الفلسفة - 2

الفلسفة - 2


05-28-2006, 01:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=188&msg=1165360299&rn=74


Post: #1
Title: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 01:02 PM
Parent: #0

_______________
الفلسفة
Quote: مقدمة:

إن أفضل كتاب لهذه المعرفة في هذا المجال هو كتاب (ما هي الفلسفة) للمؤلفين (كيريلينكو) و (كورشونوفا). وأنصح بقراءته لفهم أعمق عن بدايات الفلسفة ونشوءه.

Post: #2
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 01:06 PM
Parent: #1

___________

إن كل إنسان مهما كان بعيداً عن النشاط العلمي والصراع السياسي والحركة الثورية يهتم بمسألة كيف سيكون العالم في المستقبل القريب. ماذا ينتظر الإنسان؟ لهيب الحرب أم حياة السلم؟ وكيف ستكون الأرض؟ فهل سيبقى عليها مكان للأعشاب والأشجار والحيوانات والطيور أم أن التقدم العلمي سيجلب الهلاك لكل ما هو حي؟ وأخيراً ، هل سينتهي في العالم كله مظاهر الاضطهاد والظلم الاجتماعي أم أنها باقية إلى الأبد؟ هذه المسائل العامة التي يشترك فيها الجميع وتهم كل إنسان على كوكبنا، ولكن الإجابة الصحيحة عليها والقدرة على حلّها حلاً صحيحاً يتطلب المعرفة بالفلسفة.


تنحدر كلمة فلسفة من اليونانية فيلوسوفيا وهي تتألف من كلمتين: فيلو بمعنى حب أو محبة و سوفيا بمعنى حكمة. أي حب الحكمة.


إن العالم المحيط بالإنسان كبير كل الكبر فلا حدّ له ولا طرف وليس بوسع الإنسان أن يفك رموزه ويحل ألغازه إلا على نحو تدريجي .. خطوة بعد أخرى ولكنه لن يعرفه حتماً إلى النهاية.


وتأتي الفلسفة لتجسد النزوع البشري نحو معرفة المبادئ و العلل لكافة الموجودات نحو التشكيك بما تم التوصل إليه فليس عبثاً أن أفلاطون قد رأى مبدأ الفلسفة في التعجب وفي الدهشة.



<<<

Post: #3
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 01:12 PM
Parent: #2

__________

ومنذ غابر الأزمنة ظهرت مختلف التصورات عن الفلسفة وعن جوهر رسالتها فقد ذهب البعض منهم أرسطو إلى القول بأن العلوم كلها تتوخى منفعة معينة في أن الفلسفة هي الصناعة الحرة الوحيدة التي توجد من أجل ذاتها وحسب. وفي ذات الوقت نجد شيشرون يقول أمراً يبدو معاكساً تماماً لما ذهب إليه أرسطو فنجده يتغزل في الفلسفة ويقول: "إليكِ نتوجه وبك نستعين أيتها الفلسفة المرشدة في الحياة .. كيف كان لنا أن نعيش بدونك؟ حتى كيف كانت الحياة البشرية كلها لولاكِ؟" وكان البعض يرى أن الفلسفة لا تنفصل عن الدين بل وأنها تساعد على فهم العقائد الدينية وآخرون يؤكدون أن الفلسفة تقوم على الشك ، على العقل ولذا يتعذر الجمع بينها وبين الدين الذي يرتكز على الإيمان.


وبين الفلاسفة المعاصرين تباين أكبر فيما يخص ماهية الفلسفة ودورها فيذهب البعض إلى أن الفلسفة هي نظرية العلم في حين يقارب آخرون بينها وبين الفن ، وآخرون يرون أن المسألة الفلسفية الوحيدة هي مسألة الانتحار وأن ما عداه لا يعد فلسفة أبداً ومنهم الفيلسوف كامو .. وهنالك صنف يرى التخلي تماماً عن الفلسفة ويرى أنها أمر غير مهم على الإطلاق.


وللنظر في تنوع هذه الآراء سوف أتوجه إلى مناهل الفلسفة ذاتها فأين ومتى ظهرت الفلسفة؟ ولماذا تطور الفكر الفلسفي في بعض البلدان على نحو أسرع منه في البعض الآخر؟ وهل الشعوب كلها مؤهلة لتحصيل بدايات الحكمة الفلسفية؟


<<<

Post: #9
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 05-28-2006, 01:56 PM
Parent: #3

الأخ هشام تحية وإحترام

إن العلاقة الجدليةبين الفكر والوجود تكشف بوضوح عن العلافة التاريخيةبين
الحكمة والفلسفة.فإذا كانت الفلسفة تشير إلي النشاط المعرفي الفكري للإنسان,فإن الحكمة ترتبط بالغاية الكامنة في كل أنوع هذا النشاط,
وهذه العلاقة الأخيرة تبرز ضرورة ربط العلم بالعمل, النظرية بالممارسة, الوسائل بالغايات,وهذا يجعل كل معرفة مشروطة بغايتها ومايترتب عليها من نتايج مفيدة للإنسـان ومن ثم فإن الإنسان الحكيم هو الإنسان الذي يعرف تمامآ كيف يربط بين المعرفة والعمل.


نواصل.

Post: #11
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 02:11 PM
Parent: #9

_________
الأخ العزيز احمد معتصم الطيب


إن المسألة الفلسفية الأساسية قائمة على جدلية الفكر والوجود .. هذا البحث معد مسبقاً وتناولت فيه قضية أسبقية أحدهما على الآخر وآراء الفلاسفة وجدالهم حول هذه النقطة تحديداً. أما عن الحكيم وعن دوره فهو لحسن الحظ مذكور ومتطرق إليه في هذا البحث ، ويسعدنا أنك تطرقت لهذا الموضوع.



أرجو أن تتابع هذا البحث وبالتأكيد سوف تكون هنالك محاور للنقاش والمداولة من خلال ما سيتم طرحه هنا.

Post: #4
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Omayma Alfargony
Date: 05-28-2006, 01:15 PM
Parent: #1

الاخ هشام

السلام ورحمة الله


هل بامكانك التطرق الي الفلاسفة العرب؟

وما هو الاختلاف بين الفلسفة العربية والغربية؟

ملء الفجوة بين _العلم والتطبيق العملي_ والفلسفة والتنظير؟

الفلسفة والاجتهاد الدينى، Can they co-exist؟

.
.
.
.
.
حتى عودة

تحياتى.

Post: #5
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 05-28-2006, 01:19 PM
Parent: #4

بقدر مايسمح الوقت ساتيك بسراع بسراع...
واصل ابو الشوش..

Post: #7
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 01:33 PM
Parent: #5

___________
معتز تروتسكى

Be close, I've more details this time

Post: #6
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 01:24 PM
Parent: #4

_________
الأخت أميمة الفرجوني

أولاً لكِ التحية .. وأشكركِ على هذه المداخلة .. لا يمكن أن يتم تجاوز الفلاسفة العرب بالطبع ونحن في صدد الكلام عن نشأة الفلسفة منذ الوهلة الأولى لها ولتكونها.

أعكف الآن على هذا البحث حول الفلسفة ومبادئ الفلسفة معتمداً على عدة كتب سوف يأتي ذكر أسمائها في محل الاقتباسات المعلومة.



أرجو أن تتابعي هذا البوست ..

Post: #8
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 01:42 PM
Parent: #6

___________

بواكير الفكر:

من الواضح أن النظر في قضايا الوجود العامة يتطلب توفر حد أدنى من المعارف حول الكون تقدم مادة للتأملات فخلال المئات ، بل الآلاف من السنين كانت تتجمع في ذاكرة البشرية المشاهدات المنفردة الخاصة بأسباب كسوف الشمس وفيضان الأنهار وتتولد التخميننات حول علل نشوء الحياة وانطفائها الطبيعي وحول بنية الجسم البشري وغيرها. ولكن إنسان العالم القديم ظل ولردحٍ من الزمن عاجزاً عن تعميم الوقائع المنفردة فلم يكن عقله مهيئاً لوضع تصورات عامة عن الأشياء ولم يكن بوسع الإنسان التجرد عن الخصوصيات الجزئية.


فنحن نعرف – مثلاً – أن الخير من المجردات أي أنه مفهوم عام تكوّن نتيجة تعرفنا على كثير من الأناس الخيّرين ، وعلى العديد من التصرفات الخيّرة الملموسة ، ونحن حين نصوغ هذا المفهوم نكون وكأننا قد تجردنا عن جوانبه الثانوية غير الهامة وأبرزنا الأمر الرئيسي أو الأساسي وعليه فلا يوجد الخير أو حتى الشر أو أيّ من المجردات هذه في هيئة كائن أو شيء عياني ملموس فالخير والشر مجرد جانبين أو صفتين للناس العيانيين والتصرفات الملموسة ولكن الناس القدامى كانوا ينظرون إلى المجردات وكأنها موجودة في هيئة شيء منفرد ، فلم يكن بوسعهم التجرد عن الأشكال العيانية لتجليات هذه المجردات . ومن ذلك ما نجده في أسطورة باندورا اليونانية يصوّر الشر على أنه شيء ملموس تماماً. ففي بيت أبيماتوس كانت ثمة آنية يحفظ فيها الشر ثم جاء حب الاستطلاع فدفع زوجته باندورا لنزع غطاء الآنية فخرجت الشرور وطارت في مختلف الأنحاء. وعلى هذا النحو كان القدامى يتصورون ظهر الشر بين الناس.


وكانت لكافة شعوب العالم في مرحلة معينة من تطورها هذه الملكة أي ملكة القدرة على تصور العام في هيئة عيانية ملموسة. ونجد كذلك في أسطورة شعب أشانتا في أفريقيا نفس هذا التصور المادي عن الحكمة فقد كان العنكبوت أنانسي يطوف في المعمورة يلتقط حبيبات الحكمة ويجمعها في آنية من الفخار ولما امتلأت الآنية بالحكمة خبأها في شجرة ، ولكنه غضب ذات مرة على ابنه فرما بالآنية أرضاً فانكسرت وانهال الناس يلتقطون كسرات الحكمة ولكن من تأخر ولم يلتقط أية كسرة بقي جاهلاً إلى الأبد.


<<<

Post: #10
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Omayma Alfargony
Date: 05-28-2006, 01:58 PM
Parent: #8

الاخ هشام

أكيد متابعة


الفلسفعة ولعي الخاص.


I crave for it






ود وتقدير

Post: #12
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 02:12 PM
Parent: #10

_________
الأخت أميمة...

الفلسفة عشقي أيضاً رغم أنه ليس تخصصي الأكاديمي .. وهذا البحث جهد أحاول فيه تبيان مسار الفكر الفلسفي منذ بداياته ومنذ وميض الفكر الأول.

أشكرك على المتابعة وأتمنى أن تجدي في هذا البحث ما يشبع فضولك المعرفي.

Post: #13
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 02:21 PM
Parent: #12

___________

ولردحٍ طويل من الزمن لم تكن توجد في لغة البشر كلمة تدل على السمات العامة المشتركة بين أشياء وعمليات العالم المحيط فنجد أن بعض الشعوب لم تكن لديهم كلمة قتل والبعض الآخر لا يعرفون كلمة كذب وسمعنا عن مثل هذه الأمثل كثيراً لدى بعض الشعوب القديمة وحتى المعاصرة كذلك.


إن ملكة التعميم تتطلب القدرة على فرز الضروري عن العرضي ، وفصل السبب عن النتيجة. وهذه الملكة نفسها لم تتكون دفعة واحدة طبعاً فالإنسان البدائي حيث كان يرى التشابه الخارجي بين الأشياء أو الظواهر كان يخلص إلى الاستنتاج بأن ثمة صلة وثيقة بينها ، ومن ذلك أن أبناء إحدى قبائل الهنود الحمر كانوا يعتقدون أن النساء فقط يجب أن يشتغلوا في البذار . فبما أن المرأة تلد فإن الأرض تعطي محصولاً جيداً إذا كانت يد المرأة هي التي تنثر البذور. وإلى يومنا هذا هنالك قبائل في أفريقيا تؤمن بأن عقم المرأة يستدعي عقم الأرض.


في الأزمنة القديمة لم يكن الإنسان يفصل نفسه عن الطبيعة ، وكان ينظر إلى الطبيعة ذاتها على أنها مسكونة بكائنات شبيهة بالبشر تحمي الماء والنار والهواء والتراب وغيرها. وثمة بقايا من هذا اللون من أنسنة الطبيعة لدى بعض القبائل الأفريقية إذ يتصورون العالم المحيط كله في هيئة كائنات كهذه تسمى جوكات والجوك ملموس تماماً في وعي هذه القبائل. وعندما يموت الإنسان يغدو هو نفسه جوكاً ويبدأ في حماية الزعيم ويساعد أبناء قبيلته أو يعاقبهم.


وعلى هذا النحو كان يتشابك في الوعي البدائي عالم الطبيعة وعالم الإنسان عالم الأشياء وعالم الأرواح وكان الإنسان ينظر إلى القوى الطبيعية نظرته إلى الكائنات الحية فكان يغضب عليها بسبب الإعصار أو الجفاف وكان يحمد الأرض لقاء المحصول الوفير ويشكر السماء للمطر الذي طال انتظاره.


<<<

Post: #14
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 05-28-2006, 02:33 PM
Parent: #12

الأخ هشام تحية وإحترام
بين يدي دراسة بقلم وديع واصف مصطفي
بعنوان إبن حزم / سوف نقوم بالدراسة والتعريف.
إبن حزم وموفقة من الفلسفة

مولدة وأصلة

ظاهريةابن حزم والتفكير الفلسفي

الفضائل الخلقية الآساسيةلدي ابن حزم

بعد الإذن..

Post: #15
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 03:28 PM
Parent: #14

________
Quote: بين يدي دراسة بقلم وديع واصف مصطفي
بعنوان إبن حزم / سوف نقوم بالدراسة والتعريف.
إبن حزم وموفقة من الفلسفة


الأخ العزيز أحمد معتصم

لك التحية .. ويسعدني جداً بل وبكل سرور أن تتطرد دراستك هنا وأن يتم فيها نقاش مستفيض. ولكن أخشى ما أخشاه هو أن تتطغى إحدى الدراستين على الأخرى ، ناهيك عن الإرباك الذي قد يحصل للقراء والمتابعين جراء هذا الخلط.

لذا أقترح أن يتم إدخال أجزاء من هذه الدراسة في المحاور والنقاط التي تحمل ذات السياق والنسق حتى تكون الفائدة أشمل للقراء والمتابعين.

ولك فائق شكري على هذا المجهود وعلى هذه الحماسة للنقاش والحوار.

Post: #16
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 03:43 PM
Parent: #15

__________

إن العجز عن تكوين المفاهيم المجردة وانعدام القدرة على فصل الجوهري عن الثانوي وغلبة العاطفة على العقل تشكل السمات المميزة لوعي الإنسان البدائي. وينطلق بعض المفكرين من رؤية هذا الفارق الكبير بين الوعي البدائي وبين أفكار ومشاعر الإنسان المعاصر ليقولوا أنه لم يكن للفلسفة أن تظهر بفضل عوامل طبيعية فهم يذهبون إلى أن الفلسفة هبة من قوة سامية ربانية منحت للشعوب المختارة وخاصة شعوب أوروبا الغربية فالزنجي مثلاً عاجز بطبيعته عن التفكير المجرد كما صرّح بذلك سبنسر الفيلسوف المعروف . ويقول أن الزنجي يفكر دوماً عبر صور عيانية وتغلب لديه العاطفة على العقل وليس بوسعه تمثل الأفكار الفلسفية المعقدة.


كما أن هناك وجهة نظر أخرى ترى أن الإنسان وهو يركض وراء المعرفة فقد وحدته مع الطبيعة كما مع الناس الآخرين فقط شعوب الشرق هي التي حافظت على أصالتها بفضل ما لها من صفات فطرية خاصة بها وحدها. ولذا فإن انعدام ملكة التفكير النظري أي ملكة الفلسفة ليست شراً وإنما هي خير ونعمة وفي ذلك يقول الشاعر السنغالي سينغور: "يتميّز السود بالعاطفة ويتميز الأغارقة بالعقل" فالفكر الأفريقي شاعري يفضل الصور والرموز. إن الاستنتاج الذي يخلص إليه أنصار نظرية الشخصية الأفريقية شبيهة بالمزاعم العنصرية حول عجز الأفارقة عن إبداع العلم والفلسفة الذاتيين.


وهكذا نرى كيف أن مسألة تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن المشكلات العصرية هي في الحقيقة مقدمات ظهور الفلسفة وتغدو ميداناً لصراع آيديولوجي.


<<<

Post: #17
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 05-28-2006, 04:46 PM
Parent: #1


Post: #18
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Hafiz Bashir
Date: 05-28-2006, 05:19 PM
Parent: #1




هشام ؟آدم انزيك

اما بعد


دحين بوستيك دا قديم وللا جديد؟؟

يعني بعد (عدل بواسطة هشام آدم on 19-05-2006, 01:26 م) وللا قبليهو؟؟ عشان نعرف المصداقية قبل ما نعرف الفلسفة -2!!




Post: #19
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Zongiya
Date: 05-28-2006, 05:21 PM
Parent: #1



الفلسفه علم يثير اي شخص
ولكن اسلوب الطرح و الحوار هو ما يبسط او يعقد المساله
علم مر و مازال يمر في مراحل تطور..
ايماني الشدسد بانه علم يتماشي مع الطبيعه البشريه و احتياجات الزمن و يتطور تبعا لهذه العناصر
و ايضا الفلسفه الشخصيه التي تنم عن اي فرد بعيدا من علماء و مكتشفين..اقرب الى منهج حياه الفرد..اسلوب ..وتفكير
الاستعجاب!والاندهاش؟ولماذا وكيف و الخ من اسئله طالما كانت اسئله مستمره في العقل
درست جزء منه و
اتمني ان تذكر طبيعة الفلسفه بالالوان

تحياتي

Post: #20
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-28-2006, 05:27 PM
Parent: #19

___________
الأخ Zongiya

Quote: الفلسفه علم يثير اي شخص
ولكن اسلوب الطرح و الحوار هو ما يبسط او يعقد المساله

هذا البوست عبارة عن بحث قمت به من قبل، وشذبته مؤخراً .. يهدف في أساسه إلى التعريف بعلم الفلسفة من حيث نشأته وتكونه منذ أوائل عهده مروراً بتفرعاته ومدارسه وأهم الاختلافات بين هذه المدارس الفلسفية ونقاط إلتقاء كل مدرسة بنظيرتها.

كوني بالجوار فالبحث شيّق جداً وإن كُتب لهذا البوست البقاء فلا بد أن يثمر عن نقاشات فلسفية ثرّة للغاية. كما أننا موعودون بدراسة عن فلسفة ابن حزم في هذا المقام من قبل الأخ أحمد.

لك الشكر والتحية

Post: #21
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 05-28-2006, 05:32 PM
Parent: #1


Post: #22
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: محمد خالد ابونورة
Date: 05-28-2006, 06:22 PM
Parent: #21

لا اعرف خلفية ما يحدث هنا
وقد اكون معنيا بمعرفة ذلك،
لكني لست سعيدا بما اراه هنا
لست سعيدا البتة.

____

ثمة حاجة للارتقاء بلغة الحوار

Post: #23
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 05-29-2006, 01:05 AM
Parent: #22

ناذر صارحه القاعدين تعملو فيهو ده شى مقزز جدا ..
ياخ مامكن اصلو صدقنى ..
يعنى لاتجبر خاطر لى زول ولا شويه تخلي فيها شويه عقل شنو يامان الحكاية..
ياخ قول الزول ده جبتو انا جبر لى خاطر وجا؛
لو شفتو عمل شى ماصاح بتكلم معاهو عادي
ده اذا سالك تانى فياخ رجاء خاص تسحب الفيديو كليبات دي وخلينا نمشى لى قدام عزيزى...

نوبى اسمعنى صراحه البتعمل فيهو ده ماحلو وشين فى حقك ماتقولى وتقعد تبرر انا قاعد معاكم هنا ومتابع يعنى ماحتضتيف لى شى جديد ..
ماتبقى الا تجيب فى الحطب اعقلها شويه...

Post: #24
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 05-29-2006, 01:23 AM
Parent: #23

خالص التحايا
هشام والجميع

مدخل قصير للفلسفه عبر كلمة علم ..الاشتقاق والاختلاف..

