الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني

الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني


08-01-2006, 01:58 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=207&msg=1178281494&rn=82


Post: #1
Title: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-01-2006, 01:58 AM
Parent: #0

القاص (عبدالغني كرم الله) لـ (السوداني الثقافي ): (1-2)الخيال خلق ليضئ الجانب الخفي من فكرة الإنسان الازلية

للكاتب عبد الغني كرم الله تجربة أثارت الانتباه، كتابه القصصي الأول (آلام ظهر حادة) صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخلق حوله زخما نقديا كبيرا خارج السودان وداخله حيث احتفت به العديد من المنتديات والمجلات والصحف

بروز المادة الفكرية وترابط النص بخيوط ذات طبيعة فكرية وجمالية في غاية الإحكام يشير إلى وعي كبير بالمشروع وملامحه وأبعاده، كما يشير إلى كاتب مثابر نحو إنجاز مشروع إبداعي متقدم.

الكاتب عبدالغني يعمل ويقيم بقطر منذ عدة سنوات، دارت مقابلتنا معه حول الأفكار التي طوفت في أرجاء كتابه (آلام ظهر حادة)، هنا الجزء الأول منها.

حاوره مأمون التلب

لا يوجد زمن في القصة، هناك أحداث تحتل الزمن، هناك حدث

في البدء، لنحاول أن نرى القيمة والحجم والمفهوم الذي تحتلّه الكتابة داخلك، داخل حياتك، كيف تعرف هويتك، هل تعتقد أنك كاتب في المقام الأول، وكيف تتعامل مع هذه الهويّة والانتماء الذي تمنحه الكتابة؟

منذ البدء، تغرقني في الضلال (هويتي؟)، ، ليس لقوارب الكلمات قدرة للإبحار، أو الوصول لذلك الشاطي المستحيل، (وللحق ابحث عنها، وأرقني ذلك، ومع هذا لم، ولن أصل لبر آمن)، يحول دون معرفة ما يجري بالداخل، (غرائز تملي كتابها)، وحواس تفتح نوافذها على بيئة بسيطة، ومعقدة، وملغزة، أتحسس بعكاز الأعمى (العقل)، كي لا اقع في حفر التفكير والانطباع والجبرية، والتقرير، والتقييم، وجوارح، مسكونة بمشاعر، تنشد الكمال، حتى لساني هو الذي يتذوق السكر، والملح، والموز، (بلا حول مني) هل أخترت أنا رائحة الموز وطعمه، وسلوك الذاكرة، وركض الخيال، ولكنى أعبر الشارع بحول مني، ثم يأتي الجوع بلا حول مني، ثم يأتي الرسم بحول مني، ثم تأتي الرغبة في الكتابة بلا حول مني، وللحق، هويتي هي (لا اعرف شيئا، عني أوعن المحيط، الحسي والروحي)....كل لحظة استيقن ذلك..

(هل قلت أعبر الشارع بحول مني)، اتبرأ من هذا الوهم (هناك قلق، أو هدف أسعى له، ولذا قطعت الشارع، يقودني فرس داخلي، خفي، كي اقطع الشارع، وكي أتأمل السحب، وكي ابكي، وكي أنام، وكي اغبط، وكي أكتب).. هل قلت بأني أرسم بحول وقوة مني؟!! تعجبني لوحة غوغان (من أين، وإلي أين ومن نحن!!)، وأجمل ما في هذا السؤال انه لم يضع علامة استفهام في نهايته، هو علي يقين إنه، مجرد تساءل أبدي!!

والشئ الوحيد، الذي احس به (إن لم أكتب، فسأموت)، أي (أنا أكتب إذن انا موجود)، يدخل الاكسجين إلى رئتي من سنة القلم، وتدخل الروح من العين، حين تلتهم الكتاب المسطور، كتاب الحياة، كتاب الجسد، (أهذه تعتبر هوية)، أتمنى، أن تستيقظ (ثورة الاحاسيس)، في جسدي، كله، حتى الغدة الصنوبرية، تبدأ العزف، مثل اخواتها النشطات، (أحيانا اغبط جسد امي، بالحنان الساكن فيه)، وأغبط الماء لقدرته على التشكل، والتكيف، والليونة، والري، وإغبط الملائكة، على قدرتها على الاختفاء عن الحواس، والقفز من الجنة للأرض، ومن الماضي للمستقبل..وفي استغنائها عن كل (ما يجول بخاطري، وحواسي، وغرائزي)!! وللحق، مآل الإنسان من السمو والتطور، يفوق الملائكة، المخلوقة من نوره الإنسان، تجلي لعقلى المبارك.

هويتي؟ (الحياة إلى الآن خنثى)، لم يولد رجل بعد، أو امرأة بعد، هكذا تقول الحقيقة، (بعيدا عن تشويش الانطباع)، فهناك ثدي، صغير، في صدر كل رجل، (مشروع إمرأة مخبأ)، وهناك (شارب، وإن خف في وجه كل إمراة)، البحث عن الرجولة، والبحث عن الانوثة، ليس بمستواها (الجيني، والجنسي)، بل ومعا، بمستوى الروحي، هنا يكون ثراء الإنسان، وثروته الحقيقية، التخليص من عقابيل (الحيوان المنوي، والبويضة)، كي تكون وترا، أصيلا، في الفن والفكر، خلقت نفسك بنفسك، خروج عن الولادة التقليدية، (ميلاد ثاني)، بقابلة الفكر.. هنا ترى الاشياء بصورة مغايرة، بل (الحيوات بصورة رائعة)، فما ثمة إلا حيوات، (تجري في سلم الزمن، كي تصحو من ثباتها، وجماديتها)، وتصير إنسانا سويا، (ولهذا خلق الخيال)، كي يضئ الجانب المخفي من فكرة الإنسان الازلية، المطلقة..

اختيارك للشخصيات في كتابك (آلام ظهر حادّة) كان لكائنات غير بشرية وإذا ما كانت الشخصية بشرية نجد أنها تكون في مرحلة الطفولة فقط هل تحاول أن تعكس النظرة التي تنظر بها عين العالم للإنسان وتاريخه؟ ولماذا تبدو حالة الطفولة في القصص وكأنها ليست بشرية؟

الطفولة، قمة النضوج، سواء كانت الأولى، أم الثانية، على العالم ان لا يفقد الدهشة والبراءة، (هل توقف قطار الزمن، ولو برهة، ان غريزته هي ان يجري من محطة الماضي إلى محطة المستقبل)، فالتحول أس الوجود، ولكن لم تدمن العين العادة؟، إذن الطفولة (وتوأمها الجميل الدهشة)، ضربة لازب للعقول وللحواس والقلوب، (كي تحدق في المشاهد المولدة دوما)، فجدل الصيرورة والتحول لم يقف، كالظل، نراه ساكن (وهو لم يتوقف عن الحركة طرفة عين)، (يقال بأن الزمن ينساب كالنهر، واحيانا يبطئ واحيانا يسرع، واحيانا يتفرع (كرشيد ودمياط)، زمن للشعر (حواس مغمضة عن الخارج)، وزمن للعمل (حواس مغمضة عن الداخل)...

الطفولة الثانية (قد نبلغها ونحن في السبعين أو العشرين)، حسب فطامنا من المراهقة، والرجولة الكاذبة، هي الثقة بالحياة، أن تلعب مع الثعابين،، وتدخل العقرب، كزهرة في جيبك، (ولكن لا تؤذيك، فحسن الظن، ينتقل من عقلك إلى جميع جسدك)، الطفولة الأولى تفعل هذا، ولكنها تعاقب، لأنها (مدارج النفس السفلى)، الطفل غير منقسم، يفعل ما تأمره به (نفسه السفلى)، (يخطف الحلوة من شقيقته، ويأكلها، وكأن شيئا لم يكن)، والطفل الثاني، ولهذا خلق الزمن بشكل لولبي، يسلك بنفسه العليا، كسقراط، كالنبي، كعيسى، كبوذا، سذاجة محببة، وحب للناس، كل الناس.....(لن تدخلوا الجنة، حتى تعودوا اطفالا)... الطفل يثق في الطبيعة، لأنها أم، أم حقيقية..(ويعطي الحلوة، بل روحه للآخرين في طبق من ذهب)... لأنه استغنى، (عن كل شئ)، سوى روحه الطلقة.. الصبوحة، بداخله..(وما أوسع دواخله، فالكون الخارجي، فالجسد البشري لم يكتمل بعد، هناك احاسيس، ومشاعر وافكار يجب ان تملأه، أن تنفخ فيه الروح (نحن موتى)، وعلينا ان نستقيظ من الموت (فلو لا المايكرسكوب لما ادركنا بأن هناك ملايين الاحياء تحيط بنا، وتعيش بداخلنا)، ولكن اعظم المايكرسكوبات هو القلب الانساني، فمن خلاله ترى كل الوجود (عبارة عن جنة ماثلة)، ولكن هناك غدد معطلة، واعظم هذه الغدد هي (العقل الصافي)، وغدة (القلب المحب، السليم)... حين ينضح القلب المحب، الدم في مجاري وأنهر الشرايين، يكتسي الجسد بقشعريرة لم يجربها من قبل، طلاوة، وسحر، (بمقدوره ان يصرخ كالحلاج)، (سبحاني ما اعظم شأني)، وبمقدوره أن يسكن، وقد امتلأ بالحياة..وأن يرى الكائنات الاثيرية التي تملأ الماضي والمستقبل، وهي ماثلة امامه، كشجرة الجميز هذه..

اتأمل الأشياء، لأنها أحياء، لا شيء ميت، او جاف او صلد، (خداع حواس)، كل الأشياء رخوة بيد الطفل، حتى السكين، وعتب البيت، لذا يجري حافيا، دوما، مشى عيسى على البحر، وتكلم ياقوت مع العصافير، أهذه معجزة، (اقسم بأنها بدء هبة السماء للكائن المسمى إنسانا)، تلف الالكترونات حول الذرة، كالقمر حول الارض، كالطفلة حول الام، وكالشعر حول القلب، وكالعطر حول الانف... (ثنائية الوعي والبيئة)، يتفاوت من فرد لآخر، (هناك من يتأمل الجبل، وهناك من يدرسه، وهناك من يشم رائحته) كما يوحي الطاو، وهناك من يخاطبه (هذا الجبل نحبه ويحبنا)، وهناك اشعة تجتاز الجبل، كما يجتاز ضوء الشمعة زجاج النافذة، (أن نرى الاشياء بعيون الاخرين)، لذا يأتي خطاب التأمل للجسد (كن شفافا، كي تنفذ لجواهر الاشياء، كالضوء، بل أرق، كالروح، بل أرق، وهل للروح حد) والجسد الإنساني حين يلطف (بالشعر، أو السلوك، أو الفكر، أو العشق)، يبدو كائن أثيري، بمقدوره الخروج (عن سلطان الزمان والمكان)، وإعتلاء هرم الخليقة، ممسكا بملكة (فوق طاقة الكلمات، والايحاء)، شعور عميق ينتاب مملكة الجسد كلها (حتى اصابع الاقدام يعتريها فرح فوق خطف القبل والجنس) أو (بعيوننا حين تصح من الرمد والعماء المتوارث، عبر الجينات البشرية)، فالإنسان مشروع تطور، لا متناه، لا حد أو سقف له (بل أي تصور، مهما سمى، هو حظ الإنسان)، ويظل المطلق (متمسكا بإطلاقه، عصي الفهم عصي التفسير)..

نلاحظ محاولاتك المستمرة للتخلص من (الزمن) في الأحداث الدائرة في قصصك، بحيث تشدد على جرّ الحدث للزمن (الحاضر) إنك لا تشيّد الزمن إلا لتهدمه، لماذا؟

لا زمن، حين نرى الجمال، والإثارة، ولكن يتجمد الزمن في الوحشة، بل يتلاشى الزمن في الخطف والتجلي والعشق، فالزمن كائن كالحرباء، يتلون بالوعي والاحساس الإنساني ( نحن في لذة لو عرفها الملوك لجادوا عليها بالسيوف)، هل الضوء اسرع مادة، هناك عوالم (سرعة السلحفاة فيها، تتجاوز الضوء)، حاليا (كي اسافر لمدني احتاج لثلاث ساعات، بمقدور الإنسان أن يسافر مليار مرة ، بل اكثر في هذه الفترة)، فالبطء في التفكير، وايقاع الحياة المربوط بالساعة، وطلوع الشمس وغروبها، هذه سنة محدودة، اختلاف الذبذبات يخفي اشياء (المروحة تختفي حين تشتد ذبذبتها وحركتها) فما بالك بأشياء وأشياء، ذبذبتها تفوق قدرة الحواس، وهي تملأ الاثير، أكثر من الاكسجين، (لذا شكل البذرة، كشكل الرحم، كشكل البيضة، كشكل الارض)، وكلها تجري، من بذرة صماء، إلى شجرة، كائن حي، والأرض بذرة، مدفونة في تربة الفضاء!! فالجسد الإنساني، حين يتسامى (يرى الاشياء قبل وقوعها، لأنها وقعت في الازل)، كأننا نتصور المستقبل غير موجود إلا حين يصل إلى محطته قطار الوقت (أنسير نحو عدم)، فالمستقبل موجود، وقطار الزمن يسير إليه بسرعته المعروفة، (24 ساعة في اليوم)، ولكن هناك كائنات (أسرع من الضوء)، بل وأسرع من الروح، (فلا نجعل من الحواس الشخصية معيارا)، فسوف نخسر الكثير، ونناقض طبيعة الاشياء، والأحياء..كل الاشياء موجودة، ولكنا نركب قطار الزمن كي نتفرج عليه، ورأس القطار يرى شيئا، ومؤخرته ترى شيئا آخر، رآه السائق منذ مدة، وكذا الطلائع، يعيشون في المستقبل!!

كينونة الزمن، تبدو، كفنان ولوحة، فالفنان صور اللوحة بكل تفاصيلها في ذهنه، من المبتدأ وحتى الختام، وحين شرع في رسمها على الصفحة البيضاء، بدأت تتجسد للملتقى، خطوة خطوة، فالكون موجود كله (اللوحة الام)، ولكن نحن تتكشف لنا اللوحة خطوة خطوة، بكشاف الزمن...

ففي القصة، لا يوجد زمن، بل أحداث تحتل زمنا، فالأمر هو الحدث، والذي اتخذ جلباب الزمان والمكان ليرى (ننقر الصمت كي نخلق الموسيقى، والفراغ كي نكتب)، هكذا يقول فلاسفة الصين القدماء (قد يأتي المسقبل من الماضي، إن كان اصيلا)، كي لا نخدع بحتمية (إن الزمان يجري من الماضي للمستقبل).. هناك كائنات تأتي من المستقبل كي تنير لنا الطريق، وتعبده (من الحفر والمطبات و....) الخ من وعثاء السفر الروحي.. والحسي..

Post: #2
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-01-2006, 06:56 AM
Parent: #1

منذ البدء، تغرقني في الضلال (هويتي؟)، ، ليس لقوارب الكلمات قدرة للإبحار، أو الوصول لذلك الشاطي المستحيل، (وللحق ابحث عنها، وأرقني ذلك، ومع هذا لم، ولن أصل لبر آمن)، يحول دون معرفة ما يجري بالداخل، (غرائز تملي كتابها)، وحواس تفتح نوافذها على بيئة بسيطة، ومعقدة، وملغزة، أتحسس بعكاز الأعمى (العقل)، كي لا اقع في حفر التفكير والانطباع والجبرية، والتقرير، والتقييم، وجوارح، مسكونة بمشاعر، تنشد الكمال، حتى لساني هو الذي يتذوق السكر، والملح، والموز، (بلا حول مني) هل أخترت أنا رائحة الموز وطعمه، وسلوك الذاكرة، وركض الخيال، ولكنى أعبر الشارع بحول مني، ثم يأتي الجوع بلا حول مني، ثم يأتي الرسم بحول مني، ثم تأتي الرغبة في الكتابة بلا حول مني، وللحق، هويتي هي (لا اعرف شيئا، عني أوعن المحيط، الحسي والروحي)....كل لحظة استيقن ذلك..

Post: #3
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Nana
Date: 08-01-2006, 03:03 PM
Parent: #2

شكراً حميماً اخونا محمد لهذه المساحة المضيئة بأديبنا الرائع عبد الغني كرم الله

دعنا نلج دنياهذا الأديب بمزيد من التفاصيل عنه وعن كتاباته

تسجيل حضور ومتابعة

لكم ودي واحترامي

Post: #4
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: munswor almophtah
Date: 08-01-2006, 03:52 PM
Parent: #3

الأخ محمد...إن من بستل سيف يراعه ليشغل جغرافيا القرأطيس...لتستنير الأجيال وتنشط أفاقها...وتفيق من غفوتها...يستحق الإكبار...ويستحق الإعزاز...ويستحق الوقوف معه...فذلك الكاتب الذى تساقطت لنا وعلينا رطبه...عندما هز جزع نخلة الإبداع فيه...وجاء بسفره الأول...ويا عجبى قد جاء ذلك من قطر التى أبقت على النور عثمان أبكر...والأديب أمير تاج السر ومن قبلهم كانت إحدى قبلة الأديب الطيب صالح خال أمير تاج السر ومن ثم الشوش الذى يختلف ويتفق حوله الناس عندما رطن الدوحه......فلذلك الأديب الذى تكون عالم كينونته فعرج بنا فى عوالم أكوانه...لنرى عوالما ما رايناها من قبل...الإجلال والتقدير والأمانى له بالإنطلاق بنا ومركبته لعوالم فوق تلك التى حلق بنا فوقها الطيب صالح وللأديب الشاعر مامون التلب الأمانى ولأخى محمد عبدالجليل الذواقه الحاذق الأمانى كذلك والسلام ................................




منصور

Post: #5
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-02-2006, 01:42 AM
Parent: #4

عزيزي الجميل محمد
صباح خلاق وجميل ومروحن

حقا، وحدة وجود ، نتعارف من وراء المسافات، والاثير، أعرف روحك، وهذا يكفي، فالجسد، مأوى الروح..

هذه الأيام مسكون بنص متعب، أدعو لي:

حاليا، بكتب في نص عن (أمرأة أفريقية، تحمل طفل سعيد على ظهرها)، سندباد، يتجول بين الاحياء والبيوت، كل يوم حياة جديدة، وأفق مفتوح، ملك خلف امه المناضلة الحقيقية، يلعب بفقرات ظهر امه كبيانو، امه تضحك من الدغدغة، وهو من العزف على بيانو رأسي، من نتواءت جلد نحيف، فقرات عمودها الظهري، اصابع بيانو حي، ومجيد، عمود فقري يحمل قلب محزون وعقل منهك بعذابات بالتدبير.. وخلفها سندباد صغير، ملفوف بملاءة دمور، صارخة الألوان، كقوس قزح، طفل شقي، على وجهه الصغير، عيون بيكاسو وقلب طاغور وعقل ابن بطوطه وسقراط، يصور الاشياء كطفل، كملك، كشاعر حقيقي...

ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة...

قبل اربعة أيام، زراني الروائي العظيم (إبراهيم ا سحق)، بأقصوصة رائعة، وللحق امتص مني زخف التوتر في الشرق الاوسط، وغسل صدا علق، وهم رابط، دخلت اجواء القصية المليئة بالتفاصيل المدهشة اللذيذة، انه عبقري عظيم، احبه بشكل اسطورى، وأحس بأنه (كالحسين)، ظلمه النقد (العالمي)، بشدة،
قد تكون اللغة المحلية (هي السبب)، ولكن عبقريته تتجسد في هذه اللغة الشعبية، الساطعة، المشربة ببساطة وثراء اسطوري... هل قلت لكم بأني قرت القصة ثلاثة مرات، ولم تفقد حلاوتها، بل كانت المرة الاخيرة هي الأحلى، وربي، هذا هو الادب الحقيقي... شكرا استاذي الكبير ابراهيم اسحق..

معي (وبال في كلمندو).، واتحرق شوقا لإلتهامة، بعد تلكم القصة... حقا، ما اعظم هذا الرجل!!!

Post: #6
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: ابوحراز
Date: 08-02-2006, 01:55 AM
Parent: #5

حديث عندما تقراه يجعلك تترنح
وتبحث عن نهر تحت النخلة
لتغسل وجهك
لتصحو من غفوة الدهشة
كلام عذب جدا وجميل
أتمنى أن نقرا لك دائماً
وأتمنى أن تزودني ببعض رحيقك
وعسلك المصفى
فكل كتاباتك لوحة حية متحركة
تنبض بالروح
تشم فيها كل الأنفاس التي تريدها
كلمات رائعة 00 تجعلك لاتتثاءب
كم وطننا جميل
وهو يولد من رحمه هذه الأقلام المتفردة
التحية لك ولمن قدمك
واضاء الطريق لنا
سنمشي حفاة ياسيدي
احتراماً لفرشاتك الملونة !!!!

Post: #12
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-02-2006, 04:37 AM
Parent: #6

Quote: كم وطننا جميل
وهو يولد من رحمه هذه الأقلام المتفردة
التحية لك ولمن قدمك
واضاء الطريق لنا
سنمشي حفاة ياسيدي
احتراماً لفرشاتك الملونة !!!!


الأخ أبوحراز .. تحياتي لك.. مساهمتك جميلة .. شوف بالله البورد
ده بطول العمر كيف .. وتلاقي الناس وتقرأ الكلام الذي يستحق
أن تضرب له أكبادالإبل ..

ومعك تحت النخلة نبحلق في الثمار التي إكتنزت وشبعت شمساً..

Post: #11
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-02-2006, 04:27 AM
Parent: #5

الأخ عبدالغني ..
ما تقدم عمل يساهم في فتح النوافذ المغلقة .. في إستنهاض
الـ 95% من إمكانات الإنسان التي غمرها الران الذي علا
جدار القلوب لتتعامل مع تضاريس قشرة الحياة اليومية
القاسية وتندثر إمكانات الإبداع تدريجياً .. ليضعف فينا
البصر والبصيرة ..
التحية لك وللروائي الفذ إبراهيم إسحق ويقيني أن الإبداع
الحقيقي والأصيل يدغدغ قلوب مبدعيه (مثل عزف الطفل على بيانو
ظهر أمه) ولا ينتظرون ربتاً على الكتوف .. وليتك تشركنا
في أقصوصته فنحن بحاجة إليهاعشان نشوف الدنيا كويس.

Post: #49
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبد الحي علي موسى
Date: 08-08-2006, 05:23 AM
Parent: #5

حقيقة يا عبد الغني كرم الله إنت هدية من الغني الكريم.
عندما قرأت هذا الإبداع حسبت الصوت صوت نبي بل صوته هو.
فعليك الأستاذ ما تنقطع.

Post: #53
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-09-2006, 04:15 AM
Parent: #49

الحي، عبد الحي على موسى...

اااااااااااه، مالكم، كيف تفرحون، كيف تسكرون

Quote: فعليك الأستاذ ما تنقطع.


أي قسم هذا... ومن يبر به....فيا خيبة المسعى إذ لم انصف..

لكم حبي وهيامي....

معكم استاذي النور، والأديب المرهف، محمد عبدالجليل، ومنصور، وابو حراز.. وسرب تسكرني حروفهم.
أاااااه، كم احب وأهوى القلوب المنفوخة بروح الجمال، روح الفكر، وروح الخيال والتأنق..


في القلب خفق،
وفي الذهن حيرة..
وفي الحنايا حنين، لوطن الجمال الأبدي، السرمدي
عميق حبي، وشوقي..

Post: #54
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبد الحي علي موسى
Date: 08-09-2006, 05:09 AM
Parent: #53

والله يا عبد الغني (الغني) تجدني حاضر في كلامك أكثر من حضوري في صلاتي. كذلك صرتم حديثي ونفلي وقبلتي في صلاتي إذا وقفت أصلي......الله.....

Post: #8
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-02-2006, 04:07 AM
Parent: #4

الأخ منصور .. تحياتي .. وجدت أن أشرككم فيما كتب الأخ عبدالغني ..
وهو يغوص في ما أودعه الله في البشر من مشاعر وإمكانيات تخترق
الحجب .. وهو يتسامى ليتسمع كلام طفل في المهد على ظهر أمه ..
ويستفز قلوبنا لتحيا وتنبض وترى .. لنعود أطفالا فندخل الجنة.

Post: #7
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-02-2006, 03:26 AM
Parent: #3

Quote: دعنا نلج دنياهذا الأديب بمزيد من التفاصيل عنه وعن كتاباته


الأخت نانا .. تحياتي،
قرأت اللقاء مع الزميل عبدالغني .. وقلت الحمد لله وجدت ما نحسه ولا نستطيع
التعبير عنه شيء يكمن فينا .. قليلون جداً الذين يستطيعون أن يستنطقوه ..
الأطفال والمتصوفة والفلاسفة وسابرى قوى الإنسان الخفية.

Post: #9
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: أيزابيلا
Date: 08-02-2006, 04:21 AM
Parent: #7

أخبرنى صديقي اللدود مامون التلب
بأمر هذا الحوار
وتصيدت الجريدة حتي عثرت عليه
‏_في الحقيقة ليس من السهل أن تغرينى صحيفةما لأحتفظ بها
ولي مجموعةقديمةتأكسدت الأحبار من فرط صفرتها
لكن لأحتفاظي بها أشباع لرغبة كامنةبالعودة
‏_قابلت الأديب كرم الله في جلسة نقاش لمجموعته هذه
ولكنى حين قرأت الأسئلة والحوار
أيقنت أنه جبل علي الكتابه العميقة
المتجاوزة للرمزيةالصلدة بأتجاه رمزيةمرنة
تتشكل وفق مزاجه وأمزجتنا

Post: #10
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: أيزابيلا
Date: 08-02-2006, 04:22 AM
Parent: #7

أخبرنى صديقي اللدود مامون التلب
بأمر هذا الحوار
وتصيدت الجريدة حتي عثرت عليه
‏_في الحقيقة ليس من السهل أن تغرينى صحيفةما لأحتفظ بها
ولي مجموعةقديمةتأكسدت الأحبار من فرط صفرتها
لكن لأحتفاظي بها أشباع لرغبة كامنةبالعودة
‏_قابلت الأديب كرم الله في جلسة نقاش لمجموعته هذه
ولكنى حين قرأت الأسئلة والحوار
أيقنت أنه جبل علي الكتابه العميقة
المتجاوزة للرمزيةالصلدة بأتجاه رمزيةمرنة
تتشكل وفق مزاجه وأمزجتنا

Post: #13
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-02-2006, 04:50 AM
Parent: #10

Quote: ولكنى حين قرأت الأسئلة والحوار
أيقنت أنه جبل علي الكتابه العميقة
المتجاوزة للرمزيةالصلدة بأتجاه رمزيةمرنة
تتشكل وفق مزاجه وأمزجتنا


الأخت أيزابيلا - تحياتي
لم ألتقي الزميل عبدالغني إلا عبر هذا المنبر
ولكن كاني قد قابلته يعاقر الكتابة (وكنا
في الطوفان) ..
قبل فترة كتبت في مداخلة بأحد البوستات
مستفتياً الزملاء بأن لدي كمية من الورق
والكتب والقصاصات والجرائد التي أصفرت
وضيقت مكان سكني وحاصرتني .. وحذرت المفتين
بأن كل كلامهم سيكون مقبولا إلا أن يقولوا
تخلص منها .. فما بيني وبينها لا يرى
بالعين المجردة .. يمكن أن يرى بالمايكروسكوب الذي
تناوله عبدالغني في حواره .. ولكنه أقوى
من كل الأواصر التي تستعصي على الإبتعاد ..

Post: #14
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Abu Eltayeb
Date: 08-02-2006, 06:16 AM
Parent: #13

أحبائى الكرام :

هذا العبد الغنى الغنى ..

تتويج لى حركه ثقافيه وأدبيه إنبثقت

من فكره سامقه هائله وحتميه .. وما هذه

الكتابه العميقه الصادقه المنفتحه .. والمتفتحه,

إلا نقطه فى إنطلاقه كبيره قادمه .. والقادم مزهل! ..

شكراً أخى محمد عبدالجليل ..

مامون

Post: #19
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 04:29 AM
Parent: #14

Quote: هذا العبد الغنى الغنى ..

تتويج لى حركه ثقافيه وأدبيه إنبثقت

من فكره سامقه هائله وحتميه .. وما هذه

الكتابه العميقه الصادقه المنفتحه .. والمتفتحه,

إلا نقطه فى إنطلاقه كبيره قادمه .. والقادم مزهل! ..


الأخ - مأمون أبوالطيب .. تحياتي لك
العالم يتسع عندما ينبلج فجر الصدق (يفضفض جراب الخبايا)
ويتصدى أهل الثقافة والإبداع لقضايا الواقع في نفس الوقت الذي
يحافظون فيه على سحر عصى الحروف تشدهم نحو المثل الأعلى لتبقى
(الشجاعة أن تموت من الظمأ).

Post: #65
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبد الحي علي موسى
Date: 08-13-2006, 05:11 AM
Parent: #19

شكرا أخ محمد دايما الرايعين ببحثوا عن الرايع فاستمر كذلك لأن القاص عبد الغني ليس كثيفا تلطف وإنما لطيفا تكثف كي نبحر معه في بحره الزاخر بالأسرار فنحمد الله لك وله.

Post: #24
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Elmosley
Date: 08-03-2006, 05:36 AM
Parent: #2

تحياتي لهذا المبدع

ولك شكري

Post: #27
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 06:08 AM
Parent: #24

الأخ الأستاذ الموصلي - تحياتي لك .. مرورك يشرف ..

Post: #89
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: adil amin
Date: 08-19-2006, 05:34 AM
Parent: #2

انا لا اخجل من نفسي عندما اعري عورات وطني والعيوب التي تنفر منه..لانك ان لم تتطهر امام نفسك ستظل النجاسة تغمر دواخلك مهما استخدمت من ماء وصابون


الاخ العزيز عبدالجليل محمد
الاخ عبدالغني كرم الله
تحية طيبة
اثراء متميز عبر موقع سوادنيز اون لاين
ولنا عودة
لهذه العوالم السحرية

Post: #15
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: معاوية الطيب
Date: 08-02-2006, 09:02 AM
Parent: #1

عبد الغنى هامة ثقافية ومنبع ابداع

شكرا محمد عبد الجليل

ولى عودة

Post: #16
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Randa Hatim
Date: 08-02-2006, 09:24 AM
Parent: #15

عبد الغنى كرم الله
انسان مرهف الاحساس .. نبيل المشاعر ... يفيض كما النيل
رغم انى لم التقيه الا مرة واحده ويتيمه ولكنها حفرت فى ذاكرتى مشاهد عده

انه اديب بحسه وبطبعه
فهناك من الادباء والكتاب من تراهم ولا تدرك انهم كتابا الا حينما تخبر بذلك
ولكن عبد الغنى يخبرك بدون حديث انه كاتب وانه اديب
فتقرا دفق كلماته فى قسمات وجهه وفى تعابيره

اتمنى ان يستمر هذا البوست وان نقرا فيه لعبد الغنى ونتواصل معه علنا ننهل من فيض ادبه ..

وله منى التحيه ....

Post: #22
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 05:13 AM
Parent: #16

Quote: عبد الغنى كرم الله
انسان مرهف الاحساس .. نبيل المشاعر ... يفيض كما النيل
رغم انى لم التقيه الا مرة واحده ويتيمه ولكنها حفرت فى ذاكرتى مشاهد عده

انه اديب بحسه وبطبعه
فهناك من الادباء والكتاب من تراهم ولا تدرك انهم كتابا الا حينما تخبر بذلك
ولكن عبد الغنى يخبرك بدون حديث انه كاتب وانه اديب
فتقرا دفق كلماته فى قسمات وجهه وفى تعابيره

اتمنى ان يستمر هذا البوست وان نقرا فيه لعبد الغنى ونتواصل معه علنا ننهل من فيض ادبه ..


الأخت رندا - تحياتي .. نعم الكتابة الإبداعية تعصف بعصب العقل والقلب ..
فتفضح الحالة الإبداعية صاحبها وتضج في قسمات وجهه .. ومعك في إنتظار
أن يتواصل هذا الفيض .

Post: #20
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 04:51 AM
Parent: #15

الأخ الأديب - معاوية الطيب ..

شكراً للمرور .. وفي إنتظار مساهماتك معنا
تحت ظل نخلة عبدالغني نلتقي على كلام
يغسل الوجدان ويشحذ المخيلة.

Post: #17
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: أبوذر بابكر
Date: 08-02-2006, 09:52 AM
Parent: #1

أحييك يا محمد

وأمد كفى مليئة بالإمتنان
يفيض شكرا وتقديرا لك

على حمل هذا المسك العبق من لدن صديقنا الوريف ومداده المحتشد بخضرة الأرواح
عبد الغنى الذى أكرمنا به الخالق

وعبركما أحى صاحبى البديع مأمون التلب

وأغريه المحبة والسلام

وهذا العبد الغنى يا محمد
كون يضح بأنوار بهية معطرة، والكتابة عنده
نوع من إعادة تشكيل الحياة وفق ملامح قسيمة السمات وبديعة الخلق

فلكم جميعا كل ما فينا من مودة

وعليكم المحبة

Post: #18
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-03-2006, 03:52 AM
Parent: #17

عميق حبي وهيامي وشوقي..

لهذا الحوار حكاية طريفة،
بعد الاجابة على الاسئلة،ضاعت مني الأسئلة، ضاعت الشجرة و تبقى الظل، فارسلت لأخي وعزيزي
الأديب والشاعر مامون هذا الخطاب..

Quote: (إجابة... تبحث عن سؤال.!!)

عزيزي مامون....

كم، سعيد، بتجربة ضياع الاسئلة، لست (دي ساد)، ولكني، مثلك، أحب اللاعادة، فوضى الكم، فوضى، كحركة الإيونات داخل الذرة الحقيرة (حجما)، والثرية ذهولا، تتحرك بفوضى منظمة، وكذا الحياة، كما يتراءى لنا.......

في البدء سلام سلام

البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة، وأجمل ما في هذه المغالطة السوفسطائية، عدم انشغال صاحبة القضية (الدجاجة )، بها، وكأنها على يقين بأستحالة وجود (إجابة شافية)، لذا أدرات ظهرها، أقصد ذيلها الجميل، وهي تكاكي، و فرت لتربية السواسيو وحضنهم بجناحيها الدافئات...

ليتني قلدتها، في اسئلتكم الجميلة (الضائعة، كالفردوس)، سوف يضحك الناس عليك، شاعر وصحفي وكاتب يبحث عن اسئلة لأجوبة، العربة امام الحصان، (تجربة جديدة، توفرها لنا سريالية الحياة)، فشر البلية ما يضحك، (عشق المفارقة، أصل في بني آدم، تجعله يتناسى شر (الحدث)، كي يضحك، حقا الإنسان غاية، فليضحك!! يقول د. برنهام (إن الذكريات تظل دفينة العقل البشري، وإننا نستطيع بالصبر، والمثابرة أن ندفع بها كلها إلى مجال الشعور)، حاول، وحب الله مرعاك...وللحق ستجدها (فقلب الشاعر يسع الكون وعشرة امثاله...
طوبى لكم.....

قلبي معك، ان تدرك اخي مأمون بأن الإجابة ظل (وبمقدور الفنان إن يرسم الشجرة من خلال الظل)، ولن ينسى غصن، أو عصفور مخبأ فيه، فأمامك الظل (الأجوبة)، وعليك بشجرتك الوريفة.....

ستجدها مع (الرقصة المسكورة)"1" و(وَسَامَةُ البَاطِنْ)، معا..

هل وجدت الأسئلة، يالها من كوميديا إليهة، فقرة من كتاب دانتي، ولدت بعد موته، كي تبرهن لنا، على (أكذوبة الموت، والمسلمات الكثيرة، الكالحة)، أن نجد الاجوبة وتضيع الاسئلة، وللحق الاسئلة هي الحقيقة، والإجابة ظنون، الأسئلة هل حال العقل والقلب لمرأى هذا الوجود الغامض… والاجوبة غرور، إدعاء، مجرد ظنون، تكذبها الأيام بعد حين، أعتى الأجوبة لن يعمر أكثر من قرن أو ألف عام، ثم يندثر، فالإجابة وليدة وعي محدود، تفسير مبتسر، وسطحي، مهما تتطاول….

الأسئلة هي الأصل، هي الدهش، هي الحيرة، ويظل السؤال ملكا، في دنيوات العقل والقلب، وتظل الأجوبة رعايا، وحظايا، وظل يتبع عود الاسئلة النضر عبر القرون…

هل تدري لم ضاعت الاسئلة، (تعمن معي فوضى الكم)، لم تسعد الاسئلة بهذه الإجوبة، كعادتها منذ القدم، فأنزوت في صومعتها، منتظرة الإجابة الشافية، منتظرة (جودو، وبيمنه عقل صاف، وبشماله قلب سليم، وكلتا يديه يمين)، منتظرة أية تخضع لها الأعناق، فالسؤال (اسفنج ضخم، أسطوري، يمتص كل الاسئلة، ويقول هل من مزيد؟!!!!.....

حبي وشوقي!!!!

مثل، آدم، وتجربتة الغريبة، كان يبحث عن ام وأب، فلا جواب بلا اسئلة، كان هو الجواب، النتيجة، فما السبب، أحس بضاءلته وحيرته، عن ماض انجبه، هل كان البدء، (وأين كينونه الزمن خلفه، وبعده)، أكان شريط من عدم، لا بحر خلفه، ولا عدو امامه (أحس بعذابات الذكرى، وبوحشية الغد)، وإلى الأن، لم يعثر آدم على ابويه، على سؤاله القديم (من أنا، من أين، وإلي أين)، ولذا جاء بلا ابوين، كان هو (الإجابة)، وأبوية الإجابة....

همسة:
ارسلت لكم بعض الصور....
ثانيا: لو وجدت بعض الاخطاء ما تقصر، إنها اجوبتك، أو محاولة للاجوبة، وقد تكون هي الأخرى أسئلة في قناع أجوبة،
اخوك
عبدالغني
الدوحة - قطر


وللحقيقة الاسئلة تهد الحيل، وتزلزل كيان داخلي، حقا، الاسئلة هي الصعبة، هي الخلق من العدم، وتبقى الإجابة مجرد صدى لها....ما اعصى صياغة السؤال...

(الرقصة المكسورة، ووسامة الباطن)، قصائد ونصوص للأخ لأخي العزيز الشاعر والكاتب مامون التلب...

Post: #21
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Dr. Moiz Bakhiet
Date: 08-03-2006, 04:56 AM
Parent: #18

التحية لك أخي محمد عبد الجليل

وأنت تنثر علينا درر هذا الرائع عبد الغني

والذي نتمنى أن يقدم لنا الكثير من أعمال الرائعة عبر هذا المنبر

فنحن بحاجة لمزيد من الدهشة الممتعة

ولك الإنحناء أيها الأديب الحبيب عبد الغني

فأنت مفخرة لنا أينما حللت

تحياتي واحترامي

Post: #26
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 06:04 AM
Parent: #21

Quote: التحية لك أخي محمد عبد الجليل

وأنت تنثر علينا درر هذا الرائع عبد الغني

والذي نتمنى أن يقدم لنا الكثير من أعمال الرائعة عبر هذا المنبر

فنحن بحاجة لمزيد من الدهشة الممتعة

ولك الإنحناء أيها الأديب الحبيب عبد الغني

فأنت مفخرة لنا أينما حللت

تحياتي واحترامي


الأخ الدكتور - معز - تحياتي لك .. غبطتك ورفاقك وأنتم
تستقبلون الرائع محجوب شريف - نسأل الله أن يعجل له بالشفاء
.. فما زلنا نتعطش للحرية والحب .. وأتابع ما تكتب وتقرأ وأفرك
يدي فرحاً وأشعر أن زمهرير صيفنا تتخلله نسيمات غناء وفرح
وجسارة إنسانية تزيد بشارات هطول المطر .. وألتقيت إبداعات
عبدالغني المدهشة والممتعة والتي تستفز العقل والقلب للتوق
إلى أعمق وعبدالغني يحدثنا بأن أجمل الإجابات ترقد خارج مرمى
إكتشافاتنا .. ود. مبارك بشير يكتب لمحجوب شريف:
حكمة قصايدك بعرفه
كل الحبيبات الجميلات مستحيلات
وكل القصايد مستعدات للشجن

Post: #25
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 05:47 AM
Parent: #18

الأخ - عبدالغني - تحياتي لك وللأخ مأمون التلب
وللشجرة التي أهدتنا وارف
الظلال والإجابات .. وأرجو أن تشمر
لتزويد البوست بمزيد من الغصون الخضر
وقد ذكرت أن الإجابات تزوي وتصفر
لتسقط ..


وقد أنزلت حوارك هذا الجميل
ليشاركني الزملاء بالمنبر فرحيً بما قرأت .. فجاءوا طارقين باب
البوست بمداخلات لا قبل لمثلي بمثلها عوضاً عن أحسن منها ..
فأرجو أن تبقى قريب حتى لا أكون:

Quote: مثل، آدم، وتجربتة الغريبة، كان يبحث عن ام وأب،

Post: #23
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 05:26 AM
Parent: #17

Quote: على حمل هذا المسك العبق من لدن صديقنا الوريف ومداده المحتشد بخضرة الأرواح
عبد الغنى الذى أكرمنا به الخالق

وعبركما أحى صاحبى البديع مأمون التلب

وأغريه المحبة والسلام

وهذا العبد الغنى يا محمد
كون يضح بأنوار بهية معطرة، والكتابة عنده
نوع من إعادة تشكيل الحياة وفق ملامح قسيمة السمات وبديعة الخلق


الأخ أبوذر بابكر .. تحياتي لك .. الإبداع واضح المعالم مهما جاء متخفياً
أو سدت عنه الأبواب فعطره ضاج نافذ كما ذكرت .. وعبدالغني أحد الذين
يغذلون لنا هذا الغذل الدقيق البديع .. برنوه بعيداً مع تجليات الحلاج
أو نحو تخوم ترتادها تلك الإنسانة التي ربطت وليدها على ظهرها وعيشها
على يديها وهي ترقص مع عزف وليدها على سلسلتها الفقرية البيانو.

Post: #28
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-03-2006, 07:50 AM
Parent: #23

(هل قلت أعبر الشارع بحول مني)، اتبرأ من هذا الوهم (هناك قلق، أو هدف أسعى له، ولذا قطعت الشارع، يقودني فرس داخلي، خفي، كي اقطع الشارع، وكي أتأمل السحب، وكي ابكي، وكي أنام، وكي اغبط، وكي أكتب).. هل قلت بأني أرسم بحول وقوة مني؟!! تعجبني لوحة غوغان (من أين، وإلي أين ومن نحن!!)، وأجمل ما في هذا السؤال انه لم يضع علامة استفهام في نهايته، هو علي يقين إنه، مجرد تساءل أبدي!!

والشئ الوحيد، الذي احس به (إن لم أكتب، فسأموت)، أي (أنا أكتب إذن انا موجود)، يدخل الاكسجين إلى رئتي من سنة القلم، وتدخل الروح من العين، حين تلتهم الكتاب المسطور، كتاب الحياة، كتاب الجسد، (أهذه تعتبر هوية)، أتمنى، أن تستيقظ (ثورة الاحاسيس)، في جسدي، كله، حتى الغدة الصنوبرية، تبدأ العزف، مثل اخواتها النشطات، (أحيانا اغبط جسد امي، بالحنان الساكن فيه)، وأغبط الماء لقدرته على التشكل، والتكيف، والليونة، والري، وإغبط الملائكة، على قدرتها على الاختفاء عن الحواس، والقفز من الجنة للأرض، ومن الماضي للمستقبل..وفي استغنائها عن كل (ما يجول بخاطري، وحواسي، وغرائزي)!! وللحق، مآل الإنسان من السمو والتطور، يفوق الملائكة، المخلوقة من نوره الإنسان، تجلي لعقلى المبارك.

Post: #29
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-05-2006, 01:11 AM
Parent: #28

هويتي؟ (الحياة إلى الآن خنثى)، لم يولد رجل بعد، أو امرأة بعد، هكذا تقول الحقيقة، (بعيدا عن تشويش الانطباع)، فهناك ثدي، صغير، في صدر كل رجل، (مشروع إمرأة مخبأ)، وهناك (شارب، وإن خف في وجه كل إمراة)، البحث عن الرجولة، والبحث عن الانوثة، ليس بمستواها (الجيني، والجنسي)، بل ومعا، بمستوى الروحي، هنا يكون ثراء الإنسان، وثروته الحقيقية، التخليص من عقابيل (الحيوان المنوي، والبويضة)، كي تكون وترا، أصيلا، في الفن والفكر، خلقت نفسك بنفسك، خروج عن الولادة التقليدية، (ميلاد ثاني)، بقابلة الفكر.. هنا ترى الاشياء بصورة مغايرة، بل (الحيوات بصورة رائعة)، فما ثمة إلا حيوات، (تجري في سلم الزمن، كي تصحو من ثباتها، وجماديتها)، وتصير إنسانا سويا، (ولهذا خلق الخيال)، كي يضئ الجانب المخفي من فكرة الإنسان الازلية، المطلقة..

Post: #30
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-05-2006, 03:36 AM
Parent: #29

الطفولة، قمة النضوج، سواء كانت الأولى، أم الثانية، على العالم ان لا يفقد الدهشة والبراءة، (هل توقف قطار الزمن، ولو برهة، ان غريزته هي ان يجري من محطة الماضي إلى محطة المستقبل)، فالتحول أس الوجود، ولكن لم تدمن العين العادة؟، إذن الطفولة (وتوأمها الجميل الدهشة)، ضربة لازب للعقول وللحواس والقلوب، (كي تحدق في المشاهد المولدة دوما)، فجدل الصيرورة والتحول لم يقف، كالظل، نراه ساكن (وهو لم يتوقف عن الحركة طرفة عين)، (يقال بأن الزمن ينساب كالنهر، واحيانا يبطئ واحيانا يسرع، واحيانا يتفرع (كرشيد ودمياط)، زمن للشعر (حواس مغمضة عن الخارج)، وزمن للعمل (حواس مغمضة عن الداخل)...

الطفولة الثانية (قد نبلغها ونحن في السبعين أو العشرين)، حسب فطامنا من المراهقة، والرجولة الكاذبة، هي الثقة بالحياة، أن تلعب مع الثعابين،، وتدخل العقرب، كزهرة في جيبك، (ولكن لا تؤذيك، فحسن الظن، ينتقل من عقلك إلى جميع جسدك)، الطفولة الأولى تفعل هذا، ولكنها تعاقب، لأنها (مدارج النفس السفلى)، الطفل غير منقسم، يفعل ما تأمره به (نفسه السفلى)، (يخطف الحلوة من شقيقته، ويأكلها، وكأن شيئا لم يكن)، والطفل الثاني، ولهذا خلق الزمن بشكل لولبي، يسلك بنفسه العليا، كسقراط، كالنبي، كعيسى، كبوذا، سذاجة محببة، وحب للناس، كل الناس.....(لن تدخلوا الجنة، حتى تعودوا اطفالا)... الطفل يثق في الطبيعة، لأنها أم، أم حقيقية..(ويعطي الحلوة، بل روحه للآخرين في طبق من ذهب)... لأنه استغنى، (عن كل شئ)، سوى روحه الطلقة.. الصبوحة، بداخله..(وما أوسع دواخله، فالكون الخارجي، فالجسد البشري لم يكتمل بعد، هناك احاسيس، ومشاعر وافكار يجب ان تملأه، أن تنفخ فيه الروح (نحن موتى)، وعلينا ان نستقيظ من الموت (فلو لا المايكرسكوب لما ادركنا بأن هناك ملايين الاحياء تحيط بنا، وتعيش بداخلنا)، ولكن اعظم المايكرسكوبات هو القلب الانساني، فمن خلاله ترى كل الوجود (عبارة عن جنة ماثلة)، ولكن هناك غدد معطلة، واعظم هذه الغدد هي (العقل الصافي)، وغدة (القلب المحب، السليم)... حين ينضح القلب المحب، الدم في مجاري وأنهر الشرايين، يكتسي الجسد بقشعريرة لم يجربها من قبل، طلاوة، وسحر، (بمقدوره ان يصرخ كالحلاج)، (سبحاني ما اعظم شأني)، وبمقدوره أن يسكن، وقد امتلأ بالحياة..وأن يرى الكائنات الاثيرية التي تملأ الماضي والمستقبل، وهي ماثلة امامه، كشجرة الجميز هذه..

