بريقها الأبدي..
أسارير وجهها، في تلكم الحالة، تشئ بحالي، الآن، وأنا أحاول إدخال خيط ما أريد قوله، في ثقب الكلمات الضيق.. ويطيش خيطي، وأرى، بل أتمثل وجه أمي، وتركيزها المسكين لإدخال الخيط، ويبدو لي الآن، في يأسي وجه المسيح مصلوبا، (لم تركتني وحيدا يا أبي).. لم تركتيني وحيدا يالغتي، لم فرت الكلمات.. أين هارون، كي يحل عقدة، بل عقد لساني الأبكم، المبهوت..

ما أقسى الصراع في الجسد، بين الإرادة وعدم القدرة، بصر أمي واهن، يديها ترتجف بهزات ماض عجيف، والثقب ضيق، ضيق..
وأساريرها في هذه الحالة، ترسم أسى، وإخفاق، وصبر، وسيزيف يبعث من جديد..
حالي، كحالها..

طوبى لجهل الظل، يرقص الغصن في السماء، ويرقص الظل في الأرض، مغرورا بجهله، وحوله، وقوته، يتراءى له أن الغصن يحاكيه هو، بيده، لا بيد الغصن، كمسرح العرائيس، ترقص الدمى، فرحة جذلى، ولا ترى الخيوط التي تحركها مربوطة بأيدى (الفنان الأعظم)، كما قال مايكل انجلو..(فسرى نسيم الروح في احشائنا، فأملنا طربا كأغصان الربى)..!!..

الكتابة لك، ممتعة ياعويس..
براحك، يستثير الكامن، والمنسي، والمحبوس..
لكم ما تشاؤون.. هكذا ترتل طويتك..
الكتابة لك قاهرة ياعويس.. كنظرية المجال الموحد، التي ارهقت البرت انشتاين، كان يحس بأن الكون تحكمه قوى واحده، حدسه يقول له ذلك، والحدس يقود العقل، كما يقود الحصان العربه، فمات مغبونا، متحسرا، على إخفاقه، وهو العبقري المعروف، فلحيظات الدهش في ذهن انشتاين (هي الشعر)، هي الأسي المحبب..

كم ابحث مثله، عن مجال موحد لقوى الإنسان، أحسها (مثله)، بأن الكون واحد، وحالي، حال الصبية، والمروحة، هل أحكي لك قصتهم، كتبتها لأنني مثلهم، حائر، أين اختفت ريش المروحة الثلاث، أين؟؟!!.:


وهي تحكي عن اطفال، في غرفة، وفي صباح باكر، وقد ادهشتهم الاشياء التي فيها ، حتى الكراسي كانت موضع دهشة، وكذلك البلاط، بل لحبهم للبلاط كانوا بعدو فيهو (واحد اثنين، ..عشرة، اربعة وسبعين، وهكذا)، واخضر واصفر كانوا يكتشفون الوان الستائر، والسجاد، والكتب، والدولايب، ثم نظروا للاعلى للمروحة
واحد اثنين ثلاثة،
كلهم صاحوا بصوت واحد وهم يعدون ريش المروحة..

ثم انشغلو باشياء واشياء واشياء، حتى جاءت الظهيرة، ودخل الحر كعادته من النافذة والابواب، واحس الاطفال بالسخانة، وشغلوا المروحة، على نمرة واحد..

وقفزوا في الاسرة، واختبوءا داخل السراير، ثم حسبو عدد الشبابيك، ثلاثة، وباب و احد، ثم الضلف..
بل رجعوا وعدوا البلاط من أول، لا ملل في قلوبهم..
وحين ارادو عد ريش المروحة لم يجدو ريش، كانت المروحة شغالة، في نمرة واحد، ووجدوا السقف ظاهر، وكأن المروحة لم تكن..

ياااااااااااااااه... أصابهم الدهش، أين ذهبت ريش المروحة الثلاثة، اين مضت، من الذي سرقها، ام غافلتهم ومضت للخارج.. ام سقطت في الارض، بحثوا عنها تحت السراير، ولم يجدوا لها اثر..

وحين هموا بالخروج، واغلقوا المروحة، ظهرت الريش مرة اخرى، اين كانت... (الذبذبة اللطيفة، تخفي الاشياء)، الاشياء السريعة لا ترى، كفتونات الضوء، الاشياء الشفافة لا ترى، بالعين، هناك اشياء واشياء تحيط بنا، ولا ترى، كريش المروحة، كالملائكة، كهالة الارواح، كالاثير، كالطيف الموجي لكل الاذاعات، كالروح الإنساني العظيم..

أكتشف الاطفال بان سرعة المروحة اخفت الريش، وبأن العين محدودة، ترى في حيز معين، وضيق، ومغرور، كمان..
لا شي ساكن، الذبذبة تعتري حتى الجسد، حتى الجبل، فما بالك بالارواح الطليقة، التي تزخرف عوالمنا، ولا نراها، لذبذبتها اللطيفة، السريعة، الموسيقية، ركز، تأمل، اهتم، اصبر، فقد تجني بعض ما تريد، هكذا يقول الاطفال لنا.. الاطفال الصغار، والاطفال الكبار، فنحن امام العالم، وعمره، وغموضه، واتساعه، وسرعته، مجرد اطفال، ردد الاطفال مقولة العبيد ودريا (الما بفهم بالتلاويح، لا بريح، لا بستريح)، ما اكثر الإشارات، ما اعظم لغة الارض، وفكرها، وغموضها، فهي حبلى، بكل شئ مدهش، وعظيم..


هذا حالي ياعويس، اختفت ريش المروحة مني، بسبب ذبذبتها اللطيفة، وعجزي مثل هؤلاء الأطفال..

بل حالي، (كجثة ابي نواس)، ويده غير قادرة على تناول كأس خمره قربه، هكذا يسفر ابي نواس الموت، عجز سيزيف للوصول للقمة، للخمر، قربه..

هل تدري ياعويس في بداية أمري مع الكتابة، كنت أحب الكلمات، أحب اللغة، ايقاعها، شاعريتها، وجناسها، فهي امرأة لعوب، تفجرت عبقرية البدو الأعراب فيها، في فراغ عريض بصحراء تهامه، فالليل يبدأ بغروب الشمس، وينتهي بشروقها، وفي ليال القمر، تعكس الصحراء اشعته الساحرة، وتشعل قنديلها للسمر، والمطارحة، والنسيب، والمدح، والهجاء..
والآن، لا أرى الكلمات سوى مأوى، للمعاني، المعنى هو الغصن، والكلمة هي الظل، بل أحس بأن اللغة حجاب، مجرد تصور باهت للمتصور، المختفي دوما في غموضه، فما العمل؟..
كيف أخلق لغة كإزار جميل للمعنى، وجسد المعنى، بلا ضفاف، .. يالها من مأساة مر بها الإمام النفري!!..
فصرت أقشر الكلمات من كي أعثر على اللب، وهيهات هيهات، حتى بدأ لي، إن الأمر، وراء الكلمات، والصمت خير..(فالقبلة، واللذة الجنسية، لا تحتاج لكلمات)، فما بالك بذاك الأمر، الخفي، الظاهر..

أحس بأن هناك فائض من الكلمات، "إسراف"، فالزيادة كالنقصان، فالتخمة تقتل، مثل الإملاق.." فإنك تستطيع بمفتاح صغير، أن تفتح صندوقا كبيرا، متحفاً كبيرا، صالونا كبيرا"، مجرد مفتاح نحاسي صغير، يحمل في جيب القميص، فكيف نعثر عليه، وهنا (يكمن الأسلوب الفردي)، وهيهات هيهات.. (خمرة الأفراد، عزت على العباد)..

جعلني هذا الامر، مشغول، وتوقفت عن الكتابة، تماما، سنوات، واصابني حمى الصراع الداخلي، بين نشوة الغرائز المسترسلة، وواجبات الهمة العقلية، يالها من حرب في بناء أسلوب شخصي، ذاتي، والفرار، حتى من (بيوضة أمي، وحيوان أبي)، هيهات هيهات، لم يلد، ولم يولد، (في مقام التصوف، في مقام الكتابة)، بيد من دونها بيد..

فما العمل، أكره التقليد، وأنى لي، ولادة مني، كخنثي، كفرد، ...

أخي عويس، كم أحبك، فإنت قابلة، تسل من أرحمانا الهفوات، والمكبوت من الرؤى، والرغبات..

مع فائق حبي، وتقديري..

Post: #76
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-10-2008, 08:08 AM

Quote: أما كان أفضل أن نؤوب إلى بلداتنا التي تنام عند التاسعة، بعد أن تتجشأ من (الكسرة بي اللبن)، يهفهف شعرها النسيم الليلي.
أكيد جربت ذلك.
أن تترك الفراش في (الحوش)، أول المساء، ليبرد، والريح الخفيفة تحرك أطراف الملاءة، لتأتي وتنام خفيفا ومنتشيا، وتصحو في الصباح الباكر، نشيطا، فـ(تشد السرج) على ظهر الحمار، وتقصد النهر الجميل.
هناك حقول القمح والفول المصري، كون آخر.
وغابات النخل، كون آخر.
وفتنة (الدلوكة)
وفتنة (الدلكة)
وفتنة (الخمرة) التي تضوع أجساد النساء
وفتنة السمر الليلي البسيط
وفتنة الأصدقاء البسطاء الذين لا يعرفون، لا بوبر، ولا ديكارت، ولا دريدا، ولا هيدغر، ولا (بطيخ) !!
أقصى هذه الأشياء كلها، أقصاها، صوت (صديق أحمد) ينساب في لياليهم، ملونا بالطنبور:
عديلة عليك محل ما تمشي تمشي يا عديلة
مشاويرك عديلة
عديلة عليك.

وها قد مشينا
فهل كانت مشاويرنا – يا صديقي – عديلة؟


لوعلمته لم يكن هو،
ولو جهلك لم تكن أنت:
فبعلمه أوجدك،
وبعجزك عبدته!
فهو هو لِهُوَ: لا لَكَ
وأنت أنت: لأنَت ولَهُ!
فأنت مرتبطٌ به،
ماهو مرتبطٌ بك.
الدائرة مطلقةً
مرتبطةٌ بالنقطة.
النقطة مطلقةً
ليست مرتبطة بالدائرة
نقطةُ الدائرة مرتبطةٌ بالدائرة ..

ابن عربى: الفتوحات المكية


الحبيب خالد عويس
هنا يكمن السر ...
وهناك تنبت الأفكار الميتة ... وأنت لا تزال فكرة ...
كأنك تتراكم صحواً في هذا الزمن بلا دليل ... من يقول الحقيقة؟ ...
من ينظر إليها؟ فهي عارية تماماً تشتبك فيها هواجس العيون وترتبك عندها الشفاة ...
في لحظة الصمت يتمخض من الكلمات شئُ لا يكون ميلاده يسيراً
أشبه ما تكون حركته في الدواخل مثل "دبيب العنكب الصغير فوق خشبات الباب"، كما يقول محمد عبد الحي …
فيه المتناقضات الصعوبة واليسر … أحياناً الإنكماش والتمدد … لا أحد يستطيع أن يتجاوز اللحظة …
كل البشر يفرحون بلحظة الميلاد إلا أنا
نشوة ما قبل الميلاد أشبه ما تكون بلحظات التجلي عند المتصوفة الدخول فيها صعب والخروج منها أصعب.
ينتابني إحساس بالغضب مثلما يفعل الطفل حينما يكتشف أن "حلاوة القطن" قد إختفت في فمه فجأة …
كثيراً ما ينتابني شعور فقد حاد فأقول مثلما قلت (أما كان الأفضل أن نؤوب إلى بلداتنا؟!!)
كأنك بين يدي زمن ميت في هذه المدن التي "تبيعك تذكرة هروب" كما عند أحلام مستغانمي عبر طريق آخر ...
أو صور المشاهد في "عمى الألوان" تؤسس لك ملامح "شوف" غير التي دأبت على رؤيتها مراراً
رغم مرورك على (أم درمان . جهة ام بدة" و"بيوت معتقة ضد المطر والحر) تجدد شبابك وأنت بين يدي "ميري" و"رابعة" ...
ولن تبارح مكانك في "حوش" السيرة والسريرة و"الناظر" تهرول خلفه "كلبة فاطمة" كي تفضح ملمحاً آخر غير العادي في هذه الحياة ...
كلما قرأت عبد الغني كرم الله أو خالد عويس يرفعني فن الكتابة عندهما آل وينزلني آل
ويتجذر فيّ احساس خاص احساس ذلك العالم الذي نفضل "الأوبة" إليه يا عويس ...
لأن الكتابة عندهما تأتي من عمق طيب الخاطر وباطن كالمرآة يعكس ما يجذر الاحساس
"بواطن أهل الابتداء كالشمع، تقبل كل نقش! كما يذهب عبد القادر الجيلاني يا صاحبي غني ... وأنتما من أهل ابتداء ...


ولي عودة

Post: #77
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 12:12 PM
Parent: #76


إليها، إليها وحدها، وستدرك ذلك !
أخشى، بعد فوات الأوان.
أواني. فأنا عنب ناضج، ناضج للغاية – الآن – من فرط نشوته.
لن أرفق بنفسي، متى كان العنب ضنينا في أوان نضجه ؟
ومتى كان الحرف شحيحا في معانيه؟
أكتب:
سأكتب حتى ترقصي على كلماتي وتتعرى روحك، وربما (حتما) جسدك!
وكيف لا – يا عزيزتي – وأنا أغازل الكون – الآن بضيائي ؟!
أنا أهطل فيّ..
مطرا منسوجا من صهيل السماء، ونشوتها الباذخة.
أكتب:
أخاف عليك غواية اللغة، فاللغة أسرار وفيوض وملامسة!
اللغة تمس أرواحنا.تمسها بخفة، فتنتعش، وتتفتح براعمها.اللغة مسكرة.
ألم يصرخ مظفر في بيدائه:
(كم أنت تحبّ الخمرة واللغة العربية والدنيا
لتوازن بين العشق وبين الرمان
هذي الكأس وأترك حانتك المسحورة
يا نادل لا تغضب فالعاشق نشوان
واملأها حتى تتفايض فوق الخشب البني)
قاتله الله !
لو لم يقل..(لتوازن) لما سقطت صريعا، مغشيا على من فرط الشعر!!
يا سيدتي، أنا معنى مندس في أعطاف اللغة.أنا مندس في جوف المعنى، فهلمي!
يقول ( أصغر شيء يسكرني في الخلق فكيف الإنسان)
فكيف أنت؟
يا الله !!
ياااااااا الله !
أن تسكر بالخلق.
أن أسكر بك.
ولا أبارح حالة السكر تلك إلى أن أمضي محفوفا بالوجد.
تقتلني الأغنيات في عينيك.
اكتظي – سيدتي – أكثر بالحليب
فأنا ..(تحت النهدين إناء)
أنا مسيحك، فأصلبيني.
..(والله لو حلف العشاق أنهم
موتى من الحب أو قتلى لما حنثوا
قوم إذا هجروا من بعد ما وصلوا ماتوا
وإن عاد وصل بعده بعثوا
ترى المحبين صرعى في ديارهم
كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا)
آه يا (سيدي) الحلاج
قتلتني.قدني إليك، قدني إلى صليبك.سأرتقي.
سيدتي السكر على شفتيك.سكر.
يا...، الجبل !
النهر لا يحفر الأرض مثابرة، وإنما هو الشوق الأزلي لصياغة الطين !
يا..
أنا فالت من مداراتي كلها، متوحد بالكون، خلعت نعلي، وذبت في أصغر ذرة تراب.
أصغر ذرة تراب، أكبر العاشقين.
تبسط روحها سجادة لنمشي.
وكيف هو العشق إذن؟
أن نفرش أرواحنا.
هذا العشق مؤذ.مؤذ جدا.
والأكثر إيذاءا: الإفصاح!!
لكن الكتمان جمرة في القلب لا تحتمل.
وهل إلا من أجل ذلك صلب الحلاج ؟!
ليس لي إلا أن أهذي في الطرقات.
فأغفري ذوباني.
و..(التختارو ليلى شك جميل يا جميل)

والله إني لأخشى على هذا البورد أن يتداعى ويغشى عليه!!

Post: #78
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 12:21 PM
Parent: #77

عبدالله
يا صديقنا الذي في السماوات
كيف روحك، وأسرتك، والصغار/الأزهار ؟
الفتوحات المكية !!
أنت – إذن – في تمام العشق والمكابدة !
هذا الذي (...) شديد الوطأة.
فإرفق بنفسك!!
يا سيدي، الخطو الحثيث احتراق !
ارتق هونا !
بلداتنا حواف أرواحنا يا عبدالله.
(القولد) بصيرتي.وأنا أعشى!!
الدخول/الخروج
الخروج/الدخول
كلاهما هلاك !!
لكن، بعد الدخول، ستذوب، وتنقّط عشقك الأبدي على الصفحات التي لا يقرأها سواك.
تعرف، أشتاق إلى (ميري).أريد أن أزور قبرها، بعد أن قتلتها بـ(قلمي، جنوني، لحظتي المتألقة)، ولا أعرف في أيّ ناحية من نواحي القلب هو؟
ياااااااه يا عبدالغني!!
حين تشتاق إلى (بعض روحك) التي خلقتها واطلعت على أسرارها كلها، وقتلتها !!
كم مرة نحيّ ونموت نحن ؟
يا عبدالله
أما (رابعة) فهي في أرجاء هذا الكون تغتسل في الضوء الأبدي!!

Post: #79
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 12:44 PM
Parent: #78

عبدالغني
هاك قهوة عصرية، فانتبذ مكانا قصيا.
يا عبدالغني..
أنت – تدرك – على أهبة الـ...
فلا تفصح يا (مولاي)، وإلا قتلوك.
وكعادتـ(كم)، تروحون تتوجون تلاميذكم، وتتواضعون حتى لتبدون كأصغر برعم.
يا الله !
ألم يكن هذا هو حالهم جميعا؟
ابن أدهم حين انسلّ من قصره، وساح، إلى أن بلغ بستان الرمان، فسأل ذاك الملتحف ثوبا لا يكاد يستر الجروح في قدميه.
:
(ولماذا لا تسأله أنت أن ينزع من جوفك حبّ الرمان؟)
يا عبدالغني نحن رضعنا من الثدي ذاته !
لكنك دخلت المفازة، فجزتها ثم حزتها.
وهل أنت محتاج – يا سيدي – أن تشهد بحبي، إنما البصائر شواهد !!
إنما هو – ذاك – تبلغه بالخطو، وتبلّغه بالرؤيا !
سرك باتع، لكني لن أبوح إلا لماما، وإلا ضربت أعناق هذا الرهط الذي هنا، وإن مانع محسن خالد بجسارة !
أيّ قزم أنت يا كرم الله (يعنّ لي أن أتأمل اسمك، كما هو شأن شيخنا ..الطيب الصالح) وأنت تتطاول حتى لتبلغ السماء ؟
يا سبحان الله !
كنت تحب اللغة ؟ هي مسكرة، فاتنة، مجنونة.
والآن: المعاني !!
تقول:
كيف أخلق لغة كإزار جميل للمعنى، وجسد المعنى، بلا ضفاف، .. يالها من مأساة مر بها الإمام النفري!!..
تسبق:
والآن، لا أرى الكلمات سوى مأوى، للمعاني، المعنى هو الغصن، والكلمة هي الظل، بل أحس بأن اللغة حجاب، مجرد تصور باهت للمتصور، المختفي دوما في غموضه، فما العمل؟..

ياااااااااا عبدالغني
ألم أقل سرك باتع !!
نعم هو ذاك
مقام التصوف مقام الكتابة !
مقام التصوف مقام الابداع !
والعتبات شديدة الوعورة.
والله إني لأبكي يا عبدالغني عن الذي سيجه كزانتزاكس بالدم حول روحه.
رحلة صعوده، مخفورا بالمسيح ولينين وبوذا (تأمل الرفقة)، رحلة صعوده المدماة إلى الأعلى.
يااااااااه
هذه الرحلة المضنية التي تفيض فيها الروح عذوبة وأسى وتشف، تشف حتى لتكاد تمحي!!
تمحي.. تمحي تماما (في ماذا؟)
هي ذاتها رحلة الكتابة.
واللغة باب.
أليس (لهم) أبواب؟
نطرقها حتى تكل أيادينا، ويتقطر الدم من أصبعنا، فإذا فتح الباب، فتح الباب !
نلمس الأشياء كلها بأرواحنا، ويصبح القلم ريشة سماوية.هذه هي النفحة.يصبح القلم قنينة عطر، وحقلا من النار.
القلم يا عبدالغني!
هذا المخلوق النوراني.
سيدي القلم.
أبي القلم، وأمي.
من رحمه خرجنا، وإلى (لحده) نؤوب!
أليس القلم والورقة في حالة جذب تنحني لها الجباه.
هذا السر الأعظم، ولادة التنقيط، النقط، الحياة، الـ....!

Post: #80
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 12:52 PM
Parent: #79

إلى مجنون في حلتنا الروحية يسمى مجازا محسن خالد
هل لك أن تنقط ما يلي:




..
ثم أنك لائذ بالغياب!
يا محسن، هذا قاربنا، فتعال.
والله يا محسن إني لأخاف عليك شر هذه العبقرية، عظم هذا الأسى، عظم هذه البلوى.
يا محسن، سنكون كمصطفى سعيد، لا تحتوينا مدينة.
لا تحتوينا إلا الصحراء بكلّ مجهولها ورغباتها الجبارة.
يا محسن، اشتهي كتابتك هنا.

Post: #81
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 01:15 PM
Parent: #80

عزاز
تدفنين في قلب ما، فالموت:زفاف بهي !
ربما المرء حين يموت، تختار روحه أن ترفرف فوق سماء الوطن، خفيفة تتهادى مع السحب، تهطل على النيل، وتعانق الجدات، وتمس الأبواب النوبية القديمة ساعة الفجر، تحطّ على جناح قمرية على نخلة فاتنة !
عزاز
ترى هل يقرأ (الذين في متاهتهم) نزفنا هذا وأشواقنا، فيترجل (الجنرال) عن جباهنا، لننسرب إلى الوطن؟
يا عزاز، صدقيني، لا تبحثي عن نهاية لغربتك هذه، فهي متأصلة في ذاتك المبدعة.هي غربة سحيقة هائلة، كثقب أسود في الكون، تبتلعك تدريجيا، ولا داعي للأسى!
هل بدا لك أن تتأملي المطارات؟
المطارات حزينة، عيونها ذابلة دائما من البكاء، إلى درجة أنها صارت لا تأبه – لبرودة جوفها – لأمرنا.
ومحمد كرم الله (يغرّد):
(حتى الطيف رحل خلّاني) !!
يا الله!
نحن نرغب في الموت قرب من نحب!
هناك قرب القلب الكبير/الأرض.هسيس الأشياء، وطيوفها اللامرئية.سلامهم – سلام أهلنا – على الموتى.
ونموت، يا عزاز، أغرابا، في موتنا نقاسي الغربة، ونحن ميتون نعاني غربتنا في الموت !!
وتريدين بعد هذا متسعا لتعبك؟
أقول لك: التعب!
نحن ميتون/أحياء
فكل روح نحبها وتعبر، تأخذ قسما من أرواحنا، لذا من قال إننا نجهل الموت ؟
الأشياء لا تستأذن حين تسكننا.
وهذه هي الوحشة الكبرى.
..
:
(يا محبوبي
يكفيك ويكفيني
فالحزن الأكبر ليس يقال) - (الفيتوري)
و – ليشتمونه ما شاءوا، هو ومحمد المكي إبراهيم، ومحمد وردي، ووو، فهم (فوانيس/أرواح جبارة) وأنا يكفيني منهم ذلك، يكفيني أنهم يقطرون الشهد في روحي، ويغسلونها بقبس من أرواحهم، قدس الله أسرارهم –
حيّ قيوم !
هذه يا عزاز الوحشة الكبرى
الأشياء التي تلتصق بنا، كذرات تراب عالقة، ثم نروح نبحث عنها على سطح جلودنا، وقرارة أرواحنا، لكننا لا نعثر عليها.
بلى، نعثر، نعثر على أثر بعيد.
كـ:
(رائحة عطر أمك زمان، وضوء الفانوس في الحجرة الطينية، وبكاء قمرية على شباكك، ومنديل معطر نسته عروس مبخرة بالخمرة والدموع، وقمر معلق شديد البهاء يفض بكارة الظلمة بفحولة ضوئه الجبار، وسر مختلس من الزمن البعيد، وهمسة، ورائحة عرق أبيك، وحزن ما كالحزن، حزن لسبب مجهول، حزن يغشاك بلا استئذان، ويرحل حاملا نعليه في يديه، ...)
كـ..
(طبق من الفول أكلتيه منذ سنين وما زال طعمه في فمك، وما زلت تشتهينه، وعرس قروي أدخل البهجة إلى نفسك، وجمع من النساء والرجال يحفون العروسين إلى والدي النيل قدس الله سره)
أليس ذلك كله فينا ؟
مغروس كنخلة في القلب؟
لكن، أين هو ؟

التعديل لدواعي تصحيح الأخطاء.قال - أظن - عبدالملك بن مروان: شيبتني المنابر. ونحن يا عبدالغني ستشيبنا الكتابة.

Post: #83
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: ibrahim fadlalla
Date: 04-10-2008, 03:06 PM
Parent: #81



إذن ..هكذا..تنبت القشعريرة ...زهوراً للدهشة .. وبراعماً ..للنهايات المفتوحة ...راودني..عجزي..وكسحي...القديم
للحجل تقهقرا...في بطن حوت الزمان ...علني ..أنتزع منه..معناً ..قبر في الخاطر منذ سحيق..وعله يلفظني ...بالساحل ..مرة آخرى
كرة لهب ترقص فوق تاج اليقطين...
كدحت كثيراً .. لأخرج رأسي من غبار الإندهاش ..لأضع قدماً واحدة..على جرف الأرض اليباس ..عساني أجد سبيلاً للتماسك ..والوقوف..من جديد...علني أنهض من قشعريرة ...نبتت بقشرة دماغي ..هناك تحت الجلد ..كما " الزريعة " ... قبيل إعتصارها ..رحيقاً ..يبل شفاه الصائمين ...
نعم ..ما خاب قولك ..في ذاك الفتى الأجعد ..ود كرم الله ..أذكر جيداً ..لقائي الأول معه ..في هذا الفضاء المتخيل ...وهو يطارد كيس النايلو ..
بشقاوة الأطفال...ولفافة أرخميدس ..وليته أكتفى بالضربة القاضية ...
ولكنه أبى إلا أن يبللنا بنقاط الزير ..وأن يصهرنا هوية ..عالمية ...في جوف كباية الشاي ...ولا شك أن لديه الكثير غير ذلك ..حجبه عني قصور
إطلاعي ..وكسل معرفي.. سكن عروق المخ التخين ...المهم ...
أغبطه كثيراً على تلك العين المغناطيسية ..التي تجذب التفاصيل الصغيرة والأمور العادية ..إلى درجة التفاهة ...
لتكتشف لنا العلاقات المعقدة بداخلها و العوالم الكامنة خلفها... لعمري ..وعمرك ...إنه الكلكي بعينه..
ولا أحسبك ..يا صديقي - إذا رأيتم ذلك ، وحزت الشرف - الذي عرفته هنا ..من نزف حروفه ..أقول لا أحسبك قد سلمت مما رميته به ...لا ولم يسلم من ذلك صاحبكم الذي إغتسل عارياً..
وتتمر ...بعفر التراب ...كيوم ولدته أمه ..و أكاد أجزم بأن هناك بقية من طين الأرض الذي تمرغ عليها ذات خريف ، بقية لما تزل ..عالقة بلسانه ..ينفثها بين الحين والآخر..كلاماً ..له شجون ..


سلمتم جميعاً ...ودام لكم الود ..أصفاه ..

سأترك بابكم ...خلفي ...موارباً ...

Post: #84
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حسن طه محمد
Date: 04-10-2008, 03:09 PM
Parent: #81


الأخ خالد

تحياتي وأقول في الحالة ما أحلي الشيب سيعيش معزز مكرم

ودمت اخي انت وأخي عبد الغني وكل مبدع ومبدعة.

Post: #85
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-10-2008, 07:10 PM
Parent: #84



Quote: طقوس القراءة !!
عبدالغني كرم الله

للتنبيه: بوست سابق لعبدالغني كرم الله

(1)

غريبة هي القراءة، حين أرى حبوبتي وهي تتصفح أي كتاب (وهي ترى حروف ملتوية تتخذ اشكال سريالية غريبية أ، ش، ظ، ن، ي، وتلتصق هذه الحروف لتكون كلمات، هي أكثر غرابة أيضاً)، تمرر نظرها، لهذا الخربشة، ولا تثير في ذهنها أي شي، سوى تصور (سبحان من يضع سره في اضعف خلقه)، وللحق هي اضعف الخلق، وافتكهم، كم اعجب للغة الهندية والسيرلانكية، حين ارى احد الهنود وهو يقرأ وبإمعان في احد المقاهي هذه الجرائد، حروف صامتة، سوداء، تتلوى، وتثني، كما أراد لها الارث الهندي، وعبقريته، وفنه، وتفرده...

غريية، هي القراءة !!... مجرد حروف سوداء، تتلاصق مع بعضها، فتصرخ، وتغرد، وترعد، دون ان تفتح فمها، سبحان الله، تقع العين على هذه الصفحات، ثم يصيغ العقل عوالم لاحد لها، عوالم اثارتها هذه الحروف النائمة، على سرير الصحفة، وبهدوء تام، كالقبور..

(اذن هناك حياة في القبور)، في صمتها، كالحروف، تنام على سرير الارض الحنون، القراءة هي عمل خاص، ذاتي، هي الاستغراق مع الخيال والذكرى، معا، وفي وقت واحد، لا شأن للقراءة مع العوالم الخارجية، هي شأن ذاتي، كالخواطر، لا يسمعها سواك، هي الاكسير، قد تنسب لليالي العباسية، واساطير اليونان، قد تبرد اطرافك في عز الصيف، وتتجول في مدينة اندثرت، سوى في كتاب (عجائب الامصار، وتحفة النظار)، لابن بطوطة!! ... كم لهذه الحروف من ذاكرة حديدية، حكايات كانتر بري، كتاب الانجيل، قصائد ابوالعتاهية، تحفظها على ظهر قلب، تحفظها في صمتها الابدي، في تلكم الحروف الجميلة الاشكال (ا، ب، ي، V، F، ى، س ش،)..

مالك بتبكي!!؟.. (هكذا تسألني أمي، وأنا صبي صغير، كنت أقرأ في جين اير، في صالوننا الطيني)!!..

أجي، بتضحك براك، جنيت (تصيح نادية، بنت اخي، وأنا أقرأ دون كيشوت، في صالون معلقة عليه صورة أبي، وآية الكرسي، بامتداد ناصر)!!

بساط سحري، يسافر بك، للأمس، للأمس البعيد، وللغد، ولبلدان بعيدة، عنك، وعن ارثك، وعاداتك، (حين ماتت زوجة السندباد، شرع الناس في دفنه معها)، وحين جاع السندباد، في تلكم الجزئرة الصغيرة، واشعل النار، تحركت الجزيرة به، وغاصت، لأنها لم تكن سوى حوت ضخم، آذته النار التي اشعلها السندباد)!!..

حين اشرع في الكتابة، اعد ادواتي، أدوات العمل، قلم رصاص، وقلم فسفوري، وكراس، كي دون الفقرات التي تسحرني، وكي ألون الصفحات التي تشدني باللون الفسفوري، كي ارجع إليها في حزني القادم، أحيانا اتكاسل للوصول لنهاية الكتاب، حب التسكع بمهل فيه، إن كان شيقا، كتاب (الرجل الذي مات مرتين)، لجورج أمادو قرأته في اسبوع، وهو لا يتجاوز الثمانين صفحة، صغيرة، مجرد ساعة تكفي لالتهامه، ولكن حلاوته، نشوته، تستحق الابطاء، بل التوقف، تجت شجرته الوارفة، كي استجير من وعثاء السفر، وهجير الحياة الماثلة، المادية، البيغضة، كأنت أوي للكتاب (كعش، كمحراب، كصدر حنون، كحضن، كقبر)!!..

المسافة بين بيت أختي فاطمة (امتداد ناصر، مربع 6)، ومكتبة (الموعد)، ببري، أكثر من كيلو ونصف، ونحن اطفال، نشد الرحال، ومعي جماع ابن اختي، في رمضاء، وحر، كي نشتري الالغاز، ونعلب القرعة لمن يقرأه أولا، ويقسم من يقرأه اولا أن لا يخبرني بشي، من حل اللغز، بيد المهندس تختخ!! الولد السمين المحبوب... ومع هذا كنا نرى الطاحونة بعيدة، حين نرسل لها، وهي لاتبعد سوى شارعين من البيت (لو تعلق قلب رجل بالثريا لنالها)، داخلنا معجزة، حين نعشق، أو نرغب!!..

إنه الحج بعينه!!

أسبوع كامل لم أخرج من البيت، لم أكن مصاب بالملاريا، ولا حمى، ولكنها (الثلاثية)، بين القصرين والسكرية وقصور الشوق، لا شي يحبسني في البيت سوى المرض، والقراءة... أو جاءت فتاة جميلة، لزيارة أخواتي!!..

كم قبلت شفاه بعيدة عني، قبلت زهرة في بنسيون ميرامار، وامتعض قلبي لماساة (الغريب، السيد ميرسو)، بل للبير كامو نفسه، فكل إناء بما فيه ينضح.. لقد أحسست بالبير كامو حين كان يكتب، هو، وليس بطله المسكين، المنزوي (من عالم مادي بغيض)!!..

أحياناً، أحس بظمأ لقراءة "خيري شلبي"، خيري شلبي فقط، ... أحس بشوق لعوالمه فقط، كم تحس بشوق لصديق معين، في وقت معين، لن يجدي معه أي صديق سواه، (بابا شلبي، وبس)، طيبته، ابطاله الفقراء المديونون، ووصفه الوئيد، السلسل للبيوت والروائح، فأبحث في مكتبتي عن كتبه، أقلب الرفوف، يقابلني كتاب (الالف)، لبورخيس، فأزيحه، والطيب صالح، ببرود ازيجهم، حتى أعثر على (وكالة عطية)، ثم أمضي للسرير، وكأنني خبتأت المصباح السحري في جيبي!!... وحين أغرق في عوالمه، أجزم واقسم متعصباً، بأنه : أعظم روائي!!

ثم يدور فلك مزاجي، ليتغير الطالع، والسعد والفرح، انتقل مزاجي لفصل أخر، من فصول العشق، فاشتهي قراءة كتب الرحلات، مثل امراة حامل تحن للطين، من يرفض طلبها؟ (تحفة النظار في عجائب الامصار)، كتاب ضخم، أجده بيسر في المكتبة..

ثم استلقي بدفء، وقد خرجت من هذا العالم وخرائطه وشعوبه ومدنه، وذهبت (ببراق القراءة)، لعوالم ابن بطوطه، وأقسم صادقاً "حينها)، بانه اعظم كتاب، وبأن "أعظم أدب هو أدب الرحلات"...

القصة كلام فارغ، فالمسرح هو الأصل، الحوار والجدل هي أصل الإنسان، منذ سقراط وإلى (أمل....)!!..

هل الإنسان مسير؟..
كيف يخلق شئ، من لا شئ!!
هل بمقدور الإله خلق جنة، بلا نار!!
إن كان الإله يعلم بكل ما يجري في الغد، بل على الغد أن يجري كما هو في علم الإله، بلا زيادة أو نقصان، إنه التسير..
أين الماضي، والمستقبل، هل الحياة هي هذه اللحظة الحاضرة، الرقيقة، الصغيرة، فقط؟...

هناك كتاب اغبطهم على صدقهم، على شجاعتهم، يطرحون حديث الخواطر، اصلهم، فصلهم، جرأة محببة، وطفولية، وصادقة، يزيلون الاقنعة الكاذبة، يتوغلون اكثر في المكون النفسي، والثقافي للانسان، لذ تم تجريمهم، وشنقعهم، واقصاءهم، هم رسل، رسل القلم والعقل والقلب... يغوصون أكثر في الاشياء، كالضوء، كالتنويم المغناطسي، كالشعر، كالخمر، يحركون الموتى، وينشرون السحب في الحقول الجدباء، يصنعون الاكسير، ويضيئون الفانوس السحري بكل النفوس، يزخرفون الحياة بألوان ساحرة، وكأنك هناك عشرات الحيوات في هذه الحياة، نظرهم اقوى من اشعة اكس، ومن جاما، ومن .. ومن.. وكأنهم خلقوا من مادة الخيال، مادة رخوة، وهشة، وسريعة، أسرع من الضوء، أسرع من الفكر، تجوب العالم في لمحة عين، بل تجوب الماضي والمستقبل كله، في لمح العين، ترى عوالم لم تأتي بعد، وتتذكر حيوات قديمة، قبل خلق اللغة، والعادات والاديان...

احيانا، استسلم للكتاب، وللقصة ولوقائعها، بدون اعتراض، أعمى يقوده مؤلف، لمرامي يريدها هو، ولكن حين يكون عقلي نشطا، وخيالي محلق، اعترض: واخترع نهايات ومسالك للقصة لا علاقه لها بمجريات القصة امامي، بيدي، لا بيد المؤلف (ألم يمت المؤلف)، ويظل المتلقي هو المبدع الأخير، ويخضع النص لتأويلاته، بل اغراضه، الدنيئة، والخيسية، والثمينة..

حين قرأت (الحب في زمن الكوليرا، جرى القلم لكي يكتب:

(ملك، من بعرة جمل) كيف كان يقرأ الفتى (الحب في زمن الكوليرا)


إنه لا يوزع نظراته بالتساوي، هذا ما يفعله ماركيز، كان الفتى، ولأنه نشأ يتيما، يكره الاهتمام بشخص معين، وفي مجلس واحد، ولهذا، ولمناقب أخرى، لا تحصى، كان يحب النبي، وبوذا، واليسوع، (كان الجميع يخرجون منه، ويحس كل فرد منهم، بأنه أحسنهم موقعا لديه)، لهذا امتعض في البدء، فقد نشأت علاقة، ومن أول سبعة أسطر، مع اللاجئ الانتيلي (جيري سان مور)، وهذا الحب المبكر، سببه، بل اسبابه، ولع سان مور بالشطرنج، والسبب الثاني، انه لاجئ، والسبب الأساسي، هو (عذابات الذكرى)، الفتى كل ماضيه، عبارة عن وحش يطارده حتى أفق الغد... يحس بالتقصير، تجاه كل شئ...

ألقى ماركيز نظره سريعة على (سان مور)، ثم مضى لشخوص أخرى، أقل إثارة منه، كما يرى الفتى، أو كما يقول له هذيانه، ولكن ليس هذا ديستوفيسكي، أو فوكنر، كي يصوروا لك كل شئ أيتها الفتى، كي تملأ فارغ عريض بقريتك الساكنة كالقبور، يمكنك ان تجد ضالتك، في (دون كيشوت)، فسرفانتس يحكي عن دون كيشوت، ودي كيشتوت يحكي عن راعي، والراعي يحكي عن جنية، ألخ نهاية الارقام، إن كان للأرقام نهاية، ولكن ماركيز فراشة زاهية، ملولة، تحلق من زهرة لأخرى، ويجري السرد بصورة حلزونية، ونحو الأعلى دوما، نحو الإثارة والجاذبية السماوية المقدسة، إعصار اخضر، يطفو بالاشياء، حتى الجبال تبدو كفلينة حقيرة الوزن، يحس الفتى بأنه يحب ديستوفسكي، لأنه عالم كميائي عجوز، يمسك شخصياته بيده المعروقة، ثم يضعها تحت شريحة المايكروسكوب، مثل قطرة دم مصابة بالملاريا والحب والهوان، ثم يشرح الجسد، والخطوات والأحلام، بصبر الناسك، والنبي معا، فهو مثل ذبابة، تحوم وتلف حول هدفها، متجاهلة تهديد القارئ، تذب وتؤب، وماركيز (غراب ذكي)، نفور، متربص، لا يأتى على غرة، لاتقارن بينهم، (فالاشياء كلها لا تتشابه)، رغم صلتهم الروحية، في معادلة (الواقعية - السحرية)، فالأولى لديستوفسكي، والثانية لماركيز، أحيانا ينسى ماركيز شخصايته (ذكر ذلك في مقال له)، ينسى ابنائه، إله قاس، يخلق (ثم يصم اذنيه، ويغمض عينيه)، تئن الارض، وتلوذ سماء ماركيز بالصمت، مخلوق سقط سهوا من ذاكرة الإلهة، استفاد من ألف ليلة وليلة، أكثر من أهلها (الكوني، وغائب طعمة، وغالب هالسة)، حيث الإميرة تجلس في خلوتها، كسولة، ريانة، تأكل الحب بكسل، وبشبع، وترمي بذرته، فتصيب البذرة قلب جني صغير، فتقتله، فتثور امه الجنية الكبيرة، ويجري ما يجري، مما لا يمكن تصوره، إلا في ألف ليلة وليلية، وأدب ماركيز، سرق وبجدارة مناخات التداخل بين الواقع والخيال، والذاكرة والاستشراف، سطا على ليال هندية وفارسية وبغدادية، خير سلف، لخير خلف، بل (حوار غلب شيخو، بإقتدار، ومعاصرة)، يميل للمبالغات، كشيوخ وأمراء الدولة العباسية والاموية (أعطى الفرزدق خمسون أ لف بعير محملة بالذهب، وعشرة ألف إبل محمولة بالياقوت، نظير قصيدة مدح)، فطوفان نوح، كان سببه دموع (فلورنيتيو).

لم يقتنع الفتى بمصير (سان مور)، وانتحاره المبكر، بل سرح طرف الفتى، كعادته في القراءة، وتهربه من بين السطور إلى عالمه الخاص (استمرت الشطرنج 49 سنة، أصاب الملك الفتور، ركونه، وعدم تحركه في اديم الرقعة، كجنوده والطابية والوزير، الحر، الواسع الحركة، فأنكسر الملك بسبب سكونه المميت، (الاشياء الميتة هي الساكنة)، ولم يجد سانت في غرفته، سوى بعرة جمل، بديلا للملك الميت، جلبها معه من صحراء العيونات، ولأن عذابات الذكرى تغزو حاضرة، في ومض مباغت، تذكر خطيئته، فضربت يده عنق الوزير، فوقع الوزير من الطربيزة المتأكلة، وكم كانت دهشتهم كبيرة، لتهشم الوزير إلى شظايا، رغم أنه وقع على سجاد ناعم، إنه بلا شك وزير عظيم، وأصيل، لم ترضى نفسه أن يغادر ارض المعركة، ويترك بعرة الجمل لوحدة، ... هل ضعف البصر، أم استوت المربعات السوداء والبيضاء في الرقعة، لم يعد يريان شي في رقعة، تداخلت المربعات السوداء والبيضاء معا، حلم ويقظة، أهكذا ينضج الهذيان)...

أحيانا، أحس بان ديستفوسكي، بعث من جديد، كي يكمل لوحته الرائعة، فاختارت إلهة الالومب، كولمبيا، موطنا وملهما له، فالاساطير تملأ قلبها وكأنها صورة رنين مغناطسي لظهر نملة نائمة، وهي تحلم بكابوس (فيل مربوط على ظهرها)، كي تتسلق به الجبل (هان الامر على سيزيف، حين رأي هذا المشهد، فشر "النملة" ما يضحك)..

الحب في زمن الكوليرا، إشارة مرور مجنونة، تغير كل الاتجاهات برغبتها، كان الفتى في القسم العلمي بمدرسة الخرطوم القديمة، كان يحب الكيمياء، والاواصر التي تربط بين الصوديوم والكور، فجأة وفي تهور لذيذ، غير رأية، إلى القسم الأدبي، صديقا لبصير المعرة، وآلان روب غيري، وأبراهيم اسحق، واعمال الليل والبلدة، وكل هذا الجنون، بسبب خمر الحب في زمن الكوليرا، كانت (ارثياء)، تواعد الفتى، من وراء ظهر فلورنيتو، بل ظهر خالقها (ماركيز)، عيون الإله مغمضة، لا تراقب النص كما ينبغي، أه من لذة القبلة الوهمية، لفتاة مخلوقة من حلم، من روائح، من خطف، كانت تخرج من سور غلاف الكتاب، كما يخرج الضوء من زجاج الفانوس، بلا صوت، ينبه ماركيز، إلى أن هناك خروف جميل، فر من حظيرة (الرواية)، إلى حضن القاري، فالمتلقي حر، بعد أن مات (الخالق/ المؤلف)...

لم قتلته حبيبي ماركيز؟!!، كان بمقدروك، أن تجعله يعيش، عام او بعض، بل بمقدروك أن تنفخ فيه الروح مثل نوح، بل يخلد، هل الإلهام جرى بك هنا وهناك، بعيدا عنه، أم تخلصت منه، كي تتفرغ لفلورنتيو، (الهامش والمركز)، تباً!!، هذا الصراع، حتى في النصوص، أتكتب بعقلك ام قلبك، (فالقلب كالشمس، لا ينسى شئ على الإطلاق)، أم تميل للإثارة، كنحر النساء وتويجات الزهور، أم كنت تحت تأثير سلطان اللاشعور، فأملىء عليك خطابة (يالك من أسير لموهبته)، يقال بأن (نساك الهند لهم القدرة على التحكم في عالم اللاشعور، في ضربات القلب، وتسريح الشعر بلا مشط)، شفاء ذاتي، فاللاشعور، صار شعوريا، كحركة اليد..(هل قمت بتمارين بتقليدهم، كي لا يسقط شي سقط متاع)...

أم خفت ان تطول الرواية، إن تطرقت لكل شخوصها ولكنك (تضع الحياة بين قوسين)، كقشرة موز، تحيط بثمرته الجميلة، أساور بمعصم، فالحياة دخلت هذا النص الجميل، كما أدخل الطوفان شعب نوح، وهكذا انطلقت (الحب في زمن الكوليرا)، تحمل على ظهرها ما تبقى من أحياء، من طوفان الكوليرا، رفعنا علم النكبة، ولا حمامة ترصد اليابسة، (أليست الاشياء الرخوة خير من اليابسة)، نحن نثق في البحر أكثر من الأسماك، وأكثر من اليابسة..

445 صفحة، حقل أخضر، ألم تصاب بالإنهاك، بفتور العاطفة، بالتكلف، بالتبلد، وكأنها مكتوبة بنفس واحد، فترة لم يتخللها نوم أو استراحة أو قوت (أتأكل الملائكة)، أم انك تكسر عادة الملائكة، وتسير في شوارع كولمبيا والمكسيك، وتتزوج من نساء الأرض (مرسيدس)، يقال بان جبريل (جاء في شكل بدوي، شديد سواد الشعر، وشديد بياض الثياب، ولا اثر لسفر عليه)..

لا اشك انك كتبتها في ساعة واحدة، بل أقل، ولكن في وقت خاص، مثل ولي مغمور في بلاده، كان له زمنه الخاص، لا يقاس بوقتنا، (كان هذا الولي يعيش على ضفاف النيل، في منطقة النوبة والمسيد وأربجي، أرسلته زوجته لجلب ربع رطل سكر من الدكان، بعد أن وضعت الشاي على الكانون، فذهب الولي فوجد كمساري أحد اللواري يصيح بأنه مسافر لسنار، لضريح احد الاولياء، فركب الولي، ثم رجع بعد شهرين، وتذكر أمر زوجته، فأشترى شاي ورجع للبيت، فخاطبته زوجته: لم رجعت سريعا؟)...

الفكر اسرع من الضوء، كيونة الزمن تختلف من فرد لأخر، في الاحلام تجري الاحداث بسرعة البرق، بل أسرع، ويتمثلها القلب، كلها، ايها الفتى، أتحب سرفانتس، لأنه يتحدث عن الرجل وهيئته، وعن قلبه وجوائشه، وعن حذاءه وضحاياه، من الحشرات والنمل، وعن النمل وقوتها من السكر، وعن السكر وبلورة طمعه من الطين الصلصال، وعن الطين وهوانه وعظمته.. أتريد ان يمتد طرف الرواية للوراء والخلف، كي توازي نهر الزمن، ولكن من وصل للرقم الاخير في سلسلة الارقام؟ حين ينتهي الزمان ماذا بعده؟ حين تنتهي الارقام ماذا بعدها؟ حين ينتهي الفضاء، ماذا بعده؟

كل شئ ممكن مع ماركيز، فحين تكسر حبة رمل، في نصوصه، تجد بداخلها جبل، وتطير منها فراشة مذعورة، وخلفها أسد يزأر، جائع، كل هذه الاشياء جزء من أحشاء حبة الرمل، والباقي، فيحتله المطلق، الذي تبحث عنه التلسكوبات والاقمار الصناعية، وهو مخبوء في حبة رمل).. الحروف السوداء لقلمه، تحمل كل هذا الهذيان الجميل، المثير..

قرأ الفتى، عبارة (كانت يديها تتحسس بطنه، وهو يشرح لها عالم غريب على اناملها)، قرأتها ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة فقدت حلاوتها، ولكنه قرأت عبارة (تفيض البحار بدموعي)، قرأها احدي عشرة مرة، وكانت الأخيرة هي الأقوى، (الروح أقوى من الجسد، أم بداخلي ناسك، رغم آثامي المطلقة)!! انها رواية مدهشة، خبز مستوي، بلا جزء محروق أو نئ!!.

وحين خلصت من الرواية، ووضعتها تحت مخدتي شعرت، بل أدركت، بأنني قد خرجت من الجنة للتو، ووضعتها، تحت مخدتي، بكل إطلاقها، وجبروتها الجميل!!...


ثم ميرمار، لنجيب محفوظ، كتاب أحبه بشدة!!
ميرامار في العسيلات!!

صحوت الصبح، لأجد فندق ميرامار في قلب القرية، وفي احدى البلكونات تبدو (ماريانا)، وهي في دهش عظيم، (ونحن في دهش أكثر منها، من فتاة شبه عارية، لا تستحي من ود العجب، وحاج النور، والشمة، وهم على ظهور الحمير، في طريقهم للحقول)، وجهها يشئ بدهشة اسطورية، هل جاء جن سليمان، فرمى الفندق خارج العصر (واحداثياته، وضوضاءه)، أم ظنه الرخ بيضته، أختبئ بداخلها السندباد، فرمى به في قريتنا، بعد أن ازعجه (جدل وسفسطة عامر وجدي و منصور باهي و و..و.)، يالهم من شهود أردياء (هكذا يقول هرليقطس عن وهم الحواس)،.. فهم (لم يصعدوا قمة الجبل، كي يروا المشهد، كاملا، وليس فيسيفساء)، كما يوصي تلاميذه، وقد سبقت وصيته الفريدة، جل انبياء المشرق النبيل، والذين رعوا (القلب)، أكثر من (العقل)، ربيب اليونان، وبراقهم المفضل!!..

هاهي ماريانا، بشحمها ولحمها، وتهورها، تنظر للنيل الازق، العجول، وليس (المتوسط)، الساكن، الراضي، سوى موج غضوب بداخله (سحرها النهر الصغير، انتصر النيل على المتوسط، والكيف على الكم)، وتحته بيوت طينية، على سقوفها حشائش جافة، وجولات،. وأدوات معيشة (انقرضت في نظر ماريانا)، ملود، وكندكة، ومنجل وسلوكة، وغرائب معروضة الآن (في معرض الفنون البدائية بباريس)، سقط متاع، فالحياة (من البدء، وإلى الختام تعرض كرنفالها)، فالاميبا، والديدان والاسماك والطيور والبشر والملائكة، والإنسان، تسعى معا، والآن على ظهر البسيطة... كل ممسك بيد الأخر، في طابور طويل، يمتد من الصلاصل، وإلى العرش، بل وإلى ذات وراء اللغة، والإيماء..

..، لقد كسدت تجارتها، من يزور (البنسيون)، في قرية، كل القرية عبارة عن (فندق شعبي)، فاتح ذراعيه لأي زائر، وضيف، تظله، وتأويه، وتوصله إلى الباب، بل إلي أن يركب البص (الوحيد في غبشة الفجر)، المتجه للخرطوم، وتدس له سعر التذكرة، بلا مقابل، سوى فطرة أولى، وراحة ضمير تعقبها، فالفقر، والذي يسوق خراف الوجود لمبتغاه، فتوفر وتحرص وتتقاتل وتنحرف بسببه، يعيش في قريتي بكامل هندامه، ولا يخاف منه الناس على الإطلاق، ولا يحسون به... بل يعتبرونه برهان ساطع ودليل لايحض للانتساب للعترة الشريفة، المباركة، الجائعة بقوتها عبر التاريخ.. فالجوع ينصر الجسد على الروح، ويشحذ حواسهم كلي تعد النجوم، وتشم رائحة الطمي، والتي تجري بهم لأفاق وآفاق..

إنه أعظم مريض فصامي، نعم ، إنه نجيب محفوظ (أريكة فرويد تعجز عن تشخيص حالته المتدهورة)، وله من الجب ألوان حديقة!!..، تدخله، وتتلبسه كل الشخوص التي ولدت من رحمه، عاشور الناجي، حميدة، يتصبب عرقا في السجن، ويترنح في السير من السكر، ويحي ويميت.. إنه نجيب محفوظ
آآآآآآآآة، لو أطلت زهرة من البلكونة، لا يتجاوز تصور سعد ودريا للحور العين مقام زهرة،

إنه في ضلال، ولهذا يخلق الشخوص، كي يرى الحقيقة من كل الجوانب، ان يغوص في عقل الاخوان المسلمين، كي يرى الكون من خلال النصوص، والنقل، ثم يقفز لمعتزلة، ليس حبه فيهم، ولكن ضلال داخلي، يبحث عن يقين، وليس شخوص، وكأن كل كتبه هي اختصار لرائعة الغزالي (المنقد من الضلال)، ثم يستعير عقل ماركس، كي ينظر لجدل الطبيعة، وصراع الطبقات، والعقل إفراز الطبيعة، ثم ينحو نحو كارل بوبر، ويعطي العقل والتجريب حظه، ثم يسترسل وراء خيال شاعري، فشخوصه لم تكن غاية، بل نافذة يطل من خلالها على مشهد وسيع، أنها الحياة، وصراع الشك واليقين،

انه اعظم دير تراها في عيانها، رهبان في جلاليب بيض، اكتفوا بالقوت عن الصغائر، حتى البيوت هي من طين الارض، وطين الاجساد، مادة واحدة، (وحدة من وراء تعدد الشخوص)...

لا شي يعلو في القرية، (سوى قبة أبوشملة)، قبة كثدي، حتى حلمته الحنونة، لم تسقط عفواً من لا شعور البناء، كل من غشاها شبع، وروي، ولو على عجل، "الولي يكون أكرم حين يرفع عنه حجاب البشرية) (1) فالخارج صدى الداخل، (وإلا لم تشابه مرضى المنغوليا، ولم تشابه النبي بإبراهيم )، فالحزن ينبع من القلب، ثم ترسم الالياف العصبية الدقيقة كل عمقه على صفحة الوجة، بلا حول منها، ولا قوة، سوى طاعة القلب في بسطه وقبضة...

قريتنا، كقصص يوسف ادريس، لا تخطيط او نظام مسبق، طرق ملتوية، تنتهي عند بدايتها، تمشي في الطريق، وبعد وعثاء تعود لبدء، صاغتها الغرائز، والجيرة، والاطماع، وحيشان تحمل اشكال مخمورة، تتداخل، وتنبعج، بسذاجة هندية، أو شره في طمع بعض امتار، ولكن المدينة تشبه قصص نجيب محفوظ، فهو يعرف المنتهى والبدء، مهندس يخطط لعمارته، يرسمها كلها على الورق، الغرف، خطوط الكهرباء، المطبخ، التهوية والتشجير والديكور، نظام صارم، لا ينسى شخصية، أو موقف، او جدل، يتتبع الشخصيات، من أين وإلي أين، ويوسف ادريس يجري وراء املاء عقله الباطن، بلا حول ولا قوى، سوى أجر (المناولة)..

حقا، قصص يوسف ادريس، كقريتنا، لا تعرف خريطتها إلا حين تنتهي، قمة الارتجال المحبب، والسريالي، والمدهش حقا.. يظلم إناس، وينصف اخرين.. كالسحب، تتخذ شكلها من روعة الرياح، أو روعنتها..

الاشكال الحسية، (شكل الوجه، والعيون، شكل العمود الفقري) تطيع أمر ما، روح أثيرية قوية، الصوت السبرانو يحيل لولوة الماس إلى شظايا)، ما أقوى الهوان، والاثير، (كنظرة الحسناء)، والأيدي الآدمية (واهبة القمح، تعرف كيف تسن السكين)، كما يقول دنقل، وتعزف كمان!!!

حتى الارض، تنفعل، وتغضب، لكل سلوك يناقض فطرتها، (انحني لهذا الجمال، والبهاء ودقة النظام الكامنة في نواه الذرة)، هكذا صرح عقل البرت انشتاين...

لم تحضر (ماريانا)، لقرتينا صدفة، فإن 80 من جسمها المكتنز، اليوناني القالب، و(السوداني المنشأ)، فمن مشروع العسيلات الزراعي، ذهب الموز لجسد ماريانا، في موائد دسمة، تتناولها كل يوم، ولمدة (60 عاما)، لقد حن الموز في جسمها لأهله، لوطنه (حتى انت أيها الموز)، تحن لأصلك، لجوزرك...(أيها الحنين، الكائن الأسمى والأوفى والأغرب)..!!

وللحق، حتى الملائكة، والتي بمقدورها رؤية ما يجري في غرف النوم، لم ترى في القرية عري أكثر من هذا الواقف في البلكونة..

أما زهرة، فهي ضحية المدينة، الغول المعاصر، والذي يسرق قوت القرى، ونسائها..

القراءة، غريبة حقا..




Post: #86
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: munswor almophtah
Date: 04-10-2008, 10:23 PM
Parent: #85

هل رأيت وجه أمي، وهي تحاول إدخال الخيط في الإبره، ببصر انهكته المأسي، وعيون حاول الأسى أن يطفئ بريقها الأبدي..
أسارير وجهها، في تلكم الحالة، تشئ بحالي، الآن، وأنا أحاول إدخال خيط ما أريد قوله، في ثقب الكلمات الضيق.. ويطيش خيطي، وأرى، بل أتمثل وجه أمي، وتركيزها المسكين لإدخال الخيط، ويبدو لي الآن، في يأسي وجه المسيح مصلوبا، (لم تركتني وحيدا يا أبي).. لم تركتيني وحيدا يالغتي، لم فرت الكلمات.. أين هارون، كي يحل عقدة، بل عقد لساني الأبكم، المبهوت..




أنظر يا خالد إلى ذلك الحاذق الرصين وذلك النياش الصواب الهداف كرماة الحدق الذين لا يخطأوون ثقب الدروه...يجيد مثلهم فن أمه ومهارتها وهى تحدق بوجه الفيتورى وترقص بساقيه منجذبة لنشوة إرسال خيطها عبر ثقب الإبره ويأتى هو ذلكم المجنون بالقوة والفعل...والمقبوض بالثابته علنا هنا فى عكاظ الأسفير يصنع للمعانى خيطا ليقذفها فى ثقب رحم الكلمات ويصلى مستغيثا لخريف يسقى زرعه لينبت بلايين السنابل وفى كل سنبلة ما لا يحصى ولا يعد من الجمال الحلال مفردات مكتنزه بالمعانى أسيلة الخدود فارعة القدود شامخة النهود يقطعن بسكين سحرهن أيدى عيون الناظر إليهن حتى يتعرف على مكر البديع فى صناعة الإبداع بسر كن فيا خالد لا أنت ولا النابلسى بناج من قيد سعد الجنون.....................



ولك ولكل المجانين والمجنونات والمجذوبين والمجذوبات ألاف التحايات


منصور

Post: #87
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 04-10-2008, 10:44 PM
Parent: #86

قبل سنين عديدة وعلي بهو ارض المعارض القطرية في احدي فعاليات عرض كتب كان الشاهد بانها كثيرة ومتنوعة في ذلك البهو وتلكم الاجواء جلست وبالصدفة مع شاب عالي التهذيب والهدوء ..
تعارفنا علي عجالة ولكن احساسي الداخلي حدثني بان هذا الشخص فنان وفيلسوف ايضا....
مضت سنين ومرت...
وفي منازل احد الاسر الصديقة عثرت علي قصصات لقصص قصيرة مذهلة
التهمتها سريعا وثم سالت عن كاتبها فقيل لي انه عبدالغني كرم الله
فزاد اهتمامي وبحثي عنه في كل الاوجه السودانية
بحثا عن فيلسوفي وفناني الذي اختفي ومنذ ذلك اليوم المعرضي..
واخيرا علي رحاب سودانيز التقينا
وسعيد الان بانني اقراء بصمت ومتعة ودهشة
للفنان الاديب الفيلسوف صديقي عبدالغني كرم
وكل الود يا خالد

Post: #88
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Omer Abdalla
Date: 04-11-2008, 00:34 AM


الأعزاء خالد وعبد الغني وضيوفكم الكرام
شكرا على هذا البوح اللطيف العميق والذي كثيرا ما ادخل لأخذ منه جرعة او جرعتين قبل ان اضطر للفرار وقد لوح ضيق الوقت بعصاه ليحول دون الاستمتاع المتأني بما تكتبون ..
وطالما أن الحديث عن الجنون والجنون فنون فإني اهديكما رائعة عوض الكريم:
قيل عني جُنّ وجدا ليتهم ذاقوا جنوني
صار مني الفتق رتقا والتقت يائي بسيني
فيميني في شمالي وشمالي في يميني
اسمع الأنوار في وجدي أرى وقع اللحون

click on play to listen
عمر

Post: #89
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-11-2008, 01:45 PM
Parent: #88


إبراهيم
هي – نعم – القشعريرة تتسلق – كحشرة نكّاشة – جدار الروح.ليست كأي قشعريرة.يطيش الصواب، وتروح تتوغل في درب الروح.
ويا له من درب !
اترك الباب مواربا – وسنتركه – ستعود يا هذا، ستعود.

حسن طه
دمت يا عزيزي.
الجسد وعاء مهتريء. وهو – لا شك – معرض لعوامل (التعرية) كلها.والوجع كل الوجع، حين تختبر الروح هذه العوامل.

منصور يا (مفتاح)
يا أخي والله (الأسماء) هذه تصيبني بالجنون.
تأمل – يا عبدالغني -، تأمل.. (منصور المفتاح)..
وفي كل شيء (سر)
وفي كل سر (سر)
ونحن في غابة الأسرار هذي، ..(سر)
والدنيا أسرار
فالنقطة سر
والحجر
والطير
و..(الأسماء)
الأسماء اشارات..أحيانا، حين تعثر الروح على (مفتاح)، ويفيض عليها الكشف ويزيد عمق الكشف، الغموض غموضا !!
نعم يا (منصور)، سكرت بعبارات كرم الله.
وفضت بها.
هو ذاك، فعل الخيط والإبرة.
هو ذاك فعل السر بالسر
وعبدالغني (متوغل) !


عبدالكريم
عبدالغني ..(طفل)
ألا يشترك الأطفال والفلاسفة (وحدهم) في طرح (الأسئلة الصعبة)، أسئلة الوجود والغيب والحياة والموت، و…الله ؟!

عمر
عمر..الأخضر
وهذا أيضا – يا سيدي – سر !
أليست الألوان – يا كرم الله – سر ؟
الأخضر فيه من روح العشب، يا الله.. العشب المشرّب بالرقة والأنوثة والإنسانية.
العشب المتواضع البسيط شديد الشفافية.
أنا – يا كرم الله – أحبّ الأسود !
لحكمة ما، أحبّ الأسود.
الأسود المتأمل روحه معذبة.يسأل – في خلوته الأبدية – عن كلّ الأشياء
الأسود يعرف أكثر منا جميعا.
إنه قرين الحبر.الحبر قرينه !
وعلى عكس مخاتلته الخادعة، الأبيض يفعل ذلك أيضا !!

وإليها
سأتسلق ضفائرك المجدولة بماء النهر إلى عينيك.
سأرصف دربا من الأشعار إليهما، لأغفو على عتباتهما.
سأخلع روحي، وأجففها من بللها الأبدي على مشجب شموسك.
سأمسد شفتيك برغباتي، وأزهو بجنوني..فيك !

عبدالغني !
وتقول إنني على العتبات ؟!
وأقول إنك متوغل ؟
ستيلا قايتانو – عليها السلام – تغرس خناجر الكلام في صدري.
أكتب قسما من روحي على الأوراق !
هي تنزف روحها كلها!
تسكبها قطرة قطرة، فتتلوى على الأوراق البيضاء.
يا الله يا عبدالغني من هذه الـ..ستيلا!
أقرأتها ؟
أكيد.
كيف تكتب هذه المجنونة جراحنا تماما؟
كيف تقوم من مقعدها حين تفرغ؟
كيف تترك روحها، روحها كلها هناك على حدّ الصفحة؟
ستيلا متشحة بغيابها عن ذاتها.متشحة بالإنسان، يا الله إنسانـ(ها)، إنسانها ذاك المعذّب درجة أن أبكي !!
أبكي.
تبكي روحي بكاءا مريرا.
ما الابداع إن لم نتوغل عميقا في (الإنسان) و(الحجر) و(الطير) و(حبة القمح) و(الحذاء) ؟
وما الإنسان والحجر والطير وحبة القمح والحذاء إن لم يكونوا ابداعا ؟
هذي قناني العمر، تفرغ وتمتليء !
نملأها بالوجد والشوق والعشق.
نفرغها، تفرغ، حتى لتشعر بالطين.





Post: #90
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-11-2008, 10:26 PM
Parent: #89


أرواحنا أتعبها الطين يا عبدالغني.
في هذه الجغرافيا التي تقتات من أعصابنا وأرواحنا.
هذه الجغرافيا التي حلّت بها لعنة فأحالتها إلى جسد ممزق ينشب أظفاره في اللحم المفتت.
من أي طين عجنا؟
من الطمي، أم من التراب ودم الطمث وروث الأبقار؟
هذا تاريخي، أنشره على حبال الشمس، كسراويل داخلية عفنة، ليجف قليلا!
هذا أنا/نحن/أنتم
أعاين في المرآة وسخي وقاذوراتي.
أزهار بودلير الشريرة تنمو في قلب/ي/نا/كم
أسبّ ذاتي وألعنها.
أهرب من ظلي.
كم قتلنا يا عبدالغني من أطفال؟
وكم شربنا – بتلذذ – من دماء النساء في أوان دورات خصوبتهن وإنحناء قلوبهن؟
كم قرية زرعنا في حقولها الموت.
ونفقس!!
يا الله..نفقس، نفقس وسخا وأذى.
كم أنا هارب من طيني إلى طيني.
أنتمي إلى هذا الخراب كلّه.
الخراب الطيني الفادح.
خراب الطين.
أبحث عن بلورتي/ك/كم/نا
أبحث عن (فانوس) لينقذني من غرقي.
وأشتمني:عبد آبق.
يشتمني:عبد آبق !
وأشتمني:سيد جليل
ويشتمني:سيد جليل أنت
أنا؟
أنا؟
يا الله..يا الله
..
مولاي أنا في صف الجوع الكافر
ما دام الصفّ الآخر يسجد من ثقل الأوزار
(مظفر النواب)

مولاي أنا في صف (العبيد)
ما دام الصف الآخر يتشدق فيه السادة بـ(سيادتهم)
أنا في صف (سبارتكوس) و(ثورة الزنج) و(مارتن لوثر كينغ)
..
ولن أسجد معهم.
سألوذ بلوني الأسود البهي، وأغني مع الفيتوري أغان لـ(الإنسان)، رسولي (الإنسان) ونبي قلبي.
آه..الإنسان يا كرم الله.
ذاك/هم/نحن/أولئك
يا هذا الآخر/نفسي الذي أحمله صليبا على كتفيّ الموجوعين.
كسيزيف، أحمل صخرتي/آخري/نفسي، لأذوب في دموع قلوبهم، وأوسد أوراحهم روحي.
أرواحهم المتعبة يا كرم الله
أتحس بي؟
بألمي؟؟
بعذابي ودموعي التي تشرق بها روحي الآن؟
يا عبدالغني
أنا الآن في واد غير زرع، أصرخ رعبا من هذا الإنتماء الفظ غليظ القلب، لأنفض من حوله.
أنا والله روح، روح – كخد الوردة – يجرحها هذا النسيم/الأعاصير
الإنتماء/اللا إنتماء
أين أنا، ومن ؟
(أنا في صف الألم الكافر)
لست في الصف الذي أنا منه.هذا طيني فحسب.
روحي لا تنتمي إلا للتعب وللإنسان.
سأعتذر عن طيني، ولتقبلوا روحي الملتصقة بكم يا أصدقائي الذين في أودية الألوان الآدمية، والعروق، والجذور..كلها:طظ
طظ
طظ
طظ فيّ/فيكم/فينا
طظ
سأعتذر عن طيني المنتمي إليكم، ولن أعتذر أبدا عمّا فعلت بروحي التي تنتمي إليكم (كلكم)!!
وسأمضي، فلتنقشوا كلمات على باب قبري/هودجي/عرشي
(لا شيء يوجعني على باب القيامة
لا الزمان ولا العواطف. لا
أحسّ بخفة الأشياء أو ثقل الهواجس. لم أجد أحداً لأسأل
أين "أيني" الآن؟ أين مدينة
الموتى، وأين أنا؟ فلا عدمٌ
هنا في اللا هنا… في اللا زمان،
ولا وجود..") – محمود درويش / جدارية
لا تعتذر !
فالأولى بالاعتذار:طيننا العفن.
فليعتذر طيننا عن عفنه.
يا الله
كم أنا ميّت هذه الليلة..في قبري
و(الحسين بن منصور)، وحتى (الشبلي) و(أبويزيد)، يأبون المنادمة و(طقّ الكؤوس) فكيف سأسكر؟!
بخمر الطين؟!
..
..
يا هؤلاء.. أتصلبوني – هذه الليلة – وأنا في هذي الحال؟
سأدعو الله أن يغفر لكم، فتعفروا بدمي، وامنحوني روحي.
خذوا طيني، بضاعتكم/نكايتكم ردت إليكم.
فادح هذا يا عبدالغني.
فادح جدا، وجارح.يجرحنا، كسكين تمرّ على روحك في لحظة جذب!!
فادح ومرير.
أتشعر بغربتي يا عبدالغني هذه الليلة؟
أتشعر بوحشتي عن طيني وإنتمائي.
سأصعد إلى عرشي وألوذ بروحي وأتلحف بها، لأحفظ لها قصيدتها الأبدية من البرد.
أخشى أن تبرد، أخشى أن تجف، أخشى أن لا ترضخ للنار.
يا عبدالغني، مغتم هذه الليلة ومصلوب آلاف المرات.
وتفهمني – يا عبدالغني – لا باللحاظ، وإنما بالإشارة.
هذا الذي ترتعش له روحك وتبكي، وتهيم في البرية، يبكيني.
يبكيك الإنسان.
وثمة من يبكي الآن على مقربة.
ثمة من يتقطر دمّ روحه على كمانة روحينا.
ثمة من تنوح روحه في صحراء الليل.
يا الله يا عبدالغني، كم يظلم هذا الإنسان الهالك (أخاه) الإنسان.
كم يقتله ..بالكلمات وباللكمات.
كم كلمة توازي آلاف السكاكين، على الروح!
كم نحن نؤذي!
وكم نتأذى!
فعل الطين بالطين!!
ويرشون جرحي بالملح!! يرشون اللغة المرّة على بساتيني!!
ويرشونك يا عبدالغني.
..
..
مولاي أنا في صفّ الجوع الكافر
مولاي أنا في صفّ الألم الكافر
مولاي أنا في صفّ العبيد..فأصغر زهرة في الكون سيدتي، وأصغر ذرة تراب سيدتي، والحذاء سيدي، والجبال والغمام والمطر، والعصافير والعشب الطري، والحمامة سيدتي، والمناديل والنسيج والنشيج،...
فكيف
ا
ل
إ
ن
س
ا
ن
.. الإنسان
الإنسان
الإنسان
الإنسان
الإنسان
(سيدي) الإنسان.. امسح غضبك وألمك وحزنك وأساك على ثياب روحي، واغسل وجعك في عينيّ.
(سيدي) الإنسان..تقبل اعتذاري وأسفي وحزني.
(سيدي)
ا
ل
إ
ن
س
ا
ن.





Post: #91
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: بدري الياس
Date: 04-12-2008, 10:06 AM
Parent: #90

شلاقتي المعهودة هي -بس- من رمي بي في هذا "العنبر"
وكر الجنون العظيم..
،
يا اللاااااااااااااه، قومتو نفسي وروحي ما عارف "ألقّطا" كيف؟
،
كلّكم مرة واحدي؟
،
يا من يبعث "حسبو" و "بعشر" و"التجاني الماحي" ويرسلهم إلى هنا.
ويا بختكم "الجماعة اتلمو ليكم.."
وفي العدم، "فكي" بي سوط جديد و"مزيّت" ..
،
مرهق الآن ومعذّب كطائرٍ أعمى..
،
،

Post: #92
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: بدري الياس
Date: 04-12-2008, 10:07 AM
Parent: #90

شلاقتي المعهودة هي -بس- من رمي بي في هذا "العنبر"
وكر الجنون العظيم..
،
يا اللاااااااااااااه، قومتو نفسي وروحي ما عارف "ألقّطا" كيف؟
،
كلّكم مرة واحدي؟
،
يا من يبعث "حسبو" و "بعشر" و"التجاني الماحي" ويرسلهم إلى هنا.
ويا بختكم "الجماعة اتلمو ليكم.."
وفي العدم، "فكي" بي سوط جديد و"مزيّت" ..
،
مرهق الآن ومعذّب كطائرٍ أعمى..
،
،

Post: #93
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-12-2008, 12:42 PM
Parent: #92

يا بدري
يا بدري
فكّ السلاسل حول معصميك وأدن، فلا عقل إلا في الجنون!
وهذه رفقة لا تعوض ولا تركن إلى الطين، فتعال.

Post: #94
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: مريم بنت الحسين
Date: 04-12-2008, 03:49 PM

خالد عويس، تحية وسلام...

ابوآمنة عبدالغني..تحية،وقاعدين مرات نلقطتك عبر الجزيرة..مزيد من التقدم والنجاح...

تحياتنا لمحمود ورحاب..

بنت الحسين

Post: #95
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-12-2008, 05:35 PM
Parent: #94


مريم
لك التحية والسلام


يا عبدالغني
صباح/مساء الخير
القراءة/الكتابة
الكتابة/القراءة
كالأسلاف، كتاباتي الأولى كانت على جدران بيتنا.(بيت الوكيل) كما كانوا يدعونه.كأسلافي تماما، الذين زرعوا جيناتهم في دمّي، رحت ألوّن الحيطان.أرسم أشكالا مختلفة وكبيرة.أستلهمها من عالم (القولد)، وحكايات (إبراهيم عويس) ليلا عن (عنترة بن شداد) و(الرّخ) و(أليس في بلاد العجائب).
بحثت عن تلك العجائب في الرسوم.دهنت الحيطان بعجائبي الخاصة.
كانت تلك العتبة الأولى على الدرب!
بعد تهجئة الحروف بمقدار نزف أو (نزفين)، لوّنت عالمي مكتبة افتتحت حديثا في (القولد).أدين لذلك الرجل العجوز الذي تشع عيناه طيبة وألقا، بحماسه في رصّ الكتب، ونفض الغبار عنها.أتفصد عرقا في سخونة أشهر الصيف وأنا أبحث في الكتب عن الصور الملونة والرسوم والأحرف المزخرفة.
على أن ذلك لم يمنعني من مزاولة شيطنات الطفولة رفقة (حمد فتح الرحمن) و(طلال) و(ياسر محمد أحمد) و(حسن مصطفى) ابن خالتي (وهيبة محمد ساتي) و(المرحوم مصطفى أبوزيد) الذي كنا نسترق (حسن وأنا) بقايا لفافاته لندخن في لذة عجيبة!!
ألفنا فريقا لكرة القدم، وجمعنا نقودا من تجار سوق (القولد)، (نون أبادير)، و(علي سيدأحمد)، علي سيدأحمد المضحك الطيب الذي تساقطت أسنانه، و(عبدالرحمن مورود)، ومورود تعني برطانتنا (محموم)، وابتعنا قمصانا صفراء لنتبارى مع الصبية الآخرين!
والمدرسة كانت عالما زاهيا.(بابكر كنّة) كان في عرفنا عالما كبيرا، وهو، للحق كذلك.مهندم وأنيق أناقة تبدو غريبة في (القولد).حين قالوا لنا إننا سنقصد (محمد قول) و(يامبيو)، جئت متأهبا للسفر.رحت أتخيل أننا سنسافر على قطار ما، أو باخرة نيلية، مع أن القطار لا يمر بالقولد !
لم نسافر، لكنني ألتقيت بـ(عمّ صديق عبدالرحيم) بعد عودته من الولايات المتحدة وأنا في الجامعة !
وفي الليل، على ضوء (الفانوس) كنت أدلف إلى عالمي، عالم الدهشة والخيال.
أول كتاب.. كتاب قرأته (كُليلة ودِمنة) !
كنت متيما بـ(الألغاز)، أحلم بالسكنى في القاهرة لأغامر وألتقي بـ(تختخ) و(نوسة) و(لوزة).أحبّ (ميكي جيب)، و(حيوانات مرحة) وما أزال أتأمل الحيوانات المرحة إلى يومنا هذا !
كُليلة ودِمنة كان متعة باذخة.عالم يشبه عالم كائنات خورخي لويس بورخيس!
تلك كوة تسربت من خلالها روحي إلى فضاء فسيح دوخني بلذته.
لكن (العقاد) أعادني شيئا ما إلى أرضـ(ي)
وأنا – مذاك – ألمس بقدميّ الأرض، وأعانق بروحي الفضاء !
تعرفت في (دنقلا) التي انتقلنا إليها (1982) على دوستوفيسكي وإيفان تورجنيف ومكسيم غوركي وهيمنغواي وو..!
(الأم)، و(الجريمة والعقاب) نقطتا في أعماقي جذوة العشق، عشق الحرف الملتصق في شغف بالبياض!
يااااااااه يا كرم الله
ذلك العالم الذي كنت أتوغل فيه: كلّ شيء، نجيب محفوظ، الطيب صالح، علي محمود طه، نزار قباني، صنع الله إبراهيم، جبران، المنفلوطي، الجاحظ، و.....
حين حطموا تمثال (نميري) الذي كان محطوطا أمام مبنى (المديرية) في (دنقلا)، افتتح (محي الدين محمد عوض الكريم) مكتبة لصق دارنا المسيج بشجيرات الجهنمية والنخل وأشجار الليمون !
في تلك الفترة كانت (بنت المحافظ) بلثغتها وعينيها الجميلتين تذبح فيّ عمقا مجهولا!
عهد إلىّ عوض الكريم - في إجازاتي الصيفية - ادارة مكتبته! كان شيوعيا ملتزما، وتقدميا جدا.هناك، في الفضاء الممتد الشاسع، بدأت - كفأر صغير - أقرض أشياء غالبا لا أستوعبها:
تشارلس داروين، وكارل ماركس، وفريدريك إنجلز، إلى جانب محمد أحمد محجوب وادوارد الخراط وأمل دنقل.وفي مكتبة البيت، بيتنا، أرفف تكتظ بالحليب والعسل والجمر !
القراءة جمرة!
كنت لا أحب دروس النحو.أحب حصص (الإنشاء).أكتب !!
آه أكتب، وأعثر على عوالمي في (النص).وأحرز أعلى الدرجات في (التعبير) !!
الفارق شاسع بين (التعبير) و(الإنشاء) !!
في (واو)، كانت (بخيتة محمد ساتي) تعشق الاستماع إلى وردي والنور الجيلاني!
عشقتهما أنا!
وفي دنقلا، رحت أستمع إلى (البوني - إم) و(أبا) و(بوب مارلي) و(مايكل جاكسون) و(عبدالحليم)..عمري لم أحبّ أم كلثوم !!
أحبّ فيروز!
أستمع إلى وردي والطيب عبدالله وهاشم ميرغني (ابن عمي، ضياء الدين عووضة هو الذي عرفني إليه)، وأحمد المصطفى ووو!
ألمس الأشياء.أشمها.أشم الحروف، وأمسّ - بروحي - الموسيقى!
في مدرسة دنقلا المتوسطة شرق، بدأت أكتب مسرحيات (مسرحيات؟؟) كوميدية لـ(عطية -عطاعيطو)، وأمثل معه على خشبة المسرح.كان مضحكا، وكنت أحاول أن أتدبر أمري !!
كان الصراع ملتهبا بين الأساتذة الذين يشرفون على الإذاعة الصباحية (وكنت أحد مذيعيها)، وبين الذين يقولون لنا إن الآخرين يحتسون الخمر، ولا يصلون الأوقات الخمسة !
وهي الفترة التي بدأت أقرأ خلالها سيد قطب وزينب الغزالي.
ألمتني تجربتها في السجن.تفتحت عيناي على السياسة.
كان الصراع بين (الإبداع والاتباع) الذي سأقرأه لاحقا من مكتبة (ابن عمي كمال الدين عووضة) بداية التسعينيات!
وكـ(ولد شاطر) راحوا يغذون عواطفي، فصرت حلقوما صغيرا يهتف دون وعي:
(شريعة سريعة وإلا نموت ..الإسلام قبل القوت)
وكان محمود محمد طه كافرا يستحق كلّ ما جرى له !
كان شيوعي يعني (منحل، يقارف المنكرات كلها، ولايؤمن بالله)، وحزب أمة يعني (نصف شيوعي، ضيّع تاريخه [الجهادي]، وجاهل)، وبعثي يعني (ثلاثة أرباع شيوعي).
الاتباع !!
الاتباع يا كرم الله !
صببت قدميّ على الأرض، واحترقت أجنحة روحي.
ثقل الكائن الذي لا يحتمل.
أو الكائن الذي لا يُحتمل ثقله!!
لاحقا سأكتشف أن خفة كونديرا محتملة جدا.أيّ خفة في هذا الكون محتملة.
الخفة تجعلك تدور حول الحقيقة!
لكن، أليست الحياة تجربة مشرّعة ؟!
البؤساء، أحدب نوتردام، أولاد حارتنا، الجذور..آه الجذور!! وآلان باتون، فلاديمير نابوكوف، ماركيز!!
ماركيز !!
برزخ، ما كنت أجتازه لولا القراءة.
القراءة:التجربة والإنسان.
محمود محمد شاكر و...المتنبيء.
آه، أنا شاعر إلى حين.إلى حين قرأت بدهشة الفيتوري وصلاح عبدالصبور (علقت مأساة الحلاج على جدران المطبخ) وأمل دنقل وصلاح أحمد إبراهيم ومحمد عبدالحي والنور عثمان أبكر ومحمود درويش ومظفر، ولاحقا سأمشي في حقول لوركا ورامبو وبودلير ونيرودا!!
عبرت!
(إبراهيم عويس) يقرأ أثناء الأكل.يضع نظارته الطبية، ويمسك الكتاب باليسرى، ويأكل بيمناه.تختلط عليه الأطباق أحيانا، فيغمس الخبز في (الكستر)!!
أليست الحياة - أحيانا - هكذا، غمس في غير محله، ولذيذ حين نجربه ؟!
عبرت.
ومن متعة القراءة، تحولت إلى القراءة الناقدة.القراءة التي تستشف ما بين السطور، وتميّز اللغة عن المعنى، والكلام عن النص، والاقتصاد عن التدفق (أو) المجانية.
الموسيقى تخفرني، واللون، ألوان الطبيعة الزاهية.المجرى الذي يجف ثم يفيض بالماء - في دنقلا - في أوان الفيضان.الخضرة التي تنبت على أطراف الجروف، وألوان الأبقار والسماء والصحف.الأصوات والروائح.التفاصيل، حين يذهب (إبراهيم عويس) لـ(الحجامة)، فيحلقون له شعر رأسه، ثم يمررون الموسى على عنقه - من الخلف - فتنبجس نقاط الدم، ويضعون كوبا حاميا بعض الشيء، فيزول الصداع.
الباعة في سوق دنقلا، وروائح الخضار واللحم والبهارات.طريقة جلوس (عبدالعزيز القوصي) أمام محله الكبير، وشربه الشاي.رجل مهيب، يزيده الثراء مهابة.لاحقا، حين ألتقي بالطيب صالح - في الرياض، للمرة الأولى – وإبراهيم الكوني - في دبي - سأدرك أن ثمة أشياء أبعد غورا من المهابة.
أرش الحوش في العصر، وأحبّ رائحة التراب حين يحضن رشاش الماء.أنثر الذرة للحمام، فيحط على الأرض.أمضي أسوي التربة لنبتات الكركديه، وأحاذر أشواك شجيرة الليمون لأقطف.
يبرد الجو قليلا، فأضع التلفزيون على الطاولة، ونسهر - إبراهيم عويس وأنا – لنشاهد (سينما سينما) و(فيلم الأحد).
نذهب - مروان بابكر، ابن خالتي زكية محمد ساتي - إلى سينما (عمر) أو (قرشي) في دنقلا، بعد أن نملأ بطنينا بفول (علي الصائغ)، لنستمتع بأميتاب باتشان ودهرامندرا.
تملأ خيالاتي صورة حبيبة تماثل الممثلات الهنديات.
نعود إلى البيت بحذائين مدهونين بطبقة ناعمة من التراب. (أستاذ توبي دبل دي) الإنجليزي الشاب يهتم لأمرينا، ويزورنا أحيانا ليناقش (إبراهيم عويس) في أمور كثيرة.
ينصحنا بالقراءة، ويوافقه (إبراهيم عويس).
مروان وأنا نقضي على مكتبة المدرسة.أستمتع بسخرية (بيرنارد شو) وأتعرف إلى فولتير وروسو.
(كمال الدين عووضة) يعرفني إلى بيرتراند راسل.
راسل، أدونيس، أمادو، و..يعرفني (الكارب المحامي) إلى إبراهيم الكوني.
الفضاء يتسع أكثر.
(كمال..) يعرفني إلى الحلاج.
يااااااااااااه
الفضاء لا نهاية له.
كلّ واحد يسلمني إلى آخرين كثر!
وأبدأ أكتب.
(الرقص تحت المطر)
(إبراهيم العوام) يقول لي إنني لا أصلح أبدا للشعر، لكن (فلنتوكل على الله ولنذهب إلى الدكتور زهير لينشر لك الرواية)
هناك أتعرف على (كائنات مجنونة)..الصادق الرضي، عاطف خيري، هالة المغربي، محمد جلال هاشم.
تبدأ الرحلة.
كانط، سبينوزا، دريدا، فوكو، نيتشة، الصادق النيهوم، جورج طرابيشي، برهان غليون، خليل عبدالكريم، نصر حامد، وأبوحامد، فرج فودة، نعوم تشومسكي، روبرت فيسك، بورخيس، يوسا، الليندي، وود وورد، كيتس، وود وورث، النفري، ابن عربي، ميشيما، مورافيا، كزانتزاكس، كافكا، ادوارد سعيد، درويش، الجواهري، البياتي، ماياكوفسكي، منيف، مينا، شكري، زفزاف،هيغل، ياااااااااه.....!
و...(لويس أراغون)
الله يخرب بيتو !!
هلكني تماما طيلة ثمانية أشهر.
يخرب بيتو!
كل عبارة.كل سطر.كل صفحة!
أسافر..
الإسكندرية
الأقصر
أسوان
جدة
الدمام
أديس أبابا
الرياض
بيروت
شاشاماني
القاهرة
لندن
مسقط
المنامة
جوبا
ملكال
واو
دبي
أبوظبي
الدوحة
لاهاي
أمستردام
..ناس، وبيوت، وحيطان، ونوافير، وليل، ونساء، وعطر، وروائح، وأنهار، وبحار، وشواطيء، وكتب!
(وطن خلف القضبان)..
هل أنا ؟
لا، لا يمكنك الجزم.يحثونك على اقتراف إثم آخر، روعة أخرى!
هل أنا؟
ثم.. (كياح)
أحدهم يبكي، يبكي على (ميري) في (وطن)
وأحدهم يسب.أحدهم يعلّق:لا تستحق.أحدهميعلّق:بل تستحق.
وأنا مالي ؟؟
أنا مالي؟
الكوني يكتب لي إهداءا يزهو على صفحة (نداء ما كان بعيدا):
إلى الروح المبدعة!
أنا ؟
أنا؟
بالهس عليك أنا؟
يا سيدي، رفقا بي، فأنا قطرة في بحاركم، ولست إلا ذبابة تحوم فوق إناء العسل.
ويكتبون: دراسة في (..) و(..)
الولايات المتحدة، السودان، السعودية، بلجيكا، أستراليا !!
من ؟
من هذا؟
تشعر بالزهو التافه، ثم حين تعود إلى كزانتزاكس مثلا، تشعر بالضآلة والخجل.تشعر أنك لا تساوي ذرة.
تعود إلى الحلاج:
ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم !
يغشى عليك.
تنتابك الحمى.
أين أنت، وأين هم ؟
أنت متطفل وقح على عالم تحاول أن تنتمي إليه، وتشعر - بعد هوانك هذا كله - بالزهو ؟
يمدون أرجلهم حين يقرأونـ(ك)
يمدونها حين تتحدث.
فـ(كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)
أين الرؤية يا ابن آدم؟
يا ابن الطين؟
أين أنت منـ(هم)
سادتي دوستوفيسكي والحلاج والنفري ورامبو وبودلير وشكسبير والكوني والصالح وكرم الله ومحسن خالد ونجلاء التوم والصادق الرضي وعلي المك وحاج الماحي وأرسطو وإبراهيم إسحق ومحمد مدني وأبكر آدم وعاطف..!!
محمد مدني، قال لي - أمس - ونحن نتحدث ونهيم ببعض الشعر، حين رحت، وراح يردد:
: ما ذنب جلد الطار لو غنوا بيهو شُتُر
: إنت الشافع الشقي ده يجيب الكلام ده من وين؟
يااااااااااااه يا محمد مدني
انتوا كلكم كلكم بتجيبوا الكلام ده من وين؟
عبدالغني؟






Post: #97
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-13-2008, 06:10 AM
Parent: #95



عزيزي، خالد..

أين محسن خالد، أخاف عليه، كم هو مستهتر (بالدنيا الضكابة)، كم هو عسير الوصف، يسكن دنيا نصوصه، ويمد رأسه للحياة خارجها، ومن خلالها، فتبدو له (عادية، نمطية، قاسية)، يتاوق، ثم يرجع لمسكنه، لخياله الخلاق، وذاكرته المباركة، .. كما ينظر العصفور من عشه، لبني آدم، فيزوغ في عتمة العش،، عسى أن يأتي طوفان، أو عالم بديل...

محسن يريد دنيا نصوصه، لا فرق بينها، وبينه، (القيد انكسر بداخله)، ولا يريد سوى رؤاه، بديلا للحياة، التي نسجت بعقول فيها الضال،وفيها الحكم، وصارت جرح عظيم، زي ديك العدة، كدة أوب، وكدة أوب...

وكان الله في عونه، وفي غربته، وفي جماله، وصراخه، ونحيبه، وتغريده..

ياخو محسن وين...
حفظه الله من عقله، وقلبه، ومشروعه،

سألني صديقي عن (انتو وخالد بتتاعرفو من بتين)... ياربي ارد عليهو بالفلسفة، اقول ليهو من كنا صلصال، وممكن تكون العلاقة كدي، لكن ما متذكرها، ويمكن تذكرها، كما تقول (قوى الإنسان العجيبة)، أم أقول له لم نلتقي من حيث المكان (وصديقه ووجه الآخر الشفيف الزمان)، قلت ليهو: المحبة.. لقاء... بل فناء، في كائن واحد، تشظى بفعل الخوف والجغرافيا... المحبة يد طولى، لا حد لها، أصابعها الرقيقة تصافح النجوم، والماضي البعيييييييييييييييييييد، وتلعب بوجه الغد الأبعد، ليس للمحبة حد، بل الإطلاق، هو إزارها الأبدي، والماعندو محبة، كما قال شيخنا العبيد ودريا، ماعندو الحبة....

المحبة جلعت بوذا، يعقد اجتماعاته الأولى في بيت امبابلي، العاهرة الشهيرة، وحين اشتكى التلاميد (بخواطرهم)، فالذكي يفهم بالتلاويح، ويريح ويستريح قال لهم حكيم الهند العظيم..

إمبابلي، تتمتع برؤية الغروب، وتشم الزهر، وتتذوق حلاوة الموز والعسل، فالعقل (القديم)، أوقل الإله، يعاملها (مثلكم تماما)، لم يحرم حاسة من حواسها، (يراها مثلك)، ويتغمد بتلك المزايا، إن لم يكن أدق (فالإنسكار، يولد في النفس)، حزن غريب، غرييييييييييييب،

فلم العجلة (إن الله لا يعجل بعجله أحدكم)، نحن نضع (عقولنا القواصر)، كي تنفذ السماء المشيئة... طوبى لجلهنا العظيم.. بذاك الأقدسي، إمام نفسي، بذاك العقل القديم، المحير، المبارك، الغامض الغامض..

والله مشتاق لمحسن خالد، لثورته، (عث كتب)، كما قال زوربا، لصديقه، ....

محسن لم اقابله، وكذا خالد، سوى وراء اللقاء الحسي، هناك لقاء الارواح، وهي (الارواح)، بارك الله فيها مفتحة، وتفتيحة، لا تتقيد بسجن الجسد، بل تشرق وتغرب، ... بل تستغفل الجسد في النوم، لتفعل ما يحلو لها (من المعجز، والغريب والباهي)...

والله ياخالد، نفسي اكتب عن (طبقات ود ضيف الله)، ياخي المنجز الروحي، وغرابة الفعل، وجمال (التجاوز)، في حوش هولاء البسطاء الكرام تستحق الوقوف، .... كان البطل في مخيلة شعبي هو (الولي)، صاحب الكرامة، صاحب المقام الأحمد، صاحب (قانون فيزيائي بديل)، لا تقيده الجاذبية الأرضية، ولا يؤذيه الجوع، ولا يسدل ستار الحاضر غيمه في وجه الماضي ولا ستارة في حمامة الغد، وهي تسعى نحوه، بل يتمعن نهر الزمن الأبدي، من المنبع للمصب، مكرسا، فتح بشريا، للتألق، وسبر جوهر الحياة، جوهر المادة (الروحي)، الفائق الطلاوة..

ياااااااه، ياخالد استيلا قايتانو...
من الذي لا يعرف استيلا...

في إهداء كتابتها (ذهور ذابلة).. قالت:

عبدالغني كرم الله
كم هو قاسي هذا الوطن!!
ولكن رغم ذك، نشكر له فضل تدبره فرصة لقاء في كتاب

استيلا قايتانو
الاثنين 10/2006
التاسعة مساء، كلية الصيدلة جامعة الخرطوم..


هذه القصيرة (الطويلة)، والتي كل تصافحها لابد أن تنحي، لقصرها، لقرب من الأرض، من معاناة بلدي في الجنوب (والشمال معا)،والله ياخالد لم أحس بمعاناة الجنوبين إلا منها (رغم قراءتي، لفرانسين دينق، ولقرن ذاتو)، بالأدب مرأة صادقة، وشعور شفيف بأسى الإنسان..

جلسنا معا، وكانت وردة، التزمن الصمت، لأن كلامها (كله)، حكم، وغرابة، وذكاء، وحين يغرد الطير، فعلى الأذن السكينة...

ياخي اغرقتني في بحيرة بحجم ثمرة الباباي...
كم أحبها، وأبكي لنصوصها، احتضن ذواتها وأبكي، اخرجهم من بين السطور،وأولآسي جروحهم، واشم روائح الاحياء العشوائيه، حيث فقدوا كل شئ..

فالحرف، يعبر عن هويتك، وتحت لسانك تطوى حماقاتك، وتهورك، وجنونك، وحمكتك، وسرب من اوصاف لا توصف..

Post: #379
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: munswor almophtah
Date: 09-06-2008, 05:12 PM
Parent: #97

[B]فالحرف، يعبر عن هويتك، وتحت لسانك تطوى حماقاتك، وتهورك، وجنونك، وحمكتك، وسرب من اوصاف لا توصف[/B]

Post: #96
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Sabri Elshareef
Date: 04-13-2008, 06:02 AM

***********

Post: #98
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: doma
Date: 04-13-2008, 06:31 AM
Parent: #96

Quote: قطعا أستاذ مدثر أن الجنون والسحر -
بمفهمومهما الذى تحدثت أنا عنه عاليه -
ليسا ملاذ العقل العاجز، فالعقل العاجز يسلّم
لما عليه عامة الناس ويسايره
ولكن العقل الرافض، ناشد التغيير
هو من "ينبذ" المسيرة فى القطيع
ويطرق الطريق البكر وإن نبذه الناس
ولكنهم قطعا سيئوبون الى طريقه
"ضحى الغد" وعند "منقلب الرعاء تسبق الشاة العرجاء"
و"فاز باللذة الفاتح المثابر"
"الرافضون" بفكر هم "عزّال" هذا العالم


Post: #99
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: doma
Date: 04-13-2008, 07:16 AM
Parent: #98

Quote: النار (تطهير)
لكن، هل كانت الكتب، كتب ابن رشد لتحتاج تطهيرا؟
مم؟
أقول لك، قتلوا ابن رشد أيضا!!
قتلوا السهروردي وابن عربي!
قتلوا كل من سولت له نفسه بكتابة حرف (مارق) عن سياقاتهم.
قتلوا خليل عبدالكريم والصادق النيهوم.
أليست (الأحكام المعلبة) و(دعاوى الحرق) هي القتل بعينه؟
أنا يعن لي أحيانا أن أحرق كل ما كتبت.
لا أمزقه ولا أذروه، بل أحرقه.
الحرق فعل مجيد.
والكتابة كذلك.
هم يحبون التناص.
ونحن نحب المشي بمحاذاة النار، واستراق النظر، بل والامعان في النظر بين العقل والقلب.
لا عليك !
فـ(بول ريكور وسبينوزا ونيتشة وابن رشد) رجال، و(الحلاج وابن عربي والشبلي والبسطامي) رجال!!
فليبتسم محمودا.
لأن النار نور.
وهي سر أزلي.
فليبتسم.
فليبتسم على صليبه، مثلما ضحك الحلاج.
هل جربت يوما أن تعلو رؤوس الجلادين بحذائك؟
ستصيبهم بـ(آلام) حادة في ظهورهم !!
هي (فكرة)!
هي فكرة يا صديقي.

يا الله ما لهذا الدمع لا ينقطع

Post: #101
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-13-2008, 07:54 AM
Parent: #99



يالها من رحلة كتابة..

(رحلة صعبة، رحلة جبلية، قالت عنها فدوى طوقان في مذاكراتها الصادقة جدا (كالخبز الحافي)، ..

ياااااااه ماهذا ياعويس:

Quote: ومن متعة القراءة، تحولت إلى القراءة الناقدة.القراءة التي تستشف ما بين السطور، وتميّز اللغة عن المعنى، والكلام عن النص، والاقتصاد عن التدفق (أو) المجانية.
الموسيقى تخفرني، واللون، ألوان الطبيعة الزاهية.المجرى الذي يجف ثم يفيض بالماء - في دنقلا - في أوان الفيضان.الخضرة التي تنبت على أطراف الجروف، وألوان الأبقار والسماء والصحف.الأصوات والروائح.التفاصيل، حين يذهب (إبراهيم عويس) لـ(الحجامة)، فيحلقون له شعر رأسه، ثم يمررون الموسى على عنقه - من الخلف - فتنبجس نقاط الدم، ويضعون كوبا حاميا بعض الشيء، فيزول الصداع.
الباعة في سوق دنقلا، وروائح الخضار واللحم والبهارات.طريقة جلوس (عبدالعزيز القوصي) أمام محله الكبير، وشربه الشاي.رجل مهيب، يزيده الثراء مهابة.لاحقا، حين ألتقي بالطيب صالح - في الرياض، للمرة الأولى – وإبراهيم الكوني - في دبي - سأدرك أن ثمة أشياء أبعد غورا من المهابة.
أرش الحوش في العصر، وأحبّ رائحة التراب حين يحضن رشاش الماء.أنثر الذرة للحمام، فيحط على الأرض.أمضي أسوي التربة لنبتات الكركديه، وأحاذر أشواك شجيرة الليمون لأقطف.
يبرد الجو قليلا، فأضع التلفزيون على الطاولة، ونسهر - إبراهيم عويس وأنا – لنشاهد (سينما سينما) و(فيلم الأحد).
نذهب - مروان بابكر، ابن خالتي زكية محمد ساتي - إلى سينما (عمر) أو (قرشي) في دنقلا، بعد أن نملأ بطنينا بفول (علي الصائغ)، لنستمتع بأميتاب باتشان ودهرامندرا.
تملأ خيالاتي صورة حبيبة تماثل الممثلات الهنديات.
نعود إلى البيت بحذائين مدهونين بطبقة ناعمة من التراب. (أستاذ توبي دبل دي) الإنجليزي الشاب يهتم لأمرينا، ويزورنا أحيانا ليناقش (إبراهيم عويس) في أمور كثيرة.
ينصحنا بالقراءة، ويوافقه (إبراهيم عويس).
مروان وأنا نقضي على مكتبة المدرسة.أستمتع بسخرية (بيرنارد شو) وأتعرف إلى فولتير وروسو.
(كمال الدين عووضة) يعرفني إلى بيرتراند راسل.
راسل، أدونيس، أمادو، و..يعرفني (الكارب المحامي) إلى إبراهيم الكوني.
الفضاء يتسع أكثر.
(كمال..) يعرفني إلى الحلاج.
يااااااااااااه
الفضاء لا نهاية له.
كلّ واحد يسلمني إلى آخرين كثر!
وأبدأ أكتب.
(الرقص تحت المطر)
(إبراهيم العوام) يقول لي إنني لا أصلح أبدا للشعر، لكن (فلنتوكل على الله ولنذهب إلى الدكتور زهير لينشر لك الرواية)
هناك أتعرف على (كائنات مجنونة)..الصادق الرضي، عاطف خيري، هالة المغربي، محمد جلال هاشم.
تبدأ الرحلة.
كانط، سبينوزا، دريدا، فوكو، نيتشة، الصادق النيهوم، جورج طرابيشي، برهان غليون، خليل عبدالكريم، نصر حامد، وأبوحامد، فرج فودة، نعوم تشومسكي، روبرت فيسك، بورخيس، يوسا، الليندي، وود وورد، كيتس، وود وورث، النفري، ابن عربي، ميشيما، مورافيا، كزانتزاكس، كافكا، ادوارد سعيد، درويش، الجواهري، البياتي، ماياكوفسكي، منيف، مينا، شكري، زفزاف،هيغل، ياااااااااه.....!
و...(لويس أراغون)
الله يخرب بيتو !!
هلكني تماما طيلة ثمانية أشهر.
يخرب بيتو!
كل عبارة.كل سطر.كل صفحة!



فعلا، حروفك، لم تولد إلا من جماع مع كل هذه القوى، وأكثر.. وأكثر... ألهذا حروفك (تتحدث منذ ولادتها، بل تحمل برحمها النبوءة، والفرح)، ككلمات المسيح الأولى...