العلم كلمة اصطلاحية لاتعبر عن مجرد المعرفه وانما عن مستوى معين من المعرفه وعلاقة محددة لعناصر المعرفة اى مجموع المعارف المنضبطه ؛المترابطه ؛المنظمه؛ التى جناها الانسان خلال تاريخه الطويل..
حيث انه خلاصة محاولة الانسان لمعرفة قوانين الواقع المادي المحيط به؛ والواقع الاجتماعي الذى يعيش فية..
وبما ان الفلسفه تعتبر جز كبير من مكونات عموميات العلوم بصوره واضحه الا اننانجد بان؛
المصطلح العلمي لكلمة علم؛ تعنى المعرفة النظريه ((الهندسة مثلا- او مجموع العلوم ((كالهندسةوالفلك والطبيعة والكيمياء والعلوم الانسانية))..
وهناك ايضا العلوم الطبيعية –كالهندسة -الطبيعة
والعلوم الانسانية- كالاجتماع وعلم النفس...
ولكن بالرغم من تشابك المعنى نجد ان (بيرجسون) قال (ان الفرق بين العلم والفسفة ؛ان غاية العلم هى معرفة المادة..
وغاية الفلسفة معرفة معرفة الروح ؛ وتقع العلوم الانسانية كعلم النفس والاجتماع بين الفلسفه والعلم..)
لقد كانالعلم جزءا من الفلسفة ثم تميز عتها وتعددت فروعه واقسامه ولكنه لم ينفصل عنها انفصالا كاملا كما يٌقال ..
فكما ان الفلسفة هى معرفة القوانين العامه لحركة الاشياء الطبيعية فان كل علم من العلوم هو معرفة القوانين الخاصة لحركة الاشياء من مجال خاص من مجالات الوجود الطبيعى او الانسانى..
ولهذا تُعنى الفلسفة بنتائج العلوم؛ كما تُعنى العلوم بتعميمات الفلسفة...
والعلم باعتباره ثمرة من ثمرات الممارسة البشريه عبر التاريخ هو اداة الانسان للسيطره على واقعه المادي والاجتماعي ؛ اى هو اداة ثورية تمكن الانسان من تحقيق الحريه ..الخ..

Post: #25
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 05-29-2006, 02:01 AM
Parent: #1

تروتسكي ...

Quote: ناذر صارحه القاعدين تعملو فيهو ده شى مقزز جدا ..
ياخ مامكن اصلو صدقنى ..


أطلع منها احسن ..

دا اخر كلامي ..

Post: #26
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 05-29-2006, 02:37 AM
Parent: #25

ناذر ازيك
صراحه ساتوقف عن المداخلة هنا ؛لكن اعلم بالقلب قُصه ..واعمل البريحك لمن تشفى غليلك
وماهنا ماحلو عشان اقول ليك اى شى ..
فقط بقول ليك لو كان شخص من الشخصيات الزى كودي ولا وعمر على كنت بقول ليك طالع د..
زاتهو لانهم بستاهلو..
لكن وريتك الوضع بختلف بالنسبه لهشام..
عموما انسحب ..
ولك الجمل بما حمل..
التحايا النواضر..

Post: #27
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Rasha Hatim
Date: 05-29-2006, 03:17 AM
Parent: #26

ناذر

كل اناء بما فيه ينضح

Post: #28
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: فيصل نوبي
Date: 05-29-2006, 07:22 AM
Parent: #27

رشا
اظن الاقتناع مهم !!


ناذر
تحياتي ..











ودي لكما الاثنين ..

Post: #29
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 05-29-2006, 07:25 AM
Parent: #1

!!!!!!!!!!!!!!

Quote: ناذر

كل اناء بما فيه ينضح


والقصرية برضو نوع من الاواني !!
بطلتي تستعمليها ولا كبرتي عليها !!

صنفرة :

قلت ليك ما ناقصين عبيطة هنا !! مالك ما دايرة تسمعي الكلام !

Post: #30
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Rasha Hatim
Date: 05-29-2006, 07:37 AM
Parent: #29

الاخ ناذر

لكم استهجنت مداخلاتك, خاصة عند مقارنتها بتلك الصورة المرتدية لزي التخرج, اما الان فلا املك سوى ان اشكرك على استبدالها بما يتناسب معك.

Post: #31
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 09:10 AM
Parent: #30

____________

نواصل: -

من العماء إلى الانتظام:

في مجرى نشاط الناس العملي تحسنت أدوات العمل تدريجياً وتكدست الخبرة ونمت المعارف وصارت المطرقة والفأس والحربة أخف وزناً وأمتن وأحد حيث صارت تصنع من المعادن بدلاً من الحجارة. وغدا بإمكان الإنسان مداواة الكثير من الأمراض وصارف يعرف ما للأعشاب من صفات نافعة ويحسن التنبؤ بالطقس من خلال سلوك الطيور والحيوانات والحشرات والنباتات. ولم يعد على ما كان عليه من الضعف في مجابهته للطبيعة. فامتلك الإنسان ناصية النار واخترع العجلة ودجّن الحيوانات البرية وتعلّم الزراعة وبالاتفاق مع ذلك تغيّرت تصوراته عن العالم.


صحيح أن الإنسان ظل يتصور كائنات عيانية حيّة ترمز إلى قوى الطبيعة ولكنه صار يبني منظومة مرتبة من هذه الكائنات تقدم على طرقتها الخاصة تفسيراً منطقياً لظهور العالم وكافة الأحياء. ثم أنه راح يفكر في الحياة والموت وفي الواجب والسعادة وفي الذنب والمسئولية بمعنى آخر أصبح يطرح مسائل عامة وإن كان يصوغها في قالب حسي ، كما انه بدأ يحاول إيجاد تفسير لما في العالم من ثبات ونظام.


إن هذه التغيرات في تصورات الإنسان القديم تتجلى على أشدها في الأساطير اليونانية. ففي المرحلة باكرة من تاريخه كان الأغريقي ينظر إلى العالم على أنه عماء (أي فوضى) ويعوزه الانتظام والتنسيق ثم أن تطور المجتمع الأغريقي كان وراء تهذيب لوحة العالم في الأساطير. ففي مقابل العلماء تطرح الأساطير اليونانية آلهة الأولمب التي تخوض صراعاً مستمراً مع شتى الغيلان والكائنات العملاقة الرهيبة والفظيعة لتنتصر عليها في نهاية الأمر وتشيع النظام والاتساق والثبات. وفي هذا الصراع يقوم بمساعدة الآلهة الرجال والأبطال الذي هم من البشر الفانين الذين يتمتعون بقدرات ومواهب خاصة.


<<<

Post: #32
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: wedzayneb
Date: 05-29-2006, 09:14 AM
Parent: #30

أخوي الكريمين: ناذر و فيصل:

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.


اّمل أن تجبرا خاطري و تتوقفا عن التداخل في هذا البوست برغم ما حدث بينكما من جانب والأخ هشام و الأخت رشا من الجانب اّخر من مشاحنات قلميّة في االماضي.

لم أكن متابعا دقيقا لحيثيات و خلفيات الخلاف الفكري بينكم، لكنّني أري أنّ المسامح كريم.

واذا لم يقم البادئ بالمناكفة بقصب السبق في الاعتذار، فليكن الطرف الاّّخر حليما و يجنح للسلم.

هذه الدنيا عاريّة، اخوتي و أخواتي الكرام. و لا تصفو و يدوم خيرها ان لم نجنح فيها للسلم و مكارم الأخلاق.


طارق الفزاري

ود زينب

Post: #33
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 09:21 AM
Parent: #32

__________

وراح الأغريقي يبني نسقاً منتظماً من الآلهة التي يعبر كل منها عن لون معين من النشاط البشري فالإله بان يحمي القطيع ، و هرميس يرعى التجارة ، و ديميترا ترعى الخصوبة وتحمي الزراعة و هيرا ترعى الزيجات ... إلخ. وتصّور الآلهة كائنات طيبة ذلك أن الطبيعة نفسها لم تعد على ما كانت عليه من الرهبة فحتى الربة تيميدا التي كانت من قبل راعية المصائب صارت ربة العدالة.



إن هذا اللون من استيعاب العماء الطبيعي استيعاباً وهمياً خيالياً أول الأمر هو سمة مميزة لكافة الشعوب فالأساطير الخاصة ببداية العالم وخلقه تعكس إشاعة الانتظام في العماء الأولي. فتحكي أساطير بعض الشعوب الأفريقي قصة السلحفاة والضفدعة اللتان تقاسمتا اليابسة والماء وخلقتا بقاع العالم ومن ثم جاء تو دينو فقسم كافة الحيوانات إلى ذكر وأنثى وفرز الحيوانات الداجنة عن البرية ووزع كافة الأعمال بين الرجال والنساء.



وفي حكايات الهنود الحمر يصور الصراع مع العماء على ذات النحو تقريباً في الأسطورة الأفريقية فتقول أسطورة الهنود الحمر أن الأرض دمرّت أربع مرات على التوالي بسبب النزاع بين أبناء الإله الأكبر وفقط في المرة الخامسة تمت إشاعة النظام في العالم.



<<<

Post: #34
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: فيصل نوبي
Date: 05-29-2006, 09:25 AM
Parent: #32

طارق

لك الود يا صديقي

بعدين و ين باقي صور الريش ديك ما منتظرك ياخي !!!

Post: #35
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 09:30 AM
Parent: #34

_____________

إذاً ففكرة القانونية سبق أن شقت طريقتها إلى وعي الإنسان القديم حتى في صورة الأسطورة وتدريجياً راحت تتشكل رموز معممة تعبر عن القوى الطبيعية ولكنه لم يعد بالإمكان تجسيدها في شيء مفرد وقد تشكلت مثل هذه الرموز المعممة لدى الشعوب الأفريقية مثلاً فلدى بعض القبائل الأفريقية هناك مفهوم يعبر عن قوة خلاقة ليس لها ملامح ملموسة هو نيونسوا وثمة بعد تعميمي لكبير الآلهة عن قدماء الهنود الحمر أوميتيوتل* أما أولاده الأربعة الذين يدلون على العناصر الطبيعية فهي رموز معممة أيضاً بحيث صار من السهل استخدامها لإنشاءات فلسفية.




_______
* أسماء الآلهات الواردة هنا أو التي ترد
تختلف من حيث تهجئتها حيث أنها مترجمة
إلى العربية من لغات مختلفة.

Post: #36
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Zongiya
Date: 05-29-2006, 10:21 AM
Parent: #1

متابعه

شكرا للمواصله

Post: #37
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 01:33 PM
Parent: #36

_________
أشكر الأخت Zongiya
على المتابعة وأتمنى أن يضيف لها هذا البحث
كل ما هو مفيد وجديد فيما يتعلق بهذا العلم


كما لا يفوتني أن أشكر صديقي اللدود معتز (تروتسكي)
على مداخلته القيمة والثرة كما هو عادته دائماً

لكما مني كل التقدير

Post: #38
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 01:37 PM
Parent: #37

__________

من خلال ما تقدم نعرف أن تكدس الخبرة والمعارف قد انعكس أيضاً في الأمثال والأقوال المأثورة التي غالباً ما تفسر الكثير من الظواهر بدون التعويل على الكائنات الأسطورية بل وتتناقض معها ومن ذلك الحكمة التي تعود إلى أحد القبائل الأفريقية (هذه الحادثة بنت تلك) والمثل النيبالي القديم الذي يمكن أن يوصف بأنه سؤال فلسفي (أين أولئك الذين حظوا بالخلود؟) كما وتعكس الأمثال إدراك التفاوت الاجتماعي كما في المثل المشهور (عندما أرى كلب الملك أكون المبادر بالتحية) وترسخ بعض الأمثال الروح الجماعية كما في قولهم (إن عقل الإنسان المفرد أشبه بالكيس المثقوب)



وغيرها العديد من الأمثال والأقوال المأثورة وهكذا يمكن أن نقول وبكل اطمئنان أن ثمة بدايات للفكر الفلسفي لدى كافة الشعوب وأن مقدمات تكوّن الفلسفة تتشكل في كافة البلدان وفي ذلك يقول كارل ماركسأن الفكر المدرك حقاً لا يمكن أن يكون إلا واحداً فيختلف فقط تبعاً لدرجة نضج التطور وبالتالي تبعاً لتطور عضو التفكير.



<<<

Post: #39
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 01:52 PM
Parent: #38

_________

ولكن بدايات الفلسفة لم تتطور كلها إلى مذاهب فلسفية متسقة ومتكاملة وينبغي تقصي أسباب ذلك ليس في خصوصيات التفكير لدى هذه الشعوب أو تلك وإنما في ظروف العمل وسمات الحياة السياسية. فالظروف الاقتصادية الاجتماعية هي التي تكمن في المقام الأول وراء ظهور أولى المذاهب الفلسفية في أوقات متقاربة في الهند والصين واليونان. ويرى البعض أن الفلسفة بدأت تتطور أيضاً في دولة الاتزيك وأن احتلال الأوروبيين لأمريكا هو الذي أوقف هذه العملية. فما هي أسباب تطور الفكر الفلسفي في اليونان وهو الفكر الذي صار باعتراف الجميع نقطة انطلاق الفلسفة الأوروبية؟



<<<

Post: #40
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-29-2006, 03:03 PM
Parent: #39

____________

المعجزة اليونانية:

يذهب البعض إلى أن الجمع المدهش بين طبيعة الأرض والمناخ المعتدل كان وراء تهيؤ وعي سكان اليونان للنظر والتأمل ولا شك طبعاً في أن العوامل الطبيعية لعبت دورها في ظهور المعجزة اليونانية ولكن على نحو آخر تماماً



إن تنوع الطبيعة وتوفر المسالك المائية وغنى الثروات الطبيعية قد ساعدت كلها على النهوض الكبير للإنتاج فقد بدأ في اليونان استخراج خامات مثل الحديد والنحاس واكتشفت أساليب مختلفة لصهر المعادن وازدادت وفرة المحاصيل وتحسنت أحوال الحرف وبدأ الإنسان يصنع بيديه أشبه ما يكون بالطبيعة الثانية عالم المدن والمساكن الدافئة واللباس المريح والحقول الخصبة التي تفصله عن الطبيعة البكر وتحميه منها ولما راحت الطبيعة تنفصل عن الإنسان صارت تفقد صفاتها الملموسة في وعيه لتتبدى في صورة معممة.



وبفضل ذلك بدأ الإنسان يتأمل الطبيعة ككل واحد يقع خارج العالم البشري خارج الوعي البشري وبعبارة أخرى: إن تعزز استقلال الإنسان عن الطبيعة يتيح فصلها عنه في الوعي أيضاً فلم يعد الإنسان يطابق نفسه مع الطبيعة وإنما صار يفكر في الأمور التي تربطه بها. والأمور التي تفصله عنها. ولعبت التجارة النشيطة وسك العملة دوراً لا يستهان به في تطور الفكر الفلسفي . فقد صارت السلع كلها تبادل بالذهب وتعوّد سكان اليونان القديمة على رؤية الوحدة وراء الكثرة وعلى التجرد عن مختلف خصائص الأشياء التي تغدو في عملية التجارة ذات صفة واحدة هي كونها سلعة. وفي فلاسفة ذلك العصر خير تعبير عن ارتباط الفلسفة اليونانية بتطور العلاقات السلعية النقدية لذلك نجد هيراقليطس يقول: "الأشياء كلها تبادل بالنار والنار تبادل بالأشياء كلها مثلما يبادل الذهب السلع والسلع بالذهب"(1)



____
(1) ما هي الفلسفة - ص 39

<<<

Post: #41
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-30-2006, 00:06 AM
Parent: #40

____________

!Thanks Dr. Adil, It works

Post: #42
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-30-2006, 11:30 AM
Parent: #41

___________

ساعد ظهور النقود المعدنية على تطور المعارف الرياضية فنحن حين نقوم بالحسابات نتجرد عن نوعية الأشياء ألوانها وأحجامها واستخداماتها فما يهمنا هو الجانب الكمي من الأمر (عددها) وعليه فإن العدد أي عدد هو نوع من التجريد. إن القدرة على التعامل بالمجردات التي ظهرت مع تطور الرياضيات هي مقدمة هامة للفلسفة فكل مقولة فلسفية تجريد أيضاً.

وفي بلدان الشرق مثل المصريين القدامى والآشوريين والبابليين والفينيقيين بلغ الحساب والمعارف الفلكية مستوى متقدماً أيضاً فقد كان من الضروري حساب فترات ارتفاع منسوب المياه وانخفاضه والقيام بالأعمال المساحية وحساب أوقات كسوف الشمس... إلخ. ولكن هذه المعارف أحيطت بهالة قدسية إذ كانت محصورة بأيدي الكهنة ووضع الكهنة لغة سرية للكتابة مما جعل العلم حكراً عليهم.

وقد استعار حكماء اليونان معارف كثيرة من الشرق. ولكن المعرفة في بلاد اليونان لم تكن حصراً بالكهنة وحدهم حتى ولم يكن الكهنة يشكلون فئة مغلقة كما هو الحال في الشرق. ولم تكن المعرفة العملية تعتبر عطاءً ربانياً لا يقبل التطوير والتحسين. وتدريجياً اتسع نطاق الأبحاث العلمية وتحسنت أساليب المعرفة العلمية ومن محاولات التفسير العلمي للظواهر المنفردة انتقل مفكرو اليونان إلى النظر في مبادئ الموجودات وعللها.

وهكذا نستطيع القول بأن وعي الأغريقي القديم كان معداً إعداداً جيداً للنظر في قضايا الوجود العامة. ولكن النظر يتطلب وقت فراغ ولكي نفهم من أين جاء وقت الفراغ ومن أتيح له التمتع به علينا الالتفات إلى أشياء تبدو للوهلة الأولى وكأنها جد بعيدة عن ميدان الفكر المحض ... إنه الإنتاج.

نعم الإنتاج .. فقد أدى النهوض العارم للإنتاج ونمو الثروة العامة إلى أن قسماً من أعضاء المجتمع كفوا عن العمل في الحقول أو الحوانيت أو الأشغال العامة. وانفصل العمل الذهني عن الجسدي . وصار العمل من نصيب البعض ، والنظر والتأمل من نصيب البعض الآخر. الأمر الذي كان يعتبره القدامى أنفسهم لوناً من القدر. ولكن إمكانية النظر صارت لأولئك الذين يملكون العبيد والمراعي والمزارع أي الأغنياء وليس من العبث أن أوائل الفلاسفة اليونانيين كانوا كقاعدة عامة ينتمون إلى العائلات الثرية والعريقة مثل أفلاطون و هيراقليطس وغيرهما من المفركين الأغارقة فقد كانوا من أبناء الفئة الأرستقراطية.

وعليه فإن ظهور الفلسفة وتطوره متعذران إلا في مجتمع يأتي فيه عمل البعض العبودي الشاق ليتيح للآخرين صرف الأيام والليالي في النظر والتأمل أي في مجتمع منشطر إلى طبقات. ولزمن طويل ظل العلم والفلسفة والفن ميزة للأقلية الغنية.

وهكذا فإن الفلسفة نتاج للمجتمع الطبقي وفي المجتمعات الطبقية يجري صراع دائب بين المضطهّدين والمضطهِدين وكذلك بين مختلف فئات الطبقة الواحدة كالصراع بين أصحاب المزارع والتجار مثلاً وقد ترك هذا الصراع بصماته على كافة جوانب الحياة في اليونان وأثر بالتالي على تطور الفلسفة أيضاً.


<<<

Post: #43
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-30-2006, 12:04 PM
Parent: #42

___________

لماذا أعدم سقراط؟

لقد ساعد تطور التجارة على ازدهار فئة التجّار ، وأدى انتصارها على الارستقراطية الزراعية إلى طرد القياصرة وإلى قيام الحكم الديمقراطي في الدولة اليونانية ، صحيح أنه في ظل الأنظمة الديمقراطية لم يكن العبيد يتمتعون بأية حقوق ، ولكن إشاعة ديمقراطية ملاكي العبيد كانت تعني تنشيط الصراع السياسي فالحقوق متاحة لمواطني الجمهورية أتاح إمكانية التعبير عن الرأي والشك والبرهان والجدل. وحفزت المناقشات الاهتمام بقوانين الفكر والمنطق التي تساعد معرفتها في التغلب على الخصم السياسي.



وهذا ما أشار إليه ماركس فيه قوله: "الروح الحر الجسور هو الأساس الأول للبحث الفلسفي" وبالتالي فإن خصوصيات حياة اليونان السياسية ولا سيما إقامة الحكم الديمقراطي هي إحدى مقدمات ازدهار الفلسفة.



وكانت لكل مدينة قوانينها التي كانت لا تزال ترتكز إلى تشريعات الآلهة والعادات والتقاليد. وراح الفلاسفة يتأملون في أساس هذه القوانين هل هو العدالة أم الخوف من الآلهة؟ وهل تتوافق هذه القوانين مع متطلبات الفضيلة؟ وما هو الإنسان .... إلخ.