Post: #31
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-05-2006, 07:18 AM
Parent: #30

اتأمل الأشياء، لأنها أحياء، لا شيء ميت، او جاف او صلد، (خداع حواس)، كل الأشياء رخوة بيد الطفل، حتى السكين، وعتب البيت، لذا يجري حافيا، دوما، مشى عيسى على البحر، وتكلم ياقوت مع العصافير، أهذه معجزة، (اقسم بأنها بدء هبة السماء للكائن المسمى إنسانا)، تلف الالكترونات حول الذرة، كالقمر حول الارض، كالطفلة حول الام، وكالشعر حول القلب، وكالعطر حول الانف... (ثنائية الوعي والبيئة)، يتفاوت من فرد لآخر، (هناك من يتأمل الجبل، وهناك من يدرسه، وهناك من يشم رائحته) كما يوحي الطاو، وهناك من يخاطبه (هذا الجبل نحبه ويحبنا)، وهناك اشعة تجتاز الجبل، كما يجتاز ضوء الشمعة زجاج النافذة، (أن نرى الاشياء بعيون الاخرين)، لذا يأتي خطاب التأمل للجسد (كن شفافا، كي تنفذ لجواهر الاشياء، كالضوء، بل أرق، كالروح، بل أرق، وهل للروح حد) والجسد الإنساني حين يلطف (بالشعر، أو السلوك، أو الفكر، أو العشق)، يبدو كائن أثيري، بمقدوره الخروج (عن سلطان الزمان والمكان)، وإعتلاء هرم الخليقة، ممسكا بملكة (فوق طاقة الكلمات، والايحاء)، شعور عميق ينتاب مملكة الجسد كلها (حتى اصابع الاقدام يعتريها فرح فوق خطف القبل والجنس) أو (بعيوننا حين تصح من الرمد والعماء المتوارث، عبر الجينات البشرية)، فالإنسان مشروع تطور، لا متناه، لا حد أو سقف له (بل أي تصور، مهما سمى، هو حظ الإنسان)، ويظل المطلق (متمسكا بإطلاقه، عصي الفهم عصي التفسير)..

Post: #32
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-06-2006, 00:14 AM
Parent: #31

عزيزي وأخي محمد

صباح اخضر وبهي وباسم...وحنون..

في زيارتي للوطن الحبيب الاخيرة، وجدت كراس، من عدة كراسات، (كراس عربي، ذو خطوط افقية، واحيانا كراس حساب، ذو المربعات، والتي خلقت كي تأوي الارقام الشعرية وعلامات الضرب)، ادون عليها ملاحظاتي، لكل شئ يقع في عيني، وطبعا القصص، وطبعا اخوك وللشلاقة، ومجرد ان انتهى من الانشودة الازلية (الحب في زمن الكوليرا)، جاب الكراس، وعشان اللذة ما تلفت، في تلافيف الذاكرة، دون عليه سذاجته، وكان هذا ،،، قبل أكثر من عقد من الزمان!!

Quote: ملك، من بعرة جمل...!!

كيف كان يقرأ الفتى (الحب في زمن الكوليرا)

إنه لا يوزع نظراته بالتساوي، هذا ما يفعله ماركيز، كان الفتى، ولأنه نشأ يتيما، يكره الاهتمام بشخص معين، وفي مجلس واحد، ولهذا، ولمناقب أخرى، لا تحصى، كان يحب النبي، (كان الجميع يخرجون منه، ويحس كل فرد منهم، بأنه أحسنهم موقعا لديه)، لهذا امتعض في البدء، فقد نشأت علاقة، ومن أول سبعة أسطر، مع اللاجئ الانتيلي (جيري سان مور)، وهذا الحب المبكر، سببه، بل اسبابه، ولع سان مور بالشطرنج، والسبب الثاني، انه لاجئ، والسبب الأساسي، هو (عذابات الذكرى)، الفتى كل ماضيه، عبارة عن وحش يطارده حتى أفق الغد... يحس بالتقصير، تجاه كل شئ...

ألقى ماركيز نظره سريعة على (سان مور)، ثم مضى لشخوص أخرى، أقل إثارة منه، كما يرى الفتى، أو كما يقول له هذيانه، ولكن ليس هذا ديستوفيسكي، أو فوكنر، كي يصوروا لك كل شئ أيتها الفتى، كي تملأ فارغ عريض بقريتك الساكنة كالقبور، يمكنك ان تجد ضالتك، في (دون كيشوت)، فسرفانتس يحكي عن دون كيشوت، ودي كيشتوت يحكي عن راعي، والراعي يحكي عن جنية، ألخ نهاية الارقام، إن كان للأرقام نهاية، ولكن ماركيز فراشة زاهية، ملولة، تحلق من زهرة لأخرى، ويجري السرد بصورة حلزونية، ونحو الأعلى دوما، نحو الإثارة والجاذبية السماوية المقدسة، إعصار اخضر، يطفو بالاشياء، حتى الجبال تبدو كفلينة حقيرة الوزن، يحس الفتى بأنه يحب ديستوفسكي، لأنه عالم كميائي عجوز، يمسك شخصياته بيده المعروقة، ثم يضعها تحت شريحة المايكروسكوب، مثل قطرة دم مصابة بالملاريا والحب والهوان، ثم يشرح الجسد، والخطوات والأحلام، بصبر الناسك، والنبي معا، فهو مثل ذبابة، تحوم وتلف حول هدفها، متجاهلة تهديد القارئ، تذب وتؤب، وماركيز (غراب ذكي)، نفور، متربص، لا يأتى على غرة، لاتقارن بينهم، رغم صلتهم الروحية، في معادلة (الواقعية - السحرية)، فالأولى لديستوفسكي، والثانية لماركيز، أحيانا ينسى ماركيز شخصايته (ذكر ذلك في مقال له)، ينسى ابنائه، إله قاس، يخلق (ثم يصم اذنيه، ويغمض عينيه)، تئن الارض، وتلوذ سماء ماركيز بالصمت، مخلوق سقط سهوا من ذاكرة الإلهة، استفاد من ألف ليلة وليلة، أكثر من أهلها (الكوني، وغائب طعمة، وغالب هالسة)، حيث الإميرة تجلس في خلوتها، كسولة، ريانة، تأكل الحب بكسل، وبشبع، وترمي بذرته، فتصيب البذرة قلب جني صغير، فتقتله، فتثور امه الجنية الكبيرة، ويجري ما يجري، مما لا يمكن تصوره، إلا في ألف ليلة وليلية، وأدب ماركيز، سرق وبجدارة مناخات التداخل بين الواقع والخيال، والذاكرة والاستشراف، سطا على ليال هندية وفارسية وبغدادية، خير سلف، لخير خلف، بل (حوار غلب شيخو، بإقتدار، ومعاصرة)، يميل للمبالغات، كشيوخ وأمراء الدولة العباسية والاموية (أعطى الفرردق خمسون أ لف بعير محملة بالذهب، وعشرة ألف إبل محمولة بالياقوت، نظير قصيدة مدح)، فطوفان نوح، كان سببه دموع (فلورنيتيو).

لم يقتنع الفتى بمصير (سانت)، وانتحاره المبكر، بل سرح طرف الفتى، كعادته في القراءة، وتهربه من بين السطور إلى عالمه الخاص (استمرت الشطرنج 49 سنة، أصاب الملك الفتور، ركونه، وعدم تحركه في اديم الرقعة، كجنوده والطابية والوزير، الحر، الواسع الحركة، فأنكسر الملك، ولم يجد سانت في غرفته، سوى بعر جمل، بديلا للملك، جلبها معه من صحراء العيونات، ولأن عذابات الذكرى تغز حاضرة، حين تذكر خطيئته الكبرى، ضربت يده عنق الوزير، فوقع الوزير من الطربيزة المتأكلة، وكم كانت دهشتهم كبيرة، لتهشم الوزير إلى شظايا، رغم أنه وقع على سجاد نائم، إنه بلا شك وزير عظيم، وأصيل، لم ترضى نفسه أن يغادر ارض المعركة، ويترك بعرة الجمل لوحدة، ... هل ضعف البصر، أم استوت المربعات السوداء والبيضاء في الرقعة)...
أحيانا، أحس بان ديستفوسكي، بعث من جديد، كي يكمل لوحته الرائعة، فاختارت إلهة الالومب، كولمبيا، موطنا وملهما له، فالاساطير تملأ قلبها وكأنها صورة رنين مغناطسي لظهر نملة نائمة، وهي تحلم بكابوس (فيل مربوط على ظهرها)، كي تتسلق به الجبل (هان الامر على سيزيف، حين رأي هذا المشهد، فشر "النملة" ما يضحك)..

الحب في زمن الكوليرا، إشارة مرور مجنونة، تغير كل الاتجاهات برغبتها، كان الفتى في القسم العلمي بمدرسة الخرطوم القديمة، كان يحب الكيمياء، والاواصر التي تربط بين الصوديوم والكور، فجأة وفي تهور لذيذ، غير رأية، إلى القسم الأدبي، صديقا لبصير المعرة، وآلان روب غيري، وأبراهيم اسحق، واعمال الليل والبلدة، وكل هذا الجنون، بسبب خمر الحب في زمن الكوليرا، كانت (ارثياء)، تواعد الفتى، من وراء ظهر فلورنيتو، بل ظهر خالقها (ماركيز)، عيون الإله مغمضة، لا تراقب النص كما ينبغي، أه من لذة القبلة الوهمية، لفتاة مخلوقة من حلم، من روائح، من خطف، كانت تخرج من سور غلاف الكتاب، كما يخرج الضوء من زجاج الفانوس، بلا صوت، ينبه ماركيز، إلى أن هناك خروف جميل، فر من حظيرة (الرواية)، إلى حضن القاري، فالمتلقي حر، بعد أن مات (الخالق/ المؤلف)...

لم قتلته حبيبي ماركيز، كان بمقدروك، أن تجعله يعيش، عام او بعض، بل بمقدروك أن ان يعش مثل نوح، بل يخلد، هل الإلهام جرى بك هنا وهناك، بعيدا عنه، أم تخلصت منه، كي تتفرغ لفلورنتيو، (الهامش والمركز)، أه، هذا الصراع، حتى في النصوص، أتكتب بعقلك ام قلبك، (القلب كالشمس، لا ينسى شئ)، أم تميل للإثارة، كنحر النساء وتويجات الزهور، أم كنت تحت تأثير سلطان اللاشعور، فأملىء عليك خطابة (يالك من أسير لموهبته)، يقال بأن (نساك الهند لهم القدرة على التحكم في عالم اللاشعور، في ضربات القلب، وتسريح الشعر بلا مشط)، شفاء ذاتي، فاللاشعور، صار شعوريا، كحركة اليد..

أم خفت ان تطول الرواية، إن تطرقت لكل شخوصها ولكنك (تضع الحياة بين قوسين)، كقشرة موز، تحيط بثمرته الجميلة، أساور بمعصم، فالحياة دخلت هذا النص الجميل، كما أدخل الطوفان شعب نوح، وهكذا انطلقت (الحب في زمن الكوليرا)، تحمل على ظهرها ما تبقى من أحياء، من طوفان الكوليرا، رفعنا علم النكبة، ولا حمامة ترصد اليابسة، (أليست الاشياء الرخوة خير من اليابسة)، نحن نثق في البحر أكثر من الأسماك، وأكثر من اليابسة..

445 صفحة، حقل أخضر، ألم تصاب بالإنهاك، بفتور العاطفة، بالتكلف، بالتبلد، وكأنها مكتوبة بنفس واحد، فترة لم يتخللها نوم أو استراحة أو قوت (أتأكل الملائكة)، أم انك تكسر عادة الملائكة، وتسير في شوارع كولمبيا والمكسيك، وتتزوج من نساء الأرض (مرسيدس)، يقال بان جبريل (جاء في شكل بدوي، شديد سواد الشعر، وشديد بياض الثياب، ولا اثر لسفر عليه)..

لا اشك انك كتبتها في ساعة واحدة، بل أقل، ولكن في وقت خاص، مثل ولي مغمور في بلاده، كان له زمنه الخاص، لا يقاس بوقتنا، (كان هذا الولي يعيش على ضفاف النيل، في منطقة النوبة والمسيد وأربجي، أرسلته زوجته لجلب ربع رطل سكر من الدكان، بعد أن وضعت الشاي على الكانون، فذهب الولي فوجد كمساري أحد اللواري يصيح بأنه مسافر لسنار، لضريح احد الاولياء، فركب الولي، ثم رجع بعد شهرين، وتذكر أمر زوجته، فأشترى شاي ورجع للبيت، فخاطبته زوجته: لم رجعت سريعا؟)...

الفكر اسرع من الضوء، كيونة الزمن تختلف من فرد لأخر، في الاحلام تجري الاحداث بسرعة البرق، بل أسرع، ويتمثلها القلب، كلها، ايها الفتى، أتحب سرفانتس، لأنه يتحدث عن الرجل وهيئته، وعن قلبه وجوائشه، وعن حذاءه وضحاياه، من الحشرات والنمل، وعن النمل وقوتها من السكر، وعن السكر وبلورة طمعه من الطين الصلصال، وعن الطين وهوانه وعظمته.. أتريد ان يمتد طرف الرواية للوراء والخلف، كي توازي نهر الزمن، ولكن من وصل للرقم الاخير في سلسلة الارقام؟ حين ينتهي الزمان ماذا بعده؟
حين تنتهي الارقام ماذا بعدها؟
حين ينتهي الفضاء، ماذا بعده؟

كل شئ ممكن مع ماركيز، فحين تكسر حبة رمل، في نصوصه، تجد بداخلها جبل، وتطير منها فراشة مذعورة، وخلفها أسد يزأر، جائع، كل هذه الاشياء جزء من أحشاء حبة الرمل، والباقي، فيحتله المطلق، الذي تبحث عنه التلسكوبات والاقمار الصناعية، وهو مخبوء في حبة رمل).. الحروف السوداء لقلمه، تحمل كل هذا الهذيان الجميل، المثير..

قرأ الفتى، عبارة (كانت يديها تتحسس بطنه)، قرأتها ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة فقدت حلاوتها، ولكنه قرأت عبارة (تفيض البحار بدموعي)، قرأها احدي عشرة مرة، وكانت الأخيرة هي الأقوى، (الروح أقوى من الجسد، أم بداخلي ناسك، رغم آثامي المطلقة)!! انها رواية مدهشة، خبز مستوي، بلا جزء محروق أو نئ!!.

وحين خلصت من الرواية، ووضعتها تحت مخدتي شعرت، بل أدركت، بأنني كنت خرجت من الجنة للتو، ووضعتها، تحت مخدتي، بلكل إطلاقها، وجبروتها الجميل!!...




ومعها ايضا، في كراسة اخرى، مليئة بالزيت، وبقايا شعيرية، مقال (نقدي، هههههه)، لميرامار، وللحق ليس مقال، وإنما هي زيارة لنجيب محفوظ لقريتنا باسم (ميرامار على ضفاف النيل الازرق)، وطبعا، وبلاشك، هناك هفوات اخرى، على شاكلة (موسم الهجرة للشمال)، وو...وو...
إنها عذابات الذكرى....

Post: #33
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-06-2006, 02:10 AM
Parent: #32

الأخ عبدالغني - قبل أن آتي على ملك من بعرة جمل ..
أود القول أني ما زلت أتأمل هل مشروع (الخنثى) في
البشر وحدهم أم في كل الحيوانات .. وإن كان خاصية
بشرية فماذا سيقول الدارونيون الجدد .. المهم ما
علينا وإليك ما كتبت .. قبل أن أقرأ مداخلتك الأخيرة:

تأملات ترنو بعيداً تحدث الناس عن أشياء أصبحت خارج دوائر آفاقهم المعرفية .. الهوية عند عبدالغني تُغرق في الحيرة بين النهايات وذرى المطلق (أحياناً أغبط جسد أمي بالحنان الساكن فيه) أي خصوصية معرفية تحتاج الأم (أي أم) لتمنح حناناً تعجز عن مثله عصبة من النساء والرجال ولو اجتمعوا على قلب واحد منهم .. قوى خفية هائلة رهن التذكر والاستدعاء .. مجرد إغلاق العيون لنرى أبعد .. فكيف لو أغلقنا الحواس ورغائب العادة .. سندخل ملكوت الفكر اللانهائي .. سنكون بشراً أسوياء ونحقق فرح معرفة مآلات الأشياء .

الطفولة عند عبدالغني هي قمة النضج .. قبل أن تبدأ التقليد ودخول دائرة العادة المكبلة .. لا يدخل دائرة الإبداع من كان في قلبه ذرة من عادة ..

لا أدري يا عبدالغني عندما يضغط (الطفل المربوط على ظهر الأم) على عظام سلسلتها الفقرية التي تشبه البيانو .. يدغدغها يضحكها يلهمها الحيوية .. وهو يغني على أنغام الضغط على سلسلتها الفقرية .. أيضخ فيها الحنان أم لينسى الشمس والغبار من أن يشقيا طفولته .. أم كلهما معاً!

أنظر لدهشة طفل في المهد .. في شهوره الأولى وكيف يعبر بالتجديف بالأربع ولغة الهمهمات التي لا نعرف كنهها، ولكنهم جميعاً يتكلمون في المهد كما يقول عبدالغني .. العادة تمنع فهم لغة النمل وتسبيح الطيور ..

إن الاحتفاظ بالطفولة يُلهم النبوة والشعر والقدرة على سبر غور كل المستحيلات ، كما يهب التصالح الكامل مع النفس والكون ليبدو كل شيء بديع ومدهش ووضيء .. ويتحقق العشق الذي لا تعبر عنه اللغة ولكن ربما تغازله الأطراف المرتجفة شوقاً.

الحدث عن عبدالغني يحدد الزمن الحقيقي .. فعند الجمال والإثارة يتلاشى الزمن، كل الأشياء يتم تحديدها داخل جسد الإنسان .. عقله وقلبه ولو تسامى الجسد الإنساني لرأى الأشياء في الأذل .. فقط نشف لنرى المستقبل خلف الحجب، فالزمن السلحفائي يسكن العقول المتلكئة التي حاصرها ضيق الواقع ومتطلباته الباردة، فأصبح زمنها كسيحاً ، فلنرقب الكائنات التي تحنو على من يبحث عن (نار الهدى) التي تنير طريق المستقبل ليكاد يلامس سماوات المعارف التي تستشرف الكمال ولا تبلغه ولكنها تحقق الفرح السرمدي السامي.

Post: #34
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-06-2006, 06:33 AM
Parent: #33

Quote: الحب في زمن الكوليرا، إشارة مرور مجنونة، تغير كل الاتجاهات برغبتها، كان الفتى في القسم العلمي بمدرسة الخرطوم القديمة، كان يحب الكيمياء، والاواصر التي تربط بين الصوديوم والكور، فجأة وفي تهور لذيذ، غير رأية، إلى القسم الأدبي، صديقا لبصير المعرة، وآلان روب غيري، وأبراهيم اسحق، واعمال الليل والبلدة، وكل هذا الجنون، بسبب خمر الحب في زمن الكوليرا، كانت (ارثياء)، تواعد الفتى، من وراء ظهر فلورنيتو، بل ظهر خالقها (ماركيز)، عيون الإله مغمضة، لا تراقب النص كما ينبغي، أه من لذة القبلة الوهمية، لفتاة مخلوقة من حلم، من روائح، من خطف، كانت تخرج من سور غلاف الكتاب، كما يخرج الضوء من زجاج الفانوس، بلا صوت، ينبه ماركيز، إلى أن هناك خروف جميل، فر من حظيرة (الرواية)، إلى حضن القاري، فالمتلقي حر، بعد أن مات (الخالق/ المؤلف)...


وسوف أعود للحب في زمن الكوليرا ..

Post: #35
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 08-06-2006, 08:11 PM
Parent: #34

الأخ محمد
دخلت لتحيتك وتحية الأخ والصديق، القاص المتميز عبدالغني كرم الله
أجد متعة كبيرة في قراءة هذا الخيط ومتابعته.
شكرا لكما، ودمتما.

Post: #36
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-07-2006, 02:18 AM
Parent: #35


Quote: دخلت لتحيتك وتحية الأخ والصديق، القاص المتميز عبدالغني كرم الله
أجد متعة كبيرة في قراءة هذا الخيط ومتابعته.


الأخ د. النور حمد - تحياتي وشكراً على مرورك ..

وكلنا تحت جزع النخلة (شرق) في هذه المساحة الجمالية التي وفرها لنا الأخ عبدالغني وعيوننا مفتوحة على ما لم يقل بعد .. نحاول أن نهز معه الجزع ولكنك تعلم أن هز جزع النخلة لا يتأتي إلا لمن .. وكفانا أجر المحاولة وحسن النظر..

الأخ عبد الغني .. تعاطفت مع من سقط سهواً من ذاكرة الآلهة .. وتأملت أميرة ألف ليلة وليله (السمينة المعجبة بشحمها الرجراج) وهي (تأكل الحب بكسل وبشبع) .. ومددت يدي للحوار الذي أحسن التقليد وصعد على أكتاف الشيخ ليأتينا من سبأ بنبأ .. وبعلة الطوفان ويطمئننا بسعادة من كانوا يرقصون فرحاً على متن الفلك .. فآفة سيزيف الململة من قدره .. فهناك علاقة بين الأواصر التي نقيمها (وكل ميسر لما خلق له) .. فيا بختك ببصير المعرة العبقري الفيلسوف الذي صعد في فضاءات الفكر رغم سجونه وضيق حظوظه:
أراني في ثلاثة من سجوني ولا تسأل عن الخبر النبيس
لفقدي ناظري ولزوم بيتي وكون النفس في الجسم الخبيث

تواصل حبل النسل ما بين آدم وبيني ولم توصل بلامي باء

سأكتب ما يعن لي .. بعد أن وجدتك تحرر المتلقي ليرعى الخروف بعد أن مات (الخالق/المؤلف) .. وأتساءل لماذا يقتل الرواة الشخوص .. نادراً ما ترى مفقودين في الرواية .. رغم أن توتر الفقد أكبر من النهايات بالموت..
ما علينا ولكل نظر .. ولو جاء جبريل متسربلاً برداء أهل البلد لما حقق الدهشة والإنتباه ..
ما أروع أن نموت من الظمأ لنحيا ونضع الجنة تحت المخدة .. لا يغير من المسألة أنه (ليس بالروح وحدها يحيا الإنسان) وقد ظلت ذاكرة الولي تختزن السكر والشاي والمشرع حيث المعدية التي ستمخر عباب دموع زوجته التي لم تعرف ما يؤرقه فأخرجته من الجنة ليحضر السكر والشاي من الدكان وريثما (تصطف الكبابي أجمل من صبايا) ستكون قد رتبت لنا ميرامار وموسم الهجرة للشمال .. في زمن الحرب)

Post: #37
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-07-2006, 04:25 AM
Parent: #36


عزيزي،
واستاذي،
وأخي الجميل الكبير، النبيل.

د. النور حمد

صباح حنون،

للحق، اخاف، أن أكتب لكم، وأخاف اكثر ان تقرأ لي (لهذا تخوفت من الرد في الصالون)، إيما خوف، اخبرت أخي واستاذي (عبدالله ونزيهة)، بهذا الوسواس النبيل، يهرب مني الحرف..

كيف يتسامى الحرف، لرجال صاغوا الوعي في بلادي (سكنوا حصى كوبر، ونخفوا الروح في الزوايا والمدن)، وبشروا يمدينة فاضلة (عاشوها في قلوبهم، ورأوها رأي العين، في حمى حي الثورة)، وما أدراك ماهي!!)...

أستاذي الجميل، أحس بأني صدى باهت، باهت، وواهن، لمعنى يسكن قلوبكم المطلقة...

اغبط انفاسكم، وعقولكم وقلوبكم وأوتاركم، ورصدكم، وحماكم..

اغفروا خرفي، وأنيني...ولكن كيف لا أكتب وأنا محاط بأجرام مضئية، يدفعني سمتهم، وجمالهم، للكتابة دفعا، ريشة في مهب الريح..(هم رصيدي وقوتي هنا، وهناك)،
أحس بأنني محظوظ، محظوظ، محظوظ

مجالسهم تحلق بي بعيد، بعيدا...
هموهم الكونية، صفائهم المعادي، ووحدة الفكرة الناصعة، (من و راء تعدد الشخوص)...
استاذي النور
رنة الجرس، أم نغمة الوتر، أم ضربة الريشة، أم فيض العقل، أم نور العقل، كيف احيط بسوركم،
العملاق....لا يشقى بهم جليسهم

اغفروا لي، هفواتي، وضمور الرؤية، ...وأدعو لي بأستخدام (النعمة فيما خلقت له)..

في انتظاركم على احر من الجمر، في دوحتكم (...)!!!

Post: #38
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-07-2006, 05:22 AM
Parent: #37

استاذي العزيز، النور حمد

سأرجع بكم، إلى يوم الاربعاء، 14/5/2003م،
في زيارتكم الأولى، لمدينة الدوحة، بصحبة الاساتذة دالي، واسماعيل علم.. فأنا مسكون بتدوين كل شئ يمر بي، أحس بأن الحياة شي عظيم، (في كل تجلياته) وجليل، معطى إلهي، يستحق التقديس والتوقير، وبمقولة أبي العظيمة
(من مادة الفكر خلق الكون)...
و تيمنا باستاذي العظيم النابلسي، حين انشد(وبرق الحمى هذا "الوجود وميضه"، ولكن بما تجنيه تعمى البصائر)..أدون أحلامي، حالات البسط، حالات القبض، تاريخها، ساعاتها، (أهناك ساعة كونية؟، أحاديث الناس، وجهوههم، كي اراقب نفسي، وهم، وحين اخلد للنوم، افتح (عيني، على ماجرى، كله،)...

وصدى كلمة أبي (أقرأوا الأيام، عشان تشوفوا فضل الله عليكم ورعايته لكم)..

ففي كراستي السعيدة، جرت هذه الحروف، عنكم، وبكم، وفيكم
..


Quote: الأربعاء 14/5/2003م

(زيارة استاذ دالي، والنور، واسماعيل علم للدوحة).
في مساء الدوحة الجميل، جرى الحديث في انهر عذبة

ومن احاديث استاذ النور:

(الخلود، تنطوي النفس البشرية على سر وحب الخلود، نعم توجد ديمومة من خلال النفس وجينات الوراثة في الذرية، ولكن النفس لها توق في الخلود المعنوي، في مجال الفكر والأدب والفلسفة، وكل أجناس الفكر، وتشعر بذلك في منتصف العمر، حين يباغتها إحساس الرحيل، فلذا تشعر بأنها سوف تنسى ان لم تترك اثر لدى رحيلها، ومن هنا جاءت أهمية الخلود والحياة ما بعد الموت، فتصورات الحياة بعد الموت حتى لو كانت مجرد وهم فهي ذات قيمة أكبر من مفهوم الفناء والتلاشئ، لأنها تحرض الإنسان على الإبداع وعلى رسم ذكرى جميلة له لدى رحيله)...!!!.


ومنه:

• كلام الاستاذ عن "بسم الله، " (فيها جزء من الإرهاب الفكري)، :معدتك كيف(سؤال الاستاذ عن صديق، بعد لقاء عابر)!!!؟؟؟،
• النور وازمة السن في الاربيعن والخمسين...
• قناة الجزيرة، وسيطرة الهوس والقوميين، منبر حر..
• مقارنة ممتعة بين (قرى الشمالية، وقرى الجزيرة)، من حيث الاحتكاك، التعليم، المستعمر، تأثير النيل، ثم مشروع الجزيرة، والتلاقح في النيل وكان ما يشبه هذا: (ناس الجزيرة، وناس النيل بشعروا بأن ناس الجزيرة عرب "بدو" لأنو ناس شمال النيل احتكو بالحضارة الجاية من مصر، الاترك والعساكر والطلمبات وشكل بناء البيوت، ام عرب الجزيرة فقد كانو رحل، حتى جاء مشروع الجزيرة وقدم لهم التعليم وشافوار الوابورات والتراكتات، والجررات،)
• ..
• اسماعيل علم، وألم الكلى(ذهابنا لمستشفى حمد)، ثم الشفاء السريع فصار وجه اسماعيل وكأنه البدر بعد الألم المرير فتحدث استاذ النور عن (القصاص)، والجزاء السريع من ألم الكلى العظيم، إلى بهاء وصفاء وتشعر وكأنك طائر "هاك بهاك)..
مرض أسماعيل ورضى دالي والنور (لم تشعر بخوف يدخل في سوء الظن والنواح، بل حزن موزون)...
• وفي دار عبدالرحمن، انشدتم، بالله يانسيم ، ثم دار الحديث عن عدد ساعات الصوم انجلترا "نحن بنصوم 18 ساعة، قال الأستاذ، بالله، ده وقت طويل، ده انجلترا وهي واقعة جنوب المنطقة القطبية فما بالك بالمنطقة الجليدية والتي يستمر النهار فألسكا اليوم فيها 6 شهور، بالله ده مش دليل قاطع بان الشريعة مرحلية ومرتبطة بمنطقة جغرافية معينة، " وبأن الحكمة من وراء الصوم أكبر من انها تكون متعلقة بفترة من الشروق إلى الغروب وبالجوع، وإن الأمر متعلق بتنشط الحواس والجسد...



عشرات الكراريس، تملأ الغرفة، بصفاء وجمال مثل هذا، ألم أقل،بأني صدى باهت، ورب الكعبة، هكذا..
فأي حظ أعظم من هذا..

Post: #39
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: ودرملية
Date: 08-07-2006, 03:04 PM
Parent: #38

سلامات
وعوافي
انه عبدالغني كرم الله ..
مثل الانبياء رقيق .. لطيف .. انساني.. عبقري وبسيط .. تصافحه فتحس انه يود ان يلتهمك بحبه ومودته .. فتدخل في شرايين روحك الفة جميلة خلاص ..
زول سمح بالحيل ..
وربنا يغتيهو ويحفظوا ..

Post: #40
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 08-07-2006, 03:42 PM
Parent: #39


في ذلكم الضحى الرائق، ونحن نخرج من صالة القادمين بمطار الدوحة، ويغمرنا ضياء الشمس الخليجية، وتلفح وجوهنا نسائم الشتاء المداري التي تهب مندسة وسط لفحة حر من بقايا صيف يتقهقر، وتداعب أنوفنا روائح المدينة التي وطأتها أقدامنا لأول مرة، بكى أبو بكر القاضي وهو يعانق دالي، ويعانقني، ويعانق إسماعيل علم بعد طول غياب. إختلطت الأمور في الدواخل، تذكرنا الأخ والصديق الراحل، طه أبوقرجة، الذي كان قد ارتحل عن دنيانا قبل فترة وجيزة من ذلك اللقاء. أحسست بأننا جميعا تذكرناه، برابط الصداقة المتينة التي ربطت بيه وبين أبوبكر القاضي. تذكرناه هكذا، دون أن يذكر أحدنا إسمه، ودون أن يقول واحد منا أنه كان بيننا في تلك اللحظة الجامعة، وبلا كيفية. تذكرناه برابط ذلك الإجتماع الذي تم بعد طول فراق. تذكرنا أيضا، وعلى غير هيئة بعينها، الحركة الجمهورية، وجامعة الخرطوم، ومعركة "الحر المباشر، والتمثيل النسبي". وتذكرنا سنوات طويلة من التشمير، وأشياءً شيقةً أخرى. وتم كل ذلك بلا كيفية أيضا.

في تلكم الأيام، كانت مدينة الدوحة لا تزال محتفظة بهيئتها القديمة. في أحيائها الشعبية شبه ببعض مناطق الدرجة الأولى والثانية بأحياء الخرطوم، قبل أن يتبدل حالها. الأسوار "الملطوشة" والطلاء الأبيض والأصفر، وأبواب الحديد، ومرابض السيارات داخل الحيشان، وشجرة سدر تقف في صحن الدار، وربما "طلة وردة من السور"، كما قال هاشم صديق. هذا العالم شديد التشابه، خاصة في الفضاء المتوسطي، والشرق أوسطي.

ترتبط المدن بالناس، وتأخذ معناها من الناس. قال لورنس داريل في رائعته، "رباعية الإسكندرية": "تصير المدينة عالما قائما بذاته حين يحب المرء أحد سكانها". حين رأيت الدوحة وأستقبلتها بكل حواسي، قلت في نفسي: هنا عاش الطيب صالح، وهنا عاش أستاذنا إبراهيم الصلحي، ولسنوات طويلة. في هذه المدينة تناجيا وتسامرا، كما تسامر قبلهما بقرون، وتناجي عن قرب، كل من جلال الدين الرومي، وشمس التبريزي. ولعل الطيب صالح وإبراهيم الصلحي بقيا عالقين بذلك المكان حتى بعد أن غادراه إلى ضباب الشمال، وإلى تلك البقاع التي "تموت من البرد حيتانها". وكما قال شيخنا عبد الكريم الجيلي، قدس الله سره:

على العهدِ من تلك المعاهدِ زينبُ، وما غيََّبَتْهَا الحادثاتُ فتحجبُ.

كانت تلك أول مرة أرى فيها عبدالغني كرم الله، ويوم رأيته احتل في قلبي موقعا مميزا. فـ "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها إئتلف، وما تنافر منها اختلف". في الليل، وفي البيت المليء بالضيوف، كعادة بيوت السودانيين، قام أبوبكر القاضي، بتوزيع الضيوف على الغرف المختلفة، تساعده في ذلك زوجتها الراحلة شادية، عليها رحمة الله ورضوانه. فضمتني مع عبدالغني كرم الله غرفة واحدة. أمضينا ردحا من الليل في مساءلات. فقد كان هو قريب عهد بالخرطوم، وطال بي أنا العهد بها. طفقت أمطره بالأسئلة، ولم تكن أسئلة، وإنما كانت تعبيرا عن شوق بلغ الزبا فطفح، كما قال النابلسي:

طفح الغرام عليَّ، حتى بالهوى، صرَّحتُ في حبي، لكل صبيحِ
وكتمته، لما بدا لنواظري نورُ الخباءِ، وملتُ للتلميحِ
وأنا الذي بهوى المليح تعممي، أبداً، ومن شوقي له توشيحي

وهي أيضا تساؤلات المتنبيء التي يمليها الشوق تنفيسا عن الشوق، لا طلبا لإجابة:

فسألنا، ونحن أدرى بنجد، أطويلٌ مقامنا، أم يطولُ
وكثيرٌ من السؤالِ إشتياقٌ، وكثيرٌ من ردِّه، تعليلُ

في حديثي مع عبدالغني في تلك الليلة كنت أشرق وأغرب، خوف أن يصبح عليَّ الصباح فنفترق قبل أن أكون قد قضيت وطري، وأشبعت فضولي، وأطفأت أوار شوقي، تخبرا عن أحوال المدينة التي أحببت، والتي ربما لم تعد هناك. فقد أحسست من مجرى الحديث أن الفنان الراقد في السرير المقابل لسريري، يعرف تلك المدينة، معرفة الخبير. ومعرفة المدن على ما هي عليه، إشْتُهِرَ بها الفنانون والكتاب دون سائر خلق الله. فأوصاف جيمس جويس التفصيلية لمدينة دبلن تعدت الأدب، لتصبح رسما تشريحيا للمدينة، أصبح يعتمده الدارسون للمدينة، في مجالات أخرى غير مجالات الأدب. فالفنانون هم خير من يعرف المدن، وخير من يصفها، وينبي عن أحوالها، المصرح به منها، والمسكوت عنه، أيضا.

أيضا، لمست من حديثي مع عبدالغني طرفا من حال جيل الكتابة الجديد في السودان. وعرفت أن صبحا أدبيا جديدا قد أخذت تباليج فجره الأولى تتبدى. وتأكد لي ذلك أكثر، حين قرأت محسن خالد لاحقا، في هذا البورد. في تلك اليلة المباركة، أقرأني عبد الغني بعضا من قصصه، من كراسة كان يحملها، وأراني بعضا من رسوماته. وعرفت أنني إزاء شخص معطون في بحر الفن وبحر الكتابة. شخص يأكل الكتابة، ويشرب الكتابة، ويتنفس الكتابة. وعرفت أيضا، أنه شخص يأخذ صنعته في فن الكتابة، بكل الجد الممكن، وهو في عموم حاله إنما يعيش للكتابة.

شكرا لك أخي محمد عبدالجليل على رفع إسم عبدالغني كرم الله في العالمين. ولي عودة إليكم أيها الأحباء.




Post: #41
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Abu Eltayeb
Date: 08-07-2006, 05:39 PM
Parent: #40

العزيز الغالى , النور حمد

أستاذى لك حبى .. ( to sir, with love )

هذا الشبل من ذاك الأسد !! والكل يشهد .

سلام يا أهل السلام ..

مامون

Post: #43
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-08-2006, 01:57 AM
Parent: #40

Quote: تذكرناه هكذا، دون أن يذكر أحدنا إسمه، ودون أن يقول واحد منا أنه كان بيننا في تلك اللحظة الجامعة، وبلا كيفية. تذكرناه برابط ذلك الإجتماع الذي تم بعد طول فراق. تذكرنا أيضا، وعلى غير هيئة بعينها، الحركة الجمهورية، وجامعة الخرطوم، ومعركة "الحر المباشر، والتمثيل النسبي". وتذكرنا سنوات طويلة من التشمير، وأشياءً شيقةً أخرى. وتم كل ذلك بلا كيفية أيضا.


الدكتور النور حمد .. عندما جاء تعليق عبدالغني على مداخلتك الأولى
حدثت نفسي أن أطلب إليك أن تكتب .. وها قد فعلت قبل سؤالي .. فلك
الجزاء الجزيل على ما أمتعتنا به من حديث الزكريات والإشارات اللطيفة
وما يهمني هو الذي سوف تكتب ..
شعرت عندما قرأت لقاء عبدالغني الذي فتحت به هذا البوست أني أعرف
عبدالغني رغم أني لم ألتقيه فأشرت إلى ذلك بأنه (كان يعاقر
الكتابة وكنا في الطوفان) .. ربما أكون قد التقيت عبدالغني دون
أن تتم المعرفة المباشرة .. هذا على ضوء ما أوردت أنت .. تذكرت أيام
قضيتها طالبا في معهد الدراسات الإضافية ربما في نفس الفترة التي
أشرت إليها (أنت) .. وضاق صدري بموضوع الدراسة عن (المكتبات) رغم
توفر الأساتذة الرائعين النصري/أبوبكر /الرضية وآخرين ما بخلو علينا
بنفائس المعلومات .. ولكن همي كان شرق .. تحت أشجار الجامعة حيث
أحمد المصطفى دالي/ القراي وبقية العقد الفريد من أهل الكلام الجديد
الذي كان يغسل عن نفوسنا أوضار الرتابة والوعظ الفوقي ويفتح
آفاقاً للإسئلة الرئيسية والإجابات التي أقل ما فيها أنها تحترم العقول
وتشحذ الخيال ..

غضب مني أساتذتي وهم يرون أني أتواجد في حلقات الجمهوريين في غير
وقت المحاضرات وفي وقت المحاضرات أيضاً .. وداهمني أحدهم .. أنتا
جيت تدرس مكتبات والله فكر جمهوري؟ فلم أحر جواباً .. ولكني واصلت
حضور الحلقات .. وراض بما فعلت.

Post: #42
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-08-2006, 01:29 AM
Parent: #39

Quote: مثل الانبياء رقيق .. لطيف .. انساني.. عبقري وبسيط .. تصافحه فتحس انه يود ان يلتهمك بحبه ومودته .. فتدخل في شرايين روحك الفة جميلة خلاص ..
زول سمح بالحيل ..
وربنا يغتيهو ويحفظوا ..


اخي ود رملية .. تحياتي

مثل كلامك لا أستطيع عليه رداً .. أتركه لعبدالغني

وإن قلت شكرا ما بتفي وقولا يعبر ماهو في

Post: #44
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: munswor almophtah
Date: 08-08-2006, 01:58 AM
Parent: #42

في ذلكم الضحى الرائق، ونحن نخرج من صالة القادمين بمطار الدوحة، ويغمرنا ضياء الشمس الخليجية، وتلفح وجوهنا نسائم الشتاء المداري التي تهب مندسة وسط لفحة حر من بقايا صيف يتقهقر، وتداعب أنوفنا روائح المدينة التي وطأتها أقدامنا لأول مرة، بكى أبو بكر القاضي وهو يعانق دالي، ويعانقني، ويعانق إسماعيل علم بعد طول غياب. إختلطت الأمور في الدواخل، تذكرنا الأخ والصديق الراحل، طه أبوقرجة، الذي كان قد ارتحل عن دنيانا قبل فترة وجيزة من ذلك اللقاء. أحسست بأننا جميعا تذكرناه، برابط الصداقة المتينة التي ربطت بيه وبين أبوبكر القاضي. تذكرناه هكذا، دون أن يذكر أحدنا إسمه، ودون أن يقول واحد منا أنه كان بيننا في تلك اللحظة الجامعة، وبلا كيفية. تذكرناه برابط ذلك الإجتماع الذي تم بعد طول فراق. تذكرنا أيضا، وعلى غير هيئة بعينها، الحركة الجمهورية، وجامعة الخرطوم، ومعركة "الحر المباشر، والتمثيل النسبي". وتذكرنا سنوات طويلة من التشمير، وأشياءً شيقةً أخرى. وتم كل ذلك بلا كيفية أيضا.

في تلكم الأيام، كانت مدينة الدوحة لا تزال محتفظة بهيئتها القديمة. في أحيائها الشعبية شبه ببعض مناطق الدرجة الأولى والثانية بأحياء الخرطوم، قبل أن يتبدل حالها. الأسوار "الملطوشة" والطلاء الأبيض والأصفر، وأبواب الحديد، ومرابض السيارات داخل الحيشان، وشجرة سدر تقف في صحن الدار، وربما "طلة وردة من السور"، كما قال هاشم صديق. هذا العالم شديد التشابه، خاصة في الفضاء المتوسطي، والشرق أوسطي.

ترتبط المدن بالناس، وتأخذ معناها من الناس. قال لورنس داريل في رائعته، "رباعية الإسكندرية": "تصير المدينة عالما قائما بذاته حين يحب المرء أحد سكانها". حين رأيت الدوحة وأستقبلتها بكل حواسي، قلت في نفسي: هنا عاش الطيب صالح، وهنا عاش أستاذنا إبراهيم الصلحي، ولسنوات طويلة. في هذه المدينة تناجيا وتسامرا، كما تسامر قبلهما بقرون، وتناجي عن قرب، كل من جلال الدين الرومي، وشمس التبريزي. ولعل الطيب صالح وإبراهيم الصلحي بقيا عالقين بذلك المكان حتى بعد أن غادراه إلى ضباب الشمال، وإلى تلك البقاع التي "تموت من البرد حيتانها". وكما قال شيخنا عبد الكريم الجيلي، قدس الله سره:

على العهدِ من تلك المعاهدِ زينبُ، وما غيََّبَتْهَا الحادثاتُ فتحجبُ.

كانت تلك أول مرة أرى فيها عبدالغني كرم الله، ويوم رأيته احتل في قلبي موقعا مميزا. فـ "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها إئتلف، وما تنافر منها اختلف". في الليل، وفي البيت المليء بالضيوف، كعادة بيوت السودانيين، قام أبوبكر القاضي، بتوزيع الضيوف على الغرف المختلفة، تساعده في ذلك زوجتها الراحلة شادية، عليها رحمة الله ورضوانه. فضمتني مع عبدالغني كرم الله غرفة واحدة. أمضينا ردحا من الليل في مساءلات. فقد كان هو قريب عهد بالخرطوم، وطال بي أنا العهد بها. طفقت أمطره بالأسئلة، ولم تكن أسئلة، وإنما كانت تعبيرا عن شوق بلغ الزبا فطفح، كما قال النابلسي:

طفح الغرام عليَّ، حتى بالهوى، صرَّحتُ في حبي، لكل صبيحِ
وكتمته، لما بدا لنواظري نورُ الخباءِ، وملتُ للتلميحِ
وأنا الذي بهوى المليح تعممي، أبداً، ومن شوقي له توشيحي

وهي أيضا تساؤلات المتنبيء التي يمليها الشوق تنفيسا عن الشوق، لا طلبا لإجابة:

فسألنا، ونحن أدرى بنجد، أطويلٌ مقامنا، أم يطولُ
وكثيرٌ من السؤالِ إشتياقٌ، وكثيرٌ من ردِّه، تعليلُ

في حديثي مع عبدالغني في تلك الليلة كنت أشرق وأغرب، خوف أن يصبح عليَّ الصباح فنفترق قبل أن أكون قد قضيت وطري، وأشبعت فضولي، وأطفأت أوار شوقي، تخبرا عن أحوال المدينة التي أحببت، والتي ربما لم تعد هناك. فقد أحسست من مجرى الحديث أن الفنان الراقد في السرير المقابل لسريري، يعرف تلك المدينة، معرفة الخبير. ومعرفة المدن على ما هي عليه، إشْتُهِرَ بها الفنانون والكتاب دون سائر خلق الله. فأوصاف جيمس جويس التفصيلية لمدينة دبلن تعدت الأدب، لتصبح رسما تشريحيا للمدينة، أصبح يعتمده الدارسون للمدينة، في مجالات أخرى غير مجالات الأدب. فالفنانون هم خير من يعرف المدن، وخير من يصفها، وينبي عن أحوالها، المصرح به منها، والمسكوت عنه، أيضا.

أيضا، لمست من حديثي مع عبدالغني طرفا من حال جيل الكتابة الجديد في السودان. وعرفت أن صبحا أدبيا جديدا قد أخذت تباليج فجره الأولى تتبدى. وتأكد لي ذلك أكثر، حين قرأت محسن خالد لاحقا، في هذا البورد. في تلك اليلة المباركة، أقرأني عبد الغني بعضا من قصصه، من كراسة كان يحملها، وأراني بعضا من رسوماته. وعرفت أنني إزاء شخص معطون في بحر الفن وبحر الكتابة. شخص يأكل الكتابة، ويشرب الكتابة، ويتنفس الكتابة. وعرفت أيضا، أنه شخص يأخذ صنعته في فن الكتابة، بكل الجد الممكن، وهو في عموم حاله إنما يعيش للكتابة.

شكرا لك أخي محمد عبدالجليل على رفع إسم عبدالغني كرم الله في العالمين. ولي عودة إليكم أيها
الأحباء.



هذا كذلك درجه عاليه من درجات الحكى...مسبوكه بقدحه فكريه...ومبهوره بمقاطع من الأدب الرصين...فلدكتور النور ملكة الرواة...ولما لا...وهو يقف على أسمى منارات الإبداع التعبيرى (الفن) فعمق الصوفيه وإزميل الفنان وشفافيته والوقوف على الأدب بطريقته التى أخرج بها تلك المقامة جميعها تجعله مشروع راوى وقاص بمقياس عال.....................................



فيا محمد نجحت فى أن تأتى بدواء القيلولة فى هذا المنبر



منصور

Post: #45
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-08-2006, 03:47 AM
Parent: #44

عزيزي وأخي محمد
ومنصور الجميل....

هذه بعض القصاصات القديمة، (من إحدى الكراسات)، وهي أقرب للتسائلات، وليدة حيرة وارتباك....

Quote: نيوتن والتفاحة!!

في الحديقة العامة، وتحت إحدى الشجرات، كان اسحق نيوتن يراقب التفاحة، وآخرين يسترقون النظر للفتيات، وللسماء، وللتفاح أيضا!!
ولكن كل تفاح الارض، لم يجد عين بشرية تراقبه بهذه الجمعية، والتأمل والاستغراب، كانت كعادتها معلقة على غصن الشجرة، مثل كل تفاح الارض، طفل يرضع من ثدي امه، ظل يراقبها منذ ان كانت وردة، فتبرعتم، لم يغادر الشجرة، كأن مأخوذا بتكورها، وتماسكها، وكان يعيش على قوت التأمل، يذهب الناس كعادتهم للبيوت ثم العمل، ثم يأتوا العصرية للحدائق، ولكنه لم يغادر الحديقة طرفة عين، (كان لسقراط نفس هذه العادة)، ويقال بإن ادريس جماع اصابه مس منها في أخريات حياته الخصبة، فالجسم حين يتركز ويتكثف في حمى التأمل، يكتفي ذاتيا، كأهل القبور، مكتفيا بنفسه، عن سواه...

