غيوم.. ماطرة في الغربة ����� ����� ������ ����� 2009� ������ ���������� ���� ��� ��

غيوم.. ماطرة في الغربة


04-18-2009, 09:15 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=200&msg=1240042541&rn=0


Post: #1
Title: غيوم.. ماطرة في الغربة
Author: عمر عبد الله فضل المولى
Date: 04-18-2009, 09:15 AM

أظهرت نبوغا في دراستها وتحصيلها وأصبحت من المبرزات في دفعتها حتى حققت النجاحات الواحدة تلو الأخرى فقد استطاعت بما تتمتع به من قدرات عالية على التعامل أن تعطي لكل شي وقته الذي يستحقه دون إفراط أو تفريط ولم يكن ذلك عائقا في تميزها وامتيازها في دارستها .
تفتقت موهبتها في كتابة الخواطر منذ صباها الباكر فبرعت في الكتابة والبوح بكل ما تختلج به دواخلها من أحاسيس مرهفة تجاه كل جميل في هذه الحياة , علاوة على حسها الفني العالي وموهبتها في السرد وتذوقها للأدب فهي قارئة جيده ومستمعة حاضرة البديهة قد عرف العشق طريقه إلى قلبها باكرا.
تميزت بقدرة عالية على فهم من حولها لاسيما أفراد الأسرة فأبدعت في التعامل معهم لدرجة أن الجميع أحبوها وأعجبوا بها وأحاطوها بهالة أشبه بالتقديس.
ورغم طبيعة المجتمع التقليدي القابض في الدولة التي تقيم فيها لم تجد هذه الفتاة بدا من مواصلة الاهتمام بنفسها والجاهزية والاستعداد لإظهار نفسها بالصورة التي لو رآها بها أي رجل أحس بأنوثتها ورقتها وأناقتها فأصبحت هذه الأشياء عادة وطبيعة تحرص عليها وتعتبر نفسها وردة يجب أن تفوح برائحتها طوال الوقت وتعطر المكان الذي تقبع فيه حتى لو لم يكن هنالك أي رجل يشتم هذه الرائحة فيكفي أن يحس أهل البيت بان في المكان أنثى تتدفق أنوثة رغم القيود والقضبان الضاربة باضنابها .
أحبت والدها وأعجبت به (كل فتاة بابيها معجبة ) وكادت من فرط حبها وإحساسها بان أبوها أصبح كصديقها أن تقص عليه كل القصص التي تطلع عليها وتروي له كل المواقف التي تمر بها في اليوم ولان أبوها كان حاضر الذهن رزينا في تعامله معها عارفا وحافظا للحدود التي يجب ان تفصل بينه وابنته قرر أن يفاجي بنته قبل أن تفاجئه قائلا : هنالك خطوط بين الكبار والصغار وبين الأب والأبناء إذا تلاشت فقد الكبير هيبته في نظر الصغير وفقد الأب هيبته في نظر ابنه وحتى تصل الفكرة من الأب الى البنت بصورة اكثر تفصيل ووضوح ودقة لتصبح درسا يعينها في حياتها قال الاب : علاقتك مع صاحباتك ومشاعرك وأحاسيسك تجاه الآخرين احتفظي بها لنفسك وان احسستي بأنك في حاجة للمساعدة فاخبري أمك بذلك وهكذا ظل الأب يكبر في نظر الفتاة حتى فاق تصورها .. ومن الطرائف او المواقف التي مازالت عالقة في ذهن الفتاة كـ (حلقة في أذنها) هي أنها ذات مرة كتبت خاطرة عبرت فيها عن كل ما يجيش بداخلها من مشاعر وأحاسيس مرهفة بصورة رائعة و جميلة حتى امتلأت الورقة وقد درجت الفتاة على تدوين كل خاطرة والاحتفاظ بها في مكان خصصته لذلك وكانت وقتها في سن الخمسة عشر وهي تجمع ملابسها لتغسلها في الغسالة ووجدت في إحداها الورقة المحبرة بخاطرتها الرائعة فأخرجتها ووضعتها في أعلى الغسالة على أمل أن تأخذها بعد الانتهاء من الغسيل وفي ذروة الانهماك في الغسيل نسيت الفتاة الورقة على ظهر الغسالة وخرجت وفور خروجها كان أول الداخلين إلى المكان والدها الذي تفاجأ بوجود الورقة وبفضول أخذها واطلع عليها (الخط والتوقيع لبنته الحبيبة ) فعلت وجهة ابتسامة اجتهد في إخفائها ونادى على بنته بكل عطف وحنان مستنكرا بلغة العتاب الجميل إهمالها ورميها لأغراضها ومستدركا في ذلك الوقت بالقول سوف اشتري دفتر كبير لتكتبي عليه حتى لا ترمي الأوراق في أي مكان وفي تلك الأثناء انتاب الفتاة شعور مزدوج .. شعور بالخوف من أبيها لان الكتابة تعبر عن ولع وغرام شديد تعيشه الفتاة ولابد في المقابل من وجود عاشق ألهمها هذه الأحاسيس والمشاعر المرهفة وثانيا الإحساس بتجلي عظمة الأب وإنسانيته التي تسامت فوق كل اعتبار آخر . وثقافته وعقله الراجح في التعامل مع الموضوع ومعالجته بإنسانية أذهلت الفتاة لدرجة اعتبرت ان والدها ملاك !! يا لها من لحظات باقية لها ما بعدها !!.. نعم لقد ترفع الوالد وتسامى بإنسانية شفافة عن إحراج بنته ولو بنظرة عتاب بل وترفع أكثر بدفعها قدما في تدوين وحفظ ما تكتب وهذه رسالة تنبض بمعاني الحياة الجميلة مشاعر وأحاسيس وان الكتابة قبل كل شي هي فن . ولو ان الوالد تعامل مع الموضوع بأي طريقة أخرى لربما اطفى جذوة الأمل المتقدة في قلب بنته إلى الأبد وجرحها جرحا يحال يداوي طبيب لان الفتاة كانت في بداية انطلاقها فكيف للوالد أن يقتل الإبداع في مهده لتصبح بنته عصفورة مهيضة الجناح مكسورة الخاطر مجروحة الفؤاد يتحول حلمها إلى ركام ورماد تزروه الرياح في مكان سحيق .

يتبع