الإنقاذ : درسٌ في التعالي وإنكار حق الآخرين

الإنقاذ : درسٌ في التعالي وإنكار حق الآخرين


11-29-2006, 10:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=198&msg=1201472278&rn=0


Post: #1
Title: الإنقاذ : درسٌ في التعالي وإنكار حق الآخرين
Author: SARA ISSA
Date: 11-29-2006, 10:46 AM

الإنقاذ : درسٌ في التعالي وإنكار حق الآخرين

من خلال الرجوع للحقب التاريخية لن نجد هناك صراعاً إجتماعياً تم بين من يسمون أنفسهم ( بالعرب ) وبين الذين يعتزون بكونهم أفارقة ، في عهد الإسلام الأول لاحظنا أن الصراع كان بين العرب والأعاجم ، وزاد هذا الصراع حدةً وأشتعالاً بعد تأسيس الدولة الأموية والتي تعصبت لمضر ، كما أنها تعاملت مع الأعاجم كمواطنين من الدرجة الثانية ، لذلك أستطاع العباسيون اللعب علي هذا الوتر الحساس ، وتر التهميش والشعور بالغبن الذي خالج أفئدة الأعاجم ، لذلك كانت بداية الثورة العباسية من بلاد فارس ، وقاد أبو مسلم الخراساني الجيوش وهو يتوجه نحو عاصمة الخلافة بغداد ، هذا القائد الذي لم يفرحه نصر ولم تقلقه هزيمة ، لكن هذا القائد الفذ وجد جزاء سمنار علي يد العباسيين ، مات مقتولاً لأنه في نظر الدولة تمرد بفلتات لسانه ، وقد نقل المنافسون مقولته إلي السفاح ، خائن علي الأموال أمينٌ علي الأرواح ، وقد أستغرب أبو مسلم الخراساني لماذا يأتمنه العباسيون علي أرواح الأسري بينما يحتفظون لأنفسهم بالأموال ، هذه المقولة أغضبت عليه زعيم الثورة الجديد والذي أذاع بيان الحكم في الملأ :
أيها الناس أياكم وغش الأئمة ، والله ما أسرّ أحدكم منكرة إلا بانت في صفحات وجهه وفلتات لسانه ..إلي أن قال من نازعنا عروة هذا القميص أذقناه خبئ هذا الغمد .
كان هذا هو شكل الصراع الدائر في أرض العرب بين العرب الأعاجم ، وفي فترة متأخرة نشبت ثورة الزنج في بغداد بسبب المعاملة السيئة التي كانوا يلاقونها من العباسيين ، أما في أفريقيا فقد كان الصراع يأخذ بعداً أخلاقياً عميقاً أبعد بكثير عن ما جري بين العرب والأعاجم ، بالفعل أنه كان صراعاً بين البيض والأفارقة ، مات فيه الكثير من الشهداء الأفارقة ، في جنوب أفريقيا وروديسيا وزمبابوي والكنغو زائير ، وهو لم يكن صراعاً من أجل المكاسب بقدر كونه بالنسبة للأفارقة دفاعاً عن الوطن وبحثاً عن الحرية ، لقد أنطوت تلك الصفحة المريرة من التاريخ البشري ، حرّمت أوروبا تجارة الرقيق ، ونجح المناضل مانديلا في أن يضع اللبنة الأولي لدولة التسامح الإجتماعي ، فقد سمح بمشاركة كل الأطياف العرقية في الدولة الوليدة بما فيهم البيض ، تضحية بالذات من أجل سمو الهدف ، فقد أثبت مانديلا أنه رجل مبادئ قبل أن يكون رجل دولة ، معاناته في السجن والنعذيب لم تدفعاه للإنتقام والتشفي ، تخلي عن السلطة وهي في أوج عظمتها وهو الرجل الذي مكث ربع قرن في سجن روبن الرهيب ، ثورة مانديلا في الحكم جعلت الإنسان الغربي ينظر لنظيره الأفريقي بإحترام بالغ ، فقد أثبت الرجل بأنه ليس بربرياً ومتوحشاً كما صورته دعاية الابارهيد .
نعود لموضوع الصراع الإجتماعي في السودان ، فهذا البلد لم يفتحه العرب كما فعلوا في الأندلس وفارس والهند ، حتى اتفاقية البقط التي يتمسك بها البعض لترويج فكرة أن السودان بلدٌ فُتح بحد السيف ، لم تكن إلا نقاط مبتسرة بين مجاميع صغيرة في ثغر نائي يقع في أحد أصقاع السودان البعيدة ، وحتى هذه الاتفاقية لا يُمكن توظيفها كدليل علي التباين الإجتماعي في السودان ، لأنها علي أسوأ الفروض كانت بين مسلمين ومسيحيين ، وليست بين العرب ومن أختلف معهم في اللون والعرق .
لكن السودان بعد عام ألفين علي وجه التحديد دخل للتو في متاهة التباين الاجتماعي ، دخلنا في عهد المحاصصة العرقية والتي كلها تفضي إلي نتيجة واحدة ، كل أمر السودان في يد قلة من الناس محسوبة إلي كيان إجتماعي واحد ، هي تمسك بأمر السودان الآن ولا تري إلا ما يقع تحت قدميها ، عندما تقع كارثة إنسانية في دارفور في نظر هؤلاء ليست بالأمر المهم ، لكن إن تاهت عربة بين أبو حمد وشندي تقوم الدنيا ولا تقعد ، إن مات الناس في الجنوب بالكوليرا أو الإسهال المائي كما يسمونه اليوم فلا أحد يهرع إلي نجدتهم ، لكن عندما تحاصر الفيضانات عطبرة والدامر يهبون هبة رجل واحد ، يستغيثون ويملأون الدنيا صراخاً وضجيجاً ، يستنجدون حتى باعدائهم مثل الأمم المتحدة ، يطلبون منها التدخل وتقديم المعونات العاجلة ، يوزعون الخيام علي المتضررين ، كل هذا الحرص لأن هؤلاء النفر هم جزء من السودان الذي وصفه الدكتور منصور خالد بنموذج السودان الشمالي المصغر .
يرفضون أن تنجد الأمم المتحدة المتضررين في دارفور ولكنهم لم يرفضوا المعونة المالية التي قدمتها لهم منظمة الصحة العالمية لمكافحة الملاريا في الشمال ، هم لا يرون في موت أهلنا وتشردهم في الأفاق كارثة تستحق النظر ، فهم لا يرون فينا إلا أناس يحتضرون والموت لهم أفضل من الحياة ، يضطربون حتى في الإعتراف بعدد الضحايا ، فأحياناً هم خمسة ألاف أو تسعة أو عشرة ألاف لا يهم الرقم طالما أن القتلى ينتمون لشريحة اجتماعية غير مرغوب في حياتها .
قصة الدكتور علي الحاج محمد مع الإنقاذ لا تختلف عن قصة أبو مسلم الخراساني مع العباسيين ، كلاهما لعب دوراً هاماً في تأسيس الدولة ، وكلاهما كان ينتمي لشريحة إجتماعية تُعتبر مُهمشة ، في خاتمة المطاف تعرضا للغدر والتخوين ، بسبب خلاف الدكتور علي الحاج مع الإنقاذ أُهمل طريق الإنقاذ الغربي ، مع أن حصة الدولة في هذا المشروع لا تزيد عن 5% ، وخلاف الإنقاذ مع السيد/محمد عثمان الميرغني لم يمنعها من مد طريق الشمال الذي ربط كافة أنحاء السودان بمدينة دنقلا ، حتى المحنة التي ساقوها إلي أهل دار فور لم تشفي غليلهم أو تقلل من شدة كراهيتهم ، لا يرون أن هناك أزمة في دارفور ، وقبلها وصفت الإنقاذ معسكرات النزوح بالغرف المفروشة التي لا يدفع ساكنوها فاتورة الكهرباء والمياه ، فإلي متي تنتهي سياسة التعالي وإنكار حق الآخرين في السودان ؟؟
سارة عيسي

