Post: #1
Title: فص ملح
Author: Tumadir
Date: 08-08-2006, 05:30 AM
Parent: #0
فص ملح
--------------------------------------------------------------------------------
(وضعت سلاحى فى حافة نبع ما وغسلت التعب وجسدى والشمس القائظة المتراكمة على عقلى الكالح حين خرجت ..تناسيت سلاحى قرب النبع وتوجهت الى شرق آخر..
فالناس هناك تظل الناس والاشياء ستبقى .. ردحا آخر من عمر الكون
وفص الملح .. ( قضيتنا)..
اصلا ذائب
..فى بحر .. اصلا مالح)
سأحتمى بهذا الظل..
كل ماعدا هذا المكان حر قائظ شمس محرقة ..وهذه الرطوبة تجعل الجسد كأنه وعاء لغلى
الشاى. سأحتمى بك ايها الظل وسأخلعك ياحذائى الرسمى انت، سأرقب المشاة وانا أدلى
ساقى من باب العربة المفتوح، بينما اسمح للهواء العليل الذى يبدو وكأنه الوحيد فى كل
المدينة، ان يتخلل اصابع اقدامى المتعبة. لا يمكن الاستمتاع بالموسيقى مع حذاء مبتل
بالعرق. آه ما هذا اليوم الصعب..
نعم هو يشبه كل ايامى فى هذه الوظيفة اللاهثة..ولكنه اصعب قليلا من جراء الشمس التى
سلطت اشعتها على المدينة ونسيت قوانين الغلاف الجوى.
صاحبة العمل قالت انها سـترجع العميلات للمكتب فى الرابعة ..وهاهى تجاوزت الرابعة
بقليل ولا يبين لهن أثر.
سمعت وانا ابحر فى حيرتى صوتا رجاليا يقول لى بمودة نهارية: هااااى التفت ولم اجد وجها مألوفا..بل رجل من السود الامريكان ببنطال مشدود الى أكتافه بمشدات وتى شيرت مرسوم عليه شعار فريق رياضى وحذاء مهترىء لكنه نطيف..قلت: هاى بدون
حماس يذكر سألنى بعدها على الفور ان كان لى فضل سيجارة ..اعتذرت له بأنى لا أدخن تقبل اعتذارى بحماس مقابل وكأنه يشجعنى على موقفى من التدخين ولا يأبه بالسيجارة
اصلا. أما صديقته البورتريكية البدينة القصيرة ..فقد خاصرته ووجهته نحو الطريق..وكأنها لم تحب سؤاله لى ..خاصرها بالمقابل وذهبا يتكآن على بعضهما البعض وهما يشقان موقف
العربات..وقد بدأ الموظفون فى امتطاء عرباتهم والتوجه الى منطقة الزحام والشمس
ومفترقات الطرق المرصوفة رجال بيض نساء بيضاوات شابات هيسبانك امراة بدينة من
السود شاب اسود نشط جميعهم يحملون اغراضهم ويهرعون الى سياراتهم، دفاتر
مستندات اكياس هدايا حقائب لحمل الطعام زجاجات ماء ..اشياء كثيرة يحملها الموظفون
ورجال الاعمال فى نهايات يوم العمل الامريكى.
كنت اسمع ما تبقى من حوارهما الكسول حتى توقفا تحت الاشجار الكثيفة فى طرف
الموقف..تحت لافتة تقول: "موقف بص" ..ضبطت نفسى احلل علاقتهما التى بدت غريبة فهو
كهل وهى فى نهاية الشباب وعادة ما يتصادق من هو فى مثلهما بغرض تناول
المخدرات.وكان ذلك يبدو جليا من محادثتهما الكسولة، نفضت عنى فكرة التدخل السرى فى
خصوصيتهما وتذكرت اننى فى انتظار عميلاتى لوقت طويل.
عميلاتى تدربن بالامس بمساعدتى لهن فى شأن اللغة على وظيفة جديدة الا وهى تنظيف
بيوت الاثرياء.
صاحبة العمل شابة من بورتريكو وزوجها رجل اعمال ابيض طويل القامة، قاما بانشاء هذا
العمل لمساعدة نساء البورتريكو الذين لا يجدن اللغة الانجليزية ..حدثتنى "باتريشيا" عن الكيفية التى
نمت بها الفكرة عندها وذلك عندما كانت لا تستطيع التفاهم مع "الخواجة" ولا تجد من يعينها فى اى عمل.
فعلا كانت فكرتها هى الانسب لوظيفتى فالمطلوب منى هو ايجاد وظائف لهؤلاء النساء بعد
ان يتلقين دروس انجليزية لا تسمن ولا تغنى عن اميتهن حتى فى لغتهن الام، وبعد أن عرفت رقة قلبها وسعة افقها أحضرت لها ثمانية نساء قضين بالامس ما يقرب من الخمس ساعات فى التدريب ومشاهدة الفيديو ..وامضاء الاوراق والمعاينات..وأخيرا كانت الوظيفة قد أعطيت لاربعة منهن " صوماليتنان، ليبيرية واريترية". وحين احضرتهن هذا الصباح للعمل ..لبسن اليونيفورم، القميص الاصفر وعليه شارة الشركة والبنطال البيج، بيد أن الصوماليات فضلت لبس الاسكيرت وغطاء الرأس ولم تماتع الرئيسة على ذلك.
