رسائل تفتح بمعرفتها فقط

رسائل تفتح بمعرفتها فقط


02-01-2009, 01:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=188&msg=1239813899&rn=40


Post: #1
Title: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-01-2009, 01:05 PM
Parent: #0

مرّة أخرى!

Post: #2
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-01-2009, 01:12 PM
Parent: #1


الرسالة الأولى

الساعة الآن تمام الواحدة صباحاً ، والحزن أو الخوف – أيهما أعمق – يملئ الفراغ بين عيني وبين شباك رديء الإحكام ، يسرب ضوءاً خافتاً من الشارع الأبكم. الكل – تقريباً – نائمون. وأسمع أصوات مرور العربات المسرعة من بعيد. تخدش قدسية الصمت الإجباري الذي أسكن فيه. تماماً كما يفعل التلميذ عندما يخط خطاً أفقياً على سبورة سوداء ، ناصعة السواد. العتمة المقلّمة بكاروهات الضوء الخافت – كما قلت – قميص الرؤية المبتلة بدموع تسيح كالشمع على وجه لا أعرف ملامحه على وجه الدقة.
أم بعد ،،،

كم أشتاقكِ هذه اللحظة تحديداً. أعرف أنني معلق على بوابات تاريخك المعاصر. اسم منقوش على خشبة باب متهالك بفعل الرطوبة. العتمة الحالية هي الجو الأمثل لسينما الذكريات . كل المقاطع لقطات لوجهك في أكثر من حالة: وجه مبتسم كابتسامة الأطفال – وجه غاضب – وجه سارح – وجه حزين – وجه متيم – وجه يحمل في كل سم2 منه ذكريات مؤلمة وأحلاماً ما تزال معلقة على مداخل أملٍ مصاب بالهزال.

لا تسأليني كيف أكتب لك في هذه العتمة. ربما لن أستطيع أن أشرح كيف تستحيل العتمة إلى دفتر بأوراق بيضاء ، وتصبح العينان محبرتين ، وهاجسي قلم. إنها فلسفة الألم يا حبيبتي. عندما أعتمد على سيكولوجيا التواصل اللاإرادي ، أتكئ على جدار بارد من الشعور الذي لا ينام. أعرف عندها أنك مستيقظة ، ومستعدة لتلقي الرسالة.

لا أعرف عدد صفحات هذا الدفتر ، ولكن الليل كفتاة مومس ، تمشي بغنج ، تنشر عطرها الأسود في الأرجاء ، ويتعلق طرف ثوبها بمسمار ما في أقاصي أطراف السماء ، فلا تتحرك. كل ما أملك أن أقوله لك: أنني أحبك رغماً عن المكالمة الأخيرة. وأعشق رائحتك التي تعني أن أنتمي. وما تزال صورتك بالقميص T-Shirt الأسود عالقة بذهني سواء أغمضت عيني أو فتحتهما. اعلمي فقط أنني أريدك كما لا يغادر النحل زهره آخذاً منها الرحيق وتاركاً آثار رائحة.

أثقلت عليك؟ إذاً تصبحين عليّ!!

Post: #3
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-01-2009, 02:04 PM
Parent: #2


الرسالة الثانية

علها تصلك لتجدك بخير ...

تدور عقارب الساعة بشكل عامودي عندما أفكر في كل لحظة أنك في مثل هذا الوقت ربما تفكرين بي كما أفعل، وفي وقتٍ آخر تقرأين قصائدي القديمة. متى كانت آخر مرة دخلتِ فيها أرشيف ذكرياتنا لتتذكري لحظة ضحكنا فيها من أعماقنا؟ أكيد أتذكرها كأنها كانت البارحة فقط. وتسألين من لوّن هذا الجدار باللون الأسود؟ الألوان يا حبيبتي محض هراء، نحن من نخترع اللون واللغة. هي إنما معادلة ما نحس بمقدار الضوء المتاح.

بالأمس .. بعد انتهاء ساعات العمل، غادرت إلى غرفتي، استلقيت على سريري كما يستلقي الصيّاد اليائس على مركبه وهي تموج به في البحر؛ بيد أن بحري كان يابساً هوناً ما، والغيوم التي تقبّل السماء كالمراهقات كانت قطع جبسية معلقة على السقف المستعار، وفي كل لوح ثمة صورة لك.

اعذريني حبيبتي ... هذه المرة لا أحمل غير ورقة واحدة وجهها الآخر غير صالح للكتابة، ولا أنتظر منك الرد؛ فقط يكفيني أن تقبّلي الرسالة بعد أن تقرأيها. قبليها رجاءاً لأني حينها سأتمكن من النوم.


ملحوظة:
كيف هي أختك الصغرى؟ بلغيها تحياتي الحارة.

Post: #4
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-02-2009, 09:29 AM
Parent: #3


الرسالة الثالثة

تحية طيبة. وبعد،،،

لا تبكي ... دعيهم يا حبيبتي يقولون أي شيء، فهم لا يعلمون، وإن علموا فلن يفقهوا. هم إنما كمن يصفق في حفل خيري لجمعية الصم والبكم، ألم تلاحظي أن مكبرات الصوت لم تكن تعمل!! إذن دعيهم؛ فليصفقوا كيفما شاءوا فالتصفيق في حد ذاته لا يرفع الناس قدراً؛ إنما ترفعهم أعمالهم، وأعمالهم فقط هي من تضعهم في محك حقيقي عندما يعجز الخطاب أعلاه عن التطبيق.

هل رأيتِ ذلك الصراع؟ العجوز الذي يرفع رايةً أثقل من تحمله مسئولية أبنائه الأربعة. عجوز لا يفرق بين التمييز والمفعول المطلق، يرفع راية اللغة في وجه جيش لا قبل له بهم. ألم ترِ الجيش قد يمم شطره عائداً عندما لم يجد معركة حقيقية متكافئة ، فوقف الشيخ على قمة تلٍ رملي ، وغرز فيه رايته الثقيلة عليه ، ورفع قبضته مكتفياً بإصبعين علامة النصر !!!! إنها مهزلة يا حبيبتي ، فلا عليك.

حبيبتي تركتك آخر مرة ، وأنت لست بخير. وأعلم أن خوفك علي سوف يستمر إلى أن يشاء الله ، ولكنني بخير ، فقط تزعجني في الغرفة أنثى بعوضة ، ليس لها من القدرة إلا أن تمتص دمائي وأنا نائم ، وبعض الضجيج. فلا تخافي يا حبيبتي ، سوف أشتري طارد الحشرات حيث أنه زهيد الثمن !!

لي الآن بعض القصائد التي أحرّمها على الناس ، لأنها لا تعنيهم كثيراً .. فقط تعنينا نحن. وتلك القصائد يا حبيبتي لن تر النور إلا عندما تطفأ جميع الأنوار غير الصالحة للإضاءة ، وعندما يصبح وجهك هو المكان الوحيد الذي يضيء. حزنك لا يليق بوجهك الوضاء ، فلا تحزني أرجوكِ بل تمني لي أن أعود سالماً من رحلتي القادمة. كل ما عليك هو أن تعلمي أني أحبك مثلما لن تتخيلي لأنك الإنسانة الوحيدة التي تتمتع بالموهبة اليسوعية في المسح. فامسحي على جرحي لكي تزول هذه الجراح والقروح، وامسحي على عيني كي أرتد بصيراً، وامسحي على تاريخي كي أنسى كل التواريخ إلا تلك التي سمعت فيها صوتكِ أول مرة.

ابن عمي بخير ، تبتلعه حمى مهووسة، وحرب الكريات البيضاء لا تنتهي أبداً .. لكنه يتعالى في بعض حالاته عند التأوه فيقول قصيدة جميلة أو يهذي باسم حبيبته، هي الأخرى لم تعد تسأل عنه. ربما تخاف من ألسنة أولاد الحي الجالسين على الدوام قرب عامود الإضاءة في الشارع المقابل. شباب يصفرون كلما مرتّ سيارة زفّة وهي كثيراً ما تمر من هنا ، ربما كانت نفس السيارة تمر كل مرة !! ليته - ابن عمي - يفيق ليعلم أني أحبه.

بعض الأخبار المتفرقة التي أحجبها عنك ، ربما لأجد عذراً لأكتب إليك في المرة القادمة يا حبيبتي فكوني بخير حتى ذلك الوقت. ولا تنسي أن تقبل صورتي المعلقة على صدرك ، أو تلك الصغيرة التي في سلسلة المفاتيح. وأنا لن أكف عن تقبيل صورتك كل صباح.

Post: #5
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-02-2009, 11:58 AM
Parent: #4


الرسالة الرابعة

صباح الخير حبيبتي .. كيف كان يومك البارحة؟ ماذا حملت لكِ شقيقتك من أخبار عن الوطن؟ هل جلبت لك – كعادتها – القونقليز والنبق والحلومر؟ أعرف أنها تحب هذه الأشياء. بلغيها تحياتي رجاءً. أعلم يا حبيبتي أن الأشواق أصبحت بيننا أيدولوجيا مرهقة وباهظة التكلفة. ولكنه لزوم ما لا يلزم يا حبيبتي. ولا بد أن تنقشع هذه الظلمة يوماً ما. حينها سيصبح كل ذلك الصباح لنا، وكل ذلك الفضاء أيضاً. لنا لأننا نعرف كيف نضحك دون أن تخدش ضحكاتنا حزن الآخرين. لن نشمت بهم، فهم كالنار مهما علا لهيبها فلا بد أن تموت عندما يهطل المطر. إذن فاستمري في صلاة الاستسقاء، وأنا أيضاً سأفعل الشيء نفسه.

بالأمس يا حبيبتي زارني صديق ظننته لن يعود؛ لكنه عاد. الأصدقاء يا حبيبتي نادرون، لذا لا تجدين في ألبوم صوري إلا شخصين متكررين في كل صورة: الذين يقبلونني كما أنا عليه، دونما محاولة للتغيير. أنا كما أنا، تماماً كما أحببتني أنتِ: مزاجياً، عصبياً، غيوراً، مهملاً في أداء الصلوات الخمس، كسولاً . فهذا هو أنا بكل بساطتي التي تعرفين. لا أعرف ارتداء الأقنعة المبتسمة في وجه من لا أطيق رؤيتهم . بعضهم يسميها مجاملة، البعض الآخر يسميها اجتماعية. لا عليكِ فهم لا يسمون الأشياء بأسمائها.

هل أخبرتكِ عن ترقيتي الأخيرة ؟ نعم .. لقد كان خبراً ساراً لي ، لا يضاهيه شيئاً إلا ابتسامتك في وجهي. لو تعلمين كيف أن ابتسامتك هي أجمل الهدايا التي أحنطها في زوايا غرفتي الصغيرة. لو تعلمين كيف أني امتلئ بالروح والابتسامات العابرة منك في كل مكالمة، إذن لكانت الابتسامة هي وضعيتكِ الافتراضية دوماً. كم أحب بساطتك في طرح الأشياء والأسئلة. كم أحب رقتك التي تعني قوتي، وتعني حضورك فوق العادة. وكم أحبك يا حبيبتي لأنك إنسانة بسيطة غير متكلفة حتى في لحظات ابتسامتها.

كيف هي جارتكِ التي تسكن الطابق العلوي؟ بالأمس رأيتها في برنامج تلفزيوني. كانت رائعة عندما تحدثت عن: الحجاب وعن حقوق المرأة. تذكرت كلامك لي عن مشاكلها الكثيرة مع زوجها. فقط لاحظت أنها تحدثت كثيراً عن حقوق المرأة ، لدرجة أن وقت البرنامج انتهى قبل أن يطرح عليها المذيع سؤاله عن واجباتها. لا أقول لكِ احذريها ، بل على العكس. هي تحتاج منكِ إلى الشفقة، علماء الكلام لا يفعلون غير اللف والدوران ، عندما يمعنون في الحديث عن مخارج الأصوات، ووظيفة اللسان، بينما نحن نتكلم – هكذا بكل بساطة - دون أن نعرف كل ذلك. الأمور البسيطة يا حبيبتي لا تحتاج إلى شرح. أشفقي عليها لأنها حقاً مسكينة.

دعينا من الآخرين الآن .. كيف أصبحت الآن ، أتمنى صادقاً أن تكوني تماثلتِ للشفاء. لن تتخيلي كيف أشتاقكِ الآن. عندما تفاجئنني بـ( بحبك ) وأنا أتحدث إليك، أصبح كمن أضاع أبجدية الكلام. تصبحين في عيني قطتي التي تحب المشاغبة. ألم أقل لكِ إنني أحب القطط؟

حبيبتي .. يا أمي حين لا أجد بداً من أن أضع رأسي على صدرك في لحظة صدق. ويا صديقتي، عندما يضيق صدري بسرٍ فأكاشفك به ، ويا عصاي التي أتوكأ عليها عندما أهون في أعين الناس ، ويا منتهى قوتي عندما أهون أمام نفسي. إليك يا كل تواريخي وأسمائي زهرة في لحظة انتشائها. لماذا يريدون أن يحفروا هوة الخصام بيننا؟ لماذا يريدون أن يملئوا المسافة التي بيني وبينك بالنظريات الخرقاء والهشاشات التي لا تستقيم. أنا أحبكِ لأنك أنثى استطاعت أن تخترقني دون أن أغريها بذلك. أنثى تفهم أن الأنوثة تبقى رغم بقاء الرجولة. أنثى تراني بكل بساطة دون فلسفة ، ودون كثير كلام. فقط هي الأنثى التي أحبها من تستطيع أن تفعل كل ذلك.

حبيبتي .. ألم أقل لكِ من قبل، أن غيابك يرهقني؟ ألا تشعرين أن خطاباتي إليك لا تحتوي الكثير من التعقيد كما في قصائدي؟ أحاول أن أكون بسيطاً في محراب عشق بسيط. لا ندعي يا حبيبتي أننا عاشقان فريدان من نوع خاص، إنما كل ما يميزنا أننا نفهم معنى العشق حرفياً دون أن نقرأ الكتب، ودون أن نحاول تطبيق النظريات. الحب لا يعني شيئاً آخر غير الحب. ولا تخافي يا حبيبتي لن أعيرها انتباهي تلك التي تحاول خرق توليفتنا الخاصة. دعيها تعزف النشاز كما تشاء، رغم أن المستمعين لها كثر ، إلا أنه لا يهمني منهم إلا أنتِ . أنتِ فقط من تعيش داخلي بكاملها.

أمر آخر أحببت أن أقوله لكِ: بدأت أدمن شرب القهوة مؤخراً .. أليس هذا أمراً مضحكاً ؟ في الرسائل القادمة سوف أحكي لك قصصاً عن جاري الجديد. إنه رجل (تحفة) بكل ما تعني هذه الكلمة.

ختاماً .. قبلاتي لك ومحبتي التي لا يعتريها الظن.

Post: #6
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-03-2009, 07:12 AM
Parent: #5


الرسالة الخامسة

حبيبتي الغالية ...
أمي، والعصا التي أتوكأ عليها، وصديقتي التي تحمل كل أسراري حتى تلك التي لا يعرفها أقرب الناس إلي. تحيتي إليك حيث أنتِ، وكيف كنتِ .. متمنياً أن يصلك هذا الخطاب ليجدك بخير كما أتمنى لكِ دائماً.

غمني ما غمكِ من نبأ انفصال جارتك التي تسكن في الطابق العلوي عن زوجها. ولا بد أنك حزينة عليها جداً، ولكِ أن تحزيني يا حبيبتي ... فمصائب الناس لا تفرح إلا من ران على قلبه. ولتعلمي أن الحب الذي غمرهما ذات يوم سوف يستحيل إلى كتلة من الكراهية يتقاذفان بعضهما بهما إن هما لم يتحليا بالكثير من الشفافية والتحضر. كي لا يستحيل انفصالهما إلى ارتباط من النوع المرهق الذي يسعى كل منهما فيه إلى تشويه الآخر لتلميع نفسه. فكوني إلى جانبها، فهي أشد ما تحتاجك الآن. أعلم أنك تعلمين ما يتوجب عليك فعله تجاهها ، فأنت أهل لكل ما تقومين به ولا تنقصك المعرفة بالواجب أيتها أصيلة.

