حسين غرامشى

الاربعاء 25 يونيو 2003م










[email protected]





حسين غرامشى


بين حسين خوجلى وأنطونيو غرامشى شعرة من شعاع رهيف. هكذا بدأ لى حسين خوجلى وأنا اطالع حديثه فى الندوة التى اقامتها وزارة الثقافة حول علاقة المثقف بالسلطة الذى استهله - حسب ما قرأت- بتمرس السلطان على القهر وعرّج للبوار الثقافى، ورمى بقنبلة قوية الدوى فى معرض تحليله لسلطة الانقاذ باشارته الى ان العسكرى والتنظيمى تقدما على الكادر الثقافى وعلى السياسى الشعبى فى يونيو 89 معتبراً ان الحركة الاسلامية لم تحكم حتى الآن!

سرنى حديث حسين فنحن من جنس واحد، وحزب مشترك هو حزب الكتابة، ولكن ما اخافنى هو ما توصل اليه بأن الحركة الاسلامية لم تحكم حتى الآن، وذكرنى بنكتة ايام عبد الناصر فحين كان القهر الناصرى على اشده سأل احدهم مواطناً (إريه رأيك فى الثورة؟) فرد عليه (آه حلوة بس ياريت تقى واحدة تانية) واذكر أن الرئيس نميرى فى احدى تجلياته شن هجوماً عنيفاً على الانظمة العسكرية وكان يرتدى زى المؤسسة العسكرية برتبة المشير فقلت لمن كان يشاهد معى التلفزيون (انت نميرى دا من الكديت؟) وعرفت بعد قراءتى لحديث حسين الشيق والعذب فى آن معاً ان وزيراً مرموقاً اجتهد كى يشارك كل من الاستاذين كمال الجزولى وهاشم صديق فى الندوة ولكنهما لم يحضرا فتكفل حسين خوجلى بما كانا سيقولانه فى تلك الندوة (فله منا خير الجزاء) اهمية حديث حسين خوجلى تنبع من ذم ثقافة التعيين. ويمكن ان تنداح لتذم الثقافة السياسية السائدة التى يمكن تسميتها بثقافة (الإستيلاء) فى مقابل نقيضها الديمقراطى الممثلة فى ثقافة التراضى لقد عزل انقلاب 30 يونيو بالفعل الجبهة الاسلامية عن محيطها الشعبى. وحولها من مد شعبى صاعد لحلقة حاكمة تضيق عند الطمع. وتتسع قليلاً فى كل فزع. وهذا هو المأزق الحالى الذى تعيشه الحركة الاسلامية السودانية. وهذا المأزق خدم اهداف المعارضة دون وعى الحركة الاسلامية فالسعى لتفكيك نظام الانقاذ إنجاز إنقاذى وليس إنجازاً معارضاً! فالتفكيك هو الإنعزال الطوعى عن محيط الجماهير بارادة الانقاذ نفسها. بما يبرر حديث حسين بأن الحركة الاسلامية في وجهها الشعبى لم تحكم حتى الآن.

أما عن الانقاذ وقضايا الثقافة والمثقفين فلا ادرى ماذا قال حسين لكن الانجاز الباهر الذى حققته الانقاذ فى هذا المضمار لا يدانيه أي قصور فقد استطاعت هدم صروح الإنتلجنسيا السودانية منذ عهد كتشنر وشردت كل المثقفين السودانيين وطاردتهم حتى بلغوا حواف السمندل المعّرفة (بالسمندل فى حافة الغياب) واختفى فى عهدها الشعر الرصين، والتشكيل الموحى والغناء النغوم، وحددت موعداً لانتهاء الطرب وربما بحوراً جديدة لقصيدة تجاوز ابحر الخليل الـ 16 لبحر سابع عشر ربما اطلق عليه البحر الحضارى.

انه انجاز باهر فى القضاء المبرم على كل وجدان جميل. ولكن رغم ذلك ظلت العافية الإبداعية تسرى فى اجساد الناس وماحديث حسين إلا إنعكاس لحالة ظلت موجودة.

انزلت المقال لفائدته بالرغم من را يي فى مواقف محمد محمد خير المخزية