وبدأ الفلاسفة يتحدثون عن القوانين التي تتوافق مع الفضائل البشرية الحقة ، العامة بين كافة الناس. فكما صرخ سقراط ونادى "لسنا مجرد أعضاء لمدينتنا بل وأعضاء المجتمع البشري ككل" ووضع سقراط العقل فوق العادات ، وفوق الخوف من الآلهة وذهب إلى أن كافة الأمور في المجتمع كما في الطبيعة تخضع لقوانين عامة ولا يستحق الإنسان أن يسمى إنساناً إلاّ عندما يسعى للوقوف على القوانين العامة لارتباطه بما حوله ولا يكتفي بإدراك قواعد السلوك السائد في مجتمعه.



ولكن محاولة سقراط لإرساء قناعاته السياسية على حجج العقل لا على إرادة الآلهة كانت سبباً في تعرض فلسفته لنقد من قبل ملاك العبيد انتهى بالنسبة له أن تجرع كوباً من السم فقد شعر ممثلو الطبقة السائدة أن العقل أو الفكر النقدي يمكن أن يغدو سلاحاً رهيباً موجهاً ضدهم. بيد ان موت سقراط حكم عليه بالإعدام كان يعني في الوقت نفسه ولادة نظرة جديدة إلى العالم تقوم على المعرفة لا على الإيمان الأعمى بالقدر أو الخوف من انتقام الآلهة فالفلسفة التي تبدو للوهلة الأولى بعيدة عن الأحداث السياسية والعواصف الحياتية كانت منذ أول عهدها وثيقة الارتباط بالصراع الطبقي. وإن النظرة الجديدة إلى العالم قد ولدت في التناقضات وكانت تشق طريقها بصعوبة وإن كانت ظروف تطورها أكثر ملاءمة منها في بلدان الشرق.


<<<

Post: #44
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-30-2006, 02:30 PM
Parent: #43

____________

وعليه فإنه يمكن القول بأنه يجب البحث عن مقدمات تطور الفلسفة في الاقتصاد أولاً وقبل كل شيء وفي خصوصيات الحياة السياسية الخاصة بالمجتمعات القديمة. فقد تكونت المشكلات الفلسفية في أحشاء الأسطورة ولكن الغلاف الأسطوري سرعان ما صار ضيقاً عليها . فإن تكدس المعارف الضرورية للمارسة العملية قد بين لفلاسفة اليونان القديمة أنه يمكن فهم الكثير من الأمور في العالم بدون التعويل على السحر والغيبيات والكائنات الخرافية. فعلى غرار الأسباب الطبيعية الكامنة وراء فيضان الأنهار وهطول الأمطار والرعد يمكن العثور على تفسير طبيعي لظهور الإنسان والأرض نفسها والكون ككل وفي خضم الصراع مع التفسير الأسطوري للعالم انصقل الفكر. وتكونت المفاهيم الفلسفية الأساسية. ولم يقتصر الأمر على كون أولى المعارف العلمية قد أثرت على تطور الفكر الفلسفي ، فالفلسفة ساعدت بدورها على الجمع بين المعلومات المتفرقة عن العالم وصهرها في كل واحد وساعدت في إرساء قاعدة نظرية متينة للعلم.


Post: #45
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 09:34 AM
Parent: #44

____________

مهد العلم

لقد ترتب على فلاسفة العالم القديم الاشتغال بالعديد من المسائل التي يعمل لحلها اليوم جيش كامل من العلماء وكان قدامى الفلاسفة يهتمون بكل شيء فقد كانوا يسعون لتفسير أصل العالم وينظرون في إمكانية معرفته ويحاولون في الوقت ذاته فهم من أين يأتي قوس قزح ولماذا يحدث الكسوف وما هي طبيعة الرعد .... وغيرها.



ومن ذلك أن طاليس قد ذاع صيته كمؤسس للرياضيات العلمية جنباً إلى جنب مع فيثاغورث كما أنه كان فلكياً استطاع التنبؤ بكسوف الشمس وكان ضليعاً في أمور التجارة ومهتماً بالسياسة في نفس الوقت. ومثله في ذلك الفيلسوف انبادوقليس فقد كان فيلسوفاً وطبيباً وشاعراً وسياسياً وأسس مدرسة للخطاب في صقلية. ويروي البعض عنه أنه استطاع تغيير المناخ في مدينة اغريغنتا ، وهو – أي انبادوقليس أول من تكلم عن العناصر الأرضية الأربعة التي تحركها المحبة والكراهية. ومن آرائه أن القمر تكوّن من تكثف الهواء. كما أن أرسطو كان مفكراً موسوعياً فإلى جانب الأعمال الفلسفية التي حدد مسيرة تطور الفكر الفلسفي في الشرق والغرب فقد ترك أرسطو رسائل مكرسة لقضايا الأخلاق (الأخلاق النيقوماخية) والاجتماع والسياسة والفن والخطابة والشعر ووضع مذهباً متكاملاً ومفصلاً من المنطق الصوري كعلم عن صور الفكر ولعبت دوراً كبيراً في تطور العلم طبيعياته مثل السماء والنفس والسماع الطبيعي أو (سماع الكيان) وأعضاء الحيوان والآثار العلوية (الظواهر الجوية) .... وغيرها.



ومن الطبيعي أن أفكار القدامى لم تكن صحيحة كلها ففي سعيهم لرسم لوحة شاملة للكون كانوا أحياناً يستعينون بأسباب أسطورية يفسرون بها الظواهر الطبيعية الواقعية وكانت المماثلة البسيطة تحل عندهم محل البرهان الدقيق. فمثلاً الفيلسوف ديمقرطيس كان يرى أنه يكفي لاثبات فرضية في تكوّن الموجودات كلها دقائق صغيرة أو ذرات تمثيل ذلك بحركة دقائق الغبار العشوائية في الهواء.


<<<

Post: #46
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 10:25 AM
Parent: #45

__________

وعليه فقد كانت الفلسفة (علم العلوم) في المرحلة الأولى من تطور البشرية لا لأن قدامى الفلاسفة كانوا ذوي مواهب فائقة أو وقفوا على أسرار ضيعتها الأجيال اللاحقة. على العكس فإن هذا الوضع جاء بسبب ضعف المعارف وقتها .. وتدريجياً ومع تطور المعرفة البشرية بدأت تظهر العلوم المنفردة علوم الطبيعة أولاً ثم علوم المجتمع والإنسان مثل الرياضيات والفيزياء والفلك والكيمياء والبيولوجيا والسايكولوجيا والتاريخ والاقتصاد وغيرها.



حتى جاء الفيلسوف الألماني هيغل فحاول أن يبني نظريته فلسفة الطبيعة انطلاقاً من أن بوسع الفلسفة أن تحل كافة ألغاز العالم وقد وضع نظريته في وقت بلغت فيه بعض العلوم مثل علم الجيولوجيا والكيمياء والفيزياء شأناً عالياً من التطور .. ولذا كانت نظريته في الضوء التي تنفي إمكانية تحليله إلى طيف بواسطة الموشور وكذلك إنكاره لوجود العناصر الكيميائية رغم التصورات العلمية القائمة آنذاك موضوع انتقاد حاد من قبل العلماء.



وفي أيامنا يقع في تطرف مقابل أولئك الذين يذهبون إلى أنه لا مكان للفلسفة في ميدان المعرفة العلمية وإذا كان الفلاسفة من قبل قد أفلحوا في استباق بعض الاكتشافات العلمية كالنظرية الذرية وقانون الجاذبية العالمية ونظرية الكهرباء وغيرها فإنهم غدوا اليوم (عواطلية) بلا عمل ذلك أن المعرفة الملموسة الوضعية جاءت لتحل محل النظر الفلسفي وصار أنصار مثل هذه النظرة إلى العالم يعرفون بالوضعيين.


<<<

Post: #47
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 10:49 AM
Parent: #46

___________

وللوهلة الأولى قد يتراءى أن هؤلاء على حق. وبالفعل فإن الفلسفة لا تستخدم لغة المعادلات الرياضية والفيلسوف لا يجري تجارب ولا يخلق شيئاً مادياً فماذا يبقى له؟ وبما أن الفلسفة قد ظهرت وتطورت في مرحلة يمكن تسميتها بالطفولة البشرية فغن مهمتها اليوم هي أن تساعد الإنسان البعيد عن العلم على استيعابه وعلى فهم آخر ما توصلت إليه العلوم ، وعلى هذا النحو يقتصر عمل الفيلسوف عند الوضعيين ، على تبسيط العلم المعقد إلى لغة تكون بمتناول الجميع.



وثمة وجهة نظر مغايرة يذهب أنصارها إلى أن المعرفة الواقعية قد توزعت بين العلوم المفردة فلا يبقى للفلسفة إلا ميدان الخيال والأسطورة. إن الفيلسوف إنسان حالم يحاول بقوة خياله تدمير العالم كما هو عليه أي العالم الواقعي ويسعى لبناء عالم آخر العالم كما يجب أن يكون ويرى نيتشه وهو أحد واضعي فلسفة الحياة أنه بدون مثل هذا اللون من الإبداع الأسطوري تتعذر الحياة. سواء حياة الفرد أو المجتمع ككل. ولذا نجده يقول: "لماذا نقبل على المعرفة لماذا لا نخدع أنفسنا فإن ما سعينا إليه دوماً ليس الحقيقة بل الإيمان"(1) وعلى هذا النحو يقترب الفيلسوف من الشاعر أو من النبي وينفصل نهائياً عن ميدان العلم الدقيق. بينما يرفض الماركسيون هذا الفهم للفلسفة فمن المتعذر حل أهم المسائل التي تقف أمام البشرية اليوم بالاعتماد فقط على الفيزياء والكيمياء والرياضيات والبيولوجيا.



_____________

( 1 ) ما هي الفلسفة ص 38


Post: #48
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 11:07 AM
Parent: #47

__________

علم دائم الشباب

يقال أحياناً أن الفلسفة لا يمكن أن تكون علماً فقد كانت تشتغل دوماً وعلى امتداد تاريخها كله بنفس المسائل في حين أن العلوم العيانية إذا حلّت مسألة معينة فإنها لا تعود إليها بعد ذلك وإنما تطرح وتحل مسائل جديدة ولكن المسائل الفلسفية تسمى سرمدية ليس لأنها مستعصية على الحل بل لأن كل عصر يطرح هذه المسائل ويحلها على طريقته الخاصة. فالمجتمع يتغير وظروف الحياة تتبدل ويزداد حجم المعارف العلمية ويتبدل مستوى امتلاك ناصية الطبيعة ويتغير الإنسان نفسه ، وتتغير العلاقة بينه وبين العالم المحيط.



وكانت الفلسفة على مر الدهور والعصور ، تشتغل بمسألة أصل كافة التغيرات في العالم وعلّة تنوع الأشياء والظواهر والأحداث. وكان الهنود الحمر قديماً يعتقدون أن السبب في كل ما يحيط بالإنسان هو الصراع بين أبناء الإله الأكبر الأربعة. أما قدامى الإيرانيين مثلاً فكانوا يتصورون العالم عبارة عن حصيلة ومسرحاً دائماً لصراع بيناهورامزدا إله النور والحياة والخير و الإله اهرمن إله الظلمة والموت والشر ، اللذان اتفقا على تعاقب السيطرة على الكون. وبعبارة أخرى فإن الإنسان القديم ينظر إلى العالم باعتباره حصيلة العلاقات المتبادلة بين كائنات جبارة شبيهة بالبشر.



وفيما بعد عندما تعلّم الإنسان التجرد عن الأشياء العيانية الملموسة وصار يفكر عبر المفاهيم العامة بدأ يبحث في الطبيعة نفسها - لا في قوة غيبية خارقة – عن علّة التغيرات في العالم ، وهكذا فإن نضج التفكير البشري والقدرة على تكوين المفاهيم قد تركا بصماتهما على كيفية طرح القضايا الفلسفية.



كما وتتغير التصورات الفلسفية مع تطور العلوم الملموسة. ومن ذلك أن الفلاسفة واللاهوتيين كانوا يعتقدون لمدة طويلة أن ظهور الإنسان على الأرض جاء نتيجة خلق رباني وإن الإنسان هو قمة ما أبدعه الإله ولذا فإن الأرض التي يعيش عليها تقع في مركز الكون ، ولكن بعد الاكتشاف الذي قام به كوبرنيق أصبح جلياً أن الأرض ليست إلا جزءاً من المجموعة الشمسية وأن هذه المجموعة نفسها كما تبين فيما بعد هي مجرد جزء من تجمع النجوم الذي عرف بدرب التبانة (المجرة). وفي ضوء هذا صار الأصل الرباني للإنسان موضع شك.


<<<

Post: #49
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 05-31-2006, 11:11 AM
Parent: #47

خالص التحايا
عزيزى ابو الشوش كيف عامل سيدى..
عموما انت واصل
وانا عندى ليك اقتراح بان اقوم بالتحدث عن العلم ومفهومه من خلال تداخل العلم فى حيثيات علم الفلسفه فى شكل تقارب وتنافر..ثم من بعده اقوم بالتطرق للديالكتيك باعتباره من دعائم الفلسفة..
اذا لم يغير هذا سياق البوست..اى يمكن التطرق لكمية مفاهميم بالتعريف من خلال هذا البوست..
فما رائيك؟
التحايا النواضر..

Post: #50
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 11:30 AM
Parent: #49

_________

Quote: وانا عندى ليك اقتراح بان اقوم بالتحدث عن العلم ومفهومه من خلال تداخل العلم فى حيثيات علم الفلسفه فى شكل تقارب وتنافر..ثم من بعده اقوم بالتطرق للديالكتيك باعتباره من دعائم الفلسفة..

Dear friend, Are you waiting a permission? Go ahead
I have no mind at all

Post: #51
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 12:14 PM
Parent: #50

___________

وأخيراً ثمة قضية فلسفية لا يمكن أن تظهر إلا في مراحل معينة من تطور المجتمع. فلم يكن لفكرة تقدّم المجتمع أن تولد إلاّ في عصر تشكل وتطور العلاقات البرجوازية ، حيث صار توسع الإنتاج النزعة الموجهة في الاقتصاد. وقبل ذلك سادت النظريات الدورية التي ترى أن التغيرات في المجتمع تتم على نحو دوري وفق حلقات مغلقة. كما أن فكرة التقدم فقد شعبيتها في الفلسفة البرجوازية المعاصرة أيضاً. فرجعت هذه إلى فكرة الدورة السرمدية. وفي ذلك علامة على أن المجتمع البرجوازي صار بمنحى عن الطريق الرئيسي للتقدم الاجتماعي مما انعكس في الأفكار التشاؤمية الخاصة بحركة المجتمع لدى كبار ممثلي الفكر البرجوازي أمثال: نيتشه و سوروكين وغيرهم.

وعليه فإن طابع طرح وحل القضايا الفلسفية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمستوى تطور المجتمع بكافة جوانبه – الاقتصاد والسياسة والعلم والثقافة وتأتي الفلسفة لتعبر عن عصرها ، ولتجسد إدراك الناس له ، ولتشكل زبدة ما أبدعته البشرية في المرحلة المعنية من تطورها.


<<<


Post: #52
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 12:21 PM
Parent: #51

___________

عالم أم حكيم؟

ترى هل نصبح فلاسفة إذا أصبحنا نفكر بالموت والحياة والسعادة أو اختيار السبيل في الحياة؟ ليس هذا السؤال فارغاً أبداً. وبالفعل فإننا ننعت بالحكيم من بوسعه فهم أخطائه الشخصية وتقديم المشورة في الأوقات الصعبة. ولا يتم عادة التوصل إلى مثل هذه الحكمة إلاّ في متقدم العمر.

ولكن الفلسفة حب الحكمة. فهل يعني هذا أن الإنسان الذي يستطيع تجنب الخطوات الخاطئة في الحياة يمكن تسميته فيلسوفاًَ بدون تحفظ؟ هذا بالطبع ليس صحيحاً. ورغم ذلك فإن ثمة شيئاً مشتركاً بين الإنسان ذي الحكمة الحياتية وبين الفيلسوف الذي يحل مسائل حيوية بالنسبة للإنسان.

وهنالك الكثير من الفلاسفة البرجوازيين المعاصرين الذي يعملون لتجريد الفلسفة من فرادتها وأصالتها ولتحويلها إلى لون من المعرفة الجزئية فيذهبون إلى أن الحكمة والمعرفة النظرية أمران لا يجتمعان وبهذا الصدد يقول راسل :" إن الفلسفة التي ترغب في أن تكون عملية حقاً يجب أن تتعامل مع موضوعات جافة ومجردة ، فلا تأمل في إعطاء إجابة على المشكلات العملية." (2)

إذاً فما وجه القرابة بين الحكمة الحياتية والمعرفة الفلسفية ، وما وجه الاختلاف بينهما؟ لقد سبق لبعض المفكرين أن وقفوا على السمة الأساسية المميزة للحكمة. ففي ذلك يقول ابن سينا: "الحكمة حكمتان عندنا ، كمال المعرفة أولاً وكمال العمل ثانياً" (3). وعليه فإن وحدة المعرفة والسلوك ، المعرفة التي في ضوئها يجد الإنسان طريقه في الحياة لا المعرفة البعيدة عن المتطلبات البشرية هي السمة المميزة للحكمة.

وإن هذا السعي للإرشاد نحو حياة أفضل ، نحو السلوك القويم ، كان الأمر المميز للفلسفة الهندية القديمة كلها.؟ وبهذا الصدد يؤكد فيلسوف هندي قديم فيقول: "إن غاية الحكمة الفلسفية ليس مجرد إشباع الفضول الذهني وإنما هي وبصورة رئيسية بلوغ حياة أفضل ينيرها بعد النظر وعمق الإدراك" (4)

وهكذا تكون الحكمة فلسفة (عملية) دوماً فترتبط بمصالح الإنسان ومتطلباته وأهدافه. والجميع متفقون على ذلك. ولكن إذا كان البعض يرون أنه بدون معرفة يتعذر حل المشكلات الحيوية وأن الحكمة الأصيلة تكمن في الحقيقة وحدها كما يقول غوته ، فإن آخرين ينظرون إلى المعرفة ، إلى العلم على أنها أمور لا تجدي نفعاً فيما يتعلق بالمصير الشخصي للإنسان. بل على العكس فإن المعرفة تجلب أحياناً الشك والخيبة والحزن – حسب قولهم – فقد جاء في التوراة "من أكثر العلم زاد الغم" فالأهم في الحياة هو سكون العقل وطمأنينة النفس (راحة البال) كما يقول أنصار الفلسفة البرجوازية المعروفة بالبراغماتية. ومن هذه الزاوية يكون الإنسان الحكيم حقاً بعيداً عن الشك والتفكير والبحث عن الحقيقة. فليكن وعينا طافحاً بالأوهام والأخطاء. فالمهم هو الإيمان بها.


___________

(2) بيكون (اورغانون الجديد) ص 149
(3) الكتاب العلائي (دانيش نامه) ابن سينا صفحة 193
(4) (الفلسفة الهندية القديمة) س. تشاترجى ، د. داتا ص 18

Post: #53
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 12:24 PM
Parent: #52

___________

إن موقف حكيم كهذا هو موقف النعامة التي تخبأ رأسها في الرمل عند أدنى خطر ، لكن في العالم المعاصر حيث تطرح مسألة أن تكون البشرية أو لا تكون ، وهل ستلاقي حتفها في أتون الكارثة النووية أو ستتمكن من الدفاع عن حقها في حياة سليمة. فإن الحكمة الأصيلة تقوم في قدر كل شخص على تفهم ضرورة النضال من أجل السلام في العالم قاطبة. وإدراكه أن رخاءه الشخصي ومصيره وسعادته تتوقف مباشرة على حاصل نضال البشرية التقدمية جمعاء . وكل إنسان بمفرده في سبيل التعايش السلمي.



ويمكن القول أن الحكمة التي تتناقض مع معرفة العالم الواقعي وتناحراته غالباً ما تنقلب دفاعاً عن أفعال لا إنسانية. والحياة نفسها والعصر الحاضر يدحضان مثل هذه الحكمة المعارضة للنزعات التقدمية الأساسية في تطور المجتمع.



وعليه فإن الفلسفة تكشف عن العلاقة بين الإنسان والعالم المحيط به لتحل مسائل حيوية بالنسبة له ، ولكن الفلسفة تتميز هنا عما يدعى بالحكمة الحياتية فالفلسفة كشكل من المعرفة النظرية تسعى إلى البرهنة على أطروحاتها وإلى دقة العرض. وتأتي مبادئها ومفاهيمها الأساسية حصيلة تعميم ومعالجة جملة من الوقائع المأخوذة من شتى ميادين حياة الإنسان وعمله ، كما تعتمد الفلسفة على معطيات العلوم.