أسعدك الله ياعويس، وأسعدنا بك..

Post: #102
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: doma
Date: 04-13-2008, 08:25 AM
Parent: #99

Quote: ماالتهمت الروح سطر الا وسال لعابها ..

انا غايتو ما ابقيت دمعا لباكر
يا ودرمليه
قل لي الجابك هنا شنو يا الشقيه

Post: #103
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Rasha Hatim
Date: 04-13-2008, 08:43 AM
Parent: #102

خالد وضيوفه.. ما احلى دفق كلماتكم على نهر الحنين...


قول لي متين ديك السجم..

خلا الصياح..

وقت الصباح..

والنسمة سايقاها الرياح..

والفرحة ديك..

في كل بيت لاقية ارتياح..

حبوبة شديتي الملاح؟؟؟

يا بنية هووووووي سوقي المراح..

ادوني مفراكة وكنش..

وبصلة وكمان حبة تبش..

وشرو البرش..

ابويا ابريقك هداك..

جهزت ليك عود الاراك..

صليت وراك..

سبحت باللالوب معاك..

جر يا كلب..

امرق امش..

خلي اليخش..

هدااااااااك ملاك..

طاحونة عيش..

دقق بشيش..

يا حليلا طيبتك يا بلد..

بعمل جناح..

ادوني ريش..

بس كيف اعود ليكي واعيش..

Post: #104
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-13-2008, 09:14 AM
Parent: #99

Quote: يا سيدي، رفقا بي، فأنا قطرة في بحاركم، ولست إلا ذبابة تحوم فوق إناء العسل.
ويكتبون: دراسة في (..) و(..)
الولايات المتحدة، السودان، السعودية، بلجيكا، أستراليا !!
من ؟
من هذا؟
تشعر بالزهو التافه، ثم حين تعود إلى كزانتزاكس مثلا، تشعر بالضآلة والخجل.تشعر أنك لا تساوي ذرة.
تعود إلى الحلاج:
ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم !
يغشى عليك.
تنتابك الحمى.
أين أنت، وأين هم ؟
أنت متطفل وقح على عالم تحاول أن تنتمي إليه، وتشعر - بعد هوانك هذا كله - بالزهو ؟
يمدون أرجلهم حين يقرأونـ(ك)
يمدونها حين تتحدث.
فـ(كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة)
أين الرؤية يا ابن آدم؟
يا ابن الطين؟
أين أنت منـ(هم)



ياله من هوان.. فيك..
كحال فتى قريش، وهو يتعثر في الخطو، خارجا من الطائف...

اللهم اشكو إليك قلة حيلتي،
وضعف قوتي،
وهواني على الناس..



....
.....
...


احساس الضآلة، أحساس مبارك، وحقيقي، في كون غامض، عظيم، مترامي بل مجهول الأطراف....

طوبى لنا، بهوانك الجميل...

فنبي الحقيقة قال عن نفسه

(أعلم عالم، أمام الله، أحمق من بعير)...

أحمق من بعير....
فلم (الغرور)، بقولى عطشى..

الخالد، لك حبي..

Post: #105
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-13-2008, 09:56 AM
Parent: #104



عزيزي، خالد..

لم أثرت الحنين، لأيام مضت، لطفولة هي الجنة، حيث الفرد محبوب، مرعي، متفائل، يبحث عن كيانه، وسعيدا به، ويرى (امه اجمل ام)،وابيه أفضل أب، وهو أجمل واسعد طفل الكون..

هل ترى الحياة تنازلت عن هذا الحلم، والوعد..

لا أظن...

إليك، وإليكم احبابي، بعض من ذكرى، لأيام خلت، حيث الطين والحلم والبراءة:

باسم

(بتتعلم من الأيام)....






....

Post: #106
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-13-2008, 09:59 AM
Parent: #105


"بتتعلم من الإيام" ..!!..


(1)

ود حاجة بنت المنى، بت العوض عدلان، عملت في طفولتي (طالبا، ومزاعا، وراعي، وحطاب)، وكنت غير مرغوب في حصة الدين، أما في حصة الجغرافيا، كنت الطفل المدلل، فكل الخرائط التي كانت تزين جدار سنة خامسة، (للسودان، والهلال الخصيب، والعالم)، كانت بأناملي الصغيرة... وخريطة (نهر النيل، من المنبع إلى المصب)، كنت اسبوع كامل ارسم فيها، وعلى ضوء فانوس، ومحني على الارض (لا طربيزة، بل على تبركوة ابي، كنت ارسم)، (الجنة ده راكع ليهو ساعتين)، هكذا رآني خالي مصطفى، في عتمة الليل، وانا ارسم خريطة نهر النيل، وللحق، (النيل يستحق السجود، والركوع، والافتتان)!!، توفي أبي مبكرا، فتوثقت علاقتي بالغيب، كان أبي هناك، وأمي هنا، فأي سعد هذا...

حين انهيت رسم نهر النيل، رشفت جرعة منه، لم تكن مالحة، بل عذبة، فتأكد من روحه، هو الذي يجري جنوب قريتي، رأيت شعيعات القمر ترقص فوق الموج، كل شعيع امتطى موجة، وظل يتزحلق عليها، ورأيت اسماك متهورة، ابعدتها برفق عن صنارة الصياد، التي تتربص بها، عن طعم كاذب، ما أكثر الأكاذيب، ما أكثر الخوف..

وتصاعدت رائحة الطمي، من رسمتي، أم من النهر؟ ، فأمتلا البيت:

رائحة الطمي تملأ البيت.
حنان أمي يملأ البيت.
بخو الند يملأ البيت
وضوء القمر يملأ البيت.

كلها، وفي آن واحد، مع صوت اخواتي، وغناء بعيد، ونجوم ابعد، تظهر وتختفي، مترددة بين البقاء والفناء، كولي محتار، بين بقاءه بالله، مع الله، لله، في الله..


وفي إجازات (الثانوي العام)، كنا نحمل الطوب، في بناء دار (سعد، وجلي، أثرى اثرياء القرية)، كي نشتري مع ابن اختي "جماع" (الالغاز، واجاثا كريستي، ويوسف السباعي)...والبلح واللالوب..

في الخرطوم القديمة، كنت احضر حصة، واغيب ثلاثة حصص، كي اتسكع في جامعة الخرطوم، ومكتباتها، وشارع النيل، (كان أعز اصدقائي طالب مسيحي)، وكان استاذ التربية الدينة يتصور بأني مسيحي، (كنت أحب سارتر، وطبعا المسيح)، ولاشك (عبدالقادر الجيلاني)، وغوثيته، التي يدندن فيها (لم أظهر في شئ كظهوري في الإنسان)...

أمتع لحظاتي حين اشاهد أخي الكبير وهو يرسم، وأخي الاصغر منه وهو يكتب، أو ينحت، وحنان امي العظيم، لا يفارق أرنبه أنفي، أرنبة حروفي، تجاه كل الكون، كل الوجود، كل الأشياء، بلا فرز... حتى تصورت الإله أم عظيمة، مطلقة الحنان والجمال والكمال، تحب كل ابنائها، بلا فرز، و(القرد عند أمو غزال)، فانتفى التميز بين المخلوقات، على مستوى حنان أمي، والذي أسقطته على الإله في سمائه العظيمة، وهو كما كان (عصى الفهم، عصى التفسير)...

وفجأة يسكن البيت، كله، وكأن هناك مايسترو خفي، هزه عصاه، ثم انزلها فجأة، فأطاعته أخواتي الشقيات، والماعز، والصرصير، ونبض قلبي!!...

الوحيد الذي لم يطيع المايسترو هو نقاط الزير، بدأ واضحا، وكأنه كان يصرخ منذ حين، كطفل في عرس، ولا حياة لمن تنادي... وهو يقنص الفرصة.. طق طاق طق طاق..

(2)
كيف أدخل اللوحة!!؟


كان أخي الكبير (عبد العزيز)، يرسم في لوحة وهو جالس تحت ظل الدار، كانت اللوحة جميلة، مثل كل الأشياء التي تحيط بي، والتي لاتحيط بي، وهي عبارة عن قلعة على قمة جبل، ويتدفق من عل نهر جميل، واشجار جميلة على الشاطئ (كنت اسمع زقزقة العصافير، مجرد أن تودع ريشة أخي اللوحة)....

داير ادخل اللوحة؟!!

نظر لي أخي بتمعن، وكأنه يراني لأول مرة، ثم واصل الرسم، (يارب يوقف اسئلته)، ثم رش لون برتقالي، وبكل بساطة، فبدت الشجرة تحمل ثمار برتقال جميل، أهكدا يخلق البرتقال (حتى في السماء!!!!)، ريشة اخي ترسم طعم البرتقال، بل حتى ومض الشعور، الذي يقشعر له القلب من رؤية قشر البرتقال، ترسمه ريشته كما لو انه جزء من اللوحة..

أشرت إلي شجرة بعيدة، في اللوحة، تحتاج لعجلة للوصول إليها، ولكني سأركض، كانت الشجرة بعيدة، بالقرب من القلعة، بعد النهر مباشرة، بل على الشاطئ المقابل،)كيف اقطع النهر، وأنا لا أجيد السباحة)، وللحق لم أفكر في عبور النهر، كانت الشجرة تشغلني، فلم أفكر في الوسائل (وللحق لاشي، على الإطلاق، يمنعني عن رغبتي، حتى الاستحالة، لا تمنعني)... كان ظل الشجرة ساحرا، وهناك بقايا برتقال.. وأخاف ان يصابه العطن، قبل أن تلتهمه شفتاي!!

يا غني، دي لوحة، يعني بعدين، طول وعرض بس، والبعد الثالث خيال، وهو الأهم مجرد خيال، البعد الثالث ما موجود، كماء السراب.) رد اخي علي، وهو يخاطبني ب (غني)، دائما، (حتى في قمة غضبة مني)، يظل يدلعني (كان البكر، وكنت الصغير)..


أصريت على دخول اللوحة، والجلوس في الشجرة، (طبعا بكيت داير عجلة عشان الشجرة بعيدة في اللوحة)....


وللحق اخي لا يزجرني من الاسئلة، ولكنه يمضي في سبيله، وكأن الأسئلة لم تكن....


ظللت احدق في اللوحة، متعجبا من وقوف الشمس في كبد السماء طوال النهار، والمركب لم تقطع النهر لأسبوع كامل، وهناك معزة لم ترفع رأسها من السعدة، (وللحق أنا اعرف الاغنام)، أنها من اكثر الحيوانات مللا، وترفع رأسها كي تمضغ، وكي تشكر الراعي بنظر قله نظيرها، سوى بين الام والابن.....


والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى)..


(أغمض عينك، فاجمل لوحة رسمها الله في داخلك، فالخيال، واقع، يعاش، ويحس في الدواخل، بمقدور خيالك، أن يمطر في الشتاء، ويشعل النار في الماء، ويحيل الحجارة إلى خبز دافئ)، رد اخي علي، كي يعزيني في فشلي في الدخول إلى اللوحة....


كل ردود أخي، لم تعجبني، أود الدخول في اللوحة، كما يدخل الضوء من خلال الزجاج، وكما تتدخل الأغنية إلى القلب!! لن أفسد عليك لوحتك، هل يكسر الضوء الزجاج؟!!....

صرخ أخي، مذهول، لأخواتي، وأمي، وهو يراني داخل اللوحة، ألعب مع الفراشات، وأجري هنا وهناك...

(3)

الجاذبية الأرضية الشريرة

قبيل عيد الفطر المبارك!!
وبالضبط مساء التاسوعة، وأنا اقف عاريا، كما ولدتني الحاجة بتول، فوق سرير الياي، كي أجرب قميصي الجميل والجديد، وكعادتي، تساءلت:

(الله بلبس قمصان؟).
فقال أخي الأكبر (عبد العزيز): لا
فقلت متعجباً: الله عريان.

صمت أخي، وتعجب خالي، وزجرتني أختي (فاطمة)...

واصلت قفزي فوق سرير الياي، مستمتعاً بمعاندة الجاذبية الأرضية الشريرة، كنت أهوي، ثم يقذف بي (يايي السرير) مرة أخرى، إلى عالمي الأرحب، وعلى وجهي ارتسمت كل الأسارير المفرحة، ولم يطفئ (صمت أخي، وتعجب خالي وزجر أختي) نار تساؤلي، ونور دهشتي!!..

(لم يتابعني القمر، حيث أسير؟
من هي (أم) القمر...
وابكي بحيب حا، وانا (داير القمر، داير القمر)، وأنا محمول على كتف اخي الأكبر..
منو البحرك قميص وامي وهو مشرور بالحبل، لا أرى شي؟
داير ازرع شجرة قروش..)


أدرت ظهري لهم، انهم اشد قسوة من الجاذبية الارضية، الشريرة، واصلت نظري لظلي في الحائط الطيني، الخشن، انه يقلدني باتقان، احسست ببطولتي، فارس لا يعصى، انحنيت، فأنحنى، استدرت، نصف استدارة، فأستدار نصف دورة، فرأيت صلبي، أخذت أمي الفانوس، إلى ركن الغرفة، كي تبحث عن جزمتي الجديدة، فتمدد صلبي على الحائظ، متجاوزا صلب فاطمة الصومالية، أما انا فقد انفقعت من الضحك، وأخوتي هزوء روسهم، المشدودة دوما بالجاذبية الأرضية، وغيرها، لن أقول لهم بأني اشم رائحة ظلي، فقد ابتعدوا كثيرا عن طفولتهم، نسوها، كما نسيت حبوبتي تقاليدهم، بل نسيت بأنها متزوجة، بل فتاة صغيرة، تبول مثلي، في أي مكان يحلو لها..أنت إنسان جديد، دوماً...تولد من لحظة لأخرى..

ياااااه، يالجمال ظلي..

(4)

ظلي ... !!

كم اعجب منه، معه احس بالبطولة، ، وبأني فارس لا يعصى، ، ارفع يدي، فيرفعها أيضا، لا فاصل زمني، بين أمري وتنفيذه له، لا وقت وقت بين الأمر والتنفيذ..(لا وقت، ماذا يعني هذا لخاطري، العدم؟!!..)!!..

ومعه احس بالضآلة، حين يطول ويطول، ويفوق المئذنة طولا، وأنا كما انا، يحسسني بالهوان، وحين تغرب الشمس، يطول ويطول، بل يصل حدا لا نهايه له مع غروبها، أين وصل، ياله من براق، ليتني أصل رأسي في الظل، في أي شي يحدق الآن؟
هل رأي المطلق؟
كيف يبدو له؟
أأصابه مس من يقين؟
أم لم يزل يركض في مسافات، هي الآخرى لنهاية لها، مثله، ... ظلي بطل.. لم أعد أرى رأسي في الظل، ماذا يفعل الآن، وإين وصل؟!!..

له قدرات سحرية، يلقي جسده الرخو على الارض، ولا يشكو من الحصى، والشوك، بل يسبح في النهر، حين امر به، ويتسلق في الجدران، بل يحبو جزء منه هنا، ويتعلق جزء منه بالحائظ، ويستلق الحائط للغرف القريبة، ... حاوي عظيم..

يغير مواقعة، حسب مزاجه، تارا، يكون خلفي، فأحس بدور القائد، وتارة يتقدمني، يؤمني ... وتارة يمنيي، شمالي، تحتي، وتارة يطول ويطول، ويخلق صورة باهته، مشوهة لجسدي، ورأسي، وملابسي.

يختفي في غياب الضوء، غياب الشمس، ومجرد أن تشعل شمعة، يظهر، إنه يحب الضوء، فالضوء يعطيه كينوته، وجوده، علاقة جدلية، لم أفهمها حتى الآن، بينه وبين الضوء... يتلاشى في الظلمة، لا أثر له،... ومع عود ثقاب يعود.... يعود كماهو..

يبعثر شكلي، احيانا يتمواج في الحائظ، يكبر اعضاء، ويصغر أخرى... تمتد أنفي أمتار، وأمتار، رسام كاركاتير بارع.. مهرج عظيم..، يسخر من شكلي، كما يسخر الزمن (تجاعيد، انحناء، وتحلل، وموت)..

احاول قبضه، اجثو، لا شئ، أجده لا شي، ظل لا يقبض، كفكرة مجردة، وله ظاهر، ولكنه باهر، أحس بمعاناة النساك، والعباد والمفكرين والفلاسفة، يحسون بشي ما، بداخلهم، بظلال، ترى ولا تقبض، أي وهم هذا،... إذا كانت النفوس كبارا، تعبت بمرادها الاجساد..

يقلدني جيدا، لا ينسى حركة على الإطلاق، ممثل ذكي، لا ينسى حركة الوجه، والاصابع، بل حتى الشعر، شعرة شعرة، يقلدها.... ياله من متابع ذكي، لي... ينصت لي، لحركتي، لحركة يدي، لحركة شعري (شعرة شعرة)، لا يشغله شأن، عن شأن... انه يجيد الرقص، يحاكيني، يتلصص على، ما يدور بخلده الآن، وأنا ارقص لوحدي، (لا يبوح بشئ، نفسي أسأله)، ما رأيه فيني، فهو يلازمني، طوال اليوم، لا يمل صداقتي، ولا يمل تقليدي، ولا يملك عشرتي، ولا يملك شكلي، بل يقلده دوما، وإن كان بعض المرات، يسخره منه، ويمد بطني كثيرا، وكأني حامل بفريق كرة قدم.....

يكون معي، في الشارع، فجأة يتسلق الشجرة، ثم ينزل منها، ولا أثر لصوت، أو أنين...أقف، فيقف، أحيانا، أحس بأني أقلده، هو الأصل، وانا الظل..


رخاوة
لا شي صلب في الوجود، كل الاشياء رخوة، حتى اعمدة الكهرباء الاسمنتية، بمقدروي ان اتكلم معها كما اشاء، لا وقت عندي لا احسب الوقت، لم احسبه، كي يودع كي يمضي، لا انظر للوقت، بل ابحلق في جريان قطاره، والاشياء تتغير، هل تثبت الاشياء امام قطار متحرك، قطار لا يكف عن الحركة، هل توقف قطار الزمن، ولو لحظة، لينظر لقتلاه، أو مواليده، أنه يجري وبس، أنا أعبد جسدي، أكثر من الراقصات، وتتمرن حواسي، كي تغوص كالضوء في قعر الماء، قعر الخمر، المبثوثة في ملامح الوجود، أغني بجمسي كله، كما يعرق جسمي، كذلك يحلق، حتى الخيال، ادخله كضريح، واشم رائحة مداد قديم، ....

للحق، أنا مسكون بالتساؤل عن الله، (وهل للطفولة هم أكبر وأجمل من ذلك) أرهقت أهلي في طفولتي، عن أمه! وأبيه!، وأين يسكن!، وحجمه!، (لماذا لا يموت، إن كان لا يأكل إطلاقاً)... ولم يعطيني ايا منهم أي إجابة مفيدة، بل يزوقن بنهري، وزجري، وأرهقني في مراهقتي، فقد كنت مهدد بالجنون، فالأسئلة تتعقد كل يوم، مثل حيرتي، ولا جواب يشفي الغليل، وللحق، استحالت هذه الحيرة، إلى أجمل لذة يقشعر لها جسدي، ويلين لها قلبي!!...

وللحق أيضا، هذه الحيرة هي التي جعلتني من أحب التلاميذ للمعلم العظيم (أحمد سعد)، والذي نحت بيديه صنم عقلي، (إنه نهر من الصفاء والعمق والجمال)، كان يلقى حجر على بركة فكري، كي تنهض حوريات الأسئلة من سمائها، فتحس بذلك الومض من الضآلة، والحيرة، وكأن سقراط يقطن عقله، مع الحلاج وكانت وبوذا وشكبير، كان شفوقا، وكأني خرجت من رحمه، مثل أمي معاً، كان يحب أن يعلمنا شئ أكبر من الحروف والمعلومات والدين، شئ لا علاقه له بدنيا السبورة المحدودة....

(على الإنسان يقشعر جلده طربا من رؤية كل شئ يحيط به، أو بداخله).. قال لي هذا الكلمة، وأنا أمر على قبر أبي، وقد انمحى جزء من أسم أبي على شاهد القبر، بفعل مطرة غزيزة، والتي سقت حقلنا، وشربت منها عشرات الطيور، ومحت جزء من اسم أبي، معا، أما أنا، فقد صنعت من طينها مجموعة من المعزة وراعي (كان الراعي بشوش، ويحب الإغنام كما لو انه تيس)..

- هل بكت الأمطار من أجل أبي؟
- نعم، وبحرقة، كما تذكر!!
- ولكنها سقت الحقول، وروت الأرض، وهدمت حوش سعد.
- الأمطار لا يشغلها شي عن شئ، ألم تأتي من السماء!!

( وللحق كانت الأمطار تبكي بحرقة، وتومض حزنا على أبي، حزن نبيل، لا اثر للامتعاض، ولكنه رحيل، رحيل لعوالم بهية، والبرق يضئ لأبي طريقه الجديد، الفريد)..

وفي طريقي للمدرسة، أمر بالمسيد، مسيد شيخ يوسف، وفي عقلي الرخو تصور الإله، (وقد أثارته رائحة البخور، ورمال المسيد وأوجه الدواريش الصبوحة):

لا بيت له...لا ينام..
لا ينسى...لا يعرق...
لا يلعب
لا يحاط...
لا يخاف....
لا عين
لا يمرض.....
لا أم له.. ولا أب.. ولا يحب الدوم والبلح..

كيف يمكن ان اتصوره، ليس لدى أدنى فكره عنه......

في الفصل أكون نعسا، متعبا، من خوف الغول، وتلكم الأسئلة، فيصلني صوت التلاميذ المتعب، وكأنه جزء من الحلم وهم يجيبون على سؤال (ماذا ترغب أن تكون؟):

معلم، هكذا قال بركات ود عشه..
فراش... (رد سعيد)..
سواق بص...( الطيب، والذي لايرى إالا وهو يتشعلق في ظهر البص)..
وحين افقت، والمعلم واقفا امام رأسي قلت :
أريد أن أطير كالسنبر...وأكون (الله)

ضحك الاستاذ، وقال (ممتاز)...
لم يضربي، (كما تتصورون) فقد كنت محفوظا، بل محظوظ جدا، مع هذا الاستاذ الجميل، والذي يعرف أكثر مني بأن الطفولة، لا حدود لها!!... وبأن تصوري للإله، مهما سما، فإن بمقدوري ان احققه في اللحم والعظم، ولهذا السبب خلق الله الزمان والمكان، إنها جسر طويل، توصل إليه، ومع هذا، يظل ذلك الإطلاق بعيدا، بعيدا، عن التصور...


(5)

موسيقى المكنسة

"كش ... كش .... كش، "....


هل تحبون مثلي صوت المكشاشة (المكنسة)؟!!، إنها تعني لي الأرض، تغوص شعيراتها في تراب وطني الصغير، دارنا، كي تمسح عنها بقايا حياة يوم كامل، آثار حيوانات، ودجاج، وإنسان، ووضوء خالي (دفع الله)، وأثار ترابيز وسراير، بقايا طعام، وفوضى رياح (جلبت معها اوساخ فطرية، ورقيات نيم وبعر وقش وشعر مشاط سعدية)، وبول وبراز وخربشات (مدثر الصغير)... فهو يفعل ما يحلو له، (حر من كل القيود التي تكبلني مثلكم) كعادة الطفولة المقدسة... (بل هاهو عاريا، أمام البوابة المتهالكة ويلعب بشحمه ذكره، وكأن شئ لم يكن)!!. بل مستمتع برؤية كارو (هيبات)، وهي تحمل الماء لحوش الناظر، وقد أخرجت له لسانها وهي تصيح (دثوري العريان كلب الجيران)...

(كش ... كش .... كش)
(... دو .. ري .. مي ... فا)...

يبدأ عزف المشكاشة في الصبح، حين يعلو بالون الشمس الذهبي من الشرق، كعادته كل فجر، وينتهي طرف المكشاشة الأعلى بيد (رشا)، او (سوسن)، أو (سارة)، حسب وردية كتبها عرف تالد، (أعباء للفتاة، وبراح للأولاد)....

تزيح بشعيراتها، كفراشة الفنان، ضباب الفراغ والاوساخ، تجلو الصدأ عن تراب بيتنا، وتسمح، كالبشاورة من السبورة، بقايا حياة يوم كامل، وقد غرقت، وللأبد في فم الماضي، كما مسحت معها بقايا كوم تراب لعبة (السيجة)، ودفنت معها ضحكات خالي (صديق) المنتصر، وتأوهات جدي (سعد) المنهزم دوما في السيجة، ولكنه ينتصر (في قتل فراغ عريض في حياة قرية ساكنة ومسالمة)....

والآن، تبدو الارض نظيفة، ساحرة، كي تقبل شعيعات الشمس وجه الدار، وكي تسير على اديمه كالملوك، أمي، وأخواتي، وأهلي، وكي نكتب عليه، أحداث يوم عادي آخر، ومعنا الدجاجات والاغنام والرياح والمطر...

(كش ... كش .... كش)...

حين تكنس الدار (رشا)، ترى لوحة متسقة من الزخرفة الفطرية، ترسم شعيرات المكشاشة على أرض حواشنا، الماهل، الحنون، موجيات ترابية، تبز في سحرها، موجيات النهر، إنها مويجات ساكنة (نهر تراب متجمد)، بلا هدير أو أنين، متداخله، فيبدو الحوش وكأنه سجاد من تراب، وقد تهيأ ليوم ملئ بالعادية والمعاناة والفطرة...

ثم تأتي الأقدام، والنسيم، والحيوانات، كي تطبع على الأرض بصماتها، وزخارفها، لا أحد يشبه الآخر، حتى في مشيته، إنها سفمونية الحياة، فهدا مركوب خالي (دفع الله)، فهو يسير بصورة متعرجة، وتلك سفنجة سعد، وتلك قمزات نعال (سعدية جارتنا)، فهي في عجل، ودايما، كي تنقل (شمار حار وطازج) وهدا المجرى الصغير، الصغير جداً، لدجاجة شقية، وقعت فريسة في شبك من شعر أختي (محاسن)، فعلقت في بقايا شعرها المتساقط، فتكوت في نهاية الشعرة قطعة طين كروية، (لا أدري لمادا تحب الفيزيا والميكانيكا الشكل الكروي)، وللحق كلما نطارد الدجاجة لكي نخلصها من هدا الأسر، تجري خائفة منها، وللحق فهي (لا تأمن بني آدم، وهو في قمة فضائلة)....

(كش ... كش.... كش)..

اسمع هدا الايقاع وأنا شبه نائم في الحواش الوسيع، يالها من فنانة كبيرة، تكنس الدار بأحساس عظيم، تستشف من كل شئ جمالا، تنسج خطوط متوازية، ثم تكوم الأوساخ في زاوية بعيدة، ثم تجلس، ولمدة طويلة، غارقة في تأمل ثروة بسيطة، أخرجتها المكشاشة من باطن الأرض (بينسه، حبة سبحة، ريال، وخبايا أخر، رخيصة)، وغالية جدا، جداً!!....

وأحيانا يتوقف ايقاع المكشاشة، وقد انتظمت ضربات قلبي معها، فأرفع الغطاء عن رأسي لأرى ما جرى، فأرى (رشا) منحنية، تنظر بعمق لشي في الارض، أنها بلا شك ثرؤة كبرى، وحية، (قد تكون حشرة غريبة الشكل، فهي لم تمد يدها لحملها، بل أكتفت بتقليبها بطرف المكشاشة)، وحين حركت رشا رأسها كي تتابع اكشتافها السعيد، ايقنت بأنها حشرة، وما أكثرها في دارنا، ثم تبدأ عزفها، فيبتعد عني صوت المكشاشة، فالدار وسيعة، وحنونه!!.

للمرة الثالثة يتوقف ايقاع المكشاشة، مادا جرى؟ إنه راديو جارتنا سارة، فقد تسللت منه اغنية (فرحانة بيك كل النجوم لا نام بريقه ولا أنطفأ)، فتوقفت رشا عن القش، وهي منحنية، لم ترفع راسها، بل كانت منحنية وهي تسمع الأغنية، أحسست بأنها في صلاة، في سجود، ورأيت بأم عيني، سحب خضراء وبرتقالية تخرج من الراديو وتدخل عين وقلب رشا، وتنصب لها، قصر لا وصف له،...

إن الحياة لوحة كبيرة، والكل يحمل فرشاه، تزخرف اخواتي البرندة، والفضية ببقايا الجرايد، وتزخرف رشا الحوش (بفرشاة) المكشاشة، ويزخرف (مدثر الصغير) البيت بصراخه، وفوضاه، وتزخرف امي الدار، بصوتها، بسمتها، بسكونها، بعاطفتها الريانة، والتي تملأ كالهواء، سماء وارض الدار....

حين تكنس (رشا)، تكون اللوحة منتظمة، (فهي تستمتع بكل شئ)، وحين تكنسها (سوسن)، أو (سارة)، ترى لا مبالاة، وخطوط شائهه، وشرود كمن يفكر في اللحظة المقبلة...ناسياً لحظته الحاضر تماماً...

تنظر رشا بحبور خلفها حين تسمع (رشا رشا مششيني)، يقولها مدثر وقد افسد عليها نظافة البيت، فتعود جزلى (فلا نضج ولا نثور)....
(دو...ري... مي...كش .. كش ..كش.).....
تقترب شعيرات المكنسة من وضوء خالي مساء الأمس، كثبات صغيرة وجداول، اتخذت شكل يليق بغموضها، خلقها الماء المنزلق من كف خالي، وهو غارق في تأنيب ضميره من الخطايا، خطايا جسد لم يشبع، ولن يشبع حتى يدخل من باب القبر، لعالم مجهول، مثل أغلب احداث هذه الدنيا، والأخرى، بعد حين ستختفي اثار الوضوء، وتنتمي للذكرى، يبتلع الزمن، مثل المكنسة بيد رشا، أشياء، واشياء، قتل صديقي عبدالرزاق، غرقا، ، وخلق لهيبات العروس طفل أخر، في ذات الأمسية، ليت جرابه يسع الجميع، كي لا يفرغه في حفرة النسيان، والمحق والمحو... حتى لا تحتشد الحياة في اللحظة الحاضرة فقط، بل تمد رجليها، للماضي والمستقبل معاً، فنركض، من الماضي للمستقبل، وبالعكس، كي لا تستأثر اللحظة الحاضرة بحصتها كاملة، بمحو الأمس، وطمس الغد، بمقدور الحياة أن تفعل أكثر من هذا، هكذا تقول دندنة العيعاسيب، لو كنا نعقل لغتها، ولغات كل الأشياء، مسحت المكنسة أثار الوضوء من الحوش، فأنتقل لعالم الذكرى ضحية جديدة، تقبر بين تلافيف العقل، وفتح الحوش قلبه لغناء جديد، أثار أخرى، ابن هيبات الصغير، لكائنات تتحرك وتتانسل، وتتحرك، بغزيرتها، وبالرياح، واخواتها، فالمسلمة الوحيدة، هي المعجزة، في خلدي...

(6)

صمغ الضوء


(مثل صورة أبي، وأية الكرسي المغبرة)...لا شي يمكنه أن يتعلق في الجدار بدون (صمغ أو مسمار!!!)....

هكذا تقول البديهة، وحتميات أخرى، ولكن طالما أن النار لم تحرق جسد إبراهيم (فلا تقسم بشئ، فكل الأشياء عرضة للتبدل).. أنها حزمة طنون فلا تقسم بها (ولو كان ماثلاً أمامك، فمريض الهذيان يرى أشياء لا وجود لها بحواسنا)..

ولكن الضوء، ضوء شمس قريتنا خاصة (هل تشبه شموسكم، لا أثر للتعصب في فرحي هذا!!)، يتواضع شعاعها على اديم الأرض، بدون أي قامة تفصله عن الأرض، وأحيناً يلتصق الضوء بجدار الحائط (بلا صمغ أو مسمار).. بل يلتصق بسقف الدار، (مثل الضب والجير)... ومثل عطر علق بعنق فتاة..

ياله من كائن غريب، ذو مواهب عظمى (أهو شاعر.. مل الحياة فلبس طاقية الاختباء)، وأحال جسده إلى كائن هلامي (كقلبه)..

يغوص ضوء الغروب في صفحة النهار بيسر تام، ويمر خلال كباية شاي الصباح (بلا كسر أو صوت تهشم، ليته التهم رشفة، وترك صومه الصمدي)...إنه قوي (رغم هوانه وهلاميته).. ألهذا الشعراء أقوياء!!؟...

بل بمقدوره أن يحلق كالحمام، وأن يرقد على اديم الأرض (كجثة ملاك جميل)، وأن يجري في كل الجهات (الست، بل السبع)، فإنه يتوغل في جهة الروح، ويضئ جنان مغمورة بسويداء القلب..

أنه عجول، ومع هذا لأثر لإقدامه، ، ولا وقع لها، ليس بمقدور الملائكة قص اثره، أيخفي ملامحه كعاشق، ويملأ في ومض سريع سماء الغرفة والاثير، كخوف لذيذ يملأ جسد فتاة وقد ذكر اسم حبيبها الغائب بغته..

إن أشعة الشروق، كلها، في قريتي، هم في الأصل تلاميذ نجباء (كالأنبياء والشعراء)، أرسلتهم الشمس، كي يصبغوا الحوائط والأشجار والبيوت بروح شاعرية، أمومية، فتحس بأن الاشياء هي امتداد لك، كأطرافك، كجوارحك، كأسرتك، كوطنك، كماضيك، كغدك..

فتقسرك، هذه السطوة الطبيعية، كي تفكر في ذاتك (ذاتك فقط).. فتحس بذلك الومض من الشعور الغريب، وكأنك نسيت نفسك تماماً، وكأنك لا تعرفها، أصلا، مثل صديق قديم.. غاب عنك من أمد بعيد.. بعيد... (أبعد من كل ماضي يتذكر..أو يتصور)..

في الظلام يختفي لستك الكارو، وشجرة الجيران، وشباك ناس فوزية، ووجه آمنة وهي تكنس حوش الجيران... (وهذه كل مملكتي).. وقد ابتلعها جوف الليل البغيض...
في الظلام يختفي لستك الكارو، وشجرة الجيران، وشباك ناس فوزية، ووجه آمنة وهي تكنس حوش الجيران... (وهذه كل مملكتي) وتنبع أساطير جدتي، حيث يسل الغول قرونه، ويتجول البعاتي في الفسحة التي نعلب به الكرة، ويقوم ابسرورة من قبره، إنه الظلام وقد ابتلع مملكتي، وفرش عباءته، المطرزه بالخوف، والخوف، معاً..




وبتتعلم من الايام، مصيرك بكرة، تتعلم..


بكرة تتعلم..


تتعلم..

....

Post: #107
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: مامون أحمد إبراهيم
Date: 04-13-2008, 10:43 AM
Parent: #106

هذا هو نهر النيل الحقيقى ! يتدفق الآن , ويفيض ليغمر كل الأماكن !

خرير من المعانى النبيله الجميله الجزله ينداح على هذا المكان !

تدفقوا ياشباب , هذا هو السيل بتياره العظيم , وقوته الجارفه !


خالد , عبدالغنى والجميع :

أقترح , بل أتمنى من كل قلبى أن يتحول هذا إلى كتاب !

كتاب ضخم كبير !

هذا تأريخ حقيقى

للأرض , للحياه

للإنسان !

Post: #108
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-13-2008, 01:55 PM
Parent: #107

العزلة يا عبدالغني !
العزلة الباذخة المجيدة.
أن تبعد يعني أن تحبّ أكثر !
كلما ابتعدت و(غبت) ازددت شوقا ووجدا !
أن ترحل عن الناس يعني أن تحبهم أكثر.
الغياب/الحضور.
أن تشيد كوخك الحقير على حواف قماشة الصحراء، مكتفيا بالتمر والماء، توقد نارك الكبرى من حطب الروح، وتضع قهوتك المرة على جمرها المتوقد، وتروح تنصت لصوت السكون، وكلام الريح.
أن ينوء كتفاك بالحمل الإنساني الثقيل.أن تشعر بالقحط الكامل لتعرف خضرة القلب.
يانع هو القلب كصبية في ليلة عرسها.
وحدك، تعمر الصحراء بالصحراء لترقى إلى واحتك الكبرى.
وحدك.فالأصل واحد.والطريق.والشجرة.والعتبة.والصحراء.
وحدك !
تروي عطش رمالها بدموعك وتأسى للإنسان.يتفصد جسدك حزنا.تتفصد روحك.تلوذ بالحمى.
الحمى !
وتهذي لسنوات.صحوك سكر، وسكرك بوح، وبوحك شطحات، وشطحاتك طريق !
تلمّ جسدك وكتبك، وتشعل فيها النار المقدسة.
النار:طهر.
النار: تطهير.
بالنار نحبّ أكثر.
وفي هذه البيداء، لا صديق ولا حبيبة ولا رفيق !
إلا الكتب !
هي إخضرارها وماؤها ونخيلها وغرسها السماوي.
هي عرش الحياة.
فـ..
(يا موت! انتظرني ريثما أنهي
تدابير الجنازة في الربيع الهش،
حيث ولدت، حيث سأمنع الخطباء
من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صمود التين والزيتون في وجه
الزمان وجيشه.سأقول:صبوني
بحرف النون حيث تَعُّبُ روحي
سورة الرحمن في القرآن)
خضراء، أرض قصيدتي خضراء !
أخضر هو محمود درويش، والموت !
تشف - يا عبدالغني - تشف حتى تكاد لتذوب في حشاشة روحك.تشف حتى تكاد لتصبح قطرة ماء على برعم، أو ملاكا يغسل جناحيه في بركة الضوء.
..
فصار يحسدني من كنت أحسده
وصرت مولى الورى مذ صرت مولائي
تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلا بحبك، يا ديني ودنيائي !
ما لا مني فيك أحبابي وأعدائي
إلا لغفلتهم عن عظم بلوائي
أشعلت في كبدي نارين:واحدة
بين الضلوع وأخرى بين أحشائي)
خضر هم الذين نبتت أجنحتهم في سويدائهم، فكتموا، وباحوا بعض البوح، فبكوا، ثم ضحكوا، ثم بكوا، فضحكوا !
(طاسين الصحراء) كطاسين النقطة وطاسين الدائرة.
لتشتاق ابتعد !
لتحب ابتعد !
لتعرف الخلق ابتعد !
لتعشق الوجود ابتعد !
فأبعد البعد أقرب القرب !
وأقرب القرب أبعد البعد !
إزار بال، وإبريق، وروحك وكتبتك.
العزلة !
العزلة:الابداع !
الاختلاط:الاتباع !
وما زال الليل والنهار يسيلان صكوك غفران.وما زال (الاختلاط) ينضح كراهية وتحريضا.وما زالوا في أرديتهم الطينية يتقصون الابداع، ويطرحون ثمرا مرّا.
يفتشون في الضمائر، ويوغلون في التفتيش، و(لا يدعون الخلق للخالق) !!
فـ...تأمل !
يتوعدون ويرغون ويزبدون.
من يدفع أكثر ؟
من يدفع ثمنا لـ(الرأس) ؟
لـ(الرؤوس) ؟
...(الاتباع) !
العزلة يا عبدالغني..العزلة الجايدة !


Post: #109
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-13-2008, 02:30 PM
Parent: #108



محسن يا عبدالغني طيف غائب حتى ذاته.متوحد بأعماله، ولي أن أضيف – كصديق – (عمايله) !!
هذا الـ(محسن) ..(يشغّل) حواسه كلها، يشغّل (مجسات) روحه لتتذوق وتشم وترقص ...أشبهه بـ(زوربا).خليط من كيمياء الجنون والعبقرية المتوهجة.
هنيئا له بجنونه، وهنيئا لنا بجنونه !
...
..
يا عبدالغني ألتقينا !!
ألم تلتق مرات ومرات بأرسطو والنفري وابن رشد؟
وهنيئا ثم هنيئا إن قدرت على ابن عربي !!
ألم تلتق بالتجاني يوسف بشير وعلي المك و...(ود ضيف الله)، بيدبا الفيلسوف؟!
قل له التقينا.
التقينا في النقطة والتنقيط.
...
..
وفعل (بوذا)، فعل المسيح، فعل محمد !
من كان منكم بلا (خطيئة) فليرمها بحجر !
اذهبوا فأنتم الطلقاء !
(ورحمتي وسعت كل شيء) !!!!!!!!
الله
الله
هذه الروح الإنسانية الجبارة التي لا حدود لرحمتها هي قبس من نور الله!
...
..
يا عبدالغني، جدي (عووضة القارح) مزروع في بطن (الطبقات).وعشيرتي كلّها تطوف بكعبة عشقه.هو كان مفتاحي إلى (الطبقات).يأخذني تارة إلى لألاء ذلك العالم المتسع، ثم يطفق سبينوزا وهيغل وديكارت وعشيرة (الجن) هؤلاء يطرحون أسئلتهم: لماذا، كيف، أين، متي، هل، ..فـ....؟
...
..
ستيلا عاشقة كبيرة
ستيلا قايتانو لها سطوة رهيبة على القلم.تلك هي سطوة روح جبارة.روح متشربة بالإنسان.
ستيلا تسكر بالخلق حتى تسيل جوانحها خلقا.
والله إني لأشفق على روحها.وأحبها في الله لله !
لم ألتق بها كفاحا !!
ألتقت روحانا مرات ومرات. (زهور ذابلة) عمل مسكوب من أعماق الروح والتجربة.مسكون بالروعة.
يا الله يا عبدالغني، (البنت مقصوفة الرقبة) هذه تبكيني.تبكيني على الشخوص الذين تخلقهم من دم ولحم، معذبين، وتائهين، ومحزونين.
تمزج الواقع المرير. (المرير؟) كم هي المصطلحات – أحيانا – ثياب ضيقة جدا (نعود تارة أخرى إلى المعنى يا عبدالغني، المعنى العميق، كالروح الباتعة في جسد ضئيل)، تمزجه بالأساطير العظيمة، أساطير لعنات الجدات، والمطر والبرق!!
ستيلا تنسج عالمها، عالمها هي.
بلغوا روحها محبتي اللا نهائية.
فأنا – يا ستيلا – دمعة في طرف منديلك الموشى بالدموع.
..
...
صبري
دوما

لكما مساحات البياض كلها في القلب.
..
...
يا عبدالغني..
الكتابة نتاج كلّ شيء !
خمر الخلق، وجمر القراءة.حواسك كلها، أدق التفاصيل، والتجربة.(المجسات)، مجسات الروح، وفورانها.البحث المضني – بل والعبور – من اللغة إلى المعنى.
...
..
رشا
ذاك دفق حنين.
الدفق:حياة في الحياة.
..
...
عبدالغني..
يا الله
ياااااااااااااااا الله
Quote: حين انهيت رسم نهر النيل، رشفت جرعة منه، لم تكن مالحة، بل عذبة، فتأكد من روحه، هو الذي يجري جنوب قريتي، رأيت شعيعات القمر ترقص فوق الموج، كل شعيع امتطى موجة، وظل يتزحلق عليها،
...
..
وفجأة يسكن البيت، كله، وكأن هناك مايسترو خفي، هزه عصاه، ثم انزلها فجأة، فأطاعته أخواتي الشقيات، والماعز، والصرصير، ونبض قلبي!!...

الوحيد الذي لم يطيع المايسترو هو نقاط الزير، بدأ واضحا، وكأنه كان يصرخ منذ حين، كطفل في عرس، ولا حياة لمن تنادي... وهو يقنص الفرصة.. طق طاق طق طاق..
..
...

ظللت احدق في اللوحة، متعجبا من وقوف الشمس في كبد السماء طوال النهار، والمركب لم تقطع النهر لأسبوع كامل، وهناك معزة لم ترفع رأسها من السعدة، (وللحق أنا اعرف الاغنام)، أنها من اكثر الحيوانات مللا، وترفع رأسها كي تمضغ، وكي تشكر الراعي بنظر قله نظيرها، سوى بين الام والابن.....


والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى.
...
...
قبيل عيد الفطر المبارك!!
وبالضبط مساء التاسوعة، وأنا اقف عاريا، كما ولدتني الحاجة بتول، فوق سرير الياي، كي أجرب قميصي الجميل والجديد، وكعادتي، تساءلت:

(الله بلبس قمصان؟).
فقال أخي الأكبر (عبد العزيز): لا
فقلت متعجباً: الله عريان.
...
..
له قدرات سحرية، يلقي جسده الرخو على الارض، ولا يشكو من الحصى، والشوك، بل يسبح في النهر، حين امر به، ويتسلق في الجدران، بل يحبو جزء منه هنا، ويتعلق جزء منه بالحائظ، ويستلق الحائط للغرف القريبة، ... حاوي عظيم..
...
..





Post: #110
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-13-2008, 02:36 PM
Parent: #109

مأمون
من ناحيتي يشرفني ويسعدني أن يصدر هذا الكتاب.
لكنه يحتاج لجهد مضاعف.
ما رأيك عبدالغني؟

Post: #111
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-13-2008, 02:57 PM
Parent: #110



عمتي (ستنور عويس) كتاب ما زلت أقرأه !
حنونة جدا، حتى حين أهاتفها تبكي بمرارة.تذكر أخاها (إبراهيم عويس).
اختارت لحفيدها اسم (إبراهيم).
بالنسبة لي، هي (الأسلاف).روحهم وحكمتهم الفطرية ورزانتهم ومحبتهم.
صوفية غارقة في عالمها السري المسكون بالسحر والنجوى ساعات الفجر.
الله يحبها !
وتهبط إليها الملائكة في الليل.
أحب أن أشرب (القهوة) عندها.أمانع أن تصنع لي (تيسير) أو (حرم) القهوة.أحبها من يدها، أو من يد (فوزية) بنت عمي (تاج السر).
أجلس على (بنبر) واطيء قبالتها وهي ترج (السعن) المملوء بالحليب، لتستحلب (السمن البلدي).أحب أن أندس في ثوبها، لأشم رائحتها.هي رائحة جدي وجدتي وأسلافي و...الأرض.
نخلة نبتت منذ (كن فيكون).
حين ذهبت إلى الحج (1980) جلبت لي معها لعبة عجائبية.تندس في حجرة مظلمة، وتنظر عبر الثقبين إلى عالم ملوّن جميل، تحركه بأصبعك.
تحب (إبراهيم عويس)، وحين رحل – وكانت هي في الخرطوم، وهو في القولد – كادت تجن.
كيف ترحل يا إبراهيم دون وداع؟
كيف؟
كيف يا حبيبي؟
روحها ذائبة في الإنسان على الدوام.
وحين رحل – قبل ذلك بسنوات – ابنها (عصام) ذلك المخلوق الطيفي الذي يتقطر وداعة وصبرا، غشيت عينيها سحابة حزن لم تمحها السنوات.حزن يضاف إلى قلبها العامر بالحزن على شقيقيها (تاج السر) و(حسن).
تخبيء لي أجود أنواع التمر.وأغشى بيتها القريب كل صباح لأفطر عندها.
أمّ وملاك يمشي على الأم.
كم أنا مشتاق – الآن – لثوبها ورائحتها ودموعها.
هي جزء من (إبراهيم عويس)، مني، من روحي.
صوتها أغان وتراتيل وصلوات.
صوتها كون !
كون دافيء وحنون.كون تندغم في أكوان مزخرفة.
ولحكاياتها – في طفولتي وصباي – وقع مثير.تحكي بحب عن (علي بن أبي طالب) و(الفرسان).تحكي عنهم حكايات من يعشق النبل والنبلاء.
تحكي عن جدتي التي قدمت من (كبكابية) التي كانت قد ذهبت إليها مع أشقائها، فلما قتلوا في حرب اندلعت هناك، عادت إلى القولد.
تحكي عن تفاصيل (القولد) القديمة.
آه يا عبدالغني، لماذا يعذبنا الله بالحب ؟؟



Post: #112
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: بدري الياس
Date: 04-14-2008, 05:34 AM
Parent: #111

Quote: يا بدري
يا بدري
فكّ السلاسل حول معصميك وأدن، فلا عقل إلا في الجنون!
وهذه رفقة لا تعوض ولا تركن إلى الطين، فتعال.

؟
عذراً صاحب المقام، فقد جئت إلى هنا "شلاقة" و"بكامل زينتي" وعتادٍ يَخْبٌرُ الغثّ مما هو دون ذلك.
كما لست "بمستوزر" أحتاج أن أبيع خمراً لأصادف "حضرة من أهوى".
وجئت لا مستأذناً أحداً، فأنا "على كيفي" بلا جبةٍ تسميني ولا "سيد".
،
مستمتع بالكثير مما يكتب هنا.
وسأبقى،

"فالعقل مع عقل آخر يتضاعف، ومن ثم يزداد النور، ويتضح الطريق." أو كما قال العارف بالإنسان جلال الدين ابن الرومي.

Post: #113
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-14-2008, 07:23 AM
Parent: #112



عبدالله ود الطاهر

كيفنك، والله الفول المصلح، وتلك الونسة الكاربة، عن الحال والمآل، لا تنسى... كانت الونسة طويلة، ولم نشعر بالوقت، العيش في اللحظة الحاضرة بركة من بركات الحياة، ....


بالله كيفنك، ومن الزمن ده، شوف الحياة وقدرها، اهو جيت البحرين، وابتعد الوطن عن ارنبه القلب، كي تراه، كما هو، وليس كما يتراءى لنا، حلوا، غامضا، مسجونا، ومتخبطا، ونرجو له، الشفاء العاجل والآجل، من كل شر، فهو موطن قديم، رسم اجدادنا على الكهوف، وفي سوبا بنى المهندسين اكثر من مائة كنسية، ونسجت البنات الثياب، وكتب الشعراء الغزل، فتاريخ الكتابة في بلدي تجاوز الخمسة آلآف عام، وياله من ميراث، يستوجب الحكمة للقلم السوداني، ويستجوب التروي، فقلم بهذا القدم، عليه ان يرعوي، وأن يرنو ببصره لوجه الحقيقة المتقلب، فهو قلم كان له عده وجوه من التدين، كان يعبد الشمس، وعبد الاجداد، وعبد الغروب، كانوا شعراء اجدادنا، وقلبوا وجههم في شرائع الارض والقلب، ...

فهذا القلم، ليته يسطر غد باسم، غد مجيد، مستفيدا من حنكة الشيوخ وعنفوان الشباب وبراءة الاطفال، قلم صاف، سليم، يشخص داء وطن، مستفيدا من ذاكرة الحرب، ومن خيال السلام الجامح، يدفر غبار الجهل، ويرسل غيم الفكر والمحبة، وهو قادر على ذلك، قلم قديم كتب الطبقات، والانسان الكامل للشيخ الطيب، وكتب على معابد كوش، وعلى رقع، وخلق بأيدي بسيطة الكنتوش والحلة والزير، في غابر الايام، حين كانت الارض غابة، وتأمل الشمس، وغروبها، وغذائها، ونومها في الليل، فشكرها، وعبدها، ثم صحى في قرن آخر، مقلبا طرفه، وخرير النيل يجري فوقه، وكثبان الرمال تشكل مع الرياح ربوة ونهد وسلسلال من الفن الساحر، وفي الغابة يقفز القرد، وتغني النساء، وتنمو الزهرة..

القلم السوداني عجوز، برزت التجاعيد على وجهه، ولكن قلبه طري، شاب، يتأسى بالصبر، وينظر في المرآة، من نحن، من أي طين وصلصال، من مرجع ونبت، من نحن؟...

عشمي كبير في القلم السوداني، وهو ملئ بحبر الحكمة، حبر المعاناة، حبر التقلب في معرفة الله، وهيهات، حبر موسم الهجرة، وحبر حمى الدريس، حتى حبر جنائن الهندسة... حبر ساكن، وطاف..

لن ينسى الوطن، وستعود له العافية، أخي عبدالله...

والله مشتاق، ليك، ولونسة كاربة، كعادتك...

أعمق المحبة، اخوي عبدالله ود الطاهر،

اخوك عبدالغني

Post: #114
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-14-2008, 11:15 AM
Parent: #112

Quote: عذراً صاحب المقام، فقد جئت إلى هنا "شلاقة" و"بكامل زينتي" وعتادٍ يَخْبٌرُ الغثّ مما هو دون ذلك.
كما لست "بمستوزر" أحتاج أن أبيع خمراً لأصادف "حضرة من أهوى".
وجئت لا مستأذناً أحداً، فأنا "على كيفي" بلا جبةٍ تسميني ولا "سيد".
،
مستمتع بالكثير مما يكتب هنا.
وسأبقى،

"فالعقل مع عقل آخر يتضاعف، ومن ثم يزداد النور، ويتضح الطريق." أو كما قال العارف بالإنسان جلال الدين ابن الرومي.


و..
(حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق).

Post: #115
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خدر
Date: 04-14-2008, 12:54 PM
Parent: #114

جني و جن يروح مني بوست وسط زحمة البوستات دي
انا متابع هنا اول زول
بتداخلي ده ممكن اجيب البوست ده تاني من الواق واق
الله يرفع القلم و نرمي سهمنا معاكم
شكرا عويس و ضيوفه .. تابعوا رجاءَ

Post: #116
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-15-2008, 05:36 AM
Parent: #115



العويس، كيف حال الكتابة معاك..

اخوك الايام دي مشغولة بأمراة افريقية، تربط طفلها على ظهرها وتحوم البلاد، تغسل الملابس، وتكنس الدار، الطفل مربوط على ظهرها، الغد مربوط على ظهرها...

انكهني النص، والله تعبت منو، والله ياعويس، مر على ليل، تركت النص، وبكيت على حال المرأة، وعلى شقاوة الطفل، وهو يغوص في هرم ملابس،ك انت تغسلها، يختفي في اوساخ الناس، وعرقهم، ودوراتهم الشهرية...

ولكنه ذو انف قريب، اكثر غونوي، بطل العطر الشهير، لا يشم سوى المحبة، وهو يتسكع في القصور التي يرتادها، كملك له، أليس السماء له، وكذا الارض....

والام السمراء، السوداء، المنهكة، والتي تخاطب في ظلمتها (النبي نوح)، وتسلم على الموتى في قبورهم، جعلت الطفل يقف، ويسلم بدوره على اي جماد او طائر، او كلب..

هي تسعى في قدرها ورزقها، وهو على ظهرها يتفرج على عالم دهش... لا تناقض بين سياقات الحياة، ...

طبعا، انهنكي مدخل النص، باب النص، وكما يقول الحكاء العظيم ماركيز، الباب صعب، ومربك، ومنهك، وكذا اسم النص، كيف اختار اسم يليق به، كالجلد على الجسم، وهيهات..

وفي النص حزن، جرني معه، وفيه فرح جرني معه، لقد كتبني النص، حين تمثلت أمي، السوداء، وهي تحمل طفلها على ظهرها، وتجوب الشوارع، الجوامع الكنائس، انه وطني، يحملنا على الظهر، وهو يئن، ويبكي...

أدعو لي ببركة الإلهام، وصدق الكتابة..

مع فائق حبي.. وشوقي,,,

Post: #117
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-15-2008, 07:17 AM
Parent: #116



عزيزي، واخي
صبري الشريف...


كيف حالكم، اعمق الشوق والمحبة، ,,,,...

نعمل شنو ياصبري، الكتابة بقت زي تفريغ الهم، زي الطريق للوصول للبيت، للخيال الزعلان من الواقع، ومن الواقع الزعلان من هروب الخيال منه، وعدم تمعنه، فهو جميل، وبس نشوف كيف، اعطوا اعينكم حظها من العبادة، من الفرح، من الدهش..

والكتابة صارت علاج، وتوقف في اللحظة الحاضرة، وخلق وطن بديل، أو همز وقمز الواقع، كي يبدل ملابسه المهترئة، فسيدنا غرامشي يقول (بأن القديم يحتضر، والجديد يتعثر في الولادة)، ودي مرحلة الفوضى، واعراض الاهمال والظلام، والكون كله يمر بهذا المخاض العجيب، بعد فشل قوى التغيير الشرقي والغربي، فالحرب لا تزال، وامراض النفس صارت اشتراكية، كآبة، وقلق، وسرحان، وجوع ومرض وسرقة عينك ياتاجر، دول تسرق دول، وشعوب تستغل من السلطان ....

والله سعيد بك، وسلامي لحواسك المغردة، وأسعدك الله، واسعدنا بك،.. فروحك الخيرة معنا، هنا في دوحة أمي آمنة، وسرب من قلوب عظيمة، وعقول نقية، تغرف من مادة الفكر، التي خلق الله منها (الكون)... فطوبى لنا بهم.. وما اسعدنا بهم..

عميق محبتي، وشوقي
اخوك ابدا عبدالغني


..

Post: #118
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: كمال علي الزين
Date: 04-15-2008, 08:00 AM
Parent: #117

(*)

Post: #119
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-15-2008, 12:27 PM
Parent: #118


كيفك يا خدر يا (مخضّر) دايما ؟!
كيف المدام والأولاد ؟ بالله سودانيز أون دي مش حاجة جميلة عرفتنا على بعض ..كفاحا؟!
نجلاء دائما تقول: إنت دايما تسافر لوحدك..هولندا، مصر، إثيوبيا، لبنان، بريطانيا، واق الواق ليييييييييه ما بتاخدنا معاك ؟!
:يا ستي ده كلو شغل
:طيب مالو ؟؟؟
أها، هي مصرة الآن تلبي دعوتكم،بس عندنا عفريتة صغيرونة غايتو الله يستر على هولندا كلها منها.. وكلمتك من هسع.. (شفعكم لموهم وكان لقيتوا طريقة سووا ليهم درقات) !!
جاينكم يا خدر..جايين.
..
..
كمال
في الصمت كلام كثير و(حكيم) !
..
..
يا عبدالغني، كلّ شيء يفضي إلى الكتابة !
السحر المرشوش على الواقع هو في عقل ماركيز وروحه.هو يرى الأشياء - في هذيانه الكتابي - هكذا.
إنه سحر الوجود الذي لا يراه الآخرون !
البهاء الأزلي الذي يجلل هامات الأشجار، وبلورات الضوء التي تذوب في الماء، والقطرات على ريش الطيور!
الشجرة ليست (شجرة) !!
إنها (ألوان) متدرجة ومتسقة، وبناء جمالي فادح في معماريته الأنثوية الفريدة، و(أصوات)، أصوات، حين يداعب النسيم الأغصان والأوراق، فتروح تغني، أو حين يرشها المطر.الشجرة (سر) ! سر تعرفه الأرض.ومن سرها الباتع تستمد حياتها.
..
الموسيقى مثلا !
كيف نختصرها في (تعريف) أكاديمي (باهت)؟
هل بوسعك أن تعرّف الموسيقى؟ موسيقاك أم موسيقا(ي)؟
الموسيقى التي تنبعث من الآلات، أم الأخرى التي تضج بها أجسادنا؟
أليست أجسادنا تحوي قدرا خرافيا من الموسيقى ؟
وكلما اكتشفت لونا موسيقيا، ارتدت بك روحك إلى أزلها، وعبّت من النبع الخالد.
حين عرّفني – قبل سنوات – صديقي وخلّي، عمر الأنصاري (الطارقي، مؤلف كتاب:الرجال الزرق) على الموشحات الأندلسية، يؤديها عبدالرحيم الصويري، والحاج بوجدوب، دخت ألف مرة:
(أنا أملي في إيش
إيش علىّ مني
نقلق من رزقي ليش
والخالق يرزقني) !!
يا الله يا عبدالغني، حين تروح كل تلك الآلات (الحية) تذوّب حشاشاتها فيّ.الناي والطبل والدفوف والكمانات وصوتا الصويري وبوجدوب !
ثم هل رأيت الصليب المتدلي بين نهديها يرقص؟
كأنما روح ما، روح كونية معذبة، مدقوقة على يديها مسامير غير مرئية، معلقة هناك، تخفي في أعماق عينيها حزن وجودي يتدفق كبحر.أعني الروح التي في الصليب !
صليب ذهبي يبرق تحت الأضواء، ويغفو بين نهديها.يمسهما وكأنه يقبلهما.
هم على المسرح.هي وخمس فتيات أخريات، وفتى، إلى جانب ستة آخرين.الأول يمسك بالغيتار كحبيبة دائخة بين ذراعيه.يروح يرفعه ويخفضه، ويعبث، بروحه، في أسلاكه.والذي يليه، يمس بأطراف أصابعه، بمهارة وخفة، كون الموسيقى الرابض أمامه.والثالث يمضي يميل رأسه إلى الخلف وهو يرفع الساكسفون إلى أن يلامس السماء.يتوّحد معه، ويبكيان.وذاك يدق بعصاتيه الرفيعتين على الطبول المكومة أمامه.والأخير يقرّب جدا الغيتار من جسده، ويغيب تماما في حضرة أنغامه الآتية من بعيد.
تغني – غالبا أغنيات أستير أويك وأغنيات التراث - وكأن مجهولا سرق منها حبيبها إلى الأبد.تغني بلوعة ووجد.والأخريات ينتظمن في صف، كعقد لؤلؤ على جانبيها.يرفلن في ثيابهن المطرزة يدويا، والمصنوعة من القطن الخالص، تزين بياضها، خطوط عريضة باللونين الأحمر والأسود.وعلى صدورهن تتدلى مسابح كبيرة سوداء وبنية.
ينتعلن أحذية بيضاء من الجلد، ويحطن معاصمهن بأساور منقوشة ببراعة.
الآن سيبدأن !
سيبدأن الفقرة التي لطالما جمدت الدم في عروقي، ودعتني للصراخ، ككائن معذب وسعيد في آن، يصرخ في البرية، وهو يرتعش ارتعاشة الكشف الأول !
ها هن يبدأن !
الموسيقى تنساب بنعومة، ثم تتصاعد تدريجيا.وصوتها يعانق بذرة الفناء والوجود..يتقطر من شجرة سماوية، ويفصح عن المجهول الغامض.يطوي، في لحظة، المسافة بين الإنسان، في عذابه الأبدي، والسماء في جلالها المهيب.
وهنّ، أرواحهن تدوخ، وتتحفز.تسيل، نورا على أجسادهن، وتؤرجحها في الهواء. وكحمامات ذبحن للتو، ينتفضن على الإيقاع.كلّ خلية، تخبئ الإيقاع المجيد، ثم تتفجر كقوس قزح. أرواحهن تتشرب اللحن إلى أن تترع به تماما، وتهبه الكون.يضحي الكون كلّه، لبرهة، لحنا أزليا.
وعلى أعشاب الجنة، وخضرتها الفاتنة، يحركن أقدامهن التي ترتفع ببطء فوق غلالة النور تحتها.
يا الله..يرقصن (الواللو) !!
الأنثى في تمام روحانيتها وتوقها الأزلي للمجهول المخبوء في أعماقها حين تلامس بروحها حواف الموسيقى المزركشة فتتجسد لحنا على الأرض!
الرغبات كلها تتبخر إلا رغبة التاىهي في كون الموسيقى والرقص ذاك !
ثم الفتى المسكون بالموسيقى.ترتعش روحه، وينتفض جسده، تنتفض كلّ خلية في جسده.
يرقص بروحه لا جسده !
يا لطيف !
يغمرني صوت (إفريم تامارو) بقشعريرة.
أرأيت (تلاهون قسي) حين عاد إلى الهضبة (الموسيقية) من رحلة استشفائه، فاختلطت دموعه بصوته الـ(....ماذا)، بالله عليكم كيف يمكن (وصف) ذلك الصوت، صوت تلاهون قسي؟
من مات ولم يسمع تلاهون قسي، مات وهو غريب على الحبّ والعشق، حب الأرض/الحبيبة، الحبيبة/الأرض، مات غريبا على جوهر الإنسانية في أعماقه !!
...
(عازة ما سليت وطن الجمال).. آهههههههههههههههههههه !
يتدفق صوته كـ(النيل الخالد) حين ينحدر من جبروت الهضبة مدمدما وعذبا يحمل الحياة !
يا عبدالغني..لهم سلامي، لهم حبي، لهم إنحناء روحي..
لها.. هي، ذلك الجوهر الفني المدهش الذي ينبض في عروق الفنانة البكر: إثيوبيا، وإلى كلّ مبدعي تلك (القارة الفنية) الذين ينحدرون – في المساء – حاملين صلبان أغنياتهم وموسيقاهم ورقصاتهم، لينشدوا للكون والريح !
لـ..تلاهون، وإفريم، وأستير، وتيدي أفرو، وقسي، لصديقتي هيلين، لصديقتي سانيتا، لصديقي جمال، لصديقتي إيليني، لصديقي أبّنّت، لـ... يااااااااااااه !
كنت قريبا من المسرح حين غنى خوليو إيغلاسياس، وحين غنت ماريا كاري !!
يا الله !
يا عبدالغني الموسيقى عالم مدهش.
كنت قريبا من النجوم والمطر والأزهار، قريبا من السماء!
وكانت دموعي قريبة حين غني (سيف الجامعة):
(ونغني لك يا وطني
كما غنى الخليل
مثلما غنت مهيرة
تلهب الثوار جيلا بعد جيل
ونغني لحريق المك في قلب الدخيل
للجسااااااارة حينما استشهد في مدفعه عبدالفضيل) !
رحت أتأمل صفحة النيل على وجه (وردي) الجالس قبالتي.وحين ترقرقت الدموع في مقلتيه، تداعت روحي، مثلما تداعت حين أمسك (ود اللمين) بالعود وراح (ينشّف ريقنا) بــ(لو بهمسة) !
يجتاحني حزن غامض أبدي حين يغني:
(وكان تعب منك جنااااااااح
في السرعة زيد )
يا الله !
و(جيت تايب..جيت تايب يا حليلك..والفؤاد ملكوهو غيرك)!
وأبكي، دائما أبكي حين ينزف:
(نحن أبناؤك في الفرح الجميل
نحن أبناؤك في الحزن النبيل) !
الموسيقى بكاء الروح يا كرم الله !
وهي نارها أيضا !
و..(مسامحك يا حبيبي) !
أبوعفان، ومصطفى، وعثمان الشفيع، و(الكاشف أخوي) والنور الجيلاني، ..(جيلاني فعلا) وعبدالرحمن عبدالله..ناس (يا تومي طرينا) ووو...!
ويااااااااااااه حين يضع الهدندوي حد السيف في فمه ويروح ينثني كنخلة صبية، أو كأوزة تسبح في بركة من النور.
.... في حده الحد بين الرقص والطرب !
أدفع نصف عمري، أقول لك :عمري كله، عمري كله، وأتعلم هذه الرقصة بالسيف !
هذا انتحار جميل في كون الموسيقى !
أو (البالمبو) هذه الآلة الملعونة المجنونة التي توقظ فيك كلّ النائمين. وحنان الطنبور/الأم المتلهفة:
(يا يمّة يا يمّة رسلي لي عفوك
ينجيني من جور الزمان)..ترن ترا..ترن ترا !
هذا يسيل دما من القلب إلى القلب !
و..(عديلة..).. (من عندينا) ! وعبدالقادر سالم، وأغيب تماما مع (الهادي عثمان) وهو يقبل (الفلوت) ويهمس في مطلع (أعز الناس) !!
ياه يا عبدالغني موسيقى هائلة تتغرغر في دمي وتؤلف مسرحا متراميا في روحي.موسيقى نبتت في أعماقي واستطالت وفرّخت وشادت مدنا تسكنها ألحان من كل حدب وصوب، متآخية متصالحة صوفية، متسامحة، تعرف قدر الإنسان وقدره !
والموسيقى عزلة !
(يا عبد أنت رق ما أستولى عليك) - النفري.
ثم إني - والله يا عبدالغني - أتعجب من ذلك الجنون الذي يلهم هذه الألحان !! وردي والكاشف ومحمد الأمين وبليغ حمدي والأخوان رحباني وووو... كيف صاغوا تلك العوالم الخفية التي بوسعها أن تلسع قلوبنا بشكّات الوجع والفرح في آن ؟
يعني كيف لحّن مصطفى - رحمه الله - مريم الأخرى، ولمحتك ..مثلا ؟
كيف لحّن وردي المستحيل والطير المهاجر وخاف من الله ؟
(الناس ديل بي صحهم ؟؟)
وتقول لي أنا أبدع وأكتب ؟!
مايكل أنجلو، أو (بيكاسو) وهو يقطر روحه في (غرنيكا) ؟ وسلفادور دالي (انت الزول ده كان نصيح؟) بالله ألم يكن لفان غوخ ألف حق في أن يقطع أذنه ؟
يا الله نسيت موتسارت !
ستقول لي بتهوفن ورحمانوف وتشايكوفسكي ووو!
أنا يدوخني موتسارت !
ولسلفادور دالي (شطحات)، فهو يروح يقول لسائليه إنه هو نفسه يجهل جوهر ما رسمه !!
الزول ده بيعرف ناس البسطامي والجيلاني والشبلي ورابعة من وين ؟
حكمته بالغة !!
هو يقول: (مهمتي أن أشقلب العالم بإتقان). يا لدالي المجنون !!
مجنون ؟ ألم يشر (أب) السريالية أندريه بروتون بشكل أو بآخر إلى أن البعد والقوانين السيكولوجية تؤلف الصورة التي يراها ؟
و..أليس (الطبق) الذي نغطي به أطعمتنا جنونا؟
ثم أليس كلّ ذلك (قراءة) ؟
وارتعاشات الكون كلّه حين ينصت في سكينة إلى (شغل) الذين توارثوا جنونهم ذاك عن (مولانا) جلال الدين الرومي؟
يلفون حول ..(ماذا)
يتداعون
يهجعون.
أليس ذلك قراءة؟



Post: #120
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-15-2008, 12:49 PM
Parent: #119

عبدالغني
هذه هي محنة الكتابة وآلامها العظمى.
يحكى أن (الفنان) أحمد زكي - رحمه الله – حين فرغ من تجسيد شخصية عبدالناصر، لم يستطع طيلة ثلاثة أشهر فصل الشخصية عنه.ظل يتعامل مع المحيطين به على أساس أنه عبدالناصر.
هذا هو الجنون بعينه.
وأنت الآن – أكيد – ممزق بين عبدالغني/المرأة الإفريقية، وعبدالغني/الطفل الذي على ظهرها، وعبدالغني/الشخوص الأخرى في النص!
أحسّ آلامك تماما.
بعض النصوص، غير أنها تسكننا سنوات قبل الكتابة، تسكننا أيضا بعد الكتابة.
أنا ما زلت في هذيانات (كياح) ومخاضاتها.
إن لم تكن أنت:هم، لن تكتب. وهم يسكنون في أعماقك.وهم متشاكلون مختلفون.وأنت متشظ إلى عشرات الذرات وعشرات الشخوص.
هل الروائي يعاني حالات فصام في أثناء الكتابة؟
والمدخل:الباب !!
ياااااااااه يا عبدالغني.
كلّ باب جحيم.
كم باب كسرت وأحرقت؟
كم بداية لرواية كتبتها ثم بصقت عليها لتفاهتها !
وفي لحظة ما تتجلى، تكتب (الباب) ينفتح أمامك بسهولة، تتقدم حثيثا، تشتعل بحمى الكتابة، تروح تكتب (بلا هوادة)، تسيل روحك، يتوهج عقلك، وتمضي – آخر الليل – إلى الفراش منهكا، كأنك عاشرت مرات ومرات ألف إمرأة !!
لا، وكـ(زوس، إله الحب:كزانتزاكس/زوربا) تهب من نعاسك فجأة حين تخطر ببالك فكرة إن لم تسارع إلى كتابتها، طارت إلى الأبد.زوس كان يهبط إلى الأرض – حسب المجنون كزانتزاكس – ليرضي إي إمرأة تتقلب في فراشها وحيدة.هو هكذا، إله حنون، يبصرهن من سماواته، ويسمع آهاتهن فينفطر قلبه – المسألة لا علاقة لها برغبة الجسد – هو هكذا، يفهم آهاتهن على أساس الحنين الموجع، والعاطفة المتقدة، العطاء الذي ينتظر من يقطفه، فيهبط إلى الأرض – يكتب عبارة أو عبارتين – ثم يصعد إلى السماء – يخلد إلى فراشه – فيسمع ثانية أنين إمرأة وحيدة تشتاق رجلا !!
(زوربا يقول إن الرجل الذي يعرف أن ثمة إمرأة تنام وحيدة ومعذبة ولا يعاشرها، يظل ملعونا) !!
زوس يا كرم الله، جراء هذه الرحلات اليومية العصية، تكأكأ، وسال لعابه، وأصبح كالتيس العجوز، وانحنت مؤخرته، وبات يسعل دون توقف.. ومات !
إله الحب مات !!
يا كرم الله كلما أذكر ما سطره كزانتزاكس في هذا الخصوص تجتاحني موجة من الضحك لا أقدر عليها، يا الله !
لكن، أليس حالنا – مع الكتابة – كحال (زوس) الصاعد النازل، النازل الصاعد ؟


Post: #121
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-15-2008, 02:28 PM
Parent: #118

طارق ...
الصديق والاخ، الرجل الحبوب... وجلابية توب، وهم وجودي، ....

وترقي، وفهم، وتواضع، ومحبة..

سأعود لك، وليتني افي بوعدي في حبك..

Post: #122
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-15-2008, 05:28 PM
Parent: #121


يا كرم الله !
وهذا الذي اتسع فتقه على الراتقين جميعا، ..(الأحياء منهم والأموات) !!
هذا الذي ..(عليه السلام) ؟!
لإبراهيم الكوني في (فصوص حكمته) عبارة:
(أعظم الأوطان التي بوسعها أن تعطي بسخاء حتى الآخرين) !!
لتعرف عظمة هذا (الشيخ الصابر الحزين)، انظر في عيون (أهلنا وأحبابنا) الإثيوبيين والإريتريين !
(عارفون) به أكثر منّا نحن الجهلاء، نحن الجهالة تمشي على أقدام كسيحة !!
تعرف..لأنهم (عايشوا) عبارة الكوني، عايشوا ..( أعظم الأوطان التي بوسعها أن تعطي بسخاء حتى الآخرين) !
تعرف يا عبدالغني.. الأكثر حزنا ..الأكثر وجعا فينا، هو !!
أذكر مظفر:
(من ذاك ؟
وأجبت كنار مطفأة في الحقل: أنا يا وطني ؟)
يا الله !
هو كـ(أبي) كجميع الشيوخ الطيبين المحزونين.
يا عبدالغني، أحسّ بحزنه العميق.
عيناه !
هل رأيت عينيه ؟
عيناه ذابلتان من فرط الحزن والوجع.
ما أقسى عقوق الأبناء والبنات وانشغالهم عنه؟
ما من أحد يملأ له الإبريق بالماء ؟
ما من أحد يجلب عصاه، ليتوكأ ويذهب للصلاة في (المسيد) القريب !
لا أحد يقرّب له زجاجة العطر ليتعطر ويغشى الكنيسة أيام الأحد !
(العراقي) المتسخ التصق بجلده يا كرم الله.(مركوبه) ممزق، والسعال يفتك بصدره !
ومع ذلك يا كرم الله، حين يعبر به سائل، يدس يده في جيبه ويمنحه (البركة) !!
يرقد طوال النهار على (عنقريبه) التي تدلت حباله ومسّت الأرض، يرقد صامتا ومحزونا، يتأمل شجرة (النيم) فوقه.لا يسأل (بناته) عن الطعام.ينسينه – كثيرا – كثيرا ينسينه يا كرم الله، فيقضي سحابة نهاره جائعا.حسبه من الدنيا شربة ماء وتمرات يلوكها على مهل بعد أن تساقطت أسنانه.
من يهتم لأمره ؟
كم أنجب من الأبناء والبنات ؟ ومن يذكره في شيخوخته ومرضه ؟
لكنه يحبّ، يحبهم، يحبهن !
تخيّل يا عبدالغني، لا يستطيع أن يذهب إلى (المستراح) لوحده ! وما من أحد يقوده إلى هناك !
ما من أحد !
وفي الآونة الأخيرة، ساءت حالته أكثر، صار على (عنقريبه) يغصّ بالدموع، تسمعه في ساعات السحر يناجي الله:
خذني يا إلهي وأرحني من هذه الحياة، فباطن الأرض خير من ظاهرها !
حتى عندما يتعب ويحجزه الطبيب في المستشفى، يكون وحيدا، لا أحد معه إلا البياض، بياض الأسرة، وبياض قلبه.
لماذا هو دون وطن (في قلوبنا) يا كرم الله ؟


Post: #123
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-15-2008, 09:42 PM
Parent: #122

هل قلت إنني أحبّ (أولاد حاج الماحي) و..مصر المؤمنة ؟
..
و...الأربعة
....الأربعة
....الأربعة
(سر الأربعات) ..(سر التربيع)
لكل (شكل عميق) سر
سر التثليث والتربيع و(التخميس).
سر التثنية والتسبيع والأصل الفصل هو النقطة !!
وهل قلت إنني أحب صوت (أسرار بابكر) هذه (الشافعة) التي تفيض (صوتا) ؟؟

Post: #124
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-16-2008, 11:58 AM
Parent: #123

يصادرون أحلامنا يا كرم الله !
يصادرون (الحرف) !!
ماله هذا (الحرف) ؟
هل يؤذي؟
وأي أذى ؟
هل لبس الحرف – يوما – رداءا عسكريا وراح يعيث (اخضرارا) في الطرقات ؟!
كم أمقت ذلك (الاخضرار) وأشفق عليه !
يصادرون كل شيء، إلا أرواحنا. و(الحرف) في خلوة سجنـ(هـ) متأمل !
يتأمل الوجود وكنهه، يتأمل الحياة والأحداث، ويخرج أكثر عافية !
فقه المصادرة.فقه الرقابة يقزّم الإنسان ويجفف المحابر.يكبّر الحلاقيم ويشعل النار في الأوراق!
ما أسوأ أن تكبر الحلاقيم وتحرق الأوراق !

Post: #125
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-16-2008, 05:17 PM
Parent: #124

هل تجزعون من حروفنا، أغانينا، ألواننا على قماشة النيل ؟!
نحن، يا (الذين في متاهتهم)، همنا في البرية طويلا، طفقنا نلوّح بأيدينا، ونرسم أشكالا لا معنى لها، وأخرى لها معنى، درنا حول أنفسنا، ورغبنا أن نفصح!
كانت أجسادنا قلمنا الأول، وكانت الأرض والكهوف ورقتنا الأولى.وكانت الفكرة، الفكرة كانت الفضاء المفتوح.صرخاتنا ظلت حبيسة دهرا طويلا إلى أن تجلّى لنا (نور) الكلمة، فخررنا صرعى، واندك طيننا !
بدأت رحلتنا من المجهول وإلى المجهول، نتوكأ على عصا الكلمات.تناسلت.تكاثرت.يا الله، الكلمة الأولى تناسلت.
جيش جرار من الكلام.
كشلالات الضوء.
نقطنا – بالدم – على البياض.بنينا جبالا من الكلام.
قافلة سماوية مرت من هنا يا أيها (الذين في متاهتهم).قافلة من الضوء.
قافلة متعبة مشتاقة عبّت من النبع الأول، وتغذ السير إلى النبع الأخير.
كم يا كرم الله من الحروف والكلمات والمعاني:أرسطو، سقراط، افلاطون، البحتري، الجاحظ، اندريه بروتون، كارل ماركس، دريدا، ابن عربي، فوكو، الطيب صالح، و......!
قافلة طويلة طويلة.
وما يزال (الذين في متاهتهم) يحاولون منع الضوء!
يصادرون الحروف.
يصادرون الأغنيات !
غنّ يا صديقي !
غنّ يا أباذر، فالابداع خالد.
أقسم إنه خالد، خالد جدا.
سنموت وتمّحي آثارنا، ويأكل الدود أجسادنا، لكن كلماتنا وأغانينا ستبقى.
ستبقى رغما عن أنف الظلام، و(كلاب الشرطة المدربة) !

Post: #127
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-17-2008, 05:46 AM
Parent: #125



الحجارة ياعويس..

كان فتى قريش، قبيل الدعوة، وقد احتشد بالروح، مترقبا فجر الطلق الأعظم، لميلاد فكرة، شيبت رأسه الحنون، بسرها، ومظهرها ، و(حقيقتها)، ...
كان الفتى، في طريقه للغار، يسلم على الاحجار، وتسلم عليه...

ازيك يانبي الله..
ويرد الفتى.. التحية بأحسن منها..
وعليك السلام..

أدركت (الحجارة) سره، قبل العقول (........)، أسلمت به قبل (خديجة، وأبوبكر ... كمان).... كما ركعت البقرة الهندوسية في الاصطبل بميلاد نبي الهند العظيم، وبفعلها السابق، الرائد (أي البقرة الذكية)، صارت موضع تقديس، وتقدير، عبر أجيال الهنود، حتى يوم الناس هذا...

وأدرك الحجر، سر (ولاية النبي)، وليس رسالته، أدرك اللغة المشتركة بين الاشياء والاحياء، تلك اللغة، التي تسوق السحب برفق، من جنوب الاطلسي، للقولد، ولأم ضبان، وللتكنية، ولفداسي، ولملكال، ولكتم، تلك اللغة الأم، والتي يجيدها الأمي، والذكي والساذج... لغة تشرح للعقل كمياء الفرح، وتشرح للقلب النشوى، فيضحك الأطفال بلا معلم أو سبورة، وتضاجع الخراف إناثها، بدفق غامر (بلا سبورة، أو شهادة تخرج معلقة على الجدار، وعلاها الغبار).... ويخلق الرحم الأطفال، وتخلق الخمرة النشوة، وتخلق القصائد النشوة، وتخلق الصداقات النشوة، وتخلق الحروف والمعاني المدسوسة فيها النشوة,,
ويخلق الموت النشوة..
وكذا الحياة.. ألم يقل د.هـ لورنس (مها يعرف الموتى، فإنهم لن يعرفوا أفراح كون الإنسان حياً في الجسد)..

لغة الكون بسيطة، مثل الموسيقى، لا تحتاج للحروف، بل أنغام، تأتلف، وتؤلف، من أي (أضان)، في الكون، مثل نظرة أمي، لا تحتاج لشرح، أو حتى تأويل...

هل تتصور، يا ابن إبراهيم، صديق (صلاح جاهين، ورباعياته، وحكمته)... بأن مكتبي ملئ بالحجارة، هنا، وهناك... أحبها، في تكورها، في نتؤاتها... في صمتها، وتكورها، (بين جاذبية الذرات لبعضها), وبين تفاعلها مع الآخرين... القوى النووية,...

(جبل أحد، نحبه، ويحبنا)... أخوة في طريق المعراج، نحو الطلسم القديم، والعرش الكبير...

في التأويل الحجارة هي العقول (فعجله دكا دكا),,, والدك (في خلد العقل القديم)، لا علاقه له (بتصوراتنا الساذجة)... في السحق والمحق، (أليست مقامات في القرب)، لو عرفته (لم يكن هو)، ولو جهلك (لم تكن أنت)، كما يقول سيدي ابن العربي..

الكون إنسان، إنسان كامل، إنسان سوى، محجوب بفكرة (الزمان)، أليس قلبي من لحم، واللحم من خراف ومعاز ودجاج، والدجاج من قمح وجرير، والجرجير من تراب..
فلم لا نفهم الإشارات، والمآل... هذه الإحجار في الطريق، ومن سار على الدرب وصل، بل الطريق لمن صدق، وليس لمن سبق...

والاحجار، تسبق... وتدرك..

بالامس وانا راجع ياعويس بالقرب من الكورنيش، من أجمل منح الله اني اسكن قربه، رأيت نجيلة مخضرة وبها احجار مغروسة وسط الحشائش الخضرا، وقد لطخني الغروب برذاذه، فبدأت روحي ذهبية كسجدي، تملع تحليقا، وأسى، فأحسست بالحجارة، الحجارة ترقد على الأرض، في حلم يقظة جميل، تسترق السمع لوجدانها بصمت عجيب، أخرس الدهش لسانها، فأغمضت عينيها، وأذنيها، وفمها، للأبد، وأصغت جميعتها لصوت النشيد الداخلي، لنبض قلبها، وحده النسيم يجري حولها، لم يقوى على الصبر، فأنتشى مهرولا، هنا، وهناك، يود الاختباء، نكران ذاته، فلم يجد مأوى، فأختبأ في لونه اللامرئي الجميل، (كما يحلو لاستاذ عيسى الحلو)، في قصته الرائعة (ذلك الوجه اللامرئي الجميل)...


الحجارة ياعويس، برضو تقتلنا بجمالها وصمتها، وصبرها، واختيارها هذه الهوية الصامتة، حين جرت مراسيم الاختيار الأولى، هناك، هناااااااااااك، قبل ان يخلق العقل القديم، اكبر سجن (سجن الزمان والمكان)...

طوبى لنا، جميعا... بحداء ذلك العقد القديم، المربك، الذكي.. الغامض..

العويس حبي وحبي



.....

Post: #128
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: تماضر الخنساء حمزه
Date: 04-17-2008, 06:14 AM
Parent: #127

سلامات..

خالد عويس..هذا ال عبد الغني تحييني كتابته في السطر..مرّة..
فله الشكر على الحياة المتجدّدة..ولك.

مودتي.

Post: #129
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-17-2008, 10:22 AM
Parent: #128

سأعود

Post: #130
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-17-2008, 10:35 AM
Parent: #129



اخوي خالد، وبرضو بعود زيك..

انت عارف ياخالد، اخواني عبدالعزيز وعبدالواحد كرم الله، الاتنين كتاااااااااااابين شديد، وهم نقلوا لي جرثومة الكتابة، وعبدالواحد عندو قصيدة بقول

بعود
واكتب، وسط المدائن (مدينة دي حبيبته وزوجته حاليا، اسعدهما الله هنا وهناك)..

مكسي بي حزم الضنى المابهمكم
بعود واكتب واسوق لفح السمو الحار يحرق زيكم,,,,


وعارف عندو مسرحية اسمها (القمر المنحوس وبوادر التنكيل)...

أما اخي الراحل (عبدالعزيز)، فهو رسام وكاتب وقارئ عظيم (اقسم بانه قارئ عظيم)...



وان شاء الله لو مد الله في العمر برجع لكلامك المتفرد، الاصيل:

عن الموسيقى
عن اسرتكم
عن تداعيك الخلاق في كل شئ يمر بخاطرك، بعينك، بخيالك..



وعن (الكوني)، الكوني ياعويس بتعرفو عديييييييييييييييييييييييل... الكوني درويش الصحراء، ونبيها...


ولنا عودة، بالمحبة، والشوق

Post: #131
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خدر
Date: 04-17-2008, 01:18 PM
Parent: #130

عويس التحيات لله يا فنان
سودانيزاونلاين ممتاز و مُحكم والله شكرا ليها كتير و الله يقدرنا علي جزاها
قول لي نجلاء نحن في انتظاركم و جيبو معاكم الدرقات انتو
لانو عندنا بت بتحب حاجتين بس في الدنيا دي
الشكل و البوس
حا تشاكلكم و طوالي بعدها بتعتذر ليكم و تبوسكم
اظن ثمة علاقة دم بينها و المغفور له بإذن الله ياسر عرفات
راجينكم و حبابكم الف





كرم الله ..
طارق انا ؟

Post: #132
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-17-2008, 03:03 PM
Parent: #131

في الأزل، خرج (الحجر) عاريا يصيح: وجدتها !
الحجر (رائي) ..وحكيم جدا.
تدثر – منذ أزله – بثوب الصمت، أليس الصمت (ضيق بالغ في العبارة إلى حد طمسها؟)
هو ابن الوجود.هو بكره.وهو عاشق كبير، وصبور.عاشق للوجود.
حين تغيب الشمس خلف عهن منفوش من السحب المثقلة، يصرخ شوقا إلى المطر.تتفتح مسامه، ويستحم طويلا جدا.تسيل القطرات على حوافه.يلتصق – أكثر – بالأرض/أمه.يتفتح مثل وردة، ويتفتح عن وردة.
يروي عطشه الحارق، وينتصب كمسلة، يقاوم الحركة.سكونه سكون وحركة.حركة كونية.يراقب في سكونه ذاك المجرات والفضاءات فوقه.يراقب النجوم.
في الليل، يغتسل بضوء النجوم.يتلألأ عشقا ووجدا.وحيدا في البرية.وحيدا في عزلته الأبدية.
الحجر أعظم متأمل.
عريه الأبدي بعض من حكمة أسلافه.
تغمره الشمس بدفئها فيختزن الدفء.يغني.يرقص بلا حركة.ترقص روحه.يصلي في الخلاء، ويناجي !


تماضر
عبدالغني كون !

خدر
جاينكم !

عبدالغني
لك محبتي

Post: #133
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-18-2008, 10:59 AM
Parent: #132

ما أسوأ أن تخسر صديقا عظيما قام بتربيتك، وترعرعت في كنفه، كشجرة ضخمة تمدّ ظلالها في النواحي كلها، تقيك الهجير، وتبقي أغصانها وأوراقها في العراء تحت المطر وفي زمهرير الشتاء !
صديق كنت تخشى دائما فقده !
يكاتبني:
بسم الله الرحمن الرحيم
القولد
الأربعاء
17/5/2000
(هذا قبل رحيله بشهر واحد فقط)
الابن العزيز/خالد إبراهيم عويس
التحايا الخالصة والأمنيات الطيبة لكم جميعا آملين أن تكونوا بخير وصحة جيدة ونحن بحمده على خير حال ولله الحمد والشكر.
بعث لي الابن (نصر الدين حسون) لأجهز لك خطابا ليأخذه معه، وها نحن نفعل ولما يمض على خطابنا السابق لك إلا أيام قليلة لتطمئن.وكذلك جميع الأهل بحمد الله بخير.
من الأخبار التي لم تعرفها، نقل (صالح عثمان) لدنقلا مديرا لمرحلة الأساس الولائي وتم نقل (مدثر) لدنقلا وحضر ملازم أول من الدامر، خريج الآداب واستلم النقطة.قفل أو سيقفل يوم 20/5/2000 بنك المزارع فرع القولد ليدمج مع بنك المزارع بدنقلا، ونقل جميع العاملين به، وتجري محاولات للابقاء على البنك في موقعه.
والدة (عبدالعزيز محمد أحمد) توفيت قبل أسبوع وسوف يصل هو بطائرة اليوم عن طريق دنقلا وقد ذهبت عمتك و(فوزية، [ابنة عمي]) اليوم للمبيت والعزاء، والبقية سيذهبون غدا بالمشيئة.
(عبدالرحمن) اشترى تلفزيون 21 بوصة ملون مع "دش" وناس محمد مستمتعين ولربما نذهب يوما ما بالمشيئة إن ظهرت برامج ممتعة.
الوابور الكهربائي [في منزلنا] تولى أمره (قلولة) ولا يكلفه شيء، إذ أنه يحضر اللبن مساء ويدوّر الوابور فلا يكن لك شاغلا.
الحالة هنا كما تركتها فقط كنا نتوقع منك كم شركة قدمت لها وما هي نتيجة الانترفيوهات وهل ظهرت النتيجة.
ونسأل الله عز وجل أن يوفقك بمشيئته.التلفونات نتوقع توصيلها في أواسط الشهر القادم، شهر 6، أو بداية 7 وقد أعلنت سوداتل أنها ستطرح حوالي ألفين خط تلفون من (دمبو) وحتى (كنكلاب) ونحن من أوائل المقدمين وسنخطركم بالرقم بالمشيئة.
(محمد علي أحمد) عاد لـ(كريمة) ليبيع منزله والعودة نهائيا للقولد وقد قضى جل وقته معنا ولو أنه أشتكى من عدم وجودك وقال كان بوده أن يشاغلك في الأمور السياسية !!؟ وفي الحقيقة أن البلدة كلها بالتقريب بتسألنا عن أخبارك.
تقبلوا تحيات الجميع
المخلصون
والدكم إبراهيم عويس وبخيتة
"احتجت والدتك على عدم كتابتي لكلمة والدتك !؟"
ملحوظة: اشتقنا لخطاباتك خاصة ونحن نتوقع أول خطاب أن يكون حاويا لكل صغيرة وكبيرة منذ أن وطئت قدماك الأراضي المقدسة.
انتهى.
كتابته (طاعمة) ! لكم اشتقت إليها، وكأنني أنتظر مغلفا لن يأتي أبدا ! خطه جميل جدا، له أناقة تتسرب من خلالها روحه إلى الأوراق فتحييها.أتخيله جالسا إلى طاولة حديدية كبيرة، حولها مقاعد، مكب على الأوراق، واضعا نظارته الطبية.يسيل قلمه دفقا حميما، يشع على كونه ذاك، البسيط، الصوفي، المتواضع.
يهيم بالناس، ويرى في كل شيء وجودا مفعما بالحيوية والجمال.يضحك حتى تغرورق عيناه بالدموع، فيمسحها بمنديل.
عالمه هذا البسيط، الذي يأبه لأمر اغلاق بنك سيؤدي حتما إلى خراب بيوت، ولشراء صديقه (عبدالرحمن الطاهر) جهاز تلفزيون، ربما..أقول ربما سيذهب لاحقا لمشاهدة بعض البرامج، هذا إن كانت ممتعة، ولـ(اللبن) و(الوابور الكهربائي)، هذا العالم المنسوج من الوداعة والاهتمام لأمر الناس، كبيرهم وصغيرهم، يحادد عالما آخرا، لا يقل اتساعا وبهاءا، عالم (ميكي سبيلين) و(سومرست موم) و(العقاد) و(طه حسين) و(الرافعي) و(أندريه جيد) و(ألدوس هكسلي) و(وليام فولكنر).
كم كان يحب (أندريه جيد) و(ميكي سبيلين) !
سأدرك لاحقا أن تأثيره علىّ كان الأكبر، وأن طعم خسارته لن يزول إلى الأبد.
تأمل يا كرم الله، كم تفعل بنا المنافي، وكم تقسو علينا الأوطان حين تكون في قبضة من يقايضون حياتنا ومتعنا البسيطة بأحلام تذروها الريح، وهتافات خرقاء !
تأمل، كم نسفّ المنافي، وكم تسرق أعمارنا وأعمار من نحب.يرحلون مرغمين على بعدنا.وكأن قربنا كان حياتهم.وكأننا ذبالة قناديلهم !
هي المنافي يا عبدالغني، هي المنافي الجبرية التي نزح إليها الوطن بأسره، لتلحق بنا الأحزان الأبدية.
كم تشتاق أن تسند رأسه على يدك لينام نومته الأبدية وهو قريب جدا منك، من قلبك، لا وحيدا، حتى لو كان الخلق كلهم إلى جانبه !
كم تشتاق أن تسوّي له قبره بيديك، وترش عليه ماء الزهر، مع شطر كبير من روحك !
هي المنافي يا كرم الله، هي المنافي كسرت قلوبنا، وأهدتنا، إلى جانب جرح الكتابة، جرحا في الروح.
قيلولته، والنسيم يهبّ من الأنحاء كلها، يحمل إلينا رائحة الحقول البتول، و(قهوة أمي) !
أين ذاك العالم ؟ كيف انطفأ؟!
حين يقوم لأداء (لذة الفجر)، وصوته يدغدغ جوانحي:
(فبأي آلاء ربكما تكذبان)
الله ! الله !
يعنّ له أن يلقي على مسامعـ(نا) بيتا أو بيتين أثيرين:
(تمتع من شميم عرار نجد
فما بعد العشية من عرار).
والآن، لا عرار نجد ولا عرار القولد، فما من عرار أبدا، وما من رائحة نشمها في المنفى.



Post: #134
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-18-2008, 02:48 PM
Parent: #133

حبات المطر تنقر على الزجاج المموّه.تلفحه بقوس قزح.
على جانبي الطريق، تنمو الخضرة الوحشية على أطراف أصابع الجبال.تسيل شلالاتها على السهول، المخصّبة بالمطر..والموسيقى والأزهار الموسمية، أزهار (الأدّي).
صوت غاسيي مغسول بالضوء والحزن، وممعن في الهرب إلى دمائنا، يسري كغمامة بنفسجية.يقطع نفس الغيتار، ويستحث الساكسفون على النشيج.يمشي صوته على أصابعه الزهرية على حبال الصمت.يموسق الكون.تنضح كلّ خلية بالموسيقى الفاتنة الساحرة.
هي، إلى جانبي.الموسيقى الموشحة بالحزن والفرح، تستنفر حواسها.توقظ فيها حزنا غامضا.
تومض عيناها بلحن أبدي، لا يرقد إلا هناك..في بقعتي ضوئها الأزلي..في انحدارات الهضبة، وموج عشبها.يسيل، كالماء السماوي، على طينتها السمراء، ويقبّل خديها العسليين.يمشّط ضفائرها بمسلّات من كمانة النور، ويمسّد جبينها اللؤلؤي.
صوت غاسيي، نافورة ضوء.تنزلق على وجهها، وتفتح مساماته بالحنين.
هي، إلى جواري، في تمام أنوثتها وسحرها.في كمال بهائها وخلودها.تهتز روحها وتختلج.
روحها النافرة الضاجة بالموسيقى، تطير، كسرب فراشات.
صوته، يطلق آلاف العصافير الملوّنة.وروحها، هي، روحها، تأتلق وتضيء.تمشي رعشة الضوء والأنغام الحلوة في خلاياها.يشتعل شوقها الأزلي.ترتج روحها..تعانق الأنغام.تلصق ذراتها الحارة على جدار روحها.تندغم فيها.تلونها.تفجرها.يضج جسدها - الأسمر - بالشهوة الخلاقة.الشهوة المبدعة.تلامس بقدميها خلايا الأرض، ويحلّق جسدها في فضاء ملوّن.تسقط الشمس – لاهثة – على شعرها.تذوب أصغر الأنغام في أصغر برعم نابت في قلبها.
سانيتا ترقص !
يا الله !!
يا إلهي !
تذبح نفسها قربانا في هيكل حبّ عاتي.تزحف على حشاشتها في حقول القرنفل والقهوة.يخفق جناحاها الخضراوان في فضاء الألحان.
يا إلهي..إنها ترقص..!!
شهية الروح، وطازجة الدهشة.
كحمامة مرّت سكين الموسيقى على عنقها الجميل.يغمى على جسدها، وتبقى روحها منفلته خارج مدار الكون.تشكّل كونها الخاص:الرقص.
يمور شلال شعرها الأسود
تكاد روحها - روحها تحديدا - تخترق قفصها الصدري
تنفر حمامتاها
تطيران
تنقران على شبابيك الكون
سانيتا ترقص
يتشكّل الكون كلّه، الكون الضاج بسحرها وفتنتها:فتنة الرقص

Post: #135
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-18-2008, 03:30 PM
Parent: #134

(هذا طينك ..طينك..طينك.. تتقاذفه الطرقات
بليل المنفى والامطار
دلتني الاشعار عليك
فكيف ادل عليك بجمرة اشعاري
جعلتني الدمعات كمنديل العرس طريا
لا اجرح خدا
خذني و امسح فانوسك في الليل
نشع بكل الاسرار) – وتريات ليلية / مظفر النواب رضي الله عنه

والمنفى – يا عبدالغني – كتاب لا ساحلين له.كتاب حارق، لا تقرأه إلا في الليل، وبساتين الحزن تنمو بأطراف قلبك.
والقلب دغل.
القلب دغل من حرّ البساتين.
القلب يفليه الحزن، وينعس فيه.
ليل المنافي طويل، و(ليل العاشقين طويل) !
في الليل تضيء فوانيس القلب المتعب..في الليل.
الليل نفسه حزين.
و..آهـ (كان تعب منك جنااااح في السرعة زييييييييييد)
مشتاق لوطني النيل، جدي النيل.مشتاق أن يربت على وجعي.مشتاق أن يذرف دمعة على غربتي ووجدي.
مشتاق لوطني النيل.
في الغربة نقتات الثلج.حتى الدفء الثلجي ثلج.
وقناني العمر تفرغ.تتقطر فوق رمال الصحراء.تتبخر قطراتها بفعل الهجير.
وحشة النهارات وسأمها تحطّ كحشرة سامة على تفاحة القلب.وفي الليل، تنهشنا الرغبات النيلية.يقتلنا خمر النجوم التي تدليّ أغصانها على النيل.تسبح فيه، وتورق ضوءا.


Post: #191
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Tareq Siddiq
Date: 05-04-2008, 10:28 AM
Parent: #106

Quote: إن أشعة الشروق، كلها، في قريتي، هم في الأصل تلاميذ نجباء (كالأنبياء والشعراء)، أرسلتهم الشمس، كي يصبغوا الحوائط والأشجار والبيوت بروح شاعرية، أمومية، فتحس بأن الاشياء هي امتداد لك، كأطرافك، كجوارحك، كأسرتك، كوطنك، كماضيك، كغدك..


يااااااااا الله

الأنيق عبد الغني كرم الله

يا رجلاً من زمانٍ جميل .. يتراءى لي من بعيد ولما لم أكن قد بلغت سن التأمل يومذاك انتظرت ربيع عمري حتى تآكل كله بلا صقيع ...!!

التقيتك يوم كان لبغداد العرب مجدٌ أثيل وصولجان .. !!

مذ عرفتك يومها كنت أنت صوتاً والصدى خلفك لا يردد ما تقول بل يختلق من وجده حرفاً جديد .. !!

شكراً للسماوات التي منحتنا لك مرةً أخرى بعد طول غياب ...!!

كل المودة والتقدير ..!!


طارق صديق كانديك ..

Post: #136
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: لؤى
Date: 04-18-2008, 03:44 PM


عزيزي الأديب الأريب خالد
تحايا بقامة أهل هذه السّاحة

إن كان موتسارت وكما قيل بأنّ الشياطين هي التي كانت تلحّن له
فأنا على يقين بأن هذا العبد الغني كرم الله تكتب له الملائكة

الرّجُل لفتت نظري له شقيقتي لمياء
وقد كانت تلك أثمن هداياها لي




صادق الحُب والإعزاز

ـــــ
أنا في البعيد مشتاق لهمسة من الوطن يا نسمة


Post: #137
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-18-2008, 04:10 PM
Parent: #136


لؤي (الفنان)
أنا في شك من أمري، أهي الملائكة وحدها أم معها الشياطين (أيضا) !!