أخبرتنى انهن سيعدن من التدريب فى المنازل فى الرابعة تماما وهاهى الساعة تشير الى ما يقرب من الخامسة..وأنا أمارس مقارباتى ومقارناتى المعهودة بين "هنا وهناك" ولا أرسى على حقيقة.
أرعدت السماء وأبرقت ..ونزل المطر غزيرا وانا احاول التوصل الى احدى النساء او
باتريشيا عن طريق الجوال. بللت قطرات المطر اقدامى ..وعندما اندفع الماء غزيرا ..اقفلت
زجاج العربة وفتحت التكييف..وتحول الجو فجأة وكأننى قد انتقلت الى مدينة اخرى على خط
عرض آخر...
فجأة رأيت عميلاتى يطرقن على زجاج النوافذ وهن مذعورات من زخات المطر وضاحكات
فى مرح جماعى صاخب..فتحت لهن ما استطعت وساعدت "احداهن الاخرى" حتى استقرن
جميعا فى باطن الحافلة، مبتلات ..يتكلمن بلغات مختلفة ويضحكن بفرح واحد..
لم أشا الا ان اشاركهن فرحتهن وصخبهن وقلت لهم بانجليزية بسيطة: كيف كان اليوم.؟
قلنها معا كأنهن ما زلن فى فصل المدرسة ..Is goooood
وانحشرنا بالعربة فى الشارع العام ..واصبحنا جزء من الاضاءة وبهرجها ..مطر تلمع قطراته من وطأة انوار المدينة....جزء لا يتجزأ من تاريخ العالم الحديث.. توحدنا مع الآن واخترقنا الجسور والمعابر نستمع الى (موسيقى البوب) المنبعثة من جهاز التسجيل ..وتنشط المنشات للعمل كل ما زاد نزول المطر ..وينضح المكان بالفرح كلما ازدانت المدينة بالبريق.
بعد ساعة وانا عائدة لمنزلى خائرة القوى ..وبعد ان تراءت لى
شوارعى الاليفة ..وجدتها تخرج منى ..طائعة ..ركيكة ..ومعبرة ..سمحت لها بأن تعبر
عنى ..بكل سماحة الشعوب المشردة وأقدارها البائسة: Is goooood
(تماضر شيخ الدين)
|
Post: #2
Title: Re: فص ملح
Author: Tumadir
Date: 08-08-2006, 05:37 AM
Parent: #1
نشر بموقعى مدد وسودانات
|
Post: #3
Title: Re: فص ملح
Author: Tumadir
Date: 08-08-2006, 05:57 AM
Parent: #2
كتب لمجلة "اوراق" ..
ومحرر الصفحة .. الفاتح وديدى ..
اين انتم يا اصدقائى
|
Post: #4
Title: Re: فص ملح
Author: Elmuez
Date: 08-08-2006, 06:05 AM
Parent: #1
تعرفي يا تماضر المشهد مافي شك أنه من النوع " الحلوف " ! أنا شخصيا ما كان ممكن أنتظر بدون: medium double double new port menthol king size
إتخيلت منظرك هنا و لقيته هو نفسه مسلي: ( كنت اسمع ما تبقى من حوارهما الكسول حتى توقفا تحت الاشجار الكثيفة فى طرف
الموقف..تحت لافتة تقول: "موقف بص" ..ضبطت نفسى احلل علاقتهما التى بدت غريبة فهو
كهل وهى فى نهاية الشباب وعادة ما يتصادق من هو فى مثلهما بغرض تناول
المخدرات.وكان ذلك يبدو جليا من محادثتهما الكسولة، نفضت عنى فكرة التدخل السرى فى
خصوصيتهما وتذكرت اننى فى انتظار عميلاتى لوقت طويل.)
غايتو السوتها باتريشا كبيرة, و الشركة دي حقو تسموها( تحالف الهاربين)
و أهو برضو ! Is goooood
|
Post: #16
Title: Re: فص ملح
Author: Tumadir
Date: 08-13-2006, 10:10 AM
المعز انت برضو فى المعمعة دى ...
iz gooood
|
Post: #5
Title: Re: فص ملح
Author: Mohamed Elgadi
Date: 08-08-2006, 05:24 PM
Parent: #1
أخبرتنى انهن سيعدن من التدريب فى المنازل فى الرابعة تماما وهاهى الساعة تشير الى ما يقرب من الخامسة..وأنا أمارس مقارباتى ومقارناتى المعهودة بين "هنا وهناك" ولا أرسى على حقيقة.
Thanks Ya Tumadir... Although I do not want you to be 'stood-up' again... but it was a good one beecause it gave us this beautiful short story....!
mohamed elgadi
|
Post: #17
Title: Re: فص ملح
Author: Tumadir
Date: 08-13-2006, 10:13 AM
Parent: #5
Thanks Ya Tumadir... Although I do not want you to be 'stood-up' again... but it was a good one beecause it gave us this beautiful short story....!
mohamed elgadi |
ودى شهادة اعتد بها يا دكتوووور
|