احمرت الثمرة، وتكورت، كان يراقب النسق الطالع والنازل، كان يسمع القوت وهو يجري من ظلمة الجذور إلى سماء الفروع والغصون، ثم الثمرة، وكانت خشخشة التمثيل الضوء تملأ طبلة اذنه، كطفل يقرمش خبز جاف، وفجاة هوت الثمرة للأرض، وبشكل رأسي متقن، وبسرعة متزايدة، فكتب نيوتن نظريته الرائعة، عن الجاذبية الفكرية: (سقط التقليد، والإتكال واستقلت الثمرة عن الشجرة والجذور والاوراق، وحققت أصالتها وتفردها)... وأكتفت بذاتها، عن سواءها..

مضى سعيدا، غزال خرج من حظيرته، وأدار ظهره للقطيع..تدحرج عقله كثمرة التفاح على الارض، بلا غصن يشدها كالوتد، إلى حظيرة الشجرة، وهو هو يردد (لم تقوم الطفولة على الإتكال والتقليد)، وياترى آدم الأول (ماذا قلد؟؟؟؟؟؟؟)!!
!.



وللحق ماذا قلد آدم أول، سواء على المستوى الجيني، أو الروحي، سوى الإطلاق المحيط به،
بل ظل يقلد الإطلاق بداخله، منذ البدء، وحتى الأن، يحاول تقليد الإطلاق، المخبأ بداخله، بل خلق الزمان والمكان، كي يتقن التقليد (إن الله خلق آدم على صورته)...

وبعد حين... سوف تسقط ثمرة التفاح، وقد تكورت، ونضجت، وتحلت بالأسماء الحسنى، كلها!!!

Post: #46
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-08-2006, 03:50 AM
Parent: #44

الأخ مأمون (أبوالطيب) تحياتي .. شكرا على المرور
ومعك نحي المقدم الميمون للدكتور النور


Quote: هذا كذلك درجه عاليه من درجات الحكى...مسبوكه بقدحه فكريه...ومبهوره بمقاطع من الأدب الرصين...فلدكتور النور ملكة الرواة...ولما لا...وهو يقف على أسمى منارات الإبداع التعبيرى (الفن) فعمق الصوفيه وإزميل الفنان وشفافيته والوقوف على الأدب بطريقته التى أخرج بها تلك المقامة جميعها تجعله مشروع راوى وقاص بمقياس عال.....................................

فيا محمد نجحت فى أن تأتى بدواء القيلولة فى هذا المنبر

منصور


إبن عمي .. المنصور .. لك التحايا بعضها فوق بعض ..
سجلناك معنا عضواً عاملا بهذا البوست لتساهم مع الرائعين
النور وعبدالعبدالغني وزمرة الكاتبين.. ولن نقبل منك
مجرد إتكاءة قيلولة .. لا بد من ثمار منصور وإن طال
هز الجزع رنواً لثمار في أعلى الشجر .. والنهر لا يزدان
إلا بكثرة الأودية .. تذرف فيه ماء جديد وطمي جديد وحُب .

Post: #47
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-08-2006, 04:04 AM
Parent: #44

عزيزي منصور
عميق حبي وهيامي،
من البعد، سلام سلام، وحب وصفاء...

أعن النور تتحدث:

Quote: هذا كذلك درجه عاليه من درجات الحكى...مسبوكه بقدحه فكريه...ومبهوره بمقاطع من الأدب الرصين...فلدكتور النور ملكة الرواة...ولما لا...وهو يقف على أسمى منارات الإبداع التعبيرى (الفن) فعمق الصوفيه وإزميل الفنان وشفافيته والوقوف على الأدب بطريقته التى أخرج بها تلك المقامة جميعها تجعله مشروع راوى وقاص بمقياس عال.....................................


استاذي النور، له من الجبة ألوان حديقة، أسماء حسنى، تسكن قلب عظيم، يسمى مجازا (النور حمد)،

حلو العبارة، دسم التعبير، مشرق الفهم، وضاء الفكر، تتنافس بداخله حرب ضروس بين أدوات التعبير عن الحياة، واي حياة في عمقها وجمالها وبهائها...(الحياة الفكرية، أم الشعورية، ام السياسية، ام العرفانية .. أم)... كل جمله مفيدة، لا أقول أقرب للمعادلات الرياضية، رغم انها تتدور عن معضلات فكرية، أو معاني مجردة، ترى فيها قوة البيان، وقوة البرهان، وقوة الشعور، بل تبز المعادلات الرياضية في صدقها، وحقيقتها...

والله نفسي اكتب كل جملة يقولها، ولو طبعت لرأيتم العجب العجاب، والله بسأل الله ان يفرغه، ويعطيه الفراغ، (اعظم النعم المبخوسة الحق)، كي يرصد موجه الحياة من أين وإلي أين، موجه بداخلها عصارة الحياة، شمس ضوءه تتسرب لقوى الحياة المرئية وغير المرئية، تشدني كتابته في أي موضوع، فهو يرى (إن غيبت ذاتها عني!! فلي بصر يرى محاسنها في كل إنسان).. يرى لوحة الوجود، وقد رفعت الريشة المطلقة شعيراتها، وأكتمل المشهد، لمن يرى!!!


اعتذر عن سوء الوصف، فطرفي لم يرى غير هذه الباحة من تلكم القصر الوريف
احس بالخجل، فاذا اتسعت الرؤية... ضاقت عبارتي، وخارت، وضلت الطريق ...!!

Post: #48
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-08-2006, 05:16 AM
Parent: #47

Quote: نيوتن والتفاحة!!

في الحديقة العامة، وتحت إحدى الشجرات، كان اسحق نيوتن يراقب التفاحة، وآخرين يسترقون النظر للفتيات، وللسماء، وللتفاح أيضا!!
ولكن كل تفاح الارض، لم يجد عين بشرية تراقبه بهذه الجمعية، والتأمل والاستغراب، كانت كعادتها معلقة على غصن الشجرة، مثل كل تفاح الارض، طفل يرضع من ثدي امه، ظل يراقبها منذ ان كانت وردة، فتبرعتم، لم يغادر الشجرة، كأن مأخوذا بتكورها، وتماسكها، وكان يعيش على قوت التأمل، يذهب الناس كعادتهم للبيوت ثم العمل، ثم يأتوا العصرية للحدائق، ولكنه لم يغادر الحديقة طرفة عين، (كان لسقراط نفس هذه العادة)، ويقال بإن ادريس جماع اصابه مس منها في أخريات حياته الخصبة، فالجسم حين يتركز ويتكثف في حمى التأمل، يكتفي ذاتيا، كأهل القبور، مكتفيا بنفسه، عن سواه...

احمرت الثمرة، وتكورت، كان يراقب النسق الطالع والنازل، كان يسمع القوت وهو يجري من ظلمة الجذور إلى سماء الفروع والغصون، ثم الثمرة، وكانت خشخشة التمثيل الضوء تملأ طبلة اذنه، كطفل يقرمش خبز جاف، وفجاة هوت الثمرة للأرض، وبشكل رأسي متقن، وبسرعة متزايدة، فكتب نيوتن نظريته الرائعة، عن الجاذبية الفكرية: (سقط التقليد، والإتكال واستقلت الثمرة عن الشجرة والجذور والاوراق، وحققت أصالتها وتفردها)... وأكتفت بذاتها، عن سواءها..

مضى سعيدا، غزال خرج من حظيرته، وأدار ظهره للقطيع..تدحرج عقله كثمرة التفاح على الارض، بلا غصن يشدها كالوتد، إلى حظيرة الشجرة، وهو هو يردد (لم تقوم الطفولة على الإتكال والتقليد)، وياترى آدم الأول (ماذا قلد؟؟؟؟؟؟؟)!!!.

Post: #50
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-09-2006, 00:15 AM
Parent: #48

عزيزي محمد
صباح حنون، ونقي وباسم

ولكل السرب، الجميل، المحلق دوما...

الجزء الثاني من نيوتن وتفاحته:


Quote: نيوتن والتفاحة (2)

أخذ نيوتن التفاحة المتدحرجة، أسعد تفاحة، لن تتشظى بفعل الأسنان، في فرن الفم، وفي طريقه للبيت لم ينظر لشئ سوى تكورها، وإمتلاءها، وعقله الباطن هداه للمنزل بأتقان تام، فلم يصطدم بالرصيف، ولا الجداول، كان كالروائح، تعرف طريقها للأنوف في الظلمة والنور، (وللحق، فإنه يترك كثير من الاهتمامات العادية لعقله الباطن، كي يتفرغ لمآرب العقل الحادث)، وفي البيت تعجب من تكورها، ومن أمتلاءها (باللون، وبالمادة وبالسكر، معا)، لايوجد حيز فيها، لا يوجد فيه هذا الثالوث (المادة، واللون والطعم)، تعجب من المساكنة الغريبة، نحو روحان حللنا بدنا، حتى أنت أيها التفاح.
دخل غرفته، متعجبا كعادته، من كل شئ تقع عليه عيناه، أو يمر بخاطره، فأشعل المصباح، فوجد غرفته قد أمتلأت(بالنور والنسيم والبخور والموسيقى الهادئة والإلفة، معا)... فأستكان برفق، ورضى...
وحين وضع رأسه على المخدة، أحس برضى، كمن ينجز شئ عزيز، وسمع ضربات قلبه هادئة متزنة، قلب ملئ ب(الحب، والغبطة، والفرح، والحنان، واليقين، والحسرة، والشك و..، و وأنفعالات حسنى، لا تحصى ، معا)...


ثلاث اجزاء، تفاحة نيوتن!!

Post: #51
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: معتصم دفع الله
Date: 08-09-2006, 02:48 AM
Parent: #1

الحبيب محمد عبدالجليل ..
لأنك جميل ..
دوماً تبحث عن مواضع الجمال ..
شكراً لأنك أشركتنا في هذا الحوار الشيق ..
للكاتب الجميل عبدالغني كرم الله ..
والتحية للزميل مامون التلب ..
ومعك نتابع حد الإستمتاع ..

محبتي ..

Post: #52
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-09-2006, 03:20 AM
Parent: #51

Quote: شكراً لأنك أشركتنا في هذا الحوار الشيق ..
للكاتب الجميل عبدالغني كرم الله ..
والتحية للزميل مامون التلب ..
ومعك نتابع حد الإستمتاع ..


الأخ معتصم .. تحياتي يا ناثر الطمأنينة في المنبر

كيف لا أشرك زملاء المنبر في إبداعات عبدالغني
فلا هطلت علي ولا بأرضي سحائب ليس تنتظم البلادا

Post: #55
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-10-2006, 04:05 AM
Parent: #52

الأخ عبدالحي موسى .. تحياتي لك

للمرة الثانية أجد أسمك ترفع البوست
ولا أجد المداخلة ..

Post: #56
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-10-2006, 05:22 AM
Parent: #55

أخي محمد

صباح باسم

طبعا اخوك، كثير التغيير، فإليك، (كيف أدخل اللوحة)، بصورة أخرى، وقد تاتي بصورة (ثالثة)...

Quote: كيف أدخل اللوحة!!؟

كان أخي الكبير (عبد العزيز)، يرسم في لوحة وهو جالس تحت ظل الدار، كانت اللوحة جميلة، مثل كل الأشياء التي تحيط بي، والتي لاتحيط بي، وهي عبارة عن قلعة على قمة جبل، ويتدفق من عل نهر جميل، واشجار جميلة على الشاطئ (كنت اسمع زقزقة العصافير، مجرد أن تودع ريشة أخي اللوحة)....

داير ادخل اللوحة؟!!

نظر لي أخي بتمعن، وكأنه يراني لأول مرة، ثم واصل الرسم، (يارب يوقف اسئلته)، ثم رش لون برتقالي، وبكل بساطة، فبدت الشجرة تحمل ثمار برتقال جميل، أهكدا يخلق البرتقال (حتى في السماء!!!!)، ريشة اخي ترسم طعم البرتقال، بل حتى ومض الشعور، الذي يقشعر له القلب من رؤية قشر البرتقال، ترسمه ريشته كما لو انه جزء من اللوحة..

أشرت إلي شجرة بعيدة، في اللوحة، تحتاج لعجلة للوصول إليها، ولكني سأركض، كانت الشجرة بعيدة، بالقرب من القلعة، بعد النهر مباشرة، بل على الشاطئ المقابل،)كيف اقطع النهر، وأنا لا أجيد السباحة)، وللحق لم أفكر في عبور النهر، كانت الشجرة تشغلني، فلم أفكر في الوسائل (وللحق لاشي، على الإطلاق، يمنعني عن رغبتي، حتى الاستحالة، لا تمنعني)... كان ظل الشجرة ساحرا، وهناك بقايا برتقال.. وأخاف ان يصابه العطن، قبل أن تلتهمه شفتاي!!

يا دثوري، دي لوحة، يعني بعدين، طول وعرض بس، والبعد الثالث خيال، وهو الأهم مجرد خيال، البعد الثالث ما موجود، كماء السراب.) رد اخي علي، وهو يخاطبني ب (دثوري)، دائما، (حتى في قمة غضبة مني)، يظل يدلعني (كان البكر، وكنت الصغير)..


أصريت على دخول اللوحة، والجلوس في الشجرة، (طبعا بكيت داير عجلة عشان الشجرة بعيدة في اللوحة)....


وللحق اخي لا يزجرني من الاسئلة، ولكنه يمضي في سبيله، وكأن الأسئلة لم تكن....


ظللت احدق في اللوحة، متعجبا من وقوف الشمس في كبد السماء طوال النهار، والمركب لم تقطع النهر لأسبوع كامل، وهناك معزة لم ترفع رأسها من السعدة، (وللحق أنا اعرف الاغنام)، أنها من اكثر الحيوانات مللا، وترفع رأسها كي تمضغ، وكي تشكر الراعي بنظر قله نظيرها، سوى بين الام والابن.....


والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى)..


(أغمض عينك، فاجمل لوحة رسمها الله في داخلك، فالخيال، واقع، يعاش، ويحس في الدواخل، بمقدور خيالك، أن يمطر في الشتاء، ويشعل النار في الماء، ويحيل الحجارة إلى خبز دافئ)، رد اخي علي، كي يعزيني في فشلي في الدخول إلى اللوحة....


كل ردود أخي، لم تعجبني، أود الدخول في اللوحة، كما يدخل الضوء من خلال الزجاج، وكما تتدخل الأغنية إلى القلب!! لن أفسد عليك لوحتك، هل يكسر الضوء الزجاج؟!!....

صرخ أخي، مذهول، لأخواتي، وأمي، وهو يراني داخل اللوحة، ألعب مع الفراشات، وأجري هناك وهناك...


وللحق، فكرة أقصوصة (آلام ظهر حادة بدأت كحوار قصير، بين حذاء ورجل (قدم).. ثم جرى القلم بما جرى، وكانت كالأتي:

[QUOTE]مسرحية صغيرة جدا

حذا: أتذكرين حي الأزهري
الرجل: لا أذكره
الحذاء: يالك من كائن محدود، لقد قتلتي عشرات الصراصير، ومئات من النمل.
الرجل: أللهم ارحهم جميعاً.
الحذاء: عزاء كاذب، فقد كنت حينها تغني (زاد القلوب المرهفة)..
الرجل: لا علم لرأسي بما يجري تحته.
الحذاء: يالكم من جذر معزولة، لقد قتلتي 45000 كائن حي، حرب عالمية ثالثة، خاضتها قدمك الفاشية، ضد هذه الكائنات الرخوة


Post: #57
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: طلال عفيفي
Date: 08-10-2006, 06:15 AM
Parent: #56




والله عبد الغني ده عندو لغة طيبه وزي اللبن الحليب .
انا بادي أستكشف المنطقه البيتحرك فيها : عالم جواني
مليان بالإشارات والغوايات الساحرة .

عوالم الشرق والباطن واللغة صاحبة الدلال العالي ..








أحلى التحايا يا أصدقاء .

...
طلال


Post: #58
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-12-2006, 01:40 AM
Parent: #57

Quote: والشمس، في اللوحة، فقدت انيابها، كنت احدق فيها ملء بصري، ولا أثر للعرق على صدري...... (البعد الثالث هو الخيال، والبعد الرابع هو الروح، حين يسرح الخيال في الاعماق، يرى ما لا يرى، (أيها الإنسان، لا ضفاف لك)، فحيث المنتهى، شد الرحال!!.... هكذا كانت خواطر أخي، لم يقلها لي، لأنه لأن أحس بأني لن أفهم ( كم مغرورون هؤلاء الكبار، وجهلى)..


(أغمض عينك، فاجمل لوحة رسمها الله في داخلك، فالخيال، واقع، يعاش، ويحس في الدواخل، بمقدور خيالك، أن يمطر في الشتاء، ويشعل النار في الماء، ويحيل الحجارة إلى خبز دافئ)، رد اخي علي، كي يعزيني في فشلي في الدخول إلى اللوحة....

Post: #59
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-12-2006, 02:30 AM
Parent: #57

Quote: والله عبد الغني ده عندو لغة طيبه وزي اللبن الحليب .
انا بادي أستكشف المنطقه البيتحرك فيها : عالم جواني
مليان بالإشارات والغوايات الساحرة .

عوالم الشرق والباطن واللغة صاحبة الدلال العالي ..

أحلى التحايا يا أصدقاء .

...
طلال


الاخ طلال .. تحياتي ..

لغة تفتح الطريق نحو الشمس .. وتخرجك من عالم
الكآبة وضيق الأفق

Post: #60
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-12-2006, 06:49 AM
Parent: #59

Quote: ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة...

Post: #61
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Nana
Date: 08-12-2006, 02:11 PM
Parent: #60

الاخ محمد عبد الجليل لك التحية

اديبنا الذي استنطق كل صامت ،، لك التحية والاعزاز

لكم انحناءة احترام وتقدير

تسجيل حضور ومتابعة

Post: #62
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: ابوبكر الامين يوسف
Date: 08-12-2006, 06:23 PM
Parent: #61

العزيز محمد عبد الجليل التحايا النواضر

لك التحية وانت تطرق ابواب الجميل عبدالغنى

عرفته مشبعا بكل احساس جميل

جلسنا وتحدث حديث العارفين

كل كلمة تدخل الى القلب دون اذن وتحسها مشبعة نقاء وطهرا

لكم التحية ايها الشوامخ

Post: #64
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-13-2006, 02:36 AM
Parent: #62

Quote: لك التحية وانت تطرق ابواب الجميل عبدالغنى

عرفته مشبعا بكل احساس جميل

جلسنا وتحدث حديث العارفين

كل كلمة تدخل الى القلب دون اذن وتحسها مشبعة نقاء وطهرا


الأخ أبوبكر - تحياتي لك ..

الإسترخاء والتأمل العميق .. هذه الحالة التي لا تتأتى
إلا للشعرء والأطفال والمتصوفة والمتسقين داخلياً أولئك
الذين تحللوا من ثياب الزيف وصوبوا نحو الفرح ..
فاستنفرت حواسهم ولازمتهم الدهشة .. وظهرت لهم الحبيبة
التي يرونها ولا ينالونها ويظل اللهاث إلى ما شاء الله

Post: #63
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-13-2006, 01:26 AM
Parent: #61

Quote: اديبنا الذي استنطق كل صامت ،، لك التحية والاعزاز

لكم انحناءة احترام وتقدير


الاخت - نانا- تحياتي لك .. لقد أوغل عبدالغني لعوالم
قل إمتداد أيدي ألكتاب إليها .. وحدثنا بما غفلنا عنه
من عوالم لا تتحقق المعرفة إلا بها .. فأنتزع الدهشة
وهو يحدثنا عن أن كل الأطفال يتكلمون في المهد .. حتى
ما نطلق عليها جمادات أنطقها عبدالغني وإليك بحكوة
الحذاء ومقتل 45000 كائن حي بقدم.

Quote: حذاء: أتذكرين حي الأزهري
الرجل: لا أذكره
الحذاء: يالك من كائن محدود، لقد قتلتي عشرات الصراصير، ومئات من النمل.
الرجل: أللهم ارحهم جميعاً.
الحذاء: عزاء كاذب، فقد كنت حينها تغني (زاد القلوب المرهفة)..
الرجل: لا علم لرأسي بما يجري تحته.
الحذاء: يالكم من جذر معزولة، لقد قتلتي 45000 كائن حي، حرب عالمية ثالثة، خاضتها قدمك الفاشية، ضد هذه الكائنات الرخوة

Post: #66
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Nana
Date: 08-13-2006, 05:58 AM
Parent: #63

اخي الفاضل محمد

لقد اخذني الأديب عبد الغني عبر سطوره في آلام ظهر حادة إلى عالم من الدهشة

ورأيت ما لم ارى من قبل من تجسيد ،، وروعة سرد

الله يديك العافية يا غني

ولك التجلة اخي محمد لفتح هذه النافذه المضيئة

ودي وكل احترامي

Post: #67
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-13-2006, 07:10 AM
Parent: #66

الأخت - نانا - تحياتي

شوفي بالله كلام عبدالغني كتب أيه:

Quote: حاليا، بكتب في نص عن (أمرأة أفريقية، تحمل طفل سعيد على ظهرها)، سندباد، يتجول بين الاحياء والبيوت، كل يوم حياة جديدة، وأفق مفتوح، ملك خلف امه المناضلة الحقيقية، يلعب بفقرات ظهر امه كبيانو، امه تضحك من الدغدغة، وهو من العزف على بيانو رأسي، من نتواءت جلد نحيف، فقرات عمودها الظهري، اصابع بيانو حي، ومجيد، عمود فقري يحمل قلب محزون وعقل منهك بعذابات بالتدبير.. وخلفها سندباد صغير، ملفوف بملاءة دمور، صارخة الألوان، كقوس قزح، طفل شقي، على وجهه الصغير، عيون بيكاسو وقلب طاغور وعقل ابن بطوطه وسقراط، يصور الاشياء كطفل، كملك، كشاعر حقيقي...

ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة...


هذا النوع من الحكي والخيال لا يتأتى بأدوات الكتابة فقط .. يحتاج وجدانا يتفاعل مع تفاصيل
حياة الفقراء والناس العاديين والأطفال .. ينحنى ليتأمل حالة الطفل المربوط على ظهر أمه فيكتشف أنه سعيد .. ويخطو بخياله ليراه عازف موسيقى وسلسلة ظهر أمه النحيله هي بيانوه .. وهو يعزف ليطرب العازف والمعزوف على ظهره .. هذه صورة تحمل ما يفوق التعبير اللفظي .. إنه رسم حي
نابض .. شكراً .

Post: #68
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-14-2006, 02:20 AM
Parent: #67

عزيزي محمد

صباح حنون وخلاق

الايام دي زحمة عمل (مبالغ فيها)، تحس بأنك مخلوق للعمل،وليس العمل مخلوق من أجلك، ورحم الله
محجوب شريف (سيد نفسك من اسيادك)، وحتى نخطو نحو مقام (لا يشغله شأن عن شأن)، كما كان
يعمل ويجسد الولي السوداني الكبير، الشيخ الطيب السماني، حيث كان يعفل أكثر من عمل، وفي آن واحد، مجسدا، وفي أرض لواقع، ثراء الإنسان، ومآلة، (كم تشدني الشخوص الثرية في طبقات ود ضيف، فالمنجز السوداني، على مستوى تحقيق الكمالات المدخرة للإنسان السوداني، بل العالمي، تجد حياتها وتجليها أجمل ما يكون في تلكم الشخوص)ولا شك الغد أحلى، وأبهى... والمطلوب لا يدرك، (حيث المنتهى، شد الرحال)...

سأتعبكم، بقصاصات من كراسات قديمة، لم اتوقع أن يقرأها أحد معي، (ما أغرب الغيب والغد)..

Quote: كيف أنتهى مصير الموزة!!!

من يتصور أن موزة من الصومال تستحيل إلى شعور صافي في قلب مريم، كانت الموزة مزروعة في حقل صغير، وكانت مريم جالسة تقرأ في قصيدة لايلياء أبو ماضي حين تم زرع الموزة، أعظم عراف ليس بمقدوره أن يؤكد بأن مصير تلك الموزة جوف مريم، تلاعبت النسيم بالموزة وشعر مريم في ذات الوقت، إنها جزء منها، جزء غائب يحن لأصله، ستتكور الموزة في جوف مريم كشعور نبيل، أبدلها الجسد الإنساني إلى روح شفيف، سم الخياط، تسعى الأشياء للإنسان، عبر غريزة الجوع حتى تنتمي له، انتم الفقراء للإنسان، اكتحلت الموزة بلون بهي، ومذاق رائع، انتمت لجسد مريم، جزء لا يتجز من سفمونية روح جميل، يأوى في محراب جسدها،، كانت الموزة بيضاء كقلب مريم، لقد سلمت الموزة من عشرات من المحاولات لصرفها عن فم مريم، كانت في رعاية دقيقة لطيفة، لا ترى بأمهر ميكروسكوب، عناية فريدة، توصل الحقوق لأهلها بلطف أشبه بالإعجاز، ألطف من دبيب النملة السوداء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، إرادة لطيفة تسيير بخفاء حكيم وغامض، كل الأشياء لغاياتها النضرة...

فتاة صغيرة، في حديقة تلتهم موزة، وحين قالت لها امها (يامريم تعالي)، حذفت كلمة فتاة صغيرة، ودخلت اسم مريم (العظيم)،...


رسالة لصديقي حامد

Quote: العزيز حامد،،

أحاول كتابة رواية اقرب للواقع، عن ما يحدث في الوطن، فنحن ضحايا وطن لم يقدم لمواطنيه الخبز والحرية، فهاجر الجميع، داخل حمى الوطن وخارجة، ابتعدنا عن السرير وعن حوشنا، وعن دكان ود السالم، وعن الحفير وعن زرقة السماء في العسيلات، وعن الكنار والترع في المشروع، وعن جزيرة "قنتو" وهي جزيرة رملية صغيرة كنا نعلب فيها الكورة، وكانت حدود الميدان هي مياه النهر العذبة، وطن صيغ من هم وغم، من تداعيات، وكفر، من جنون وانحراف، من هوس وتطرف ولحى، من سوريالية، من خربشة للحياة، أناس تركوا ريفهم وكرامتهم وعاداتهم وقعداتهم ونجومهم وليلهم وحكاياتهم وأغانيهم، ليسرقوا في الخرطوم ويشحدوا ويجنوا، ويسكنوا الخيم واطراف منسية، حتى البيوت ذوات 200 متر مربع صارت تأوي العائلة الاصلية وعائلتين مؤجرتين، اكتظاظ، زحمة، ضجيج، حتى البيوت الهادئة، صارت تحاكي الرقشة، صخبا وتلوثا، ونعيقاً، إنها درجة الانصهار، حتى الحديد يفقد فيها هويته الصلبة ويستحيل إلى سائل، سائل ينزلق كالخمر، ويغوص فيه أي حصى حقير، وتتلاعب الأقدار بالنفوس الطيبة، (بالحديد) تخرج منهم مجانين ومنحرفين، لقد جنت عليهم السياسة والتجار، حتى المناخ أما أن يمطر فيغرق وأما أن يكف سنوات فيجف الضرع والزرع، والنيل هذا الإله الأفعى، أما أن يفيض فيغرق أو ينحسر فيهلك، كل العوامل تضافرت، على تشويه نفس المواطن السوداني، فصار مريضا نفسياً، مكتئباً أو مهوساً، أو منحرفاً، (أين الوطن ... ) ورثنا منه جبال من المشاكل والديون والالتزامات، لم نعيش طفولتنا كما ينبغي، ولا المراهقة، ولا الشباب ولا الكهولة ولا حتى الموت، عندي أصدقاء، قرأنا معا الابتدائي، منهم (أحمد الصج) يحب ناس العسيلات الألقاب، وهو الآن في القبر، ولكن قبل أن يرحل، مسه جنون، أما عبد الواحد فقد اختفى في أدغال الجنوب، ساقته الدولة كي يدافع عن جهلها ورعوناتها، وماجد العطا ذهب لبولندا، أو هولندا، أما (.....) فقد انتهى بها المطاف بائعة للهوى بأم ضوبان، وود فضلى المولى صار مجرما محترفاً، كل هؤلاء كانس أسوياء، مثل خلق الله، ولكن بعبع السنوات العجفاف لوث نفوسهم، ولا منقذ أو نصير، والاحزاب فشلت، شعارات ... شعارات.. بل كانت عالة عليه، أحزاب لا منهاج أو أيدلوجيات لها، سوى فهم ساذج للدين أو للعلم، جف الحلق، وجفت الحنجرة، فلا كاشف جديد أو سرور، ولا وطن، افرنقع الوطن في أرجاء العالم، والجنوب مجهول تماما لنا، لم نزر الجنوب من قبل ولا نعرف عنه سواء ما تنعق به أبواق لنظام جاهل قاسي كاذب مهوس، (كتب فرانسيس دينق وبعض مثقفي الجنوب لا تعطي صورة كافية) وكذا الغرب والشرق والوسط، وطن سراب، مسكون بالصراع القبلي والديني والاثني واللوني والطبقي، وطن مجنون.. ورغم ذلك، نحبه، نحبه نحبه، كثيرا ما أشكر ربي لأنني "سوداني" بس، فأرجو مدي بملاحظاتكم، ورائك، والقصة عندها محورين الأول

حج اسرة من الشرق للخرطوم
والثانية اسرة من الغرب للخرطوم

وما تلاقيه هاتان الاسرتان من مصاعب حتى يصلوا للخرطوم، للسراب، وقد حسبوه ماء...كانت دليلهم للرحلة هي الاغنام والابقار والجمال التي هلكت من أسر هاجرت قبلهم، حتى المناخ والرياح والحرارة لم تكن معهم، بل تآمر الجميع، كانوا يشعرون بأنهم في الطريق الصحيح للخرطوم حين يجدون بقرة هالكة "دي بقرة ناس سعد) أو حلة طبيخ ناءت قواهم عن حملها "دي حلة ناس فاطمة" والحلة خاوية على عروشها، ومغروسة في الرمل، وبطنها خاو من ملاح أو وكية أو عصيدة، ومع ذلك وصلوا للسراب للخرطوم، وهنا كانت المأساة.. (جات تكحله .. عمته)....

وفي الخرطوم جاء الطوفان، طوفان من القهر والمرض، طوفان أغرق الفرح والأغاني والعادات والحكاوي والسحنات القديمة، طوفان قضى على نفوس فطرية، فلم يعودوا هم، طمست الملامح، فلم يتعرفوا على أنفسهم، أنكرتهم نفوسهم، فوجئوا في المرآة بوجه غريب، وجه حياة قاسية، مؤذية، وهكذا.. تمضي الأقصوصة الواقعية، الحزينة، أنها مثل قصة كهل عجوز، ظل طوال حياته يدفع دين لأبيه السكير المجنون، ولم يسدد الدين حتى موته، فأورث أبنه تسديد دين جده.. وهكذا دواليك......فشل أجدادنا.. وفشلنا... فلنبكي من أجل النفوس الميتة، وهي حية..



هدف رائع سجلة رونالدينو:

Quote: كرة قدم

هدف جميل، خدعت الكرة الجلدية سبعة لاعبين، وكأنها صقر حقيقي، ذكي وماكر، يفلت من الصيد بذكائه الفطري، الكامن فيه، سارت الكرة بشكل مقوس، لأن القدم التي ركلتها قد قمزتها من طرف معلوم، ركلة تتوحد فيها، بل كامنة فيها قواعد الفيزياء والضغط والميكانيكا والأبعاد، كي تدور الكرة حول نفسها، وحول رؤوس المدافعين، وتسير بخطى معلومة نحو الشباك، أبعاد ودوران ومسافات، رسمت لها القدم هذا المصير المخادع، كي تحج باتقان تام، ومكر أتم نحو شباك محروسة بحارس ومدافعين أقوياء، إنه صراع عقول، وقد انحدر نحو الأقدام، (نظرات رونالدينو نحو الكرة، ونحو القائم والحارس والمدافعين، ثم نظرة داخلية، نحو مكر داخلي، سحر الخيال، إنه يكيد كيداً) ألتمعت عيناه بذكاء طفولي، وكأنه يحشد ذكائه وقدرته وخياله في رجله اليمنى، ثم تقهقر نحو الخلف، مثيرا لدى المدافعين، بل الجمهور، كل الاحتمالات، الممكنة، وغير الممكنة، ثم ركض نحو الكرة فاتحاً كل الاحتمالات، من الخوف والرهبة والرغبة، إن تسجيل هدف عمل ذهني، يعني إلمام ذكي بأحداثيات المحيط، وتفسيره وتوظيفه، ركل الكرة بزاوية معينة، خداع الخصم، ضربها بقوة معينة، فالزيادة كالنقصان، إي أن تتخيل في وقت أقصر من البرق، كالعدم، ثم تنفذ الخيال كما هو، بإتقان، موحداً كالبرق بين الفكر والفعل، وإلا انتزع منك المدافع الكرة كالبرق، إنها مخيلة وذكاء واتقان، في لحظة خارج الزمان، لكي تتهادى الكرة في المرمى في زاويته البعيدة، وقد أرتمى الحارس في الاتجاه المعاكس، وقد دارت الكرة من وراء المدافع، وقد سمعت كلام خيال اللاعب كما هو، صورة طبق الأصل، لأنه رسم لها الطريق بقمزة محسوبة من رجله بكل دقة وإتقان، فالتمارين ليست سوى أن يطيع الجسد أوامر الخيال كما هي، بلا زيادة أو نقصان، ولأن القدم لا تتحرك من جراء نفسها، فقد ركلها ذهن اللاعب، وذهن اللاعب مبني على ثقافته وصفاءه وخياله، وطموحه وعزيمته، ولكن هل كل العقول الذكية قادرة على اللعب، هنا يجي دور الجسد، الجسد المطواع لتنفيذ الأفكار والخيال الكروي، أمثولة للرقص على الميدان، (عرق التدريب يقلل دماء المعركة) كرة ملح الوجود، رياضة شعبية، تدفع الشعوب الفقيرة من قوتها وكفافها، لترقص وتطرب في الملعب، وجوه المشجعين ملأء بالخوف والتوتر والفخر والخيلاء والغرور الوطني والقبلي، عصبية كروية، وبعد الهدف الجميل، تعتري الجمهور فرح طاغ، هستيريا، تظهر على الوجوه والايدي، عودة لبدء الحياة لطفولة قديمة، إنها كرة قدم، إنها مكر وكر وفر، إنها نضال من أجل إسعاد الشعب، ترقص للنصر المدن والقرى والسجون والمستشفيات، يخرج الرئيس عن صمته، وتوزع البلديات الحلوى، ويختلط الحابل بالنابل، النساء بالرجال، عيد وطني، كبرياء وزهو، عودة للطفولة لكم واسع من الشعب، بل لكل الشعب، فرح غامر يعتري كل الشعب، لا امس من عمر الزمان ولا غد، حياة في اللحظة الحاضرة، لو استمرت المبارة للصبح، لماذا يسأل الإنسان عن الزمن هو يغرق متعته سيلانه الأغر، قرى نجيريا ترقص بالالمبياد، والكاميرون والمكسيك، تطفح المطاعم بالفرح، والبيوت ويرقص الاطفال، وتظهر النخوة، استقرت الكرة في الشباك، نظر الحارس بحسرة كبيرة، وكانه يراقب ركام مدينة، بل رماد وطنه الحنون، في حين استشرت في المدرجات الطرق القريبة من الملعب، الطرق البعيدة، رئيس الدولة، المرضى بمستيشفات المدن والقرى، المسافرين بالقطارات، الماهجرون في المنافي، المعتقلون السياسيون، الاطفال، استشرت حمى الفرح والصراخ، استغظت طفولته قديمة، توحد المشاعر بالمدينة، وكأنها جسد رجل واحد، غارق في نصر عسكري كبير، فرح لا تقوى عليه الاجسام، فترقص وتترنح وتنطط، وتقفز، وتقبل، فرح فوق طاقة الجسد، والقلب،


عميق حبي وتقديري، وهيامي...

Post: #69
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبد الحي علي موسى
Date: 08-14-2006, 05:07 AM
Parent: #68

أخ محمد عبد الجليل
تشكر ثانيا وثالثا و... على هذا البوست المميز.
فسر هذا القاص (الغني) محير والحيرة معرفة بل هي أسرار إلهية تلقاها من المعلم الكبير والتي تمثل قطرة من ذلك البحر الموار الذي وقف كثيرون بساحله. وهذه القطرة التي كنهر النيل يمكن أن نغرق فيها ويمكن كذلك أن نروى منها.
فجودا علينا بقطرات من ذلك الفيض البهال لنصل سويا وهيهات...
كذلك هزا جزع نخلة المعرفة لتساقط علينا رطبا جنيا ومعارف لدنية. فهذه منة الله وفضل الله (وكرم الله) (الغني) البديع الذي وهبنا عبد الغني كرم الله البديع وفعلا (كل إنسان له طرف من حقيقة اسمه) وعزيزنا هذا أخذ كل حقيقة اسمه , غني المواهب وكرم من الله للآخرين , نندهش , نحتار , نغرق , بل نغيب ....وأقول مع الإمام الحلاج:
منيـة المتمني غيبتني بك عني
أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني
أخ محمد نعم الران قد سود القلوب , وهذا العمل يمكن أن يجلي عين البصيرة لنرى حقيقة الأشياء ولننفذ إلى اللب الذي أندثر –بعد أن تمسكنا بالقشور- لنعيش حياة كاملة تجد بردها وسلامها أرض النفوس لتنبت من كل زوج بهيج.
فأرجو أن يواصل الأخ المبدع عبد الغني النابلسي.

Post: #71
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-14-2006, 05:53 AM
Parent: #69

الأخ - عبدالحي على موسى .. تحياتي لك يا أخي ..
ولك العتبى فقد ظننت جهلا أن مداخلاتك لم تنزل وكان ينبغي
أن أتواضع وأعلن أن ليس ما لم أرى لم ينزل بل غشاوتي
هي التي غيبته .. فمعذرة آخي ولنتوصل في هذا البحر
الذي فلقه عبدالغني وما من ساحل ..


منيـة المتمني غيبتني بك عني
أدنيتني منك حتى ظننت أنك أني

Post: #70
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-14-2006, 05:19 AM
Parent: #68

الأخ عبدالغني .. تحياتي .. ونأمل إنزال المزيد من القصاصات .. فما أحوجنا أن ننظر أعمق لنرى من أين يأتي دفق الأمل في قلب أم ترقص فرحاً بإنتظار إبنها رغم أنه خائب رجاء .. هذه المعادلة العكسية التي نرى نماذجها في الواقع تترى .. أي نبع هذا الذي تستقي منه نظرة رضاء الأم ومعين أملها الذي لا ينضب..

مزيد من القصاصات بعد أن باعد الواقع بيننا وبين أن نكون قدر أماني محجوب شريف سادة لأنفسنا (سيد نفسك مين أسيادك) .. أما الشيخ الطيب ود البشير راجل أمرحي .. فذاك أمره عجب .. نشأ مشاشياً لروح السنة .. منصرفاً عن دنيا الناس زاهداً فيها حتى أتته تجرجر أذيالها .. كان غالب عمله كما يحكى إعمال الفكر والخيال وحسن الخلق والقول والفعل ..

مزيد من القصاصات .. لنرى العلاقة بين الموزة وشعر مريم واستجابتهما للنسيم ليصيرا أنضر .. لنطمئن بأن الغد أبهى .. نقذ السير بقناعة أن الفكرة الصالحة تبقى ..

مزيد من القصاصات .. تعزينا عن فاقد الحرية والخبز والسرير والحوش وتفاصيل الحياة التي نجد فيها أنفسنا وتحقق لنا الفرح .. وتخرجنا ولو لبعض حين من سقم اللحى والتجار والانحرافات .. وقد تلقيت رسالة بالهاتف قبل ساعة تقول أن المزارع في قريتنا قد غمرت تماماً بتضافر النيل الأفعى ومياه سيول أمطار أول أمس لمدة ساعتين ونصف .. وكأني بالمزارعين قد رجعوا لبيوتهم كل يحمل طوريه على كتفين يضمان قلباً واجفاً
وفكاً مرتخ بشدهة ما ينتظره من مصروف العيال وحق العيادة لما يتوقع من ملاريات وتايفويد، ولؤم أصحاب الدكاكين بعد أن علموا بفشل الموسم الزراعي واستحالة أن يوافقوا على شيء بالدين حتى ولو كيلو دقيق استرالي لزوم تخفيف لسعة هواء الأمطار والسيول وغصة فشل الموسم الزراعي، وفي طريق فلول الهزيمة من المزارعين تدلف عيونهم يسار القرية حيث يقع البنك الزراعي الذي لا يرحم مستدين. إنهم بشر شديد القناعة بأن رزقهم في السماء وفي ضرعاتهم ويعرفون معرفة التجارب الطويلة أن العاصمة بأحزابها ومجتمعها المدني وحكوماتها لا تعني لهم إلا جباية الضرائب والقبانة والزكاة والتجنيد القسري .. حقاً انه وطن مجنون ولكننا نحبه كما ذكرت فمزيد من القصاصات وروائع الساحر رونالدينو .. وموه علينا بالرؤى إن الحقيقة تؤلم.

Post: #72
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-15-2006, 02:21 AM
Parent: #70

مزيد من القصاصات .. لنرى العلاقة بين الموزة وشعر مريم واستجابتهما للنسيم ليصيرا أنضر .. لنطمئن بأن الغد أبهى .. نقذ السير بقناعة أن الفكرة الصالحة تبقى ..

Post: #73
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-15-2006, 02:34 AM
Parent: #72


عزيزي محمد

صباح حنون

وحواس نقية، صافية، صبورة، تقطف زهر الماثل، وتغرق في كأس الحاضر، وتترنم بالنشيد القديم، وتتزخرف بغرائز ثمان، هبة تليدة، نبيذ اتخذ من القلب متكأ، وحلم ورؤية سكنت محراب الذهن، أهناك شئ غايب، كل الاشياء ماثلة، لا الغد ولا الأمس، قادرة على محمو المطلق، فلم (الأنتظار)..

اهديك، بعض من ذكريات، كتبت على عجل، عن مدينة بورسودان، ليست مدينتي، ولكن زائر ومأخوذ بها من الطفولة، كنت (الأصغر)، وأختي علوية الأكبر، ودائما ما اشد الرحال لها في (الإجازات)، منذ الابتدائي، فلتشكت في الوجدان شاعرية حلوة عن مدينة حلوة الطعم والموج والنساء... والتعدد، والمناخ....

Post: #74
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-15-2006, 02:39 AM
Parent: #73

***
(1)
بورسودان من البحر، ام البحر منها!!!!)...


مدخل حتمي، كسطوة الثغر:

كالدجاجة الجميلة، لم تنشغل بلغز (الدجاجة من البيضة، أم البيضة من الدجاجة)، بالرغم من أنها صاحبة القضية، والحديث عن يدور أصلها، وفصلها، (كسقراط أيضا، لم يكن مشغولا بحبل المشنقة المتدلى لعنقه.. الشهيد، بل بالسحر المتدلى من السماء)، تركتها، لأهل اثينا، الغريبي الأطوار، بعقولهم الصافية، وأحفادهم من اصحاب العقول القلقة، ولكنها كانت مشغولة بالسواسيو، وبالعش، والقوت، وكأنها، تحس، بحدسها الفطري (بأن المعضلة لن تحل، كنهاية الأرقام، ما هو آخر رقم تنتهي عنده سلسلة الأرقام؟ ويرتاح العقل من تصور الإطلاق، شكرك لا فكاك منه؟)، لذا ظلت الدجاجة، تكاكي، وتفرد جناحها لأشعة الشمس، لترسم عليه وتنعكس منه لوحات فاتكة، وتحضتن تحته فراخها الزغب..

كذلك بورسودان (هل هي من البحر، أم البحر منها)، لم تشغل، كالدجاجة، سوى بناء قبة، من الروائح، والسحر، والثراء، عش ملون، لسواسيوها الزغب، (للحق بورسودان ترى ا لجميع الاطفال، من يسير على اربع، أو اثنين او ثلاث)، كلهم اطفال، تكسو وجوههم براءة الاطفال، وعنفوان الشباب وحنكة الشيوخ، تكاكي المدينة، وتخزن في الصومعة، قوت اطفالها، وتخزن في جبالها الغريبة، كجبال الالومب، أسطورة هذه المدينة، وحكاياتها، ومفاتنها، وشاعريتها، فقاعها، كجب يوسف، بهي، وأديمها، حقول القمح، وسمائها، مزخرفة بلهجات هدندوية وبني عامرية، وشايقية، و..و... وبحرها، ملئ بالسفن، والعشق، والاسماك.... والحكايات، لا تكف المدينة، كالامواج التي تلطم جنبها، عن الخلق، والغناء، والفتك، والولادة... كالبتول، تلد بلا اب أو حتى أم، أجمل الحكايات، والانفاس، يسكن جلدها، الموشوم بالكنائيس، والعمار الانجليزي والتركي، أهي جارية، أم محظية، أم زاهدة، (مربكة بما يكفي، لكي يحتار العقل، والقلب، معا)...



(************)

السوق، المكتبات، بصات هدل والثورة وسلبونا، وحافلات ترانسيت، باعة وعلى اكتافهم كراتين مليئة بالخلالات والمشابك وحلاوة حربة، أوجه جبلية ونيلية وصحراية، موسيقى ومسرح واقعي، والق يحس وعصي الوصف، كل هذا المشهد، يحيط بموقف مواصلات بورسودان، كسوار على معصم...

وفي قلب الموقف، يقف بص (الثورة)، بلونه الاخضر الغامق، (الراكب الاخير كان هدندوي)، ثم اغلق الباب (بورتسودان هي المدينة الوحيدة التي يغلق فيها الباب)، الكل جلوس، ولا أحد يقف على ر جليه... (أهي عادة يونانية، أم تركية، أم انجليزية، ام مصرية)، فملامح بورسودان فيها كل هذه الجنيات، وأكثر.. أم تخلو من الزحمة (أشك في ذلك).. اخرج مصر من هذه العادة....(فبصات مصر، كبصات الحاج يوسف، والجريف، الوقوف اكثر من الجلوس)...

إذن هي عادة لا ندري مرجعها...

مر البص، بنادي الخريجين وهو في طريقه للثورة، يخرج من الموقف، ثم يلف يمنيا، "شرقا"، يمر على السجن، وباعة، وبرندات بيع الجملة، حتى يصطدم بحديقة البلدية، ثم يتجه يسارا، (موسم الهجرة إلى الشمال)، وهو شارع ملئ باللكوندات، ومكاتب التخليص، لن تخطئ عينك، لمات الهندوندة عن المنعطفات، ويتسامى بخور القهوة، فرحا ونشوى، ثم ينزلق البص في الكبري، بعد أن مر (على هيئة الكهرباء، هيئة أهل الكهف)، فيجري البص في الكبري الشبه دائري، والمائل بشدة، تكاد ترى سطوح البصات الصدئة... على يمينك سفن غارقة في اللسان البحري، قديمة، استباحها الصدأ، وركابها (الأموات)، لا يعرفون أخلق إسماعيل الأزهري ام لا، ومن المحتمل ان تكون السفينة التي حج بها صالح، (جد الطيب صالح)، والذي لم يكن يعلم بأنه سينجب (الطيب)، ناهيك عن (موسم الهجرة ) والتي يعلم الله بها فقط، بما في ذلك المصير المأساوي لمصطفى سعيد، ألهذا اختفى مصطفى سعيد، لأن الله كان يريد ذلك، أم الطيب صالح (الله كان يعلم بها قبل ميلاد الطيب)، لا ادري، لست من المعتزلة، ولا سكان أثينا..

في الكبري المائل، مرجحانية فطرية، تستنشق هواء فيه مزيج غريب من رائحة البحر، والارض، والخصوصية...

ثم ينحرف شمالا، وهو يئن، فقد زاد بطنه، كحامل ب 7 أطفال و25 امرة و40 رجل، (هو بطن أنثى حامل، فالحبل السري يشد الجميع)، وهو خارج من الكبري، (فننتظر ثلث ساعة)، كي يمر القطار، والذي يتهادى من الميناء، في طريقه للمخازن، وهو محمل بالعربات والشوالات، وصريره، يخلق موسيقى (يعرفها كل من اكتوى بخمر الترحال، داخل القطار، أو على سطحه)، وتثير فيه ما تثير، من ذكريات ثمان....

هناك، أقصى اليسار، حي الخليج، مطل على اللسان البحري، يبدو كحلم، كسفنية طويلة من الاسمنت، ترسو، وللأبد، على طفاف الشاطئ، تلطم أمواج البحر عتبات البيوت.. (وللحق هذه المدينة مسافرة دوما، تحس بأن اهلها في رحلة، رحلة بحرية، فهي تحتفل دوما، ورأس السنة، يبز العيدين، كم غنية هذه المدينة، بخصوصيتها)...

