سؤال للحركة الشعبية ..من منكم يأتي بخبر عن الدكتور /الطيب إبراهيم الصباحي

سؤال للحركة الشعبية ..من منكم يأتي بخبر عن الدكتور /الطيب إبراهيم الصباحي


07-18-2006, 07:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=198&msg=1201474200&rn=0


Post: #1
Title: سؤال للحركة الشعبية ..من منكم يأتي بخبر عن الدكتور /الطيب إبراهيم الصباحي
Author: SARA ISSA
Date: 07-18-2006, 07:47 AM

عندما دخلت كلية القانون بجامعة الخرطوم كان عدد المقبولين قليلاً مقارنة بالعدد الذي يتم استيعابه اليوم ، مما أتاح لي التعرف علي جميع أبناء دفعتي ، و كيف كانت هيئتهم ؟؟ ومن أي المناطق قد أتوا ؟؟ الوانهم السياسية ، اتجاهاتهم الفكرية ، الشعراء والأدباء منهم ، خطباء المنابر السياسية . ولكن كان هناك بعض الجنود المجهولين الذين أضاعتهم الأحداث ، أناس يصعب تذكرهم ، فإما يعود سبب ذلك إلي حبهم للانطواء ، أو انهم كانوا لا يحبذون الأضواء ، لذلك عاشوا في هامش الذاكرة ، فانقطعت أخبارهم عنا .
من بين هؤلاء كان الطيب إبراهيم الصباحي ، شاب نحيل الجسم ، هادئ الحركة ، تكاد تسمع له صوتاً من شدة هدوئه ، علي ما أذكر أنه قادم من الجزيرة ، وقريته بعد الرجوع إلي مفكرتي اسمها ( الغنامة ) وهي قرية صغيرة تنقع في نواحي الجزيرة ، ولا تبعد كثيراً عن الخرطوم ، في جلسات التعارف كنت أحس أن الطيب إبراهيم كان منقبضاً وكثير الشرود ، فكان هناك ما يشغله ، وأمرُ لا يريد البوح به ، عرفت لاحقاً أنه كان لا يرغب في دراسة القانون ، وقتها كان الطب هو سيد الموقف ، قبل أن تحوله الإنقاذ إلي مجال ممل يستهلك سنوات العمر القصيرة ، وحرفة لا تسد الرمق ، كان الدخول إلي كلية الطب بجامعة الخرطوم يحتاج إلي معجزة كبيرة ، وكنت أحس أن الطبيب يبدأ مهنته منذ السنة الأولي بكلية العلوم قسم الأحياء .
نعود لأخينا الطيب إبراهيم الصباحي ، والذي كان علي ما يبدو أحد المولعين بدراسة الطب ، أمتحن للمرة الثانية وأحرز درجة متقدمة في الشهادة السودانية ، مكنته لاحقاً من الالتحاق بكلية الطب ، وحقق حلمه الدفين بعد أن أنقطع عن دراسة القانون ، كان طلاب الهندسة عندما يشجعون فريقهم ضد كلية القانون يهتفون في وجهنا قائلين :
هبوت كانون
ولا القانون
وذلك كرمز للتحقير والتهميش ، مع العلم أن خريجي القانون من جامعة الخرطوم رسموا بصماتهم الخاصة علي تاريخ السودان ، من المحجوب ، و مروراً بالدكتور منصور خالد وفرانسيس دينق ونهاية ً بالترابي . المهم عاد الأستاذ/الطيب إبراهيم إلي كنف أحلامه وحقق حلماً عز علي الكثيرين في ذلك الوقت ، وانقطعت أخباره عنا لفترة من الزمن ، عامُ ثم عامين وثلاثة أصبحت لا أتذكر من أبناء الدفعة إلا الأعلام ، وبعد التخرج ضاقت بنا الدنيا بما رحبت ، فالإنقاذ قد أحصت الأرزاق وجعلت كل شئ في قبضة زبانيتها ، ففي سنة تخرجنا اشترطت الإنقاذ في التوظيف الولاء السياسي ، وذلك بخصوص العمل في الوزارات السيادية ، أما الدوائر العامة مثل الضرائب والمالية والجمارك فكان من الشروط المطروحة تأدية الخدمة الوطنية .
قابلت الطيب إبراهيم بعد تخرجه من كلية الطب في إحدى المركبات العامة في الخرطوم ، عرفني وعرفته وبشهامة السودانيين المعروفة صاح في وجه الكمساري : مدفوع الحساب
سألته عن خططه وأحواله وماذا ينوي أن يفعل ، فأخبرني أن عدد سنوات الامتياز في الخرطوم سنتين ولكنه إذا ذهب إلي الجنوب فسوف تنقص المدة إلي سنة ، علي اعتبار أنها منطقة شدة وحرب ، وذلك تحفيز قامت به الدولة من أجل جذب الأطباء للعمل في الجنوب ، في وقتٍ شهدت فيه البلاد هجرة كبيرة للأطباء للخارج ، وسنتي الامتياز أعاقت الغائب الطيب إبراهيم من الهجرة ، فذهب إلي الجنوب ولم يكن يدري أن هذا المستقبل الحافل سوف يضيع في وسط أحراش غابات الجنوب ، في تلك الفترة كانت العمليات العسكرية في الجنوب جارية علي قدم وساق ، والإنقاذ كانت مصممة علي كسب الحرب بأي ثمن ، ولا تهم التكلفة البشرية ، ولا فرق بين أن يموت في تلك الحرب طالب في المرحلة الثانوية أو بروفيسور عظيم في هندسة الكهرباء مثل الشهيد /محمود شريف ، الطيب إبراهيم قصته من نوعٍ آخر ، فأهله لا يعلمون هل هو علي قيد الحياة أم أنه مات في جبهة القتال ، أما بالنسبة للإنقاذ فهو ميت لأن قانون جيشها يقول : (( كل من مرّ علي فقدانه عامين يعتبر شهيد )) ، وهناك مشكلة أخري ، وهي أن معظم الذين ذهبوا إلي ميادين القتال عن الطريق التطوع وقتذاك لم تكن بياناتهم العسكرية مدرجة لدي القوات المسلحة ، فهوجة التنجيد العمياء لم يكن لديها الوقت الكافي لأخذ البيانات المطلوبة ،حتى إذا وقع هؤلاء المجندين في الأسر يمكن استردادهم عن طريق منظمة الصليب الأحمر ، وهذا هو السبب الذي جعل اتفاق نيفاشا يتم التوقيع عليه من غير الإشارة إلي بند تبادل الأسري كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية ، فهذا الشرط غاب وقت الحرب وغاب في وقت السلام ، والدكتور الطيب إبراهيم لم يذهب للجنوب كمحارب ، ولكن لأن الجيش السوداني فرض علي الأطباء ارتداء الزي العسكري وحمل السلاح فأصبح لا فرق هناك بين ( ملاك الرحمة ) والجندي المقاتل ، وتحوّل الجميع إلي آلات حرب تعزف علي وتر الموت في منطقة نائية في أواسط أفريقيا .
كان الطيب إبراهيم هو طبيب الفرقة التي تعرضت للكمين من قبل الحركة الشعبية ، وفي ليلة الكمين انتابته حمي الملاريا ، فتغطي ببطانيته وأسلم نفسه للنوم بعد يوم شاق ومرهق ، انسحبت فرقته بعد وقوع الهجوم ونسي أفرادها أمر الطبيب الذي كان يسهر عليهم صباح مساء وهو يحاول تطبيب جراحهم ولم يتذكروه إلا في صباح اليوم التالي ، وعندما عادوا إلي المكان مرةً أخري لم يجدوا سوي بطانيته ، فتبخر الطبيب الطيب إبراهيم الصباحي في أحراش الجنوب وكأنه فص ملح ذائب ، وحتى هذا التاريخ لا نعرف هل التهمت وحوش الجنوب الدكتور الطيب إبراهيم أم أنه وقع في الأسر وربما تفاجئنا الحركة الشعبية قريباً بإطلاق سراحه ، حتى يضاف هذا الإنجاز إلي سجلها الطيب في المحافظة علي حياة الأسري .
هذه قصة من قصص كثيرة ، جنودها مجاهيل ولا يعرف أحد عنهم شيئاً ، أناس كانوا بيننا يحسون كما نحس ويتألمون كما نتألم ، لهم أسرة وأقارب وناس يبادلونهم المحبة والود ، وقبل الاتفاق علي تقاسم النفط والثورة والسلطة كان من المفترض أن نسأل ..أين يا تري ذهب ناسٌ مثل الدكتور الطيب إبراهيم الصباحي ؟؟