إن موقف هذا الإنسان أو ذاك من الظروف الملموسة المحيطة به أو السبيل العياني لحياته ليس من شأن الفلسفة ولكن ثمة إنسانان في داخل كل فرد: شخصه ، أو الأنا الصغير الذي تنعكس فيه فرادة مصيره وظروف حياته ، والأنا الكبير الذي يجمعه بشعبه وبالبشرية ككل. والفلسفة تعنى تحديداً بالمشكلات التي تظهر أمام الأنا الكبير ، أي بالقضايا العامة للوجود البشري.

Post: #54
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 01:36 PM
Parent: #53

____________

إن فهم الفلسفة على أنها لون من المعرفة النظرية يحل أهم مسائل رؤية العالم هو ما يميز – في حقيقة الأمر – النظرة الماركسية عن كافة التصورات السالفة حول مهمات الفلسفة وعن سائر الأطروحات البرجوازية المعاصرة فيما يخص هذه المهمات.


فإذا كانت الفلسفة فيما مضى تتطلع إلى حل الكثير من قضايا الوجود الطبيعي والاجتماعي حلاً أبدياً وذلك بالكشف مرة واحدة وإلى الأبد عن قوانين العالم الطبيعي والاجتماعي فإن بعض الفلاسفة اليوم يرغبون في استبدال رؤية الفلسفة للعالم بتركيزها على الأحاسيس الشخصية من زاوية فرادة الوجود البشري (الأنا الصغير) زاوية التطلعات والهموم الفردية والجزئية. ذلك هو الموقف المميز لفلاسفة الوجودية مثلاً.


وهكذا فإن البعض يردون الفلسفة إلى دراسة قوانين العالم ولكنهم يبدون وكأنهم يتناسون أن الإنسان ليس مجرد جزء من هذا العالم بل ومحوّر له أيضاً. وثمة آخرون يذيبون الفلسفة في الانفعالات الفردية متجاهلين أن الانفعال البشري أيّاً كان إنما هو حصيلة التفاعل النشيط مع العالم وإنه لا يظهر بنفسه. إن الحدود الفعلية لميدان الفلسفة إنما يرسمها تفاعل الإنسان والطبيعة. والفلسفة تدرس القوانين العامة التي تسيّر الكون والإنسان والبشرية جمعاء وتبحث في أسس وحدة الفرد والمجتمع ووحدة الإنسان والطبيعة.


إن صلات الإنسان بالعالم المحيط متنوعة للغاية ، فهل يمكن ان نفرز الأمر الرئيسي بين جملة الصلات والعلاقات هذه ، أي ما يقوم في صلب وحدة العالمين الطبيعي والاجتماعي؟


<<<

Post: #55
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 05-31-2006, 02:03 PM
Parent: #54

_____________

المسألة الفلسفية الأساسية

من أين نبدأ؟


ما هي المسألة الأساسية لكل رؤية للعالم ، وما هو أول شيء ينبغي على الإنسان معرفته لكي يحدد موقفه مما حوله وليرسم طريقه في السلوك؟

يقول كانط أن على الفيلسوف الإجابة على ثلاثة أسئلة :
* ماذا بوسعي أن أعرف؟
* ماذا علي أن أفعل؟
* على ماذا يمكنني أن أعوّل؟
فلننظر فيما إذا كان ثمة سؤال أعم وأشمل يكمن وراء هذه الأسئلة الثلاثة. وبالفعل فإن الإنسان لا يتعرف ويأمل ويطرح غايات إلا لكونه ذا وعي وإرادة وبوسعه الإحساس بما حوله وليس الإنسان مجرد عضلات وأعصاب ولحم ودم بل هو نفس أو روح. وعلى حل مسألة ما هي النفس أو ما هي الروح أو بلغة الفلسفة ما هو المثالي أو (الوعي) ؟ من أين ظهر؟ وما علاقته بالأشياء غير الحيّة؟ تتوقف الإجابة على المسائل الخاصة والجزئية.


إن المسألة الفلسفية الأساسية هي مسألة العلاقة بين الروح والطبيعة، بين الوعي والوجود. فليس بوسعنا فهم العلاقة بين الإنسان والعالم المحيط إلا بعد أن نتبيّن من ظهر أولاً الروح أم الطبيعة؟ وهل بوسع الروح (الوعي) أن يوجد بحد ذاته خارج الدماغ البشري أم لا ؟ وهل يمكن للطبيعة أن توجد بدون تدخل مبدأ روحي ما؟ فلنأخذ مثلاً أحد الأسئلة التي اعتبرها كانط أساسية في الفلسفة (ماذا عليّ أن أفعل؟) بعبارة أخرى ما هي القواعد والمعايير التي ينبغي أن يسترشد بها الإنسان في حياته ويكون من واجبه اتباعها؟ إنها بالتالي مسألة السلوك الأخلاقي للإنسان. ولكن لكي يفهم الإنسان كيف ينبغي أن يتصرف لا بد أولاً من إدراك ما هي الأخلاق؟ ولماذا يدافع الإنسان عن شرفه وكرامته ويلبي نداء ضميره ويؤدي واجبه؟ ولدى الإجابة عن هذه الأسئلة يترتب علينا بالتأكيد تفسير كيف ولماذا ظهرت عند الإنسان مشاعر الواجب والعدالة والخير والشرف .... إلخ.


فهل جاءت من ظروف حياتنا وبصورة مستقلة عن رغبتنا ووعينا وإرادتنا ؟ أم أنها ثمرة اتفاق واعٍ بين الناس؟ وأخيراً فهل هذه الأحاسيس الأخلاقية ذات منشأ غيبي رباني؟


وهكذا نرى أننا رجعنا مجدداً إلى مسألة العلاقة بين الروحي والطبيعي بين الوعي والوجود. ولذا فإن هذه المسألة هي أعم مسائل الفلسفة يتعذر بدون حلّها الاشتغال بحل المسائل الخاصة والجزئية.


<<<

Post: #56
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-01-2006, 00:34 AM
Parent: #55

عـــلــم..
العلم كلمة اصطلاحية لاتعبر عن مجرد المعرفه وانما عن مستوى معين من المعرفه وعلاقة محددة لعناصر المعرفة اى مجموع المعارف المنضبطه ؛المترابطه ؛المنظمه؛ التى جناها الانسان خلال تاريخه الطويل..
حيث انه خلاصة محاولة الانسان لمعرفة قوانين الواقع المادي المحيط به؛ والواقع الاجتماعي الذى يعيش فية..
ولايقف العلم عند حدود المعرفه المنضبطه لهذه القوانين وانما يتعاداها الى السيطرة على هذه القوانين وتوجيهها لمصلحة الانسان؛ وتاريخ العلم هو تاريخ المجتمع البشرى...
وتطور العلم مرتبط بتطور هذا المجتمع البشرى كذلك . فالعلم ليس حصيلة لتامل الانسان عبر التاريخ فحسب بل هو حصيلة لممارسة العلمية الاجتماعية كذلك فرغم انتساب النظريات العلمية المخلتلفة الى هذا العالم او ذلك الا انها فى الحقيقة ثمرة لما تمارسة المجتمعات البشرية من اعمال وماتحققه من منجزات..
والعلم هو ثمرة هذه الممارسة الاجتماعية ؛ ولكنه فى نفس الوقت اداة هذه الممارسة لمزيد من السيطرة على الواقع ولمزيد من التقدم البشرى..
لقد بدا الفكر العلمى بالسحر؛ وكان السحر هو محاولة الانسان الاولى لاكتشاف اسرار الواقع المادي والانسانى على السؤاء...
فكانت الظواهر تفسر بقوى غامضه كالقدر او باسباب هى انعكاس لمشاعر الانسان واسقاط لذاتيته على الطبيعة ؛ ثم خطا العلم خطوة موضوعية بانتقاله الى مرحلتين اكتشاف القوانين الكامنه فى قلب الاشياء خلال التجربة العلمية ..
واصبح العلم منهجا محددا لاكتشاف الحقيقة يقوم اساسا على التجربة وتعميم نتائج التجربة فى قوانين نظرية ؛ ثم العودة الى التجربة لاختبار صحة هذه القوانين...
ونجد بان العلم قد اصبح يهتم بالسؤال عن (كيف) يحدث الشى بعد ان كان السؤال الذى يطغى على المرحلة السابقة على النظرة العلمية هو (لماذا يحدث الشى؟)..
غاية مسبقه محدوده منذ البداية.....

نواصل...

Post: #57
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Rasha Hatim
Date: 06-01-2006, 02:14 AM
Parent: #56

حضور ومتابعة

"معتز" شكرا علي ذوقك العالي واسفة لاي سوء تفاهم في الماضي

لكما ودي

Post: #58
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-01-2006, 07:48 AM
Parent: #57

__________
صديقي العزيز معتز (تروتسكي)

Quote: ولايقف العلم عند حدود المعرفه المنضبطه لهذه القوانين وانما يتعاداها الى السيطرة على هذه القوانين وتوجيهها لمصلحة الانسان؛ وتاريخ العلم هو تاريخ المجتمع البشرى...


ده الكلام !!!
أريدك - إذا شاءت ظروفك - أن تتحدث لنا عن الفارق الأساسي بين المثقف والمتعلم والمفكر. ومتى يصبح المثقف مفكراً وهل كل مثقف مفكر بالضرورة؟ أم العكس هو الصحيح. مثل هذه المداغشات جميلة وفاتحة لشهية النقاش.

تسلم يا عزيزي

Post: #59
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-01-2006, 07:56 AM
Parent: #57

الغاليه
Rasha Hatim
اعلمى (يارشروشه) انو الاختلاف يوم واحد ماكان بالنسبه لى مشكله بالعكس انا بحب الزول يختلف معاى ..
شفتى المشكله دى انا واهم بيها الزملاء ...
البلقاهو هلالابى ببقى انا مريخابى والعكس..
يعنى اسى المريخاب قايلنى مريخابى والعكس كذلك
اموت انا فى المورده. .
ياستى ده زمان نسيناهو واعلمى ان لك مكانه عزيزه وعالية المقام...

يلا خلينى فى الجد كسير التلج ده بى هناك. .

-------------------------------------------
والعلم يهتم بالسؤال عن كيف يحدث الشئ ؛ لكن يتعرف على العمليات الداخلية التى يحدث بمقتضاها وبهذه المعرفة يستطيع العلم ان يسيطر عليها وان يوجهها على ان العلم يسال ايضا :
لماذا يحدث هذا الشئ او ذاك ؟
على ان يكون سؤاله بحثا ايضا الضرورات والعلل التى حتمت حدوث هذا الشئ على هذا النحو او ذاك..
يتميز العلم بالحرص الجانب الكمى اساسا..والكم يتيح للعلم مزيدا من الدقة والموضوعية ؛ويخرجه من الحدود او الكيفية الخالصة التى كانت تغطي على المعرفة البشريه مثل نضج النظرية العلمية...
على انه ليس معنى هذا ان الدراسات الكمية هى وحدها الدراسات العلمية؛ فهناك دراسات علمية غير كمية..
ولهذا فجوهر العلم هو النظرة الموضوعية وهو الحرص على اختبار الافكار اختبارا موضوعيا وامتحانها بالتجربه الحية المباشره...
ونجد بان العلم لايقتصر على المجالات الفيزيائية او الكيميائيه او الفلكية او الرياضية او الاقتصادية فحسب ؛ وانما يمتد الى الحياة الاجتماعية والنفسية والاعمال الادبية والفنية والجمالية عامة...
نواصل...

Post: #60
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-01-2006, 08:05 AM
Parent: #59

______________

Quote:

"معتز" شكرا علي ذوقك العالي واسفة لاي سوء تفاهم في الماضي


الكلام ده كان وين؟ ومتين؟
أنا ما خشيت الفلم د يا رشا عليكم
الله إعادة بالبطيء بليز
عشاني أنا وعشان الشرح

حسي يا رشرش .. أنا من الله
خلقك .. ما شفتك بتشاكلي
غير الكيزان ... أها معتز ده مالو؟

والله يا رشا لو كنتا حضرت شكلتكم ..
أخخخخخخخخخ بس
أصلو أنا داير لي فرقة في الزول ده
بس جلّت بي بونط


_____
الكلام الجد:
رشا يا بت البطانة
معتز تروتسكي إنسان مثقف
وجميل .. شايفة صداقتنا دي؟
أنا في حياتي ما شفت خلقتو
وكان جا خاشي علي في الأوضة
ما بعرفو .. أها إيه رأيك؟

فكري فيها حتعرفي السبب
والله لا جاب مشاكل بيناتكم
لأنو لو حصلت مشكلة بيناتكم
تاني .. بي صراحة أنا حقيف
مع رشا يا معتز .. وأبيع القضية

Post: #61
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-01-2006, 08:28 AM
Parent: #60

________

نواصل : -

هل يعني ما سبق أن الفلاسفة على مرّ العصور قد اقتصروا على الاشتغال بهذه المسألة الأساسية؟ إذا التفتنا إلى مختلف التيارات والمدارس والنظريات السالفة منها والحاضرة رأينا بعضاً منها يدرس عملية المعرفة العلمية وآخر يعي بمشكلة الحرية البشرية ويكرس طرف ثالث كل حياته لاثبات وجود الله وثمة طرف رابع يشتغل بقضية تنشئة الإنسان (المواطن) وهناك من ينصرف إلى الفن ويصوّره الموضوع الوحيد الجدير بالاهتمام. ولكن الفلاسفة وإن كانوا ينطلقون من مواقع مختلفة وويشتغلون بمشكلات متباينة فإنهم يلتفتون بطريقة أو بأخرى إلى مشكلة محورية ألا وهي علاقة الإنسان بالعالم (الروح بالطبيعة) فهل بوسع الإنسان أن يعرف العالم ، وكيف يؤثر العالم المحيط على مشاعره وأفكاره ومتطلباته؟ وهل يستطيع الإنسان تغيير العالم ، وهل يشكل الفن أداة لتعبير الفنان عن ذاته أم أنه يأتي انعكاساً للعالم؟ هذه المسائل كلها تمثل ألواناً ملموسة من مسألة أعم وأشمل.



ولكن الفلاسفة لم يعدوا دوماً وأبداً كون مسألة علاقة الوعي بالوجود ، الروحي بالمادي ، مسألة أساسية في الفلسفة. ففي الفلسفة المدرسية (السكولائية) كانت المسألة الأساسية تعتبر مسألة العلاقة بين المعرفة النظرية والايمان الديني. وكان فرنسيس بيكون يرى هذه المسألة في توسيع قدرات الإنسان وبسط سيطرته على الطبيعة اعتماداً على العلم. ويرى البعض أن المسألة الفلسفية الأساسية هي دراسة ماهية السعادة البشرية في حين ظنّها روسو في تبيان سبل تذليل التفاوت الاجتماعي.



وقد ذكر لينين بأن حل مسألة لمن تعطى الأولوية للروح أم للعالم الخارجي قد رسم عملياً لا لفظياً مسيرة تطور الفكر الفلسفي إذ أن أصل آلاف وآلاف الأخطاء والبلبلات في هذا الميدان إنما يعود تحديداً إلى أن الناس لا يستشفون هاتين النزعتين الأساسيتين وراء غلاف المصطلحات والتعاريف والشعوذات المدرسية والألاعيب الكلامية.(5)




__________

(5) (المادية والمذهب النقدي التجريبي) لينين. ص 356


Post: #62
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-01-2006, 08:32 AM
Parent: #61

__________

فقط بعدما اجتازت الفلسفة طريقاً طويلاً ظهرت إمكانية فهم وتعقل مراحل تطورها وإبراز المسائل الأساسية وتحديد الاتجاهات الفلسفية الرئيسية. وفي ذلك يقول ماركس بأن التطور التاريخي لكافة العلوم لا يؤدي إلى نقاط انطلاقها الفعلية إلاّ عبر جملة من السبل المتقاطعة والجانبية فالعلم – خلافاً لباقي المهندسين – لا يرسم قصوراً من الهواء وحسب، بل ويعمّر طوابق سكنية منفردة من البناء قبل أن يرسى أساسه(6)


إذاً فالماركسيون الكلاسيكيون لا سيما لينين وآنجلس وماركس أنفسهم هم الذين بيّنوا حقيقة المسألة الفلسفية الأساسية وكشفوا عن مكانتها في صرح المذاهب الفلسفية. ويذكر آنجلس أن المسألة الأساسية الكبرى للفلسفة كلها وخاصة الحديثة منها هي مسألة علاقة الفكر بالوجود.(7)


_____________

(6) (مساهمات في نقد الاقتصاد السياسي) ماركس وآنجلس. ص 43
(7) (مساهمات في نقد الاقتصاد السياسي) ماركس وآنجلس. ص 282


Post: #63
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-01-2006, 08:33 AM
Parent: #60

ابو الشوش رشا دى مستهبله ساى اساسا المشكله مامعاه وهى ذاتها مامشكله
هو نقاش مع زول وهى فى البداية التحاملت على وبعدين وضحت ليها فهمت وبث. .
انسونا من الموضوع وخلونا فى الموضوع الاهم ده ؛ولودايرين مشاكل تعالو لى فى (الشـبــــاكـ) ده. .

يلا لى بعدين

Post: #64
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 06-01-2006, 10:28 AM
Parent: #63

أصـولـ الفضائل:


يرجع ابن حزم الفضائل كلها إلي أربعة عنها تتركب كل فضيلة وهذه الأصول هي:
العدل,الفهم,النجدة والجود:
وقدجمع هذه الأصول في أبيات ثلاثة من الشعر فقالـ

زمام جميع الفضائل عدل وفهم وجــود وبـاس

فعن هذه ركـبت غيرها فمن حازهـا فهو في الناس رأس

كذا الرأس فيةالأمور التي بإحساسهاالالتباس


كما يحدد أصول الرذائل في أربع هي أضاد الأصول الفضائل,وهي:

الجــور,الجـهـل, الجـبـن,الشــح

وبناء علية فإن تركيب كل فضـيلة أو رذيلة لايخرج عن تلك الأصـول مهما قربت أوبعدت.

ويدلل في ذلك بأمثلة كثيرة من هذه الفطائل إلي تلك الأصول الأربعة,من ذلك
يقول في الوفاء:الوفاء مركب من العدل والجود والنجدة,لأن الوفي رأي من الجودألايعارض من ثق به,أومن أحسن إلية, فعدل في ذلك ورأي أن يسمح بعاجل يقتضيه له عدم الوفاء من الحظ فجاد في ذلك ورأي أن يتجلد لما يتوقع من عاقبة الوفاء فشجع في ذلك.



نواصل

Post: #65
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 06-01-2006, 11:23 AM
Parent: #64

وكذلكـــ:


الأمانة والعفة نوعان من أنواع العدل والجود والتراهة في النفس فضيلة تركبت من النجدة والجود وكذلك الصبر, والحلم نوع منفرد من أنواع النجدة , القناعة مركبة من الجود والعدل,والحرص متولد عن الطمع ويشير ابن حزم إلي العديد من الرذائل المتولدة عن الحرص فيقول:يتولد من الحرص رذائل عظيمة, منها الذل والسرقة والغضب,والزنا,والقتل,والعشق
والحرص هو إظهار مااستكن في النفس من الطمع وكذلك الأمر في الرذائل حيث يرجع ابن حزم كل رذئلة إلي أخري حتي يصل في النهاية إلي واحد من أصول الرذائل الأربع أو أكثـر فيقول مثلا في تحليلة لرذئلة الكذب
الكذب متولد من الجور والجبن والجهل لأن الجبن يولد مهانة النفس
والكذب مهين للنفس بعبد عن عزتها المحمودة.
مما سبق يتضح أن كل القيم الخلقية الفاضلة المعروفة في المجتمع تتوالد عن أصول أربعة وتتطوي تحتها وكذلك الرذائل تنطوي تحت أصول أربعة
وللافت للنظر تداخل الفضايل ممايؤكد العلاقة بينها جميعا
وكذلك الحال بالنسبة للرذائل وهو ما أكده ابن حزم عند تصنيفة للعلوم
حيث وثاقة العلاقة بينها جميعا حيث لاعلم ولافهم بدون عدل ولا عدل بدون جود ولاجود بدون نجدة بمعني أن الحائز علي أصل من تلك الأصول لابد بالضرورة أن يكون حائزا علي الأصول الثلاثة الأخرى نظرا للتلازم الحاصل بينهما.
بالإضافة إلى ذلك تجدر الإشارة إلى أن ابن حزم-كعادتة-يضفي علي هذه الأصول الصبغة الدينية فيلن بأن هذه الأصول تبقي ناقصة ولاتكتمل إذا لم تتوج بالتقوى والإيمـــان.