يتوقف، امام مدرسة العشى الثانوية (ليته يتأخر، لأي سبب، هكذا يقول كل مراهق، أو غير مراهق)، لم ينزل احد، وركبت ثلاث فتيات، بلون لبني، واجساد، تستقل كل جارجة فيها عن الأخرى، فالرأس له سلطان، وكذا العنق، والخصر، ألخ..(حكم لا مركزي عادل)..

روائح البحر، المشبعة بالسحر، وبعشرات الاملاح والحيوات، تتدغدغ الانف برائحة غريبة، تدس الرائحة حبلها، في تلافيف القلب، (فتطفو الذكريات على حين غرة، فتحس بومض جميل، ويقشعر ا لجسم، لأحداث واحداث، جرت، وستجري في اديمها الرطب، الاملس)..

فتيات العشي الثانوية، اشجار تلبس البني، العيون بركة كبرى، تغرق بداخلها نوح وسيفنته، والاسنان بيضاء، تلمع الاشعة فيها كالبلور (والأغرب، أنهن لا يحسن بأنهم جميلات، يا لروعه القمر، حين يحمل بيده شنطة، وكتب، وعرق يعطر رقبته، ويترك الليل، ويعيش في النهار، كالشمس، بأن انضر، واحلى)..

يتزخرف البص، بأزياء وأزياء، أصوات وأصوات، روائح وروائح، (صورة نادرة، صديريات، وبناطلين، وشلوخ، وخلالات، وروائح "تشبه الثغر فقط")..

يتوقف، على يمنيك مخازن تفصل سلبونا عن ترب هدل، (دي هدل)، يسأل أحد الواقفين، وهو واضع يده المعروقة على (كلمة بص هدل، ذات الخط الطفولي)..

ايوه هدل، يركب، وتنزل أمراة شايقية، ومعها ابنها، وكيسها، وشلخوها، وصوتها (والذي ملأ المقعد امامي بكنهة محببة)...

هل تريد ان تتعلم الصبر؟ توقف البص فجأة، أبصر السائق امراتين خلف الشارع، مرت شاحنة، وأخرى، وبص وتاكسي ازرق، حتى عبرت المرأتين، وتقدمت الفتاة التي تجاوزها البص منذ قليل، كي تجلس بالقرب من فتى، استغل كل الحفر (وما أكثرها)، وما اروعها في الالتصاق بها (ألهذا خلق الله الحفر، البيضة من الدجاجة، ام الدجاجة من البيضة؟؟؟؟؟؟؟....

يمر البص، بسوق هدل، وبالنوادي، كراسي فوق الترابيز، وترابيز فوق بعضها، وفي المساء تتحول إلى مسرح للشطرنج، والكشتينة، وحولها روائح السمك، والفول، وعمك سعد.. وادروب..


محطة أخرى، نظرت للمضيفة (الصالون يفتح على الشارع)، فتاة منحنية تكنس، (لست قادر على وصفها، لكنها تركت جوى، بصدرها المهتز بموسيقى الكنس)، ينزل بني عامر، ويركب هندندوي وابنه....

يجلس الابن قربي، (كبرياء، وعزة تسكن هذا الجسد الصغير)، وكأنه يقول لي هذه مدينتا، ومن أنكر ذلك، (لك ولي)، فنحن روحان حللنا بدنا...

نشوف!!، اعطيته جريدة الامس (فالجرائد تتأخر يوم كامل)، فحين تقرأ مساء الامس، يعني أول امس... فالجرائد تأتي في البصات، وتتاخر في سوبا (أكثر من اللازم)، وفي مدني، وتتأخر اكثر في كسلا، ثم تتوقف في سنكات، وفي مدخل المدينة، وتحضر للمدينة متعبة، في نهاية المساء، كي تحج في الصبح للمكتبات...

نافذة البص، (بص الثورة)، أو بص هدل او ديم النور، أو سلبونا، أو سللاب، عبارة عن شاشة كبرى، سينما حية، (طفل حافي يجري بالكرة، في الفسحة الكبيرة جنوب المدرسة الصناعية الالمانية، يدخلها بين رجلين لاعب اخر، ثم يركض (مع اتجاه البص)، ..كشك صغير يحرمني من المشاهدة المجانية، يظهر الطفل مرة أخرى، وهو لا يزال ممسك بالكرة (استجاب لدعائي كالملائكة)، هل قلت بأنه غير ملاك!!! أو لمحت بغير ذلك؟ يسدد الكرة بكل قوة، ولأنها أكبر من رجله الصغيرة، تتهادى الكرة ببطء شديد، وهو يلعنها (اتحاد الكرة هو المقصر أيها الشقي الجميل)، ومن الخلف تظهر المخازن والجبال، وسحب داكنة، كثور كسول، (إي إطار من شحم ولحم، يحيط بلوحة هذه الحي الجميل)..

نساء خارجات لعيادة مريض، (عمود ملئ بمالذ وطاب)...

مركز شرطة الثورة، ثم محطة أخرى، وأخيرا نزلت (واصل البص رحلته، إثارته)، اتجهت لمحطة المواسير، ومن بعيد ظهر بيت أختي (حنون كوجه الأم)، محطة المواسير، ورأيت ابن اختي ابوذر يسجل هدفا في الفسحة امامهم، وحين رأني ركض مسرعا، كي يسلم على خاله، والحكم الطيب، لم يخرج له، ولو كرت اصفر)..

Post: #75
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-15-2006, 02:43 AM
Parent: #74

**
(2)

(بوتسودان من البحر ام البحر من بورتسودان)، معضلة لن تحل!!

كذلك مدينة بورتسودان، لم تنشغل بأصلها، هل هي من البحر، أم البحر، منها (وإن كنت اظن البحر منها) وقد استمد شكله، وموجه، وسحره، ففتيات بورسودان قادرات على إلهامه هذا الشكل الطري، السائل، فأي عين لفتاة من بني عامر، هي بركة، يصير معها البحر الاحمر، مجرد قطرة صغيرة، وعلى سطحة سفن بحجم صومعة الغلال، وللحق صدور الفتيات المليئة بالقمح الروحي، والحنان الجميل، ووخز النظرات القاتلة، هي الصومعة الحقيقية، منها نأكل قوت، لن تجوع بعده، ولو عشت عمر نوح...

وللحق، يظل البحر، يداعب رجليها، طوال الدهر، يحننها بسفن، وسحنات، وتجارة، وفنون، وغناوي، وخمر، يتكئ على أفقها، المحفوظ بالجبال، والرجال، الاغريق والاتراك والافرنج، والعرب، تزخرفت اراضيها بالحجاج والرحالة من ازهى واعتى وانضر واعمق الدهور، اشترى منها الجدود الملابس، والامشاط للحبوبات، (بورسودان ياجنة، وياقبلة وطنا)...

في ديم النور، دكان، له ثلاث عتبات، ثم ترى فاكهة الحقول المتنوعة،، تعمل به فتاة من البني عامر، أو الهدندوة، تشابه على السحر، وللحق، ونحن نذهب لشراء الحلاوة والطحنية، في طفولتنا، وللحق هي تعطينا هذه الاشياء باسعار مناسبة، ولكن تعطينا أغلى شي بالمجان، وهو وجهها، الملئ بكل شئ محير ولذيذ، وللحق الجمال مخيف (لا تقوى للنظر إلى وجهها اكثر من جزء من الثانية)، وإلا كان مصيرك مصير نسوة يوسف، ولكن ستقطع عنقك بمدية سحرها الفاتك.... هذا، ناهيك عن حركة الجسد، وكأن يسمع موسيقى بداخلها، فترقص، في مشيها، أما الصوت، فهو اكثر تأثيرا، من كل الاغاني التي غنيت والتي ستغنى، في ما تبقى من ايام هذا الوجود...

الاحتكاك القديم بالاغريق والاتراك و....و.... جعل للمرأة حضورا، في مهن مقصورة في الوسط على الرجال، والتداخل الجيني، صاغ انشودة حية تسمى، بورتسودان، حتى الطراز المعماري مميز، أشبه باستراحه قديمة، مدينة على سفر، على فرح، على طرب..على رحيل... لتخوم وسحر وغيرة جديدة...

من بعيد، وانت في عمق البحر، سواء البحر الحقيقي، أو بحر برك الفتيات، تبدو بورسودان كحلم، كي قصيدة، أقرب للمعاني من المباني، كأسرة من بيوت بيضاء، تتلاحم لوجبة صغيرة، لرحلة على شاطئ البحر..

في القلب ذكرى، للكيلو، للسان، للنادي العالمي، للكنايئس، والاناشيد الجميلة، للمريم البتول، ولنادي حي العرب، ونده الهلال، وهم جيران، الحيطة بالحيطة، كذا سوريالية بورسودان، غريبة، كقلبها، كسحرها...

غداً مسافر ( يعني بعد غدا، لأني اعشق بورتسودان)..
وغدا، في بورتسودان، اليوم، لأنها دوما، تسكن المستقبل

Post: #76
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-15-2006, 02:46 AM
Parent: #75

***
(3)
رحلة إلى الكيلو (10)، إلى عنفوان الحياة الفطري

مدخل أولي:

حين تشد الرحال للكيلو، (وتضع الكدارة، والكورة والموز، والرغيف، والكاميرا) في ضهرية السيارة، فقد أحسنت الوضوء لصلاة خاصة، وشهية، وقبل ذلك (قلب قابل للمفاجأة والجوى، وتحمل فراق الجنان الموقتة) وسيكون إمامكم البحر، وحارسكم الجبل، ومؤذنكم الموج وسرب من الاطفال، وستصطف معكم في الصلاة، وفي صف واحد البنات والاطفال والكهول، لصلاة العشق، التي قال عنها الحلاج (ركعتان من العشق، لا يصح لهما الوضوء إلا بالدم)..أنت في حضرة، البحر، والرمال والسماء الصافية، والهدوء، وشئ أخر، أقرب للسر، وهو قداسة المشهد، والذي يخرج عن دنيا الوصف، والتصور، سوى جلال، كأنك في معبد مفتوح على الافق، ويلزم الخشوع والتأمل...

لا تنسى، أن تحمل معك (عينا طفل، وقلب عجوز، ومزاج شاب)... كي تقرأ كل الانفعالات، المرسومة على الوجوه والقلوب والخواطر
..

فاتحة البدء:

تخرج السيارة من المدينة، جنوبا، في الجمعة وغيرها، ولكن للجمعة والخميس نكهة خاصة، بل تخرج السيارات والبصات، فهناك رحلة لمدرسة سلوبنا، وهناك حفل لشباب الاسكلة، وهنا عزومة، لعرس هندودي، وهناك حفل (لا سبب، سوى كرنفال الحياة)، للكثير من الاسر، والكثير من غير الاسر، أنها متعة الحياة.. وفي الكيلو، تتجمع هذه الافرح، في عرس كبير، الكل عريس، والكل عروس، في حضرة البحر والرمال والزرقة والجبال وموسيقى الامواج..

يبعد حوالي 10 كيلو جنوب بورسودان، مجموعة من البيوت الخشبية البسيطة، الجميلة، اتخذت من الشاطي عشا لها، تفتح جميعا عليه، وكأنه معلم كبير، سوف يلقنها الحياة، والتموج، والغرائز، والحركة، والكمون، والصدف، والسيولة، والميوعة، أليس البحر معلم كبير، قتل وأحيا الكثيرين، بيوت خلقت من أجل الفرح، فقط، تحس بأن المعاري الذي شيدها، هو إبراهيم اسحق.و جبران، وبيكاسو، والكاشف!! مدينة صغيرة من نغم، تغسل بالندى، صدأ العادة، وموات البيوت، وصخب المدن..

مدينة موقتة للفرح، للمفاجاة، ستعلب الكرة مع البنات، وتجري مع الكهول، وتدفن قديمك مع الاطفال، انها مساحة حرة (لإستعادة جنة الطفولة، وعنفوانها البهي)، أنت الآن في قلب النبض، وللحق حين رشق (ماهر الصغير)، "والجميع صغار هنا" اخته الكبرى (سلمى بماء البحر)، رسم ، وهو لا يدري اعظم (تمثال يوناني حي)، التصق الفستان بها، كضوء بمأذنة، فظهرت تفاصيل غريبة، كانت مكتومة، خلف قضبان الفستان القاسي، ألهذا المدى، وإلى هذه الموسيقى، تتداخل جوارح المرأة، القدم مع الركبة، مع الفخذ، مع الخصر، مع الصدر، مع العنق، تحس بدول مستقلة، بينها أعظم روابط شهدها خيالي، وواقعي، وانحاءات العنق، والكتف، والصدر، تنحني كحرف عربي، بيد فنان ماهر، يكتب آية، أو حكمة، أو قصيدة، أو اسم حبيبته، وقد ارتجفت الريشة، كي تدون شكل الحروف، وهي تنحني، وتلتوي، وتدور، حول خصرها، أه كما تلاعب الفنان بالحرف، كي يظهر قدرته على التعبير، على المرونة، وكأنه جسد من بخور، . كم غريب هذا الكائن، المسمى (ماء)، كنت احسبه يسقي النبات، ويروي الجسد فقط، فهاهو، يلتصق بالجسد الانوثي كضوء شمعة على تمثال فينوس...

لعبنا اجمل مبارة (وليس أعظم من مباراة)، كان فريقنا يتكون من (ثلاثة لا عبين)، حقا، (الزيادة كالنقصان)، سلمى وهدى وأنا، ضد (حسن ويوسف ونجود)، تجري نجود، والكرة امامها (بصورة عبيطة ومحببة)، كل شئ جميل في هذا الوجود (حتى هبل الاقدام)، ثم تقذف الكرة أكثر مما ينبغي فهي لا تدري أن (عرق التدريب يقلل دماء المعركة)...

أرسلت لي سلمى الكرة، كنت قريبا منها، ولكنها قذفتها بقوة، فهي حديثة عهد بالكرة، (ونحن ولدنا، وبأرجلنا من شراب)، استلمت الكرة، اقتربت مني نجود، كنت اقذف الكرة من رجلي الشمال ولليمين، وحين اقتربت مني، قذفت الكرة فوق رأسها، وسحبتها برجلي اليسرى، فتلفت هي يسارا ثم يمنا، بحثا عن الكرة، (للحق كانت ترقص وهي تبحث عن الكرة)، وكنت تبحث عن الكرة، في كل الاتجاهات، ما عدا قدمي (ممثل سوريالي، على مسرح من رمل)، اااااااااه، (لا تنظر خلفك بغضب)، فضحك الجميع منها، وحين رأتني (دفترني واخذت الكرة مني)، ولم أسمع صافرة، (أااااه، فانت الخصم والحكم)، وللحق لو اخذت روحي لما سمعنا صافرة، (وللحق فقد أخذتها حقا) كرة القدم تجري هنا، وهناك، كم سعيدة هي، ترتطم بصدر سلمى، ثم عجز منى، إنها ( الزين وقد تلبس في شكل كرة جلدية)، (عرس الزين، ككرة القدم)، أحسست بالسياب، كتجربة، وليس تذوق (يالتني كنت ديواني، لأفر من صدر إلى ثاني)، اكتسى شعر سلمى بحباب الرمل، والتصق الرمل ايضاء بعجز خالد، ونجود، تخلصنا من وهم الاختلاف، وهم المسافات، وهم الجذر المعزولة، صارت الحياة تعزف ايقاعها المعهود، تكسرت الحدود والفصول والارحام، وتسامت الحياة للإنسانية، الإنسان السعيد، يمارس سعادته، بعيدا بعيدا، عن سجون لا تحصى ولا تعد، خلقها الإنسان، وصار سجينا لها، حينا من الدهر...

ألتقى الجميع، في القاسم المشترك، دوما، الفرح، والطفولة، والعاطفة!!

مرة اخرى استلمت الكرة، تركض نجود نحوي (هل هل تغني أم تلعب)، أني لفي ضلال كبير، قذفت الكرة بقوة، (أصبت اصبع قدمي الكبير بفكك)، جرت سلمى نحوي (أعظم طبيب لم يقسم لأبوقراط)، أمسكت اصبع الشقي/السعيد، آلام حادة في قدمي، ولذة طاغية معاً، (أحسست بأي انثى حامل)، وهي معترك، ومفترق (آلام المخاض، وفرحة بكاء الجنين الأولى)، حقا... أني لفي ضلال كبير، بين الألم واللذة، أهما وجهان لعملة واحدة، ذات الاصبع يكبي ويفرح، ألهذا يبكي الإنسان في الفرح والحزن، الدموع قارب مشترك، (لا تججفوا دموع الفرح)، هكذا عزف بيتوفهن!!!

الكيلو، الكيلو، براح، وجمال، خمر، وخلود، تحرر من المسافات، والدور والبيوت والاسقف والضوضاء، والعادة، والمكاتب، والارشيف، والجرائد، حياة تتدفق كالنبع، كالشلال، بنفسها، بيدي لا بيد عمرو، توحدت النفوس، كما تتوحد دوما، في البسمة، والفرح، والموسيقى، وهذا هو الثالوث المقدس، يجمع الجميع في بوتقه....

الجميع منتصر، الخاسر والرابح، خرج
المكبوت، والمدنس، في حمى الكيلو، اخرجت النفوس سحب من الهم، والغم، تلاشت للأبد، ابتعلها الفرح، كما يبتلع الضوء

للمفاجأة، والجمال، وعنفوان الحياة..

يتعمق الفرح في النفوس، يتقافز الكبار قبل الصغار، تعلب الحبوبة الكرة للفتاة الجميلة، وهذه تقذف الكرة، كي تتهادى أوت، وتغرق الكرة في الساحل الرملي، (أجمل أوت، والله أجمل من كل اهداف ماردونا، أليست الأمور نسبية)، وكأن البحر استحال إلى خمر، فشربه الناس بعيونهم، فعربد الجميع، لا فواصل، اخاء فطري، لوحة رسمها الافق المفتوح والسحب البعيدة والسفن، قرى في عرض البحر، ومن الخلف الجبال، ترتل صمتها الابدي، وكبريائها، وموقف الشحانات، المحملة بقوت الوطن، وسماده، وملابسه، وكراساته، ولعبه، ومصفى البترول، الاشياء بعيدة بعيدة، كحلم، يتداخل الواقع مع الخيال، مع الحلم، لا شئ طبيعي، يغرق الناس في ذواتهم، لا مكاتب او شوارع او مكيفات او سقوف، (ألهذه الدرجة تقتل المدن الحياة، وتشل حركتها العفوية)...

الزرقة، والاطفال والحسان..

سباق، تقع الحبوبة، فتظهر بطنها، ورجلها، وعنقها المعروق والمكرمش، لوحات عظيمة، كانت مخبأة، تعرض اليوم في متحف اللوفر، في متحف الكيلو، حين وقعت نجود على بطنها، تمددت امامي، نهر النيل العظيم، بأمواجه الغنية، ألقيت نظرة عابرة لها، من الارجل والي الرأس، مرورا بساق وعجز وظهر يعرف متى ينحني ومتى يسمو، ومتى يتكور، ومتى يلتف، وكأنه يطيع أيقاع موسيقى بداخله، تعزفها جوقة الجوراح العبقرية، (فالمعجزة، هي جسد المرأة، المزين بعقل صاف، وقلب حنون)، تنهض نجود (بابل تنهض من جديد)، تمسح عن بطنها بقايا الرمل، فيسقط الرمل من بطنها، كثمر، نضج في لمح البصر، من ثقل ما لمس، (مس ملائكي).... بمقدور النمل، أن يعجل من هذه الحبيبات كعبة، يطوف حولها سبعا، ألم تنزل من السماء، من حضرة نجود.

تميل الشمس نحو الغرب، وتخرج من بطنها اشعة ذهبية، كي تزخرف الجبال تحتها، والسحب فوقها، بلوحة جميلة، عيبها الوحيد، إنها لن تمكث سوى لحيظات، كدنيا الكيلو، دنيا السحر، والحرية والبراح... والعودة إلى الطفولة، إلى جنة الطفولة، للجميع...

البحر أمامكم، والغروب خلفكم، فليس امامكم سوى الغناء والرقص والطرب الكبير!!!...

هناك، فتاة يغوص كل جسدها في الرمال، بذرة مانجو، قبر ضاحك (أليس القبر روض من رياض الجنة)، تمغض عينها، كي تفتح بداخلها (جنان كثر)، كالشعراء، تسمع اصوات الناس بعمق (ااااااااااه، كم جميلة أصوات الفرح المخلوطة بهدير الامواج وجرى النسيم)، لو فتحت عينك، أو اغمضتها، فسترى كل ما تريد!!.

هل خلقت الجذور كي تغذي الشجرة؟
بلى
أم كي تثبت الساق والفروع من عصف الرياح؟
بلى
أم هي كائن قائم بذاته، يستمتع بمص طين الأرض، كالأطفال، وكالحوامل
بلى...

هكذا بورسودان، لا تدري لم خلقت؟ سراج وضع تحت المكيال، أنها جبل كبير، فهل تطيق التسلق، أنها بحر، فهل تعرف السباحة، والغوص، أنها متاهة، مغامرة، تفتح أبوابها للهواء، والبحر، والجنون.... كوني بخير..

ألم يقل أبوحامد الغزالي
إذا سألت هل تحب الثغر، فأصمت!!
فإن قلت (لا)، فقد كفرت..
وإن قلت (نعم)، طولبت بالدليل، بالبرهان..

وللحق، لم يقل أبي حامد ذلك، ولكني مخمور، تشابه على البقر، ولكنه لو رأى الثغر، لقال أكثر من ذلك... بورسودان حلوى، والوجود لسان جائع، يسيل لعابه، ووتره، وذهنه، لمرآها...

*****
محى الغروب، كعادته المشهد...

رجعنا، للبيوت، وطيف الجميع يتراءى لي، ولازال القميص المبلول، والملتصق كالضوء، وصراخ الاطفال، وغناء عمال مصنع النسيج، يتردد في الذكرى، أأنا في حلم، أم هكذا بورسودان، أسطورة قديمة، اتخذت البيوت والجبال والبحر فساتنا لها، (فستان مبلول بالمطر الشتوي)، يظهر كل مفاتنها، كأنثى، وكإنسانه، وكحورية، خرجت من بين الموج للتو!!

من هو قائل، (أن تتعلم الرسم، يعني أن تتعلم الحياة)، ليته ذيلها (من مشئ سلمى، وركضها، وهبالتها)...
يتداخل طيف سلمى مع وجه بورسودان، كالماء في الثلج!!

عبدالغني كرم الله

Post: #77
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبد الحي علي موسى
Date: 08-15-2006, 05:46 AM
Parent: #76

سلام قولا من رب رحيم أخ محمد
وحمل طوريته ورجع وقد وجد بيته ساقط كسقوط أخلاق هؤلاء الذين صنعتهم الجباية وقد وجد عمنا عبد الرحيم أمونه:
أمونه الصباح قالتلو النعال والطرق انهرن
ما قالتلو جيب ...
شيلن يا الحبيب غشهن النقلتي
والترزي القريب
بس... يا أم الحسن طقهن آبزيد
طقهن آبفيد
وانطقن زمن وانطق الزمن
لازمك توب جديد
وبأي التمن
غصبن للظروف والحال الحرن
لكنا نحمله وطن عالي وطن غالي وطن أهلنا السمحين
رجل أم مرح , ودبدر , أزرق طيبة , الأستاذ محمود.

Post: #78
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-15-2006, 07:41 AM
Parent: #77

Quote: أمونه الصباح قالتلو النعال والطرق انهرن
ما قالتلو جيب ...
شيلن يا الحبيب غشهن النقلتي
والترزي القريب
بس... يا أم الحسن طقهن آبزيد
طقهن آبفيد
وانطقن زمن وانطق الزمن
لازمك توب جديد
وبأي التمن
غصبن للظروف والحال الحرن
لكنا نحمله وطن عالي وطن غالي وطن أهلنا السمحين
رجل أم مرح , ودبدر , أزرق طيبة , الأستاذ محمود.


وشوف بالله يا عبدالحي حميد ده مسكون كيف؟!

وشوف كمية الصلاح في أم الحسن التي رسمتها مخيلة حميد
من واقع الفقر وتماسك الوجدان على قاعدة التصوف التي
عمرت أرياف بلادي .. وسواقي البصري تسوق بسر الله المدخري
توالي تسوق .. وشاشينا لروح السنة .. عجيب أمر الدراويش
وسمو أرواحهم .. شفتهن كيف الحفاة لابسي المرقع وهم يحاصرون
الخرطوم .. كل شيخ بحيرانه على احد الثغور ..

ما كنا قايلين في حياتنا
يجينا أقسى من المضى
قبال مروق الانجليز
قلنا الظلم فات وانقضى
تاريهو كمتر وقام دقون!

Post: #79
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-16-2006, 01:42 AM
Parent: #74

Quote: فلتشكت في الوجدان شاعرية حلوة عن مدينة حلوة الطعم والموج والنساء... والتعدد، والمناخ....


Quote: يتوقف، امام مدرسة العشى الثانوية (ليته يتأخر، لأي سبب، هكذا يقول كل مراهق، أو غير مراهق)، لم ينزل احد، وركبت ثلاث فتيات، بلون لبني، واجساد، تستقل كل جارجة فيها عن الأخرى، فالرأس له سلطان، وكذا العنق، والخصر، ألخ..(حكم لا مركزي عادل)..

فتيات العشي الثانوية، اشجار تلبس البني، العيون بركة كبرى، تغرق بداخلها نوح وسيفنته، والاسنان بيضاء، تلمع الاشعة فيها كالبلور (والأغرب، أنهن لا يحسن بأنهم جميلات، يا لروعه القمر، حين يحمل بيده شنطة، وكتب، وعرق يعطر رقبته، ويترك الليل، ويعيش في النهار، كالشمس، بأن انضر، واحلى)..

هل تريد ان تتعلم الصبر؟ توقف البص فجأة، أبصر السائق امراتين خلف الشارع، مرت شاحنة، وأخرى، وبص وتاكسي ازرق، حتى عبرت المرأتين، وتقدمت الفتاة التي تجاوزها البص منذ قليل، كي تجلس بالقرب من فتى، استغل كل الحفر (وما أكثرها)، وما اروعها في الالتصاق بها (ألهذا خلق الله الحفر، البيضة من الدجاجة، ام الدجاجة من البيضة؟؟؟؟؟؟؟....


الأخ/ عبدالغني .. شكراً لك من بورتسودان .. ومدرسة العشى الثانوية .. والتفاصيل التي يسكن
فيها الجمال .. واصل وسوف أعود.

Post: #80
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-16-2006, 06:57 AM
Parent: #79

Quote: هكذا بورسودان، لا تدري لم خلقت؟ سراج وضع تحت المكيال، أنها جبل كبير، فهل تطيق التسلق، أنها بحر، فهل تعرف السباحة، والغوص، أنها متاهة، مغامرة، تفتح أبوابها للهواء، والبحر، والجنون.... كوني بخير..

ألم يقل أبوحامد الغزالي
إذا سألت هل تحب الثغر، فأصمت!!
فإن قلت (لا)، فقد كفرت..
وإن قلت (نعم)، طولبت بالدليل، بالبرهان..

وللحق، لم يقل أبي حامد ذلك، ولكني مخمور، تشابه على البقر، ولكنه لو رأى الثغر، لقال أكثر من ذلك... بورسودان حلوى، والوجود لسان جائع، يسيل لعابه، ووتره، وذهنه، لمرآها...

Post: #81
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-17-2006, 02:45 AM
Parent: #80

الأخ - عبدالغني - تحياتي لك دائماً .. وأنت تنحت دقاق المعاني
و (بابل تنهض من جديد) أحلى وأنضر .. وبورتسودان في ثوبها المبلل
الملتصق بجسدها الذي شكلته هضاب وخلجان وأودية وأرداف ..
حميد يقول (ومن فتنتك أستغفر الله العظيم) ..
الهاكم العشق .. حتى نسيتم الزيارة .. الخط المستقيم ليس أقرب
الخطوط ولا هو بأروع الخطوط .. الاستقامة حيث الإرتباك .. والا
لماذا يكون الجمال في التضاريس المعقدة أكثر .. مدن السواحل
وخصور الحسان .

Post: #82
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-17-2006, 06:41 AM
Parent: #81

Quote: يتوقف، امام مدرسة العشى الثانوية (ليته يتأخر، لأي سبب، هكذا يقول كل مراهق، أو غير مراهق)، لم ينزل احد، وركبت ثلاث فتيات، بلون لبني، واجساد، تستقل كل جارجة فيها عن الأخرى، فالرأس له سلطان، وكذا العنق، والخصر، ألخ..(حكم لا مركزي عادل)...


فاصل أمام مدرسة العشى الثانوية .. ونواصل ..

Post: #83
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Abu Eltayeb
Date: 08-17-2006, 09:49 AM

عزيزى الأديب : محمد عبدالجليل ,

ثمة تساؤلات لى , على ( بوست ) بعنوان :

( أستاذى لك حبى ) .. رأيك يهمنى ..

مامون

Post: #84
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 08-17-2006, 10:34 AM
Parent: #83

الأخ العزيز محمد
أتابع ما يجري هنا بمتعة ذات مذاق خاص.
أستأذنك في التقدم بالشكر والإمتنان لك ولكل من الأخوان مأمون، ومنصور، وعبدالغني لكلماتكم الطيبة في حقي.
ترددت كثيرا في فعل ذلك خشية أن أصرف الخيط عن مساره، وأقدمت خشية أن أكون قد قصرت في واجب الشكر تجاهكم، ودمتم.

Post: #85
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبد الحي علي موسى
Date: 08-18-2006, 05:31 AM
Parent: #84

اخ د. النور سلام قولا من رب رحيم
لك الشكر والأخ محمد والمبدع عبد الغني وبكم يصبح المنبر شعاع معرفة ضد قوى الجهل والظلام حتى يزهقه فأرجوكم المرور على خيطي
الوهابية أسلحة من أسلحة الدمار الشامل

Post: #87
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-19-2006, 02:18 AM
Parent: #84

Quote: الأخ العزيز محمد
أتابع ما يجري هنا بمتعة ذات مذاق خاص.
أستأذنك في التقدم بالشكر والإمتنان لك ولكل من الأخوان مأمون، ومنصور، وعبدالغني لكلماتكم الطيبة في حقي.
ترددت كثيرا في فعل ذلك خشية أن أصرف الخيط عن مساره، وأقدمت خشية أن أكون قد قصرت في واجب الشكر تجاهكم، ودمتم.


د. النور .. تحياتي لك .. وقد هيأنا شعورنا لقراءة مساهماتك في هذا البوست
بعد استهلالك الذي فتح لنا أفق السياحة في سماوات الجمال .. وجاءت كلمات
الشكر والإمتنان حقاً دون المستحق .. لكنه جهد المتاح من التعبير .. ونتوقع
تواصلك معنا (بالكتابة).

Post: #88
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-19-2006, 03:17 AM
Parent: #83

الأخ مأمون .. شكراً على المرور وشكرا إضافياً
على القصيدة بأسئلتها الحائرة التي تناسب
أن يوفر رابطها على هذه البوست فزواره مثلك
يساهرون بحثا عن نجم بعيد (ضواي).

Post: #86
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Hadia Mohamed
Date: 08-18-2006, 08:03 AM
Parent: #1

شكرا على هذا البوست

وتحياتى العميقة للصديق عبد الغنى


عبد الغني كرم الله"
بائعة الشاي، والجميز، والمطر،


لم أرى في حياتي ملكة متوجة، كبائعة الشاي، حاجة بتول، والتي تجلس ملكة في شارع البلدية، تحت عرشها المبارك، شجرة الجميز، وعلى يمنيها، وأحياناً يسارها، بل وفوق الشجرة، ابتنها الصغيرة فاطمة.

يسخر الله لها السحب، كي تحج نحو دارها من أقاصي الأرض، من خط الاستواء وغرب افريقيا والمحيط الهندي، وذهن حاجة حليمة يخلو من الجغرافيا، والمعلومات الباهتة، رأسها يمور بطيبة عذرية لا توصف ولا تقاوم، كل من جلس تحت عرشها الضاحك، غفرت له خطاياه، ومضى خفيفاً كالضوء، مؤمناً بحلاوة الحياة، وكأن نبوءة خاصة حلت بقلبه، وللأبد....

تأتي السحب طائعة، هينة، وقد رسمت في طريقها كل ما يحلو لها، رسمت فيلا، ثم مططت خرطومه، فبدت كشجرة، ثم كطرحه، حتى السحب ملولة كالأطفال، كأنها تغمز لكليات الفنون الجميل الاقتداء بقدراتها الخارقة...

وحين تدخل السحب وطني، وتسلم على أهله، من تحتها، كفراخ زغب تحت دجاجة حنون، تسلم علي ميري ، راعية البقر، ثم آدمو الفلاح، وخديجة الرسامة، يلوح لها الجميع، تحس بتطلعهم لسحرها، ولكنها تمضي، إنها في مهمة وطنية، إنسانية كبرى...

ومع هذا تمضي، رغم دعوات الفلاحين، والشعراء، بنزولها على أرضهم الجدباء، كي يفرحوا، ويتأملوا، ويسكروا بخمرها المباح...

بدت عجولة، كأم تأخرت على موعد طفلها بعد نهاية الدوام...

وقفت السحابة فوق سماء الخرطوم، وجف قلبها، هل الذي أمامها هم مرضى بمستشفى الذرة، أم نزلاء بكوبر، أم مجانين بعنابر التجاني الماحي، فالشوارع المكلومة، تحمل على ظهرها المتورم المجعد الهرم، كل هذه الذوات المتعبة، من كبد قديم، مكتسب وموروث، وعصى الانقراض، عصي الفهم!! أخفى من دبيب النملة السوداء في الليل الظلماء.. أعيت حكماء سوبا والسلطنة الزرقاء، وأحفادهم....

وقفت السحابة، كمظلة، فوق حاجة بتول، كي تظللها، وكي تغسل قصرها الغني الفقير...

سقطت قطرات المطر، كحلوى، كصابون، كديتول، كي تغسل اوراق شجرة الجميز، غسلتها برفق وتهمل، لا أثر للعجلة، أو حتى الملل، نشوى كبرى تغمر قطيرات المطر، فتاه تغسل كوب الشاي لحبيب وفي، تغوص القطرات برفق في شعر الشجرة الكثيف، لم تنسى ورقة واحدة، كالموت، حتى الأوراق الجافة، والمتعفنة، مسحتها برفق، وكأنها تخرج حصى من عين طفل، منهمكة كرسام، كوجهين ملتصقين، لأنثى عائدة، وفتى مسافر..

نواصل.......

عبد الغني كرم الله
الدوحة، 13/10/2005

Post: #90
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-19-2006, 05:34 AM
Parent: #86

Quote: وحين تدخل السحب وطني، وتسلم على أهله، من تحتها، كفراخ زغب تحت دجاجة حنون، تسلم علي ميري ، راعية البقر، ثم آدمو الفلاح، وخديجة الرسامة، يلوح لها الجميع، تحس بتطلعهم لسحرها، ولكنها تمضي، إنها في مهمة وطنية، إنسانية كبرى...

ومع هذا تمضي، رغم دعوات الفلاحين، والشعراء، بنزولها على أرضهم الجدباء، كي يفرحوا، ويتأملوا، ويسكروا بخمرها المباح...

بدت عجولة، كأم تأخرت على موعد طفلها بعد نهاية الدوام


شكراً جزيلا على إضافتك الجزيلة الموحية .. ولا عاصب للزغب
هذه الأيام من سيلها الجارف .. وعلى ربك الفرح والتأمل
والسكر بالخمر المباح في زمان الفيضان والسيول.

Post: #91
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-19-2006, 07:11 AM
Parent: #90

الأخ عبدالحي .. تحياتي ..
ولنتواصل على جادة دقاق المعاني
يؤرقنا توقع أوبة من تفرقت بهم السبل
ولنخلع الخشب الذي في عيوننا
لتضح منا الرؤى والرؤية .. وليهبنا
الله حكمة أن نعرف قدر نفوسنا .. فمن
أؤتاها فقد أوتي خيراً كثيرا ..
وفي إنتظار مساهماتك

Post: #92
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-20-2006, 01:38 AM
Parent: #91

Quote: سباق، تقع الحبوبة، فتظهر بطنها، ورجلها، وعنقها المعروق والمكرمش، لوحات عظيمة، كانت مخبأة، تعرض اليوم في متحف اللوفر، في متحف الكيلو، حين وقعت نجود على بطنها، تمددت امامي، نهر النيل العظيم، بأمواجه الغنية، ألقيت نظرة عابرة لها، من الارجل والي الرأس، مرورا بساق وعجز وظهر يعرف متى ينحني ومتى يسمو، ومتى يتكور، ومتى يلتف، وكأنه يطيع أيقاع موسيقى بداخله، تعزفها جوقة الجوراح العبقرية، (فالمعجزة، هي جسد المرأة، المزين بعقل صاف، وقلب حنون)، تنهض نجود (بابل تنهض من جديد)، تمسح عن بطنها بقايا الرمل، فيسقط الرمل من بطنها، كثمر، نضج في لمح البصر، من ثقل ما لمس، (مس ملائكي).... بمقدور النمل، أن يعجل من هذه الحبيبات كعبة، يطوف حولها سبعا، ألم تنزل من السماء، من حضرة نجود.


قرأت هذا النص مرتين لأكتب تعليقاً صغيرا لزوم رفع البوست .. فأرتدت
كل محاولاتي معلنة أن التدخل في تفاصيل الحدود الشائكة للبلدان
وجسد نجود أمر لا يحتمل التسرع .. وإن أعدت النظر سيخسأ البصر ..
فتوقفت مردداً (فالمعجزة، هي جسد المرأة، المزين بعقل صاف، وقلب حنون)
أو كما قال عبدالغني.

Post: #93
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-20-2006, 03:13 AM
Parent: #92

عزيزي محمد

صباح حنون ومبارك

سوف انزل الجزء الثاني من الحوار مع زميلي وأخي الشاعر الجميل والصحفي مامون، وللحق كانت اسئلته خاصة وعميقة، كعادته في التساؤل، وهل الشعر غير التساؤل، وللحق الإجابة هي الأخرى بنت السؤال، بل امتداد للسؤال، لا أكثر ولا أقل....

Post: #94
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-20-2006, 03:15 AM
Parent: #93

*
**

القاص (عبدالغني كرم الله) لـ (ثقافة السوداني): (2-2)

الكتابة كشف وتحدي، تسلق جبل المعرفة الداخلي والخارجي معاً

للكاتب عبد الغني كرم الله تجربة أثارت الانتباه، كتابه القصصي الأول (آلام ظهر حادة) صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخلق حوله زخما نقدياً كبيراً خارج السودان وداخله حيث احتفت به العديد من المنتديات والمجلات والصحف.

بروز المادة الفكرية وترابط النص بخيوط ذات طبيعة فكرية وجمالية في غاية الإحكام يشير إلى وعي كبير بالمشروع وملامحه وأبعاده، كما يشير إلى كاتب مثابر نحو إنجاز مشروع إبداعي متقدم.
الكاتب عبدالغني يعمل ويقيم بقطر منذ عدة سنوات، دارت مقابلتنا معه حول الأفكار التي طوفت في أرجاء كتابه (آلام ظهر حادة)، نشرنا الأسبوع الماضي الجزء الأول منها، هنا الجزء الثاني والأخير.

حاوره مأمون التلب

كيف تصف علاقتك باللغة؟

اللغة، هي الموسيقى، فالرعد صوت، والتغريد صوت، والخواطر صوت، وكذا الخيال والتذكر، بذرة اللغة بدت من أصوات الاشياء (جيشان، هذيان، زقزقة العصافير)، كأنها محاكاة للطبيعة، ثم فارقت اللغة لغتها الام، لتستقل كانساق وإشارات، ثم هناك عوالم لا تصلها قوارب اللغة، بعيدة عن متناول اللغة، وهنا تأتي المعاناة، على اللغة ان تمد نفسها بأحرف جديدة، وكلمات جديدة، وآليات بناء ومجازات جديدة، كي تعبر عن تلكم العوالم، لذا هناك انفعالات تعاش، ولا تحكى إلا بلسان الحال، هناك خط، ورؤي، تعجز عنها اللغة، (وفي قمتها الشعر)، فتميل للموسيقى، وتعجز عنها الموسيقى، ونكتفي بالدهشة، والخطف.
.
فاللغة أواني، لمعاني، والأواني يستحسن أن تكون جميلة، ومزخرفة، كي نسكب فيها خمر المعاني.... للغة فتنة، قد تحجب العقل، ولكن المعنى الاصيل، الرقيق، هو الذي يسكر، وهو الذي ينضح من إناء اللغة (كل إناء بما فيه ينضح)، وأحيانا، تحس بأن المعاني لا بد أن تتجسد، كي تحس فتصيغ الأواني المتعددة (اللغة، الموسيقى، الرسم، الرقص).. وكل أدوات التعبير الإنساني...

وماذا عن الأجناس الأخرى في الكتابة؟

أحب كل اجناس الكتابة، (روح السندباد مغروزة في كل كائن)، فالإنسان مكعب سحري، (يزن رطلاً، وبمقداره ان يحمل رطل سكر ورطل بن ورطل زيت،معاً، ودون أن تتداخل أو تخلط)، كذا العقل الإنسان، كالقلب، (أية قلب، قلب الأم مثلا، ومجازا)، بمقدوره أن يمتلئ بالحب و بالنور والحنان والخوف والأسرة، والأب، والأبناء والجيران، والبخور والموسيقى والإلفه، معاً...
أحب الرجوع للطفولة، محاولة لتذكر الطفولة لذة ومتعة الاكتشاف لنهر لا يكف عن الهدير (فكتبت قوت الرسام)، أحس بضلال لذيذ (خراف تثغو في حقول الغد)، الكتابة كالجوع، شيء حتمي، عليك اشباعه، وإلا ستموت إن لم تكتب، إن لم تأكل، إن لم تتنفس برئة القلم.. أو الفرشة، أو ا صابع البيانو..أحيانا، نلوذ بالرسم، بالنحت، حتى بالدندنة، فالتعبير عن الحياة، (عن كرنفال الفرح والحزن والهوان والخوف والإحباط، وكل الطيف النفسي)، تحتم شكل وجنس التعبير، في كل فرد يسعى في أديم الأرض...الكتابة شي حتمي، ولها جاذبية، تبذ الجاذبية الارضية..

كل إنسان يختلف عن الآخر، وبالتالي فكل كاتب له عاداته وأمزجته مع الكتابة، هلا حدثتنا عن بعض عاداتك؟

أفضل ساعات الكتابة هي الفجر المبكر، أو آخر الليل، الثلث الاخير، تلك العتمة، والتي تتداخل فيها الاشياء، تحس بومض فلسفي، تحس بأنك جزء من الوجود، كائن خفي يذوب فيك وفي الافق وفي الاثير نبض واحد، (وللحق لا شيء ينفصل عنا)، الطبيعة تكره الفراغ، (والجسم الإنساني مكوَّن من النبات والحيوان والاثير)، ولكن حجاب الزمن، هو الذي يفصل بين الجبل، وبأن يكون فراشة، ثم يقفز للبشر، ثم يقفز، للإنسان (فتختفي اقفاص التوحش)، وتغمر القلب احاسيس غير معتادة، على الإطلاق.
..
طقوس الكتابة، كطقوس شرب الشاي، أو الغناء، أو الانشاد، احيانا ابخر الغرفة، وأدخل في زي جميل، لملاقاة الحبيب الاعظم (القلب والعقل، يتغازلان في محراب الجسد)... وأحيانا، يأتي الالهام في الشارع، في البص، على نهر النيل، في شمس الظهيرة، فعلاً الإلهام والكتابة كائن غريب، (غير إرادي)،كضربات القلب وكالأحلام..لم اكتب؟ أهي غاية، أم وسيلة، نحيل التساؤل إلى جذر الشجرة:

هل خلقت (الجذور) كي تغذي الشجرة؟
بلى!!
أم كي تثبت الساق والفروع من عصف الرياح؟،
بلى!!
أم هي كائن قائم بذاته، يستمتع بمص طين الأرض، كالأطفال، وكالحوامل؟،
بلى!!...

نلاحظ وجود شخصيات ذات صفة شبه ضبابية تظهر على خلفية الأحداث، وهي تشير إلى أن هذه الشخصيات ذات حكمة ولغة صوفيَّة نوعاً ما، كما لا يغيب عن القارئ علاقة كتابتك بالفكر الصوفي، كيف تصف تأثير هذا الفكر على الكتابة؟

الكتابة مغرضة، لا يوجد حياد في الكتابة، كل اناء بما فيه ينضح، قد يكون النضح (عدم الحياد نفسه)، فأنا اكتب بإلهام، لا حول ولا قوة لي، وللحق أنا القارئ الأول للنص، يأتي من جهة ما، من داخل النفس البشرية، عبر معاناة، قد تكون شخصية، وقد تكون جمعية، وقد تكون متوارثة، وقد تكون هبة....
يتداخل الفعل الإرادي واللا إرادي، (الكتابة المتكلفة كالبضاعة المزجاة)، قد تصلح في مجالات، ولكن المتلقي يحس بذلك في الشعر والادب بصورة ما، لأن الكتابة هي شعور دافيء، بأشياء وأحياء تحيط بنا، أو بداخلنا، أو حتى معاني مجردة، ومن قوة وصدق الاحساس تأتي قوة النص..
(موعظة الشجرة الصامتة)، هذا نص، يدور حول الوعظ، الاشياء تعظنا بأن هناك سراً، شفيفاً يحيط بنا، كل الاشياء تعظ، وتنبه، لأمر ما، داخل الذات الإنسانية (لمن تقرع الاجراس، ولمن تغرد العصافير، ولمن تشرق الشمس وتغرب، ولمن يجري الدم في الشرايين؟.)، على كل فرد الإجابة... فالشجرة، تقف، طوال عمرها، وبعد موتها، كي تعظ، تعظ البصيرة والبصر، بلغة الصمت، بلغة التأمل، بلغة السحر، حفيفها يقول أكثر من ذلك، وتكور ثمارها، يوضح أكثر، وكذا طعم الثمر!!
ولكن كل فرد هو بطل المسرح، (الطفولة تقول أكثر من ذلك) كل فرد هو الغاية في ذاته، بمقدور الحياة أن تفعل ذلك، فالمعجزة هي غريزتها الأولى، (كل فرد، هو غاية في نفسه، وكل هذه الحيوات خلقت من أجله، هو، هو فقط)...وعلينا أن لا ننسى هذه الحقيقة، على الإطلاق، وخلق الزمن طويلاً، كي نحقق هذا المنجز، هنا، أو هناك (وهناك هذا، كائن مثال، فالحيوات تتداخل، ولكن الحواس لا تزال عمياء عن رؤية نهر الحياة، من المنبع وللمصب (ولا منبع ولا مصب، ولكن إطلاق على كلا الطرفين، وهو ماثل الآن)، ليتنا نرى!!
مع كونديرا في ما قاله عن الكتابة (أن تكون كاتباً، لا يعني التبشير بالحقيقة، بل اكتشافها)، بالكتابة كأدوات الجيولوجي، يكتب عن تحليله للتربة، للارض، للمعادن، الكتابة اشبه بالتقارير العلمية، الفكرية، تقرير يومي عما يدور حولك، وبداخلك.. ومع كونديرا ايضا، حين سئل (عن انت شيوعي)، فقال انا روائي، وسئل عن انت يساري ام يميني فقال: (لست هذا ولا ذاك، انا روائي)..
الكتابة، هي كشف، وتحدي، وتسلق، لجبل المعرفة، الداخلي، والخارجي، معاً، الجميع يحاول الصعود للجبل، كي نرى الصورة مكتملة، وليس مشاهد مبتورة، فيسفساء جزئية،... وليست شيئاً غير هذا... أحس بأنها، ممتعة، ومتعبة، ومشوشة، حين تغرق في بحرها، تخرج عن نفسك، عن المسميات، عن كثير من الحيوات، تجري وراء افق النص، حتى تضيع ملامحك، عاداتك، معتقداتك، تختفي عنك ذاتك، تغوص في النص كما لو هو الحياة الحقيقة، وخارج مجاز، تعود له لضرورات الحياة المادية الباهتة، ، تحار، وتضل، هل تخرج من النص، ام يخرج النص منك، أنت في عالم آخر، دنيا النص، جسمك صار جسماً اثيرياً، يتذوق حتى المعاني المجردة، يغوص كالسمكة في دنيا الخيال، فالخيال واقع، واقع ملموس، أكثر من الواقع الماثل، ولذا (خلقت الاحلام، وسطوتها)، فأنت تخرج من الحلم، متقطع الإنفاس، ولم تبارح مكانك، كي نستيقظ من سباتنا، ألم يقل يحيي حقي (اصح، تحرك، فقد تحرك الجماد).. ليتني أصحو من غفلتي هذه، كي أرى جوهر الأشياء، وسطحها الاملس، النقي، فالصدأ في العين، وليس في الأشياء.. فالواقع والخيال والحلم شئ، واحد، ولكن وضعنا برزخ بينهما....
في ندوة (بمنتدى محمد صديق)، أحسست بأن للنص ألف وجه، هناك من يقرأ النص، ويؤله، أجمل منك، وأروع، تحس بأن للنص حيوات، بمقدور المتلقي، والناقد، إفراغ شحنات على جسد النص، كي يعود لنضارة وحالة الإنفعال التي كتب بها، عاذر يعود من جديد، بل أنضر وأجمل، شاعرية التلقي، وفكرية النقد، فللوجه، وجوه...