بالأمس، استلمت خطاباً من مديري المباشر بالترقية .. وكم كانت فرحتي غامرة عندما تسلمت الخطاب. كنت أود أن أعود إلى المنزل لأجدك تستقبلينني بذات الفرحة التي أجدها في عينيك كل يوم، أن آخذك بين ذراعي وأقبلك بحجم فرحتي، وأن أعلق الخطاب على صدرك فأنت من كنت سبباً في هذا الانتصار المهني. كل يوم يمر علينا ونحن معاً أؤمن أنني لم أخطأ عندما سلمتك مفاتيح قلبي. وأتساءل كيف كنت لأبدو بدونك؟ سوف نحتفل سوياً بهذه المناسبة دون شك، سأشتري شموعاً بعدد سنوات عشقنا، وبعضاً من الحلوى. ولا أريد منك إلا أن ترتدي ذات الفستان الذي ترتدينه كل مرة عندما نحتفل بشيء جديد. فأنت تبدين رائعة في اللون (البمبي).

عن جاري الجديد (التحفة) الذي خبرتك عنه في الخطاب السابق. فقد سكن إلى جواري شخص يشعرك بالحميمية وبأنك تعرفينه منذ أمد بعيد. جاء لزيارتي بعد أن طرق الباب في كل أدب. وعندما أدخلته، جلس دون أن أشير إليه إلى المكان الذي أرغب أن يجلس فيه. بهرته الكرة التي تطلق الدخان الأزرق في زاوية الغرفة. وبحث لبرهة عن مصدر صوت مصطفى سيد أحمد وهو يغني بصوتٍ خافتٍ دافئ: "سمحة وسمرية .. محبوبتي ولفتاتها غزال" حتى اكتشف جهاز الاستريو أعلى حاملة الكؤوس البيضاء. ولوحة مصارع الثيران الإسباني أعلى جهاز التكييف، كما أعجبته صورتك التي أعلقها أعلى سريري الذي أنام عليه. سألني بفضول غير محرج : "من هذه؟ أختك؟" فأجبته بكل فخر : "إنها الفتاة التي أحب" غمغم بكلمات لم أسمعها ، ولكن لا بد أنها كانت إطراءاً خجولاً. تعرفين أننا لم نصل لديهم هذه المرحلة بعد.

هذا الجار (التحفة) جاء هارباً من جحيم العاصمة وضوضائها باحثاً عن الهدوء. إنه شخص وسيم، فارع الطول، ذو سمرة محببة، وأجمل ما فيه أنه يجيد العزف على العود. تقاطعنا سوياً في عشقنا لمصطفى سيد أحمد، غير أنه لا يتذوق الشعر. لا بأس فقد أخبرته بمواعيد عودتي من العمل. هو شاب طيب القلب، شفيف الدواخل، أجمل لحظاته عندما يحتسي كأس نبيذه التي لا تفارقه. لا أتعاطى الخمر، فأنت تعرفينني جيداً، غير أني لا أمانع أن أجالس المختمرين.

تلك الليلة عندما شرب الكأس الثالثة، قال لي وهو يلوح بيديه المتأرجحتين: "أتدري يا هشام هنالك الكثير مما أريد أن أخبرك به" وهكذا هم السكارى يبحثون عن فرصة ليفرغوا ما في بطونهم من مواجع وآلام تؤرقهم. وهم عندها يكونون في أصدق حالاتهم وأكثرها شفافية. ماذا حكى لي الجار السكير ؟ هذا ما سوف أورده لك بالتفصيل في الرسالة القادمة بإذن الله.

إلى أن ألتقيك مشرقة كما أنتِ قبلاتي التي لا تنتهي إلى ما بين عينيك. وسلامي الممتد إلى أهلك الكرام.

Post: #7
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: دينا خالد
Date: 02-03-2009, 08:30 AM
Parent: #6

هشام ؟
المدهش اننى فتحتها ايضا !
Quote: لا تسأليني كيف أكتب لك في هذه العتمة. ربما لن أستطيع أن أشرح كيف تستحيل العتمة إلى دفتر بأوراق بيضاء ، وتصبح العينان محبرتين ، وهاجسي قلم. إنها فلسفة الألم يا حبيبتي. عندما أعتمد على سيكولوجيا التواصل اللاإرادي ، أتكئ على جدار بارد من الشعور الذي لا ينام. أعرف عندها أنك مستيقظة

يا سلاااااااااااام .. نوع التواصل دا خطيير ... عرفتو ؟

Quote: ولكن الليل كفتاة مومس ، تمشي بغنج ، تنشر عطرها الأسود في الأرجاء ، ويتعلق طرف ثوبها بمسمار ما في أقاصي أطراف السماء ، فلا تتحرك. كل ما أملك أن أقوله لك: أنني أحبك رغماً عن المكالمة الأخيرة. وأعشق رائحتك التي تعني أن أنتمي. وما تزال صورتك بالقميص T-Shirt الأسود عالقة بذهني سواء أغمضت عيني أو فتحتهما. اعلمي فقط أنني أريدك كما لا يغادر النحل زهره آخذاً منها الرحيق وتاركاً آثار رائحة

شفت المسمار دا مثبت وين ؟؟ دا اجمل ما فى المنظر ..
Quote: وتسألين من لوّن هذا الجدار باللون الأسود؟ الألوان يا حبيبتي محض هراء، نحن من نخترع اللون واللغة. هي إنما معادلة ما نحس بمقدار الضوء المتاح.



Quote: عجوز لا يفرق بين التمييز والمفعول المطلق، يرفع راية اللغة في وجه جيش لا قبل له بهم. ألم ترِ الجيش قد يمم شطره عائداً عندما لم يجد معركة حقيقية متكافئة ، فوقف الشيخ على قمة تلٍ رملي ، وغرز فيه رايته الثقيلة عليه ، ورفع قبضته مكتفياً بإصبعين علامة النصر !!!! إنها مهزلة يا حبيبتي ، فلا عليك.

ما عارفة وانا بقرا هنا طافت بى ذهنى ابيات محفورة فى الوجدان مبنية على كذبة كبيرة ومواقف كا نتصارنا فى غزة !!!

Quote: هذا الجار (التحفة) جاء هارباً من جحيم العاصمة وضوضائها باحثاً عن الهدوء. إنه شخص وسيم، فارع الطول، ذو سمرة محببة، وأجمل ما فيه أنه يجيد العزف على العود. تقاطعنا سوياً في عشقنا لمصطفى سيد أحمد، غير أنه لا يتذوق الشعر. لا بأس فقد أخبرته بمواعيد عودتي من العمل. هو شاب طيب القلب، شفيف الدواخل، أجمل لحظاته عندما يحتسي كأس نبيذه التي لا تفارقه. لا أتعاطى الخمر، فأنت تعرفينني جيداً، غير أني لا أمانع أن أجالس المختمرين.


قالت احدى الراويات .. ويمنعون الخمر ولكنهم يهيئون لنا كل اسباب شربها ..

ياخ قالوا الارضة جربت الحجر:D D: !



















ـــــــــــــــــ
هشام ... لا عليك الابواب الجديدة دى كلها عندها كمممممممم مفتاح !!
لا تقل انه تسلل ..


Post: #8
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: كمال علي الزين
Date: 02-03-2009, 08:35 AM
Parent: #7

(*)

Post: #10
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-03-2009, 01:20 PM
Parent: #8

Quote: (*)
شكراً أخوي كمال الزين

Post: #9
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-03-2009, 10:28 AM
Parent: #7

دينا خالد

ياخ أنا عندي قناعة إنو الدنيا دي كلها مربوطة بخيط واحد، والخيط ده منفلت من بكرة واحدة كبيرة جداً، عشان كده، كلما مسكنا لينا طرف خيط مشكلة بيسوقنا لمشكلة تانية: الحب/الحرب/السلام/السياسة/المغازلة/الصعلكة/التديّن/الموت/الحياة/الفلس/الجنس/التصوّف/عقوق الوالدين ... إلخ. والكلام عن كل مشكلة بانفراد بيخلق مشكلة في حدّ زاتها. الشوف والتشاوف والبصر والبصيرة والحلم والاحتلام والنسيان والتناسي وحاجات تانية كتيرة جداً، وحبيبة الزول يقوم حيكي ليها ساااي بدون حساب، وعارف إنو لكل باب عشرة مفاتيح، بس مش المهم نعرف ياتو مفتاح بيفتح ياتو باب، المهم: ياتو باب المفروض ينفتح!

دي زوغة مش؟! أعملي نايمة بس

Post: #11
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-03-2009, 02:05 PM
Parent: #9


الرسالة السادسة


كلام .. كلام .. كلام ...
كم مرة طلبت منك يا حبيبتي ألا تعيري كلامهم اهتماماً .. هم لا يجيدون غير الكلام. والكلام مهنة من لا مهنة له. ألم تسألي نفسك ذات يوم : لماذا يعمد الناس إلى رشق العصافير بالحجارة؟ ترى هل لو كان بإمكانهم أن يمسكوها بأيديهم أكانوا يرشقونها بالحجارة؟ إذن فالرشق يا حبيبتي حرفة من لا يقدر أن ينال بيديه. هذا يعني أننا أعلى من مستوى أن ينالوا منا بأيدهم لذا دعيهم ، فلا يضر السحاب نبح الكلاب.

حبيبتي أيتها القلادة التي أضعها بكل فخر على صدري. وبطاقة العشق التي أجعلها في جيبي الموازي لجهة القلب ... الآيدولوجيا تفعل فعلها معي .. وأعلم أنك غاضبة علي. من لهجة خطابك الأخير. ولكِ العتبى حبيبتي حتى يشرح الله صدرك لليقين بي. ولتعلمي أنني ما أجبرت على اختيارك ، بل اخترتك عن يقين. لا أخفيك سراً فقد أحسست بفرحة دغدغت مشاعري للوهلة الأولى ، إذ أن الرجال يحبون أن تغار عليهم النساء. ولكنني لم أشأ أن أجعلها ناراً تتأجج داخلك أكثر فأكثر.

ليس بيني وبين تلك الفتاة ما يريب. حتى أنه لا علاقة لي بها مباشرة أو غير مباشرة. كل ما في الأمر أنها ترى فيما أكتبه مادة دسمة لكتاباتها ومقالاتها ، لكني لا أعريها أدنى انتباه. أعلم أنها تحاول كثيراً أن يكون هنالك طريق ما نتقاطع فيه. ولكني لا أسلك إلا الطريق التي تؤدي إليك فقط. أحب أن أكتب عنك كثيراً ليعلم الآخرون أية نعمة منحني إياها الرب ، وحتى تقر عينكِ . وأربأ بك أن تقارني نفسك بها ، فهي شيء ، وأنت يا حبيبتي شيء آخر. ولا أحد في هذه الدنيا يشبه الآخر. فطبِ نفساً عزيزتي. ولتقر عينكِ فلست أنا من ذلك النوع من الرجال.

بخصوص جاري السكير ، فقد حكا لي ذات سكرة .. أنه كان يعشق فتاة سيامية ، يقصد أنها تشبه القطط السيامية. كم تغزل في لون شعرها الكستنائي ، وبروز نهديها الفاتنين ، وقوامها الفارع الممشوق وكانت تدعي أنها تحبه بنفس القدر. غير أنها هجرته فجأة دون إبداء الأسباب. عرفت عندها أنه يحمل عبئاً ثقيلاً بين جنبيه. قلت في نفسي ، إنها لا تستحقه. ثم لمت نفسي لأني لم أسمع منها ، فربما كان كاذباً فيما ادعى. وتظل قصته تمتلك نصف الحقيقة ، الأمر الذي جعلني أسأل نفسي: "ما الذي جعلها تهجره؟ أيهما كان على خطأ وأيهما كان على صواب؟" أسئلة كثيرة تنتهي كلها بعلامة استفهام كبيرة. وتفضي إلى شفقة عارمة تجاه هذا الجار المسكين حتى يثبت العكس.

عندها يا حبيبتي – لا أدري لماذا – أحسست أني أشتاق إليك ، وأحسست أنك الملاذ الوحيد لي من عالم أشبه بقرية حلت عليها لعنة الرب. فقبلت صورتك المعلقة أعلى سريري الذي أنام عليه دون أن ينتبه السكير. وقلت في نفسي: "له الله إن كان مظلوماً" ونام معي تلك الليلة على نفس حالته وقبل أن يسقط على قفاه سمعته يقول بصوت متلعثم : قبل أن أصفعها الصفعة الأخيرة ، اكتشفت أن لون شعرها مصطنع فما كان إلا صبغة جيدة الصنع ، وكانت تستخدم السيليكون في صدرها ، كما أن لون عينيها السياميتين لم تكونا إلا بريق عدسة لاصقة ، ولم ألاحظ – حتى اللحظة الأخيرة – أنها كانت ترتدي الكعب العالي لتعطي لنفسها ذلك القوام الفارع الممشوق. ثم سقط على ظهره وغط في نوم عميق.

قبل أن أختم خطابي هذا أريد أن أخبرك .. أنني على وشك أن أنقل مكتبي إلى مكان آخر. إنه على امتداد نفس الشارع الحالي ، أغير أن المبنى أكثر فخامة وأغلى في الإيجار. وهذه المرة سوف لن يصبح مقر عملي قريباً كما هو الآن. من المفترض أن نبدأ الرحيل خلال الأسبوع الحالي. ولم أشتر جهاز (موبايل) جديد عوضاً عن القديم الذي تحطم. ولكنني سوف أفعل في القريب العاجل إن شاء الله.

لك ولأهلك الكرام أرق التحايا وأعطر السلامات. وقبلاتي تغمرك كيفما كنتِ .

Post: #12
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: دينا خالد
Date: 02-03-2009, 08:32 PM
Parent: #11

هشام !!
صاحية صاااحية ما نايمة ..

تقصد المدخل خاطىء .. حاضرييين سيدى نحاول باب تانى (لووووول)

Quote: ترى هل لو كان بإمكانهم أن يمسكوها بأيديهم أكانوا يرشقونها بالحجارة؟ إذن فالرشق يا حبيبتي حرفة من لا يقدر أن ينال بيديه. هذا يعني أننا أعلى من مستوى أن ينالوا منا بأيدهم


يا عزيزى هشام من يطلب شىء ليناله ، فنجاحه بالمنال ..

والحريف هو من يناى بنفسه من ان ينال ... اما ان ينال بيديه او بالرشق
او بغيرههما فهذا لايهم ففى هذه الحالة لا قيمة للوسيلة التى توصل للغاية
فعندما يعود القناصون (انشاء الله يكون العربى صاح ؟) من رحلتهم للصيد يستوى
الصيد الذى جمعوه بايديهم والصيد الذى ناشوه وذلك الذى ججلبته لهم الكلاب
المدربه ..
وعلى فكره بترتفع قيمة الصيد كلما استعصت وسائل صيدة فالصيد الذى يجمع
باليد هو من ارخص انواع الصيد على اطلاقها ... حاله كحال جميع الاعمال
التى تعتمد على قوة الجسد دون اعمال العقل ...

Quote: قبل أن أختم خطابي هذا أريد أن أخبرك .. أنني على وشك أن أنقل مكتبي إلى مكان آخر. إنه على امتداد نفس الشارع الحالي ، أغير أن المبنى أكثر فخامة وأغلى في الإيجار. وهذه المرة سوف لن يصبح مقر عملي قريباً كما هو الآن. من المفترض أن نبدأ الرحيل خلال الأسبوع الحالي. ولم أشتر جهاز (موبايل) جديد عوضاً عن القديم الذي تحطم. ولكنني سوف أفعل في القريب العاجل إن شاء الله.

لك ولأهلك الكرام أرق التحايا وأعطر السلامات. وقبلاتي تغمرك كيفما كنتِ


فرصة الواحد يتعرف على حب ناس زماااااان والجوابات ...