نواصــل

Post: #66
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 06-01-2006, 11:58 AM
Parent: #65

فيقولــ شعرا:


جــاهل الأشياء أعمــى لايـرى حيث يـــدور
وتـمام العلم بالعـدل وإلافــهو بــــور
وتمـام العدل بالجـود وإلافيجــــــــور
مـلاك الجود بـالنجـدة والجــبن غـــرور
عف إن كنت غـــــيورا مازنـاقـط غيــور
وكمال الكل بالتقـوى وقـــول الحق نــور
ذى أصـول الفضل عنـها حــدثت بعــد البـذور



نواصــل

Post: #67
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-02-2006, 10:33 AM
Parent: #66

ان العلم فى جوهرة ليس مجرد المعلومات المتراكمه المنظمه؛ بل هو المنهج الدقيق والنظرة فليس العلم فى الشطحات التجريدية البعيدة عن عالم التجربة والواقع وليس العلم كذلك فى النظرة الوضيعة الوصفية التى تقف عند حدود المحسوسات والجزئيات ؛ انما العلم فى اعتقادي من خلال دلائلة هو كشف ماوراء هذه المحسوسات والجزئيات من قوانين عامة مجردة ...
كذلك نجدهو ايضا هو الامتحان الدائم لهذه القوانين المجرده على ارض الواقع المحسوس ؛انه القدرة على استخلاص العام من الخاص ؛الكلى من الجزئى ؛
هو الحرص كذلك على اختبار العام بالخاص ؛امتحان الكلى بالجزئى والربط بين العام والخاص ؛ والكلى والجزئى ربطا تجريبيا وموضوعيا حيا..
ولهذا فالعم فى جوهره ليس مجرد ترف عقلى وانما هو التزام بمعركة الحياة الانسانية والتقدم الاجتماعي ..
ولكن نجد بان هناك من يستغل العلم لغير صالح الحياة والتقدم ويصبح وسيلة للربح والاستغلال والقهر ؛
وما اكثر مايجمد الابداع والبحث العلمى نفسه بسبب ذلك ..
ولهذا فكمايسهم العلم فى تحرير البشرية كذلك فى تحرير العلم نفسه ..

هذا قد يبدو تلخيصا لفلسفة العلم ان صح التعبير ونجد فى خضم هذه الفلسفه مايُعرف بالديالكتيك او (الجدل) الذى هو تعبيرا عن الحوار وغالبا مايكون الحوار المعرفي من خلال العلم وسنطرق له لاحقا..

انتهي..


ابوحميد ازيك شنو قاطع اخبار و جميل ان تكون معانا هنا..

Post: #68
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-02-2006, 04:09 PM
Parent: #67

الديالكتيك..
الديالكتيك او (الجدل) كان فى البداية تعبيرا عن الحوار الذى يقوم بين المتنازعين حول راى من الاراء ؛كما كان بعض الفلاسفة القدامى يستخدمونه للتعبير عن المراحل المتدرجة للمعرفه..
الا ان الديالكتيك قد اصبح تعبيرا عن منطق جديد فى مواجهة منطق ارسطو القديم ؛ فاذا كان منطق ارسطو يقوم اساسا على فكرة دارسة اشكال الفكر ؛نجد ان قواعد استخلاص النتائج من المقدمات فان الديالكتيك هو دراسة محتوى الفكر نفسة لا شكلة وهو كذلك دراسة القوانين الاساسية للتغير والحركة والتداخل فى الطبيعة والمجتمع على السؤاء..
واذا كان منطق ارسطو يقوم على الثبات فان الديالكتيك يقوم على الحركة ؛واذا منطق ارسطو يقول بان كل شى هو نفسة ولا يمكن ان يكون نقيضه فى الوقت نفسة ...
فان الديالكتيك يقول بالتناقض اساسا فى نسيج الاشياء ؛ ان الاشياء تحول وتغير دائمين والتناقض هو قانون تحولها وتغيرها..

نواصل...

Post: #69
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-03-2006, 04:14 AM
Parent: #68

عزيزى هشام..
قد نجد ان بداية التفكير الديالكتيكى فى الفلسفة اليونانية القديمة عند (هيراقليطس) ؛ كما نجد جوانب من ((الفلسفه الحديثه)) عند (ديكارت و سبينورا وليبنتز) بل عند (كانط) كذلك وخاصة فى نظريته الخاصه بنشاءة المجموعه الشمسية وتطورها الا ان المنطق الديالكتيكي قد بدا ((بهيجل))..
فالمنطث الديالكتيكى الهيجلي هو اول منهج فلسفى لدراسة الظواهر الطبيعية والانسانية ودراسة ديناميكية متطورة..
على ان الديالكتيك الهيجلي كان جزءا من فلسفته المثالية العامه التى تجعل من الفكرة ((او الروح)) المطلقة الكلية جوهرا للوجود وتجد ((عزيزى هشام)) فى ومظاهره المادية واحدثه الخارجية تجسيدا لهذه الفكرة او الروح..
وقد تسلح (كما ذكرت هشام) كل من ((كارل ماركس ؛وفريدريك انجلز)) بهذا الديالكتيك الهيجلي نفسة ولكنهما اقاماه على اساس مادي وهكذا نشات المادية الجدلية التى هى ((علم القوانين العامة والاساسية للتطور فى الطبيعة والمجتمع والفكر))...


نواصل...

Post: #92
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 06-08-2006, 02:37 PM
Parent: #66

يستفاد مما سبق أن رؤية ابن حزم للفضائل تختلف عن رؤية أفلاطون وإن كان قد يبدو للوهلة الأولى من أثر لتلك الفلسفة الأخلقية الأفلاطونية على النسق الحزمي فى الأخلاق حيث إن ابن حزم يستمد أصول الفضائل من مصادرها الثابتة للقيم العربية القديمة التي اشتهرت بها القبائل العربية على مر السنين.

ويخالف ابن حزم أفلاطون فى أن الفرد الذي جهل معرفة الفضائل أن يأتمر في ذلك بالكتاب والعزيز والسنة النبوية الشريفة.إذ يقـــولــــــــ
من جهل معرفة الفضائل, فليعتمد على ماأمر بة الله تعالى ورسوله الكريم وهى تحتوي على جميع الفضائل.





أماأفلاطون فإنه يبني تلك الفضائل على أسـس فلسفية نفسية, حيث يرى أن فى الفرد ثلاثة عناصر هى: العقلي والغضبي والشهوي
يقابلهافى الدولة والحكام والمنفذون والمنتجون فالفرد الحكيم حكيم بفضلية الحكمة فى عنـصر العقلي,
وشجاع بفضيلة الشجاعة في عصره الحماسي أي الغضبي ,
وعفيف حين يسود عنصره العقلى مع القبول التام من جانب العنصرين الأخرين,
وأخيرا العدل حيث يكون الشخص عادلا حين تقوم كل هذه الثلاثة بعملها الخاص غير متداخلة فى عمل غيرهـــــا.





نواصــل

Post: #70
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 10:13 AM
Parent: #65

_____________
الأخ أحمد معتصم

أشكرك على هذه المتعة التي نثرتها هنا .. لا أخفيك بأنني شخصياً قد استمتعت بهذه القراءة وهو إثراء عظيم للموضوع . وأتمنى أن يكون الجميع قد استفادوا منه كما استفدت أنا كذلك.


Post: #71
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 10:16 AM
Parent: #70

___________
العزيز معتز (تروتسكي)

ياخي والله الواحد ما عارف يقول ليك شنو ... بصراحة إنتا و أحمد أثريتم الموضوع بمداخلات جميلة للغاية .. وكنتا جاي أواصل في البحث .. ولكني توقفت للقراءة. وأتمنى أن يكون هنالك بعد الانتهاء من هذا البحث مناقشات مستفيضة في ما ورد في هذا البحث أو في مداخلتكما .. لأنه من غير المعقول أن يمضي هذا الكلام هكذا دون نقاش ودون تمحيص.



لكما خالص المحبة والود


Post: #72
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 11:00 AM
Parent: #71

___________

نواصل : -

من الطبيعي أن المسألة الفلسفية الأساسية لا تستنفد مضمون الفلسفة ، ولا تبين كل تنوع وغنى العلاقات بين الإنسان والعالم ، بين الوعي والوجود. فجوهر الأمر هنا ينحصر في السؤال: ما هو الأولى في المعادلة المعقدة (الوجود – الوعي) ؟ ولكن بدون حل هذه المسألة يتعذر حل بقية المسائل ، لأن حل المسألة الفلسفية الأساسية يشكل بداية أي بحث فلسفي.

وليس البحث الفلسفي وحده ، فالعالِم الذي يعمل لحل مشكلة عملية معقدة كالوقوف على لغز جديد من ألغاز الكون كاكتشاف نجم جديد مثلاً يكون على قناعة بأن هذا النجم ليس ثمرة خياله ، وإنما يتواجد فعلياً بصورة مستقلة عن الوعي أي بصورة موضوعية. ولو كانت قناعته مغايرة لذلك لما شرع بتحضير الأجهزة المعقدة التي تساعده في دراسة مواقع الأجرام السماوية ولاكتفى بخياله وحده. وهكذا يشكل حل المسألة الفلسفية الأساسية مقدمة هامة لأي بحث علمي.

كذلك الفنان حين يرسم لوحة واقعية لحياة أناس ملموسين أو يطبع حشداً من الخطوط والبقع اللونية يحل هو الآخر المسألة الفلسفية الأساسية. ففي الحالة الأولى ينظر إلى العالم الواقعي المحيط به على أنه مصدر إبداعه ، مصدر كافة ألوان الإبداع البشري. أما في الحالة الثانية فيعتقد أن الشيء الوحيد الجدير بالتصوير هو حياته الداخلية: مزاجه وعواطفه والتي هي غير مرتبطة بعالم الأشياء الواقعية. ولا تقل عن ذلك أهمية المسألة الأساسية بالنسبة للسياسي ولرجل الدولة . فهل يمكن مثلاً تغيير المجتمع بمجرد التأثير على وعي الإنسان أو بتنويره وتربيته؟ أم انه ينبغي تبديل ظروف حياته؟ إن أنصار نظريات (الاشتراكية الأخلاقية) و (الاشتراكية الإنسانية) يرون أن المنطلق لإعادة بناء المجتمع هو تغيير الوعي البشري وتهذيب الإنسان. أما الماركسية التي تشكل الأرضية النظرية لبناء الاشتراكية فتعتبر أن تبديل ظروف حياة الإنسان هو الأساس الوحيد لتغير نمط تفكيره.

كما وتتبدى أهمية حل المسألة الفلسفية الأساسية إذا رجعنا إلى التيارات الفكرية في إطار العلمية الثورية العالمية. فيفترض منظرو اليسارية المتطرفة أن شعلة الثورة يمكن أن تندلع في أي مكان شريطة إيقادها ، وينطلق أنصار هذه النظرية من أن وعي الإنسان إرادته ونشاطه ، يلعب الدور الحاسم في كافة التغيرات الاجتماعية بالعالم. ومن ذلك ما يذهب إليه ماركس من أن البحث عن قوى تاريخية معينة تقوم بالثورة هو أمر لا طائل منه. فهذه القوى لا تظهر أولاً إلا في مجرى الثورة ذاتها ، ثم أن المصدر الأصيل والأساس الفعلي للتحولات الثورية هو الخيال البشري. أما الثوريون الحقيقيون فيقولون أن الثورة لا يمكن ان تنجح إلا عند توفر الظروف الاقتصادية الاجتماعية الموضوعية. ولذا يتعذر تصدير الثورة. فبرغم كل أهمية دور الإرادة أو الوعي كعامل مهم في الثورة ، فإنه بدون أساس اقتصادي واقعي يمكن لأي عمل ثوري أن ينقلب إلى مغامرة عقيمة.

وعليه فإن المسألة الفلسفية الأساسية هامة لكل إنسان ، إذ أنها تسم بميسمها حل كافة المشكلات الحيوية. وليس هذا بالأمر المستغرب فقد ظهرت هذه المسألة في مجرى ممارسة الإنسان العملية ، في مجرى استيعابه للعالم المحيط ، في مجرى معرفته للطبيعة وللمجتمع ولذاته نفسها.


<<<

Post: #73
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 11:07 AM
Parent: #72

____________

وهكذا تبين لنا أنه بدون الإجابة على المسألة الفلسفية الأساسية يتعذر المضي إلى الأمام على طريق حل القضايا الأخرى ذات الأهمية البالغة بالنسبة للبشرية. ولكن إذا كان كل فيلسوف أو أديب أو عالم أو سياسي ينبغي أن يجيب على هذه المسألة يكون من الطبيعي التساؤل ألا يتسبب ذلك في تأجيل القضايا الأخرى إلى أمد طويل أو في إبطاء وتأثر العملية الثورية وفي إعاقة تقدم الفكر العلمي؟

فعلاً إن من شأن ذلك أن يصعب وإلى حد كبير مسيرة البشرية إلى الأمام ولكن هذا لا يحدث إلا إذا رحنا نفتش في كل مرة على حدا عن البراهين الدالة على صحة هذا الحل أو ذلك. بيد أن الثقافة البشرية تتطور على نحو مغاير! فالأشياء المكتشفة ذات مرة تتجمع في رصيد الخبرة البشرية : في الكتب والتصميمات وأدوات العمل والآلات والعادات والتقاليد. وهذا كله يصح تمام الصحة على المسألة الفلسفية الأساسية أيضاً. فمنذ أمد بعيد بين مجمل الممارسة البشرية والعالم والنشاط الثوري السياسي ، وكل مجرى التاريخ أولوية الوجود أو العالم الواقعي ، حيال العالم الروحي ، أو الوعي فقط بالاستناد إلى العلم بالقوانين الموضوعية يمكن تحوير العالم المحيط بنا ، وتغيير الطبيعة وفقاً لأهدافنا وإعادة بناء المجتمع ، وهذا ما تبينه خبرة أكتوبر الاشتراكية العظمي في الاتحاد السوفيتي وتجربة البلدات الأخرى التي تبنت الاشتراكية. فإن تناسي الظروف الفعلية وطرح المرغوب شيئاً واقعياً إنما يؤديان إلى القضاء على التحولات الثورية.

ولا تقل شأناً عن ذلك شهادات العلم فيما يخص أولوية الوجود أو الطبيعة فبالاعتماد على الأبحاث المعاصرة يمكن القول أن نفسية الإنسان والحيوان لا يمكن أن تقوم بحد ذاتها ، وانها مرتبطة بالعمليات الجارية في الدماغ ، فقد بينت تجارب العالم ديلغادو أنه بواسطة الالكترودات المزروعة في الدماغ يمكن مساعدة الذاكرة على استعادة أمور منسية ، واستثارة أحاسيس معينة أو هلوسات مديدة(. وثمة ارتباط وثيق بين مضمون أفكارنا ومشاعرنا وبين الواقع المحيط. فكل ما يشكل عالمنا الروحي إنما يتكوّن بنتيجة التجربة والخبرة بفضل الاحتكاك مع العالم الخارجي. وكما يبرهن علماء النفس فإنه حتى الأحلام مهما بلغت من الخيال فهي إنما تضرب جذورها في الحياة الواقعية.


_________

(المجلة العلمية – العدد 1054 ص 35

Post: #74
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 11:58 AM
Parent: #73

___________

إذاً يمكننا أن نقول أن المسألة الفلسفية الأساسية لم تعد اليوم مشكلة معقدة وعصية يتعثر بها كل فيلسوف فالمسألة الفلسفية الأساسية محلولة إجمالاً وذلك لصالح أولوية العالم الواقعي على الوعي. ولذا فإنه عند افجابة على مسألة أولية الروح أو الطبيعة لا يترتب على الفيلسوف المعاصر جلب كافة البراهين والحجج الدالة على ذلك. فمادية العالم - كما قال آنجلس - لا تبرهن بعدد من العبارات المشعوذة وإنما بالتطور الطويل والصعب للفلسفة والعلوم الطبيعية.

وقد يبدو للوهلة الأولى أنه طالما كانت المسألة الفلسفية الأساسية محلولة انتفى الخلاف بين الفلاسفة ، فهم جميعاً متفقون عليها. غير أن الأمر أكثر تعقيداً. وهنالك قول مأثور: "لو مسّت المسلمات الهندسية مصالح الناس لرفضوها" فكيف بالمسألة الفلسفية الأساسية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمصالح الحيوية للإنسان ، وليس الإنسان المفرد وحده ، بل والجماعات الكبيرة – الطبقات. وهنا أتذكر قول لينين بأنه لا يمكن قيام علم اجتماعي لا مبالي في مجتمع مؤسس أصلاً على الصراع الطبقي. فإن توقع علم لا مبالي في مجتمع العبودية المأجورة لهو من السذاجة مثل توقع لا مبالاة أصحاب (الفبركة) حيال مسألة ما إذا كان ينبغي زيادة أجر العمال بتخفيض ربح رأس المال.

وتبعاً للإجابة على المسألة الأساسية بهذا النحو أو ذاك يمكن اتخاذ القرار بضرورة إعادة بناء المجتمع بناءً ثورياً أو تعذر ذلك. إذ يمكن الإسهام في النضال من أجل السلام أو التسليم بحتمية الحروب الجديدة. يمكن النضال في سبيل القضاء على الأمراض والآلام الجسدية أو ازدراء الجسم البشري باعتباره غلافاً مؤقتاً للنفس لا داعي للاهتمام به. ولذا فإنه بالرغم من أن نجاحات الممارسة البشرية كلها قد أكدت أولوية العالم الموضوعي (المادة) على الوعي فإنه لا تزال تصادف إجابات معاكسة على هذه المسألة تتناقض مع الإنجازات العملية ، ولكنها تستجيب لمصالح اجتماعية معينة. ولهذ يجب العودة دوماً إلى المسألة الفلسفية الأساسية والبرهان مجدداً على ما سبق إثباته منذ أمد بعيد. ولهذا أيضاً – وتبعاً للإجابة على المسألة الفلسفية الأساسية ينقسم الفلاسفة إلى معسكرين كبيرين (ماديين) و (مثاليين) وقد أطلق لينين على الخط المادي اسم (خط ديمقريطس) وعلى الخط المثالي اسم (خط أفلاطون).


<<<

Post: #75
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 12:27 PM

__________

المثالية والمُثل:

إن الفلاسفة كلهم ماديون أو مثاليون أولاً. ومن ثم وجوديون أو فرويديون أو توماويون أو وضعيون أو ماركسيون. فيرى الماديون أن المادة أو العالم المحيط أو الطبيعة أو الوجود (وهي كلها مفاهيم متقاربة المعنى) كانت موجودة قبل ظهور الإنسان ذو الوعي وأنه بعد ذلك فقط وفي مجرى تطور الطبيعة ظهرت الكائنات الحية من نباتات وحيوانات ومن ثم الشر.

إذاً فلنحاول أن نحدد بصورة أدق ما هي المادة؟ إن المادة هي ما يوجد خارج وعينا بصورة مستقلة عنه وما كان موجوداً قبله. أي أنها ما يوجد وجوداً موضوعياً. والمادة لم تخلق ولا تفنى فهي سرمدية ولا متناهية والإنسان في مجرى أي نشاط وعلى امتداد حياته كلها يحتك بالمادة عندما يعمل أو حتى عندما يتمتع بجمال الطبيعة. وجسم الإنسان مادة أيضاً ، فظهوره وتطوره ووظائفه لا تخضع خضوعاً كلياً لإرادة الإنسان مهما رغب في ذلك. وفي مجرى تفاعل الإنسان مع العالم المادي فإنها تؤثر حتماً عليه وعلى مشاعره وعقله وإرادته. وبذلك لا يتوقف على المادة ظهور الوعي فقط بل ومضمونه أيضاً ، فكل ما يعرفه الإنسان مأخوذ من العالم المحيط. هذا هو رأيي الماديين.

أما المثاليون فيفهمون علاقة الروح والمادة على نحو آخر. فهم يرون أن العالم أو الطبيعة أو الناس ككائنات جسمية هي إنما نتاج لروحٍ ما ، وتحقيق لغرض كائن ما ، أو لإرادة طيبة أو شريرة. وكما أن البنّاء constructor يشيّد المبنى وفقاً لمخطط مسبق فإن العالم كله والإنسان نفسه مجرد تجسيد لمخطط عظيم وضعه مهندس خفي وجبّار.

وعليه فإن الماديون يذهبون إلى أن المادة أولية وأن الروح أو الوعي ظهر منها ، في حين يقول المثاليون أن العالم المحيط كله نتاج نشاط الوعي. وإلى هذا الحد يبدو أن الأمور والفروقات بين التيارين واضحة. ولكن تجربة البشرية : ماضيها وحاضرها تبيّن أن فهم هذين المصطلحين مشوب بالتخبط والبلبلة. فأحياناً ننعت شخص بأنه مثالي ونعني بذلك أنه ذو تطلعات وأهداف ومُثل سامية ونبيلة أو نعني أنه غني روحياً. ولا يخلو الأمر من أن يخالط هذا الفهم شيء من السخرية بحيث يبدو المثالي غارقاً دوماً في الأحلام. مبتعداً عن الحياة الواقعية الفظة التي تحطم المثل الرفيعة بدون شفقة أو رحمة.