Post: #138
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-20-2008, 05:18 AM
Parent: #137

Quote:
بسم الله الرحمن الرحيم
القولد/الأربعاء 17/5/2000
الابن العزيز/خالد إبراهيم عويس

التحايا الخالصة والأمنيات الطيبة لكم جميعا آملين أن تكونوا بخير وصحة جيدة ونحن بحمده على خير حال ولله الحمد والشكر.
بعث لي الابن (نصر الدين حسون) لأجهز لك خطابا ليأخذه معه، وها نحن نفعل ولما يمض على خطابنا السابق لك إلا أيام قليلة لتطمئن.وكذلك جميع الأهل بحمد الله بخير.
من الأخبار التي لم تعرفها، نقل (صالح عثمان) لدنقلا مديرا لمرحلة الأساس الولائي وتم نقل (مدثر) لدنقلا وحضر ملازم أول من الدامر، خريج الآداب واستلم النقطة.قفل أو سيقفل يوم 20/5/2000 بنك المزارع فرع القولد ليدمج مع بنك المزارع بدنقلا، ونقل جميع العاملين به، وتجري محاولات للابقاء على البنك في موقعه.
والدة (عبدالعزيز محمد أحمد) توفيت قبل أسبوع وسوف يصل هو بطائرة اليوم عن طريق دنقلا وقد ذهبت عمتك و(فوزية، [ابنة عمي]) اليوم للمبيت والعزاء، والبقية سيذهبون غدا بالمشيئة.
(عبدالرحمن) اشترى تلفزيون 21 بوصة ملون مع "دش" وناس محمد مستمتعين ولربما نذهب يوما ما بالمشيئة إن ظهرت برامج ممتعة.
الوابور الكهربائي [في منزلنا] تولى أمره (قلولة) ولا يكلفه شيء، إذ أنه يحضر اللبن مساء ويدوّر الوابور فلا يكن لك شاغلا.
الحالة هنا كما تركتها فقط كنا نتوقع منك كم شركة قدمت لها وما هي نتيجة الانترفيوهات وهل ظهرت النتيجة.
ونسأل الله عز وجل أن يوفقك بمشيئته.التلفونات نتوقع توصيلها في أواسط الشهر القادم، شهر 6، أو بداية 7 وقد أعلنت سوداتل أنها ستطرح حوالي ألفين خط تلفون من (دمبو) وحتى (كنكلاب) ونحن من أوائل المقدمين وسنخطركم بالرقم بالمشيئة.
(محمد علي أحمد) عاد لـ(كريمة) ليبيع منزله والعودة نهائيا للقولد وقد قضى جل وقته معنا ولو أنه أشتكى من عدم وجودك وقال كان بوده أن يشاغلك في الأمور السياسية !!؟ وفي الحقيقة أن البلدة كلها بالتقريب بتسألنا عن أخبارك.
تقبلوا تحيات الجميع

المخلصون
والدكم إبراهيم عويس وبخيتة
"احتجت والدتك على عدم كتابتي لكلمة والدتك !؟"
ملحوظة:
اشتقنا لخطاباتك خاصة ونحن نتوقع أول خطاب أن يكون حاويا لكل صغيرة وكبيرة منذ أن وطئت قدماك الأراضي المقدسة.

Post: #139
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-20-2008, 06:14 AM
Parent: #138



عزيزي،عويس،
هذه بعض، من كتابات قديمة، ... خواطر،وخربشات، ومواضيع لم تكتمل، وطوى النسيان صفحتها..


Quote: شكوى شاب
من وطن مهاجر

هاجر المهندس الناجح ليبني بيوت برلين
وهاجر الطبيب الناجح لعلاج مرضى سيدني
وهاجر التشكيلي الناجح إلى جاليرات امستردام
وهاجر الفلاح الناجح ليفرش النبق في ثرى المدينة
وهاجر المفكر الناجح لواشنطن
وهاجر المعلم الناجح ليدرس تلاميذ سلطنة عمان
وهاجرت بائعة الهوى الجميلة لتسعد أزقة طرابلس
وهاجر اللص الماهر ليسرق شوارع دمشق
وهاجر الصعلوك إلى حواري روما
وهاجرت المربية الناجحة لترعى أطفال الخليج
وهاجر الولي الصالح إلى صومعته النائية
وهاجر المخلص إلى البرزخ
فأي وطن بدون هؤلاء..
.........
ولكن تركوا لنا الدكتاتور الغاشم ومعلمي الهوس وأسراب البعوض، وصحف صفراء، وحرب ضروس، وديون طائلة، ويتم كبير.
.........
رددت بأسى...

طوبى لمن أكلوا خبز الوطن في الزمان الحسن، وأداروا له الظهر يوم المحن
(أمل دنقل)..



هذه الخواطر، كتبتها، قبل أكثر من عقد من الزمان، كنت في الخرطوم وذهبت لفلان (من حركة القوى الوطنية في بلدي)، وذهبت لعلان (قاص واديب كبير)، وذهبت وذهبت، كنت ضالا، مرهقا..
وكل الإجابات كانت...

سافر برة..

والله والله حزنت حزن مبالغ فيه،...




مع فائق حبي..
وأعاد الله كل هؤلاء للوطن..


...

Post: #140
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-20-2008, 06:21 AM
Parent: #139



كيف تتذكرون الوطن؟؟....

من وقائع الهوان، التي تعتيرني، في الغربة، ملكة "التذكر"، كيف أتذكر وطني، كيف تتذكرون الوطن؟؟،
أحس بأنها ملكة ناقصة، ضيقة، إضيق من إطار الوطن، ناهيك عن جوهرة، لا تخزن ما جرى، كل ما جرى وغاص في الماضي من احداث وانفعالات، كما ينبغي.
كيف اتذكر الوطن كله، صورته، ذاته، جلاله، فالذكرى قوى دفع، لسهم الزمن من الماضي للحاضر، للغد، ينسج الغد، من حرير اليوم والأمس، بل والأمس البعيد، ومن هنا يأتي الاعتداد بالتراث، والأطلال، والأيام السالفة،...

صورة وطني في ذهني باهته، أحس بأن مرآة التذكر لم تعكس حقيقته، جوهره، كما ينبغي، حين تعجز عن عكس صورته "كماهو" ... هانذا اتذكر الوطن، الخرطوم، لا... الحركة الوطنية، لا، طفولتي، .... اخواتي... أريد صورة في ذهني تصهر كل شئ، تصهر التاريخ مع الحياة ، مع والفرح والمجد القديم والاخفاق، صورة تجسد معنى الوطن، صورة تعيد لي (كل الماضي)، كما أحس بالحاضر..، بل أبهى، وقد ابتعد الماضي عن أرنبة الأنف، كي يرى بصورة صادقة، ومحايدة، وتحليلية، كي أحس به، ليس على مستوى الحاضر، بل الآن،

نعم الآن، وأنا جالس في كرسي، أرغب وأعمل على تذكر وطني، على رسم صورة في خيالي، في ذاكرتي، كيف حال وطني، كله، أهله، النائم منهم، والصاحي، الحرامي، والبسيط، أحاول تقمصهم، الاقتراب من ذواتهم، بل أكون هم، وهيهات، تفر الذكرى، ويفر الخيال، ويتركوا الذهن حزينا، منكسراً، عاجزا...

أحيانا، أحس بأن ذكريات الطفولة أكثر انصافا، وقربا من قلب "مفهوم الوطن"، وشاعريته، أحس بأني والوطن شئ واحد، نبض واحد، في الصحراء، كما في الغابة، لي علاقة حميمة، وجدلية، مع دينق، مع آدمو، مع الشرق، مع أمي، مع احلام المتصوفة، وقدراتهم في بلوغ الاستحالة "الواقعية"... مع أحلام الطفولة، والتي كانت تتخذ شكل الممكن، والمقدور عليه، قبل أن تسافر للاستحالة، و(ياخي مستحيل)، حين مضى "الاكسير"، وخاتم المنى، بعيدا، عن متناول القلب الطفولي العظيم..

أحيانا، أحاول التحايل على التذكر، فأشغل اغنية وطنية، مثلا (معبد القدسي، وداعا، بصوت حنان النيل)، أو أنا سوداني "للعطبرواي، وأحيانا، (وطن النجوم، حدق اتعرف من أنا)، لا أكذب، تجعل الاغنية صورة الوطن قريبة من التصور الحقيقي للوطن، تغدو احاسيسي شبه ناضجة عن الوطن، بل يحصل سكر موقت بكيان الوطن، وحبه، كل ذلك تحت ضرب طبول الاغنية، ولحنها ومعانيها، ولكن ايضا تفشل، في عرض صورة الوطن في الخيال كما هي، أنحن نتصور اشياء ضامرة، بعيدا عن الأصل، أنحن نتصور أوهام،..

أحس بأن عملية التذكر أكبر من صور ذهني الحاضرة، التذكر إدراك لقوى فكرية وروحية ونفسيه، تصيغ جينات خيالي، وقدرة حواسي على تمثل الماثل، وهضمه، وتوظيف " قوى دفع الماضي"، كي اجري مع تيار "وعي الماضي"، وعثراته، وهفواته، و"بركته"...

شلال الزمن يمضي، في طريقه القديم، نحو الغد، والغد ينسج في غياب "جزئي لعيون الحاضر، والماضي"، هناك من يرون ذلك، ولهم الحق (لا انكر شئ على الإطلاق)، بحواس كل يوم اشك في قدراتها، وجهلها، وعلى رأسها (ملكة التذكر)، أو قل غريزة التذكر..

قرأت، وشاهدت بعض المحاولات "الدينية، والعلمية"، لاستدعاء الماضي "مثل التنويم المغناطسي، أو الخشوع، أو جلسات التأمل"، كي ترى شريط نفسك (في كل حيواتها، وماضيها العريق)، امامك، متخذا من وصية العالم/العارف "من لا يعرف من أين جاء... لا يعرف إلي أين يسير"، ...

من أين جئت.. (ماهي رسالتي)، التي أرسلت لجلبها من دكان الحاضر والمستقبل، أذكر في طفولتي بأني كنت كثير النسيان، حين أرسل لجلب (الباكنبودر)، فأنسى الأمر، وأعود للبيت بشئ غيره، أو ألعب في الشاعر..

والآن، نسيت رسالتي، لم أعد أذكر شئ، (وإن كان هناك حنين داخلي، أو قل ضوء، بل صوت يحثني للمضي لذلك الشي، والسهر على اكتشافه)، ولذا تجي ممارسة الكتابة، كمعراج لذلك الشئ الخفي...

نعم اذكر اشياء عن وطني، خارطته كالقلب، مجده، رجاله البسطاء، ولكن الصورة في ذهني ناقصة ناقصة مبتورة، مشوهة، (ليس تشويه سياسي معاصر)، أقصد مفهوم "الوطن"، كتجلي في النفس، كما تتجلي عبقريات آخر في الحس والتذوق، على خارطة الجسد..
نموذج، حاليا أحاول تذكر (أخي الراحل)، عبدالعزيز، شخص فريد، صوته، بشاشته، حبه الاصيل للادب، نقاشي معه عن الروس، والفرنسين الجدد، آلان روب، وبورخيس، ولكن الصورة شائهة، هذا ليس آخي، أقصد في ذاكرتي، كم ناقصة هذه الملكة، كيف اطورها، حتى أرى أخي كما هو، بل كما اشتهي، أهي الجنة، حين تتعالى ملكة التذكر، وأختها ملكة الخيال..
تجربتي مع التذكر، تتخذ ايقاعات مختلفة، من وقت لآخر، حينا، يبدو الوطن كله، ماثلا في تلك الصورة الذهنية، بصورة من الصور، وحينا تبدو المعاناة لوحدها، وحينا يبدو شكل طروب، فكيف استخلص من هذه الصور، صورة الوطن، وهذا يقود للمعضلة الكبرى (الواقع كما هو، والوعي به)،..... وهنا تتدخل الحواس كمعيار...
كان الله في عوني، غير قادر على تذكر الوطن، على الإطلاق.. لا اكذب، هناك فترات صغيرة، أضيق من (الفيمتوثانية)، بل بكثير، أحس بومض ما، بصورة للوطن كله، كله، ما كان وما سيكون، ولكنها صورة ذهنية اسرع من البرق، تمر، تاركه خلفها حيرة كبرى، ودهشة أكبر، وليس قادر على اجترارها، وإعادتها لإطار الذهن، كي أتأمل صورة وطني..
اغرب الاشياء، ان الجينات تتذكر طريقها، فالانف تم تشكيله، والساق، والجمجمة، بخريطة سير واضحة، من الحيوان المنوي والبيوضة، وهكذا سارت تلك الجينات، سواء في ظلمة الرحم، أو خارجه، حتى اكتمل الشكل الإنساني المعروف، وقد نفذت الجينات الوصية، وسارت في خريطة طريق تعرفها هي، رسمتها اقدار ووقائع قديمة، قديمة (لا أذكرها، كحال وطني اليوم)..
تذكر امي، روحها "ذلك الدفء العظيم"، ولاشك صنو التذكر هو الخيال..
كيف اتخيل وطني، هناك خيالات كبرى "سياسية"، ودينية، وفكرية، فنقد يتخيل السودان المقبل، وكذا الشهيد جون قرنق، وكذا الاستاذ محمود، وكذا الصادق، والترابي، الجميع يتخيل الوطن (بريشة وأقلام مغروسة في عقولهم، وقلوبهم)... للخيال علاقة جدلية بالتذكر، بالذكرى، بتاريخنا القديم كله، بوقائع الحياة الماضية، ....

تمارين التركيز، محاولة ترك الذكرى تسير بيدها، كما هي، تعتني بنفسها، كسحابة في سماء الخيال...

بربكم، كيف تتذكرون الوطن، وهل الصورة عندكم كاملة، وواضحة، وجلية، بحيس تحسون بالمريض بالمستشفى، وتحسون برمال الصحراء، وتحسون بالاشجار المحيطة بجوبا ورمبيك، وبالمقابر، وباللذة المحرمة ببيوت العاهرات، وبأنفاس الذكر في خلوات الثلث الاخير، أي تحسون بالوطن كله،..

أم الصورة شائهة، مثل صورتي، ومبتورة، ومع هذا اتكلم عن "معنى الوطن، وسره، و دفقه، وغده الباسم"..

فعملية التذكر، على مستوى الوطن، أو النفس، تجلي الكثير من الغموض للنفس واننفعالاتها، وخجلها، وقوتها، فصدى التربية ينعكس على مرآة اليوم، بصورة من الصورة..

كيف اتذكر وطني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كما هو... وليس كما يتراءى لي...




...

Post: #141
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-20-2008, 11:51 AM
Parent: #140


Quote: بربكم، كيف تتذكرون الوطن، وهل الصورة عندكم كاملة، وواضحة، وجلية، بحيس تحسون بالمريض بالمستشفى، وتحسون برمال الصحراء، وتحسون بالاشجار المحيطة بجوبا ورمبيك، وبالمقابر، وباللذة المحرمة ببيوت العاهرات، وبأنفاس الذكر في خلوات الثلث الاخير، أي تحسون بالوطن كله،..

أم الصورة شائهة، مثل صورتي، ومبتورة، ومع هذا اتكلم عن "معنى الوطن، وسره، و دفقه، وغده الباسم"..

فعملية التذكر، على مستوى الوطن، أو النفس، تجلي الكثير من الغموض للنفس واننفعالاتها، وخجلها، وقوتها، فصدى التربية ينعكس على مرآة اليوم، بصورة من الصورة..

كيف اتذكر وطني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كما هو... وليس كما يتراءى لي...


Post: #142
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 04-20-2008, 01:32 PM
Parent: #141

يا لهذا الخيط لو تم تفصيله كتابا
يتداوله العشاق والمتصوفه والفقراء

Post: #143
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-20-2008, 04:20 PM
Parent: #142

Quote: طوبى لمن أكلوا خبز الوطن في الزمان الحسن، وأداروا له الظهر يوم المحن
(أمل دنقل)..



محمد
بعد فراغنا من هذا النزف/الكتابة/الجراح/اللذة/الطريق/الكشف/ ربما نفكر - هذا عن نفسي - في الكتاب.

كرم الله
ياأخي أنت (تسوط) بأصبعك الروح حتى تصرخ بأعلى جراحها !!
الوطن !!
الوطن؟!
تعرف، أحيانا أتخيل أن الذين يدورون حول (الحلقة) يرقصون على ضوء النار، يماثلونني (فيه) !!
الوطن والذاكرة !!
وكم ترهق المنافي الذاكرة.تشوشها.تطمسها!!
تومض الأشياء والأحداث فجأة.تتروح تتجمع كالسحب، ثم تهطل مطرا صرفا للحزن والأسى درجة أن تشرق بالبكاء !
أيّ وطن هو ذاك ؟
أي وطن، وطن الطفولة أم الصبا والشيطنة، أم وطن الشباب؟
والمؤسي حقا يا كرم الله أن الأمل يتضاءل.
كحبيبة أسطورية يفتك بها (السرطان)، و(الأطباء) في شغل عنها.
تود لو تشتمهم جميعا وتسب (سنسفيل) أهلهم.
ألم يروا عينيها؟
ألم ترقص الشموس على وجنتيها؟
ألم تذوب الأزهار في شفتيها ؟
مالهم ؟
فليذهبوا جميعا ولنداويها بقلوبنا.من قال إن الحب لا يشفي؟
من قال إنها لا تستحق الحب ؟!
أحزن أكثر - يا كرم الله - حين أعود إلى (هناك).أحزن حين أرى اللا مبالاة في عيون المتنفذين.أن هذا كله لا يعنيهم، ولا يمثل لهم شيئا، سوى (الشعارات).
أوتعلمون ما هو الوطن؟
والله إني لأشفق على هذه الصفحة من كتابة هذا..(الوطن) !!
يا الله !
الوطن ؟
هذا الذي - كسيزيف - نحمله صخرة/وردة على أكتافنا، ولا يثقل كاهلنا أبدا، إلا بالحب والوجع والحزن!
..عازة ما سليت وطن الجمااااااااال
ولا ابتغيت بديل غير (الكمال) ..
تخيل يا عبدالغني، هذا الـ(خليل) كم هو نبي نبيل.
لا يبتغي له غير (الكمال) !!
أخشى يا عبدالغني أن نموت منفيين، وندفن بعيدا عنه.
في هذه الحالة لن ندخل الجنة !!!
وهل يدخلها من لم يغسل جسده بماء النيل، ومن لم يسند رأسه ليغفو طويلا على ترابه؟!







Post: #144
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-21-2008, 11:37 AM
Parent: #143

الأخوة الأعزاء
المامون، ومحمد عبدالجليل..

والله، من البوست ده حسيت بأنو درب الكتابة وعر، وبأنو اهلي كتاااااااااااابين شديد، وبأنو الزول بحبو امامهم، وهم ابطال مارثوان عظام، وبس اجر المناولة، والله يسعدني، بل افرح، ان أكون أخ مع مجموعة اخوة في طباعة كتاب مشترك، نتغازل فيه، ونبكي، ونطرح الهموم والاسئلة، ونترك لقائد السفين الاخ العزيز خالد عويس، اختيار الاسم والمواضيع التي تعجبه وتسره في البوست كله....

وله مطلق التصرف،


عميق سلامي ومحبتي..

Post: #145
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-21-2008, 02:48 PM
Parent: #144

***
كل كتاب لذة على نحو ما !
كل كتاب يفتح كوة على عالمه الخاص !
قرأت باكرا جدا (بيدبا الفيلسوف) و(دبشليم الملك).قراءة مرتعشة على حواف عالم مدهش – في ذلك الوقت، وإلى الآن -! عالم لا حدود له.وهو الوقت الأنسب لقراءته.فالقلب طري، والعقل كذلك.والفواصل لم تقم بعد، الحق إنها لم تقم أبدا، ربما، بعد ذلك.
كتاب من هذه الشاكلة يلتصق بالروح، وتتماهى معه عوالمك.يضحي بأسره جزءا من عالم الطفولة الملوّن.تروح تحاول اكتشاف عوالمه المجسدة بالفعل أمامك.الأبقار التي ترعى وسط خضرة زاهية، ولا تتحدث كثيرا.الأبقار كالأمهات على نحو ما، بسيطة وطيبة.جربت كثيرا أن أشرب اللبن من الضرع مباشرة.دافيء وحلو.أليس في ذلك نوع من علاقة مركبة ومعقدة، علاقة (اللبن) ؟!
كان يروقنا أن نتابع الأخاديد على الأرض بحثا عن (الورل) ! نزق وكثير الهياج.لا يأمن أحدا.له (سيكولوجية) معقدة، ربما أملتها علاقته بالإنسان والحيوان !
لكنه جميل حين ينزلق على الأرض المشعوشبة ساحبا ذيله وراءه ليختفي في حفرة كبيرة ونحن نطارده.
والكلاب ! عشيرة وفية وتنطوي على سجايا سمحة.(أعجبني تتبع بابلو نيرودا للنباتات في سائر أرجاء أمريكا الجنوبية في أناشيده العظيمة، يا الله كيف استطاع هذا المجنون رصد كل تلك العوالم شعرا؟ ).
والإبل ! حكيمة جدا وصبورة، لكنها تفيض أنفة.تحدق في البعيد، وتخفي في أعماق عيونها حزنا أبديا.حتى الحمير، وإن بدت سطحية إلا أنها في كهولتها تصبح أكثر حكمة وترو، وبوسعها أن تحدثك في عبارات موجزة عن خبرتها الغنية في الحياة، وعن أسرار زهدها!
ويقتلني نبل الخيول. في (دنقلا) المئات منها تجرّ عربات الكارو، وتعيش حياة بائسة !! (سبحان الله ألم يقولوا لنا إن بعانخي غزا مصر بسبب الخيول؟). وعلى الرغم من فقرها المدقع ومعيشتها الضنكة، كانت تلك الخيول كأمراء جار عليهم الزمان، لكنهم لم ينسوا طقوسهم الملوكية !
يا الله، أكان سينفتح كل ذلك العالم أمام ناظري لولا (بيدبا الفيلسوف) و(دبشليم الملك) ؟
ويقولون في بساطة لا تخلو من السذاجة (هذا إن لم أقل سذاجة مفرطة): يا هندي، كناية عن الضعة والغباء !!
وهل من أمة في الأرض – بما في ذلك أمم الحيوان والنبات والأحجار – ليس لها من العلم والمعرفة نصيب ؟!
من يقول لهم ؟ من يقول إن هذا الـ(هندي) سليل بوذا وشيفا والـ(نيرفانا) ومهاتما غاندي وحتى (الكاماسوترا) ؟!
كم هذا الكون شاسع وكم نحن نرى في ضآلتنا شأنا وأيّ شأن !!
(بيدبا) يا عبدالغني هو (معلمي) الأول، وإن شئت الدقة، فإنني ألمح في عطر كتاباتك نفحة منه.هذه الرؤية المتشربة روح الوجود وينابيعه الأزلية، الساعية لفحص الموجودات وبثّ الحب منها/فيها.
فالأصل هو الحب، وهو المنتهى!

Post: #146
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-21-2008, 02:53 PM
Parent: #145

***
ثم..
(ليت شعري هل دروا أي قلب ملكوا
وفؤادي لو درى أي شعب سلكوا
أتراهم سلمو أم تراهم هلكوا
حار ألباب الهوى في الهوى، وارتبكوا) – سيدي محي الدين.
أترانا هالكين يا كرم الله أم سالمين؟ وكيف لنا أن (نعرف) ؟
ثم أليس هذا الشوق المعربد للتي (حتى الطير يجيها جعان) هو شفافية ما بعدها شفافية، أن يحنّ الطين إلى تربته، والماء الخالد الذي مزج منه ؟!
أيّ طير يا كرم الله (يجيها جعان) الآن، وطيورها ذبيحة، وريشها منتوف؟!
ترى هل تمر بسمائها الآن أسراب (الرهو)، يا الله يا كرم الله أسراب الرهو !!
ياااه تلك (المسبحة السماوية التي تتلون بالشمس وتغمر الإنسان بمشاعر صوفية، حرة، كونية، وعذراء في كل مرة) !
كم أسكر بها، وكم أبكي في حضرتها، وفي غيابها.
(لو شغلت بالخلد) عنها، لأخترتها هي.
ألعن ذاكرة يا عبدالغني هي التي تتوق إلى تشكيلها وما من سبيل إلى ذلك.فالشعرات البيضاء تنمو على أطراف القلب.ألعن ذاكرة هي التي تحلم بنظمها حبة حبة، و..تبكي، كأنك على البرزخ.
يا حبّها يا عبدالغني، يا الشوق إليها، يا ...الله !
ما أسوأ أن تحب حسناء جافية، وما ألعن ذلك، ما أمرّه.أنثى، (فدا لها العمر)، مجللة بالجمال، مرشوش عليها السحر، مرشوشة الفتنة، تناجيها كلّ ليلة، تتوسل إليها، وتدرك أن قلبها لم يقدّ من حجر، أن قلبها يسع العالم، حنونة، بهية، مغسولة بالضياء، متوردة، وردة، زاهية، لكن ..!
ما بالها يا عبدالغني ؟
(لماذا تركوها؟
هل كانوا عشاقا؟)
ونحن، ألسنا عشاقا كبارا، نتوضأ بماء عينيها، ونسقي قلبها/الزهرة بأرواحنا، ونلثم أطراف ثيابها، ونسيجها بالأغنيات والنيل؟
ألسنا مقتولين – ألف مرة – في عشقها ؟!
هذه التي تسامر النجوم، وتدلي القمر من شرفتها الليلة، وتغازل الكون ببهائها، وتسكر بنا ؟!
هذه الحلو(ة) المر(ة)، التي وهبتنا بعض الأسرار، فلما دخنا احتجبت !
أشتهيها يا عبدالغني، أشتهيها، و(إملأني بها علنا يا مولاي، فما أخرج من حانتها الكبرى إلا منطفئا سكران) !
أشتهيها، ولكم أن تخبروا عني، فقط فكوا اساري، لا تفكوه بالله عليكم، قيدوني أكثر، مرجحوني على جبينها، واحفروا لي قبرا في قلبها الأخضر.
يا هؤلاء، دقوا مسامير على يديّ ورجليّ، وأصلبوني على حائطها، لأكون (مسيحها)، لأكون (حلاجها).
ونم بقربي يا عبدالغني، فما يهجس بها إلا العشاق/المريدين الكبار أماثلك.
أتلُ نشيدك أو نشيجك يا عبدالغني، فأنا/أنت أ(ت)شتهيها وأ(ت)شتهي أن يشتهيها الكون بأسره !
ولندنُ قليلا من سيدي محجوب شريف، (الشيخ الأكبر) محي الدين في عشقها.
يا سيدي..
(علمنا..) !
يا مفتري!!
كيف تعشق – وحدك – أنثى بكل هذا الجلال؟ إمرأة بهذه العظمة؟ كيف طفت – وحدك – حول كعبتها، ودنوت حتى وقف بباب الـ...؟ كيف؟
سيدي محجوب
يا أيها العاشق الذي (باح) و(شطح) ثم هام هياما كاملا، وحمل عصاه وضرب في البرية، علمنا !!
ويا عبدالغني، مرة أخرى ستصيبني الأسماء بالجنون، فتأمل ..(محجوب) (شريف) !!
يا محجوب سرك باتع.يا محجوب المسير إليك/إليها/إليكما طويل طويل، والدرب شاق، الدرب شاق.
يا نبي !


Post: #147
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالله عثمان
Date: 04-21-2008, 05:01 PM
Parent: #146

I am following this juicy post
dear khalid, sorry for writing in english, I sent you a message in the messanger, please check it
abdalla

Post: #148
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-21-2008, 09:39 PM
Parent: #147

عبدالعزيز وعبدالواحد كرم الله !
ليتك تكتب عنهما أكثر.فروحك لا شك مملوءة بهما، بالنقش الدقيق الذي خلفاه على جدرانها.ذاكرة الطفولة البيضاء الرائقة كماء زلال التي اختزنت صورا كثيرة لهما.
حدثنا يا عبدالغني، حدثنا عن هذا العالم الفسيح الذي شكّل هذا العالم الفسيح المسمى مجازا:عبدالغني كرم الله !
...
(الكوني) يا كرم الله كوني فعلا.
يا الله، هذا (العارف) البسيط الغني، كنز، الاقتراب منه، اقتراب من نبع ونار.قلب كبير يحنو على الإنسانية كلها، ورؤية واسعة جدا، تضيق معها العبارة إلى أقصى مدى، حتى لتكاد تنطفيء في (ناره) !
تعرف يا كرم الله، بعض (الكبار..الكبار) حين تقترب من عالمهم، ويسعدك الزمان أن يعدوك ضمن دائرة ضيقة من الأصدقاء، تنفتح أمامك عوالم تزداد اتساعا وفسحة.
معه، الوقت ليس الوقت، والمكان ليس هو المكان.
حتى بحر (دبي) يستحيل في حضرته إلى بحر حكيم جدا، يدلي موجه بأقوال عميقة !
إبراهيم الكوني كشف واكتشاف وطريق. هو هبة في طريقي، والله، هبة كبيرة جدا، أعرف قيمتها الآن، وسأعرفها لاحقا أكثر.
هو كتاب ضخم.وما من أحد حرضني وحثني على (العزلة) كما فعل هو.وما من أحد ألقى في روعي بشكل لا يقبل الجدل، أن طريق القراءة العميقة والكتابة يمر بـ(الاعتكاف) و(الاعتزال) كما تدبر ذلك الكوني، من طرف خفي.
والله يا كرم الله إني لأقبل أن أدير ظهري للعالم كله، لأسير حاسر الرأس، رث الثياب، حافي القدمين، قائما على خدمته، كحوار يتعلم ويصعد ويتكبد ويكابد.
هذا عالم يغني عن العالم.
...
أما الكتاب يا صديقي، فأنا طوع أمرك، ويسعدني أن أتشرف بوضع اسمي إلى جانب اسمك في كتاب.
دعنا نتدبر الأمر.

Post: #149
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-22-2008, 10:55 AM
Parent: #148

*

Post: #150
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-22-2008, 11:12 AM
Parent: #149

عزيزي عويس،

بالأمس، ياريت لو كنت معنا، كنا في حمى الافلام التسجلية، في مهرجان الجزيرة الرابع، كان العرض جميل، ومؤثر، افلام حقيقية، ابطالها هم الاصل والفصل، مش ناس هوليود، وبوليود، حين تكون يدهم في الماء البارد، ويد (تمثيلهم في النار)، يمثلون ادوار الفقراء وهم أغنى الناس، والنائحة الثكلى، ليست كالمستأجرة، وأن ناحت وصاحت..

كان مساء جميل اخي عويس..
إليك ما سطره القلم على عجل، وعلى نيه للعودة لذات الموضوع، بتروي اكبر، ودراسة اتم..



---------------------------------

روضة أطفال
مهرجان الجزيرة الدولي الرابع للأفلام التسجيلية
الاثنين 21/4/2008
(معا)
together
فندق شيرتون، قاعة المجلس


يصور الفليم حياة مجموعة من الأطفال داخل الروضة، وتغيرات سلوكهم خلال فترة التعليم...

يبدأ الفليم بمشهد معهود، وهو (انتزاع الطفل من حجر امه)، وزجه في جحيم الروضه (كما يتراءى له)، وهو يتشبث بأمه عند الباب، وكانه شاب سوف يزح حرب قاتلة، يظل الطفل يتلوى عند الباب ويصرخ ويصرخ، لا تتركيني يا اماه، لا .. لا... (العادة.. آفة كل عبادة)!!

ثم تتحول الكاميرا لأحدى الفصول بالروضة، الفصل الأول، وصراخ الطفل لا يفارقنا طرفة عين، الاطفال يلعبون، والطفل يبكي، يرسمون، والطفل يبكي، أحيانا تتذكره الكاميرا (وكأن عيون المعلمة هي الكاميرا)، ثم تزوق منه لمشهد آخر (للحب وقت، للموت وقت، وللبكاء وقت، كما يقول الانجيل الشريف)...
يستمر البكاء لساعات لم أكن اتصور بأن دموع الطفل تكفي لإدرارها..

وفي الإفطار، تترصد الكاميرا الفضولية أرجل الأطفال، وليس اياديهم، ولكن أن تتصور الحساء والرز، واللحلم، تملأ الورك، والشراب، والارجل، وفجأة تتذكر الكاميرا وجه الطفل الباكي، وللحق استطاع الطفل ان يمارس الأكل والبكاء معا..

ثم جرت الكاميرا لاصيطياد أجمل مشهد في ساعة الإفطار وهو (دلو من ريالة، من مخاط سائل من فم أحد الأطفال، وكاد أن يصل الصحن امامه)، والعجيبة، لم نرى كلمة : أف من الأطفال، أو (طممطة بطنا)، أهم الأولياء الذين شاهدوا معجزة تاج الدين البهاري، وهو يسلك الهميم وصحبة (لا خاوف ولا عواف)...
ثم سقطت الريالة على الصحن..
بدأ صوت الطفل الباكي يخف، ثم تلاشى، ثم اعقبه فرح، وكأن الماض لم يكن، في رمشة عين.. نسى أمه، وابيه، وبيته، وغرق في الكرنفال امامه، أطفال اطفال اطفال..

ومشرفة الروضة، ذات السوابق، تفهم الامر جيدا، وتبدو هادئه امام صراخه، وتمرغه..

(لاشي يحدث في القاعة، صمت عجيب، وسكتت الجوارح، ولم يعد سوى أطفال، لا يمثلون، بل يعكسون الواقع كما هو، يتبولون، يتلاكمون، ويبكون، وقائع تعكس إرث جيني، ووقائع تدعو للتساؤول، ووقائع تؤكد حيوانية الإنسان، وأخرى ملايئكيته)..

الاطفال لا يتشابهون، كل يغرد لوحه، في نظراته، تعابير وجهه، صخبه، او هدوءه، أو الشكل الحالم، هناك طفلة تبدو كبيرة، كلما تمر بها الكاميرا، تبدو أكبر وأكبر من سنها، وكأنها تمثل دور الطفولة، والاغنية الجميلة، ذات اللحن الصيني تربط احداث الفلم، وهي عن زهرة ياسمين ترقص على الغصن، وتفتح وجهها الابيض الملائكي، للجميع،..

بحضور (استاذة اسماء محمود، عبدالرحمن نجدي، طه العطا، عواطف حسين رقية، وسيسة، وضيفة)...

الضحكات تملأ القاعة، هههه ههههه هاهاهاها،
الحمام، والاصلاب، والوقوف الصف،
النوم والايدي المتكورة، والوجوه البريئة، هناك من ينام على ظهره، وأخرى جنبه، وأخر متكور، حتى النوم شأن (فردي عظيم)، وهناك من يهمس كي لا يزعج الآخرين...
وجوه الاطفال تبدو عريضة، كبيرة بالنسبة لأجسامهم، وهناك تعابير في الوجه ناقصة، كأن عضلات الوجه والتي تأتمر بأمر القلب لم تعيش بعد بعض الانفعالات (الخوف من الموت، إشكالية الوجود، هجر الحبيب، ماهية النفس، الله، وهلم)... فالوجوه تعبر عن انفعالات بسيطة، خوف، فراق ام، جوع، لهو...


الفلم ممتع، ممتع، ممتع، تبكي، ثم تضحك، ثم تحتار، أهكذا كانت طفولتنا، وربي الحديث النوبي (الجنة تحت اقدام الامهات)، حديث صادق، وقاله النبي، رغم انف ابي البخاري...

ياخي الاطفال ديل شقاوة، ومنظر الطفل، وقد ايقظته المعلمة، كي يتبول آخر الليل، والقاعة الكبيرة مظلمة، والسراير الصغيرة تغط في نوم عميق، والطفل سائر وهو نائم، وهو يترنح، وهو يصوب (بوله)، نحو جردل نصب أمامه..

لأول مرة أرى وجه طفل يتوارى خجلا من العشق، بصورة جميلة، حين سألته المعلم..
من تعشق من فتيات الروضة..
تبسم الطفل وادار وجه شمالا ويمنا خلجلا..
ثم ضحك تلك الضحكة التي تأتي من الانف، حيث الفم مطبق خجلا، وهو ينظر تحته،..

لن أخبرك، إنه سر.. قال الطفل
قالت المعلمة: من هي، انا اعرفها.. ثم اردفت
قل لي من هي:
رد الطفل (السقراطي)،: ألم تقولي انك تعرفيها، فأنت تعملي، فلم أخبرك...

وطفل آخر:
ماذا يعمل أبوك:
مركز شرطة..
ماذا؟
مركز شركة..
ثم بدأ يصرخ : أبوي مركز شرطة مركز شرطة..


من سلبيات الفلم، ولا علاقه له بالطفال، التربية الحربية، وخلق عداء لليابان، لأول مرة احس بالعداء السافر بين الصين واليابان، وامريكا..

ولكن نصيب اليابان من العداء لا يتصور، وهو لاشك من الآلة الإعلامية والتربية داخل البيت..

شاهد الاطفال الفريق الصيني، في كأس العالم، المباراة ضد تركيا، لبس الاطفال الزي الاحمر، وعصبوا رؤسهم بشالات حمراء، وعلى خدودهم الغضة رسم العلم الصيني، وأمسك كل منهم ببطاطم حمراء (الطماطم شيوعية كبيرة)..
ورقصوا، ومجدوا الصين، ولكن حين هزم الفريق، تحول جزء منهم لتشجيع الفريق التركي، وقال ا حد الاطفال، بأن الكرة في الصين ضعيفة، وفي اسياء ضعيفة، (وتركيا لها نصف في اسيا ونص في اروبا)، عشان كدة اختارت اللعب في اروبا، لقوة الفرق هناك..

وطفل ساخط جدا، قال بأن تركيا هزمن الصين:
3 أصفار
بل 5 اصفار
ستة أصفار..
ولأول مرة في حياتي، وأنا الذي لعب كرة القدم، وسجلت اهداف مبكرة بكرة الشراب، المخلوقة من شراب اخي الاكبر، أدرك بأنك هنا أصفار، تسجل، ....

انتظار الاب نهاية الدوام، من طفل ينظر للباب، ثم للباب الثاني، بأسى يدعو الآبا، العجلة في الوصول لهؤلاء الملائكة الصغار..

وضع الكرسي، رص الكراسي..

الزوغان، والدس تحت الكراسي لمواصلة الغداء، اندس طفل شقي تحت الكراسي وواصل غداءه، حين خلت القاعة سوى منه، وهو ينظر بين الحين والآخر، يترصد كغراب ذكي، هل اكتشف امره، وعلى وجهه ارتسمت علامات الترقب والتلصص..

هدوء البنات، هدوء يدوعو للتأمل، أمام صخب الأولاد..

وفي الحمام.. وهم عرايا، كلهم عرايا، البنات والاولاد، فالسيدة الرغبة الجنسية، والتي تلوي الفرد، وتنزل بسببها الأديان، وتولد الشحناء والبغضاء في القلوب والعقول، لم تولد بعد، فالتعرى مبارك، وفطري، كلهم، ولكن كان العداء للصابون، لا يحب الاطفال (إغماض عيونهم)، إلا في الفنون، مقسورين بسلطانه، ولكن الحياة لهم دهش وجمال، وهم يحبون رؤية انفسهم عراة، ورؤية رزاز الدهش، ولذا فشلت كل محاولات المعلمة في إغماض عيونهم، فظلت مفتوحة رغم (شطة الصابون)، ورغوته الخطرة، وهناك طفل ظل يصرخ ويصرخ، ويحاول الافلات من يد المعملة، وهو يفتح عينيه، ثم يجد كثبان من الرغوة فوقها، ثم يستشيط غضبا، وصراخا..

طفل كسر لعبة احد الأطفال، وياااااه من الآسى في وجه الطفل الذي كسر اللعبة، وبكاء الآخر، وطلب منه اصلاحه، وهو معجز، وظل الطفل يحاول لصق القطع المسكورة بأسى عظيم.. ويحاول الاستحالة، هو لا يعرف الاستحالة، بل يتصور بمقدور القطعة المسكورة ان تلتصق بأختها، كما يلتصق اللبان، أو الماء مع بعضه، هكذا تسول له روحه الغضة، الملائكية، وذاك يصرخ لذات السبب اصلاح السيارة المكسورة..

هناك اطفال تظهر عليهم متلازمة التوحد، أو الذكاء المبكر، أو التفكر والتأمل، يجلسون بهدوء، ويغرقون فيي الخيال أو التذكر، أو التأمل في (لا أ دري ما يدور بخلدهم، ليتني كطبل موسم الهجرة، : أدرك ما يدور بخلد الإله، هذه اللحظة)..

هناك ذكاء موروث، عنف موروث، تعاون غريب،..


سئلت طفلة..
هل تحبي يان: قالت نعم
هل تحبي يانج، قالت لا..
قيل لها لم؟
قالت انه قبيح (أهكذا يبدأ تذوق الجمال، مبكرا جدا جدا)..


ومن وجوه الاطفال الكثيرة، يجري الخيال لتصور مستقبلهم، هناك طفلة أحس بأنها مصيرها لن يخرج عن ثالوث (ممرضة، عالمة نفس، أو شاعرة)، أمن هنا تمتد يد الحنان، وجهها يشئ بهذا الثالوث العظيم..

وهناك طفل هو مقاول، مقاول بناء ضخم الجثة... صارم، وبارد الانفعالات..

وأنا نعود لعنوان البوست:
كيف تصبح امرأة، صديقي الرجل، (الأمر ساهل جدا..)

وأروع مافي الفلم، وكله روعه، حين سألت المعلمة احدى الاطفال، هل يرغب ان يكون بنتا..

فقال ايوه
فقالت له كيف..
بعض التغيرات الجسمية بس..
قالت كيف..
قال: أجعل شعري طويلا، كي اكون بنت..

كانت 70 دقيقة، رائعة، رائعة، رائعة، وجعلتني احس بأن الحياة تستحق الرصد بكاميرا، فالواقع هو اعظيم تمثيل لانفعالات الانسان، وقهره، وفرحه، وجنونه وتهوره وتعدده،وانفصامه، ...

فمنظر الطفل وهو يغير ملابسه، وحين يفشل، ويوشك على البكاء، فقدأ بدأ الدرس، وخرج التلاميذ وهو لم يتمكن من اللبس، يدخل يده اليسرى في الكم الايمين، يجذب جانب القميص الايمن في الايسر، يرتسم الاخفاق في عينيه، يغضب، يرفس القميص، ثم يعاود اللبس مرة أخرى،...

وطفل آخر، جلس على الأرض لأرتداء الحذا، مشاهد لا تنسى، من اطفال، ومن فلم واقعي، .... فالحياة أحلى، والواقع أغرب من الخيال، فالحياة خلقت من مادة الفكر، مادة شفيفة، ذكية، خلقت الزهر، والغيم، والشعر، والشعور، والاطفال، والذكاء، والغريزة، ألا تستحق الرصد والتسجيل....

الفلم عرض في حفل الافتتاح..
باسم روضة أطفال kindergarten
إخراج: يكينغ زانغ
تلفزيون هوباي
الصين
مدة الفيلم : 70 دقيقة



حضرت الفلم بمعية الاستاذة:
استاذة اسماء محمود/ عبدالرحمن نجدي/ طه العطاء، عواطف حسين،سيزا الحاج، رقية شر وصديقتها...
وجمهور كبير... امتلأت القاعة به، وبفرحه، وضحكاته..

Post: #151
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-22-2008, 11:26 AM
Parent: #150

(رسالة لأستاذ عبدالله عثمان، عن أخي الراحل عبدالعزيز)!..

التاريخ 10/5/2007م


عزيزي، وأخي الجميل عبد الله...
صباحك حنون، وهادئ، ومشرق...


كل حروفك هذه، والمعاني التي تضمها، أحسست بها، كما يحس الطفل بدفء الشمس، عيانا، بيانا، بل أحسست بالحزن يتضوع منها كبخور نبيل، تستنشقه الحواس كلها، فللجميع، بلا شك تجربة مع الحزن، ولي شخصيا، تجربة مع أبي (رحل مبكرا)، ومع أخي وصديقي وحبيبي (عبدالعزيز ......)..

وكي اقرب لك صورته، ما أمكنني ذلك..

قد أقول كان (بشوشا)، تجاه الجميع، تحس معه بأنك (مقدس ومقدر)، بالأدق (تحس بذاتك)، معه، وتولى تربينا (حتى على مستوى الفن والرسم، ومحبة الكتابة كرسالة، كنبوءة)، كان رساما، فاز بعدة جوائز في طفولته (من اليونسكو، ومنظمات صينية)، ويكتب الشعر والقصة والمسرح، (لم ينشر، حتى مضت كتاباتا بالإهمال، متجاوزا، كافكا في ازدرائه للسطور)، كان يلبس الناظرات، وحين اتسكع معه في طرق كسلا، او بورسودان، أو الخرطوم، كان يرى ما لا نرى، يتوقف كثيرا عن الظلال، بل يتوقف كي ينظر للسحب خلل الاشجار، ويقول لي ركز، كي ترسم هذا الشارع، ولا تنسى شئ، حتى خواطر النمل...

في طفولتي، كنت امكث ثلاث ساعات، وأنا اراقبه يرسم تحت ظل البيت، كانت ريشته تنفث الروح فيني، قبل بياض اللوحة، وكان دؤوب في القراءة، بمقدوره انهاء (الحرب والسلام)، في بعض أيام، رغم مشاغل اسرته، وتربينا، والعمل...

وأسعد أوقاتي، حين يناديني في الصالون، وقد أكمل قصيدة، كي يتلوها على (أنا الطفل)، فأحس (بذاتي)، ويأخذ رأي فيها..

"ياسواقي الجحيم..
دقي الطبول في وجه زائرك الدميم..
ياسواقي...
أي شي قد يكون..
قد نشرب الخمر في المحراب..
ونرتاد السجون
..."

كتب هذه القصيدة، في حدث حقيقي، حين تلاعبت الحياة برجل فاضل، واستغل رجال الشرطة التناقض الطبيعي في بني آدم (بين سيرة وسريرة)، كان يترصد وقائع الحياة، ووقائع الوجود، كي يرسم، وكي يكتب، وكي يتأمل...


في كسلا، كنا نمشي خلف الجبل (السواقي الجنوبية)، كي نرى رهبة الحياة، فالجبل والخضرة والصمت، تولد احاسيس خاصة في النفس، لكل فعل رد فعل، رد شعور....

لا أطيل عليك... كل هذا كي اقرب لك عظم الفقد...
وحين رحل (أحسست بأن الموت ميلاد جديد)، هذا الأخ لن يموت، بل مضى في سبيله، مضى (كبذرة)، لباطن الأرض، لرحم الأرض..

وحينها أحسست بعظمة (الحزن)، هذا الكائن ا لاسطورة من الشعور، والذكرى، والشوق والجوى معا، أي مزيج هو الحزن، عشرات الانفعالات سكنت دواخلي، وطهرتني الدموع، وبكيت، وبكيت، والآن... عشرات الاحداث تذكرني به، صوته، الاغاني التي يحبها، الشوارع التي سلكنها، الحوارات الكثيرة في الفكر، والتصوف، والوجودية، والصدق، والتجربة......

وعندها أحسست بكلمة (الحزن النبيل)، .....وبكيت مرة أخرى (حين نشر كتابي "آلام ظهر حادة)، فأحسست بأنه هو كاتبه، لقد بذر في دواخلي عشق الادب، عشق يخرج به كأدب، إلى بحث عن الذات، بحث بصدق وتجرد وسذاجة....

كم أحب أخي، وكم حزنت عليه، وكم ازور قبره كولي، كشهيد، كعظيم...

عميق محبتي، أخي وصديقي عبدالله، فقد اثارت شاعريتك، وتلك الفتاة، وذاك الراحل شجن جميل، وللحق وأنا اكتب لك الآن، أحس بهذا الشجن الجميل، والحزن البيل...

مع حبي وشوقي.. 10/5/2007م




......

Post: #152
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-22-2008, 11:37 AM
Parent: #151


Post: #153
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-22-2008, 08:05 PM
Parent: #152

Quote: كان يرى ما لا نرى، يتوقف كثيرا عن الظلال، بل يتوقف كي ينظر للسحب خلل الاشجار، ويقول لي ركز، كي ترسم هذا الشارع، ولا تنسى شئ، حتى خواطر النمل...

في طفولتي، كنت امكث ثلاث ساعات، وأنا اراقبه يرسم تحت ظل البيت، كانت ريشته تنفث الروح فيني، قبل بياض اللوحة، وكان دؤوب في القراءة، بمقدوره انهاء (الحرب والسلام)، في بعض أيام، رغم مشاغل اسرته، وتربينا، والعمل...

وأسعد أوقاتي، حين يناديني في الصالون، وقد أكمل قصيدة، كي يتلوها على (أنا الطفل)، فأحس (بذاتي)، ويأخذ رأي فيها..

"ياسواقي الجحيم..
دقي الطبول في وجه زائرك الدميم..
ياسواقي...
أي شي قد يكون..
قد نشرب الخمر في المحراب..
ونرتاد السجون..."

كتب هذه القصيدة، في حدث حقيقي، حين تلاعبت الحياة برجل فاضل، واستغل رجال الشرطة التناقض الطبيعي في بني آدم (بين سيرة وسريرة)، كان يترصد وقائع الحياة، ووقائع الوجود، كي يرسم، وكي يكتب، وكي يتأمل...


في كسلا، كنا نمشي خلف الجبل (السواقي الجنوبية)، كي نرى رهبة الحياة، فالجبل والخضرة والصمت، تولد احاسيس خاصة في النفس، لكل فعل رد فعل، رد شعور....

لا أطيل عليك... كل هذا كي اقرب لك عظم الفقد...
وحين رحل (أحسست بأن الموت ميلاد جديد)، هذا الأخ لن يموت، بل مضى في سبيله، مضى (كبذرة)، لباطن الأرض، لرحم الأرض..

وحينها أحسست بعظمة (الحزن)، هذا الكائن ا لاسطورة من الشعور، والذكرى، والشوق والجوى معا، أي مزيج هو الحزن، عشرات الانفعالات سكنت دواخلي، وطهرتني الدموع، وبكيت، وبكيت، والآن... عشرات الاحداث تذكرني به، صوته، الاغاني التي يحبها، الشوارع التي سلكنها، الحوارات الكثيرة في الفكر، والتصوف، والوجودية، والصدق، والتجربة


يا الله يا عبدالغني ما أروع هذه الكتابة ما أعمقها ما أشد التصاقها بالروح وما أكثر تعذيبها للأعماق.

Post: #154
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-22-2008, 09:06 PM
Parent: #153


بيننا (سر) يا عبدالغني !
إنه المكان !
..
الأمكنة
(..)
كــسلا !
ثمّ
واو
وهي فعلا..(وااااو)
فـ(القولد)..
دنقلا
الخرطوم
وأمكنة أخرى.
سأعود إليها تفصيلا.

Post: #155
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Yahya Fadlalla
Date: 04-23-2008, 02:51 AM
Parent: #154


شركاء الكتابة ، ذلك الهذيان المتعب الجميل
خالد عويس وعبد الغني كرم الله
اتابع هذا التدفق المنداح و المتداعي و النابش في مسام الروح و المبحبت في تفاصيل ذاكرة الاماكن الحميمة و الاليفة و من بين نسيج هذا الكرنفال من الكتابة تحتشد بتنوع ثر من الشخصيات الموحية و المحرضة علي التأمل
شكرا لكما
و اشهد أنني قد مسني طرب شفيف كثيف
و لي قدام
[
/B]

Post: #156
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: ودرملية
Date: 04-23-2008, 06:16 AM
Parent: #155

سلامات
وعوافي
والله اني "لخايفٌ شديد" ..
ماهذا ؟!!
او الكتابة سحر ؟
ولئن رددت الي "احلامي" الف مرة لما وجدتها احلى من نطفة من هذا البوست ..
صعاليك مجانين ..
ترفقوا بنا ايا "حماكم الله جميعا" ..
فما اوهن حالنا حين "قرأة" ..
وما اوهن دمعنا اذا "صادفنا تصوراتنا"..
ما اطعم هذه المساجلات ..
المساجلات ..
سوف تموتون ونموت ..
عندها اذا التقيتكم والله العظيم "لاجضمنكم تجضيما" ..
كونكم تأخرتم في المجيء الي "خواء حياتنا" ..
بالله عليكم تعالوا الًي ..
كيف يكون المجيء ..
ان تأتو هنا ..
او هناك ..
او حتى لو اذهب اليكم ..
هكذا "حافي اللهم الا نظارتي "عتبتي" التي ادخل بها الي جحيم القرأة"..
وبضع وريقات اقم بهن صلب المزاج اذا ما دعت الحاجة الي تخاريف ثم"كيس صعوط" ..
ثم اذا كان الحال وسيرا "سيرمسا ليل قهوة" ..بعدها والله الغرق حلال في بهاء موج هذه التداعيات ..
لا حولا ...
بئس الدقائق "البخسة" هذه ..
ما الزمن الضيق هذا ..?
وليعلم قلبي انني ما حكمته قط في زيف ..
وما فرضت عليه قط ما اباه عقلي ..
وما تنزل قط شيئا اليه الا وايدته الخلايا جميعها ..
لذا لكم الحب ..
الحب الذي لا ينقطع ..

Post: #157
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: ودرملية
Date: 04-23-2008, 06:45 AM
Parent: #156

فوق
.
.
سلامات
وعوافي
لكل من تقع عينه علي هذا البوست الان .. الان .."الذين احبهم الله فاكرمهم بالدخول هنا"..
.
.
هو هديتي لكم هذا الصباح ..
.
.
فوق..

Post: #158
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-23-2008, 10:33 AM
Parent: #157

Quote: الأمكنة
(..)
كــسلا !
ثمّ
واو
وهي فعلا..(وااااو)
فـ(القولد)..
دنقلا
الخرطوم
وأمكنة أخرى.
سأعود إليها تفصيلا



واو، وفعلا واااااااااو... في انتظار تفاصيلك على أحر من الجمر..
الأمكنة... أنها العش..
فالقلب (مكان)..
والرئة مكان..

ونهدي الحسناء، مكان..

أمطرنا.. بالأمكنة.. (بروحها اللامرئي الزمان)..


...ألم يصرخ حلاجنا الجميل..

وأي أرض تخلو منك؟؟


...

Post: #159
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-23-2008, 11:45 AM
Parent: #158

Quote: وأي أرض تخلو منك؟؟


يا الله يا عبدالغني
وأنا أقرأ، حين وصلت هذه العبارة/الشطر، صرخت!!

..حتى
..
تعالوا يطلبونك في السماء !!
يا الله
يا الله.

صديقي الكتّاب/الروح المبدعة يحيى فضل الله
مشتاق والله لكتاباتك الطاعمة وتداعياتك.ويبدو أنه مقدر علينا جميعا أن نتواصل - من منافينا شرقا وغربا - بهذه الكتابات.كم هي أرواحنا قريبة جدا يا يحيى.

ودرملية
هو بعض بوحنا، بوحكم. نكتب بصدق والله بصدق.ونتوغل أكثر، لكن هل نرفق بأنفسنا فعلا، بكم؟
والله يا ودرملية أنا في حيرة من أمري، هل بعد القراءة والكتابة رفق بالنفس؟؟

Post: #160
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-23-2008, 03:27 PM
Parent: #159

عذرا لصديقي صمويل شمعون ولـ www.kika.com فأنا مضطر لنقل هذا النص المجنون النازف:



ألبرتو فوجيه: كم يمر الوقت سريعا
ترجمة أحمد يماني
إنها تثلج. يتساقط الثلج هذه الليلة فوق ولايتي فيرجينيا وميريلاند وفوق مقاطعة كولومبيا الصغيرة لكن النادرة. غدا هو عيد الشكر. في الحقيقة ليس هناك من أحد ، المبنى فارغ. ذهب الجميع لزبارة عائلاتهم. وأنا لا عائلة لي ولا شئ أقدم عنه الشكر. أو ربما يكون لي: قضيت هنا اثنتي عشرة سنة في وظيفتي هذه نفسها. أعلي أن أقدم الشكر؟ اثنتا عشرة سنة لهو زمن طويل. أطول مما ينبغي. إذا لم أكن أقتل نفسي ، فماذا إذن؟ البقاء ملزوقا بغراء، ملتقطا أنفاسي مهدئا خطوتي، إنها كذلك طريقة أخرى للهرب. هذه ليست بلادي ، ربما كانت مرة، ربما تكون بلادا لابني، لكنني أحدس أنها لم تعد بلادي.

مرة، في إحدى الحفلات، وكنت سكرانا، قلت لأحد الأشخاص الذين أحتقرهم إن تشيلي أصبحت ضيقة علي. بدلا من أشتمه مباشرة، شتمت بلاده، والتي هي بلادي كذلك. في كل تلك الأعوام التي عشتها بالخارج، محتكا بخفة مع عديمي الوطن بأفضل وأسوأ ما فيهم، وصلت إلى حقيقتين: لا أحد يغادر بلاده هكذا (الناس لا تغادر، بل تهرب، تنجو، تفر)، وعندما يبدأ المرء في التحدث بشكل سيئ عن بلاده، فذلك لأنه يكره نفسه، وفي كثير من الأحيان لا يكون واعيا.

اثنتا عشرة سنة، بالإضافة إلى سنة أخرى في منحة تبادل طلابي في هذه القرية الصغيرة في إنديانا، جون كوجار ميلينكامب. أيكون أفضل عام في حياتي؟ من الممكن؛ على الأقل، 1981 هو عامي المفضل، كان أكثر عام زنيت فيه، وليس هذا بالتحديد ما يجعله الأفضل، لكن لم يكن الأمر سيئا. كذلك، كنت شابا. عندما يكون الواحد شابا فإنه يرى الأشياء بطريقة أخرى. في الواقع، لا يرى شيئا. يحس كثيرا ويفعل كثيرا لكن لا يرى ولا يفكر. الأميريكيات وجدنني غرائبيا، لاتينيا، cool. أكنت مرة cool؟ كنت Foreign Exchange Student ، اللعبة الجديدة. كان هذا أفضل من أكون في ثانوية سانتياجو في الثمانينات.

Just a young latin american kid living as hard as he can.

اللعنة، كم يمر الوقت سريعا. لماذا يترك القليل جدا إلى حيث يذهب.

فكرت مرة أن كل هذا، أعني التواجد في جميع الحفلات، قد يصنع مني شخصا أفضل. النظرية كانت واضحة وسهل تطبيقها: كلما كانت هناك فتيات أكثر كانت هناك غزوات أكثر، كلما شربت أكثر وسكرت أكثر، كلما سمعت موسيقى أكثر وكلما كنت نحيفا أكثر كلما كان أفضل. أن تكون الأول في الوصول إلى الهدف . يقاس النصر بعدد الأشخاص الذين يحسدونك ويتمنون أن يصبحوا مثلك. لكن المرء لا يفوز، على الأكثر، يتعادل.

الأمر الآخر المزيف، الكذبة القاسية، أن اللذة التي تعاش تحميك من المستقبل. زيف. الحياة ليست صندوق توفير. لا شئ يدوم إلى الأبد. الذكرى يتم تثمينها بزيادة.

ما زالت تثلج وأنا للآن جالس إلى مكتبي.
بالأمس فعلت شيئا دون تفكير: تنازلت عن نقود الضمان وألغيت عقد إيجاري. اتصلت ب Goodwill*

ووهبتها كل ما عندي. لم يكن بالشئ الكثير. سأنام هذه اللية في فندق يقع أمام البيت الأبيض. غدا أرحل، أترك كل هذا العالم الذي لم يكن أبدا لي. ستتزوج أختي كونستانسا خلال بضعة أيام وسأذهب. قبلت دعوتها. كتب لي لوكي سكيواكر كي يقول بإنه لن يذهب إلى الاجتماع ما لم أذهب أنا. “ لست بقادر، يا مغفل. أنا

خائف أن ألتقي بها". بالإضافة إلى أنها مشمسة في سانتياجو. انقلب الربيع إلى صيف.

سأصل بشكل فجائي، لكن المفاجأ هو أنا.

إنها تثلج هذه اللية فوق عاصمة الامبراطورية، فوق بيوت البيروقراطيين والدبلوماسيين والموظفين الدوليين. إنها تثلج هذه الليلة فوق واشنطن، وأنا، أخيرا، أرحل.


*مؤسسة خيرية أمريكية للتأهيل والتدريب والتعليم ومن بين ما تقدم خدمات لذوي الاحتاجات الخاصة.م

ألبرتو فوجيه، مواليد 1964، كاتب وسينمائي من تشيلي ويعد واحدا من أعمدة السرد الجديد في أمريكا اللاتينية، من كتبه:

جرعة زائدة 1990

أفلام حياتي 2002

قصار 2004

ومن أفلامه

النمل القاتل 2004

للإيجار 2005

أحمد يماني، شاعر مصري مقيم في اسبانيا

Post: #161
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: صديق الموج
Date: 04-23-2008, 08:30 PM

كل الناس هنا..ســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

ليس هذا ببوست ولكنه مشفى للامراض العقليه كبير...
النزلاء من كل لون وصنف..
عنبر كبير يا للدهشة مختلط...
ليس هنا عنبر مجنونات ولا عنبر مجانين
كل الناس هنا فى نعيم الا انا..
كم تمنيت ان لو نوع هذا الجنون يعدى!!
لكن هيهات هيهات لا جن ولا سحرة..
اى عناكب التى تسكن هنا؟؟
تغزل خيوطها بحذاقه..
هذا بوست مسكونون.. مسكونون.. مسكونون ..يا ولدى..
تقرير طبى:
كل ذى لوثه يلبث مكانه..
اشهد ان لاخروج لاحد ابدا.. لا مستثنيا احد من المجانين..
انتهى،،،،

Post: #162
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-23-2008, 09:02 PM
Parent: #161

عزيزي صديق
أهلا وسهلا بك.
ليتنا نشفى يا أخي ليتنا.

يا جماعة في واحد مجنوووووووووون اسمه محمد عثمان فتح (فضاء قدر الدنيا) في بوست اسمه
وردى... من تسجيلاات اياام زماااان (2)

يااااااااااا الله.
يا عبدالغني
(ناس) خاف من الله والمستحيل وبعد ايه كلهم بي هناك.
غايتو أنا سكرت وبكيت وانتشيت ودخت وصحيت وعملت كل الجن الممكن.
غايتو وردي ده ما ممكن ابدا.

Post: #163
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-24-2008, 06:20 AM
Parent: #162


الأعزاء في البوست..
والذين تشرق انوارهم طربا، وحروفهم ألقا في النفس، فأحس بمتعة القراءة، وأود الصمت وتأمل ما تأوي الحروف من نبل، وعمق، وجمال..
اخوي خالد.. اهلنا كتاااااااااااابين، وربي، .... آخير القراية كان كدي..

ود عويس، صباحك سكر..
كيفنك..
ياخالد دي كان رد، في بوست كتبته الاخت (الغائبة الآن)، هوزي، وان شاء الله المانع خير، كتبت بوست عن صديقة لها، "هربت من البيت"، وتساءلت هوزي ما العمل..
والله مشهد البت الهاربة سكنني، وادرك جزء من دوافعه، وعارف اوضاعنا، وعتبه الباب، والتحريم، وجرائم الشرف في الشرق المنهك..
وده كان الرد، وطبعا كان رد سريع واخوي ومسح يد الفتاة الهارب، وكتفها..

Quote:
العزيزية هوزي

والله، نحن كلنا الوضع ما عجبنا، والله الجاذبية الارضية دي عندنا منها موقف، ولكن كيف العمل، الامراض النفسية والفكرية تملأ الكون، الجوع وانظمة الحكم، وأفكار التعصب، والمناخ الحار، كلو شئ شين وقبيح.. وهذه المشكلة قطرة صغيرة من بحر كبير، والمسافات، هذا الغول الجديد، يفصل الام عن الابن والوطن عن العاشق، والقمر عن الشاعر.. والصحة عن الجسد، والحكاوي عن خشوم الحبوبات.. ووبال من كلمندو عني..

طيب نهرب وين؟ ...
هل يأبق الإنسان من ملك ربه ويخرج من أرض له وسماء؟

هرب الفارابي لمدينته الفاضلة، وهرب أفلاطون كذلك، وربين هود للغابة، وربنسون كرزو لجزيرة، رسم فيها ملامح وطنه المنشود، وصمويل بكيت، وبطله جودو (أقسم بأنه هو، ولكنه خاف، من تعصب الدين)، فخلق شخصيته، في حقل الورق، وحركها كدمى العرائس، كي تقول قوله، ويلبت وراها، (فصاح صحيته المشهورة (لا أحد يأتي، لا شئ يحدث، هذا شي فظيع)..

الجميع ، لا يزال ينتظر فرح خاص، لم تصل قورابه، فنهرب من الواقع للخيال، ومن الحاضر للماضي، للمستقبل، نجري هناك وهنا، بأجسادنا وبعقولنا، وبخواطرنا، نهرب من أم وأب شكلوا جيناتنا.... وزي ما بقول العزيز ويلسون (في اللامنتمي)، أي مجتمع اما ان تسايره، او تتمرد عليه، او تنبذه، أو تغيره (وهذا هو المحك)، تغير المجتع، بصبر وجلد، ودي مهمة بقدر ما هي شاقة، ولكن ليست مستحيلة، يكفي الانياء والرسل و(دون كيخوت).. وبالو كيهلو...، كلها محاولات تغير، ولكن تختلف في المقدار، والكيفية، والطريقة!!!!

أم نرحل كالنسدباد، لأراضي غريبة، (غريب اليد واللسان، والمناخ والوجدان)، فنتزوج مثلة، كي نتكيف مع الوضع الجديد، و(حين تموت زوجته، يفاجأ بسحر التناقض الثقافي)، ستدفن معها (هكذا تقول أعرافنا).....ففر السندباد بجلده، وقاربه، وترك بضاعته (فالروح انفس من اللؤلؤ والمرجان والصندل)..

كأن الوطن داخل راحة اليد، داخل راحة القلب، لذا نحمله معنا إلى (جنة القبر).. جنة الفكر، جنة الشعر، جنة التأمل، وكلها (داخل جسد الإنسان الشهي، الجميل)...

فلتهرب، كما تشاء، فسيأتيني (خراجك)، كم قال المنصور، لتلكم السحابة الضالة، المهاجرة بعيدا عن حقوله (ان كانت ذاكرتي محقة)...... فلا شئ يعدل الوطن..............

نعم... أتخيلها خرجت من البيت، غضبانة لحبها المقتول، وتأمر ابيها وأمها، خرجت من البيت، ستحس بالوحشة له، مجرد أن تخرج، ستحس بأن القديم لم يأتي من فراغ، وبأن الجديد عليه ان يرفق بالقديم، نعم خرجت، تقودها طاقة للتغير، للثورة، (ولكن الحكمة في التغيير الوئيد، الموزون)... هاهي خارج البيت، ستحس بإلفة مفقودة، ستحس بأن الصحة كائن مقهور، لا يدرك إلا بالمرض، ستحس بأن اللوحة باهتة (هي تضحك، وحبيها يضحك، وأمها تبكي وأبيها يبكي)، بمقدروها ان تضحكهم جميعاً، (فالبقاء للأصلح)، هكذا تقول الفيزياء والحياة، وإلا لما مات الديناصور، وعاشت الفراشة الواهنة...

وأهلنا بقولوا (البدو القلم ما بكتب نفسو شقي)، كأن القلم بيدنا وبغير يدنا، وطالما كان هروب فليكن هروب لشئ جميل، عميق (فطعم الموت في .... كطمعم الموت في امر نبيل)....


عالم كئيب، مجمل تاريخه، عبارة عن فصل ملئ بمراهقين، كل يدعي بأنه الأجمل والأفضل والأذكى، على وزن (عقلي أحسن من عقلك، ولوني افضل من لونك، وربي افضل من ربك)، ألخ هذه المأساة القديمة، زي حرب طروادة، حين وقعت التفاحة الذهبية من جبال الألب (كأنه الألهة تتمنحن الانسان)، ومكتوب عليها، ستهدى لأجمل امراة في الوجود، فتصارعت افردويست واثنياء وفينوس، عليها، إلي يوم الناس هذا، بل إلى غد الناس ذاك،

ولكن كيف العمل، من الصباح في رطوبة، والمناخ خانق، والزملاء في العمل عابسين، والبلد أسعارها في العالي، يعني هناك مشاكل كتيرة شديد، (هل نهرب منها، مثلا، ام نصبر ونستعمل الحكمة)....

انظمة العالم كلها غلط، لا شرق ولا غرب، الانسان مهمش، شنو يعني كرة قدم، لاعب بمليار وشفع عرايا، شنو يعني تشدنا الجاذبية الارضية وتترك الملائكة يجرو وينطو من عالم لعالم، شنو يعني الزمن يجري كعادته من الماضي للحاضر، وبمشي وين الماضي، والمستقبل بجي من وين.... والله الكون كلو عبارة عن سؤال، والأعمار، والمعدلات المتناقصة، تعيش السلحفاة اكتر من 180 سنة، وعمكم الصغير، ابو القاسم الشابي رحل قبل أن يكمل أنشودته، زي جماع والتجاني...

والكلاب نحيفة، ومجاعات الصومال، ناس زي الرهاب، والحوت الازرق في اعماق البحار وزنو 200 طن، لسانو اتقل من الفيل، وقلبو بحجم سيارتين اتوز... وعايش ملك تحت الموية...

والله ياهوزي، هناك حياة في الخارج، وحياة في القلب، أي بين الأمل والواقع، ولكن كيف نكسر الامر دي، وكيف نبني جسر، عشان تخرج الأحلام لأرض الواقع، جسر كبير وقوي ومتين، (أذكر قصة للأطفال كتبها حميس جويس، عن مدينة محاصرة بجسر، والناس فشلو في البناء، وهم ضعاف ما بقدورا حتى يستعمروا شعوب عشان تبني ليهم، زي بريطانيا العجوز)،

مرات بحس بأنو كلام المجنون القذافي كويس وتمام، حقو العالم يدفع لافريقيا ديونها الكبيرة، سرقوا ثرواتنا، بما فيها الإنسان الافريقي العظيم، والله كل المدن الاوربية الجميلة دي، تحتها جماجم اجدادي العظام، وعرقهم المبارك...

وعشان التغير العلمي، في ناس عملوا احزاب، تغير جماعي مدروس، وفي ناس شغل فردي، وفي اولياء عملي باطني، وفي وفي وفي، وفي كتاب، وفي رسل (شعراء وهم جسر بين الارض والسماء)، ولكن بعد ده الصورة لسه مشوهة، ومخربشة...


أه، كيف الحل.... ندير الظهر، ام نصبر ونصبر ونقاوم ونغير الامور، بتروي وفهم وصبر، عشان ما نكون نخلة حمقا، نغير اوضاعنا بس، وبعدها (لست مثمرة إلا على ثقة، ......، ومفصلة ظلي على جسدي)

وبيني وبينك الواحد بحب الحور العين، والكمال، ولو في طريقه الواحد يهرب من الدنيا دي، (ما اكثر مثالبها)، ولكن هناك تحدي جميل، بل للحق خلق هذا التحدي كي يرتقي بالإرادة البشرية، كي تقاوم، كي تصمد (مرات بتحس بسريالية، بتحس بسزييف، يصعد ويقع يصعد ويقع)، ولكن في ده لذة، وتلقى سيزيف وصل القمة بعد موتو... (فالحياة مستمرة، كنهر، يغوص منبعه في الماضي، ويختفي مصبه في المستقبل، ولكنه موجود)، يعني القلب بشوف الاشياء الجوهرية، في الضلمة بشوف، وللحق القلب شغال طول اليوم، في ضلمة الصدور، هو شغال، يوزع في الاوامر للملكة الجسد...

هل خرجت عن الموضوع، ممكن، ولكن المشاكل تحف بالناس، ومشكلة صديقتنا لها ملاييين الامثلة، في أي بيت سوداني، وللحق في أي بيت في العالم، نحن لسة ما بنعرف الاختيار، ففي الفكرة الجمهورية رأي غريب وجميل عن الزوجة، هي فكرا امتداد لك، يعني منذ الازل لك حواء، وستظل تبحث عنها، بالقلب والعقل، والامر الصعب بتاع القلب، كأنك محتاج لفانوس واكسير خاص كي تكتشف صنوك، وهي من لحمك ودمك، عشان كدة اللقاء بينهم بكون جنة (جنة حقيقية)...

معليش، لكن الامر ارقني، مجرد ان تطلع في الشارع ممكن تعمل حاجة، بقابلك طفل امي (داير سبورة، وهدوم وأم، وإرث جميل)، شاغله، فذلك اضعف الإيام، والله البشوف المشاكل، ينسى رجف القلوب حاليا، حقو نشعر بالحب التاني، الحب الكبير، بالجوعى، بالمشردين، بالام والاب الجهال، وما اكثرهم، وهم محكومين بمفاهيم قديمة، ومن الحب ما قتل....

(لا تسب الظلام، أن تشعل شمعة خير من ان تسب الظلام)..
(لا تستحي من إعطاء القليل فالحرمان اقل منه)..
ان اذنبت فتطهر بالعمل..

الحكمة ثمار تجارب الشعوب...... تجارب الإنسان مع بيئته...

لكل داء دواء...

ليس النجاح أن لانسقط، ولكن النجاح هو هو ان تقوم من السقوط)...
(عقلك في راسك تعرف خلاصك)،




وشوقي ومحبتي..
عودة للكوني، عودة للموسيقى، عودة لتداعيات الطفولة.

حلق بي ياخالد، أحساسك ب (وأي أرض تخلو منك)...
الشوق والريد....


...

Post: #164
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-24-2008, 06:36 AM
Parent: #163



ود رملية.....

كم مريحة الكتابة لك... تحس ببراح، وبتداعي حر، لا يضيق برهبة، أو تردد، أو خوف، كأنك تخاطب ذاتك، في حوار لذيذ مع سريرتك، أمام بحر بلا ساحل، (ألهذا خلق البصر محدودا؟ مثل كل الحواس)، تعود عصافير الحواس لسفينة الجسد بلا يقين، أو يابسة، كل الأفاق رخوة، ومائعة، دهشة آدم الأولى :
(بلا أم أو أب، أو ماضي أو غد، أو عادة أو تقليد)، عليك الله شوف دهشته البكر، ألهذا ظل السرحان مصيرنا، السرمدي، وهل أجبنا على تسائله الأولى، آدم تعب، وورثنا التعب معه..
وجد الارض والذهن بكر، فصاغ نفسه بنفسه، محاكيا إيقاع بداخله، فظل ينحت ذاته، بإزميل فكره وعاطفته، وحيرته... (بيده، لا بيد عمرو)......
حقا، كم ممتعة الكتابة لك، ننقر حافة طاولة الوعي، كي نخلق صوت بكر، صوت يعيد لنا الحياة، الحياة الذاتية المغيبة في ضجيج القطيع والروتين، كم أحب هدم هذه المدن، كلها، وبما فيها من صور ووعي وشعور، (ألسنا أطفال نبني على رمل التصور وحصى الرغبة، نبني تصورات، وتهدمها الحقيقة، ولا نضج ولا نثور)، ...

يالها من مدن تشوهت، وتنكرت لإيقاع القلب، حيث الحب والحنان، والفهم المطلق... وأريحية التقبل والتمثل... حقا..لا يحس الذهن بالجدران والحدود والقيود، مجرد الكتابة لك تحس بومض الحرية، الحرية المطلقة،..مخاطبة ذهن جميل... لم يتلوث بإملاءات الماضي، وضباب الوراثة، وفجاجة التقليد، قلب مفطور على حقيقته الأزلية، حداء ذهن كبير، يفتح باب أكبر من اللغة والتصور، ويترك التداعي الحر يسيل كلعاب طفل على خد الدهشة والتطلع... لذا نتعرى امامكم، من سجن العادة، وقيود الوراثة الحسية المعنوية، ونشطح بإملاء الغرائز الأولى، (العقل والقلب) والتي خلقت كي تشبع ذاتها، من بحور الإثم والفضيلة والرزيلة، معا، بلا تفاضل، أو تطفيف، فالميزان (معكم عادل، خارج إطار المفاهيم المورثة والمكتسبة معا)، إنها الشحنة الأولى (رعشة التجلى الأول)، والتي صبت في إناء الجسد، كي ينبض ويخاف ويعشق ويتمرغ في حضن الحبيب، وحضن القبر، وحضن الإطلاق، كم شهية مخاطبتكم، نخاطبك كما نخاطب الجبل والشجرة والماضي، كلها ذوات حية، اختبأت عن المجاز والتأويل لشي في نفسها... أحس بأنك طعم الجوافة، (والكتابة هي اللعاب السائل بفعلها)، لكل رائحة .. لعاب... صدى، (يردد رغم انفه الصوت الأول)، أنحن صدى... لموسيقى اختفت خلف إزار الزمان ولباس المكان...تتوغل الكتابة أكثر فأكثر، في جب يوسف، كي ترخي حبلها لقاع ماله قرار، كي نستخرج يوسفنا من لدن الذوات المعذبة بالشعور والتأمل والفكر...

نهز الكلمات، وحروفها، كي نخلق سمن من عصارتها، نهز المعاني كي تصحو حقائقها، تطاردنا التصورات، وتبقى جذوة عصية الفهم، يتراقص لهبها المقدس في الذات، ونظل نحدق فيها طوال الليل واناء النهار...يتدفق حليب الذات وعسلها مع نبض القلب، ونرتل في صمت عميق اغنية بلا صوت، ولا وتر ولا أذن، إنها الذات الإنسانية، تخبئ في حقيقتها لحن شجي، ونبيل وخارق... يحس ويعاش، فنغفو في سريرها الناعم، وتداعب القلب رؤى وخيالات وأفكار وأحلام باهرة، ساحرة، غائرة...

ملحوظة:
(جواب سابق، كتب في رد أحد بوستات المنبر)..


ود رملية... حبي...


24/4

Post: #165
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-24-2008, 02:30 PM
Parent: #164


الموت !
لربما هو البهاء.هو المجهول (الجميل) الذي نتظره كآخر المغامرات.
يا عبدالغني، بعض الناس – لا نعرفه، لم نلتق بهم – حين يرحلون يفجرون فينا مشاعر غريبة.كنت في غرفة الأخبار – قناة العربية، حين كلفت باعداد خبر.عدت لوكالة رويترز لاعداد اللقطات التلفزيونية.غمرني حزن قاتل.بعد فراغي من اعداد الخبر، كتبت:
..
سيمر زمن طويل ليولد،، ان ولد
اندلسي بهذا الصفاء، وهذا الغني في المغامرة.
(غارثيا لوركا – مرثية إغناثيو ميخياس سانشيز)
لماذا يكون الثوار بهذا الجمال ؟
ولماذا يموتون بكلّ هذا البهاء، والابتسامة الوضيئة تغمر وجوههم ؟
إيفان ريوس..توسّد حقول البن، ونام.
كوردة على غيتار.أوكنجمة سقطت من السماء.
كوردة، تناثر الرحيق فوق بتلاتها، فسقت الأرض.
كوردة، عادت إلى الأرض..إلى أمّها الأرض.
اختارته حقول البن، ليعجن دمه بطينها، ويبقى إلى الأبد، رمزا للأرض والشعر والثورة.
ليبقى أغنية على شفاه الحسناوات الكولومبيات، وتنهيدة في صدورهن التي تكتنز الغضب.
ويبقى طائرا في سماوات لطالما رصفها بابلو نيرودا، وبورخيس، وغيفارا، وسلفادور الليندي بالأغنيات والشعر والنجوم.
إيفان ريوس..أغنية جديدة.
ووشم على جلد الأرض.
إيفان ريوس.
ستقص الكولومبيات جدائلهن الطويلة، وسيحملن البيارق في حقول البن، والدروب المترعة بالأزهار، والمشبعة بالرطوبة، ليبلغن تلة الأغنيات، ويتسامرن على شرفات الأقمار المتلألئة.
إيفان ريوس.
ليس الأغنية الأخيرة في أميركا الجنوبية.
لكنه قطعا، نشيد من أناشيد نيرودا.
................................
إيفان ريوس..ثائر كولومبي في القوات المسلحة الثورية الكولومبية ..قتلته القوات الحكومية الكولومبية اليوم (الجمعة 7 مارس 2008) في حقول للبن شمال غرب البلاد

خالد عويس
الجمعة 7 مارس 2008

الآن، أعود إلى هذا النص متسائلا متعجبا.ما الذي حرضني على الكتابة؟
الموت ؟
أم ذلك الحزن الوجودي الكبير في أعماق عيني إيفان ريوس، حزن رجل يدرك أنه سيعبر سريعا جدا.هل نرى في موت بعض الأشخاص موتنا ؟ هل نرى في حياتهم وأعمالهم في الحياة بعض حياتنا ؟
عيناه عكستا يقينا غرائبيا بأنه راحل.بأنه لن يلبث أن يمضي.وهو – للحق – فيه ملامح من غيفارا.
الذين يدركون أنهم سيرحلون سريعا يكونون أكثر إنسانية وأكثر رهافة في الحس.
هل قرأت أعمال غيفارا ؟!
يا الله ! هذا المخلوق كتّاب فعلا. مذكرات دراجة نارية، وأعماله الكاملة، فيها لغة أدبية رفيعة، واحساس (مؤلم) بالناس والحياة، وقدرة على التصوير وارسال المجسات في الاتجاهات كلها للاستبصار و(اعتقال) التعبيرات.


Post: #166
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-24-2008, 02:46 PM
Parent: #165


الأمكنة..
(..)
كسلا
أولى ثلاث سنوات في حياتي.
الذاكرة كطحلب طاف فوق الماء.أجدني الآن، ممدا – فعلا – على الماء، أبصر – كما في حلم – الضفتين.
(تلك الرائحة) !
رائحة القهوة.ذاكرة الروائح بدأت هناك. أمّي تضعني على نافذة المطبخ المطلة على فضاء عريض ينتهي بـ(حامية الجيش).الجنود يصيحون ويجرون منذ الصباح.تمارين يومية كنت لا أعي شيئا منها سوى الكلام المنغم والأصوات العالية.
فاض (القاش).غمرت المياه بيتنا، فانتقلنا إلى بيت على تلة مرتفعة.
تناولني أمّي – عبر السور – إلى (حجة علوية).هناك في بيتها، أحصل على الحلوى والبسكوت.لا أذكر ملامحها الآن، أذكر خوفي من السقوط من بين يديها أو يدي أمي وأنا فوق السور.
ما زلت إلى الآن مسكونا بفوبيا الأماكن المرتفعة (وليس الطائرات)، وهذه الفوبيا، زادت بعد 11 سبتمبر.أتمنى الموت بأي وسيلة، إلا السقوط من برج يعانق السماء.
طحلب الذاكرة يرشح مادة خفيفة عن جسر ما، وبساتين الموز.(السواقي) أذكرها مشوشة تماما.للغرابة لم أعد إلى كسلا أبدا، لكني موعود برحلة مع صديقي (الجنرال أحمد طه) يا لهذا الرجل !
الجبل. آه الجبل، جبل (توتيل).أحبه.هو شيء ما (في ذاكرة الطفولة المبكرة جدا).رغبتي أن أتسلقه لأرى ما هناك.كما هي رغبتي في الدخول إلى أقصى نقطة في (ضريح سيدي الحسن).
الأشياء كلها غامضة جدا.يعني ما معنى هذا ؟ يقولون الجبل.لكن، ماذا يعني؟
ثم، ما هو الضريح؟ أخاف الضريح، لكن الناس يحبونه.إذن لا بأس، لن يؤذي، بل على العكس، لعل (سيدي الحسن) يمنحني الحلوى، وربما لديه ألعاب زاهية الألوان.
كنت طفلا شقيا وهادئا في آن.مرة، تسللت من البيت وقطعت مسافة طويلة جدا، لأبلغ أحد أصدقاء والدي، أن والدي يريده حالا لألم ألمّ بوالدتي.سألني باستغراب – هكذا قالوا لي، فأنا لا أذكر من الواقعة إلا نشاطي في الذهاب إلى بيته -: كيف جئت؟ لوحدك ؟
المهم، حققت مرادي – على ما يبدو – في ركوب سيارته والتوجه إلى دارنا، وهناك، كانت أمّي بخير، ووالدي لم يطلب حضوره ولا يحزنون، بل على العكس، كادا أن يذهبا إلى قسم الشرطة للتبليغ عن فقداني !!
كانت كسلا مكانا حميما على نحو ما.وبقيت نقشا بارزا في القلب.


Post: #167
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-26-2008, 12:20 PM
Parent: #166

*

Post: #168
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-26-2008, 04:25 PM
Parent: #167


الأمكنة
(..)
(إن الأيقاظ ينتسبون إلى عالم مشترك
أما النائم فينصرف إلى عالمه الخاص فحسب)
هيرقليطس
واو
واو هي مرضعتي !
إن كانت القولد أمي التي أنجبتني، فـ(واو) هي الأم التي ألقمتني ثديها الغني.
هل أقول إنني، قبل أن أقرأ بنديتو كروتشه، مثلا، بسنوات، فتحت عينيّ على الجمال، واختزنته عميقا في القلب وجدران الروح؟!
آه الأمطار.الأمطار التي لا تتوقف.اعترف، أنا كائن (مطري).كالفراشات التي تحوّم في الفضاءات في أعقاب المطر.لا تنبت أجنحتها الملونة إلا في طقوس المطر.
وأيّ طقوس للمطر هناك في واو؟!
المطر هناك يغسل الرح.روحي الطفلة.روحي التي تنصت بكل جوارحها إلى تلك الأصوات الكونية الغامضة.نداءات الطبيعة التي تحنّ إليها النفس على نحو غريب.
أمطار – يا عبدالغني – تهطل لما لا يقل عن تسعة أشهر في العام.
صوت الماء على سقوف الزنك، ومرأى الطيور الملونة التي تلوذ بالشبابيك لتنفض ريشها المبلل، وروائح الأزهار البرية، والأشجار.رائحة يهيجها الماء.
العشب ينمو حتى على الحيطان الحجرية.
المدينة فتنة.المعمار الإنجليزي إلى جانب المعمار الإفريقي منقوشان في الذاكرة.
كنيسة (واو)، وسوقها، وحامية (قرنتي)،والسجن، ومبنى البريد والبرق، وبيوت الموظفين.
بيتنا قبالة السجن.
أمّي تضعني منذ الصباح في الشارع مع حراس السجن الذين يجلس بعضهم تحت أشجار المانجو العملاقة أمام بيتنا.وحين تنتهي فترة حراستهم، يطرقون الباب:
: أخدي (جركوك) بتاعك ده !
كانوا يغدقون على الحلوى، ونراقب معا الفراشات الملونة والعصافير.
قاتل الله الحروب وقاتل الله الاستعلاء والتجبر والتكبر !
والنهر !
نهر الجور.وعليه ذلك الجسر الصغير.يا الله !
الناس يعبرون عليه على دراجاتهم، وراجلين.وتحتهم، تروح أفراس النهر تلاعب بعضها بعضا.
لم يكن (إبراهيم عويس) من طينة الذين يحذرون أهل المدينة الطيبين.لم يكن موسوسا بالفروقات بين البشر.لذا، كنت ضيفا دائما على ذينك الشابين اللذين يجولان – بسيارة البريد والبرق – على القرى المزروعة وسط الأدغال، وفي البرية، لتوزيع البريد.
يا الله، يا لها من رحلات أخذتني باكرا جدا إلى قلب (كليلة ودمنة) و(ألف ليلة وليلة) و(بلاد العجائب) !
يا لفتنة واو، ويا لجمالها.
ومايكل !
دوناتو مايكل !
من منكم يعرفه بالله عليكم ؟!
فلتدلوني على مكانه.
مايكل أخي الذي لم تلده أمّي !
انقطعت أخباره عنّا منذ 1982 !
هل تصدق يا عبدالغني، مايكل ذهب معنا إلى (القولد) وأمضى هناك نحو ستة أعوام، أكمل خلالها الابتدائية، وانتقل – بتفوق – إلى المتوسطة.
نهلنا – سويا – من نبع (واو) و(القولد) !
سمعت أنه صار ضابطا بالجيش الشعبي.سمعت أنه هاجر إلى الولايات المتحدة.
قولوا له إن أباه (إبراهيم عويس) رحل !
أقسم أنه سيبكي بكاءا مريرا، وسيود لو يعانقني طويلا لنبكي سويا، والدا لنا عرفنا رحمته وحنانه وإنسانيته.
ويستغربون – حتى بعض أفراد أسرتي - كيف لي أن اتعاطف كل ذلك التعاطف مع (الجنوبيين) ؟
لماذا ؟
لأنني نشأت هناك.ولأنني لم أعرف – والله – أي فارق بيني وبينهم إلا بعد عودتي إلى الشمال.وحتى بعد العودة، أبت فطرتي أن تقيم ذلك الحاجز بيني وبين من نشأت بينهم، ولم أحسّ – بفطرتي الطفولية – إلا بالحب من قبلهم.
وكيف لي أن لا أتعاطف مع (واو)، واو المكان والإنسان والذاكرة ؟
بالله عليكم هل يخون المرء ذاكرته ؟
أنا منهم.من الإنسان فيهم.من بعض ذاكرتهم.من بعض جراحهم وأحزانهم.
هل بوسعي أن أفرح – أو أكون محايدا – لو علمت أن مايكل قتلته الحرب، أو أن بعض أفراد أسرته ماتوا محروقين ؟!
هل كان بوسعي أن أرفع سلاحا في وجه مايكل ؟!
لماذا ؟
ما من مبرر واحد لقتله عوض الارتماء في حضنه، حضن (واو).
ثمة ذاكرة مموهة ملتبسة غامضة مشبعة بالحنين بين الجنين ورحم أمه، هي ذاكرتي المشبعة بواو.
(واو) ليست (مجرد) مكان.هي ذاكرة مترعة بالمكان والناس.واو هي أبي وأمّي والناس – ذاكرة الطفولة بريئة ونقية، لا تقيم أيّ فروقات بين البشر، ولا بين المسجد والكنيسة !! - وأشجار المانجو والمطر والنهر والعشب والحيطان الحجرية وقطعان الأبقار والسماء الملبدة والعصافير والفراشات.
كنت صفحة بيضاء، رشت (واو) عليها سحرها وفتنتها وألوانها الطبيعية المعتقة وروائحها وأصواتها.
أقول لك يا عبدالغني، حين حلقت بي الطائرة فوق سماء الجنوب، في الصباح الباكر – أغسطس الماضي – في رحلة عمل لفائدة قناة العربية، اغرورقت عيناي بالدموع.وحين حطت في مطار جوبا، والسماء فوقي مرصعة بالسحب، والخضرة، كأنها خضرة كونية، تفرش الأرض بخضرة يانعة، والرائحة، و(الروح)، كدت أن أعانق جميع في المطار.كدت – يا عبدالغني – أقبل العشب، ووجوه الناس، ورقصة الأرض حين تستقبل المطر.كدت أقبل تلك العيون التي تلتمع في أعماقها معان كبيرة لإنسانية وفيرة حصلت – أخيرا – على قسط من كرامتها المهدورة، وآدميتها.كدت أقبل (أناي) فيهم، أليسوا قومي؟أليست مدينتي؟أليست مكاني؟أليست أخت (واو) ؟
بكت روحي هناك طويلا.فهذه الأرض، بعبقها وبخورها الأزلي، معجونة منها طينتي.تشربت بخورها، واحتفظت ببعض أسرارها.
أنا القادم من أقصى مكان يسمونه (شمالا) إلى أقصى مكان يسمونه (جنوبا)، من أنا؟! تتلفت روحي في الأمكنة، فتعثر على شتاتها في كلّ مكان.
يا مايكل عُد !
وإياك إياك أن تكون تحت الثرى، فأنا لا أحتمل موتا آخرا.
عُد يا مايكل، فالحرب انتهت، ولم يكن لنا فيها، لا أنت، ولا أنا، لا ناقة ولا جمل.الحرب انتهت، ولنبك قتلاك وقتلانا، ولنضعهم في قبر واحد، علّ عظامهم تعي أن هذا الثرى الذي نتوسده واحد !
علّ عظامهم تعي أن الجلد حين تأتي عليه الديدان، وتتشرب الأرض الدم، لا يبقى غير (لون) واحد للعظام !
عُد يا دوناتو مايكل، يا ابن أمّي، (واو)، فهناك متسع للحديث، وللرقص، وللغناء، وللحب أيضا.لطالما كان هناك متسع للحب، تعرف ذلك يا مايكل، فكل ذلك لم يغير فيك أبدا.
عُد وسنذهب إلى (واو) سويا.
عُد، والأسرة التي عرفتها، لم يبق فيها إلا أنا وأمّي و...أنت !
وتزوجتُ يا مايكل، وأنجبت (رند)، لابد أن تراها، وتحملها بين ذراعيك، وتقبلها، وتبتاع لها الحلوى.
إياك إياك أن تموت قبل أن تراها يا مايكل.
سنضحك كثيرا يا مايكل، وسنوقد (فانوسا) تجتمع حوله الأسرة للسمر الليلي في (القولد)، فقط (إبراهيم عويس) سيكون غائبا، لكن بوسعك أن تزور قبره وتترحم عليه.
سنضحك كثيرا يا مايكل، سنضحك (عليهم) حتى لو بنوا جدارا كجدار برلين، سنهدمه بقلبينا، وسأزورك في (واو) رغما عن أنف العالم كله، أليست مدينتي؟ وستزورني في (القولد)، أليست مدينتك؟
وحين أموت يا مايكل، ستدفنني في (واو)، قريبا من النهر، قريبا من الأماكن التي أذوب هياما بها.
حاشية: يا عبدالغني، أعثر على كتاب اسمه (الكأس المقدسة وحد السكين) لـ..ريان إيسلر، وأقرأه..يا الله !
تعرف، كلما فتحت كتابا ازددت يقينا بجهلي المطبق.أيّ كتاب يتركني كذرة تراب وسط هذا الكون الفسيح، الفسيح إلى درجة يصعب تصورها إلى درجة أن يفكر المرء في الصمت التام خشية افتضاح جهله !!
وأكاد أصيح: كم أنا جاهل فعلا !
وإليك أخيرا عبدالغني بعض (السهروردي)
وارحمة للعاشقين تكلفوا
ستر المحبة والهوى فضّاح
بالسر إن باحوا تُباح دماؤهم
وكذا دماء البائحين تباح
وإذا هُمُ كتموا تحدّث عنهمُ
عند الوشاة المدمع السفّاحُ
..يا عبدالغني، لماذا (كلهم) يقتلون ؟!


Post: #169
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-26-2008, 04:27 PM
Parent: #168


الأمكنة
(..)
المرأة مكان !
والمكان أنثى !
أليست الأنثى هي سر الحياة ؟ الأنثى، الإنسان، والحيوان، والنبات ؟!
أمّي مكان فسيح.بروائحها وثيابها الغيوم، وعيناها الشمس والقمر، وصدرها النيل.
الإله، أو قل الآلهة في البدء كانت أنثى.أسلافنا في العصور الحجرية الأولى والمتأخرة، توجهوا روحيا إلى الإلهة الأنثى، في هضبة الأناضول، وفي سهول سوريا، وسومر، وفرنسا والهند والصين.بل إنهم في الصين، ما زالوا إلى يومنا هذا يعبدون إلهات.
والحضارة في معناها العميق المتصل بالفنون والعمارة والعلاقات والتنظيم، هي كذلك أنثى.
من قال إن أسلافنا كانوا بدائيين متوحشين؟ الحقّ إن البدائية – بدائية النزعات الإنسانية – بدأت بشروع الرجل في (الصيد)، فراح يصطاد حتى نفسه !
لطالما استهوتني علاقة الجنين بالمشيمة والرحم.ذلك الكهف الأسطوري الأول.ما الذي يتبقى في ذاكرتنا منها؟!
لماذا نعثر على رائحة الأم فينا من بين آلاف النساء ؟!
هي (بخيتة محمد ساتي)، باعت حليها – في الزمن الإقطاعي الجديد الذي سحل الطبقة الوسطى، وأبقانا متشبثين بالكاد بالطبقات الدنيا – لأكمل تعليمي الجامعي.يا الله، كفاح رهيب خاضاه هي و(إبراهيم عويس) لأحصل على قسط من التعليم.
(إبراهيم عويس) بعد المعاش، كان لزاما عليه أن يتدبر عملا آخرا لكي نعيش، لكي أدرس.يواظب على عمله منذ الصباح إلى ما بعد الظهر، لا تثنيه آلام الرطوبة في ركبتيه، ولا الصداع النصفي.
علمتني في (واو) أن أحبّ محمد وردي حتى الثمالة.تغني بصوت رخيم:
(من فريع البان
البسوح نديان
الله يا سلام)
تغني:
(يا نور العين
يا نور العين انت انت
انت وينك وين)
أحيانا أحب أن أرقد على رجليها – على سجادتها، وأمامها المسبحة -، حتى وأنا كبير، من قال إننا نكبر على أمهاتنا ؟!
دموعها (قريبة) !
وبارة بأبويها.أذكر، حين غادرت إمرأة جدي لبعض شأنها في الخرطوم، - تزوجها بعد وفاة جدتي – كان يغشانا يوميا من بيته القريب ليمضي القيلولة والعصر معنا.أحاديثه وحكاياته شيقة.
يحكي لي – وأنا في إجازة الجامعة – عن سنواته في (البوليس) حين كان ضمن حرس الشرف الذي يرافق (الحاكم العام).عن سراي الحاكم العام، وحدائقه وأروقته.(محمد ساتي)، رجل نحيل، و(ختمي) معتدل.الحق إنه كان معتدل في حياته كلها.لكنه يغضب من جدتي حين تناديه ويكون قد بلغ باب الحوش، لتذكره بأن يجلب الطماطم – مثلا – من السوق، فيتصنع عدم السمع، يلتفت ناحيتها وهو في أشد حالات التذمر:
: (ست النساء) ! قلتي شنو ؟ انتوا الواحد يكون قاعد جنبكم اليوم كلو ما تفتحو خشمكم بس الواحد يوصل الباب تقعدوا تكوركوا! آى ! طماطم ؟! ما بجيب. جيك جاك..جيك جاك ما عندكم غير الحجة ! علي الطلاق ما أجيب طماطم !
أمّي تحبه.وأنا.حين أعتقلت وأذاعت إذاعة التجمع – من أسمرا – النبأ، وراح الرشيد سعيد وأسامة إبراهيم أحمد (رحمه الله) ليبلغانهما – هي ووالدي، رحمه الله - كاد يغمى عليها.
وحين عدت إلى القولد، بعد الاعتقال الذي لم يدم أبدا طويلا، انخرطت في بكاء مرير، ومضت تتحسس جسدي كله، لتتأكد،ربما، أنهم أبقوه على حاله.
أروع مكان رأيت فيه أمّي، المدينة المنورة، حين أتت حاجةً.
ترفل في الأبيض، وقلبها مضيء، وروحها متماهية في المكان.وعند قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) استكانت روحها طويلا، وكانت دموعها لؤلؤا روحيا منثورا في حضرته.طيلة أيام وجودنا هناك، لم تبارح الحرم النبوي.تأكل قليلا، وتصلي كثيرا.حتى نزلة البرد لم تأبه بها.
وهي الآن – لسعادتي يا عبدالغني – معي منذ ثلاثة أعوام ونيّف في دبي.لكنها تحنّ إلى قولد(ها).تحن إلى أهلها والنيل والسماء هناك.


Post: #170
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-26-2008, 04:30 PM
Parent: #169


الأمكنة
(..)
جوليا
جوليا من كلّ مكان ! من الأرض والأزهار والأغنيات والروائح.
لماذا نتحاشى دائما ذكر حبيباتنا، وإن حدث، إنقلبت الدنيا.ذاك شاعر يهمس بكلمات حبّ إلى حبيبته، فهل اقترف جرما ؟!
فليكن !
ما أعظم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين عزل واليا حتى قبل تثبيته لما دخل عليه الدار ورآه يلاعب طفلا أو طفلة فأنكر عليه (مشاعره الإنسانية الراقية)!
جوليا ! ما أعظمها وأطيبها وأنقاها !
وما أجملها !
ياااااه هذا (المحجوب) سرق منا كل ما يمكن أن نقوله:
(لما عرفتك اخترتك سعيد البال
وختَ شبابي متيقن
عليك آمال
لا جيتك قبيلة
ولا رجيتك مال
ولا مسحور
ويوم ما كنت في عيني
أجمل من بنات الحور
جيتك عاشق أتعلم من الأيام
ومن سأم الليالي البور
ومن أسر الولف كتال
لقيتك في طشاشي دليل
وفي حر الهجيرة مقيل
ركزت على ضراكِ عصاي)
هذه الصبية أنفقت كل رهاناتها عليّ، حين كنت (مشردا)، وهائما على وجهي، ومطاردا كمهرب مخدرات.حتى صويحباتها،أو قل بعضهن، راهنّ ضدها ورحن يحرضنها أن تلك تجارة كاسدة وأرض يباب!
واليوم، مهما يكن النجاح الذي أحققه ضئيلا وتافها، فلها منه نصيب وافر جدا.
معلق على أهداب عينيها، أرى العالم ملونا من خلالهما.
صبية لوقت الشدائد، ولأوقات الرخاء.
والألفة أن تصحو باكرا – لتتوجه إلى عملك – فتجدها سبقتك إلى المطبخ لتعد لك قهوة الصباح، ولتجهز لك ملابسك.الألفة أن تختار هي ثيابك وعطورك، وأن تتسامرا ليلا حول خليل عبدالكريم وإبراهيم الكوني وماركيز ومظفر النواب !
الحياة أن تراك كما أنت، لست مبرأ من العيوب، ولست مجللا بها.
وأنت تراها كذلك.
جوليا هي (طعم) الحياة.مفتاحها.بابها.
جوليا هي تجلياتها وتمثلاتها.هي استكناه عمق علاقة الكائن بالكائن بحثا عن مصائر مكملة.


Post: #171
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-26-2008, 10:14 PM
Parent: #170

*

Post: #172
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-27-2008, 05:42 AM
Parent: #171


يااااااه يا ودرملية
أنت نثرت روحك هنا ومضيت.

Post: #173
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-27-2008, 07:09 AM
Parent: #172

العويس،
كيفنك..

صباحك اخضر، وخصب..

ود رملية، مجذوب، من مجاذيب الحقيقة، من تلك الومضة الغائبة، والمستترة، والظاهرة، معا، تلك الروح التي تدفع للجنون، وتدفع للسكر، وتدفع للنشوة، وتدفع للعبقرية، وتدفع للإدمان، تلك الروح الغامضة، والأكثر وضوحا..

في ومض، تحس بأنك تمسك بها، ثم يكون سلامها توديعا...
عجيب أمرنا..
يقول جدنا سقراط، بأن الحياة لذيذة، وتستحق التأمل، والتفكر، ويقول الاستاذ محمود (من مادة الفكر خلق الوجود).. وياله من فكر، إنه فكر العقل القديم، لذا اوصى فتى قريش، المهذب التفكر.. (فكر ساعة خير من عبادة ..)...

الحياة تسفر عنها وجهها في عدة لبوس (المادية، الروحية، الديالكتك، الصراع الطبقي،)، تسفر عن نفسها في العقول الكبيرة، والصغيرة معا..

إنه المكان، وروحه الزمان..

والله ياعويس بحب الامكنة، قدسيتها، الارض (البيت الكبير)...
تظل الامكنة هي المسارح الحقيقية لوقائع الحياة..

المقبرة..
الروضة
الفصول الدراسية
ميدان كرة القدم، (حين أمر به، تتداعى نشوة الاهداف التي سجلتها، وأدخلت نشوة النصر في قلبي، وفريقي)، والجمهور، والعرق، والارجل الحافية، والانهاك، والراحة بين الشوطين... والاستلقاء المتعب على الارض، والبلل في الظهر من العرق والطين والانهاك..

النهر ، النيل (..............)...
المسيد (مسيد الشيخ يوسف)...


الامكنة الحية _وجوه البنات، الخالات، العجائز)....

أمكنة..
أمكنة..


سنعود لها، فهي الأم والحجر، والحضن، والقبر..


هل قلت جوليا؟...

.... طاب الذكر...



سنعود... كأطفال لحضن الارض... لحجرها، وروضها الدافئ..


... عودة، بإذنه، وبحبه، وبجماله..

..
....

Post: #174
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-27-2008, 10:33 AM
Parent: #173


عزيزي، عويس..


الأمكنة، يالها من وجه له، ...

من المناظر التي خلقت رهبة، وجوى، وظمأ للتماهي مع الطبيعة، ورغبة للذوبان فيها، منظر الجبال شمال مدينة محمد قول، كعادة وطني، بعد الجامعة، والجلوس في تحت النيم، وقهر العجز، ومرأى الأم وهي تحتاج ولا مناص، عملت بالتجارة لمدة 21 يوم، ومنيت بخسائر، لا يعلمها سوى الله..