Post: #2
Title: Re: سؤال للحركة الشعبية ..من منكم يأتي بخبر عن الدكتور /الطيب إبراهيم الصباحي
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 07-19-2006, 00:58 AM
Parent: #1

الزميلة سارا : تحياتي : مبروك
اجمل ما قرأت !
بوست يكشف عن مشاعر الوفاء لاولاد دفعة ،
ليتك تواصلين واقترح عنوان ( ايام مضت في كلية القانون بجامعة الخرطوم ) وبالتاكيد هناك مايفيد ،
ارجوان تواصلي حديث الزكريات فهو من اجمل البوستات التي تجذب القراء .

Post: #3
Title: Re: سؤال للحركة الشعبية ..من منكم يأتي بخبر عن الدكتور /الطيب إبراهيم الصباحي
Author: AMNA MUKHTAR
Date: 07-19-2006, 01:16 AM
Parent: #1

Quote: هذه قصة من قصص كثيرة ، جنودها مجاهيل ولا يعرف أحد عنهم شيئاً ، أناس كانوا بيننا يحسون كما نحس ويتألمون كما نتألم ، لهم أسرة وأقارب وناس يبادلونهم المحبة والود ، وقبل الاتفاق علي تقاسم النفط والثورة والسلطة كان من المفترض أن نسأل ..أين يا تري ذهب ناسٌ مثل الدكتور الطيب إبراهيم الصباحي ؟؟

Post: #4
Title: Re: سؤال للحركة الشعبية ..من منكم يأتي بخبر عن الدكتور /الطيب إبراهيم الصباحي
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 07-19-2006, 03:28 AM
Parent: #3

Quote: أناس كانوا بيننا يحسون كما نحس ويتألمون كما نتألم ، لهم أسرة وأقارب وناس يبادلونهم المحبة والود ،


وفاء نادر واحاسيس انسانية راقية