أمن أدوائنا الكسل ؟ ����� ����� ������ ����� 2009� ������ ���������� ���� ��� ��

أمن أدوائنا الكسل ؟


06-11-2009, 05:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=200&msg=1244737504&rn=0


Post: #1
Title: أمن أدوائنا الكسل ؟
Author: Hashim Elemam
Date: 06-11-2009, 05:25 PM

هل السودانيّون كُسالى؟!
هاشم الإمام
يصف بعض النّاس ، وعلى رأسهم سكان منطقة الخليج العربي ، السودانيين بالكسل ، ولهم في ذلك طُرف، ونوادر، وحكايات يتسلون بها ، ويغيظون بها السودانيين ، وقد كنت أحسب من قبل أنّ الأمر مزاح، وإنْ كنت أعلم أنّ المزاح يستخدم أحياناً في باب الذمّ لتلطيفه ، إلا أنني وقعت على تقرير كتبه الحاكم العام عام 1903أورده الأستاذ محمد إبراهيم نقد في كتابه (علاقات الرق في المجتمع السوداني ) ، يؤكد فيه هذه الصفة الذميمة عند السودانيين، ويدلل عليها بجملة من الوقائع ، مما رابني وجعلني أحمل الأمر على غير ما كنت أحمله من قبل . جاء في التقرير وتحت عنوان ( العمال) " من المسائل الشديدة الاتصال بأهل السودان ما إذا كانوأ يقدرون على العمل ويرغبون فيه ، فالموظفون في السودان ( الأجانب ) يكادون يجمعون على أنّ أهل السودان ليسوا من أهل العمل والكد ، فهم والمصريون على طرفي نقيض من هذا القبيل ، إذ المصريون أهل جدّ وكدّ ....." وفي التقرير نفسه جاء : "....فقد كتب المستر نفيل يقول : استخدمنا مرّة 100مصري و700 وطني ( سوداني ) في حفر ترعة الفاضلاب هذه السنة ، فكان عمل السودانيين في اليوم يساوي نصف عمل المصريين ، لكنه أرخص منه ؛ لأنهم كانوا يحفرون المتر المكعب بغرش لمّا تعلّموا كيفيّة حفره ، وبلغ متوسط ما يكسبه العامل منهم 3/41 غرش صاغ ....."
هل لهذه التهمة نصيب من الصحة ؟ وإذا صحّت ، فما شواهدها من سلوك المجتمع السوداني ؟ وما أسباب هذا الكسل ؟ أهو جبلّة أم أمر طاريء يزول بزوال أسبابه ؟
لم يخلُ التقرير من تعليل لهذه الظاهرة ، فقد جاء فيه : " ولكن لا غرابة في كراهة السودانيين للعمل والكد إذ حاجتهم قليلة بسيطة ، فإنهم لا يكادون يحتاجون إلى ثياب للملبس ، ولا بناء البيوت للسكن ، ولا إلى وقود يذكر لطبخ الطعام ، ولا تعلموا وتثقفوا حتى يطمعوا بتحسين حالتهم في معيشتهم ..." وربما أضيف إلى ذلك نوع المناخ ، فشدّة الحرّ تصيب الجسد بالخمول ، وتفشّي الأوبئة وقلّة الطبابة ، كما أنّ صفات البداوة ، وكراهة التقييد ، وقلّة الصبر التي تميّز الشعب السوداني ، تجعلهم ينفرون من الصنائع وغيرها من الأعمال المقيّدة للحريّات .
ومن مظاهر الكسل في سلوك أفراد المجتمع السوداني ، كما يُلاحظ ،كثرة المناسبات ، وتطويل أيامها فهم يجتمعون لأدنى ملابسة ، فالعرس عندهم ، ولاسيّما في الريف ، يستمرّ أياماً وليالي وكذلك المأتم ، وهي عندهم أيّام أكل وشرب و(ونسة ) وهروب من العمل وقيوده ، والمجاملات دائماً على حساب العمل ، وفي أوقاته ، ولعل وراء ظاهرة انتشار الهواتف الجوّالة بين الناس فقيرهم وغنيّهم ، والأرباح الطائلة التي تجنيها شركات الاتّصال الكسل وحبّ ( الونسة ) ، فقلّ من يستعمل هذه الجوّالات فيما صُنعت من أجله ، فقد رأيت بعض الناس إذا أراد زيارتك لا يهاتفك إلا عند باب بيتك. ومن مظاهر هذا الكسل التسويف وعدم الدّقة في المواعيد ، وهو داء اشتُهر به السودانيون ولم يسلم منه إلا القليل ، بل إنّ المهاجرة منهم الذين انتشروا في أوروبة وأمريكا ، واحتكوا بشعوبهما ، ورأوا شدّة حرصهم على الوفاء بالميعاد ، لا يزالون يعضّون بالنواجذ على هذه الثقافة البائرة ؛ حرصاً على ما كان عليه آباؤهم ! وقد حاول أخونا الأستاذ/ طلحة جبريل ، رئيس اتّحاد الصحفيين السودانيين في أمريكا ، أن يعقد ندوات الاتّحاد في مواعيدها المعلنة، ولكنّه رغم إصراره كثيراً ما يجد نفسه الوحيد في القاعة فالطبع غلّاب ! وقد ترى زهد السودانيين في العمل حتى في سكرهم وفجورهم ،فهم يعقدون (القعدات ) لشرب الخمر ، ويعبونها عبّاً ، لا يكتفون بالكأس والكأسين كما يفعل سائر السُكارى في العالم ، ولقد سمعت أنّ النائب الأوّل لرئيس الجمهوريّة ، ورئيس حكومة الجنوب ، كاد يمنع الخمر في الجنوب ، لولا خوفه أن يتّهم بتطبيق الشريعة الإسلامية ؛ لأنّ الخمر تعيق الانتاج في الجنوب .
وقلّة الانتاج العلمي والأدبي ،رغم قِدم التعليم في السودان وراؤه ، إلى جانب أسباب أُخر ، الكسل .
وقد ينسب بعض الناس البطالة عند السودانيين وقلّة اهتمامهم بالعمل إلى الثقافة الصوفية التي تقلّل من شأن العمل ، وتُعلي من شأن التّوكل الذي صار عندنا تواكلاً .
هل ولع السودانيين بمعارضة الحكّام يدخل في باب الكسل الذهني أم أنّه شيء من فقه الخوارج تسرّب إلى الثقافة السياسيّة السودانية ؟ فالسودانيّون أعداء من حكموا ، فما ظهر فيهم حاكم إلا ناصبوه العداء من أوّل يوم ، وما أخفق أحد في شيء إلا نسبه إلى سوء النظأم السياسي وفساد الحاكم ! فالمعارضة وإلقاء اللّوم على الآخرين ، والتنظير لما ينبغي أن يكون ، أسهل من اتّخاذ السياسات وتنفيذها ؛ لأن نتائجها تظهر بعد حين سلباً أو إيجاباً .
هذا بعض ما عنّ لي من أفكار تحتاج إلى تقويم القرّاء وتبصيرهم لي حتى تستبين الحقيقة من الوهم .