وبالمقابل يتبدى (المادي) شخصاً يبحث فقط عن المال بأية وسيلة أو شخصاً فقير المعنويات لا يؤمن بفضيلة أو جمال. ولا يُعنى إلا بتلبية متطلباته البهيمية. ولذا تكون للمادي كافة المثالب والعيوب البشرية. وحتى فيورباخ الفيلسوف المادي لم يتمكن من تذليل القناعات المسبقة فيما يخص كلمة (مادية) فقد خلط بين المادية كرؤية عامة للعالم وبين فهمها المبتذل على يد الفلاسفة في عصره مثلاً. فنجده يقول: "إذا رجعت إلى الوراء أكون كليةً مع الماديين ، وإذا سرت إلى الأمام لن أكون معهم."(9)



_____________

(9) (نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية) – كتاب قديم جداً والغلاف منزوع والكاتب غير معروف لدي – ص 286


Post: #76
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-03-2006, 12:32 PM
Parent: #75

___________

ومن الطبيعي أن (مادياً) كهذا لا يمكن أن يروق لأحد ، وإن كان البرجوازي طيب النوايا نفسه لا يتذكر الفضيلة والمحبة والمساعدة إلا عندما يشهر إفلاسه. ولذا نجد المثل العربي القائل (عندما يفلس التاجر .. يراجع دفاتره القديمة) أما في الظروف العادية فإنه وإن كان يرفع أسمى المثل قد يفعل بالسر ما يدينه بالعلن. ثم أن حياة المجتمع البرجوازي المعاصر تقدم لنا ما يكفي وأكثر من الأمثلة التي تؤكد هذه الفكرة. فالفساد الفظيع المنتشر بين كبار موظفي الدولة والتمييز العنصري سواء السري أو حتى العلني الذي تشجعه السلطات بصمتها ، يترافقان بإدعاء الذود عن حقوق الإنسان.

فكيف ينظر فعلاً المادي والمثالي كممثلين لفلسفة معينة إلى الخير والعدالة والنضال من أجل مستقبل أفضل للبشرية؟ إن الإجابة على هذا السؤال يتطلب أولاً التوقف عند السمات العامة للفلسفة المادية



<<<

Post: #77
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-04-2006, 05:47 AM
Parent: #76

يعنى نستطيع ان نلخص المبادئ العامه للديالكتيك النقاط التاليه:-

1. كل شى متداخل متشابك مؤثر ومتاثر بكل شى اخر؛ وذلك على خلاف المنطق الشكلى والفلسفة الميتافيزيقية اللذين يعزلان الاشياء عن بعضها البعض.
2. ان كل شى فى حالة تغير وحركة وصيرورة؛ وهذا خلاف النظرة السكونية الثبوتية التى تتبناها ((الفلسفة الشكلية والميتافيزيقية)).
3. ان كل التغيرات الكيفية هى نتيجة لتغيرات كمية ؛ كما انها كذلك تؤدي الى احداث تغيرات كمية؛ والتغيرات الكيفية تتم فى شكل طفرة..الا ان هذه الطفرة لاتُحسب بالزمن فقد تتم فى دقائق وقد تستغرق السنوات .
4. التناقض هو نسيجالاشياء ؛ فكل شى يحتوى بداخلة على جانب ايجابى وجانب سلبى؛ هناك فى كل شى جانل ينمو وجانب اخر يموت..هذا المبدا هو جوهر الحركة الديالكتكية كلها.
5. اما المبدا الاخير الذى نستطيع ان نصل اليه هو مبدا ((النفى)) الذى يحدد مسار العلمية الديالكتكية ؛فهناك الموضوع ثم هناك نقيض هذا الموضوع او نفية ؛ثم هناك نقيض هذا النقيض او نفي النفي ..
مثلا:- ((النظام الراسمالى هو نفى لنظام الاقطاعى ؛والنظام الاشتراكي هو نفى للنظام الراسمالى ؛اى نفى النفى..
• والنفى فى هذا المبدا لايعنى الالغاء وانما يعنى التجاور والتخطي اى الانتقال الى مستوى ارقى مع الاحتفاظ بكل ماهو متقدموايجابى والتطور به .
Finish

----------------------------------

Quote: 4. التناقض هو نسيجالاشياء ؛ فكل شى يحتوى بداخلة على جانب ايجابى وجانب سلبى؛ هناك فى كل شى جانل ينمو وجانب اخر يموت..هذا المبدا هو جوهر الحركة الديالكتكية كلها.

عزيزى هشام من خلال تلكم النقطه تذكرت فى السابق قد قمت بكتابة هذا البوست .المنطق والكون بُني على التناقض...
وكنت اريد ان اصوغ فيه فهم معين بدلائل سياسيه من خلال علم المنطق والفلسفه كثيرون لم افهم مايعنى وراحو يصغون التاليف على مزاجهم..
عموما ساعود لبعض المفاهيم التى يجب ان تُعرف من خلال باب حديثك بخصوص عموميات الفلسفه والعلم ومايقع بينهما..

وماشين فى السكه نمد...

التحايا النواضر

Post: #78
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-04-2006, 01:03 PM
Parent: #77

__________

العالم من منظور مادي

إن الفيلسوف حين يعمل لتفسير العالم يصطدم قبل كل شيء بما فيه من تنوع كبير. ففي هذا العالم أجرام سماوية عملاقة وبالتأكيد فليست الكرة الأرضية هي أكبرها ، كما أن في عالمنا توجد أيضاً دقائق صغيرة تتعذر على العين رؤيتها هي الجزئيات والذرات والجسيمات الأولية. وتحيط بنا الطبيعة غير الحيّة من جبال ومياه وغبار وأرض ..إلخ وجملة من الكائنات الحية ويعيش الإنسان في بيوت ويركب الباصات ويستقل الطائرات والقطارات ووسائل النقل المختلفة وهذه الأشياء كلها من صنع الإنسان نفسه. ولكن الإنسان يرى حوله دوماً ظواهر ليست من صنع أحد. فقد كانت موجودة قبل ظهور الإنسان فهل ثمة وحدة تجمع بين هذه الظواهر المتباينة والمتنوعة كلهاظ إن الإجابة على هذا السؤال له أهمية كبيرة.

وبالفعل فإذا كان العالم حشداً عشوائياً فإن الإنسان يكون فيه ضائعاً كريشة في مهب الريح (كما يقولون) وإذا لم يكن ثمة انتظام في الكون ، ثمة قوانين ، يكون من المتعذر فهم كيف ظهرت الأحياء وكيف نشأ الإنسان العاقل. وعندئذ تكون المادية نفسها موضع تساؤل إذا لم يكن بوسعنا معرفة كيف ظهر الوعي البشري من المادة فقد يطرح احتمال أنه لم ينشأ عنها أصلاً ، وإنما كان موجوداً بصورة مستقلة عنها. ولذا فإن مسألة وحدة العالم والقوانين التي تربط العالم في كلٍ واحد هي مسألة لا يمكن للمادي تجاهلها.


<<<

Post: #79
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-04-2006, 01:10 PM
Parent: #78

____________

إن التصورات حول وجود قوانين عامة في الكون كانت أول الأمر مجرد تخمينات وتنبؤات. وقد سبق للفلاسفة الماديين أن حاولوا رصد هذه القوانين فنجد مثلاً هيراقليطس صاغ ارتباط الظواهر الشامل في صورة أسطورية فقال بأن العالم واحد لأنه يقوم في صلبه شيء واحد هو النار ، التي تشتعل بمقدار وتنطفئ بمقدار. وذهب طاليس إلى أن الأساس الأول للعالم هو الماء ، وقال اناكسيمنس أنه الهواء. وكان ديمقريطس أكثرهم اقتراباً من الفهم الصحيح لبنية العالم فطرح الذرات أساساً أولياً للعالم.

وقد قال ماركس في معرض حديثه عن آراء أوائل الفلاسفة الماديين فقال: "أمامنا ترتسم بشكل كامل المادية العفوية البدائية التي كان من الطبيعي تماماً وهي في المرحلة الأولى من تطورها أن تعتبر أن الوحدة في التنوع اللامتناهي لظواهر الطبيعة مر بديهي بحد ذاته، وأن تفتش عنها في شيء جسمي ملموس ، في شيء فردي فوجدخا طاليس مثلاً في الماء" (10)

إن العلم الحديث يثبت صحة تخمينات قدامى الماديين حول وحدة العالم ويهذبها ويعدلها ليحولها من فرضيات ساذجة إلى حقيقة يقينية. فقد اكتشفت القوانين التي تتحكم في حركة الجزئيات والذرات والكائنات الحية والأجرام السماوية. ثم إن وجود العلم نفسه يأتي دليلاً على وحدة العالم. فالعلم يدرس دوماً الشيء العام : الثابت والمتكرر في كافة العمليات والظواهر.

وليس العالم من وجهة نظر المادي واحداً في تنوعه فقط. فليس له أيضاً حد ولا طرف ولا نهاية سواء في الزمان أو المكان. فإذا تصورنا أن العالم في وقت معين مضى منذ أمد بعيد ، لم يكن موجوداً فلم يكن الإنسان والحيوانات ولا الأشجار والنباتات، لا الماء ولا النار حتى ولا ذرة صغيرة من المادة ، فإن هذا يعني أن العالم ظهر من العدم. وإذا كان العالم سيزول في وقت ما لا كوكبنا فقط بل وكافة الأجرام السماوية فإن هذا يعني أن العالم سيذهب إلى اللاوجود أي إلى العدم. ولكن افتراض كهذا إنما يتناقض تناقضاً كبيراً مع القوانين الأساسية للعلم الحديث أقصد قوانين حفظ المادة. وقد عكست هذه القوانين حقيقة كون ظواهر العلم المادي كلها لا تختفي بدون أثر ولا تظهر من عدم. وعندئذ يترتب على أنصار محدودية المادة استخدام الحجة الوحيدة المتبقية : وهي أن تكون مسألة ظهور العالم من العدم هي عبارة عن معجزة miracle ، والمعجزة – كما هو معروف – تخل بمجرى الأشياء الطبيعي ولا تقبل التفسير طبعاً. ولكن المعجزات لا تحدث بحد ذاتها حتى في الأساطير. فالمعجزة تكون دوماً من صنع قوة جبارة يمكن أن تفعل على الضد من الطبيعة أي ضد المادة، وعليه فإن هذه القوة غير مادية ولكن ليس في العالم غير المادة والوعي.

وهكذا فإن موضوعة محدودية المادة تؤدي حتماً إلى المثالية ، أي إلى القول بأن مصدر ظهور وتطور المادة والقوانين التي تتطور وفقاً لها هي روح ما ، أو إله. وفي ضوء هذا يمكن القول أن المادية الحقة المتسقة متعذرة بدون التسليم بوحدة العالم وسرمديته ولانهائيته.

ولكن ألا يشعر الإنسان في عالم كهذا بالوحدة القاتلة؟ بالتفاهة وهو يجابه السرمد؟ هذا هو بالتحديد ما قصده وليم جيمس حين نعت المادية بأنها رؤية كئيبة للعالم ، وأنها ثقيلة وكابوسية. فالإنسان طبقاً لهذا الزعم يحس بنفسه مجرد حلقة صغيرة تافهة في السلسلة اللامتناهية لارتقاء الطبيعة ويشعر بعجزه عن الإفلات من أسر الضرورة. فهل ثمة أساس لمثل هذا الاتهام – إن صح التعبير – بحق المادية؟



________
(10) (ديالكتيك الطبيعة) آنجلس – ص 502

Post: #80
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-05-2006, 05:11 AM
Parent: #79

هشام آدم
عزيزى
ساعود لاحقا لالقاء بعض الضؤ على (تاريخ الفلسفة)

Post: #81
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: احمد معتصم الطيب
Date: 06-05-2006, 07:47 AM
Parent: #80

الاخ هشام

متابعة وقراء بكل هدو
وصاحبي معتز مامقصر تب الله يدى العافية ويديك أنت كمان

Post: #82
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-05-2006, 03:41 PM
Parent: #81

__________

الصانع العظيم والساعة الكبيرة

الإجابة على السؤال السابق هي: نعم. ولا في نفس الوقت. كيف؟ ذلك أن المادية ليست تياراً واحداً متجانساً فثمة ألوان عديدة وأشكال متنوعة منها. وإن تطور العلم والثقافة والسياسة والاقتصاد ، حتى والأذواق الشخصية تترك بصماتها على طابع الفلسفة المادية. فكافة الاتهامات التي وجهها المثاليون للفلسفة المادية سواء في الماضي أو في الحاضر لا تمس إلا شكلاً واحداً من أشكال الفلسفة ألا وهي المادية الميكانيكية .


لماذا سميت هذه المادية كذلك؟ في الوقت الذي ظهر فيه هذا الشكل من المادية كان الميكانيك هو العلم الوحيد المتطور حقاً والمعروف أن أياً منّا يميل للمبالغة في إنجازاته ونجاحاته وليس هذا أمراً لإنسان بمفرده بل وللبشرية كلها.


وفي الحقيقة كان العلم آنذاك لا يزال في المهد. وكان لا يزال في بداية مساعدته للإنسان في العمل والحياة ، عندما اعترف الميكانيك الأساس الممكن الوحيد لمعرفة الظواهر. وكان ممثلو المادية الميكانيكية يرون أن قوانين الميكانيك عامة. تتحكم في تطور الأحياء وغير الأحياء على السواء. وكان ينظر إلى الأحياء على أنها أشبه بالآلات ، حتى وزعم البعض أن الحيوان كأية آلة لا يحس بالألم. والإنسان نفسه كان يتبدى لهؤلاء الفلاسفة مجرد آلات معقدة للغاية. وأكبر دليل على ذلك نجده في نظرة لامترى الذي ألّف كتاباً كاملاً أسماه (الإنسان الآلة).



<<<

Post: #83
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-05-2006, 03:43 PM
Parent: #82

___________

وعلى هذا النحو يبدو العالم كله ساعة كبيرة ولكن الساعة - كما هو معروف – تحتاج إلى ربط. فمن هو ذلك الصانع الكبير الذي ربطها؟ وبعبارة أخرى : كيف يفسر ظهور الحيوان والنبات ومن ثم الإنسان؟ فقد كان من الصعب إعطاء إجابة صحيحة على السؤال اعتماداً على قوانين الميكانيك.



ففي الميكانيك تبدو الأمور سهلة: ادفع كرة البلياردو فتتحرك حتى تتوقف أو حتى تدفع من جديد. فالفلاسفة الماديون الميكانيكيون كانوا يرون في العالم أمراً مماثلاً لهذا المثال. بمعنى أنه يكون هناك كائن ما أعطى للساعة الدفعة الأولى فراحت تعمل بدون توقف حتى اليوم. ولكن (الساعاتي) الوحيد الممكن هنا هو مبدأ غير مادي . أي مبدأ روحي متعالِ.



<<<

Post: #84
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-05-2006, 03:44 PM
Parent: #83

___________

وهكذا فإن المادية الميكانيكية ليست مادية متسقة فهي في حلها لمسألة أصل التغيرات في العالم حتى وأصل العالم نفسه تعوّل أحياناً في نهاية المطاف على مبدأ روحي أو بعبارة أخرى على الإله. ذلك الموقف المعروف بالديئية. ماذا تعني الديئية؟ الديئية هو مذهب أو تيار يقول بأن الإله هو العلّة الأولى للعالم ولكنها تذهب إلى أن الإله بعد ربطه لساعة الكون لا يتدخل لاحقاً فيها وإنما يتركه لحاله. ومن الفلاسفة الديئيين جون لوك الذي يرى في المادة كتلة جامدة هامدة وميتة ليس بوسعها أن تتحرك إلا بتدخل خارجي. ويرى غاسندى صاحب المذهب الذري أن الذرات مخلوقة من قبل إله واحد متعالٍ على الطبيعة والكون ترك العالم فيما بعد ليتطور من تلقاء نفسه.



<<<

Post: #85
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-05-2006, 03:46 PM
Parent: #84

______________

ولكن هذه النظرة إلى الكون لم تكن لتجيب على مسألة ما هو الوعي وكيف ظهر عقل الإنسان ومن أين أتت ملكة التمتع بالجمال ومن أين جاءت مشاعر تأنيب الضمير (مثلاً) وأحاسيس الحب. وقد قدم المفكرون الميكانيكيون تفسيرات مختلفة لهذه الظاهرة.



فمنهم من اعتبر الفكر نسفه شيئاً مادياً عيانياً ملموساً. فالدماغ يفرز الفكر مثلما يفرز الكبد المادة الصفراء. وقد يبدو هذا الموقف للوهلة الأولى بالغاً في اتساقه ، ولكن يبقى غامضاً تماماً لماذا توجد في جسم الإنسان وظيفة كهذه أي وظيفة توليد أو فرز الفكر؟ ومن هنا راح فلاسفة ميكانيكيون آخرون يقولون بأن المعرفة أو الفكر شيء إضافي يلازم أو يرافق حركة الآلية المنتظمة ألا وهي الجسم البشري وهي غير إلزامي بالضرورة. وهنا أيضاً يتجلى عدم اتساق المادية الميكانيكية. والمادية ترى أنه لا يعتبر المادي مادياً متسقاً إذا كان يقول أنه لا يوجد شيء في العالم إلا المادة ، ويعتبر النفس البشرية - التي يتعذر تسميتها بالمادة – أمراً تافهاً لا قيمة له. فعلى المادي المتسق أن يفسر أيضاً وجود الأفكار والمشاعر والرغبات البشرية بوصفها حصيلة قانونية وضرورية لتطور المادة.



وهذا بالذات هو ما لم تتمكن المادية الميكانيكية من فعله. فليس لقوانين الميكانيك أن تكون أداة صالحة لتفسير الإنسان ككائن واعٍ مفكر قادر على طرح الأهداف وتحقيقها. إن التصور عن وحدة العالم في الفلسفة الميكانيكية يفتقر إلى إدراك أن العالم واحد ، ولكنه واحد في تنوعه ولذا فإن لوحة العالم التي يرسمها الميكانيكيون هي لوحة أحادية اللون ، رمادية ، سرعان ما تنشطر إلى مبدأ خارجي فعال وإلى مادة سلبية خاملة واحدة.

Post: #86
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-05-2006, 03:52 PM
Parent: #85

________
الأخوة والأخوات

في الحقيقة هذا البحث
طويل جداً .. وما تم قوله
لم يتجاوز منتصف البحث

إذا كان الموضوع يلاقي متابعة
من قبل البعض أرجو إفادتي بذلك
حتى ادخر جهدي في شيء آخر إن لم
يكن ثمة متابعين له ..

لوكم فائق مودتي والتحية

Post: #87
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-05-2006, 11:24 PM
Parent: #86

ابو الشوش..
ماعرفت كلامك اعلاه اانت بنية التوقف ولا الحاصل شنو؟؟
ياسيدى انت اكتب لمن يكون عندك احساس الكتابه ماهى الشغالانه الا تنتظر الاجر لانو اساسا مافى زول جابرك على ذلك لو انت واضع بانو القيمه المعرفية التى تقدمها لابد من تقيمها بين يوم وضحها..تلقى غلطان
انا شخصيا كمثال قريب منك بعمل لى بوستات بخربش فيها ومع بعض المشاركات لللاخرين فارجوك اخرج نفسك من هذه النفق بان لاتحسسس دربك الا فى وجود عيون للاخرين تضئ لك ..
صحيح نحتاج للتقيم من الاخرين لكن ليس بدرجه ان يعرقل كل شى ويدعنا نتوغل فى الاحباط المفرط..
كثير من الحالات تتابع ماتكتبه ؛اعلم ذلك ونحن ياهو وصديقى (ابوحميد) بنساعد بقدر المُتاح..
فلو احبت التوقف عموما لك ماردت ؛فانا ذاتى بكابد عشان اسجل حضور بالذات فى المواضيع التى تحتاج الى جهد زهنى لذا اصبحت الجا الى البوستات الخفيفه..
عزيزى هشام ...
عموما الى ان ينجلى الموقف انا ذكرت لك سابقا بان لي مداخله عن (تاريخ الفلسفه) ساقوم بانزلها لاحقا..
الى ذاك الحين قيل بعافية

والتحايا النواضر..

