عمدة واشنطون..

عمدة واشنطون
خط الاستواء
عبد الله الشيخ
كنت أتطلع الى سفر بعيد .. إلى نيويورك، لكن حاجب السفارة كان بالمرصاد على جواز سفري، كلما قدمته للتأشيرة كتب على الصفحة الأخيرة منه عبارة معناها" كتر خيرك استلمنا الطلب"! فأعود مرة أخرى إلى دائرة الجوازات وأستخرج جوازاً جديداً ليكتب عليه ببساطة ذات العبارة ويختم عليها بختم السفارة ..
قضيت السنوات الأولى من عمر الإنقاذ هكذا، بين السفارة والجوازات .. حتى اقترح لي الأصدقاء -الذين التقيت بهم تحت ظل العمارة " أم كمرتن بره"- حلاً عند آدمو في عشش فلاته .. قالوا لي إن جحافل سافرت ببخرة أو بحجاب من آدمو ... وقالوا إنه فكي جامد، يعرف الفرق بين"الجدادة العزباء والعذراء"!..
وكما يقول المثل" سيد الرايحة يفتح خشم البقرة ".. كانت الإنقاذ آنذاك عبارة عن مجروس، التلفزيون صورة مجروس، الراديو صوت مجروس، وكانت الصحف .. وآه من الصحف في ذلك الزمان !..
وهل من المفيد أن نطلق على الماضي اسم"كان" إذا كان كائناً؟
سيد الرايحة يفتح خشم البقرة .. وأنا رايحه لي تأشيرة.. فشلت في الحصول عليها بالدرب العديل .. ولابد من حُواطة !.. وهذه سفارة، وهذا الفكي لن يسألني عن"اسم امها" ..
المكان شوالات ودلاقين، هذه هي عشش فلاته التي " نحروها أم انتحرت"؟ من هنا ينفتح الطريق نحو مانهاتن .. ومن هنا أنظر الى شعلة الحرية، وأتطلع الى عوالم مالكوم اكس .. وقد أشهد عياناً بياناً حفلة حية لمادونا ..
ودخلت الراكوبة بهذا الحلم .. وقلت لشيخي وقرة عيني آدمو .."ياشيخنا، أنا ما عندي شغلة، بالحريم .. أنا جاييك في موضوع واحد.. أنا داير أسافر ..فقال لي: داير مرا نجيبو هسه " يهبي هبي" .. أي تحبو حبواً!..
كان قرة عيني آدمو يحدق في شوالات بيته، والكلاب خارجها تلوي أذنابها للريح .. يحدق في ركن ويتحدث مع أحد الأشباح، ويقول بصوت أسمعه" تجيب .. هسه تجيب" ..
ثم عاد إليَّ قرة عيني قائلاًَ: مشكلة مافي .. خيرة بيضا.. ماشاء الله..
ـ ولكن ياشيخنا أنا عاوز أسافر أمريكا ..
قال شيخي:ـ تسافرو.. تسافرو..
ولكن ياشيخنا .. الزول ده .. كلما أمشي ليهو للتاشيرة يكتب لي"استلمنا الطلب".. وقلتها له بالإنجليزية لزوم لفت الانتباه!..
فقال لي شيخي: زول ده منو؟
أردت أن أزيد عيار تأثير"العمل" فقلت له مباشرة إن السفير راسو قوي ومابيدي التاشيرة بالساهل ..
وقال قرة عيني بنبرة واثقة من التمكن، وليس التمكين!..قال
:ـ مش على كيفو !.. تسافرو يعني تسافرو!..
ثم دخلنا بعد ذلك في شروط المرابحة ..قال:ـ تمروقو، وتجيبو سبع جدادات بيضا..
ـ ألقاها ليك وين ؟
.. قريب تلاقيهو.. قريب..! ده لزوم شغل الليل ..
قلت لقرة عيني:ـ يعني مخارجتي من المجروس تتوقف على سبع جدادات بس؟ .. قال شيخي:ـ أنا قلت تسافرو .. تسافرو.. كلمة بتاعي مايقع "واتا"..
ـ ولكن ياشيخنا لماذا لا تأخذ ثمنها وتشتريها "حسب المواصفات والمقاييس"؟..
ابتسم شيخي وقال:ـ سبع جداده بيضا .. جداده .. سبع .. نلاقيهو نلاقيهو"هِلة بتاعنا ده مليان جداد .. انت ماتعرف محلو ..
وأعطيته الجنيهات .. وكانت حكومة الإنقاذ لم تفكر حينها في تغيير العملة .. كانت أوراقاً حمراء من فئة الخمسين قرشاً، أوراقاً حمراء مثل شمس الحزب الشيوعي!..
أخذ مني جواز السفر وقام بتبخيره على بخور.. وقال:" إن هذا البخور"راس كلب"! .. وأضاف:ـ "سفير بتاع سفارة هسه شما .. ود" الكِدك"..
وقال لي:ـ سفير يلاقيك خشم الباب، ويسقيك ليمون سكر"ساااقت".. دخلت الى السفارة و كنت أحلم بالليمون أكثر من حلمي بالفيزا المزركشة .. ومازلت أحلم ..
بعدسنوات عدت باحثاً عن آدمو .. الذي قال لي" تسافروا تسافروا.. هل كان يظن نفسه عمدة واشنطون"!؟..

(*)

ده إنتا اللي عمدة الكتاب ياعبدالله ..
بالمناسبة :
حمدالله على سلامة قلمك ..
والإفراج مبروك ..

كتر خيرك يا عبدالله الشيخ
تستحق نقول ليك " الدرة الما ليك تمن" .. بدون مجاملة وامتعتنا بسطورك و كلماتك ..
لكين .. عينى فى عينك كده ...
عمدة واشنطن ده هين .. البيضحوا ليهو ب 7 جدادات !!

Quote: كانت الإنقاذ آنذاك عبارة عن مجروس، التلفزيون صورة مجروس، الراديو صوت مجروس،

هسه بي إم وبنز وهمر وهبر وأقل شي كامري،
مرحبا استاذ عبدالله.

الاستاذ عبدالله الشيخ ياعمده..

شكرا لتلك الاسطر الجميله وعودا حميدا, وفي انتظار المزيد..

حزف للتكرار

Quote: التمكن، وليس التمكين

عبدالله المبدع..الحمد لله الذي فك أسرك..ننتظرك دائما.

فتحى الصديق
اسامة خليفة
ودالمرتضى ..
اسعد الريفى ..
وكمال الزين ..
سلامى ومحبتى
... ليتنا نتواصل عبر الايميل ..

up

Welcome back

Nasr