عارف يا هشام انا محتفظة بخطابات اهلى الزمان لقيتك تيبيكااال ..
ياخى دى حاجات حنييينه كيف ... واصل انا غايتو متابعة







Post: #13
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: rani
Date: 02-03-2009, 09:08 PM
Parent: #12

Quote:
فرصة الواحد يتعرف على حب ناس زماااااان والجوابات ...

عارف يا هشام انا محتفظة بخطابات اهلى الزمان لقيتك تيبيكااال ..
ياخى دى حاجات حنييينه كيف ... واصل انا غايتو متابعة

دينا اخيتي، ازيك
دينا ياتو ناس زمان ديل الكان بيكتبو جوابات مرتبة بالشكل دا يبدو انك بتتكلمي عن جوابات ما بعد الحداثة.
دي عينة من جوابات زمان
*
*
*
" بسم الله الرحمن الرحيم" وطبعا دي بتكون فوق وفي النص عشان تحمي الجواب من الاباليس
وبعداك " السلام عليكم ورحمة الله تعال وبركاتو، كيف حالكم واحوالكم في هذه المدة الطويلة التي لم اراكم فيها انشاءالله تكونو بخير وصحة جيده كما نحن والحمد لله لم تنقصنا سؤا عدم رؤياكم الغالية الينا.
ام بعد:
كيف اخبار حمارتي، والغنماية الحمرا ولدت ولا لسه"... وبعداك يبقي يشرح احوال الدراسة كانت ام العمل ويكمل الباقي عن الغربة وما ادراك ما الغربة الي ان ينتهي الجواب بخليط من الدموع والمخاخيط، ثم ينتقل الي المرحلة النهاية والتي تكون علي هذا الشكل" لا اقول وداعا ولاكن الي ان نلتقي في خطاب اخر." شفتي يادينا الناس دي كانت بتتقابل في الجوابات كيف.
.
.
.
هشام اخوي معليش علي الهرجلة
وواصل انا متابع ومستمتع
ودي

راني السماني

Post: #15
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-04-2009, 09:31 AM
Parent: #13

Quote: هشام اخوي معليش علي الهرجلة
راني السماني، ياخوي العفو لا في هرجلة ولا حاجة
أساساً المساحة لي مخصصة للكلام الجاي من جوّا داك .. فما عليك يا حبيب

تسلم وليك تحياتي

Post: #14
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-04-2009, 09:27 AM
Parent: #12

Quote: وعلى فكره بترتفع قيمة الصيد كلما استعصت وسائل صيدة
صباحاتك بيضا يا دينا
كلام الفوق ده صحيح 200% .. بس (في زمن الكسالى) مين يفهم
عارفة يا دينا، حنّية الجوابات جاية من وين؟ جاية من النقة
الفارغة و "الشمارات" الفيها، ياخ النقة والتشمشرة مع الحبيبة
ليهو طعم تاني خالص.

تحياتي

Post: #16
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-04-2009, 11:19 AM
Parent: #14


الرسالة السابعة


إلى التي تعبر نهر ذكرياتي إلى شاطئ اللحظة المثالية، تغرس في تلة القلب رايتها الخضراء في إشارة إلى الخصوبة. إليها وحدها تلك التي تعرف مواعيد اندلاق الندى كل صباح، ومواعيد انفلات الخيط الأول من النور. إليها وهي تعبر كل حدود المعقول واللامعقول بإيمانٍ يملئ رئتيها هواءً طيباً، ونفساً هادئاً هدوء نسائم البحر ساعة الغسق. إليها لأنها لا تعبأ الحناجر بالفارغ من الكلام الذي لا يحفّز إلا على السعال المزمن.

حبيبتي .. وكل النساء اللواتي أعرفهن عندما أصبح محض بدائي يتعلم كيمياء النار. إليها التي تعرف قدري وقدر نفسها عندي. إليها التي لا تحتاج إلى إثبات ولا إلى براهين ولا تقبل التحدي. أطلتُ عليكِ حبيبتي وأعرف أني مدين لكِ بقبلتين إحداهما بين عينيك والأخرى حيث تشتهين.

حبيبتي .. أشتاق إليك وأعرف أنني لست بقادر على تحمل وطئ جمرة الانتظار. ليس لي سحر إبراهيم لأفعل. ولكنني أحمل في قلبي من يقيني بك ما يصبّرني على هذا الشوق. فأعبر نهري كل يوم لأجدك في دمي. تزدان دنياي برائحتك، وصورتك التي أعلقها أعلى سريري حين تنفخ فيها الرغبة الروح تتجسد أمامي ملاكاً لا يُمس ولكنه يحوّم في المكان تاركاً لي بعض الابتسامات وذات الرائحة التي أشتهي.

أما بعد ،،،

وصلتني رسالتك الأخيرة، والوردة المجففة التي تركتها بعناية بين ضفتي الرسالة. عرفت عندها أنك تعشقين اللون الأحمر. قرأت الرسالة – كالعادة– أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أقـبّل الرسالة بعد انتهاء القراءة.

إن صحّ ما ذكرتِه لي، فإن جارتك التي تسكن الطابق العلوي ليست إلا محض كاذبة أو أنها ذات وجهين –في أحسن حالاتها-، كيف يمكن أن تدعي صداقتها مع (مروة) وهي تذكرها لكِ بالسوء؟ كيف تقول عنها أنها كاذبة، وفي ذات الوقت تتظاهر أمامها بالمودة؟ أعرف الكثيرين من هذه الشاكلة يا حبيبتي. إنهم –للأسف– كثر. يتظاهرون بالطيبة ويصطنعون الرقي غير أن سواد قلوبهم ينعكس على أعينهم الماكرة. فلا تصدقي كل ابتسامة. أعتذر يا عزيزتي إذا كان وصفي لصديقتك قد أزعجكِ، فأنا أعرف أنكِ تحبينها. ولكن هل فعلاً ذكرت لكِ أن من هو في مقام أخيها الأكبر شخص تداري على عيوبه وتترفع عن ذكرها أمامك لأنها –فقط– لا تريد أن تشوه صورته أمامك؟ ماذا تتوقعين من إنسانة كهذه؟ أليست هي جارتك التي كلما خاصمت رمت بكل سوء على من تخاصمه؟

حبيبتي .. أخشى أن تعاملك ذات يوم بمثل ما تعامل به الأخريات. عندها أعلم تماماً أنكِ سوف لن تتحملي ذلك. فأنت أرق من أن تصدق أن تصبح الصديقة أفعى أمازونية تلتف حول فريستها وتظل تعتصره وتعتصره حتى تفارق الروح الجسد. صدقيني أخاف عليكِ منها يا حبيبتي. لا يغرنّك كلامها المعسول، ولا رقة وجهها .. حالما تستحيل إلى خفاش ليلي لا يتذوق إلا طعم الدماء. وأنصحك بأن تعيدي إليها الـBusiness card الخاص بطبيبها النفسي فأنا أكيد بأنها سوف تحتاج إليه قريباً.

عني يا حبيبتي .. أنا بخير. غير أني أصبحت لا أنام باكراً كما هي عادتي. ألم أقل لكِ أنني بدأت أعتاد على شرب القهوة التركية! بالأمس طرق بابي جاري الجديد. كان يبدو عليه الإرهاق. سألته عن غيابه، فأخبرني أنه ذهب إلى العاصمة بشكل طارئ. لقد ماتت حبيبته السيامية، أقصد من كانت حبيبته. وقبل دفنها نزعوا عنها الرموش الاصطناعية، والعدسة اللاصقة، والسيليكون وزالت الصبغة عند الغسل. ودخلت قبرها على حقيقتها للمرة الأولى!!!

هل تصدقين أنه -رغم كل ما حدث– بكى عليها؟ لقد كانت عيناه تنضحان بالدموع، ووجهه الأسمر بدا شاحباً على غير عادته. غرقت الابتسامة في التجاعيد القاتمة، وأصبح ظلاً لإنسان شبه ميت. حزنت عليه لأنه لا يستحق هذا العذاب. وحزنت عليه أكثر لأنه آمن بالخمر مخلصاً له مما هو فيه. ظل طوال ليله يشرب، ويعزف على العود. لم يكن يرفع رأسه إلا ليحتسي كأسه على عجل، ثم يخفضه مرة أخرى على صدر عوده. بللت دموعه أطراف العود. ولكن أنامله كانت تعزف بشكل جيد.

بعد أن انتهى من عزف مقطوعته الحزينة، نظر إليّ بعينين أشبه بمغارتين تسكنهما الأشباح، أطال النظر دون أن ينبس ببنت شفة، ثم أشار إلى الوسادة التي خلفي بإصبعٍ مرتجف. وغط في نوم عميق محتضناً عوده وكأسه الفارغة.

بالمناسبة : اتصلت بالأمس على مشرف رسالة الماجستير، واتفقنا على أن تبدأ الرسالة في الأول من يناير القادم. بحثت كثيراً عن رسائل مشابهة للرسالة خاصتي، غير أني لم أجد إلا رسالةً أو اثنتين. بالكاد يكفيان لثمان صفحاتٍ من مقدمة الرسالة (المبحث النظري)، غير أني سأستمر في البحث عن رسائل أخرى. حتى أني لم أدفع القسط الأول من رسوم الرسالة. هل تصدقين ذلك؟ جيد .. سوف يفيد هذا الوقت الإضافي في المزيد من البحث عن المراجع المناسبة.

والداي يبحثان عن منزل جديد، غير الذي يسكنانه. يقولان أن صاحبة المنزل شمطاء ثرثارة . تحشر أنفها في كل شيء: عدد الضيوف، صوت المذياع ، رائحة الفسيخ حتى فاتورة الكهرباء التي لا تشاركهما فيه. لذا فهما يفضلان الرحيل على البقاء مع عجوز ثرثارة. وددت لو كنت معهما، إذاً لساعدتهما في البحث. أليس هذا أمراً محزناً حبيبتي؟

ختاماً .. ألتقيكِ في رسالة قادمة بإذن الله ، متمنياً أن تكوني بخير دائماً .. وأبلغي أهلك الكرام التحية والسلام. قبلاتي الحارة

Post: #17
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: Emad Abdulla
Date: 02-04-2009, 12:06 PM
Parent: #16


Post: #18
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-04-2009, 01:14 PM
Parent: #17

مع إنو جنّي وجن الحركات دي
بس منك انت مقبولة يا عمدة

حبابك

Post: #19
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: Emad Abdulla
Date: 02-04-2009, 01:24 PM
Parent: #18


هشام الجميل ..
يسعد مساك الخير .

يا رجل أنا تجرعت بمزاج من هذا النهل ..
فحمدت الله و له شكرت .. و غبطتك ما شاء لي .

لكني - و التزاماً بتوجيهاتك - لم أرد فتح رسائلك لها ..
فاكتفيت بالإيماءة .. و انصرفت محتشداً بفرحٍ جميل .



......
شكراً لهذا الشعور النقي يا صاحبي .


Post: #20
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-04-2009, 01:35 PM
Parent: #19

عماد عبد الله ... (الود الحريف)
دع عنك هذه الحساسية يا صديقي
كنت أمازحك فقط

تعلم أنني أحب مرورك على ما أكتب

تحياتي لك يا جميل

Post: #21
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: اينانا
Date: 02-04-2009, 02:04 PM
Parent: #20

هشام آدم..

مدهش جدا..

أوجعتني رسائلك..

Post: #22
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-04-2009, 02:42 PM
Parent: #21

Quote: مدهش جدا..

أوجعتني رسائلك
اينانا كيفك!

نبّهتيني لنقطة مهمة شديد: ارتباط اللذة بالألم!
عارفة الحتة دي، تفسيرها صعبة لياتو درجة؟
يديكِ العافية ... وسعيد بمتابعتك للرسايل

تحياتي

Post: #23
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-05-2009, 06:38 AM
Parent: #22


الرسالة الثامنة


حبيبتي .. ربما أهمل مكتب البريد رسالتي الأخيرة فلم تصل. عرفت ذلك من خطابك الأخير. لم أقرأ اللوم بل قرأت العتاب. فالمتحابون لا يتلاومون بل يتعاتبون .. وغالباً ما ينتهي عتابهم بابتسامات تعبر الشارع الفاصل بين وجه. هذا إن لم تنتهي بقبلة حميمية.

لن أخبرك عن شوقي الذي أصبح متلازمة في كل خطاب. فهو معروف ضمنياً .. أليس كذلك؟ فقط أريد أن أقول: "إنني أحتاجك". هذا الفارق الكبير بين الشوق والاحتياج كان هاجس في ليلة البارحة، عندما مر طيفك سريعاً ولم أستطع حتى أن أدقق في ملامحك. كرهت عقارب الساعة، وأضمرت في نفسي حقداً لأول من اعترف بالوقت وحاول أن يحدده. ألم يكن ليخمن أن الدقيقة قد تكون في حسابات العشاق أكثر من ساعة. من المؤكد أنه لم يحب قط في حياته. وبعد ،،،

بالأمس .. نزعت صورتك المبروزة أعلى سريري الذي أنام عليه. وأمسكتها بيديّ. قاومت كثيراً رغبتي في أن أقبّل الصورة. أتدرين لماذا؟ حتى أراكِ في المنام. قيل لي أن من ينام وهو عطشان يحلم بالماء. فعطشّت نفسي كي أرتوي من رؤيتك في منامي. وكان ما أردته. كنتِ ترتدين ذات الـT-Shirt الأسود مسرّحة شعرك تسريحة (الحصان) تجلسين على كرسي (هزّاز) في ركنٍ ما من غرفةٍ ما. تفاصيل الغرفة كانت باهتة جداً، غير أنك كنت واضحة لدرجة أنني كنت أشعر بصوت أنفاسك. آهٍ كم اشتقت إلى رائحتك يا حبيبتي.

تسلمت اليوم خطاباً من البنك، يطالبني بسداد قيمة البطاقة الائتمانية، يحذرونني فيه من إحالة المديونية إلى وكالة لتحصيل الديون على أن أتحمل أنا أتعاب المكتب في التحصيل!! بداية غير موفقة ليوم لا يحتويكِ .. ولكن لا تقلقي سوف أسدد المديونية غداً أو بعد غد. فقط أنتظر اليوم الذي أخرج فيه باكراً من المكتب. تعرفين دوامي المزعج.

على فكرة … بالأمس بعد صلاة المغرب، ذهبت أنا وجاري السكير إلى (الكورنيش) في محاولة مني لأن أخرجه من حالته. كنا نسير على طريق مرصوفة بالطوب الملون وعلى جانبي الطريق الأنوار والشجيرات المقلّمة وبعض الأطفال الذين يقطعون صمت هذه اللوحة الزيتية الرائعة. كان يمشي ببطء شديد، وعيناه لا تفارقان قدميه. فجأة توقف والتفت إليّ ثم قال: "أتدري ما الحزن يا هشام؟" قلت له: "لا أدري". قال: "الحزن هو مقدار الحرارة المناسبة والمطلوبة لكشف الحقائق المكتوبة بالحبر السري". ثم مضى في طريقه. بقيت واقفاً لفترة وأنا أفكر في كلامه. قلت في نفسي: إنه فيلسوف حزين.
قررت ألا أستمر في شرب القهوة التركية، وبدأت فعلياً في هذه الخطوة. ولكن يبدو أن أولى المحاولات تبوء بالفشل دائماً، ولكني سوف أحاول حتى أقلع تماماً عن هذه العادة.

نسيت أن أخبركِ .. اشتريت شريط Cassette جديد لمارسيل خليفة به بعض المقطوعات الموسيقية القديمة له (بساط الريح) هذا اسم الشريط. في المرة القادمة سوف أبعث لك طيّ المظروف نسخة من هذا الشريط. إنه جدير بالاستماع.

ما هي أخبار جارتك التي تسكن في الطابق العلوي؟ هل تصالحت مع زوجها أم ما يزالان على خلاف؟ ربما كانت من نوع النساء التي لا تحب الرجال، أهي كذلك فعلاً؟ .. شعرت بذلك من إحدى قصصك عنها. لا أنصحك بأن تقومي بدور حمامة السلام بينهما، هذا الموقف قد يجعلك في ورطة كبيرة. قد يتهمك الاثنان بأنك منحازة للطرف الآخر. فلا تفعلي. دعيهما وشأنهما، إن أرادا صلحاً يوفق الله بينهما. فقط باركي لهما أية خطوة يختارانها دون أن تبدي حماسة لأيّ خيار.