Post: #95
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-20-2006, 04:30 AM
Parent: #94

عزيزي محمد

لك السعد والجمال والصحة...
هذه أول قصص اكتبها، في حياتي، وهي للذكرى، ولم تنشر في المجموعة، احتفظ بها للذكرى، والغريب (استاذي الكبير محجوب كبلو يصر على نشرها، وكذا استاذي الأديب أمير تاج السر)،


Quote:
واحد.. ثلاثة!!!


سوى المساعدة في حفر قبور لبعض الموتى، ، لا يشارك في اي عمل، ومنذ أن سكنت هذا الحي، أي قبل ثلاث وعشرون عاماً وأربعة أشهر، لم أراه إلا في ثلاث جنازات، جنازة عم حسن، وهو رجل ميسور الحال، وصاحب املاك، وقد كنت أتمنى سابقاً أن أصاهره، وشابة صغيرة، وعوض الجاك، وهو سكير، منزوياً لحاله، هادئاً، ألا أنه دائم الترديد لمطلع أغنية وحيدة حتى يسقط نائماً، وهي "طول مفارق حيو، ياأخونا كيف وأزيو" ، فقد كان آدم يتكي طوال حياته، وبالتالي طوال يومه على عمود كهرباء، وأمامه سوق خضار صغير، وخلفه سور متآكل لمدرسة متوسطة للبنات، تجاوز السبعين عاماً، لا يعرف له أهل أو بلد، ولكن تمت تسميته بآدم النضيف، ومرجع ذلك أنه يلبس ثياب بيضاء زاهية في فجر كل يوم، ولهذه الظاهرة قصة طريفة، غير القصة التي انا بصددها، فقد اتهم بأنه يسرق أكفان الموتى، فصباح أمسية دفن صالح الغرقان، تأكدت مخاوفهم، فقد أتهم بسرقة كفنه، فقد فوجئ أهل الميت في الصباح الباكر به وهو يلبس كفنه، وتفوح منه رائحة العطر الذي تعطر به الفقيد ، فعلى الصراخ والشتم، وذهب الجميع ساخطين إلى المقابر ومعهم معاولهم، وقد فوجئ الجميع بحدثٍ، لن تستطيع دوامة الحياة محوه من ذاكرة الحي، وحاجة الجنة برهاناُ كبيراً لذلك، فبعد أن نبش القبر، لم يجدوا الكفن كما هو فقط ، بل صقع الجميع حين سمعوا أنين الجثمان، وحين شق الكفن، طلع الجثمان لأمراة في خريف العمر، فيها مسحة من جمال غريب، شاردة ومشوشة الذاكرة، والتي أنتهى بها المقام تحت ظل شجرة عند سور المدرسة تستجدي المارة، ولقد أطلق عليها فيما بعد اسم حاجة الجنة، وكانت العادة أن يحلم كل أهل الحي، بالموتى الذين يشارك آدم في حفر قبورهم، وهم يحذرون الناس من السلام عليه، أو تكدير صفوه بدعوته لطعام وغيره، وكان صامتاً، ولكني كلما مررت به كان يردد [شافي أه ياشافي] ولم أكن أبالي بما يقوله، ، وفي أحد الأيام، وبعد أن غطت في نوم عميق، أيقظني مذعوراً صوت عالي، يردد " طول مفارق حيو" فقمت مخلوعاًَ لأجد أمامي عوض الجاك وبيده عصاة كبيرة، كما هو، فأزداد ذعري، فقال بجزم، قوم وبلغ سلامي الشديد لآدم، ومن هول الأمر تجمد الدم في عروقي، وقبل أن أفيق جيداً هوى بالعصا على رأسي، لأصحو في الفجر، ورأسي تؤلمني، وداور خفيف يحيط بمن حولي، فذهبت قاصداً آدم النضيف، فوجدته غـــير عادته يلبس زي أخضر، فقبل جبيني، فغمرني عطر يجل عن الوصف، وسامرني بكلام عذب هز وأسكر كل كياني، وأمسكني من يدي فهدأت أغوار في نفسي لم تسكن منذ ولدت، وسرنا في صمت نحو المقابر، ثم بدأ في حفر قبر، ولم يلبث أن جاء أهل الحي، وهناك أثر حزن عميق وواضح على أخي علي، وبعد إعداد ود الأحد ذهبنا مطرقي الرؤوس، وأصوات ثكلي حزنية تقرع الأذان، ولقدسية الوضع لم أشاء أن أسال عن المرحوم، فقد كنت في وضع نفسي، هو خليط من الحزن والغبطة والسرور الشفاف، ولكن ارتعش قلبي، حين بدأ لي أن البكاء يصدر من داري، ياتري ماذا جرى لأبنتي والتي هي الآن في بطن أمها في الشهر السابع، ولقد صدق ظني، فالكباء في داري، ولكن أضمئن قلبي حين سمعت نحيب زوجتي، وقد أكتظت الدار بالمعزيين، وتسللت مع آدم إلى غرفة المرحوم، ومن هول ما رأيت كدت أصيح لولا نظره من آدم أخرستني، فقد كنت المسجي، والدماء تسيل من رأسي، وقد لف الكفن حول جسدي، وقد اخليت الغرفة من الآثاث سوى العنقريب الذي يحمل جثماني، وقبيل الفجر كان قد تم دفني وتوارى جسماني تحت التراب، ولكن قصتي التي أحب روايتها تبدأ حين اتهم أهلي آدم النضيف بسرقة كفني، حين رؤه في فجر ذلك اليوم وهو متشحاً بــه، فذهــبوا لقبــري غاضبين لانتــهاك حرمتــه، وفعلوا به ما ذكرته لكم سابقاً، وأكتب لكم قصتي هذه وأنا تحت الشجرة، أرى كل يوم أبنتي وهي ممسكة بثوب زوجتي وهن في سوق الخضار، وتغافل أبنتي أمها وتجري إلى آدم النضيف وتقول له أنا دايره أشوف أبوي، وكان يشير لها "أبوك حاجة الجنة" فكانت الصغيرة تكاد تهوي من الضحك، وهي تصيح " أبوي أمي الجنة، ها... ها.. عم آدم المجنون... المجنون... المجنون" بينما أظل أنا أردد طوال نهاري [شافي أه ياشافي] وقد أطلق أهل الحي عليّ كما قلت حاجة الجنة، يا شافي أه ياشافي، وفي قلبي تموج أسرار الحي، ما كان وما سيكون، كنت أتمنى أن أقول لكم من هو عوض الجاك، ومن هي أبنتي، ومقام الذي ستتزوجه، ولماذا سيسرق دكان عم بخيت في ظهيرة الثلاثاء ولكن تمر أمامي فتاة مع أخيها الصغير، والذي أخرج لسانه العذب طويلاً ليسخر مني، وستتعرض الفتاة لوقت عصيب لو لم تسمع ندائي، ياشافي أة ياشافي،،،،،



مع فائق حبي ....

Post: #96
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-20-2006, 06:13 AM
Parent: #95

Quote: في ندوة (بمنتدى محمد صديق)، أحسست بأن للنص ألف وجه، هناك من يقرأ النص، ويؤله، أجمل منك، وأروع، تحس بأن للنص حيوات، بمقدور المتلقي، والناقد، إفراغ شحنات على جسد النص، كي يعود لنضارة وحالة الإنفعال التي كتب بها، عاذر يعود من جديد، بل أنضر وأجمل، شاعرية التلقي، وفكرية النقد، فللوجه، وجوه


الأخ عبدالغني .. تحياتي .. وشكراً للإضافات الباذخة ..

محمد صديق المعني هنا لو كان محمد صديق عمر المحامي .. فهو صديقي وزميلي بمدرسة أم درمان الأهلية الوسطى .. أمني النفس أن أرى منتداه بعد أن قرأت آثاره هنا وهناك..

والقصة مدهشة فآدم النضيف، شخصية موجودة في مجتمعاتنا بكثرة دون صفة النضافة التي ميزتها بها هنا لتتبعها مفارقة إستحالة كسوة أمثاله إلا بأكفان الموتى .. ورائحتها التي تحيل العطور إلى معبر نحو ذكرى الموت وهذا سر حساسيتي تجاه العطور لا سيما تلك التي تشبه (عطر الأكفان) .. والقصة بقبورها وأكفانها ذكرتني سؤال طرحته المرحومة ليلى المغربي على الشاعر الفيتوري قائلة: لاحظت أن الموت والقبور كثيرة في شعرك .. ما سر ذلك؟ أجاب: ذكر الأشياء في القصيدة أو القصة أو الرواية يعتمد مرجعية واحدة .. وهي: هل ذكرت في مواقعها الصحيحة أم لا؟ إن كانت قد ذكرت في صياغها المناسب .. فكل شيء في مكانه جميل.

Post: #97
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-21-2006, 02:31 AM
Parent: #96

Quote: هل خلقت (الجذور) كي تغذي الشجرة؟
بلى!!
أم كي تثبت الساق والفروع من عصف الرياح؟،
بلى!!
أم هي كائن قائم بذاته، يستمتع بمص طين الأرض، كالأطفال، وكالحوامل؟،
بلى!!...

Post: #98
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-21-2006, 07:27 AM
Parent: #97

Quote: يتعمق الفرح في النفوس، يتقافز الكبار قبل الصغار، تلعب الحبوبة الكرة للفتاة الجميلة، وهذه تقذف الكرة، كي تتهادى أوت، وتغرق الكرة في الساحل الرملي، (أجمل أوت، والله أجمل من كل اهداف ماردونا، أليست الأمور نسبية)، وكأن البحر استحال إلى خمر، فشربه الناس بعيونهم، فعربد الجميع، لا فواصل، اخاء فطري، لوحة رسمها الافق المفتوح والسحب البعيدة والسفن، قرى في عرض البحر، ومن الخلف الجبال، ترتل صمتها الابدي، وكبريائها، وموقف الشحانات، المحملة بقوت الوطن، وسماده، وملابسه، وكراساته، ولعبه، ومصفى البترول، الاشياء بعيدة بعيدة، كحلم، يتداخل الواقع مع الخيال، مع الحلم، لا شئ طبيعي، يغرق الناس في ذواتهم، لا مكاتب او شوارع او مكيفات او سقوف، (ألهذه الدرجة تقتل المدن الحياة، وتشل حركتها العفوية)...

Post: #178
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: د.أحمد الحسين
Date: 11-09-2006, 11:35 AM
Parent: #98

عبد الغني سررت لشعرك المنثور تحياتي لك وللأحوان في الدوحة
أحمد

Post: #179
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-10-2006, 09:49 AM
Parent: #178

Quote: عبد الغني سررت لشعرك المنثور


د. أحمد الحسين .. تحياتي .. شكرا على المرور

Post: #182
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-13-2006, 08:10 AM
Parent: #179

Quote: (هل قلت أعبر الشارع بحول مني)، اتبرأ من هذا الوهم (هناك قلق، أو هدف أسعى له، ولذا قطعت الشارع، يقودني فرس داخلي، خفي، كي اقطع الشارع، وكي أتأمل السحب، وكي ابكي، وكي أنام، وكي اغبط، وكي أكتب).. هل قلت بأني أرسم بحول وقوة مني؟!! تعجبني لوحة غوغان (من أين، وإلي أين ومن نحن!!)

Post: #99
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: hanadi yousif
Date: 08-21-2006, 07:38 AM
Parent: #97

الاستاذ / محمد عبدالجليل
تحية واحترام

وعبرك التحية للاستاذ عبدالغني كرم الله صاحب الكلمات والمفردات الجميلة الاحتفالية التي تجبرك على قراءتها اكثر من مرة لكي نغزي الفقر في المفردات المصابين به .
نشكرك على هذه الغيمة

Post: #100
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: munswor almophtah
Date: 08-21-2006, 08:33 AM
Parent: #99

تبدع دودة الغز عندماتحيل النبات حريرا ويبدع أصحاب الأنامل من يصيرون الحرير أضربا من جمال يقف عنده الخيال أدناه ربطة العنق التى لم تعد وقفا للفرنجه بل صارت تقليدا إنسانيا عالمى وأعلاه أجمل مانملك لا لذاتها ولكن لدلالتها التوحيديه الكعبة الشريفة وكسوتها التى تنتقى إنتقاء سخر له الله خلقا يحيكونه...فسخر الله لنا خلقا يخرجون حرير الكلمه مرمريا وحرير العبارة من (سندس واستبرق) قطائفا تخطف إهاب الروح كخطف الفراش بهمسها لمياثم الورود محدثة روعة إفصاحها تضميخا وتخضيب يزهل ويخرج من زهول هكذا يهمس فينا عبدالغنى بيراعه الساحر كلسع الفراش الماهر فترانا سكارى ولسنا كذلك ولكن فى جذبة لا يدرك كنهها إلا من مشت عليه فرصة يراع عبدالغنى لحظة عريها من أدران التكلف والصنعه.....................................



فلك يا محمد ولعبدالغنى السلام


منصور

Post: #101
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-22-2006, 01:39 AM
Parent: #100

عزيزي محمد
صباح حنون..

والله كم سعيد،
بتلكم المداخلات الرائعة، العميقة، الساحرة... لقد أشعلت بدواخلي، نار مقدسة..
كم حفي قلمكم بالطرب والشوق والتأمل...

فلنقي الكلمة في بركة الأحشاء، كي تثور، من سباتها القديم... فالكتابة عمل، وحفر، وتجاوز، وسهر، وحمى، ولوعة، وجوى، وتطلع، وأمل، وعلاج، وسؤال، وحيرة، وحنان...


حاسر الرأس عند كل جمال (يستشف من كل شئ جمالا)...

الكلمات جسور، تربط المتخيل، بالواقع، بالموعود، بالكائن، بما سيكون، بما كان..

جسور مع المرئي واللامرئي، والوعي واللاوعي..

Post: #125
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: اسامة كمال الخولي
Date: 09-02-2006, 06:25 AM
Parent: #100

الاستاذ/ محمد عبدالجليل

التحية لك بتسليطك الضؤ على هذا الغني الذي ما زال يهز لنا جزع الشجرة فاسكرنا بثمارها حتى الثمالة ، عبدالغني لو جلست معاه للحظات تتعثر الكلمات في وصفه ، ادب جم وتواضع ولا تخرج منه الا الكلمة الطيبة الجميلة التي تعبر عن انسان فائق الروعة يأسرك حديثه الانيق الممزوج ببساطة اهلنا الطيبين ، رباه كم هو رائع هذا السودان جادت حواء فيه بكل ما هو جميل .

التحية لاخي عبدالغني يا لشغفي لقراءة المزيد فانا في هذا البوست في حضرة عمالقة اجلاء اطرب لقراءة تعليقاتهم حتى اكاد اني اراهم ينشدون جميعاً اعذب لحن في محراب فن عزيزنا عبدالغني ، والى الامام

Post: #166
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: abuguta
Date: 10-31-2006, 04:08 AM
Parent: #100




دخلت كعادة الداخلين لحدقتكم الغناء.. قلت فى نفسى لم اخسر خلينى اضغط على البوست
فشممت رائحة عطور باريسية من زهر بنفسج ..وملقى على ارضكم تفاحة نيوتن..
اليوم تاورتنى عادة قديمة .. محاكاة العصافير وتزمجر الاسود..وزارنى شيطان الكتابة..سليل وادى عبد الغنى...على وزن وادى عبقر
سوف اسجنه فى اناء فخارى الى حين ان اجد له وقت مستقطع..
كعابرتك هذه

Quote: زمن للشعر (حواس مغمضة عن الخارج)، وزمن للعمل (حواس مغمضة عن الداخل)...


مزيدا من الابداع ..الرائع عبد الغنى..سوف اصير لك حوار ..املىء لك الابريق وافرش لك الفروة
واسن لك ريشة اليراع..

شكرا محمد عبد الجيليل صاحب الحديقة
كم اتحفتنا بما هو جميل...
انا موجود هنا
حارس للبوابة..

Post: #102
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-22-2006, 01:41 AM
Parent: #99

الأخت هنادي .. تحياتي لك ..
وشكراً للمرابطة معنا تحت نخلة عبدالغنى وهو يلقى
رطباً تفتح فينا عيون البصائر .. يعجزنا التعبير
وربما يتقاصر النظر عن روية زوايا وتفاصيل الحياة
ليعبر عنها المبدع فيدهشنا ويهز فينا التكلس
والإرتهان لماء راكد ..

Post: #103
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-22-2006, 02:29 AM
Parent: #102

Quoteتبدع دودة الغز عندماتحيل النبات حريرا ويبدع أصحاب الأنامل من يصيرون الحرير أضربا من جمال يقف عنده الخيال أدناه ربطة العنق التى لم تعد وقفا للفرنجه بل صارت تقليدا إنسانيا عالمى وأعلاه أجمل مانملك لا لذاتها ولكن لدلالتها التوحيديه الكعبة الشريفة وكسوتها التى تنتقى إنتقاء سخر له الله خلقا يحيكونه...فسخر الله لنا خلقا يخرجون حرير الكلمه مرمريا وحرير العبارة من (سندس واستبرق) قطائفا تخطف إهاب الروح كخطف الفراش بهمسها لمياثم الورود محدثة روعة إفصاحها تضميخا وتخضيب يزهل ويخرج من زهول هكذا يهمس فينا عبدالغنى بيراعه الساحر كلسع الفراش الماهر فترانا سكارى ولسنا كذلك ولكن فى جذبة لا يدرك كنهها إلا من مشت عليه فرصة يراع عبدالغنى لحظة عريها من أدران التكلف والصنعه.....................................



فلك يا محمد ولعبدالغنى السلام


منصورQuote


الأخ المنصور .. تحياني .. سأترك للأخ عبدالغني التعليق على ما أبدعت .. مع خالص شكري
وتقديري .

Post: #104
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: munswor almophtah
Date: 08-22-2006, 08:49 AM
Parent: #103

الأخ محمد ليست هى تساؤلات نطرحها وننتظر الإجابات عليها...بل لحظات من تجليات الروح لحظة عريها كما عبر شيخى الكتيابى...نأتى بها كبليلة مباشر لا نريد عليها جزاء ولا شكورا...ومن يفعل كذلك فقد ياتى بقدح زناده...وقدح داقريسه مسروفا بلبن بقرة إبداعه...زادا يظل لأولنا وآخرنا...فلكل حقبه يتشكل وجها للمعرفه يظل تراثا ينهل منه اللاحقون...ففى الثلاثينات كان التنى وعبدالله عشرى الصديق ومحمد عشرى وعرفات عبدالله وكرف...جماعة الفجر وكانوا حقا بفجر....وإشراقات التجانى ووهج المحجوب...ثم من بعدهم جاء عبدالله الطيب والمجذوب والرشيد نايل...وسبقهم كذلك أستاذهم الطيب السراج...حتى تمخضت الستينات بعباقرة الغابة والصحراء...النور أبكر ومحمدالمكى وصلاح أحمد إبراهيم والعبقرى محمد عبدالحى...ثم مدرسة الخرطوم وعمادها التشكيليون كبولا وحسن موسى وكان عبدالله على إبراهيم ومازال ودكتور حيدر إبراهيم وما برح وآخرون....ثم خلفهم خلف أبقوا الإبداع وهجا وتجلى...كفضيلى جماع وصحبه إبراهيم إسحاق وبشرى الفاضل وهاشم صديق وآخرون....كمحجوب شريف وأبوقرون...ولا نبخس سيف الدسوقى وسند حقهم فما زال عطاؤهم أخضرا...ثم جيل الكتيابى والقدال وحميد ومامون الرشيد والدوش ومحمد نجيب والتجانى سعيد...دلوكة إبداع كل جيل يشدها على شفافية طبل جيله...فيخرج إبداع جيل يظل تراثا...ونحن حيارى إلا من عبدالغنى كرم الله وعويس ومحسن خالد والبرنس وآخرون ولا ننسى ما جاءت به نونهن وما زالت نانتهن نادية ورديه فيا محمد نحن جيل الحيره ولكن سنترك أثرا ولو غضبوا.............................



منصور

Post: #105
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-23-2006, 00:22 AM
Parent: #104

عزيزي محمد
صباح غني بالصفاء والثراء..

Quote: خراف تثغو في حقول الغد!!!

لقد نسيت، فكل ما قلته عنه، لا يفي غرضي، ولكني أضيف:

لم أرَ في هذا الحي القديم، وقد يكون في كل أركان العالم، شخصاً يكره بني آدم مثله، أكثر من هتلر، ولكن بشكل مختلف، أو كما يكره النور الظلام، فهما لم يلتقيا، فلم أر نوراً يحادث ظلمةً، ولو ثانية واحدة، منذ أن خلق الله الزمان والمكان والموت والشعر، الخ...

ولهذا السبب، بسبب بغضه الشديد للحيوانات الآدمية، فهو لا يصحو إلا ليلاً، بعد أن يغطَ آخر حيوان، بشري، في نوم عميق، ويلم قرونه ونباحه وتهوره، ويدخل حظيرة النوم، ويغلقها عليه....

كم جميل هذا النوم، إنه يطفئ نار هذا الحيوان الدعي، بماء النعاس، لسلطانه قوة، يبثُ النعاس في جوف بني آدم، ويسحبه بحبل غير مرئي، إلى عالم اللاشعور الغريب حقاً، إلى قبر السرير، فتهمد جوارحه المفترسة، وتسكن.... بل تتخذ شكلاً إنسانياً، حتى وجه القاتل، يبدو في النوم كطفل، لا حول له ولا قوة (حتى في قتله)، كثمرة البرتقالة في ضوء الغروب...لا تهدد أحداً، بل تسكر... فهي لا تسبُ أحداً، بل مشغولة بتكورها الجميل، ومذاقها الأجمل، وبطلاء قشرتها، بلون، يخرج عن كونه لوناً...ويدخل في زمرة الكائنات الحية، كالشعر، والتنهيدة، والبسمة....

(ينام ملاكاً، ويصحو ثوراً)...

هل رأيت رجلاً يكذب (قال لي) وهو نائم، بل ترتخي عضلاته، وخاصة عضلات الوجه المكشر، ترتخي، وترتخي، وكأنه يستمع لهدهدة، تغنيها أمٌ روحية، بداخله، تغني له (أنت سيد، والكون شعر).... ترتسم على الوجوه النائمة هالة من ألق، تحيل كل البشر، كل الحيوانات الآدمية، إلى أطفال لم يتجاوزا سن الدهشة، الدهشة حتى من صوت الحمير، وتكرر الأيام،.. ألهذه الدرجة تبدو الحياة قاسية، حتى يكشر بني آدم وجوههم من هولها ومناخاتها وهمومها... فيدخلوا عوالم النوم، كاستراحة محارب...

وأغرب ما فيه (هذا الرجل الليلي)، أنه كثير الكلام عن (الأرداف)..

إن الأمواج تشبه أرداف منى.......
وكل يوم يتعجب من أرداف (عشة)، وكأنها بلاستيك، لستك، في لونها،وخامتها...
وللحق هو يعرف كل الأرداف في الحي، معرفة تامة، بشكلها، وبثورها، وشاماتها....وأحجامها....

النوم كائن اشتراكي، رحيم، يشبه الموت، ولكن سيفه، ليس بحاد، بل غير مؤذي، يذبح كل الذوات، برفق كالشعر، كي يجتازوا، برزخ الحياة الدنيا، إلى الحياة العليا، الحياة الداخلية، المنسية، أو المجهولة، لست أدري.. وهناك تتفجر بطولاتهم المنسية، يسافرون للغد، ويرحلون للأمس البعيد، فالمعجزة أسُ الحلم...

وفي الفجر يطلق النوم، من حظيرته، كل الحيوانات الآدمية، الهائجة، لجمع القوت، والاستغلال، والتكبر، والادعاء...والابتعاد عن الشعر..

يظل صاحياً، كقلوب البشر، والأمهات، (نوم الغاشم عبادة)، هكذا يدندن..

وفجأة يضحك، في بهموت الليل، ضحكة تنتصر في الليل الساكن، على حفيف الأشجار، ونقاط الزير، ولو قيض لها أن تخلق في النهار، لما سمعها أحد... النهار يشرد الأصوات الطبيعة، من حظيرته، إلى قبة الليل...

يضحك، وهو يتمتم، لأنه يريد أن يتكلم والضحكة لم تنتهِ بعد، (والله لو جبت كيس ومليته موية، دي أرداف فوزية)، وللحق أيضاً، هو رجل مستقيم، بالفطرة، ... ضحكت لوصف فوزية... حقاً، كما قال...

(النهار يقتل صوت الطبيعة)، فهو يحب سماع الشخير، والتنهيدات، يتوقف أمام الأبواب، كي يسمع التنهيدات، وبكاء الأطفال، (هذه الأصوات تغذيني، تغذيني،)....

الحياة لا تنام، الطبيعة لا تنام، ينام الحيوان فقط، والمرأة يجب أن لا تنام، هي قلب الحياة النابض، القلب لا ينام، حتى في القبر، يظل ينبض، وينبض...

لو ملص جابر سرواله، وجميع أهل المدينة، لمدت الغابة ظلالها، للحيوانات، ذات القدمين، واليدين، واللسان الطويل، والتي تعزف بحيرة البجع، كالعصافير، تغرد، بصوتها الجميل، وبداخل منقارها، حبة قمح قتيلة، أو دودة تحتضر..

هل تحب الضوء أم النسيم؟

النسيم، (قلت له)

ضحك، (أرداف منى حتى النسيم يتلاعب بها، يدفرها، فترقص كالأغصان)،
ثم واصل، صوته، وحفيف الأشجار، وخطواتنا، فقط تهيمن على الأثير:

(قلت اِنك تحب النسيم، فالنسيم يحب الحركة، والضوء يحب التأمل، عادتي، أن أدخل غرفتي، وافتح الشبابيك، فيملأ النسيم الغرفة، ثم أفتح الضوء، فيملأها أيضا، ولكنه لا يطرد النسيم، الضوء يملأ الغرفة، وكذلك النسيم، معا، روحان حللنا بدناً، الضوء جميل، ومتواضع، وسريع، وذكي، لا يحرك الأشياء، يتركها على سجيتها، يزيل عنها غبار الظلام، كي يتأملها، ولكن النسيم يحب الحركة، يحب الرقص، يحب التغيير، يبعثر الأوراق، ويتلاعب بشعر فاطمة، وبأرداف منى، بالستائر، يحب الفوضى، يحرك الأشياء بفوضى فطرية، إنه طفلي، طفل شقي، يعوزه الصراخ، ولكنه يرفس، ويهدأ، إنه طفلي الوحيد، بلا أم، كالمسيح، بل أعجز، فلا أم ولا أب له، أحيانا تمر ساعات، وأنا أبحث عن مسودة قصيدة، أدخلها الطفل، غير المرئي، بين جدران الحائط والمكتبة، ولكن الضوء هادي، يحب التأمل، ورغم سرعته الهائلة، فهو لا يثير ضوضاء، كالنسيم، ولا صوتأً، كأنه يقلد الروح، كأنه يرى الأشياء كاملة، لا تستحق سوى التأمل، كيوجي، لا يميل إلى التغيير... بل تأمل لوحة الحياة الكاملة...إنه يؤكد بديهة "ليس في الإمكان، أحسن مما كان"، ولكن بأسلوب ثوري هادي، وليس بمذاق الاستلاب الحزين)...

(من يعشق يرى في الظلام، يرى الغد، وما بعد الغد، وكل الأيام الفائتة).....

كان الحي يغط في نوم عميق، ذوات وذوات وذوات، شاويش خلع بدلته، ونام، عصفور ترك غصنه، وغاص في جسد الشاويش، للنوم معجزات كثيرة، لا تحصى، كبداية الزمن، وكنهايته، فالنوم يفتح أبواباً كثيرة، أقصرها، باب على الحياة في الماضي، وآخر على الحياة في المستقبل، و ثالث على جنة الروح، كي تستعيد طلاوتها... الآن، وليس غداً، نهرب من الأشياء الماثلة، لشئ غائب... بل الجنة الماثلة، لجهنم غائبة...

مررنا.... بل مرَ بنا ثلاثة أشخاص (قد يكونوا حرامية)، قد.. قال ( لا ضير منهم، الليل كالشعر، يحيل قوت الأسد إلى الأغاني)...

(اِن كنت تكره أحداً، فانظر له وهو نائم، لا شئ، لا حول له، جردت منه التكشيرة، والعنف، يده لا تمتد، حتى لكوب قهوة، ساكن، ساكن، كرهبة القبور، وروعتها....)

سينتهي مصير بني أدم، إلى ضوء وبخور، ولهذا خلق ا لله الزمان والمكان يركضان،.. دوماً...عبر الأسابيع والشهور والسنين والقرون، من أجل هذا الهدف السامي.

مررنا بدار سعاد (إنها تحلم بك، في وضع غريزي لذيذ)، وللحق حين قابلتها في اليوم التالي، كانت تنظر لي بخجل عميق، طلعت بذرته من ذلك الحلم، قلت له (كيف أكون معك، ومعها في الحلم، أنا شخص واحد، أم شخصان)..

بل (أنت أكثر)، قالها بثقة علمية بحته، لليل سطوة على المفاهيم، وله نبض خاص، يفرضه على الذوات البشرية، أحسست حينها، بمسميات (أرواح، أشباح).. ماثلة أمامي... معاني مجردة كثيرة، وقد تجسدت... كلها..

وبعد أسبوع، أو أكثر، حلمت أنا. ... بذات الحلم، فأحسست، بأن حياتنا، كلها، صدى لحياة أخرى (أين، وكيف، ولم)، لست أدري..

مرَ طائر بجوف الليل، (أنه مصطفى سند)، هكذا قال لي، (أنت أكثر)، رددتها في خاطري...بل وأكثر وأكثر.. قالها (حدس في داخلي)...

وكأنه مصاب، بحساسية، من رائحة بني آدم (حيوان مفترس)، حتى في خواطره، فهو يعطس بكل جسمه، لو رأى آدمياً، ما عدا الشعراء، (اِنهم طيور من السماء، نزلت كي تغرد، فوقعت في شرك الجسد، لشيْ في نفس الملائكة)...

أما علاقته بالأرداف، فلأنه كان تمرجياً، ممرضاً بالمركز الصحي للحي، كان يضحك من الأرداف، ولهذا فُصل...

كم حيوان هذا الأدمي، لو تعرى، واهتزت أرادفه في السير، كالشيتا، والقرود..

إنه يعالج بالشعر، تمرجي مجنون، ويرى بأشعة الشعر، لا بأشعة أكس، يرى كل الأشياء، القلوب والعيون، والأرداف، (ويتوقف عندها، لأنها تتحرك وترقص عند الرحيل، وهو يكره الرحيل، فكل الأشياء كامنة بالأحشاء، كلها، فلمَ الرحيل)... لقد صوَب السهم نحو العدو...

كم حيوان..لم يبتل بماء الليل...الليل شاعر... شاعر كبير!!!

سكن الليل، وبدأ الطفل يثور، النسيم، وتحول إلى رياح، تفزع سيقان الشجر، بعد أن كان يدغدغ أوراقها، وثمارها برفق، برفق يمر على نهد بل، حلمة الثمرة، الشجرة، المرأة...

(أسكت)، قالها لكائن حي.... فسكنت الرياح، وعادت طفلاً، طفلاً وديعاً.....

فسرنا، حتى نهاية الحي، نهاية الليل....
أنا شماسي، أعمل في صبغ الأحذية، وهذا هو المعلم الكبير، نساهر معاَ، في خمر لا صحو منها...

وللحق، حين أقلب طرفي في نقده، أحسُ بحبه، لبني آدم، بل أعمق، كما توبخ الأم الطفل الملطخ ببرازه..

لو ازداد الصمت، فسوف نسمع صوت الحياة، حتى الموسيقى يجب أن تسكن، وضربات، كي نشرب الصوت البعيد، صوت الحياة الساكن، الصامت، الحي، الرحيم، اللطيف، السعيد، البهيج، النقي...

النوم مملكة الله، فهذه الفتاة (أشار إلى أجمل حسناء، وهي نائمة بلا شك، إلا إذا كانت عاشقة تتأوه)، الآن تطوق بألقها الخاص سعد الجنايني، الحلم أوسع، وأرحم وأعمق، الليل يعادي، الليل ملاك، يساوي البشر، كالموت، والروح، وجنة المقابر، والبسمة....

أنزلق، كل الأشياء الجميلة تأخذ غرة، فالأرض تدعونا منذ حين للجلوس، أو الدفن تحتها، كالبذور، أو القبور، إنها تلحُ، (الأرض تدعونا للجلوس بإصرار)، جلسنا، نظرت للحي، من زاوية غريبة، فنحن لا نتوقف كي نرى الشوارع من كل زاوية، كانت الشجرة، ترسل أفرعها من جانب، وفي الجانب الثاني حاصرتها جدران الغرفة، فبدت الغصون وكأنها تسترق السمع لما يجري في الداخل، مررت بهذا الشارع أكثر من ألف مرة، ومرة، ولكني لم أمر به، أقسم بذلك... لأني لم أرَ الشجرة تسترق السمع لتأوهات منى وجابر، وتحكُ غصونها، وتنتفخ ثمرها، بالمذاق الطيب..

نبح كلب، لم يرتعد جسمه، تعجبت (بخاطري)، فردَ وبخاطره أ يضاً (نحن خارج مملكة الأرض)، فهو دائما ما يكرر (الليل اِكسير)...

هتلر كان ينام الليل، لذا يصحو كالثور، كلَ فجر، وأحيانا يرسم لوحات جميلة، لأن الأرق غير عادته الذميمة، النوم طوال الليل...

(حاول أن ترسم قطاَ مسالماَ)، هكذا ردَ عليَ، حين شكوت له من ألم في يدي اليمنى، (رسمه بالفحم فقط)، أتمَ جملته الأولى، فهو يتوقف عن الكلام، وكأنَ ملاكاَ بداخله يوحي له، وهو يترجم فقط (سأظلُ أترجم لكم، حتى تتقنوا لغة الشعر)...وحينها ستفطموا، عن التوحش الدفين..

(فليكن القط المسالم على حائط سعد)...

رسمت القط، شيْ ما يجعلني أسيره، قط نائم في سكون تام، وقد اقسم كلُ من رآه (هذا القط لو استيقظ فلن يأكل الفئران، بل سوف يتأمل الحياة، وسوف يعيش على غذاء التأمل فقط، مثل الملائكة)...

أما زهرة الصغيرة، فقد سمت القط باسم (عزوز)، كعادة الأطفال في التعامل مع الأشياء كأحياء، فالقط نائم على جدار منزلهم، وكانت تنزع حذاءها عند قدومها من المدرسة، كي لا تزعج القط (وبهذه الطريقة سيتجاوز نوم أهل الكهف)، بل قد لا يصحو أبدا، فحياة الحلم أوسع، وأكبر...

لن يموت القط، كلذة الشعر، تقفز لذة الشعر من قرن لآخر، من جسد هوميروس للمعري، والبياتي، لأبنائي، لا تأخذها سنة ولا نوم، خالدة أبداً..

(.... اللسان لا يحتاج إلى عين كي يتذوق الموز، كنت أرسم في الظلام، حتى الرسم لا علاقة له بالعين، فاللوحة تدخل من باب العين فقط، وتركض وتركض وتركض، فرحة جذلى، كي تصل إلى عشِها في شجرة القلب، فالعين باب، باب صغير وقصير جدا، تحني اللوحة ظهرها، وتتقزم، وتلمُ جسدها وسحرها، كي تدخل من باب العين الضيق، كي تدخل باحة القلب، وهناك تفرد أجنحتها، والتي تخترق جدران المكان المطلق، فاللوحة أكبر من المكان، كالشعر، تبدأ حيث ينتهي الخيال، والتذكر.....)

مررنا بالسوق، لم يتكلم، كل الروائح لم تثرْ فيه شيئاً، بدا حزيناً، كأنه أحس بخسارة كبرى، بشيء عظيم مجهول، ومهمل..

وحين مررنا بالمرحاض، مرحاض السوق، توقفنا، بل توقفت معه، أحسَ بأنَي مرغم على محاكاته، أكبر من محاكاة الظل للعود، كان ينظر لأسفل المرحاض، (كل هذه الأوساخ مرت كالسهم في جسد بني آدم، مرت بفمه، وخرجت بشرجه، ومع هذا لم تقتله، بل جعلته يخلد للأرض، وليس في خلده أي بديل لها، وكأنَ الجوع كائن أبدي، كالإله، لا يموت)...

توقَف ليرقص مع شجرة، بل ترقص معه، فأغصانها تقلد حركته المبهرة، فغصن كان يقد رأسه، وآخر يديه، وثالث شعره، والثمار، توهجت كقلبه.. الرقص هو خروج الشعر من القلب إلى الجسد، كخروج الزهرة من البذرة... (قل بأنك مسكون بشجرة، وليس بروح شريرة، أنا مسكون بشجرة، أقدامي تمص أملاح الأرض، وروحها، اِنها جذور، وليست أقداماً، رغم المشي والخطوات)....


.......(هل انغرزت في قدمك شوكة حادة، فتركت كل اهتماماتك، كي تحدق في باطن قدمك، وتكتشف رقته، ولونه المميز عن بقية الجسد، وتشعباته، وتعاريجه، كي لا يترنح الفرد وأحسست بأنه جزء غريب عنك، رغم أنه لم يفارقك قبل ميلادك، فقد خرج مع رأسك ويديك وقلبك من خلوة الرحم، نحن لا نهتم بأجسادنا كما ينبغي، كم الطاقات مودعة فيها، نائمة كأهل الكهف، لمن تدق الأجراس، لك أنت وحدك، حتى صوت الرعد، لك أنت، كي تصحو، من يقظتك الكاذبة،، هاهي الشوكة الحقيرة، تدق جرس عضو منسي، مهم، وجميل، بطن الرجل، فيكفيها، أنها تحمل على ظهرها هذه الجوارح التي لا تكف رغباتها عن الشروق، ليلاً نهاراً، وكي تستخرج الشوكة، بعد أن تضامن كل جسدك بالألم والاهتمام بهذا الجزء المنسي المكلوم...)

لقد نسيت أن أقول لكم اسمه!!!

ولكني تذكرت، (مقولته) بأنَ بيد الغد، سكيناً حادةً، تذبح كل الكائنات الحية، بما فيها الجبال وهدير الموج، تشفي وغرام، كي ينتشلها ملاك الموت، من جهنم الجاذبية الأرضية، وسنة التجاعيد، وغريزة الجوع، والفراق، والضلال، وسرب آخر، من أنين لا يحصى، ولا يفنى، إلا بالميلاد الثاني العظيم!!..

(ملاك الموت، ملاك رحيم، وإلا لمَ دخل الجنة، خالداً فيها أبداً، فهو حين ينزل لقبض روح، لا يترك الجنة خلفه، بل بداخله، وحوله)..

مرة أخرى نسيت ذكر اسمه، بل أنساني!! ولكن:

كان يقتفي آثار كائن ما، بداخله!!

Post: #106
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-23-2006, 00:35 AM
Parent: #105


عزيزي محمد

إن نصوص (منصور)، للحق كنت اود الرد عليها، ولكني وجدتها مثل كل المداخلات هي (نصوص قائمة بذاتها، تفرض شهوتها وكرنفالها ومجدها في كل حرف، بل كل نقطة من الحرف، والله، وللحق استمتعت بها وجرى الخيال بما جرى..بالثراء والموسوعية والتذوق والعمق... فلزمت الصمت، والدهش والخطف، وتلك حال المغلوب على أمره، في التعبير عما يرى...
وللحق العقل السوداني ملئ بالمدهش واللذيذ، مجرد تراثنا وحكاوينا اليومية والشعبية تحمل الكثير من ثراء الإنسان ومآله (ياود بدر من الفقر)، تقولها أمي، كمقولة بسيطة، طازجة، وهي تعني فما تعني، صيرورة الحياة، وعمقها وجمالها، حين رحل أخي الأكبر للبرزخ، جاء الأهل من كل فج عميق، وأذكر جد لنا جاء من أعماق الشمالية، للنيل الازرق (العسيلات)، أحسست بثراء منقطع النظير، جاء بعد رفع الفراش، كبير في السن، حنون وجميل، أخرجنا له العنقريب والللحاف في عراء الروح والسماء، فحدثني حديث بسيط، وساذج، لجاء لأخي وهو لم يراه، فقط كي لأنه من أهل أبي الراحل أيضا خارج عجلة اللليل والنهار، شدني هذا الرجل، ساهرت معه في حديث بين ا ذن مستمتعة، وفم خبير، وحنون وبسيط.. رائحة ثوبه، كلماته، نظراته، بساطته، (أين الشعوب من هذا التصرف الفطري)، أحس بضلال الطريق، ضلت الشعوب الطريق للانعتاق والفطرة..

ثقافة شعبي، غريبة وعميقة، وساذجة، (ناس آخرة، كما يقول استاذي دالي)...والله لمن أقرأ (طبقات ود ضيف الله)، بحس بثراء الإنسان السوداني، والمنجز الروحي والتحقيقي الذي جسده في ملتقى النيلين، فتحوا أبواب الكمال على مصراعيه.. تحدثوا مع الشجر، وأحيوا الموتى، وانزلوا فكرة الإله للحم والعظم..
عن أي شي اتكلم عن استاذي النور..
أم محمد
أم منصور، والمأمون..

Quote: الأخ محمد ليست هى تساؤلات نطرحها وننتظر الإجابات عليها...بل لحظات من تجليات الروح لحظة عريها كما عبر شيخى الكتيابى...نأتى بها كبليلة مباشر لا نريد عليها جزاء ولا شكورا...ومن يفعل كذلك فقد ياتى بقدح زناده...وقدح داقريسه مسروفا بلبن بقرة إبداعه...زادا يظل لأولنا وآخرنا...فلكل حقبه يتشكل وجها للمعرفه يظل تراثا ينهل منه اللاحقون...ففى الثلاثينات كان التنى وعبدالله عشرى الصديق ومحمد عشرى وعرفات عبدالله وكرف...جماعة الفجر وكانوا حقا بفجر....وإشراقات التجانى ووهج المحجوب...ثم من بعدهم جاء عبدالله الطيب والمجذوب والرشيد نايل...وسبقهم كذلك أستاذهم الطيب السراج...حتى تمخضت الستينات بعباقرة الغابة والصحراء...النور أبكر ومحمدالمكى وصلاح أحمد إبراهيم والعبقرى محمد عبدالحى...ثم مدرسة الخرطوم وعمادها التشكيليون كبولا وحسن موسى وكان عبدالله على إبراهيم ومازال ودكتور حيدر إبراهيم وما برح وآخرون....ثم خلفهم خلف أبقوا الإبداع وهجا وتجلى...كفضيلى جماع وصحبه إبراهيم إسحاق وبشرى الفاضل وهاشم صديق وآخرون....كمحجوب شريف وأبوقرون...ولا نبخس سيف الدسوقى وسند حقهم فما زال عطاؤهم أخضرا...ثم جيل الكتيابى والقدال وحميد ومامون الرشيد والدوش ومحمد نجيب والتجانى سعيد...دلوكة إبداع كل جيل يشدها على شفافية طبل جيله...فيخرج إبداع جيل يظل تراثا...ونحن حيارى إلا من عبدالغنى كرم الله وعويس ومحسن خالد والبرنس وآخرون ولا ننسى ما جاءت به نونهن وما زالت نانتهن نادية ورديه فيا محمد نحن جيل الحيره ولكن سنترك أثرا ولو غضبوا


هذا ثمار... نقي، ماهل، بهي..
أما النص المقبل، والذي قرأه لي أخ الأديب والشاعر والمسكون بجمال الإطلاق مامون، للأخ منصور، يكفي التعجب والاطناب الذي قاله مامون عبر الهاتف...

Quote: Quoteتبدع دودة الغز عندماتحيل النبات حريرا ويبدع أصحاب الأنامل من يصيرون الحرير أضربا من جمال يقف عنده الخيال أدناه ربطة العنق التى لم تعد وقفا للفرنجه بل صارت تقليدا إنسانيا عالمى وأعلاه أجمل مانملك لا لذاتها ولكن لدلالتها التوحيديه الكعبة الشريفة وكسوتها التى تنتقى إنتقاء سخر له الله خلقا يحيكونه...فسخر الله لنا خلقا يخرجون حرير الكلمه مرمريا وحرير العبارة من (سندس واستبرق) قطائفا تخطف إهاب الروح كخطف الفراش بهمسها لمياثم الورود محدثة روعة إفصاحها تضميخا وتخضيب يزهل ويخرج من زهول هكذا يهمس فينا عبدالغنى بيراعه الساحر كلسع الفراش الماهر فترانا سكارى ولسنا كذلك ولكن فى جذبة لا يدرك كنهها إلا من مشت عليه فرصة يراع عبدالغنى لحظة عريها من أدران التكلف والصنعه.....................................


كان أخي مامون يقرأ في شاعرية منصور، ودفق كلامه، وحسه، والله كم سعيد وسعيد وسعيد بمعرفة هذه الحدائق، والكمالات والحقول الخضراء...
وللحق احس بأن الوطن ملئ بالجمال والأبداع، وفي زيارتي اللسودان فوجئت بإبداع مدهش، لذيذ عميق، زي ما بقولو ا المعاناة تولد الإبداع، زي العبقرية الروسية في زمن الإقطاع، وشعر العرب في الجاهلية الأولى..

عميق شكري أخي منصور، وأن تضئ فضاءات في دواخلنا المعتمة...
لمنصور، سلام سلام، وجمال وحب وهيام... تذوقنا تلكم الحلوى، والتي لا ينفد عسلها الصافي النبيل..

Post: #107
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-23-2006, 03:58 AM
Parent: #106

Quote: عزيزي محمد

إن نصوص (منصور)، للحق كنت اود الرد عليها، ولكني وجدتها مثل كل المداخلات هي (نصوص قائمة بذاتها، تفرض شهوتها وكرنفالها ومجدها في كل حرف، بل كل نقطة من الحرف، والله، وللحق استمتعت بها وجرى الخيال بما جرى..بالثراء والموسوعية والتذوق والعمق... فلزمت الصمت، والدهش والخطف، وتلك حال المغلوب على أمره، في التعبير عما يرى...
وللحق العقل السوداني ملئ بالمدهش واللذيذ، مجرد تراثنا وحكاوينا اليومية والشعبية تحمل الكثير من ثراء الإنسان ومآله (ياود بدر من الفقر)، تقولها أمي، كمقولة بسيطة، طازجة، وهي تعني فما تعني، صيرورة الحياة، وعمقها وجمالها، حين رحل أخي الأكبر للبرزخ، جاء الأهل من كل فج عميق، وأذكر جد لنا جاء من أعماق الشمالية، للنيل الازرق (العسيلات)، أحسست بثراء منقطع النظير، جاء بعد رفع الفراش، كبير في السن، حنون وجميل، أخرجنا له العنقريب والللحاف في عراء الروح والسماء، فحدثني حديث بسيط، وساذج، لجاء لأخي وهو لم يراه، فقط كي لأنه من أهل أبي الراحل أيضا خارج عجلة اللليل والنهار، شدني هذا الرجل، ساهرت معه في حديث بين ا ذن مستمتعة، وفم خبير، وحنون وبسيط.. رائحة ثوبه، كلماته، نظراته، بساطته، (أين الشعوب من هذا التصرف الفطري)، أحس بضلال الطريق، ضلت الشعوب الطريق للانعتاق والفطرة..