Post: #2
Title: Re: الإنقاذ : درسٌ في التعالي وإنكار حق الآخرين
Author: Gawhar Abdelmagid
Date: 11-29-2006, 06:19 PM
Parent: #1

in the name of allah
dear Sara how are doing
I wish you always come up with issues
and topics smilar
to this one. and i`m in hope that people would have courage
and participate objectively in these kind of topics

Post: #3
Title: Re: الإنقاذ : درسٌ في التعالي وإنكار حق الآخرين
Author: المسافر
Date: 11-30-2006, 02:05 AM
Parent: #2

Quote: لكن عندما تحاصر الفيضانات عطبرة والدامر يهبون هبة رجل واحد ، يستغيثون ويملأون الدنيا صراخاً وضجيجاً ،


سارة

انتي بتجيبي الكلام ده من وين

عطبرة والدامر كان المستعمر الإنجليزي أرحم بها من الكثيرون الذين يحتلون واجهة ذاكرتك من أبناء الوطن، لقد قام المستعمر بعمل رصيف من الحجر حول عطبرة مما جعلها تنجو من الفيضانات وهياج العطبراوي


لكن ما عارف علاقة الميرغني بشارع شريان الشمال الذي قام أبناء منطقة دنقلا بإنشاء شركة خاصة بالشريان لكي يحافظوا على تقدم العمل فيه بدون فائدة ومازال يتلوى في الصحراء ما يخطو خطوة للأمام حتى يفقد شكله من الخلف..


بصفتك صحفية كلفي أي من الباحثين لكي يبحث في أرشيف وزارة المالية منذ الستينات لكي تعرفي ما من عون وجه لطريق وإلا كان في غرب السودان وليس الغرض من هذا الحديث هنا أن يكون تمييزا لأن الحقيقة هي أن من هم في غرب السودان في الحقيقة كانوا في شمال السودان ، وأغلبهم انحدروا من هناك، وما من قرية في غرب السودان وإلا كان سكانها أو أصولهم في مكان ما في شمال السودان.. ليس لديك حجة في هذا الموضوع ، وانا لا اقول لك هذا رداً عليك ولكنني تنقلت في هذه المناطق في بداية الثمانينات بالطرق البرية على اللواري ومازلت اتذكر القرى والناس، وأرى الدم يجري في العروق، لا تبتعدي كثيرا، ودققي النظر..

نحن أكثر ألما لدمنا المسكوب في صحاري دار الفور ودار أم بادرة وأم جراوي ودار الحرائر كلها، والحرائر هنا ليس بلد ولكن المقصود بها جميع البلاد التي غرست أساساتها أمهاتنا حتى سكن فيها الرجال

سارة
الصحفي ليس محرر سياسي ودوره في التعبئة الجماهيرية ليس تغليف الأهواء بمسحة من الحقائق
ولكن يجب أن يكون هو في ذاته معلم حين تختفي الإشارات وأين ما كان كانت الحقيقة تحت قدميه..

سارة
حتى لا نفقد فرصة تحريك أفكارنا عند قراءة كتاباتك نتطلع إلى أن نجد لديك الإهتمام بما تعرضيه علينا في هذا المنبر ولن يضيرك أن تتربعي على مجلس من الحكمة والتروي.