كيف هي أختك الصغرى؟ ماذا تقول عن الوطن؟ يقال إن الشوارع قد تغيرت .. هل هذا صحيح؟ لا بد أنها حملت لك الكثير من الأخبار عن جدتك وعن بنات خالاتك هناك. لا يغادر بالي أنكما تمضيان الليل في الأحاديث الهامسة والضاحكة. ترى .. هل أخبرتها عني؟ بلغيها سلامي رجاءً

إلى الخطاب القادم بإذن الله يا حبيبتي .. وسوف لن أنس أن أرفق شريط مارسيل خليفة في المرة القادمة.

Post: #24
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام كمال
Date: 02-05-2009, 06:59 AM
Parent: #23

"أتدري ما الحزن يا هشام؟" قلت له: "لا أدري". قال: "الحزن هو مقدار الحرارة المناسبة والمطلوبة لكشف الحقائق المكتوبة بالحبر السري". ثم مضى في طريقه. بقيت واقفاً لفترة وأنا أفكر في كلامه. قلت في نفسي: إنه فيلسوف حزين.





هشام الجميل جداً

شكلى إترفدت الليلة بى سببك
الله يسلمك ياخى
هشام كمال

Post: #26
Title: Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط
Author: هشام آدم
Date: 02-05-2009, 10:56 AM
Parent: #24

Quote: شكلى إترفدت الليلة بى سببك
أخوي هشام كمال
لو اترفدت .. ليك عليّ أشغلك (ولا يهمك) (وجه ضاحك)
ياخي أرفع السماعة .. واتصلت على حبيبتك طوالي
قول ليها إنك بتحبها، وريها قدر شنو انت مشتاق
ليها، وريها إنك ما بتقدر تستغنى عنها أبداً
وإنك محتاج ليها (هي بالتحديد) وما أيّ إنسان تاني

ياخ ملعون أبو الكبيرياء الفارغ القاعدين نتمسك
بيهو ياخ !!

قدر ما تبقى شفيف قدر ما ح تشوف الحاجات واضحة
وقدر ما بتحب بالجد، قدر ما حسيت بإنسانيتك ..

صدقني!!

Post: #25
Title: رسايل
Author: أميرة فاروق عبد العال
Date: 02-05-2009, 07:35 AM
Parent: #1

الفرق الشاسع بين الشوق والاحتياج..
تماما كالفرق بين أن يكون حبيبك موجودا وهو غائب..
أن يملأك الاحساس والشعور بشخص حتى وهو بعيد..
أن تعايش طيفا لشخص يبعدعنك آلاف الأميال..
من أجل التعبير عن هذا الشعور الكبير.. أخترعت الرسائل..


أستاذ هشام
حبيبتك فرحة برسائلك لدرجة أنها عممتها لنا جميعا..
لنقرأك معها..
منتظرين المزيد..

Post: #27
Title: Re: رسايل
Author: هشام كمال
Date: 02-05-2009, 11:35 AM
Parent: #25

يا هشام
لو بتعرف ليك واحد او واحدة نوبية خليه\ها يشرحو ليك الكلام دا بس خلى بالك من الترجمة الحرفية

إدا إديتنقا جالغمونى إدا إمَو

ونحن يا سيدى نحب الحبيبات الانيقات النواضر ونقبل الاقدام كمان رايك شنو
هشام

Post: #28
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-05-2009, 11:45 AM
Parent: #27

يا هشام كمال

الترجمة ذاتية يا حبيب محسوبك رطّاني عكليتا ..
والمعنى وصل تماماً الكلام ده يا هشام كان وكت لسه
النوبيين محافظين على مظاهر المجتمع الأمومي اللي
انحدرو منو، بس الإدا ده حسي بقى اسمو (سوشكي)
شفتا المحن دي كيف ياخوي

"إدا إدينقا جاقي، مينغا إيغنا إساتا؟
سوشكي إيغنّا. إن مصيبا إمّي؟

تحياتي

Post: #29
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-05-2009, 11:59 AM
Parent: #25

Quote: الفرق الشاسع بين الشوق والاحتياج..
تماما كالفرق بين أن يكون حبيبك موجودا وهو غائب..
أن يملأك الاحساس والشعور بشخص حتى وهو بعيد..
أن تعايش طيفا لشخص يبعدعنك آلاف الأميال..
من أجل التعبير عن هذا الشعور الكبير.. أخترعت الرسائل..
يا سلام عليكي يا أميرة
ده كلام جميل جداً وسليم إلى درجة كبيرة ..

وبين الشوق والاحتياج قصة طويلة جداً بالمناسبة
قصة إذا ما عرفنا نعيشها صح، ما حنعرف نحكيها
صح برضو .. يعني شنو أحب، وما أحتاج لحبيبتي؟

خليكي قريب .. الرسايل متواصلة

تحياتي

Post: #30
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-05-2009, 01:11 PM
Parent: #29


الرسالة التاسعة


تغشاك التحيات التي أنتِ أهل لها، والعافية المستدامة التي أتمناها لكِ من كل قلبي، وبحبوحة العيش التي تستحقين.

حبيبتي .. والأشياء تأخذ لونها الطبيعي في حضورك، تفقد معانيها المزيفة، تتلبس معانيها التي يجهلها الآخرون –غيرنا-، يبقى الشوق بدون تعريف في قاموس الحالة الثابتة. استوائية العشق الذي لا يكف نشيده عن الهطول.

ساعة العشق بساعتين. وساعة الشوق بساعتين فيما عداه. وساعة العشق بعشرٍ مما يعدّون. واللحظة التي تحمل عبق الذكريات لا تزول إلاّ بمفارقة الروح لهذا الجسد. وكثرة اللوم تنبت الطحالب على حواف العلاقة. والبكاء صفاء روحي بمساندة مادية، الدموع انعكاس مادي لسريان الألم واللذة على المستوى الروحي أو فوق المادي. الحزن لحظة انعدام الجاذبية وفقدان التوازن لفترة مؤقتة Pause، والفرح اعتباطية أو سخرية من اللحظة الخطأ. والحنين برزخ يفصل بين الشوق والاحتياج. الخوف ترمومتر الافتراضية والكينونة. وأنت الخط الأفقي الفاصل بين الصيرورة والديمومة. لذا أحبكِ ..

صباح هذا اليوم ذهبت إلى البنك، استقبلني موظف الاستقبال Front Desk بشيء من التجاهل. كان يتحدث في هاتفه الخلوي. ممسكاً بقلمه الباركر مركزاً بصره على شاشة الكمبيوتر أمامه. علّق على جيبه لوحة كتبت بياناته عليها. لم أركز فيها كثيراً، غير أني جلست منتظراً أن ينتهي من مكالمته. كان كرسيه هو الوحيد الشاغر. كان الوقت مناسباً لإلقاء نظرة على المكان. كنت متوتراً حين وقعت عيني على مكتب يجلس فيه شخص تبدو عليه أعراض الوظيفية، إذ كان رسمياً في ملبسه وجلسته.

وللمصادفة، فقد كان الكرسي الذي بجواره شاغراً، نهضت بهدوء تاركاً موظف الاستقبال الثرثار في ثرثرته، ولم يكلّف نفسه أن يستشعر مدى إهماله للعملاء فتركني أنصرف. وبكل لباقة تعلمتها في صغري، استأذنت وجلست إلى الموظف الآخر. شرحت له المعضلة. فمدّ لي ورقة (استمارة - Form) قمت بتعبئتها، وما هي إلاّ دقائق حتى كان إيصال استلام المبلغ في جيبي. غادرت وفي صدري شعور الإنجازية.

المكاتب الحكومية رتيبة، رتابة العمل الروتيني: ألوان طلاء الجدران، أصوات رنات الهواتف الأرضيةة، بعض الكلمات المكررة، البوسترات الدعائية وحتى الأشخاص النمطيون. الشيء الوحيد الذي يتغير بشكل موسمي هو: صورة الملوك والأمراء في الجدار النصفي الأنيق للبهو.

موسم الرطوبة قد حلّ .. للرطوبة رائحة غريبة، ولكنها حميمية. عندما تتذوق الماء في كل شيء تلمسه. في زجاج النوافذ، في أوراق الأشجار، في المركبات الواقفة، في بكاء أجهزة التكييف، في حويصلات الهواء الساكن .. في كل شيء. ولكن الجميل في الأمر أنني أقضي طيلة النهار في مكتبي المصاب بالزكام، حيث لا أشعر بالرطوبة إلاّ عندما أغادر المكتب إلى البيت.

جاري السكير .. بخير، غير أنه لم يعد يغني كسابق عهده. بالأمس أحضر عوده، وسألني: "هل تجيد الغناء؟" قالت له في حزن: "لا!" .. تجهم قليلاً ثم قال: "لا بأس فلا أحد يسمعنا .. دعنا نغني سوياً". بدأ هو فعزف أغنية "الدنيا ليل غربة ومطر" لمصطفى سيد أحمد. وفي منتصف الأغنية، وجدتني أغني معه بكل نشوة. عندما انتهينا، وجدته يرمقني بنظرة. اكتشفت أنني كنت أغني لوحيدي. قال لي: "بالتمرين المتواصل سوف تحسن مستوى غنائك". قال إنه يعوزني الإحساس بالزمن. ما علينا .. إنما كانت هضربة سكران !!

أختي التي تصغرني بعامين تعاني من الاكتئاب هذه الأيام. تقول إن شبح العنوسة بدأ يساورها ويمد لسانه لها سخريةً. هي لا تحب الرجال، ولكنها تكره العنوسة. ذكرتني قصتها بإحداهن؛ كانت تبحث عن رجل كمن يبحث عن تحفة ليكمل به ديكور منزله. بعضهن لا يشأن أن يشاع عنهن أن الرجال يزهدونهن (ظل راجل ولا ظل حيطة). بعضهن يرين في الرجال مجرد وسيلة في تحقيق حلم الأمومة، والبعض الآخر لا يطقن رائحة الرجال. على كلٍ .. فسوف تعتاد على هذه الحال حتى يأتيها رزقها أو أجلها.

حبيبتي .. ربما أتوجه إلى العاصمة في إجازة نهاية الأسبوع. لذا لا تقلقي إذا تأخرت عليك في الخطابات. أوكي؟

تحياتي لأهلك الكرام وللجميع بطرفك.

Post: #31
Title: Re: رسايل
Author: خالد سمارة
Date: 02-05-2009, 03:36 PM
Parent: #30

هشام ادم
اشواق لك ولها ولهذا الشوق الجارف والتفرد الجميل للتفاصيل المدهشة التى تلامس الوجدان .....
للرسائل وقع السحر والفخر وحلو الوصول ....





ودمت
خالد سمارة

Post: #32
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-06-2009, 02:43 PM
Parent: #31

خالد سمارة
كيفك!

كهذا يكون العشق صلاة في حضرة من لا تجرؤ أمامه على الكلام بغير ما يليق به. خشوعاً تحت إبط اللحظة المصادفة. وارتعاشاً ضد عنجهية التكوين واللون والتفاصيل الـ….. عبط!

ولا ما كده؟

تحياتي

Post: #33
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-07-2009, 08:17 AM
Parent: #32

الرسالة العاشرة


التحايا التي لا تنضب بل تتجدد .. والعشق الذي لا يبلى؛ حكمةَ أن يكون العشق حِرفة الروح لا القلب .. والشوق الذي –كالنهر– يجري دون أن يتحرك قيد أنملة .. والقبلات التي تعني واقعيتنا لا مجوننا!!

أيتها الحبيبة التي بحجم ما أريد؛ وأكثر، أيتها الحبيبة التي بحجم التوقع؛ وأكثر، أيتها الحبيبة التي بحجم الاشتهاء؛ وأكثر، أبعث إليك بالرسالة العاشرة، ولست أدري هل وصلك شريط Cassette مارسيل خليفة أم لا؟ إن كان قد وصل، فأرجو أن تستمتعي بالاستماع إليه فموسيقى مارسيل خليفة لها مذاق الفراولة بالحليب.

حبيبتي .. بالأمس بينما أنا أتصفّح الإنترنت فوجئت بفتاة من عصر النكهة الأولى، منذ أيام جامعة الخرطوم لم ألتقيها. ساورني الشك في البداية، ولكن حين تجاسرت وسألتها تأكدت أنها هي. قد لا تعرفين مقدار الأشياء التي تدافقت أمام عيني عندها. شعرت بالحزن فجأة، والفرح، والشوق، والحنين، والـ… لا أعرف. صدقيني يا حبيبتي لا أعرف كيف أوصف لكِ ذلك.

عندما يعود أناس من توابيت الذاكرة الرطبة، ليمثلوا أمامك بذات الطعم الخرافي القديم، وذات الرونق. ياله من شعور لا يُضاهى! فتاة كالسلسلة معقودة بأشخاص آخرين، أحدهم يحفّز الآخر للخروج من قمقم النسيان، غبار السنوات الثمان الماضيات. تذكرت على الفور الأماكن والروائح التي كنت قد اعتدت عليها في حقبة ما. جلسة الأصدقاء في (كافتيريا قانون)، والجالسين على امتداد شارع الجامعة Main Road، وصدى الضحكات المتعالية في الـUnder-Lab، وهتافات الـCalling في الأرجاء، وجلسات الحب على (نجيلة آداب)، ولقاءات الشقاوة على حجز الـDismiss.

تذكرت الأضواء المسائية الناعمة في سماءات (منتدى الفلاسفة)، وأصوات وقع الأقدام وخشخشة الحشائش اليابسة بالقرب من (السُدس). وضحكات البنات الحاملات لعصير الليمون الطازج في كافتيريا Business، وحنكشة أخريات في ( كافتيريا علوم)، والهتافات المُجلجلة في (الميدان الشرقي) عندما يتبارى منتخب آداب وهندسة: "مساطر بس وما أكتر … وقاشرين بيها في السنتر."

يا إلهي .. كم أنّ هذا القلب عامر بالشخوص والأمكنة! نكأت هذه "الفتاة السلسلة" جرحاً ظننته قد تخثر، لكنه سرعان ما اندلق. هي الآن سيدة مجتمع ناجحة، وزوجة، وأم لابنة رائعة. هل تصدقين ذلك؟ يا لكروية الأرض!

على مستواي الشخصي حبيبتي، لا شيء جديد على الإطلاق، كل ما هنالك أننا مشغولون بأمر الانتقال إلى المكتب الجديد، ربما سأحمل معي صورة مصارع الثيران الإسباني إلى مكتبي الجديد وصورة نصفية لي قبل أن تداهمني السمنة مؤخراً.

حزني على جاري السكّير، جعلني أسجل له زيارة على غير العادة، حيث من المعتاد أن يأتيني هو. دخلت غرفته فوجدتها شبه فارغة من الأثاث فقط ثلاجة صغير 8 قدم، وهيتر لزوم الشاي، ولحاف على الأرض بإهمال. في إحدى الأركان حقيبة كبيرة بنية اللون. عوده قائم على إحدى زوايا الغرفة بينما جلس هو على اللحاف مرتدياً (برمودا) زرقاء وفنلّة داخلية. جلست إليه وتحدثنا طويلاً حول كل شيء تقريباً. كان به حنين إلى الوطن، وعرفت منه أنه من أبناء عطبره، تلك المدينة النارية (مدينة الحديد والنار) كما يطلق عليها أهلها.

دار بيننا حديث طويل عن تلك المدينة، ربما أحدثك عما دار بيننا في الرسالة القادمة. فقط أحببت أن أقول لكِ بأنني شعرت بأنك لست على ما يرام. لا أدري؛ ولكن انتابني هذا الشعور بينما كنت أتأمل في صورتك التي أعلّقها أعلى سريري. وكأنك كنت تتأوهين لأمر ما، لم أستطع أن أعرفه. هل أنت بخير يا حبيبة ؟ هل الجميع بخير ؟ أرجو أن تطمئنيني عليك بخطاب ولو من سطر واحد فقط.

