معاوية أبو قرون يقول بان مشاكوس في مفترق الطرق

معاوية أبو قرون يقول بان مشاكوس في مفترق الطرق


06-03-2003, 06:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=2&msg=1054661005&rn=0


Post: #1
Title: معاوية أبو قرون يقول بان مشاكوس في مفترق الطرق
Author: abuarafa
Date: 06-03-2003, 06:23 PM


مشاكوس في مفترق الطرق

معاوية أبو قرون
يبدو أن التصريحات التفسيرية التي ألحق بها العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان وقائد الجيش الشعبي لتحرير السودان إعلان القاهرة الموقع مؤخراً بينه وبين السيد محمد عثمان الميرغني راعي الطريقة الختميةورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي والسيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة والتي أدلى بها يوم الخميس الماضي لقناة الجزيرة الفضائية قد أدخل الزعيمين الكبيرين في حرج كبير وبالغ مع جموع الشعب السوداني وقواعد الطائفتين الكبيرتين الختمية والأنصار لا سيما وأن ما جاء على لسان العقيد جون قرنق بشأن علمانية العاصمة القومية يقدح في صدقية برنامجي الجمهورية الإسلامية الذي يطرحه الحزب الاتحادي الديمقراطي والصحوة الإسلامية الذي يطرحه حزب الأمة.
ولما كان حديث العقيد قرنق قد سمعه كل الناس في أنحاء المعمورة فإننا سنخضعه للتشريح بمبعض موضوعي وكذلك الحال للتصريحات التبريرية التي قدمها السيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة فسينتهج معها ذات المنهج،أما موقف السيد محمد عثمان الميرغين راعي الطريقة الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي والذي صمت حيال إعلان القاهرة وحديث قرنق فإننا لن نتناوله لأنه سكت إذ لا ينسب لساكت قول ولكننا نتمنى ألا يطول سكوته لأن السكوت في مثل هذه الأحوال يعتبره الكثير من الناس شكلاً من أشكال الرضا وذلك تطبيقاً للمثل السوداني السكوت رضا.
أما حديث العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور والذي أدلى به لقناة الجزيرة الفضائية فيمكن تلخيصه في نقطة واحدة هي قومية العاصمة الخرطوم تعنى أن تكون علمانية لا تطبق فيها أحكام الشريعة الإسلامية وهذا الحديث يمكن الرد عليه بصورة موضوعية من عدة زوايا.
أولاً: اتفاق مشاكوس الإطاري الموقع بين وفد الحكومة السودانية ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان كان قد حسم الجدل المستمر بين السودانيين حول تقاطع علاقة الدين بالدولة مع خصوصية الجنوب السوداني الذي يدين أهله بأديان الإسلام والمسيحية والديانات والطقوس الأفريقية حيث قرر الاتفاق الإطاري أن يتم استثناء جنوب السودان الجغرافي المحدد بتراسيم حدود سنة 1956م والمعروف الآن إدارياً بالولايات العشر أعالي النيل، الوحدة، جونقلي، واراب، شمال بحر الغزال، غرب بحر الغزال، البحيرات، غرب الاستوائية، شرق الإستوائية، بحر الجبل، من أحكام الشريعة الإسلامية المطبقة في شمال السودان الجغرافي والذي تمثل العاصمة القومية ولاية الخرطوم جزء أصيل منه.
ثانياً اتفاق مشاكوس بحمسة لقضية علاقة الدين بالدولة بالنحو المشار إليه أعطى كل الفرقاء السودانيين فرصة تاريخية للالتقاء لحسم بقية النقاط الخلافية وعلى ذلك توالت المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان لبحث النقاط التفصيلية التي أجملها اتفاق مشاكوس الإطاري والمتمثلة في قضايا قسمة السلطة والثروة وكل الترتيبات الخاصة بالفترة الانتقالية المحددة في الاتفاق الإطارئ بست سنوات.