كنت اذهب مع التجار لمدينة شلاتين، شمال بورسودان، مثلث حلايب، والطريق بري، وعري، وعبر لواري البت فورد القوية، تتحرك اللواري من حي ولع، شرق جنوب المدينة..

ثم نصوب الاتجاه نحو اربعات، ثم يتجه اللوري شرقا نحو البحر، وهو يحبو في الطرق المتلوية، خلف الجبال وبينها، ومن ورائها..
ويجري اللوري، ولا تعود سوى جبال، ومرات يظهر البحر، ويلوح من بعيد، من بين الجبال الشامخة، الغامضة، ثم نمر بقرى للهدندوة، قرى بسيطة، من خشب، أو لحى الاشجار،... وهم يعمرون الجداول التي تنساب من الجبال للبحر..

ومن تلك المناظر كان هذا المشهد..
بعد تعب وانهاك عظيم، وأنت عليم بما يفعله التعب، من فتح باب الشفافية، والنعاس، وتذوق المحيط، وصل اللوري لوادي عظيم، رملي، تحيط به الجبال كلحقة ذكر، والرمال ناعمة، كسجد من حرير رملي، وأشجار الأراك وقفت كحشم وخدم للسلاطين، وهم نحن البسطاء، أي منظر هذا، وكان معنا في اللوري بعض النساء الهدندويات، ومجموعة من اجناس شتى.. (تذكرت رحلة الراوي في موسم الهجرة، من الشمالية للخرطوم)، جلسن وبدأن في عمل القهوة، واخوك بدأ ينظر للعالم العظيم حوله، لا أثر ليد انسان هنا، الطبيعة صاغت نفسها بنفسها، مواقع الاشجار اختارتها يد الطبيعة، عظمة واشكال الجبال العملاقة، اختارت شكلها هي، والبحر يلوح من بعيد في بساطته الاسطورة، وأمواجه تهتز (كأنها ملاءة تحت تمارس لذة ما)، لا أدري قائل هذه العبارة، ولكني تذكرتها للتو..

ثم النساء البسيطات، ما قاله الراوي هناك، أقوله هنا (:كأنهن قبيل من الجن الجميل)، ورائحة القهوة، ونعومة الرمال، بدأت أتجول في المكان، الخيرات الصغيرة التي تخلقها المياه المنسدلة من الجبال (منسدلة، وليست مندفقة، فالماء شعر، وشعر "من الشعور، والأولى شعر النساء).... اخاديد وتعرجات خلقتها الماء في قلب الرمل... حشائش تتخلل اللون الذهبي للرمال....

لا صوت، سوى صوت الطبيعة، أحسست برغبة جامحة في الدفن، أن ادفن هنا، أن اذوب هنا كملح، كسحر، كخمر، أن تشربي هذه المناظر كلها، والله ياعويس فكرت الهروب والذوقان في هذا المشهد، تذكرت رحلة الفتى محمد للشام، تذكرت رحلة رامبو لليمن، وافريقيا، تذكرت حوافر الحمار الطيب وهو يحمل العذراء والمسيح وخلفهم يوسف النجار في صحراء سينا..

وتذكرتي (الكوني)، ياعويس...
الكوني قتيل الصحراء ياعويس..

الصحراء ذهب..
بل الذهب صحراء...
الصحراء عجيبة، تشكل نهود للنساء، وتشكل ظهور الابقار، وتتلوى كأفعة، وتصمت، وتثور..
الصحراء تغري العين بالصمت، والرهبة...
لكل فعل رد فعل، مواز له، مقدس له، عجيب له....

تجولت هناك، وابتعدت عن اهلي التجار الصغار، البسطاء، ومن هناك رأيتهم، قلب الصحراء هم، منهم من نام، ومنهم من سرح في تذكر اولاده في الريف ا و الابيض او كسلا، ومن يسبح، ومنهم من يصلي،
سئل أين القبلة..

فقلنا له، أينما تولى هنا.. فهو يراك..

رهبة جميلة،
رهبة عجيبة...

ثم مالت الشمس للغروب...
ونفثت دمها البرتقالي بريشتها العجيبة على الجميع، رؤس الجبال ورؤس الاشجار ووجه النساء والرجال، صرنا ذهب، صرنا ذهب حي، ... أحسست برهبة دينية عجيبة، ماهذا... لم المدن قاسية ومادية..

إحساس عجيب، سكنني، ويراودني إلى اليوم، عصي التسفير، والوصف..


إحساس عجيب، فأحببت الكوني.. ياعويس...


ونعود للكوني...

Post: #175
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-27-2008, 10:19 PM
Parent: #174


Quote: ثم مالت الشمس للغروب...
ونفثت دمها البرتقالي بريشتها العجيبة على الجميع، رؤس الجبال ورؤس الاشجار ووجه النساء والرجال، صرنا ذهب، صرنا ذهب حي، ... أحسست برهبة دينية عجيبة، ماهذا... لم المدن قاسية ومادية..

إحساس عجيب، سكنني، ويراودني إلى اليوم، عصي التسفير، والوصف..



الله الله
سأعود

Post: #176
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 04-27-2008, 11:53 PM
Parent: #175


يا واقفان على شفرة الأسئلة ..
قاتلني الله و محاحاتي للطيور التي تُنهضوها هنا .. هكذا , جناح ٌ في إثره فرفرة ..
و كنت حمدت الله أن مرقني من جنس الهبشة هذه ..
فتجنبت دخولاً ههنا ما وسعني ( و الوسيعة بتضيق بيك يا عبد كلما حريت فيها فَرَقه ) ..
لكنه لا فكاك .. فقد استفحل ما عندي من المزازاة .. فدخلت نهلتُ .. ثم نعتكما بنعوتٍ تفثأ غيظي ..
و عدتُ خرجتُ .. دخلتُ قرأتُ حمدتُ .. خرجتُ لعنتُ .. طربتُ و طبتُ ( و السعي جاوز أشواطه .. و الترعة كَسَرَت ) ..
حتى صار أمري فرطا ..
يقول واسيني الأعرج في شأن الكتابة ( هذه اللعنة الطيبة ) :
Quote: كثيرا ما لامني بعص الأصدقاء على هذا الكلام: نكتب لنشفى.
مازلت مصرا على أن الكتابة دواء الروح ، وحدها قادرة على لملمة شظاياها الممزقة وترتيبها لا مثلما كانت ومثلما خلقت , ولكن مثلما نشتهي . وربما كان هنا رهان الكتابة في علاقتها العظيمة بالحرية . ولكن .. في مقابل ذلك يجب أن نقبل بالكثير من التنازلات , أولاها أن نضع الكتابة في القمة . الكتابة لا تقبل الشريك لأنها فعل كلي وانتحاري بامتياز ، اي قيمته في الفرادة وليس في التشابه مع الآخرين . في اللحظة التي نصير فيها صورة أخرى لواقع موجود ، تتخلى عنا الكتابة . واقول هذا عن تجربة وسبق إصرار وترصد . من أجل الكتابة تركت النقد ، وتركت القصة القصيرة لأنها كانت فعلا تشويشيا على حالة فيها من الاتساع والحرية ما يمكنها من أن تضم إليها كل الخطابات . هذا أنا كما أقول دائما . لقد خسرت النقد والقصة القصيرة ولكني ربحت ما هو أهم : الكتابة التي أشتهي .
ولهذا كله أخجل من تقييم كتابتي لأنها ليست ملكي . منذ اللحظة التي تصبح فيها ( كتابة ) فهي ملك للآخر القارئ . هو وحده يملك هذا الحق . ولكني أعرف طبعا منغصات الكتابة وأولاها هي الجبن عن قول ما تراه الكتابة حقيقة , ونصر أنه غير ذلك . السهولة والرضى الدائم هما واحدة من المنغصات الأخرى التي تمنحنا للحظة القناعة المفرطة بأننا صرنا علامة . لسنا علامة لأي شيء , و لكننا رحلة في سياق صنع العلامة التي ستنبني على التراكم . لم تكن هناك رواية في البحث عن الزمن الضائع لمارسيل بروست لو لم تسبقها نقاشات الجيل الكلاسيكي ، لم تكن الف ليلة وليلة لو لم يكن السرد العربي العظيم وهكذا . التواضع في الكتابة ليس كلمة ولكنه فعل يومي وصراع مستميت ضد ما تمنحه لنا وسائل الإعلام من وهم خطير وأننا صرنا فجأة أنصاف آلهة . والنضال ضد الأوهام لا يقل قيمة عن نضال التغيير . انا أعمل على تهديم الأوهام بما في ذلك الوهم اللغوي واحاول أن أمنح القارئ وهما أكثر تواضعا ، لحظة إنسانية ربما استطاع تقاسمها مع شخصياتي ، من يدري ؟ الأدب أحيانا هو أجمل الكذبات القريبة إلى عمق الحياة .
و هكذا ..
فأنا أحبكما هكذا : شاهرا الروح و .. هباشان .
هذا .. و فوضت الأمر فيكما لله .


Post: #177
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-29-2008, 11:28 AM
Parent: #176


عماد أيها الفنان المتعب المتعب (الأولى بفتح العين، الثانية بكسرها)
Quote: قاتلني الله و محاحاتي للطيور التي تُنهضوها هنا .. هكذا , جناح ٌ في إثره فرفرة ..
و كنت حمدت الله أن مرقني من جنس الهبشة هذه ..
فتجنبت دخولاً ههنا ما وسعني ( و الوسيعة بتضيق بيك يا عبد كلما حريت فيها فَرَقه ) ..
لكنه لا فكاك .. فقد استفحل ما عندي من المزازاة .. فدخلت نهلتُ .. ثم نعتكما بنعوتٍ تفثأ غيظي ..
و عدتُ خرجتُ .. دخلتُ قرأتُ حمدتُ .. خرجتُ لعنتُ .. طربتُ و طبتُ ( و السعي جاوز أشواطه .. و الترعة كَسَرَت ) ..
حتى صار أمري فرطا ..


غايتو عليك جنس جنّ يا عماد ومكابدة !!
شعشعت يا عماد ؟؟
أنا - والله - كذلك، بك.

Post: #178
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 04-30-2008, 06:26 AM
Parent: #177

العماد، نفسي ألقى الوقت، كي أتمرغ في رؤاك، الغريبة، مشغول هذه الأيام،
ولأسبوع كامل، أسرى الشغل القاهر، أنظمة رأسمالية، لا تعرف هل خلق الله ماركس أم لا، هل خلق الله النقابات أم لا.. هل خلق الله فكرة العدالة الاجتماعية أم لا.. وهل خلق الله الحديث النبوي الحنون (ليس منا من بات شعبان، وجاره جائع)، وجاره مهموم، وجاره مذموم، وجاره صايع.. وضائع..

ونعود بإذنه، وبجماله، وبرعايته..


العويس، مسكون بالكوني للآن، وبالصحراء..

وعشمي بعض يوم، لمشاغل صرفتني عن سنى عمرك الذهبية، وهي تتمرغ في حقول حروفك المتفردة..


الحب ياعويس..
والشوق الاكيد..

Post: #179
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 04-30-2008, 03:24 PM

عبد الغني وعويس : الف سلام.
حاولت مراراً ان اتفرج واقرا واستمتع ، وهذا بالضرورة يعني أن لا أقول (ولا بغم) بكسر الباء ولكن يبدو انكما ستورطانني في كتابه لا أعرف لها بداية ولا نهايه . غايتو انا استمتعت بمزااااااااااااااج ويلا لي قدام يمكن أجيكم بكتابه ويمكن لا
مع الموده :
حامد بخيت

Post: #180
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 04-30-2008, 03:47 PM
Parent: #179


حامد يا ودي أمي
تعال هابش زي ما نحن بنهابش.
بالله خلي اليمكن التانية دي تعال بالأولى.
(يمكن أجيكم بي كتابة)
فليكن موسما للكتابة.

Post: #181
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-01-2008, 10:43 AM
Parent: #180


غريب أمرنا يا عبدالغني !
لم نتهاتف طيلة هذه الفترة !
لعلنا استوينا على طود الكتابة فما شئنا غير ذلك.
هاتفني - أمس - صديق يحثنا على نشر هذا النزف في كتاب.ترى هل يستحق فعلا ؟!
يا الله ها نحن نعود إلى دائرة الأسئلة القلقة تارة أخرى، الكتابة !!
...
في واو، عرفتني (بخيتة) على (النور الجيلاني) قدس الله سره.
الحق، إنها زرعت فيّ صوته.وإلى الآن أنا أطوّف في فضاءاته.
تعرف النور الجيلاني مثل شيوخ الصوفية، أو كـ(ابن عربي) لابد أن (تتهيأ) له، وإلا ضعت !!
صوته، صوت قمم النخل حين تبكي بفعل الريح، والسواقي حين يهزها الحنين وحده، والنواقيس التي تعرف الله، والمآذن التي تخبيء أسرارها في معمارها.
صوت (البرش) و(الفركة) والقماري، والأبنوس والتبلدي.
هذا (النور) ..نور.
هذا (النور) له احساس مجنون تماما.يدس في أعماقك طاقة هائلة للحزن والوجد والأسى.صوت مفجوع يلونه احساس كوني هائل.
يا الله !
هذا (النور) مكان !
مكان هو الآخر، كواو والقولد وكسلا.


Post: #182
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-01-2008, 11:25 AM
Parent: #181


الأمكنة
(..)
جدي (عويس) مات فوق التسعين، وهو يقرأ القرآن على ضوء القمر.هو حفيد (الشيخ عووضة القارح).
أشك أن إنسانا أحبني – بعد والديّ – كما فعل هو.كنت أجد فسحة لا نهائية في بيته.الكتاب المقدس مفتوح دائما على (فروته)، فروة بيضاء ذات حواف سوداء.فروة كبيرة هي مكانه الأثير، إضافة إلى مسبحة عملاقة من (اللالوب) انتهت إلىّ أخيرا !
رجل حييّ وورع.لا يتحدث كثيرا ويضحك في صوت خفيض غالبا.لا يأكل كثيرا.ويهتم جدا لأمر النظافة.داره فسيحة.أذكر البئر وأشجار (النيم) العملاقة، و(بيت الحمام)، وأمام الحوش، تمتد إلى غاية النهر، الحقول المزينة بأشجار السنط والهشاب والدوم والنخل.
كأن هذا الفضاء امتداد لروحه.يمسح على رأسي، ويقرأ آيات عليّ.حين أجيء داسا كفي في كفّ والدي، يفتح ذراعيه ليحضنني طويلا، ثم يصطحبني إلى غرفته المكدسة فيها الكتب ليمنحني الحلوى.الحق إنه يبتاع الحلوى خصيصا لأجلي.لم يزجرني يوما، ولم يدع أحدا يزجرني.وأنا كنت أتملص من شياطيني في حضرته لئلا أغضبه يوما ما.ولم أفعل.
حين مات، في حدود 1980، أيقظتني أمّي ليلا لتقول لي:
جدك مات !!
امتلأت مقلتاي بالدمع، وانخرطت في بكاء مرير وكأن عالمي كله رحل.الحق إنه كان عالما فسيحا.رحنا نقطع البلدة كلها لنبلغ داره.الكون كله في هدأة، لكأنه يبكي سرا.هكذا خيّل إلىّ.وهناك، حيث كان والدي وعمّي وعماتي وأهلي إلى جواره في الساعات الأخيرة، واجهت الموت للمرة الأولى.
كانوا كلهم يبكون.باب (الديوان) موصد، وكبار الأسرة في الداخل يغسلونه.أراد والدي أن أراه مرة أخيرة، لكنه فضّل أن يجنبني هذا الموقف.في الساعات الأولى من الصباح، خرج نعشه محمولا على الأكتاف في موكب مهيب جدا.خلق كثيرون جاءوا لوداع (الشيخ).والشمس تطلّ من قمم النخل، من وراء النهر، وترمي بأشعتها على خضرة الحقول، راحوا يمشون على عجل باتجاه المقابر.
لسنوات طويلة جدا، كنّا – والدي وأنا – نذهب لزيارته.وحتى الآن، لا أغشى القولد، إلا وأزوره.
صفّ من القبور، هو، ثم عمّي حسن، فتاج السر، وجدتي (حرم إدريس)، وأخيرا إنضم إليهم (إبراهيم عويس).
صفّ من الأزهار، نسقيها بدمعنا وأرواحنا.ترى يا عبدالغني، هذا القرب في الموت، هل يقرّب أرواحهم.وهل عثرت روح أبي على روحه؟
وهل ستعثر روحي على روحيهما؟


Post: #183
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 05-01-2008, 12:30 PM
Parent: #181

بعض الاشخاص لهم خاصية الأماكن !
لهم عناوين و ألوان و رائحة و مواقع على خريطة الزمن و الشعور
و بوصلة ما تقودك نحوهم رغما عن انفك!
زيكم كده يعني!
و في حضرتهم، ترتب هندام الفكر تشد اطراف اكمامك تمسح عرق باطن ايدك
تنصت ..
تنتبه ...
و تطرب بقلبك
وعلى نغم الكلام تنتشي تقول الله الله الله!
خالد، كرم الله وباقي القعد الفريد ... بالله زيدونا!
زيدونا اماكن .. زيدونا أدب!

Post: #184
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-01-2008, 03:43 PM
Parent: #183

عزاز
مساء/صباح الخير
للبشر (خواص) !!
و...
للأماكن فعل السحر في نفوسنا.
بعض الأماكن تقتلنا ضجرا، وبعضها تقتلنا شوقا وحنينا.
بعضها - كبعضنا - معطاءة وإنسانية جدا، وبعضها - كبعضنا - قاحلة جافة.
بعضها إنسانية وغنية حتى لو كانت خلاءا ما بعده خلاء، - يا عبدالغني - مثل صحراء سيدنا إبراهيم الكوني.
تعرف، أفكر وأدبر وأخطط تخطيطا (آثما) - فبعض التخطيط إثم - للذهاب إلى (هناك)، تمبكتو وكيدال وكثبان الرمل التي تخفي عوالم وتظهر أخرى.
مناطق الهقار وسلاسل الجبال الغامضة التي تلوح فجأة وسط أودية الرمال.
يحكي - هو - عن احدى رواياته، أن شقيقه الأكبر - وهو عالم - حكى له عن ذلك الطارقي الذي ارتقى جبلا عاليا جدا ولم يستطع العودة إلى السفح !!
راح يتأمل الجمال والناس والأشجار والصحراء من عل !!
تأمل ذلك كله، كم يبدو الكون (المنفوش، المغرور) تافها صغيرا !
ابتعد، فرأى (بعض) الحقيقة !!
لكنها آلمته أيضا.
يا الله يا عبدالغني، هذا الكوني يأخذ بتلابيبنا عنوة إلى الفلسفة.
تأمل: أن تصعد قمة ما ولا تقدر على الهبوط.مرغما لا تقدر على الهبوط.تعيش عزلتك الإجبارية، فتضحك على أولئك المغرورين في الأسفل، وتبكي على حالك، وتحاول أن تتدبر أمرك !

Post: #185
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-02-2008, 04:29 AM
Parent: #184


الكتابة ألم ممض.
كلها ألم.
اعتصار الذهن، والأسوأ، اعتصار الروح لاستحلاب البخار المتخمّر. والرواية هي أسوأ أنواع الكتابة.هي ليست (سردا) محضا، ولا بعث عوالم موازية متشعبة وحسب.هي أبعد غورا من ذلك.في (كياح) أدركت أن التماهي مع شخوص مثقفة، كما فعلت في رواياتي السابقة، هي مهمة يسيرة نوعا ما.الأصعب أن تتماهى مع شخوص ليست كذلك.
ولأشهر، بعد كتابة (وطن خلف القضبان) تلبستني روح صوفية راحت تفرض علىّ مواقيتها الصباحية، ونزواتها الليلية، فكنت أذرع - مع الشياطين - شوارع (الرياض).تترع روحي كلّ ليلة بفيوض وأنوار متلألئة.
في (كياح)، الأمر جد مختلف.وأظن، أن الروائي، بعد روايات عدة، يصبح في خضم متاهة الشخوص.من أنا يا عبدالغني.أناي متشظية في عشرات الشخوص والأمكنة والحيوانات والنباتات.
من (أناي) ؟
ومن هم ؟
....
أهاب (درويش) يا عبدالغني !
أهاب تجربته وآلامه.أخشى تسكعه في أروقة التاريخ و(الأسفار) والأمكنة، هو الذي يحمل (اللا وطن) على كاهله، ويكحل عينيه بالوطن في عيني كلّ أنثى ليلية أو صباحية ترشف القهوة ببطء أمامه.
يفلّي القمل عن الكلمات ويمشط جدائلها راصفا طريقه نحو السماء.
أقف على عتباته في خشوع ومهابة.مهابة أن أحترق في الضياء:
( لم يسألوا:ماذا وراء الموت ؟ كانوا
يحفظون خريطةَ الفردوس أكثرَ من
كتاب الأرض، يشغلهم سؤال آخر:
ماذا سنفعل قبل هذا الموت ؟ قرب
حياتنا نحيا، ولانحيا.كأن حياتنا
حصص من الصحراء مختلف عليها بين
آلهة العقار، ونحن جيران الغبار العابرون.
حياتنا عبء على ليل المؤرخ: "كلما
أخفيتهم طلعوا عليّ من الغياب"....
حياتنا عبء على الرسام: "أرسمهم،
فأصبح واحدا منهم، ويحجبني الضباب".
حياتنا عبء على الجنرال: "كيف يسيل
من شبح دم؟" وحياتنا
هي أن نكون كما نريد.نريد أن
نحيا قليلا، لا لشيء....
بل لنحترم القيامة بعد هذا الموت.واقتبسوا،
بلا قصد كلام الفيلسوف:"الموت
لا يعني لنا شيئا.نكون فلا يكون.
الموت لا يعني لنا شيئا.يكون فلا نكون.
ورتبوا أحلامهم
بطريقة أخرى.وناموا واقفين) – لم يسألوا:ماذا وراء الموت / درويش
..
يمضي (يقيس المسافة) ما بين (الأجساد) و(القذيفة) بـ(الحاسة السادسة).
يقيس ذروة أحاسيسنا حين ينهمر الشعر، ونقف تحته عراة - يا عماد - لنتبلل تماما، يقيسها بمجسات من اللازورد.
يمسّد نهود النساء تحت شمس شعره.يستنبت الزيتون على تلال القلب، والتين !
يستدعي الأساطير الهوميرية، و(الأسفار) والمقدسات، ليوقد من زيتها قناديله السماوية.


Post: #186
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-02-2008, 03:22 PM
Parent: #185


الأمكنة
(..)

همز حماره واقتحم الباب الدوار لتنساب امواج النيل إلي داخل الفندق الفخم , بت مجذوب كانت تكركر بضحكتها وتهجم علي رقبته , هتفت في عنج : والله يا ود فاطمة تعجبني شيطنتك دي !!.
سألني عن دخان انجليزي معلقا : أنا لا احب السجائر الأمريكي ! بشرته السمراء شذبتها انامل لندن . حكي لي عنها . مولع بنايتس بريدج وبيلغرافيا وساوث كنغستون واشعار روبرت فروست وامبسون ودون . يغمس قدميه في غبار الحكايات العتيقة ويتجرأ علي تأمل وجه مصطفي سعيد . عيناه عميقتان , وفمه يحكي عن سخرية نابهة . القوم يقودون حميرهم باتجاه سوق الخميس , ثمة رجل يلوي عنق حماره ليكحل عينيه بذلك الكائن الخرافي الممتد ، يستمتع باشعة الشمس ويغرق في طوفانه , كائن لا مثيل له ،خارق فاحش الجمال حتى ابان سطوته , هل بدا لك ان تستقر بأعماقه لتكشف كنهه ؟ يبلل ريقه بمزيد من الجمال والغموض , تتهادي عليه قطع الاخشاب المنفلتة , ربما رحل !! ينسل من نسيجه ليلجم ود حامد بالدهشة , يختن فيها ويعشق امرأة سمراء , قلبها من الماء , تشبه الكائن الغاض بألحانه وجنونه , علي رمل الأيام المنسية أحاديث غامضة , وهمسات تناغي قمر الصحراء وملامح النهر .
يؤذن رجل بهي فنهرع جميعا نركض , نستحم في صوته , انادي الرجل الغريب بعد الصلاة . أضعته , لم يروه , هل كان هذيانا ؟ .
ذهب إليه في قلعته المسكونة بأرواح اسطورية . تندغم الحواس , تتشابه المشاهد , تنتفي خطوط الزمن , يكون الصوت من اعلي المئذنة قادما من كل الكون , "واحد كاباتشينو من فضلك" , وأنت تطلب شنو ؟ قهوة تركية ! نمشي مسافة قصية , ندور في الأسواق _( احب القمصان المصنوعة من الصوف الإنجليزي) ! يمازح البائع اللبناني , نبحث عن عراقي وسروال , ومحل عبدالله محمد خير , مرحبا بك أستاذ الطيب , والله عبدالله مشي السودان في إجازة , خلاص قوليهو نحنا جينا مالقيناهو .
السوق مزدحم بالخلق ... سحنات بيضاء و صفراء وسمراء , عمائم وجلاليب : يا حليلم الناس ديل طيبين بالحيل .بهو الفندق غاص بالجماعات التي تناقش الشأن الثقافي والرياض تتوشح برودة خفيفة . يسري صوته كماء النيل : في حضرة من اهوي .. عبث بي الأشواق .. حدقت بلا وجه .. ورقصت بلا ساق .. وزحمت براياتي وطبولي الآفاق .. عشقي يفني عشقي .. وفنائي استغراق .. مملوكك لكني سلطان العشاق . عميقا ودافئا يلامس صوته مواويل الغربة وتواشيح الحزن الابدي , تنفلت آهة حبيسة من صدري , الله الفيتوري دا شاعر عظيم .
أسأله :لماذا اخترت هذا المقطع في تصدير إحدى رواياتك ؟ أنا كنت احب شعر التفعيلة , القصيدة دي لما كتبها الفيتوري قبل عشرين او تلاتين سنة شدتني بقوة وخلتني احس بان التفعيلة فيها شيء جميل .
يركض الليل. وتتماوج الأشرعة اللازوردية فوق نيل آخر , تشرق الشمس , ولا تنمحي ذكريات الليلة الفائتة . حد رهيف بين الصحو والسكر , الوقت يصبح مثل آنية تستفيض بمائها وتدلقه علي الوجوه , اغسل وجهي , واستريح من اللهاث قليلا , وازحف نحو الفندق مقطوع الأنفاس ... الله ما احلي الصحافة !
سخرية خالد القشطيني مع قدح قهوة ثم الزول الأسمر يحيط به سودانيون يستمع ولا يتحدث , شحيح الكلام , أولاد حاج الماحي يتسللون إلي الحديث عنوة فتدوي الطبول ونغرق في شجن صوفي .. جورج امادو يستحق نوبل اكثر من غارثيا ماركيز!! .
ماذا عنك استاذي ؟ يا أخوانا انتوا عاملين جوطة ما بستحقها , انا مجرد تربال بسيط قال ليهو كلمتين وخلاص ! وجه آن همند والحجرة العجيبة , ود الرواسي , كيف تقتل زوجها ثم تنتحر ؟ استغفر الله قالوا .. معقول ؟ تنطوي القرية علي اسرارها وتدفن فجيعتها , ليتك تزوجتها . اما كنت تحبها ؟ تري أين هم أبناء الفاجرة الآن ؟ المحكمة . تفاصيل يستسخفها , وإدانة محققة تتواطأ عليها الحضارة بزعم العبقرية التي ضلت الطريق ! ايزبيلا سيمور , وجين موريس ! علي ضوء الشمعة يبدو وجهها مستفحلا في سحره , كان يكتب عن الاشتراكية والتحرر الأفريقي .
انثي تستحق ان ندفع عمرنا لها , لقاء ماذا ؟ يخطر له ان يدعونا لتناول الفول المصري في مطعم سوداني , نتسلل , يحتوينا ليل الرياض , شاي ساخن ثم سيجارة , قلت لي ابكر ادم لفت نظر جمال الغيطاني والله السودان دا فيهو عبقريات كبيرة خلاص ! يتحدث عن الشيخ المجذوب , يا اخي دا شاعر فحل ! وروايات إبراهيم الكوني وشعر احمد مطر والدوبيت .. يا اخي انا اتعبتكم معاي !! اتجرأ : انت عندك رأي في الأنثى السودانية ... لي شنو عرست خواجية ؟؟؟ يضحك (والله يا اخوي انا مرقت من البلد بدري وما كان في طريقة ارجع عشان افتش مرة سودانية ) . يهوم في الأجواء الاسكتلندية , يصفهم بأنهم بدو الإنجليز ، يسبغ عليهم أوصافا غير مألوفة ...كرماء بعكس ما يشيع عنهم الإنجليز , (بعدين يا خالد انا زوجتي دي ما كنت حالقي احسن منها . فاهماني وفاهمها ومرتاح معاها) , ابنته الكبري زينب التي اكتفت بتأليف مسرحية واحدة باللغة الانجليزية وانصرفت بعدها لعملها الأكاديمي , يهوي البذلات الداكنة والقمصان الرمادية يصعد إلي غرفته في الحادية عشر , ويتحاشي الصحافة يا أخوانا نحن اخدنا فرصتنا كفاية امشوا للشباب بعد كدة) ! قال ان اروع أمانيه حوش كبير وزير موية وشجرة نيم هناك في الشمالية , تتوقف اللواري وينحر العربي ذبيحة فينزل الرهط وتخرج قناني العرق ثم يدب النشاط في اجساد الجميع فيهبوا للرقص , شرفة تنفتح علي كون مضيء فسيح يترامي بين النهر وحدود الصحراء , حين يهطل الليل , يتبدى كون آخر .... ثغاء الأغنام وخوار الأبقار وغناء حزين , تنقل الريح العابثة حمحمات الدلوكة وبكاء السواقي , الموج يلطم خد محبه برفق , لا تقاوم , فللنهر سحره الغريب ساعة الشفق ربما تلاوين الغسق علي صفحة الماء ....حذار , الرجل الشامخ الذي يتحدي الموت لأنه لا يسرف في الحياة ! جلسة الندماء علي الرمل البارد .. ما أروع العشاء باللبن وسط الصحاب ولعق الأصابع والتمرغ في تراب القرية النيلية .. مريوم .. آه .. قبرها حكاية قلب موجوع اثقله الاسي وفاض به الحزن , اضمها إلي صدري وارقدها في شق ضيق , اودعها , كانت تذهب إلي مدرسة الأولاد , وتتنكر في جلباب مهتريء , الحنين يغازل الكون بترفع ويطوي أسرار قرون مضت . قالوا انه قتلها بدافع المرض النفسي ! هكذا تفسر الجرائم المركبة عندهم تراجع عن حرق الغرفة . ود الطريفي يحكم خطته , يتقاعس الناس عن نجدة نمر هرم , وتستمر الحياة كأن شيئا لم يكن . صحونا علي صراخها , حسبت بت مجذوب ان الفتاة تبالغ في غنجها , لكن .. لا عليك فالليل يستر الجريمة . ولن تعرف الحكومة الامر . علم القرية زراعة التبغ واستحالت الحقول إلي مروج من ذهب . ذهب ! هذه النخلة هي أنا وأنت ... التاريخ !!. حين عاد من لندن , كان السر محفوظا في جوانحه , أدارت الخمر رأسه , فباح بخليط من العربية والانجليزية , شعر! ليشنوا بتحب جون كيتس ؟ والله انا بستمتع بشعراء كتار . زي منو ؟ عندك امبسون مثلا . يتلفت ببطء ويشعرك بحميمية دافئة . يتحدث علي مهل وترف ابتسامة عذبة علي طرف فمه . ابونواس , البحتري وجماعة الاكبريين في الجامعة الانجليزية العتيقة . هل يسهل علي الإنسان الاعتراف بعجزه عن فهم بن عربي ؟ يرشف القهوة ويتابع , انا بسمع احمد المصطفي وعثمان الشفيع ووردي وابو داؤود ! ايوة بثينة خضر مكي قابلتها في القاهرة وافتكر انها زولة مبدعة . يجلس في طاولة جورج سمعان وسعد البزاز وعبد الله المعراوي وعرفان نظام الدين , غير بعيد يدير منح الصلح نقاشا فكريا . تعرف انا عندي روايات نشرت في إسرائيل , أخوانا الفلسطينيين لو وصلوا لي اتفاق وسمحوا لينا بي زيارة إسرائيل انا حأمشي أطالب بحقي ! البرد عاصف , يتوقي بمعطف شتوي ثقيل , ويخطر في ردهات الفندق . سيجارة اخري , وربما نزهة حول الفندق مع خالد القشطيني . إضاءات من كليلة ودمنة , تراءي لي جالسا علي الشفق يفرد جناحيه علي الدنيا زول , دنيا لا يملكها من يملكها

......!!
شتاء 2001م
..
ثم
..
..
..
أبريل 2008
حين قرأت - قبل أشهر - الخبر، شعرت بجزع بالغ.هاتفته.ردت كما هي عادتها بإنكليزية تكاد تكون شكسبيرية.سال صوته البهي - متعبا -.زاد خوفي عليه.توالت الاتصالات، ثم جاء.
كان معه الأستاذ الفاضل/محمود صالح.ذهبت.
ياااااااااه
هو هو، لم يتغير ولم يتبدل.ذلك الإنسان الباذخ الراقد في أعماقه، وطيف ابتسامة تسخر من كل شيء ترف على طرف شفتيه.لم تهده المحنة.لم تهد روحه أبدا.هو هو، مطمئن وغير جازع.راح طيلة ساعة ونصف يتحدث في كل شيء - إنما باختزال، كعادته - الآداب والفنون والصحة والحياة والشعر.
إنه مكان.مكان يشبه الأماكن الوادعة البسيطة التي تسكننا منذ قرون.مكان متسع لكل شيء، وبوسعه أن يصبر على كل شيء، على المطر وعلى القحط وعلى العواصف وعلى الربيع !!




Post: #187
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-03-2008, 05:05 AM
Parent: #186

**

Post: #188
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 05-03-2008, 07:23 AM
Parent: #187

عويس سلام : بداية المجيء هنا


سيرة محكية البحر والتراب


هي ليست سوى سيرة ما كلفتني الحياة – حياتنا طبعاً بنقله تماماً كما حدث وليس لي في الأمر من شيء ، هو البحر إذاً ذلك الذي خصني بسماع محكيتة وأسرار التراب وعمدّني راويتها ، (خور الحاجز ) هكذا عرّفه القدماء ولكنا من فرط جسارتنا ونكاية بالطبيعة أسميناه (البَحَرْ) ، هادئاً حيناً غير أن أغلب أحواله هياجاً ، شدني إليه وعرفني بالحكاية ، حكاية الوجود ، لم يكن بيننا من مسافة إلا قاب انتعل (حاجه كافره) خاصتي وحين يغافلني ويبدأ سرد حكاياته لا أجد من الوقت ما يكفيني لانتعال حذائي فأهرع نحوه .
قال أصحابي : هو أمهر المغنين الذين عبروا أمسيات قريتنا ، كونه لا ييأس من ترداد أغنياته ولنفس السامعين . قلت: بل هو ابرع الرواة ، أنا اعرفه جيداً ، فكثيراً ما وقفت بناصيته وهو يروي حكاية ميلاده على آذان شجيرات( العوير ) التي لا تمل فهي لا تمكث بمكان ما مقدار ما يؤهلها حضور التحولات ، كانت تبكي حينا وأحيانا تريني أسنانها بيضاء لشدة ما راق لها قوله .
في تمام الغي بدأته بسرد محكيتي ، اعرف أنها كانت مبتذله واعرف كذلك أن ليس ثمة من يمكنه سماعها فهي تمام الملل ، قال: الحكاية اشد إيلاماً وأقرب رحماً من الأغنيات ، ما كان لي أيها المحشو بالخوف أن اروي عنهم لولا اني عرفتهم ، ثم أطلت بقاءاً في مضغ ذاكرتي حتى صارت قبالة مدخل الابتلاع .
إذاً أنت ترهقني تمهلاً : قلتها وبكيت .
قال : دونك البحر -كما تجاسرت على التعريف- واسع الصدر وأعمق من بئر أقوالكم المعطلة ، أطرح عليه ما ثَقُلَ على قلبك ، وتخير دربك
قلت: أنا إذاً أعلمهم بسرِّك حين أطلقت البحر وهم ينادونك (خور الحاجز) اعرف انك اختزنت أسرار المكان جميعها وطويتها وحين أثقلت عليك لحاحاً طرحت بعضها في عمق جوفي .
مدّ لسانه هازئاً ومضى ، عدت مراراً ، ولكنه ما أن يراني حتى يكف عن القول ويمكث في الصمت ، صرت أتلصص غفلاته وأتسمع ، سمعته ! يسرد الآن أولا ليعود فيما مضي ، عرفت مما حكى كل اسرار القبيلة واين خبأت سر اسرار جدها .
لم يكن بالطبع ممكناً أن اروي عنه كما روى هو عن نفسه ، ولكني بدأت ،كانت (التواكي) أول قطر الحكايا والحياة هناك ملعباً واسعاً ، اذاً ما الذي يمنعني ويحدني أن أكون مثالها ، بدأت مُذْ كون قلم الكوبيا مختوناً لتوه في صناعة امثولة ، قاربتها بما أعطيت من سر الي حياتنا هناك ، فنادت الأرض أن عُدْ لي بطينتى ، وإدّعت علي بتشويه جلدتها .
عليّ اذاً ان اظفر بلحظة غفلان الأرض عن طينتها ، وحين نامت عشية أفاض جدي قطر (أوراده ) عليها ، اختلستها صوتها بل سرقته ولم اكتفي لحظتها بالطين ، صنعتها ثانية فيما عرّف ( القشوش والسكر) ومن ثم كانت (كدروكه) و( يا عظمتك يامويه) كانت أول فتنة صناعة الحوار . اذ صنعتهن جميعاً مما تبقى علي جبتي من فتات صوت الأرض الذي سَرَقتْ .
لم أكن لأعلم انها ستعلن ظفراني بعشقها ولكنها عرفّتني ( غَنْايْ) ، اذاً لسني سوي صوتها ، وأنا ارويها لا تَلِتْنِي من اسرارها شيئاً ، والمكان شاهد يذكرني به كلما غفلت عن حُسْنِ طويته ، اشجار العرد في تمام شموخها تحضني على السير في اتجاه رفعها فوق مقام (النخل) .
تبدؤني الحكاية دائماً حين منام فتمور وتمور وتتناسل لتروى ما سبقها وما ينبغي أن يجيئ وهي اشد حرصاً على ألآّ ينفرط عقدها ، حين بدأ الحكاية أراهم جملة قد وقفوا أمامي – اعني اجدادي- وكلهم يروي ما يليه من الحكاية ويستحلفونني بحق (البَحَرْ) الذي أطلعني علي السر أن لا أخون الحكاية ، ولا أنقصها شيئاً .
أنا الورقة إذاً حين الكتابة ، وهم مدوني وقائع سيرة البحر والتراب عليّ (ببوص ) الصدق و(دواية) غرائب ما عُلِّموا ، قالوا: لا تتخيل فهو ليس بذي شأن بخبايانا ولا يعرف نصرنا أو هزائمنا فهي ليست مما قُدِّر له أن يدرك ، حقائقهم أغرب من حِلاب ضرع الغول ، وهي لا تدرك إلا بتحقق عينها .
وانا حين أرويها ، لا أكون سوي من يُمْلى عليه ، ولا حق لي في صناعة محلابة وقتيه لإدرار ضرع غولهم هذا ، فهو مجلوب لهم ومحلوب بهم وليس من درك عقلي .
هم إذاً خزائن اسرار الحكايا وأنا مفتاحها .

Post: #189
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-04-2008, 05:47 AM
Parent: #188

Quote: الأمكنة
(..)
جدي (عويس) مات فوق التسعين، وهو يقرأ القرآن على ضوء القمر.هو حفيد (الشيخ عووضة القارح).
أشك أن إنسانا أحبني – بعد والديّ – كما فعل هو.كنت أجد فسحة لا نهائية في بيته.الكتاب المقدس مفتوح دائما على (فروته)، فروة بيضاء ذات حواف سوداء.فروة كبيرة هي مكانه الأثير، إضافة إلى مسبحة عملاقة من (اللالوب) انتهت إلىّ أخيرا !
رجل حييّ وورع.لا يتحدث كثيرا ويضحك في صوت خفيض غالبا.لا يأكل كثيرا.ويهتم جدا لأمر النظافة.داره فسيحة.أذكر البئر وأشجار (النيم) العملاقة، و(بيت الحمام)، وأمام الحوش، تمتد إلى غاية النهر، الحقول المزينة بأشجار السنط والهشاب والدوم والنخل.
كأن هذا الفضاء امتداد لروحه.يمسح على رأسي، ويقرأ آيات عليّ.حين أجيء داسا كفي في كفّ والدي، يفتح ذراعيه ليحضنني طويلا، ثم يصطحبني إلى غرفته المكدسة فيها الكتب ليمنحني الحلوى.الحق إنه يبتاع الحلوى خصيصا لأجلي.لم يزجرني يوما، ولم يدع أحدا يزجرني.وأنا كنت أتملص من شياطيني في حضرته لئلا أغضبه يوما ما.ولم أفعل.
حين مات، في حدود 1980، أيقظتني أمّي ليلا لتقول لي:
جدك مات !!
امتلأت مقلتاي بالدمع، وانخرطت في بكاء مرير وكأن عالمي كله رحل.الحق إنه كان عالما فسيحا.رحنا نقطع البلدة كلها لنبلغ داره.الكون كله في هدأة، لكأنه يبكي سرا.هكذا خيّل إلىّ.وهناك، حيث كان والدي وعمّي وعماتي وأهلي إلى جواره في الساعات الأخيرة، واجهت الموت للمرة الأولى.
كانوا كلهم يبكون.باب (الديوان) موصد، وكبار الأسرة في الداخل يغسلونه.أراد والدي أن أراه مرة أخيرة، لكنه فضّل أن يجنبني هذا الموقف.في الساعات الأولى من الصباح، خرج نعشه محمولا على الأكتاف في موكب مهيب جدا.خلق كثيرون جاءوا لوداع (الشيخ).والشمس تطلّ من قمم النخل، من وراء النهر، وترمي بأشعتها على خضرة الحقول، راحوا يمشون على عجل باتجاه المقابر.
لسنوات طويلة جدا، كنّا – والدي وأنا – نذهب لزيارته.وحتى الآن، لا أغشى القولد، إلا وأزوره.
صفّ من القبور، هو، ثم عمّي حسن، فتاج السر، وجدتي (حرم إدريس)، وأخيرا إنضم إليهم (إبراهيم عويس).
صفّ من الأزهار، نسقيها بدمعنا وأرواحنا.ترى يا عبدالغني، هذا القرب في الموت، هل يقرّب أرواحهم.وهل عثرت روح أبي على روحه؟
وهل ستعثر روحي على روحيهما؟


أكم أغبط الأسرة الممتدة، أطفال ورجال وجدود..
يمتد النهر من شغب الأطفال وعنفوان الشباب وحكمة وحنكة الشيوخ، كلها تزخرف دار وسعية، مبنية من الطيب والمحبة.. تتداخل الحيشان، هنا وهناك داخل الحوش الواحد، بيت للاخت وللاخ، ولمة ناس في الفطور والغداء..

يسعى العالم للوحدة، للأسرة الصغيرة، وترك حميمة العصريات، وحميمة ا لحكي القمري الساحر، يسعى لفتى وموبايل، ولفتى ولاب توب، ولفتى، وريشة..

أضلت البشرية طريقها للخلاص.. هل وصلنا الطريق المسدود...

جدك عويس... مدفون مع ابوك، ياله من لقاء، ياله من غناء.... (نفسي اسمع حوراهم، وكلامهم عنك، وعن امك، واخوانك)... من تلك القمة تكون الرؤية أحلى، وأنضر....

.. الحبوبة علمتنا الحكي..
والجد، يصبر على شقاوتنا، ... نركب على ظهره، ورأسه، ولا يضج ولا يثور...
تعملنا منه المحبة، والصبر، والحكمة، أمثلة حية، وتماثيل عظيمة للتعليم المباشر، الحي...


الأسرة اليوم ناقصة... يفسد صوت التلفزيون بركتها، يشتغل طوال اليوم، سوى كان هناك مشاهد أم لا..
صوت الآلة، حجب الحجوة، والتغريد، وثغاء وتلاثغ امواج..

...
كان الله في عوننا، (مجتمع جديد أو الكارثة)...


...

Post: #190
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-04-2008, 07:36 AM
Parent: #189



الذاكرة، !!..

الذاكرة، كفم القمر، ...
يصفر بالضوء وهو مغمض شفتيه، كعين عذراء في قبلتها الأولى، في قبتها الاولى، ...
الذاكرة كائن أناني جميل، تلتهم الحاضر على عجل، تقضمه سريعا، ثم تسحبه لمعدتها، بل قلبها، ، ثم تجتره كعنزة فرحة، في ركن الدار، تجلس على جنبها، وترنو لداخلها، متوجة بقرون مسالمة، وقد ألتهمت بقلبها الحنون، عشب ذكريات، ووقائع بيت صغير بسيط، (خطوط المكشاشة على الارض كشلوخ غزيرة، في خد حبوبة، أطربها "الشاب كرومة"، والفتى زنقار، وبركة وضوء خالي، وضوء ماهل، تخلل اصابعه من غدر الخطايا، ومسح رأسه الاشيب، هكذا خالي يتوضأ، من هم الرزق، والرازق كريم وأصيل.. فلم الهم والخوف، و(كيف يكون طلبك اللاحق، سببا في عطائه السابق)، كما يقول السعيد ابن عطاء الله..

الحاضر قاهر، حار، وحين يبتعد عن ارنبة الانف، ويمضي ويتداعى للأمس، ويتخذ لقب (الماضي)، يبدو أحلى، وأنضر، فالحاضر يفسده الخوف من الغد..
أسكين بيد الغد؟،
أم وردة؟
لم نخافه؟
أليس حسن الظن عبادة ذكية، ومرحة..

ولكن الماضي مضى، لا قدرة على الغد باغتياله، أو تشويهه، مضى ملكا، وشحاذا، وتعود الذكرى كنهر من مشاعر، حتى الوقائع المريرة، والحزينة، تعود بأكسير الذكرى أكثر بهاء، وتألق... وبحزن نبيل، يكسى المتذكر حلاوة التذكر.. فالوقائع تختمر في قدر الذاكرة، تتفاعل، ينام الفرح مع الحزن، تطبخ برتقالات الأسى، مع موز الترقب، والذاكرة صبورة، تطبخ ما التهمته، ببطء، وتروي، كفنان أصيل، مستغرق في عمله، في جنه، في شعره، في رسم، لا يعلم هل خلق الله الزمن أم لا، الذاكرة ذكية، كالمعدة، تلتهم البطاطس، واللحمة والجرير، ثم بهدوء ذكي تحيلها لجسد الإنسان، بلا دعوى أو غرور..
هكذا الذاكرة، معدة كبرى، لا ضفاف لها، تلهتم خبز الحاضر، بل توقعا الغد، ثم تجلس في معلمها العظيم، وتضع بهدوء جميل قوارير الواقع كلها، ثم تخلق اكسير عجيب، يسمى مجازا (الذاكرة)!!...

ملح هي.
سكر هي
وكلبك يطارد (فالذكرى السيئة)، كالظل، تطاردك، حيث كنت..
والذكرة النبيلة)، كأرنبه فتاة جميلة، تتقدمها، وتلفت العيون إليها..
الذاكرة بركة من بركات السماء....
الخرف عدو الذاكرة..
والذكرى نهر ممدود بعيد، لا حد للذكرى، نحن أقدم مما نتصور، لم يتذكرنا الإله بغته، بل كنا في عقله القديم الحنون منذ الأزل، فهل من (مدكر)، قل سيروا في الارض، فإنظروا كيف بدأ الخلق، بدأ الخلق بنا، كل على حدا، العقل القديم لا ينسى، وذاك الوجود القديم هو الذي يسوق خرافنا، أنا هناك، وهنا، ومرأة قلبي تود عكس حقيقتي هناك، لذ تسوق النفوس الجسد، وتعبت بمرادها الأجساد، الجسد مسيكن تقود النفس، يجوع فيتألم، يعشق فيتألم، يطرب فيقشعر، مسكين ابن مسكين، أسير لروح قديم، يحس، ولا يوصف..

الذاكرة كائن غريب، عالم من غرابة ودهش وإطلاق، في جرابها ارانب خضراء وبنفسجية وخضراء، وافاعي تطير، وتنفث العطر، الذاكرة كالخيال، كالحلم، تصيغ علسها من وقائع عادية، كما تخلق الزهرة عطرها من الصلصال النائم تحتها، هكذا الذاكرة..

كم احبها، كم احترامها، هذه الذاكرة، انها الكراس القديم، الذي دونا عليه خربشة الماضي، وغرور الحاضر، شريط سينمائي بطله أنا، والكاميراء متوجه نحوي، طوال الوقت، بطل أنا في عين الذاكرة، فأي مسرح هذا، بطل كل فرد، يا لعدالة الذاكرة، انجزت ما عجز عنه العقل الحالم والعقل الذكي في الوجود الماثل، والماض..

الذاكرة تعيد حلاوة الاحداث، وتعيد الاحزان بدموع أقل، وشعور أعمق بالحزن، وتترك اسى جميل، وخبرة رصينة، تشد العضل، وتقوي الحس، وتصحنك من عوادي الحياة، كرقية ولي، في عنق الحاضر والغد...

بارك الله في الذاكرة، والتي تمتد كنهر من حياة، لا نبع له، سوى هناك، حيث لا حيث، وعند لا عند...



...

Post: #192
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-04-2008, 11:54 AM
Parent: #190

الحامد أخوي،
ليك رجعة ، وبي مهل تب..
تصبح على خير، وعسل، وصحة..
حديث الشجرة ماثل، وعاطر، ليوم الناس هذا...

Post: #193
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-04-2008, 03:47 PM
Parent: #192

سأعود.

Post: #194
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 05-04-2008, 04:31 PM
Parent: #193


و الموت يا خالد ..!!

أهرطق ثانيةً .. !! حسناً , هي الأسئلة و طنينها ..
ما أزال أقصيه و أدني ما أفلحت - و لا أفلح أبداً في الأمرين -
ما استقامت لي الفكرة كائناً ما جبتها يمين شمال ..
و ما استكان رعبي من فرط الغموض اللحائي الكبير القابع هناك ماداً لسانه لي .
أقرأ و أستمع و أجرب و أستنكه .. و أعرف و أعرف , ثم ... لا أعود منها إلا أكثر رهقا ..
فارتد لمحارة جدتي : ده كلو فوق كم ؟؟

ما الموت ؟؟
يا عبدالغني .. و لماذا ؟
ماذا هناك عنده .. ؟ أو ربما في آخر نفقه ؟؟
ماذا يُرادُ بنا ؟؟
ما المُستَغلق علينا في الأمر ؟؟


Post: #195
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-05-2008, 09:56 PM
Parent: #194


عماد !
يا عماد، ما هذا المأزق؟! ألا ترعوي !
لماذا هي الكتابة قريبة جدا من الموت؟
تعرف، أنا متصالح جدا مع فكرة الموت، ربما، لأنني أدرك أنني لن أبقى طويلا.ما يؤرقني هو أن أذهب قبل إكمال رواية ما.
الحق إنني لم أكن متصالحا مع الفكرة.بعد رحيله - إبراهيم عويس - عشت كآبة منقطعة النظير.ما عاد هناك ما يغري.ما عاد هناك صمغ في أسفل قدميّ يشدني.تعرف، أحسست بأنني حر.حر تماما، وقادر على تحدي هذا المجهول العريض.الحياة ثقل يا عماد.الحياة قيد.
سيدي الحلاج يهمس، هم يطوفون حول البيت يطلبون البقاء، وهم (الآخرون) يطوفون حول العرش يطلبون اللقاء !!
لكن هذا السيد المعجزة المسمى الموت، لا يزورك حين تنتظره !! حين تعد ملابسك الأنيقة، وترسم ابتسامة على شفتيك، ابتسامة ساخرة منه ومن الحياة، حين تتملّى لمرة أخيرة لون الشفق وهو يرسم أبهى لوحة على الكون، وتراقص حبيبتك للمرة الأخيرة، وتبلّ عروقك بقطرة أخيرة، وتتناول وجبتك الأخيرة – بالمناسبة هل كان السيد المسيح حزينا، كما يتراءى لي، في العشاء الأخير لدافنتشي؟ - وترش العطر الذي تحب، ثم لا يأتي أبدا !!
ربما هي لعبة السخرية التي يمارسها كلانا.وكلانا ساخر جدا.لكن، سيأتي بغتة.في اللحظة التي تترك للغد اشتهاء ما.حين تُبقي في قنينة العطر ما يفيض على جسدك غدا.حين لا يسترعي انتباهك الشفق ولا القمر.حين تدع حبيبتك تفلت من التفاف يديك حول خصرها أملا في رقصة في الغد.حين لا يكون العشاء عشاءا أخيرا على ضوء الشموع، وربما موسيقى رائعة للإسباني المجنون خوليو إيغلاسيس !!
قلت لها يا عماد، قلت لها رافقيني لكي نمشي على رمل البحر حافيين تحت شرفة القمر، ربما لأن البحر باق، والقمر معلق هناك على الدوام، أما أنا فـ....!
هذا هو قدر الإنسان، والمرء إذا شفّ ربما يستبصر أقداره !!
أهجس بالحوار مع الموت.فليكن رغم عدائيته صديقا، وليشاركنا همّ الكتابة.فليدخن معنا لفافاتنا إن رغب، وليحتسي من فنجان قهوتنا، فنحن، كما إغناثيو سانشيز، المصارع الإسباني البارع، الذي (خلده) لوركا العظيم، منتصرون في النهاية، حتى إذا انتصر، كما هو باد للعيان، الثور جذلان القلب !
منتصرون يا عماد بالحرف الذي يبقى طويلا ..طويلا جدا.لذا، فليزورنا أصدقاؤنا متى شاءوا.
لطالما يا عماد لطالما تأملت تلك اللحظة الفارقة التي بمقدور الإنسان خلالها أن يعانق الموت.حين يرقى عتباته.حين يشمّ تلك الروائح (الأخرى)، ويبصر تلك السهول والجبال والسماوات التي لم يبصرها طيلة حياته.ويعيش مخاضا خاصا.لطالما تأملت الذين واللواتي أقبلوا وأقبلن على تلك التجربة الفريدة بـ(شغف) !
كيف نواجه أصدقاءنا مبتسمين ؟! كيف نسعى إليهم في إشتياق؟!
(يطوفون حول العرش يطلبون اللقاء)
يا الله يا الله من حلاج المحبة !!
لعل البشر في أعماقهم يتوقون إلى نموذج (غير بشري) لا يهاب المجهول العريض، يسخر منه، يروح يلاحقه، مثلا من (سانتا كلارا) إلى تخوم (هافانا) إلى أدغال (الكونغو) إلى أحراش (بوليفيا) !!
و(باتريس) يا الله باتريس !!
وهم يعذبونه على الطائرة إلى أن وصلت (تشومبي) ! كيف واجه (صديقه)، ليلا، قرب شجرة ربما لقيت حتفها هي الأخرى.
كان مبتسما، أقسم، كان مبتسما.
يا عبدالغني، لهذا سحرتني الابتسامة الساخرة على وجه (إيفان ريوس) !
هي ذاتها ابتسامة الرضا و(الخلود) التي صبغت سماء (محمود) و(السهروردي) و(الحلاج) و(لوركا) وحتى (سلفادور الليندي).
ترى يا عماد هل يعرفون قاتل السهروردي ؟!
كلما زيفوا بطلا، قلت قلبي.....!
(ودادي صحيح فيك يا غاية المنى
وقلبي من ذاك الوداد عليل
تعاليت من بدر على القطب طالع
وليس له بعد الطلوع أفول
فديتك يا من عزّ حسنا ونخوة
فليس له بين الحسان عديل) – الشيخ الأكبر محي الدين.

Post: #196
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-05-2008, 11:21 PM
Parent: #195


Quote: عليّ اذاً ان اظفر بلحظة غفلان الأرض عن طينتها ، وحين نامت عشية أفاض جدي قطر (أوراده ) عليها ، اختلستها صوتها بل سرقته ولم اكتفي لحظتها بالطين ، صنعتها ثانية فيما عرّف ( القشوش والسكر) ومن ثم كانت (كدروكه) و( يا عظمتك يامويه) كانت أول فتنة صناعة الحوار . اذ صنعتهن جميعاً مما تبقى علي جبتي من فتات صوت الأرض الذي سَرَقتْ .
لم أكن لأعلم انها ستعلن ظفراني بعشقها ولكنها عرفّتني ( غَنْايْ) ، اذاً لسني سوي صوتها ، وأنا ارويها لا تَلِتْنِي من اسرارها شيئاً ، والمكان شاهد يذكرني به كلما غفلت عن حُسْنِ طويته ، اشجار العرد في تمام شموخها تحضني على السير في اتجاه رفعها فوق مقام (النخل) .
تبدؤني الحكاية دائماً حين منام فتمور وتمور وتتناسل لتروى ما سبقها وما ينبغي أن يجيئ وهي اشد حرصاً على ألآّ ينفرط عقدها ، حين بدأ الحكاية أراهم جملة قد وقفوا أمامي – اعني اجدادي- وكلهم يروي ما يليه من الحكاية ويستحلفونني بحق (البَحَرْ) الذي أطلعني علي السر أن لا أخون الحكاية ، ولا أنقصها شيئاً .
أنا الورقة إذاً حين الكتابة ، وهم مدوني وقائع سيرة البحر والتراب عليّ (ببوص ) الصدق و(دواية) غرائب ما عُلِّموا ، قالوا: لا تتخيل فهو ليس بذي شأن بخبايانا ولا يعرف نصرنا أو هزائمنا فهي ليست مما قُدِّر له أن يدرك ، حقائقهم أغرب من حِلاب ضرع الغول ، وهي لا تدرك إلا بتحقق عينها .
وانا حين أرويها ، لا أكون سوي من يُمْلى عليه ، ولا حق لي في صناعة محلابة وقتيه لإدرار ضرع غولهم هذا ، فهو مجلوب لهم ومحلوب بهم وليس من درك عقلي .


يا للهول يا حامد !!

Post: #197
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-06-2008, 05:51 AM
Parent: #196



الموت... !!


يقال ..

أمام باب دكانه البسيط، كان هناك رجل يحلم، (حلم يقظة)، وكان في حلمه يسير في حديقة جميلة، وهادئة، كانت سطوة الحلم قوية، بحيث لم يعد يسمع صوت الرقشة، وأمجاد، وثرثرة المارة... أحس بقوة صوت الخواطر، والحلم، والخيال!!..
وظل يتسكع في الحديقة كالشعراء، يمعن النظر لكل شئ، ويحس بحياة كل شئ..(وهو لا زال جالس امام دكانه)، يالروعة أحلام اليقظة (تجزأ فرة فطر عند أربعين فد مرة)!!..

وفجأة دهسته عربة مسرعة (دهست الرجل الجالس أمام دكانه)، لم يمت الرجل المتسكع في الحديقة، ظل كما هو، يتجول في هدوء وصفاء،، ولم يرجع للرجل الحقيقي الميت أمام دكانه، والذي دفنه أهله في المقابر، وكتبوا عليه (كل من عليها فان)، وعلت رفوف الدكان الغبار...

بل شعر الرجل في الحلم، بأن هناك حبل ووتد كان يربطه بدنيا معينة، قد انقطع، وصار بمقدوره، ان يسبق الضوء، ويرى الروح، ويقبض كل الوجود بيديه،وقلبه.. ويرتزق بدون دكان، أو شقى..

اشتاق الرجل في الحلم، إلى الرجل الميت، كما يشتاق بخار الماء للثلج، كي يتجسد بكثافة، رآه مدفون تحت التراب، فدخل فيه، كما يدخل الحب الصدر، بسلطان اللطيف على الكثيف، ورقد معه ، بل داخله، في ظلمة الطين، ولأن الحلم لا يحتاج لأرجل كي يمشي، ولا إضاءه، كي يرى، لأننا نحلم في ظلمة الليل، ونتجول بدون ارجل في الحلم ، رقد الرجل في القبر، وتجول في كل العوالم، وفي قلوب العوالم، كما يتجول الخيال بلا أرجل، أو دابة، أو سيارة، وحين تحسس جسده المدفون وجده مخلوق من طين الخيال وصلصال الحلم، ووجد قوانين الارض (الاجتماعية منها والفيزيائية)، لا تؤثر فيها، كما لا تؤثر النار على أصبع رجل منوم مغنطيسيا، قال في نفسه، (لم؟)
وتذكر بأن الإنسان في الحلم يقرأ في ظلمة الغرفة، وكان يجري وهو ساكن في سريره، ويمارس الجنس بلا أثنى قربه، .. فالمعجزة عادته!!..

نسيت أن أقول إن الرجل في القبر، لم يكن ينوم، ولا يأكل، ولا يحقد، ، كان يستلذ بممارسة الجنس مع نفسه، (بويضته وحيوانه المنوي كانوا داخله، أليس للحلم قدرات أعظم وأجل من ذلك.)، بل يمارس الجنس بأسلوب غريب، الجنس بين (الماضي، والمستقبل)، وكانت اللذه هي (اللحظة الحاضرة)، (وتراه معربدا بالناس)... هذه الحركة (الحاضرة)، هي الومضة، بين إلتقاء جسده الماضيوي، ، وروحه المستقبلية، في آنيته،... في حاضره، جعلته منفعلا، بالجنس، بالنسيم، بالحركة، بالذوق والفهم، لذا ظل يرتعش، وترتعش الارض،وتخرج العشب، والصراصير، وبني آدم، و الخيال والحلم والموت..

كان الرجل في الحلم

يحب الرجل الحقيقي.. لأن الحلم كان (بخار الماء)، والرجل الحقيقي كان (الثلج)، .. كان، وما سيكون!!

الحلم يسعى للخيال، والخيال لا حده، لا حد، خيال علمي، وخيال علماني، وخيال ديني، وخيال أحلام، وخيال تذكر، وخيال توقع، وخيال ابداع.. سراج، يتوكأ به الجسد كي يصل للإنسان الحلم، الإنسان الخيال..

يجد الخيال نفسه في النوم، يتجسد، ويتكثف، بل ويخاف الجسد من خيالاته في النوم ويفرح بها أيضاً...يجد الخيال نفسه في الموت، يجد نفسه هناك،ويطلق قدراته المطلقة، في عالم مطلق، وزمان مطلق، ...

رأى رجل الحلم كل ذلك، وكان سعيدا بخروجه من القوقعة، و عدم عودته لقيود الجاذبية،و المرض و الواجابات.. رغم أنه عاد للقبر، ولم يعد...

الرجل في الحلم هو الأصل، ...... وذاك الواقف امام دكانه، أو الميت في قبره بعد ذلك، كان ظله، مجرد ظله...

أحس الرجل في الحلم، والمخلوق من مادة الخيال، وصنوه رجل الدكان، والمخلوق من مادة التذكر، بأنها واحد..

وبأن (ملاك الموت)، هو قابلة، تخرجنا من رحم أصغر، لرحم أعظم.. إنه ملاك (ملاك الموت)، ونموت من رؤية جمال، كنسوة يوسف..

Post: #198
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 05-06-2008, 07:03 AM
Parent: #197

راجع ليكم تاني

Post: #199
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 05-06-2008, 10:09 AM
Parent: #198


Quote: لم يمت الرجل المتسكع في الحديقة ، ظل كما هو ، يتجول في هدوء وصفاء ،، ولم يرجع للرجل الحقيقي الميت أمام دكانه ، والذي دفنه أهله في المقابر ، وكتبوا عليه ( كل من عليها فان ) ، وعلت رفوف الدكان الغبار ...
بل شعر الرجل في الحلم، بأن هناك حبل ووتد كان يربطه بدنيا معينة ، قد انقطع ، وصار بمقدوره ، ان يسبق الضوء ، ويرى الروح ، ويقبض كل الوجود بيديه ، وقلبه .. ويرتزق بدون دكان ، أو شقى ..
تصورتُ الإله - و أنا عسراً أعالج قصر حال عقلي - و أكابد ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) فكينونتنا و الحال كذلك ماهي إلا إرادة قادرة على تشييئ حالها , طيب ..
فماذا لو أننا محض ( تصور ) إلهي .. محض كينونةٍ طيف تماماً كما أطياف الخيال أو الأحلام التي نعرف ..
و ماذا لو ان القدرة المطلقة المُنشِأة سئمتنا يا عبدالغني .. هكذا !!
ملت منا و من سخفنا و فوضانا و حروبنا و ضغائننا و سوءاتنا المُقَبّحة ..
فأبدلتنا - بمشيئة كُنْ - بحلمٍ آخر .. !!
تصور آخر - ربما - أهنأ شأناً و أبهج .. أنقى .. أحلى .. أحق بتصورات الآلهة .. أدعى للخلق .. أجدى , أرحب فكرة .. !!!!! هكذا .

الآلهة تمل .. أليس ؟؟؟
تشاء .. فيكون ..
فـ .. نعود ( لا شئ ) !!!


....
Quote: التسكع في الحديقة ..!!
و الله فكرة يا عبدالغني .


Post: #200
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-06-2008, 10:48 AM
Parent: #199

يا الله ياعماد، وكما هاك التناص ده، دي خاطرة كتبها اخوك في دفتر من دافتر التدوين اليومية..



(نحن لسنا معلومات في ذهن الإله، نحن كائنات في خاطره الأبدي، خاطره الأزلي، نحن ذكرى تجري بعقل الإله الكامل الخصب، كما تجري الذكرى الجميلة بعقل عاشقة، هذا الكون المترامي الأطراف، ماهو سوى معرفة مطلقة تدور بخلد الإله..
رسمنا بداخله، كذكرى وخيال إلهي، وحشى أجسادنا بعبقريته، فأتركوا الذكرى تجري بعقله المطلق، تفرجوا على أشكالكم بداخله، بقلبه العظيم، وهو ينبض بنا)...


أحدى الخواطر القديمة، عن إله التصور (وإله الحقيقة غيب من بعده غيب)....
يا اخوي عماد، وليك رجعة، لو سمح الزمن الرأسمالي البغيض...

Post: #201
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-06-2008, 11:08 PM
Parent: #200

راجع

Post: #202
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-07-2008, 02:51 AM
Parent: #201


شهادة
الآخر في أعمالي الروائية

ملتقى الرواية (الثالث) - دائرة الثقافة الشارقة
6 مايو 2008

خالد عويس
في تقديري – كروائي – يتلبسُ الآخرَ كلُ شيء من حولنا.الآخر الديني والثقافي والعرقي، و"آخر" مزروع أيضا في بطن كتاباتنا، و"آخر"، هو في نهاية المطاف، أيضا، ذاك الذي يتجسدُ فينا.
يعني نحن، على نحو ما، "آخر" أيضا، وإلا ما معنى الغربة التي يعانيها الكثيرون من المبدعين.غربة، حتى عن الذات.
ولي أن أشير أيضا إلى عدم التصالح مع النفس.أيّ أن هناك "أنا" وهناك، خارجها "نفس".إذن هي "آخر" أيضا.وهناك ذات وذات عليا.فأيهما الأنا وأيهما الآخر؟
أعتقد أن ثمة قناعة راسخة لديّ، بأن "الآخر" هو شرط وجودي !!
الآخر، على نحو ما، هو شرط وجودنا، لذا فرحلة بحثنا الابداعية عنه، لا تتوقف.
وهي مسألة متصلة بالأسئلة الكبرى في هذه الحياة، على شاكلة، من أنا، ومن نحن، ومن هم ؟ وهي أسئلة يصعب قطعا الإجابة عليها بشكل جازم ونهائي.لأنها تتعلق برحلة طويلة ومعقدة، تلوح في خواتيمها بعضُ الإشارات المنبئة.لأننا، في الآخر، ربما نعثر على بعض من "الأنا"، وفي "الأنا" سنجد، في المقابل، بعضا من "الآخر".فهذه هي تفاعلات الوجود.تفاعلاته، ليس فقط بين الناس، وإنما كلّ الوجود، بكائناته ومخلوقاته، بنباتاته وحيواناته وأحجاره وسمائه.الموجود معنا في هذا الكون، هو "آخر"، وهو في الوقت ذاته، هو "أنا" على نحو ما، لأن ثمة وحدة للوجود تجمعنا، وتدعنا لتفاعلات عريضة.الموت بدوره "آخر"، والحياة بهذا المعنى "آخر"، والمكان والزمان.
وكلّ "آخر" موجود قد يفضي إلى الكتابة !
إنه سحر الوجود الذي لا يراه الآخرون !
عن كلّ ذلك نكتب.من قال إن الرواية هي البشر فقط ؟!
هذا مدخل، لطرح شهادتي حول أعمالي.روايتا (الرقص تحت المطر) الصادرة في السودان قبل نحو عشر سنوات، و(وطن خلف القضبان) الصادرة في لندن، بيروت، عن دار الساقي، قبل سبع سنوات، إضافة إلى رواية (كياح) وهي تحت الطبع حاليا.
قضية "الآخر"، أراها جوهرية في أعمالي.الآخر الداخلي أعني، على مستوى الشخوص في أعمالي التي تنهض في فضاءات سودانية، تمتد على زمكانية متسعة.
سؤال الهوية، سؤال مركزي في الثقافة السودانية.وسؤال المركز والهامش.وسؤال التعدد، التعدد في صيغه كلها، دينيا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
الواقع أن السودان بتعدده الديني والإثني والبيئي وحتى التاريخاني، حتّم على المبدعين السودانيين دائما التوقف طويلا عند سؤال "الآخر"، بل وسؤال "الذات".هذا ملمح رئيس في تقديري في الأدب السوداني، خاصة مع تحوّل هذه الأسئلة الشائكة إلى أزمات مستفحلة أثّرت في وتأثرت بالواقع والثقافي والاجتماعي.
الشخصية المحورية في رواية (الرقص تحت المطر)، مايكل، المسيحي، الإفريقي، هو "آخر" وفقا لمعايير عدة."آخر" تظل النظرة إليه ليس كـ"آخر" وحسب، وإنما ينظر إليه كذلك بدونية تستبطن إقصاءا وإزاحة مستمرين، على مستويات عدة، أهمها المستوى الاجتماعي، على الرغم من أنه حقق سلفا، شرط الكفاية الاقتصادية، كما حقق الشرط المفترض للرفعة الاجتماعية من خلال عمله كضابط بالجيش.
يتصاعد حوار الشخوص داخل النص، لكن مايكل في نهاية المطاف يعجز عن الاندماج في المجتمع الذي يفترض أن يكون مجتمعه، فيتضخم فيه الاحساس أنه آخر.هناك شخوص بطبيعة الحال، تعبر الجدران القائمة بينهم وبين مايكل كـ"آخر".لكن ذلك يكون نتيجة حوار معمق، مع الذات، ومع الآخر، ومن خلال البحث عن مكامن الإنسانية المجردة، التي هي، في تقديري الخاص، هي الشرط الرئيس لفهم الآخر، واستيعابه، عبر، أولا، خلق المعادل الموضوعي والإنساني لـ"الأنا" في "الآخر"، واحلاله في "الأنا" أيضا، في عملية سيكولوجية وذهنية لتبادل الأدوار، والتأمل في ذلك، للوصول إلى خلاصة مفادها أن الحواجز التي تقوم بين البشر، إنما هي حواجز وهمية، لكن، لبلوغ هذه القناعة، يستلزم أن تمضي الشخصية المحورية، مايكل، إلى نهايات الطريق الشاق، بحيث يموضع نفسه فعلا كـ"آخر" يحاول من خلال شروط جديدة، كان يرفضها في المبتدأ، يحاول أن يخلق حوارا مع "الآخر".
في (وطن خلف القضبان)، الآخر، ربما هو التعصب، وربما هو "الذهنية"، التي بتزمتها وعنفها، تؤسس لواقع جديد، يسعى لتغيير شامل.لكن، هناك ذهنية أخرى، قائمة، وفقا لثقافة ضاربة في أقسام من التربة السودانية، قائمة على الجذور الصوفية.وهي بدورها فضاء عريض، جيناته الرئيسة هي التسامح والمغفرة."الآخر" هنا ينبت في قلب "الأنا" التي تتشوه بفعل أحداث كثيرة.وتخوض هذه "الأنا" معركتها الوجودية الكبرى، ليس ضد "آخر" خارج سياق "الأنا"، وإنما ضد "آخر" متشظ عن "الأنا".إنها، ربما، حوار المجتمع بأسره، الذي يصعد، كما يقول الروائي اليوناني، نيكوس كزانتزاكس، وخيط طويل من دماء التجربة، وعذاباتها ومخاضاتها، يترك آثارا على الصخور المدببة تحت قدميه الحافيتين.
وهذا في رأيّ، صراع أبدي، وجودي، في "الأنا" التي تحمل "آخرها" دائما كالصليب على كتفيها، وتسير في صحراء الروح ومتاهتها الأزلية على غير هدى، بحثا عن حقيقة، بحثا عن إشارة، بحثا عن خلاص وانعتاق من عذاب "الأنا" و"الآخر" الذي نحمله دائما في أعماقنا وفي أعماق مجتمعاتنا.
ولابد لي أن أقول، إن تعريف "الأنا" صعب، كما هو الحال بالنسبة للآخر، إلا في المستوى العريض، بمعنى الآخر الذي خارجنا فيزيائيا.لكن الأنا والآخر بينهما تداخل، وتبادل للأدوار على المستويات الوجودية والسيكولوجية بشكل يصعب تفكيكه على نحو قاطع.
عموما، هي جدلية عنوانها العريض في أعمالي، محاولة التعرّف إلى الأنا والآخر، واكتشاف عوالمه، والاعتراف به، وبحقوقه، على مستوى الآخر الفيزيائي، وليس شرطا الإنساني البشري فحسب، وعلى مستوى الآخر – الأنا، أي المتصل بها.

...
ملاحظة في غاية (الانسانية):
الملتقى اتاح لي التعرف على شخصية في غاية الروعة والإنسانية، هو المجنون (طارق الطيب) يا كرم الله.
يا الله، كل يوم أحب أكثر هذا الوطن الذي أنجب مبدعين ومبدعات أمثالكم وأمثالكن في تمام وفرط انسانيتهم وانسانيتهن.
تحدثنا وثرثرنا كثيرا عنكم جميعا يا كرم الله، نجلاء عثمان التوم وستيلا قايتانو والطيب صالح وعبدالغني كرم الله والصادق الرضي وامير تاج السر.

Post: #203
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-07-2008, 05:03 AM
Parent: #202


عماد
عبدالغني
..
الآن نزحف باتجاه الأسئلة (القصوى).

Post: #204
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 05-07-2008, 09:06 AM
Parent: #203

أغنية الريح

(أمنقور كن ما قيّس ما بليِّس) أكثر الأمثال تكراراً وجرياناً علي لسانها ، وأعرف أنها لاتقايسني بأحد لذا فقد اغْلَقَتْ باب القلب عليَّ وأمْعَنَتْ في القسوة حين خَطَّتْ على الباب من الخارج _لاتقتربن_ . هاي الغبيانه دي هو قال ليك منو نحنا الخرابه حقتك دي داخلنها. على مستوي مايبدو للعامه كان هذا رأي النسيم ولكنها تضمر في دخيلتها عشقاً أبدياً وهي التي بدات أول ايام العشق حين انتظرنا بزوغ أقمار نضجنا ، كنت اعلم انها لا تراني كما بقية الفتيات ، تشتهي عطري وانهماري مطراً وتشتهينني لسعة شمس لا تطيل بقاءاً ولا تكف عن القدوم ،قالت: كنت أراقب جدتك وهي ماتزال تخرج باكراً لترقيك عند جذع الخيزرانة قبل أن ترفع عصا الراعي . تصيدت حين غفلة الكاتبين لألتقيها وهي التي لا تبين إلا كامل فورانات البحر . غفلت جدتي (كلتومه )عني ذات يوم –وهي رقيبة احوالى –اذ أن اعتقاداً في أذهان بعض من كانوا هناك بأني ممسوس – وهي ذات حكمه لذا نصبوها رقيبي – غفلت عني وفاجأتها بان رأتني على حافة البحر(مسماي وحدي) وعندهم (قرقف الخور) . كنت أنتظر حضور أغنية الريح ، صادحة البوح وجريئة ، وأنا عاشق للموت بعد سترتها – ما أجملَ الموت تحت سترة الريح- رأيتها وأكاد اجزم أن ثقاب عشقها لم يشتعل بعد. هرعت نحوي ، والمكان أشد صمتاً من ذي قبل ، قالت: هاي الولد بتسوي شنو هني . وكنت حينها أشبه بمن يهذي، بل كنت تمام الهذيان ، وأنا اشد فتنة بالبحر من سمكة .
قصدت البحر وهو كما تعرفون ،
أبعدهم من الهدي ، قلت لصديقي والبحر في أشد فورانه : لم لا يقربنا الهدير من شدو الجبل. قال : شتان بين مريم وفاطمه، كل مسخر لما له إلا البحر فهو لا بالهدي يهتدي ولا يشتط بما يكفي ، البحر يا صديقي نزاعٌ للغناء الخفيض بل ان فتنته هي (اناشيد الإنصات) البحر لايغضب الا حال تصمت القواقع .وانت هنا لتحدث فرقعة ، فهو صديقك إذاً وحليف نزوعك للإختباء قبالة نهدي فتاتك، أعرف انه لا يحمل عليك ، وأنتما معاً كنتما تنورته وسترة الموت فيه .انا وفتاتي مثلكما ، ليس في كل شيء بالطبع ، لكنا مثلكما كنا نتجاسر على البحر اذ نحتقره كثيراً وكم من مره اسميناه الخور وعمدنا (الخور) الذي بجوار قريتنا بحراً وهو بالحق لا ينقصه غير المراكب ، ولكن من يصدق ؟ أو هكذا كانت الأشياء تبدو .
قال : الا ترانا بحاجة لأن نبث الجبل اسرارنا؟
(لا حول ولا قوة الا بالله ) كم مرة قصدته بغير هدى مني ، كنت اتبع اشواقي ، وإذ قصدته في أول ايامي كانت جدتي (كلتومه ) قد حدثتني عن الجبل ، وكم خزن من اسرارها وحكاياها . قالت: يا ولدي الحجار ديل من خلقن الناس بحسبوهن سا كتات إلا تراهن بتكلمن ، وكن ما مصدق كلامي دي ، روح للجبل دا واتمسكن ليه واسعلها ، وكن ماخبرك ووراك الحقيقة تعال وقول لي كضابه .
قصدته وكنت اعرف انه سيكلمني ، إذ لا ينبغي أن تكون جدتي كاذبه . أخبرني بكل شيء إلا شيء واحد،لم يخبرني برواية عشقة لمندي.ربما نحن بحاجة لسماعه ولكني اخشاه ، أعرف انه لا يحب المساررات الليلية وحين جهلانك بعرفانه يفضحك ، أنا احبه في آن وأخشاه وهو لا يقبلني الا تمام العفاف .

Post: #205
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 05-07-2008, 03:04 PM

من هو و أين يكون؟
أحجيتنا منذ الدهر!
منذ كبلنا بقيود نجهل كينونتها حتى الآن ...
أنريد إجابة حقا؟
أنريد أن نحرق نهاية الفيلم؟
لست في عجلة من أمري و ربي لمحبه لقريب ...
من نفسه خلقنا لنعود إليه ، تحفنا المحبة و الرحمة ،
نغادر أول قيد – جسدنا –لنلحق بركب السابقين ... نذوب في كأس رحيبة، نتمازج مع كلنا و بعض منا ...
ترصنا يده كفسيفساء يزين بيها وجه الكون الآخر المطل على الزمن!
نشهد على ما حضرنا و ما سيكون
نبعث ومضات و رسائل
قد يلتقطها احد ما
وقد تعود محملة بالصلوات
وبعض من دعاوي ...
عندما يخف حملنا،
سنجلس على سور الدنيا نشاهد من لم يحن نضجه بعد
نشاهد تساقط ثمار غيرنا تسقط
بعضها ناضجة
بعضها نيئة
وبعضها لم تنبت بعد!



Post: #206
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-08-2008, 00:47 AM
Parent: #205

Quote: على مستوي مايبدو للعامه كان هذا رأي النسيم ولكنها تضمر في دخيلتها عشقاً أبدياً وهي التي بدات أول ايام العشق حين انتظرنا بزوغ أقمار نضجنا ، كنت اعلم انها لا تراني كما بقية الفتيات ، تشتهي عطري وانهماري مطراً وتشتهينني لسعة شمس لا تطيل بقاءاً ولا تكف عن القدوم ،قالت: كنت أراقب جدتك وهي ماتزال تخرج باكراً لترقيك عند جذع الخيزرانة قبل أن ترفع عصا الراعي . تصيدت حين غفلة الكاتبين لألتقيها وهي التي لا تبين إلا كامل فورانات البحر . غفلت جدتي (كلتومه )عني ذات يوم –وهي رقيبة احوالى –اذ أن اعتقاداً في أذهان بعض من كانوا هناك بأني ممسوس – وهي ذات حكمه لذا نصبوها رقيبي – غفلت عني وفاجأتها بان رأتني على حافة البحر(مسماي وحدي) وعندهم (قرقف الخور) . كنت أنتظر حضور أغنية الريح ، صادحة البوح وجريئة ، وأنا عاشق للموت بعد سترتها – ما أجملَ الموت تحت سترة الريح- رأيتها وأكاد اجزم أن ثقاب عشقها لم يشتعل بعد. هرعت نحوي ، والمكان أشد صمتاً من ذي قبل ، قالت: هاي الولد بتسوي شنو هني . وكنت حينها أشبه بمن يهذي، بل كنت تمام الهذيان ، وأنا اشد فتنة بالبحر من سمكة .
قصدت البحر وهو كما تعرفون ،
أبعدهم من الهدي ، قلت لصديقي والبحر في أشد فورانه : لم لا يقربنا الهدير من شدو الجبل. قال : شتان بين مريم وفاطمه، كل مسخر لما له إلا البحر فهو لا بالهدي يهتدي ولا يشتط بما يكفي ، البحر يا صديقي نزاعٌ للغناء الخفيض بل ان فتنته هي (اناشيد الإنصات) البحر لايغضب الا حال تصمت القواقع .وانت هنا لتحدث فرقعة ، فهو صديقك إذاً وحليف نزوعك للإختباء قبالة نهدي فتاتك، أعرف انه لا يحمل عليك ، وأنتما معاً كنتما تنورته وسترة الموت فيه .انا وفتاتي مثلكما ، ليس في كل شيء بالطبع ، لكنا مثلكما كنا نتجاسر على البحر اذ نحتقره كثيراً وكم من مره اسميناه الخور وعمدنا (الخور) الذي بجوار قريتنا بحراً وهو بالحق لا ينقصه غير المراكب ، ولكن من يصدق ؟ أو هكذا كانت الأشياء تبدو .

Post: #207
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-08-2008, 04:43 AM
Parent: #206


الأمكنة
(..)
كان صباحا غائما، شمسه أنثى في غاية الحياء.المدينة تتنفس السحر في هذه الساعة.ترقص، وتدبّ الموسيقى في جسدها الجميل الذي تلتمع عليه حبات الندى.الطريق يشق بحرا من الخضرة. خضرة تشمها وتسمعها.والتلال مكسوة بالعشب.
أربع ساعات بالسيارة، وصوت (إفريم تامارو) و(تيدي آفرو) و(قوساي)، يندلق من السماء مع زخات المطر.حتى المطر (هناك) ناعم، لكأنه يجهد ألا يخدش الأرض العذراء.
قطعان الماشية، يتبعها الرعاة في أزيائهم البيضاء، يحملون عصيّهم على أكتافهم.الشارع يقود – قطعا – إلى الجنة.وعلى بابها صورة ضخمة لـ(بوب)، وضفائرة تغتسل تحت المطر.
المدينة الصغيرة، التي منحها (جا) للـ(راستا) تسبح في طقوسها الخاصة.متشربة السكينة والسلام.
موسيقى (الريغى) تنبعث من كلّ مكان، ومن اللا مكان.الحيطان والأبواب مصبوغة بألوان علم إثيوبيا.
سنلتقي ظهيرة ذلك اليوم، (راس لوممبا داؤود)، رفقة (روبنسون الأمريكي).غمامة من السلام تحلق فوق رأسيهما.وفي التعريشة التي أقامها لوممبا في فناء داره، سنتحدث طويلا عن (القنجة) و(التابانكو) وطوائف (الراستا) والـ(نيابينغي أوردر).
صور (هيلا) هنا في كلّ مكان.
روبنسون يدخّن الحشيش في شراهة.
شاشاماني، لا تخلو من مطربي الريغي الزائرين. مثل (سيوم إكسافيو)،الذي أتى من جامايكا، وأستقر في إثيوبيا. ويبدو أن لكل واحد هنا، فلسفة خاصة به.
المدينة (ليتل جامياكا) !!
(لومببا) أراد أن يطلعنا على مكان آخر. عبرنا مدينة شاشاماني.الطبيعة هنا ساحرة. وصلنا إلى (وندو قنت)، التي تعني، ابن الجنة.
على مقربة من هنا، كان الإمبراطور هيلاسلاسي، يعتكف، وسط الجبال والغابات ليتعبد.
(وندو قنت)..يا الله يا الله يا الله.
مكان نبت وسط الخضرة، وتنسكب عليه الجبال المثقلة بالخضرة، وهي بحد ذاتها محفوفة بملائكة السحب.
السحب هناك لها ألوان مختلفة.
وهناك آلهة مختلفة، آلهة تحب السلام، وتصغي جيدا للمناجاة.
(وندو قنت) مكان للخلود.الطبيعة خلقت من هنا.الحياة سالت على الكون من هنا.هنا، بيت الإله.هنا عرشه.
عدنا مرة أخرى إلى شاشاماني. عثرنا على متجر متخصص للراستا. هذه هي (أتسيدي ماريا)، الآتية هي الأخرى من جامايكا. تشعر بالرضا،كونها قادرة على العيش هنا، في شاشاماني.من لا يشعر بالرضا هنا ؟!
زرنا متحف الأسد الأسود، الذي يملكه روبنسون.
وحين قفلنا عائدين، كانت الشمس تغسل أرديتها الذهبية في الفضاء المفتوح، فوق قمم الجبال المخضرة.
هذا منبع هذا الكون !!


Post: #208
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-08-2008, 04:54 AM
Parent: #207


عزاز

إليك هذا ..

أدعوك بل أنت تدعوني إليك فهل
ناديت إياك أم ناديت إيائي؟

ياعين عين وجودي يا مدى هممي
يا منطقي وعباراتي وايمائي

يا كل كلي، يا سمعي ويا بصري
يا جملتي وتباعيضي واجزائي

يا كل كلي، وكل الكل ملتبس
وكل كلك ملبوس بمعنائي

يا من به علقت روحي فقد تلفت
وجداً فصرت رهينا تحت أهوائي

أبكي على شجني من فرقتي وطني
طوعاً، ويسعدني بالنوح أعدائي

أدنو فيبعدني خوفي فيقلقني
شوق تمكن في مكنون أحشائي

فكيف أصنع في رحب كلفت به؟
مولاي، قد مل من سقمي أطبائي

قالوا تداو به منه ، فقلت لهم:
يا قوم ، هل يتداوى الداء بالداء

حبي لمولاي أضناني وأسقمني
فكيف أشكو الى مولاي مولائي

إني لأرمقه والقلب يعرفه
فما يترجم عنه غير ايحائي

يا ويح روحي من روحي، فوا أسفي
على مني فإني اصل بلوائي

كأنني غرق تبدو أنامله
تغوثاً وهو في بحر من الماء

وليس يعلم ما لاقيت من أحد
الا الذي حل مني في سويدائي

ذاك العليم بما لاقيت من دنف
وفي مشيئته موتي وإحيائي

يا غاية السؤل والمأمول يا سكني
ياعيش روحي، يا ديني ودنيائي

قل لي- فديتك- يا سمعي ويا بصري
لم ذا اللجاجة في بعد واقصائي

إن كنت بالغيب عن عيني محتجباً
فالقلب يرعاك في الإبعاد والنائي

هذا (سيدي) الحلاج
أما (سيدي) البسطامي فيبكي:
أهل الحج يطوفون حول البيتِ يطلبون البقاء وأهل المحبة يطوفونَ حولَ العرشِ يطلبون اللقاء.

و(هم) حاولوا الإجابة على سؤال الموت بصورة...الله الله ماذا أقول يا عزاز: (أهل المحبة يطوفونَ حولَ العرشِ يطلبون اللقاء)
أهل المحبة يا عزاز، يا كرم الله، يا عماد، يا حامد، هذه هي صرختنا في هذه البيداء المقفرة.


Post: #209
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 05-08-2008, 07:36 AM
Parent: #208

أيا أهل المحبة سلام المحبة



أَحَِدّيِِّة جَمْعِ اُْلنعُوتِ


لوْ عَرِفْتُمْ.. كانَ لِلْحُلْمِ بَوّابَتَيْنِ
وأنْْا كُنْتُ شيْئاً ولمْ يَكُ ِللأَمْسِ مَعْنَاهُ
كانَ ِفيْمَا انْطَوَىّ
إذْ الَمَطْوِيُ مَقْبُوضٌ
الَمَسْبُوقُ ُملْحَقٌ
غَيْرَ أنّهْا, خَالَفْتْ.
هَذِهِ المَرّةُ لمْ يَسْبِقُ العَاصِفَةُ خَْلا الدَمُ المُرَاقِ عَلَى فَخْذِ الَمدِيْنَةِ....
وهيَ تَلْفِظُ أوْزَارَها التيْ احْتَمَلَتْ.

الََمَسْرَىَ:

انْقِبَاضُ المَكَانِ, إذْ يَنْبَسِطُ الغَائِبُ
والوَقْتُ يُطْوَىَ... والسُؤْالُ عَنِ الْحَبِيبِ صَدَىً لسُؤْالْ.

الحَبِيْبُ:

مَنْ لا تَرَاهُ يَتَجْلّى في الوَقْتِ إذْ هوَ مَطْوِيٌ
في المَكْانِ ولا مَكْانْ.
ولا يُدْرِكْهُ إلا مَنْ عَرَجَ إْليِهِ واخْتَرَقْ.
لمْ يَعُدْ ِللْمَكَانِ مَعْنَىً, فكانَ بُرْهَةً وعَادَ الوَقْتُ أدَقّ مِنْ سَنْتَمِتْرٍ.

الحَنِيْنُ:

أنْ تُعِيْدَ الأرْضُ أحْجَارَها الفَالِتْة... ليْسَ مِنْ أبْوَابٍ تُشْرَعُ لِلدَاخِلِينْ
إذْ كُلَ حَاضِرٍ غَائِبْ, ثَمِلٌ مِنْ خَمْرِ الرّبْ.
نَشْوَةُ العابِدُ, غِبْطَتُه, حِيْنَ يُفْرِغُ كأسَ الصُعُودِ في جَوْفِ مَنْ يَهْوَى.

ما يَنْبَغِي لمَتْى أنْ تُشِيْعُ:
التَقَاصُرُ, الَخَوْفُ, اْمْتِدَادُ القَائِمِ لا القََيّوُمِيَةُ إذْ القَيّوُمِيّةُ سِرُُُُُُُ الله, وِحْدَةُ ما قَامَ في قَائِمٍ في مُقَامْ.
يَسْتَعِيْرُ فيْهِ السَارِي إصْبَعُ اللَيْلِ, يَغْزِلُ ما غَابَ سُتْرَتُهُ, يَتـَسّمّعُ صَوْتَ الحَبِيْبِ
وهُوَ سَمِيِعٌ لِمَا يُقَالُ.

التْجَلِي:

إدْرَاكُ الأحَدِيَةِ في جَمْعِ النُعُوتِ, اكْتِمَالَهَا في النّاعِتُ واجِدُهَا, والجَمْعُ واحِدْ
المَنْعُوتُ نَاعِتْ
بَاذِلُ مافِيهِ لِمَنْ لَهُ.
مُبْقٍ مافِيهِ بِمَا عَلَيِه.
مُغْلِقُ مَالَهُ إلاّ لِمَنْ َلهُ.
وأنْا مِنْكَ حَبِيبِي.
غَائِبٌ في المَوْتِ.
مَيْتٌ في الغِيْابِ.
أنْا مِنْكَ فِيْكَ
سِرُّكَ في أعْظَمِيَتِهِ.
مُدْرِكُ واحِدِيّتُكَ في تَعَدُدِهَا.

Post: #210
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-08-2008, 07:53 AM
Parent: #209




Quote: أَحَِدّيِِّة جَمْعِ اُْلنعُوتِ


لوْ عَرِفْتُمْ.. كانَ لِلْحُلْمِ بَوّابَتَيْنِ
وأنْْا كُنْتُ شيْئاً ولمْ يَكُ ِللأَمْسِ مَعْنَاهُ
كانَ ِفيْمَا انْطَوَىّ
إذْ الَمَطْوِيُ مَقْبُوضٌ
الَمَسْبُوقُ ُملْحَقٌ
غَيْرَ أنّهْا, خَالَفْتْ.
هَذِهِ المَرّةُ لمْ يَسْبِقُ العَاصِفَةُ خَْلا الدَمُ المُرَاقِ عَلَى فَخْذِ الَمدِيْنَةِ....
وهيَ تَلْفِظُ أوْزَارَها التيْ احْتَمَلَتْ



ياحامد، نحن لا نزال سكارى فيما كتبه أعلاه، بل أعلى، وأحلى، واليوم ترمينا بساهمك هذه..
لطفا بنا...


... لي عودة ورب الكعبة... حاليا أتمثل كتابتك، وأجتراها كمعزة سعيدة في ركن الدار..

الشوق والريد، ...

Post: #211
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 05-09-2008, 12:23 PM

يحكى ان محبة ذات عشق ابانت بعدي المحبة، كلاهما يفضي إلى الآخر متى امعنا النظر بقلوبنا فالبصيرة لا تسكن المآقي فقط يا خالد، القلب يبصر ايضاوإلا لما اوكلنا إليه فعل المحبة!

أحبك حبين حب الهوي
وحباً لأنك أهل لذاك...

فأما الذي هو حب الهوي
فشغلي بذكرك عمن سواك...

أما الذي أنت أهل له
فكشفك لي الحجب حتي أراك...

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاك....
(رابعة العدوية)

و بسؤال العارف منا في الأولين أفاد بجمع الجمع وذوباننا فيمن نحب :
أشار سـري إليك حتـى فنيت عني و دمت أنت
محـــوت اسمي و رسمي سألت عني فقـلت أنت
فأنت تسلو خيال عيني فحيثما درت كنت انت
(البسطامي)

Post: #212
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 05-17-2008, 10:25 AM
Parent: #211

من قبل ! كان قلبي مدفن العاشقين ، كثيرون هم الذين مروّا من هنا، منهم من عبر ومن مات بداخلي ، وكنت أنقب عن بقايا عشق أذكره كل حين ، فوجدت جمجمة بقلبي لحبيب قديم ، كانت الجمجمة صدئه ، ويسيل منها صديد نتن ، حاولت القفز فوقه لكني انزلقت ، لطخني السائل حتى أخمص القدمين ، ولم أعثر على حبيبي الذي جئت أبحث عنه . قلت لنفسي: ربما توارى عني حين جعلت الصلصال ملعباً لأولى المزواجات النزقة .
ياله من حبيب شقي ، كنا نتمرق في اشتهاءاتنا حتى نفادها ، وإذ يعجز عن مضارعة شبقي، كان يقول : عليك إذاً بكفاية ذاتك محنة الاحتياج ، غريب ذلك الولد . أو لم يفكر لحظتها في أن ذاتي ليست إلا تمام اندماجنا .
ـــــــــــــــــــــ
مجتزأ من نص قصصي أسميته الصلصال

Post: #213
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 05-19-2008, 07:30 AM
Parent: #212

العويس، والسرب الجميل..

وخاصة الحامد، الشاكر، النبيل...

هانحن نجرح، والوطن دامي، والاخوة تقتتل، والكذب يلف الحياة، والجرح غائر غائر، قلبي على وطني، كتبت بعض من شجن، سأنزله قريبا، عن وطن مريض، ولا يعترف بمرضه، جائع، ويدعي الشبع، وعن عصابة تلبس العمامة، وعن أمية (ما بتعرف صديقك من عدوك)..

ليت العقل يصحو..
ليت القلب يصحو..

وطن دام، .... لأنه في ورطه.. وجهل وعسكر...

تابعت بمهل ما يدور من مقالات هنا، في هذا المنبر، واحدة قرأتها برضى، وأخرى بعجب، وثالثة باستغراب، وآخر (ماهذا؟)، ماذا جرى، إين ملكة التحليل، أين الصدق، أين نور الفراسة...

وأين؟


ولكن ستعود للوطن فرحته، وسيعود وطن الجميع،...

لا اكذب عليكم، حاليا حزين، بصورة لا تتصور... وأمامي صورة الوطن الدامي.. وبأهله، وبجهله، ..


... سلام ا خي حامد سلامي..
والعويس، يالقبك من هم وشجن، وبكاء...



قلبي على وطني....

Post: #214
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 05-29-2008, 06:30 PM
Parent: #213

سأعود

Post: #215
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 06-01-2008, 01:28 PM
Parent: #214

الدراويش:
الدراويش هم بقية ما ترك العشق تحمله أشواق الأناسي لمنتهي الصعود ، قيل إنهم ولدوا حين تفرع من العشق أبواب عدة ، كل يقود لمنتهى وحين كان باب مواجد الصعود إلى الحبيب منفتح على لا منتهى ، اختير الدراويش للمشي فيه . فهم لا يأبهون لطول الطريق ولا قسوة الأشواك . بل في شريعة الواجد منهجهم وهم بذا لا يتبعون إلا شريعة القلب
دخلت عليه هذا الصباح ، والشيخ كعادته لا يبادرك بالسؤال ولكنه فعلها هذا الفجر ، لا أعرف لماذا ؟ ولكن ثمة ما يبدو واضحاً في سيمائه ، أعرف انه لابد قد علم بخطيئتي . قال: الطهران يا ولد ، الطهران هروبك من رعونة النفس وغسلها بالمحبة .قلت : ولكني أحبها سيدي ، أو ليس المحبة أن تغرق في ذات المحبوب أو ليس المحبة أن تستجيب لنداء العشق حين يريحك الليل من محنة الانتظار.
رد شيخي : هي هكذا ولكن الواجد أدرى برغباتك منك ، أنت لا تحبها قدر حبك لذاتك بها .
قلت : إذاً كنت تراقب ما خلناه سراً ، وإن كنا عمدنا على دسه ، غير أنا كنا نعلمه ونقرُّ بتعميده سرنا الأعظم.
قال: كما أنتما كنا .
ويوم ناحت حمائم التأسي بسابقين عرجنا صوب سدرة أفراحنا القديمة. حضرنا موسم رغباتنا وحين بتنا قبالة البكاء ، كان طيراً صادح الأشواق يغني اسمينا قالت: أسمعته ؟.
قلت: بلى ولكنه يعني الهزيمة وفظائع النزوع نحو التخلق بأخلاق الجمع ، نحن لسنا كمن يسلم نزواته القياد ، وإلا أفلتت بنا عن مدارات العشق الأبدي ، أبدية العشق في تحرره من آنية الرغبة .
قالت: صرت أشد ثرثرة وأكثر تتضيعاً لما هو ضائع أصلاً ، أفلا تربأ بنفسك من أن تكون ذات الذي مرَّ بالأمس ولم يمض بالذاكرة إلا مسافة ينفث سيجارته .في الوقت ذاته .
كان شيخنا يعالج أوتار مسبحته ، وأنا لم يبق لي من الصبر ما يكفي لانتظار حضور معزوفته ، وحين جمعت سؤالي كلعاب أبصقه ، بادرني بنظرة الانصراف ، وأنت هنا ، في ذات المقام وبما كنت عليه من هيئة الظالم ، غير أن نهارك يبدأ قريباً ، انصرف إذاً وتحين ساعة يحلو نشيد الخلاص بألسنة العاشقين .
الله الله الله اللــــــــــــه ، الدراويش ها قد بدأوا نشيد الأشواق ونحن مازلنا نراقب احتياجنا وبقية ما تبقي أسفل إناء رغباتنا ، الله الله الله اللـــــــــه والنشيد أشد جهراً عن سابقه ، والدراويش حين تفلت بهم الأشواق ، لا يراهم أولي الظلامات إلا طيوراً عبرت مسافة لا يضارعها نسر الفظائع .
قلت لشيخي: أنا ذا أذنبت ولم يبق لي غير المضي بليلات الغناء العفيف ، قال: وكنت سبقتك وعبرت الليلات إلي حين وقت لا يعرف الانتقال.
ربما أيقنت بما كان هوى واستحال موتاً أبدياً ولكني غارق في العشق حتى أخمص أشواقي ، والبنت التي عرضتني للبكاء بقلبها لا تكف عن التنقيب بصدري عن أغنيتها القديمة .
شيخي : لم يزل بيننا عهد ما قطعناه أسفل سدرة الذكر العالي ، طهرني إذاً فأنا أشد حاجة لإدماء القلب حتى أطمأنُّ على حياته .
قال : انظر بداخلك ، تجد مستودعاً لأسرار لم يكن لك أن تدركها إلا حال الخطيئة، أنت ذا أخطأت بجهلانك لمخبؤ النفس ومكنونها , أنت ذا تسعى للصعود الذي لا يعنيك ، فأتبع القلب ، القلب وحده يبلغ بك مابلغه الصاعد أبداً .
قالها: وتسرب ضوءاً شفيفاً صوب القمر ولم تعد عيناي تدركان درب الترقي والذي حتماً يقود إليه

Post: #216
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-01-2008, 03:49 PM
Parent: #215

سأعود

Post: #217
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-17-2008, 08:24 PM
Parent: #216


وما هو جوهر العشق ؟
هل الغلالة الرقيقة التي تدثر الروح تماما، وتشتعل أطرافها بنور خفي؟
هل (التوّحد) ؟
الله الله يا كرم الله !
الله الله يا حامد !
حين : يدور بعضهم حول البيت (يطلبون البقاء) !! ويدور (أولئك) حول العرش يطلبون (اللقاء) !!
والعرش :عروش.
والعروش:عرش !
والعرش :عرش !
القيمة النهائية والـ..مبتدأ، حيث سرّ الأسرار.
كم هي حقا ليالي العاشقين شكول طوال، وليل العاشقين طويل.


Post: #218
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-17-2008, 09:05 PM
Parent: #217

العويس كيفنك،
ان شاء بخير، وصحة وراحة بال، قبل شوية كنت في حديث ماسنجري مع الزول الشقي ولطيف اخوي محسن خالد، وسعدت بأن عيونه التي تري موطن الجمال والقبح بخير وصحة وعافية، فهو لنا، وبنا، حفظه الله لنا، فرحا وعمقا وتحريض...