في انتظار خطابك بفروغ الصبر.

Post: #34
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-08-2009, 08:11 AM
Parent: #33

الرسالة الحادية عشر


أنتِ لهذا الورد، أنتِ ثلاثة أرباعي، أنتِ التي يومض وجهها في خاطري كل ساعة، بوصلة النهر، وزرقة السماء، ورئتي التي أتنفس بها، ووجهي، وجبهتي في السجود. يقينك بي هي الفرس التي أراهن عليها، والقوة التي تجبرني على النهوض كلما كبوت.

هذه الدنيا يا حبيبتي أضيق من حنجرة محتضر عندما تتساقط الأشياء والأسماء، ينهار الجدار الكبير الذي بين الحقيقة والزيف. الوجوه التي ترينها -يا حبيبتي- مطلية كوجه البلياتشو بعضها وجوه مبتسمة وعلى أنفها كرة حمراء مجوفة، وعندما تهطل اللحظة المحك تسيح "البوهية" وتظهر الوجوه على حقيقتها.

هنالك الرجال الذين لا يتكلمون إلا همساً، وهنالك من ليس لهم من الرجولة إلا شارب نبتَ على الفطرة، وهنالك الرجال الرجال! هنالك النساء اللواتي لا يحملن في صدورهن إلا الحليب. أتعرفين ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنهن محض مرضعات، الثديّات من النساء يتصاغرن حتى لكأنهن نبتة يمتد فرعها إلى أسفل. بعضهن ..لا، تحب الحياة لأنها شريكة بأكثر من النصف فيه، والبعض الآخر …. يا حفيظ !!

نحن يا حبيبتي –كلنا– محض أشباح ترتدي معاطف لحمية، أكثرنا حصافة هم الذين يعلمون يقيناً أن هذه المعاطف لا بد أن تخلع بعد انتهاء الحفل؛ لذا فهم أكثر حرصاً على ما داخل المعاطف. بعضهم .. لا، تجدينهم يبالغون في شراء البروشات والساعات الذهبية ذوات السلاسل المعلّقة. سَفَه!!

أحمد الله أنّ جارتك التي تسكن في الطابق العلوي قد غادرت إلى غير رجعة. أتعلمين؟ النساء لا يعجبهن نوعان من الرجال: الذكي والبخيل. ترى أيهما كان زوجها؟

بعد عصر أمس، تلقيت رسالة عليها طابع بريدي سوداني. تعجبت للوهلة الأولى؛ إذ لم أستلم رسالة من السودان منذ أن غادرته في عام 98. فتحت الرسالة بطريقة أنيقة لأنني أسررت في نفسي الاحتفاظ بها كتذكار فيما بعد. ومن أول البسملة عرفت صاحب الرسالة. إنه (عاطف خديجة) ابن عمتي. اعتدنا مناداته باسم أمه، هكذا نحن أهل النوبة!

هذا العاطف خديجة ربما يصغرني بأربعة أعوام، لكنه فلتة! يخبرني في رسالته عن افتتاحه (كشكاً) للخط في (لفة القبة). إنه شاب بسيط جداً ربما أكثر مما تتصورين، لكنه طموح. كما أنه لا يعرف اليأس رغم حظه العاثر. شخص يمد لحافه على قدر رجليه.

يقول في الرسالة إنه يشتاقني، وهو دائماً يقول ذلك. كما أنه يريد أن يأتي إلى السعودية. مسكين لا يعرف ما الذي ينتظره هنا إن فعل. كل فكرته عن السعودية أنها بلد (الراحات والتفاح) كما يقول. ذات يوم سمعته يقول: "القشطة أكبر وهمة في التاريخ". هذا التصريح الخطير من شخص آمن لأكثر من ربع قرن بأن القشطة هي إحدى علامات الثراء والبذخ والفخفخة، يعد تصريحاً غاية في الخطورة. وعندما سألته عن السبب قال لي بكل براءة: "مسييييخة" !!!

سأحاول أن أرد على رسالته في أقرب وقت. ربما بعد أن ننتهي تماماً من الانتقال إلى المكتب الجديد. أعرف أنكِ متلهفة لسماع أحاديث عطبره الطيبة، ولكن سوف أجعلها حجتي القادمة للكتابة لكِ ..فكوني بخير حتى ألتقيكِ في الرسالة القادمة


سلامي إلى أختك الصغرى وإلى أهلك الكرام بدون فرز .. وقبلاتي إلى ما بين عينيك

Post: #35
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-08-2009, 02:02 PM
Parent: #34

الرسالة الثانية عشر


على أريكة بلا غطاء أجلس الآن، وفي خاطري أن تكوني الأقرب لي الآن؛ بدلاً عن هؤلاء المصدّرين للضجيج. بطريقة ما أنا منزوع من الوعي؛ حدّ أني بالكاد أسمعهم وهم يصفّّرون عندما تمر عارضة الأزياء على شاشة التلفاز. الصورة الحقيقية أمامي باهتة جداً لا تحتوي على تفاصيل مغرية حدّ الانتباه. إنما أجلس كأني على حجركِ الآن، وهواء المكيف العابر فوق شعري أصابع يديكِ المبتلة بالماء.

تذكرتكِ عندما قرأت كلام باشلار عن الشمعة، وأحببتك أكثر عندما انتهيت من القراءة ولمّا يساورني النعاس بعد، عندها أغمضت عيني برفق حتى أحسست بحرارة في بؤرة العين. الظلام الداخلي حالك يا حبيبتي، إنه المجال الأمثل لحضورك الباهر. عندما أتيتِ قبّلتك بقدر ما كنت مشتاقاً إليكِ.

أما بعد ،،،


فعن عطبره التي تملئ ذكرياتها الغرفة الضيقة من الذاكرة. فهي مدينة وادعة، يربض على جسدها البضّ خط السكة الحديدية الشريان الأورطي للمدينة. وكما يتجمع الآخرون حول النهر، فإن العطبراويين يتجمعون حول شريط السكة الحديدية. ذهبت مع بعض الأصدقاء لقضاء عطلة السمستر الأول. أظنني كنت في السنة الثالثة عندما كان ذلك. ولأنني كنت الأقرب إلى قلب خالد عبد الله فقد أصرّ أن أنزل ضيفاً لديه؛ فكان ذلك. عطبره المدينة التي تستيقظ في الظهيرة على أصوات المقطورات، ورنين الدراجات، وصراخ بنات المدارس هي أجمل المدائن التي رأيتها بعد عينيكِ.

عطبره .. حيث عائلة أبو سن وأبو شوك الذين حملوني على رؤوسهم رغم أن الأرض لم تضق بي هناك، ولكنها أريحيتهم التي تجعلك لا تملين الحفاوة. مكثت فترة -أظنها يومين- في ضيافة خالد عبد الله، غير أنها كانت إقامة جبرية، فقد اكتشفت أن خالد عبد الله شخص كسول لا يخرج من غرفته إلا إلى المرحاض وبالعكس. ما زلت أذكر عندما طرقت الباب فتاتان فدخلتا علينا وانهالتا علينا ضرباً .. نعم!! إنهن آمنة عوض أبو سن وماريا السيد. عطبراويتان جسورتان.

سبب (العلقة) أنني لم أذهب لزيارتهما في الثاني لقدومنا كما وعدتهما، لم يكن الأمر بيدي، فأنا ضيف وأجهل طرقات المدينة. تصوري أن يغضب أحدهم منكِ فقط لأنك لم تسجلي زيارة له! كم منا يغضب عندما يطرق بابه أحدهم! ولبيت أبو شوك وتلك العائلة الأكثر من رائعة منزلة خاصة في قلبي. أمضيت معهم يومين كاملين، لم أشعر خلالهما بالرغبة في الخروج من باب الدار. ما زلت أتذكر شكل الخالة نفيسة وهي تربط قدميها بكيس نايلون من اتقاء الرطوبة، وابتسامتها الوقورة وهي تستمع إلى أحاديثنا في المساء. لن تفرقي بين أحدنٍ منهم .. فكلهم واعٍ .. وكلهم مثقف .. وكلهم ناضج .. وكلهم مرح .. وكلهم كريم. يا لها من أسرة .. فليحفظهم الله.

حبيبتي .. أجزم أن ما انقضى في حياتي بدون هو مضيعة للوقت، وأن ما سوف يأتي بدونك شيء لا يخصني، وأنا الآن في هذا الشوق أشعر بالعدمية وبشيء يشبه النار يرتديني كالأفرول من قدمي إلى عنقي. أتمنى أن لو أراكِ ولو من بعيد. أن أسمع صوتك ولو همساً. آآآآه كم أشتاق سماع صوتك يا حبيبة.

هل تصدقين أنني ما زلت أنسى اسم ابنة أختي؟ عندما وضعت أختي مولدها الأخير، وضعتها أنثى ففرح جميعنا بمن فيهم والدي .. فكلنا كنا نتمنى أن تضع مولداً أنثى. تقول أمي : "إنّ خلفة البنات بركة". ولقد صدقت! فبيت ليس فيه أنثى يفقد الكثير من الخصوصية، ويفقد الكثير من الدفء؛ لذا تجدينني شديد الارتباط بأخوتي. إحداهن تزوجت -تعرفين ذلك- وهي سعيدة الآن في بيت زوجها، ولكنني أشتاقها من حين لآخر. أشتاقها عزباء لتبقى العلاقة بذات الخصوصية بيني وبينها. تعرفين كم أحب الدهباية، ولكنها سنّة الحياة.

بالأمس .. وأنا أرتب غرفتي وجدت صورة قديمة لي .. أقف فيها إلى جوار شيخ عجوز. لم أتذكره ولكنني تذكرت المكان الذي كنّا فيه. كان ذلك في منزلنا القديم. هو نفس المنزل الذي وطأت فيه بقدمي على زجاج فتهمش داخل إبهام قدمي اليسرى. أذكر أن والدي هرع بي إلى المستشفى، وعلى الفور حقنوني بحقنة تخدير موضوعي. بدأ الطبيب يمارس عنفه عليّ، وبمشرط حاد بدأ في فتح الجرح، ورغم أنهم كانوا يظنون بأنني مخدر إلا أنني كنت أشعر بما يجري في قدمي. صرخت طالباً منهم أن يتركوني. وصرخت أكثر وأنا أخبرهم بأنني أشعر بالألم. قال الطبيب لوالدي: "إن ولدك هذا يخاف من المبضع، وهذا ما يجعله يستشعر الألم". غير أني كنت أتألم فعلاً. لقد كانت بالنسبة لي عملية جراحية بدون تخدير؛ ولذا فإنني وحتى اللحظة أكره الأطباء وأكره رائحة المستشفى (رائحة الديتول).

منذ يومين لم يمر جاري السكير .. كما أنه ليس في غرفته. أخشى أن يكون قد أصابه مكروه. لقد بدأت أحب هذا الشاب فعلاً. قبل مدة سمعته يقول: "لابد أن أقرأ الفاتحة على روح حبيبتي." فلا بد أنه ذهب ليفعل. أفرح كثيراً عندما أجد أشخاصاً يقدّرون الحب مثل هذا الشاب. أمثاله نادرون في هذا الزمان يا حبيبتي.

قد أحمل لكِ في المرة القادمة أخباراً سارة جداً غير أني لا أريد أن أستبق الأحداث. كوني بخير فأنا لا يهمني في حياتي غير أن تكوني سعيدة. وبلغي تحياتي إلى أسرتك الكريمة.


بالمناسبة:
هل هنالك من أخبارك عن جارتك التي كانت تسكن في الطابق العلوي؟

Post: #36
Title: Re: رسايل
Author: Sabri Elshareef
Date: 02-08-2009, 04:26 PM
Parent: #35

هشام
قرات الاولي فقط

مدهشه استاذنك في طباعة الباقيات الصالحات


حتي ارقد واتكي في المغربية علي الثانية

والتالتة اكيييييد واقعه

يا صديق من الزمن المعتق لك التحية والاجلال

ارسل لي تلفونك لانه راح مع ما راح من مواضيع

Post: #37
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-09-2009, 06:33 AM
Parent: #36

Quote: مدهشه استاذنك في طباعة الباقيات الصالحات
أخوي العزيز صبري الشريف

هي أصلاً الرسايل دي مارقة للربا والتلاف ، فما تهتم
والاستئذان بين الغُرب يا حبيب ما بين الحبايب والأخوان
فـ أطبع ساااااي يا عمّك ولا يهمّك

Quote: ارسل لي تلفونك لانه راح مع ما راح من مواضيع
هااا ياااا المفضوح!!!
عاد ده كلام يتقال في السَهّلة؟ ما رجعّوا الماسنجر من زمان
برسّل ليك الرقم يا حبيبنا الأولاني

ألف شكر ليك

Post: #38
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-09-2009, 09:24 AM
Parent: #37

الرسالة الثالثة عشر


حبيبتي .. بدأت الدنيا تضيق عليّ كما تضيق ملابس أحدنا عليه عندما يكبر. أصبحت لا أرى لهذه الدنيا بريقاً كما في السابق. بدأت الألوان تبهت في نظري بدونك. أتمنى أن لو كنتِ أمامي الآن؛ إذن لوضعت رأسي على صدرك، ثم غفوت برهة حتى أحس أنني لم أعد خائفاً كما أنا الآن. آهٍ كم أشتاق لمرور أظافرك الطويلة على صدري! ولرائحة أنفاسكِ وهي تداعب وجهي المتعرّق!

لم أستطع الانتظار حتى أتسلّم خطابك القادم. ولو تعلمين كم أشعر وأنا أكتب إليكِ؛ أحسّ وكأنني -بطريقةٍ ما- منعزلٌ من المكان الذي أنا فيه، سابحاً على ظهر غيمة مانعة للانزلاق، وتختفي جميع الألوان ويبقى اللون الأبيض. لون قلبك.

اليوم .. وأنا في طريقي إلى منزل أحد الأصدقاء، قرأت لافتة إعلانية على إحدى أرصفة الشوارع. كانت فتاة الإعلان تشبهكِ إلى حدٍ بعيد. وقفت أنظر إليها وهي مبتسمة، وكأنها تبتسم لي فقط. وفجأة وجدت رجل المرور يطرق زجاج النافذة طالباً مني التحرّك. وعندها أدركت أنني أربكت السير. رفعت يدي معتذراً وحرّكت عصا ناقل السرعة، ومضيت.

دارت في ذهني بعض الأسئلة البلهاء عن حمّى اللون الأبيض. إن عقولنا مستعمرة تماماً، حتى أنا أدعي أن لون قلبك أبيض؛ فهل هو كذلك؟ وهل لون الصفاء أبيض؟ النقاء لا لون له، أليس كذلك؟ إنها لوثة الأبيض التي اجتاحتنا مؤخراً. كان الإعلان في الرصيف عن مسحوق لتبييض البشرة وتفتيحها. وفتاة إعلانات بيضاء ذات صدر محقون بالسيليكون وأرداف متورّم مثيرة، ورغم أنها كانت فتاة بيضاء إلاّ أن الإعلان كان عن تفتيح البشرة! تذكّرت على فور هالي بيري وناعومي كامبل وبيانسي وأختي العانس السمراء التي يفوق جمالها جمال كلوديا شيفر، وأنتِ حيث أجمل وأكثر إثارة من جينفر لوبيز التي أمّنت على أردافها بـ"الشيء الفلاني"! وتعّجبت كيف نؤمن (نحن) بأن البياض أحد علامات الجمال!!

لقد تخلّصت تماماً من الإدمان على القهوة التركية. ما كنت لأعلم سرّ هذا الإدمان رغم أني لا أتعاطى المنبهات -ما عدا التبغ- . قال لي أحدهم: "عليك بالعلك للتخلّص من التبغ"، ولكنني لا أشعر برغبة في الإقلاع عن التدخين. أعلم أنّك قلقة على صحتي، ولكن أرجوك لا تمنعيني عن التدخين، سوف تضعينني في محك إذا فعلتِ. كان والدي دائم الخوف عليّ من السقوط في براثن التدخين، وهاأنذا heavy smoker !!

