الإنقاذ : البداية والنهاية

الإنقاذ : البداية والنهاية


09-03-2006, 03:22 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=198&msg=1201473596&rn=0


Post: #1
Title: الإنقاذ : البداية والنهاية
Author: SARA ISSA
Date: 09-03-2006, 03:22 AM


معسكر الشهيد عيسي بشارة ، يقع بالقرب من النيل الأبيض ، وفي حضن مدينة القطينة ، من هذا المعسكر بدأت عملية عسكرة قطاع الطلاب ، وكان جهابذة الحركة الإسلامية ومنظريها يحضرون إلي هذا المعسكر ، ويقومون بإلقاء الخطب الطويلة علي مسامع الطلاب ، يحدثونهم عن اقتراب موعد الفتح ونهاية أمريكا علي يد الثلة الأخيرة من أبناء السودان ، انتهت عمليات غسيل المخ في أوروبا الشرقية ، ولكنها وجدت من يعيدها إلي الحياة في السودان .
مدير المعسكر سأل أول الشهادة السودانية لعام 90 ..هل أنت أول الشهادة السودانية ؟؟
فرد عليه : نعم أنا أول الشهادة السودانية
فطلب منه مدير المعسكر أن يجري بين الطلاب ويهتف : أنا الطيرة أو الطيور
اشتهرت مدينة القطينة بالعلم والتسامح ، وبحب أهلها للحرية والديمقراطية ، قبل أن يحل عليها معسكر الشهيد عيسي بشارة ، بمدينة القطينة مستشفي تفتقر للكادر الطبي والدواء ، ومدرسة ثانوية كبيرة بها سكن للطلاب ، المستشفي أصبحت تحول معظم حالاتها المرضية للخرطوم ، أما المدرسة فأصبحت مأوي لقوات شرطة المرور والتي تفرض جبايتها علي السيارات المارة وهي تتعلل بأتفه الأسباب .أما الحياة في المعسكر فتجري علي ما يرام ، هناك مطبخ وصالة طعام ومغسلة لخدمة المسؤولين .
ليست مصادفة أن تنشأ في مناطق الهامش معسكرات الدفاع الشعبي ، والتي قامت علي هيكل المؤسسات التعليمية ، فما حدث في مدينة القطينة تكرر أيضاً في مدرستي خور طقت وحنتوب ، هذه ليست مصادفة ، بل عملية مدروسة ، قُصد منها محو الأثر الثقافي القديم ، وحرمان الطلاب من التلاقي والتلاقح الثقافي ، ما ميز هذه المدارس هو نظام الداخليات ، والذي كان يجمع طلاباً من مختلف أنحاء السودان ، وهي كانت البوابة التي تُدخل المهمشين إلي المراكز الرفيعة ، وسياسة التعليم السياحي في عهد الإنقاذ هي التي اقتضت إغلاق هذه المدارس ، وتحويلها من مؤسسات تعليمية إلي ميادين للتدريب العسكري ، ولكن لماذا ؟؟ لأن السودان كان ينوي محاربة أمريكا ؟؟؟
في هذه المعسكرات كان المجندين يهتفون :
أمريكا روسيا قد دنا عذابها
و يا الأمريكان ليكم تدربنا
وقال شاعر القوم : أمريكا لمي جدادك !! ولكن أمريكا لا تعطي دجاجاً مجانياً كما زعم شاعرنا ، ولكنها تبيعه كوجبات سريعة في هارديز وكنتاكي وماكدونالد ، والشعب السوداني لم يسمع بمثل هذه المسميات ، وما تمنحه أمريكا هو القمح وليس الدجاج ، ولكن علي ما يبدو أن من يصممون ترانيم الإنقاذ يختارون الأناشيد كما تقتضي القافية وليس كما يقتضي واقع الحال .
فحرب الإنقاذ لأمريكا هي حرب نوايا ، وليست حرب أكيدة تُستخدم فيها الطائرة والدبابة ، هي حرب وهمية مكانها الصحيح في أفلام الخيال العلمي وليس أرض المعركة الحقيقية ، ولكن من يدفع ثمن هذه الحرب هو المواطن السوداني ، الذي يدفع الأموال ويقتطع من وقت راحته مساحة يخرج فيها للشارع ويقول : فريزر أغربي عن وجهنا ، فالمواطن السوداني يخرج مكرهاً للتظاهر ضد أمريكا ، وليس أمامه مفر من ذلك .
وأنا أؤمن بنظرية ثابتة ، كلما كانت الحرب بعيدة المنال بين الولايات المتحدة والسودان ، زاد عدد أبطال الفضائيات والعنتريات ، والذين يتحرقون إلي لقاء الأمريكان ومنازلتهم في أرض الوغى ، يكثر عدد الذين يرتدون الزي العسكري ويقرضون الشعر ويلقون الخطب الحماسية ، كوالي النيل الأبيض مكرم نور الله ، وهو من الداخلين إلي نظام الإنقاذ عن طريق مركب التوالي ، ولكنه يريد معركة حقيقية يكون الخيار فيها بين حياة تسر الصديق وبين موت يغيظ العدا ، ربما لم يسمع والي النيل الأبيض أن هناك منطقة في ولايته عندما تصلها اللوارى يقول السائقون : الكلاقي والحي بلاقي ، ذلك من شدة وعورة الطريق وخطورته .
وولاية النيل الأبيض تكثر فيها حالات الموت بسبب الولادة المتعسرة والأمراض السرطانية ، وفي الطريق الغربي المحاذي للنيل الأبيض تُوجد ثلاثة مستشفيات هي العلقة والصوفي وشبشة ، ولكن هل يعلم الوالي أن هذه المستشفيات تحولت إلي مزارات أثرية ، بعد أن هجرها الأطباء ونفذ من مخازنها الدواء ، والي النيل الأبيض والذي دخل في الثلث الأخير من عمر الإنقاذ كان جاهزاً لمحاربة أمريكا ، ولكنه ليس مستعداً لمحاربة الفقر في ولايته ، من السهل جداً إطلاق الهتاف ، والصياح بصوت عال الله أكبر .. الله أكبر ، من السهل جداً دخول معركة كبيرة من وراء الحدود ، ولكن من الصعب بناء قطية من القش ، تأوي الصغار من الزواحف والحر وبرد الشتاء .
والآن قد صمت الكل ، والجميع في انتظار ساعة الصفر ، هل ستكون الحرب في دارفور ؟؟ كما تخطط الإنقاذ والتي فتحت هناك ثلاثة معسكرات للتدريب العسكري ، وعاد خيالة الجنجويد وهم يلوون عمائمهم ويتبخترون بخليهم أمام الكاميرات ، والولاة قد طلقوا الزي المدني ولبسوا الزي العسكري ، بمنتهى السرعة تم حشد الجيوش وفتح المعسكرات ، هناك جاهزية لخوض الحروب ولكن ليست هناك جاهزية لصنع السلام ، وهذا هو قدر أهل السودان ، عندما استلمت الإنقاذ السلطة في يونيو 89 لم تكن علي أراضينا قوات أفريقية أو أممية ، لم يكن هناك مندوبون دوليون ولا جلسات خاصة لمجلس الأمن تتناول الشأن السوداني ، لماذا ندفن رؤوسنا في الرمال ؟؟ ونتغاضى عن فرضية مهمة ، أن الإنقاذ كانت أشبه بالحمار الذي دخل سفينة نوح متأخراً وكان في معيته الشيطان ، حل أزمات السودان يكمن في رحيل نظام الإنقاذ ، لقد منحهم الشعب فرصة كافية ، فأوصلونا إلي ما نري ، ولم يعد في وسعنا تحمل الحصار إرضاءً لنزواتهم .
سارة عيسي