اخوي الحامد ده داير قعدة طويييييييييييلة ياعويس،..
نص الكورة ده كتبتو كي أعزي نفسي، بوحدة وطني الباقية، رغم عصف موقت، لابد منه، كما يقال، فأعراض المرض بشارة، وليث كارثة، كي تشخص، وتحل، ...

لم انتهي بعد من تذوق كلامك العمييييييييييييق عن والدتكم الراحل، فلتشفي الغليل بالكثير الكثير الكثير عنه..
والله ياخالد كلامك الحروفي يحلق بي بعيدا بعيدا، فما امتع القراءة..


عزاز عجيبة..
بلدكم عجيبة..

الشوق والريد

Post: #219
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-17-2008, 09:08 PM
Parent: #218



قون.. قووون... قووووووووووون !!..


قون .. قووون ... قوووووووووووووووووون!!..
صرخ المذيع في استاد المريخ، وأمامه كتلةٌ كثمرةِ الباذنجان، تُسَمَّى (مايكرفون الإذاعة)، هذه الصرخة جرت إلى الشرق، تخطَّت النيلين، ثم سبحت في البطانة حتى وصلت أمضبان. وفي ذات الوقت تشظت، لعددٍ غير متناهٍ، وجرت للصحراء الشمالية حتى دَقرتي، وركضت غرباً إلى (لوري) بدارفور بين نيالا والجنينة، وإلى مدرسةٍ داخلية، وسجن النساء، وحلَّقت كعصفورٍ فوق صليبِ كنيسةِ مريم البتول بحلَّة حمد، وعَبَرَت من تحتِ بوابةِ عبد القيوم، وتخلَّلت لحية تمثال عثمان دقنة في الركن الجنوبي الغربي لحديقة البلدية ببورتسودان، كلهم سمعوا قوووووووووووووون، هذه، وفي ذات الوقت!.
وللحق؛ لأول مرةٍ يحتضن (جابر) خطيبته (فاطمة) أمام أهلها، ولأول مرةٍ يصرخ المساجين بصوت عال أمام الضباط في فسحة السجن، ولأول مرة يصرخ، وفي آنٍ واحد، ثلاثين مليون سوداني، عجزت الأديان والأفكار والسياسات والهواتف النقالة في توحيدهم، رغم نشاطها العجيب، الكثيف، الفاشل!!..
***
وإليكم وصف الهدف الذي جاء في الوقت القاتل، (ياتُرَى لم سُمِّي قاتلاً؟، أمن الحكمة: "الوقت كالسيف، إن لم تقتله قتلك")، وللحق الوقت قاتل محترف، وخفيّ، فالمقابر تنتظر الجميع، بلا فرز، والمسألة مسألة "وقت"، لا أكثر..
الكرة الجلدية، أقعلت من الأرض كطائرة، بل أقعلت من قدم (بَاكْ) المريخ، ثم ارتفعت، ومالت نحو الغرب، حتى استقرت بالقرب من العجب، هذه الكرة الصغيرة، المنفوخة، المنقَّطة، كانت تُراقبها عيون أكثر من 40 ألف إنسان؛ بل عاشق، ومتوتر، وجائع، ورئيس، وحرامي، وفي وقتٍ واحد، بل لحظةٍ واحدة، (إن شاء الله حَالِي)، هكذا صاحت الشمة المنسية، استلمها العجب بهدوء، أمامه مدافع، وثاني وثالث، استسلمت الكرة كمهرةٍ مُطيعة، وعَجِزَت ذاكرة الخصم في فهم مكر خياله، تخطَّى الأول والثاني، ومن الخلف امتدت رجل أحد الخصوم وعرقلت اللاعب بالقرب من خط 18، وضع الحكم الصافرة في فمه ثم نفخ فيها، وهو يشير بيده لموقع الجريمة..
ماهذا؟، ما هذه الحمى، والغرور، والهوية، والفرح، والحزن، مما تفعل الكرة الجلدية، وهي تدخل الشباك، أو ترتطم بالقائم، فيتحسر الناس، كما لو أنهم خسروا تجارة، أو فقدوا شخصاً عزيزاً؟، بسببها يستقطع الفقير من قوته، كي يدخل المباراة، ويشجع، ويخرج مبحوح الصوت، واللاعب الذي يسجل هدفاً، ينطّ ويتشقلب كالأطفال، ولا يمتعض أحد من هذا الفعل (الشنيع)، بالمنطق، (ياراجل اتقي الله، فلو تشقلب هذا الرجل في الشارع، في البيت،).. لقيل عنه، ما لم يقله مالك في الخمر، إنه الكبرياء الوطني، إن كان (موت الجماعة عيد)، فما بالك بفرحهم، إنه فردوس، فردوس حقيقي..
****
هدف جميل، خدعت الكرة الجلدية سبعة لاعبين، وكأنها صقر حقيقي، ذكيّ وماكر، يفلت من الصيد بذكائه الفطري، الكامن فيه، سارت الكرة بشكلٍ مقوَّس، لأن القدم التي ركلتها قد قمزتها من طرفٍ معلوم، ركلةٌ تتوحد فيها، بل كامنةٌ فيها، قواعد الفيزياء والضغط والميكانيكا والأبعاد، كي تدور الكرة حول نفسها، وحول رؤوس المدافعين، وتسير بخطىً معلومة نحو الشباك، أبعاد ودوران ومسافات، رسمت لها القدم هذا المصير المخادع، كي تحجّ باتقانٍ تام، ومكرٍ أتم نحو شباكٍ محروسةٍ بحارسٍ ومدافعين أقوياء، إنه صراعُ عقول، وقد انحدر نحو الأقدام، (نظرات العجب نحو الكرة، ونحو القائم والحارس والمدافعين، ثم نظرة داخلية، نحو مكرٍ داخلي، سحرُ الخيال، إنه يكيد كيداً) لمعت عيناه بذكاءٍ طفولي، وكأنه يحشد ذكائه وقدرته وخياله في رجله اليمنى، ثم تقهقر نحو الخلف، مثيراً لدى المدافعين، بل الجمهور، كل الاحتمالات، الممكنة، وغير الممكنة، ثم ركض نحو الكرة فاتحاً كل الاحتمالات، من الخوف والرهبة والرغبة، إن تسجيل هدفٍ عملٌ ذهنيّ، يعني إلمامٌ ذكي باحداثيات المحيط، وتفسيره وتوظيفه. رَكَلَ الكرة بزاويةٍ معيَّنة، خداع الخصم، ضربها بقوة معينة، فالزيادة كالنقصان، أي أن تتخيل في وقتٍ أقصر من البرق، كالعدم، ثم تنفذ الخيال كما هو، باتقان، موحداً كالبرق بين (الفكر والفعل)، وإلا انتزع منك المدافع الكرة كالبرق، إنها مخيلة وذكاء واتقان، في لحظة خارج الزمان، لكي تتهادى الكرة في المرمى في زاويته البعيدة، وقد كادت أيدي الحارس أن تمسّها، أن تمسّها فقط، وقد دارت الكرة من وراء المدافع، وقد سَمِعَت كلام خيالِ اللاعب كما هو، صورةٌ طبقَ الأصل، لأنه رسم لها الطريق بقمزةٍ محسوبةٍ من رجله بكلّ دقةٍ وإتقان، فالتمارين ليست سوى أن يطيع الجسد أوامر الخيال كما هي، بلا زيادة أو نقصان، ولأن القدم لا تتحرك من جراء نفسها، فقد ركلها ذهنُ اللاعب، وذهنُ اللاعب مبنيٌّ على ثقافته وصفائه وخياله، وطموحه وعزيمته، ولكن هل كل العقول الذكية قادرة على اللعب؟، هنا يجيء دور الجسد، الجسد المطواع لتنفيذ الأفكار والخيال الكرويّ، أمثولةٌ للرقص على الميدان، (عرقُ التدريب يقلل دماء المعركة) كرةُ القدم ملحُ الوجود، رياضةٌ شعبيةٌ، تدفع الشعوب الفقيرة من قُوتِهَا وكَفَافها، لترقص وتطرب في الملعب، وجوه المشجعين مليئةٌ بالخوف والتوتر والفخر والخيلاء والغرور الوطني، عصبيَّةٌ كرويةٌ، أعلامٌ وشعاراتٌ ووشوم. وبعد الهدف الجميل، يعتري الجمهور فرحٌ طاغٍ، هستيريا، تظهر على الوجوه والأيدي، عودةٌ لبدء الحياة، للطفولة (الطيبين الشايب جلبو ليهو شبابو، كما يقول العبيد ود ريا)، إنها كرة قدم، إنها مكرٌ وكرٌّ وفرّ، إنها نضالٌ من أجل إسعاد الشعب، ترقص للنصر المدن والقرى والسجون والمستشفيات، توزع البلديات الحلوى، ويختلط الحابل بالنابل، النساء بالرجال، عيدٌ وطنيّ، حياةٌ في اللحظة الحاضرة، استغراقٌ في متعةِ سيلانِ الزمن. استقرَّت الكرة في الشباك، نظر الحارس بحسرةٍ كبيرة، وكأنه يراقب ركام مدينة، بل رماد وطنه الحنون، في حين استشرت في المدرجات، الطرق القريبة من الملعب، الطرق البعيدة، المرضى بمستشفيات المدن والقرى، المسافرين بالقطارات، المهاجرون في المنافي، المعتقلون السياسيون، الأطفال؛ استشرت حمى الفرح والصراخ، توحَّدت المشاعر بالمدينة، وكأنها جسدُ رجلٍ واحد، غارقٍ في نصرٍ عسكريٍّ كبير، فرحٌ لا تقوى عليه الأجسام، فترقص وتترنح وتنطط، وتقفز، وتقبّل؛ فرحٌ فوق طاقة الجسد، والقلب: قَفَزَ الفوراي، والدينكاوي، والفلاتي، والجعلي، والشايقي، كلهم، أجمعين، وحدة شعور أعترى الجميع....
****
يالها من إعادةٍ بالتسجيل البطئ، الشاشة تجترُّ الهدف ببطء، أكتفت الكاميرا بأرجل اللاعب وهو يسعى نحو الكرة، الشاشة كلها مليئة برجليه، وهي تتهادى ببطءٍ كبير، وكأنه رائد فضاء يسير الهوينى في القمر، ومن قال غير ذلك، أسنان (الكدَّارَةِ) تغوصُ في الحشائش، عشبٌ طريٌّ يتطاير كرذاذٍ أخضر، اقترب من الكرة، ثم قمزها بطرف حذائه، من قعرها من الناحية اليسرى، الكرة تحلق ببطء، كبالون أطفالٍ رزينِ الحبوِ في أديم السماء، تلفُّ حول ذاتها، كدرويشٍ ثملٍ من لوامح الخَطْف، تلفُّ وتسعى وتعلو، تظهر رؤوس لحائط الخصم، وهي تنظر بحسرةٍ للكرة التي ألتفت حولهم، كصقرٍ ماكر، كانت الكرة تلفُّ وتسعى بصورةٍ مقوسَّة، كـ(موز كسلا)، نظرات حائطِ الخصم تبدو كمسافرٍ عجولٍ فاته القطار، الكرة ترتفع أكثر وأكثر، يبدو الحارس في الزاوية البعيدة، يجري نحو الصقر الجلديّ المقبلِ نحوه، لقد رءاها، كانت مندسةً خلف الحائط، وها هي تباغته من حيث لا يحتسب، ثم يقفز نحوها، اتخذت الكرة شكل الصقر، صقر الجديان، وصوَّبَ الصقر عينيه الحادة نحو هدفه، أيدي الحارس تسعى لاحتوائه، والصقر يسعى لهدفه، الأيدي تقترب والصقر يسعى واثقاً، كادت الأيدي أن تمسَّهُ، وفَلَتَ صقر الجديان، الحارس ينظر خلفه بحسرةٍ وهو معلَّقٌ في السماء، يديه قصيرةٌ، مهما طالت، وتهادى الصقر في المرمى، اختار زاويةَ التقاءِ القائمةِ مع العمود، أصعب الخيارات، وهو لها، تهادى أكثر في المرمى، نظر خلفه للحارس، وغمز له كالأطفال (شُفْتَ)، ثم مضى ملكاً نحو الشبكة، مسَّ خيوطها البيضاء، بل دَفَرَها أمامه، انبعجت الشبكة أمام قوته، رسمت شكل ثدي أنثى، حلمته هي الكرة الجلديَّة، التي أرضعت الجميع الفرح، والأخوَّة السودانية الأصيلة.
***
تحول الوطن لجوقة عرس، البراميل والصفائح وسطوح الباصات والأبواب تحوَّلت لطبول، تقرع فيسمعها الجن والإنس، الحيوان والجماد، كرباب إسماعيل الوليّ، كزغرودةِ سلميان الزغراد في جبل اللبيايور، طفلٌ سحب كمَّ قميصه وكوَّر قبضته اليمنى، ووضع يده اليسرى على عضلاته. أربعة مساجين أرخوا آذانهم على الحائط كي يسترقوا السمع لراديو في الشارع المقابل، محكومٌ عليه بالإعدام، ظلَّ يقفز ويقفز في زنزاته، "زاهداً فيما سيأتي، ناسياً ما قد مضى"... ياله من حماس، يالها من طاقةٍ كامنةٍ في هذا الشعب..
***
مرت زغرودة النصر بملابسٍ مشرورةٍ على الحبال، ببئرٍ مُظلم، بسمكٍ يسبحُ في النيل، طيورٍ نائمة، صحارٍ ووديان، مريضٍ بالطابق السابع مسوَّرةٌ رجله بالجبس، بائع تسالي. سَرَتْ من قلبٍ لآخر، من ضلوعٍ لحنايا، سرى الفرح في جسد الوطن كله، سحابةٌ خُلِقَت من غيم الفرح ونغم الكبرياء، ثم أمطرت على حقول الوطن كله، بلا استثناء.
***
قهوةٌ متواضعةٌ في طريق الشرق، بين هَيَا وسِنْكَات، أكثر من 17 مسافر ومقيم وتاجر، رؤسهم تتجه نحو قبلةٍ واحدةٍ، نحو طربيزةٍ خشبيةٍ فوقها تلفزيون أبيض وأسود، وبداخله كرةٌ جلديةٌ صغيرة، ماكرة، يمتلئ بطنها بالهواء والإكسير، والعجب..
سجل العجب قون، وفرح من في الملعب، أو الشارع، وظل المذيع يصرخ ويصيح قووووووووووووووون، حتى بُحَّ صوته...فعلاً، (العجب العجب العجب)، فقد وضع المقاتل سلاحه، والسكير قزازته، والحرامي مهمته، كلهم ذابوا في عشق الوطن، لم تعد هناك جدوى من البندقية والخمر والسرقة، كانت لحظاتٍ ثمان لشعور الوطن، ياله من تآخٍ عجيب، فالوجدان واحد، فعلى الحكمة (السياسية/الدينية/الاجتماعية)، أن تصل له، برصده، ومعرفة طريقه، كي تتفتق مواهب وطن عظيم، وينعم بنعيم الاختلاف، لا جحيم التشابه، كما يحلو، لصديقي وأخي محمد الربيع، قوله!!...
*****
(ذكرى قديمة) ويالها من ذكرى، كنت وبمحض الصدفة في حي الموردة، حين فازت الموردة بدوري السودان، ماهذا؟ (ليت القلم والوقت يسمحان بتصور تلك الفرحة الخارقة، والعرس الجماعي لحيّ الموردة العجيب)، كل ما أذكره، أنني دخلت بيت لا أعرفه، وشربت شاي، وفتحت التلاجة، ورأيت فتيات الأُسْرَة بقمصان النوم، والأب يصفِّق، والإبنة تدقُّ في صفيحة، وأخوك في ضلفة الدولاب،، والنفوس جذلى، ولا أحد، في زمرة الفرح في قلبه مرض، أو حزن، أو ضغينة، الجميع قفز فرحاً، الجائع وذو الكرش المنتفخ...
هل قلت لكم، ولأن السهر طال في حي الموردة، وعساكر الطوارئ يسدون الجسور، أخرجت لي الأسرة سرير، ونمت قرير العين، شاكراً كرة القدم حيث كانت، فبركاتها وسرها يعلمه الله وحده، فهي تُسعِدْ بالتساوي، كشمسٍ من فرح، تشرق على الفقير والملك والمريض، وتدخل البهجة، والحس الوطني، والكبرياء وإلى يوم الناس هذا، علاقتي بهذه الأسرة تفوق الوصف: (حاجة سعاد، وحسن والحسين ونهى والمرحوم "صالح")...

هامش لابد منه:
1) أخوكم هلالابي متعصب سابقاً، والآن من أنصار (اللعبة الجميلة)!..
2) إلى الآن لا أعرف إلى أي قبيلة ينتمي (العجب)، سوى قبيلة الإبداع، وكفى!!.
3) هدف ماردونا في انجلترا كان محاضرة في الخيال والذاكرة والموهبة الخارقة.
4) (الأغنية التي استمعت لها في خمس دقائق، خُلِقَت من معاناة شهور طويلة)، نجاة الصغيرة، وكذا الهدف



نُشر بصحيفة الأحداث، الملف الثقافي، تخوم، 21 مايو 2008م

Post: #220
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: د.عبد المطلب صديق
Date: 06-17-2008, 09:12 PM
Parent: #218

اهذا الذي يكتب هو عبد الغني الذي التقيته ذات مساء ممسكا بيراع نضر ووريقات عذراوات واعين تبرق نحو غد مامول معسول بالكلمات والسرد الجميل .
ودي وتحياتي

Post: #221
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-18-2008, 11:44 AM
Parent: #220


عاشق كبير يترجل من جواده !!
ما من عاشق، أو عاشقة في أرضنا، إلا وأرتوى من نهر عشقه، وتلألأ بأنواره.
هذا (الروح العظيمة) التي لا تخبيء إلا العشق في سطوته الباذخة، يفيض ألحانا وصوتا وضياءا.
حزين يا كرم الله.
وكأن (الحبّ) مات !!
هذا الذي كان يزرع في كلّ صباح وردة في شوارعنا، ويعبيء نهاراتنا بشمس وادعة، وتسيح عطوره على الأرض، تنبت الرهافة.
(كيف لا أعشق جمالك) ؟!
وكيف لا نعشق روحك يا سيدي يا عثمان ؟؟
أي روح كنت؟ أي قلب ؟ أي شفافية ؟
هل بمقدور المرء أن يعشق دون أن يمر بـ(كرمة) عثمان لينتشي بكؤوسه ؟
ولماذا هو رحيل أمثاله موجع إلى هذا الحد.
كأن أمثاله يختلطون بالروح، يصبغونها بألوانهم، تشف بهم، يزرعون فيها جناحين، وحين يموتون، يموت معهم جزء من أرواحنا.
(يا ربيع الدنيا)
تعرف، يا كرم الله، كنت حزينا جدا - تلك الليلة -، أخذت أزرع شوارع دبي جيئة وذهابا، وفي أعماقي شعور حارق جدا، كأنما قريب حبيب جدا رحل.اتصلت بـ(وردي) !!
جاءني صوته هو الآخر مخنوقا وحزينا.قدرت إنني أعزي نفسي بالاتصال به.
هل ثمّة خيط روحي لا مرئي يربط بين أي مبدع وآخر ؟
هل ثمة محبة كبيرة تجمعهم ؟
إذن لماذا نحزن كل هذا الحزن حين يرحلون ؟
كان كهمسة، كنسمة، كنهر، كموجة ملونة، كأغنية تتفجر حنينا.
حين أسمعه، أشعر بحاجتي إلى الحب.
لا يمكن أن تسمع عثمان، وقلبك خال من العشق.
ذلك الصوت الذي يغور بعيدا، مصحوبا بألحان خرافية، في كلّ خلية في روحك.يهدهدها، يلونها بالموسيقى، ويسكن هناك !
ولم استطع الكتابة إلا الآن يا كرم الله.
وأشعر بحاجتي لكتابة كثيرة عنه.فهو تجربة خاصة، تجربة شخصية، لي، لك، للآخرين، للأخريات، لكل العاشقين.

Post: #222
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-18-2008, 02:56 PM
Parent: #221

Quote: الدراويش هم بقية ما ترك العشق تحمله أشواق الأناسي لمنتهي الصعود ، قيل إنهم ولدوا حين تفرع من العشق أبواب عدة ، كل يقود لمنتهى وحين كان باب مواجد الصعود إلى الحبيب منفتح على لا منتهى ، اختير الدراويش للمشي فيه . فهم لا يأبهون لطول الطريق ولا قسوة الأشواك . بل في شريعة الواجد منهجهم وهم بذا لا يتبعون إلا شريعة القلب


يا حامد
يا حامد يا حااااااامد
يا الله !!

Post: #223
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-18-2008, 03:03 PM
Parent: #222

الأمكنة
(..)
البحر يمرح تحت قدميها، فيما الجبل يجلل جبينها، ترصعه الأضواء البعيدة، والتاريخ المعجون في كلّ شيء:تاريخ الحروب، والحبّ، والشعر، والبيوت، والمدارج.
فندق (الاسكندر)، عتيق، وتنمو على أطراف أصابعه أشجار باسقة.لطالما كان مأوى للصحافيين الذين وفدوا إلى المدينة في سنوات مرحها وجنونها.
آه، البحر هناك عاشق حنون.يغتسل تحت المطر، وينبت (الروشة) قدرا وسخطا وحبا.المدينة مجنونة آناء الليل وأطراف النهار.تصحو باكرا، وتهرع إلى البحر حافية القدمين.إنها خلقت للحبّ والشعر، وكلما ماتت، بكاها العاشقون، وأنبتوها زهرة من جديد.
الصبايا الفاتنات، والشبان مقبلون على الحياة، والشيوخ.يعبون من ينابيعها في (عين المريسة) و(زنقة ميكايل) و(الحمرا).صار مكاني المفضل (بيتيه كافيه).حبات المطر تسيل على الزجاج، وتضوّع البحر بعطرها الأزلي، عطر الخلود.
المطر هناك، كما في (أديس أبابا) له سحر خاص.مطر له روح، وموسيقى ووقع.
ودائما، ثمّة فتيات يتقطرن حلاوة، يدخنّ النارجيلة، ويلهون في مرح.يرمين شعورهن الطويلة الملونة خلف ظهورهن، ويجلن عيونهن الجميلة في أرجاء المكان الهاديء صباحا.الصباح هنا لا يشبه أيّ صباح.الفتيات يصبغنه بألوانهن وهمساتهن وعطورهن.
كنت أتجه صوب (الحمرا) حين توقفت بسيارتها، ودعتني إلى الصعود.
:عا وين ؟!
:الحمرا، بس شكرا أنا أحب أتمشى !
: وينك، المكان كتير بعيد، انت شو غريب ؟!
:نعم !
:سياحة ولا شو ؟!
: لا شغل !
كان بوسعي أن أرى عينيها الفاتنتين وراء النظارة الشمسية.راحت تطلعني على الأماكن.
:هاي ساحة رياض الصلح، وهاي السراي الحكومي.حضرتك من وين، السعودية ؟! أنا رفقاتي عم ينطروني عا الغدا في المنارة، وإلا كنت عزمتك عا الغدا، بس بسيطة راح نتغدى ولا فالل هلا في يومين ؟ أنا اسمي بولين.
شارع الحمرا يفيض بالمقاهي.لربما كان نزار يجلس هنا، وربما ألتقى بلقيس هناك.ومظفر أكيد مرّ من هنا، وغسان كنفاني أختبأ وراء ذاك الجدار، ودرويش تلفت كثيرا هنا.أكيد، كمال عدوان دخّن في هذا الركن، ومرقت السيارة التي تقل خليل الوزير بسرعة جنونية في هذا الشارع.وكمّ تأمل كمال جنبلاط هذه الأبنية العتيقة، وربما ألتقى بشير الجميل عملاء الموساد خلسة داخل هذا المبنى.
مدينة الأسرار: أسرار الحرب، والعشق، والأشعار.
آه، هنا مبنى (النهار).هنا مبنى (السفير).
:هيدا مكتب الأستاذ أنسي الحاج !
المثقفون هناك يديرون حوارات حول كلّ قضايا الكون، و(لا يهربون من وجه قضيتهم).مكتبه يعج بالوجوه والكتب.ودود وعميق، وفي عينيه حزن وجودي متسع.
بولين تتصل على الغرفة في الفندق.
:شو رايك في عشا الليلة؟!
:تحت أمرك.
السيدة نادرة الحريري إمرأة في غاية اللطف والوداعة.تأخذني إلى مطعم (أوتار) و(نهر الفنون).لكن بولين لا يلائمها ذلك.تنتظر في سيارتها أمام الفندق إلى الرابعة صباحا.تبكي.نخرج متوجهين إلى مقهى نحتسي فيه القهوة.لا بأس بـ(بيتيه كافيه)، فهو مكاننا المفضل.نشاهد طلوع الشمس هناك، ويعنّ لنا أن نتمشى قرب البحر.
المدينة تتنفس الحب.في كلّ زاوية عاشقان.وفي كلّ ركن قصيدة !
وفي كل عاشقين: بيروت.
الجمال مزروع في حجارة أبنيتها العتيقة.(ميشيل) تجاوز السبعين، لكنه يدب بنشاط، كلّ صباح.يعدّ القهوة، بعد أن يلح في أن أذهب معه إلى بيته الذي يقع أسفل طريق منحدرة، وتتوسط فناءه الصغير، شجرة رمان عتيقة.يعيش وحيدا على ذكريات الحرب والحب.يشاغل المتقاعدين الذين يتسلون بلعب النرد، ويراهن على سباقات الخيول.
في ليل (جونية) تتلون السماء بأصوات وديع الصافي وصباح وفيروز وجورج وسوف.
إنها مدينة فيروز !!
(علي) قادني إلى (حارة حريك) و(صبرا) و(شاتيلا).أسهر أحيانا مع بولين التي تولت تعريفي بكلّ تفاصيل المدينة.
مدينة يذوب في عينيها السكّر.يداعب البحر قدميها.يدفئها الجبل.تنعس آلاف النجوم في ليلها.تجيد الفرح، والعشق على الرغم من حزنها.

Post: #224
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-18-2008, 03:05 PM
Parent: #223

الأمكنة
(..)
حزينة، ورثة الثياب.على جلدها المتغضّن بقايا نعيم قديم.
إنها على نحو ما، تشبه بطلة (كزانتزاكس) التي أشفق عليها (زوربا) فروى ظمأ جسدها، لكن عينيها ظلتا معلقتان في البعيد، تسترجعان ذكرى عشاق متشاكسين مروا على روحها وجسدها، ثم ماتوا.
مدينة حزينة، ولا مبالية.تعيش ذهولها الخاص.
بأظافرها المتسخة، تكشط على مهل، علبة التبغ، وتدخن (البرنجي).
هنا، عشاقها الكبار.غوردون، وكتشنر.المهدي، وعلي عبداللطيف، لي ستاك. تحنّ إلى عشاقها ودروبها:سبت دودو، عثمان حسين، العبادي، عتيق، المحجوب، زروق، مبارك المغربي، البربري، إيتنيه، 2، 3 ، مشرقي، كوستا!!
لقهوتها الصباحية، وشغبها الجميل.
أحبّ هذه المدينة العاهرة.أحبّ حتى عهرها وجنونها.
أحبّ بذاءتها، وروح المقاومة في أعماق عينيها، وأشتهيها.
هي عرش الشهوات.عرشها، حين يطيّن المطر دروبها، وينعش أشجارها.
أحبّ اللبخ الذي تساقط شعره وأسنانه.
و..تغني:
(أين تصوفت وجسمك ينضح لذات خضر
اسكت.. كيف تخمرت وانت من الطين الفج
وتعشق طلع الصبح ولا يؤنسك الليل بلا جسد
تتركه في الصبح
تنوح الاغصان عليه وبالضدين يضيء
تقول: دخلت حدوث الضوء
في العام الاول كان الضوء المألوف
وبعد...وبعد..
في العام الثالث كان الضوء المستور
وبعد..
وجاء ظلام اطفأ كل قناديلي حتى الموروثة منها
اذ ذاك تلمست طريقي)
آه: ظلام !

Post: #225
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-18-2008, 03:07 PM
Parent: #224

الأمكنة
(..)
عشبها الأخضر، وينابيعها، ونعاسها الليلي !
مطرها الداخلي، وموسيقاها.
وعيناها: بركتا العسل، وينبوع الكون.مذبح القرابين، وفورة الصبا.
والصمت! الصمت إلا من كلام كثير يضيء الليل، ولا ينام.
كلام بلغة الحلاج.يطوف بكعبتنا.يصغي، يدور، وكالحلبة التي تفيض بعاشقي جلال الدين الرومي، يضرب طبله، ولا نفزع.
الكون:شوق !
والشوق لا يفسّر.الشوق إلى المكان/الروح.
هذه المتاهة الدائرية التي تقودك منك إليك، وإليك منك، فتتوّحد، وتنعتق، فتفيض فيوضا إلهية.
يا إلهي، أهذا كله مكان !!
أهذا، الذي يغمر ذاته بزيت الزهر، ومصابيح العشق، وأقماره، هذا كلّه ..مكان !!
الأبنية القوطية التي تتسلقها النباتات الخضراء التي تنبت الورد الأحمر، الأبنية المكسوة بالعطر، وجداول الماء المجللة بالطحالب الطيبة، والأبواب الخشبية القديمة، والجسور الرقيقة، تحت سماء مزركشة بالطيور. الدروب الضيقة المرصوفة بالحجارة، تشبه دروب روما، والشبابيك المشرعة على بحر من النور. والعشاق في أرجاء المكان، ترفرف أرواحهم، وتغني.وفي الليل تضيء بالعشق.أضيء.
وترقص !
لترقص الأكوان كلها.تتثنى، تتثنى الأنهار والسماء والأشجار.يتثنى الهواء، والموسيقى. تشهق، تنتشي، ينبت جناحاها، من عمق الروح، وتشع عيناها بالأسرار.تشعان عشقا وجمالا.
أوقد قنديلين وأعلقهما على عينيها.يتمرجح الأطفال على عينيها.تحطّ العصافير على عينيها.ينبلج الصبح من عينيها.
وتنام !
تنام مطمئنة في حضن الأشواق العاتية، ولا أنام.أهدهدها، وأغني بلا كلمات.يغني قلبي، ثمّ يخلع نعليه، ويتسلل إلى مخدعها.يلتصق بها، بروحها.يروح يرسم على جدران روحها.كمايكل أنجلو، معلق على سقوفها، يزيّن كاتدرائياتها.يدسّ أسراره كلها. و...
(يا حلاة ليلا معاك ما درنا يصبح
ويا حلاة صبحا تكون انت المصبح)
أذوب في بهو روحها.وأدوخ !
درويش في طريقها، وفانوس أطفأه برده الأزلي، لا توقدني إلا هي.

Post: #226
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: هشام آدم
Date: 06-18-2008, 05:37 PM
Parent: #225

__________________

سلام يا شباب . خالد عويس كيفك؟

معليش يا جماعة كلامي حيكون خارج الموضوع، بس نداء للأخ عبد الغني كرم الله.

قبل شوية جاتني الرسالة دي من البروفيسور خافيير لوفان بيسأل فيها عنوان للمواصلة معاك:


Quote: Dear authors

The French editor Astier accepted to publish the collection of Sudanese short stories that I presented to him. It will contain short stories by:
Ahmad Al Malik
Rania Mamoun
Abdelaziz Baraha Sakin
Shawgi Badri
Stella Gartano
Hisham Adam
Abdelghani Karamallah

But the book will be issued next year, in 2009, so we'll have to be patient up to there. By the way, Abdelghani Karamallah was the only author I did not contact, does one of you have his email address?


Best Regards

Xavier Luffin

أرجو من الأخ العزيز: عبد الغني كرم الله، مراسلة البروفيسور خافير لوفان للأهمية

تحياتي للجميع ومتابعين معاكم هذا الخيط في هدوء

Post: #227
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-18-2008, 06:14 PM
Parent: #226


هشام ..مرحبتين حبابك
وألف مرحب بالصديق بروف لوفين.هذا الرجل يسدي خدمة جليلة للآداب السودانية.

Post: #228
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-18-2008, 09:04 PM
Parent: #227

خالد عويس..عبد الغني كرم الله..كل المجانين فقراء الزاوية المنسية..
ساعات قضيتها وانا اتابع هذا السخاء..فاحسست بالمجاعة وبانت لي غربتي..

نفس الكوة يا عويس استفزت انساني وباغتته بالمشاهد الملتبسه..حقيقة لم
افكر في الغاية.. تابعت ذلك البصيص المضلل "ابو فانوس"..ففقد مسربي
في فيافي تتقاذفها العواصف..- لا انسي قادني قون عبد الغني
الي هذا المكان-
تابعته من مدينتي..فانغرست شوكة في القلب .. شوكة رائحتها
خفيفة وناصله مثل نبات الصبار..لكنها تتركز كلما احسست بالألم ..
شوكة تحسها ولا تستطع ان
تملس عليها بحواسك ..تغافلك في تلك اللحظة اياها..لحظة انسكاب ماء الوجود
علي الروح..لحظة الهروب المستمر من عينة الأسئلة المطروحة في كتابات عبد الغني
كرم الله او نصار الحاج أو انت نفسك في مستهل هذه الكتابة الحارقة..
بتلك النظرة القلقة لا على مصير الإنسان والكون..
ولا حيرة الوقوع بين العقل والتراث
ولابين الشك واليقين من جدوى العالم..ثم نسوخ كلنا أو معظمنا في ذاكرة الطين
الأول ..الصلصال..نقلب بعضه ونبحث عن مخارج..نعادل انفسنا كمكافئ لموسيقى
البدء..تسلسلنا في التراث..ونعبر فوق العقل بتماه متجدد..يا خالد
ويا عبد الغني..عجزت عن تفسير المحبة ..في صورتها عند العبيد ود ريا..
"الماعندو محبة..ماعندو الحبة" حاولت تجريدها من بعدها العرفاني..
لتخرج عن نطاق القيد..عن شرطها الصوفي..بعدها التأريخي كملازم للنبوءة..
لنفسح لها حيزا عقلانيا..يشخص
فيها البصر بفستان آخر..فستان يتحرر من سلطة الأخضر..فستان لا نفصله على
مقاس الأشياء..بإدراك التسليم..لنواجه حقيقة التناقض النسبي حول الإنسان..



لكما التحية هذا البوست متخم بالجمال

Post: #229
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-19-2008, 10:32 AM
Parent: #228


عبدالمنعم
كتابتك كتابة "عاشق" كبير أترع من كؤوس "العبيد ود ريا"، الله : الما عندو محبة ما عندو الحبة !!
هذا (إنجيل) محبة وعشق.
تبدو لنا غربتنا بشكل مكثف، ظلمات بعضها فوق بعض، هل نتآلف معها ؟
هل هي - بكل تجلياتها ووخزها - دافع من الدوافع الرئيسة للإبداع؟
كم هو كرم الله مثلا مغترب عن كل شيء، ومنتم - في الوقت ذاته - لكل شيء.

Post: #230
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-19-2008, 06:12 PM
Parent: #228

وكانت الأمكنة ياعويس..الأمكنة تجثو في حيز قبل الزمن..تفرض عليه
شرطها ..تهبه درجة الوقت والحرارة.. لأن الزمان يتجلى بها..هي من
تحدد نسبيته ..كذلك الضوء والطاقة..والسرعة..كيف لنا ان نتخيل
السرعة بدونها..الأمكنة تحدد مسافتنا من الأشياء..وتأريخنا لذلك
تجدني اتوحد مع "غني" في جغرافيته..الم تلاحظ ذلك في كتابته ..عبدالغني
لا يفترض ان يكون الزمكان متحدا في جنونه..كما الدرويش يهيم دائما
في بحثه عن الأمكنة...لأن الزمن لعبة غبية..لعبة افتراض بين القديم
والجديد ومع ذلك فالمتجدد هو المكان..حتى الذاكرة نفسها تجنى عليها الزمان

يوهمنا باننا نسافر عبره للوراء..للماضي ..بينما نحن نسافر في المكان
داخل الذاكرة..فويحك يا فتى ..كيف لك أن تفترع الأمكنة ثم تدخلنا في "حيص
بيصها"..الأمكنة وحدها تملك إجابة الكون لا الفلاسفة ولا الشعراء..ولا الساسة
حتى القوانين لا تأخذ حيويتها بدونها.. شفرتها ورمزيتها..حتى الصوت ودلالاته
ومعانيه هو انعكاس للأمكنة..


شكرا خلد هلى الأمكنة

Post: #231
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-19-2008, 11:06 PM
Parent: #230

Quote: تبدو لنا غربتنا بشكل مكثف، ظلمات بعضها فوق بعض، هل نتآلف معها ؟


كيف التآلف يا عويس..الظلمة اقسى مرحلة من الإذلال..لا تر فيها
قلب أخيك ..تتمركز فيها الذات تجعلك محورا في محيطها..تمشط الروح
بسديمها..فتغيب الأمكنة.."والغربة حاره وحاره"..مع الظلمة يتجمد
الكون يلف الدرويش حول نفسه..حتي لا يفقد المكان..الحركة.. نراه
يفعل ذلك كلما احس بالغربة..يصبح فلكا متحدا مع نفسه..ينجذب نحوها
صمدا ليرى العرش.. ليرى حزمة الضوء الإلهي..ليرى الله..فيها يضيع
كنتور الأشياء..ويفقد عبد الغني حالة الظل الملازم..في الظلمة
يستقر المكان فقط في الذاكرة..لا يضئ من حبيباتنا غير الجنس
حالة للتملك الأخير..في الظلمة تغادر الروح الجسد تبحث عن مكان
متخيل عن افتراض.

Post: #232
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-20-2008, 08:51 AM
Parent: #231

أمكنة يطل عليها القلب فيحس بالوجع..الم تر كيف فعلوا بها?

حزين انا ياغني..حزين ياعويس..في مكان ما يصفعونها..
أليس الإنسان مكانا يستوعب الروح?

Post: #233
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-20-2008, 10:45 AM
Parent: #232

عبدالمنعم
بالله عليك لا تكف، فهذه روحك هنا تسيل دموعا وتنبت زهرا وأمكنة.

Post: #234
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-21-2008, 10:17 PM

....

الشخُوصُ أمكنةٌ و الأمكنةُ شخوص، يتسعُ الفضاءُ بمن حوى و يضيقُ بغيابِهم عنه ... فالرحابة حضنٌ دافئٌ و الأسر ما عدى ذاك الدفء ...
المكانُ مرهق! المكان قيدٌ إضافي ...الحضور أعمق، الحضور حالة تـلتـبِسُني في مواسمِ شوقي له ... الحواسُ منتبهةٌ ، تتشابى على أطرافها في انتظار مجيئه لتُؤذِن بالرقص...
الحواس؟ مرهقةٌ هي أيضا! تستدعي بعضها البعض ...تتنادى لنقطةٍ ما، في منتصفِ الشعور ..مصغية ... تحدقُ في بقعةِ الضوءِ النابعِ هناك ...الحواسُ عبءٌ أكبر ... أغلالٌ ...لا احتاجُها... احتاجنُي فقط .. و احتاجهُ ..أحتاجُ إدراكِي للحظةِ و الحواسُ تعيقُ ذوبانِي في حضْرِته، أنزعُها عني كلما اقتربنا،أزيحُها عن طريقي، اتعثر بآخرها ... أُرْخِيها وأنهي مراسمَ الدُنيوية .... المكانُ لا يَعنيني! المكان تربة ، وجِدَت لتَشهد تمازجنا فقط ... نَنْبت فيها... نَنْبت منها .. نَذُوب في الضّوء ...نَذُوب كَمِلح البّحر... سَنرَوي المكان بنا، سننثرُ طَيفَنا على الجدران ... سَنكون في كل مكان، فنحن المكان! سَنُجرّد المكان من سلطتهِ علينا، وما المكان إنّ لمَ يجمعنا؟ كومةٌ من أثاثٍ و جدرانٍ حُبلى بالأسرار! ما قيمة الزمانِ بلا لقاء لنا نَمْهُرُه بشوقٍ ارتوى و نُحِيلهُ لرصيدِنا من الصبر لفراق آجل؟ الوقت نحن و المكان نحن! قد تتآمر الأمكنة علينا ... كما الحواس! تُشرع نوافذ الشوق و تغيظنا متى عز اللقاء، ولكني أراهُ بالعشق الكامنِ فيني، فهو مني، يسْري مني مجرى الدم، وهل أرى دمي لأعرفه؟ هو مني كالروح، وهل الروح تُرُى لندركهاا؟

******

له وحده...
بك استغنِي عن الحواس، و اتنازُل عنها لمن يطلبها ...
وانت يا سيدي أراك، اسمعك، انطقك، المسك، استنشقك بالبصيرة !

Post: #235
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-22-2008, 07:53 AM
Parent: #234



عبدالمنعم أخوي...

أتأمل كلماتك وفي القلب فرح، عشقك للمكان، أم لبطن الأنثى، وخدها، ونعومة الطمي في الجروف، وذلك المجري الغريب الذي يفصل نهدي المرأة، وبإتقان ومجون عجيب، وتلك الواحة التي تمسى مجازا (سرة)، مشغول هذه الأيام بذكاء الجسد الإنساني، وسحره الصموت، وحجه من بيوضة بحضنها حيوان منوي لفتاة ساحرة، وفتى جميل، متخذه مجرى شاعري، وموسيقى، كي تبلغ هذا المقام من الفرح والذكاء والروح، كالنظام التي فتنت ابن العربي، والطبيعة التي فتنت نساك الهايكو، والوجود بإثره الذي خلب لب الحلاج (وأي أرض تخلو منك)، كما ينشد عويس..

الأمكنة... استرق السمع لما سطره قلب عزاز، وقلب عويس...

أخي الأكبر عبدالعظيم كرم الله، مهاجر في بلاد الله، مثلي، ومثلكم، ومثلنا، في اجازة من الاجازات التقينا مع بعض، بعد فراق طويل، وكنا نجلس قدام بيت اخوي الاكبر، بامتداد ناصر، وقدام البيت خور، متسخ، ورمل ناعم، واشجار قامت بفوضى...

أكثر من ساعة ونحن نحدق فيه بطرب..
ومعا..
وبلا اتفاق

قلت له: ما رأيك في الخور..
قال: والله أجمل من كل حدائق الرياض (السعودية)..
لم؟
فيهو حياة، النمل، وجزء من كيس مدفون، وقزازة مليئة بالتراب، وخطوط صغيرة.. وشجيرات السنة سنة..
العرق عند الأم عطر،...

العاطفة تعيد تعريف الاشياء، بل تمس جوهر الاشياء، العاطفة الحقيقية جعلت أقبال يقول:

(صير الرومي طيني جوهرا، ومن غباري شاد كون ساحرا)...

المكان سيد، ومأوى، والثلج والماء، هما علاقة الروح بالجسد، فلا ثلج بلا ماء، ولكن تعاريج اللطف، وانزلاق التمجد..
والنجم إذا هوى، (هوى من لطف الروح اللامرئي، إلى جسد يسعى بين قريش، وبين العارفين ليوم الناس، فالموت (غبار).. لو تجلى عن ناظريك الغبار، لرأيت الكئوس كيف تدار..

القبر، كاختيار قسري لفكر الحياة، هو انتماء للارض، للرحم الأكبر، وكل العارفين، قالوا انه (روض)، حتى بوذا، جبران، وهيسه..
هو ذوبان في لذة جنسية، مع الأرض...(تفرح الارض حين يموت امرء، كي ينتمي لها)، بعد فراق طويييييييييل...

يحكى ان احد الأولياء، نصح مريد له بأن يمشي حافي القدمين... كي يمس بطن الأرض، وتخاطبه بلغتها البسيطة، العميقة..(التواضع)،
تحب الارض الاشياء الافقية
ويحب الانسان الاشياء الرأسية..

فالموت أفقي
والحياة رأسية....

وهما صليب المسيح الحديث..

حين اسافر لأهلي في العسيلات، أرى الطريق ينام امامي بهدوء، يتعرج هنا وهناك، وهو يحمل فوق ظهره البص، لوري البدفورد، فالشارع كالشريان، كالوريد، كائن حي، يقشعر من لساتك البص، ومن فيه...
خفف الوطء، كما قال شيخنا المعري..

دوما، أكون مسكون بوجه المرأة..
وذلك الجدول الصغير، الذي يشق شفتها العليا، لم؟ يبدو لي ينقل خمر اللمي لشهيق الفرح..
ويعاتب النشوة، لم القصور، ؟....

الطبيعة صبورة، حاذقة، تعمل بصمت، وماهلة، ودقيقة، ومستغرفة في لوحتها كفنان عبقري، مستغرق... لا تزيد أو تنقص في زمنها، الجنين تسعة اشهر، القمح ثلاث اشهر، السلحفاة 250 عام، ماهرة، لا تفكر في جريان الوقت، لأنه كذبة، ولكنها مسئولة عن الاتقان، فالزمن كائن حربائي، (مكثنا يوما او بعض يوم)، وأغنية سيدنا محمد الامين، الغريب الساعة جنبت تبدو اصغر من دقيقة، والدقيقة....

يقال، بأن هناك رجال ما قبل عاد’ في دهش وسحر هذا الوجود، هكذا فسر ابن العربي آية (أم كنت من العالين)،...


المدينة المعاصرة... شلت حركة الاحياء.... والعمارات آخرت الشروق، وعجلت بالغروب..



المكان، الزمان، الإنسان، ثالوث واحد... قلب وعقل وجسد...

الطين يسعى للإنسان، يحيل نفسه بطاطس وجرجير، ودجاجة، وخراف....


من الصعب الكتابة عن (الأمكنة)..
من الصعب، ...



اخوي ابراهيم، كلماتك، ...حيوات تسعى ...

Post: #236
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-22-2008, 11:07 AM
Parent: #235




عزاز، في مقام بوحها، بالمضني عليه من التصريح، أنشد لسان حالها، وقد أعاقت (الحواس)، نشوة الذوبان، فكيف السبيل:

Quote:
....

الشخُوصُ أمكنةٌ و الأمكنةُ شخوص، يتسعُ الفضاءُ بمن حوى و يضيقُ بغيابِهم عنه ... فالرحابة حضنٌ دافئٌ و الأسر ما عدى ذاك الدفء ...
المكانُ مرهق! المكان قيدٌ إضافي ...الحضور أعمق، الحضور حالة تـلتـبِسُني في مواسمِ شوقي له ... الحواسُ منتبهةٌ ، تتشابى على أطرافها في انتظار مجيئه لتُؤذِن بالرقص...
الحواس؟ مرهقةٌ هي أيضا! تستدعي بعضها البعض ...تتنادى لنقطةٍ ما، في منتصفِ الشعور ..مصغية ... تحدقُ في بقعةِ الضوءِ النابعِ هناك ...الحواسُ عبءٌ أكبر ... أغلالٌ ...لا احتاجُها... احتاجنُي فقط .. و احتاجهُ ..أحتاجُ إدراكِي للحظةِ و الحواسُ تعيقُ ذوبانِي في حضْرِته، أنزعُها عني كلما اقتربنا،أزيحُها عن طريقي، اتعثر بآخرها ... أُرْخِيها وأنهي مراسمَ الدُنيوية .... المكانُ لا يَعنيني! المكان تربة ، وجِدَت لتَشهد تمازجنا فقط ... نَنْبت فيها... نَنْبت منها .. نَذُوب في الضّوء ...نَذُوب كَمِلح البّحر... سَنرَوي المكان بنا، سننثرُ طَيفَنا على الجدران ... سَنكون في كل مكان، فنحن المكان! سَنُجرّد المكان من سلطتهِ علينا، وما المكان إنّ لمَ يجمعنا؟ كومةٌ من أثاثٍ و جدرانٍ حُبلى بالأسرار! ما قيمة الزمانِ بلا لقاء لنا نَمْهُرُه بشوقٍ ارتوى و نُحِيلهُ لرصيدِنا من الصبر لفراق آجل؟ الوقت نحن و المكان نحن! قد تتآمر الأمكنة علينا ... كما الحواس! تُشرع نوافذ الشوق و تغيظنا متى عز اللقاء، ولكني أراهُ بالعشق الكامنِ فيني، فهو مني، يسْري مني مجرى الدم، وهل أرى دمي لأعرفه؟ هو مني كالروح، وهل الروح تُرُى لندركهاا؟

******

له وحده...
بك استغنِي عن الحواس، و اتنازُل عنها لمن يطلبها ...
وانت يا سيدي أراك، اسمعك، انطقك، المسك، استنشقك بالبصيرة !



فكيف السبيل، الحواس هي جسرناله، لنا،، وهي حجابنا، ... يالها من عائق..






كان الله، ولم يكن شئ معه، وهو على ما كان عليه..
...

Post: #237
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-22-2008, 12:19 PM
Parent: #236


مولاتي عزاز
مولاي عبدالغني
..
العشق..!
وكيف ذاك ؟ كيف (وأيّ الأرض تخلو منك..حتى..)، أنا يا عبدالغني، أهيم بهذه الـ(حتى) تطربني طربا لا نهائيا، وتروح روحي، فعلا، تخلع نعليها لتمس الأرض في وله. باطن الروح يتوق للأرض.يقبّلها، وينسرب في حشاشتها، كالماء، لتنبت !
و..(لولا ناري من دمعي كنت غرقت، ولولا دمعي من ناري كنت غرقت) !!
من قال إن العشق اليانع، فيوضه لا تتدفق إلا من بحار الحلاج والرومي !!
يا إلهي !!
..
عزاز
العشق ؟ صديقي (إبراهيم عويس)، ذلك الكائن النوراني المضمخ بالإنسانية، كان يعشق عصاه.عصا رافقته سنين عددا.عصا طويلة، وبسيطة جدا، تشبه بساطة روحه.كنت أقول له، لمَ لا تتوكأ على عصيك الأخرى، عصا الأبنوس التي جلبتها من واو، أو العصي الأخرى التي أهديت إليك؟ كان يأبى ذلك.
حين ينام ليلا، كانت تنام تحت فراشه.تصحو معه.يذهبان معا إلى كل الأمكنة، ويعودان مرهقين.يغنيان معا، ويصليان، ويتهجدان في الليل.هكذا كنت أحسهما.
تخيلي..عصا ؟!
العشق – يا عزاز – هو كلّ شيء.
الإله، والناس، والحيوانات، والنباتات، والأم، والحبيبة، والنهر، والسماء، والحجر، والعصا.
فأيّ قلب يخلو، وأيّ قلب يفيض؟؟


Post: #238
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-22-2008, 03:03 PM

العشقُ كغيره من ما نتًح من الروح، غريبٌ ثائرٌ على المألوف..
قد تعشقُ شخصاً، شجرةً، عصى، سبحةً أو مجرد كرسيِّ مكسور ...
أًلِفَ أبي جلابيةً بعينها، ارتداها في أيام الجمعِ و الزيارات...
و ختمات القرآنِ و الأتراحِ و الأفراحِ
سافر بها براً و جواً و بحراً.. و باللوري!
ما تكادُ تتسخُ إلا تًجدَها معلقةً بمفردِها تُهفهِفُ في الحبلِ،
ضارباً عرضَّ الحائطِ بنظامِ أمي المنضبط للغسيل و شؤون المنزل!
تًجده جالساً بمكانٍ غير بعيد ينتظرُها لتجفْ، يرنو إليها بضيق وشوق!
والجلابيةُ تهفُ نحوه في تآمرٍ عجيبٍ مع النسيمِ كأنّها تواسيه على بعدها عنه!
عندما توفىَّ، لم ألمسْ أغراضهُ إلا بعد الأربعين،
لم يكن للأربعين من سلطةٍ علي من قبل،
ولم أعبأ يوما بباقي الأساطير ...
وكنت أهزأُ من أرقامٍ وألوانٍ تحددُ لنا
نصابَ الحزنَ و الرّحمةَ و تؤذن رفعَ الفراش!
ولكني تشبثتُ بالأربعين خشية مواجهةٍ مبكرةٍ مع حُزنِي ..
لم أعُاند وقتها (العرف و العادة) و طَاوعتُ أولَ مقترحٍ بأن لا نَلمَس مُتعلقاته إلا بعد الأربعين!
وودت لو امتدت الأربعين أربعين عاما!
نعود لتلك (الأغراض) ... مَسبحةُ ومحفظةُ من جلد متهرئ، جلابيتهُ المفضلة التي ارتداها يوم وفاته، طاقيته، و غريمتي، عصاه!
أذكرُ أول يومٍ رأيتُ فيها أبي يتوكأُ عصاه، وثورتي ضد نواميس الكون،
و قيم الوقت الغبية وقوانينه البلهاء! كنت وقتها في (البلد)
ورأيتُ والدي يمشي بين السواقي متكأً على عصاهِ بوهنٍ وقد شارف الرابعة و الثمانين من العمر...
خريفٌ أزهرتُُ فيه برغم الوهن الضاربِ فيه و في أمي،
و وهبني رحمٌ منهكٌ لحيزٍ مثقلٍ بمن فيه، و حبوتُ على رملٍ الترقبِ و الإشفاق من يتم وشيك دام عشرين عاما و نيف ...
ناديته بغضب ولم انتظر حتى يلتفتَ إلي و ركضتُ نحو (البحر) بأقصى قوة و انحدارُ الأرضِ يشدّنِي بخوف، يسْتًمهِلُني أن أعودَ إليه ..
ولكني هربتُ كأنّ عفاريت الطينِ تُطارِدُني و دموعِي مالحةُ بطعم الخوف ...
ركضت نَحو رحم الخوفِ، هربتُ من صورتِه هرِماً يتَوكًأُ، هربتُ نحو بيوتِ الطينِ حيث ولِد،
أتَوسّلُها أن توقفَ سكينَ الزمن، أُشيرُ بيدي نحو الطريق لاهثةً
((يا بيوت! يا نخيل! هناكَ ابنُكِ الذي ربيته! انه يكبر! يشيخ! أنقِذيه! رأيته يتوكأ عصاه! أنقذيه! ألم تحويه صغيرا، شابا مترعا بالحياة؟ لم تتركيه؟! أنقذيه! ))
لم يجب حتى صدى!
و النخيل يهز سعفه متحسراً، و بيوتُ الطينِ تتحاشى النظر في عينيّ، وربت السعفُ على كتفي والهواء يمر من خلالي يطلب مني الرحيل،
فقد أقلقتُ قيلولةَ تلك البيوت، و النخيل، فقد هرموا أيضاً و الضجيجُ يغّور تجاعيد الزمن، يحْفرها أكثر...
ومن يومِها لم تفارقهُ عصاه، يبحث عنها في تَباشيرِ الصبحِ، و يودِعُها أسفل سريرهِ في نهايةِ اليوم...
نقراته عليها تنبؤك بمزاجه، نقرٌ متتابع، غضب ..
نقرٌ متباعدٌ، ملل ...
نقرتين، استحسان...
نقرةٌ واحدةٌ عاجلة، حسمٌ في أمر!
باتت لسانه، ساقه، و رفيقة عمره...
يؤرخ ما كان بتاريخ حملها
(اوووه! المودوع ده قديم! ياخي انا ما كنت شلت اسايه الزمن داك!!) أمرين لا تفريط بهما، إقفال الزراير و اصطحاب عصاه!
هي محور أحاديثنا أيضا!
صيانتها الدورية و تغيير لُبَادَتها،
شيطنتها حين كادت أن تزلقه بالأمس،
حركاتها المجنونة على البلاط!
أحالها الولف لكائن مستقل، تُنسج عنه الحكايات و تُروى عنه المآثر! فلولاها لسقط ابن أختي الصغير، فقد رده أبي عن السقوط بمدها أمامه! وهكذا، انضمت لأسرتنا،
و بكته بصمتٍ يوم غادرنا، و اتكأت تراقبنا نبكيه، و فارقَها كما فارقنا ... و الآن، كلما اشتد بي الشوق ...
أحُدثها من آن لآخر،
و أعدها بأن أحملها متى فارقني الشباب!
أنهكتني الذكرى!
أليس للروح من عصى تتكئُ عليها؟
أم نحن العُصِي؟

.....
.....

سأعود في وقت ما!

Post: #239
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-22-2008, 04:52 PM
Parent: #238


هو العشق يا عزاز !
نبتة تتسلق تعريشة الروح.تروح تنمو من بذرتها وتمدّ أوراقها وساقها إلى الأعلى، بحثا عن حضن يعانق النور.تخضّر، وتضيء، تتفجر بالعشق حين تعثر على ألقها الداخلي في مخالطة الحياة، في وجودها، في مطالعتها صفحة السماء، ولألأء (بحسب التعبير الصوفي) النجوم، في مرور النسيم على خديها، وبللها المثير بحبات مطر..(عاشق)، المطر، هو الآخر عاشق كبير يا عزاز.
والعشق في جانب منه، ذاكرة أبدية، لواعجنا وأسانا على (المكان) الذي غادرناه، لنهيم على أرواحنا طويلا جدا.ذاكرة متجددة، بالذي نبثه في الشكوى، والاشتياق.الاشتياق لتلك (العصا)، تلك (الرائحة)، أوتذكرين رائحة أبيك يا عزاز ؟
أنا أذكرها جيدا.هي لا تشبه غيرها.الرائحة تلتصق بالروح.هل للروح رائحة ؟ أظنّ، فلروح أبي رائحة، وأجزم رائحة طيبة، تشبه رائحة (جروف النيل).
رائحة تنفذ ذراتها عبر (مسام) العصا.أشمّ رائحته، ليس في الثياب وحدها، وإنما في (العصا) و(الثياب) و(الفراش)، و(الأغطية).
أرواحنا تتسرب إلى الآخرين، إلى الأغراض.
أجزم، قسم من روحه ترفرف على عصاه، على ثيابه، على فراشه، وحول بيته الطيني في (القولد).
أرواحنا تتسرب، تلتحم بـ(الآخر)، تتمازج معه، تبكي في حضرته.
لذا، فالأرواح بحر متلاطم، ومتصل.كم هي روحك – يا عزاز – ممزوجة بروحه وأرواح أخرى.كم أخذت منه، وكم أخذ منك، وكم أخذت أنت من الآخرين، والأشياء، وكم منحتك.
والبعض يمنح روحه كلها يا عزاز، فيصبح (حلاج المحبة).


Post: #240
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-22-2008, 07:21 PM
Parent: #239


في حضرة من أهوى
عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه
ورقصت بلا ساق
وزحمت براياتي
وطبولي الآفاق
عشقي يفني عشقي
وفنائي استغراق
..... (الفيتوري)

في حضرة من أهوى، يتفتت طيني عن طيني، وتسيل روحي أنهارا.تسجد عند العرش تماما، وتتكشف أمامها الحجب.تسكر بخمر القرب، وتبكي بالنأي.
في مفازتها، تجأر بالشوق.تروح ترسل بصيرتها/بصرها إلى البعيد/القريب جدا. أليس (أقرب من حبل الوريد) ؟ بل الوريد.بل القلب.رفقك يا محبوبي، فالإحساس يتلبس اللغة.تضحي (اللغة) زهرة وقنديلا.تضحي غمامة يهطل ماؤها السماوي عليك.تسيح روحي في جنباتك.تزهر، تحيا، و...تموت.
بالنأي نحيا على أمل اللقاء.وباللقاء نموت مرات ومرات لأن اللقاء لا يروي الظمأ الأبدي.
مفازة !!
روحي..تساقط عليك رطبا جنيا.تساقط عليك نورا، فأنا نور، وأنت نور، نوري من نورك، يندغم نوري في نورك، ونضيء معا.


Post: #241
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-22-2008, 07:50 PM
Parent: #240

حين الإمعان – بالروح – في التراث (الروحي) الضخم الذي خلّفه الحلاج والرومي والجنيد والشبلي، يقف القلب مذهولا تماما في حدود دائرة النار العظيمة التي عبروا عليها بأقدامهم الحافية، وهم يرقصون منتشين.
كيف النار تصبح ماءا ؟!
أهو ذاته الحنين الأزلي لأن ندوس بباطن أقدامنا/أرواحنا على الأرض/النار/الماء ؟
و..أقف بينهم، حاسر الرأس، حافي القدمين، متهدل الشعر، نشوان، أطالع (الحلاج)، المعلّق فوقنا، ينزف، الحلاج المتوضيء بالدم، يلح (الشبلي) في السؤال، ويجيب هو، بالروح، لا باللسان.أكثرنا نشوة.أكثرنا غبطة.وكلنا، ذلك اليوم، في أعماق أرواحنا حنين لوضوئه الباذخ.
لكن الأرواح – المرهفة وحدها – تتوضأ بعض وضوء، بالدم، كلّ ليلة، وتزفّ بشراها إلى العرش.تمسح الدم عن طينها الأزلي، فيورق، يورق، يورق.
أقف بينهم، متجردا من خواصي الطينية، مزهوا بخواص روحي، وسرّ أسرارها، أكاد أشطح، فيزجرني المعلّق فوقي: ارفق بنفسك، فالعشق حياة، والعشق موت. كن نارا لا تؤذي حتى الطير.كن قطرة ماء.قطرة الماء عاشقة، تروي القلوب، لا تضنّ بحياتها.العشق ألا تضنّ.العشق أن تحب الحبّ نفسه.يقول: ارفق!
ارفق، وكن عاشقا.كن عاشقا للموجودات والمخفيات.انزع رداءك الطيني، واخفض روحك، لا تزهو، اخفض زهوك، وكن زهرة تنمو على طرف الجدول، تنحني، وتحطّ عليها الفراشات الملونة، دعها ترتوي من عصير روحك، لا تزهو.
أشطح يا حبيبي ؟؟ دعني !!
ارفق بنفسك.

Post: #242
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-23-2008, 12:42 PM
Parent: #241


الأمكنة
(...)
الغربة !!
الغربة مكان.والروح - دائما - مسيّجة به، إلا إذا مسّها العشق.
وحتى لو، ...!
الأرواح مغتربة.والأسى العميق الموحش، كصحراء مظلمة، غير منتهية، ينهشها.
الوجود متاهة كبرى، وهو الغربة الكبرى.
الوجود ألم.
وهو شوق لا نهائي - أيضا - للبدء.
هو كشف، وعماء.
الروح - إلى أبدها - غريبة، غريبة جدا، ولا ترتاح قط.
كالطير !!
تسافر وترتحل، لكنها لا تعثر أبدا على وطن.
وكحبات المسبحة، تمضي أيام العمر تكرّ، والروح تتلفت هائمة في وجودها البارد/الساخن، بحثا عن النقيضين معا: البدء والختم.
في البدء غربة، وفي الختم غربة، وما بينهما غربة.
الوجود:غربة.


Post: #243
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-23-2008, 02:46 PM
Parent: #242

Quote: سجل العجب قون، وفرح من في الملعب، أو الشارع، وظل المذيع يصرخ ويصيح قووووووووووووووون، حتى بُحَّ صوته...فعلاً، (العجب العجب العجب)، فقد وضع المقاتل سلاحه، والسكير قزازته، والحرامي مهمته، كلهم ذابوا في عشق الوطن، لم تعد هناك جدوى من البندقية والخمر والسرقة، كانت لحظاتٍ ثمان لشعور الوطن، ياله من تآخٍ عجيب، فالوجدان واحد، فعلى الحكمة (السياسية/الدينية/الاجتماعية)، أن تصل له، برصده، ومعرفة طريقه، كي تتفتق مواهب وطن عظيم، وينعم بنعيم الاختلاف، لا جحيم التشابه، كما يحلو، لصديقي وأخي محمد الربيع، قوله!!...



حين - يا عبدالغني - يلعب (المنتخب)أو (الهلال) أو (المريخ)، فيعزف النشيد الوطني، تشعر بدموع ساخنة في عينيك.الله حين تطالع (هيثم مصطفى) أو (العجب) أو حتى (جمال أبوعنجة) أو (طارق آدم) ..زمان، حين يضع الواحد منهم يده على صدره، ويؤدي:
نحن جند الله
جند الوطن
تتحفز حواسك كلها يا عبدالغني، تصهل بداخلك الأناشيد كلها.الله هذا هو الوطن.
علمه العظيم يرفرف في ستاد القاهرة، أو تونس أو بوجمبورا، أو أي مكان.
وهناك، في أمدرمان، حين يتدفق الناس بعشرات الآلاف إلى الملعب، ليس لأنهم يحبون الكرة وحسب، لأن في أعماقهم (رابطة واحدة) أكبر من مجرد جغرافيا أو تاريخ وحسب، إنها أيضا (تضامن عميق).
تنتفي الأديان والسحنات والإثنيات
لا يعود هناك (زغاوي) و(دنقلاوي) و(بجاوي) و(دينكاوي) و(أمر أر).
فجميعهم، شاخصة عيونهم إلى الأعلى، يضعون أيديهم على الصدر، حيث القلب/الوطن:
فليعش سوداننا علما بين الأمم !!
الله الله يا عبدالغني
نحن في حضرة الكرة دروايش مجذوبون لعشقنا الكبير:
عازة ما سليت وطن الجمال.

Post: #244
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-23-2008, 03:04 PM
Parent: #242

...

رفقة الحرف ...
سلام ....
لسبب ما، بدأت صباحي بصداع كوني و قرف لزجج من غربة ظننت بأني ألفتها و التحفتها طواعية ... ولم يخفف عني إلا رسالة طيبة العطر ...
فتشت في أوراق مراسلتي مع أصدقاء الوجع ووجدت شيئا يشبه حالي اليوم، و أمسي يشبه أمس ذلك اليوم:
أمشي مساء كل يوم لمدة ساعتين، مساء الرياض بالأمس كان عاصفا.. شعرت بالحزن على الرياح! شعرت بأنها تشعر بالبطالة! لا أغصان تحركها، لا شعر حسناوات تبعثره ، لا طرف ثوب ترفعه .. لا مياه تحركها .. ظلت تهدر مللا و ترتطم بالجدران الإسمنتية العالية لترتد أكثر غضبا... شعرت بها تدفعني بقوة و تهزني و تسألني (ماذا تفعلين يا مجنونة؟ لما أنت هنا؟ ) هززت رأسي وواصلت بناء سفينتي، ومرت من فوقي تهزأ مني لوجودي هنا! لا حل لي! فكما تحاول أنت بناء سدود تحمي روحك من فيضان الغثاء في (....) ، ابني أنا سفينة نجاتي في صحراء يابسة باتت تقتات على أرواح الناس...

Post: #245
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Emad Abdulla
Date: 06-23-2008, 03:31 PM
Parent: #244


Quote: أذكرُ أول يومٍ رأيتُ فيها أبي يتوكأُ عصاه، وثورتي ضد نواميس الكون،
و قيم الوقت الغبية وقوانينه البلهاء! كنت وقتها في (البلد)
ورأيتُ والدي يمشي بين السواقي متكأً على عصاهِ بوهنٍ وقد شارف الرابعة و الثمانين من العمر...
خريفٌ أزهرتُُ فيه برغم الوهن الضاربِ فيه و في أمي،
و وهبني رحمٌ منهكٌ لحيزٍ مثقلٍ بمن فيه، و حبوتُ على رملٍ الترقبِ و الإشفاق من يتم وشيك دام عشرين عاما و نيف ...
ناديته بغضب ولم انتظر حتى يلتفتَ إلي و ركضتُ نحو (البحر) بأقصى قوة و انحدارُ الأرضِ يشدّنِي بخوف، يسْتًمهِلُني أن أعودَ إليه ..
ولكني هربتُ كأنّ عفاريت الطينِ تُطارِدُني و دموعِي مالحةُ بطعم الخوف ...
ركضت نَحو رحم الخوفِ، هربتُ من صورتِه هرِماً يتَوكًأُ، هربتُ نحو بيوتِ الطينِ حيث ولِد،
أتَوسّلُها أن توقفَ سكينَ الزمن، أُشيرُ بيدي نحو الطريق لاهثةً
((يا بيوت! يا نخيل! هناكَ ابنُكِ الذي ربيته! انه يكبر! يشيخ! أنقِذيه! رأيته يتوكأ عصاه! أنقذيه! ألم تحويه صغيرا، شابا مترعا بالحياة؟ لم تتركيه؟! أنقذيه! ))
لم يجب حتى صدى!
و النخيل يهز سعفه متحسراً، و بيوتُ الطينِ تتحاشى النظر في عينيّ، وربت السعفُ على كتفي والهواء يمر من خلالي يطلب مني الرحيل،
فقد أقلقتُ قيلولةَ تلك البيوت، و النخيل، فقد هرموا أيضاً و الضجيجُ يغّور تجاعيد الزمن، يحْفرها أكثر...
ومن يومِها لم تفارقهُ عصاه، يبحث عنها في تَباشيرِ الصبحِ، و يودِعُها أسفل سريرهِ في نهايةِ اليوم...
نقراته عليها تنبؤك بمزاجه، نقرٌ متتابع، غضب ..
نقرٌ متباعدٌ، ملل ...
نقرتين، استحسان...
نقرةٌ واحدةٌ عاجلة، حسمٌ في أمر!
باتت لسانه، ساقه، و رفيقة عمره...
Quote: أمشي مساء كل يوم لمدة ساعتين، مساء الرياض بالأمس كان عاصفا.. شعرت بالحزن على الرياح! شعرت بأنها تشعر بالبطالة! لا أغصان تحركها، لا شعر حسناوات تبعثره ، لا طرف ثوب ترفعه .. لا مياه تحركها .. ظلت تهدر مللا و ترتطم بالجدران الإسمنتية العالية لترتد أكثر غضبا... شعرت بها تدفعني بقوة و تهزني و تسألني (ماذا تفعلين يا مجنونة؟ لما أنت هنا؟ ) هززت رأسي وواصلت بناء سفينتي، ومرت من فوقي تهزأ مني لوجودي هنا! لا حل لي! فكما تحاول أنت بناء سدود تحمي روحك من فيضان الغثاء في (....) ، ابني أنا سفينة نجاتي في صحراء يابسة باتت تقتات على أرواح الناس...
البنت التي تمسك بالسيف من نصله ..
ما هاج حزنك أم بالعينِ عوّارُ .. ؟

.....
معاشر الذين يشتعلون هنا ..
( يوجع نبتي وخز الطين ) .


Post: #246
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-23-2008, 09:01 PM
Parent: #245

Quote: أخوي...عبدالمنعم

أتأمل كلماتك وفي القلب فرح، عشقك للمكان، أم لبطن الأنثى، وخدها، ونعومة الطمي في الجروف، وذلك المجري الغريب الذي يفصل نهدي المرأة، وبإتقان ومجون عجيب، وتلك الواحة التي تمسى مجازا (سرة)، مشغول هذه الأيام بذكاء الجسد الإنساني، وسحره الصموت، وحجه من بيوضة بحضنها حيوان منوي لفتاة ساحرة، وفتى جميل، متخذه مجرى شاعري، وموسيقى، كي تبلغ هذا المقام من الفرح والذكاء والروح، كالنظام التي فتنت ابن العربي، والطبيعة التي فتنت نساك الهايكو، والوجود بإثره الذي خلب لب الحلاج (وأي أرض تخلو منك)، كما ينشد عويس..


"اها ياغني يأخوي..متل كتابتك دي ياها التخلي الزول يدخل جنينة حالو"

المكان وامتداده النظري ..لحظة يكون الإنسان واقف امام سؤاله المستمر
يجول طرفه في موكب الطبيعه الفاره..الأفلاك وتداخلها كجوقة النحل في ليلة
التتويج..أو تسابق النطاف لحظة ابتسام البويضة..نفس النظام والحركة..
والمدارات الدائرية..الدائرة وعلاقتها بالحركة..الحركة مطلقها دائري
نسق محكم ولا فكاك..مجازا نفترض الخطوط المستقيمة تواطئا مع مظهرية المشهد..
ولكن الكينونة في الحركة دائرية..نسير علي الأرض ونعتقد باننا نأخذ مسارات
"دوغرية" بينما نتقوس مع الأرض نتابع مجالها الكروي..حتى الأفق يأخذ نفس
الملمح..لماذا يستدير جوهر الدماغ اذا ما تجرد من التوابع المساعدة..?
الأشكال الهندسية مهما عظمت امتداد خطوطها نحو الأبد دائري..فقط نحتاج
الي تصغير الكون لنجعلة مثل ثمرة برتقال..

Post: #247
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-24-2008, 02:33 AM
Parent: #246

Quote: الأمكنة... استرق السمع لما سطره قلب عزاز، وقلب عويس...



"وحات الأمكنة ..عزاز دي قدر ماضايرت الروح عشان ماتتشعتف..من كتابتها
ماقدرته.."

اها ياعويس خم وصر..شوف وديتنا وين!..وجهتنا فأصبحنا امام الأمكنة..
"عين قصاد جبل"..صخرة فوق نمله..تفوق تلك التي تغنى بها بذلك الهدوء استاذنا
العاقب...صخرة قد تعترض "شوف " دكتور بشرى..يمتلئ بها حيز الوجود..

Post: #248
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-24-2008, 07:00 AM
Parent: #247



أمكنة "حية".. جسد المرأة...

الجسد، هذا الكائن الذكي، الخلاق، جسد الغزال، والنمر، والسمكة، و........... الرجل...........والمرأة..

مسكون بتأمله، وسبر، جزء بسيط منه، وهيهات، هيهات، (فالجسد عارف)،... شاطر، ماهر، حاك غرائز، وخجل، وتفكير، ومكر، بنفسه، حين كان في خلوة الفكر، والآن، يقوم بالتمثيل الضوئي، والهضم، والحلم، والعرق، والجنس، والدفاع الفطري، بنفسه، وهو يسعى، (بخطوات الزمكان)، كي يتوج رحلته بجسد كامل، جميل...


نص كتب، ولم يكتمل بعد، عن أميرة عارية، سنارية، غسلت شعرها بالنيل، وسمعن حكايات فاطمة السمحة، ...
باسم :
جسيم (مذكرات اميرية سنارية عارية)..
النص طويل...

ويقدمه الشيخ فرح ودتكتوك، حين وجد مذاكرتها، وقد رحلت،
فأدعو، فالنص شاق، وكل ماكتبته، بضاعة مزجاة..


إليكم جزء من النص:

Post: #249
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-24-2008, 07:06 AM
Parent: #248


جسمي!!
(مذكرات أميرة سنارية عارية)!!




فصل المرآة.!!..


لو لم أكن عاشقة، هل كان بمقدور وجهي أن يشرق هكذا؟!!

رسم الحب تعبيرا على وجهي لم أره من قبل، بدأ وكأنه أسعد من قلبي، عيوني ترى فرحي، على جبهتي، وانفي وفمي وعينيي، وجنتاي تكورتا بشدة، نفخها كبالون، دم مخمور، وكادت تسقط، كثمرة ناضجة من النشوى، دواخلي الجزلى، انعكست كلها على صفحة وجهي، (كيف وسع وجهي صورة المطلق!!؟) كنعاس لذيذ، يضطرب موج الحلم واليقظة في بركة أساريري، وجهي يشع، استرخى جسدي، وكأنني نائمة، ميتة، بين ملاءة الحب وسرير العشق، حتى عدت غريبة على وجهي، أهذا وجهي؟ أهذه أنا؟، أحدق "فيني"، بلا ملل، بل مسحورة، كحمامة، أحلق فيّ!!.

انفي، وشفتاي، وجبيني، وصدري، واذناي!!. كانت تستمع بطرب مقدس لحكاوي قلبي، وهو معتد بكنوزه، بذاته الفرحة، صار جسدي مجرد ذبذبة نقية، كياني مجرد موسيقى، يعزفها قلبي السعيد، لن أرى، ، فقد ذبت من نار النشوى!!.


في غرفة نومي، وأنا عارية كالملائكة، يغرق جسدي في خمر الاثير، على الحائط أبيات للشيرازي، تحدق فيّ، بخط ثلث يتلوى من نشوة رؤيتي، وسجاد معلق على الحائط، طرزت عليه قافلة تجارية، ترخي النوق رؤسها لثقل الحداء، وسجاد آخر، عليه لوحة لمغني جالس تحت شجرة، وعلى كتفه كمان وفتاة مسترخية، وقد تشربت بالحب والموسيقى، وحط عصفور على كتفها المسالم، وفي الركن بخور صندل يتضوع، يتلاعب به نسيم واهن (كل الاشياء الرقيقة ترقص مع النسيم والضوء والروح)، نسيم مشبع بروائح الزهور وشغب العصافير، بمقدوري أن أرى السحب الذهبية بضوء الغروب وهي تتراخي في المشي من خلال النافذة، ولكني مشغولة بما هو أجمل، وأرق، كنت أحدق في المرآة كي أرى جمال الله، وجهي، بل جسمي كله، عين بعين، ارى جمال الله، في جسمي، أراه ماثلاً!!.

تلاعب بي وجهي السعيد، (كم تلاعب النسيم بدخان البخور النحيف، المنتشي، والراقص العظيم)!..

سقطت وجنتاي، أيقظ ارتطامها جرس الاستحالة، يرن ويرن ويرن، نقرات على طبل خيالي، تدفق دبيب ناعم، ناعم، ناعم في جسدي، نغم سقط في نهر قلبي فخلق دائرة شعور عميق، انداحت ببطء، وبنعومة غيمه من حرير، على خلايا جسدي، وسعت الدائرة جمسي، نغمات جسدي، ، لها لحن، ومذاق، وحدس،، شكل رخو تخلل جسدي، صار جسمي، صدى لنبض قلبي....

إنه وجهي، بل وجهه!!. فوجئت به، حين ولدت، وحين عشقت!!.


جسمي لم يصير سجنا، بل معبد!!، يتوقد، ينتشي، ويذوب في ألق عميق، خلقه هو، بخياله، وخواطره، وتفكيره، ذكرى قديمة، سرت كشهاب في جسدي، ارتعشت كل الخلايا، صار نهر، كل موجه تمسك بأختها، نغمة بأخرى، دو، ري، مي، فا، انفي ويدي وعنقي، وظهري، حين تحلو خواطري، يطفو جسمي فيها، يخف، يصير ضوءا، روحا، تسري كلمات الإطراء، كضوء في زجاج، تغزو تلافيف عقلي، واحشاء قلبي، سريعا، سريعا، حمامة أنا، أحلق فيّ!!

أدرت وجهي، بصورة جانبية، ظهرت اذني، وخدودي، ووجزء منزلق من عنقي، أصابني خدر لذيذ، من سطوة الجمال، واتخذ نظري في المرآة شكل جانب، يرنو، أصاب بوخز نظرتي، بغرابتي، أهذا الجمال لي، ليتني اخرج من نفسي، كي ارى نفسي كلها، أتفرج على معجزة الجمال، كشخص آخر، معجب وموله بي!!.

وجهي يتلون في المرأة، يعكس خواطري بصدق وعمق، عضلات الوجه أسيرة لأوتار القلب، للدهش وجه، وللحيرة وجه، وللغنج وجه، وجوه لا تحصى للذة، والخوف، والذروة، المرآة تعكس حياة سرميدة لوجهي!!.


نمت على جانبي، تموج جسمي، من القدمين، ثم الساق، والارداف، ثم انحناءة الخصر، ثم علو الصدر، وعنقي، وانسكب شعري على صدري..

ماذا يجري بأحشاء قلبي، دفء يملأ تجويف قلبي، دفء حسي، وكأن قلبي اتسع، وملأ تجويف قلبي، تجويف قلبي، صرت اسمع ضربات قلبي، ايقاع طبل غريب، القلب يدلق الدم في جوارحي، كخمر، صرت اسمع وقع اقدام النمل، وحركة الخواطر، وطقطقة الخيال، وروائح الحصى، الكون قلب كبير، ينبض، تلاشت الفواصل، والجدران بيني، وبيني، حيث لا وعي، ولا تصور، ولا فكره، بل أحساس عميق، مجرد أحساس عميق بالجميع، الآن، وهنا، خرجت عن الزمن، وتوقفت من جنة الآن، فردوس الآن!!

الوجه ميزان، يزن حتى الضوء، يزن كل ما يجري بالقلب، فيعكسه، بصدق، مظهرا قدرته على التعبير على أعمق الانفعالات، الحيرة، الارتباك، النشوى، الاسترخاء، الجنون ....




...

Post: #250
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-24-2008, 08:12 AM
Parent: #247

Quote: العشقُ كغيره من ما نتًح من الروح، غريبٌ ثائرٌ على المألوف..
قد تعشقُ شخصاً، شجرةً، عصى، سبحةً أو مجرد كرسيِّ مكسور ...
أًلِفَ أبي جلابيةً بعينها، ارتداها في أيام الجمعِ و الزيارات...
و ختمات القرآنِ و الأتراحِ و الأفراحِ
سافر بها براً و جواً و بحراً.. و باللوري!
ما تكادُ تتسخُ إلا تًجدَها معلقةً بمفردِها تُهفهِفُ في الحبلِ،


عزاز...

في العشق ..نتصالح مع لعبة الزمن الغبية..يخلع المكان
ثيابه ويصبح عاريا ..تتعرف الأمكنة على نسبيتها..بعد المطلق
فتنطلق تلك الجرثومة من عقالها..ترمح بين حالة الجمود
والحركة..جرثومة الوقت التي تبلى المحسوس..شيبة بيضاء
تجيد التنقل مثل إلكترون..تتخلق مجالات نحسن تسميتها..
نختارها بعناية فائقة التعقيد..نفلت من منظومتنا البسيطة..

ونتجه صوب الحيوات..وما أصعبها الحيوات..أن يكون لك قلب
يحتمل التناقض ..يتقبل معكوسات الأشياء وثنائيتها المحيرة..
أن تؤسس علاقة مع الأضداد.. لتتماهى مع الممكن..
ريشة ترسم الموت والحياة في نفس اللوحة..لسان حية يتفرع
في اتجاهين مثل طريق في قرية..احدهم يفضي الي البحر
والآخر ينزعك الي الصحراء..محبرة يلدغها يراع ليكتب مرة عن
النعيم وتارة عن البؤس والشقاء..

Post: #251
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-24-2008, 08:35 AM
Parent: #250

Quote: الوجه ميزان، يزن حتى الضوء، يزن كل ما يجري بالقلب، فيعكسه، بصدق، مظهرا قدرته على التعبير على أعمق الانفعالات، الحيرة، الارتباك، النشوى، الاسترخاء، الجنون ....



ياسلام ياغني عليك روحك كما اديتني جقمة شاي معاك..

Post: #252
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-24-2008, 09:25 AM

الأرواح هنا ....
سلام وود ...و صباح زاه، صباح أجمل من صباحي ....
فصباحي حزين نسبيا، مطعون في الظهر!
*****
في إحدى أماسي الصيف البعيدة، أخبرتني من ألفت الغدر و غلبة الرجال أن حبيبها سألها يوما
--- أين كُنت في ماضي هذا العمر؟
فأجابته: أتسألني عن المكان يا حبيبي؟
وأجاب لا، بل عن زمني قبلك!
******
الزمن؟؟
سأبادر بالمألوف:
شعوري تجاهه متعادل، محايد .. لا أكره لا أحبه،
لا ..لا .. أسحب كلامي،
مللت المكابرة! سأعترف، أخشاه أكثر!
في طياته يكمن المقدر، الغيب، تلك الغيمة، تلك الصّدفة، الضوء الآتي ...
ذلك الخوف في مسبحة الذاكرين ، بعض دعاوي وبعض أمنيات ...
خوفنا من الآتي منه يطيل السجود،
ونهرع لتفسير الأحلام، نستسلم للخرافة، نسلم أيدينا للعرافات، وخطوط القهوة البنية ...
الزمن سلطة عليا،
يعاملني كنصف إنسان و نصف نبي،
يطالبني بالتبصر، و رؤية ما وراء الحجب، و الصبر! و آه من الصبر!
و يطالبني بالجلد على بطء مروره، كقطار محلي يجر مئات العربات،
أراقب وجوه الركاب، أقفاص الأحلام، رؤوس الأطفال الناتئة في بحر المرور ...
اتكئ على حافة شط آخر منه، أراقب موجه يحمل ما فاض هناك،
ناجين و ضحايا، منقذين و هاربين! لجج فوضى!
هذا هو الوقت،
لحاف منقوش مزكرش الأطراف مفرود على سطح الكون...
لا يكفي لتغطية كل الأحلام،
تتجاذبه الأيدي،
لتغطية الرأس، للأقدام، للقادم في الحضن الجديد،
جزء منا سيظل خارج تغطية الزمن!
جزء مني .. جزء منك سيظل مغمورا في الزمن!
و استسلمت يا زمن! خلاص! سلمت بأنك بحر!
أريد أن أعبر!
أريد أن أعبرك .. سباحة، مشي، عوم، غطس!
أريد أن أعبرك!
فأنت تفصل بيني بين النهايات، آخر الشريط، إسدال الستار!
أتتحداني؟
إذا سأتحداك! و أواصل قض الصوف،
سألد الغد مبكرا،
كل بواكر أيامي!
سألد كل أحلامي خديج،
كلها نصف استواء،
وسأسجلها كلها ضحايا الزمن المخيف!

***

Post: #253
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 06-24-2008, 10:10 AM
Parent: #252

كرم الله / عويس/عزاز / أو قل جميع الأحباب :
سلامات من الحق لأهل الحق :

عذراً شغلتني وردات المعيش من أن اراقب دفقكم ونزيفكم ، ولكن وعداً بالعود قريبا
هذه الأيام اكتب في سيرة ود النور (عاشق الحياة الذي جاءها بعد موت)
أكيد حأرجع ليكم .


محبه خالصة
حامد

Post: #254
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-24-2008, 10:44 AM
Parent: #252

هي الروح – يا عبدالمنعم -، لا تدرك أسرارها إلا بالحزن الوجودي الكبير.
الحزن الذي ينغرس عميقا في القلب – مذ نعومته – وينمو رويدا رويدا، أو قل، يزهر، ويضوّع الروح كلها ببخوره.تتراكم على الروح أحزان شتى.الراحلون، والزمن، والأمنيات المضاعة، وعذابات الإنسان، تضحي الروح ككهف محفورة على جدرانه نقوش الوجع الأبدي.
وثمّة صهيل في الجوف، يغري بمزيد من الأحزان.
روح ليست حزينة، روح لا تبصر شيئا.
الفرح عابر، والحزن أصيل !!
الروح متعبة، والجسد سجن كبير.الجسد مكان.هل الأمكنة شر ؟
وهل كلما اتسع المكان (كاتساع الرؤية الذي يستتبعه ضيق في العبارة) لم تتجشم الروح عناء المراوحة ؟
لماذا هي الأرواح في الصحراء – كصحراء سيدنا إبراهيم الكوني، عليه السلام – طليقة منتشية ؟ أتشعر برحابتها، أم للصحراء روح ؟
كم أمقت المدن !!
وكم أحبها أيضا، حين تحتشد بالأرواح.
عزاز عثرت على بعض السر يا عبدالمنعم فـ... باحت، وويل الذين واللواتي ينشدن جهرا يا كرم الله.ويلي، وويلك وويل عزاز وعبدالمنعم.
حتى في حزنها الوجودي الكبير، هي طربة، طربة جدا، كرابعة، كرابعة العدوية، ترقى إلى العرش، ولا تنتبه كثيرا للجمر الذي تطأه بقدميها الحافيتين.عزاز، حلّقت خارج الجسد، وامتطت صهوة الروح، تغني، تغني في الليل، وتضرب في عمق الصحراء/التيه الأبدي، تحمل على ظهر روحها، صليبها..لتعبر (الله يا عبدالغني، كلما قرأت كزانتزاكس) !!
بمناسبة الجسد الأنثوي يا كرم الله، والصليب، كم تتأرجح روحي في حدين فاصلين، حين يصلب صليب بين نهدين نافرين.تنشأ علاقة جدلية، تخرج النهدين والصليب من علاقات المادة إلى علاقات الروح، كأنما بينهما تاريخ طويل مشترك، تاريخ العذاب والأسى، لماذا الأنثى، والصليب، يرمزان للأسى، حين يتهدل الصليب بين النهدين ؟
كأنما هناك مسيح يرافق كل أنثى (مدركة، مستشعرة، روح) قريبا جدا من نبضها ؟
الروح يا كرم الله تشعّ من خلال الجسد، تشع من العينين والوجه.تكاد تقسم : يا الله إنظروا لهذه الروح العظيمة، روح السنارية، أو روح الإنسان المخبوء داخل الإنسان.
ليس للزمن معنى يا عزاز في حضرة الروح، وليس للمكان، وليس للجسد.
ليس إلا الروح، تغازل الكون، كلّ الكون بضيائها، تتدلى من أقمارها، وتغمس قدميها في الماء المقدس، تنزّ بأسرارها، وترقص حافية على ضوء النار.
وهي ..(أرواحنا) على هذي الحال، تنتشي، تتفجر بالحزن، تخبو، تشتعل، يقتلها النأي، يشرحها القرب، على أطراف أقدامها تروح تتطلع إلى البعيد، ترقب النهايات، تسفح أساها، تبكي وحيدة، تسكر بالنشوة، حتى نشوة الحزن، و...تتوّحد:

يا ويح روحي من روحي، فوا أسفي
على مني فإني اصل بلوائي

كأنني غرق تبدو أنامله
تغوثاً وهو في بحر من الماء

وليس يعلم ما لاقيت من أحد
الا الذي حل مني في سويدائي

ذاك العليم بما لاقيت من دنف
وفي مشيئته موتي وإحيائي

يا غاية السؤل والمأمول يا سكني
ياعيش روحي، يا ديني ودنيائي

قل لي- فديتك- يا سمعي ويا بصري
لم ذل اللجاجة في بعد واقصائي

إن كنت بالغيب عن عيني محتجباً
فالقلب يرعاك في الإبعاد والنائي
(الحلاج)

Post: #255
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-24-2008, 10:58 AM
Parent: #254

ويقول، قدسّ الله أسراره، مولاي الحلاج:

سرالسرائر مطوي بإثبات
في جانب الأفق من نور،بطيات

فكيف والكيف معروف بظاهره
فالغيب باطنه للذات بالذات

تاه الخلائق في عمياء مظلمة
قصدا ولم يعرفو غير الاشارات

بالظن والوهم نحو الحق مطلبهم
نحو السماءيناجون السماوات

والرب بينهم في كل منقلب
محل حالاتهم في كل ساعات

وما خلوا منه طرف العين- لو علموا-
وماخلا منهم في كل أوقات

تطربني حد السكر – يا كرم الله – الموسيقى في شعره.موسيقى كونية تأتي من عمق الروح، لا اللغة.موسيقى تحسها في قلبك، تغسله وتشعل قناديله بالعشق. أمن فراغ قالوا: حلاج المحبة ؟
المحبة في أروع صورها.كأنما كل حرف، وضوء بالدم.وضوء العشق.

Post: #256
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-24-2008, 12:47 PM
Parent: #255

asfsdgs
الأمكنة
(..)
المـوت !!
كنت أدخن، وأكتب على ضوء مصباح بعيد، في حديقة المستشفى العسكري، في "الرياض".الحق، إن قلبي كان مقبوضا من الليلة الفائتة.حزن لا أعرفه، ينكش جدران القلب، ويوخز حبته.كانت كتابتي ذاتها تتقطر حزنا، وأنا ألاحق – بصعوبة – رابعة في بيدائها ومتاهتها الروحية وتساؤلاتها المؤرقة.
أكتب/أنزف.
هالني ما طالعته على وجه (كمال) وهو مقبل ناحيتي.وجهه ممتقع، وعيناه في غاية الحزن.تركته، ظهرا، وهو يتحدث في السياسة والفلسفة، ويمني النفس بزيارة كلينا لمكتبة "جرير" قريبا.
تعثرت الحروف على شفتيه، وهو يقف قبالتي.أدركت فورا أن الأمر الذي كنت أخشاه طوال عمري، قد جرى.خرجت العبارة بصعوبة بالغة من فمه، وراح يخفي دموعه.
وأنا، كلّ ما كنت أفكر فيه، هو أنني لن أراه مطلقا مطلقا !!
هذا (المطلق) الرهيب دائما، هو ما يزلزل أعماقنا.
لم أبك، وتلك كانت (خطيئة) رهيبة، لكن، ربما، البكاء يمسّد الروح، ويغلفها بـ(آفة) النسيان، بعد حين.
من تبكيهم، بمقدورك أن تنساهم.
من تحبس دموعك من أجلهم، يضحون نقشا غائرا في الروح، ينزف مدى العمر.
وأنا ؟
كانت روحي تصرخ في صحراء لا نهائية.تركض – كحصان وحيد – مسافات قصية، ولا تعثر على نهر أو سهل.أجزم، كل الأرواح الهائمة منذ الأبد، سمعت صراخ روحي، وصوت تحطمّها.
بعض الأحزان فجّة، وبعضها نبيل، وبعضها في غاية النبل.
حزن لا يجرح الآخرين، تخفيه عنهم، تدسه بمشقة في أعطاف روحك، لينمو – عبر الأيام – كتعريشة من الغيم.حزن يجرحك وحدك، يرسم الحزن على عينيك، يطبعك بطابعه، يلبس روحك السواد أبد الدهر.
ذهبت معه، شربت كوب حليب دافيء، وصليت ركعتين.كنت من الله قريبا جدا.
كنت منه قريبا جدا.
وأثناء السجود، شعرت أن روحي تطلّع من عينيّ، فرت دمعات، كفكفتها، ورحت أدعو.
صليت صلاة مختلفة: يا إلهي، أنت تعرفه، تعرف طيبة قلبه، ووداعته، وحبّه للأطفال، لك، للناس، للطير، والشجر، يا إلهي، أعرف أنك تحبه، تحبه كثيرا، للسجايا التي غرستها في قلبه الكبير.وتعرف أن الناس يحبونه، وأن موته كم سيحزنهم، فتلّطف به.
هو، بين يدي عزيز مقتدر، وأنا بين يدي حزن قاهر.حزن، أدركت أنه سيبقى مدى العمر.
ومتى اللحاق بك ؟ فالدنيا ما عاد لها طعم، والحياة – بدونك، بدون كلّ تلك التفاصيل – لا معنى لها.
الليلة الأولى:
أفكّر..منذ مولدي، هي الليلة الأولى التي أنام فيها وهو غير موجود، لا في المدينة، ولا في القرية، بل، ليس موجودا في الحياة، وإلى الأبد !!
ليس بوسعي الآن أن أحكي له، وأن أشمّ رائحته، وأن أعود إلى القولد فأحضنه.
ليس بمقدورنا أن نسترجع معا كلّ تفاصيل حياتنا، بل ونحلم معا، نصحو معا، ننام معا، نتحدث، نتسامر، كصديقين.
وحيد، وهي المرة الأولى أيضا، التي أكتشف فيها أبعاد وحدتي، إلا من أمّ مكلومة.
لكن، لا سند لي، ولا أخ، أو أخت، وحيد بكلّ ما تعنيه الكلمة، عليه أن يواجه العالم كلّه وحده.
وفي الظلام، تبلل الدموع الوسادة.دموع ناعمة، تنسال ببطء، لتحفر برقة على الخد، كأنها يده تمسح على وجهي.وجهه يطلع لي من الظلام، ضاحكا كعادته.تطلع لي كلّ أشيائه وتفاصيله من الظلام:
حبات المسبحة وهي تكرّ في يده، وانعكاس ضوء الفانوس على وجهه الطيب، وهو يتأمل مبتسما قبل أن يؤكد على شيء، فراشه، الغطاء الليلي، العصا (كم ستشعر – مثلي – بالوحدة والوحشة)، نبرة الكلام، الخاتم في اصبعه، الساعة الكبيرة، طريقة لفّ العمامة، الجلباب الأثير، انتظاره لعمّ عبدالرحمن ليمر بسيارته ويأخذه إلى صلاة الجمعة، ذهابه قبيل المغرب إلى بيت أخته، وألمحه أنا عائدا من بعيد بعد صلاة المغرب، مشيته، ... كلّ ذلك ..(مات) !!
الموت مكان.
كان – هو – هنا، وذهب إلى ذلك المكان.
هل نحبّ الموت، لأنه المكان الذي فيه من نحبّ ؟

Post: #257
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-25-2008, 12:13 PM
Parent: #256


UP

Post: #258
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-25-2008, 08:28 PM
Parent: #257

Quote: في العشق ..نتصالح مع لعبة الزمن الغبية..يخلع المكان
ثيابه ويصبح عاريا ..تتعرف الأمكنة على نسبيتها..بعد المطلق
فتنطلق تلك الجرثومة من عقالها..ترمح بين حالة الجمود
والحركة..جرثومة الوقت التي تبلى المحسوس..شيبة بيضاء
تجيد التنقل مثل إلكترون..تتخلق مجالات نحسن تسميتها..
نختارها بعناية فائقة التعقيد..نفلت من منظومتنا البسيطة..

Post: #259
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-25-2008, 08:42 PM
Parent: #258



العويس حبابك، وعزاز، والعمدة، والسرب الجميل، وحامد اخوي....

تعرفت على الحلاج مبكرا، في الثانوي تقريبا، وبديوانه كله، ومع الطواسين، إضافة لمسرحية صلاح عبدالصبور، مأسأة الحلاج، وكتب للجميل ماسينون، وشاء القدر ان احضر مسرحية للتخرج لاحدي الاصحاب وهي عن الحلاج، وتبدأ المسرحية من صراخ جمهور حول الكراسي..

زنديق كافر فليقتل..
ويصرخ الناس، فليقتل، دمه على راقبنا...

وهو في المسرح يحدق فيهم، كقدر إلهي جميل، وقد جردهم من الحول والقوة، بل رآى فيهم (وفي قسوتهم)، جماله وحلمه وصبره، كان ينظر لهم كأطفال ثارئين، وهو يرى وحد الفاعل العملاق، بيده، لا بيد زيد او عمر..

تجربتي معه لأني كنت أمر بهم داخلي، كنت كثير الذهاب للنيل الازرق لوحدي، بل وبالليل، وفي كسلا كنت امضي لجبل مكرام منتصف الليل، والله ياعويس لا ادري تحكمني روح عجيبة بداخلي، انااسير لها، بل ليوم الناس هذا ابحث عن سر ولا اجده، بل حتى الكتابة بدأتها مؤخرا، ولذات الغرض (البحث عن نفسي)، وعشان كدة اخوك كثير التجارب، بمعنى حضور قرااءت الكف، الباراسكولوجي، زيارات منتظمة للسجون، المصحات النفسية، المقابر، الأرمن، المستشفيات، البحر، الغروب.... مسكون بهذه البئية العجيبة...

وسيدي الحلاج عجيب، تجد انه مهموم بالكون، بالمحبة، لا عدو له، (إلهي هؤلاء عبادك جاؤا لقتلي، تقربا إليك..)..


لنا عودة للحلاج، والقلق المبكر,..

Post: #260
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-25-2008, 09:09 PM
Parent: #259


عبدالغني، يا توأم الروح والكتابة
ما من عاشق في هذه الدنيا، إلا وفي روحه قبس من روح الحلاج,
أحيانا، أشعر أنني مملوء به إلى درجة الطرب.أحسني إياه، متأرجحا على الصليب، أتوضأ ببقايا أطرافي..(وضوء الدم).
أقسم، ما من عبارة في العشق أعظم من هذه العبارة، ما من عاشق، يصلب وتضرب أطرافه وهو شارع في نشوته القصوى، يغني: (ركعتان في العشق، لا يصح وضوؤهما إلا بالدم).
حين يغمرني الحزن والوجع يا عبدالغني - وما أكثر حزني - ألوذ بفوانيسه الكونية، أذوب في سيدي الحلاج، أمس أطراف ثيابه التي ينقط منها دمه.أمسح وجهي بدمائه/زيته المقدس، فأشع، وتشعشع روحي، أفيض، و....!
مثلك يا عبدالغني، عرفته باكرا جدا، وعلّقت (مأساة الحلاج/عبدالصبور) على باب مطبخنا..تصوّر، لكي أحفظها..!!
وماسينيون وآن ماري شيمل؟
عاشقان كبيران !!
كم أحبهما يا كرم الله.
هذه المرأة وهذا الرجل، اللذان ينزان عشقا.
فينا يا عبدالغني مس عميق من الحلاج.
فينا من عشقه وروحه الجذلى.

Post: #261
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-25-2008, 09:41 PM
Parent: #260



Quote: وماسينيون وآن ماري شيمل؟



يالله ياعويس...

هل تصدق هذه الماري شيمل أعلق صورتها في غرفتي، صورة وجدتها لها في مجلة (فكر وفن)، وهي تبتسم، وقد تراكمت عليها السنوات، ورسم تجاعيد وهم، وكنت ارى في وجهها الصبوح براءة الرومي، وهاجس الحلاج، وهم ابن عربي، أمرأة غريبة، وكمان ياعويس اخوك بحب الناس الكبار شديد، أحبهم بصورة مرضية.... بل (العجوز والبحر)، أحببته لذلك الحوار الرقيق الشاعري العميق بينه وبين نفسه، تلك الخواطر العجيبة التي خرجت من العجوز سانتياغو في عرض البحر، وهو يخاطب الاسماك والامواج ولمعة الشمس على الامواج، فالناس الكبار ديل عادوا للطفولة، لا صراع حول فتاة، أو طموح، بل ماض، يتأملونه في خيالهم وذكرياتهم، وتفرغوا لتأمل سنى الحياة الغابرة، فالماضي ليس مكتمل، بل يعاد في ميخلتهم، بل يضيفون عليه، فالماض حاضر، كم تمتعت بكتاب (عشت لاحكي)، لماركيز، وهو يكذب اكاذيب بيضاء في سيرته، وكذا اللندي، ازبيلا، والتي قالت بأنها اكبر كضابة في الدنيا، يالهم من صغار، زي السياسين الهسي، وملايين صدورهم نياشين، ورتب..

ماري شيمل حبيبتي، انت عارف كدت ان اقابلها، فقد دعتها وزارة الثقافة القطرية، لحضور سمنار كبير عن (جلال الدين الرومي)، أقامته جامعة قطر ولكن للاسف رحت قبيل الحدث باسابيع، ...

كل يوم انظر لصورتها، وأفرح، وهي تحدثني بتجاعيدها الجميلة، ووجهها الفاهم الصبوح الحنون، زي الام تريزا، وغاندي، فهناك وجوه تدخل البشر والسرور في النفس، (الجميل السادة وضاح المحيا، ابتسم يوم شفتو)...

قابل اخاك بوجه طلق، هكذا تقابلي ماري شميل كل يوم ومساء وظهيرة... وتحرسي كأيقونة مقدسة حين أنوم، لا أشك في ذلك، فكل شئ حي، حتى الموت نفسه، فهو ملاك، لا أكثر، ولا أقل، وهو ملاك كالقابلة، تأخذنا من رحم ضيق لرحم واسع...

المحبة ياعويس..
ونفسي يوم اتفرغ للكتابة بمحبة عن حامد اخوي وعزاز اختي، ياخي ديل شنو ياعويس.. من وين جو.. من أين أتى هولاء؟ ولكن بوجه جمالي، مش بتاعت الطيب صالح..

من أين أتى هؤلاء..

المحبة الزايدة..

Post: #262
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-26-2008, 12:26 PM
Parent: #261

UP

Post: #263
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: داليا حافظ
Date: 06-26-2008, 12:54 PM
Parent: #262

up.........."براك"...على رأي صديقنا محمد مدني .





يا خالد..........وين عمر الأنصاري ؟

Post: #264
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-26-2008, 02:48 PM
Parent: #263


عمر موجود يا داليا، بس حأكلمو إنك ما عزمتيهو (عزمتينا بالأصح) على عيد الميلاد.

Post: #265
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: داليا حافظ
Date: 06-26-2008, 03:38 PM
Parent: #264

عذرا




ياتو عيد ميلاد يا خالد عويس يا مجنون يا أخي!!