ذهبت إلى إحدى المكتبات لأشتري بعض الكتب. لم أجد ما يغريني بشرائه، كنت أبحث عن كتب لغاستون بشلار أو برهان غليون أو محمود أمين العالم أو هادي العلوي أو حتى رواية ماركيز التي أضعتها (عشت لأروي) ولكني لم أجد شيئاً مما كنت أبحث عنه، فعدت أدراجي، وفضّلت أن أشتري لأمي (كنافة نابلسية) أعرف أنها تحبها جداً. وهي في ذلك عكس أبي الذي امتنع عن الحلويات بأمر الطبيب. تجد أمي في ذلك فرصة جيدة لتعيّره بكبر سنه رغم أنه ما زال (يقاوح) ويكابر. كم أتمنى أن يستريح؛ أعرف أنه قد تحمّل طيلة هذه السنوات الكثير والكثير من أجل أن يربينا ويعلمنا ويفرح بنا. ولكنه لا يريد أن يقتنع بأنه تقدّم في السن، وأنه بحاجة إلى الراحة.

بعد أن التهمت أمي آخر قطعة من الكنافة النابلسية، قالت -وهي تلعق أصابعها-: "ربنا يخليك لينا يا ابن بطني، ونفرح بيك" ابتسمتُ وأنا أؤمّن سراً على دعائها، فإذا بأبي يقول -وهو يربت على كرشه-: "مش لمن أعرّس أنا الأول!!" يا لهما من عجوزين لا يكفان عن المناغشة !!

هنالك الكثير من الكلام الذي أريد أن أقوله لك، ولكني فقط لم أستطع أن أنتظر حتى أستلم خطابك القادم. أتمنى أن يصلك هذا الخطاب ليجدك بخير. سوف أرسل لك برسالة أخرى بعد أن أستلم منك رداً على الخطاب الثاني عشر. وحتى ذلك الحين حبيبتي .. بلّغي تحياتي إلى الجميع.

وكوني بخير

Post: #39
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-10-2009, 12:27 PM
Parent: #38

الرسالة الرابعة عشر


يجد الكثيرون صعوبة بالغة في كتابة الرسائل؛ البعض يفضّل التسجيل الصوتي على الكتابة، والبعض الآخر يفضّل المكالمات الهاتفية عن هذه وتلك؛ غير أني لا أدع وسيلة قد تجعلني على صلة بك إلا واتخذتها. أعلم -يا حبيبتي- أن ثمة آخرون يحسدوننا على هذه العلاقة. فقط علّقي على صدرك سلسلة من النوع الذي ينتهي بآية الكرسي أو لفظ الجلالة اتقاء الحسد.

حبيبتي .. بالأمس بعد أن انتهيت من قراءة كتاب (الراقصون على الجمر) مددت يدي وتلقفت جهاز التحكم عن بعد Remote-Control وأدرت التسجيل. تعلمين أن الشريط الافتراضي لي دائماً هو شريط مصطفى سيد أحمد. لا أدري؛ ولكن ثمة تناغم غريب بين ما كان يغنيه مصطفى وما كنت أفكر فيه. فقد كان يُغني: "يا خوفا عليّ عقل وثبات .. ماها الولواله" وأنا كنت أفكر في قلقك عليّ .. عندها يا حبيبتي شعرت بالطمأنينة تسري في دمي، وببرودة محببة تطرق باب أوصالي، عندها .. وعندها فقط .. نزلت مني دمعة نقية لم أشأ حتى أن أمسحها.

تعلمين أنني شرِه في القراءة والتدخين، غير أني في الآونة الأخيرة لم أعد أقرأ كثيراً .. منشغل بموضوع البحث عن المراجع المطلوبة. لم أكن أعلم أن الأمر بالغ الصعوبة إلى هذا الحد. ربما أرسل في طلب بعض المراجع من دولة أخرى.

على فكرة .. جاري السكير، وصل بالأمس قادماً من العاصمة. كما خمّنت فقد ذكر لزيارة قبر حبيبته. أحسست به وكأنه بدأ يسترد عافيته. عرفت ذلك من نظراته التي ابتدرني بها وهو يسألني عمّا حدث في غيابه؛ وكأنه يحاول أن يدفعني لسؤاله عمّا كان منه. فسألته مباشرة: "كيف كانت زيارتك لقبر حبيبتك؟" عندها استدار واستلقى على السرير وهو يقول: "آه يا هشام لأول مرة أحس بالصدق وأنا معها!" غير أنه لم يكمل؛ رغم رجاءاتي الكثيرة له. كلّ ما فعله هو ابتسامة هادئة وهو يخرج قارورة الخمر ولوّح بها في وجههي وهو يقول: "اليوم خمر، وغداً أمر!"

في طرقي إلى العمل، أمر على مدرسة ابتدائية لتحفيظ القرآن. ذلك اليوم كانت ثمة عائلة تمر بسيارتها من أمامي، وفجأة توقفت السيارة ليفتح الزجاج الخلفي لها، وإذا بي أمام فاتنة -أظنّها سعودية- لم تكن تخفي وجهها بعباءتها كما هي عادة السعوديات هنا. وجدتها تسألني عن أقرب ماكينة صرافة آلية ATM .. بلاهتي فقط هي ما جعلتني أنسى خارطة الحي الذي أعيش فيه منذ ما يقارب السنتين. ولأنها شعرت بذلك فقد ابتسمت قبل أن تعيد نفس السؤال على مسامعي. عندها خجلت من نفسي، وبدأت في محاولة استعادة ذاكرتي، تلفت قليلاً ثمّ أرشدتها إلى أقرب مكان يوجد به ماكينة صرافة.

بعد أن غادرت السيدة .. سألت نفسي: "ترى لماذا تسمّرت أمامها هكذا؟ ألأنها جميلة؟ ربما… أم لأنها المرة الأولى التي أرى فيها سيدة حاسرة الرأس في هذه البلد الظالم أهلها؟" أيّاً كانت الأسباب فإنني وجدتني أبتسم -بل وأضحك- على نفسي وأمضي في هدوء.

هذه البلاد -يا حبيبتي- تغيّر فينا أشياء كثيرة، حتى تلك الأبجديات التي نعرفها تصبح عسيرة الفهم هنا. أشياء تنقلب فجأة من العادات إلى المحظورات، وبالعكس. أتعجّب كثيراً عندما أرى سودانياً يصرّ على شراء منزلٍ ببابين (نسائي ورجالي) أليس هذا غريباً؟ لم نعرف مثل هذه الأمور من قبل. وعن السيدة السعودية فأنا أعلم أنّك تثقين بي كما يثق أحدنا بنفسه. أعلم أنّك لستِ من نوع النساء الذي يعمي قلبه الغيرة؛ لذا فإنني أخبرك بما يجري دون خوف.

مازلت عند وعدي .. فهنالك أخبار سارة سوف أبلغك بها، ولكنني فقط بانتظار أن تتأكد هذه الأخبار. إنه أمر سوف يقلب حياتنا رأساً على عقب يا حبيبتي .. سوف نتغير جذرياً .. ومن يدري .. فقد يساعدنا على إنجاز أمور كثيرة كنّا قد اتفقنا عليها. ادعي لي بالتوفيق يا حبيبتي .. فأنا أحوج ما أكون لدعوة صادقة منك. أعرف أنّك تواظبين على الصلاة أكثر مني؛ لذا ادعي لي في سجودك بأن يوفقني الله، بل يوفقنا نحن معاً.

إلى رسالة أخرى يا حبيبة

Post: #40
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-11-2009, 08:24 AM
Parent: #39

الرسالة الخامسة عشر


هاهنا الحزن يأخذ شكل إنسان، أو طائر بلا أجنحة، أو يغدو شبحاً يحوّم في زريبة الجسد المترهل. يدخل في شكل تثاؤب ويخرج في شكل تجاعيد. الحزن يا حبيبتي لا يعني بالضرورة البكاء ولا يشترط اكفهرار الوجه؛ هو إنما شيء كالروح يسكن في دواخلنا ويتغذى على ملامحنا، شيء يراهن على سنوات العمر واستقامة الظهر. عندما ترى الأشياء ببعدٍ واحد ولون واحد ولا تجد في تلك الأشياء ذات الرائحة ولا الطعم. الحزن والألم أخوة في الرضاعة. الحزن يدخل على الوجوه الواجمة بكامل أناقته ويجلس القرفصاء. يمدد رجله اليسرى، له طعم الزنجبيل برائحته الغريبة وطعمه الحارق غير القابل للذوبان.

لا يفوق حزني الآن إلاّ شوقي إليك، ولا يعبرني شيء غير ملامحك المبتسمة (كما هي) بصورتها الكاملة والملوّنة، وبقية الأشياء –كما قلت– تبهتُ أو تذوي. تتصاعد الأنفاس ساخنة أو فاترة من رئة أنهكها النيكوتين وأتربة العاصمة.

ذهبت إلى العاصمة بالأمس، لم أخبر أحداً بذلك، تفاجئوا بي وأنا أمامهم. حتى أنا لم أخطط لذلك إلاّ متأخراً. الطريق الصحراوية من هنا إلى العاصمة مدّت لسانها الإسفلتي في وجهي وكأن العاصمة تهرب مني. لا عليكِ .. فالحزانى سوداويو الرؤية دائماً! كانت الطريق طويلة على غير عادتها، ورغم أني اعتدت فيما مضى على هذه الرحلة شبه الأسبوعية؛ إلاّ أنها كانت رحلة بائسة هذه المرة. ولأول مرة لم أعد مكترثاً بارتقاب اللافتات المرورية التي على الطريق، لم أهو حساب المسافة وهي تقصر كلما اتجهت غرباً. الشيء الوحيد الذي كنت أفعله بانتظام هو تعاطي التبغ و (قزقزة) التسالي.

الجميع بخير والحمد لله. أبي كان نائماً عند وصولي. هذه عادته دائماً ينام كالعصافير بعد صلاة العشاء والغريب أنه لا ينام إلاّ على أريكته الحصرية وهو يشاهد قناة (الجزيرة) أو (العربية) مؤخراً. والدي روتيني قح، لا يوتره إلاّ أن يطرأ على برنامجه اليومي طارئ.

أمي كانت تصبغ شعرها بالحناء بعد أن وضعت كيس النايلون على يديها مستخدمة فرشاة أسناني القديمة، ورغم احترازها الشديد إلاّ أنها –في كل مرة– تضطر لتغيير ملابسها بعد أن تتسخ بالكامل. أختي الصغرى كانت على وشك النوم فاستيقظت لسماع صوتي. ما زالت تعاني من الاكتئاب المسكينة. أفرحها جداً أني أهديتها رواية لحنّا مينا وفي منتصف الكتاب تقريباً وضعت لها عملة ورقية من فئة الخمسمائة ريال. كم أشفق عليها كثيراً .. ليست هي الوحيدة التي أشفق عليها، إنما أشفق على كل الفتيات اللواتي في مثل سنّها.

هذه البلاد -يا حبيبتي- تقتل فينا أشياءنا الجميلة، تقتل فينا حاسة تذوق الحياة والتمتع بها. ما ذنبها وهي ذات الثلاثين خريفاً أن تصبح كامرأة في الخمسين، لا تكاد تقدر على شيء. كلنا في الهم مطحونون يا حبيبتي .. غير أني لا أبالي بنفسي كثيراً فأنا بدأت أعتاد على ذلك. ولكنها –أختي– لا تستحق، فهي فتاة طيبة تحب المزاح كثيراً.

في الصباح .. بينما والدي يتجهّز لصلاة الجمعة، أسرّت لي أمي بشيء، فقد أخبرتني وهي لا تكاد تقلع عن الفرحة الطازجة أن أختي التي تزوجت مؤخراً ..قد تحمل في بطنها جنيناً عن قريب!! هي لم تخبر أبي ولا حتى شقيقتي .. ولكنها تدري أنني سوف أفرح بهذا الخبر أيما فرح .. عندها لا أدري .. تذكرتك عندما أخبرتني عن مكالمتك بها وكيف أن صوتها الذي بنكهة البن التركي كان يوحي لك بصداقة وشيكة بينكما، وكأن هذا كان بالأمس فقط. ربما كان ذلك هو أكثر ما أفرحني في رحلتي الأخيرة إلى العاصمة، وما عداه كان روتينياً لا يحمل الجديد.

عني .. فأنا بخير. ولا ينقصني شيء إلا رؤيتك الغالية والتي أتمناها على الدوام. كوني بخير حبيبتي .. فأنتِ الجانب الوحيد المضيء في هذه اللوحة المسماة (حياتي). كم أتمنى يا حبيبتي أن لو أستطيع أن أفرحك كما أفرحت شقيقتي. كم أتمنى أن أراكِ لا تغادركِ الابتسامة. كم أتمنى أن لو أقدر أن أختطف النجوم من السماء –هكذا عنوة- وأجعل منها خرزات قلادة تعلقينها على جيدك البض. كم أتمنى أن لي ملك سليمان وعصا موسى إذاً لسخرتهما فيما يجعلك سيدة العالم، مليكة على عرشٍ لا تمسّه الأيدي، ولا تطاله الأمنيات. ولكنها تظل محض أمنيات .. ألا قطع الله اليد القصيرة.

إلى خطاب آخر حبيبتي .. وفي انتظار ردك على هذه الرسالة. لك من التحايا ما يليق بك

Post: #41
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 02-12-2009, 09:54 AM

الرسالة السادسة عشر:


وما زلت يا حبيبتي في دوائر الأحزان أمارس هواية النساء العواجيز، أفلت بكرة خيط ملوّنة ثم أعود ألملمها مرة ثانية. أنسج كنزة من الصوف بحجم كف ثم أعود أحرر الصوف من العقد. وبين كل فتلة وأخرى شهقة مرعبة لا تخرج إلا عندما تكتمل الدورة التنفسية! الأفق صار أقرب من جدار غرفتي الصغيرة، هذا يعني أنني في نهاية العالم أو مبتداه. أنا لم أعد كسابق عهدي على أي حال. تتناوشني مناقير الذكريات تنهش جلدي وتترك اللحم! لست أدري على وجه الدقة ماذا أريد.

قبل أيام أوقفني شرطي بينما أنا أعبر الشارع إلى الجهة الأخرى عائداً من عملي بعد العاشرة مساءً. سألني عن هويتي، فناولتها له في برودٍ روتيني، وضع الهوية إلى جواره ثم قال لي اركب معنا. إنها سفينة نوح التي لا تحمل معها من كل جنسية إلا زوجاً واحداً. أردت أن أسأله عن السبب أردت أن أعترض، ولكنني ركبت معهم بكل خشوع، فلا طائل من الكلام ولم تكن لي رغبة في (المناكفة) فأشرطته اللامعة التي يعلّقها على كتفه كفيلة بأن تنهي الحوار لصالحه.

نحن يا حبيبتي في هذه محض (أجانب) رغم أننا أفصح منهم لساناً!! وفي مخفر الشرطة جلست على كرسي خشبي طويل أزرق اللون. مخفر الشرطة عالم مجنون تماماً كعالم الخارجي، غير أنه أشد دكنة أو زرقة. بعد ساعة مرّ عليّ أحدهم (شرطي فضولي) سألني بلهجته التي تشبه إلى حد بعيد صوت اصطكاك باب حديد قديم: "وش عندك؟" فرفعت رأسي في خشوع: "لا أدري" حاول الشرطي أن يستشف من ملامحي علامات استخفاف غير أنّه لم يجد غير وجه بائس حزين ومتعب، فانصرف.