Post: #2
Title: Re: الإنقاذ : البداية والنهاية
Author: عبده عبدا لحميد جاد الله
Date: 09-03-2006, 05:02 AM
Parent: #1

العزيزة سارة

Quote: بل عملية مدروسة ، قُصد منها محو الأثر الثقافي القديم ، وحرمان الطلاب من التلاقي والتلاقح الثقافي ، ما ميز هذه المدارس هو نظام الداخليات ،


هذه واحدة من بنى المشروع الحضاري ،كل الأطراف افتح فيها جامعات اي كلام واتركها مناطق معزولة حتي لايكون هناك اتصال فعلي بين ابناء الوطن الواحد ،ومن ثم كلها للجبهة الإسلامية والى الأبد.
عزيزتي سارة غرفتنا بالبركس نموذجاً (الغرب،الجزيرة،الجنوب،الخرطوم
)

Post: #3
Title: Re: الإنقاذ : البداية والنهاية
Author: Alshafea Ibrahim
Date: 09-03-2006, 05:30 AM
Parent: #1

يا سارة سلام
تماما اتفق معك في كل كلمة بهذا البوست
لكن هل سيقبل شيوخ الإنقاذ تغير نمط حياتهم ومعيشتهم الحالي بحياة الصحارى والمعسكرات والتغشف لحماية مشروعهم الحضاري ؟؟ اعتقد أنهم كاذبون كاذبون وغدا لناظره قريب
مودتي
الشفيع مصطفى