ثقافة شعبي، غريبة وعميقة، وساذجة، (ناس آخرة، كما يقول استاذي دالي)...والله لمن أقرأ (طبقات ود ضيف الله)، بحس بثراء الإنسان السوداني، والمنجز الروحي والتحقيقي الذي جسده في ملتقى النيلين، فتحوا أبواب الكمال على مصراعيه.. تحدثوا مع الشجر، وأحيوا الموتى، وانزلوا فكرة الإله للحم والعظم..
عن أي شي اتكلم عن استاذي النور..
أم محمد
أم منصور، والمأمون..



الإخوة عبدالغني ومنصور ومأمون ودكتور النور وجميع ناظمي الخيط .. تحياتي لكم وأنتم تثرون هذ الخيط ببديع المعاني ..

قبل أربع سنوات .. في الرياض جاء الروائي الطيب صالح والشاعر محمد الحسن سالم حميد وتجمع سوانيي المهجر
في إستراحة فسيحة بأطراف الرياض .. كان الأستاذ/محمد المهدي حامد يقدم المتداخلين في حفل التكريم لبعض الرموز الثقافية والإدبية .. كان مبدعاً في تقديمه .. يتحدث بنفس ثقافي رصين .. قدم الشاعر حميد .. ليقرأ
قصيدته الرائعة السرة بت عوض الكريم:

مره لا بتلاوز لا بتخاف
زي الضفاف الما بتهاب
ضنب التماسيح والكلاب

تصدقوا يا ولادي بقيت
أبيت الليل ممحنة
في التميرات القدر
فوق راسه ما خمت سبيط
غلبه الجروره الفوق ضهرنا تنزله
دي كم سنين الحال وقف
قطه وحلف
كان بوشنا في حش التمور
الليله دوشنا مع اللقيط

قبال مروق الانقليز
قلنا الظلم فات وانقضى
تاريهو كمتر وقام دقون

جات تقوم
نتق العنقريب الحنين طرقته
مديت يميني أساعده
مدت يساره تباعده
قالتلي أبوي
أحفض ضراعك للبلد
أحفض كرامتك يا ولد
الموت ولا العيش المهين
ده زمن ضلالة زمن حقاره
أوانطجية زمن مهين
وكان ما قدرته على ده أبوي
ربلك دقين .. وضحكنا زييين

بين حميد ومحمد المهدي أعترت الدهشة حتى مبدعنا الطيب صالح ولم يتوقف عن التصفيق
وعندما جاء دوره قال:

هذا شعب عجيب شعب مبدع .. في السودان بإمكانك أن تمد يدك وتجر أي زول فتجده مبدعاً
حتى أفراده العاديين مبدعين بأشكال شتى .. تلقى الواحد ريال ما عندو ومشنق طاقيتو
وحاقب عصايتو فوق كتفو وما هاميهو أي زول .. هذا أمر غريب .. والسرة بت عوض
الكريم من تلك النماذج .. وأضاف .. لو حاول الإنسان أن يعرف من أين لأهل السودان
بهذا الثراء الوجداني .. يمكن أن يجد الإجابة في أن هؤلاء البشر التصقوا بالأرض
أصغوا لأصواتها للأرض أصوات تحتاج درجة عالية من التركيز والصفاء .. وهي أصوات
موحية تلهم الإنسان الحكمة ..

Post: #108
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-24-2006, 05:29 AM
Parent: #107

Quote: هذا شعب عجيب شعب مبدع .. في السودان بإمكانك أن تمد يدك وتجر أي زول فتجده مبدعاً
حتى أفراده العاديين مبدعين بأشكال شتى .. تلقى الواحد ريال ما عندو ومشنق طاقيتو
وحاقب عصايتو فوق كتفو وما هاميهو أي زول .. هذا أمر غريب .. والسرة بت عوض
الكريم من تلك النماذج .. وأضاف .. لو حاول الإنسان أن يعرف من أين لأهل السودان
بهذا الثراء الوجداني .. يمكن أن يجد الإجابة في أن هؤلاء البشر التصقوا بالأرض
أصغوا لأصواتها للأرض أصوات تحتاج درجة عالية من التركيز والصفاء .. وهي أصوات
موحية تلهم الإنسان الحكمة ..

Post: #109
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-26-2006, 02:59 AM
Parent: #108

Quote: الأخ محمد ليست هى تساؤلات نطرحها وننتظر الإجابات عليها...بل لحظات من تجليات الروح لحظة عريها كما عبر شيخى الكتيابى...نأتى بها كبليلة مباشر لا نريد عليها جزاء ولا شكورا...ومن يفعل كذلك فقد ياتى بقدح زناده...وقدح داقريسه مسروفا بلبن بقرة إبداعه...زادا يظل لأولنا وآخرنا...فلكل حقبه يتشكل وجها للمعرفه يظل تراثا ينهل منه اللاحقون...ففى الثلاثينات كان التنى وعبدالله عشرى الصديق ومحمد عشرى وعرفات عبدالله وكرف...جماعة الفجر وكانوا حقا بفجر....وإشراقات التجانى ووهج المحجوب...ثم من بعدهم جاء عبدالله الطيب والمجذوب والرشيد نايل...وسبقهم كذلك أستاذهم الطيب السراج...حتى تمخضت الستينات بعباقرة الغابة والصحراء...النور أبكر ومحمدالمكى وصلاح أحمد إبراهيم والعبقرى محمد عبدالحى...ثم مدرسة الخرطوم وعمادها التشكيليون كبولا وحسن موسى وكان عبدالله على إبراهيم ومازال ودكتور حيدر إبراهيم وما برح وآخرون....ثم خلفهم خلف أبقوا الإبداع وهجا وتجلى...كفضيلى جماع وصحبه إبراهيم إسحاق وبشرى الفاضل وهاشم صديق وآخرون....كمحجوب شريف وأبوقرون...ولا نبخس سيف الدسوقى وسند حقهم فما زال عطاؤهم أخضرا...ثم جيل الكتيابى والقدال وحميد ومامون الرشيد والدوش ومحمد نجيب والتجانى سعيد...دلوكة إبداع كل جيل يشدها على شفافية طبل جيله...فيخرج إبداع جيل يظل تراثا...ونحن حيارى إلا من عبدالغنى كرم الله وعويس ومحسن خالد والبرنس وآخرون ولا ننسى ما جاءت به نونهن وما زالت نانتهن نادية ورديه فيا محمد نحن جيل الحيره ولكن سنترك أثرا ولو غضبوا

Post: #110
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: munswor almophtah
Date: 08-26-2006, 03:51 AM
Parent: #109

جاء زكر الطيب صالح ذلك اللصيص القليص الذى قال بنت مجذوب أكثر من بنت فى الواقع وبنت مجذوب وأخيها نجدهم فى كل مجتمع بنفس اللسان الذى يعشق التمباك ويخرج لغة كلحم الباجبار زفرة تظل كذلك حتى لو بقيت إلى يوم الدين على الناروملكته فى وصف أصواتها ملكة جهاز التسجيل الذى يسجل الأصوات كماهى ويعيدها كما هى حين نجتره فالطيب صالح كجند سليمان ظل بسحره عندما ذهب عرش سليمان..............................




منصور

Post: #111
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-26-2006, 07:16 AM
Parent: #110

جاء زكر الطيب صالح ذلك اللصيص القليص الذى قال بنت مجذوب أكثر من بنت فى الواقع وبنت مجذوب وأخيها نجدهم فى كل مجتمع بنفس اللسان الذى يعشق التمباك ويخرج لغة كلحم الباجبار زفرة تظل كذلك حتى لو بقيت إلى يوم الدين على الناروملكته فى وصف أصواتها ملكة جهاز التسجيل الذى يسجل الأصوات كماهى ويعيدها كما هى حين نجتره فالطيب صالح كجند سليمان ظل بسحره عندما ذهب عرش سليمان..............................
منصور المفتاح

الاخ المنصور - تحياتي - تحدث الطيب صالح في نفس الحفل عن السرة بت عوض الكريم
التي تناولها حميد شعراً .. قال عنها أنها نموذج مثل بت مجذوب .. قال عن السرة
أنها إمرأة عظيمة واثقة من نفسها .. وتمتلك وعياً فطرياً قوياً وفعالا .. تمشي
به وتمارسه بين الناس .. هذه نماذج تستحق الدراسة المتأنية ..

Post: #112
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-26-2006, 08:23 AM
Parent: #111

Quote: وللحق العقل السوداني ملئ بالمدهش واللذيذ، مجرد تراثنا وحكاوينا اليومية والشعبية تحمل الكثير من ثراء الإنسان ومآله (ياود بدر من الفقر)، تقولها أمي، كمقولة بسيطة، طازجة، وهي تعني فما تعني، صيرورة الحياة، وعمقها وجمالها، حين رحل أخي الأكبر للبرزخ، جاء الأهل من كل فج عميق، وأذكر جد لنا جاء من أعماق الشمالية، للنيل الازرق (العسيلات)، أحسست بثراء منقطع النظير، جاء بعد رفع الفراش، كبير في السن، حنون وجميل، أخرجنا له العنقريب والللحاف في عراء الروح والسماء، فحدثني حديث بسيط، وساذج، لجاء لأخي وهو لم يراه، فقط كي لأنه من أهل أبي الراحل أيضا خارج عجلة اللليل والنهار، شدني هذا الرجل، ساهرت معه في حديث بين ا ذن مستمتعة، وفم خبير، وحنون وبسيط.. رائحة ثوبه، كلماته، نظراته، بساطته، (أين الشعوب من هذا التصرف الفطري)، أحس بضلال الطريق، ضلت الشعوب الطريق للانعتاق والفطرة..

Post: #113
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-27-2006, 06:54 AM
Parent: #112

Quote: فلنقي الكلمة في بركة الأحشاء، كي تثور، من سباتها القديم... فالكتابة عمل، وحفر، وتجاوز، وسهر، وحمى، ولوعة، وجوى، وتطلع، وأمل، وعلاج، وسؤال، وحيرة، وحنان...


حاسر الرأس عند كل جمال (يستشف من كل شئ جمالا)...

الكلمات جسور، تربط المتخيل، بالواقع، بالموعود، بالكائن، بما سيكون، بما كان..

جسور مع المرئي واللامرئي، والوعي واللاوعي..

Post: #114
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-28-2006, 00:20 AM
Parent: #113


عزيزي محمد
هاهو نص، من الكراسات القديمة، حيث الشك والارتياب والقلب، مراهقة فكرية، وتساؤل، حفظته السطور الأفقية للكراسات العربي... للذكرى والتاريخ (....)...
مع عميق حبي..

Quote: - شمس في عتمة الليل!!!

هل رأيت الشمس؟
- بل كنت أتصبب عرقاً.
- جيد أذن رأيت الشمس، وجرى هذا الحدث في عتمة الليل.
- بل كان في عز الشتاء، وفي غرفة مظلمة، وكأنها فتحت جدرانها لكل الاحتمالات، كي تضئ جانب معتم من الحياة.
- ثم انك رأيت بروك شيلز عارية.؟
- بلى.
- هي نفسها، أم معجزات الحلم لا تحصى.
- لا أدري، ولكني بعثت لها بإيميل وصفت فيه خريطة ظهرها كاملا، وأردافها، وكانت الخريطة طبق الأصل، كما جاء في ردها.
- هل تغادر الأرواح الأجساد في الحلم.
- بل جاءت بجسدها، ألم أقل لك بأني رسمت خريطة لظهرها، بكل انحاءاته وشاماته.
- هل جريت في الحلم.
- بلى
- وهل طاردك كلب.
- أحمر اللون، وكنت خائفاً بمعنى الكلمة.
- وجريت بسرعة 2 كيلو في الساعة وهي = تساوي صفر، لأنك لم تجري أصلا، كما تصببت عرقا، كيف انخدعت الغدد كي تفرز العرق في درحة 5 في المائة فقط.
- لا أدري، جرى كل هذا داخل السرير وتحت الملاءة وفي ظلام دامس.
- حين هجم عليك الكلب كنت في الطابق السابع وكنت تجري في حقول خضراء، كيف حدث هذا؟
- نعم.
- وأين ذهب ركام العمارة، أو اختفى؟
- لم أرى ركام حولي، بل لم أشعر بذلك، فالاحساس في الحلم يختلف، فالبيئة تختلف.
- هل تحس بأنك كنت (أنت نفسك، ام شخص غيرك).
- بل أنا نفسي..
- وكنت بكامل قوامك، عينيك ورأسك وحواس؟
- نعم، كنت اشم وأحس وأرى، وأخاف وأتلذذ.
- وحين تتعب؟
- كنت أذهب لأنام.
- ألم تكن نائما أصلا؟
- بلى... ومع هذا كنت أتعب في الحلم، وأذهب لأنام.
- وحين جاءتك بروك شليز، لم تكن هي نائمة في تلك اللحظة، بل كانت تقوم بدور فتاة غجرية في احد الأفلام.
- للحق جاءتني بشعر غجري، ورغم العرى، لم أحس أنا ولا هي بأن هناك خطيئة.. للحلم بيئته.
- هل تتصور الحياة في الحلم كالحياة في اليقظة؟
- يتراءى لي.
- وكيف صحوت؟
- بحادث مؤلم، كنت أهوى من عل، فصرخت، فخرجت من الظهيرة والكلب والحقول إلى غرفتي المظلمة الباردة.
- ومن قال أنك صحوت؟
- ها أنا صاح، وأحس واشعر وارى.
- وفي الحلم ألم تكن صاح وتحس وتجري، وتستلذ برؤية تلكم الأمريكية الحسناء.
- .......!!!
- أنظر هذه الشمس، والإلة ذو ال99، والخرطوم المترامية الأطراف، والفقيرة، والهوس الكاذب، والموت، والمقابر، إنها جزء من الحلم، من الكابوس.
- ولم أسم الإله 99 أسم هنا.
- كي تصحو وتعرف الاسم المائة، وهو الأهم.
- وكيف أصحو..؟
- كما صحوت من الحلم الأول.
- بحادث مؤلم..
- بلى.
- تقصد الموت.
- إحتمال..


حوار، كي اقنع نفسي، أحس بأن الكتابة تعنى بإيجاد يقين لنفوس ضالة، تخلق الشخوص كي يقنع قلبك عقلك، من خلالهما... وهل يتم ذلك؟

Post: #115
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-28-2006, 06:53 AM
Parent: #114

الأعزاء – مأمون/عبدالغني .. تحياتي
القراءة والنظر بعين القلب أمر ممتع
تتراجع كوابحه باستمرار .. بعض
الأحلام نتمنى ألا تنتهي .. لتخرج الروح
من دائرة القيد الثقيل ..
كان الشاعر جميل صدقي الزهاوي
شاعراً عظيماً .. وثورياً أحبطه
الواقع .. فطفق يحلق في الآفاق
البعيدة للمخيلة .. ويخلق
العالم الذي يشتهي ..
رأى الجنة والنار .. والشمس في زمهرير
ليل الشتاء .. لم ير تضاريس ظهر بروك شيلز
(وجهاً لظهر) .. ولكنه رأي (الشمس
تطلع من ظهر حبيبته) .. ورأى
جماهير الفقراء تمسك قدرها بيدها
وتصوغه بالشكل الذي يشبع
أمانيها .. (وتزغرد الجارات والأطفال
ترقص والصغار) .. رأى الثورة في
حلم مالت فيه موازين القوى لصالح
الفقراء بشكل مطلق ..

عندما كنت طفلاً كنت أتعاطف مع فاطمة .. التي يطلق
عليه الناس اسم (درمة) من باب التحقير
ربما .. لا يعرف عنها الناس إلا أنها
فقيرة تقف عند البئر لتنزل الدلاء عن النساء
اللائي لا يستطعن بسب الهزال أو المرض
وبعضهن لأن وضعهن الاقتصادي يسمح
لهن باستخدام درمه .. كانت تجمع ما يكفيها
وأبنها الصبي المتخلف (حماد) كانت
عروق وجهها وأياديها أظهر من تلك التي
على أيدي الفلاحين ووجهها فرح على الدوام
كانت تغني أثناء عملها القاسي بصوت
يبدو لي منسجماً وجميلاً .. ربما كان سيجاز
من أول معاينة لو تيسر لها أن تطرق باب
الإذاعة .. وفي أحد الأيام السود ضاع عنها حماد
فشحبت درمة وغابت عنها ابتسامتها الصافية
وأصبحت تضعف وهي تنتزع الدلاء من البئر
ولم تعد تغني ولم نعد نأتي من المدرسة لسماع
أغانيها عالية التطريب .. حتى ظهر حماد
بعد عدة أشهر .. لا أدرى من أين ولا كيف؟
ولكنه عاد .. ومعه تواصل غناء درمة
بأبدع وأفرح مما كان ..

درمة البرش ماها (ماءها)
كسه النعيم جاها

حتى الكواكب سجدت بغير
ظهر .. لتبشر سيدنا يوسف عليه
السلام بما سيكون .. ينعكس المستقبل
على خشبة مسرح أصحاب الرؤى ..
بعض الأفكار التي يلهمها الحلم
تتقاصر عنها فهوم العباقرة في اليقظة
.. الحواس منافذ للمعارف .. ولكن
في سدها تركيز لحواس القلب
والرؤى التي مناخها الطبيعي
حيث تخبو مثبطات الحواس ليتحرك
الوجدان بكل القوى الروحية الموجودة
فيه وتنبلج القوى الخفية التي تتحقق بها
ذرى الكشف..

Post: #116
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-29-2006, 00:22 AM
Parent: #115

Quote: حوار، كي اقنع نفسي، أحس بأن الكتابة تعنى بإيجاد يقين لنفوس ضالة، تخلق الشخوص كي يقنع قلبك عقلك، من خلالهما... وهل يتم ذلك؟


في حوارنا مع الواقع، هنالك حواجز مثل جدار
الفصل في فلسطين .. أسلاك شائكة وأخبث ما
أبدعته التقنية من راصدات .. في الكتابة
نحلق ونصلى (صبح الخلاص حاضر) في القدس .

Post: #117
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-29-2006, 00:22 AM
Parent: #115


عزيزي محمد عبدا لجليل كتب:
Quote: عندما كنت طفلاً كنت أتعاطف مع فاطمة .. التي يطلق
عليه الناس اسم (درمة) من باب التحقير
ربما .. لا يعرف عنها الناس إلا أنها
فقيرة تقف عند البئر لتنزل الدلاء عن النساء
اللائي لا يستطعن بسب الهزال أو المرض
وبعضهن لأن وضعهن الاقتصادي يسمح
لهن باستخدام درمه .. كانت تجمع ما يكفيها
وأبنها الصبي المتخلف (حماد) كانت
عروق وجهها وأياديها أظهر من تلك التي
على أيدي الفلاحين ووجهها فرح على الدوام
كانت تغني أثناء عملها القاسي بصوت
يبدو لي منسجماً وجميلاً .. ربما كان سيجاز
من أول معاينة لو تيسر لها أن تطرق باب
الإذاعة .. وفي أحد الأيام السود ضاع عنها حماد
فشحبت درمة وغابت عنها ابتسامتها الصافية
وأصبحت تضعف وهي تنتزع الدلاء من البئر
ولم تعد تغني ولم نعد نأتي من المدرسة لسماع
أغانيها عالية التطريب .. حتى ظهر حماد
بعد عدة أشهر .. لا أدرى من أين ولا كيف؟
ولكنه عاد .. ومعه تواصل غناء درمة
بأبدع وأفرح مما كان ..


وعزف أيضا:

Quote: الكواكب سجدت بغير
ظهر .. لتبشر سيدنا يوسف عليه
السلام بما سيكون .. ينعكس المستقبل
على خشبة مسرح أصحاب الرؤى ..
بعض الأفكار التي يلهمها الحلم
تتقاصر عنها فهوم العباقرة في اليقظة
.. الحواس منافذ للمعارف .. ولكن
في سدها تركيز لحواس القلب
والرؤى التي مناخها الطبيعي
حيث تخبو مثبطات الحواس ليتحرك
الوجدان بكل القوى الروحية الموجودة
فيه وتنبلج القوى الخفية التي تتحقق بها
ذرى الكشف..

Post: #118
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-29-2006, 00:55 AM
Parent: #117


مسلمات: نص لم يكتمل: وظل كأطلال:

Quote: 1))
مدخل أولي:
كل ما نعلمه.... هو...
)إنها حزمة ظنون).. ت. إليوت..

***

مدخل: مسلمة (الحجر)، اي حجر، سمه (معطى)، أو مسلمة، كما تشاء، فالأمر سيان عندي، وبدأنا بالأشياء (الصلدة)، كي تحال، غازاً، تذروه أهون نسمه...

***

طيب (الحجر)، أي حجر، معروف، شئ متماسك، ويعرف صلادته بغريزته، وتحكمه (كما اتصور)، طاقات تكون تلك الصلادة، سواء جاذبية نووية، وفيزياء الكم، وروابط أخرى، (بمقاييسها المعروفة)، ولكن للنار رأي أخر، فهي تهدم كل الاشكال، وتحطم كل الفرضيات، فهي تحيله، وبلهبها الشاعري، المؤذي، إلى كائن سائل، ثم تتمادى في طمس هويته، إلى غاز، وكأنه لم يكن، ومع هذا نؤمن بالمسلمات ، هكذا تفعل النار بحجر كان له شكل، ومرسى، وكيان، ومثل (النار)، (ضياء الفكر)، فو ينسف المسلمات، ويطارد الكلمات (كي يخرج منها دلالات ناضرة، وجديدة)، يعني معاني جديدة لمباني معروفة...


فالفحم، والماس (تقديم الفاضل على المفضول)، من مادة واحدة، ولكن (تبلورت في ظروف مغايرة)، ومع هذا (يسيل لعاب الحسان للثاني)، وتسيل دموع أمي (من الأول، وهي تخلق لنا شائ الصباح، في الكانون)..ومع هذا الأصل (الواحد)، تباينت طباقتهما، فلا ماركس يوحد بينهما،ولا الأحزاب الأنشط من عقلها... (برجوازية الماس، وبروليتاريا الفحم)، وكأن غريزة الحياة، هي التي تسعى في ذاك الطريق...

كل المسلمات، والمعطيات، والحتميات، حين نطاردها بالأسئلة، أو نتأملها كرهبان البوذية، والمتصوفة، أو حتى قعدة شاعرية تحت شجرة بائعة شاي، أو عقيب حالات هدوء خاطفة، وذكية، ولا شعورية، تنهار، وتخر عروشها، فلاشئ ثابت، سوى (التحول)، حتى الإله، وتصوره في العقول، يقفز من مقام لأخر، (فإله الحلاج) الرحيم، لا يشبه (إله ابن تيمية) الباطش، والنيل في نظر (خالي التربال)، يناقض (نيل التجاني بشير الشاعر)، رغم وحدة الموضوع، وعطر الياسمين، تشمه أختي محاسن بلذة آسرة، وتعطس منه (جارتنا)، من حساسية وراثية، حتى الأنوف نسبية، ناهيك عن العقول (سراج المعرفة في ظلمة الوجود)، فنحن نعيش في رمال متحركة، نظرتي (للعجلة ام بدال في الطفولة)، أكبر من إعجابي (بدسكفري، الفضولي، لجس نبض السماء المجهولة)، وداء النسيان، يطمس، ويحمو كالبشاورة كثير من الحوادث والانخطافات اليومية، حتى انطمست ذواتنا، وتحجرت حواسنا، فلم نعد (جذلان يركض في حقولكم كالنسيم مدندنا)، عشان كدة، بدعونا الاخ جوستاف يونج (كي نعيد الطفل السحري)، النائم بدواخلنا، كي نستعيد نشوى، تلمس الاشياء باضطرام لذيذ، فالتحول يمارس سطوته، غير العادية، يخرج مواليد من الارحام، ويدفع أخرى لجوف القبر (القبر روض من رياض الجنة)، هكذا تقول الحكمة الغريزية (ناهيك عن قول المصوم الجميل)، والماء هذا الكائن الشعبي، المحبوب، عيون المايكسروب تراه عبارة عن هايدروجين في حضن اكسجين، وبلون لا علاقه له ب(سائل لا لون له ولارائحة)، والله فيهو جنس لون، (يمكنكم أن تشموا الهواء، هكذا يقول بوذا لتلاميذه) وفيهو جنس ريحة، ولكن (صم بكم عم)، تحتوينا، وكلمة وطن (ماذا تعني)، التراب، أم الذاكرة، وياربي أبونا أدم كان ساكن في ياتو قطر، وكيف ترك اولادو يهاجرو، ويغيرو لهجتهم، وشكلهم، ودينهم، وجيناتهم كمان (التحول سيد الموقف)، وبإلقاء نظرة سريعة لخريطة العالم للعالم الفذ (الادريسي)، والله تضحك لم تقع على قفاك، فقد رسم (لا ننسى الظرف والسياق)، جبوتي لصق اندونسيا، أما امريكا واستراليا، فلا يدري (هو)، هل خلقها الله أم لا.... ومريض الهذيان (ملك في مملكته الوهمية)، فهو يربط كل احداثيات وانفعالاات الوجود به، فلم تطير طائرة، أو ترك، أو تتحرك مظاهره، وإلا في سبيله هو (ومن قال عكس ذلك)، ألم تقل الآية (سخرنا لكم مافي السموات والأرض)، أليس الإنسان (بطل المسرح)، وهو الغاية، ولا غاية سواه، وفي الأحلام (حتى الكوابيس)، تتخذ الحياة شكل ثري وغريب ومدهش، وعصى الفهم..


(مسلمة، أخرى)

(الماضي، الحاضر والمستقبل )

نحس، بل نعلم، بل نتيقن بأن نهر الزمن، يجري من الماضي للمستبقبل، مرورا، بجسر الحاضر، الآن، و لكن حين خرفت (حبوبتي)، أحسست بأن الماضي، كله، حتى ملامح ابنائها، يمكن أن تمسحها بشاورة من سبورة ذاكرة حبوبتي....
فهي تسلم علي، 17 مرة في الساعة (حسب قلقي ودخولي وخروجي من الغرفة)، وتسلم علي بمتعة فائقة، ولا ترى في الكون سوى اللحظة الحاضرة، وهي لحظة متجددة، فهي تضحك للنكتة الواحدة مليون مرة، وترحب بنا بين بداية البرق ونهايته، إن كان للبرق عمرا، وقد غاب عن (حبوبتي)، الماضي كله و(المستقبل كله)، فهي لم تطرح (في خرفها الجميل)، أي مشاريع مستقبلية، (حا أعمل كدة، وكدة وكدة)، كما انها لا تذكر، ولو أحداث الدقيقة الفائتة...

ماهو الزمن، يقال بأنه كائن هلامي، وهو ذو شكل هرمي، قمته في (اللحظة الحاضرة)، ثم ينزلق رأس الهرم للماضي، والمستقبل، عشان كدة لحظة التجلي (قلب الوقت)، تحس بالماضي والمستقبل، (وليس بالغيب بضنين)، ولاشك نحن نرى كل الأشياء، في الماضي، كل شئ هو الماضي، فالمشمس نراها بعد 8 دقائق من شروقها (الاشعة كسلانة تصل لشبيكة العين بعد 8 دقائق بسم الله الرحمن الرحيم)، وأي شئ بنراها بعد مدة، ولو قصيرة، مايكورثانية، فمتو ثانية، وهلم جر....

ثم يأتي حديث المعراج، وهو حديث طويل، وجميل، وساحر (وهو رحلة تحاول تتبع رحلة الحياة من المنبع للمصب)، كشف عن عيني فرأى الرسول الجنة (وهي مستقبل)، وسلم النبي على موسى (وهو ماضي سحيق)، وهكذا تكشف لنا الاحاديث لغز الزمان...

وهناك حالات فريدة، وقدرات لبعض الناس، تكشف لغز الزمان، أحقا يسير من الماضي للمستقبل، أم أ نه نهر، الماضي والحاضر والمستقبل موجود، ويمكن ارتياد ذلك المستقبل، تقول السيدة خديجة، عليها السلام، بأن النبي، وقبل النبوءة، (لم يرى رؤية، وإلا جاءت كفلق الصبح)...

Post: #119
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-29-2006, 07:56 AM
Parent: #118

الأخ – عبدالغني – تحياتي .. في حلقة تلفزيونية قبل ثلاثة أيام مع
الفنان بادي محمد الطيب .. سؤل عن لماذا يصيح ويخرج
صوتاً أثناء الغناء .. فرد بادي قائلاً لمقدم اللقاء: عاوزني أنفجر ..

ت.س. إليوت : (كل ما نعلمه .. هو .. إنها حزمة ظنون) يا لفخامة
العبارة .. مربط فرس شطحات البشر منذ الخطيئة الأصلية
وبداية العصف الذهني والكدح بحثا عن المعرفة في فضاء
(كالدائرة كلما اتسعت زاد محيطها وزادت المجاهيل حولها) ..
وتتواصل المسيرة والإلهام وينفتح الأفق على اللانهائي ..
سيراً سرمدياً .. يقوده جدل الفكر وهو يسقط على الأرض
المتحركة (فلهب النار الشاعري الناعم يحيل الصخور الصماء ..
سوائلا مائعة أو غازاً لا يدركه ضعف الأبصار ولا قصر مداها
وهي تنكفيء مثل عبدالكريم على اللحظة الراهنة) ..

البرجوازية والبروليتاريا من نفس واحدة في خنادق متقابلة،
(والفحم يطهو عليه الفقراء والماس يزين أعناق الغيد الحسان
وكلاهما من مادة واحدة) .. ثابت واحد هو عدم الثبات ..
في عالم يتوسل بالمقيد لإدراك المطلق وما هو ببالغه .. كل
يكدح ويعمل أدواته لينال حظه .. فالنيل لمن بذر البذرة في
الأرض بعد أن جعل إتكال آمال أطفاله داخل قبر هذه
البذرة .. غير نيل أتخذه متيم قبلة لمناجاة من يحب .. فقيمة المنظور
رهن بالناظر والمُقيَم بالمقيِم .. ما أبأس العقول والقلوب عندما تخبو فيها
خلايا الدهشة والإستنفار ، تركد وتصم، تصبح محض مضغة
وقتما لا تعود قادرة على استعادة خبراتها ومعارفها القديمة ليتم إختبارها
على الواقع الثابت المتحرك .. وتمهيد الطريق للصفق الأصفر يتساقط
.. ما أذكي ريش ذغب العصافير الذي يخترق الجلد كما تفلق الحبة الصخرة .. ليغدو
ريشاً على جانبي العصفور يفردهما ليمهدا لجسمه الواهن بالخروج
من ربق أخطار لا مهرب منها إلا بسلطان .. ربما كان بوذا
ملهماً يستكنه المعاني والغايات .. لا ينشده عند التركيب
الكمي البليد .. جسد الثعبان لدن ومدور ولا يقوى على الزحف
المباشر على الأرض حتى يكتسب الحماية الذاتية فيشق ثوبه لينطلق
ملتمساً طريقه عارفاً بعدوه وصديقه زاحفاً وهو يختزن
كل أسلحة الفتك بأعدائه لا يضيره أنه يزحف ويتلولو .. فهو
يقفز حتى يطير أو يكاد .. ويلتف ويطلق السم الزعاف ..
ويبقى الإنسان هو المفكر والحالم وغاية الوجود ..

عبدالكريم الذي ذكرته أعلاه .. أحد أقاربي .. لم يفقد الذاكرة تماماً لكنه فقد الاهتمام
بالماضي والمستقبل .. تمحورت حركته في اللحظة الراهنة ..
دباً فرحاً .. لا أدري إن كان هذا خرفاً مبكراً .. ولكنه
ومنذ أن فقد الإعتمادية على أسرته إنكفأ على ذاته ..
وأصبح فرحاً بلا تاريخ .. ولا مستقبل .. تحدثت معه
عن سلبية مثل موقفه هذا!! فرجع إليّ صدى صوتي بلا زيادة
ولا نقصان .. ولم يرف له جفن .. نظرة تستنكر نقدي له ..
أليس مجيء الرؤية كفلق الصبح هو نبوة وإن لم تعلن ..
أيولد الأنبياء أنبياء .. والشعراء شعراء .. أم يتبوءونها
كفاحاً إرادياً ..

Post: #120
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-30-2006, 01:22 AM
Parent: #119

Quote: وهناك حالات فريدة، وقدرات لبعض الناس، تكشف لغز الزمان، أحقا يسير من الماضي للمستقبل، أم أ نه نهر، الماضي والحاضر والمستقبل موجود، ويمكن ارتياد ذلك المستقبل، تقول السيدة خديجة، عليها السلام، بأن النبي، وقبل النبوءة، (لم يرى رؤية، وإلا جاءت كفلق الصبح)...

Post: #121
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 08-30-2006, 01:57 AM
Parent: #120


نظرة..
أخي، محمد، إنهانظرة طفل ل...

Quote:
نظرة!!

الجميع يحسدونه، فهو الوحيد الذي لم يحول نظره عني، وهم اكتفوا بنظرة واحدة، لم تشفي غليلهم، ولكنه واصل النظر، مستمتعاً برؤية أغرب واقبح منظر، نظرة هي خليط من التقزز والاشمئزاز والازدراء والتعجب، نظر لرأسي الأصلع، ثم تحول ببطء مرسوم كي يتأمل أعظم قبح، قبح متقن، ومخيف، تجلت فيه عبقرية التناقض والهلوسة، وكأن الاشمئزاز لم يكن معروفا، إلا كمعنى، فأراد أن يكون معروفا، كائن حي، كالشجر والقمر، فصنع قالباً من نفسه، من الهلوسة، والكوابيس الليلية، ثم صب لحم رخو فيه، فكان وجهي وبطني وأرجلي وليده الأول، والأخير..

ثم تحول بصره، وببطء إلى عنقي وبطني (المنتفخ والجائع معاً، كحامل بعشرة أطفال)، ثم انزلق نظره إلى أرجلي (رأس نعامة، وبطن فيل وارجل معزة)، قد تكون هذه الخاطرة جرت بذهنه (لا اشك في ذلك)، مرت بالصالة فتاة جميلة، أحنى رأسه يساراً، حتى لا يفوته شئ، لم يتحمل أن تغيب صورتي عنه جزء من الدقيقة، هي فترة مرور هذه الحسناء، والتي لم يعيرها أي اهتمام، لأول مرة القبح ينتصر على الجمال، لقد حسده الجميع، فهو الوحيد في هذه الصالة، اقسم بذلك، الذي يستمتع بفعل ما يحلو له، في متابعة أقبح لوحه رسمتها الطبيعة في رحم امي، ثم خرجت احمل اللوحة في كل جسدي، ليته قسم فضوله، وشجاعته لهم، كي يشبعوا فضولهم القتيل، بداخلهم، برؤية اقبح مخلوق، حتى يعرفوا كيف يكون القبح، حين تفقد الاشياء ملامحها ومواصفاتها (من الذي وضع المواصفات، والمعايير)، حقا ما هو الجمال، وماهو القبح؟ ولم تتولد لذة فطرية من القلوب حين نرى القمر، أو الفتاة التي أزعجت هذا الشقي قبل قليل، ولم يتولد الخوف، والفضول والاشمئزاز، في رؤيتي، ماذا يدور بخلد هذا الشقي، لم يحيل بصره عني، ولو طرفة عين، (كيف تجمع كل هذا القبح في هذا الوجه)، كأن تحشر جبل في بيضة حمام، وجه صغير، أصغر وجه بشري، ويحمل أكبر قبح، كان يمكن ان يكون محتملا، لو كان على رأس طفل وليد، ولكنه يقف على جسد تجاوز الخمسين، كأن الإله بدأ بخلق نعامة، وحين اكمل رأسها، غير رأيه فخلق بطن فيل، ثم غير رأيه ايضاً حين وصل للأرجل، فخلق أرجل معزة، فجاء الشكل العام (رأس نعامة، وبطن فيل، وأرجل معزة)، أكبر تناقض في أصغر حيز.

ماهو الاشمئزاز، ماهي اللذة، كلاهما تخرجان من الجسد، اللذة تخرج من الجسد، كبسمة، كفرح، كتهليل، كالصحة، والاشمئزاز يخرج من الجسد كالعرق، كالبراز، كالسعال، كتقضيبة الجبين، ولكن العقرب لا تحس بقبحها، بل تغازل زوجها، (قيس ولليلى الحشرات)، بل يحترق سمها (على وزن دمها)، حين يغيب زوجها، ماذا لو حدث خطأ غريزي، فصارت اللذة تخرج وتعتري الجسد حين يرى الصرصور، والعناكب و (يراني)، ليس هذا صعبا على الطبيعة، فمريض الحساسية يعطس ويسعل من رائحة الصندل، ليس صعبا على الحياة ان تبدل غرائزها، وألا لانقرضت طيور البومة، لو نفرت منها ذكورها، (فما أجمل البوم، في عيون البوم)...
ازدحمت الصالة، وهو لم يجد مناص من النظر إلى، فقد دخلت مجموعة، جاءت من السفر، كي تصافح المنتظرين، حجبوا عنه الرؤية، يجمع بيننا شئ قوي، عتيد، إنه القبح والتعجب، عيونه متعجبة، وشكلي قبيح، في ذهنه مثال للجمال، وفي وجهي معول هدم تمثاله الذهبي، الذهني... في قلبه خوف كامن، وفي و جهي مثير للخوف.. أنه بلاشك مستغرب (حيوان غريب، يلبس بنطال وقميص)، وليس صوف أو وبر، قبح خارج مملكة الليل والنهار، والذاكرة والخيال..
فجأة رأيته، فقد وجد ثغرة بين غابة السيقان، فجلس على الارض، نزل من الكرسي، الجميع يختلس النظر لي، أما هو فقد اخذ حقه كاملاً، كل الاسهم كانت من نصيبه، وكأنه ممثل لهذه المجموعة الجالسة، فقد خففت عنهم ألم الانتظار، يبدو أنه حدد وشخص مصدر الخوف، أمن الجميع، فوجه نظره نحو مصدر المباغتة، مصدر الخوف.. الخوف، كي لا يلدغ.. أمتلأ جسمه، حتى وقفت شيعرات رأسه، احتراما للخوف، لتعرض الحياة الفطرية لخطر، لكل فعل رد فعل، في الاشياء والاحياء، فالمادة ظل الروح، وإلا لم اقشعر الجلد من الخوف، ولا طرب للغناء، الفعل هو وجهي (متقن القبح)، ورد الفعل وجه الطفل، الاعصاب والعضلات رسمت الخوف بأتقان كامل على وجهه الغض، مواز للقبح، الخوف في القلب، لا ا شك في ذلك، ولكن العضلات والاعصاب نقلته إلى الوجه، صورة لما في قلبه، فالوجه قرين القلب، في الخوف والفرح، تساءل (من ينتظر؟)، من الشقي والتعيس، الذي ينتظره (أنا)، هكذا تقول خواطره، (انه منتظر جهنم)، (سيلقي بنفسه فيها)، أنها صالة انتظار العائدين، جسد، تجسدت فيه عبقرية القبح، روعونته، وقدرته على النضوج والكمال، قبح كامل، مائة المائة، لم يترك للجمال قيد أنملة، اتقن عمله كملاك لا يعصي للإله امراً، يوم للصحة ويوم للمرض، يوم للجمال، ويوم للقبح، تفرغ لي تماماً، في رحم امي المظلم، لم ينشغل بسواي، وصل خياله المريض إلى نهاية الإطلاق في القبح، لأول مرة أرى نهاية الإطلاق، مطلق قبح، الإطلاق الذي لم تدركه المتواليات الهندسية، والخيال، قبح يجعل دونه الاشياء جميلة، كمن يشرب كأس أمر من الحنظل، فسوف يرى الحنظل حلوا.. عسلا..
فجأة هرولت امه، لأختها العائدة من السفر، وأخذت الطفل في كتفها، وهو لا يزال ينظر إلى، إلى أغرب لوحه رسمت على وجه بشر، أما انا فقد أحسست بفراغ، فقد تهشمت المرآة...خلت الصالة، فقد حضر جميع المسافرين، ما عدا ضيفي العزيز، والذي انتظره منذ مدة طويلة جداَ!!!..


حاسر الرأس عند كل جمال... يستشفى من كل شئ جمالا ..

Post: #122
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-30-2006, 07:14 AM
Parent: #121

ولدت كآلاف من يولدون بآلاف أيام هذا الوجود

خلقت طينة الأسى فغشتها نار وجدٍ فأصبحت صلصالا
ثم صاح القضاء كوني فكانت طينة البؤس شاعراً مثالا


أراني في ثلاثة من سجوني ولا تسأل عن الخبر النبيس
لفقدي ناظري ولزوم بيتي وكون النفس في الجسم الخبيث

ليس صعباً على الحياة أن تبدل غرائزها وإلا لانقرضت
طيور البومة لو نفرت منها ذكورها (فما أجمل البوم في عيون البوم)
العقرب لا تحس بقبحها، بل تغازل زوجها ..
أنسيت وعدك باللقاء هنا .. كم مرة بالله أوعدت؟!

Post: #123
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 08-31-2006, 04:58 AM
Parent: #122

قضينا لحيظات ممتعات في متابعة إبداعات عبدالغني
شدتنا نحو سماوات خارج دائرة المعارف الروتينية
علمتنا أن البشر يعملون بنسبة ضئيلة جداً مما
أودع الله فيهم من إمكانات ..

صحونا على الخرطوم تتململ .. تطول قامتها فجأة
تزحف نحو القصر لتقول لقاطنيه جميعاً .. قدامى
وجدد (إنقاذيين وثوريين ووحدويين).. عرفنا الفيكم
تغيرت عاداتنا القديمة في القبول الصامت .. قررنا
أن نتدخل إرادياً ونخرج الصوت الهادر الكامن فينا
ونقول لكم: كفى لعباً بأقدار الجماهير.

Post: #124
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-02-2006, 04:00 AM
Parent: #123

Quote: ماهو الاشمئزاز، ماهي اللذة، كلاهما تخرجان من الجسد، اللذة تخرج من الجسد، كبسمة، كفرح، كتهليل، كالصحة، والاشمئزاز يخرج من الجسد كالعرق، كالبراز، كالسعال، كتقضيبة الجبين، ولكن العقرب لا تحس بقبحها، بل تغازل زوجها، (قيس ولليلى الحشرات)، بل يحترق سمها (على وزن دمها)، حين يغيب زوجها، ماذا لو حدث خطأ غريزي، فصارت اللذة تخرج وتعتري الجسد حين يرى الصرصور، والعناكب و (يراني)، ليس هذا صعبا على الطبيعة، فمريض الحساسية يعطس ويسعل من رائحة الصندل، ليس صعبا على الحياة ان تبدل غرائزها، وألا لانقرضت طيور البومة، لو نفرت منها ذكورها، (فما أجمل البوم، في عيون البوم)...
ذ

Post: #126
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-02-2006, 06:44 AM
Parent: #124

Quote: الاستاذ/ محمد عبدالجليل

التحية لك بتسليطك الضؤ على هذا الغني الذي ما زال يهز لنا جزع الشجرة فاسكرنا بثمارها حتى الثمالة ، عبدالغني لو جلست معاه للحظات تتعثر الكلمات في وصفه ، ادب جم وتواضع ولا تخرج منه الا الكلمة الطيبة الجميلة التي تعبر عن انسان فائق الروعة يأسرك حديثه الانيق الممزوج ببساطة اهلنا الطيبين ، رباه كم هو رائع هذا السودان جادت حواء فيه بكل ما هو جميل .

التحية لاخي عبدالغني يا لشغفي لقراءة المزيد فانا في هذا البوست في حضرة عمالقة اجلاء اطرب لقراءة تعليقاتهم حتى اكاد اني اراهم ينشدون جميعاً اعذب لحن في محراب فن عزيزنا عبدالغني ، والى الامام


الأخ / أسامة كمال الخولي .. لك التحية ..

أطلق عبدالغني ضوء كلمات موحيات .. لم أسلط ضوءاً فقط عكست الضوء
المنبعث من كلمات غاصت عميقاً في تفاصيل مساحات غير مطروقة .. راجع
الطفل الذي يعبث بظهر أمه وهي تجوب الأحياء ووليدها يعبث بعظام ظهرها
كالبيانو .. أو حدق في باطن رجلك .. عبدالغني يسوح في عوالم مهملة ..
وهو مستودع الإبداع الإنسان لو فطنا .

Post: #127
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: بدر الدين الأمير
Date: 09-02-2006, 07:06 AM
Parent: #126

أخى محمد

الصفى عبدالغنى كرم الله لشوفو

تهتز جزوع الاشياء حتى لوكانت نعلات ولا تشكو من آلام ظهر

Post: #128
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-02-2006, 07:55 AM
Parent: #127

Quote: أخى محمد

الصفى عبدالغنى كرم الله لشوفو

تهتز جزوع الاشياء حتى لوكانت نعلات ولا تشكو من آلام ظهر


أخي بدر الدين لك التحية .. وإليك بما يقول عبدالغني:

حاليا، بكتب في نص عن (أمرأة أفريقية، تحمل طفل سعيد على ظهرها)، سندباد، يتجول بين الاحياء والبيوت، كل يوم حياة جديدة، وأفق مفتوح، ملك خلف امه المناضلة الحقيقية، يلعب بفقرات ظهر امه كبيانو، امه تضحك من الدغدغة، وهو من العزف على بيانو رأسي، من نتواءت جلد نحيف، فقرات عمودها الظهري، اصابع بيانو حي، ومجيد، عمود فقري يحمل قلب محزون وعقل منهك بعذابات بالتدبير.. وخلفها سندباد صغير، ملفوف بملاءة دمور، صارخة الألوان، كقوس قزح، طفل شقي، على وجهه الصغير، عيون بيكاسو وقلب طاغور وعقل ابن بطوطه وسقراط، يصور الاشياء كطفل، كملك، كشاعر حقيقي...

ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة...

Post: #129
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-03-2006, 08:10 AM
Parent: #128

Quote: جاء زكر الطيب صالح ذلك اللصيص القليص الذى قال بنت مجذوب أكثر من بنت فى الواقع وبنت مجذوب وأخيها نجدهم فى كل مجتمع بنفس اللسان الذى يعشق التمباك ويخرج لغة كلحم الباجبار زفرة تظل كذلك حتى لو بقيت إلى يوم الدين على الناروملكته فى وصف أصواتها ملكة جهاز التسجيل الذى يسجل الأصوات كماهى ويعيدها كما هى حين نجتره فالطيب صالح كجند سليمان ظل بسحره عندما ذهب عرش سليمان..............................




منصور

Post: #130
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-04-2006, 07:02 AM
Parent: #129

Quote: فجأة رأيته، فقد وجد ثغرة بين غابة السيقان، فجلس على الارض، نزل من الكرسي، الجميع يختلس النظر لي، أما هو فقد اخذ حقه كاملاً، كل الاسهم كانت من نصيبه، وكأنه ممثل لهذه المجموعة الجالسة، فقد خففت عنهم ألم الانتظار، يبدو أنه حدد وشخص مصدر الخوف، أمن الجميع، فوجه نظره نحو مصدر المباغتة، مصدر الخوف.. الخوف، كي لا يلدغ.. أمتلأ جسمه، حتى وقفت شيعرات رأسه، احتراما للخوف، لتعرض الحياة الفطرية لخطر، لكل فعل رد فعل، في الاشياء والاحياء، فالمادة ظل الروح، وإلا لم اقشعر الجلد من الخوف، ولا طرب للغناء، الفعل هو وجهي (متقن القبح)، ورد الفعل وجه الطفل، الاعصاب والعضلات رسمت الخوف بأتقان كامل على وجهه الغض، مواز للقبح، الخوف في القلب، لا ا شك في ذلك، ولكن العضلات والاعصاب نقلته إلى الوجه، صورة لما في قلبه، فالوجه قرين القلب، في الخوف والفرح، تساءل (من ينتظر؟)، من الشقي والتعيس، الذي ينتظره (أنا)، هكذا تقول خواطره، (انه منتظر جهنم)، (سيلقي بنفسه فيها)، أنها صالة انتظار العائدين، جسد، تجسدت فيه عبقرية القبح، روعونته، وقدرته على النضوج والكمال، قبح كامل، مائة المائة، لم يترك للجمال قيد أنملة، اتقن عمله كملاك لا يعصي للإله امراً، يوم للصحة ويوم للمرض، يوم للجمال، ويوم للقبح، تفرغ لي تماماً، في رحم امي المظلم، لم ينشغل بسواي، وصل خياله المريض إلى نهاية الإطلاق في القبح، لأول مرة أرى نهاية الإطلاق، مطلق قبح، الإطلاق الذي لم تدركه المتواليات الهندسية، والخيال، قبح يجعل دونه الاشياء جميلة، كمن يشرب كأس أمر من الحنظل، فسوف يرى الحنظل حلوا.. عسلا..