بعد ساعة أخرى، جاء (كبيرهم الذي علّمهم السحر) دخل فوقف الجميع، إلا (الأجانب) قال بصوتٍ آمر: "أدخلهم الواحد تلو الآخر." ولأن (الأجانب) مصنّفون في هذه البلاد حسب أبجدية اللغة العربية فقد كنت أولهم. دخلت عليه لأجده شاباً لا يتجاوزني إلا بسنتين على الأكثر. رفع عينيه دون أن يرفع رأسه وسألني نفس السؤال بنفس النبرة الحديدية: "وش عندك؟" فأجبته نفس الإجابة، غير أنه أعاد السؤال، فأخبرته أنني كنت في طريقي إلى البيت عائداً من عملي، فالتقطتني سيارة الشرطة دون أن أعرف سبباً لذلك. عندها أمر بالشرطي وسأله عن مخالفتي فقال له: "إقامته منتهية" تفحّص الضابط هويتي جيداً فلم يجدها كذلك .. فقال بكل سماجة: "الله يهديك بس .. التجديد في الورقة من الخلف" سلّمني الضابط هويتي وهو يقول بذات السماجة: "اتوكل ع الله يا زول" هكذا بكل هذه البساطة؟ كانت الساعة تدق الواحدة صباحاً، وأنا لم أنم، ولم أرح جسدي منذ أن استيقظت صباحاً عند الساعة السابعة. عقدة الحكاية أنه كان عليّ أن أعود على قدمي حيث يندر مرور عربات الأجرة في ذلك المكان.

أتعرفين ماذا يعني هذا يا حبيبتي؟ يعني أننا في هذه البلاد محض دمى لها ورق ثبوتيّة. وقتنا لا قيمة له عندهم، كرامتنا لا قيمة لها عندهم، نحن أنفسنا لا قيمة لنا عندهم. وجدتني عندها أتدحرج في دائرة حزنٍ أكبر. اكتشفت في نهاية الأمر أن الشرطي (أصلحه الله) كان يمسك بهويتي بالمقلوب فلم يتمكن من قراءة التاريخ الصحيح. لا بد أن اللوم يقع عليّ دون شك كان يجب أن أعطيه الهوية من الجهة الصحيحة.

عدت إلى غرفتي ولا ألوي على شيء .. حتى أنني لم أشأ أن أتذكر تفاصيل ما حدث ، كل ما أردت أن أفعله هو أن أضبط ساعتي وأنام حاضناً صورتك التي أنزلتها من الجدار فوق سريري.

في الصباح كان كل شيء يعيد ترتيب نفسه، الألوان: الروائح، الوقت، الطقس، زجاج نافذتي الذي شاب بفعل الرطوبة، كل شيء إلاّ أنا وأنت داخلي!! قلت في نفسي: "طالما أننا لا نتغيّر فهذا يعني أن عنصر الإناسة داخلنا مازال يعمل ولم يتعطّل بعد." فحمدت الله سراً وخرجت.

عن الخبر السار الذي وعدتك به، فلقد ضاع الحلم كما يضيع الزبد في الماء يا حبيبتي .. وبلغة المحاكم (يظل الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء) ولا راد لقضاء الله !!! لا بأس فمازال عنصر الإناسة حياً يرزق داخلنا .. ولن يخبو الأمل حتى تفارق الروح هذا الجسد.

تحياتي إلى أسرتك الكريمة وإلى الجميع .. وإليكِ قبلاتي الحارة والأشواق الطازجة

Post: #42
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-09-2009, 11:22 AM
Parent: #41

وتتواصل الرسائل

Post: #43
Title: Re: رسايل
Author: najma
Date: 03-09-2009, 11:34 AM
Parent: #42

هشام آدم

Quote: لو اترفدت .. ليك عليّ أشغلك (ولا يهمك) (وجه ضاحك)
ياخي أرفع السماعة .. واتصلت على حبيبتك طوالي
قول ليها إنك بتحبها، وريها قدر شنو انت مشتاق
ليها، وريها إنك ما بتقدر تستغنى عنها أبداً
وإنك محتاج ليها (هي بالتحديد) وما أيّ إنسان تاني

ياخ ملعون أبو الكبيرياء الفارغ القاعدين نتمسك
بيهو ياخ !!

قدر ما تبقى شفيف قدر ما ح تشوف الحاجات واضحة
وقدر ما بتحب بالجد، قدر ما حسيت بإنسانيتك ..

صدقني!!


كلاااااام حلوووو
بوست برائحة القرنفل

كن انت وهى بالف خير

Post: #44
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-09-2009, 12:12 PM
Parent: #43

شكراً أخت نجمة
وإن شاء الله تتواصل الرسايل

Post: #45
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-09-2009, 12:25 PM
Parent: #44

الرسالة السابعة عشر:

تحية عاطرة .. وبعد ،،،

الأمنيات الجميلة التي تمرّ مرّة في كل عام، وتحديداً في عيد رأس السنة، تبدأ كبيرة بحجم الآمال وحجم فرقعات الألعاب النارية وفرح الأطفال، ثم تبدأ –كلوح الثلج– بالذوبان يوماً بعد يوم خلال العام. لتختفي تماماً قبل رأس السنة الجديدة؛ لتعود دورة الأمنيات مرّة أخرى بالتجدد.

في كل عام -يا حبيبتي- تنسلخ جلودنا القديمة التي ضاقت بنا، وتنمو جلود أخرى لتضيق هي الأخرى مع نهاية العام. في كل عام -يا حبيبتي- يولد الأطفال، ويموت الأصدقاء. وفي نهاية كل عام لا نعود نتذكر فرحتنا بمن أتوا ولا حزننا على من رحلوا. ونحن بين الحزن وبين الأمل نموت كل يوم. تمتلئ صدورنا بالحزن كما بالأوكسجين.

هنا –على ظهر هذه الأرض يا حبيبتي- لا يعيش إلاّ السيئون، بينما تمرّ قوافل الراحلين محمّلة بروائح الطيّبين والبسطاء والرائعين آخذين معهم ما خبأته عيونهم اللامعة من بريقٍ يحمل سرّ خارطة الجزر السعيدة. جزر لا تراها إلاّ عيونهم .. يرونها رؤيا العين، بينما نلهث نحن وراء خارطةٍ خطأ. أو نتيه في الطريق إليها ولا نصل.

الموتى .. وأرواحهم التي تحوّم على رؤوس البيوت ليلاً .. والنسائم التي تحمل رائحة الموت وصورة الأسلاف التي يقطع نصفها العلوي شريط أسود قاتم، وصرخات أرواح النائمين، وصوت دعوات الأمهات اللائي لا ينمنَ، وحوقلات الرجال القابضين على أطراف الأسرّة الخاوية إلاّ من وسادتين! هذا كل ما نملك من تحويشة الزمن لزمنٍ آخر قادمٍ لا محالة. لا تفرحي يا حبيبتي إن طال عمري، فهنا على هذه الأرض لا يعيش إلاّ السيئون كما قلت.

كلنا يخبأ في جيبه –من حيث لا يدري– كومة من الحزن والخوف، وكأنهما مادة الحياة، وسرّ هذه الأنفاس المتصاعدة والحمى التي لا تزول بصادق الدعوات! لا ترقيني إلاّ بغنوة هادئة ولمسة من يديكِ يا يسوعية المسح. ويا حبذا قبلة على حين غفلة.

آآآآهٍ كم أشتاق أن أسمع صوتك الآن !!!

حزينة هذه الرسالة ، أليس كذلك؟ كذلك أنا.

Post: #46
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-10-2009, 11:28 AM
Parent: #45

الرسالة الثامنة عشر:


عندما يعتدل المزاج تمر أمام عيني في إحداثية الرؤية الوهمية (سينما اللاوعي) بعض الصور المتحركة لي ولك، ونحن نقف على شاطئ رملي عريض الاتساع، ليس فيه من الأصوات غير صوت صرخات الموج المنتحر على الشاطئ، وأصوات النوارس التي لا نراها. والسماء خالصة الزرقة وكأنها مرآة للبحر. شاطئ مليء بالأصداف وألعاب الأطفال الرملية، خالٍ من نفايات المصطافين، ومن خفر السواحل. نركض فيه حتى تنقطع أنفاسنا، فيمد أحدنا الآخر بأنفاسه عبر قبلة طويلة الأجل، قبلة تحمل نكهة البحر والرطوبة. بعينين مبتلتين بالرغبة والشوق.

في إحداثيات البحر ثمّة دلافين تتقافز من بعيد تنادي علينا ، ثم تغطس مرةّ أخرى وكأنها تخالسنا النظر ثم تعود لتخبر صديقاتها الأخريات .. قبيلة من الدلافين في إحداثية داكنة الزرقة من البحر. ونحن لا نكترث كثيراً بكل هذا الضجيج الجميل.

أفرش قميصي الكاروهات على الرمل لتجلسي عليه، وأتمدد واضعاً رأسي على حجرك .. ناظراً إليكِ من الأسفل وأنت تداعبين شعري وتنظرين إليّ بنظرةٍ أكثر صفاءاً من وجه السماء الخالي من الغيوم (حب الشبّاب)!!

نلعب كالأطفال بالرمل، تصنعين تلّة صغيرة وتضعين على قمّتها بعض الأصداف، وأهدّ التلّة برفسة من قدمي، نتعلّم كيف نصنع من الرمل المبتل كريات صغيرة نتقاذف بها تماماً كما الأطفال عندما يفلتون من رقابة الكبار .. ثم ننزل إلى الماء، بحر عذب غير مالح .. نغتسل فيه من الرمل العالق في أيدينا وفي الأجزاء الداخلية من ملابسنا، ونتراشق بالماء .. أحملك بين ذراعي .. أفهم كيف أن الماء قد أبان لي استدارة نهدك كاملاً من وراء قميصك الـT-Shirt البمبي.

هذا البحر على امتداده لا يخيف .. وبقعة الدلافين كالسراب تبتعد كلّما اقتربنا منها، كأنها تستدرجنا إليها .. والنوارس التي ترافقنا في مشوارنا المتثاقل .. كأنها - بأصواتها المتعالية - (طقطاقات) في زفّة مائية!!

عندها حبيبتي .. أجدني مبتسماً .. وأشعر ببرودة جميلة تدخل من بين أظافري كما يفعل الشيطان .. أيتها الفتاة التي لا تعرف غير الصفاء وتتقن الحنين .. أيتها التي تجعلني أشعر بأنني طفلها وماردها .. وتشعرني بأن بوصلة هذه الدنيا لا تتجه إلاّ غرباً حيث تكون. أيتها التي تخرجني من ملّة الاتجاهات لؤمن بوحدانية الاتجاه الذي هي فيه .. أن أسكن بين عينيها تاركاً هذا العالم يضيق كما يشاء ليتسع في عينيها بقدر ما أشتهي … أيتها الفتاة التي تعني أمي وصديقتي وأختي وحبيبتي وابنة الجيران وكل النساء في دنياي .. عندما تختزل النساء في واحدة !!

أحبك وأحب طعم قبلتك اللذيذة .. عندما تغمضين عينيك تاركة بين شفتك العليا والسفلى ما يكفي لكي أدخل من مجرى الهواء وأسكن كل الزوايا زاوية زاوية .. أتمدد كالماء المسكوب فأكون في كل خلاياكِ في وقتٍ واحد .. أتعلّم أن أكون داخلكِ هواءً تملئين به صدرك ولا أخرج .. أو دماءاً تزور الخلايا كل ساعة ولا أتخثر .. كم أتمنى يا حبيبتي أن أفتح كتاب تاريخك وأمزق بأسناني كل صفحة تحمل بقعة حبر غير مرغوب فيها .. كم أتمنى أن أكون لكِ كل شيء ، كما أنّك لي كل شيء.

وإلى أن تتحقق الأمنيات أو حتى نتوقف عن التمني .. أتمنى أن تكوني بخير دائماً وبلّغي تحياتي الخالصة لأسرتك الكريمة ولأختك الصغرى والبقية.

وصية:
ألوي لي أرنبة أذن أختك الشقية .. وقولي لها: هشام يشتاق كثيراً لمناغشاتك ومشاغباتك

Post: #47
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-14-2009, 11:06 AM
Parent: #46

الرسالة التاسعة عشر:


بالأمس .. بينما أنا أستعد للنوم، طرق الباب .. فعرفت من صوت الطرق أنه جاري السكّير .. فتحت له فدخل وهو يتأفف .. كانت الرطوبة قد نالت منه على ما يبدو .. جلس وهو يتأمل أضواء السهّارة الزرقاء: "يا عيني يا ود يا رومانسي!!" في كل مرّة يعيد على مسامعي أنه معجب بغرفتي الصغيرة واعتنائي بها، وكيف أنه بدأ يحسدني على (الدلع) الذي أدلّعه لنفسي .. في الغرفة التي بمساحة (5م × 4م) سريران وخزانة ملابس متوسطة الحجم .. ومكتبة ، ونافورة مياه صغيرة في إحدى الزوايا تضيء ليلاً .. وتحفة على شكل صدفة كبيرة بداخلها كرة زجاجية مضيئة وسهّارة. على الحائط صورة كبيرة لكِ .. وأعلى خزانة الملابس صورتان لي عندما كنت في جاكرتا .. وصورة صغيرة لأبناء أختي (حازم) و (حاتم) قبل أن يتعلّما نطق (خالو) جيداً .. وبعض الفواتير المتناثرة على صندوق هدايا صغير أضعه فوق التلفاز. الأرضية رخامية تتوسطها سجادة matching مع لون خزانة الملابس البنّية. على الجانب الأيمن لدى دخولك الغرفة توجد ثلاثة مآخذ كهربائية Plugs واحدة للإضاءة والثانية لجهاز الإستريو والثالثة أعلّق عليها لوحة مكتوب عليها بخط (الجلي كوفي) آية الكرسي ..

أخرج علبة المياه المعدنية من الثلاجة، وعلبته التي لا تفارقه من جيبه وبدأ بخلطته السرّية (نبيذ بنكهة السفن أب)، وبدأ يشرب بينما تمددت على سريري وأنا أستمع إليه وهو يحكي لي عن أمنياته وأحلامه في هذه الحياة. أخبرني أنه لا يتمنى شيئاً من هذه الدنيا غير أن يهاجر إلى بلاد العم سام وبعد زغطة كبيرة قال: Sam calls me يا هشام ويجب أن ألبي النداء … آآآآه لو يعرف عمّو سام أنا مشتاق ليهو قدر شنو!!

كانت خطرفته ذلك اليوم عن تلك الأمنيات القديمة التي شعر أنها بدأت تتحقق عندما واتته فرصة الخروج من الوطن : "حسيت إنو انطلاقتي حتكون من هنا .. من أرض الحرمين !!"

بدأ يحكي لي مغامرات أو (مجازفاته) الغريبة والمضحكة في سبيل خروجه من أرض الوطن: "البلد طاردة يا هشام!" كانت هذه المتلازمة التي كان يختم بها قبل أن يحتسي كأسه في كل مرّة. حكى لي عن فتاة كانت تهيم به حباً .. وكيف أنه ظنّ أن الحياة ابتسمت له عندما رآها أول مرة. قال في سرّه : هذه هي الفتاة التي كنت أحلم بها. مال على شقّه الأيسر وهو يأرجح كأس النبيذ بيده:

"ما أعجبني فيها أنها متعلّمة ، مثقفة .. دائماً كنت أحلم بفتاة تفهمني دون أن أتكلم .. تعرف من ملامح وجهي ماذا أريد .. فتاة لا تحوجني للكلام بقدر ما تحوجني للنعاس على صدرها !! نحن يا هشام أطفال بشوارب .. كلمة تودينا وكلمة تجيبنا .. تعبت من استهلاك العواطف والبحث عن شريكة. كم كنت أتمنى أن لو أغمض عيني ثم أفتحها لأراها ماثلة أمامي بشحمها ولحمها ، فتاة لا تشبه بقية الفتيات .. عندما وجدتها قلت أنني سوف لن أتركها أبداً .. قالت لي منذ البداية: لن أحوجك يا حبيبي لخوض معارك خاسرة فأنا أنثى تعرف حدود أنوثتها وأعرف حدودك عندي .. قالت لي: "أريدك أن تتقبلني كما أنا، دون أن تحاول تغييري". قالت لي: "أريد فقط أن أعيش في سلام" .. ابتسم بتثاقل وهو يرتشف كأسه :

منذ اليوم الأول عرفت أنها تريد قطعة ديكور إضافية لمنزلها .. كنت أريدها كما هي .. ولكنها كانت تريد شخصاً لا تنطبق مواصفاته عليّ .. هي تريد رجلاً لا يتذكر رجولته إلا عندما تشاء ذلك ، رجلاً لا يغضب ولا يثور ولا يخرج من طوره حتى إذا دعته الضرورة إلى ذلك .. وابتسم ساخراً وهو يقول: يبدو أنها كانت تريد Snowman !! وبلسان أثقله السكر بالكاد سمعته يقول: customized واحد!!

