الأبيض .. رمالٌ تلألأ .. وأمنيات ... !!!

الأبيض .. رمالٌ تلألأ .. وأمنيات ... !!!


02-11-2009, 08:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=190&msg=1234338272&rn=0


Post: #1
Title: الأبيض .. رمالٌ تلألأ .. وأمنيات ... !!!
Author: طارق صديق كانديك
Date: 02-11-2009, 08:44 AM

سهلٌ لا يكاد يمتد بين التلال اللامعات هناك إلا وتحتويك كثبانٌ من الرمل الدقيق وأمنياتٌ لا تحد .. يسرع بك الخطى يطويها طياً غرباً باتجاه عروس الرمال .. تتناثر بيوتات القرى التي تحيط به في تقديسٍ عجيب وهي تفتح ذراعيها للحاضر منهم والباد .. فيدخلونها بسلامٍ في غالب الأمر آمنين إلا من بعض منغصات حياتهم اليومية .. !

عبقٌ من الإرث القديم وروائح الأشجار تزاحم أنوف العابرين هناك مبتلةٌ هي بماء المطر الذي ما ان يتراءى اليك برقه خلباً كان أم برقاً عاصفاً حتى يخلع فؤادك رعده الصاعق ومزنه الأسود الداكن فتهرع للتناغم في تسبيحك مع الرعد الذي يسبح بحمده والملائكة من خيفته ...!!!

عجيبٌ أمرنا في حلنا وترحالنا لا ننفك نبحث عن رفقتنا ونتخير مواضعنا فنتوجس خيفةً ان جاورنا شيخٌ هرم أو شابٌ نزق .. نلبس ساعتها أقنعة الصمت دثاراً حتى يسرقنا الوقت الذي نجهد أنفسنا في قتله بالصحف تارةً وبالتأمل من خلف التلال تاراتٍ أخرى .. أما ان كنت من المحظيين ساعتها فجاورتك حسناءٌ يانعة بسمرتها التي تضج فيها ألوان الجمال ربما ضقت ذرعاً ساعتها بسرعة مطيتك التي تركب .. مالهم يسرعون هكذا وكأن الدنيا أشرفت على نهايتها أليس في التأني السلامة ...!!!

يعلو و يهبط بي طريقاً ملتوياً وكأنه مستعبداً لتعبر من خلاله أرتالٌ من المركبات في اتجاهٍ واحد.. ولكن .. لما كنا نحن في بلدي قد ( تطايبت نفوسنا كثيراً في كل شئ )أضحى طريقاً لكل العابرين الغادين منهم والرائحين .. !!

تيقن كثيراً أن آلة العود لا تضاهيها آلة أخرى في التطريب لا سيما ان أحسن عازفها وتخيرمن الألحان أعذبها .. كانت الذكرى عنواناً لا يغادر .. والمتعة هي رأس الأمر وابتساماتٍ خجولة تحيط بك هناك ...!!

كلما أرجعت البصر هناك على كثبان الرمال التي ما انفكت ترسم نفسها نازعتني نفسي الى التأمل في ( شيكان ) وكيف أن جيوش الإفرنجة محقت عن آخرها يومذاك وشجيراتٍ صغيرة تتقاصر منتشرة على طول الطريق كم مرت عليها من سنينٍ مترادفات ربما كان بعضعها شاهداً على ذاك العصر الذي ما ان تولي وجهك غرباً إلا ويأتيك بعضه رغم أنفك .. تماماً كلما ساقتك قدماك حول قبة المهدي وبيت الخلفية في أم درمان .. !!

ثم تأتيك أم روابة باسمةً كأنثى لا تمل مشاهدة ذاتها في المرآة فطفقت أمعن النظر هنا وهناك وروائح الأشجار مبتلةٌ هي تتغلغل عميقاً فتعطي لشهيقنا وقتذاك بعداً آخر .. ومارست كل التفاصيل الأنيقة ذات الحضور حتى لاحت لنا عروس الرمال من بعيد ودخلناها بسلامٍ آمنين عبر مدخل ( طيبة ) .. !!

كنت أحمل أوراقي وأشواقي في ذات الزمان اذ كم حلمت بالطواف فيها من كثير حديثٍ يرويه أمامي بعض من عبروا هناك .. وها أنذا أدخلها ( محامياً ) أمارس فيها مهنتي اثر قضيةٍ تمسكت كثيراً بها لتجعل باب المودة بيني وبينها موارباً الى حين .. ولما كانت قضية الإتهام قد بنيت على سيقانٍ من الكتان .. سرعان ما تهاوت ولم تقو على الصمود كثيراً فشعرت بالزهو ساعتها كيف لا وها أنذا أخرج ومعي موكلي بحكمٍٍ بالبراءة ولعل أنه من أطرف ما سمعته هناك من قاضي المحكمة العامة رفضه للتحية والسلام من ( المتهمين ) ساعة ولوجهم قاعة المحكمة ورغم أنني حذرتهم من افشاء السلام ذاك لكنهم بقلوبهم الوجلة لحظتها وفطريتهم كانت تحيتهم فيها سلام خرج من بين أفواههم بلا قصد فتململ مولاي ساعتها وقال صائحاً ..

(( نرفض سلامكم ونقبل سلام محاميكم )) .. فوقفت احتراماً وتلقيت رده انابةً عنهم ولما كانوا أربعة أشخاص تكرر هذا المشهد بعددهم اذ كلما نادى حاجبه على أحدهم دخل وتحيته أمامه .. فالتفت اليهم بعد ذاك هامساً (( يا أخوانا انتو جايين من الحج .. )) فتبسموا رغم كل شئ .. !!

ندمت كثيراً بعد انتهاء جلسات المحكمة اذ سرعان ما هموا بشراء ( الذبائح ) ليتوجهوا الى ( البان جديد ) ولما كنت مرتبطاً بعملٍ آخر في مدينة أخرى أرفقت معهم أمنياتي وغادرتهم عائداً الى مدني الجميلة ومازال في نفسي شئٌ من حتى ... !!!