!!!السـلام القـادم واسـتحقاقات القـوي الـوطنية

!!!السـلام القـادم واسـتحقاقات القـوي الـوطنية


07-08-2003, 05:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1057680130&rn=0


Post: #1
Title: !!!السـلام القـادم واسـتحقاقات القـوي الـوطنية
Author: خالد عويس
Date: 07-08-2003, 05:02 PM

تصّر القوي الدولية والاقليمية المؤثرة على انهاء حالة الحرب الأهلية في السودان والاقتتال المستمر منذ عقدين من الزمان . ومن الواضح أن اصرار هذه القوي على الوصول الي اتفاق سلام شاءت الخرطوم أم أبت وضع قادة المرتمر الوطني الحاكم في موقف لا يحسدون عليه . هؤلاء وقر في صدورهم فعلا أنهم سيقومون بتسليم نظامهم الي السيد المسيح حين يهبط من السماء في آخر الزمان كما كانت تقول شعاراتهم ، ولا يعتورني أدني شك في أنهم كانوا يتصورون فعلا استمرار سيطرتهم الكاملة على السودان الى يوم القيامة !!
الشواهد الدالة الى ما ذهبت اليه كثيرة ، فالانقاذ حين طرحت "المشروع الحضاري" لم تقصد بذلك مزاودة فكرية أبدا ، فالقصد الذى توّضح من خلال حشو أذهان التلاميذ بقدر هائل من الخزعبلات ، وتوجيه الاعلام على هذا النحو القاطع ، والتحكّم في مفاصل الاقتصاد ، وبناء مليشيات حزبية تقوم مقام الجيش الوطني واضعاف هذا الأخير ، فضلا عن السيطرة الممجوجة على الشأن الثقافي ، وتخليق جيل "انقاذي" مملوء بالحقد والكراهية ضد رموز المعارضة بل والمثقفين الديمقراطيين ، ومسخ الحياة السودانية بهذا الشكل ، مسائل تشير بجلاء الى أن "المشروع الحضاري" يهدف فعلا الى احداث تغيير جذري في الأمة ، ويؤسس لديكتاتورية طويلة الأمد تضع العقل السوداني على "الرف" ، وتستأصل شأفة التفكير تماما ، وتلغي ما عداها كليا ، وبمرور سنوات ، يكون سودان "الجبهة الاسلامية" قد تأسس بالفعل ، وكان الرهان قائما على أن التصدي للعناصر المخرّبة يمر في عدة مراحل ومن خلال معالجات منوّعة ، فالتضييق على أرباب السياسة ورموز الابداع سيدفعهم الى الهجرة النهائية من السودان ، يتبعهم ملايين السودانيين ممن لا تنسجم تطلعاتهم مع "مشروع الانقاذ" ، وسيكون من المفيد للانقاذ بقاء هؤلاء في المنافي حتي يتأقلمون عليها ، فلا تشكّل قضية السودان هاجسا لهم وبذا يتخلص دعاة المشروع الحضاري من همّ ثقيل . أما من يرفعون السلاح في وجه المشروع المزعوم فسيتعين على دهاة الانقاذ تجنّب كارثة يمكن أن تحيق بمشروعهم في حال واجهوا استحقاقات الحرب منفردين ، فما كان بد من تجييش غالبية الشعب بغسل أدمغة القاصرين من خلال آلية "الجهاد" المطوّعة لجهة المشروع الحضاري ، أو بالقوة ان لزم الأمر ، وهو ما تمّ بالفعل من خلال تطويع قوانين الخدمة الالزامية وجعلها مستودعا بشريا يساق منه الضحايا للموت المعلن في الجنوب . ولكي يستمر المشروع الحضاري ، كان من اللازم جذب الانتهازيين والمزاودين على قضايا السودان الى حظيرة الانقاذ بالترغيب في الوظائف العليا ، والمقاعد السياسية والتحالفات المشبوهة ، واستقطاب بعض المثقفين المتهافتين ليضفوا على وجه الانقاذ ألوان مختلفة لم تفلح أبدا في جعله وجها "مألوفا" و" غير صالح للسيرك" !!
هناك بالطبع التلويح بالمصاحف على أسنة الرماح ، اذ عمد الانقاذيون الي بث اغراءات دينية مكثّفة مستهدفين شرائح تميل غريزيا لمناصرة الدين ورفع رايته عالية خفاقة ، هؤلاء لا يعنيهم أن يكون حكامهم على شاكلة عمر بن الخطاب أو عبدالله بن سلول ، فما يعنيهم حقا هو أن ثمة من يسعي لاقامة الدين ، وعليهم أن ينصروه !!
مسألة أخيرة راهن عليها الاسلاميون في السودان تمثلت باشاعة نمط رأسمالي في الحياة توفّر لمشايعيهم وأنصارهم بما يشكّل نموذجا جاذبا للآخرين ، الذين اذا التحقوا بمشروع الانقاذ " من أجل أولادهم " أو " ليدعوه يعيش" كما أشاعت أجهزة الدعاية المتخصصة ، فسيحصلوا على أمتيازات خرافية تباعد بينهم وبين الفقر المدقع الذى يعيش فيه بقية خلق الله ممن لا يضمرون ولاء لقبيلة الانقاذ في السودان .
يتوّقع أن تستسلم الانقاذ لقدرها من خلال قبولها بمشروع السلام الأمريكي المحتوي والمضمون والسائر بقوة دفع أمريكية انما بصبغة "ايقاد" ، لكن ما هو غير متوقع أن تستسلم الانقاذ في ضوء ما تطرقنا اليه لحتفها وموات مشروعها الحضاري ، ستغيّر الانقاذ من جلدها وتفيد من الظروف الجديدة لتشرع في انهاك خصومها وجرجرتهم بشتي الوسائل الى حقول الغامها . يدرك أىّ متابع للشأن السوداني أن التوترات الأخيرة في السودان خاصة المتعلقة بموضوع العاصمة ، واهدار دماء بعض المثقفين والسياسيين ورجال الدين ، ثم تكفير منسوبي "الجبهة الديمقراطية" هى بعض ما في "جراب الحاوي" الذى خبر الالعاب طويلا وتمرّس في شدّ الانتباه لقضايا انصرافية لن يسلم منها السودان ، ولن يستقر أبدا ما لم يتأسس فهم استراتيجي لتحالف عريض ينبغي أن يتشكل من مختلف القوي السياسية المؤمنة بالديمقراطية ، اضافة لكل المثقفين السودانيين ، والشرائح والفئات الاجتماعية كافة ، ولابد أن تنتبه الأمة السودانية بأجمعها الى أن خطر الانقاذ لا زال قائما ومهددا بالفعل لمستقبل السودان بأسره ، وأن هؤلاء الذين سيطروا على بلادنا أربعة عشر عاما عجافا سيراهنون بقوة على ايجاد ثغرات ينفذون من خلالها للتحكم في مصير السودان ، وأنه ما من وسيلة لايقاف النزيف السوداني الا بوحدة حقيقية بين القوي الاجتماعية والسياسية والثقافية في وجه الانقاذ ومن لف لفها ، وهذا يلزم قدرا كبيرا من التجرّد والوطنية والمكاشفة بأن يطوي الجميع صفحات الخلافات السخيفة والمزايدات التى لا تستند الى شيء لكسر شوكة الانقاذ فكريا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا ، والتصدي لالتفافاتها بكل حزم وقوة ، وبدلا من أن ترهق الانقاذ خصومها ، عليهم أن يرهقوها بوحدة صفهم والتمسّك باحالتها ديمقراطيا الى "مزبلة التاريخ" .. هذا اذا قبلت !!