Post: #131
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-05-2006, 00:44 AM
Parent: #130

Quote: في ذلكم الضحى الرائق، ونحن نخرج من صالة القادمين بمطار الدوحة، ويغمرنا ضياء الشمس الخليجية، وتلفح وجوهنا نسائم الشتاء المداري التي تهب مندسة وسط لفحة حر من بقايا صيف يتقهقر، وتداعب أنوفنا روائح المدينة التي وطأتها أقدامنا لأول مرة، بكى أبو بكر القاضي وهو يعانق دالي، ويعانقني، ويعانق إسماعيل علم بعد طول غياب. إختلطت الأمور في الدواخل، تذكرنا الأخ والصديق الراحل، طه أبوقرجة، الذي كان قد ارتحل عن دنيانا قبل فترة وجيزة من ذلك اللقاء. أحسست بأننا جميعا تذكرناه، برابط الصداقة المتينة التي ربطت بيه وبين أبوبكر القاضي. تذكرناه هكذا، دون أن يذكر أحدنا إسمه، ودون أن يقول واحد منا أنه كان بيننا في تلك اللحظة الجامعة، وبلا كيفية. تذكرناه برابط ذلك الإجتماع الذي تم بعد طول فراق. تذكرنا أيضا، وعلى غير هيئة بعينها، الحركة الجمهورية، وجامعة الخرطوم، ومعركة "الحر المباشر، والتمثيل النسبي". وتذكرنا سنوات طويلة من التشمير، وأشياءً شيقةً أخرى. وتم كل ذلك بلا كيفية أيضا.

في تلكم الأيام، كانت مدينة الدوحة لا تزال محتفظة بهيئتها القديمة. في أحيائها الشعبية شبه ببعض مناطق الدرجة الأولى والثانية بأحياء الخرطوم، قبل أن يتبدل حالها. الأسوار "الملطوشة" والطلاء الأبيض والأصفر، وأبواب الحديد، ومرابض السيارات داخل الحيشان، وشجرة سدر تقف في صحن الدار، وربما "طلة وردة من السور"، كما قال هاشم صديق. هذا العالم شديد التشابه، خاصة في الفضاء المتوسطي، والشرق أوسطي.

ترتبط المدن بالناس، وتأخذ معناها من الناس. قال لورنس داريل في رائعته، "رباعية الإسكندرية": "تصير المدينة عالما قائما بذاته حين يحب المرء أحد سكانها". حين رأيت الدوحة وأستقبلتها بكل حواسي، قلت في نفسي: هنا عاش الطيب صالح، وهنا عاش أستاذنا إبراهيم الصلحي، ولسنوات طويلة. في هذه المدينة تناجيا وتسامرا، كما تسامر قبلهما بقرون، وتناجي عن قرب، كل من جلال الدين الرومي، وشمس التبريزي. ولعل الطيب صالح وإبراهيم الصلحي بقيا عالقين بذلك المكان حتى بعد أن غادراه إلى ضباب الشمال، وإلى تلك البقاع التي "تموت من البرد حيتانها". وكما قال شيخنا عبد الكريم الجيلي، قدس الله سره:

على العهدِ من تلك المعاهدِ زينبُ، وما غيََّبَتْهَا الحادثاتُ فتحجبُ.

كانت تلك أول مرة أرى فيها عبدالغني كرم الله، ويوم رأيته احتل في قلبي موقعا مميزا. فـ "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها إئتلف، وما تنافر منها اختلف". في الليل، وفي البيت المليء بالضيوف، كعادة بيوت السودانيين، قام أبوبكر القاضي، بتوزيع الضيوف على الغرف المختلفة، تساعده في ذلك زوجتها الراحلة شادية، عليها رحمة الله ورضوانه. فضمتني مع عبدالغني كرم الله غرفة واحدة. أمضينا ردحا من الليل في مساءلات. فقد كان هو قريب عهد بالخرطوم، وطال بي أنا العهد بها. طفقت أمطره بالأسئلة، ولم تكن أسئلة، وإنما كانت تعبيرا عن شوق بلغ الزبا فطفح، كما قال النابلسي:

طفح الغرام عليَّ، حتى بالهوى، صرَّحتُ في حبي، لكل صبيحِ
وكتمته، لما بدا لنواظري نورُ الخباءِ، وملتُ للتلميحِ
وأنا الذي بهوى المليح تعممي، أبداً، ومن شوقي له توشيحي

وهي أيضا تساؤلات المتنبيء التي يمليها الشوق تنفيسا عن الشوق، لا طلبا لإجابة:

فسألنا، ونحن أدرى بنجد، أطويلٌ مقامنا، أم يطولُ
وكثيرٌ من السؤالِ إشتياقٌ، وكثيرٌ من ردِّه، تعليلُ

في حديثي مع عبدالغني في تلك الليلة كنت أشرق وأغرب، خوف أن يصبح عليَّ الصباح فنفترق قبل أن أكون قد قضيت وطري، وأشبعت فضولي، وأطفأت أوار شوقي، تخبرا عن أحوال المدينة التي أحببت، والتي ربما لم تعد هناك. فقد أحسست من مجرى الحديث أن الفنان الراقد في السرير المقابل لسريري، يعرف تلك المدينة، معرفة الخبير. ومعرفة المدن على ما هي عليه، إشْتُهِرَ بها الفنانون والكتاب دون سائر خلق الله. فأوصاف جيمس جويس التفصيلية لمدينة دبلن تعدت الأدب، لتصبح رسما تشريحيا للمدينة، أصبح يعتمده الدارسون للمدينة، في مجالات أخرى غير مجالات الأدب. فالفنانون هم خير من يعرف المدن، وخير من يصفها، وينبي عن أحوالها، المصرح به منها، والمسكوت عنه، أيضا.

أيضا، لمست من حديثي مع عبدالغني طرفا من حال جيل الكتابة الجديد في السودان. وعرفت أن صبحا أدبيا جديدا قد أخذت تباليج فجره الأولى تتبدى. وتأكد لي ذلك أكثر، حين قرأت محسن خالد لاحقا، في هذا البورد. في تلك اليلة المباركة، أقرأني عبد الغني بعضا من قصصه، من كراسة كان يحملها، وأراني بعضا من رسوماته. وعرفت أنني إزاء شخص معطون في بحر الفن وبحر الكتابة. شخص يأكل الكتابة، ويشرب الكتابة، ويتنفس الكتابة. وعرفت أيضا، أنه شخص يأخذ صنعته في فن الكتابة، بكل الجد الممكن، وهو في عموم حاله إنما يعيش للكتابة.

شكرا لك أخي محمد عبدالجليل على رفع إسم عبدالغني كرم الله في العالمين. ولي عودة إليكم أيها الأحباء.




(عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 07-08-2006, 07:13 م)

Post: #132
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-07-2006, 05:34 AM
Parent: #131

كنا نحلق مع عبدالغني في سماوات المعاني .. الإنسان وقواه الخفيه
وها هي الخرطوم تصحو وهي تقرر رفض الإنتظار السلبي على رصيف
حكومة الوحدة الوطنية التي أنشغلت بمتطلبات الطبقة الحاكمة
على حساب الفقراء .. ظنت أنها أمنت غضبهم .. ففاجئوها من حيث
لا تحتسب .. البعض الذي يرغب في بقاء الحال على ماهو .. منزعج
يتساءل طيب الإنتفاضة بتودي وين؟ .. لا يهم .. كل ما نعرفه أن
الشارع السودان قد قرر أنه لا يستطيع أن يقبل هذا الواقع الذي
فرض عليه بلا مشورة ولا تقدير .. وقرر أن يتدخل إرادياً لتحديد
النتائج النهائية .. ولن تكون بحال أسوأ من الواقع الراهن.

Post: #133
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-09-2006, 03:58 AM
Parent: #132

كان الشاعر جميل صدقي الزهاوي
شاعراً عظيماً .. وثورياً أحبطه
الواقع .. فطفق يحلق في الآفاق
البعيدة للمخيلة .. ويخلق
العالم الذي يشتهي ..
رأى الجنة والنار .. والشمس في زمهرير
ليل الشتاء .. لم ير تضاريس ظهر بروك شيلز
(وجهاً لظهر) .. ولكنه رأي (الشمس
تطلع من ظهر حبيبته) .. ورأى
جماهير الفقراء تمسك قدرها بيدها
وتصوغه بالشكل الذي يشبع
أمانيها .. (وتزغرد الجارات والأطفال
ترقص والصغار) .. رأى الثورة في
حلم مالت فيه موازين القوى لصالح
الفقراء بشكل مطلق ..

Post: #134
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-10-2006, 07:07 AM
Parent: #133

Quote: كل المسلمات، والمعطيات، والحتميات، حين نطاردها بالأسئلة، أو نتأملها كرهبان البوذية، والمتصوفة، أو حتى قعدة شاعرية تحت شجرة بائعة شاي، أو عقيب حالات هدوء خاطفة، وذكية، ولا شعورية، تنهار، وتخر عروشها، فلاشئ ثابت، سوى (التحول)

Post: #135
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-11-2006, 04:36 AM
Parent: #134

نعم .. لا شيء ثابت حيث هو سوى (التحول) .. فالأرض
تدور .. والشمس تطلع كل يوم بنور جديدة وطاقة
جديدة .. والنهر يجري (فلا تستطيع أن تستحم في
نفس ماء النهر مرتين) .. أحزاننا تمضي .. لتحل
محلها لحظات الأمل ..

Post: #136
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-12-2006, 03:34 AM
Parent: #135

Quote: والله كم سعيد،
بتلكم المداخلات الرائعة، العميقة، الساحرة... لقد أشعلت بدواخلي، نار مقدسة..
كم حفي قلمكم بالطرب والشوق والتأمل...

فلنقي الكلمة في بركة الأحشاء، كي تثور، من سباتها القديم... فالكتابة عمل، وحفر، وتجاوز، وسهر، وحمى، ولوعة، وجوى، وتطلع، وأمل، وعلاج، وسؤال، وحيرة، وحنان...


حاسر الرأس عند كل جمال (يستشف من كل شئ جمالا)...

الكلمات جسور، تربط المتخيل، بالواقع، بالموعود، بالكائن، بما سيكون، بما كان..

جسور مع المرئي واللامرئي، والوعي واللاوعي..

Post: #137
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-13-2006, 08:19 AM
Parent: #136

Quote: اتأمل الأشياء، لأنها أحياء، لا شيء ميت، او جاف او صلد، (خداع حواس)، كل الأشياء رخوة بيد الطفل، حتى السكين، وعتب البيت، لذا يجري حافيا، دوما، مشى عيسى على البحر، وتكلم ياقوت مع العصافير، أهذه معجزة، (اقسم بأنها بدء هبة السماء للكائن المسمى إنسانا)، تلف الالكترونات حول الذرة، كالقمر حول الارض، كالطفلة حول الام، وكالشعر حول القلب، وكالعطر حول الانف... (ثنائية الوعي والبيئة)، يتفاوت من فرد لآخر، (هناك من يتأمل الجبل، وهناك من يدرسه، وهناك من يشم رائحته) كما يوحي الطاو، وهناك من يخاطبه (هذا الجبل نحبه ويحبنا)، وهناك اشعة تجتاز الجبل، كما يجتاز ضوء الشمعة زجاج النافذة، (أن نرى الاشياء بعيون الاخرين)، لذا يأتي خطاب التأمل للجسد (كن شفافا، كي تنفذ لجواهر الاشياء، كالضوء، بل أرق، كالروح، بل أرق، وهل للروح حد) والجسد الإنساني حين يلطف (بالشعر، أو السلوك، أو الفكر، أو العشق)، يبدو كائن أثيري، بمقدوره الخروج (عن سلطان الزمان والمكان)، وإعتلاء هرم الخليقة، ممسكا بملكة (فوق طاقة الكلمات، والايحاء)، شعور عميق ينتاب مملكة الجسد كلها (حتى اصابع الاقدام يعتريها فرح فوق خطف القبل والجنس) أو (بعيوننا حين تصح من الرمد والعماء المتوارث، عبر الجينات البشرية)، فالإنسان مشروع تطور، لا متناه، لا حد أو سقف له (بل أي تصور، مهما سمى، هو حظ الإنسان)، ويظل المطلق (متمسكا بإطلاقه، عصي الفهم عصي التفسير)..

Post: #138
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-14-2006, 06:13 AM
Parent: #137

حياة البشر على الأرض مفتوحة على مجاهيل هائلة قبل البدء وبعد المنتهى على آفاق يحلق فيها الخيال وتسبح فيها العبقرية وتغرق في لججهها العقول المكبوحة .. كانت حواء ناضرة تقابل آدم .. وحدهما في جنتهما وجهلهما .. رأت قلبه في مرآة عيونه لتكتشف ولأول مرة ذرى الدهشة وينفتح طريق الحب والمعاناة .. سيدنا نوح على ظهر الجودى وكان الطوفان.. حالة من الفصل الكامل لإغلاق فصل وبداية فصل حياتي جديد.. إخوة سيدنا يوسف ألقوه في البئر لتلتقطه القافلة وليتواصل سير التاريخ .. وأم سيدنا موسى .. وضعته في اليم .. فانبعث في قلبها الطمأنينة ليقود قافله التيه .. ويجابه الأسئلة المستحيلة والعناد الذي ليس له حدود .... العذراء وطفلها في المهد سيدنا عيسى عليه السلام وهو يكلمها قبل أن يرى الدنيا يزيل عن ذهنها العصف الذي كاد أن يطوح به .. ليس من إجابة كانت ستشفيها غير خرق الناموس وكلامه المفهوم والواضح في المهد .. عبدالغني يقول (كل الأطفال يتكلمون في المهد وإن لم نفهم كلامهم) .. عيسى تكلم إليهم باللغة التي يفهمونها .. الأطفال في المهد يضحكون ويقطبون جبينهم ويخرجون أصواتاً تعبر عنهم .. الأمهات يعرفن أكثر مغزى تعابيرهم .. يبدو لي أن هذا التواصل الصامت في غالبه هو سر عاطفة الأمومة التي لا تشببها عاطفة ..

Post: #139
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-29-2006, 09:20 AM
Parent: #138

الحيرة التي تعترى الإنسان تنبى عن غفلة عن أوعية المعرفة
.. في القلب يسكن الحدس .. قابلية البشر لقراءة المستقبل
لكي لا يظلوا في خوفهم يعمهون ..

رمضان كريم .. وكل عام غوص في داخل النفس حيث الاجابات
البكر ..

Post: #140
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: عبدالغني كرم الله بشير
Date: 09-29-2006, 08:37 PM
Parent: #139

عزيزي محمد
كل عام وانتم بخير وصحة وعافية
مع امنياتي لك بالسعد والصحة وراحة البال

Quote: علبة برنجي

****
كنا نبني في القرية، أختي وأنا، تحت شجرة الدار، جمعنا مجموعة كبيرة من علب الكبريت وعلبة سجار "برنجي" يتيمة، ثم جلسنا تحت الشجرة، القرية كلها، وما يحيط بها من أودية، وما تأوي الأدوية من خراف وماعز وخيران، كانت تحت ظل الشجرة، مثل شجر الجنة، تجري الحصين الأصيلة عام كامل تحت ظلها الوارف، كانت علب "الكبريت" تمثل البيوت الصغيرة، المتلاصقة، وكأنها تستمع لحكاية مشوقة، أما الجامع الشامخ وسط القرية، فقد قامت "علبة سجائر البرنجي" بدوره على أكمل وجه...

في الأمطار الغزيرة يدخل الرعب كل البيوت، لم أجد عداوة في الكون، بل اكثر من عداوة العرب واليهود، كالعداء بين الامطار وبيتنا، كنت اتمنى ان يكون بيتنا اجمل من "بيت الله" كي أنوم مطمئن البال وأنا استرق السمع لموسيقى المطر، وليس إلى صراخها، وتهديدها ورعدها..

كنت أخاف الأمطار بشدة، ولي العذر في ذلك، فالبيوت من طين، وأنا اعرف مدى خوف الطين من الماء حين العب به، وكيف يفقد شكله وهويته ويخر كحبوبتي، عاجزا عن النهوض بأرجل رخوتين...

قلت لأمي: (الله بخاف؟)
، فردت بغضب: (لا...).!!
واصلت أسئلتي الجادة (ولم بيته من الطوب والاسمنت؟)!!
نظرت أمي ممتعضة، ولم تجيب على سؤالي التالي أيضاً :
(هل له عيال طواال وكتااار؟)، توقعت ذلك لأن (الجامع طويل جدا وعريض!!)، تركت امي سؤالي يرحل، مثل أغلب طلباتي، كالضوء، إلى هناك، بعيدا عن قريتي، ويتبدد في شعاب الاثير، كالضوء ايضاً، قد تسمعه الملائكة هناك، وتجيب عليه، وقد لا..!!..

كنت اتمنى أن اكون مؤذن القرية، كي أنوم داخل المسجد، وألعب الكرة في ظله طوال الظهيرة، وطوال الليل تحت ضوء الرتينة القوي، وأتسلق المئذنة، كي اقذف كل كلاب القرية، وأكسر "زير الشمة"، وأشاهد من عل، لوري "سعد"، داخل الحوش، وأراقب بطرب كبير صدر سعدية وهي تنكس البرندة كل فجر...

قطع حبل افكاري اخي، وهو يأمرني: (أمشي دكان "طيفور" جيب علبة سجائر بينسون)..

ركضت سعيدا، كي أجلب "الجامع الثاني" لقريتي تحت ظل الشجرة، سأجعله الجامع الآخر في قريتي...

"علبة البرنجي" وضعتها في موقع "جامع الأخوان"، وعلبة البنسون تمثل جامع "الصوفية"، ولم أجد ماء للحفير، والذي تشرب منه الاغنام والكلاب والبقر والبشر، سوى "بول أختي"، أما النهر، والذي يجري غرب قريتي، بكل تعاريجه، فقد كان ينبع من "بولي"، والذي رسم أعقد التعاريج، صورة طبق الأصل..!!.

وبصقت على القرية، بكل فمي، ولساني يصرخ كالرعد، إمطار غزيرة، ففرت الأغنام والمعاز داخل علبة "البرنجي والبنسون"، خوفاً من بصاقي...وظللت ابصق وأبصق، حتى جف لعابي...

قال أخي الاكبر، بأن القرية ستموت، لأن الأمطار لن تنزل، وستموت معزاتنا وخرافنا، ماتت البذور بسبب الجفاف، جفاف حلقي... (غدا، سوف نذهب للمدينة)... هكذا قال أخي، بحزن عظيم..

في المدينة، سنجمع اختي وأنا، كمية كبيرة من علب الكبريت فهناك مجموعة كبيرة من البيوت، البيوت لا تلتصق في المدينة مع بعضها، لأنها لا تستمع لحكاية مشوقة، وسنجمع ايضاً مجموعة كبيرة من السجائر، فما أكثر المساجد والكنائس والمعابد في المدن..

بيوت الكبريت، وعلب السجارة تخاف من بعضها، فلو سربت الرياح شرارة من السجار، لاشتعلت كل الكباريت، المليئة بأعواد ثقاب متفجرة، ومتحفزة، لغريزتها الأولى (الاشتعال)!!!..

كان العداء الغريزي في قمته، بين "علبة البنرنجي" و"البينسون"... والبيوت متلاصقة!! وحلقي جف من اللعاب، كي يطفئ اللهب المجنون المهووس!!..

النهر، من منبعه، وإلى مصبه، كان تحت ظل الشجرة، ستحتار كل اسماكه، برؤية أطول سحابة، تظلله من المهد، وإلى اللحد!!...

(تعالوا يا أولاد، الفطور جاهز!!)، انقضت حكاية، وتاريخ القرية، وللأبد، بنداء أمي هذا!!!....

وعاد لعابي إلى هويته الحقيقية، بعد أن كان مطرا، غزيراً، يهدد بيوت الطين!! تدفق، بقوة، وهو يملأ تجويف فمي، ولقمة (الكسرة والطماطم وزيت السمسم والبصل)، تلامس شفتي


Post: #141
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 09-30-2006, 08:19 AM
Parent: #140

الأخ - عبدالغني .. تحياتي ورمضان كريم ..

شكراً على الاضافة بـ (علبة برنجي) التي تصور
حياة القرية .. والأسئلة الأساسية في الفلسفة
التي تنطلق على لسان الأطفال فيغطي الكبار
جهلهم بالغضب .. ولم بيته من الطوب والأسمنت؟

Post: #142
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-01-2006, 08:36 AM
Parent: #141

Quote: كنت اتمنى أن اكون مؤذن القرية، كي أنوم داخل المسجد، وألعب الكرة في ظله طوال الظهيرة، وطوال الليل تحت ضوء الرتينة القوي، وأتسلق المئذنة، كي اقذف كل كلاب القرية، وأكسر "زير الشمة"، وأشاهد من عل، لوري "سعد"، داخل الحوش، وأراقب بطرب كبير صدر سعدية وهي تنكس البرندة كل فجر...

Post: #143
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-02-2006, 04:41 AM
Parent: #142

Quote: في الأمطار الغزيرة يدخل الرعب كل البيوت، لم أجد عداوة في الكون، بل اكثر من عداوة العرب واليهود، كالعداء بين الامطار وبيتنا، كنت اتمنى ان يكون بيتنا اجمل من "بيت الله" كي أنوم مطمئن البال وأنا استرق السمع لموسيقى المطر، وليس إلى صراخها، وتهديدها ورعدها..

كنت أخاف الأمطار بشدة، ولي العذر في ذلك، فالبيوت من طين، وأنا اعرف مدى خوف الطين من الماء حين العب به، وكيف يفقد شكله وهويته ويخر كحبوبتي، عاجزا عن النهوض بأرجل رخوتين...

Post: #144
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-03-2006, 08:11 AM
Parent: #143

Quote: هذه الأيام مسكون بنص متعب، أدعو لي:

حاليا، بكتب في نص عن (أمرأة أفريقية، تحمل طفل سعيد على ظهرها)، سندباد، يتجول بين الاحياء والبيوت، كل يوم حياة جديدة، وأفق مفتوح، ملك خلف امه المناضلة الحقيقية، يلعب بفقرات ظهر امه كبيانو، امه تضحك من الدغدغة، وهو من العزف على بيانو رأسي، من نتواءت جلد نحيف، فقرات عمودها الظهري، اصابع بيانو حي، ومجيد، عمود فقري يحمل قلب محزون وعقل منهك بعذابات بالتدبير.. وخلفها سندباد صغير، ملفوف بملاءة دمور، صارخة الألوان، كقوس قزح، طفل شقي، على وجهه الصغير، عيون بيكاسو وقلب طاغور وعقل ابن بطوطه وسقراط، يصور الاشياء كطفل، كملك، كشاعر حقيقي...

ويمضي في رحلته اليومية، وهو يتفرج على حياة المدن، على الاكتناز، على تناقض الحياة، على حيوات البيوت والأسى، طفل يتحدث من مهده، من عرشه خلف امه، انتقل من بطنها الآمن، إلى كرسي الظهر، كي يجوب الأفاق، يبشر برسالته، فالاطفال يتكلمون منذ المهد، وليس المسيح استثناء، لغتهم هي المجهولة، لغة عظيمة، لها كنايات وجناس تبز اسطورة اللغة الابجدية، واللغات المكتوبة...

Post: #145
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-04-2006, 04:47 AM
Parent: #144

علبة برنجي

****
كنا نبني في القرية، أختي وأنا، تحت شجرة الدار، جمعنا مجموعة كبيرة من علب الكبريت وعلبة سجار "برنجي" يتيمة، ثم جلسنا تحت الشجرة، القرية كلها، وما يحيط بها من أودية، وما تأوي الأدوية من خراف وماعز وخيران، كانت تحت ظل الشجرة، مثل شجر الجنة، تجري الحصين الأصيلة عام كامل تحت ظلها الوارف، كانت علب "الكبريت" تمثل البيوت الصغيرة، المتلاصقة، وكأنها تستمع لحكاية مشوقة، أما الجامع الشامخ وسط القرية، فقد قامت "علبة سجائر البرنجي" بدوره على أكمل وجه...

في الأمطار الغزيرة يدخل الرعب كل البيوت، لم أجد عداوة في الكون، بل اكثر من عداوة العرب واليهود، كالعداء بين الامطار وبيتنا، كنت اتمنى ان يكون بيتنا اجمل من "بيت الله" كي أنوم مطمئن البال وأنا استرق السمع لموسيقى المطر، وليس إلى صراخها، وتهديدها ورعدها..

كنت أخاف الأمطار بشدة، ولي العذر في ذلك، فالبيوت من طين، وأنا اعرف مدى خوف الطين من الماء حين العب به، وكيف يفقد شكله وهويته ويخر كحبوبتي، عاجزا عن النهوض بأرجل رخوتين...

قلت لأمي: (الله بخاف؟)
، فردت بغضب: (لا...).!!
واصلت أسئلتي الجادة (ولم بيته من الطوب والاسمنت؟)!!
نظرت أمي ممتعضة، ولم تجيب على سؤالي التالي أيضاً :
(هل له عيال طواال وكتااار؟)، توقعت ذلك لأن (الجامع طويل جدا وعريض!!)، تركت امي سؤالي يرحل، مثل أغلب طلباتي، كالضوء، إلى هناك، بعيدا عن قريتي، ويتبدد في شعاب الاثير، كالضوء ايضاً، قد تسمعه الملائكة هناك، وتجيب عليه، وقد لا..!!..

كنت اتمنى أن اكون مؤذن القرية، كي أنوم داخل المسجد، وألعب الكرة في ظله طوال الظهيرة، وطوال الليل تحت ضوء الرتينة القوي، وأتسلق المئذنة، كي اقذف كل كلاب القرية، وأكسر "زير الشمة"، وأشاهد من عل، لوري "سعد"، داخل الحوش، وأراقب بطرب كبير صدر سعدية وهي تنكس البرندة كل فجر...

قطع حبل افكاري اخي، وهو يأمرني: (أمشي دكان "طيفور" جيب علبة سجائر بينسون)..

ركضت سعيدا، كي أجلب "الجامع الثاني" لقريتي تحت ظل الشجرة، سأجعله الجامع الآخر في قريتي...

"علبة البرنجي" وضعتها في موقع "جامع الأخوان"، وعلبة البنسون تمثل جامع "الصوفية"، ولم أجد ماء للحفير، والذي تشرب منه الاغنام والكلاب والبقر والبشر، سوى "بول أختي"، أما النهر، والذي يجري غرب قريتي، بكل تعاريجه، فقد كان ينبع من "بولي"، والذي رسم أعقد التعاريج، صورة طبق الأصل..!!.

وبصقت على القرية، بكل فمي، ولساني يصرخ كالرعد، إمطار غزيرة، ففرت الأغنام والمعاز داخل علبة "البرنجي والبنسون"، خوفاً من بصاقي...وظللت ابصق وأبصق، حتى جف لعابي...

قال أخي الاكبر، بأن القرية ستموت، لأن الأمطار لن تنزل، وستموت معزاتنا وخرافنا، ماتت البذور بسبب الجفاف، جفاف حلقي... (غدا، سوف نذهب للمدينة)... هكذا قال أخي، بحزن عظيم..

في المدينة، سنجمع اختي وأنا، كمية كبيرة من علب الكبريت فهناك مجموعة كبيرة من البيوت، البيوت لا تلتصق في المدينة مع بعضها، لأنها لا تستمع لحكاية مشوقة، وسنجمع ايضاً مجموعة كبيرة من السجائر، فما أكثر المساجد والكنائس والمعابد في المدن..

بيوت الكبريت، وعلب السجارة تخاف من بعضها، فلو سربت الرياح شرارة من السجار، لاشتعلت كل الكباريت، المليئة بأعواد ثقاب متفجرة، ومتحفزة، لغريزتها الأولى (الاشتعال)!!!..

كان العداء الغريزي في قمته، بين "علبة البنرنجي" و"البينسون"... والبيوت متلاصقة!! وحلقي جف من اللعاب، كي يطفئ اللهب المجنون المهووس!!..

النهر، من منبعه، وإلى مصبه، كان تحت ظل الشجرة، ستحتار كل اسماكه، برؤية أطول سحابة، تظلله من المهد، وإلى اللحد!!...

(تعالوا يا أولاد، الفطور جاهز!!)، انقضت حكاية، وتاريخ القرية، وللأبد، بنداء أمي هذا!!!....

وعاد لعابي إلى هويته الحقيقية، بعد أن كان مطرا، غزيراً، يهدد بيوت الطين!! تدفق، بقوة، وهو يملأ تجويف فمي، ولقمة (الكسرة والطماطم وزيت السمسم والبصل)، تلامس شفتي

عبدالغني كرم الله

Post: #146
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-04-2006, 05:13 AM
Parent: #145

دعـــــوة هادئــــة في نصــــوص متأملـــة:قـــــراءة في (آلام ظهـــــر حـــادة) لعبـــدالغنــــي كــــرم الله
هناك دواعي متعددة للكتابة لدى الكتاب ربما منها قول رأي او محاولات اصلاح او عرض حالة وفي كل الاحوال تبقى المتعة، اي متعة الكاتب في الكتابة كهاو ومحب لها بجانب امتاع القارئ نفسه بفن القراءة، تبقى هذه المتعة جزئاً يتغلل في كل تلك الاسباب ولكن عند عبدالغني كرم الله تجد متعة الكتابة وفن عرض الفكرة هي الاساس المحرك لقلم الكاتب. فتجده يكتب بهدوء يحسد عليه. ولكاتب تكون المتعة كفن دافعه فمن الطبيعي ان يكون مدخل عرض الفكرة هو التأمل.



وفي تأمله العميق والهادئ ذاك هو لا يقلب اوجاعك ولا يتهمك بالقصور ولا يطلب منك التبدل ولا يحاول اقناعك بغير ايمانك، فقط هي دعوة منه للنظر للاشياء ليس من وجهة مختلفة ولكن من طاقة صغيرة تبعث النور والامل وتحملك على تقدير محاولك في الحياة مهما صغر حجمه او دوره.



والتأمل من تلك الطاقة في مجموعة (آلام ظهر حادة) التي تتكون من اثنتي عشرة قصة قصيرة، يبدأ من الاختيار الفريد للكاتب لرواته، فالراوي يمكن ان يكون زوج حذاء او ماعز او رائحة الطمي. لتجد هذا الراوي الفريد والناعم يبعث نفسك على الابتسام وانت تنظر للاشياء من وجهته هو فاتحا قلبك للتسامح والرضا مع كل ما حولك من هواء وروائح وبشر وكائنات، نابذا الانانية وباعثا الحياة حتى في الجماد، لتقلب الغلاف الاخير وقد تم تصالحك مع كل الكون بشرا وطبيعة.



رواته كانوا، زوج حذاء رجالي، حمار، رائحة الطمي، ماعز، قصة (كتاب) حجر، طفل، وراو يتأمل عود بخور وهو يحترق، راو يحكي عن طفل صغير في رحلته مع امه وراو يحكي عن امرأة ضعيفة.



هؤلاء الرواة كانوا اداة عبدالغني الاولى للدعوة للتأمل فكلهم يمثلون تلك الفتحة الصغيرة التي تتيح للضوء ان يدخل ليتغلل في كل الاشياء ناشرا الرؤيا والتسامح مع كل التفاصيل التي تسعد بأن تضئ من تلقاء نفسها لتعرف نفسها بنفسها.



في(آلام ظهر حادة) بعث عبدالغني في حذائه الراوي الحياة، فجعل له طولا وعرضا وظهرا، وآمالا واحلاما يسعي لان تتحقق، يحس الوحشة والرفقة ويتألم من القسوة. وكان الحذاء اداة للتجول على عدد من الحالات الاجتماعية وهنا الاداة ليست للاصلاح الاجتماعي ولا دعوة لان نرى الفوارق الاجتماعية بين البشر ولكنها دعوة ان نرى الاشياء ونحسها ونفكر في كل ما حولنا حتى لو ان الحذاء ندوس به على الارض.



وفي (رائحة الطمي) و(توبيخ حبيب) في الاولى الراوي الرائحة نفسها وفي الثانية الراوي قصة تحادث من سيقرؤها. وعندهما تحس انهما كائنان حيان، يمكنهما ان يحدثا مجموعة من الاحاسيس والانفعالات الباغثة على الحياة وقد استخدمها الكاتب انها بطبيعتها تستطيع التغلغل في النفوس داعية بنعومة ولطف من تداخله للاعتراف بالضعف والجمال والحيرة دون تصنيف او مواجهة.



اما الحمار والماعز في (حمار الواعظ) و(الحذاء ملك الغابة)، فهما دعوة ناطقة من غير ناطقين للرفق بما حولك في البيئة ويمكن لقصة (الجزار ملك الغابة) ان تكون دستورا للنباتيين.



وعندما اختار عبدالغني ان يكون الراوي من (البني آدميين) كان الراوي طفلا لانه يظل يمثل فتحة الضوء الصغيرة التي تتيح التأمل في عالم الكبار (البني آدميين) ورغم ان رواته بهذا التعدد الخارج عن كونهم بشرا الا انه اضاف لهم نكهة ملحت القصص فعندما يكون الراوي مذكرا كالحذاء الرجالي مثلا فانه يتلبس شخصية رجل وتهفو نفسه للاحذية النسائية وينتظر لقياها لما تفعله فيه من افاعيل ولكنه عندما يكون الراوي بصفة المؤنث كالماعز مثلا فانه يستعيض عن وصف مشاعرها كانثى، وهي الراوي، بوصف مشاعر التيس نحوها، ولكن تبقى كنكهة مليحة تدعو للابتسام وتلبيس الروح والاحساس لكل ما حولنا.



وكل القصص تنأى عن حكي الحكاية او الحدوتة وتسوق لك متعة الكاتب في التأمل. وحتي قصة (استدراج الفرشة لعرشها المجيد) التي يرويها راو عن امرأة تأخذ شكليا قالب القصة الحدوته، ولكنها كانت دعوة للتأمل ان الامنيات المادية تكبل اكثر مما تحقق امنا او سعادة وحين يظن المرء ان امانيه المادية قد تحققت تكون للكون تصاريف اخرى للتحرر والتحليق في فضاء الروح.



وفي كل قصة يضعك عبدالغني امام الراوي الذي يمكن ان يكون شيئا صغيرا في حياتك ولكن ذو رؤيا كبيرة وتكاد تكون شاملة.



وفي كل قصة تنتبه مع الكاتب انك مراقب من كل ما حولك وكل الاشياء التي لا تعيرها انتباها في العادة وهي مرشحة ان تعرف اسرار حياتك ودقائقها وتسأل نفسك ماذا لو باحت بما تعرف ولا تجد غير الابتسام والرضا عنها لانك في الواقع مطمئن انها لن تبوح ولكن يكفي ان اثارة مثل هذه الفكرة سيدعوك بكل لطف ان تفكر، كما تفكر في نفسك، في كل الآخرين من بشر واحجار واحذية وهواء وروائح وحيوان وحتى كتاب ترفعه من على الرف لتقرأه.



ورغم انها مجموعة قصص الا ان الوحدة بينها واضحة والخط فيها عموما واحد فكأنها لحن واحد لا نشاز فيه.



واختيار ترتيب القصص في المجموعة كان اختيارا ممهدا للافكار والتأمل، ليس فيه استدراج. فالمجموعة تبدأ بملحة الحذاء الرجالي الذي يتحدث عن مشاعره وحاله يتقلب لتبدو وكأنها مزحة ولكنها بعدها الغوص مع عبدالغني رويدا رويدا ونزحف نحو القصص الاخرى في عوالم تأمله في الدنيا والكون حتى يوصلنا لعمق بعيد في التأمل والايمان في القصة الاخيرة (رقص على طبول النسيم) لنتأمل معاني مثل الغناء والخلود والروح والبدن والماضي والمستقبل.



(... الي اي موسيقى يرخي هذا الدخان اذنه...، صوت دافئ لا تحس به سوى اذن القلب، صوت نفخ الحياة في الطفل والزهرة والذهن).



(...وترى الجبال، تحسبها جامدة، وهي تمر مر السحاب... مر الدخان... مر الزمان... مر المكان.... مر الانسان).



ويظل عبدالغني كرم الله في كل قصة متوحدا مع لغته المتواءمة مع كل فكرة وتأمل مع اختلاف الرواة. متوحدا مع هذه اللغة الخاصة بوعي ولكن ليس فصاحة وبلاغة ولكن روحا واحساسا فاللغة عنده كأنها اصلا لم تكن موجودة ولكنها ولدت ونبعت من الفكرة، مما يجعل اللغة عنده هي الروح التي تطوف بك في عوالم التأمل والتسامح والرضا والترفع عن صغائر الكبر واسباب الظلم عند البشر.



اماني ابوسليم

Post: #147
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-05-2006, 06:58 AM
Parent: #146

صحيفة العرب اليوم (الأردن)...

عبد الغني كرم الله..الخرافة والرمز والافكار وعالم الفن للفن



بيروت-رويترز

نجد في مجموعة "آلام ظهر حادة" القصصية للكاتب السوداني عبد الغني كرم الله اجواء متنوعة تقوم في غالبها على عمليات تشخيص على نمط المثل الخرافي وبما يذكّر بالرمز حينا وما هو فوق الواقع حينا آخر.

واذا كان كثير من كلام الكاتب هادفا يرمي الى نقد عام او اصلاح او انتقاد لامور وخلقيات وتصرفات بشرية.. ففيه ايضا نماذج تجعله يبدو للقارىء اقرب الى ما يشبه مدرسة الفن للفن. الا انه ممتع في غالب ما يأتي به. هو في نهاية الامر يكتب افكارا وفي احيان كثيرة يكتبها بنفس شعري حي كما في قصة "ارجل الالم" مثلا.

صحيح ان في تراثنا الادبي العربي ما يشبه ذلك خاصة في ما ترجمه عبد الله ابن المقفع واعطاه اسم "كليلة ودمنة" مثلا.. لكننا قد نجد لنتاج كرم الله صلة قربى اكثر وضوحا بكتابات حديثة بينها مثلا اعمال للكاتب السوري زكريا تامر.

وقد اشتملت المجموعة القصصية على 12 قصة في 183 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

عالم قصص كرم الله تضج فيه اشياء وكائنات بينها الحيوان والنبات والانسان طبعا. واذا سلمنا بأن الانسان هو غاية كل هذه الاشياء ونهايتها فلا بد من ان نلاحظ ان حضوره "المباشر" في المجموعة قليل الى حد بعيد وسط هذه الكائنات المتعددة. الا انها كلها مشبعة به تتكلم عنه غالبا وتتحدث بلسانه في احيان كثيرة.

بعض عناوين القصص بليغ في ما يرمي اليه. من هذه العناوين "كلبة فاطمة" و"حمار الواعظ" و"رائحة الطمي" و"الجزار ملك الغابة" و"استدراج الفراشة لعرشها المجيد" و"الدجاجة اقوى من الاسد" و"جزيرة النمل" وغير ذلك.

نبدأ لا من البداية بل من قصة ابعد منها بكثير اي بقراءة قصة "حمار الواعظ" مثلا حيث يقول "انا حمار الواعظ. وللحق لولا صبري الوراثي والحبل الذي يشدني كالوتد الى جذع شجرة في ظهيرة تلك الجمعة لدخلت غاضبا ذلك المكان الكبير الضخم والذي تعلوه مئذنة عالية وشققت الصفوف الى المنبر ثم ادير ظهري له وبكل قواي ارفس الواعظ والذي كان يعلو صوته وهو يتكلم عن الرفق بالحيوان.. ثم انهق نهيقا كبيرا تسمعه عبر مكبر الصوت الانس والجن تعبيرا عن ثأري.. فآثار السوط وكدمات العصا على ظهري التعيس وخلو زريبتي من اي برسيم او قش منذ اسبوع كامل كانا مبررا كافيا لرفستي هذه. وكما قلت فأنا حمار الواعظ "الشيخ جاد الله" وهو يتقن الوعظ في الموت والفتن والنار ومكارم الاخلاق وهي خطب سليمة اللغة موزونة ومتقنة السبك فقد شهد ظهري التعيس بروفات منها."

تبدأ قصص المجموعة بشكل نموذجي ويمكن ان نستدل منها على نمط كتابة كرم الله. القصة الاولى مثلا حملت عنوانا هو "هدية عنصرية". وبطل القصة هنا حذاء او فلنقل انه القصة كلها. يحدثنا هذا البطل بصيغة المتكلم فيقول "انا زوج حذاء رجالي مقاس 42 ومشكلتي بدات مساء الاحد الموافق الاول من نيسان 1997 اي قبل ثلاثة اعوام." ولربما تساءل القارىء ان كان تاريخ الاول من نيسان قد ورد هنا صدفة ام ان الكاتب اختاره عن عمد لانه "يوم الكذب" وهل يقصد بالكذب الخيال نفسه وهو هنا "جامح" الى حد ما.

اضاف "فقد كنت قبل هذا التاريخ ممتلىء الوجنات ولين البطن والظهر واقطن فترينة هادئة في شارع الجمهورية." وكان سعر هذا الحذاء "البورجوازي" غاليا مما لا يسمح لاصحاب الارجل الخشنة المتسخة "بشرائي وامتطائي في اعمالهم الشاقة ومشاويرهم الطويلة واستغراقهم اثناء سيرهم في مشاكلهم اليومية الوافرة مما يعرضني للانغمار حتى سيوري في البرك والاصطدام بالحصى والبعر وعلب الصلصة وذلك لان هذه الارجل الكريهة الرائحة لا تقطن الا هذه الاحياء ذات الازقة الضيقة المتسخة."

ويتحدث عن ولادته في المصنع الحديث وعرضه بعد ذلك في الواجهة الى ان اشترته امرأة لحبيبها "وهكذا صرت انا عربون هيام بشري ولكن ما الضير في ذلك فسيعاملونني برفق." وقد "لاحظت خفة وزن بني آدم حين يسير مع المحبوب. انه يكاد يكون بلا وزن." وننتقل الى القصة التالية وهي "الاحد الحزين" حيث تسلل "حرامي" الى الدار وسرق الحذاء متوهما انه شيء ثمين "لانني كنت انام... داخل صندوق مزين باهداء من حبيبته." الحرامي صار يعامل الحذاء بقسوة. في قصة "استرقاق هدية" يحدثنا عن تفاصيل قرار المرأة المستلقية في حمامها شراء حذاء لحبيبها فيقول واصفا ما اعتبره مأساته "وكأن شيئا لم يكن وكأنها لم تقرر اعدام كائن حي مرهف."

وقصص الحذاء هذه مترابطة تؤدي الواحدة منها الى الاخرى. في قصة "من هو الحذاء الاكبر" شعور بالرثاء لحال هذا الانسان. تبدأ القصة بالتساؤل عمن هو الحذاء فعلا. يقول عن الرجل الذي اصابه مرض "ها هو نائم في السرير. انه مريض بحمى. تعجبت من حياته." يروي لنا قصة الرجل وعذاباته ويسأل "من هو الحذاء والذي تمتطيه عشرات الارجل هو ام انا?"

في "قمر من جلد بني وبطن اسود" تجربة جديدة مريحة للحذاء فقد انغرس في مكان كانت قد انكسرت فيه زجاجة خمر. "شعرت بدوار خفيف. بدأت الامي وهمومي تخرج سوداء كالدخان من مسامي... شعرت بخدر لذيذ وكأن الشوك والحصى لم يخلقا قط." وشعر بجاذبية تشده الى اعلى "وكانني امتطي الارجل وليست تمتطيني."

في "ارجل الالم" كتابة شعرية لافكار عديدة وتساؤلات عميقة. يبني الكاتب على التوازي الذي يقوم بين الروح والجسد.. يرتفعان معا او يسقطان معا. احدهما يشد الاخر الى اعلى او يجره نزولا الى ادنى. يتحدث عبر الحذاء عن شقاء الانسان وكدحه وبداية ضعفه وعجزه بعد عمر معين. انسان مريض لكنه مضطر الى الذهاب الى عمله كي يطعم عائلته. يقول "انه يجر جسده... يجر عبئا ثقيلا (كم عبء هذا الجسد حين يمرض او يعشق او يسجن او يحرق او يضرب)... فقدت الاشياء نضارتها... كل شيء يثير فيه الاشمئزاز والغثيان... اين تلك الروح التي كانت تحمل الجسد وتجري به... اليس هناك بديل لهذه الحياة ان لا يمرض الجسد والا يجوع ولا يفنى تحمله روح معذبة مثله كي يعمل."

الالم عامل فعال مغيّر قد يوحّد ويصهر. "سقطت كل الاعتبارات من عينه... لا مجد ولا شرف... احس بالنفوس المعذبة... احساسا صادقا بل بحنان بالغ وكأنه هم. كلهم ارواح معذبة ففي الظلام تتشابه القطط وفي الالام تتقارب النفوس... امتلأ بالالم.. صار كيسا من الالم. لن يصل. لقد خرّ الجسد. لم يعد قادرا على سماع الروح."

2006-02-01

Post: #148
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-07-2006, 04:55 AM
Parent: #147

جريدة الوطن القطرية

الأشياء تستعيد سلطتها التي سرقتها الثنائيات المتعارضة

كتب ـ محمد الربيع

السرد قصا كان أو رواية‚ يعيد الاعتبار للتفاصيل والأشياء‚ ويخرجها من عزلتها في الكون‚ ويدخلها إلى موسيقى الوجود الكلية‚ التي يأخذ فيها أي عنصر موقعه الحقيقي‚ ويوحي ويدل ويشع على السياق بأكمله‚

والأشياء لا تعيش في عزلة إلا في ذهننا السائد‚ لأنها في الحقيقة مرتبطة حيويا بالإنسان وبوجوده منذ بدء الخليقة‚‚‚ إلا ان خطاب الثنائيات المتعارضة‚ القائم على النظر إلى العالم وإلى الحياة بوصفة حصيلة لصراع أو حوار قطبين بين كوكب الفعل والمفعول به‚ مسخ الاتساق النغمي لحركة الاشياء في سمفونية الوجود الكلي‚ ووحدتها الجمالية‚

والقاص والكاتب السوداني عبدالغني كرم الله‚ في كتابه «آلام ظهر حادّة» الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر يعيد الاعتبار إلى جذوة الاشياء‚ التي سرقها خطاب الثنائيات المتعارضة‚ ويكشف عن الجمال المخبوء وراء مصداته السميكة التي تمنع تبخر روائحها‚ واصواتها وملامحها‚ بالسرد‚

فابطال كرم الله في «آلام ظهر حادّة» ليسوا شخوصا من لحم ودم‚ يديرون حركة الحياة والعالم من موقع الفاعل‚ وتكتفي الاشياء بالاستجابة والتلقي السالبة لأوامر الفاعل‚ بل هي اشياء تكشف عن سطوتها وسلطتها في المشاركة في إدارة مصير الإنسان‚ لذلك هي أحذية‚ وطمي‚ واحجار‚ ونهيق حمار وحنين كلبة‚ حررها الكاتب بواسطة السرد من غيابها‚ وجعلها تضج بالروح والأشجان والهواجس‚ في مملكة تتبادل فيها الكائنات الفعل والتأثير والشعور‚ في خطاب جمالي محض‚ متحرر من اكراهات الايديولوجيا وسطوة الثنائيات المتعارضة لذلك يصرخ «الحذاء» بطل النص الافتتاحي للمجموعة الذي يحمل عنوان: هدية عنصرية:

ولا يحق لنا المطالبة أو حتى مجرد الحلم بأن نكون على الرأس مثل الكاب‚ أو حول خصور النساء كالأحزمة‚ أو في الأيدي مثل كتاين الساعات والأسورة‚ وبأننا لم نخلق إلا للوطء والدوس‚ وحقا لماذا لا يولد بني آدم واحذيتهم بأطراف أرجلهم مثل حوافر الحمير‚ وأظلاف الماعز‚ ونُكفى شرهم‚ وكأنهم طردوا من جنة الرحم قبل نضوج حوافرهم‚ فأخفوا عاهتهم بانتعال الحذاء‚ طوبى للأحذية في بطون الحوامل‚ فهي عذراء وملساء من أرجل الأجنة وبطش المسامير‚ فلم اسمع كشكشة صندوق الإسكافي تتسلل من بطن الحامل‚ فالطبيب يذهب حيث يكون المرضى‚ وكفى الله أرجل الجنين شر الترحال في سبيل القوت‚ أم ضرب على بني آدم السعي في فجاج الأرض لجهلهم بمواقع خزائن الله وأسراره‚ فالموتى ينعمون بحياة رغيدة في جوف القبر‚ بلا حذاء أو ماء أو نور أو سلطان‚ ما أشد فقر بني آدم‚ فذاته لا تكفيه‚ وكأنه ولد ناقصا‚ لم لا يكون مثل شجرة النيم‚ في قوتها وصبرها وموتها‚ فهي لم تخط في حياتها خطوة واحدة من مسقط رأسها وحتى حتفها‚ ولم تجر بدمها الأخضر غريزة الترحال‚ ومع هذا‚ عاشت طويلا‚ فنبتت برعما طريا‚ ثم أورقت وأزهرت وأثمرت‚ وتمتعت جذورها بمص طين الأرض الطيب‚ وحين تموت‚ تموت واقفة‚ وكأنها تسخر من الفناء‚ «انتصب حتى تسقط بصورة أفضل»‚ أما بني آدم فيحتاج للسكين والحذاء والبطانية والكتب والنبوءات والنور حتى يقضي وطره السرمدي‚ ولا يتردد الحذاء في الرثاء لمرتديه الذي لا يستطيع الاصغاء لانكاراته الخفية وهو يصدح بمونولوج طويل:

لا أخفي عليكم سرا‚ كم من المرات كنت أرثي لهذا الكائن ذي الرجلين‚ الذي يبدو كتلة من هم‚ بلا هدف‚ حيران‚ يتسكع كقارب بلا حبل‚ في بحر حياه متلاطم‚ الأرزاق‚‚ المجهول‚‚ الخوف‚‚ كينونة الوجود‚‚ الجوع والبرد‚ تركبه مثلي ملايين الأرجل‚ يتصبب عرقه في جسمي‚ فأشعر بملوحة وحموضة أحشائه‚ محروق بسجن الغرائز‚ سجن لا فكاك منه سوى الدخول بباب الموت إلى عالم آخر‚ لا يهمني ذلك العالم‚ لا شكله‚ ولا ماهيته‚ ولكن هل يا ترى فيه شوك‚ وحصى‚ وهل ما زال بنو آدم يمتطون الأحذية‚ أم تظل الأرجل عذراء ولدنة‚ كأرجل الأجنة في الأرحام‚ ولم يخرج من ذلك الباب أحد‚ حتى أرى هل برجليه حذاء معفر؟!