ثالثاً: اتفاق مشاكوس الإطاري لم يتبن أو يعد بتبني وضعية خاصة للعاصمة القومية الخرطوم والتي هي في الأصل جزء أصيل من الشمال الجغرافي السوداني كما ان الشواهد التاريخية لتأسيسها شهدت بأنها وعاء جامع لكل السودانيين الذين اتخذوها عبر هجراتهم من الأرياف من الأرياف وطناً ثانياً لهم حيث ظلت تمثل صيغة هجين لكل المجموعات السكانية التي التقت عندها الثقافات واللغات والتراثيات وحتى أهل الجنوب الجغرافي السوداني وجدوا فيها الملاذات الآمنة التي تقيهم شرور ونيران الحرب المفروضة حيث انصهروا في مجتمع العاصمة القومية وتعايشوا معه بصورة تشكلت معها لوحة للسلام الاجتماعي والتعايش السلمي بين المواطنين مع احتفاظ كل منهم بدينه ومعتقده بكيفية تكفل له حرية ممارسة التدين والعقدية وبالطبع فإن ذلك يمثل تطبيقاً لواحدة من أهم الخطوات التي رسختها الشريعة الإسلامية التي أعطت الأقليات غير المسلمة حقوقها كاملة غير منقوصة.
أما تبريرات السيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة والتي أطلقها عبر الإذاعة السودانية والتي انبرى فيها مدافعاً عن إعلان القاهرة والتي ذكر فيها أنه لم يتم التطرق لعلمانية العاصمة القومية فيه كل هذه التبريرات تجد نفسها عارية تماماً أمام الاسانيد والمنطق وذلك لعدة أسباب هي:
أولاً: أن العقيد الدكتور جون قرنق دي مبيور بصوته وصورته بل وشحمه ولحمه قد أدلى بتصريحات صريحة واضحة الدلالة لقناة الجزيرة الفضائية قال فيها إن العاصمة وفقاً لإعلان القاهرة ستكون قومية وأردف مفسراً أن القومية تعنى أن تكون علمانية ولا تحكم بالشريعة الإسلامية.
ثانياً: قطع السيد الصادق المهدي من خلال لقائه بالإذاعة السودانية بعلمانية العاصمة إذا قال ما نقصده بقومية العاصمة هو أن يتم تطبيق قوانين قومية اتحادية في منطقة إدارية منقطعة من الخرطوم محددة تحديداً قاطعاً جنوباً السكة وشمالاً النيل الأزرق وغرباً مقرن النيلين وشرقاً مدخل البراري.
وقد فات على السيد الصادق المهدي إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة أن هذا التبعيض القانوني للوحدة الإدارية للخرطوم (ولاية الخرطوم) نوعاً من الإزدواجية القانونية والتي سترتب آثاراً قانونية بالغة التعقيد فكأنه أراد أن يقول للسودانيين أذهبوا للمنطقة الحرة المقتطعة إدارياً وأفعلوا فيها ما يعن لكم بدعوى حرية الأديان ثم أذهبوا إلى مساكنكم خارج المنطقة المقتطعة إدارياً ولن تلاحقكم المساءلة وفقاً لأحكام القانون الجنائي السوداني المستمد من الشريعة الإسلامية.
ثالثاً: إن تبريرات السيد الصادق المهدي وان صحت فإن تأكيدات العقيد جون قرنق بعلمانية العاصمة السودانية كلها والتي قالها في الولايات المتحدة الأمريكية تهزمها حيث قال بعضمة لسانه (علمانية العاصمة كلها حتى تتجسد فيها الروح القومية).
عموماً أن الأمور ان سارت على وضعها الراهن فإن مشاكوس في مفترق طرق وذلك للآتي:
* الحكومة السودانية أبدت رفضها القاطع لأي اتجاه لعلمنة العاصمة القومية وقد بنت الرفض بناء على بنود اتفاق مشاكوس الإطاري والذي حسم من حيث الشكل وضعية العاصمة القومية والتي اعتبرها أقر وضعاً استثنائياً للجنوب الجغرافي للأسباب المعلومة ولم يستثنى أية مدينة أخرى في الشمال الجغرافي لا الخرطوم ولا غيرها.
* الحكومة السودانية يبدو أنها لن ترتكب أية مجازفة تجعلها الأكثر حرجاً مع قواعدها بشأن القبول بفكرة علمنة العاصمة القومية التي قال بها العقيد جون قرنق أو حتى التي حسنها السيد الصادق المهدي ذلك لأنها تضع في حساباتها غضبة الأغلبية المسلمة والتي عبرت عنها خطب الجمعة الماضية والتي انتقدت إعلان القاهرة خاصة جزئية قومية العاصمة فضلاً عن البيان الصادر من الحركة الإسلامية السودانية والذي جاءت لهجته محذرة للحكومة وللأحزاب من التفريط في الشريعة الإسلامية عموماً فإن السؤال المهم يبقى هل ستهدر جزئية قومية العاصمة بإعلان القاهرة سائحة السلام المرتقبة؟!.

*******
بياض العاج قد يعنى شيئا ، وسواد الابنوس قد يعنى شيئا اخر ، و لكن تحفة من العاج مطعمة الابنوس قد تعنى كل شئ