Post: #266
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-26-2008, 03:47 PM

الأمكنة ... والذكريات ...
ماتت منذ يومين شخصية عاصرت والدي وردحا من طفولتي في (مكان) مات أيضا!
مالذي تبقى من ما مضى؟ عن ماذا سأحكي؟ عن من سأروي قصصي؟ من سيروي عني إن غادرت قبل اكتمال فصول قيد الإنشاء؟
لم أقو على زيارتها عندما عملتُ بأنها في العناية المركزة و تعاملتُ بأنانيةٍ مطلقة، ولم أذهب لأراها ... لا أريدُ أن أرى طيفاً آخر في أرذل العمر يتوارى بين الشراشف البيضاء و في عينيه تلك النظرةِ التي أعرفُها جيداً، نظرةُ تـتـشـبثُ بالأحياء، بالنبضِ، بالحياة، نظرةٌ ملؤها التساؤل عن جدوى ما كان و كُنهَ ما سيكون، لا أملكُ أجاباتٍ لتلكُم النظرات، و روحي ترمقني بذات اللحُظ ... آثرتُ الجبن ، آثرتُ الاختباء، لم أفلح في الهروب ... منذ سمعت بخبر انتهاء سيل النظرات المتسائلة ، و الشخوص تلاحقني جميعها، تتعثرُ بأكفانها المتربةٍ ، تمتد ايديها في شكل عناق مرتقب ... تناديني، بأسماءها هي، أصواتها عالية، حادة كأطراف السكاكين !
و الآن و قد ماتت الأعينُ و خبتْ الحياة، كُتب فصلٌ جديدٌ في كتابِ (مروا من هنا)!
و انتقلتْ اسئلةُ الوجودِ لمنامِي، ليقظتنِي، لفتراتِ الصمتِ المتباعدةِ في يومِي ... و استحثّت الأحلامُ ذكرياتٍ بعيدة، عدتُ لذلك المكان، حيث عشتُ 19 عاماً من عمري، حيث زرعت أحلاما ورويتُ زهورَ الأمانِي ، حيث أدركتُ معانٍ ما، و كشفتُ أستارَ الاختلاف ...
مكان شهدَ خطواتِي، أخطائي، آمالي، و خيبات أحلام الزمن الجميل، أو كما ظننت حينها...
هناك، حيث انتميتُ و تمَايزت و صُنفت، و نُبذت، هناك، خطوتُ أولى الخطوات، و عرفت البدايات ....
هناكـ ئذ تكونت!
الأماكن تموت أيضا!
أذكرُ آخر ليلةٍ قضيتُها في ذلك البيت، ودعتُ الجدران على انفراد، ظنّت امي، أو بالأحرى تأكّدت، بأنني جنِنت فقد سمعتني لدى مرورها بغرفتُي أهمس بوعدي بإنني لن (انساهم)، و أثبتت الأيام لاحقاً حجودي، و صُدمت أمي برؤيتي اقفُ في منتصفِ الغرفةِ الخاويةِ أحدثُ مجهولاً أراهُ في منتصفٍ الحائطِ أمامي ... لم استدر لتفسير هذا الوداع، فمن الجنونِ تفسير لحظاتنا الخاصةِ للآخرين ...
***لا أذكر انني تكبدت عناء تفسير جنوني لأحد! فلا حاجة لي بإي إيماءةِ تفهّم، هزّاتٌ تنتهي بانتهاء اللقاء، كاهتزاز كرسيّ هّزاز يتوقف عن الإهتزاز بقيامِ الجالس فوقه، فالتفهم يغادرهُم بمجردِ قدومِ معترضٍ جديد، و يفسحون له مجلسا على الكرسي، ورويداً رويداً و تكبر جوقةُ المنتقدين، المتفهمين منذُ دقائق، ليتابعوا اصابعَ المايسترو المراقبِ هناك، ويعزفوا أنغام الاتهامِ ... وأكتفي بالتثاؤبِ مللاً من تكرار ذات اللحن صبح مساء ...
ودّعتُ جدار سريري، حيثُ نمتُ في ظلهِ مجملَ أيامٍ عمري، وثّق كل أحداث يومي، كتبتُ عليه بالرصاصِ و أقلامِ الروج يومياتي، و طبعتُ قبلاتٍ ملونةٍ قبل أول موعدٍ غرامي، و رسمتُ عليه نجوماً بعددِ الأيام الباقية على سفري للالتحاق بالجامعة، الصقت عليه جدول امتحاناتي، و أرقام هواتف لا انساها ... على الجدار المقابل لسريري أزهرت كل كروت أعياد الميلاد ضمن لوحة (كولاج) كبيرة تحوي صور كل صديقاتي، المطربين، أودري هيبرون، عبدالحليم، و قصاصات جرائدٍ و مجلاتٍ و خواطر مهترئة كتبها مهزومٌ في يومٍ ما ...حائطٌ أشبه بحوائطِ دور السينما في القاهرة، لا يُكلف العامل نفسه عناءَ نزعِ الملصقِ السابق ويُراكم الملصقات فوق بعضها البعض، كالذكريات، لا نَمحْ بعضها لنُفسح مجالاً للقادم، نراكمها في ذات الحيز، تتطايب، تتكئ على بعضها البعض، تنساب خلال بعضها في بعض أحيان خصوصاً عندما تتشابه المآلات وإن اختلفت المسببات ...
الجدار الفاصل بيني و بين غرفة أبويّ كان أثرى الجدران، لم ألصقْ شيئاً عليه، و ظل خالياً من أي قطعة أثاث، للفقرِ دورٌ في ذلك،و الأهمْ أن اتركُ مجالاً لأتكوم خلفه استرقُ السّمع لأنفاسهم وهم نائمين! ظننتُ دوماً بأنّهم سيموتون وهم نائمون! وانّه يُمكنني سماعُ خطواتٍ ملك الموتِ فوق صدورهم لو ارخيتُ السمع قليلاً! وودتُ لو فتحتُ به كوّة اطّلع بها عليهم، لأردَ عنهم شبحَ الموتِ القادم بليل، كأن الموت يعيهِ التّخفي أو يحفلُ بي من الأساس! هذا الجدار راقبَ خوفي، قلقي المسكوبِ قطرةً قطرة، راقب يُتمي يُهددني بالمجيء... احتضنني هذا الجدارُ أعواماً من خوفي عندما كنت اتكومُ تحته في ضعف من مما أجهل، هدهدني طفلةً، فتاةً، شابةً، غادرته كما ظلت كوما، تخاف الصمت و الصوت العالي! لا تحلو لي القراءة إلا في ظله، لا أرتاحُ إلا إذا اسندتُ ظهري عليه، حائطُ راحة، حائطُ مبكى، سمّه ما شئت، كان حائطاً حياً بالنسبة لي. انقرُ عليه ست نقراتٍ كلما دخلتُ لغرفتي، انقلُ عبرهُ صلواتٍ و دعواتٍ أعرفها وحدي، اتواصلُ من خلاله مع عوالمي الحاضرةِ في وعيِّ ... اخبرتني جارتُنا بأن بيتنا كان فصلاً دراسياً في عهدِ الملك فيصل وأن إحدى المُدرّسات قُتلت فيه، وفي غرفتِي تحديداً، ورى ابناءُ حارتنا بأنّهم يرون دخاناً يتصاعدُ كل مساءٍ من شبّاكي، وأن الجّان يسكنُ شيشَ الشباك الطويل ... لم أخفْ يوماً من تلك الروايات، وراقتني فكرة كوني محفوفةً بأرواحٍ تراني ولا أراها! فالوحدةُ قاتلةٌ جداً وروحٌ متعبةٌ عالقةٌ في عالمنا المادّي قد تمدُّك ببعض الدفء! لم تُضايقني هذه الأرواحُ المزعومة يوماً، وتعايشتُ معها أو مع فكرةِ وجودها بسلامٍ تام ...
أكثر جدار آلمني وداعه كان الجدار الخارجي، فلم أعايشه بما يكفي ..اعتذرتُ له عن ضرباتٍ بالمطرقة اعملتُها فيه عندما أردتُ أن أخفي اوتوجرافي من حملة دفتردار خالي، و شكرتُه على حملي مراراً في كل مرة كنتُ اهربُ فيها للعبِ الكرةِ مع أولادِ حارتنا ، كاسرة قيدَ قوانين التفريق بين الجنسين الصارمة... و شكرته على حمايتي من أعينِ المراقبين في مواعيد غرامي البريئةِ مع حبيبِ طفولةٍ لم ينظر في عيني ولا مرة طوال معرفتي به! وعلى أمانته في حفظ هداي الود كاملة في ليالٍ عز فيها الوصل.
وغادرتُ في الصباحِ التالي، غادرتُ الجدران! أقسمتُ يومها لصديقتي بأنّ الجدرانَ تحدّت الفيزياء و الأبعاد و اصطّفت تودعني! رأيتُ كل الجدران تقفُ صفاً ، تميلُ في حزنٍ لفراقي، مد جدارُ غرفتي صورةً سقطت مني بلا قصدٍ و دسّ جدارُ غرفة أمي وأبي مسبحتي الزرقاء التي لا أعلمُ حتى الآن من أعطاني اياها و متى! لحظتُ شقاً في جدارِ البيت الخارجي وفسّرته دمعةً على مغادرتنا جميعاً، وخصوصاً أبي. فقد ألفَ أبي أكثر منا، وأَلِفَ جلساته في العصرية يراقبُ فيها الغادين، سيفتقد نقراتِ عصاه تلك، و تنهيدتهُ التي تسبق قومته للصلاة ,,, سيفتقدنا جميعا بلا شكْ ... لم أغلقْ الباب خلفي، و فبابُ الوصل بيننا مشرعٌ دائماً، ما دمتً و ما داموا .. ولكنّهم ماتوا أيضا!
ماتت الجدرانُ منذ عامين، كُسرت و هدمت بآلات كبيرة صفراء، أخبروني بأنّ بيتنا كان أول بيت هُدم في الصباح، تخيّلتُ الجدران تودع بعضها البعض و تتساءل عن غيابي المطول، أرجو أن يعذروني فأنا لم أعلم بأنهم رسم الإعدام، ولو عرفتُ لجبنت أيضا! ولكن كنت سأبعثُ بنقراتي -- صلواتي - لهم عبر جدراني الجديدة، ولكني لم أعلم إلا بعد انتهاء مراسم الدفن...
مررت يوماً بمنرلنا الذي كان، وجدتهم في سجود طويل!
ماتوا، هُدموا، بلا بواكٍ ... لا صيوان عزاء، لا شكليات ...
افرغوا جوفهم ممن سكنوهم، و افرغوا منهم الحياة ...
استحالوا لغبار، كجثة حرقت و ذرت في الفضاء!

****

سأعود بعد أن ألتقط انفاسي من تعب الذكرى ...


كونوا بخير، دوما ...

Post: #267
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-26-2008, 04:23 PM
Parent: #266

Quote: الأماكن تموت أيضا!
أذكرُ آخر ليلةٍ قضيتُها في ذلك البيت، ودعتُ الجدران على انفراد، ظنّت امي، أو بالأحرى تأكّدت، بأنني جنِنت فقد سمعتني لدى مرورها بغرفتُي أهمس بوعدي بإنني لن (انساهم)، و أثبتت الأيام لاحقاً حجودي، و صُدمت أمي برؤيتي اقفُ في منتصفِ الغرفةِ الخاويةِ أحدثُ مجهولاً أراهُ في منتصفٍ الحائطِ أمامي ... لم استدر لتفسير هذا الوداع، فمن الجنونِ تفسير لحظاتنا الخاصةِ للآخرين ...
***لا أذكر انني تكبدت عناء تفسير جنوني لأحد! فلا حاجة لي بإي إيماءةِ تفهّم، هزّاتٌ تنتهي بانتهاء اللقاء، كاهتزاز كرسيّ هّزاز يتوقف عن الإهتزاز بقيامِ الجالس فوقه، فالتفهم يغادرهُم بمجردِ قدومِ معترضٍ جديد، و يفسحون له مجلسا على الكرسي، ورويداً رويداً و تكبر جوقةُ المنتقدين، المتفهمين منذُ دقائق، ليتابعوا اصابعَ المايسترو المراقبِ هناك، ويعزفوا أنغام الاتهامِ ... وأكتفي بالتثاؤبِ مللاً من تكرار ذات اللحن صبح مساء ...
ودّعتُ جدار سريري، حيثُ نمتُ في ظلهِ مجملَ أيامٍ عمري، وثّق كل أحداث يومي، كتبتُ عليه بالرصاصِ و أقلامِ الروج يومياتي، و طبعتُ قبلاتٍ ملونةٍ قبل أول موعدٍ غرامي، و رسمتُ عليه نجوماً بعددِ الأيام الباقية على سفري للالتحاق بالجامعة، الصقت عليه جدول امتحاناتي، و أرقام هواتف لا انساها ... على الجدار المقابل لسريري أزهرت كل كروت أعياد الميلاد ضمن لوحة (كولاج) كبيرة تحوي صور كل صديقاتي، المطربين، أودري هيبرون، عبدالحليم، و قصاصات جرائدٍ و مجلاتٍ و خواطر مهترئة كتبها مهزومٌ في يومٍ ما ...حائطٌ أشبه بحوائطِ دور السينما في القاهرة، لا يُكلف العامل نفسه عناءَ نزعِ الملصقِ السابق ويُراكم الملصقات فوق بعضها البعض، كالذكريات، لا نَمحْ بعضها لنُفسح مجالاً للقادم، نراكمها في ذات الحيز، تتطايب، تتكئ على بعضها البعض، تنساب خلال بعضها في بعض أحيان خصوصاً عندما تتشابه المآلات وإن اختلفت المسببات ...
الجدار الفاصل بيني و بين غرفة أبويّ كان أثرى الجدران، لم ألصقْ شيئاً عليه، و ظل خالياً من أي قطعة أثاث، للفقرِ دورٌ في ذلك،و الأهمْ أن اتركُ مجالاً لأتكوم خلفه استرقُ السّمع لأنفاسهم وهم نائمين! ظننتُ دوماً بأنّهم سيموتون وهم نائمون! وانّه يُمكنني سماعُ خطواتٍ ملك الموتِ فوق صدورهم لو ارخيتُ السمع قليلاً! وودتُ لو فتحتُ به كوّة اطّلع بها عليهم، لأردَ عنهم شبحَ الموتِ القادم بليل، كأن الموت يعيهِ التّخفي أو يحفلُ بي من الأساس! هذا الجدار راقبَ خوفي، قلقي المسكوبِ قطرةً قطرة، راقب يُتمي يُهددني بالمجيء... احتضنني هذا الجدارُ أعواماً من خوفي عندما كنت اتكومُ تحته في ضعف من مما أجهل، هدهدني طفلةً، فتاةً، شابةً، غادرته كما ظلت كوما، تخاف الصمت و الصوت العالي! لا تحلو لي القراءة إلا في ظله، لا أرتاحُ إلا إذا اسندتُ ظهري عليه، حائطُ راحة، حائطُ مبكى، سمّه ما شئت، كان حائطاً حياً بالنسبة لي. انقرُ عليه ست نقراتٍ كلما دخلتُ لغرفتي، انقلُ عبرهُ صلواتٍ و دعواتٍ أعرفها وحدي، اتواصلُ من خلاله مع عوالمي الحاضرةِ في وعيِّ ... اخبرتني جارتُنا بأن بيتنا كان فصلاً دراسياً في عهدِ الملك فيصل وأن إحدى المُدرّسات قُتلت فيه، وفي غرفتِي تحديداً، ورى ابناءُ حارتنا بأنّهم يرون دخاناً يتصاعدُ كل مساءٍ من شبّاكي، وأن الجّان يسكنُ شيشَ الشباك الطويل ... لم أخفْ يوماً من تلك الروايات، وراقتني فكرة كوني محفوفةً بأرواحٍ تراني ولا أراها! فالوحدةُ قاتلةٌ جداً وروحٌ متعبةٌ عالقةٌ في عالمنا المادّي قد تمدُّك ببعض الدفء! لم تُضايقني هذه الأرواحُ المزعومة يوماً، وتعايشتُ معها أو مع فكرةِ وجودها بسلامٍ تام ...
أكثر جدار آلمني وداعه كان الجدار الخارجي، فلم أعايشه بما يكفي ..اعتذرتُ له عن ضرباتٍ بالمطرقة اعملتُها فيه عندما أردتُ أن أخفي اوتوجرافي من حملة دفتردار خالي، و شكرتُه على حملي مراراً في كل مرة كنتُ اهربُ فيها للعبِ الكرةِ مع أولادِ حارتنا ، كاسرة قيدَ قوانين التفريق بين الجنسين الصارمة... و شكرته على حمايتي من أعينِ المراقبين في مواعيد غرامي البريئةِ مع حبيبِ طفولةٍ لم ينظر في عيني ولا مرة طوال معرفتي به! وعلى أمانته في حفظ هداي الود كاملة في ليالٍ عز فيها الوصل.
وغادرتُ في الصباحِ التالي، غادرتُ الجدران! أقسمتُ يومها لصديقتي بأنّ الجدرانَ تحدّت الفيزياء و الأبعاد و اصطّفت تودعني! رأيتُ كل الجدران تقفُ صفاً ، تميلُ في حزنٍ لفراقي، مد جدارُ غرفتي صورةً سقطت مني بلا قصدٍ و دسّ جدارُ غرفة أمي وأبي مسبحتي الزرقاء التي لا أعلمُ حتى الآن من أعطاني اياها و متى! لحظتُ شقاً في جدارِ البيت الخارجي وفسّرته دمعةً على مغادرتنا جميعاً، وخصوصاً أبي. فقد ألفَ أبي أكثر منا، وأَلِفَ جلساته في العصرية يراقبُ فيها الغادين، سيفتقد نقراتِ عصاه تلك، و تنهيدتهُ التي تسبق قومته للصلاة ,,, سيفتقدنا جميعا بلا شكْ ... لم أغلقْ الباب خلفي، و فبابُ الوصل بيننا مشرعٌ دائماً، ما دمتً و ما داموا .. ولكنّهم ماتوا أيضا!
ماتت الجدرانُ منذ عامين، كُسرت و هدمت بآلات كبيرة صفراء، أخبروني بأنّ بيتنا كان أول بيت هُدم في الصباح، تخيّلتُ الجدران تودع بعضها البعض و تتساءل عن غيابي المطول، أرجو أن يعذروني فأنا لم أعلم بأنهم رسم الإعدام، ولو عرفتُ لجبنت أيضا! ولكن كنت سأبعثُ بنقراتي -- صلواتي - لهم عبر جدراني الجديدة، ولكني لم أعلم إلا بعد انتهاء مراسم الدفن...
مررت يوماً بمنرلنا الذي كان، وجدتهم في سجود طويل!
ماتوا، هُدموا، بلا بواكٍ ... لا صيوان عزاء، لا شكليات ...
افرغوا جوفهم ممن سكنوهم، و افرغوا منهم الحياة ...
استحالوا لغبار، كجثة حرقت و ذرت في الفضاء!


Quote: الجدار الفاصل بيني و بين غرفة أبويّ كان أثرى الجدران، لم ألصقْ شيئاً عليه، و ظل خالياً من أي قطعة أثاث، للفقرِ دورٌ في ذلك،و الأهمْ أن اتركُ مجالاً لأتكوم خلفه استرقُ السّمع لأنفاسهم وهم نائمين! ظننتُ دوماً بأنّهم سيموتون وهم نائمون! وانّه يُمكنني سماعُ خطواتٍ ملك الموتِ فوق صدورهم لو ارخيتُ السمع قليلاً! وودتُ لو فتحتُ به كوّة اطّلع بها عليهم، لأردَ عنهم شبحَ الموتِ القادم بليل، كأن الموت يعيهِ التّخفي أو يحفلُ بي من الأساس! هذا الجدار راقبَ خوفي، قلقي المسكوبِ قطرةً قطرة، راقب يُتمي يُهددني بالمجيء... احتضنني هذا الجدارُ أعواماً من خوفي عندما كنت اتكومُ تحته في ضعف من مما أجهل، هدهدني طفلةً، فتاةً، شابةً، غادرته كما ظلت كوما، تخاف الصمت و الصوت العالي! لا تحلو لي القراءة إلا في ظله، لا أرتاحُ إلا إذا اسندتُ ظهري عليه، حائطُ راحة، حائطُ مبكى


Quote: فقد ألفَ أبي أكثر منا، وأَلِفَ جلساته في العصرية يراقبُ فيها الغادين، سيفتقد نقراتِ عصاه تلك، و تنهيدتهُ التي تسبق قومته للصلاة ,,, سيفتقدنا جميعا بلا شكْ ... لم أغلقْ الباب خلفي، و فبابُ الوصل بيننا مشرعٌ دائماً، ما دمتً و ما داموا .. ولكنّهم ماتوا أيضا!



يااااااااااا الله يا عزاز
هذه (صلوات) مجيدة، صلوات تصغي إليها السماء، والعاشقون (بما في ذلك الجدران) بشوق.
صلوات عند العرش.

Post: #268
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-26-2008, 04:44 PM
Parent: #267

يا داليا يا مجنون (يا أخي) عيد ميلاد جيرانكم !!

Post: #269
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 06-27-2008, 07:53 AM
Parent: #268

اليوم الجمعة الموافق 27 يونيو 2008 الساعة 8،30 صباحا..
مقهى كوستي كوفي/الدوحة............قاعد براي هذا الصباح، "تصور"، وهناك أكثر من 4اصطاف لخدمتي، "ملك فقير، ومعنى(

العزيز عويس..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

كيف حالكم، في هذة المدة التي لم نراكم فيها، هكذا كنت اكتب وانا في الثانوي العام خطاب يمليهو علي خالي لابنه في ليبيا، ثم يحمله بحماره لرجل مسافر من قرية مجاورة، اسمها ود سرار، والجواب سيرحل مع الرجل عبر اللواري بصحراء عوينات، حتى يصل ليبيا، مغبرا، وتكون الاخبار التي يحملها تجاوزها الزمن، فالصبية التي ولدت يكون الشافع بقى يجري، وعمك فلان عيان، يكون قد دفن، ومرتو طلعت من الحبس، وغيرت توبها الأبيض، فالأحداث لم تكن تجري كالبرق مثل الآن، .
..
ومن تلك الجوابات، جاءت نشوة الكتابة، وبأن السطور قادرة على ترجمة جزء من ما يجري في الصدور، ونقل مشاعر خالي واخبار الحلة ودعوات والدته حاجة فاطنة، والتي اجد صعوبة في كتابتها (لم اللهجة صعب كتابتها، هل خلقت اللغة للفصحى)، أم اللهجة قريبة من اصوات الطبيعة، كزقزقة العصافير، والموسيقى، لذا بعيدة عن يد اللغة، فهيهات للغة من سبر الموسيقى، ..

والله ياخالد كنت مخدوع بأني بحب (الأمكنة)، قبل ظهور المدعوة (عزاز)، وعبدالمنعم ود إبراهيم، وكنت عامل فيها عوض دكام في النكتة والاسنان، وكنت بحب الواضة كلها، حتى اني بحس انو الجاذبية الارضية (رغم منعها لي من التحليق)، إلا انها هي اليد الخفية أو قول الشوق التي تشد بها اولادها وعيالها من الجبال والاشجار والعيال، وقربت اعبد الطبيعة زي نساك الهايكو، ومراقبة رحمها الولود، وعملها الصامت الذكي، الهادئ، فهي تصنع فيلا، دون ضجيج، زي ما بتعمل ماكينات الاسكريم، فهي صبورة، فنان عظيم ومحنك..

لكن عزاز دي، أعزها بالقلم السنين، والمحبة للأمكنة، وأخوها ود إبراهيم، معهم حسيت بأنو الامكنة تتراءى لها وله، كخدود الاطفال، نضرة وريانة، وتستاهل التقبيل والبوس، ومرات القرصة الشدييييييييييييدة، لم البطن تأكل الزول، عشان كدة الزلازل ده (أكل بطن)، ماهو تجلي جلالي، وزعل رباني..

والله عزاز دي اطربتني بصورة مبالغة، وخلتني اتفرج على الحوائظ كصفحة جيد، أو بطن فتاة، والبرك سرتها، فالحكاية شنو، والبعجبني في عباد الهايكو، تعاملهم الرقيق مع الطبيعة، مع صوت الشلال، وحركة الفراشات، بل بجناح الفراشة، بل بأرجلها الرقيقة بدون شراب وجزمة، بل بأصابعها، ألها اصابع، ولم؟ وحين تحط على جرس المعبد، يحس الجرس (بثقلها)، تصور، رغم خفتها(ياخي ناس الهايكو ديل لقوا شنو، لقيت لقية يالمبرو)، ثم جاءت عاشقة الأمكنة عزاز، لتنفط عنها وعنا الغياب الطويل عن أمنا الأرض، عن قلبنا الأرض..

بل يحس الجرس، ببرودة رجل الفراشة، ولهذا يرن للدين للعبادة، يبوح بمطلق كامن في برودة رجل الفراشة ولونها، وموتها، وتبدلها في لبوس الفيزياء والكمياء..

والله ياعويس حاليا بكتب، في قصة عن قزم صغير، يعني زي بطل (رحلات جلفر)، وهو يكتشف كتلة كبيرة، وهي وجه فتاة نائمة من بني آدم، ويتسلق بشعرها حتى يقف على عتبة الاضان، فهي كانت نائمة على جنبها، ويرى الاضان كمسرح روماني قديم بمدارجه، وبيضاويته، فيعجب من مسرح (لين)، ولم، فينط في الاضان، ويرى الانغام تتدخل من خلاله، ثم يقفز للجضوم، للخدود، ويظل يقفز ويتمرجح بأعظم بلاستيك شاهدها، وتمسح قدميه الصغير حرير جضومها، يدور النص في وجه الفتاة وحين يتسلل لأنفها، يرى الشهيق محملا، بروائح واكسجين، وعوالم وهو يدخل حناياها، فالأمكنة روح، روح تسعى بنا، هي سيفنة نوح، والرومي قال من ركب سفينة نوح ونام فهو آمن..

الواضة ذكية، وعندهامشروع بتعمل فيهو بصمت، وتأني ، ألهذا قال النبي الأمي (ان الله لا يعجل بعجلة أحدكم)، يذكرني هذا الحديث بطفولتي، فقد كنا واختي محاسن نبكي بحرقة عشان امي تنزل الشاي من الكانون، وهو لم يستوى، بس لأنني غير قادرين على الصبر، وانتظار اكتمال لوحة الشاي، هسي الثورات كلها عجولة، تستغل العسكر للوصول، دون أن تبذل جهدا في التربية والاحساس حتى بالخصم، وفهم رؤاه، وحسر الضغائن، زي تجربة التصوف الانساني، فهي ترى الفاعل المباشر، ولا تنسى الفاعل الحقيقي، عشان كدة هي صبورة، ومتفائلة، بل تجرد الفاعل المباشر حتى من فعله (وما رميت، إذ رميت)،........ولكن الله رمى، في تلك الوحدة التي تؤكد بان (الأمكنة)، محكومة بقانون ازلي استخرج منها حواء ثم آدم، (لا أدري لا اصدق بأن آدم هو الأول)، بل حواء....

زوجة اخي الكبير، بتحب أكل الطين، خاصة حين تكون حامل، وطفلها بعيد حين يحب أكل الطين، يعني الواضة دي أكبر حلاوة ونحن ما عارفين، عزاز بتحب الحلاوة دي.. والله ياعوس في اللحظة دي (للتو)، تذكرت ما كتبه الطيب صالح عن بيت (جده)، ووصفه لبيت مصطفى سعيد، والغرفة المحدبة، وذلك الألق في وصف الأمكنة، مرت هذه القراءات، أو قل الانفعال بالقراءت كشريط حي، وسريع، كومض تجلي، وشجن مكاني..

برضو لعزاز (شجن بالأمكنة)، ياترى، هل ترى الأرض (قبر)، وبداخله بذرت (شامي).. شجن محبب، كحزن نبيل.. (ياخي الحزن ده كائن عجيب)... يغسل الحنايا بدموع مخلوقة من الشعر، وركوب الامواج،.. أمواج الضوء،..

طبعا برضو من عشاق الامكنة المجنون الفرنسي آلاب روب غيري، فهو مسكون بالاشياء، بالطرابيز، بالوجوه في المرأة، وظل الكباية، وضلف الابواب، والمسامير التي تؤاخي الدولاب، واحاسيس الفرد وهو يشرب كوب شاي، ويتأمل مملكته، التي تجلس امامه من طربيزة خشبية تصدم بها الظلال، وتبدو على سطحها عالم من البهاء، فظل الكتاب وظل الكباية واختفاء جزء من الكتاب (أهو موجود هذا الجزء،أم اختفي)، تذكرني هذه الفقرة بالحكوة عن فرح ود تكتوك، حين سئل عن رؤية غنم (فقال: كعادته في الصدق: شفت غنم مجزوزات بي جاي، لكن بي هناك ما عارف)، وهو امتحان له، في الصدق، ..

برضو من وصف الامكنة الذي يزخرف الذاكرة، وصف العبقري نجيب لي فندق ميرامار، عليك شفت الوصف ده كيف، شاعري، حتى الرطوبة التي تحنن ساسه لم يتركها نجيب، وذلك التآكل في الحيط بفعل البحر المتوسط، وانين الامواج، وغبشة الضباب... وصف من رآى (بالنسبة للقارئ)، فنجيب لا يوصف لك، بل يأخذك من يدك ، كبراق، ويجعلك في قلب الحدث..

عويس اخوي لا يزال المقهى خاليا، وموسيقى غريبة تؤنسني، وفي الخاطر محبة لكم، ولسرب اقنعني بأني بلدي بخير، في الحس والكتابة والغد الباسم، والله ياخالد فكرة طباعة كتاب من هذا البوست فكرة جميلة، واخوك موافق على شرط (اختار انا، لشي في نفس يعقوب)، ههه، عارف ليه، لأني لن اختار لنفسي شي، بل اكتفي بمختارات لعويس وابراهيم وعماد وعزاز وحامد وسرب أخرى، أطربني حتى الثمالة، والله ياعويس..


لسه ماقادر ارد على يحي فضل الله، وعبدالمطلب، انت عارف عبدالمطلب ده شاف قصة لي قبل اكثر من ثمان سنوات، وكتب عنها في الشرق، وفوجئت بذلك، والله ياعويس زول عجيب، سوف اكتب عنه، مش اكتفى كدة، بل اتصل بي وشجعني، وقالي لي بجرأة (توقف عن الكتابة، واقرأ فقط)، قال لي اقرأ سنة، وأخوك قرأ اكثر من خمس سنوات ولم أكتب.. ياخي في ناس ينفخوا الروح فيك، ..

العويس..
والله حكبم للامكنة، مع عزاز، وأبراهيم والزول الهائم في حب الله (الكون)، حامد يدعو للنشوة، والسكر، والشطح..
يادوب جاء المقهى فلبيني وفلبينة، وصرت اسمع حديثهم، ياربي بقولوا شنو، بسطاء الناس ديل، واطفال كمان، ياخي اللغة شنو غير حجاب، الله ماعندو لغة، المعاني تؤخذ من وراء اللغة..

أمس كنت بقرأ في الفصل الأول من وبال في كلمندو، للمخضرم إبراهيم اسحق، الطباعة سيئة، سييئة، تركته، وقرأت مذكرات احد المايويين في زيارات نميري لجبال النوبة، وثقافة تلك القارة العجيبة، الملونة، الثرية... وقريت امثال (محسن خالد السرية)، وضحكت من بطني، محسن زول مسلط، ومارق وحبوب، وشاطر،... ومحمد شكري كمان..

من حكايات (الحياة السرية)، في بلدانا، حين زرت الخرطوم قمت بزيارة (SOS وهي للاطفال مجهولي الابوين، وزرت سجن النساء، ياريت نقلى مساحة عشان نشوف سيرة الخرطوم و(سريرتها المدسوسة)، فالصراع الحقيقي هو في النفس البشرية، بين سيرتها وسريرتها..

العويس..
الفلينية تحضك من قلبها، ماذا قال لها، بيني وبينك قرصة الحبيب زي الحلاوة، ام يقل نساك الروح (العذاب من العذوبية)...

بدأ المقهى في استقبال الزوار، وكلهم فلبينن، البقية نائمة، لعبوا الكشتنية وناموا...
العويس صباحك باهر، واخضر،
انتهى الخطاب...
ودعتكم الله، وفي جناح جبريل، ودي دعوة امي اليومية... التواصلة، حتى لو مشيت ناس خالي تقول لي كدة...


اخوك ابدا..
عبدالغني كرم الله
مقهى كوستا كوفي
الجمعة 27\2008

Post: #270
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حيدر حسن ميرغني
Date: 06-27-2008, 08:33 AM
Parent: #269

ياسلام ياخالد ود عويس على الاتكاءة الجميلة دي

ياخي عبد الغني وعزاز - الله يسلَمهم - حكايين جد وكتابتهم تشد الزول من اول سطر

سعيد جدا لانك استدرجتهم لبوح ماكان من الساهل نلقاهو وسط الجوطة الحاصلة هنا

مرات بحس ان مداخلة واحدة (شبعانة) كحال مداخلات (المجانين) الاثنين ديل احسن من بوست بحاله

طوفوا بينا فى سيرة المكان والناس والاشياء وكم أبدعوا فى ذلك التطواف

ليتني كنت امتلك ناصية الكتابة مثلهم .. لاقول فيهم وفيك اكثر من كده

الله يسلمهم ويسلمك ...





Post: #271
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-27-2008, 12:47 PM

يا عبدالغني ..
جمعة مباركة ... وشكر جزيل ...
من لا يشكر الناس لا يشكر الله ..
___
وموقنة أكثر بان من لا يشكر الأمكنة لا يعرف الله!

جئنا من رحم ونخرج لرحم أكبر لندفن في رحم آخر، نتشرب من كل منها بما يلزم... الرحم مكان أيضا ...
لا أذكر رحم أمي، و صورة الاشعة الملونة التي أرتني ايها صديقتي لطفلتها قاربت الصورة بشكل ما، جوف بيضاوي، اطفو فيه بحرية، يبدو محدودا للناظر و رحيبا لي بقدر حاجتي من الرحابة، أتقلب بمزاجي، انقل جنبي كيف أشاء، أسبب حرقة ما لأمي إلا مددت أرجلي الصغيرة... الزغب النامي على جلدي يرطب الجو، أشعر بما حولي، حولي هنا فقط .. تصلني بعض الأصوات من الخارج ... هاهي امي تستعد للخروج مع نساء القرية للقرية (الأكبر) عبري، اهتزازت اللوري تضايقيني، تدفعني للأسفل، استعدل جلستي قليلا، و تفاجئني هزة أخرى... أكره عربات اللوري، لن أركبها حين أخرج! اركل أمي لأنبها باني مستاءة من هذا الهرج، اشعر بيدها على رأسي، على بطنها بالأحرى، ولكني أشعر بكل اللمسات مباشرة ...
.....


مساء اليوم كان هادئا، اسمع امي تتحدث مع اشخاص تحبهم، فالدم المار من هنا يبدو رائقا جدا، الحواس مشغولة عني مع امي، استلمت رسالة من مكان ما تأمرني بمغادرة هذا الرحم، حجورزاتي مؤكدة عصر الغد، لا أمتعة أحزمها، كل ما ينبغي فعله هو ان انزلق نحو الضوء، هكذا قالوا لي في الرسالة ... نمت، و همهمات و ذكر (النّورْ)* تتردد حولي ...
......


لم أنم جيدا بالأمس، ظلت أمي تتقلب طوال الليل ... عدت للنوم في الظهيرة، و صحيت و المكان ضاج من حولي ورأيت الدم يتتدافع قبلي نحو الضوء، التفت لأسأل عن دوري من يحين، ولكني كنت أدفع نحو الأعلى! صرخت أمي، سمعت حولها آخرين يخففون من الألم ، انتظمت انفاسها قليلا... حاولت ان اعدل من وضعيتي بهدوء، لا أريد ان اتعب هذه المراة، فجدران رحمها متعبة جدا ...

اعتدلت ... عيناي تحرقانني جدا ... يدياي متكورتان على صدري، قدمان فقط طليقتان، اخذت نفسا عميقا و غصت، عضلات الرحم تتقلص حولي، تتدفعني دفعا نحو الضوء، تعبت! لم أعد أقوى، سكنت، تعالت الهمهمات من حولي، أمي سكنت قليلا، شيء ما يلمس طرف قدمي، جفلت! ما هذا! حاولت قراءة الرسالة من جديد... (يتحتم علي الخروج بلا تدخل خارجي)! ماهذا اذا؟؟؟ مددت قدمي قليلا اتحسس مكان اللمس، توالت الانقباضات من حولي، ضاق بي جدار الرحم، بدأ بدفعي للخارج بشكل اقوى ... قدمي انفصلت عني، قدمي هناك خارج الرحم، هواء عاصف، برد، شيء خشن يلمس قدمي، الزغب على قدمي خائف، الماء من حولي يتناقص، سأغرق من دونه! ساقاي خارج الرحم الآن، معلقة من منتصفي في الهواء هناك، يداي مكورتان على صدري، اتلو صلوات كانت تتلوها أمي (يا الله، يالله، يا كريم) رددتها معها، بدئت بالانزلاق على الماء، عنقي الآن هنا، ما هذا! هل سأولد مخنوقة؟ هل سأولد ميتة؟ ما هذا العبث؟؟؟
.....

اهتززت قليلا، فقد تقلب أمي في نومها ... آه ...لقد كان حلما، كابوسا بالأحرى،
لم أولد بعد، و الرحم ممتلئ بالماء،
لم يحن وقت (كن) بعد !
• نُورْ تعني الإله في لغة النوبين و الأمازيغ


________________

*** تم تعديل الإخطاء الإملائية، فهي لا تليق في حضرتكم وتمت إضافة ما يلزم لفك هذا الجنون ...
مودتي كما هي ...

Post: #272
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-27-2008, 03:21 PM
Parent: #271


تحية مسائية، لكما عبدالغني وعزاز.
وجميع المخلوقات الضوئية هنا.

اليوم، أقرب إلى (الرحيل) !!
عكسكما، أقرب إلى (الغروب)، حين تحس الشمس فجأة أنها ستنطمس في بحر لا نهائي من الظلمة، فتروح تنفس بخارها البرتقالي الجميل، تلوّن به صفحة السماء، وتطبع قبلاتها، خصوصا، على بيوت الطين، وهامات النخل، تغسل النيل المغسول، وتغني أغنية الوداع.
تنشد أغنيات يائسة لآرثر رامبو، وتهوي ببطء ووجع، تفقد حواسها كلّها، وتلوّح بمناديلها المذهبّة، و..ترحل، هكذا ببساطة.
هناك..الضوء والظلمة.العتمة البدئية التي تسير فيها الروح حافية، مسافة لا نهائية، تمعن النظر في البعيد بحثا عن الضوء النهائي، ضوء النهايات/البدايات، وربما تعثر على الحقيقة/الضوء.
وأغني..
لكم، لي، لحبيبتي، للوطن الجميل، لبيتنا الطيني، للناس الطيبين.
لكن، ..لكنني لم أفرغ بعد، امهلني قليلا.
فحبيبتي لم أحبها كما يحسن بي، يجدر أن أحبّها أكثر، وأن أقطّر روحي فيها، وأقبلّها كما تقبل فراشة وردة.
وأمّي، لم أحضنها كما ينبغي، لم أترك في كفّها منديلا لتمسح زيتها الطاهر.
وطني، لم أقدسه، لم أمش مرة أخيرة في دروبه المتربة، ولا قبلت كفه، ولا تمرغت في صدره.
وأصدقائي، لم أكتف بعد من أنخابهم ومنادمتهم.
وأوراقي، وقلمي، من سيعتني بهذه الكائنات ؟؟
والكتب ؟؟
والأغنيات ؟؟
ثمّة شمعة تطلق عطرها وأنفاسها الضوئية، تغالب الظلام، لكنها، حتما ستخبو.ستسيح دمعاتها على خدها الناعم، وتنطوي على نفسها، قبل أن تنفخ الريح في نارها الأبدية، نار البدء/نار النهاية.
تنطفيء.
وريثما أعدّ حقيبتي، لأصعد إلى المركبة السماوية، سأقرأ الحلاج، قراءة أخيرة.سأمسح بدمه وجهي، علّه يطهرني.دمه:ضوء.
وريثما أضع قنينة العطر، وموسى الحلاقة، وكتابين لكزانتزاكس، وآخر لكونديرا، ورابع لنيرودا، سأتسلى برؤية وجوه العابرين..الذين يسرعون في أروقة العمر بلا مبرر، الذين لا يدركون – الآن – أن بوسعهم اعداد حقائبهم، فالمركبة لا تتأخر كثيرا.
وهناك، سأقص عليهم حكايتي وحكاياتكم.
سأقول إنني لم أبغض أحدا، وأن قلبي لم يعمره سوى الحبّ، وأن أساتذتي الكبار (الحلاج، ابن عربي، سبينوزا، راسل، الجنيد، الشبلي، رابعة.....) علموني أن أحبّ.
سأقول إنني – والله – عاشق كبير.وأن قلبي ينير عتمة دربي، وأنني – مرة – كتبت (بوذا):
إن الكراهية يستحيل عليها في هذا العالم أن تتبدل بكراهية مثلها، إنما تتبدل الكراهية بالحبّ !
سأقول إنني أحببتها بجوارحي كلها، حبّا ملك عليّ روحي، وإنني سأنتظرها في المرج، وكـ(الحلاج) سأتوضأ، وضوء الدم، وضوء الروح، وضوء النور.
سأقول إنني حصلت على قسط كاف هناك، وإنني لائذ – الآن – بالعرش، أرقب الأنوار.
سأقول – أعترف – إنني أحببت المسيح ومحمد وبوذا ومانديلا وغاندي.
أحببت غيفارا وعلي ولوممبا وإيفان ريوس.
أحببت الحلاج.
وأحببتكم.
سأقول أخيرا: إنني صعدت إلى المركبة بشجاعة.

Post: #273
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-27-2008, 06:08 PM
Parent: #272


لم أغنّ لرند ..(شاطر..شاطر)، ولم أمسّد شعرها القصير.
ولم أر عيني ريناد، ولم أظلل جبينها بالغيم.
والقهوة..؟
القهوة ستبرد فوق الطاولة الخشبية، في إنتظار إبراهيم عويس، صباحا.سيظل (هو) ينتظرني.ينتظرني في الموعد الصباحي.
ومساءات حبيبتي ستفتقد أغنياتي.
مطرها سيفتقد أرضي.
من سيطيّر العصافير من أجلها، وينسج لها خيوط الشمس قصيدة ؟
فجأة، ودون لحظة فاصلة، يمضي السرب الجميل، يرتحل من قارة إلى قارة، يطارد الضياء البعيد، يغرق في لجة الظلام، ويضرب بأجنحته الهواء المعطّر.
يا (....) إنتظر، كما هتف ذات (...) محمود درويش.
إنتظرني، لأكمل تسوية فراشي، واغتسالي من أجل الصباح.
إنتظرني، لأدخّن أكثر، وأكتب أكثر، وتشرق روحي – بالنور – أكثر.
إنتظر، لا تكن مجنونا، فالطقوس بعد لم تكتمل.
والأناشيد معلّقة فوق السحابات، تنتظر من يعتصرها.
وبي رغبة في السفر إلى كلّ جزر الحب.وبي رغبة في الغناء.وبي رغبة في الكلام على عتبات الآلهة، وعند عروشهم المضيئة.
بي رغبة أن أحمل حبيبتي بين ذراعيّ لأرتحل بها إلى روما وهافانا و...القولد !!
وفي صدري رغبات كثيرة.
إنتظر، عند ناصية الشارع المعتم، لن أطيل المكوث، فقط، امنحني وقتا كافيا لأحبّ أكثر، ولأكتب أكثر، ولأغفر لجميع من لم يلحقوا بي أذى، خطاياهم.
ولأغفر لجميع الذين ألحقوا بي أذى قصائدهم.
إنتظرني، لأجفف قلبي على مشجب الشمس، وأكتب على رمل البحر اسمها.
إنتظرني، لأذوب أكثر في أشعار(هـ):
(أموت إذا ذكرتك ثمّ أحيا.. وكم ..!)
إنتظرني، لأودع الأشجار والغابات.إنتظرني لأغتسل مرة أخيرة تحت المطر، ولأزور قبر أبي/ضريحه/جنتي/الياسمين.
إنتظرني ريثما أنبت في القلب قرنفلة، وفي الروح سجود طويل.
امهلني يا (...) قليلا، كي أنام، فأنا محتاج أن أنام.
امهلني، لأقبل جبين أمي، وأهدي أصدقائي كمنجات تصحو عند الغسق.
امهلني لأراقصها (السالسا) !!
(السالسا) فقط، وسأكون مستعدا بحقيبتي وفرشاة أسناني، وعطري، و...دموعي.
إنتظرني، ولا تأتي في الليل، تعال صباحا، كأي بائع متجول، ولا تطرق بابي كصديق في الليل، فأنا أحب الليل.


Post: #274
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-27-2008, 06:27 PM
Parent: #273

كرم الله وعزاز.. وكلّ المخلوقات المضئة
وكأني أعرفكم منذ آلاف السنوات.
أرواحنا، تحفها أرواح كثيرة – من بينها روح سيدي الحلاج – كانت تحفنا هناك، في الأبدية المطلقة، ونحن لم نتسكع خارجها بعد.تهفو أرواحنا إلى ذلك (المكان) بكلّ إشراقه.
العذابات التي تعتورنا جراء ذلك الحنين الموجع إلى الأبدية و(النور) الذي هناك.
هو نور الإله.ونور العرش.ونور العشق.
كم يصعب أن تغرق في الأنوار البدئية، ثم يقذف بك رحم أمك – يا عزاز – إلى هذه الوحشة كلها، وسط موجودات ومخفيات كم تفيضين بعشق كبير لها، وكم هي – إلا الأشجار والحيوانات والطيور – لا تفقه لغة العشق، ولا تفهم انبثاقه من (اللغة/النور..الأول).
لذا، يا كرم الله، أرواحنا هائمة، تطرب لكلّ شيء، يحفها النور، تنتشي بالشعر والموت والأمكنة، تنتشي بالصوفية والعقل والأغنيات، تطرب للجمال، تبكي للأحجار والتراب الذي نطأه دون أن نحس بآلام وجوده، أليس وجودا مثلنا ؟ ألم يقتبس نورا من النور الأول ؟
عزاز يا كرم الله غنيّة الروح، كما أنت.
روحها ذائبة في المكان والإنسان والموجودات والمخفيات.
أظنّ، (دمعة روحها قريبة)، تبكي إذا ماتت نملة، وتنزف روحها إذا مسّ النسيم غصنا جريحا، وتطرب حدّ السكر إذا ساحت في روحها، روح رابعة أو مسّتها على مهل روح الشبلي.
أخالها واقفة في (بغداد) تكفكف دمعها عليه، تحاذر أن تطالع وجهه المتعب/المشرق، تحدق بعينيها في الدم، وتفكّر في وضوئه الآخاذ، وضوئه الإلهي الجبّار، تحفر الأرض، وتسقي الدم، لينبت في قلبها ورودا حمراء، تسميها شعرا، تسكر به في الأمسيات، ترفع ثوبها قليلا، وتحمل قنديلها، وتدور حول الطبل، تهمهم، وتتمتم بكلام غير مفهوم، تهتف:
يا خدا..يا خدا..يا خدا.
هي ربما، تهتف أيضا..(آن دل دلين).
لغة العشق واحدة، هل قال أحدكم إنها فارسية ؟
من قال ؟ للعشق لغة واحدة، هي لغة العشق.
وتتدلى أنت يا كرم الله من أقمارك السماوية، تكتب بالحرف الأوليّ البدئي، عثرت عليه في بطن الصحراء/المتاهة، فطربت، وتهت سنينا، ثم عدت، عدت بهذياناتك، درويشا باذخا في أسراره.
كيف تعرف – يا كرم الله – بالقلب والروح كلّ ذلك ؟
كيف ؟؟
كيف ؟؟

Post: #275
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-27-2008, 08:28 PM
Parent: #274


ولكن أين البصرة يا مولاي

وما شأني بالبحر

- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟

- بل يوصلني

- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟

- بل يوصلني البحر إلى البصرة

- قلنا لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟

- أحمل كل البحر وأوصل نفسي

أو تأتي البصرة إن شاء الله

بحكم العشق

وأوصلها ...
(مظفر)

..فتأمل في (البصرة) !!

Post: #276
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-28-2008, 00:57 AM
Parent: #275

Quote: الروح متعبة، والجسد سجن كبير.الجسد مكان.هل الأمكنة شر ؟





قالت نيسر:


الروح مزخرفة

بالصمت ،

وعلي مدخلها الاول،

طبل

في جسد

الاسطورة يهمي:

- متحد انت،

وأوردتي في

عرشك

جدول

- مغتسل انت،

كما الياقوتة

في

الشلال...

واله الغابة

مازال..

يتجرد في

مركزه

الاخضر

يهتز علي

شجرات

البرق

ليعامر

انثاه
الصغرى..

الانثي مشحونة

بالطل

والثمرة

يصعقها

تيار

الخوف...

وعلي مدخلها

الثاني..

مزمار الريح،

والرمل الرّاقص

والخلخال،

والشوك يراود

مملوكة..

وفي

صيف

اللّغة

المتروكة،

ينتفض الصلصال..

وطينة عشقي

تنعتق،

الطينة

من

صنع

الله..

وتحترق الصحراء

علي

أقدام

الّدبّوكة،

وهوام ظمئ

تهرب

نحو

الآل ...
وعلي مدخلها الثالث

ترتعش الصدفة

والمشكاة..

والضوء

هنا

ينثال

جلال..

وعلي مدخلها

قالت نيسر:

- وعرائس الماء

في جذوة البحر

تصطلي،

في مركز اللازورد

واللهب

والفراشات

تستحم

في

النوافير

والروح

متعبة،

هي الروح ،

والشمس تستريح

نصف يومها

علي

مناكبي،

تلون الفواكه التي

استوت،

وما استوت

سوي

فواكه

الجسد...



الأحبة في زاوية الحضور الالهي.. سلام من الروح..
الروح المفوتة كم وكت..اها عاطف خيرى ده واحد من
الأنبياء..شفتوا كتابتو كيف..الجسد مصلاية الروح..

حلاج آخر مسكون بالمكان..

كتابتكم دي تسكن في العضام تقعد مكان الروح ..والروح
تقيف على فد كراع وتلف تلف تلف لامن تدوخ....

ياخالد.. في نفس الزمن مع فروقاته..وفي تلك اللحظة التى
دون فيها غني رسالته من داخل القهوة.. كنت أنا "مشكوما"
مثل حمار العمدة..في مركز بنر الطبي ..بضاحية ماكدوول..
نتيجة نوبة ربو مباغتة..لا أدري لماذا تذكرت هذا البوست
بفيوضاته وانا على تلك الحالة..مجموعة من الأمكنة الحيوية

تدعم الروح لتستقر على الجسد..ثلاث من الحسنوات وقلب رجل

وبينهما روحي تبحث عن علاقتها بالجسد.. هل الروح تحمل نفس
شفرة الأوكسحين?...هذا المكون الأزلي للمكان - الماء- أو القطب
المؤسس للكون..أو لم ينتبه احدنا حين يفر الاوكسجين عن الخلايا
كيف تصاب بالتبلد .. ونفقد الحواس..ما قيمة الدم بدونه..نراه
حائرا في طريق عودته عبر الوريد الي الرئة بحث عن الأوكسجين
عن الروح عن تلك الشفرة التى تعرف الحواس..هل الروح هي
الأكسجين في الجسد..غياب الأكسجين يفقد الطاقة مشروعية جبروتها
ما قيمة النار بدونه..ومن ثم قيمة الضوء.. نعم الضوء..
لضوء حالة تجلى اللأوكسجين..اذن الأوكسجين مكان..بحكم ماديته..
والروح مكان...حالة تجلي للأوكسجين داخل الجسد....اذن "الإله"
"مادة" ..مكان.. لتمتعه بخصائص الروح.

Post: #277
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 06-28-2008, 01:55 PM
Parent: #276

برنبجيل بقايا نسل الآلهة

هيييييييييى وليد .. اخير ليك تنقرعي من غلت .. ترا الله من خلقا ناس في دار مساليت دي قسماهم زولين .عيال برنبجيل ، وديل ولا بسووا خلت دُتْ وعيال ناس ساكت دي ترا كله كن يسووا خلت ولا مايسووا ياخيي زول يهسبيهم معانا مافي .
ابتدرت جدتي تحذيراتها لي بهذه الجمل وكنت حينها اجمع اغراضي نية السفر الي دار صباح عراريق بافته ، لوح ، تبروقة من جلد النمر ابو سيحان كنت قد ورثتها عن جدي كويام ود برنبجيل ، والمصحف الذي تزعم جدتي ان جدنا الأكبر برنبجيل كان قد خطه بيده في ليلة واحدة ، في دار صباح حسب مزاعم اقراني من دار مساليت اللذين سبق لهم ان سافروا الي هناك يمكنك الحصول على اي شيئ ، الباسطة ، العوين السمحات ، العربات ، نور الكهرباء وشغل الترك البسموه التلفزيون ، كل هذه الأشياء لم ارها من قبل ولا اظن ان لدي القدرة اصلا عن خلق تصورات تخصني لشكلها .
كثيراً ماكان يسافر اندادنا من دار مساليت الى دار صباح ايام الصيف ثم يعودون مع اول الرشاش ، اذ ان كل شيئ في حياتهم يكون قد تغير ، النظارات ، البناطلين، وهذه في الأصل ليس لها اي وجود في بلادنا ، حتى ان فقيه الحله يصر على حرمة لباس البنطلون محتجاً بكونه من صنع الترك ، اللغة التي يتكلمونها بعد عودتهم لا تشبه كلامنا باية حال فهي تلك الللغة التي على طريقة ، اذا كان ودلوقتي وهكذا ، كم منيت نفسي بأن اكون مثلهم وان يكون لي بنطلون من قماش الترفيلة الأخضر ، ان ارى سوق ليبيا وسعد قشرة ، وان الاقي بنات دار صباح اللائي يقول رفاقي عنهن انهن لا يمانعن اصلا في تلبية اي دعوة ، اذن سأسافر وسأدعو احداهن للجلوس معي في المنتزه ، تري كيف يكون هذا المنتزه؟ او بالأحرىماهو هذا المنتزه ؟ كل ما علي الآن هو لملمة اغراضي اذ ان كل شيئ سيأتي في اوانه ، قريباً جداً سأتعرف على كل هذة الأشياء وربما اتزوج واحده من بنات دار صباح الملس الحمر ، ولكن ترى لماذا قالت جدتي كل تحذيراتها هذه ، هل لأنها تعلم شيئاً مما اجهله انا ؟ ام انها فقط تريد تنبيهي من ان اقع فيما تسميه هي (خلت وخيم)
قلت:
حبوبة ترا وليدك نجيض ولا تخافي على توا
قالت :
صحي وليدي ، عيال برنبجيل دي ترا ولا مثل عيال ناس ، جدك برنبجيل ذاته وليد ترا يوم عيال مريات داك لحقها في وادي بدوروا لي دواس ، ولا كلماهم ترا ، الا شالا لي سبحة وأومي لجماعة كي ياخي دمَّى جفلوا ، خلاص دمَّى جوا مقبلين دا لقوا ليك دود كبير عيونه حمر كله الا بِجُرْ ، جماعة ترا كله خافوا، ومشوا في حله هنا جماعة في شقنا دول (نقولوا خلبنا) مشوا كلموا لي فكي ادم هنا تلاميس دي ، سوا لي شخاليت هنا تلاميسه دي دمّى يا خي تَفَّشَا لي جدك كله .
كثيراً ما كانت جدتي تذكر قصصاً مشابهة كما وكثيراً ما كانت تصر على ان جدي هو في اصله من نسل الآلهة ، وان ما جاء به الى هذه الديار التي نسكنها نحن حالياً هو ان ملك ديار المساليت العظيم كان قد اوفدة في مغارة لتعقب آثار بعض( الشفاتي) اللذين كانوا يسرقون اغنام الممالك المجاورة لهم .
قالت مريم ام ضرعان :
يوم جينا في دار مساليت دي وطا دا كله كان صي ساكت تقيفي في بكانك دي تشوفي ابشي مطر ولا بصب شدراي واحدي في بكان دي مافي ، جبل تشيفي دا كلو ولا كان هني ، الا برنبجيل شالا لاي ربابه هنيته وروحها بعيد من ناس دمّى خلاص غني مطر دي بقي بصب وبصب دمّى ناس ذاته خافوا من غرق ، الا امباكر نشوفي ليك شدرايات بطلعوا في روسينه سااااااكت ، كمان جبل دي برنبجيل كلمَّ لجماعة في ضرا قالا ليهم جبل دا ياخياني الا نجيبي هني ، جماعة ضحكوا قالوا برنبجيل كله جني ترا ، الا خلاص برنبجيل رفعها لي صباعه في عين جبل دي وقالا :-هي جبل تعالي اقيفي في بكان دي – كله يا خي الا نشوفي ليك جبل بجري وبجري دمّى وصل بكان برنبجيل وصفها دي وقف توا .
يبدو ان مزاعم جدتي ليست غريبة عن هذا الرجل في تقسم انه مازال حياً وانه ياتيها في كل ليلة ويواقعها حتي قبيل اذان الفجر ثم ينصرف ، لكنه لا يخبرها اطلاقاً عن مكانه .
قالت:
عيال برنبجيل ديل كله مرا كن ما من بنات سلاطين ولا بمسكيهم ترا ، ناس دي نجيضين كله في فراش بالحين ، انا دي عرفتي كلام دي من برنبجيل ذاته ، الا دامبير مسخوت دا ترا ولا خلاه .
يوم طهور بنيات دامبير جي من ورا صريف الا بصاصي وبصاصي دمّى برنبجيل شافا وتسمعها لي واه ...توا ياخي دامبير بقي مغبون بالحين وروحها لأم بتاري كَلَّمَا وجابا لي راس هنا( كديسو) ونملاي ضكر، ام بتاري ياخي سوا شخل لي برنبجيل من تلاميس هنا دي دمّى تَفَّشَا .
في اللحظة التي وصل بنا القطار الي محطة المسيد ابو عيسى هرعت الى الأرض واخرجت تبروقتي من المخلاية التي كانت تحوي اغراضي جميعها واعتدلت في وقفتي لأصلي العشاء ، حينها رأيت جدي برنبجيل ذلك الذي حفظت اوصافه جيداً وبرفقته رجال طوال القامة غلاظ ،كان يشير بأصبعة نحوي ويقول :
وليد دي قبلوه في بلد هناك ولا تخلوه يمشي في ناس كضابات مساخيت دي .
الآن وانا هنا في ديار مساليت حولي بعض الحجارة التي جمعها الصبية هذا الصباح ليلعبوا بها اماطقير ولكنهم انصرفوا وتركوها ، تحمل نقوشاً غريبة ، حدثتني جدتي ان هذة النقوش هي ما كان يكتبه جدي برنبجيل حين يملى عليه كتابه .

Post: #278
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 06-28-2008, 02:06 PM
Parent: #277

أسرار الخروج


الخٌروج :

اْنْتِقالٌ الظَاهِرِ للْمَخْفِيٌ

بِذْرَةٌ التْبَارِي على شٌجَيـراتِ المُنْتَهى

الخُلُودُ:

اذْ يُغْرغِرُ الصوت الغائر في المكث يحث الكلام

الكلام : ما أن نشذبه حتى يتغرب خارج المجال

وسور التخلق تكتب بالحبر الشهي

حبر انتقالك في الموجود

الواجد: من حرض الوقت هيأه للخروج

المكان :

مني برئتم

نكاية في الوقت ، انقلاب التحول في اينيته

سر الخروج ، سر البقاء طويلاً بمقام الأحاديث النيئة

من يأته السر ، يحدق في المخفي ، يحلق في مسامات التسمع ، يستهيم

من يأته السر ، يجبر الظاهريين على الصمت ، يجيرهم من براغيث احلامهم

من يأته السر لا يحتويه الجسد ، يعرف في افراده ، لا في النطق ، اذ النطق انطمار اللب

فضيلة الفاسدين

من يدرك السر ، يطلع على بواطنه ، يدرك النحل في النمل ، في ذات انجلاء

سر الأسرار :

انفلاق الكائن من ماء (كن) ، تفلت الروح من السفلية .

المسارات اذ لا تبلغنا المنتهى ، تمضي بنا لإختراق الغيوم , المعتم , نحو كشف المحتجب , سرة الليل , قوة الكامن في الخفاء , حري بنا ان نفارقها

الخروج : صيحة المختبئ ، انبلاجه للعاقل , والعاقل يرى ما لايرى ، يبحث المحتجب

يصعد ، يسمو , يخترق , فإذا اقترب احترق .

احتراقه في الضوء رفعته , والعالم عارف لما ظهر , قانع بما تبدي للبصر .

غواية المعلوم , تفخيخ للإدراك , اذ الحقيقة كاذبة حيناً

من ينزوي في الخوف يعجز عن كشف ما يتوارى ,ونفخ الروح ما يعقل .

الكاشف : من يمم وجهه قبلة الخروج , احاط بأمكنة الوقت , سافر منه اليه , تجلى في عروش الحقائق , افاضة المعقول .

فطوبى للكاشف الساري , مالك اسرار الخروج وطي الليل


















Post: #279
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-28-2008, 03:00 PM
Parent: #278


عزيزي عبدالمنعم
ألف لا بأس عليك وحمد الله على السلامة

Post: #280
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-28-2008, 04:00 PM
Parent: #279

Quote: عزيزي عبدالمنعم
ألف لا بأس عليك وحمد الله على السلامة



تسلم ياعويس

يقول عن نفسه اقرب إلينا من حبل الوريد..والوريد
لا يحمل الأوكسجين..شارة يفضحها بإرادته..نتقفى أثر
وجوده..في المكان..لا نراه ..

Post: #281
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-28-2008, 04:09 PM
Parent: #280

عويس ، عبدالمنعم!

ما بال أرواحكم يا اعزاء؟

أغلب الظن ضاقت أرواحكم ذرعا بالدنيوية و رغبت بالإرتقاء
ولكنها رأت وحشة تظللنالغيابكم فأعادتكم لنا،
فما زالت دروب تنتظرنا ومازالت هناك كلمات في رحم الغيب لم تولد بعد!

ألف سلامة، ورُويت أوردتكم بالطمأنينة ...

Post: #282
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-28-2008, 06:37 PM
Parent: #281


عزاز
يبدو ذلك !
الأوراح قصتها قصة.
متعب – والله يا عزاز – إلى أقصى درجة، متعب من الوجود، ومتعب من روحي العاشقة، ومتعب من الكتابة، وأحتاج هجعة روحية طويلة.
تعرفين، ربما إذا طافت روحي بسنابل القمح، ومست – كما القبلات – أعواد البرسيم، وقلوب النخل (أليس غريبا:للنخل قلوب؟)، ربما إذا توضأت بماء النهر هناك، واغتسلت تحت الشمس، وشممت رائحة عمتي، وأنصت – في الليل – لثغاء الأغنام، وتأملت ذلك الغبار النوراني الجميل الذي يغلف النجوم، ربما أشعر بالهدأة قليلا.
في اللحظة التي كان يعاني فيها حبيبنا عبدالمنعم، كنت أنا الآخر في درب مشابه، درب، ربما لا نعود منه.ذلك ما دفعني، ربما، للكتابة عنه، عن ذلك الصديق الحميم الذي يطرق على بابي أحيانا، فأستمهله.
نعم، أرواحنا ضاقت ذرعا بالدنيوية، وتاقت إلى للإرتقاء.قلوبنا شواهد، قلوبنا مسافرة، يضنيها العشق، يمحقها، يحرقها..ألم يهتف..(ذاك):
إن كنت بالغيب عن عيني محتجباً.... فالقلب يرعاك في الإبعاد والنائي (الحلاج)

f

Post: #283
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 06-28-2008, 10:03 PM
Parent: #282

تسلمي ياعزاز..ياها الرويحة تهيم وتناتق تدخل برزخ العالم التاني
وتعود من شدة الأنوار..وياعويس شدر الروح يفرهد ..ولسة ماندهونا
ورقتك ثابتة ريح التكوين بتهوزز فيها..علا اريجا يسافر قاصد نحلة
نشوة روح..تابعلو فراشة حيرة وسط برسيم في عمق القولد..بدور
يتسلف منها ريحة الناس الطيبة..أو صوت قوقاي من تالا النخل الفاره
داك..أو لمت ناس عند المشرع..عينن تمسح حال القيفة التانية..
والرواسي يصارع موج البحر الطالع من يومين متعكر ..والفيلوكة
تقول وزينة..يازول تسلم وحقك في الشوف عالي..

Post: #285
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-29-2008, 10:29 AM
Parent: #283


Quote: شدر الروح يفرهد ..ولسة ماندهونا
ورقتك ثابتة ريح التكوين بتهوزز فيها..علا اريجا يسافر قاصد نحلة
نشوة روح..تابعلو فراشة حيرة وسط برسيم في عمق القولد..بدور
يتسلف منها ريحة الناس الطيبة..أو صوت قوقاي من تالا النخل الفاره
داك..أو لمت ناس عند المشرع..عينن تمسح حال القيفة التانية..
والرواسي يصارع موج البحر الطالع من يومين متعكر ..والفيلوكة
تقول وزينة..يازول تسلم وحقك في الشوف عالي


يا عبدالمنعم...يا الله ده نشيد عرفاني.

Post: #284
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 06-29-2008, 10:25 AM

رسائل المحنة ...
أكثر ما يعلق في ذهني من زياراتي للبد هي مشاهدات آخر ليلة .... مغربية ليلة السفر متفردة، الخراف مصطفة في ظل حائط مترب في انتظار سواعد الرجال القوية، النساء يتحركن بهمة أقرب للهرب من غرفة لأخرى .. من المطبخ للبرندة و بالعكس .... وجوه النساء ، قريباتي تغالب دموعا مكتومة، الصغار يحدقون بوجوهنا أنا و أمي و يتحلقون حول أمي بهدوء ، الرجال الكبار، يدنون أكثر عند السلام، تتلامس رؤوسنا أكثر، تتلامس أكتافنا و ترتبت الأيدي على ظهري بحنو، حقائبنا تسند أبواب الغرف الخلفية، حقيبتان لم تقفل بعد في انتظار أكياس مخدات محشوة بالتمر الناشف و مقفلة بعناية، و أكياس مخدات أخر تحوي (الأبريه) و (الحلو مر). خالتي ألقت بحجاب في بطانة الحقيبة خوفا من أن أجده و أهزأ بخوفها من الحسد و العين... (بابا فانة) ابنة عمتي أقربهن للبكاء، تبدأ بنهنهة متوجسة ما تلبث أن ترتفع متى جاء ذكر أبي، تبكي خوفها ألا تراه قريبا، وقد كان... و تستحدث الأخريات للبكاء ... فالسفر مرحلة أولى للموت!

أُعفى أخر يوم من الأعمال الشاقة، لا يوقظني ابن خالتي لملئ الأزيار، لا أكلف بعمل شاي الصبح ولا إحضار حطب المور من الزريبة... لا أذهب للبئر، ولا أعوس إديرة الفطور، و أُعفى من حلب الماعز ، ولا تسألني خالتي من حش القش ولا حطب الدوكة! يبدؤون في إخراجي من عروق أحداث اليوم تمهيدا لغيابي الطويل القادم، وألبس من جديد ثياب مدنية لا أحبها، أتسرب من تفاصيل يومهم بهدوء، كأنني الدم المسحوب بسرنجة، اخرج مسحوبة بيد غريبة لا تعرفني، لا تعرف الجسد الذي حواني، ولكنها تقطرني في زجاجة!

آخر ليلة لنا في (البلد) لها طقوسها الخاصة جدا ...النوت بوك ذو الأوراق البيضاء، الذي أحضره خصيصا ضمن مشترياتي للسفر و احرص على أن يكون أبيض لأن (يوه سعيدة) و (بابا محمد) لا يحبون الأوراق الصفراء. أقلام الكتابة، قلم حبر شيني أزرق غامق أو أخضر، فالأحمر غير محبذ ولا أقلام الحبر الجاف ...
(يوه سعيدة) أولهن، تحجز مكانها بجانبي على البرش الملون الذي لا يمد إلا في المناسبات، تتكئ بيدها الصغيرة على فخذي و تميل بجسدها النحيل على الورقة، تتفحصها و هي خالية، ثم ترفع عيناها لي، تحدق بي طويلا، كأنها تطلب مني أن أقرأ ما في عينيها وان أنقلهما لكلام مقروء. مستلم الرسالة ذات الشخص لم يتغير منذ تعلمت الكتابة للعجائز، ابن أخيها المقيم في مصر، تبعث له معنا، وهو المتاخم لها ويفصلها عنه عبور نهر!

((أرجو أن يصلكم خطابي هذا و أنتم ترفلون في ثياب الصحة و العافية ... ))

و ((نحن لا ينقصنا إلا رؤيتكم في أحسن حال))

اعتدت كتابة كل من الجمليتن في أي (جواب) اكتبه بالنيابة عن أم ملهوفة أو أخ متعب أو أخت مشتاقة ...

كلا الجملتين تحمل رجاءً خجولا ً، رغبة ً في الوصال تقف الأميال و البحور عائقاً.. تصر العجائز على أن (يقرأن) ما كتبته بالنيابة عنهن! يلقننّي شوقهم و حنينهم بلغتنا النوبية و يسترسلن في حديث لا يمكنني اختزاله في 28 حرفا! أضيف السطرين أعلاه في محاولة لتعميم تجربة الرسائل التي أعرفها، و تعترض أغلبهن على الصيغة و يقترحن تعبيرات أُخر (بالنوبية) أعجز تماما عن ترجمتها!

لا أدري لما عادوا للرسائل؟ كانت جدتي ترسل لنا شرائط كاسيت تحوي كل التفاصيل المنطوقة منها و المحسوسة، كنت أرخي السمع لصوت البرش في الجوار و صوت بوري اللواري العابرة، و هش خالتي للقطة في الخلفية، و صوت أظنه صوت قرعة المش المعلقة في السقف. كنت انتقل لهناك مع أصواتهم، و حديثهم طازج كهوائنا هناك .. كانت جدتي تبتدرنا بالسلام أولا، ثم تطمئننا على حالهم،و تتدارك لتسأل عنا، ثم تصمت لبرهة، كأنها تنتظر من المسجل أن يرد عليها بخبر حالنا، ثم تعاود حديثها الدافئ، بصوت مرتجف من التعب و الكبر ...و تخبرنا بمن مات ومن وُلد، ومن سافر و من عاد، تتداخل أصواتهم في الشريط، و يزيد عددهم أو ينقص بحس الوقت هناك، في الصباح الجميع متواجدون، في الظهيرة، جدتي و خالتي هما نجمتا البث، في السماء تظهر أصوات جديدة بحسب المارين و الزيارات... رسائل بث حي ... توثيق لأيامهم التي افتقدها ...ما زال حيا في صندوق ذكرياتي!

عندما كنا أنا وأمي نسجل أشرطة ردنا لأمها و أختها، كنت احتفي بالتواصل! أصر على الاستحمام لهذا الحدث تحديدا و على رش العطر! سلوك يدل على قصور عقلي، ربما، و لكنه كان بالنسبة لي كان مظهرا من مظاهر الاحتفاء بالمرسل إليهم. أجلس في صمت و إجلال، بعكس طبيعتي حينها، و أرهف السمع قبل البدء بالحديث، كأني استرجع أصواتهم و أسئلتهم. اخبرهم بقصصي و حكايات المدرسة و أقلد لهم اللهجة السعودية و اللبنانية وأروى ليهم نكات قد لا تضحكهم، ولكني أردت أن أنقلهم هنا .. لي حيث أعيش، أخبرهم بمن مات و من ولد و من سافر و من عاد، شخوص لا يعرفونهم إلا من قصصي، و لكني أريد تقليد كل ممارساتهم، أريد أن أتقمص شخصياتهم لكي أخفف غربتي عنهم ... كنت استعير مسجل جيراننا لأسمعهم أغان اخترتها بعناية لهم، كنت احتضن المسجل لأهمس لهم بسر لا أريد أمي أن تطلع عليه!

أشتاقهم جدا هذه الأيام ... ولكنهم حيث ذهب آخرون .. لا تصلهم رسائل ولا تسجيلات .. ولكني ما زلت أحس بهم! تقلصت الرسائل وأصبحت من طرفي فقط، فلا أعلم ما حالهم، هل عدموا الجديد ليخبروني أم أنا لا أصغي السمع جيدا... أود ألا أراسلهم هذه الأيام، فأخباري ليست على ما يرام، ولكنهم (يعرفون) رغما عني ووجوهم تحفني قبل النوم...

سأبعث لهم قريبا، و لآخرين، فالرسائل نتح الروح، عرق الشوق، إن قرؤها ارتحنا، و إلا همنا كعاشق متيم ضلت رسالته لمعشوقته الطريق ...


أبقوا طيبين ...


*** كعادتي دائما، أخطئت فوددت ان أعدل ما لا يجوز في حضرتكم! قاتل الله العجلة و لهفة الحرف!

Post: #286
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-29-2008, 04:47 PM
Parent: #284

سأعود

Post: #287
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 06-30-2008, 06:50 PM
Parent: #286

UP

Post: #288
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 07-02-2008, 10:14 AM
Parent: #287

***

Post: #289
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-02-2008, 10:27 AM
Parent: #287

فوق

Post: #290
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-02-2008, 11:03 AM
Parent: #289



الأعزاء...

أخوكم (ورث)، مرض الحساسية من الوالد الراحل، والايام دي الخليج غباااااااااااااار مبالغ فيه..
فدعواتكم، ...


العويس، الحلاج ده عجيب، وصابر على عشقه، وترك للناس دنياهم، والأهم (دينهم)...
عزاز.................... يالها من ترانيم ومزامير لأرض الميعاد..

الحامد، الحامد، ولا شك اقصد الصفة، وزي ما قال ابن العربي من الصعب الوصول لمقام (الحمد)، حين تستمتع الجوارح بعجائب الكون،والنفس..

المنعم، سلام سلام سلام سلام سلام، ....


والله حبوب الحساسية جعلت الجسد واااهن، ...


والله الكون مليان مخلوقات عجيبة (فرح، ومرض، وحساسية، وغيرة، وموت، وفلسفة، وغناء)، ومقابر، ومعابد، في الخرطوم قصاد نادي الشرطة حيث الغناء والحفلات اليومية، طوالي شمالو مقابر بري... هكذا الدنيا..


السلام والمحبة...
بالأمس زارني السني دفع الله، المخضرم، لشئ في نفسه ونفسي بشأن (طبقات ود ضيف الله)...


المحبة الزايدة...

Post: #291
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 07-02-2008, 01:26 PM
Parent: #290

الأحباب : عويس... غني... منعم...عزاز...
سلام المحبات جميعها :

الأمر عجيب يا غني ... الدنيا تجمع كل شيء ... بالأمس فقط قابلت (درويش) في السوق العربي (قديماً) بمرقوعته وأم قرينات وسيجارة برنجي (آي والله سيجارة برنجي) في يده الشمال وبيمينه لالوبه يطول حبلها قبيل الأرض بسنتمترات قلائل ولا يفتر لسانه من (حييييييييي قيوم) تعرف يا غني الزول حسى بأني زي بتساءل ده شنو ده؟ فقال لي يا خوي مالك بتعاين متل دا ؟ قلت ليه: لكن السجاير دا ما حرام؟
رد: اهو أنا بسجر وبسبح ولساني ما بجيبو سيرة جنس مخلوق .
قلت : بس ربنا ما بحاسبك على ضياع المال في الفارغه؟
قال: حتى أنا بحاسبه على جوده بالمال للمتلي
رجعت البيت ومتحير وحكيت لشيخ ابراهيم ودا زول متصوف وعارف شديد فضحك وحكي لي عن قصة الإعرابي دي :

بينما النبي صلى الله عليه واله وسلم في الطواف إذا سمع اعرابياً
يقول: يا كريم


فقال النبي خلفه: يا كريم


فمضى الاعرابي الى جهة الميزاب وقال: يا كريم


فقال النبي خلفه : يا كريم



فالتفت الاعرابي الى النبي وقال: يا صبيح الوجه, يا رشيق القد ,
اتهزأ
بي لكوني اعرابياً؟‎
والله لولا صباحة وجهك ورشاقة قدك لشكوتك الى حبيبي محمد صلى الله
عليه واله وسلم


فتبسم النبي وقال: اما تعرف نبيك يا اخا العرب؟



قال الاعرابي : لا


قال النبي : فما ايمانك به؟

قال : اّمنت بنبوته ولم اره وصدقت برسالته ولم القه


قال النبي : يا أعرابي , اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الاخرة



فأقبل الاعرابي يقبل يد النبي صلى الله عليه واله وسلم



فقال النبي:
مه يا اخا العرب

لا تفعل بي كما تفعل الاعاجم بملوكها, فإن الله سبحانه وتعالى
بعثني
لا متكبراً ولا متجبراً, بل بعثني بالحق بشيراً ونذيراً

فهبط جبريل على النبي وقال له: يا محمد. السلام يقرئك
السلام ويخصك
بالتحية والاكرام, ويقول لك : قل للاعرابي,‎

لا يغرنه حلمنا ولا كرمنا,فغداً نحاسبه على القليل
والكثير,
والفتيل
والقطمير



فقال الاعرابي: او يحاسبني ربي يا رسول الله؟



قال : نعم يحاسبك إن شاء



فقال الاعرابي: وعزته وجلاله, إن حاسبني لأحاسبنه



فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم : وعلى ماذا تحاسب ربك يا اخا
العرب ?



قال الاعرابي : إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته, وإن
حاسبني
على معصيتي حاسبته على
عفوه,

وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه

فبكى النبي حتى إبتلت لحيته



فهبط جبريل على النبي

وقال : يا محمد, السلام يقرئك السلام , ويقول
لك
: يا محمد قلل من بكائك فقد الهيت حملة العرش عن تسبيحهم



وقل لأخيك الاعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه فإنه رفيقك في الجنة


شفت يا غني الناس ديل عارفين قدر شنو؟

محبات
حامد

Post: #292
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-04-2008, 08:48 AM
Parent: #291




حوار ماسنجري مع اخوي الحامد


بالأمس، وفي حوار ماسنجري مع اخوي حامد، بين الخرطوم الحارة والدوحة المغبرة، شفت الروح بحكاوي الحامد، وطربت معه وهو يتجول في تلك الشوارع الغريبة للخرطوم والتي تجمع في حماها تجليات الخير والشر، والنعومة والشقاء، ولا أزال اذكر جولة مع اخوي القاص والكاتب الجميل ابو حازم في الخرطوم بل قلبها، وإن كان قلبها الحقيقي في الاطراف، ولكن مجازا، وأقصد شمال شارع الجمهورية، فقد كانت الخرطوم خالية، اظن كان في مؤتمر عربي، وأخليت العاصمة، وكانت الشوارع خالية، وللحق أول مرت شعرت بأن الشوارع جميلة، وخضراء وتاريخيه (بحيث قرأنا اسماء شوارع لاقباط واتراك وحركة وطنية، وهي باهته، ولا يمكنك قراءتها في ضجة الخرطوم المعروفة، وتجولنا في شارع النيل والطرق القريبة منه، وكأننا رجعنا لخرطوم قديمة، لايسكنها سوى 15 ألف، مش 15 مليون، دون ان توفر لها الدولة عمل او حقل او مصنع او فصل، بل تركتهم يحرقون دمهم، ويحطمون جهازهم العصبي..

كانت جولة رائعة، سكنت الذاكرة، وألهمت النفس بكتابة نص عن الخرطوم وباباكوستا، وخرطوم الثلاثينات، وورائها، وبعدها، إلا قليلا..

بالامس، مع اخوي الحامد، الشاعر والكاتب المميز، ذو الاسلوب الخاص، المسكون بطقوس البيئة العجائبية لبلدي، وسحريتها، كان الحديث عن دروايش الخرطوم، وأخواتها.. وعن قراءة الخواطر مثل قراءة الجرايد، وعن رجال مدفوعي المناكب لا يؤبه لهم، قلوبهم مصابيح هدى..

نقلني الماسنجر للعوالم السمحة، والله يادوب حسيت انو في ادب ماسنجري، الكتابة المباشرة، العاطفية، وجه لوجه، دقة سريعة، وكل ذلك بعد أن رجعت للحوار، ووجدته حي، ونضر وساخن، لأنه كتب ككلام، وليس قصة، او ماشابه ذلك، من بهارات الكتابة، بل كان ونسة من وراء الحرف، يعني كأننا كن طرش، وبنتكلم من خلال الكتابة....

والله حسيت انو حامد حقو يسجل الحاجات دي، فالحياة في السودان ما قبل سلطنةالفونج تتجاوزالواقعية السحرية اللاتنينة، فقراءة الخواطر وفهم سكسكة الطيور كانت جزء من المنجز الصوفي السوداني، والمسيد في العصريات ملئ بسرد كاشف تتداخل معه العوالم الملائكية مع الامس مع الغد، في نسيج يحتفي بالحياة ويجعل الروح هي السارية والمادة مظهر موقت، كاذب، وراءه سر، بل أسرار، والحياة لا تكتفي بشريط الحاضر الصغير ده....

جرى الحوار وتشعب، ولم يتجاوز فرادة النص اللاوقعي، والواقعي البحت للنفس السودانية/ متمظهرة في جوالين، لم يركنوا لحياة الاسرة، أو انماط التربية القطيعية، بل هاموا، في اسلوب وتري خاص، لهم نصر، ولهم هزائم، ولكنهم لم (يكونوا صدى الأحداث، بل كانوا التجربة)..

وجرى الحديث عن عويس وعزاز، والمنعن ود إبراهيم، وقال بأنهم يكتبون مابعد الحلاج ووجده، وبأنهم قتلى اللحظات العجيبة، للحقيقة القديمة، المستورة..

كلام وكلام وطرب...

الحامد اخوي شكرا للحديث الجميل بالماسنجر...
المحبة الزيدة..


....

Post: #293
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-04-2008, 12:50 PM
Parent: #292

حبيبي كرم الله
ألف حمدا لله على سلامتك.وتحياتي للسني.
الحلاج روح جبارة يا كرم الله.روح سارت – حافية – على درب العشق، درب كلّه أشواك ونار، لكنها كانت روحا خفيفة، تمسّ الأرض، و(لا تخدش طهرها). روح طيفية.
يا كرم الله، أروح أتأمل الصلب، حتى لكأني سأصلب غدا.
أتأمل كلّ شيء يتعلق به. لماذا يكون فجرا ؟
هل يدركون أن الروح تسرح في جلال الكون اللانهائي في تلك الساعة.
للغرابة، كزانتزاكس أدهشه ذلك أيضا، فـ(باح): المسيح يصلب من جديد !
الحلاج رقى من الدرب ذاته، درب الصليب، وهو الذي هتف سابقا في وجد غريب، وكشف يشف، ثم يشف :
على دين المسيح يكون موتي...!!
وفي ساعة السيد المسيح ذاتها، علقوا جسده، وما كان ليتأتى لهم أن يفهموا، إنما هم يدعون روحه السجينة تنعتق !!
تلك الساعة مغرية جدا يا كرم الله.مغرية حد الجلال.تقشعر فيها الروح، وتُغمر باللون الكوني المدهش ذاك.أحس ذلك اللون ..روح.ربما هي الروح التي نتوق لمعانقتها.هي التي عانقها الحلاج في ساعته تلك.
الحلاج واحد من أساتذتي الكبار.
يا الله، كيف يحب المرء بتلك الطريقة، وكيف يكتب/يهذي/يشطح/يتوحد/يمشي على حقول الأزهار، ينسرب؟
لا، وأن تعانق الموت وأنت محمول إليه.ليس على وجه الدقة، ولكن أن (ترتفع) قليلا.قدماك لا تمسان الأرض، وعيناك مثبتتان على السماء العريضة فوقك، ونسيم الصباح يعبر جسدك، تتساقط الرغبات، تنمحي.تشرق نفسك – كالشمس - ، هل الشمس أيضا تصلب كل صباح، لذا يكون بمقدورها أن تكون مشرقة إلى هذا الحد ..العاشق؟
حامد
يا حبيبنا والله إنك محظوظ جدا.
تعرف، في غربتنا القاسية هذه لا نلتقي بدراويش قط.أشتاقهم يا حامد، أشتاق مرأى ملابسهم وروائحهم، ونظرة عيونهم الهائمة في الكون.
حتى أنا بحاسبه على جوده بالمال للمتلي !!
يا الله يا حامد، يا لها من عبارة كفيلة أن تبعث به إلى الصلب، كونه شطح، وكفيلة أن تجري الدمع من مآقينا.والله سالت دموعي يا حامد.يا لها من عبارة رقيقة، عبارة صوفي عاشق فعلا، يستكثر على نفسه – كأروع ما يكون – جود الله عليه بأقل القليل !
يا كرم الله، متى نبلغ هذه الدرجة ؟؟
وطالما أنك جئت على ذكر الحلاج، والكتابة ما بعده، صرعى اللحظات المجلوة، فإليك حلاجي:
والله لو حلف العشاق أنهمُ
قتلى من الحب أو صرعى لما حنثوا

Post: #294
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 07-05-2008, 00:30 AM
Parent: #293

***

Post: #295
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 07-05-2008, 01:50 AM
Parent: #294

Quote: أسرار الخروج


الخٌروج :

اْنْتِقالٌ الظَاهِرِ للْمَخْفِيٌ

بِذْرَةٌ التْبَارِي على شٌجَيـراتِ المُنْتَهى



الاحباب فقراء الزاوية المنسية..كيفنكم...وياغني سلامتك أظنها الأرواح
اتطاقشت في منحنى مجرة..ووقعت وقعة نصيحة في دلجة الجسد..كيفتني ونستكم
انت وحامد ونجركم للكلام بي حرارتو والدم في مشيمتو..زي اللبن من ضرعو
لي خشم الصغير..آها حامد ده بالنسبة لي اكتشاف جديد..بي كتابتو دي بذكرنى
"نوح ود العبوب"..درويش في منطقتنا... سوف أكتب عنه لاحقا لو الروح
ماسرت..

انتقال الظاهر للمخفي..عالم "افروم" الباطني.. التوغل في الجوهر..سر
الكينونة..التعرف علي الحيوات..علي مشروع الأشياء الغاتس في العمق
حالة اكتشاف النظام..القوى الداخلية وقوانينها..موقف الند مع الحقيقة
وانتفاء الخوف من خوارق العادة..زي درويشك ده ياحامد البدور يحاسب
من منطلق العارف والمحب..


بالمناسبة ياخالد لي البوست ده ضهبان مني

Post: #296
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 07-05-2008, 11:27 AM
Parent: #295

عبد الغني يا أخوي : سلام

هكذا الرحلة دائماً في الخرطوم ، ضجيج ، غبار ، انفاس لاهثه، شحاذ على بعد كل عشرة سنتمترات ، بس جمال ، جمال يا غني ، والله ما بتخيل أنه في مكان في العالم ممكن يجمع بين من يركب سياره (هامر) وشحاد بسأل الناس حق الله ، صحيح تعبانين بس سمحين ،
اتذكرت بابكر عطيه:

القال:
يا ايها الوطن الجميل كخاطري
ارسم طريقك في دماء العابرين الناحلين من الأسى
الرافعين أكفهم للريح
السائلين الفرحة صدقة.

صدق والله عطية ، الواحد فيهم تديه قروش يتبرع بيها لغيره


عويس وعبد المنعم : جاييكم لو في العمر مدد

Post: #297
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-05-2008, 07:33 PM
Parent: #296

راجع.

Post: #298
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-07-2008, 12:25 PM
Parent: #297


سأعود


Post: #299
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-08-2008, 06:55 PM
Parent: #298


وأعود تارة أخرى، مخفورا بصبابتي إلى "النقطة"/السر.
النقطة أصل.والكون أصله نقطة.والتنقيط فعل "كُن".والنقطة:حب.
الكون حب.
والحياة حب.
والموت حب.
هذا لمن سلك، ومن سلكت.
والروح إن امتلأت بالعشق، ما بارحت سكرها أبدا، ولا صحت.
طريق النواميس، طريق معرفتها – بالقلب – طويل.والناموس يفضي إلى ناموس، وينتهي بناموس.ووا لهفي على من أظلمت روحه بالكراهية.كيف تكره، والله محبة ؟ الله حب.
أتأمل – يا حبيبي كرم الله -، أتأمل الغفران.كم يحبنا الله ليغفر لنا.يغفر لنا تشاغلنا عنه، وتلهينا، وتجربتنا العريضة المليئة بالآثام والخطايا.لو لم يكن يحبنا، ما غفر لنا.
كم هو الغفران جليل.حين تقف على بابه سائلا، كواحد أثقلته الفاقة، ومرغته الآثام، وقيّدت روحه، فراح يلحف في السؤال، واحد، كأي "زول الله ساكت" !
لو لم تكن الثقة كبيرة في من يغفر، ما سأل الطامع في الغفران شيئا.
و.."لولا حسن ظني ما حييت".
يقول:
(ما رحلوا يومَ بانوا البزّل العيسا
إلا وقد حملوا فيها الطواويسا
من كل فاتكة الألحاظ مالكة
تخالها فوق عرش الدر بلقيسا
إذا تمشّت على صرح الزجاج ترى
شمسا على فلك في حِجر إدريسا
تُحيي، إذا قتلت باللحظ، مَنطِقها
كأنها عندما تحيي به عيسى
توراتُها لوح ساقيها سنا، وأنا
أتلو وأدرسها كأنني موسى
أسقفة من بنات الروم عاطلة
ترى عليها من الأنوار ناموسا
وحشية، ما بها أنس، قد اتخذت
في بيت خلوتها للذكر ناووسا
قد اعجزت كل علام بملتنا
وداوديّا، وحبرا ثم قسيسا
إن أومأت تطلب الإنجيل تحسبها
أقسة، أو بطاريقا شماميسا
ناديت، إذ رحلت للبين ناقتها
يا حادي العيس لا تحدو بها العيسا
عبيت أجياد صبري يوم بينهم
على الطريق كراديسا كراديسا
سألت إذ بلغت نفسي تراقيها
ذاك الجمال وذاك اللطف تنفيسا
فأسلمت، ووقانا الله شرّتها
وزحزح الملك المنصور إبليسا)
.... لسيدي ابن عربي.
الأرواح متعبة يا كرم الله.أرواحنا متعبة للغاية، ولا يذهب تعبها إلا به، بالحب.
بالحب تشرق الإشارات.وبه تتقدس المخلوقات، وتكرّ كلها كمسبحة ضخمة، تروح تسبّح بالحب.تتوحد.نتوحد. بالحبّ وحده تغتسل قلوبنا بالضوء الآتي من لألاء العرش.
أجسامنا تدور في فلك، وأرواحنا تدور في فلك آخر.باحثة عن الحب.تذوب فيه.باحثة عن أرواح مسكونة بالحب.أرواح الناس والحيوانات والأشجار والأحجار والجبال.حتى الجبال، على قسوة أجسادها، وتغضّن وجوهها، وصلابة سواعدها، تخرّ حين يتجلى لها الحب.
أليست تلك إشارة على رقة الكائنات، كلّ الكائنات، وذوبانها عشقا، حتى لكأن الأبيات السابقة، خطها يراع الجبل أو الحجر، لا فارق، فالكلّ - لمن يدرك - متوحدون في جلال هذا العشق المشرق.
والطيور، تسبق الحلاج في وضوء الدم، تراها تتخبط في دمها حين تُذبح، وهي تصلي في خشوع، يطربها الذبح، حتى لكأنها ترقص.فلحظة اللقاء دنت، لحظة اللحظات، لحظة الحقيقة الكاملة.
هل العشق يؤذي حقا ؟
لماذا ؟ لماذا، وقلبي/ك/هم/نا، خالية من الكره، وسابحة فوق أنهار الح بة.
ألم يخلقنا الهع عاشقين ؟
(رق الزجاج وراقت الخمر
فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح
وكأنما قدح ولا خمر)
الحلاج


Post: #300
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-08-2008, 09:42 PM
Parent: #299



عزيزي عويس...

سلام ومحبة لا تحصى..

سنعود للحلاج، الفتى الأغر، والشيخ العجوز (أنني شيخ كبير في علو الدرجات، ثم أني صرت طفلا في حضون المرضعات)، وغرابته نسبه الإلهي، حيث الزمن في راحة اليد، وليست اليد في راحته، (فأماته مائة عام) أمات الزمن، وليس الإنسان، ثم يذبح ملك الموت، ملك الزمن، وتصير اللحظة الحاضرة ملكة، وقد حشدت بداخلها البرزخان (الأمس والغد)، (والكتاب)، يغادر كبيرة، او صغيرة، إلا أحصاها.، ..

والله ياعويس الايام دي مسكون بالشعر الجاهلي، والعربي القديم، اصدفائي ذو الرمة، وجرير، وتأبط شرا، وبالاخص، ولقد عجبته له جدا الشاعر الاندلسي الكبير (ابن خفاجة)، ياااااااااااه، ماهذا الافتتان العبقري بالطبيعة، وأي طبيعة أنها الأندلس... ومن شاعر عظيم، متنعم، صعلوك، فاهم..

شعره تغزل في الطبيعة، كفتاة، كلمى، كشعر، كخمر..
عليك الله شوف وصف الليل وهو يسحب رداءه الاسود، بعد قدوم سيدة الفجر..

ثم أنثنى والسكر يسحب فرعه ..... ويجر من طرب فضول رداء...

وقبيل هذا البيت وصف الليل وسكره بالنجوم والثرياء، ثم أقبل الفجر، فسحب الليل رداءه كحسنا، طروب. ثملة... تمضي لمخدعه معه، مع الفجر، وهو شيب، وهو سكر...

ثم يصف الغروب، واللجين الحي يرقص على أنهر الأندلس...
إنه سكران، بالطبيعة ....
وتغزل بالشجر، ورب الشجر، غزل لذيذ، يخفر له الثمر، وتهتز الاغصان، والفنن... وترتعش الجذور.. ويهيم بالرمان (لست أدري أي رمان، أعلى الصدر، أم على الغصن)، والرياحين... ياله من هايكو مبكر، وأندلسي، وفي لباس اللغة، ورداء الفتنة..

قال: فحفت بها ريح بليل (الريح مبللة بالمطر)، وربوة بمسرى غمام جادها متبجس..
بربي ياعويس هنا هو يصف تلاعب الريح باللهب، هنا:

لاعب تلك الريح ذاك اللهب ... فعاد عين الجد ذاك اللعب
وبات مسرى الصبا يتبعه ... فهو لها مضطرم مضطرب
ساهرته أحسبه منتشيا ... يهز عطفيه هناك الطرب
لو جاءه منتقد لما درى ألهب متقد؟ أم ذهب؟!!...
تلثم منه الريح خدا خجلا (!!)، حيث الشرار أعين ترتقتب
في موقد قد رقرق الصبح به ... ماء عليه من نجوم حبب
منقسم بين رماد أزرق .!!.. وبين جمر خلفه يلتهب.
كأنما خرت سماء فوقه.... وأنكدرت عليه شهب..

كم أدخلني بين حنايا مطضرب ومضطرم في لهو النسيم واللهب...ياله من مجوسي عابد (للهب)..
ألهذا أقعدني الله بمرض الحساسية، كي أكون رهبين المحسبين، (البيت والكتاب)... واشعر الأندلسي.. عجبى لأمر المومن كل أمره خير.. حتى الحساسية، وحبسة البيت... لو لاها، لم أخرجت الديوان.. (هناك مكر)، خلف وقائع الحياة، هناك مكر مدسوس خلف غريزة الجوع، غريزة الموت، غريزة الجنس، غريزة الله...


وهنا (تظهر شكوى مطران، وتناصه، او سرقته "الشريفة"، في قصيدته الشهيرة المساء، إليك بيت ابن خفاجة..
والفجر ينظر من وراء غمامة عن مقلة كحلت بها زرقاء..
وذات الروح في قصيدة الابنودي، (طلع النهار)، حين تغسل الفتاة شعرها في الترعة، والظلمة تتوارى خلف الأشجار..
ياله من شاعر مفتنون بثمر الشجر، والسوق... والخمر.. والنساء، تتداخل عوالم، حتى تشك، أيتغزل في شجرة، أم كأس، امر فتاة.. أم فتى..

كم أطربني بعمسول لغته، وبهجة استعارته، وسلسل قوله... وقريحته نضره....
ثم وصف النيل، النهر (النيل يسبح في طفولتي)، ...

لله نهر سال في بطحاء... أشهى ورودا من لمى الحسنا..
متعطف مثل السوار كأنه .. والزهر يكنفه مجر سماء
قد رق، حتى ظن قرصا... من فضة في بردة خضراء
وغدت تحف به الغصون.. كأنها هدب بمقلة زرقاء..
والريح تعبث بالغصون ... وقد جرى ذهب الأصيل على لجين الماء...

والريح تعبث بالغصون...
وذهب الاصيل، يجري على لجين الماء، ياله من نهر، ياله من ذهب سائل..

سأعود له، فهو محب كبير، لخمر الحياة...

السلام والمحبة..

Post: #301
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-11-2008, 05:46 PM
Parent: #300

سأعود

Post: #302
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-12-2008, 08:33 PM
Parent: #301


لطالما تمنيت أن أكون موسيقيا.
تطربني الموسيقى بطريقة عجيبة.تستلب روحي، وتروح تمرجحها.تصعد بها، حتى تبلغ حشرجاتها القصوى. الموسيقى كذلك – يا كرم الله – أرواح.الموسيقى تجمّع الأرواح كلها على أطراف أصابعها، وتنثرها – كالأزهار – على حواف الكون، كوننا الداخلي.
منها تنثال الذكريات.هي توقظ الذكريات، وتحفزها.تتمرغ على القلب، تدفئه، تغسله، تسيل عليه، وتحفر طريقها الزهري.
لطالما تمنيت أن أكون موسيقيا !
لا همّ لي في هذا العالم إلا "حبيبتي" الآلة الموسيقية التي تغفو على صدري.تعبئني بالجمال، وتطرد الوحشة عن نفسي.
لماذا لا نغني حين يموت عزيز ؟
أليس الغناء..بكاء ؟
أقاصي الوجع أن (تتوحد) مع آلتك الموسيقية، تحضنها، وتنفخ فيها من روحك، تمرر أصابعك المرتعشة عليها، كما تمررها على وجه حبيبتك، وتتأوه هي، لا من لذة الحسّ المادي، وإنما من حساسية الروح المفرطة.
الليلة أنا مترع إلى أقصى حد بـ(عثمان حسين).هذا العاشق الكبير، الكبير !
أعيد سماع أغنياته كلها.
موجوع برحيله.الليلة فقط، موجوع إلى أقصى حد.
كأيامي في الخرطوم، رفقة حبيبي وصديقي العظيم (محمد فول)، نذرع الشوارع جيئة وذهابا على سيارته، ونحن نستمع إليه.ثم يأخذ الطرب محمدا إلى أقصى درجة.أشعر باهتزاز روحه.يأخذني الطرب:
(كيف لا أعشق جمالك
ما رأت عيناي مثالك)
(ما بصدقكم)
(الفراش الحائر)
(وحياة عيون الصيد)
يا الله ..يا الله !!
(يا ناس لا لا)
(في حياتي قبلك انت
عشت قصة حب قاسية
لسة ما زالت في قلبي
ذكرياتها المرة باقية)
(مسامحك يا حبيبي)
(داوم على حبي وأسأل على قلبي..ما تفكر تنساني)
(أنا وحدي طول الليل بشكي حبي ووجدي) الله..الله !!
(أنا مالي والهوى)
يا الله يا عبدالغني، من أيّ طينة عُجن هذا الـ(عثمان) ؟
أيّ روح عاشقة صوفية كانت تعمر دواخله ؟
والله قد بلغ بي الطرب والوجع منتهاه.كأن تأتي على الأقداح كلها، وتستزيد على رغم سكرك البائن.الروح ما تزال متوهجة يا كرم الله، تبغي الاستزادة.وأنا من فرط السكر لا أقوى على المسير – بروحي -، لكنها ملأى بالشغف والعشق، عشق هذه الدنيا، الألحان، الجمال، الله، الإنسان.
أية عبقرية منزرعة في الروح هذا الـ(عثمان) ؟
أيّ حزن وجودي عميق كان مخبوءا بين ضلوعه ؟ أيّ قلب ؟ أيّ جراح وعذابات وعشق هذا الذي صبغ فنّه بكل هذه الرقة، وهذا الافتتان، هذه الصلوات في محراب الجمال ؟
أية قدسية لهذا الفن ؟
أيّ ألحان سماوية تتسرب إلى أعماق النفس بهذه الطريقة الجارحة؟ أيّ كلمات تذوب رقة وعذوبة ؟أيّ ضلوع انطوى عليها صدره ؟ أيّ شغف هذا الذي يدفع لأداء (حساس) إلى هذه الدرجة ؟
أدرك حزن صديقي، محمد فول العميق عليه.كأن قسما من روحه دفنت مع عثمان حسين.
عثمان، رمز الفن (الحساس) الذي يتقطر مشاعر وأسى.
أيّ قلب أمّ، كما تقول يا كرم الله، كان في جوفه ؟!


Post: #303
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-14-2008, 07:47 AM
Parent: #302



في حياتي قبلك انت
عشت قصة حب قاسية
لسة ما زالت في قلبي
ذكرياتها المرة باقية.....

لقد أبكاني هذا المقطع، وهو يزخرف نشيد بكائك، الصادق العجيب..

حقا... لم لا نغني في البكاء، في فراش البكاء...
فالغناء سليل النفس البشرية، في كل تعابيرها عن نفسها..


والله أبكاني، لن أقدر على المواصلة..
مع حبي للعظيم عثمان حسين في روض قبره العظيم...

Post: #304
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: محمَّد زين الشفيع أحمد
Date: 07-14-2008, 09:08 AM

الأُستاذُ / خالد عويس ..

حضُورٌ ومُتَابعَةٌ

وتَحِيَّةٌ يَا صَديقي ..

ولِلْمُنادى هُنا / الأُستاذِ /

عبد الغَني كرم الله

آلافُ المَحَبَّاتْ ..



احترامي ..



أخوك / محمَّد زين ...
____________

Post: #305
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-14-2008, 09:24 PM
Parent: #304


عزيزي محمد زين
اهلا بمرورك .

كرم
راجع.

Post: #306
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 07-15-2008, 07:05 PM

الأرواح الصديقة ...

سلام ...

النفس مثقلة جدا اليوم، نوم و صحو ونوم ... نعاسها هروب من تدابير قسوة الحال، و الصحو ثقل على النفس و الجوارح ... بعض الصحو محاولة هرب وكل النوم هروب، يلاحقني ما أهرب منه في نومي، يمسك بتلابيبي، يسألني (الحل)، هو خائف مثلي، وأكثر حظا مني، فإلي يأتي طالبا (الحل) و أنا ليس لي من قبلة سوى تلك التي يزاحمني فيها كل الخلق ... اجاهد لوضع قدمي، يدي تعلوها أياد، و صوتي خافت، مخنوق، يبتلعه الضجيج من حولي، فتعيني محاولة رفع الصوت فوقي قوافل الدعاء توشك على العودة بالآمال و المرتجي ... و تنكسر نفسي من الرجاء، و أعود للنوم من جديد ...