في الصبح‚ وقبل أن تهجر الطيور أعشاشها‚ وتمضي بلا أحذية في طلب قوتها المقدور‚ حشرتُ بداخلي الرجل‚ قدر لا فكاك منه‚

أما «رائحة الطمي» فتنثر كنانتها من الشعور والمشاعر‚ وتكشف عن قراءتها لخرائط الإنسان‚ عبر مونولوج‚ استعار له الكاتب قاموس الحواس‚ ليعبر بها حدود الخطاب وسجونه‚ ويجعلها تقدم في سردية محكمة مشهدها الكامل المتكامل:

ومع هذا فهي الرائحة الوحيدة التي تثير غيرتي‚ كما أني احتل موقعا أثيرا في أنف فضل الله‚ فهو حين يستنشقني‚ يسرح بعيدا‚ في حديقة أعماقه‚ كما لو أن بداخله حياة حقيقية‚ أرق وأنضر وأعمق مما هي عليه بالخارج‚

وأما الرجل الوحيد‚ والذي اعترفت كل الروائح‚ حقيرها وجليلها‚ بأنها لا تحرك فيه ساكنا‚ «ولا شم لمن تنادي» فهو رجل قوي البنية‚ عميق التفكير‚ يجلس في أحد الميادين الرئيسية بالمدينة‚ وقد ظل يجلس مدة تفوق الخمسين عاما بلا حراك‚ فهو يجلس على حجر ويحدق في الأرض‚ حتى الطيور‚ والتي جعلت من صلعته عشا لها‚ لم تكن لديه الرغبة في طردها من وطنها الصغير‚ ولا يرفع رأسه البتة‚ وكأنه مل ما يجري حوله‚ أو يؤثر عليه اجترار الذكرى‚ فسيماء وجه تنم وكأنه يراقب حربا بداخله‚ بين نفس بهيمية هيمنت على ما سلف من أيامه‚ وعقل منزو‚ وان كان متوقدا‚ فقد اقتصر دوره على الندب وشق الجيوب ولطم الخدود‚

وكنت أقف عند أنفه ساعات طويلة‚ ولا أرى في شعيرات مناخيره الدموية أي أثر لزيارتي‚ وحقا «أكرم محدثك بالإنصات إليه» وأقرع يفتح لك‚

أما بطل «جزيرة النمل» فهو حجر‚ يؤرخ لتاريخ الاختلال في خريطة الوجود‚ من خلال تراث الاقصاء والالغاء والنفي‚ وتحويله إلى مجرد مفعول به في مجرة الثنائيات المتعارضة‚‚ فيصرخ في مسرح الوحشة‚

أنا حجر‚ مجرد حصى أملس‚ وحجمي كما قلت‚ يمكن أن تحتويه يد طفل لا يزال يتعفر بالتراب حردا ان قضمت شقيقته جزءا ضئيلا من بسكويته المتآكل الأطراف بلعابه‚ بالرغم من أني عمري مقارنة بهذا الطفل الباكي‚ مثل عمر حصة التسميع لطيش الفصل‚ وعمر البرق‚ كنت قبل هذا‚ حجرا ضخما وذا نتوءات حادة‚ لا يقوى على حملي كل من هب ودب‚ ولكني استسلمت لصروف الدهر‚ فجعلني أملس الوجه وحقير الوزن‚

والآن أنا ملقى في قارعة الطريق‚ لا يكترث بي سوى بعض الصبية وإطارات السيارات‚ وأيادي الأطفال الأشقياء‚ والتي تقذفني بشدة بعضها نحو بعض‚ أو نحو كلب نائمة فتنته تحت سيارة معطوبة‚ وقبل أن ألقى في قارعة الطريق‚ كنت أسكن على ضفاف النهر‚ تغسل جسمي الاملس أمواج النهر‚ إلى أن قرر أحد أثرياء المدينة بناء دار مخيم‚ فحملنا على ظهر اللوري حتى نصب في أعمدة الدار الاسمنتية‚

ولقد كنت سعيدا لأنني سأكون جزءا من بناء شاهق‚ انظر إلى العالم من عل‚

وهكذا يستمر عبدالغني كرم الله في إعادة بناء سردية الكون والحياة في ضوء تقاطع الأشياء والتفاصيل والشخوص في وحدة وجود عرفانية وجمالية‚ يستعيد فيها الكل شخصيته ورائحته وصوته‚


مشروع للتسامح تتبناه بلدية في أمستردام

أمستردام ـ رويترز ـ الكسندر هادسون ـ تسير فاطمة العتيق نائبة رئيس البلدية في الحي الذي تمثله في شرق امستردام وهي ترتدي قميصا من اللون الازرق الساطع كتب عليه «مرحبا بالجار» محيية المارة ايا كانت اعمارهم أو أصولهم العرقية‚

وتصطف متاجر الاطعمة الغريبة في الشوارع المزدحمة التي تحمل اسماء مثل شارع جاوة وشارع سومطرة وهي أماكن تبدو مختلفة تماما عن القنوات والجسور والمنازل في وسط امستردام التي تصور في بطاقات المعايدة‚

ومهمة العتيق في منطقة زيبرج متعددة الاعراق هي القضاء على التشكك المتبادل بين الجاليات المختلفة والذي تزايد بشدة بعد قتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ قبل عام اثناء توجهه الى عمله على دراجة قرب هذا المكان‚ وفان جوخ (47 عاما) وهو قريب للرسام الشهير في القرن التاسع عشر فينسينت فان جوخ كان من أشد منتقدي الاسلام وتلقى تهديدات بالقتل بعد فيلمه «الخضوع» الذي يتهم فيه الاسلام بأنه يتغاضى عن العنف ضد المرأة‚ وقالت العتيق (32 عاما) وهي هولندية من أصل مغربي وترتدي الحجاب الاسلامي «القتل بدد الكثير من التسامح غير الحقيقي»‚

وأضافت «لكن الناس تجمعوا على الفور ليقولوا انها ايا كان ما يحدث هذا حينا ونريد حمايته‚ ونظموا كل اشكال التجمعات والمناقشات وربما يحدث شيء جيد بعد هذه المأساة»‚

وكان قتل فان جوخ بشكل وحشي يوم الثاني من نوفمبر من العام الماضي بيد محمد بويري وهو متشدد اسلامي هولندي من اصل مغربي وتهديدات بالقتل لزعماء سياسيين ثبتت بسكين في جثته قد اثارت اضطربات عميقة في المجتمع الهولندي وموجة مضادة مناهضة للمسلمين‚

وفي الاسابيع التالية لقتله وقعت عشرات الهجمات على مساجد وكنائس في اعمال عنف متبادلة‚

ووجدت هولندا التي كانت من قبل تشتهر بتسامحها نفسها توصف بانها الدولة التي فشلت في تحقيق تكامل المهاجرين في المجتمع وتعاني الان من عواقب ذلك‚

واعادت السلطات على الفور حالة من الهدوء المشوب بالحذر لكن العديد من الهولنديين المسلمين يقولون انهم يشعرون بحالة جديدة من الافتقار للتسامح تعمقها كل غارة جديدة تشنها الشرطة لاعتقال نشطاء‚

وقالت العتيق «الحكومة الوطنية فازت في الانتخابات بتأكيدها على جميع المشكلات التي تظهر في ضواح مثل هذه»‚ وهي مثل العديد من الساسة المحليين ومنهم جوب كوهين رئيس بلدية امستردام تشعر ان حكومة يمين الوسط عمقت التوترات بانتهاج سياسة متشددة تركز على تنفيذ القانون على حساب سياسات مكافحة التمييز‚ وتولى المسيحيون الديمقراطيون السلطة من حزب العمل في عام 2002 وسط موجة مناهضة للمهاجرين في اعقاب مقتل الزعيم الشعبي بيم فورتوين‚ وتضم هولندا التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة نحو مليون مسلم يتركزون في المدن الكبيرة نحو ثلثهم من أصول مغربية‚

لكن العتيق أكدت ان المسؤولية تقع كذلك على عاتق المهاجرين واطفالهم في أن يظهروا انهم يرغبون في أن يصبحوا جزءا من هذا المجتمع‚

واقترحت وزيرة الهجرة ريتا فيردونك في الفترة الاخيرة حظر ارتداء النقاب الذي ترتديه قلة من المسلمات ودافعت عن اقتراحها مشيرة الى اعتبارات أمنية‚ لكن العتيق تعترض على النقاب لأسباب أخرى‚ تقول «النقاب يوجه رسالة مفادها أنا لا أريد ان أكون جزءا من هذا المجتمع»‚ وأضافت انها ستسعى لمساعدة أي امرأة يفرض عليها رجل ارتداء النقاب‚ وأضافت ان المسلمين هنا يجب ان يكونوا ظاهرين للعيان ومنخرطين في المجتمع‚

وزاد قتل فان جوخ من الحاجة الملحة لعمل مشروعات تكامل على مستوى القاعدة في مختلف ارجاء المدينة‚

وعلى الطرف الغربي لامستردام يتلقى مشروع اي‚ان‚أي‚بي الصبية المراهقين الهولنديين من أصل مغربي الذين خالفوا القانون أو يخشى ان يخالفوه لتعليمهم اصلاح معدات المستشفيات مثل المقاعد المتحركة وتسليمها بأنفسهم في قرى وبلدات مغربية‚ ويوضح مصطفى بابا أحد منظمي المشروع ان هذه الرحلة تحقق عدة أغراض‚ فالشبان يصدمون في بادئ الامر من مشاعر العرفان التي تغدق عليهم ثم يدركون قيمة عملهم مما يعطيهم احساسا بقيمة انفسهم‚

لكن بعض الصغار ربما يعرفون المغرب جيدا بالفعل الا انهم يصدمون من الفقر والافتقار للفرص هناك مما يدفعهم للتفكير في المستقبل الذي ينتظرهم في هولندا‚ كما يدفعهم ذلك الى الاعتراف بأنهم في حقيقة الامر يملكون هويتين‚ وقال بابا «انهم في جزء منهم يشعرون بالغضب تجاه المجتمع الهولندي ويشعرون بأنهم غير مقبولين فيعرفون انفسهم بأنهم مغاربة‚ لكن عندما يسافرون الى المغرب يدركون أن أغلب المغاربة يعتبرونهم هولنديين»‚

ويهدف المشروع الى مساعدة الشبان على التكيف مع الهوية المزدوجة والتعامل مع التمييز المتوقع ان يتعرضوا له خاصة في سوق العمل‚

وابلغ كوهين رئيس البلدية الصحفيين الاجانب في وقت سابق هذا الشهر «الجيل الاول من المهاجرين لم يؤخذ بجدية‚ واطفالهم يتأثرون بشكل أكبر بالمجتمع الهولندي لكنهم يظلون غير مقبولين‚ ويجدون صعوبة في الحصول على عمل ويحبطون لذلك يتطلعون الى انتماء آخر»‚


تــرجــمـة

قد يكون الماء ترجمة للعطش‚‚ أو قد يكون العطش ترجمة للماء‚‚ لن أهدر وقتا إضافيا في تقليب أوراق القواميس‚‚ لأن التجربة أو الملل - هناك تشابه بين الملل والتجارب - علّماني أن القواميس تبدو أحيانا بلا مبرر‚‚ لأن الناس يشتقون لغتهم الخاصة‚‚ من أشواك الواقع‚‚ ومن الصبر على النهار الطويل بلا أي أمل في عودة الغائب‚ أو رجاء في تراجع الظروف عن تهديداتها ووعيدها للفقراء‚‚ وباعة الجرائد‚‚ وحراس المصاعد والحمّامات العامة من قادم الأيام‚ وقادم الظروف التي لا تختلف كثيرا عن «قرن الخروب» مع أن قرن الخروب لمن يعرف فلسطين جيدا يعتبر من الحلويات خاصة إذا حلك سواده‚‚ وجفّ ملمسه‚ واستعصى على الأسنان الشابة‚‚ والأصابع القوية‚‚ لا نحتاج إلى القواميس‚‚ لذلك لا نحتفظ بها كما نحتفظ بربطات العنق والخواتم وبطاقات التعارف‚‚ نلجأ للقاموس فقط إذا نشب الخلاف على اشتقاق كلمة أو مصدر فعل‚ أو أصل لفظة ووصل الخلاف إلى حد التحدي السافر‚‚ والقطيعة المحتملة‚‚ ونحن جاهزون للقطيعة دائما‚‚ ونمارسها بلا تردد‚‚ نتردد فقط في بداية التعارف‚‚ وفي بداية الاعتراف‚‚ وفي بداية المصافحة‚‚ لكننا لا نتردد في تقطيع ورقة المواعيد‚‚ والصور القديمة‚‚ والذكريات التي كانت ذات يوم أحلاما جديدة‚‚ ليس من الجميل الاسترسال في البكاء والحزن‚‚ جميل هو الحزن العابر‚‚ الذي يمر كما يمر القطار‚‚ لا يبقى خلفه سوى صدى شهقات المودعين‚ وأطراف مناديل ترقص مع الهواء‚‚ تماما مثل رقص النائحات الدامي والحزين‚‚ الماضي لا يعود‚‚ أعرف ذلك‚‚ لكنني أنا الذي يعود ولا أدري إن كان الماضي يعرف ذلك‚‚ المهم أن الترجمة لا تعني معرفة اللغات‚‚ إنما تعني معرفة ما هو أهم من اللغة‚‚ إنه الإحساس الذي يمنح اللغة طعمها ويمنح المعاني حضورها في اللغة‚‚ أشياء كثيرة غير اللغة تحتاج إلى ترجمة‚‚ أنا أحتاج إلى ترجمة روحي لي وترجمة أوجاعي‚‚ وترجمة أنيني‚‚ كل منا يحتاج إلى ترجمة‚‚ لأن صورنا تصل إلى الآخرين مشوهة ـ مزيفة‚‚ غير حقيقية لذلك نجهل بعضنا البعض‚ كيف ترجمت نفسك لمن يجاورك في السكن وفي العمل وفي الطابور وفي الهم وفي كل شيء‚‚ مشكلة عندما لا يكون الخلل في الترجمة وإنما في المترجم عنه‚ سواء ترجم لنفسه أو قايض من يترجم عنه وله‚‚ جرب أن تتجول في الميادين العربية‚‚ ماذا ترى‚‚ سترى فوضى في الأفكار وفي التعامل مع قوانين المرور‚‚ سترى السيارة الفارهة التي لا يتردد راكبها في المخالفة بكل ألوانها وأخطارها‚‚ وسترى في الناحية المقابلة الإنسان المهدم‚‚ الذي يقف تحت شجرة دمرها التلوث في انتظار حافلة لا تأتي‚ وأمل لا يأتي‚‚ وموعد مع الحلم لا يأتي‚‚ وطبيب لا يحسن التعامل مع مجهولي الطبقة الاجتماعية‚‚ وسائقين لا يقفون إلا للحسناوات من كل الطبقات‚‚ ومع ذلك تكتشف أن هذا الإنسان المهدم بشكل شبه كامل وشبه دائم‚‚ هو الذي يعرف قواعد اللغة‚‚ ويطبق القوانين‚‚ ويسأل الله المغفرة ويشجع ابنه على التطوع في الجيش‚ ويحفظ النشيد الوطني كاملا‚‚ خير طريقة لمعرفة سوء الترجمة هي التجول في ميدان عربي‚ أو في مدينة عربية‚ ساعتها ستكتشف أيها الغارق في تحليل الظواهر كم أن حالتنا ميووس منها تماما‚ مهما تعددت قصائدنا‚‚ ولطمت نائحاتنا‚ وتفاخرنا بالمال والبنين‚ ومهما كانت شققنا السكنية وفيللاتنا تشطيب ديلوكس‚‚ داخلنا معتم‚‚ وأمامنا وجوه غير مترجمة بشكل صحيح‚ ومظاهرات غير مكتملة النصاب العقلي والذهني‚‚ لا تتشاءم‚‚ ولا تكتئب‚‚ بل اقرأ بشكل جديد‚‚ مخطئ من يعتقد ان القراءة لا تكون إلا بمعرفة الأبجديات‚‚ وإلا لما قال القرآن «اقرأ» لنبي أميّ‚‚ ولكن لا تقرأ الترجمة الحرفية لأي «وجه» أو لأي «قفا» في الشارع العام‚‚ اقرأ قراءة مودع‚‚ مع الاعتذار لصلاة المودع‚‚ ستكتشف أن الخلل في الترجمة ليس حديث الولادة‚ بل هو قرين تاريخ عربي تخبأت فيه الخديعة‚ وتجادل فيه المنطق مع نقيضه حتى اقتنع المنطق بأنه على خطأ‚‚ حاول أن تقرأ من جديد ربما ستكتشف كم أنك لا تعرف نفسك‚ ولا أحد من أفراد شجرة العائلة يعرف نفسه‚‚ لا تتفاجأ وحاول أن تتسلى بما ورد في مقدمة هذه الترجمة السيئة‚‚ هل الماء ترجمة للعطش أم أن العطش هو ترجمة للماء؟!

Post: #149
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-08-2006, 09:06 AM
Parent: #148

--------------------------------------------------------------------------------

جريدة السوداني، ومنتدى السودان للجميع
آلام ظهر حادة
الواقع داخل فخ الاستيعاب – التجاوز
حامد بخيت الشريف
(( بين النطق والصمت برزخ ، فيه قبر العقل وقبور الأشياء ))
النفري
لا يمكنك قراءة آلام ظهر حادة إلا وتجد نفسك منفتح على عوالم ربما تتجلى فيها قدرة الكاتب على تحريك كل أدواته السردية مقابل الوصول إلي مقولات اقرب ما تنتمي إلى الكونية حيث تنفتح معظم نصوص هذه المجموعة على استكناه سر الأشياء والذي تبدأ من خلاله في الانطلاق إلى عالم الإنسانية وربما نجد هذا بوضوح إذا أدركنا قدرة كرم الله على تحريك المتخيل والتسامي به إلى ما يقارب الواقع مما يعني أن النص لا يتورط في الواقعية بفجاجة وانما ينفتح عليها من نافذة التخييل ، بذا فالحذاء في بداية المجموعة يجد نفسه متورطاً في كونه الراو والبطل في آن واحد وهذه لابد لها من أن تترك الفضاء متسعاً أمام المسرود له لتلقي كل أسرار البطل بما أتاحته له إمكانية أن يكون هو نفسه الراو وليس مروياً عنه الأمر الذي يمكن أن يحد من قدرة الراوي على إدراك كوامن بطله ، كما أن ثمة ما يمكن الانتباه له في هذا النص بالتحديد وهو أن آلام ظهر حادة قد احتوى على مجموعة من العناوين الداخلية مما اظهر قدرة النص على أن يكون مشروعاً لرواية وليس مجرد قصة قصيرة ، إلا أن اللافت للنظر تماماً هو انه وبالرغم من توفر النص على قدر كبير من التفاصيل الداخلية والتي غالباً ما تتوقف عن التطور لمصلحة السرد عند معظم الكتاب خصوصاً في القصة القصيرة إلا أن كرم الله استطاع أن ينتج من خلالها بنية سردية في أعلى درجات التماسك والتشويق .
وبالرجوع إلى ما أشرنا إليه سابقاً من ثنائية خيال – واقع فانه يمكننا القول بان كرم الله قد نصب فخاً متميزاً للواقع بحيث اوقعة ضمن معادلة استيعاب – تجاوز ، بحيث انه يمكنك قراءة الواقع على اعتبار انه قد تم استيعابه ضمن منظومة ما هو متخيل ، وبذات القدر يمكن القول بان التخييل قد أفضى إلي حالة تجاوز كاملة للواقع ويمكن قراءة ذلك بوضوح إذا رجعنا إلي تقنية السرد المستخدمة في معظم النصوص بحيث يكون البطل (الشيء) –( الحذاء –الحمار .. الخ ) هو نفس الراوي والذي يستخدم علامات لا تنتمي إلى الشيئية بمقدار ما تقربه من الخصائص الإنسانية
أما من زاوية محمولات النص فانه لا يمكننا بأية حال العبور على المقولات التي تتبناها قصص كرم بعفوية ، فهي بالضرورة ذات محمولات أيدلوجية ومعرفية عالية – لاحظ ، سعر الحذاء ، عدم قدرة الفقراء على امتلاكه ، إهداءه إلي عشيق ومعاملته برقة في أيامه الأولي ، إلي أن يأتي كرم الله ويجترنا إلي ما يود الإشارة إليه من أسئلة الطبقة والتمايز ليجعل الحذاء لحظتها يقع فريسة للص الذي يقوم ببيع الحذاء( للميكانيكي) وهنا حيث تبدأ محنة الحذاء والتي هي بالضرورة إشارة ذكية إلي الفارق الطبقي بحيث يتحول الحذاء مباشرة من المشهد الأول ليسرد لنا معاناته من خلال وصف المكان وطريقة حياة الكائنات فيه .
كما لا نغفل كذلك عن البعد الروحي (الصوفي) وفلسفته المنتجة داخل سياقات النصوص المختلفة – لاحظ (كلبة فاطمة-حمار الواعظ ) بحيث تجد أن التصديرات السابقة للنصوص (epigraphs) تفضي إلى إشارات عميقة تقود بدورها إلى كشف فلسفة النص ، فأنت تقراء على صدر كلبة فاطمة (كن رؤوفاً ، فكل من تلقاه يقود حرباً ضروساً ) وهو بالضرورة – أي التصدير – يعد ذو دلالة واضحة إذا ما استلفناه لحظة قراءة النص ولعل ما فعلته الكلبة بناظر المدرسة القاسي المتجهم خير دليل على ما تود هذه القصة قوله ، ويتكرر نفس المشهد في حمار الواعظ ، حيث نجد على صفحته الخارجية هذه الجملة (إذا أذنبت فتطهر بالعمل) ولعل هذه الجملة أيضا قادرة على كشف الصدوعات والتهتكات داخل نفس الواعظ (فهو مثلا يتحدث عن الرفق بالحيوان ويعامل حماره بقسوة تناقض ما يقوله ) وهو أيضا ينكر الأفعال التي يراها مسيئة عند الآخرين ولكنه يمارسها في خلواته .
هكذا يمكننا القول بان التيمات على الرغم من اختلافها في معظم النصوص إلا أنها تكاد تكون في مجملها إجابة على سؤال واحد (أنا من أنا؟) بمعني انه يطرح سؤال البحث عن الذات بكل تعقيداته ويبدو لي أن كرم الله قد انتهج في ذلك منهجاً يتشابه إلى حد كبير من حيث تقنيته مع ما طرحه فرانز فانون في كتابه (معذبو الأرض) بحيث يرى سارتر انه –أي فانون – ينزع إلى تعرية الغاصب (المستعمِر) أمام نفسه واطلاعه على كل فظائعه بعكس السائد الذي ينبني في الأصل على تعريف المغتصب (المستعمَر) على فظائع الآخر (المستعمِر) وهذا عند كرم الله يتحقق على مستوى كشف الإنسان وتعريته أمام نفسه وليس كشفه أمام الآخر (الأشياء)
مجمل القول هو أن كرم الله قد أنجز أعمالا قصصيه لها ما يميزها عن كثير مما هو منجز في السرد السوداني خصوصاً إذا ما قرأنا هذه الأعمال داخل إطار تقنية كتابتها بحيث يمكن القول بأنها قد استطاعت والى حد ما استيعاب مجموعة من أسئلة الكتابة السردية (أشخاص –حدث- تقنية كتابه – مكان- زمن ) وقد استطاع كرم على حسب رؤيتنا إبراز معظم هذه العلامات في هذه المجموعة القصصية
لذلك فان خلاصة قولنا هو أن هنالك إرهاصا بمشروع جديد في مجال الكتابة القصصية قدمه لنا عبد الغني كرم الله ليقول من خلاله أن فعل الإبداع ليس تهويماً وتحليقاً حول أطر لا تنتمي إلى الواقع ولا تقدم له ما يفيده ولكنه فعل يتوفر على العديد من الإشارات والدلائل المعرفية والتي يمكنها أن تقدم مجمل قراءات يمكن أن تتكشف من خلالها كل التصدعات والشروخات الموجودة في واقع الإنسانية وبالتالي محاولة تشكيل الواقع بوعي مختلف

Post: #150
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-09-2006, 08:21 AM
Parent: #149

Quote: والقاص والكاتب السوداني عبدالغني كرم الله‚ في كتابه «آلام ظهر حادّة» الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر يعيد الاعتبار إلى جذوة الاشياء‚ التي سرقها خطاب الثنائيات المتعارضة‚ ويكشف عن الجمال المخبوء وراء مصداته السميكة التي تمنع تبخر روائحها‚ واصواتها وملامحها‚ بالسرد‚

فابطال كرم الله في «آلام ظهر حادّة» ليسوا شخوصا من لحم ودم‚ يديرون حركة الحياة والعالم من موقع الفاعل‚ وتكتفي الاشياء بالاستجابة والتلقي السالبة لأوامر الفاعل‚ بل هي اشياء تكشف عن سطوتها وسلطتها في المشاركة في إدارة مصير الإنسان‚ لذلك هي أحذية‚ وطمي‚ واحجار‚ ونهيق حمار وحنين كلبة‚ حررها الكاتب بواسطة السرد من غيابها‚ وجعلها تضج بالروح والأشجان والهواجس‚ في مملكة تتبادل فيها الكائنات الفعل والتأثير والشعور‚ في خطاب جمالي محض‚ متحرر من اكراهات الايديولوجيا وسطوة الثنائيات المتعارضة لذلك يصرخ «الحذاء» بطل النص الافتتاحي للمجموعة الذي يحمل عنوان: هدية عنصرية:

Post: #151
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-10-2006, 08:43 AM
Parent: #150

Quote: (( بين النطق والصمت برزخ ، فيه قبر العقل وقبور الأشياء ))

Post: #152
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-11-2006, 08:31 AM
Parent: #151

Quote: الالم عامل فعال مغيّر قد يوحّد ويصهر. "سقطت كل الاعتبارات من عينه... لا مجد ولا شرف... احس بالنفوس المعذبة... احساسا صادقا بل بحنان بالغ وكأنه هم. كلهم ارواح معذبة ففي الظلام تتشابه القطط وفي الالام تتقارب النفوس... امتلأ بالالم.. صار كيسا من الالم. لن يصل. لقد خرّ الجسد. لم يعد قادرا على سماع الروح."

Post: #153
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-14-2006, 08:48 AM
Parent: #152

عبدالغني .. يعيد أدوار الحيوانات والأشياء .. يقول أنها .. تقول .. أو لسان حالها يقول .. .. تدخل دائرة وجهة النظر وممارسة الفعل .. يأخذنا لما ينتزع الدهشة ويفوق
التصور .. حمار الواعظ وهو يعبر عن نفسه ويدخل التاريخ .. ويرفس الكذب من حيث جاء ..

Post: #154
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-15-2006, 09:19 AM
Parent: #153

ينظر للحياة من خارج الصخب .. يمتد قلمه للمناطق
التي يقل إمتداد الأخيلة الغارقة في تفاصيل الحياة
اليومية إليها ..

Post: #155
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-16-2006, 03:19 AM
Parent: #154

تنساب المفارقة بين شخوصه (من الأشياء) .. وتجعل القاريء
يسير خلفها بخيال منتعش .. وقلب موقن أن هناك 95% من
قوى الإنسان الخفية قيد التفعيل .. تظل مفتوحة على
عالم أجمل .

Post: #156
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-17-2006, 04:17 AM
Parent: #155

Quote: أما من زاوية محمولات النص فانه لا يمكننا بأية حال العبور على المقولات التي تتبناها قصص كرم بعفوية ، فهي بالضرورة ذات محمولات أيدلوجية ومعرفية عالية – لاحظ ، سعر الحذاء ، عدم قدرة الفقراء على امتلاكه ، إهداءه إلي عشيق ومعاملته برقة في أيامه الأولي ، إلي أن يأتي كرم الله ويجترنا إلي ما يود الإشارة إليه من أسئلة الطبقة والتمايز ليجعل الحذاء لحظتها يقع فريسة للص الذي يقوم ببيع الحذاء( للميكانيكي) وهنا حيث تبدأ محنة الحذاء والتي هي بالضرورة إشارة ذكية إلي الفارق الطبقي بحيث يتحول الحذاء مباشرة من المشهد الأول ليسرد لنا معاناته من خلال وصف المكان وطريقة حياة الكائنات فيه

Post: #157
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-18-2006, 03:31 AM
Parent: #156

Quote: لذلك فان خلاصة قولنا هو أن هنالك إرهاصا بمشروع جديد في مجال الكتابة القصصية قدمه لنا عبد الغني كرم الله ليقول من خلاله أن فعل الإبداع ليس تهويماً وتحليقاً حول أطر لا تنتمي إلى الواقع ولا تقدم له ما يفيده ولكنه فعل يتوفر على العديد من الإشارات والدلائل المعرفية والتي يمكنها أن تقدم مجمل قراءات يمكن أن تتكشف من خلالها كل التصدعات والشروخات الموجودة في واقع الإنسانية وبالتالي محاولة تشكيل الواقع بوعي مختلف

Post: #158
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-18-2006, 08:29 AM
Parent: #157

تشكيل الواقع بوعي مختلف هو بيت القصيد ..
هو الإنطلاق من الواقع دون الإرتهان له ..
التحليق على بصيرة .. التوق لذرى النفس
إرتكازاً على وجدان سليم ينشد حياة تليق
بالإنسان الذي كرمه الله على كثير مما خلق

Post: #159
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-19-2006, 03:49 AM
Parent: #158

[QUOTE]فلنقي الكلمة في بركة الأحشاء، كي تثور، من سباتها القديم... فالكتابة عمل، وحفر، وتجاوز، وسهر، وحمى، ولوعة، وجوى، وتطلع، وأمل، وعلاج، وسؤال، وحيرة، وحنان...


حاسر الرأس عند كل جمال (يستشف من كل شئ جمالا)...

الكلمات جسور، تربط المتخيل، بالواقع، بالموعود، بالكائن، بما سيكون، بما كان..

جسور مع المرئي واللامرئي، والوعي واللاوعي..

Post: #160
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-20-2006, 07:01 PM
Parent: #159

نصف التعاسة تكمن في ضيق الأفق ..
التوق إلى أعلى أو إلى أعمق لسبر
غور الحقيقة هو بعض ما تفعله
القصة، الرواية الجادة للخروج
من ضيق الأفق .. وتبقى الحقيقة
وراء ذلك وتبقى فضاءات ممتدة
لمزيد من الإبداع القادم

Post: #161
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-24-2006, 04:45 AM
Parent: #160

ورد أعلاه:

لا تقرأ الترجمة الحرفية لأي «وجه» أو لأي «قفا» في الشارع العام‚‚ اقرأ قراءة مودع‚‚ مع الاعتذار لصلاة المودع‚‚ ستكتشف أن الخلل في الترجمة ليس حديث الولادة‚ بل هو قرين تاريخ عربي تخبأت فيه الخديعة‚ وتجادل فيه المنطق مع نقيضه حتى اقتنع المنطق بأنه على خطأ‚‚ حاول أن تقرأ من جديد ربما ستكتشف كم أنك لا تعرف نفسك‚ ولا أحد من أفراد شجرة العائلة يعرف نفسه‚‚ لا تتفاجأ وحاول أن تتسلى بما ورد في مقدمة هذه الترجمة السيئة‚‚ هل الماء ترجمة للعطش أم أن العطش هو ترجمة للماء؟!

Post: #162
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-25-2006, 07:12 AM
Parent: #161

كل عام وأنتم بخير زوار هذا البوست
ونسأل الله أن يخرجنا من وعثاء الواقع
لآفاق تعبيء حياواتنا فرحاً ومعارف ..
ففي الكون متسع وبدائل إن لم تضق
الآفاق .. وتنكفيء الهمة.

Post: #163
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-28-2006, 05:31 AM
Parent: #162

Quote: لا يمكنك قراءة آلام ظهر حادة إلا وتجد نفسك منفتح على عوالم ربما تتجلى فيها قدرة الكاتب على تحريك كل أدواته السردية مقابل الوصول إلي مقولات اقرب ما تنتمي إلى الكونية حيث تنفتح معظم نصوص هذه المجموعة على استكناه سر الأشياء والذي تبدأ من خلاله في الانطلاق إلى عالم الإنسانية وربما نجد هذا بوضوح إذا أدركنا قدرة كرم الله على تحريك المتخيل والتسامي به إلى ما يقارب الواقع مما يعني أن النص لا يتورط في الواقعية بفجاجة وانما ينفتح عليها من نافذة التخييل

Post: #164
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-29-2006, 04:44 AM
Parent: #163

Quote: فلنقي الكلمة في بركة الأحشاء، كي تثور، من سباتها القديم... فالكتابة عمل، وحفر، وتجاوز، وسهر، وحمى، ولوعة، وجوى، وتطلع، وأمل، وعلاج، وسؤال، وحيرة، وحنان...


حاسر الرأس عند كل جمال (يستشف من كل شئ جمالا)...

الكلمات جسور، تربط المتخيل، بالواقع، بالموعود، بالكائن، بما سيكون، بما كان..

جسور مع المرئي واللامرئي، والوعي واللاوعي..

Post: #165
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-31-2006, 01:56 AM
Parent: #164

تقدمت العلوم وأصبحت تقفز قفزا .. وظل الإلهام
والتأمل السامي والفلسفة .. ذرى معرفية تلامس
الآفاق خارج دائرة العلم التي تتقهقر الحواجز
التي تحدها بإستمرار.

Post: #167
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-31-2006, 04:54 AM
Parent: #165

Quote: دخلت كعادة الداخلين لحدقتكم الغناء.. قلت فى نفسى لم اخسر خلينى اضغط على البوست
فشممت رائحة عطور باريسية من زهر بنفسج ..وملقى على ارضكم تفاحة نيوتن..
اليوم تاورتنى عادة قديمة .. محاكاة العصافير وتزمجر الاسود..وزارنى شيطان الكتابة..سليل وادى عبد الغنى...على وزن وادى عبقر
سوف اسجنه فى اناء فخارى الى حين ان اجد له وقت مستقطع..
كعابرتك هذه


الأخ .. أبوقوته .. تحياتي لك وكل عام وأنتم بخير ..

في إنتظارك تحت ظل جزع نخلة عبدالغني .. اليتساقط
وينتظر متلهفا حاملي ثمارهم في إناء فخاري صوب
الجزع والظل الوريف.

Post: #168
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: اسامة كمال الخولي
Date: 10-31-2006, 06:46 AM
Parent: #167

الاخ الرائع/ محمد عبدالجليل

امطرتنا رطبا وانتم تهزون جزع النخلة انت وهذا الغني فحملنا منه ما استطعنا اليه سبيلاً ، التحية لكما.
سالت عن الاخ عبدالغني وقالوا لي انو في السودان ، فانتم مدعوون لزيارة بوستي الاول بعنوان ( انت مدعو للبحث عن الجمال ) فالمكان يفقتقدكم ، واحضروا معكم بعض البلح لعمل المديدة


مع مودتي

Post: #169
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 10-31-2006, 08:26 AM
Parent: #168

Quote: امطرتنا رطبا وانتم تهزون جزع النخلة انت وهذا الغني فحملنا منه ما استطعنا اليه سبيلاً ، التحية لكما.
سالت عن الاخ عبدالغني وقالوا لي انو في السودان ، فانتم مدعوون لزيارة بوستي الاول بعنوان ( انت مدعو للبحث عن الجمال ) فالمكان يفقتقدكم ، واحضروا معكم بعض البلح لعمل المديدة


الأخ .. كمال الخولي .. تحياتي لك وكل عام وأنت بخير
نعم .. عبدالغني في السودان .. ونخلته هنا .. تأتي
أكلها كل لحظة .. وستجدنا معك بحثا عن الجمال .

Post: #170
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-01-2006, 05:05 AM
Parent: #169

الاسئلة الأساسية في الفلسفية هي هاجس
الباحثين عن الحقيقة النقية .. تظل
تشحذ همم أهل الرؤى .. يغازلها الشعراء
يحورها المحبون .. ويكاد يلامسها
المتصوفة ..

Post: #171
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-02-2006, 07:38 AM
Parent: #170

Quote: الاسئلة الأساسية في الفلسفية هي هاجس
الباحثين عن الحقيقة النقية .. تظل
تشحذ همم أهل الرؤى .. يغازلها الشعراء
يحورها المحبون .. ويكاد يلامسها
المتصوفة ..


وحدهم الأطفال من يدركونها.. عندما يكونوا
في المهد وهم يناغون بلغة الأطفال (الم يقل
عبدالغني أن كل الأطفال يتكلمون في المهد)
قبل أن يهبطوا من الجنة.

Post: #172
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-04-2006, 10:50 AM
Parent: #171

Quote: هكذا يمكننا القول بان التيمات على الرغم من اختلافها في معظم النصوص إلا أنها تكاد تكون في مجملها إجابة على سؤال واحد (أنا من أنا؟) بمعني انه يطرح سؤال البحث عن الذات بكل تعقيداته ويبدو لي أن كرم الله قد انتهج في ذلك منهجاً يتشابه إلى حد كبير من حيث تقنيته مع ما طرحه فرانز فانون في كتابه (معذبو الأرض) بحيث يرى سارتر انه –أي فانون – ينزع إلى تعرية الغاصب (المستعمِر) أمام نفسه واطلاعه على كل فظائعه بعكس السائد الذي ينبني في الأصل على تعريف المغتصب (المستعمَر) على فظائع الآخر (المستعمِر) وهذا عند كرم الله يتحقق على مستوى كشف الإنسان وتعريته أمام نفسه وليس كشفه أمام الآخر (الأشياء)
مجمل القول هو أن كرم الله قد أنجز أعمالا قصصيه لها ما يميزها عن كثير مما هو منجز في السرد السوداني خصوصاً إذا ما قرأنا هذه الأعمال داخل إطار تقنية كتابتها بحيث يمكن القول بأنها قد استطاعت والى حد ما استيعاب مجموعة من أسئلة الكتابة السردية (أشخاص –حدث- تقنية كتابه – مكان- زمن ) وقد استطاع كرم على حسب رؤيتنا إبراز معظم هذه العلامات في هذه المجموعة القصصية

Post: #173
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-06-2006, 05:02 AM
Parent: #172

Quote: والشئ الوحيد، الذي احس به (إن لم أكتب، فسأموت)، أي (أنا أكتب إذن انا موجود)، يدخل الاكسجين إلى رئتي من سنة القلم، وتدخل الروح من العين، حين تلتهم الكتاب المسطور، كتاب الحياة، كتاب الجسد، (أهذه تعتبر هوية)، أتمنى، أن تستيقظ (ثورة الاحاسيس)، في جسدي، كله، حتى الغدة الصنوبرية، تبدأ العزف، مثل اخواتها النشطات، (أحيانا اغبط جسد امي، بالحنان الساكن فيه)، وأغبط الماء لقدرته على التشكل، والتكيف، والليونة، والري، وإغبط الملائكة، على قدرتها على الاختفاء عن الحواس، والقفز من الجنة للأرض، ومن الماضي للمستقبل..وفي استغنائها عن كل (ما يجول بخاطري، وحواسي، وغرائزي)!! وللحق، مآل الإنسان من السمو والتطور، يفوق الملائكة، المخلوقة من نوره الإنسان، تجلي لعقلى المبارك.

Post: #174
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-07-2006, 09:21 AM
Parent: #173

عبدالغني يكتب عميقاً .. يدقق في التفاصيل البعيدة
هذا ما شدني لما يكتب .. مرآته شفافة .. أحس بيديه
ترتجفان وهو يكتب .. يحدث نفسه أحيانا .. يغضب ..
يضحك .. يزدرد كوباً كبيرا من الماء .. يشعر بأنه
يقترب من الإنسان الذي ينشد أن يكونه ..

عبدالغني مكتشف .. فقد إكتشف الأطفال .. سلوكهم
لغتهم .. صدقهم .. تجليهم .. فلديه أن القلــب
هو مناط الأفكار الحية في الإنسان .. وقلوب الأطفال
لم يدنسها ران .. فجاءت مكانة الطفولة (الأولى)
(والثانية) ممثلة للإبداع .. فالمبدع طفل كبيراً
كان أو صغيرا ..

Post: #175
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-08-2006, 02:35 AM
Parent: #174

يقيم مدناً من علب الكبريت
ويبنى مساجدا من علب السجائر
ثم يبعث النبض والحيوية في
تلك الدمى بلغة سهلة فتقرأ
مجتمعاً بكل تعقيداته على
وجه صفحة واحدة.

Post: #176
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-08-2006, 09:14 AM
Parent: #175

Quote: هل رأيت رجلاً يكذب (قال لي) وهو نائم، بل ترتخي عضلاته، وخاصة عضلات الوجه المكشر، ترتخي، وترتخي، وكأنه يستمع لهدهدة، تغنيها أمٌ روحية، بداخله، تغني له (أنت سيد، والكون شعر).... ترتسم على الوجوه النائمة هالة من ألق، تحيل كل البشر، كل الحيوانات الآدمية، إلى أطفال لم يتجاوزا سن الدهشة، الدهشة حتى من صوت الحمير، وتكرر الأيام،.. ألهذه الدرجة تبدو الحياة قاسية، حتى يكشر بني آدم وجوههم من هولها ومناخاتها وهمومها... فيدخلوا عوالم النوم، كاستراحة محارب...


هكذا يصور لنا في سطور قليلة فلسفة حياتية
مدهشة .. أن النوم - مجرد النوم - يحيلنا أطفالاً ..
فتنطلق أسارير الوجوه ويعتليها الألق .. ريثما
يستيقظ الإنسان فيركب الوجه المكشر للقاء
وعثاء الحياة ولفح زمهرير حبائلها.. ويطرح
تساؤلا عميقاً .. ألهذه الدرجة تبدو الحياة
قاسية؟!

Post: #177
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-09-2006, 09:55 AM
Parent: #176

Quote: أما من زاوية محمولات النص فانه لا يمكننا بأية حال العبور على المقولات التي تتبناها قصص كرم بعفوية ، فهي بالضرورة ذات محمولات أيدلوجية ومعرفية عالية – لاحظ ، سعر الحذاء ، عدم قدرة الفقراء على امتلاكه ، إهداءه إلي عشيق ومعاملته برقة في أيامه الأولي ، إلي أن يأتي كرم الله ويجترنا إلي ما يود الإشارة إليه من أسئلة الطبقة والتمايز ليجعل الحذاء لحظتها يقع فريسة للص الذي يقوم ببيع الحذاء( للميكانيكي) وهنا حيث تبدأ محنة الحذاء والتي هي بالضرورة إشارة ذكية إلي الفارق الطبقي بحيث يتحول الحذاء مباشرة من المشهد الأول ليسرد لنا معاناته من خلال وصف المكان وطريقة حياة الكائنات فيه

Post: #180
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-11-2006, 04:21 AM
Parent: #177

لا تكتفي كتابات عبدالغني بالإمتاع .. بل تدعو
للتأمل العميق في مناطق بعيدة يقل إمتداد
الأذهان إليها.

Post: #181
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-12-2006, 09:23 AM
Parent: #180

كل ذلك بلغة دقيقة جديدة ومنتقاة .. قال الأستاذ/منصور المفتاح:

و
Quote: وعبرك التحية للاستاذ عبدالغني كرم الله صاحب الكلمات والمفردات الجميلة الاحتفالية التي تجبرك على قراءتها اكثر من مرة لكي نغزي الفقر في المفردات المصابين به

Post: #183
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-15-2006, 05:08 AM
Parent: #181

وكتب عبدالغني:

Quote: اتأمل الأشياء، لأنها أحياء، لا شيء ميت، او جاف او صلد، (خداع حواس)، كل الأشياء رخوة بيد الطفل، حتى السكين، وعتب البيت، لذا يجري حافيا، دوما، مشى عيسى على البحر، وتكلم ياقوت مع العصافير، أهذه معجزة، (اقسم بأنها بدء هبة السماء للكائن المسمى إنسانا)، تلف الالكترونات حول الذرة، كالقمر حول الارض، كالطفلة حول الام، وكالشعر حول القلب، وكالعطر حول الانف... (ثنائية الوعي والبيئة)، يتفاوت من فرد لآخر، (هناك من يتأمل الجبل، وهناك من يدرسه، وهناك من يشم رائحته) كما يوحي الطاو، وهناك من يخاطبه (هذا الجبل نحبه ويحبنا)، وهناك اشعة تجتاز الجبل، كما يجتاز ضوء الشمعة زجاج النافذة، (أن نرى الاشياء بعيون الاخرين)، لذا يأتي خطاب التأمل للجسد (كن شفافا، كي تنفذ لجواهر الاشياء، كالضوء، بل أرق، كالروح، بل أرق، وهل للروح حد) والجسد الإنساني حين يلطف (بالشعر، أو السلوك، أو الفكر، أو العشق)، يبدو كائن أثيري، بمقدوره الخروج (عن سلطان الزمان والمكان)، وإعتلاء هرم الخليقة، ممسكا بملكة (فوق طاقة الكلمات، والايحاء)، شعور عميق ينتاب مملكة الجسد كلها (حتى اصابع الاقدام يعتريها فرح فوق خطف القبل والجنس) أو (بعيوننا حين تصح من الرمد والعماء المتوارث، عبر الجينات البشرية)، فالإنسان مشروع تطور، لا متناه، لا حد أو سقف له (بل أي تصور، مهما سمى، هو حظ الإنسان)، ويظل المطلق (متمسكا بإطلاقه، عصي الفهم عصي التفسير)..

Post: #184
Title: Re: الزميل عبدالغني كرم الله يهز جزع النخلة لجريدة السوداني
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 11-16-2006, 09:11 AM
Parent: #183

Quote: النوم كائن اشتراكي، رحيم، يشبه الموت، ولكن سيفه، ليس بحاد، بل غير مؤذي، يذبح كل الذوات، برفق كالشعر، كي يجتازوا، برزخ الحياة الدنيا، إلى الحياة العليا، الحياة الداخلية، المنسية، أو المجهولة، لست أدري.. وهناك تتفجر بطولاتهم المنسية، يسافرون للغد، ويرحلون للأمس البعيد، فالمعجزة أسُ الحلم...