Post: #88
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-06-2006, 12:39 PM
Parent: #87

للولوج لتاريخ الفلسفة لابد من التطرق بعض الشى عن (هيجل) الذى يعتبر اخر فيلسوف من اصحاب المذاهب الكبرى ؛حيث تعتبر فلسفته مصدار مهما لاغلب النظريات والمذاهب التى تصارع بها الافكار حتى يومنا هذا وخاصة الماركسية والوجودية ..
وقد يرجع هذا الى الطابع المزدوج لفلسفة هيجل نفسها التى يُطلق عليها بالمثالية الموضوعية ؛فهى مثالة من ناحية المذهب ؛وموضوعية من ناحية المنهج...
حيث ان هذا المنهج هو مايعرف بالمنهج الجدلي الذى اتخذه ماركس وانجلز منهاجا لمذهبهما الفلسفى واقاماه على قدمية بعد ان كان يقف على راسه فى فلسفة هيجل ..
نلخص جوهر فلسفة هيجل ((بالفكرة المطلقة)..
وتتميز هذه الفكرة بالطابع الجدلي (الديالكتيك..) حيث نجدها فى صراع داخل ذاتها؛نجد ان النتيجه الحتميه لهذا الصراع الداخلى الاوهو دفعها الى التحرك والتغير والتغرب عن ذاتها والانتقال الدائم الى نقيض هذه الفكرة المطلقه حيث تمر بى 3 مراحل..
المرحلة الاولى : مرحلة خالصه التجريد والاطلاق...الخ
المرحلة الثانية : مرحلة تعبير الفكره المطلقه عن ذاتها عن طريق نفى ذاتها ..الخ
المرحلة الثالثه : مرحلة نفى النقيض هذا ..الخ

عموما ملخص هذا بعد جهد يكمن فى ما الفه ((هيجل)) بخصوص علم الفلسفة
1- المنطق الكبير
2- فلسفة القانون
3- موسوعة العلوم الفلسفية
4- فينولوجيا الروح
5- الفرق بين النسق الفلسفى عند نيتشه وشيلينح..
6- وبعض الكتب (روح المسحية ومصيرها –حياة المسيح – حياة ابراهيم –الايمان والمعرفة)...الخ



* يبقى الزول بالجد محتاج مراجعات مثل هذه لان اغلب ما مرى علينا غد طرقه النسيان عزيزى هشام واصبح مانخطه من طرف الذاكره التى اصبحت لاحول ولا قوة لها ولانعمل ماذا يحدث مستقبلا


*عزيزى هشام ذكرت فى محضر حديثك كلمتين متعلقات بمشروع االعلم والفلسفة
كا (الفكـــر) و (الوعــى)..
ياريت لو نبدا فى التحدث عنهما ليكتمل البحث ..
عموما ساتطرق لهما بعد ان اخلص من بعض المداخلات بخصوص تاريخ الفلسفة..

Post: #89
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-08-2006, 03:54 AM
Parent: #88

تاريخ الفلسفة..

كمدخل للتعرف للتاريخ فى حد ذاته نجد بان التاريخ هو عرض منظم ومكتوب فى الغالب للاحداث المتعاقبة وانه لايسجل الاحداث الماضيه فحسب باعتبارها مراحل فى طريق تقدم البشريه ؛وانما يحاول الكشف عن اسبابها وبيان ومابينها من ترابط وتداخل بحيث تشكل قصة واحده..
لكن السؤال الذى نجده شغل اذهان المفكرين منذ اقدم العصور هو عين القوة الدافعه فى سير التاريخ؛ او بصيغه اخرى وعبارة اخرى ((هل النظم الاجتماعية وليدة الصدفة او نتيجة مترتبه على اسباب خفية ولكنها قوية؟..
وكذلك كان السؤال الاخر الذى واجه اؤلئك المفكرين ((هل فى الامكان تغير هذه النظم الاجتماعية؟ وبمعنى اخر : هل يصنع الناس تاريخهم او انه مفروض عليهم بفعل قوى خارجيه؟ ((هذا يقودنا الى الديالكتيك))..
نجد بان هناك تفاوت فى الاجابة كما تباين اسلوب معالجة موضوع التاريخ...
فثمة مدرسة من المؤرخين وضعت اكبر التاكد على الفرد على الفرد بصفته القوة المحركة ؛ او احدى العلامات الفاصله فى طريق التقدم ؛ومن هنا نبتت فكرة ((البطل - hero)) الذى يخلق الاحداث او يتحكم فيها على سبيل المثال:
(يوليوس قيصر – مارتن لوثر – نابليون – نلسون – لويس الرابع عشر – بسمارك -المهدي وو الخ)..
هؤلاء نجدهم صنعوا التاريخ ووجهوه الوجهة التى ارادوها ...
مثل هذه النظرية فيها انكار وتجاهل لفعالية المجتمعات البشريه ككل وتهبط بها الى مرتبة السوائم او الالات غير العاقلة..


نواصل....

Post: #90
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-08-2006, 06:09 AM
Parent: #89

كذلك نجد ان نظرية اخرى تنسب الاحداث ونشؤها وتطورها الى قوى خارجية عن حدود البشر ؛حيث لاسلطان لهؤلاء عليها وهذه هى نظرية القدر او الجبرية ؛ومعناها ان التاريخ نتيجة قوى تؤثر فى المجتمع ولكنها خارجه عن هذا المجتمع ولعل هذا التصور كانت له الغلبة فى المجتمعات البدائية وقبل قيام ((العلم)) حيث كان الاعتقاد السائد ان القوى الطبعية الخفيه هى العامل الحاسم فى كل مايصيب الناس...
وتمشيا مع هذه المفاهيم كانت تُجرى دراسة التاريخ على انه مراحل تكاد كل منها تكون مستقله عن غيرها؛السابق عليها واللاحق لها...
ثم ظهرت مدرسة ابرز ممثليها ((تين وتوكفيل)) كانت نظرتها اعم واشمل نسبيا فراحات مثلا تصف الصلات التاريخية التى تربط بين مراحل متعاقية من تطور المجتمع كان تتبع مثلا التعاقب السببى او العلى للاحداث والذى ادى منذ قيام الاقطاع فى اروبا خلال العصور الوسطى ؛ الى (النظام البائد) الذى ساد فى اواخر القرن الثامن عشر ؛ومن الاخير الى الثورة الفرنسية..

عيوب هذا المنهج:
نواصل....

Post: #91
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-08-2006, 01:47 PM
Parent: #90

عيوب هذا المنهج:

نجد ان عيب هذا المنهج فى البحث ؛وان كان يعتبر تقدميا بالقياس الى مناهج تقدمته ؛حيث انه فى عرضه للاحداث لايدل على المنطق الداخلي الذى يحكمها فى هى تذكر كمجرد حقائق فقط وليس كمسالة ضرورة....
ومن هنا اخفق ذلك المنهج فى ان يبين مثلا ان عمليات من قبيل نشؤ الاقطاع من القبيلة البدائية او نمو المجتمع البرجوازى فى داخل النظام الاقطاعي ؛لابد منربطها بتغيرات كامنه فى منطق المرحلةالسابقه على كل منها...
وفضلا عن هذا فقد شدد المؤرخون والباحثون على دور الفكر المجرد فى سير التاريخ وهذه نظره نجدها مستمده من ((الفلسفة المثالية)) ولاتختلف فى جوهرها وفى التحليل الاخير عن نسبة التطور الاخير عن نسبة التطور التاريخى الى قوة عليا مثل ((المطلق)) عند ((هيجل)) او ((اليد الخفيه)) عند ((ادم سميث))..

نواصل..

Post: #93
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-10-2006, 02:34 AM
Parent: #91

النظرية الثانية:
نجد ايضا بروز النظريه المعروفة باسم ((المادية التاريخية)) او ((التفسير المادي للتاريخ)) فى القرن التاسع عشر ويرجع الفضل فى وضعها فى صيغتها العلمية الى ((ماركس)) و ((انجلز))..
وتكمن اهمية النظرية الجديدة فى انها اثبت انه لاوجود لقوة خفية وغير بشرية تحكم سير المجتمع ؛واظهرت ان الناس هم الذين يصنعون تاريخهم ؛وبهذا مهدت السبيل الى فهم التاريخ بوصفه عملية طبعية لاتتطلب تدخلا من الخارج فى سيرتها...
ولكن الناس لايصنعون تاريخهم بطريقة تعسفية وانما يفعلون هذا على اساس الظروف المادية الموضوعية التى ورثوها من الاجيال السابقه ؛ومعنى هذا انه لامحل لنزعات التطوع والاختيار او للنزعات الذاتية وانما التاريخ ((عملية تحكمها قوانين طبيعية))..
وفقا لهذه النظريه فانه نجد بان الانسان منتج اجتماعي لوسائل عيشه ؛ والانتاج الاجتماعي يتضمن علاقات اجتماعية معينة تتوقف صفتها على درجة تطور القوى الانتاجيه الاجتماعية...
كذلك نجد بان هذه العلاقات الاجتماعية تشكل البنيان الاقتصادي للمجتمع والذى يقام فوقه بنيان علوي من الانظمة والموؤسسات السياسية والقانونية ؛ومن الافكار واساليب الفكر ...

نواصل..

Post: #94
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: عشة بت فاطنة
Date: 06-10-2006, 04:10 AM
Parent: #93

هشام سلام
البوست مهم
والفلسفة مجال غني وكثيف وتحتاج لافق معرفي
وحتما حانستفيد من قرآءاتك لو اتفقنا أو
أختلفنا أول مرة أرد على بوست من غير ما
أتمكن من اكماله
والسبب انت أخي هشام حرمتني من هذا الرحيق ؟؟
فارجو أن تكبر الخط شوية وراعي ناس العمي وعلى
قول ترباس راعي عامل السن
سالتك بعض الاخوات عن التطرق للفلسفة الاسلامية أو
فلسفة العرب وانا عندي راي في أن طرح الفلاسفة
العرب يجب أن تكون بعد اليونان والغرب ، حتي يسهل
الفهم والتقييم،
لان معظمهم بنوا فلسفتهم على سقراط وارسطو
ا وقرآءت مثل المجستي والورائيات ، ليس أستهانة
بابن سنيا أو الفاربي وغيرهم وليس كثير بل لارتكازهم
على الفلاسفة اليونان حتى أبن رشد على اتساع افقه
أعجب كثيرا باليونان ، ولذلك كان كتاب الغزالي تهافت
الفلاسفة الذي رد عليه ابن رشد بتهافت التهفات .. ولكن
أرى أن يكون المرور على شط آخر أو بحر تأجل عبوره طويلا
، طالما أهمله طالبي المعرفة وهو كنز لابد من الاستزادة منه
وهو حكمة وفلسفة الشرق وصدقوني من استزاد منه سيكتشف الكثير
ويحقق متعة المعرفة ..
وشكرا لهذا البوست وارجو أن تكبر الخط حتى نواصل معك اخي هشام

Post: #95
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-10-2006, 08:18 AM
Parent: #94

خالص التحايا
الاستاذ والخاله
عشة بت فاطنة
زارتنا البركه ؛ وجميل ان تواصلى معانا فى التطرق للشق الاخر من الجانب الفلسفى (حكمة وفلسفة الشرق ) من خلال (ابن سنيا أو الفاربي -أبن رشد -الغزالي ) بالفعل ان لهم دور وتحليلات فى قمة العمق عن شخصى اجد نفسى فى فلسفة الغرب واليونان فقد ركزت سابقا على هذا الشق لكن سنحاول ان نتتطرق لماذكرتى واتمنى ان يكون عند هشام واحمد الكثير من هذا الشق..
التحايا النواضر..
-----------------------


كذكل تتطرق النظريه ((الثانية)) وتشير فى ان الى شيئين احدهما المبدا الذى يقوم عليه المجتمع والاخر هو التناقض الذى يتولد فى داخل المجتمع والذى هو السبب فى حدوث التغير الاجتماعي ..
اما المبدا فهو العلاقة الاجتماعية التى يدخل فيها الناس بغرض الانتاج الاجتماعي وهى علاقة تلائم درجة معلومية من تطور القدرة الانتاجية ؛حيث تجعل من امكان المجتمع ان يستغل هذه القوى الانتاجية الى حدها الاقصى وان يزيدها ايضا ...
ولكن هذه الزيادة نفسها التى تطرا على القوى الانتاجية تجعلها تصادم مع العلاقة الاجتماعية التى اوجدتها هذه القوى ...
اذا تصبح العلاقة ملائمه ..بمعنى ؛انه بدلا من ان تساعد تلك العلاقه على الاستخدام الكامل لقدرة الانسان على الانتاج واعادة الانتاج للاحوال المادية اللازمه لحياته...
نجد انها تعرقل او تبدا فى عرقلة هذه العملية...
وهنا يضطر الانسان عاجلا او اجلا الى تغير هذه العلاقة حتى يفسح المجال امام القوى الانتاجية الاخذه فى التوسع..
وتبعا لهذا الذى يطرا على العلاقة الاجتماعية لابد وان تتغير النظم السياسية والقانونية وان تتغير برغم ماقد يكون لها من تاثير واهمية لاتعدو وان تكون انعكاسا للبنيان الاقتصادي القائم...
نواصل..

Post: #96
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-10-2006, 12:33 PM
Parent: #95

_________

الأخت أو الخالةعشة بت فاطنة
الصديق معتز (تروتسكي)

والأخوة الكرام

بوست (الفلسفة) سوف يتواصل .. أعتذر بشدة لهذا الغياب وسوف يتواصل سرد البحث .. من آخر نقطة وصلنا إليها مع مراعاة تكبير الخط هذه المرة تقديراً لرغبة العميان


Post: #97
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-10-2006, 12:42 PM
Parent: #96

____________

هل هناك مذهب آخر غير المادية والمثالية في الفلسفة؟
إن المذهب الذي يقول بمبدأين في العالم روحي ومادي يعرف بالثنوية ، فالثنوية أشبه بالوسط ما بين المادية والمثالية وإلى هذه الفلسفة الوسطية تقود المادية الميكانيكية بمحدوديتها وعدم اتساقها. ويميل المثاليون أحياناً إلى الثنوية ، حيث يضطرون للأخذ بالاعتبار متطلبات العلم والممارسة ولا يمكنهم بسبب ذلك أن يرفضوا وجود العالم المادي رفضاً قاطعاً.



ولكن هذا المذهب ليس خطاً أو اتجاهاً ثالثاً يقوم جنباً إلى جنب مع المادية والمثالية. ففي حل المسائل الجذرية يجنح أنصاره إما إلى المثالية أو إلى المادية. وأحياناً تأتي الثنوية في جوهرها مجرد محاولة (خجولة) لتمرير المادية مع التبرؤ منها علناً. وهذه المادية الخجولة والمستترة مميزة للكثير من علماء الطبيعة البرجوازيين. فنجد ديكارت من أبرز فلاسفة الثنوية الكلاسيكية. فقد كان يقول بوجود مبدأين للعالم جسمي وروحي. فخاصية المبدأ الروحي الأساسية هي التفكير. أما خاصية المبدأ الجسمي أو المادي هي الامتداد. وهاتان الخاصيتان متقابلتان على طول الخط. منفصلتان ومستقلتان تماماً أحدهما عن الآخر. ولكن ديكارت انتهى في نهاية المطاف إلى القول المثالي بأن الروح والمادة يعودان إلى مبدأ أعم هو الإله.



والثنوية تنظر إلى الإنسان أيضاً على أنه مركب من المبدأين الجسمي والروحي المظلم والمنير. ومن هذه الزاوية يتبدى الإنسان نصف حيوان ونصف ملاك في وقت واحد.


إن تطلعات الإنسان السامية هي النزوع إلى الخير والمعرفة والجمال ولكن بواعثه الوضعية تدفعه لتلبية شهوته البهيمية. وتطرح مثل هذه الثنوية توصيات عملية أيضاً. فتقول إن على الإنسان أن ينس جسمه ، ينس متطلبات الطعام والشراب والحب ، وعليه أن ينصرف عن الجسد ، فليس هذا إلا غلافاً زائلاً للروح الخالدة ، وفي هذه الحالة تنقلب الثنوية إلى مثالية صرفة.


<<<

Post: #99
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-10-2006, 12:47 PM
Parent: #97

____________

وعلى الطرف المقابل للثنوية تقف الواحدية وهي المذهب الذي يقول بمبدأ واحد ، ينطلق منه في تفسير العالم تفسيراً مستقاً ، وتبعاً لطبيعة هذا المبدأ تكون الواحدية إما مادية أو مثالية. ولكن هنالك سؤال يطرح نفسه : هل بوسع المثالية أن تكون واحدية متسقة؟



لقد جرت العادة على إيراد هيغل مثالاً على الفيلسوف المثالي الأكثر اتساقاً ، ويذهب هيغل إلى أنه في البداية لم يكن موجوداً إلاّ (الروح الكوني) أو (الفكرة المطلقة) التي خلقت فيما بعد الطبيعة والإنسان وهو يرى أننا حين ندرس الطبيعة يجب ألا ننسى أنه وراء تنوعها الظاهر تقوم قوانين روحية تدخل عليها الانتظام وتجمع العالم في كلٍ واحد. وعليه فإن هيغل إذ يعترف بالعالم المادي الذي نعيش فيه ونراه ونلمسه ، يقوم بما يشبه (مضاعفة) الوجود ، لكي يتمكن من تفسير التنوع المحيط. وطبيعي أن المثالي ينظر إلى العالم الخارجي على أنه مجرد غطاء للعالم المثالي ، وعليه فإن المثالي عاجز أصلاً عن أن يكون واحدياً متسقاً .



وفي الفلسفة الغربية المعاصرة ثمة محاولات لبناء فلسفة متميزة واحدية تضم المادية والمثالية في كلٍ واحد. فعلى هذه الأرضية الفكرية ظهرت نظريات الواحدية الأحادية التي يسعى ممثلوها لاستبدال التضاد الكلاسيكي بين المادي والمثالي بالتجربة الواحدية. وتذهب نظريات أخرى إلى أنه بالإمكان تذليل تضاد المادية والمثالية بطرح زاويتي نظر إلى العالم. فمن الزاوية الأولى يتبدى العالم ترابطاً محكماً من الظواهر الموضوعية للطبيعة أما من الزاوية الأخرى فيتجلى في صورة ميدان للنشاط البشري. ويكون بمثابة إسقاط لمشاعر الإنسان ورغباته. ولكن من الواضح أن مثل هذه الواحدية ليست إلا لوناً من الثنوية العادية ولكن بصورة مهذبة نوعاً ما.


<<<

Post: #100
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-10-2006, 12:49 PM
Parent: #99

_____________

وثمة نظرة واحدية ثالثة إلى العلاقة بين المادية والوعي قد تبدو النظرة الأكثر اتساقاً إذ يرى أنصارها إلى أن فكرة الوعي ليست شيئاً متميزاً عن المادة ، فالفكر مادي. إلاّ أن لينين اعترض على هذا الكلام واعتبره سطحياً ومبسطاً للمادية وبالتالي فهي بعيدة عن الإدراك الصحيح للعلاقة بين المادية والوعي، وأن وصف الفكر بأنه مادي يعني القيام بخطوة خاطئة نحو خلط المادية بالمثالية. فالأشياء المادية لا تتوقف على وعينا أما بالنسبة بالنسبة للفيلسوف المثالي الموضوعي فإن الفكر الروحي لا يتوقف هو الآخر على الوعي البشري. إن المادية المتسقة ، المادية الواحدية ، لا تطابق بين الفكر والمادة وإنما تعتبر الفكر والوعي وليد المادة في المراحل العليا من تطورها.


<<<

Post: #98
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-10-2006, 12:44 PM
Parent: #96

هشام آدم
Quote: بوست (الفلسفة) سوف يتواصل .. أعتذر بشدة لهذا الغياب وسوف يتواصل سرد البحث .. من آخر نقطة وصلنا إليها مع مراعاة تكبير الخط هذه المرة تقديراً لرغبة العميان

ايوه كده سيبك من الشغلانيات ديك وركز هنا انا والله بقطع فى نفسى عشان اخليهو حى..
المهم لى قدام وتعال صادى وابوحميد والجميع..

ذكرت ليك سابقا ..
Quote: *عزيزى هشام ذكرت فى محضر حديثك كلمتين متعلقات بمشروع االعلم والفلسفة
كا (الفكـــر) و (الوعــى)..
ياريت لو نبدا فى التحدث عنهما ليكتمل البحث ..
عموما ساتطرق لهما بعد ان اخلص من بعض المداخلات بخصوص تاريخ الفلسفة..

ودى اخر مداخلة فى (تاريخ الفلسفة)..