...

....

اليوم و بعض من أمس ... صليبي الذي اجرجره منذ عرفت نفسي زاد ثقلا و امتد بعرض السماء.. استيقظت على صوت طرقات على ظهري، ووجوه ألفها تتحلق حولي تطلبني المزيد، تسألني (الحل) تزجرني، تلومني و اهرب منها لطبقة أعلى من النوم، من الغيبوبة، مرحلة ما قبل الموت، ولكن الحياة متشبثة بي، تخترق كل ابوابي، تنساب فيني رغما عني .. صليبي اليوم محكم قبضته حولي، يعانقني و شد و ثاقي له بمزيد من المسامير، مسامير أحبها، أودها، ولكنها في نهاية الأمر مسامير!قدمامي مشدودتان هناك مغروستان في طين يابس... تقرصني الحبال، لا خلاص كما كنت أظن يوما من هذه الحبال .. لا خلاص، رأسي ميدان إعدام ضاج بالرؤى ، تاج الشوك ينز رأسي، يكاد ينفجر من الألم و قطرات الدم تخشى النزيف، تخشى الضوء، تخشى أن تجف بعيدا عني، تخشى ان تغادرني فلا تعود، و الخوف أصله أنا، فأنا أرحل في اتجاه واحد، لا اعرف الالتفاف، أحث المسير لهناك، و هناك يتباعد عني كل ما أسرعت المسير ... ألفت الألم الآن، هدأ هو عندما ألفته! خدرني التعب، الانتظار، لست أطلب أكثر من أن أنام نعسا لا تعب... أريد أن أصحو اكتفاء لا هروبا من كوابيس تتربص بي...

متعبة حد التعب،


متعبة من التعب!


______________________

Post: #307
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-15-2008, 07:21 PM
Parent: #306


صليبي الذي اجرجره منذ عرفت نفسي زاد ثقلا و امتد بعرض السماء.. استيقظت على صوت طرقات على ظهري، ووجوه ألفها تتحلق حولي تطلبني المزيد، تسألني (الحل) تزجرني، تلومني و اهرب منها لطبقة أعلى من النوم، من الغيبوبة، مرحلة ما قبل الموت، ولكن الحياة متشبثة بي، تخترق كل ابوابي، تنساب فيني رغما عني .. صليبي اليوم محكم قبضته حولي، يعانقني و شد و ثاقي له بمزيد من المسامير، مسامير أحبها، أودها، ولكنها في نهاية الأمر مسامير!قدمامي مشدودتان هناك مغروستان في طين يابس... تقرصني الحبال، لا خلاص كما كنت أظن يوما من هذه الحبال .. لا خلاص

Post: #308
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-18-2008, 04:58 PM
Parent: #307


كلّ منا يحمل صليبه على روحه، ويسير على غير هدى.
كل منا يحس - أحيانا - بوطأة المسامير على أوردته، ويمضي يتأمل في حبات الدم التي تلون جسده، وتنقط على الأرض:قصيدة ما، ولادة ما.
حتى أننا نحب دماءنا أحيانا، وأنا أحب صليبي، إنه علامة !!
الصليب:فتنة !!

Post: #309
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-18-2008, 04:59 PM
Parent: #307


كلّ منا يحمل صليبه على روحه، ويسير على غير هدى.
كل منا يحس - أحيانا - بوطأة المسامير على أوردته، ويمضي يتأمل في حبات الدم التي تلون جسده، وتنقط على الأرض:قصيدة ما، ولادة ما.
حتى أننا نحب دماءنا أحيانا، وأنا أحب صليبي، إنه علامة !!
الصليب:فتنة !!

Post: #310
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-18-2008, 07:57 PM
Parent: #309


الروح الصديقة عزاز..

كم عبء هذا الجسد..
كم نعمة هذا الجسد..

في الأديان كلها، وحتى ناعومي كاميل، ظل الجسد هو الهاجس، والمتمر، والمتسخ، والسكير، والمجروح، والمحلق.. والنور..
فهو.. الذي يتألم..
وهو...الذي يرقص، والذي ينفى، والذي يتلوى من سطوة العشق هو هو، كما ردد عويس في خواطره جزء من نشيدك هذا، عذابك هذا، جرى خاطري (لصليبي)، .. كما يقول أهلي البسطاء، صليبنا معلون حين طلع العسكر، والهوس، والهم، ونظام عالمي (رأسمالي)، يجمع في قوته ليومه، وقرنه، وما بعد قرنه، وهناك من لا يملك قوت الأمس، ناهيك اليوم وغد..

جرى الخاطر، لموقف المسيح (في الفليم، والواقع)،حين وقف مسمر في الصليب، وهو يهاتف ربه (لم تركتني وحيدا)...هناك لحيظات يغيب فيها المساعد، وتغرب شمس الأخوة، ليس انتقام رب، أو أن فكرة الحياة ناقصة، ولكن (الذات البشرية)، في غنى، عن أي (مساعدة)، سيرك منك، وصولك إليك، لحيظات الأكتفاء (بالأنا)، قال استاذ محمود في كتابة (التنمية الاجمتاعية)، إن غرض الدين (إنجاب الفرد المستغني عن المجتمع)... سيد نفسك مين أسيادك.. وياريت، وهيهات، فالنبي في معراج المعرفة، توقف حزينا، كي يودع صديقه جبريل، وهمس له: أفي هذا المقام يترك الخليل خليله.....
وهذه الفردية، (بمعنى أن نتخلص من المجتمع، ورواسبه، وحيوانه المنوي،وبيوضته، ونولد بقابلة الفكر)، هي هاجس الحياة، سيد نفسك، مين أسيادك... كن... الأولى، قبل خلق الزمان والمكان، حيث كان الميلاد بكن.. ب... (تغور في الاحشاء ومضات من جهل ونور ولمح)، عصيه الوصف، وساطعة البرهان، معا، بربك كيف يلتقيان..

يقال (خمرة "الأفراد"، عزت على العباد)...


هناك أوقات عجاب، للتوقف مع الذات، وتأمل (الأنا)، وما يعتري الذات من هم، وطموح وإخفاق، وأمل..

لحظات عجاب، نقف مع (الأنا).. وهي تدفن نفسها، كعادتها في (الغموض الأبدي)، ولا تسفر سوى لمح، لا يشفي، ولا يروي..

انتي عارفة، فجر (صليبك فيني الكثير الكثير)، كتبته في المكتب، وسأرسله يوم الأحد، لو مد الله في العمر بقية... وعن هوان خاص، وعن جوى فكري وتقلب في ايدولوجيا التصديق الذاتي، وعن مخرج، وعن أمل،وعن شاطئ أمان..

العويس... شوقي ومحبتي، وسعدي بما تسطره من روح هناك، تتلبس كل حروفك، كل خواطرك الدافئة العريقة، الشاعرية، الكثيفة، والله سعيد بأنني (قارئ)، حد السكر، وأكون ثملا، حين اطلع على حروف مترعة بخمر الفكر، وعقد السبح...


السلام والمحبة، لا تزال الحساسية تسكن الجسد، مع فترات راحة، ثم تأتي لتعتقلني في البيت، بل في الغرفة... وأمرنا لها..


السلام والمحبة....

Post: #311
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 07-18-2008, 09:53 PM

الأرواح الصديقة ...
سلام و محبة ...
أحن إلى شيء ما ... شخص ما ... زمن ما ... لا أدري ولكن حنين حارق يسكنني الآن، احن لرائحة أخرى غير تلك التي تضوع يدي أمي .. رائحة لا تشبه بقايا رائحة أبي في طاقيته النائمة على سريري، رائحة ما تعرفني، تلاحقني أجهلها ، لا تحمل اوراق ثبوتية ولكنها تعرف كل رموزي و تفكك شفرات حصوني، تغلفني في غلالة زرقاء، كـ لون طاقتي الآن، طاقتي المتعبة ... دفنت تعبي في الكتب، بت بطيئة في القراءة، كأنها صلاة، أخشى أن أنجزها بلا خشوع فلا تقبل، أقرأ بمهل شديد، لم أفارق 25 صفحة من زوربا منذ الامس، أعيدها مرارا، أمضغها ببطء، اشعر بالكلمات تنساب فيني، تلاقي كل جملة عائلة من اللحظات في ذاكرتي، تلاحمت الصور مع ذكريات مضت، لم يعد هناك فرق بين كريت و الرياض، بين البحر و البر، فقد فارقت أصدقاء أنا أيضا، تعاهدت معهم على التخاطر أيضا! كنت دودة كتب انا أيضا! نزعت مني صداقتي، عائلتي، ايامي، و زج بي قسرا في مراكب شتى، و ابحرت لوحدي، و ابحرت مع غيري!
الآن أنا مسجونة في زنزانة جسدي با كرم الله! جلدي السجان، يرغمني ان اكون انسانا محشورا في جسد، يرغمني أن اعبر عني بحواس قاصرة مقهورة، فتبكي العين، و ترخي الأذن السمع للآتي، و أنطق كلاما يوصل بعض من شجني وتعود قوافل البوح بعبارها الزائد ترجوني ألا ابعثها مجددا فهي عرجاء خارج روحي ....
قال كازانتزاكيس لا أخشى شيئاً، ولا آمل في شيء. أنا حر. لكني اخشى الكثير و آمل في الكثير! فيا طول مشواري و يالبعد حريتي! ولكني لا اريد ان اودع خوفي ولا التمني .. انني أبحث عن حرية تناسب ثناياي، تلبسني، تكسيني، تحميني من جور الطغاة، حرية أقاسمها مع كل الوجود، حرية تسعني، و تسع حزني، و لا تمل من بكائي ...
كم نتشابه في الحزن يا صديقي!

Post: #312
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-19-2008, 12:22 PM
Parent: #311


(برقية) إلى عزاز:
عثرت اليوم على حجر أخضر غاية في الروعة.تعالي لترينه، فهي فرصة لا تعوّض.
أليكسس زوربا.
شرق أوروبا.
الحرب العالمية الثانية.

Post: #313
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-19-2008, 09:21 PM
Parent: #312


كنت مفتونا بثلاثة من مخلوقات الله، الدودة التي تصير فراشة، والسمكة الطائرة التي تقفز من الماء محاولة تجاوز طبيعتها، ودودة القز التي تحوّل أحشاءها إلى حرير.
وكنت أحسب دائما بتوحد غامض معها، لأنني كنت أتخيلها دائما رموزا ترمز إلى طريق روحي.
(نيكوس كزانتزاكس – تقرير إلى غريكو)
____
زوربا: كان يتمتع بكل ما يحتاج إليه الموجه للخلاص: النظرة الأولية التي تصل إلى هدفها كالسهم من علٍ، والانعدام المبدع للفنية، والتجدد كلّ صباح.
الأمر الذي كان يساعده على أن يرى كلّ شيء باستمرار وكأنه يراه للمرة الأولى، وأن يمنح العذرية إلى العناصر اليومية والأبدية: الهواء والبحر والنار والمرأة والخبز.
(نيكوس كزانتزاكس – تقرير إلى غريكو)
_____
بهذه الكلمات العميقة، يعبر (كزانتزاكس) عن هذا الإنسان الاسطوري: زوربا.
بعد قراءتي (الجريمة والعقاب) لدوستوفيسكي، التي ما تزال أطياف أبطالها تتراءى لي، بسنوات طويلة، وقعت على (زوربا).وكانت فتحا..كانت طريقا جديدا، ورؤية جديدة وكشفا عميقا جدا.
في داخل كلّ واحد منا (زوربا)، يرقص على حافة النار، ويضرب ماء البحر برجليه، ويصرخ غبطة حين يرى الشمس: إنسان بدئي، يستلهم من الطبيعة الحية روحه، ويستمر في الصعود، دون أن يكترث لأيّ شيء.إنه التوق الأزلي للانعتاق والعفوية.
شخصية كانت لتصنع من أيّ كاتب، روائيا عظيما، كـ..كزانتزاكس.
هل أقول إنني مفتون بهذه الشخصية، التي جسدها (أنتوني كوين) باقتدار وبراعة.
لكن، كيف ترى كانت تجربة زوربا التي لم يروها كزانتزاكس ؟!
شخصية النبي والقديس والفاجر والعفوي والمعقد والبسيط والناري هذه؟!
كيف كانت طفولته، كيف كان صباه ؟!
وكيف يمسك المرء بتلابيب السرد إزاء شخصية كهذه ؟!
...
حكاية (الحجر الأخضر) هذه ساحرة.فزوربا، عقب افتراقه عن صديقه كزانتزاكس، وذهابه إلى أوروبا الشرقية، بعث له بتلك البرقية، في أثناء الحرب العالمية الثانية، يرجوه الحضور، وقطع آلاف الكيلومترات لرؤية ذلك الحجر (العادي) !!
عادي ؟؟؟
عادي بالنسبة لكزانتزاكس، ولنا جميعا، لكنه لم يكن عاديا بالنسبة لزوربا.هذا هو الفارق بيننا وبينه، (روح الصوفي) التي تعمره، تجعله يحس بفتنة الأشياء المتجددة.


Post: #314
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-20-2008, 07:18 AM
Parent: #313


العويس..
العزاز..

يالهذا الزوربا...

كتاب غريب، بل هو حياة، تجري في صحفاته حياة رجل محب للحياة، مفتون بالحياة، ومشرق بها، زوربا شخص غارق في نشوة الحياة بقلب مترع بالذكريات والنزوات، يعرف الشروق والغروب، يعرف النعاج، وخصور النساء، يعرف الخمر، والفشل، يعرف الهزائم والانتصارات، روح مرت بتجارب وليس قراءات، مرت الحياة من فوقه وعبره، وفيه.. (لم يكن صدى الأحداث.. (بل كان التجربة) "مقولة بكور وعصام)..

من الايام الجميلة في حياة الفرد هي (قراءة زوربا)...
لن أنسى هذه الايام، أكانت اسبوع، أم أكثر، مثلك ياعزاز، كنت اتمهل، وأتلصص، وأضحك، وابكي، وبربك (أي جمال للقراءة أكثر من هذا)، بل كنت اضع الكتاب على صدري، ثم أسرح مع عوالمه، وكأنني البطل، ومرات أقارن نفسي به، وأحس بضآلة حياتي، وفراغها، وتجردها (أين التجسيد)، زوربا شخص عرف الحياة عبر التجربة، وليس القراءة والتنظير..

شخصية معادية (تعاديك برونق رؤيتها)، وسحرها..

لابد من زوربا، ياخي شجعتني الواحد يعيد القراءة، وعسى ان نقطف ثمار فهم ومحبة جديدة لهذا الانطوني كوين، لهذا العجوز المثابر، المخادع، الصعلوك، الحكيم، الولي...


نعود للقراءة.. والعود أحمد..



صباح الاحد 20/7/2008

Post: #315
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-20-2008, 07:34 AM
Parent: #314


-لكن ألا تؤمن بشيء إذن؟
-كلا، لا اؤمن بشيء، كم مرة يجب ان اقول لك ذلك؟ انني لا اؤمن بشيء، ولا بأي شخص، بل بزوربا وحده. ليس لان زوربا افضل من الاخرين. ليس ذلك مطلقا، مطلقا! انه بهيمه هو الاخر. لكنني اؤمن بزوربا لانه الوحيد الذي يقع تحت سلطتي، الوحيد الذي اعرفه وكل الاخرين انما هم اشباح. انني ارى بعينيه واسمع باذنيه، واهضم بأمعائه، وكل الاخري اقول لك، اشباح. عندما اموت انا، فكل شيء يموت. ان كل العالم الزوربي سينهار دفعة واحدة!

(من كتاب زوربا)...




...

Post: #316
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-20-2008, 06:26 PM
Parent: #315

الدودة التي تصير فراشة !!
ما أبهى هذا.الدودة التي تزحف ببطء قاتل على الأرض، أو على ورقة خضراء، تتفتق عن أجنحة ملونة، ولا تلبث أن تنفضها، وتشق طريقها إلى السماء، إلى الضوء، إلى .....الحرية !
ما أروع هذا الشعور.ليس شعور الطيران، والتحول إلى فراشة، إنه شعور النضال للإرتقاء، للصعود المضني الشاق.ليست المسألة متعلقة ببلوغ القمة، إنها تتعلق فقط بتجشم تلك المسافة القاسية إلى الأعلى.
وتلك السمكة التي تبذل عمرها في محاولة الطيران.
أليس كلّ ذلك حياة (روحية) باذخة وعريضة؟
كم تشبه تلك الفراشة..(الحلاج) مثلا، ثم أنها (تحترق) عشقا !!
يا..الله !!

Post: #317
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-20-2008, 09:07 PM
Parent: #316

كرم الله وعزاز الله
قليلة هي الروايات التي تؤثر في المرء كلّ هذا التأثير، والشخوص التي تحفر عميقا في الروح.
زوربا من هذه الخلاصة.
علاقتي به، راحت تنسج على منوالها الخاص.أعود إليها كلّ فترة، لأتزود من هذه الروح الإنسانية الجبارة، الفطرية العفوية الصاخبة إلى أقصى حدود الصخب.
زوربا لم يعش في الهامش.كان هو قلب الحياة.الحياة تنبض في داخله، وهو مشرّع الدواخل تماما للانقضاض عليها، وتذوّقها، ولمسها بأطراف أنامله.
يا الله، قطع أصبعه !!
ورقصه حول النار.
حين يشويان اللحم على الجمر، قرب البحر، ويشربان إلى الثمالة، ثم يمضي زوربا يرقص رقصته الشهيرة.
كم تمنيت أن أرقص مثله، متحررا من كلّ شيء، وملقيا كلّ شيء وراء ظهري.
هذه تحديدا أسرار زوربا الكبرى.هذه مأثرته الكبرى، فهو لم يخش نفسه، وراح يحيا حياة حقيقية تماما.
كيف يمكن للإنسان أن يكون متصالحا مع ذاته إلى هذا الحد.
حين راح يواسي الأرملة ويشفق عليها..بكيت.
وحين مات.
وحين واجها – معا – خسائر في العمل.
وضحكت.ضحكت حين لخّص فلسفته عن الآلهة المعنية باسعاد النساء.ذلك الإله الذي تعب من إرضاء النساء الوحيدات حتى أصابه السعال وتهدمت روحه، وجسده، ثم مات.
وحين راح يخاطب ذاك الروسي بلغة الرقص !!
لغة الرقص ؟؟
كلّ منا يتوق أن يعيش لحظة في حياته..زوربا تماما.
زوربا يعني العري التام.

Post: #318
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-20-2008, 09:43 PM
Parent: #317


بِالسرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم
وَكَذا دِماءُ العاشِقينَ تُباحُ
(السهروردي)


أحيانا، لا يكون في الدنيا سوى الظلام.
ظلام، لا تدرك كنهه.ينبعث من أعماق روحك المكسورة.يجذبك إلى دائرته، فتكاد تغمس فرشاة روحاتك في سوادها، لترسم تفاصيل العمر - سوداء - على كل المساحات.
مثقلة للغاية هي الروح.وكئيبة.
هذا الإكتئاب الذي - ربما - دعا فرانسيسكو غويا - وكم أحبه - لتتسم لوحاته بكلّ تلك السوداوية المرة.
هل لأن الحياة ذاتها مرة إلى هذا الحد؟
هل لأنها بالنسبة إلى أيّ فنان، يتصف برهافة الحس البالغة هذه، لا تعدو أن تكون مسرحا عبثيا، كالذي دمغ به آرثر رامبو حياة البشر ؟!
...
أريد أن أرقص مذبوحا.
أريد أن أشعل نارا هائلة قرب البحر، مثل أليكسيس زوربا، وأرقص عاريا حولها.
أريد أن أصرخ، لا ليسمعني عمق هذا الكون المجهول، وروحه العظمى، بل..لأبكي نفسي.
..
أحيانا، هكذا فجأة، يشعل الحزن السحيق أعماقنا، ويسحق أرواحنا.
حزن، لا بداية له ولا نهاية.
ولا حتى علاج.
...
سيدي (الحلاج)
أحبك أكثر هذه الليلة.
ومجذوب تماما، ومحتاج إليك وإلى قطرات الدم التي تنقط من صليبك..على رأسي وقلبي مباشرة.
سيدي (الحلاج)
..
أموت إذا ذكرتك ثم أحيا ولولا ماء وصللك ما حييت

فأحيا بالمني وأموت شوقا فكم أحيا عليك وكم أموت

شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب وما رويت
..
سيدي (الحلاج)
فما نفد الشراب
فما نفد الشراب
فما نفد الشراب
..
سيدي
قريبا سأعتلي !



Post: #319
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-21-2008, 11:13 AM
Parent: #318


أود أن أرتاح قليلا من تعبي.
هذا التعب الذي يهد روحي.
هل لي أن أحزم حقائب روحي، وأتجه إلى جزيرة معزولة/مأهولة بالأطياف الصوفية، والديدان التي تتحول إلى فراشات، وأزهار اللوز، والنخل، والعشب الطري، والرمل، لأمكث أياما؟
متى يستريح الإنسان من كل هذه العذابات ؟
أليست الحياة بحد ذاتها، بقاءا مستمرا على الصليب ؟
الآن، أشعر بوخز المسامير على ساعديّ.مؤلم هو الشعور، حين يدقون المسمار على الساعد، فيروح ينزع اللحم، ويغوص ببطء وسط الأوردة والشرايين والأعصاب، وينبجس الدم.تسمع - بروحك - رأسه المدبب وهو يدق على العظام، ويفتتها ليمضي بعيدا ويثبتك إلى الخشب.
ثم يهبطون ليفعلوا الشيء ذاته في قدميك.
تسند رأسك المتعب على صدرك، وتتأمل - مدهوشا - قطرات الدم وهي تنقط على التراب - تحتك -، تتخيل أن زواج الدم بالتراب، سينجب أزهار العشق الحمراء.
ترفع رأسك ببطء، فتجد الناس تحلقوا حولك.مريدوك وأعداؤك الذين لا تسعهم الدنيا فرحا.
لك (شبليـ..ك)، أكبر المريدين، تطفر عيناه بالدمع، ويروح يسأل، وربما تجيبه بـ(الوضوء) !!
تسرح عيناك بعيدا، عبر السهول والجبال، كغيمة تتهادى فوق الفلاحين والرعاة، تمنحهم الحب، وتمضي، تشق طريقها إلى السماء.
تشق الحجب، وتسجد تحت العرش.
الدم يلون الأرض.
وهي، هناك، تخفي وجهها، لكنك لن تخطيء عينيها يوما.
كما عرفتهما دائما.
عينان ممتلئتان بالحياة والعشق.
هي اليوم، في اكتمال الحياة.
واكتمال الموت.
تعرف، أنه تبقت ساعات.تبكي بكاءا داخليا مرا، وأنت الوحيد الذي بمقدوره سماعها وهي تنتحب.
و(الشبلي) يفزع الجميع ببكائه.
الصليب: ساحة الرقص.
ساحة الرقص يا شبلي.
شي لله
شي لله
الجسد خفيف جدا، وكذا الروح.
هذا هو الاتحاد الحقيقي بينهما، المبني على الخفة لا الثقل.
ما الذي يذكرني الآن - وأنا على هيئتي هذه - بميلان كونديرا ؟
فلأغنّ إذن لمريديّ أغنيتي الأخيرة.
فلقد تعب مني الجناح.
اقتلوني يا ثقاتي
إن في قتلي حياتي !!!

Post: #320
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-21-2008, 04:28 PM
Parent: #317


العويس...
وربي أصبت كبد الحقيقة..

Quote: زوربا يعني العري التام.



ياعويس، حين تفرض (الكتابة)، شرطها، وسرها،ألا تحس (بذاك التعري)، العجيب، من لبوس ووعي وتقاليد، وصرامة، وقيود..


متى ياكرام الحي، عيني تراكمو متى...
حيث لا حيث، وعند لا عند..


يالها من رقصة شهيرة، تلك التي رقصها زوربا... تكاد دقات قدمه ترن في سموات المريخ، وزحل، والقلب..

طق طق طق... ثملا، وأي سكر هو... انعتاق كبير، لذهن كبير، وقلب أكبر..


حقا..

Quote: زوربا يعني العري التام.


المحبة الزايدة...

Post: #321
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-22-2008, 02:01 PM
Parent: #320

سأعود

Post: #322
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: داليا حافظ
Date: 07-22-2008, 02:16 PM
Parent: #321

Quote: ياعويس، حين تفرض (الكتابة)، شرطها، وسرها،ألا تحس (بذاك التعري)، العجيب، من لبوس ووعي وتقاليد، وصرامة، وقيود..


متى ياكرام الحي، عيني تراكمو متى...
حيث لا حيث، وعند لا عند..




أتدري يا خالد ...ناديه مرة اخرى بالله عليك



نحتاجه المجنون لعله يبعثر الفضيحة حيث لا فضيحة



أو لربما يجئ عند مشارف المسافة ...حيث لا مسافة ..ولا قطيعة ....



خالص ودي


Post: #323
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 07-22-2008, 07:13 PM

إعلان مدفوع الأجر

مشتر يبحث عن فضاء مطل على بحر، سقف في الجوار و بعض متاع. بأي سعر. الوسطاء يمتنعون.
____________

كم اتمنى لو كان لي جناحين أو سجادة سحرية أو حذاء مسحور ينقلني فورا للمطلوب أعلاه... ولكن، وكما هي عادة لكن استدراك مؤلم، أنا مجرد انسان معلب في جسد مشدود للأرض .. أرض محبوسة مثلي في مدار، تحمل بحارا و جبالا و مجانين محبوسون جميعنا في مدارات، زنزانة داخل أخرها، صندوق يحوي صندوق، هكذا نحن، رهن الجدران، الخطوط و الحدود، المرئية و غير المرئية! خرائطنا نكتة! من مشى بمحاذاة الخطوط المتعرجة التي كنت اقضي ساعات من طفولتي ارسمها على ورق شفاف؟ لما لم ترسم الدول مربعات و مثلثات؟ لم نرهق زمنا في متابعة خط مهمل لا يبرز إلا في إطلاق النار و تشب البنادق للذود عنه! أي خطوط منها نحن؟

هذه الخطوط اللعينة انجبت وثائق سفر ألعن، تقتات على تأشيرات عبور و تقيدني حتى في أبسط صور الطيران، السفر، صندوق آخر في دكان الصناديق. كم صندوق حتى الآن؟ جسدي.. جنسي .. جنسيتي ... آه .. نسيت، لوني! ظرف آخر قد ينقلني من صندوق بني لشوال سكر فارغ، مثله مثل الدين ... فبحسب السجان أصنف، قد أكون إرهابية للبعض، أخت في الآسلام للبعض، وقد يمصمص البعض شفاه في ترقب... شيلا صديقتي، انسانة للبعض، يهودية عدوة للبعض، فتاة جيدة للبعض لو تركت صداقة هؤلاء (نحن بالطبع!) ... ماذا تبقى من قائمة (الصناديق)الأغلال؟ استأنستنا هذه الصناديق و بتنا دواجن نرتدي ربطات العنق و الفساتين، موهومين بأننا احرار! هه! كالمساجين هناك، حيث (الحرية) يطلق سراحهم بشروط و تربط في اقدامهم اجهزة تطن متى ما تعدوا الحدود .. نحن كذلك، ولكن بعض الحدود أضيق من ان ترسم، و سيطن جهازك باستمرار ... نخرج للصندوق الكبير من صنودق أصغر، داخل صندوق أكبر، رحم في جوف أمراة تترقب، لدنيا كبيرة تجهل مجيئك حتى تغادرها، فرحيلك عنها إليها، فتعلم انك جئت يوما يوما تضمك في صندوقك الأخير!

ترى ماذا سيحدث لو قدنا ثورة ضد الصناديق! بأي صندوق نبدأ؟ هل سنهزم كل الصناديق؟ ام سينشق البعض منا نصرة للصناديق؟ أم سنخشى الفراغ و خفته فقد اعتدنا ثقل الصناديق ... هل سنعود يوما منكسرين نبحث في الاشلاء عنها؟ و نبكي إليها عقوعنا و حجودنا؟ ام سنرقص يوم النصر خفافا و نشعل نارا في أكوام الصناديق؟

لا أخفيكم سرا، احب صناديقي، ألفت صناديقي، لا أعلم وطنا غير صناديقي... اسحب كل هلوستي السابقة، سأكدس صناديقيو صناديق من أعرفهم، لا أريد فكاكا منها، فبالصناديق سأميز .. أخشى الانصهار في بحر من الأجساد الحرة و مشاهد قيامة مبكرة لم أستعد لها بعد... امن أجل هذا للدفن طقوس؟ و للبعث طقوس، و البرزخ دورة تدريبية للتحرر من هذه الصناديق؟
كيف كنت لو كان الكون اكثر انفتاحا منه الآن؟ أكنا سننبت كالزهر على أطراف الأنهار؟ أكنا سننثر بذورا في المزارع تسقينا مياه الأمطار و ننموا تحت الشمس، لا مهد ولا رضاعة ولا أحضان ولا تطعيمات ضد الامراض؟ كيف كنا سنصنف؟ استوائين، بيئة مطرية، صحراء؟ تبا! عدنا للصناديق مجددا! ترى اكنا سنعبد غير الأرض؟ أكنا سنتقاتل في الحروب، أم سنبر بالأم الكبرى، و سنحب بعضا بعضا كالأخوة؟ هل كنا سنحن للعودة للرحم الأول، باطن الارض؟ أعتقد انها نهاية منطقية أكثر من واقعنا الآن، فوقع الأقدام مزعج لنا هناك، في جوف الأرض، لم نعتد الظلمة، و هذا الصندوق يشعرنا بالضيق مع انها أرحب من الجلد!

نعود للإعلان،
أبحث عن فضاء يا أصدقائي، فضاء ... أرض و سماء ... أريد أن أمشي حتى أتعب، لا أريد أن التفت لمراقبة السيارات ولا انتظار اليد البيضاء لتؤذنني بالسير، لا أريد الانتظار في صفوف المترون و الركض كالمعتوهين من رصيف لآخر، لا اردي ان انعطف يمينا أو يسارا، أو ان اعتذر لمرا بجانبي إن تلكئت في السير... مللت كل طقوس التعايش مع مجموعة المساجين الذين يشاركونني هذه الزنزانة الكبيرة، و ترجمت على جان جاك روسو فقد عرف الانسان جيدا، فقد ولد حرا و قيدته المدنية... أريد ان اكل بحسب ساعات جسمي، و انام بحسب التعب، و توقظني قرصة الجوع أبدأ مشوار اليوم من جديد.. هل ذكرت لكم بأني احتاج إلى سقف؟ هو حنين إلى الصناديق، اجتاج حدا ما، خطا مستقيما يفصل شيئين، لا يكفي الأفق البعيد، ولا خط الموج، أريد خطا فاصلا بيني و بين السماء!

السماء التي لا اعرفها جيدا، تقلقني، أخشاها و تطمئني، السماء البعيدة عني، اعرفها من البعد، كصديق بالمراسلة، راسلتني مرارا، وراسلت جدودي و السابقين، زخات المطر إحدى الرسائل، ترطب روحي، تهدهني وقت القلق... أشعر برغبة غريبة في البكاء وقت المطر! لا اعلم لماذا و لكني اشعر برغبة ما مشاركة السماء البكاء، لا يمكنني ان أربت بيدي عليها، ولا أن أخذ رأسها بين يدي، ولا ان اشكرها، ولكني استعير منها الفعل، و المطر عندي بكاء، و دموعي مطر من روحي ....

......

انتهى...

Post: #324
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-23-2008, 06:35 AM
Parent: #323


العزيزة عزاز..

يارب بمنو نبدأ، ربنسون كرزو، أم الرسام بول غوغان، أم بشر الحافي، وكلهم اشتكوا من همك هذا، مثل بصير المعرى، هل يأبق الإنسان من ملك ربه، ويخرج من أرض له وسماء، ليس تساؤل، بل رغبة كامنة في قلب ابي العلاء..

الرسام بول غوغان، هرب من باريس، من الموضة والجمال والحضارة، إلى جزيرة عذراء، تتداخل فيها الاساطير مع الطبيعة مع الإنهار مع النساء، كلها لوحة واحدة وحية، يصحو مع حرارة الشمس، ودفء صوت الحياة من عصافير وحشرات وموج، ويظل يتسكع بين الاشجار الفوضية، التي زرعتها حكمة الطبعية، حيث تشاء، فلا منجل، ولا كوريك، ولا جدول، شكلتها الطبعية، كما شكلت النيل والامازون، ثم يرنو بصرة للسمروات العاريات، وهن هادئات، لم تطمس العملية والحرص النفوس، والعلاقة مع الطبعية كانت في اسمى حالتها..

(لا تفعل شئ، أصمت، الفجر آت، والعشب ينمو بمفرده)... إنها قصائد الطبيعة، التي رأها رأي العين، ورسم ورسم ورسم ورسم.. نساء عاريات، نساء جالسات، نساء يزرعن، وأخريات يتسامرن..

ارتاد قلب الطبيعة، وعلاقتنا الأزلية معها.. ولكنه لم يكن وحده (كما ترغبين)...
أم سيدنا بشر الحافي، فقد ضاق من بغداد واسواق بغداد، وحياة (القطيع)... وفر بجلده للخلاء، (الفرد المستغني عن المجتمع)، قيل بأن الشيخ عبدالقادر الجيلاني سكن خرائب بغداد، عام يأكل ولا يشرب، وعام يشرب ولا يأكل، وعام لا يأكل ولا يشرب، حتى (رآى رجال الغيب)، وعاش بقوت الفكر، والمحبة، وهي القوت الحقيقي، لا المجاز....

ياخي المجتمع ؟؟؟.....
خلوة القبر أفضل الخلوات، هكذا يقول النابلسي..

الإنسان كائن مكتفي بذاته، (لم أظهر في شئ كظهوري في الإنسان)...

الكتابة...(إليست عالم بديل، وفنان، وحالم)..
الخواطر (أليست عالم بديل، وفنان..)..
الذكرى (أليست عالم بديل)..
الرغبة.. الأمل...(أليتس عوالم بديلة)، لهذه الماثلة..

العيش في قلب الوقت (لا أمس من عمر الزمان ولا غد، جمع الزمان فكان يوم لقاك)..

تروادني فكرة الأرض العذراء، والحلم الواقعي، والفردية، والفرد.. (براااااااااااااي)...

ربنسون كروز، حين رجع لبريطانيا، حن لجزيرته، وحلمه، وعالمه... مكتفيا بذاته.. عن سواه..

الأرض العذراء....

Post: #325
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-23-2008, 09:16 AM
Parent: #324


كلما ازداد شعورنا بتقدمنا في مجال الديمومة المحضة، ازداد إحساسنا بتداخل أقسام وجودنا المختلفة، وبتركيز شخصيتنا كلها في نقطة واحدة أو قل إذا شئت في حدّ يندمج في المستقبل ويقرضه دون انقطاع.ذلك هو قوام الحياة الحرة وقوام الفعل الحر.
(هنري بيرغسون)
الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولا بلبس العباء
(سفيان الثوري)
ولما ادعيت الحبّ قالت كذبتني
فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا
فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا
وتذبل حتى لا تجيب المناديا
وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى
سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
(الجنيد)
الزمن هو قوس متجذر في الأزل، في أصله وفي آخره، لكنه يبلغ القمة في ذاكرة المتصوف وعقله.
(سهل بن عبدالله التستري)
أنا النقطة في أسفل الباء
(الشبلي)
....
وأيّ نقطة أنا، وأيّ نقطة أنت يا كرم الله، وأيّ نقطة هي عزاز ؟
والنقاط كلّها، تعود إلى النقطة البدئية.ونحن مغلولون إلى أسئلتنا وقلقنا.فيم تكمن الإجابات ؟ بتقدمنا في مجال (الديمومة المحضة) أم في (قوس الزمن) المشدود على أرواحنا ؟
كلّ ذلك ألم.
فالذي يعرف والذي لا يعرف، كلاهما يقاسيان الألم.
والذي يعشق، والذي لا يعشق، كلاهما يعانيان الوجع.
والكتابة عذاب.والقراءة عذاب أكبر.
طواسين القراءة والكتابة والمكان:
إنها فوضى بامتياز !
"غراميات" كونديرا المرحة، وخفة كائنه ذاك،توماس أو تريزا، أو غيرها من الفتيات اللواتي عبرن حياته.خفته المحتملة على نحو ما، وصداع سبينوزا،ونبشه في الأسفار القديمة، والعهد الجديد. ودماء الحلاج، وأفكار ابن عربي، والتبغ، الكثير من التبغ، و..أنا !
إباحية مورافيا، وجنون ماركيز، قرب منامتي. ودريدا وفوكو، ونسخة من الإنجيل، وأخرى من القرآن، ومؤلفات عن بوذا.
وجلال الدين الرومي، ولاكاش، ولودفيغ فينغشتاين !
المدينة لا تحتمل كلّ ذلك.
المدينة لا تبالي لكلّ الهراء الذي أنتجه العقل البشري، منذ ما بعد العصر الحجري، إلى اليوم "الحجري" !
بيتي الصغير يحتمل كلّ هذا العذاب.والعذاب الحقيقي، الذي دوخني كلّ ليلة، طلية ثمانية أشهر، هو لويس أراغون !
لعنته طوال الشهور الماضية.كنت ألعنه كلّ ليلة.لكني لم أستطع أن أفكّ نفسي من إساره.وعلى نحو خاص، راقني رأيه حول الرواية، والفنّ بشكل عام.إن لم يكن ينطوي على تعقيد ما، وتركيب ما، فهو تفاهة تماثل تفاهة هذه المدينة وانحطاطها.
أما بارغاس يوسا وبورخيس، فهما محطوطان في المكان، واللا مكان.في كلّ ركن.
خبز مؤلم.كلّه، خبز مؤلم، لكنه، هو تحديدا:حياتي !
وهي ليست مهمة لأحد، حتى بالنسبة لي.صحيح، تبدو لي مهمة في بعض الأحيان، حين أعكف على الكتابة، وأحسّ بذلك الوجع اللذيذ في أعماقي.لكن، وبمجرد أن أستغرق قليلا، ثم أعود لأقرأ البدايات، يتضح لي أن ذلك كله هراء لا يضاهيه هراء !
منذ عشر سنوات لم أكتب شيئا ذا قيمة، على الأقل بالنسبة لنفسي.مزقت كلّ ما كتبته.في الحقيقة، منذ اللحظة التي غادرت هناك إلى هنا، عاجز عن العثور على تلك الومضة التي تنبثق فجأة، لتستحيل بعدها الحياة إلى متعة لا تضاهى، وعذاب ليس له مثيل.
من يناقشك هنا ؟
من يناقش أناشيد نيرودا، وجموح لوركا وفطرته الإسبانية الصقيلة ؟
ضحكت حتى دمعت عيناي على كزانتزاكي، وجنون صديقه الذي مات في النهاية، بعد أن شبع من الدنيا، هو والإله "زوس"، الحاني على النساء !
وبكيت حتى الشقاء لسحر روحه الفطرية التي لم يصقلها شيء، فظلت كحصان بري فالت.
الحياة، ومضة، سرعان ما تنطفيء.لكنها، هنا بالذات، أكثر وضاعة من أيّ مكان آخر.مملة على نحو باعث على الانتحار.
المدينة، معسكر كبير و"فخم" للعمال، مسيّجة ببحر منطفيء شاحب، وصحراء ساذجة، لا أساطير فيها، ولا غموض.ليس فيها ثمّة ما يسحر، ذلك العمق السحيق الذي يطلّ من عيون المدن.عيناها، عينا صبية طائشة، وكفاها شديدا النعومة.
صباحاتها كمساءاتها، لا شيء يذكر.يومها، كأمسها، وأجزم:كغدها !
ليس ثمّة ما تقدمه سوى متع سخيفة سطحية.أستعيض بالقهوة عن المطر ليبلل عروقي.
المدينة ليس فيها لا مجانين ولا متسولين ولا نمل !
لعنة الله على مدن كهذه.تفقدك صوابك تماما، وتسلمك إلى حالة من الرتابة القاتلة.
منذ عشرة أعوام، أنا محشور في هذا الركن المظلم من العالم.تتغرغر في أعماقي رائحة النفط.يسيل إلى كلّ خلية، ويستوطنها.
المدينة نظيفة، وهذا مؤلم.مؤلم على نحو ما.ولا تهيم فيها القطط، ولا الكلاب.المدينة منظمة جدا.ولعل هذا هو سبب البلوى.منظمة كقبر !
ما عدت أشمّ.ما عدت أميز الروائح !
هنا: ليس سوى "تلك الرائحة"، وفخاخها !
ما من "عطر صندل" يفوح كالربيع، ولا "خُمرة" تضوّع جسد أنثى مليحة، تترك الشارع بأكمله ناعسا ودائخا، ولا رائحة النهر تلك، التي تحوي رائحة الأسلاف، ورائحة الرضّع.النهر:الطفل.النهر :الجد.
ما من "برسيم" تعبره الريح، لتحمل منه رائحة الحياة، ورائحة القرية.
حتى رائحة أمّي، ما عدت أميزها هنا.
...
...
والعشق يا كرم الله !
العشق يا عزاز !
في كلّ هذا الجدب، ينبثق كفانوس سحري، ويضيء القلب.
أهي العزلة الدافعة التي تيقظ حواس الروح ومجساتها، حين تفتقد نشوتها الفطرية – هناك – فتتلوى عذابا، وتطرح نفسها عند قدمي العشق ؟
أم هو الحنين، بوخزاته المرة، ونكشه الروح ؟
وهذا كلّه يجمّع قطرات الندى على أطراف الروح، فيبللها.
سقوني وقالوا: لا تغنّ ولو سقوا جبال حنين ما سُقيت لغنت
(ابن غانم المقدسي – الأندلسي)
كيف يا كرم الله من سقي لا يغني ؟
إذا ذكرتك كاد الشوق يتلفني
وغفلتي عنك أحزان وأوجاع
(الحلاج)


Post: #326
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-23-2008, 09:37 AM
Parent: #325


يا عزاز
ما هذا كله ؟
"ظلمات بعضها فوق بعض"
هذا وجع بوسعي أن أسميه "آسرا".
قلق البدايات/النهايات التي تقود من متاهة إلى أخرى.
والروح نازفة إلى أقصى حد.
وما العلاج ؟
نحن، نتخبط في المتاهة بحثا عن ضوء ما: تارة بالتشبث بالعقل، وتارة أخرى بالروح، بالقراءة، بالكتابة، بالموسيقى، بالعشق، بالبحر، بالسماء، بالحنين.
هل هذا يجدي ؟

Post: #327
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 07-23-2008, 09:43 AM
Parent: #326



Quote: ولما ادعيت الحبّ قالت كذبتني
فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا
فما الحب حتى يلصق القلب بالحشا
وتذبل حتى لا تجيب المناديا
وتنحل حتى لا يبقي لك الهوى
سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
(الجنيد)



ياله من برهان صعب...

Post: #328
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-23-2008, 09:53 AM
Parent: #327

Quote: كيف كنت لو كان الكون اكثر انفتاحا منه الآن؟ أكنا سننبت كالزهر على أطراف الأنهار؟ أكنا سننثر بذورا في المزارع تسقينا مياه الأمطار و ننموا تحت الشمس، لا مهد ولا رضاعة ولا أحضان ولا تطعيمات ضد الامراض؟


يا له من نزف وحنين وقلق !!

Post: #329
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-23-2008, 01:59 PM
Parent: #328

عزاز

من "النطفة" يبدأ هذا الأسر/اللا أسر.
يستحثه الحبل السري على مزيد من الاستحكام.
وتبدأ "أرضيتنا" المفرطة الموجعة.
وهناك في عمق "السر" المخبوء يولد التوق اللا نهائي لـ"الانعتاق"
قوة تشدنا إلى الأرض، إلى الطين، إلى "الصندوق"، يسيجها أفق عتيق، وربما غير مستحب.
وقوة أخرى، تنبع من ما قبل النطفة..من، ربما ذلك العدم البدئي، أو الانعتاق الأول، أو "السر"، تصوّب أبصارنا الروحية نحو الانعتاق.
الانعتاق الذي لا أفق له، ولا حدود.
هاتان قوتان تتنازعانا.
ها نحن نعود إلى نقاشناالذي كان مبتدأه وحافزه الروح أم العقل.
ها نحن نقف تارة أخرى على حافة الهاوية ذاتها، صارخين من أغلالنا، وصارخين - أيضا - من انعتاقنا الجزئي.

Post: #330
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-23-2008, 02:21 PM
Parent: #329


كرم الله
خطر لي سؤال
هل ترى، العذاب الروحي بدأ باختراع الملابس وكل ما تمثله من رمزية ؟!
لماذا هو زوربا عار إلى تلك الدرجة، وقريبا منه وإليه ؟
هل بمقدورنا أن نتعرى ؟


Post: #331
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-26-2008, 11:19 AM
Parent: #330

فوق

Post: #332
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-28-2008, 06:37 AM
Parent: #331


لبيك، لبيك، ياسري ونجوائي
لبيك، لبيك، ياقصدي ومعنائي

أدعوك بل أنت تدعوني إليك فهل
ناديت إياك أم ناديت إيائي؟

ياعين عين وجودي يا مدى هممي
يا منطقي وعباراتي وايمائي

يا كل كلي، يا سمعي ويا بصري
يا جملتي وتباعيضي واجزائي

يا كل كلي، وكل الكل ملتبس
وكل كلك ملبوس بمعنائي

يا من به علقت روحي فقد تلفت
وجداً فصرت رهينا تحت أهوائي

أبكي على شجني من فرقتي وطني
طوعاً، ويسعدني بالنوح أعدائي

أدنو فيبعدني خوفي فيقلقني
شوق تمكن في مكنون أحشائي

فكيف أصنع في رحب كلفت به؟
مولاي، قد مل من سقمي أطبائي


قالوا تداو به منه ، فقلت لهم:
يا قوم ، هل يتداوى الداء بالداء

حبي لمولاي أضناني وأسقمني
فكيف أشكو الى مولاي مولائي

إني لأرمقه والقلب يعرفه
فما يترجم عنه غير ايحائي

يا ويح روحي من روحي، فوا أسفي
على مني فإني اصل بلوائي

كأنني غرق تبدو أنامله
تغوثاً وهو في بحر من الماء

وليس يعلم ما لاقيت من أحد
الا الذي حل مني في سويدائي

ذاك العليم بما لاقيت من دنف
وفي مشيئته موتي وإحيائي

يا غاية السؤل والمأمول يا سكني
ياعيش روحي، يا ديني ودنيائي

قل لي- فديتك- يا سمعي ويا بصري
لم ذل اللجاجة في بعد واقصائي

إن كنت بالغيب عن عيني محتجباً
فالقلب يرعاك في الإبعاد والنائي
(الحلاج)

يا عبدالغني: حظر الإله حرامها وأنا اجتنبت حلالها!!

Post: #333
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 07-28-2008, 06:39 AM
Parent: #330

العويس...

سلام سلام، ومحبتي...

Quote: هل ترى، العذاب الروحي بدأ باختراع الملابس وكل ما تمثله من رمزية


لاشك...

كانت ورقة التوت.. هي الفيصل..
بين سيرة...
وسريرة..

بين القلب والعقل..

لنا عودة.. فالموضوع شيق وكبيير..

Post: #334
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: حامد بخيت الشريف
Date: 07-28-2008, 10:57 AM


2007-12-28 الضائع الذي انا / حامد بخيت

قالت: ما اسمك؟
قلت: سواد مشوه
قالت : غير ان خط البراءة بوجهك قد خبا
قلت: ضاع في ابواق الغجر
قالت : والدم المسفوح ، افلا يذكرك الموتى ؟
قلت: تباً لهم لم يكونوا الا لعنة الأحياء
قالت: وانت لا تعرف غير وجه واحد للشوق !
قلت: انجرفت في رغائبي فلم أكنها وبكيت ، انا لعنة المدينة الوحيدة ، انا الضائع ، انا بذور العار،
ابي متشرب في عتمة كالحة ، يبدأ نهاره دائماً بالبحث عن لحاء الأشجار ، لينمقة ويجيده صنعاً حبال من الصبر والقهر اشد قوة من تلكم التي اقتيد بها أجداده القدامي حين أوفدوا عبيداً لسيدنا – عفواً سيدهم – فأنا تعرفت على نفسي متمرداً على كل شئ – ربما حتى على رغائبي ، ولم لا ووالدي كان جحيمي ومأساتي ، لو لم يعبر ليلته تلك ناصية مخيمات الغجر ، لما رأته الغجرية ذات الرداء المهتري والتى كانت تحيكه بإهمال لا يعني سوي ضعف خبرتها بذلك- يبدو انني انحرف شيئاً ما عن جادة الأمر اذ لا يجدر بي ان اصف هذه الأنثي بهكذا وصف – ربما كان بإمكاني ذلك ان لم تكن هي امي ، ولكنا دائماً ما نعمى عن الحقيقة حين اتصالها بنا – لا بأس إذن ولا يعنيني من الأمر من كانت ومن ستكون؟ على الأقل سافضحهما – اعني امي وأبي كونهما لم يفكرا اوان نزوتهما فيما ان كنت سأنطلق صوب الجحيم او النعيم . ترى هل من نعيم ننتظره؟.
عادة ما يخرج والدي باكراً كما قلت لكم غير انه خرج يومها بعد غروب الشمس لم يكن يجدر به ان يخرج حينها ولكنه اختار المخاطر وعليه ان يتحمل اذن ، حمل ادواته وخرج وحين مر جوار مخيم الغجر – هؤلاء الغجر طبعاً لم يكونوا من بلادنا ولم يكن من احد يعرف لهم اصلاً ، الغجرية والتي هي امي ، كانت تحيك ردائها الممزق حين رأت والدي وتغنت بإسمه: ياخمري السوداء ، ياتيساً يجئ علي البياض فيزدريه , كانت المرة الأولي تماماً لأبي حين جرّب اعضاءه فسقطت اثرذاك .
قالت: صوتك ، ان لم يكن للهناءة مات ، الغجر لا يموتون الا حين يصمت بوقهم ، وصوتك مرفأ الأنوار ، انت وحدك ، تكسرت قوالب صنعك بعد خروجك لنا .
كنت اعرف انني لا أشبه احداً ولا احد يشبهني ، ربما ضيعتني ملامحي التي لم اضيع ، قالت جدتي: انت اللعنه اذ ان صراخك ما حدا بأبيك الي الهرب ، لا احد يعرف اين ولماذا ولكني اعرف ، انت اذن شفرة الموت ، فأخرج وإلا عمدناك لعنةً للغجر هم لم يعرفوا الموت او التفرق قبلك .
هكذا باعد الغجر بيني وبينهم ، لم اكن شجاعاً بما يكفي ، والا لكنت اخترت طريقاً لا يقابلني بأحد .
قالت: وانت لم تقابلني بل انا التي فعلت ربما لأني تخيّرت ذات طريقك ولم اكن اعلم انك هنا ، غجري مشرب بسواد باهت ، ترى صديقي ان الغجرهم من كانوا لعنتك. ضيعوك فلم تكن الا غناءاً منكسراً وظهيرة لاتعرف الشمس طريقاً لها . انا ضائعه ولكني املك ضياعي ، وانت الضياع الذي ينتظرني انا الغزالة اذاً وانت صائدي ، معاً لا مكان يشرينا للبقاء الا دفئك وانا يقتلني البرد فهلم .
شهدت غابة الأحزان اول ضحكاتنا ، وتغنت ، كانت هي المرة الأولي التي تعرفت الغابة فيها علي اغنيات الدموع ، ولعنتي الأخري تعرف نزوعي للخوف ، وهي لا تأبه



انتهت

Post: #335
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-29-2008, 05:07 AM
Parent: #334


حامد
لطالما كانت (عوالم) الغجر مغرية لي.كنت أرى حريتهم نعيما وجنة، وتنقلهم المستقر، حلما يتحقق بالانعتاق.وقريبا منهم، من عوالمهم، أحببت أيما حب، الشاعر الإسباني، فدريركو غارثيا لوركا.
هذا ما كتبته سابقا:

علي الارض العارية، وفي تعرجات الجبال وحوافها المنحدرة، وقرب شواطئ الانهار، تدب قوافل الغجر في مسير لا يتوقف، مسير تتبين فيه معني الانعتاق من اي رابط بزمان او مكان، انها الحرية التي تلهب خيال فنان مثل لوركا، وفي حلبات مصارعة الثيران تدور رحي حرب بين قوة البدن وقوي الانسان الذي يقف علي حافة الموت، وهناك ايضا، في ارض اسبانيا ينتشي الناس بالفلامنكو، هناك في تلك الارض التي تستقبل موسيقي الغجر بنشوة حقيقية، وتخضب ارضها دماء الانسان الذي يتحدي الموت رافعا شارة التحدي الحمراء ، الارض التي تبدع الفلامنكو، وتورق الاقاحي، وتتفجر بكم هائل من التراث العميق، الذي اورث شعورا هائلا بالفن والجمال، هناك في تلك الارض، ولد فيدريركو غارثيا لوركا في 1898م.
استوحي عوالمه الشعرية من الترانيم والحكايات القروية في ريف اسبانيا، ومن عوالم الغجر الغامضة ومن التشابك اللذيذ لجملة حضارات، كان كمعظم الفنانين، ثائرا متمردا علي الانماط التقليدية والسير في درب رسمه الاسلاف للحياة الآتية، هجر لوركا قاعات الدرس بجامعة غرناطة ليتجول في الشوارع، يلعب علي الغيتار ويصادق الشعراء ويحاول ان يؤلف للمسرح، ويجد في كل ذلك متعة لا تضاهي، وربما كان غارثيا لوركا كالاديب السوداني الراحل البروفسير علي المك، ميالا الي مخالطة البسطاء بل ومصادقتهم، فهو يري - كعلي المك - ابعادا انسانية غائرة، وحين مات احد اولئك الاصدقاء في حلبة مصارعة الثيران وهو اغناثيو ميخياس سانشيز كتب لوركا واحدة من اروع بكائياته وهي التي يبتدرها بالابيات:
الموت منتصر في النهاية
والثور وحده جذلان القلب!

وربما كانت هذه المرثية من اكثر اعمال لوركا نضجا واحساسا فنيا وانسانيا صادقا، مبعثها العامل المأساوي لوفاة صديق جعله يحلق في سماوات فنية شفيفة:
سيمر زمن طويل ليولد،، ان ولد
اندلسي بهذا الصفاء، وهذا الغني في المغامرة
..

وسأرحل بعيدا جدا
ابعد من هذه التلال
ابعد من هذه البحار
وادنو من النجوم
لأسأل يسوع
ان يعيد لي روح طفولتي الغابرة
نشوي بالاساطير
والقبعة ذات الريش
والسيف الخشبي

...

تتقلد الثيران
جلاجل ضخمة من الفضة
اين ترحلين يا صغيرتي
يا بنت الشمس والثلج!

آه ان موضوع الثيران وحلبات المصارعة يبدو شيئا مثيرا وقابعا في ثنايا ذاكرته، ثم ما صلة الشمس والثلج! انها تلك البلاد التي تحيا علي تضاد غريب، ورغبة عارمة في رسم فسيفسائها علي نسق مغاير:

نهر الوادي الكبير
ينساب بين اشجار البرتقال والليمون
نهرا غرناطة
ينحدران من الثلج الي القمح

ان لوركا، ينساب هو الآخر الي احضان الطبيعة الاسبانية، التي تشبه انثي حامية، جميلة، لكن لوركا لا يتذوق متعها الحسية فحسب، انما يستلهم من حسنها فنا يطرز به القناديل علي قبة سماوات شعره، وفي قصيدته الغيتار يتحدث عنه:

يبكي اشياء نائية
رمال الجنوب الحار
التي تسأل عن الزنابق البيض
يبكي سهما بلا هدف
امساء بلا اصباح
واول عصفور مات
علي غصن
ايها الغيتار
القلب جرحته
سيوف خمسة

لوركا يفصح عن مكامن عميقة، واشياء تترابط ببعضها في ذاكرة المرء، عبر يقظة فنية تتبع كشوفات اخري، تعريف آخر لدغدغة الغيتار تهويمات وجدانية ونفسية تنثال من فضاء يصنعه هو، يثير اشياء يوقظها من سباتها، اندلاق صوته وهو يسكب روعته علي الاشياء ويفيض بحزن غامض، قصيدة اخري قرية تتجلي فيها روعة التصاوير والاوصاف المختزلة وهو طابع يميز لوركا :

علي الجبل الاجرد
طريق الجلجلة
ماء صاف
وزيتونات عمرت القرون
في الازمة رجال ذو معاطف
وعلي الابراج
تدور الطواحين
تدور الي الابد
ايتها القرية الضائعة
في اندلس النحيب
وفي رحلة يقول:
مائة فارس في ثياب الحداد
اين هم راحلون
تحت واطئ سماء
بيارة البرتقال؟
لن يصلوا
لا إلي قرطبة ولا الي اشبيلية
ولا الي غرناطة المتنهدة علي البحر
هذه الجياد الغافية
تمضي بهم
الي متاهة المصلبات
حيث ترتجف الاغنية



جريدة (الزمان) العدد 1241 التاريخ 22- 6- 2002



Post: #336
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 07-29-2008, 06:34 AM
Parent: #335



الحامد....


صباحك منور، مع عوالمكم الغرائبية الواقعية، فالواقع أعجب من الخيال وأغرب..
حباك الله ببيئة اسطورية تكتظ بها العين ويعيشها القلب..

Quote: ولكني اعرف ، انت اذن شفرة الموت ، فأخرج وإلا عمدناك لعنةً للغجر هم لم يعرفوا الموت او التفرق قبلك



عارف ياحامد عوالمك دي بس تصويرها يكفي.... فهي العجب العجاب، ...

يااااااااالله..

كن بخير، فقد غسلت ضباب العادة، بغرابة الحكي..




فالصباح الصباح ياجمال الهموم.. ياود حامد والشابي معا..

Post: #337
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 07-29-2008, 07:11 AM
Parent: #336

Quote: ابي متشرب في عتمة كالحة ، يبدأ نهاره دائماً بالبحث عن لحاء الأشجار ، لينمقة ويجيده صنعاً حبال من الصبر والقهر اشد قوة من تلكم التي اقتيد بها أجداده القدامي حين أوفدوا عبيداً لسيدنا – عفواً سيدهم – فأنا تعرفت على نفسي متمرداً على كل شئ – ربما حتى على رغائبي ، ولم لا ووالدي كان جحيمي ومأساتي ، لو لم يعبر ليلته تلك ناصية مخيمات الغجر ، لما رأته الغجرية ذات الرداء المهتري والتى كانت تحيكه بإهمال لا يعني سوي ضعف خبرتها بذلك- يبدو انني انحرف شيئاً ما عن جادة الأمر اذ لا يجدر بي ان اصف هذه الأنثي بهكذا وصف – ربما كان بإمكاني ذلك ان لم تكن هي امي ، ولكنا دائماً ما نعمى عن الحقيقة حين اتصالها بنا – لا بأس إذن ولا يعنيني من الأمر من كانت ومن ستكون؟ على الأقل سافضحهما – اعني امي وأبي كونهما لم يفكرا اوان نزوتهما فيما ان كنت سأنطلق صوب الجحيم او النعيم . ترى هل من نعيم ننتظره؟.
عادة ما يخرج والدي باكراً كما قلت لكم غير انه خرج يومها بعد غروب الشمس لم يكن يجدر به ان يخرج حينها ولكنه اختار المخاطر وعليه ان يتحمل اذن ، حمل ادواته وخرج وحين مر جوار مخيم الغجر – هؤلاء الغجر طبعاً لم يكونوا من بلادنا ولم يكن من احد يعرف لهم اصلاً ، الغجرية والتي هي امي ، كانت تحيك ردائها الممزق حين رأت والدي وتغنت بإسمه: ياخمري السوداء ، ياتيساً يجئ علي البياض فيزدريه , كانت المرة الأولي تماماً لأبي حين جرّب اعضاءه فسقطت اثرذاك .


حامد
هذا الصباح، حروفك قهوتي

Post: #338
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 07-29-2008, 07:22 AM
Parent: #337

يالله ياعويس..

إنه بيت القصيدة..
أصبت وأكثر..

Quote: تدب قوافل الغجر في مسير لا يتوقف، مسير تتبين فيه معني الانعتاق من اي رابط بزمان او مكان، انها الحرية التي تلهب خيال فنان مثل لوركا،



وكان سلامه توديعا..

إنه البرق.. إنه الرحيل، عادة..

الانعتااااااااااااااق...

....

Post: #339
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-03-2008, 03:39 AM
Parent: #338

فوق

Post: #340
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-03-2008, 04:42 AM
Parent: #339


يــــمـه الــنـــوم ابــــا وجـافــاني
واصــــــبــح داجــي ســـــــاهــر
ويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
حــتى الطـــــيـف رحــل خـــلاني
مـــا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

قليل يا طيف هي اقيف وارجاني
ويـــن فـــــايـتـــني عـــــــــابـــر
شـــن حـــــــــارس وراك انا تاني
يــــــانـي مــعــــاك مـســــــــافــر

ويــن
حــتى الطـيـف رحــل خـــــلاني
مـا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

لا تـقــــولي هـي كـــدي استناني
بـمــشـــي واجــيــــــك بـــــاكــر
يَـبــــقـى انــا مـا الـم فـيـــك تاني
ياني معـــــاك مســـــــــــــــــافر

ويــن
حــتى الطـيـف رحــل خـــــلاني
مـا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

تعـــــال شـــــوف بســــــــتاني
دا الكـــــان باشّـــي ناضـــــــر
من حــــر السمــــــوم بيعـــــاني
طـــــيرو يفـــــــــــر يهاجــــــــر

ويــن
حــتى الطـيـف رحــل خـــــلاني
مـا طـــيـــــــب لـي خـــــــاطــر

Post: #341
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-03-2008, 05:31 AM
Parent: #340


بعض الأغنيات ذاكرة
وبعضها "أسمدة" للذاكرة
وبعضها ملح يُرش على جراح الذاكرة !

"الطيف"، أغنية كأنها "حبيبة طفولة".لم أكن أعي كلماتها، لكني كنت أحس بشكل عميق أن أمرا ما يحدث في دواخلي كلما سمعتها.
"الطيف" أغنية لها سلطان على الوجدان.
حتى مفرداتها التي لم أكن أعرف معانيها على وجه الدقة - وقتذاك - كانت تتسع فضاءات أمام ناظري روحي: بستاني، بستاني !
"الطيف" أغنية فيها آهات مخبوءة في نسيجها، أغنية تحفز - دائما - على البكاء !

Post: #342
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-03-2008, 08:34 AM
Parent: #341



العويس ..

سلام سلام، ومحبة..

للأغاني جوى، لم تعد أغاني، بل جزء من الكيان مثل الام، والعناقريب، والفسحات، في نفحات الصباح، وأختى الكبرى تكنس الدار مع إطلاله الشمس، يغني الكاشف ليك رسالة، فتقف عن الكنس، وهي منحنية، أراقبها من سريري، بدفء عجيب، وهي منحنية طوال الإغنية، يارب نست أنها بتكنس وإنها منحنية، وبعد نهاية الاغنية تبدأ الكنس..

هناك أغاني صارت أخوات لنا، وأخوان، جزء من البيت زي الزير، وباب السنط، وباب الزنك، حين يخرج صوت الجابري من الرادي القديم الموضوع فوق ضربيزة المكوة كي لا تصله يد رشا الشقية، يعود الرادي هو الملك، ويرسل أشعته للراكوبة حيث أمي وخالاتي، ويجري للصالون لأخواني وهم يناقشون الفكرة الجمهورية والبيان الشيوعي، ولأخواتي في البرندة، فالبيت كبير، كبير، متداخل، عجيب.. كائن حي، حنون، من الطين وللطين...

للاغاني روائح، نشمها زي الموز، والجرجير، والنعناع...
وفي العصريات يتلمن بنات الجيران مع اخواتي وهن يرقصن مع أي اغنية، عرس وهمي، عرس حقيقي، وأمي تضحك، وتقيم الرقيص، وتعدل هذه، وترشد تلك... وتمر الحياة، كموجة حلوة، فطرية، تغسل أدران الهم، والغم..

صارت سماء البيت لطيفة الوجدان بعركي، والكاشف، وعثمان حسين، وثنائي العاصمة، والكابلي، .....
خالي عاشق للأغاني القديمة للحقيبة، يحكي عن قصص كتابتها، يأول أي بيت شعر يغنى، كالأفلام الهندية لكل قصيدة قصة، فالحياة هي القصة الكبرى والأحلى..

حين يغني ابوداود، نجري فرحين لفاطمة جارتنا، أبو دواد جا جا جا، إنها تحبه، ونحبه بحبها، ونجلس نستمع له، فأداب الاستماع هي الاصتنات، والمحبة، وعشق الفكرة والصوت معا، فالإغاني للمباني، كالمباني تظهر الأسرار..

للعشق حكاوي، والعشق يولد الاغاني، يولد الالحان، والشعر والاصغاء الجميل..

...

Post: #343
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-04-2008, 05:11 PM
Parent: #342

كرم الله
الأغنية هي اغتسال الروح في بركة الحزن والفرح معا.
الأغنية تسلّ خيطي الفرح والحزن من عتمة الروح، وتغزلهما لتصنع أرجوحة للذاكرة.
كلّ أغنية، هي ذاكرة شديدة التعقيد، وشديدة الخصوصية !
كانت أمي، وهي تتشاغل بتقطيع البصل والطماطم، تهمس مع (كرم الله) ..
: تعال شوف بستاني..بستاني
ده الكان باشي ناضر
من حر السموم بيعاني
طيرو يفر يهاجر.
الأغنية ..(مكان) !
الأغنية، على وجه الدقة ذاكرة مكان وزمان.
الطيف تسربت إلى أحشائي في واو.هي و(الرحلة) – النور الجيلاني، ونور العين – وردي.
حين ضربنا شمالا، باتجاه القولد، كان كل شيء، بالنسبة لي مختلفا.الطقس الجاف، والناس، والسحنات والأغنيات.
:السموم يا (فيصل) الحر !
وفيصل هذا – لفرحتي – قدر لي أن أسافر معه إلى الخرطوم.
شخصية أسطورية تتغنى بها الفتيات، ها أنا أجلس قربه، أراقبه في كلّ سكناته وحركاته، وهو يصارع أمواج الرمال في (الباجة)، ويسهر حتى الصبح، ويلعب بأصابعه على (بوري تلاتة) !! ويرهف سمعه – ونرهف – لصوت (الكوز) الذي يحسّن صوت الماكينة.
أين راح كلّ ذلك ؟
في القولد، كانت أمدرمان التي رأيتها (كائنا) مختلفا لدى أحمد عمر الرباطابي:
أم در يا ربوع سودانا نحييك وانت كل آمالنا !
يسافر صوته مع ظلام الليل، وأنا مستغرق فيه، منبعثا من المذياع قرب منامة والدي – رحمه الله - !
تلك الحرقة الهائلة في أغنية (يا يمة ياااا يمة رسلي لي عفوك ينجيني من جور الزمان) !
الأغنية رهيفة حساسة.. (من حور الجنان أم أنت)
كانت تخصني بها، تغنيني في أمسيات شمبات، صوتها يتقطر حلاوة، وهي تسرح بعينيها في قمم الأشجار المعتمة، وفي السماء والضوء.
في دنقلا أحببت بوب مارلي والبوني إم وأبا ودونا سمر.
بوب ما يزال معي.لم يعد مغنيا فحسب، صار متمردا ثائرا محطما للقيود.

Post: #344
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-04-2008, 05:21 PM
Parent: #343

Quote: تعال شوف بستاني..بستاني
ده الكان باشي ناضر
من حر السموم بيعاني
طيرو يفر يهاجر.
الأغنية ..(مكان) !



يالله، من الوصف الحي، الوصف العجيب...
للسموم حكاوي في اجسامنا الصغيرة، ونحن نسعى للمدرسة، او للطاحونة، ...

أو نعلب الكرة منتصف النهار، ونلبس فساتين من العرق والملح والدبلان...

كم تصورت وجه أمك العظيمة، وهي تتمثل الغنوة ولحنها، ووصفها، وترتد ذاكرتها المباركة للحقول، والبلدات..



الأغاني؟؟؟؟؟؟

Post: #345
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 08-04-2008, 05:48 PM
Parent: #344

Quote:
كلّ منا يحمل صليبه على روحه، ويسير على غير هدى.
كل منا يحس - أحيانا - بوطأة المسامير على أوردته، ويمضي يتأمل في حبات الدم التي تلون جسده، وتنقط على الأرض:قصيدة ما، ولادة ما.
حتى أننا نحب دماءنا أحيانا، وأنا أحب صليبي، إنه علامة !!
الصليب:فتنة !!


ايها الصديق السائر مثلي على غير هدى
خالد عويس ......
لقد تعبنا من المسير وحُفيت اقدامنا وجُن من جُن ولكننا سائرون....

فهل نصل يوما ما؟؟؟؟

وعبدالغني كرم الله هو حادينا في هذا الجنون وانت معه!!

خذ مني هذا التمزق:


(1)
هلْ أنا هابيلُ
أمْ قابيلُ
أم قَدحُ المُعَنَّى ؟؟!

أو ربَّما...
شطحةُ شعرٍ
صاغها الجِنُّ وغنَّى!
او كما قال قريني:
نمنماتٌ ونقوشٌ
جادها الغيثُ فجنَّ !

لا يَهُمُّ..!
لا يَهُمُّ الآنَ
إنْ جئتُ على
ظهرِ الأجنّة!
فاصْلبوني يا رفاقي…
اصلبوني فوقَ
هاماتِ المظنَّـة!
أو ذروني كرمادٍ
للرِّياح المُرجحنَّـة!

إنَّهُ شيطانُ شِعرِكَ
ليتَ شعري
أيُّها القدحُ المعنَّى!

(2)
أين أُمِّي
تقرعُ الناقوسَ
تدمي كفَّها
وتئنُّ أنّاَ ؟!

أينَ أقراني
ومَنْ شادوا
قصورَ الليلِ
حينَ أمِنَ منا؟!

بلْ أينَ أحبابُ الطريقْ،
ثغورُهم كاللؤلؤِ المنثورِ
حينَ أظن ظنَّـا!

وفتاتي أطلقت للرِّيحِ
أشرعةً ومزمارًا وفنَّـا!

شرشفاتُ الرَّملِ
آهٍ...
أينَ رملي وحُصُوني؟
أينَ خَبَّأتُ
خيولي بالدُّجنَّـة؟! إنَّه شيطانُ شِعرِكَ
ليتَ شعري
أيُّها القدْحُ المُعَنَّى!

(3)
يا لهذا اللَّيل
يرزخُ بينَ
مطرقةٍ وسِندانٍ وأنَّة!

إنَّنا نشكو اليكَ
أميرَنا وتضِن ضنَّـا؟!!

إنَّهُ هابيلُ كالجلَّاد
ينصبُ في تُخُومِ الفجرِ
مشنقةً مِنْ الشعرِ المُغنَّـى!

إنَّه شيطانُ شِعرِكَ
ليتَ شِعري
أيُّها القدحُ المُعنَّى!

(4)
"يا ليلى ليلك جنّ"
وخيالي سكنَ الجَنَّـة!

"يا ليلى ليلك جنّ"
أحبابُكِ أهلُ الجَنَّـة!

"يا ليلى ليلك جنّ”
وصباحُكِ عبقُ الجَنَّة!

"يا ليلى ليلك جنّ"
ولباسي ثوبُ الجَنَّة!

"يا ليلى ليلك جنّ"
ونبيذُك خَمْرُ الجَنَّـة!

Post: #346
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-04-2008, 06:07 PM
Parent: #345

يااااااااااااااااا الله.. يازمراوي...

Post: #347
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: emad altaib
Date: 08-04-2008, 07:19 PM
Parent: #340



pluginspage="http://microsoft.com/windows/mediaplayer/en/download/"
id="mediaPlayer" name="mediaPlayer" bgcolor="#000000" showcontrols="false"
showaudiocontrols="false" showtracker="-1" showdisplay="0" showstatusbar="0"
videoborder3d="-1" enabletracker="false"
src="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
url="/nsdoc/06ece687-494b-4c47-811e-b39392434543/?id=1158825828424"
autostart="-1" designtimesp="5311" loop="false">


Post: #348
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-05-2008, 05:42 AM
Parent: #347



(
Quote: 1)
هلْ أنا هابيلُ
أمْ قابيلُ
أم قَدحُ المُعَنَّى ؟؟!

أو ربَّما...
شطحةُ شعرٍ
صاغها الجِنُّ وغنَّى!
او كما قال قريني:
نمنماتٌ ونقوشٌ
جادها الغيثُ فجنَّ !



عميق المحبة الشاعر الكبير زمراوي..

حين شطح الشعر فيك وغنى،
وأسكرنا..
وحلق بنا في تلك العوالم
والتي لانعرج إليها إلا ببراق "الشعر"..



...

Post: #349
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-06-2008, 05:26 PM
Parent: #348

Quote: لا يَهُمُّ..!
لا يَهُمُّ الآنَ
إنْ جئتُ على
ظهرِ الأجنّة!
فاصْلبوني يا رفاقي…
اصلبوني فوقَ
هاماتِ المظنَّـة!
أو ذروني كرمادٍ
للرِّياح المُرجحنَّـة!


يا صديقي في معاقرة الجمال والحنين: زمراوي
ترى - بالله عليك - كيف ستعجن طين قصائدك بعد أن لا تترك المياه لنا، لا أرضا ولا نخلا ولا (ذاكرة) ؟؟

Post: #350
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 08-06-2008, 06:35 PM
Parent: #348

Quote:

(1)
ما هذه الدُّنيا التي
تقتاتُ مِنْ عمري
وتُطْعِمُني الثَّريدْ ؟!

مَا بالُها الأحلامُ
تأخذُني الى الأحلام ِ
تَقذِفُني على الأحلامٍِ،
ثم تركُضُ نحو
مِحْرقةِ الوعيدْ ؟!

هل تُدرِكُ الأحزانُ
هولَ تَحَسُّرِ الذِّكرى
على الدَّمعِ السَّعيدْ ؟!

(2)
إيه على الذِّكرى..
تُشقشِقُ كالعصافيرِ البَهيَّةِ،
تنسِجُ الأنغامَ
للفجرِ الجَديدْ !

قدْ كنتُ في قلبِ الغُيُومِ
على السَّليقةِ أصطفِي
أحزانَ مَنْ شَادوا
الأرائكَ بالنَّشيدْ !

قد كنتُ أقْطِفُ
من ثمارِ العمرِ
سنبلةً من الأحزانِ
والفرحِ التَّـليدْ !

(3)
اسْترجعتني تلكمُ الأنسامُ
تَركُضُ بالبيارقِ
نحوَ مِقْصَلةِ الشَّهيدْ !

استعبدتْني تلكمُ الأنغامُ
تَهدِلُ كالحمائمِ
في سقوفِ العمرِ
تستبِقُ الجَديدْ !

(4)
هذا أنا...
أشتاقُ للذِّكرى
وتهزِمُني جُيُوشُ النَّملِ
واللَّيل العنيدْ !

هذا أنا...
اقْتاتُ من خمرِ التَّوحُّدِ
اسْتجيرُ برونقِ
الظِّلِّ المَديدْ !

هذا أنا....
لا تتركوني جائلاً
بينَ الموائدِ والمدائنِ
اقتفي ظلِّي وأحزاني
على الشفقِ البعيدْ !



الأحبة الخُلص
خالد، كرم الله المجنون والمجنون الآخر عماد الذي أعادنا
الى زمن الغناء الجميل ومحمد كرم الله....

لماذا يشقى أهل السودان حتى في اظهار
جنونهم (مجنون قالوا شاعر)؟

ثم اين المُستقر يا ترى بعد كل عذابات الجنون،
كما في حال اخوناكرم الله وصديقه الصوفي
المعذّب عويس؟؟؟؟

هل لكم ان تأتوا لنا بصوفية التيجاني
يوسف بشير المعذّبة (قصيدته)؟؟

Post: #351
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-06-2008, 06:45 PM
Parent: #350

ياتجاني..
عفوا..يازمرواي..

ورب أمي، أعشق الشعر، بصورة عجيبة، فالشاعر يبوح بما لا يعرفه، بما يجهله، وأحيانا أحس بأن الشعر مسكين، غلبان، يتحسس النجوم، ومرات بشوف الشاعر زي يد زول في عتمة وظلام دامس وهي تتحسس الطريق، منظر اليد وهي تلتمس الظلمة هي الشعر، ولكن الشاعر يده تلمس عتمة الضوء.. يسافر بي الشعر للجزيرة التي أحبها، ولا قدرة لي بوصفها، جزيرة الدهش.. دهش الأطفال..

فيد الشاعر ممدوة للغد، تسبقنا، تتحس الغد، وترجع للخف تتحس الأمس، تذوب في الآن..

الله على التجاني المعذب....
التجاني المارق..

التجاني العجيب... كفر ابن يوسف..


زمراوي... والله أطربني حتى الثمالة، الشعر يرد الروح..
ألشعر هو الاكسير الذي بحث عنه جدودنا، وما عرفوه...



...
أعمق المحبة..

Post: #352
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 08-06-2008, 06:45 PM
Parent: #350

الصوفيّ المعذّب



.. هذه الذرةُ كم تحملُ في العالم سراً!

قف لديها وامتزج في ذاتها عمقاً وغورا

وانطلق في جوِّها المملوءِ إيمانا وبرّا

وتنقَّلْ بين كبرى في الذراريِّ وصُغرى

ترَ كلَّ الكون لا يفتر تسبيحاً وذكرا

وانتش الزهرةَ, والزهرة كم تحمل عطرا

نديتْ واستوثقتْ في الأرض إغراقاً وجذرا

وتعرتْ عن طرير خضِلٍ يفتأ نضرا

سلْ هزارَ الحقل من أنبتَهُ وردا وزهرا

وسلِ الوردةَ من أودَعَها طيباً ونشرا

تنظرِ الروحَ وتسمعْ بين أعماقِكَ أمرا

* * *

الوجودُ الحقُّ ما أوسع في النفس مداهْ

والكونُ المحضُ ما أوثق بالروح عُراهُ

كلُّ ما في الكون يمشي في حناياه الإلهْ

هذه النملة في رقتها رجعُ صداهْ

هو يحيا في حواشيها وتحيا في ثراهْ

وهي إن أسلمتِ الروحَ تلقّتْها يداهْ

لم تمت فيها حياةُ اللهِ إن كنْتَ تراهْ

* * *

أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ

اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ

واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ

وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ

وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ

ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ

صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ

* * *

ربِّ في الإشراقةِ الأولى على طينة آدمْ

أممٌ تزخرُ في الغيبِ وفي الطينة عالَمْ

ونفوسٌ تزحم الماءَ وأرواحٌ تحاومْ

سبَّحَ الخلقُ وسبّحْتُ وآمنْتُ وآمنْ

وتسللْتُ من الغيبِ وآذنْتُ وآذنْ

ومشى الدهرُ دراكا ربذ الخطو إلى منْ...?

* * *

في تجلياتك الكبرى وفي مظهر ذاتِكَ

والجلا الزاخر الفياضُ من بعض صفاتِكْ

والحنانُ المشرقُ الوضاحُ من فيضِ حياتكْ

والكمالُ الأعظم الأعلى وأسمى سبحاتكْ

قد تعبدتُكَ زُلفى ذائداً عن حُرماتِكْ

فَنِيتْ نفسي وأفرغْتُ بها في صلواتِكْ

* * *

ثم ماذا جد من بعد خلوصي وصفائي

أظلمت روحي ما عدت أري ما أنا راء

أيهذا العثير الغائم في صحو سمائي

للمنايا السود آمالي وللموت رجائي

آه يا موت آه يا يوم قضائي

قف تزود أيها الجبارمن زادي ومائي

واقترب إن فؤادي مثقل بالبرحاء

***

يا نعيما مشرف الصفحة يساقط دوني

نضرت في قربه نفسي وزايلت غضوني

فمشت قائلة الشك إلي فجر يقيني

قضت اللذة فاسترجعها لمح ظنوني

واسترد النعمة الكبري من الدهر حنيني

من تري استأثر باللذة واستبقي جنوني؟

***

أذني لا ينفد اليوم بها غير العويل

نظري يقصر عن كل دقيق وجليل

غاب عن نفسي إشراقك والفجر الجميل

واستحال الماء فاستحجر في كل مسيل

رجع اللحن الي أتاره بعد قليل

واختفي بين ظلام المزهر الكل العليل

التيجاني يوسف بشير

Post: #353
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 08-06-2008, 06:50 PM
Parent: #352

بالله عليك يا كرم الله ق تأمل في هذه:
Quote:

أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ

اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ

واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ

وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ

وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ

ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ

صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ

Post: #355
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالأله زمراوي
Date: 08-06-2008, 06:52 PM
Parent: #353

ولعويس هذه الملحمة:
Quote:
يا نعيما مشرف الصفحة يساقط دوني

نضرت في قربه نفسي وزايلت غضوني

فمشت قائلة الشك إلي فجر يقيني

قضت اللذة فاسترجعها لمح ظنوني

واسترد النعمة الكبري من الدهر حنيني

من تري استأثر باللذة واستبقي جنوني؟

Post: #354
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-06-2008, 06:50 PM
Parent: #352

يالله...

أشهد أن لا إله إلا المحبة المطلقة...

..

Post: #356
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-06-2008, 07:18 PM
Parent: #354

....


وربي يازمراوي..

لقد سجدت روحي لهذا الأبيات


***

أنا وحدي كنت استجلي من العالَمِ همسَهْ

اسمع الخطرة في الذر وأستبطنُ حسَّهْ

واضطرابُ النور في خفْقتِهِ أسمعُ جرسَهْ

وأرى عيدَ فتى الوردِ واستقبلُ عرسَهْ

وانفعالُ الكرمِ في فقعتِهِ أشهدُ غرسَهْ

ربِّ سبحانَك! إن الكونَ لا يقدر نفسَهْ

صغْتَ من نارِكَ جِنِّيَّهُ ومن نورِك إنْسَهْ


**

لقد ذاب فيه... لم يعد هو، بل كان ذاك،
...

Post: #357
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-07-2008, 05:02 AM
Parent: #356

Quote: كلُّ ما في الكون يمشي في حناياه الإلهْ

Post: #358
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: emad altaib
Date: 08-07-2008, 05:58 PM
Parent: #350

ــــــــــ
Quote: والمجنون الآخر عماد الذي أعادنا
الى زمن الغناء الجميل ومحمد كرم الله....


الطيف ... والبعد ... والفراق ... مفردات من الممكن أن تتحول لمسائل حسابية

معقدة مرهقة ومتعبة لبواطن النفس والإحساس , وتجعل الدواخل تهتز وترجف فصوت الفنان محمد كرم

الله يأتي ببعض الكلمات متنهدة من الاعماق كشهقة , حتي تحدث الراحة من الإرهاق , فالطيف هو

الصديق الوحيد لكنه ربما يكون عنيداً في كثير من الاحيان والبعد هوقطعة من الحزن ملفوفة

بسياح الوحدة والفراق بدايه العدم , والكل في دوامة السفر والإرتحال , فوق هذا حتي الزمن

لمن يكن عادل... والإندماج مع الطيف هو إندماج مع المحبوب ورصد العدم في ذروة الوجود ...

والقلب لم يكن أحسن حالاً مكسور الخواطر والشوارد , لكنه مجتهداًفي النفاذ للوصول إلي ملامح

فتاتي المعاني والاشعار كلها أحزان ... وصوت محمد كرم يصدح في كل واحد منا ...


سلامي للجميع

Post: #359
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عزاز شامي
Date: 08-09-2008, 07:18 PM

حيث بت اطمئن من غدر الخارج

حيث أرواحي الصديقة

ارمي ثقلي هنا ...

أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي
ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً... (*)


وراجت صناعة الصناديق الآن
التوابيت..!!
موسم الرحيل للضفة الأخرى
حيث تشرق الشمس و تغرب، حيث ننظر حين تضيق بنا الحلقة، و وتشير الأم بلا تفكير حين يسألها طفلها اللحوح "أين الله يا أمي؟" و حيث يشير الشحاذ بأصبعه حين تمد ورقة نقدية لا تلزمك!
رحلوا جميعا لهناك! حيث لا نرى ... حيث لا نعرف بعد ما هناك! ولكني افترض بأننا نذهب للسماء برغم أن صناديقنا (أجسادنا) ستظل عالقة هنا ... مرهونة للجاذبية، لترتيل المقرئين، لزيارات الأحبة، و موتنا تروج صناعة التوابيت و الأكفنة البيضاء، و قد يتاجر البعض في حزننا، من يدري؟ قد لا يبكينا أحد ما ..!!
سبقونا لهناك...
حين تمطر، تنهمر أوكما قال بائس في يوم ما ..!! بدأ الموسم هذا العام مبكرا، أو متاخرا أيهما أقرب للألم الحقيقي .. أولا "جو" والآن أبكي درويش كما يستحق!

أنا وحيد في البياض،
أنا وحيدُ... (*)


أدركت سر الوجود و عبث الحياة يا درويش! نغادرها بمفردنا برغم البواكي و العويل.. لا يرافقنا إلا البياض الناصع من وهج النور الآتي من البعيد، ترى لو أمكننا العودة لهذا الحياة هل كنا سنعود بعد ان نعبر بوابة الضوء؟ هل هناك ما يغري بالعودة لهنا؟ حيث أرقنا هذا الرحيل وحيث أمضيا وقت الانتظار نفلسف عبث الانتظار؟

أعرفُ هذه الرؤية وأعرفُ أنني
أمضي إلى ما لستُ أعرفُ. رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكان ما، وأعرفُ
ما أريدُ... (*)


وماذا نريد؟ لا نعرف! و نذرع الأرض نبحث عما لا نعرف و نردد كالبغبغاء مالا نفقه، و نلف في آخر الأمر كالطفل الرضيع و نوارى رحماً من نوع آخر .. نعود للطين، للنفخة الأولى، لبدء التكوين .. نجرجر كل تلك الأيام .. و الأحلام ... و الهتافات السخيفة عما نريد، وهل نحن نعرف ما نريد؟
...
الحزن في تمامه الآن يا درويش..!!
موتك تلك الصفعة بعد الصدمة ...
تشحذ كل الحزن في نقطة ... تلك النقطة الغائرة في الروح
تلك التي تنبؤني بسخف الأحياء
وضرورة الموت لنفقه سر تكالبنا على عشب يابس نموت وندفن تحته ...
في موتك أبكي شاهين، وكل الكبار ..
و أبكي أكثر كل الموتى الأحياء .. أبكى كل الأطفال الذين يدعون النضج بشواربهم السميكة و عقولهم الصغيرة
وأبكى نساءً لن يرين العدل يوما ...
وأبكى ضحايا الحروب
و ضحايا السلم و الوفرة
وضحايا انسانيتنا الجوفاء ..!!
وابكي ضياع هيبة البكاء ... وضياع هيبة الحزن ...
وسأنتظر ما تحمله الشرائط الحمراء اللعينة في أسفل شاشات الأخبار و عن الـ (خبر عاجل) التالي كل مساء ..!!
...

(*) مقتطفات من جدارية درويش

Post: #360
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: emad altaib
Date: 08-09-2008, 10:18 PM
Parent: #359

ـــــــــــ
درويش .....

أحقاً رحلت ...؟؟؟

أم تريد أن تنام طويلا

فإني متعب .. من الرثاء والبكاء

أقترح عليك العودة ....

Quote: ((بيروت شاهدة على قلبي ))


حادت بدهشتها من الفجيعة

وقوست حاجبها وتغيرت ملامحها

حزناً كان ... والان تشهد

أن قلبك سليم ومعافي

وتجاوزت هشاشة البقاء

إلي رحابة الحياة

فقد قال قائل :

ميتاً خلقت ولم أكن من قبله **** شيئافمت حيث حييت

ولكنك ....

تركت فراغاً مصفي ......أما العبارة فمنقوشة

وعلي القبر رخام الضريح ونضرة الحديقة المحيطة

وهي كما قلتها أنت :
Quote: تكسّرت روحي، سأرمي جثّتي لتصيبني الغزوات ثانية
و يسلمني الغزاة إلى القصيدة...
أحمل اللغة المطيعة كالسحابة
فوق أرصفة القراءة و الكتابة:


بكت السحابة في كل المطارت والعواصم
واللغة كانت تمشي معها,تسألت بمفردها عنك ؟!
ومطت شفتيها ...أظن أنك لمحتها ..!
والقراءة والكتابة حسبت وقتها ... فهي كانت
تعرف معياد الرحيل ...
طبعاً.....تعرف
ولا تعرف .. كيف ستقضي الايام بمفردها؟!
ورددت إنها اليوم غريبة
تبدو ونبدو مهمومون بغايبك
جاوبنا بإختصار
فالامر في غاية الجدية ..
بداء الشوق من هنا إليك
وإن قررت البقاء هناك
حتما سوف نلتقي ومعنا الحلم
الذي تركته لنحيي به منك .. وإليك ..

Post: #361
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-10-2008, 08:09 AM
Parent: #360


...

جِدَارِيَّةُ مَحمُود دَرْوِيشْ

هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ،
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ…
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي.
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ
طُفُولَةٍ أَخرى. ولم أَحلُمْ بأني
كنتُ أَحلُمُ. كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ. كُنْتُ
أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً…
وأَطيرُ. سوف أكونُ ما سأَصيرُ في
الفَلَك الأَخيرِ.