أحسست بمرارة في صوته وهو يتكلم ويحتسي كأسه الأخيرة بنهم .. لا أخفي عليكِ يا حبيبتي فقد شعرت بالخوف عليه .. هكذا هي الدنيا وهكذا هم الناس يا عزيزتي عندما يهون الناس في عيوننا تهون كل القيم الأخرى .. فيهون الحب وتصبح له اشتراطات: الرجال يريدون ماليكانات ، والنساء يردن خيالات مقاته !! أحدهم يريدها دمية باربي جميلة ، الآخر يريدها من النوع الذي لا ترتدي البنطلون ، وآخر يريدها من ذلك النوع الذي لا تتكلم إلا من وراء حجاب، وآخرون يريدونها فقط بديلاً عن العادة السرية ، وآخرون لإرضاء أمهاتهم!! إحداهن تريده ثوراً تناطح به، وأخرى تريده من النوع الذي لا يسأل كثيراً ، وأخريات يردن رجلاً (حِمشاً) ، وأخريات يردن رجلاً بديلاً عن ظل (الحيطة) يهربن به من لقب العنوسة ، وأخريات يرين في الرجال نجاحاً يضاف لنجاحاتهن ، وبعضهن يكرهن حتى رائحة الرجال!!!

تذكرت وهو يحكي لي قصته القديمة قصةً أخرى لرجل تزوّج من إحدى الناشطات في حقوق المرأة ، كانت تتلو على مسامعه - كل يوم - مستجدات المؤتمرات النسائية الدولية .. فحفظها عن ظهر قلب .. قرأت له كتباً ومنشورات عن المساواة بين الرجل والمرأة وكيف أنهما متساويان أمام الله والقانون .. وليلاً عندما تسمع صوت أقدام توقظه : يا راجل قوم شوف مين اللي بره شكلو في حرامي .. مش إنتا الراجل؟!! يبدو أن النساء والرجال متساوون أمام الله والقانون ولكنهما لا يتساويان أمام (الحرامي)!!

هيييييي يا حبيبة .. الدنيا مليئة بالمتناقضات والمفارقات العجيبة .. كيف لي أن أفتح أعين الجميع عليكِ ليعلموا أي النساء أنتِ ؟ كيف لي !!!

سألتقيكِ في الرسالة القادمة إذا شاء الله

Post: #48
Title: Re: رسايل
Author: انعام عبد الحفيظ
Date: 03-14-2009, 04:59 PM
Parent: #47

تذكرت وهو يحكي لي قصته القديمة قصةً أخرى لرجل تزوّج من إحدى الناشطات في حقوق المرأة ، كانت تتلو على مسامعه - كل يوم - مستجدات المؤتمرات النسائية الدولية .. فحفظها عن ظهر قلب .. قرأت له كتباً ومنشورات عن المساواة بين الرجل والمرأة وكيف أنهما متساويان أمام الله والقانون .. وليلاً عندما تسمع صوت أقدام توقظه : يا راجل قوم شوف مين اللي بره شكلو في حرامي .. مش إنتا الراجل؟!! يبدو أن النساء والرجال متساوون أمام الله والقانون ولكنهما لا يتساويان أمام (الحرامي)!!


ههههههههههههههه بقت على الحرامي يا هشام

يا ريت تواصل انا من المتابعين لكتابتك للرسائل

Post: #49
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-15-2009, 07:29 AM
Parent: #48

أنعام عبد الحفيظ

"الحرامي" ممكن يكون (بلغة ناس الكمبيوتر) thumbnail لحاجة كبيرة جداً، بس ساعديني بالسُترة والفضيحة المتباريات، ما هو شرعاً ما بيصح للحرامي تلاقيهو صاحبة البيت! دي فهمناها تب، لكن وكت الغسّالة تسرق الهدوم وتقوم جارية ست البيت تكورك في الراجل يمشي يلحقا لييه؟ ده المحيّر بوبي زااااتو!

جاية متأخرة شديدة يا أنعام، والرسالة الجاية دي ياها الرسالة الأخيرة، بس برضو نوّرت البوست وفرّحتي سيدو


.

Post: #50
Title: Re: رسايل
Author: انعام عبد الحفيظ
Date: 03-15-2009, 07:34 AM
Parent: #49

Quote: جاية متأخرة شديدة يا أنعام،


أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي

Post: #51
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-15-2009, 07:44 AM
Parent: #50

Quote: أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي
هههههههههههههههههه
الله يجازي محنك يا أنعام. حسي من كلامي ليك الفوق ده كلو
جملتي دي بس اللي حبيتي تعلّقي عليها؟ غايتو نقول شنو بس (وش ضاحك)

Post: #52
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-15-2009, 08:42 AM
Parent: #51

الرسالة العشرون (الأخيرة):


تحية خالصة لوجهه تعالى .. وبعد ،،،
أبعث إليكِ برسالتي الأخيرة فربما لن أكتب إليكِ ثانية .. أفضّل أن أخبو كنار الشتاء المهجورة على مدافئ البيوت الخشبية التي لا يُسمع منها إلا طقطقة الخشب المحروق، بينما أهلها ينامون في العِلّية. أفضّل السكوت على الكلام الجارح والمجروح، والهمس على الصراخ في شارعٍ يعج بالصمّ. أفضّل أن أموت مقتولاً عن أن أعيش قاتلاً مرتزقاً، أن أعيش وحيداً عن أن تلتف حولي الأقنعة الزيف.

بدأت يا حبيبتي أكفر بأصابعي وأنا أطيل النظر إليها وإلى مفاصلها المشروخة بالتجاعيد، ونهايتها التي لم تزل محتفظة بلون حناء قديمة منذ زواج أختي الأخير. أكفر بها لأنها تخون العبارة كلما أمسكت قلماً له صهيل الحبر الجاف. بينما يؤمن البعض أن جرّة أقلامهم -كالعطس– أسهل ما يكون.

أكتب إليكِ ولي منك ضحكات مارسناها ليلاً، وأغنيات، وأحاديث لا تنتهي عنّا وعن الناس والأشياء، وكوميديا خيالاتنا التي لا يزال يرن صداها داخلي كلما أرهفت سمعي إلى صورتك المعلّقة فوق سريري الذي أنام عليه. أطوي كل ذلك وأضعه بعناية في حقيبتي وأغادر.

أكتب إليكِ وأعلم أنه لا يقرأني أحد غيركِ، وأتذكر تلك اللحظة الخجولة التي سمعت فيها صوتك لأول مرة، وأنفاسك الخائفة وأنت تتلعثمين وترهقين قاموس اللغة بحثاً عن جملة مفيدة. وصوتي المخدوش بالذكريات المتعفّنة، لون بشرتي الداكنة الذي يشابه تاريخ أوجاعنا القديمة. لم أسألك عن تاريخك لأنّ ما يخصني هو أنتِ عندما نبتِ على صحرائي كنخلةٍ ضد الجوع وضد العطش وضد الأشف وطقس الصحراء المتبلّد الأحاسيس.

آآآآآه يا حبيبتي .. كم أحب أن أفضي إليك!!

عرفت أنّك قرأت المقال الذي نشَرته الصحفية في المجلة الشهرية (العدد الأخير) ألم أقل لكِ -يا حبيبتي- أنها تتخذ من الجبال بيوتاً!! تتكلم عن الدين رغم أنها لا تكاد تحفظ سورتين على بعضهما، وتتكلم عن الأدب واللغة بينما لا تكاد تفرّق بين التمييز والمفعول المطلق، وليس لها نصيب من القراءة إلا الروايات البوليسية، وتتكلم عن السياسة وذخيرتها ما تقرأه في الصحف اليومية كل صباح!! وهل أضاع الصحافة إلاّ أمثال هؤلاء يا حبيبتي؟

أقول الحقيقة؟ لقد أصبحت أتحاشى عامودها الثابت حتى لا أصاب بالغثيان. الصحفيون الذين يظنون أنهم يمسكون بقرون الحقيقة والحكمة، المؤمنون بأنهم قادرون على فعل ما لا تفعله عفاريت سليمان!!

بالأمس .. بينما كنت أستعد لمغادرة مكتبي اتصلت بي أختي التي تكبرني بعامين (أم حازم) .. كانت تحمل لي أخباراً ظنّت بأنها سارة، أخبرتني بأنها وجدت لي عروساً (لُقطة) بدأت تصفها لي وتحكي لي عنها: حلبية، طويلة، خريجة كلية القانون، جميلة، شعرها طويل، وست بيت ممتازة!! وأنا لا ألوي على شيء مكتفياً بوضع ابتسامة على شفتي، وبعض الهمهمات التي تعني المتابعة. وبعد أن انتهت قلت لها في برود : (أنا عايز أكمّل قرايتي)!!! لها الله هذه الأخت الشفوق.

تقول إنها تريد أن تطمئن عليّ لاسيما بعد أن عرفت خبر زواج صديقي من حبشية !! ما تزال أمي كذلك تكرر دعواتها لي ببنت الحلال بمناسبة وبدون مناسبة، ووالدي أخبرني مؤخراً بأن فكرته الأساسية من الرحيل كانت رغبته في الحصول على منزل يتسع للمناسبات السارة لاسيما بعد أن ضاق بيتنا بالمدعوين في حفل زفاف أختي الصغرى.

وأنا يا حبيبتي .. لا أريد شيئاً غير أن أنام محتضناً صورتك بالشيرت الأسود وتلك الابتسامة التي تجرح كآبتي بالألوان الفرائحية. غرباً حيث تطير أفئدة الناس أطير، وحيث لا شيء سوى الأذان وأصوات المصلين ونحنحات الأطفال المشاغبين وأصوات حويصلات الحمامات المسالمة، وأنتِ .. أبيعك قلبي بقبلتين وإردب ذكريات.

أكتب إليك رسالتي الأخيرة يا حبيبتي، وأعلم أنني لن أكفّ عن الكتابة عنك، ورؤيتك في المنام .. وتلاوتك في صلواتي الليلية .. وأن أذكركِ لصديقي السكّير. أغادر علناً حرفة الكتابة على السطر لأكتفي بأن أكتب بين سطرين بقلم مغاير اللون. خلف ورقة الكالندر وجدت بيت شعر قديم (وكأنني أسمعه لأول مرة):

عين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ * * * وعين السخط تبدي المساوئ

عندها بدأت تتبدى لي الكثير من المواقف بشروحاتها ، لأجد تفسيراً لما لم أكن أجده له تفسيراً منطقياً .. عرفت لماذا تتغاضى الأمهات عن شيطنة أبنائهن ، بينما يجاهرن بكراهيتهن للأطفال (الشواطين) ، عرفت لماذا عندما يعطس البعض نضع مناديل الورق على أنوفنا ، بينما نسارع لتشميت البعض الآخر عندما يعطسون ، فهمت سرِ تصفيقنا للخطب العصماء من بعضهم ، بينما تشعرنا ذات الخطب بالملل والضجر عندما نسمعها من آخرين ، عرفت لماذا تراني تلك السيدة المتذاكية بوجهين رغم أن الذين حولها Multi-faces وهذا يفسّر لي سر تفضيل صديقتك للمنزل الجديد رغم أنه رديء التهوية كسابقه. فسّر لي كيف أن الكلام يكون بذيئاً من فم أحدهم في حين يكون نفس الكلام قطعة أدبية تدعو للإعجاب من آخر!!! إنها عنصرية (عين الرضا) وعلى هذا فقيسي …. !!

آآآآآه يا حبيبة .. ما يحمله الصدر لا يحتمله اللسان. كم تمنيت أن لو استطعت أن أقتلع قلبي بيدي .. إذاً لنزعت منه تلك النكتة الملعونة التي توخز .. لا تخافي عليّ يا حبيبة فأنا كل يوم أتعوّذ من الجهل بالقراءة .. ولي من الذي لا يملكه الآخرون ما يكفيني لكي أكون ..

ضحكت من كل قلبي عندما - في إحدى ليالي الشرقية الرطبة – شاهدت على قناة Dream 2 لقاءاً مع الدكتورة منى نوال فتحي .. عندما سألتها المذيعة الرقيقة عند فهمها في إضافة اسم والدتها فقالت: أنا فقط حاولت أن أعدّل المعوج ، لأننا جئنا من أم وأب فلماذا يذكر اسم الأب فقط!!! وتذكرت على الفور مقولة الشاعر :

ليس الفتى من قال أبي * * * إنّ الفتى من قال هاأنا ذا

ما أضحكني هو ثقتها بأنها كأنشتاين وأديسون وغاليليو وابن رشد وأولئك العظمى الذين (قلبوا) الواقع ، وغيّروا مجرى التاريخ. ماذا يهم إذا كان اسم أبي أو أمي أو كلاهما يتبع اسمي إذا كان اسمي نفسه لا شيء !!!! إنها حمى الأنثوية البغيضة الغارقة في بحر العسل ، ألم أقل بأنّ هنالك نساء يكرهن حتى رائحة الذكورة؟ يسميها أحدهم (دكتاتورية البوليتاريا الجندرية) ما علينا طالما أن الأمور تسير وفق ما شاءت الطبيعة.

منذ أكثر من أسبوع وأنا أشتكي صداعاً يأتيني في مواعيد مختلفة ، ولا يزول إلا بعد أن يقضي مدّته التي يحددها هو .. أظنّ أنه من قلّة النوم أو المكوث لساعات أمام شاشة الكمبيوتر ،سأذهب اليوم إلى الطبيب ، رغم أني أكره الأطباء ورائحة المستشفيات علّ وعسى. فلا تقلقي ..

أعذريني يا حبيبتي لأنني قررت التوقف عن مراسلتك .. ولكنها حتمية لا بد منها فلكل بداية نهاية، ولا أحب أن أنتهي كهذا فجأة .. كوني بخير فهذا هو جلّ أملي

Post: #53
Title: Re: رسايل
Author: مدثر محمد ادم
Date: 03-15-2009, 04:13 PM
Parent: #52

الرائع هشام سلامات

ومتابع باهتمام وتسلم حروفك


مدثر تيف تيف

Post: #54
Title: Re: رسايل
Author: عمر سعد
Date: 03-15-2009, 05:05 PM
Parent: #53

جميل هو حرفك وقلمك

ووصفك ............صورة مجسمة ....ترى الكتابة بالعين اليمنى لوحة واليسرى قصة قصيرة


وحين تبعدها قليلا لترى بالاثنين ترى شبكيتك ...تسرد لك تاريخ العلاقات الانسانية منذ ادم حين وجد

حواء وهى بجانبة حين صحى من غفوتة .....

هكذا اظن ..........او هكذا اقول وبين اظن واقول مساحة اضيق من فتحة الشفتين مطبقة على

على شفاة حبيبة طال بها الانتظار والشوق لحبيب جا ء من ادغال الغربة .

سلام دمت بخير

Post: #56
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-17-2009, 01:49 PM
Parent: #54

الأخ : عمر سعد
تحية عاطرة

لقد أريتني في هذه الرسائل ما لم أكن لأراه ..
الحبيبة تستحق أكثر من مجرّد كتابة جميلة هي
يا عزيزي تستحق الإحساس الجميل الذي يدفعنا إلى
الإبداع، ولهذا فإننا نسمع كثيراً من يقولون بأن
الحبيبة كانت "ملهمتهم"

فلنحب محبوباتنا، كما يجب لنا أن نحبهن
ولنعش من أجلهن كل الذي افتقدناه من حياتنا التعسة
قبلهم وقبل أن يُعمّرن قلوبنا بوجودهن داخله

لك تحياتي أيها الصديق

Post: #55
Title: Re: رسايل
Author: هشام آدم
Date: 03-17-2009, 10:28 AM
Parent: #53

مدثر يا لذيذ .. تسلم ياخ على المتابعة
وربنا يديك ألف عافية يا حبيب