وكُلُّ شيء أَبيضُ،
البحرُ المُعَلَّقُ فوق سقف غمامةٍ
بيضاءَ. والَّلا شيء أَبيضُ في
سماء المُطْلَق البيضاءِ. كُنْتُ، ولم
أَكُنْ. فأنا وحيدٌ في نواحي هذه
الأَبديَّة البيضاء. جئتُ قُبَيْل ميعادي
فلم يَظْهَرْ ملاكٌ واحدٌ ليقول لي:
"ماذا فعلتَ، هناك، في الدنيا؟"
ولم أَسمع هُتَافَ الطيِّبينَ، ولا
أَنينَ الخاطئينَ، أَنا وحيدٌ في البياض،
أَنا وحيدُ …
لاشيء يُوجِعُني على باب القيامةِ.
لا الزمانُ ولا العواطفُ. لا
أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ
الهواجس. لم أَجد أَحداً لأسأل:
أَين "أَيْني" الآن؟ أَين مدينةُ
الموتى، وأَين أَنا؟ فلا عَدَمٌ
هنا في اللا هنا … في اللازمان،
ولا وُجُودُ
وكأنني قد متُّ قبل الآن …
أَعرفُ هذه الرؤيا، وأَعرفُ أَنني
أَمضي إلى ما لَسْتُ أَعرفُ. رُبَّما
ما زلتُ حيّاً في مكانٍ ما، وأَعرفُ
ما أُريدُ …
سأصيرُ يوماً ما أُريدُ
سأَصيرُ يوماً فكرةً. لا سَيْفَ يحملُها
إلى الأرضِ اليبابِ، ولا كتابَ …
كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من
تَفَتُّح عُشْبَةٍ،
لا القُوَّةُ انتصرتْ
ولا العَدْلُ الشريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأصير يوماً طائراً، وأَسُلُّ من عَدَمي
وجودي. كُلَّما احتَرقَ الجناحانِ
اقتربتُ من الحقيقةِ، وانبعثتُ من
الرمادِ. أَنا حوارُ الحالمين، عَزَفْتُ
عن جَسَدي وعن نفسي لأُكْمِلَ
رحلتي الأولى إلى المعنى، فأَحْرَقَني
وغاب. أَنا الغيابُ. أَنا السماويُّ
الطريدُ.
سأَصير يوماً ما أُريدُ
سأَصير يوماً كرمةً،
فَلْيَعْتَصِرني الصيفُ منذ الآن،
وليشربْ نبيذي العابرون على
ثُرَيَّات المكان السُكَّريِّ !
أَنا الرسالةُ والرسولُ
أَنا العناوينُ الصغيرةُ والبريدُ
سأَصير يوماً ما أُريدُ
هذا هُوَ اسمُكَ /
قالتِ امرأةٌ،
وغابتْ في مَمَرِّ بياضها.
هذا هُوَ اسمُكَ، فاحفظِ اسْمَكَ جَيِّداً !
لا تختلفْ مَعَهُ على حَرْفٍ
ولا تَعْبَأْ براياتِ القبائلِ،
كُنْ صديقاً لاسمك الأُفُقِيِّ
جَرِّبْهُ مع الأحياء والموتى
ودَرِّبْهُ على النُطْق الصحيح برفقة الغرباء
واكتُبْهُ على إحدى صُخُور الكهف،
يا اسمي: سوف تكبَرُ حين أَكبَرُ
سوف تحمِلُني وأَحملُكَ
الغريبُ أَخُ الغريب
سنأخُذُ الأُنثى بحرف العِلَّة المنذور للنايات
يا اسمي: أَين نحن الآن؟
قل: ما الآن، ما الغَدُ؟
ما الزمانُ وما المكانُ
وما القديمُ وما الجديدُ؟
سنكون يوماً ما نريدُ
لا الرحلةُ ابتدأتْ، ولا الدربُ انتهى
لم يَبْلُغِ الحكماءُ غربتَهُمْ
كما لم يَبْلُغ الغرباءُ حكمتَهمْ
ولم نعرف من الأزهار غيرَ شقائقِ النعمانِ،
فلنذهب إلى أَعلى الجداريات:
أَرضُ قصيدتي خضراءُ، عاليةُ،
كلامُ الله عند الفجر أَرضُ قصيدتي
وأَنا البعيدُ
أَنا البعيدُ
في كُلِّ ريحٍ تَعْبَثُ امرأةٌ بشاعرها
- خُذِ الجهةَ التي أَهديتني
الجهةَ التي انكَسَرتْ،
وهاتِ أُنوثتي،
لم يَبْقَ لي إلاّ التَأمُّلُ في
تجاعيد البُحَيْرَة. خُذْ غدي عنِّي
وهاتِ الأمس، واتركنا معاً
لا شيءَ، بعدَكَ، سوف يرحَلُ
أَو يَعُودُ
- وخُذي القصيدةَ إن أَردتِ
فليس لي فيها سواكِ
خُذي " أَنا" كِ. سأُكْملُ المنفى
بما تركَتْ يداكِ من الرسائل لليمامِ.
فأيُّنا منا "أَنا" لأكون آخرَها؟
ستسقطُ نجمةٌ بين الكتابة والكلامِ
وتَنْشُرُ الذكرى خواطرها: وُلِدْنا
في زمان السيف والمزمار بين
التين والصُبَّار. كان الموتُ أَبطأَ.
كان أَوْضَح. كان هُدْنَةَ عابرين
على مَصَبِّ النهر. أَما الآن،
فالزرُّ الإلكترونيُّ يعمل وَحْدَهُ. لا
قاتلٌ يُصْغي إلى قتلى. ولا يتلو
وصيَّتَهُ شهيدُ
من أَيِّ ريح جئتِ؟
قولي ما اسمُ جُرْحِكِ أَعرفِ
الطُرُقَ التي سنضيع فيها مَرّتيْنِ !
وكُلُّ نَبْضٍ فيكِ يُوجعُني، ويُرْجِعُني
إلى زَمَنٍ خرافيّ. ويوجعني دمي
والملحُ يوجعني … ويوجعني الوريدُ
في الجرّة المكسورةِ انتحبتْ نساءُ
الساحل السوريّ من طول المسافةِ،
واحترقْنَ بشمس آبَ. رأيتُهنَّ على
طريق النبع قبل ولادتي. وسمعتُ
صَوْتَ الماء في الفخّار يبكيهنّ:
عُدْنَ إلى السحابة يرجعِ الزَمَنُ الرغيدُ
قال الصدى:
لاشيء يرجعُ غيرُ ماضي الأقوياء
على مِسلاَّت المدى … [ذهبيّةٌٌ آثارُهُمْ
ذهبيّةٌٌ] ورسائلِ الضعفاءِ للغَدِ،
أَعْطِنا خُبْزَ الكفاف، وحاضراً أَقوى.
فليس لنا التقمُّصُ والحُلُولُ ولا الخُلُودُ
قال الصدى:
وتعبتُ من أَملي العُضَال. تعبتُ
من شَرَك الجماليّات: ماذا بعد
بابلَ؟ كُلَّما اتَّضَحَ الطريقُ إلى
السماء، وأَسْفَرَ المجهولُ عن هَدَفٍ
نهائيّ تَفَشَّى النثرُ في الصلوات،
وانكسر النشيدُ
خضراءُ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ عالية ٌ…
تُطِلُّ عليَّ من بطحاء هاويتي …
غريبٌ أَنتَ في معناك. يكفي أَن
تكون هناك، وحدك، كي تصيرَ
قبيلةً…
غَنَّيْتُ كي أَزِنَ المدى المهدُورَ
في وَجَع الحمامةِ،
لا لأَشْرَحَ ما يقولُ اللهُ للإنسان،
لَسْتُ أَنا النبيَّ لأَدَّعي وَحْياً
وأُعْلِنَ أَنَّ هاويتي صُعُودُ
وأَنا الغريب بكُلِّ ما أُوتيتُ من
لُغَتي. ولو أخضعتُ عاطفتي بحرف
الضاد، تخضعني بحرف الياء عاطفتي،
وللكلمات وَهيَ بعيدةٌ أَرضٌ تُجاوِرُ
كوكباً أَعلى. وللكلمات وَهيَ قريبةٌ
منفى. ولا يكفي الكتابُ لكي أَقول:
وجدتُ نفسي حاضراً مِلْءَ الغياب.
وكُلَّما فَتَّشْتُ عن نفسي وجدتُ
الآخرين. وكُلَّما فتَّشْتُ عَنْهُمْ لم
أَجد فيهم سوى نَفسي الغريبةِ،
هل أَنا الفَرْدُ الحُشُودُ؟
وأَنا الغريبُ. تَعِبْتُ من ” درب الحليب ”
إلى الحبيب. تعبتُ من صِفَتي.
يَضيقُ الشَّكْلُ. يَتّسعُ الكلامُ. أُفيضُ
عن حاجات مفردتي. وأَنْظُرُ نحو
نفسي في المرايا:
هل أَنا هُوَ؟
هل أُؤدِّي جَيِّداً دَوْرِي من الفصل
الأخيرِ؟
وهل قرأتُ المسرحيَّةَ قبل هذا العرض،
أَم فُرِضَتْ عليَّ؟
وهل أَنا هُوَ من يؤدِّي الدَّوْرَ
أَمْ أَنَّ الضحيَّة غَيَّرتْ أَقوالها
لتعيش ما بعد الحداثة، بعدما
انْحَرَفَ المؤلّفُ عن سياق النصِّ
وانصرَفَ المُمَثّلُ والشهودُ؟
وجلستُ خلف الباب أَنظُرُ:
هل أَنا هُوَ؟
هذه لُغَتي. وهذا الصوت وَخْزُ دمي
ولكن المؤلِّف آخَرٌ…
أَنا لستُ مني إن أَتيتُ ولم أَصِلْ
أَنا لستُ منِّي إن نَطَقْتُ ولم أَقُلْ
أَنا مَنْ تَقُولُ له الحُروفُ الغامضاتُ:
اكتُبْ تَكُنْ !
واقرأْ تَجِدْ !
وإذا أردْتَ القَوْلَ فافعلْ، يَتَّحِدْ
ضدَّاكَ في المعنى …
وباطِنُكَ الشفيفُ هُوَ القصيدُ
بَحَّارَةٌ حولي، ولا ميناء
أَفرغني الهباءُ من الإشارةِ والعبارةِ،
لم أَجد وقتاً لأعرف أَين مَنْزِلَتي،
الهُنَيْهةَ، بين مَنْزِلَتَيْنِ. لم أَسأل
سؤالي، بعد، عن غَبَش التشابُهِ
بين بابَيْنِ: الخروج أم الدخول …
ولم أَجِدْ موتاً لأقْتَنِصَ الحياةَ.
ولم أَجِدْ صوتاً لأَصرخَ: أَيُّها
الزَمَنُ السريعُ ! خَطَفْتَني مما تقولُ
لي الحروفُ الغامضاتُ:
ألواقعيُّ هو الخياليُّ الأَكيدُ
يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ …
لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ،
دَعِ الماضي جديداً، فَهْوَ ذكراكَ
الوحيدةُ بيننا، أيَّامَ كنا أَصدقاءك،
لا ضحايا مركباتك. واترُكِ الماضي
كما هُوَ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ
ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون …
هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في
ساعات أيديهمْ. وَهُمْ لايشعرون
بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ. لا شيءَ
ممَّا كُنْتُ أو سأكونُ. تنحلُّ الضمائرُ
كُلُّها. ” هو ” في ” أنا ” في ” أَنت ”.
لا كُلٌّ ولاجُزْءٌ. ولا حيٌّ يقول
لميِّتٍ: كُنِّي !
.. وتنحلُّ العناصرُ والمشاعرُ. لا
أَرى جَسَدي هُنَاكَ، ولا أُحسُّ
بعنفوان الموت، أَو بحياتيَ الأُولى.
كأنِّي لَسْتُ منّي. مَنْ أَنا؟ أَأَنا
الفقيدُ أَم الوليدُ؟
الوقْتُ صِفْرٌ. لم أُفكِّر بالولادة
حين طار الموتُ بي نحو السديم،
فلم أكُن حَيّاً ولا مَيْتاً،
ولا عَدَمٌ هناك، ولا وُجُودُ
تقولُ مُمَرِّضتي: أَنتَ أَحسَنُ حالا ً.
وتحقُنُني بالمُخَدِّر: كُنْ هادئاً
وجديراً بما سوف تحلُمُ
عما قليل …
رأيتُ طبيبي الفرنسيَّ
يفتح زنزانتي
ويضربني بالعصا
يُعَاونُهُ اثنانِ من شُرْطة الضاحيةْ
رأيتُ أَبي عائداً
من الحجِّ، مُغمىً عليه
مُصَاباً بضربة شمسٍ حجازيّة
يقول لرفِّ ملائكةٍ حَوْلَهُ:
أَطفئوني ! …
رأيتُ شباباً مغاربةً
يلعبون الكُرَةْ
ويرمونني بالحجارة: عُدْ بالعبارةِ
واترُكْ لنا أُمَّنا
يا أَبانا الذي أخطَأَ المقبرةْ !
رأيت ” ريني شار ”
يجلس مع ” هيدغر ”
على بُعْدِ مترين منِّي،
رأيتهما يشربان النبيذَ
ولا يبحثان عن الشعر …
كان الحوار شُعَاعاً
وكان غدٌ عابرٌ ينتظرْ
رأيتُ رفاقي الثلاثَةَ ينتحبونَ
وَهُمْ
يَخيطونَ لي كَفَناً
بخُيوطِ الذَّهَبْ
رأيت المعريَّ يطرد نُقَّادَهُ
من قصيدتِهِ:
لستُ أَعمى
لأُبْصِرَ ما تبصرونْ،
فإنَّ البصيرةَ نورٌ يؤدِّي
إلى عَدَمٍ …. أَو جُنُونْ
رأيتُ بلاداً تعانقُني
بأَيدٍ صَبَاحيّة: كُنْ
جديراً برائحة الخبز. كُنْ
لائقا ً بزهور الرصيفْ
فما زال تَنُّورُ أُمِّكَ
مشتعلاً،
والتحيَّةُ ساخنةً كالرغيفْ !
خضراءُ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ. نهرٌ واحدٌ يكفي
لأهمس للفراشة: آهِ، يا أُختي، ونَهْرٌ واحدٌ يكفي لإغواءِ
الأساطير القديمة بالبقاء على جناح الصَّقْر، وَهْوَ يُبَدِّلُ
الراياتِ والقممَ البعيدةَ، حيث أَنشأتِ الجيوشُ ممالِكَ
النسيان لي. لاشَعْبَ أَصْغَرُ من قصيدته. ولكنَّ السلاحَ
يُوَسِّعُ الكلمات للموتى وللأحياء فيها، والحُرُوفَ تُلَمِّعُ
السيفَ المُعَلَّقَ في حزام الفجر، والصحراء تنقُصُ
بالأغاني، أَو تزيدُ
لا عُمْرَ يكفي كي أَشُدَّ نهايتي لبدايتي
أَخَذَ الرُّعَاةُ حكايتي وتَوَغَّلُوا في العشب فوق مفاتن
الأنقاض، وانتصروا على النسيان بالأَبواق والسَّجَع
المشاع، وأَورثوني بُحَّةَ الذكرى على حَجَرِ الوداع، ولم
يعودوا …
رَعَويَّةٌ أَيَّامنا رَعَويَّةٌ بين القبيلة والمدينة، لم أَجد لَيْلاً
خُصُوصِيّاً لهودجِكِ المُكَلَّلِ بالسراب، وقلتِ لي:
ما حاجتي لاسمي بدونكَ؟ نادني، فأنا خلقتُكَ
عندما سَمَّيْتَني، وقتلتَني حين امتلكتَ الاسمَ …
كيف قتلتَني؟ وأَنا غريبةُ كُلِّ هذا الليل، أَدْخِلْني
إلى غابات شهوتك، احتضنِّي واعْتَصِرْني،
واسفُك العَسَلَ الزفافيَّ النقيَّ على قفير النحل.
بعثرني بما ملكتْ يداك من الرياح ولُمَّني.
فالليل يُسْلِمُ روحَهُ لك يا غريبُ، ولن تراني نجمةٌ
إلاّ وتعرف أَنَّ عائلتي ستقتلني بماء اللازوردِ،
فهاتِني ليكونَ لي - وأَنا أُحطِّمُ جَرَّتي بيديَّ -
حاضِريَ السعيدُ
- هل قُلْتَ لي شيئاً يُغَيِّر لي سبيلي؟
- لم أَقُلْ. كانت حياتي خارجي
أَنا مَنْ يُحَدِّثُ نفسَهُ:
وَقَعَتْ مُعَلَّقتي الأَخيرةُ عن نخيلي
وأَنا المُسَافِرُ داخلي
وأَنا المُحَاصَرُ بالثنائياتِ،
لكنَّ الحياة جديرَةٌ بغموضها
وبطائرِ الدوريِّ …
لم أُولَدْ لأَعرفَ أَنني سأموتُ، بل لأُحبَّ محتوياتِ ظلِّ
اللهِ
يأخُذُني الجمالُ إلى الجميلِ
وأُحبُّ حُبَّك، هكذا متحرراً من ذاتِهِ وصفاتِهِ
وأِنا بديلي …
أَنا من يُحَدِّثُ نَفْسَهُ:
مِنْ أَصغر الأشياءِ تُولَدُ أكبرُ الأفكار
والإيقاعُ لا يأتي من الكلمات،
بل مِنْ وحدة الجَسَدَيْنِ
في ليلٍ طويلٍ …
أَنا مَنْ يحدِّثُ نَفْسَهُ
ويروِّضُ الذكرى … أَأَنتِ أَنا؟
وثالثُنا يرفرف بيننا ” لا تَنْسَيَاني دائماً ”
يا مَوْتَنا ! خُذْنَا إليكَ على طريقتنا، فقد نتعلَّمُ الإشراق …
لا شَمْسٌ ولا قَمَرٌ عليَّ
تركتُ ظلِّي عالقاً بغصون عَوْسَجَةٍ
فخفَّ بِيَ المكانُ
وطار بي روحي الشَّرُودُ
أَنا مَنْ يحدِّثُ نفسَهُ:
يا بنتُ: ما فَعَلَتْ بكِ الأشواقُ؟
إن الريح تصقُلُنا وتحملنا كرائحة الخريفِ،
نضجتِ يا امرأتي على عُكَّازَتيَّ،
بوسعك الآن الذهابُ على ” طريق دمشق ”
واثقةً من الرؤيا. مَلاَكٌ حارسٌ
وحمامتان ترفرفان على بقيَّة عمرنا، والأرضُ عيدُ …
الأرضُ عيدُ الخاسرين [ ونحن منهُمْ ]
نحن من أَثَرِ النشيد الملحميِّ على المكان، كريشةِ النَّسْرِ
العجوز خيامُنا في الريح. كُنَّا طيِّبين وزاهدين بلا تعاليم
المسيح. ولم نكُنْ أَقوى من الأعشابِ إلاّ في ختام
الصَيْفِ،
أَنتِ حقيقتي، وأَنا سؤالُكِ
لم نَرِثْ شيئاً سوى اسْميْنَا
وأَنتِ حديقتي، وأَنا ظلالُكِ
عند مفترق النشيد الملحميِّ …
ولم نشارك في تدابير الإلهات اللواتي كُنَّ يبدأن النشيد
بسحرهنَّ وكيدهنَّ. وكُنَّ يَحْمِلْنَ المكانَ على قُرُون
الوعل من زَمَنِ المكان إلى زمان آخرٍ …
كنا طبيعيِّين لو كانت نجومُ سمائنا أَعلى قليلاً من
حجارة بئرنا، والأَنبياءُ أَقلَّ إلحاحاً، فلم يسمع مدائحَنا
الجُنُودُ …
خضراءُ، أرضُ قصيدتي خضراءُ
يحملُها الغنائيّون من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ كما هِيَ في
خُصُوبتها.
ولي منها: تأمُّلُ نَرْجسٍ في ماء صُورَتِهِ
ولي منها وُضُوحُ الظلِّ في المترادفات
ودقَّةُ المعنى …
ولي منها: التَّشَابُهُ في كلام الأَنبياءِ
على سُطُوح الليلِ
لي منها: حمارُ الحكمةِ المنسيُّ فوق التلِّ
يسخَرُ من خُرافتها وواقعها …
ولي منها: احتقانُ الرمز بالأضدادِ
لا التجسيدُ يُرجِعُها من الذكرى
ولا التجريدُ يرفَعُها إلى الإشراقة الكبرى
ولي منها: ” أَنا ” الأُخرى
تُدَوِّنُ في مُفَكِّرَة الغنائيِّين يوميَّاتها:
"إن كان هذا الحُلْمُ لا يكفي
فلي سَهَرٌ بطوليٌّ على بوابة المنفى …"
ولي منها: صَدَى لُغتي على الجدران
يكشِطُ مِلْحَهَا البحريَّ
حين يخونني قَلْبٌ لَدُودُ …
أَعلى من الأَغوار كانت حكمتي
إذ قلتُ للشيطان: لا. لا تَمْتَحِنِّي !
لا تَضَعْني في الثُّنَائيّات، واتركني
كما أَنا زاهداً برواية العهد القديم
وصاعداً نحو السماء، هُنَاكَ مملكتي
خُذِ التاريخَ، يا ابنَ أَبي، خُذِ
التاريخَ … واصنَعْ بالغرائز ما تريدُ
وَلِيَ السكينةُ. حَبَّةُ القمح الصغيرةُ
سوف تكفينا، أَنا وأَخي العَدُوّ،
فساعتي لم تَأْتِ بَعْدُ. ولم يَحِنْ
وقتُ الحصاد. عليَّ أَن أَلِجَ الغيابَ
وأَن أُصدِّقَ أوَّلاً قلبي وأتبعَهُ إلى
قانا الجليل. وساعتي لم تأتِ بَعْدُ.
لَعَلَّ شيئاً فيَّ ينبُذُني. لعلِّي واحدٌ
غيري. فلم تنضج كُرومُ التين حول
ملابس الفتيات بَعْدُ. ولم تَلِدْني
ريشةُ العنقاء. لا أَحَدٌ هنالك
في انتظاري. جئْتُ قبل، وجئتُ
بعد، فلم أَجد أحداً يُصَدِّق ما
أرى. أنا مَنْ رأى. وأَنا البعيدُ
أَنا البعيدُ
مَنْ أَنتَ، يا أَنا؟ في الطريقِ
اثنانِ نَحْنُ، وفي القيامة واحدٌ.
خُذْني إلى ضوء التلاشي كي أَرى
صَيْرُورتي في صُورَتي الأُخرى. فَمَنْ
سأكون بعدَكَ، يا أَنا؟ جَسَدي
ورائي أم أَمامَكَ؟ مَنْ أَنا يا
أَنت؟ كَوِّنِّي كما كَوَّنْتُكَ، ادْهَنِّي
بزيت اللوز، كَلِّلني بتاج الأرز.
واحملني من الوادي إلى أَبديّةٍ
بيضاءَ. عَلِّمني الحياةَ على طريقتِكَ،
اختَبِرْني ذَرَّةً في العالم العُلْوِيِّ.
ساعِدْني على ضَجَر الخلود، وكُنْ
رحيماً حين تجرحني وتبزغ من
شراييني الورودُ …
لم تـأت سـاعـتُنا. فـلا رُسُـلٌ يَـقِـيـسُـونَ
الزمانَ بقبضة العشب الأخير. هل استدار؟ ولا ملائكةٌ
يزورون المكانَ ليتركَ الشعراءُ ماضِيَهُمْ على الشَّفَق
الجميل، ويفتحوا غَدَهُمْ بأيديهمْ.
فغنِّي يا إلهتيَ الأثيرةَ، ياعناةُ،
قصيدتي الأُولى عن التكوين ثانيةً …
فقد يجدُ الرُّوَاةُ شهادةَ الميلاد
للصفصاف في حَجَرٍ خريفيّ. وقد يجدُ
الرعاةُ البئرَ في أَعماق أُغنية. وقد
تأتي الحياةُ فجاءةً للعازفين عن
المعاني من جناح فراشةٍ عَلِقَتْ
بقافيةٍ، فغنِّي يا إلهتيَ الأَثيرةَ
يا عناةُ، أَنا الطريدةُ والسهامُ،
أَنا الكلامُ. أَنا المؤبِّنُ والمؤذِّنُ
والشهيدُ
ما قلتُ للطَّلَلِ: الوداع. فلم أَكُنْ
ما كُنْتُ إلاّ مَرَّةً. ما كُنْتُ إلاّ
مرَّةً تكفي لأَعرف كيف ينكسرُ الزمانُ
كخيمة البدويِّ في ريح الشمال،
وكيف يَنْفَطِرُ المكانُ ويرتدي الماضي
نُثَارَ المعبد المهجور. يُشبهُني كثيراً
كُلُّ ما حولي، ولم أُشْبِهْ هنا
شيئاً. كأنَّ الأرض ضَيِّقَةٌ على
المرضى الغنائيِّين، أَحفادِ الشياطين
المساكين المجانين الذين إذا رأوا
حُلْماً جميلاً لَقَّنُوا الببغاءَ شِعْر
الحب، وانفتَحتْ أَمامَهُمُ الحُدُودُ …
وأُريدُ أُن أُحيا …
فلي عَمَلٌ على ظهر السفينة. لا
لأُنقذ طائراً من جوعنا أَو من
دُوَارِ البحر، بل لأُشاهِدَ الطُوفانَ
عن كَثَبٍ: وماذا بعد؟ ماذا
يفعَلُ الناجونَ بالأرض العتيقة؟
هل يُعيدونَ الحكايةَ؟ ما البدايةُ؟
ما النهايةُ؟ لم يعد أَحَدٌ من
الموتى ليخبرنا الحقيقة … /
أَيُّها الموتُ انتظرني خارج الأرض،
انتظرني في بلادِكَ، ريثما أُنهي
حديثاً عابراً مَعَ ما تبقَّى من حياتي
قرب خيمتكَ، انتظِرْني ريثما أُنهي
قراءةَ طَرْفَةَ بنِ العَبْد. يُغْريني
الوجوديّون باستنزاف كُلِّ هُنَيْهَةٍ
حريةً، وعدالةً، ونبيذَ آلهةٍ … /
فيا مَوْتُ ! انتظرني ريثما أُنهي
تدابيرَ الجنازة في الربيع الهَشّ،
حيث وُلدتُ، حيث سأمنع الخطباء
من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صُمُود التينِ والزيتونِ في وجه
الزمان وجيشِهِ. سأقول: صُبُّوني
بحرف النون، حيث تَعُبُّ روحي
سورةُ الرحمن في القرآن. وامشوا
صامتين معي على خطوات أَجدادي
ووقع الناي في أَزلي. ولا
تَضَعُوا على قبري البنفسجَ، فَهْوَ
زَهْرُ المُحْبَطين يُذَكِّرُ الموتى بموت
الحُبِّ قبل أَوانِهِ. وَضَعُوا على
التابوتِ سَبْعَ سنابلٍ خضراءَ إنْ
وُجِدَتْ، وبَعْضَ شقائقِ النُعْمانِ إنْ
وُجِدَتْ. وإلاّ، فاتركوا وَرْدَ
الكنائس للكنائس والعرائس /
أَيُّها الموت انتظر ! حتى أُعِدَّ
حقيبتي: فرشاةَ أسناني، وصابوني
وماكنة الحلاقةِ، والكولونيا، والثيابَ.
هل المناخُ هُنَاكَ مُعْتَدِلٌ؟ وهل
تتبدَّلُ الأحوالُ في الأبدية البيضاء،
أم تبقى كما هِي في الخريف وفي
الشتاء؟ وهل كتابٌ واحدٌ يكفي
لِتَسْلِيَتي مع اللاَّ وقتِ، أمْ أَحتاجُ
مكتبةً؟ وما لُغَةُ الحديث هناك،
دارجةٌ لكُلِّ الناس أَم عربيّةٌ
فُصْحى/
.. ويا مَوْتُ انتظرْ، ياموتُ،
حتى أستعيدَ صفاءَ ذِهْني في الربيع
وصحّتي، لتكون صيَّاداً شريفاً لا
يَصيدُ الظَّبْيَ قرب النبع. فلتكنِ العلاقةُ
بيننا وُدّيَّةً وصريحةً: لَكَ أنَتَ
مالَكَ من حياتي حين أَملأُها..
ولي منك التأمُّلُ في الكواكب:
لم يَمُتْ أَحَدٌ تماماً، تلك أَرواحٌ
تغيِّر شَكْلَها ومُقَامَها /
يا موت ! ياظلِّي الذي
سيقودُني، يا ثالثَ الاثنين، يا
لَوْنَ التردُّد في الزُمُرُّد والزَّبَرْجَدِ،
يا دَمَ الطاووس، يا قَنَّاصَ قلب
الذئب، يا مَرَض الخيال ! اجلسْ
على الكرسيّ ! ضَعْ أَدواتِ صيدكَ
تحت نافذتي. وعلِّقْ فوق باب البيت
سلسلةَ المفاتيح الثقيلةَ ! لا تُحَدِّقْ
يا قويُّ إلى شراييني لترصُدَ نُقْطَةَ
الضعف الأَخيرةَ. أَنتَ أَقوى من
نظام الطبّ. أَقوى من جهاز
تَنَفُّسي. أَقوى من العَسَلِ القويّ،
ولَسْتَ محتاجاً - لتقتلني - إلى مَرَضي.
فكُنْ أَسْمَى من الحشرات. كُنْ مَنْ
أَنتَ، شفَّافاً بريداً واضحاً للغيب.
كن كالحُبِّ عاصفةً على شجر، ولا
تجلس على العتبات كالشحَّاذ أو جابي
الضرائبِ. لا تكن شُرطيّ سَيْرٍ في
الشوارع. كن قويّاً، ناصعَ الفولاذ، واخلَعْ عنك أَقنعةَ
الثعالب. كُنْ
فروسياً، بهياً، كامل الضربات. قُلْ
ماشئْتَ: "من معنى إلى معنى
أَجيءُ. هِيَ الحياةُ سُيُولَةٌ، وأَنا
أكثِّفُها، أُعرِّفُها بسُلْطاني وميزاني".. /
ويا مَوْتُ انتظرْ، واجلس على
الكرسيّ. خُذْ كأسَ النبيذ، ولا
تفاوِضْني، فمثلُكَ لا يُفاوِضُ أَيَّ
إنسانٍ، ومثلي لا يعارضُ خادمَ
الغيبِ. استرح … فَلَرُبَّما أُنْهِكْتَ هذا
اليوم من حرب النجوم. فمن أَنا
لتزورني؟ أَلَدَيْكَ وَقْتٌ لاختبار
قصيدتي. لا. ليس هذا الشأنُ
شأنَكَ. أَنت مسؤولٌ عن الطينيِّ في
البشريِّ، لا عن فِعْلِهِ أو قَوْلِهِ /
هَزَمَتْكَ يا موتُ الفنونُ جميعُها.
هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد
الرافدين. مِسَلَّةُ المصريّ، مقبرةُ الفراعنةِ،
النقوشُ على حجارة معبدٍ هَزَمَتْكَ
وانتصرتْ، وأِفْلَتَ من كمائنك
الخُلُودُ …
فاصنع بنا، واصنع بنفسك ما تريدُ
وأَنا أُريدُ، أريدُ أَن أَحيا …
فلي عَمَلٌ على جغرافيا البركان.
من أَيام لوط إلى قيامة هيروشيما
واليبابُ هو اليبابُ. كأنني أَحيا
هنا أَبداً، وبي شَبَقٌ إلى ما لست
أَعرف. قد يكون ” الآن ” أَبعَدَ.
قد يكونُ الأمس أَقربَ. والغَدُ الماضي.
ولكني أَشدُّ ” الآن ” من يَدِهِ ليعبُرَ
قربيَ التاريخُ، لا الزَّمَنُ المُدَوَّرُ،
مثل فوضى الماعز الجبليِّ. هل
أنجو غداً من سرعة الوقت الإلكترونيّ،
أَم أَنجو غداً من بُطْء قافلتي
على الصحراء؟ لي عَمَلٌ لآخرتي
كأني لن أَعيش غداً. ولي عَمَلٌ ليومٍ
حاضرٍ أَبداً. لذا أُصغي، على مَهَلٍ
على مَهَل، لصوت النمل في قلبي:
أعينوني على جَلَدي. وأَسمع صَرْخَةَ
الحَجَر الأسيرةَ: حَرِّروا جسدي. وأُبصرُ
في الكمنجة هجرةَ الأشواق من بَلَدٍ
تُرَابيّ إلى بَلَدٍ سماويّ. وأَقبضُ في
يد الأُنثى على أَبَدِي الأليفِ: خُلِقتُ
ثم عَشِقْتُ، ثم زهقت، ثم أَفقتُ
في عُشْبٍ على قبري يدلُّ عليَّ من
حينٍ إلى حينٍ. فما نَفْعُ الربيع
السمح إن لم يُؤْنِس الموتى ويُكْمِلْ
بعدهُمْ فَرَحَ الحياةِ ونَضْرةَ النسيان؟
تلك طريقةٌ في فكِّ لغز الشعرِ،
شعري العاطفيّ على الأَقلِّ. وما
المنامُ سوى طريقنا الوحيدة في الكلام /
وأَيُّها الموتُ التَبِسْ واجلسْ
على بلَّوْرِ أَيامي، كأنَّكَ واحدٌ من
أَصدقائي الدائمين، كأنَّكَ المنفيُّ بين
الكائنات. ووحدك المنفيُّ. لا تحيا
حياتَكَ. ما حياتُكَ غير موتي. لا
تعيش ولا تموت. وتخطف الأطفالَ
من عَطَشِ الحليب إلى الحليب. ولم
تكن طفلاً تهزُّ له الحساسينُ السريرَ،
ولم يداعِبْكَ الملائكةُ الصغارُ ولا
قُرونُ الأيِّل الساهي، كما فَعَلَتْ لنا
نحن الضيوفَ على الفراشة. وحدك
المنفيُّ، يا مسكين، لا امرأةٌ تَضُمُّك
بين نهديها، ولا امرأةٌ تقاسِمُك
الحنين إلى اقتصاد الليل باللفظ الإباحيِّ
المرادفِ لاختلاط الأرض فينا بالسماءِ.
ولم تَلِدْ وَلَداً يجيئك ضارعاً: أَبتي،
أُحبُّكَ. وحدك المنفيُّ، يا مَلِكَ
الملوك، ولا مديحَ لصولجانكَ. لا
صُقُورَ على حصانك. لا لآلئَ حول
تاجك. أَيُّها العاري من الرايات
والبُوق المُقَدَّسِ ! كيف تمشي هكذا
من دون حُرَّاسٍ وجَوْقَةِ منشدين،
كَمِشْيَة اللصِّ الجبان. وأَنتَ مَنْ
أَنتَ، المُعَظَّمُ، عاهلُ الموتى، القويُّ،
وقائدُ الجيش الأَشوريِّ العنيدُ
فاصنع بنا، واصنع بنفسك ما تريدُ
وأَنا أُريدُ، أُريد أَن أَحيا، وأَن
أَنساك …. أَن أَنسى علاقتنا الطويلة
لا لشيءٍ، بل لأَقرأ ما تُدَوِّنُهُ
السماواتُ البعيدةُ من رسائلَ. كُلَّما
أَعددتُ نفسي لا نتظار قدومِكَ
ازددتَ ابتعاداً. كلما قلتُ: ابتعدْ
عني لأُكمل دَوْرَةَ الجَسَدَيْنِ، في جَسَدٍ
يفيضُ، ظهرتَ ما بيني وبيني
ساخراً: ” لا تَنْسَ مَوْعِدَنا … ”
- متى؟ - في ذِرْوَة النسيان
حين تُصَدِّقُ الدنيا وتعبُدُ خاشعاً
خَشَبَ الهياكل والرسومَ على جدار الكهف،
حيث تقول: ” آثاري أَنا وأَنا ابنُ نفسي ”. - أَين موعدُنا؟
أَتأذن لي بأن أَختار مقهىً عند
باب البحر؟ - لا …. لا تَقْتَرِبْ
يا ابنَ الخطيئةِ، يا ابن آدمَ من
حدود الله ! لم تُولَدْ لتسأل، بل
لتعمل …. - كُن صديقاً طَيِّباً يا
موت ! كُنْ معنىً ثقافياً لأُدرك
كُنْهَ حكمتِكَ الخبيئةِ ! رُبَّما أَسْرَعْتَ
في تعليم قابيلَ الرمايةَ. رُبَّما
أَبطأتَ في تدريب أَيُّوبٍ على
الصبر الطويل. وربما أَسْرَجْتَ لي
فَرَسا ً لتقتُلَني على فَرَسي. كأني
عندما أَتذكَّرُ النسيانَ تُنقِذُ حاضري
لُغَتي. كأني حاضرٌ أَبداً. كأني
طائر أَبداً. كأني مُذْ عرفتُكَ
أَدمنتْ لُغَتي هَشَاشَتَها على عرباتك
البيضاءِ، أَعلى من غيوم النوم،
أَعلى عندما يتحرَّرُ الإحساس من عبء
العناصر كُلّها. فأنا وأَنتَ على طريق
الله صوفيَّانِ محكومان بالرؤيا ولا يَرَيَان /
عُدْ يا مَوْتُ وحدَكَ سالماً،
فأنا طليق ههنا في لا هنا
أو لا هناك. وَعُدْ إلى منفاك
وحدك. عُدْ إلى أدوات صيدك،
وانتظرني عند باب البحر. هَيِّئ لي
نبيذاً أَحمراً للاحتفال بعودتي لِعِيادَةِ
الأرضِ المريضة. لا تكن فظّا ً غليظ
القلب ! لن آتي لأَسخر منك، أَو
أَمشي على ماء البُحَيْرَة في شمال
الروح. لكنِّي - وقد أَغويتَني - أَهملتُ
خاتمةَ القصيدةِ: لم أَزفَّ إلى أَبي
أُمِّي على فَرَسي. تركتُ الباب مفتوحاً
لأندلُسِ الغنائيِّين، واخترتُ الوقوفَ
على سياج اللوز والرُمَّان، أَنفُضُ
عن عباءة جدِّيَ العالي خُيُوطَ
العنكبوت. وكان جَيْشٌ أَجنبيٌّ يعبر
الطُرُقَ القديمةَ ذاتها، ويَقِيسُ أَبعادَ
الزمان بآلة الحرب القديمة ذاتها … /
يا موت، هل هذا هو التاريخُ،
صِنْوُكَ أَو عَدُوُّك، صاعداً ما بين
هاويتين؟ قد تبني الحمامة عُشَّها
وتبيضُ في خُوَذ الحديد. وربما ينمو
نباتُ الشِّيحِ في عَجَلاتِ مَرْكَبَةٍ مُحَطَّمةٍ.
فماذا يفعل التاريخُ، صنوُكَ أو عَدُوُّكَ،
بالطبيعة عندما تتزوَّجُ الأرضَ السماءُ
وتذرفُ المَطَرَ المُقَدَّسَ؟ /
أَيها الموت، انتظرني عند باب
البحر في مقهى الرومانسيِّين. لم
أَرجِعْ وقد طاشَتْ سهامُكَ مَرَّةً
إلاّ لأُودِعَ داخلي في خارجي،
وأُوزِّعَ القمح الذي امتلأتْ به رُوحي
على الشحرور حطَّ على يديَّ وكاهلي،
وأُودِّعَ الأرضَ التي تمتصُّني ملحاً، وتنثرني
حشيشاً للحصان وللغزالة. فانتظرني
ريثما أُنهي زيارتي القصيرة للمكان وللزمان،
ولا تُصَدِّقْني أَعودُ ولا أَعودُ
وأَقول: شكراً للحياة !
ولم أكن حَيّاً ولا مَيْتاً
ووحدك، كنتَ وحدك، يا وحيدُ !
تقولُ مُمَرِّضتي: كُنْتَ تهذي
كثيراً، وتصرخُ: يا قلبُ !
يا قَلْبُ ! خُذْني
إلى دَوْرَة الماءِ …/
ما قيمةُ الروح إن كان جسمي
مريضاً، ولا يستطيعُ القيامَ
بواجبه الأوليِّ؟
فيا قلبُ، يا قلبُ أَرجعْ خُطَايَ
إليَّ، لأَمشي إلى دورة الماء
وحدي !
نسيتُ ذراعيَّ، ساقيَّ، والركبتين
وتُفَّاحةَ الجاذبيَّةْ
نسيتُ وظيفةَ قلبي
وبستانَ حوَّاءَ في أَوَّل الأبديَّةْ
نسيتُ وظيفةَ عضوي الصغير
نسيتُ التنفُّسَ من رئتيّ.
نسيتُ الكلام
أَخاف على لغتي
فاتركوا كُلَّّ شيء على حالِهِ
وأَعيدوا الحياة إلى لُغَتي !..
تقول مُمَرِّضتي: كُنْتَ تهذي
كثيراً، وتصرخ بي قائلا ً:
لا أُريدُ الرجوعَ إلى أَحَدِ
لا أُريدُ الرجوعَ إلى بلدِ
بعد هذا الغياب ألطويل …
أُريدُ الرجوعَ فَقَطْ
إلى لغتي في أقاصي الهديل
تقولُ مُمَرِّضتي:
كُنْتَ تهذي طويلا ً، وتسألني:
هل الموتُ ما تفعلين بي الآنَ
أَم هُوَ مَوْتُ اللُغَةْ؟
خضراءُ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ، عاليةٌ …
على مَهَلٍ أُدوِّنُها، على مَهَلٍ، على
وزن النوارس في كتاب الماءِ. أَكتُبُها
وأُورِثُها لمنْ يتساءلون: لمنْ نُغَنِّي
حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى؟ …
خضراءُ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في
كتاب الحقلِ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ
فيها وفيَّ. وكُلَّما صادَقْتُ أَو
آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من
الفَنَاء وضدَّه: "أَنا حَبَّةُ القمح
التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً. وفي
موتي حياةٌ ما …"
كأني لا كأنّي
لم يمت أَحَدٌ هناك نيابةً عني.
فماذا يحفظُ الموتى من الكلمات غيرَ
الشُّكْرِ: ”إنَّ الله يرحَمُنا ”…
ويُؤْنِسُني تذكُّرُ ما نَسِيتُ مِنَ
البلاغة: ” لم أَلِدْ وَلَدا ً ليحمل مَوْتَ
والِدِهِ ”…
وآثَرْتُ الزواجَ الحُرَّ بين المُفْرَدات ….
سَتَعْثُرُ الأُنثى على الذَّّكَر المُلائِمِ
في جُنُوح الشعر نحو النثر ….
سوف تشُّبُّ أَعضائي على جُمَّيزَةٍ،
ويصُبُّ قلبي ماءَهُ الأَرضيَّ في
أَحَدِ الكواكب … مَنْ أَنا في الموت
بعدي؟ مَنْ أَنا في الموت قبلي
قال طيفٌ هامشيٌّ: "كان أوزيريسُ
مثْلَكَ، كان مثلي. وابنُ مَرْيَمَ
كان مثلَكَ، كان مثلي. بَيْدَ أَنَّ
الجُرْحَ في الوقت المناسب يُوجِعُ
العَدَمَ المريضَ، ويَرْفَعُ الموتَ المؤقَّّتَ
فكرةً … ".
من أَين تأتي الشاعريَّةُ؟ من
ذكاء القلب، أَمْ من فِطْرة الإحساس
بالمجهول؟ أَمْ من وردةٍ حمراءَ
في الصحراء؟ لا الشخصيُّ شخصيُّ
ولا الكونيُّ كونيٌّ …
كأني لا كأني …/
كلما أَصغيتُ للقلب امتلأتُ
بما يقول الغَيْبُ، وارتفعتْ بِيَ
الأشجارُ. من حُلْم إلى حُلْمٍ
أَطيرُ وليس لي هَدَفٌ أَخيرٌ.
كُنْتُ أُولَدُ منذ آلاف السنين
الشاعريَّةِ في ظلامٍ أَبيض الكتّان
لم أَعرف تماماً مَنْ أَنا فينا ومن
حُلْمي. أَنا حُلْمي
كأني لا كأني …
لم تَكُنْ لُغَتي تُودِّعُ نَبْرها الرعويَّ
إلاّ في الرحيل إلى الشمال. كلابُنا
هَدَأَتْ. وماعِزُنا توشَّح بالضباب على
التلال. وشجَّ سَهْمٌ طائش وَجْهَ
اليقين. تعبتُ من لغتي تقول ولا
تقولُ على ظهور الخيل ماذا يصنعُ
الماضي بأيَّامِ امرئ القيس المُوَزَّعِ
بين قافيةٍ وقَيْصَرَ …/
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ آلهتي،
هنالك، في بلاد الأرجوان أَضاءني
قَمَرٌ تُطَوِّقُهُ عناةُ، عناةُ سيِّدَةُ
الكِنايةِ في الحكايةِ. لم تكن تبكي على
أَحَدِ، ولكنْ من مَفَاتِنِها بَكَتْ:
هَلْ كُلُّ هذا السحرِ لي وحدي
أَما من شاعرٍ عندي
يُقَاسِمُني فَرَاغَ التَخْتِ في مجدي؟
ويقطفُ من سياج أُنوثتي
ما فاض من وردي؟
أَما من شاعر يُغْوي
حليبَ الليل في نهدي؟
أَنا الأولى
أَنا الأخرى
وحدِّي زاد عن حدِّي
وبعدي تركُضُ الغِزلانُ في الكلمات
لا قبلي … ولا بعدي /
سأحلُمُ، لا لأُصْلِحَ مركباتِ الريحِ
أَو عَطَباً أَصابَ الروحَ
فالأسطورةُ اتَّخَذَتْ مكانَتَها / المكيدةَ
في سياق الواقعيّ. وليس في وُسْعِ القصيدة
أَن تُغَيِّرَ ماضياً يمضي ولا يمضي
ولا أَنْ تُوقِفَ الزلزالَ
لكني سأحلُمُ،
رُبَّما اتسَعَتْ بلادٌ لي، كما أَنا
واحداً من أَهل هذا البحر،
كفَّ عن السؤال الصعب: "مَنْ أَنا؟ …
هاهنا؟ أَأَنا ابنُ أُمي؟"
لا تساوِرُني الشكوكُ ولا يحاصرني
الرعاةُ أو الملوكُ. وحاضري كغدي معي.
ومعي مُفَكِّرتي الصغيرةُ: كُلَّما حَكَّ
السحابةَ طائرٌ دَوَّنتُ: فَكَّ الحُلْمُ
أَجنحتي. أنا أَيضاً أطيرُ. فَكُلُّ
حيّ طائرٌ. وأَنا أَنا، لا شيءَ
آخَرَ /
واحدٌ من أَهل هذا السهل …
في عيد الشعير أَزورُ أطلالي
البهيَّة مثل وَشْم في الهُوِيَّةِ.
لا تبدِّدُها الرياحُ ولا تُؤبِّدُها … /
وفي عيد الكروم أَعُبُّ كأساً
من نبيذ الباعة المتجوِّلينَ … خفيفةٌ
روحي، وجسمي مُثْقَلٌ بالذكريات وبالمكان /
وفي الربيع، أكونُ خاطرةً لسائحةٍ
ستكتُبُ في بطاقات البريد: "على
يسار المسرح المهجور سَوْسَنَةٌ وشَخْصٌ
غامضٌ. وعلى اليمين مدينةٌ عصريَّةٌ " /
وأَنا أَنا، لا شيء آخَرَ …
لَسْتُ من أَتباع روما الساهرينَ
على دروب الملحِ. لكنِّي أسَدِّدُ نِسْبَةً
مئويَّةً من ملح خبزي مُرْغَماً، وأَقول
للتاريخ: زَيِّنْ شاحناتِكَ بالعبيد وبالملوك الصاغرينَ، ومُرَّ
… لا أَحَدٌ يقول
الآن: لا.
وأَنا أَنا، لا شيء آخر
واحدٌ من أَهل هذا الليل. أَحلُمُ
بالصعود على حصاني فَوْقَ، فَوْقَ …
لأَتبع اليُنْبُوعَ خلف التلِّ
فاصمُدْ يا حصاني. لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ

أَنتَ فُتُوَّتي وأَنا خيالُكَ. فانتصِبْ
أَلِفاً، وصُكَّ البرقَ. حُكَّ بحافر
الشهوات أَوعيةَ الصَدَى. واصعَدْ،
تَجَدَّدْ، وانتصبْ أَلفاً، توتَّرْ يا
حصاني وانتصبْ ألفا ً، ولا تسقُطْ
عن السفح الأَخير كرايةٍ مهجورةٍ في
الأَبجديَّة. لم نَعُدْ في الريح مُخْتَلِفَيْنِ،
أَنت تَعِلَّتي وأَنا مجازُكَ خارج الركب
المُرَوَّضِ كالمصائرِ. فاندفِعْ واحفُرْ زماني
في مكاني يا حصاني. فالمكانُ هُوَ
الطريق، ولا طريقَ على الطريق سواكَ
تنتعلُ الرياحَ. أَُضئْ نُجوماً في السراب !
أَضئْ غيوماً في الغياب، وكُنْ أَخي
ودليلَ برقي يا حصاني. لا تَمُتْ
قبلي ولا بعدي عَلى السفح الأخير
ولا معي. حَدِّقْ إلى سيَّارة الإسعافِ
والموتى … لعلِّي لم أَزل حيّاً /
سأَحلُمُ، لا لأُصْلِحَ أَيَّ معنىً خارجي.
بل كي أُرمِّمَ داخلي المهجورَ من أَثر
الجفاف العاطفيِّ. حفظتُ قلبي كُلَّهُ
عن ظهر قلبٍ: لم يَعُدْ مُتَطفِّلاً
ومُدَلّلاً. تَكْفيهِ حَبَّةُ ” أَسبرين ” لكي
يلينَ ويستكينَ. كأنَّهُ جاري الغريبُ
ولستُ طَوْعَ هوائِهِ ونسائِهِ. فالقلب
يَصْدَأُ كالحديدِ، فلا يئنُّ ولا يَحِنُّ
ولا يُجَنُّ بأوَّل المطر الإباحيِّ الحنينِ،
ولا يرنُّ ّكعشب آبَ من الجفافِ.
كأنَّ قلبي زاهدٌ، أَو زائدٌ
عني كحرف ” الكاف ” في التشبيهِ
حين يجفُّ ماءُ القلب تزدادُ الجمالياتُ
تجريداً، وتدَّثرُ العواطف بالمعاطفِ،
والبكارةُ بالمهارة /
كُلَّما يَمَّمْتُ وجهي شَطْرَ أُولى
الأغنيات رأيتُ آثارَ القطاة على
الكلام. ولم أَكن ولداً سعيداً
كي أَقولَ: الأمس أَجملُ دائماً.
لكنَّ للذكرى يَدَيْنِ خفيفتين تُهَيِّجانِ
الأرضَ بالحُمَّى. وللذكرى روائحُ زهرةٍ
ليليَّةٍ تبكي وتُوقظُ في دَمِ المنفيِّ
حاجتَهُ إلى الإنشاد: "كُوني
مُرْتَقى شَجَني أَجدْ زمني" … ولستُ
بحاجةٍ إلاّ لِخَفْقَةِ نَوْرَسِ لأتابعَ
السُفُنَ القديمةَ. كم من الوقت
انقضى منذ اكتشفنا التوأمين: الوقتَ
والموتَ الطبيعيَّ المُرَادِفَ للحياة؟
ولم نزل نحيا كأنَّ الموتَ يُخطئنا،
فنحن القادرين على التذكُّر قادرون
على التحرُّر، سائرون على خُطى
جلجامشَ الخضراءِ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ … /
هباءٌ كاملُ التكوينِ …
يكسرُني الغيابُ كجرَّةِ الماءِ الصغيرة.
نام أَنكيدو ولم ينهض. جناحي نام
مُلْتَفّاً بحَفْنَةِ ريشِهِ الطينيِّ. آلهتي
جمادُ الريح في أَرض الخيال. ذِراعِيَ
اليُمْنى عصا خشبيَّةٌ. والقَلْبُ مهجورٌ
كبئرٍ جفَّ فيها الماءُ، فاتَّسَعَ الصدى
الوحشيُّ: أنكيدو ! خيالي لم يَعُدْ
يكفي لأُكملَ رحلتي. لا بُدَّ لي من
قُوَّةٍ ليكون حُلْمي واقعيّاً. هاتِ
أَسْلِحتي أُلَمِّعْها بمِلح الدمعِ. هاتِ
الدمعَ، أنكيدو، ليبكي المَيْتُ فينا
الحيَّ. ما أنا؟ مَنْ ينامُ الآن
أنكيدو؟ أَنا أَم أَنت؟ آلهتي
كقبض الريحِ. فانهَضْ بي بكامل
طيشك البشريِّ، واحلُمْ بالمساواةِ
القليلةِ بين آلهة السماء وبيننا. نحن
الذين نُعَمِّرُ الأرضَ الجميلةَ بين
دجلةَ والفراتِ ونحفَظُ الأسماءَ. كيف
مَلَلْتَني، يا صاحبي، وخَذَلْتَني، ما نفْعُ حكمتنا بدون
فُتُوّةٍ … ما نفعُ حكمتنا؟ على باب المتاهِ خذلتني،
يا صاحبي، فقتلتَني، وعليَّ وحدي
أَن أرى، وحدي، مصائرنا. ووحدي
أَحملُ الدنيا على كتفيَّ ثوراً هائجاً.
وحدي أَفتِّشُ شاردَ الخطوات عن
أَبديتي. لا بُدَّ لي من حَلِّ هذا
اللُغْزِ، أنكيدو، سأحملُ عنكَ
عُمْرَكَ ما استطعتُ وما استطاعت
قُوَّتي وإرادتي أَن تحملاكَ. فمن
أَنا وحدي؟ هَبَاءٌ كاملُ التكوينِ
من حولي. ولكني سأُسْنِدُ ظلَّّك
العاري على شجر النخيل. فأين ظلُّكَ؟
أَين ظلُّك بعدما انكسرَتْ جُذُوعُك؟
قمَّةُ
الإنسان
هاويةٌ …
ظلمتُكَ حينما قاومتُ فيكَ الوَحْشَ،
بامرأةٍ سَقَتْكَ حليبَها، فأنِسْتَ …
واستسلمتَ للبشريِّ. أَنكيدو، ترفَّقْ
بي وعُدْ من حيث مُتَّ، لعلَّنا
نجدُ الجوابَ، فمن أَنا وحدي؟
حياةُ الفرد ناقصةٌ، وينقُصُني
السؤالُ، فمن سأسألُ عن عبور
النهر؟ فانهَضْ يا شقيقَ الملح
واحملني. وأَنتَ تنامُ هل تدري
بأنك نائمٌ؟ فانهض.. كفى نوما ً!
تحرَّكْ قبل أَن يتكاثَرَ الحكماءُ حولي
كالثعالب: [ كُلُّ شيء باطلٌ، فاغنَمْ
حياتَكَ مثلما هِيَ برهةً حُبْلَى بسائلها،
دَمِ العُشْب المُقَطَّرِ. عِشْ ليومك لا
لحلمك. كلُّ شيء زائلٌ. فاحذَرْ
غداً وعشِ الحياةَ الآن في امرأةٍ
تحبُّكَ. عِشْ لجسمِكَ لا لِوَهْمِكَ.
وانتظرْ
ولداً سيحمل عنك رُوحَكَ
فالخلودُ هُوَ التَّنَاسُلُ في الوجود.
وكُلُّ شيءٍ باطلٌ أو زائل، أو
زائل أو باطلٌ] مَنْ أَنا؟
أَنشيدُ الأناشيد
أم حِكْمَةُ الجامعةْ؟
وكلانا أَنا …
وأَنا شَاعرٌ
ومَلِكْ
وحكيمٌ على حافّة البئرِ
لا غيمةٌ في يدي
ولا أَحَدَ عَشَرَ كوكباً
على معبدي
ضاق بي جَسَدي
ضاق بي أَبدي
وغدي
جالسٌ مثل تاج الغبار
على مقعدي
باطلٌ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ
أَلرياحُ شماليَّةٌ
والرياحُ جنوبيَّةٌ
تُشْرِقُ الشمسُ من ذاتها
تَغْرُبُ الشمسُ في ذاتها
لا جديدَ، إذاً
والزَمَنْ
كان أَمسِ،
سُدىً في سُدَى.
ألهياكلُ عاليةٌ
والسنابلُ عاليةٌ
والسماءُ إذا انخفضت مَطَرتْ
والبلادُ إذا ارتفعت أَقفرت
كُلُّ شيء إذا زاد عن حَدِّهِ
صار يوماً إلى ضدِّهِ.
والحياةُ على الأرض ظلٌّ
لما لا نرى ….
باطلٌ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كلُّ شيء على البسيطة زائلْ
1400 مركبة
و12,000 فرس
تحمل اسمي المُذَهَّبَ من
زَمَنٍ نحو آخر …
عشتُ كما لم يَعِشْ شاعرٌ
مَلكاً وحكيماً …
هَرِمْتُ، سَئِمْتُ من المجدِ
لا شيءَ ينقصني
أَلهذا إذاً
كلما ازداد علمي
تعاظَمَ هَمِّي؟
فما أُورشليمُ وما العَرْشُ؟
لا شيءَ يبقى على حالِه
للولادة وَقْتٌ
وللموت وقتٌ
وللصمت وَقْتٌ
وللنُّطق وقْتٌ
وللحرب وقْتٌ
وللصُّلحِ وقْتٌ
وللوقتِ وقْتٌ
ولا شيءَ يبقى على حالِهِ …
كُلُّ نَهْرٍ سيشربُهُ البحرُ
والبحرُ ليس بملآنَ،
لاشيءَ يبقى على حالِهِ
كُلُّ حيّ يسيرُ إلى الموت
والموتُ ليس بملآنَ،
لا شيءَ يبقى سوى اسمي المُذَهَّبِ
بعدي:
"سُلَيمانُ كانَ " …
فماذا سيفعل موتى بأسمائهم
هل يُضيءُ الذَّهَبْ
ظلمتي الشاسعةْ
أَم نشيدُ الأناشيد
والجامعةْ؟
باطلٌ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كُلُّ شيء على البسيطة زائلْ /…
مثلما سار المسيحُ على البُحَيْرَةِ،
سرتُ في رؤيايَ. لكنِّي نزلتُ عن
الصليب لأَنني أَخشى العُلُوَّ،ولا
أُبَشِّرُ بالقيامةِ. لم أُغيِّرْ غَيْرَ
إيقاعي لأَسمَعَ صوتَ قلبي واضحاً.
للملحميِّين النُّسُورُ ولي أَنا: طوقُ
الحمامةِ، نجمةٌ مهجورةٌ فوق السطوح،
وشارعٌ مُتَعرِّجُ يُفْضي إلى ميناءِ
عكا - ليس أكثرَ أَو أَقلَّ -
أُريد أَن أُلقي تحيَّاتِ الصباح عليَّ
حيث تركتُني ولداً سعيدا [لم
أَكُنْ ولداً سَعيدَ الحظِّ يومئذٍ،
ولكنَّ المسافةَ، مثلَ حدَّادينَ ممتازينَ،
تصنَعُ من حديدٍ تافهٍ قمراً]
- أَتعرفني؟
سألتُ الظلَّ قرب السورِ،
فانتبهتْ فتاةُ ترتدي ناراً،
وقالت: هل تُكَلِّمني؟
فقلتُ: أُكَلِّمُ الشَبَحَ القرينَ
فتمتمتْ: مجنونُ ليلى آخرٌ يتفقَُّّد
الأطلالَ،
وانصرفتْ إلى حانوتها في آخر السُوق
القديمةِ…
ههنا كُنَّا. وكانت نَخْلَتانِ تحمِّلان
البحرَ بعضَ رسائلِ الشعراءِ …
لم نكبر كثيراً يا أَنا. فالمنظرُ
البحريُّ، والسُّورُ المُدَافِعُ عن خسارتنا،
ورائحةُ البَخُور تقول: ما زلنا هنا،
حتى لو انفصَلَ الزمانُ عن المكانِ.
لعلَّنا لم نفترق أَبداً
- أَتعرفني؟
بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ:
"لم نفترق. لكننا لن نلتقي أَبداً " …
وأَغْلَقَ موجتين صغيرتين على ذراعيه،
وحلَّّق عالياً …
فسألتُ: مَنْ منَّا المُهَاجِرُ؟ /
قلتُ للسّجَّان عند الشاطئ الغربيّ:
- هل أَنت ابنُ سجّاني القديمِ؟
- نعم !
- فأين أَبوك؟
قال: أَبي توفِّيَ من سنين.
أُصيبَ بالإحباط من سَأَم الحراسة.
ثم أَوْرَثَني مُهمَّتَهُ ومهنته، وأوصاني
بان أَحمي المدينةَ من نشيدكَ …
قُلْتُ: مُنْذُ متى تراقبني وتسجن
فيَّ نفسَكَ؟
قال: منذ كتبتَ أُولى أُغنياتك
قلت: لم تَكُ قد وُلِدْتَ
فقال: لي زَمَنٌ ولي أَزليَّةٌ،
وأُريد أن أَحيا على إيقاعِ أمريكا
وحائطِ أُورشليمَ
فقلتُ: كُنْ مَنْ أَنتَ. لكني ذهبتُ.
ومَنْ تراه الآن ليس أنا، أنا شَبَحي
فقال: كفى ! أَلسْتَ اسمَ الصدى
الحجريِّ؟ لم تذهَبْ ولم تَرْجِعْ إذاً.
ما زلتَ داخلَ هذه الزنزانة الصفراءِ.
فاتركني وشأني !
قلتُ: هل ما زلتُ موجودا ً
هنا؟ أَأَنا طليقٌ أَو سجينٌ دون
أن أدري. وهذا البحرُ خلف السور بحري؟
قال لي: أَنتَ السجينُ، سجينُ
نفسِكَ والحنينِ. ومَنْ تراهُ الآن
ليس أَنا. أَنا شَبَحي
فقلتُ مُحَدِّثاً نفسي: أَنا حيٌّ
وقلتُ: إذا التقى شَبَحانِ
في الصحراء، هل يتقاسمانِ الرملَ،
أَم يتنافسان على احتكار الليل؟ /
المقطع قبل الأخير
كانت ساعَةُ الميناءِ تعمَلُ وحدها
لم يكترثْ أَحَدٌ بليل الوقت، صَيَّادو
ثمار البحر يرمون الشباك ويجدلون
الموجَ. والعُشَّاقُ في الـ” ديسكو ”.
وكان الحالمون يُرَبِّتُون القُبَّراتِ النائماتِ
ويحلمون …
وقلتُ: إن متُّ انتبهتُ …
لديَّ ما يكفي من الماضي
وينقُصُني غَدٌ …
سأسيرُ في الدرب القديم على
خُطَايَ، على هواءِ البحر. لا
امرأةٌ تراني تحت شرفتها. ولم
أملكْ من الذكرى سوى ما ينفَعُ
السَّفَرَ الطويلَ. وكان في الأيام
ما يكفي من الغد. كُنْتُ أصْغَرَ
من فراشاتي ومن غَمَّازتينِ:
خُذي النُّعَاسَ وخبِّئيني في
الرواية والمساء العاطفيّ /
وَخبِّئيني تحت إحدى النخلتين /
وعلِّميني الشِعْرَ / قد أَتعلَّمُ
التجوال في أنحاء ” هومير” / قد
أُضيفُ إلى الحكاية وَصْفَ
عكا / أقدمِ المدنِ الجميلةِ،
أَجملِ المدن القديمةِ / علبَةٌ
حَجَريَّةٌ يتحرَّكُ الأحياءُ والأمواتُ
في صلصالها كخليَّة النحل السجين
ويُضْرِبُونَ عن الزهور ويسألون
البحر عن باب الطوارئ كُلَّما
اشتدَّ الحصارُ / وعلِّميني الشِعْرَ /
قد تحتاجُ بنتٌ ما إلى أُغنية
لبعيدها: "خُذْني ولو قَسْراً
إليكَ، وضَعْ منامي في
يَدَيْكَ". ويذهبان إلى الصدى
مُتَعانِقَيْنِ / كأنَّني زوَّجتُ ظبياً
شارداً لغزالةٍ / وفتحتُ أبوابَ
الكنيسةِ للحمام … / وعَلِّميني
الشِعْرَ / مَنْ غزلتْ قميصَ
الصوف وانتظرتْ أمام الباب
أَوْلَى بالحديث عن المدى، وبخَيْبَةِ
الأَمَلِ: المُحاربُ لم يَعُدْ، أو
لن يعود، فلستَ أَنتَ مَن
انتظرتُ … /
ومثلما سار المسيحُ على البحيرة …
سرتُ في رؤيايَ. لكنِّي نزلتُ عن
الصليب لأنني أَخشى العُلُوَّ ولا
أُبشِّرُ بالقيامة. لم أُغيِّر غيرَ إيقاعي
لأَسمع صوتَ قلبي واضحاً …
للملحميِّين النُسُورُ ولي أَنا طَوْقُ
الحمامة، نَجْمَةٌ مهجورةٌ فوق السطوح،
وشارعٌ يُفضي إلى الميناء … /
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
هذا الرصيفُ وما عَلَيْهِ
من خُطَايَ وسائلي المنويِّ … لي
ومحطَّةُ الباصِ القديمةُ لي. ولي
شَبَحي وصاحبُهُ. وآنيةُ النحاس
وآيةُ الكرسيّ، والمفتاحُ لي
والبابُ والحُرَّاسُ والأجراسُ لي
لِيَ حَذْوَةُ الفَرَسِ التي
طارت عن الأسوار … لي
ما كان لي. وقصاصَةُ الوَرَقِ التي
انتُزِعَتْ من الإنجيل لي
والملْحُ من أَثر الدموع على
جدار البيت لي …
واسمي، إن أخطأتُ لَفْظَ اسمي
بخمسة أَحْرُفٍ أُفُقيّةِ التكوين لي:
ميمُ / المُتَيَّمُ والمُيتَّمُ والمتمِّمُ ما مضى
حاءُ / الحديقةُ والحبيبةُ، حيرتانِ وحسرتان
ميمُ / المُغَامِرُ والمُعَدُّ المُسْتَعدُّ لموته
الموعود منفيّاً، مريضَ المُشْتَهَى
واو / الوداعُ، الوردةُ الوسطى،
ولاءٌ للولادة أَينما وُجدَتْ، وَوَعْدُ الوالدين
دال / الدليلُ، الدربُ، دمعةُ
دارةٍ دَرَسَتْ، ودوريّ يُدَلِّلُني ويُدْميني /
وهذا الاسمُ لي …
ولأصدقائي، أينما كانوا، ولي
جَسَدي المُؤَقَّتُ، حاضراً أم غائباً …
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن …
لي مِتْرٌ و75 سنتمتراً …
والباقي لِزَهْرٍ فَوْضَويّ اللونِ،
يشربني على مَهَلٍ، ولي
ما كان لي: أَمسي، وما سيكون لي
غَدِيَ البعيدُ، وعودة الروح الشريد
كأنَّ شيئا ً لم يَكُنْ
وكأنَّ شيئاً لم يكن
جرحٌ طفيف في ذراع الحاضر العَبَثيِّ …
والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ
ومن أَبطالِهِ …
يُلْقي عليهمْ نظرةً ويمرُّ …
هذا البحرُ لي
هذا الهواءُ الرَّطْبُ لي
واسمي -
وإن أخطأتُ لفظ اسمي على التابوت -
لي.
أَما أَنا - وقد امتلأتُ
بكُلِّ أَسباب الرحيل -
فلستُ لي.
أَنا لَستُ لي
أَنا لَستُ لي

Post: #362
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-10-2008, 12:41 PM
Parent: #361


حزن قاهر ممض عليك يا صديقي.
أهكذا تغادر؟؟
دون وداع، دون قصيدة أخيرة؟
هل جهزت حقيبتك، وفرشاة أسنانك، هل خبأت "زيتونة" في مكان ما، لترافقك في السفر الطويل؟
هل حلقت ذقنك - عند الصباح - وهل استأذنت القصائد في أن تعبر إلى الضفة الأخرى؟

حزين حزين حزين حزين يا صديقي.
فجرح رحيلك لا يطاق.

Post: #363
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-11-2008, 04:39 AM
Parent: #362

لا تعتذر عن موتك !

وهل الجليليات كنّ في استقبالك، بمناديلهن المطرزة، وحزنهن الزيتوني الأبدي ؟!
اختارك الموتُ هذه المرة، لا الإيقاع.
وصرت رجعا للكمان، تصغي للحجر.
لك يا صديقي حكمة المحكوم بالموت – الآن -، فحدثنا قليلا عنه، قصّ حكايتك الأخيرة قبل أن تمضي.
وحدها حقول الأقحوان ستبكيك طويلا بالندى المبثوث أشعارا وعصافير.
كيف نثق بالماء – الآن – ونحن سكّان أغنيتك/أرضك؟
كيف نثق بالموت ؟!
(أنزل هنا، والآن، عن كتفيك قبرك
وأعط عمرك فرصة أخرى لترميم الحكاية
ليس كلُ الحب موتا
ليست الأرض اغترابا مزمنا)
هل رممت الحكاية، وعدت من اغترابك إلى اغترابك؟
سقطت أنتَ مضرجا بدمّ القصيدة، وسقطنا مضرجين باغترابك الأبدي.
كنت وحدك قارة من الكلمات، كنت كما بلادك (القريبة من كلام الله)، ولك في كل قلب موطن، ولك في كل وطن مرتقى إلى العرش السماوي المجيد.
السلام عليك..
(السلام أنين محبيّن يغتسلان
بضوء القمر)
من لـ(ريتا)
من لـ(أمي)، خبزها، وقهوتها المعمدة بالحبّ، ووطن عينيها، ورائحة عشبها، وصوتها ؟
لماذا ترى يا درويش كلّ العاشقين الكبار تأسرهم (النون) في سورة الرحمن ؟
كيف هي مديات عشقك ؟
وتقول: قصيدة..[كتبت عام 1999]، ثم ترسل الضوء شفيفا:
هذا هو اسمك/
قالت امرأة،
وغابت في الممر اللولبي...
..
هذه قصيدة ؟
هذا الحوار الفلسفي العميق المتشابك المتفجر ..قصيدة وحسب ؟
هذا الحوار الذي يغشى (هيدغر) و(ابن عربي) و(المعري) ويسرح في البعيد، محمّلا بالمعاني كلّها، والأسئلة الصعبة المفخخة كلّها، قصيدة وحسب ؟!
خضراء، أرض قصيدتـ(ك) خضراء.
لك – الآن – متسع من الأنهار، تكفي لتهمس للفراشة: آهِ يا أختي !
الأرض عيد الخاسرين [وأنت/أنا/نحن/هم..منهم]
فـ(يا موتنا ! خذنا إليك على طريقتنا، فقد نتعلم الإشراق).
درويش
هل المناخ معتدل هناك؟
وهل كتاب واحد يكفي ؟
هل جاء الموت كالمتسولين، وجلس على بابك كالشحاذ؟
أم كان كـ(الحب عاصفة على شجر) ؟
اخاله لصا جبانا !!
(هزمتك يا موت الفنون جميعها
هزمتك يا موت الأغاني في بلاد
الرافدين.مسلة المصري، مقبرة الفراعة،
النقوش على حجارة معبد هزمتك
وانتصرت، وأفلت من كمائنك
الخلود..
فاصنع بنا، واصنع بنفسك ما تريد)
من أنت (دون منفى)
وما المنفى..بدونك ؟
قصيدة أخيرة، وامضِ يا صديقي، متيقنا من دربك، ولا تخشَ – كما كنت دائما – العلو على الصليب.
فمثلك يزهر جبينه على الصليب، ويغتسل بضوء الشمس/الشعر على الصليب.
حلّق على الصليب، أيها الراحل في الليل غريبا ووحيدا.
فمن لم يصلب، لربما لم يعرف الحياة، ولم يعرف الموت، ولم يعرف الله.
أنت حرّ الآن.
حرّ.
حرّ.

Post: #364
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-12-2008, 04:25 AM
Parent: #363

عفو زهر الدم يا لوركا
وشمس في يديك
وصليب يرتدي نار قصيدة
أجمل الفرسان في الليل يحجون إليك
بشهيد وشهيدة

Post: #365
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-13-2008, 06:42 AM
Parent: #364


الاخ العزيز عويس
والاخت العزيزة عزاز..

والسرب الجميل... ولأغنية حتى الطيف رحل...

سلامي ومحبتي... فالعزاء في درويش عزاء شخصي، فهو طفل صغير، ظل يحب حلاوة الشعر، ورقته، فخلق عشاقه، بل أعلى من شأن الشعر، حتى صار مطلب جماهيري، كالخبز، فالخرطوم أحتفت بصورة شعبية، فشعره صار جزء من وجداننا وبصورة مبكرة..

أعمق التعازي لموهبة وصانع كبير للشعر،...
كم حزنت، حزن شخصي، لتلك العلاقة القديمة معه، ومع صوته، وشكله، وسمته، فهو جزء من الأسرة الشخصية، ويشترك اخوتي الكبار واصدقائي كلهم في محبته، ودواوينه تزخرف حقائبنا البسيطة والدواليب وعتبات الشبابيك..

عميق حزني، وعميق محبتي..

Post: #366
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-14-2008, 06:26 AM
Parent: #365

الله ياعويس.. أمس أعدت قراءة الكثير من المداخلات، ياخي بارك الله في همومكم وحرفك، حيثما كنت..

العويس كتب..

Quote: عماد يا صديقي الذي مقامه مقام البكاء.
ولمقامات البكاء..مقام !
كلّ وجود لا يبكي، لا يعوّل عليه!
كلّ وجود لا يحزن، لا يعوّل عليه.. (أليس هذا – مجازا – ابن عربي؟)
نحن يهصرنا الوجود.يفجعنا ويمزقنا ويفتتنا.ونحب – أحيانا حين نبصر – تفتتنا هذا.نحب الوجود بكلّ ما فيه.نراه في أصغر برعم زهرة.
نراه في جبل يتصدع لتفتق وردة (كما رآه محمود درويش على عتبات الموت/الحياة في جداريته).
في ساعة الفجر حين يفتق صوت المؤذن القروي، (الحاج سيدأحمد النوش، رحمه الله) يفتق السكون، ويسيح في الخلايا.صوت قادم من أبعد نقطة في الكون.يوقظ الوجود.يتحسس مكامنه، ويرش بهاءا خالدا يتقطر من فرجات لا مرئية في السماء المرصعة بالنجوم، هناك !
في تلك الساعة يختلط بكاؤه ببكاء كوني متعاطف إلى أقصى حد مع عذابات الإنسان.
في أجراس كنائس (جوبا)، وترانيم الوجود التي يترنمون بها.أحبّ الترانيم! تلك الأصوات الممزوجة بالجراح الأبدية والتوق الأزلي للخلاص.
كم هو غريب أمرنا، نحب الوجود، ونسعى للخلاص!
يا عبدالغني!
(محمد مدني) يشاطرني جنوني هذه الأيام.
أمّي (بخيتة محمد ساتي) تصنع لنا (القراصة بي الويكة) و(الملوخية)، وتعد لنا القهوة، ونحن نوغل في (محمود درويش) و(مظفر النواب) و(سبينوزا) و(دريدا) و(أسامة الخواض) و(بشرى الفاضل) و(ميشيل فوكو، و(محمد خلف الله) و(عادل عبدالرحمن)و....!
و(محمد مدني) ذاته !
قرأ لي (جدارية).الحق، أنا عرضت عليه أن يقرأ.ويقرأ قصائده.
هاتفنا (بشرى الفاضل) و(السمندل)، وحاولنا الاتصال بالمجنون محسن خالد، لكن هاتفه لا يجيب (يا محسن، يا سفيه، غاطس وين، الله يغطس حجرك يا مجنون، معقول اربعة خمسة شهور ما تتصل؟ أها خليني أكاويك شوية، أنا مشيت – بعدك – أديس أبابا، يااااااه! دي براها – خلي شاشاماني – عايزة ليها رواية قدر الدون الهاديء! هناك يا محسن كل شيء حكاية، هناك الموسيقى والكلمات والمطر والشوارع والناس و(الصبايا) والابتسامات والبيوت والشطة و(الأزّي) و(الكرار) كلهم غواية للكلمات! حرّم، أنا كان ألقى شوية قريشات أمشي البلد ديك أغطس، ما أطلع إلا بعدما أكمل خمس روايات !! يا سفيه اتصل !!)

عزاز
هو الوجود يا عزيزتي! ثقيل الوطأة جدا، فإما أن نمضي، وإما أن نهذي!!
ويقولون إن (إدريس جماع) جنّ في آخر سنيه!!
والله – لو علموا – هم المجانين!!
الرجل – قدس الله سره – يرى ما لايرون، ويحس ما لا يحسون.يحس بالوجود، بالأرواح التي في البشر والحيوانات والطيور و(حبة القمح يا عبدالغني)، والطين، فكيف يجن؟!
ويقولون – سماحهم الخالق – إن ابن يوسف شقي، وقد كفر!!
والحلاج!!
والله هم الذين لا (يعرفون) !
ولو (عرفوا) لـ(نازعوهم)
هو الوجود يا عزاز.هو الحب، هو قهر الكراهية والتوحد بالآخر.هل أحببت حجرا يا عزاز ؟
وهل أحببت نخلة،ثوب أمك المضمخ بالعطر، الظل في بيتكم (هناك في المحس) ساعة الأصيل، لا يخطيء – أبدا – مواقيت عشقه، إناء (اللبن)، زجاجة السمن، الزير الذي يبرّد الماء جيدا، (الدوكة) التي تصنع عليها (عمتك) الكسرة؟
أأحببتيهم ؟
أليست هذه الأشياء جزء من الوجود/منا؟
ولذا، تتقاذفنا الرغبات كلها.رغبات الوجود.رغبة الحجر في أن يفتته وابل المطر، ورغبة النخلة في أن تتكيء أخيرا على النيل، ورغبة القمر في أن يمحي بياضه، ورغبة الضد في أن يصبح ضدا!!
تلك الرغبات البدائية الأبدية.
كم هي ثقيلة الحياة، وكم هو خفيف – أيضا – الوجود!!
حين نذكر الذين رحلوا، نتوق إليهم!
نزحف نحو كهولتنا، وإن بدت بعيدة، وتخطر ببالنا أيامنا الأولى، وذكريات متشظية، لا تبدو بارقات السعادة فيها، إلا بعد انطوائها، لا يبقى سوى الحزن معلقا فوانيسه في غرفة القلب الطينية!
نذكر الذين رحلوا نازفين.نتوق إليهم.يعذبنا الشوق، والوجود.نريد أن نكسر هذا الحائط الرخو.هذا الحائط الذي يفصلنا (عن ماذا؟)
أليس الـ(هناك) اكتشاف جديد، وتجربة مغايرة؟
ربما أشتاق راحة أبدية.
ما أروع أن يتوسد الواحد منا الثرى، لينام طويلا، طويلا جدا.يشم رائحة طينه ممزوجا بالتراب.أخيرا، يرتاح من وجوده!!
عزاز
حين أعبر، سأزورك – كالأطياف – تحفني الفراشات، وملتصق بثيابي، اخضرار العشب، لنتسامر.فقط، اعدي لي قهوة، وضعي سجائري قرب مجلسي، وشمعتين، فضلا لا أمرا !!
ما رأيك في أن أكتب حكاية (...) معلن ؟؟
ماركيز..! يا له من مجنون، الأفضل أن يكتب المرء علانية، عن هذا، طالما أن (واحدهم) ما يزال في متاهته، التي هي بعض من متاهاتنا!!
بالله عليك، خبريني، أليست هذه الغربة بحد ذاتها..(حكاية موت معلن)؟
وكيف يموت الإنسان؟
أنا أحيا – فقط – بالكتابة والقراءة.
وأكتب حكايات/ي/نا/ك/هم!!

يا عبدالغني !!
هذا تناص مكاني !!
تخيل
في القولد، ابتنى (إبراهيم عويس) حوشا (حدادي مدادي)، يماثل دارا للرياضة.بيت طيني، هو، وأراض زراعية في القولد وجزيرة (كومي)، كلّ ما يملك من حطام الدنيا!!
لكنه عالم مترام.فالأرواح هي التي تعمر.
الصالون مكتظ بالكتب العربية والإنجليزية.والبراندة الفسيحة مفتوحة على الجهات كلها إلا جهة الشرق، مفتوحة أكثر على جهة الوجد.
هناك حياتنا.هذه (البراندة) فقط، هي حياتنا.الأسرة و(العناقريب).الفوانيس – ليلا – وحتى الحمام الذي يحطّ على أعواد السقف، والقمرية التي تروح منذ الصباح تؤنسنا، وتسأل (إبراهيم عويس) عن صحته، وعن آلام (الرطوبة) التي غزت ركبتيه في (واو).
لديّ غرفة تتوسط غرفة النوم، والصالون.هي عالمي الخاص.كم أحنّ إليها.
كتبت بداخلها (الرقص تحت المطر).
كنت أدخن (سرا).هو صديقي، لكن الاحترام والحب !
الحب الكبير.
قبل أن يتوجه إلى العمل (الثامنة صباحا)، يطرق باب الحجرة بكل تهذيب (..تخيل) !! يتوكأ على عصاه، ويدخل، تعلو وجهه – كالعادة، منذ أن رأيته – ابتسامة تشع على كوني الصباحي. يحب أن (يتونس) معي.وأنا أحب ذلك. يجلس قريبا مني. نتحدث في كل شيء.الأقرباء، والمواقف والسياسة والزراعة والجامعة والرواية !
هو قارئي الأول !
كم أفتقد قراءته الأولى لأعمالي !
وكم كنت أتمنى أن يقرأها (مطبوعة، ومنشورة)
تعاطف للغاية مع (مايكل) في الرقص تحت المطر. يقول إن لغتي جميلة.الحق، إنه أول من قال لي ذلك، وشجعني على الكتابة.
لا طعم لأي نجاح أدبي أو حياتي في غيابه.غيابه/حضوره.وكم هو متعب هذا الحضور الباذخ الفسيح.حضور يطغى على القلب.
حين ذاع صيت ويتني هيوستون بعد (The body guard) واحتلت المرتبات الأولى في Top 10 طيلة أشهر، كنا، في الليل، نستمع إلى أغنياتها سويا، كأيّ صديقين.
والجمعة !!
منذ الصباح الباكر، نتناول الشاي سويا، ثم القهوة، والإفطار.نتحلق ثلاثتنا (هو، وأمي، وأنا) حول المائدة، ثم ننتظر مرور أبناء (إسحق)، محمد، وأحمد، وشيماء.يمرون كلّ جمعة لتحيته.كما يفعل أبناء سعيد (ابن أخته، يمن) حين يأتون من السعودية.يحب أن يشاغل سعيدا وسامرا (ابنه).كلاهما يشجعان (المريخ).يروح يغيظهما بحب، كما يغيظ (ناصر عبدالمنعم – مهدي في سودانيز أون لاين، ابن خالتي فتحية محمود، وخالي، المرحوم عبدالمنعم إبراهيم)، أن الهلال أعلى كعبا، وأن الريح مصطفى، كجكسا ودريسة ومنزول وعبدالرحيم القطر، يهزمون المريخ بسهولة.
يحب كمال عووضة (ابن أخيه).يحب نقاشاته حول الأدب والثقافة.
البيت فسيح جدا يا عبدالغني.لذا أرواحنا – على عكس هنا، الشقق الضيقة القاتمة – طليقة، تستحم في الضوء الطبيعي، وتتمرغ في الأصوات الطبيعية، ثغاء الأغنام الطليقة في الشوارع، ونهيق الحمير، والناس الذين ينادون بعضهم بعضا بأصوات عالية.
أحبّ حيطانه الخشنة، وبابه العالي.مسوّر بدكة طينية مرتفعة.السيول تمر أحيانا قرب بيتنا، وتنحدر بسرعة جنونية إلى النهر.
يا أخي هذا نزف.هذا يأخذ من الروح، ويتعبها.يغسلها بالحزن !!




الحاجة الرؤوم: بخيتة محمد ساتي تزخرف النص بقلبها وحنانها، وروحها..



سلامي ومحبتي..

Post: #367
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-17-2008, 01:08 PM
Parent: #366

عبدالغني
سأعود

Post: #368
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-17-2008, 08:57 PM
Parent: #367


موت !
موت من هو أقرب من الوريد إليك !
موت من هو أكبر من صديق وأكبر من أخ وأكبر من مساحة دم.
كيف هي العلاقة بين (سميح) و(محمود) ؟
علاقة الشعر والقراءة والكتابة والأرض والمنافي والحزن والليالي الطويلة والدخان والعطر والقهوة وزهر الصبّار.
علاقة الأم !!
كيف ينظر (سميح) في عيني أمّ (محمود) ليخبرها برحيل (محمود) ؟

(تُعانقُني أُمُّنا. أُمُّ أحمدَ. في جَزَعٍ مُرهَقٍ بعذابِ
السِّنينْ
وعِبءِ الحنينْ
وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً
دُونَ صَوتٍ. وتسألُ أينَ أَخوكَ؟ أَجِبْ. لا تُخبِّئ عَلَيَّ.
أجِبْ أينَ محمود؟ أينَ أخوكَ؟
تُزلزِلُني أُمُّنا بالسّؤالِ؟ فماذا أقولُ لَهَا؟
هَلْ أقولُ مَضَى في الصَّباحِ ليأْخُذَ قَهوَتَهُ بالحليبِ
على سِحرِ أرصِفَةِ الشانزيليزيه. أمْ أدَّعي
أنَّكَ الآن في جَلسَةٍ طارِئَهْ
وَهَلْ أدَّعي أنَّكَ الآن في سَهرَةٍ هادِئهْ
وَهَلْ أُتْقِنُ الزَّعْمَ أنّكَ في موعِدٍ للغَرَامِ،
تُقابِلُ كاتبةً لاجئَهْ
وَهَلْ ستُصَدِّقُ أنّكَ تُلقي قصائِدَكَ الآنَ
في صالَةٍ دافِئَهْ
بأنْفاسِ ألفَينِ مِن مُعجَبيكَ.. وكيفَ أقولُ
أخي راحَ يا أُمَّنا ليَرَى بارِئَهْ..
أخي راحَ يا أُمَّنا والتقى بارِئَهْ)

كيف يمكن قياس مساحة الألم هذه؟

Post: #369
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-17-2008, 09:03 PM
Parent: #368


والله يا عبدالغني إني لأسمع - بوضوح - صرختها وتغرورق عيناي بالدمع لحنينها/حنانها/حنان الأم، ففي كل كبد منا قلب أم:
Quote: وَتَفْتَحُ كَفَّينِ واهِنَتَينِ موبِّخَتَينِ. وَتَسأَلُ صارخةً
دُونَ صَوتٍ.


Post: #370
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: emad altaib
Date: 08-18-2008, 09:50 AM
Parent: #369

ــــــــــ
وردة ,,, لروح محمود درويش

الموت هو اللغز الابدي والاكبر





حزناً رحيماً...

Post: #371
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-18-2008, 05:33 PM
Parent: #370

صديقي وزميلي في قناة العربية دكتور ياسر ثابت كتب:

عُد للأرض.. كي تستريح

"هزمتكَ يا موتُ الفنون جميعها

هزمتكَ يا موتُ الأغاني في بلاد الرافدين،

مسلةُ المصري، مقبرةُ الفراعنة،

النقوشُ على حجارةِ معبدٍ، هزمتكَ

وأفلتَ من كمائنكَ الخلودُ

فاصنع بنا، واصنع بنفسكَ ما تريد"

("جدارية"، محمود درويش، منشورات رياض نجيب الريّس للكتب والنشر، 2000)

قُل لي: أبَعدَ الموتِ موتٌ؟


هل كنتَ تعرفُ أن الأغنياتِ الأثيرة يسيلُ منها دمك، فآثرت حفظَ مائكَ الفضي واتخذتَ من القلوبِ منازل

لم تقلْ للموتِ هذه المرة: انتظرني قليلاً

لم تفاوضه أو تساومه على قصيدة

فالموتُ يعشقُ فجأةً مثلك.. والموتُ لا يحبُ الانتظار

لم تمنحْ المسافرين هذه المرة آخرَ نظراتكَ الحزينة، التي تشبهُ دمعةً تسيلُ على ساقيةِ القلب

ربما أدركتَ الحقيقة التي تعلمناها في غيابك: عندما نموتُ نصيرُ سادةَ العالم


الأعراسُ والأجراسُ في انتظاركَ، لكن زيتونَ فلسطين يجهشُ في البكاء

وأنتَ الذي بللتَ شفتيَ القصيدة بهواءٍ ناضجٍ كالقمح

علَمتها حُمى الوقت، ودسستَها في حقائبِ السفر، وحفظت قلبكَ كلّه عن ظهرِ قلب


بصوتِكَ المعبأ بالدخان والأحزان، الآتي من غياهبِ بئرٍ عميقة، كنت تَخيطُ روحكَ إلى روحِنا، وأنت تُلقي قصائدكَ وتوزعُ حكمتكَ بعينين نزقتين وطيفِ ابتسامةٍ، وخصلات شَعرٍ - منذ ثلاثين عاماً ـ خائف أن يشيب


شِعرُك أيها المُسجى فوق أرضٍ غريبة، كان الحجارةَ التي تعيدُ بناءَ أنقاض القرى التي أزالوها من على وجهِ الأرض وحذفوها من الخرائط المعدلة

قصائدُكَ كانت تقولُ لليائسين: لكي تبني المحارةُ قوقعتَها، يتوجبُ عليها أن تمررَ في جسمها ما يعادلُ وزنَها خمسين ألف مرةٍ من مياه البحر

يا لها من حكمةٍ نازفة

ظِلُكَ المثقوبُ يُقَلِمُ أغصانَ حيرتنا، وصوتُكَ المجروحُ مطرزٌ بهديلِ النجومِ الشاردة وغَمزِ الغيُومِ التي تراوغُ في وعودِها، وضحكتُكَ المبتورةُ تعانق جذور زهرةٍ يتيمة

طوبى للعاشقِ الذي ينسى دوماً بابَ قلبِه مفتوحاً، ليزفَ النايُ للشتاتِ بشارةَ العودة


أيها الأندلسيُ الذي تسلقَ جدارَ الموتِ، هارباً من نوافذ قرطبة وبحرِ بيروت ومآذنِ القاهرة وشرطة عَمَان، لماذا تركتَ القصيدة عالقة في شِباكِ مَن سرقوا عيونَ البحر كي لا نرى الحقيقة

‎‏

لماذا ضيَعتَ فرصتكَ في الموتِ مُذ كنتَ صغيراً؟ لماذا ضيَعتَ النهايةَ من البداية؟

أترانا أيها الرائقُ، المارقُ، الحاذقُ، محكومين بموتٍ سريعٍ يمُرُّ ببُطءٍ؟


أما الآن وقد امتلأت بكلِ أسبابِ الرحيل، فإنني أوصيكَ: كن رشيقاً كحروفكَ، موجعاً كالكلامِ حين تمضي إلى تلك المسافة الفاصلةِ ما بين حلمٍ واستفاقته




مطمئنونَ نحن إلى أن الموتَ لن يستقبلكَ بفظاظة حارسٍ ليلي، فهو يحفظ قصائدك المغناة ويرددُ في أوقاتِ فراغه قولك: ''وأعشقُ عمري لأني إذا متُ أخجل من دمع أمي''


لكنكَ تموتُ، بعيداً عن قهوةِ أمك وخبزِ أمك ولمسةِ أمك

ها هو الموتُ يُضبطُ متلبساً بالانضمامِ إلى باقي القتلة


متَ يا درويش، والخوفُ كل الخوفِ أن يخرُجَ لنا من الجحور دراويش، يتنازعون على لونِ عينيكَ، وإطارِ نظارتِكَ الطبية، وحبيبتكَ الأولى وقصيدتِكَ الأخيرة، ويتحدثون عن بطولاتٍ زائفة وانتماءاتٍ كاذبة مثل أردأ مساحيق التجميل


"يحبّونني ميّتًا ليقولوا: لقد كان منّا، وكان لنا"

("ورد أقل"، محمود درويش، دار العودة، 1993)

أولئك الذين يُمجدون صياغتكَ إعلان الاستقلال الفلسطيني في الجزائر، وينسون استقالتكَ من اللجنة التنفيذية لمنظمة

التحرير احتجاجاً على اتفاق أوسلو، حين صرخت بأعلى صوتِك:


"كل شىء مُعَدٌ لنا

فلماذا تطيلُ التفاوض،

يا ملكَ الاحتضار ؟"


)"أحد عشر كوكباً"، محمود درويش، دار الجديد، 1993)

أخطأ الأطباءُ في المستشفى الأميركي تشخيصَ الداء..لم تكن المشكلةُ في إصلاح ستة وعشرين سنتيمتراً من الشريان الأبهر لقلبِكَ المُنهَك

كانت الأزمةُ تكمن في 365 كيلومتراً مربعاً هي مساحة قطاع غزة..وفي قولٍ آخر، كانت المشكلة في قلبكَ تمتد 5844 كيلومتراً هي مساحة الضفة الغربية

ولأن أطباءكَ في هيوستن، أيها الغزالُ الحرُ في بريةِ الروحِ، لم يتذوقوا قصائدك، ولم يقرأوا عن فلسطين الجريحة في دواوينكَ الشعرية، فقد أغفلوا احتمالاتٍ أخرى:

السلطةُ الوطنية التي داخت مثلَ ذبابةٍ أصابَها مبيد حشري، الدمُ الفلسطيني الذي لم يعد خطاً أحمر، رائحةُ البرتقالِ التي تختفي يوماً بعد يومٍ عن بيادر يافا

لم يعرفوا خطورة هذه "الأمراض" على رجلٍ كان يُذكِرُنا دوماً بأن فلسطين التي تضيع..لن تضيع




الصراعاتُ التافهةُ قضمت شرايينكَ كعيدان قصبٍ جافة، ولعلَكَ سئمتَ مِنْ تقطيرِ الحزن في قلبِكَ دَمْعَةً دمْعَةً

ولأن العاملين في ذلك المستشفى لا يفقهون اللغة العربية، فإنهم لم يفهموا مغزى الوصيةِ المنقوشة فوق أحدِ أوردتك لأبناء وطنك:

من يحلم بالكرامةِ.. فهو حيٌ ذليل. وحدهم الذين يعرفونَ توقيتَ الصلابةِ ويتقنون فن السيولة، هم الذين لا يتبخرون في فضاءِ الكونِ مثل غازاتٍ ضائعة


وحدهم الذين يملكون بوصلةَ الوعي والنضج، قادرون على أن يبقوا بشراً بدلاً من أن يصبحوا مجردَ كائنٍ رخو

أليست مفارقةً تدعو إلى التأمل أن تُسلِمَ الجسدَ المعطوبَ للجراح العراقي الأصل حازم صافي؟

العراقي الممزقُ بين المنافي يعالجُ الفلسطيني المحترقَ بنارِ وطنٍ محتل

كلاكما تبحثان عن وطن وحرية.. والجميلُ في الحرية أننا نتعلقُ بها في النطاق ذاته الذي تبدو فيه مستحيلة

جيمس جويس رفضَ أن يزورَ مدينته دبلن بعد أن غادرَها، ليظلَ يكتبُ عنها من الذاكرة الخائنة

لكنكَ آمنتَ بأن الكتابة وترٌ مشدودٌ بين الحريّة والتذكّر، فعُدتَ دوماً لتقاومَ بأصابع ينزُ منها دمُ الكلام "ذاكرة للنسيان"

هذه المرة فقط..لن تعود

الغيابُ الآن كفٌّ ملساء من دون خطوط


البروة، قريتُك التي كانت، تئنُ وتقيمُ سرادقُ عزاء تحت الأرض، تقرأ فيه المدنُ ما تيسرَ من "مديح الظل العالي"، وتدرسُ فيها القرى "أحد عشر كوكباً" وتتساءلُ

البلدات "لماذا تركت الحصان وحيداً"، فيما الشعراءُ يقتفون "أثر الفراشة"

أنتَ الآن تشبهُ نفسك "كزهر اللوز أو أبعد"

أنتَ الآن طفلٌ يتوجبُ أن يتنازل هذا الكونُ الكاملُ عن ألعابِ طفولته من أجلكَ

أنتَ الآن وحيدٌ في البياض، تمَشِّطُ ضفيرة الريح، وقلبُك قميصُ الشفق

وما بين ضبابِ المخدرِ وبياضِ الغيبوبة، يناديكَ الغمام


"أرى السماءَ هُناكَ في متناولِ الأيدي

ويحملُني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ

طفولةٍ أخرى. ولم أحلم بأني

كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ

أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً

وأطير. سوف أكونُ ما سأصير في

الفلك الأخير. وكلّ شيء أبيض"

")جدارية"، محمود درويش، منشورات رياض نجيب الريّس للكتب والنشر، 2000(

أيها العائدُ من تخومِ الموتِ، خُذ "جداريتك" وعُد للأرض كي تستريحَ يا إمامَ التعب


جلجامش، لم يبقَ فوق الأرضِ سوى الرجال الذين يعجزُ الموت عن تطهيرهم من ذنبِ الحياة


أيها المارون بين الكلمات العابرة .. ها هو "أحمد العربي "يحاصرُ حصاره، ويهزمُ الموتَ، ويرتقي مدارجَ البهاء وحيداً حافلاً بالأمنيات


Post: #372
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-19-2008, 04:05 PM
Parent: #371


في ليلة رحيل درويش، اتصلت به هاتفيا لأعزيه.
رحيل أي مبدع هو رحيل قطعة من المبدعين كلهم.
وهو مبدع يتقطر ابداعا.
لم يجب هاتفه.لم تجب الإنكليزية صاحبة الصوت الهاديء والصبر الجميل، رفيقة الدرب - كعادتها - لتعطيني إياه.
لم يجب الهاتف طوال أيام.
فإذا به في المشفى، فقد تطلبت الوعكة جراحة.
وكأني به صابرا كعادته يرسم فوق شفتيه ابتسامة جميلة يعزينا بها عن قسوة الأيام.
كنهر النيل وطميه، كأشجار النخل، كالعجائز الطيبين والأغنيات الطيبة، كالليالي والنهارات هناك في الشمال في الجنوب في الغرب في الشرق في كل مكان.
حمدا لله على سلامتك استاذي وصديقي وحبيبي.
لكم اشتقت لك.
آخر مرة، قضينا - الصديق الأستاذ عبدالرحمن الراشد وشخصي - ساعة ونصف الساعة معك رفقة صديق عمرك محمود صالح حين غشيت دبي مستشفيا.
كنت أكبر من المرض، وأكبر من الحياة وأكبر من تفاصيلها.
عزيزي الطيب صالح
ألف حمدا لله على سلامتك

Post: #373
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-19-2008, 05:32 PM
Parent: #372

عزيزي درويش، عظيم سلامي لجماع، بلغه الحب، والمحبة، وأقرأ عليه سورته، سورة الأسى، سورة الفنان أمام بؤس العالم، وبؤس النفس:

ماله أيقظ الشجون فقاسى وحشة الليل واستثار الخيالا

ماله في مواكب الليل يمشي ويناجي خميله وظلالا

حاسر الرأس عند كل جمال مستشف من كل شيء جمالا

هين تستخفه بسمة الطفل قوي يصارع الأجيالا

ماجن حطم القيود وصوفي قضى العمر نشوة وابتهالا

خلقت طينة الأسى وغشتها نار وجد فأصبحت صلصالا

ثم صاح القضاء كوني فكانت طينة البؤس شاعرا مثالا

Post: #374
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 08-21-2008, 06:08 PM
Parent: #373


(خيال المثقف وذاكرة السلطة)

يظل "الخيال" دوما في صراع مع الماثل، يرى بعينيه الذكية العيوب والتقصير والبلادة، حتى جناح الفراشة الجميل، لا ينال رضى الخيال، حتى الثورات الفكرية، والمنجز العلمي، يظل قاصراً، بليدا، متحجرا، أمام عيون الخيال الطفولية العبقرية، فالخيال يسكن الغد، ويهاجر للمستقبل مع بزوغ كل فجر....




دي بداية مقال، منهك الايام دي بكتابة مقال عن "المثقف والسلطة"، أي سلطة، ان شاء الله القوة الفيزئاية، وامتعاضه منه..
ياخي "الحرية"، دي ماعندها نهاية تب..

Post: #375
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: munswor almophtah
Date: 08-21-2008, 08:29 PM
Parent: #374

عندما تكون الكتابه لله يفتح الله البصائر...وتفرغ القلوب أثقالها أنهرا
من سلوى...ويكون الشارب منها كالمطعم من سلا...وما أدراك ما سلا... تلك
التى لا يرغب الذائق منها إلا فى المزيد...وتصير القراءة لله...ولا يكون إلا
الذى منه والذى إليه...ولا تكون إلا لذة الإقتراب منه بالتدبر فى قدرته...
وفضله علينا بثراء فى لغته تلك التى ليس بمقدور البنوك ولا شركات التأمين
أن تحويها وتحتويها...وكيف لها أن تخزن معكوس ظلال الفانوس على الحائط...
أو أثر إعجابى بجناح فراش...أو حجم السعادة والفرح من مطالعة كتاب صبرت
علية وشوكة العقرب فى الإبهام دون أن أدرك...صديقاى أنتما السحر بذاته
وصفاته...وأنتما لساحرين أورثكما موسى العصاه...ولا فضل لفرعون علينا
ولا نخشاه...وسنظل على إيماننا برب هرون وموسى.......................



ولكما السلام


منصور

Post: #376
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-24-2008, 06:46 PM
Parent: #375

سأعود يا رفاق الحرف والنزف
سأعود مشبعا بهواء البحر في أصيلة وطنجة لأحكي لنفسي ولكم كيف هو البحر عاشق للمحيط هناك، وكيف هو المساء في أصيلة، وكيف تصحو الشمس صباحا فوق طنجة.

Post: #377
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبد المنعم ابراهيم الحاج
Date: 08-24-2008, 09:06 PM
Parent: #376

فقراء الزاوية المنسية سلام..

شغلتنا الدنيا أم قدود
عن متابعة هذا الدفق الحيوي.

سأداوم

Post: #378
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 08-30-2008, 12:26 PM
Parent: #377

up

Post: #380
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 09-09-2008, 09:13 PM
Parent: #378

فوق

Post: #381
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 09-27-2008, 02:24 PM
Parent: #380


الروائح !
الروائح هنا لها (روائح) أخرى. أكثر ثباتا.هي رائحة الشيء ذاته، إنما رائحة أكثر من الشيء ذاته !!
الروائح تنبعث من الأزقة والدروب الضيقة. (الزنقات) !! الجلود المدبوغة والبهارات والحلوى وروائح النساء والسمك والعطور والبخور.
تستغرق مذهولا في هذا العالم الذي تجذبك حواشيه إلى متونه، فتدب على الدروب المرصوفة بحجارة قديمة، تمر بالمتاجر والمحال، المعلقة على أبوابها فوانيس عتيقة، ويمر بك ناس لا ينتمون لا إلى هنا ولا إلى هناك، سابقون لوعيك، هم من بطون الكتب، الكتب التي تسرد "سحر الشرق" وملامحه، المخلوقات البر-بحرية، والأخرى البحرية، الجنيات اللواتي يعشقن الأنسيين، والحذاء الأسطواني الذي يحمل صاحبه ويطير به، أليس ضريح ابن بطوطة قريبا من المكان؟
- أأخويا.. شنو بغيتي ؟!
- بغيت واحد كاسيط ديال عبدالرحيم الصويري وواحد ديال الحاج بوجدوب !!
نظر إلىّ مليا، وتبع نظراته المتسائلة بسؤال صريح هذه المرة
- من وين أأخويا ؟
- السودان !! ليش؟
- تعرفو الصويري وبوجدوب
- ايوة انا نحبهم بالزاف..وبغيت كاسيط ديال غِناوة !!
هذه المرة لم يطق صبرا
- لا.. لا.. انت مزداد في المغريب ؟
- لا..بس اعرف الموشحات الاندلسية بالزاف.. واعرف الغناوة والدوكالي .
هذا مقهى "السنطرال" في ميدان صغير تنتصب فيه مقاه عدة، وسط أزقة وزنقات ضيقة، ومبان قديمة.هنا كان يجلس "شكري".على مقربة، كان رجلان تجاوزا العقد الخامس، يدخنان الحشيش.على بعد أمتار، مسجد عمره ثلاثمائة عام، مبني على الطراز المغربي، ومدهون بالأزرق والأبيض. هذان اللونان ينبضان بالحياة هنا، كما هو شأنهما في (أصيلة)، أروع عروس رأيتها في حياتي.
أصيلة !!
لك أن تشهق إزاء فتنتها.
بيوت مدهونة بالأبيض، تصلي قرب البحر.
بيوت تلتف بثياب بيضاء.
وشبابيك زرقاء.
أصيلة، لوحة رسمها فنان تحاشى تماما أن يزرع فيها شوارع !!
تعمد أن تتنفس بيوتها في بعضها، وأن تلصق شفاهها ببعض، لأنها..عاشقة !


Post: #382
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 09-29-2008, 12:58 PM
Parent: #381

فوق

Post: #383
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 10-31-2008, 07:18 PM
Parent: #382

وأخيرا عدنا

Post: #384
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 11-03-2008, 09:57 PM
Parent: #383

الرحلة إلى هناك، تستغرق ثماني ساعات. وما إن تقترب الطائرة من ملتقى المحيط الأطلسي، بالبحر المتوسط، حتى تأخذ في الانحدار تدريجياً إلى الأسفل، فوق عشب أخضر، وغابات من الشجيرات، بعد أن تعبر سلاسل الجبال الملفوفة في ثياب الغمام، لتنتهي أخيراً، فوق صفوف من الأبنية المرشوشة بالأبيض.

مسؤولو (موسم أصيلة الثقافي) استقبلونا في مطار (طنجة)، وحمَلونا فوق أكُفّ الراحة. أحدهم (سفير المملكة المغربية) في المنامة. وهو (متطوِّع) منذ نحو 15 عاماً للعمل في موسم أصيلة، دون أن يتلقى أجراً على ذلك، ودون منّ أو أذى. فهو، على الرغم من منصبه الدبلوماسي، لا يستنكف أن يفعل كلّ شيء، وأن يؤدي أي دور، ما دام (موسم أصيلة) يتطلب ذلك. وهو ليس وحده؛ فالمئات من الشباب والشابات والكهول، من مدينة أصيلة، ومن خارجها، من مدن مغربية أخرى، يقْدِمون على التطوع لخدمة ضيوف الموسم الثقافي، وزوَّار أصيلة.
بلغْنَا الفندق المتكئ على ساحل المتوسط، لا تفصله إلا كيلومترات محدودة، عن الشواطيء الإسبانية، بلغناه عند الأصيل، وأشعة الشمس تغتسل في ماء البحر، وتستحم الروائح في فضاءات (طنجة). طلبوا منا أن نغتسل ونبدل ملابسنا لننطلق على عجل إلى (أصيلة) حيث ينتظرنا (شيخ) أصيلة، وصاحب فكرتها، وزير الخارجية المغربي السابق؛ محمد بنعيسى.
وضوء الشفق القاني ينسكب على الأبنية والشوارع، رحنا نعبر شوارع (طنجة) إلى خارجها. شوارع نظيفة، والناس إما متناثرون على المقاهي التي يحمل غالبها أسماء إسبانية، أو عائدون من العمل، أو يستعدون للسهر. الطقس في غاية اللطف. في الطريق إلى (أصيلة)، ثمة أعمال تشييد على قدم وساق من أجل إنشاء مدن جديدة، ومساحات خضراء مسقوفة بالسماء.
(أصيلة) كانت كعروس في ليلة زفافها. بيوتها مرشوشة باللون الأبيض، وفي المدينة القديمة، حيث يقام الموسم الثقافي، ما يشبه الحلم. فالدروب هناك ضيقة للغاية، والمنازل كأنها من صنع فنان أمضى عمره في غرس الجمال في هذا المكان.بيوت من طابق واحد، ذات لون أبيض، وأبواب وشبابيك مطلية بالأزرق، تطل على المحيط الأطلسي. كانت الشمس في طريقها لأن تغمر نفسها بالماء في نقطة بعيدة في المحيط. ترجَّلْنا من الحافلة، ومضينا نشقّ دروب المدينة القديمة. (طنجة) وحواليها كانت منطقة يتقاسمها الاستعمار، إلا أن الإسبان تركوا بصمةً لا تخطئها لا العين ولا حتى المعدة!!.
فمن ضمن الأطباق الشهية التي تقدَّم هناك، (الباييلا) الإسبانية، وهي وجبة بحرية بامتياز. مطعم (بيبي PEPE) الشهير ليس بعيداً عن مقر الموسم الثقافي. قالت لي النادلة التي تعمل هنا منذ سنين طويلة، إن محمد شكري كان يجلس في تلك الطاولة بالذات. أشارت بيدها. طاولة تتسع لنحو ستة أشخاص، يتدلى فوقها مصباح كهربائي عتيق، وفوقها لوحة زيتية. (بيبي) يهودي إسباني، هاجر إلى المغرب، وأضحى جزءاً حميماً من (أصيلة). كتب محمد شكري عنه وعن مطعمه وعن فتياته العاملات.
رائحة الزهر تتسرب إلى أنوفنا ونحن نخطو باتجاه بيت محمد بنعيسى. بيته، بسيط وفخم للغاية بأثاثه المغربي الغني، وجلسته التي تشبه تعريشة تظلِّها النباتات المتسلقة، والأزهار. كمعظم بيوت أصيلة، تتجلى فيه العراقة واللمسات الفنية الباذخة، إلى جانب البساطة. وتحسّ بمتعة خالصة، وصوت الماء المنسكب من الفسقيات يغرِّد حولك.
على مدى خمسة أيام، صار برنامجنا اليومي، هو الاتجاه من (طنجة) إلى (أصيلة) صباحاً أو ظهراً، والعودة ليلاً. في الأيام التي كنا نذهب فيها ظهراً، تمكنَّا من الذهاب إلى المدينة القديمة في (طنجة) عند الصباح. مدينة من سحرها وفتنتها تصيب بالدُّوار. مساجد عمرها ثلاثمائة عام، ودروب ضيقة جداً، تتسع بالكاد لعبور ثلاثة أو أربعة أشخاص، وضريح (ابن بطوطة)، وأسواق طنجة القديمة، ومقاهيها.
الأسواق تعج بالحركة، تعج بالسائحين من كل حدب وصوب، يُقْبِلون على شراء الملابس المغربية كتذكار، وعلى الفوانيس، والمشغولات الخشبية والنحاسية، وأواني الشاي المغربي. هنا لا يعرفون القهوة التركية، ولا الشيشة.
حين نتعب من السير، نجلس في مقهى (سنطرال) كما يدعونه، فالمغاربة ينطقون (التاء) (طاء)، وما عليك إلا أن تنادي: (طاكسي) ليتوقف التاكسي!.
مقهى سنترال حيث كان يجلس شكري. والحقيقة إنني لم أترك مكاناً كان يقصده الأدباء الذين مروا من هنا، إلا وغشيته.هذه هي المدينة التي غشيها جان جينيه وتينسي ويليامز وأمبرتو إيكو وعشرات الروائيين والشعراء والرسامين.
وفي قلب المدينة القديمة، أقاموا معرضاً لمحمد شكري تحت عنوان (الكاتب ومدينته). لم يحالفني الحظ، فقد كان مغلقاً بسبب عطلة نهاية الأٍسبوع.
الروائح!. هنا، لكلّ شيء رائحة. البحر والمحيط، لهما رائحة حلوة هنا. وحين تعبر الأسواق القديمة، تتسلل خلسة إلى أنفك، ودون استئذان، روائح البهارات والجلود المدبوغة والخشب المعتق والعطور والبخور.
ولـ(أصيلة) رائحة بيضاء!؛ رائحة عروس تتوشح بياض زبد البحر، الذي يروح يرش وجهها الحلو، وهي تفتح نوافذها كلها عليها، وكأنها لا تستطيع أن تغمض عينيها المكحولتين لحظة عن البحر.
في الليلة الأخيرة، دعانا الوزير محمد بنعيسى لحضور مهرجان الختام. جرى المهرجان بداخل قاعة فسيحة امتلأت عن آخرها بسكان المدينة وبأمثالنا من الغرباء الذين وفدوا إليها، فوجدوا فيها حميمية ودفئاً ساحراً. توالت فقرات المهرجان. وهو ببساطة تكريم لشخصيات العام في (أصيلة)، ليسوا روائيين ولا موسيقيين ولا شعراء. إنهم (الأم المثالية)، و(صياد العام)، و(تلميذ العام)، و(تلميذة العام)، و(الشخص الأكثر اهتماماً بالبيئة لهذا العام)، و(الشخص الأكثر اهتماماً بالزراعة لهذا العام)، وشخصيات أخرى، هي ملح الحياة. شخصية بسيطة نابضة بالحياة والعطاء.
أشخاص مثلهم، لا يحلمون في أماكن أخرى بمثل هذا الاحتفاء والتكريم، لكنهم هنا يتمتعون بتكريم يستحقونه فعلاً، ووسط دموع أقربائهم، وفرحة أهاليهم، وفي جو حميمي، هو جو الأسرة الواحدة، التي صرنا لساعات جزءاً منها.
قبل ذلك بليلة، كنا قصدنا مع بنعيسى معرضاً للوحات تشكيلية رسمها أطفال صغار لا تتعدى أعمارهم تسع سنوات. الأكيد أن أجيال أصيلة ستعشق الفنون إلى الثمالة، وسيخرج من صلب هذه المدينة عمالقة بمقدورهم أن يصنعوا الكثير.فمدينتهم، مرَّ بها أدباء كبار من كلّ أنحاء العالم، ويغشاها كل عام، ويقيم بها لشهور عدة، عدد من الرسامين من أنحاء العالم، يروحون يدهنون حيطانها البيضاء بلوحاتهم ويشعلونها بجنونهم وعبقريتهم. (أصيلة) لوحة كبيرة في الهواء الطلق، وبمقدور طفل صغير، أو طفلة أن يضحي رساماً هناك، قماشته البيوت، وألوانه البحر والسماء والعصافير.

Post: #385
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Baha Elhadi
Date: 11-04-2008, 08:13 AM
Parent: #384

الثالوث المقدس:

عزاز+ كرم +خالد
هذا الدفق والتماهي في الحميم من أشيائنا
(بودي في داهية)

لكما حديث يصدر وينبع من معاناة الفنان
الذي يجهد نفسه وروحه في الخروج من المألوف والمؤطِر
فيندلق في ذاته
وهنا المباغتة والفجاءة الكبرى
إذ يصعب عليه الخروج من أقدس أقداسه
(الروح وخلجاتها ونزفها الحميم)
كونوا بعافية الروح
وها أنا أرقب هذا التداعي الثر
بهاء/طوكيو

Post: #386
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Baha Elhadi
Date: 11-04-2008, 08:33 AM
Parent: #385

المحطة الجاية بالله ؟!
أشهد أن الورود تمنح الشهد
ولكنما كثيرون يرونه غيرذلك لعمى بصيرتهم
عزاز
لك ودي المقيم الفياض
ويغشى المجنونين
تباري خالد وكرم الله بجننوك
وأكرم به من جنون حنون
أنا أنتظركم في حنايا العقل المُعّنى
وتلافيف ذاكرة أترعت فشاخت
وباتت تبحث عمن يضيء لها العتمات
أشتاقكم كثيرا أيها الثلاثي الذي يغازل
الأفكار ولا يعطي المجاني من الفكر
لكم قامات النخيل تنهض
فهيا تعالوا وأسرجوا خيولكم للريح والفكر والمثاقفة
بهاء

Post: #387
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: خالد عويس
Date: 11-15-2008, 02:42 AM
Parent: #386


عزيزي بهاء
كامل الاحتفاء بحروفك البهية هنا.

Post: #388
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: Baha Elhadi
Date: 11-15-2008, 07:16 AM
Parent: #387

الأخ خالد :
شكرا لكم جميعا
بتنا نفتقد مثل هذا الكتابات
والغثاء صار يزحم الفضاء
وأصبحنا نبحث عن ملجأ يقينا
من الهجير والوعثاء
وكآبة المنظر
وسوء الحال
الكتابة لا زالت هاجس يمرع فينا
أكتبوا يا رعاكم الله
لولا هذا الثلاثي لما دخلنا هنا
قليل مما تكتبون يجعلنا نتنفس هواء طريا
ونحس بعرق الحياة(ينتح) فينا
في أقاصي شرق الله
أنتظركم
بهاء بتاع طوكيو

Post: #389
Title: Re: يا عبدالغني كرم الله يا مجنون يا أخي !!
Author: عبدالغني كرم الله
Date: 11-30-2008, 07:01 AM
Parent: #388

البهاء والعويس..

وسرب الصداقة الابدية سلامي ومحبتي، كنت في الوطن، غارق في حضن الاهل، والذكرى..

فعميق محبتي، وشوقي، ..