--------------------------------
بهذا ينطوى التغير الاجتماعي فى مرحلة ما على ثورة سياسية تكتمل التطور السابق عليها ؛ومعنى هذا الغاء بنيان سياسى قائم واقامة صرح اكثر تلاؤما مع النظم الاقتصاديه الجديده..
يلا بعد داك ياتى سؤال المهم ((لــكــن)) : ما جوهر العرقة الانتاجية فى المجتمع ؟
نجد انها لا تنحصر فى توزيع اعضاء المجتمع بالنسبة الى ملكية وسائل الانتاج المادية...
اى انها علاقة ملكية وعلى هذا الاساس ينقسم المجتمع الى طبقات..
واذا حاولنا تطبيق النظريه عمليا نستطيع ان نقول: ان الجنس البشرى مر خلال تاريخه باربعة تكوينات او (نظم)..
اقتصادية – اجتماعية
وهي : ((الجماعي البدائى – والعبيدي –والاقطاعي – والراسمالى ))..
خلاصة هذا نجد بان الان فى مرحلة الانتقال مابين النظام الرسمالى والاشتراكى ..
وان كنت اراه اقرب الى ((الاشتراكيه)) من واقع الحال ومن واقع قصة التاريخ البشرى والقوه المحركة فيه الا وهى الانسان نفسة.

The end

Post: #101
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-11-2006, 02:17 PM
Parent: #98

____________

Quote: ايوه كده سيبك من الشغلانيات ديك وركز هنا انا والله بقطع فى نفسى عشان اخليهو حى


معتز تروتسكى

You are right friend
thanks for your efforts

Post: #102
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-11-2006, 02:21 PM
Parent: #101

______________

من مواقع التشاؤم


الآن صار بوسعنا الرجوع إلى المسألة المطروحة : ما هي التوجهات الحياتية التي تطرحها المثالية والمادية؟ ما هي الطريق التي ينصحنا باتباعه كل من المثالي والمادي؟



سبق أن تكلمت أنه قد يتم الخلط بين (المادي) وبين (وضيع) أو محب للمال أو المستسلم لنزوات الجسد. وهذا الخطأ الذي يقع فيه الوعي العادي هو ما يستخدمه المثاليون. فهم يردون المادية إلى لون واحد منها ألا وهو المادية الميكانيكية (كما وضحت سابقاً) ، فيبينون أن الفيلسوف الميكانيكي يرسم للعالم لوحة متشائمة سوداوية : الإنسان لعبة طيّعة بيد قوى الطبيعة ، ومجرد شيء بين الأشياء. فحرية الإرادة والفاعلية والنضال لتحوير العالم تتبدى أموراً وهمية من هذا المفهوم المغلوط للمادية. ولذا فإن الشيء الوحيد الذي يمكن للإنسان فعله هو انصرافه عن العالم وتناسي احتياجات شعبه ومتطلبات البشرية في الملذات. ولكننا نرى أن مثل هذه الاستنتاجات من المادية الميكانيكية لا تصح إلا بسبب عدم اتساقها ، بسبب انحرافها عن المادية الواحدية لصالح المثالية. إذاً فما هي القيم الحياتية التي تقترحها المثالية؟



إن المثالية هي الأخرى لا ترى للإنسان سبيلاً لتجسيد مواهبه في العالم. إن إحساس المثالي بالعالم متشائم بطبيعته. ففي العالم يسود الموت والعذاب والوحدة ، وليس فيه حرية أو حق أو إبداع أو حب أو سعادة تليق بالإنسان. ولكن بالإمكان – كما يقول المثاليون – أن نجعل وجودنا في العالم محتملاً على الأقل بدون تغيير شيء فيه. كيف؟ بافتراض وجود عالم آخر وراء عالمنا الفاني ، عالم غير مرئي ، عالم حق أصيل ، تربطنا به عرى وثيقة ، وبوسعنا الاتصال به ، وسريعاً سننتقل إليه إلى الأبد. وإذا كان بالإمكان نعت مثل هذه الفلسفة بالتفاؤل فإنه تفاؤل زائف ووهمي.



وفي الفلسفة المعاصرة بالغرب تتبدى نغمة التشاؤم صريحة وعالية : إن حياتنا كلها مطعمة بتناقضات مأساوية مستعصية ، فما حياتنا إلا وجود من أجل الموت ، والحياة البشرية عقيمة وعبثية. وحتى محاولات بعض الفلاسفة وبينهم سارتر استخلاص نتائج ثورية من مثل هذا الفهم للوجود البشري لم تؤد إلاّ إلى استنتاجات فوضوية فردية مبهمة. فتحويل العالم من هذه الزاوية يجب ألا يتم على أساس معرفة قوانين الواقع الموضوعية ، إنما برغم من الواقع العبثي. ولذا فإنه لا النظرية المتعمقة ولا الانضباط الصارم ولا التنظيم الجماعي بلازمة في مثل هذه الثورة. وكما يقول سارتر في إحدى رواياته (إن الجحيم هم الآخرون) ، ولذلك نجد أن لينيه يقول اللاثورة يوكلون الدفاع عن حقوقهم للنقابات والأحزاب لذلك فهو ليسوا أحرار. إذاً فينبغي وقبل كل شيء تعلميهم القدرة على التعبير عن الذات ، على الفرادة، على عدم التحول إلى مجرد جزء من هذا العالم المادي. ومن هذه الزاوية فإن الإضراب والنضال من أجل الحقوق وتحسين الوضع المادي والحرية والديمقراطية لا تعني إلا الخضوع لقوة الأشياء أي لقوة العالم المادي.



ومن الطبيعي أنه عند تجاهل أشكال النضال المستندة إلى المعرفة بالقوانين الموضوعية للمجتمع. وهكذا تتبدى حقيقة ذلك النزوع إلى المثل السامية. الذي يعتبره أنصار المثالية سمة مميزة لهم. فهو ينقلب تشاؤماً عقيماً وفردية متطرفة وعجزاً عن القيام بالأفعال الواقعية وانصرافاً إلى الثرثرة الفارغة.



وتقود المثالية إلى نزع الثقة بالإنسان وقواه وقدرته على أن يختار بنفسه طريقه في الحياة. وكمثال على ذلك تأتي فلسفة كانط الأخلاقية العملية. حيث يذهب كانط إلى أن على الإنسان أن يلبي نداء الواجب بوصفه قانوناً صارماً ، وأن يخضع لإملاء الضمير ، حتى ولو كان ذلك يتعارض مع مصالحه المادية ، كالترقي في المنصب أو عقد صفقة مربحة وغيرها. فليس للإنسان أن يتوقع لمكافأة على أعمال وتصرفاته الأخلاقية الرفيعة. وقد يتراءى للمرء أنه أمام نموذج من إيمان المثالية الفلسفية بالمثل النبيلة ! ولكن كانط لا يتوقف عن ذلك فقط ، فهو يرى أنه إذا لم يكن للإنسان أن يتوقع في عالمنا هذا جزاء على تصرفاته ، فإنه في العالم الآخر يحق لكل إنسان أخلاقي أن ينتظر الثواب على السلوك القديم والعقاب لمن لم يصغ إلى صوت الضمير. وعلى هذا النحو يفترض كانط في نهاية المطاف أن الإنسان لا يمكن أن يتصرف على نحو أخلاقي إذا ترك لوحده بدون (مراقبة) من السماء.



فكيف تنظر المادية المتسقة ، الواحدية إلى آفاق تغيير وتحسين العالم المحيط بنا؟ وكيف تقيم نزوع الإنسان نحو المثل الرفيعة؟



<<<

Post: #103
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-11-2006, 02:26 PM
Parent: #102

_____________

أساس التفاؤل

يقول كارل ماركس إنني أسخر من الأشخاص العمليين ومن حكمتهم ، إذا أردت أن تكون خنزيراً فإنه يمكنك ذلك بأن تدير ظهرك لآلام البشرية وأن تهتم بنفسك فقط. ومن خلال هذا الكلام الساخر الحاد فإنه ماركس يريد أن يوصل رسالة مفادها أن الفرق بين المادي والمثالي أن المادي لا يعوّل على قوى غيبية تقوده على درب الفضيلة بأسلوب العصا والجزرة. فالمادي الأصيل – حسب رأي ماركس – يؤمن بالإنسان وبقواه الذاتية وبقدراته الشخصية. إن خصوصيات هذا الإحساس التفاؤلي بالعالم لدى المادي المتسق تنبع مباشرة من فهمه للعالم وللإنسان.



إن العالم المادي واحد في تنوعه ، لا متناهٍ في المكان والزمان. ولكن على المادي أن يبين أيضاً ما هي المكانة التي يشغلها الإنسان في العالم ، وكيف ظهر الوعي. ولتأسيس مثل هذه النظرة إلى العالم ، بدون الاستعانة بالصانع الكبير ، ينبغي الاعتراف بأنه في صلب المادة (الطبيعة) نفسها ، لا خارجها تقوم قوى تستدعي كل التنوع القائم. كافة ظواهر الطبيعة الحية وغير الحية. والإنسان في نهاية المطاف بعقله وإحساسه.



وقد مضى على البشرية حين من الدهر كانت فيه المعارف عن الطبيعة والإنسان لا تزال جد شحيحة ، ولذا جاء حل المسألة بسيطاً للغاية: وهي أن الوعي أو النفس لا تنشأ عن المادة غير الحية ، فالنفس ملازمة لكافة ظواهر الطبيعة وتحضر دوماً في الطبيعة. وهي موجودة حتى في الأحجار، ولكنها غافية هنا. وتبدأ تدريجياً بالصحو لدى الأشجار ومن ثم الحيوانات وتفتح عينيها أخيراً مع ظهور الإنسان. وقد عرفت هذه الآراء بمذهب حيوية المادة أو (الهيلوزوية)*. إن مثل هذا الحل بسيط جداً ولكنه بعيد عن الحقيقة ولهذا فإن المادية المعاصرة لا تقبل بهذه الرؤية.



فلننظر للمسألة من زاوية أخرى. ولنتأمل القضية التالية: ما هي الحياة؟ إذا هبت رياح قوية مستمرة على صخرة ، أو انهالت عليها السيول ، فإنها تتخرب تدريجياً ويتغير شكلها. ولكنها تبقى في مكانها السابق. أما الكائن الحي (حتى أدنى الحشرات مرتبة) فإنه يسعى لإيجاد مكان آمن يحتمي فيه من الظروف الجوية السيئة. وهذا يعني أن الكائن الحي يتميز عن الطبيعة غير الحية بأنه يحافظ دوماً على التوازن مع الوسط المحيط. ويستجيب دوماً لتغيرات ظروف وجوده دفعاً للخطر وطالباً للغذاء وأملاً في الحفاظ على النسل.



ولكن الكائنات الحية كلها – ما عدا الإنسان – محدودة القدرة على رد الفعل تجاه متغيرات الوسط المحيط. والإنسان يعيش في ظروف بالغة التعقيد والتنوع. ويتواجد دوماً في حالات وأوضاع متباينة. فالكائن الحي الذي يقطن اليابسة يهلك إذا غمرته المياه ، أما الإنسان فبوسعه استخدام ثوب الغوص المزوّد بأنبوب الأكسجين. والحيوانات التي تعيش في المناطق الاستوائية لا تستطيع أن تعيش في القطب الشمالي حتى ولو لوقت قصير ، أما الإنسان - حتى إذا لم يصادف وجوده هناك من قبل – فبوسعه إعداد نفسه جيداً للعيش في ظروف قاسية كتلك. والسؤال هنا: فلماذا يملك الإنسان غير المحمي بصورة جيدة وغير المزوّد بجلد وفرو دافئ أو مخلب وأسنان حادة مثل هذه الأفضليات تجاه الحويانات؟



إن هذه الأفضليات تأتي من قدرة الإنسان على تحليل الموقف ، وتعميم ما يره والتنبؤ بالمستقبل. فمن المعروف أنه حتى أسوأ المهندسين يتميز عن أحسن النحلات بأنه يبني بيته في دماغه أولاً. ولكن هذه الوظائف كلها إنما يقوم بها الوعي البشري. وعليه فإن الوعي يظهر نتيجة تعقّد ظروف حياة الكائنات الحية ، ويأتي حصيلة تطور المادة الحية. ويشكل خير وسيلة للتوجه في الوسط المحيط. فإن علوم الانثروبولوجيا والسيكولوجيا والبيولوجيا والسيكوفيزيولوجيا تبرهن قطعاً على ذلك. ومن هنا يمكننا الوصول إلى النتيجة التالية:



أولاً : بما أن الوعي يظهر بهدف توجه الإنسان في العالم ، فإنه يزودنا بمعلومات صحيحة عما حولنا ، وإلا لكان ضاراً للإنسان أو غير مجدٍ له.

ثانياً : إن الوعي يظهر لدى الإنسان بسبب الضرورة العملية مما يعني أنه أداه لحل مهام بالغة الحيوية بالنسبة للبشر. ولذا فإن الإنسان لا يستطيع فقط تكوين تصور صحيح عن الواقع ، بل ويتمكن من استخدام المعارف المحصلة لتحسين ظروف حياته.



وفي ضوء هذا كله يتضح سر التفاؤل الملازم للنظرة المادية فبرغم تنوع العالم المحيط وبرغم كون الإنسان لا يزال بعيداً عن كلية الجبروت ، فإن وضعه في العالم ليس مأساوياً . إذ بوسعه معرفة العالم وإن كان ذلك لا يتم دفعة واحدة . وبوسعه استخدام هذه المعرفة بما يلائم مصالحه. إن العالم ميدان لا متناهٍ لنشاط الإنسان لتعزيز قدراته. وليس ثمة قوة غيبية هي التي وهبته ذلك. فارتباطه العضوي العميق بالطبيعة وبالناس والآخرين هو الأساس الموضوعي لمثل هذا التفاؤل.


__________

* الهيلوزية هي مذهب حيوية المادة وهو مذهب يقول أن الحياة والقدرة على الإحساس ملازمتان لجميع الأشياء في الطبيعة.

Post: #104
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-11-2006, 02:46 PM
Parent: #103

_________________

هاملت أم فاوست؟

في ضوء ما تقدم ، يتضح أن مسألة إمكانية معرفة العالم تشكل إحدى أهم موضوعات الجدل بين الماديين والمثاليين. ويمكن القول أن صياغة المسألة الفلسفية الأساسية ستكون غير دقيقة إذا لم تكتمل بمسألة إمكانية معرفة العالم. ولذا فإنه يتوجب علينا تدقيق صياغة المسألة الفلسفية الأساسية.



إن للمسألة الفلسفة الأساسية جانبين أو منحيين ، أولاً: الجانب الانطولوجي[2] : ما الذي يظهر أولاً الوعي أم الوجود؟ والجانب الثاني معرفي: هل بوسع الإنسان معرفة العالم؟ ومما سبق عرفنا أن المادي المتسق إذ يسعى لتفسير عملية ظهور الوعي من الطبيعة إنما يجيب في الوقت ذاته على مسألة إمكانية معرفة الإنسان للعالم المحيط به. فنحن نفسر فقط كيف يجري ظهور الحياة ومن ثم ظهور أرفع إنجازاتها (الإنسان) . فإننا نجسي في آنٍ معاً على مسألة لماذا ظهرت الحياة والوعي. فحين ندرك أن المعرفة الصحيحة للعالم شرط ضروري لوجود الإنسان ، فإننا نخلص إلى الاستنتاج بأن بوسع الإنسان معرفة العالم المحيط. وحين نجيب على مسألة أولوية المادة فإننا نحصل في الوقت نفسه على إمكانية الرد إيجابياً على السؤال الخاص بمعرفة العالم. وعليه ، فإن العلاقة بين هاتين المسألتين هي من الوثاقة بحيث يحق لنا الجمع بينهما وتسميتهما جزأين عضويين من المسألة الفلسفية الأساسية.


ولكن ليس من الضروري أن تكون العلاقة بين جانبي المسألة الفلسفية الأساسية جلية للعيان دوماً. فالمثاليون يعملون أحياناً لتعمية هذه المسألة البسيطة ولتعقيدها. فلماذا يفعلون ذلك؟ وكيف؟ إن تعطش الإنسان للمعرفة جانب من روحه. كما يقول المثاليون. وقد تجسد هذا في شخصية من أشهر شخصيات الأدب العالمي (د. فاوست) أما الجانب الآخر من الروح فتشكله أسئلة (هاملت) اللعينة حول وجود الإنسان: من أنا؟ وإلى أين أسير؟ وهل استسلم لضربات القدر أم أعارك المصير؟


وأين يجب أن يكون الفيلسوف هل يكون فاوست الذي يعنى فقط بإمكانيات الإنسان المعرفية ، أم هاملت الذي يتأمل في مكانة الإنسان في العالم؟ تعباً لغلبة أحد الجانبين في روح الإنسان – الجانب الهاملتي أو الفوستي يحدد الفيلسوف مسألته الأساسية في رأي هؤلاء.


وثمة فلاسفة معاصرون يرون أن هناك مسألتين مستقلتين تماماً ، لا مسألة واحدة. فيذهب أنصار الفلسفة الوضعية مثلاً إلى أن على الفيلسوف أن يعنى فقط بالمسألة الغنوصيولوجية[3] ، فيدرس عملية المعرفة البشرية ولا يهتم إطلاقاً بقضية أصل القدرة على المعرفة. في حين يرى أنصار الفلسفة البراغماتية[4] أن المسألة المعرفية عامة فلا يمكن لها أن تهم الفلاسفة كلهم ، فالذي يعني الفيلسوف هو ليس كيف نعرف العالم ، وإنما أن نرتب أمورنا فيه ، بمعنى أن نجعل حياتنا سهلة، فلا نتعب دماغنا بالمسائل المستعصية. فليس على الفيلسوف أن يقف على الحقيقة وإنما ينبغي عليه أن يحل المشكلات التي تنهض أمام البشر في مختلف المواقف الحياتية في مجرى نشاطهم العملي.


أما بالنسبة لفلاسفة التوماوية الجديد فإن مغزى الفلسفة ورسالتها يقومان على تبيان كيف أن وجود أية نبتة أو زهرة أو إنسان أو دولة أو حتى وجود الكون كله يدل على وجود الإله وعلى حضوره الدائم في عالمنا.


ويرى الوجوديون[5] أن مسألة معرفة العالم يجب أن تصاغ على نحو آخر ، باعتبارها مسألة معرفة الإنسان لذاته. فما يهم هو عالمنا الداخلي (الأنا) الشخصية وليس ما يجري خارجها.


إلى أين تقود مثل هذه التجزئة للمسألة الفلسفية الأساسية؟ لنفترض أننا أذخنا بوجهة النظر القائلة بأن الفيلسوف يجب أن يعنى فقط بمسألة وعي الإنسان لذاته ، بالكشف عن توجهاته القيموية ، فهل بوسعنا إعطاء إجابة مرضية عليها؟ إذا اعتمدنا غض النظر عن مسائل مثل: كيف ظهر العالم، وكيف جاء الإنسان كجزء منه؟ وهل الإنسان وحيد في هذا العالم أم أنه جزء الطبيعة ، وعضو في المجتمع ؟ بعبارة أخرى : إذا حاولنا تجاوز مسألة أولوية المادة أو الروح إننا نجرد الإنسان من ارتباطه بالطبيعة وبالبشر. بالماضي والمستقبل. فحين تقطع كافة علاقات الإنسان بالعالم لا يبقى لنا إلا الإعلان بأن الإنسان لا يمت للمجتمع بصلة. وعندها هيهات لشكسبير أن يتمكن من إبداع صورة فنية يكون لها الوقع الذي يحدثه فيما لو حوّل هاملت إلى شخص بائس كهذا. ولكن هذا بالضبط هو ما يفعله الوجوديون.


إن الفلسفة الوجودية تتعمد تجريد مشكلة الإنسان من بعدها الاجتماعي فتتجاهل أكثر مسائل العصر إلحاحاً وأهمية. إن الوجودي يحرّم علينا النظر في معرفة الرابطة بين الإنسان والكون ، معرفة أفعاله وأهدافه في تحوير العالم.


وعليه فإننا حين نحصر المشكلة الفلسفية كلها في مسألة عملية المعرفة أو معرفة الذات لن نتمكن من تقديم الحل الصحيح حتى للقضايا المعرفية العامة. ثم إن هذا التوجه يعني القطعية المتعمدة مع النضال الاجتماعي والتخلي عن النظر في العالم.


ولكن أنصار تجزئة المسألة الفلسفية الأساسية يحاولون التدليل على صح وجهة نظرهم ، فهم يذهبون إلى أن مسألة معرفة العالم لا تمت بصلة إلى مسألة أولوية الروح أو المادة ، ذلك أنه بين المثاليين هناك الكثير من الفلاسفة الذين يقولون بإمكانية معرفة العالم. فأفلاطون مثلاً يرى أن العالم متاح للمعرفة وهيغل هو الآخر يرى الشيء نفسه. فهل الأمر كذلك في الحقيقية؟ لاستيضاح ذلك سوف ننظر في نوعين من المثالية : (المثالية الذاتية) و (المثالية الموضوعية).


_____________


[2] الانطولوجيا هو علمالوجود ، ويعتبر الجانب الأول من المسألة الأساسية في الفلسفة.
[3] الغنوصيولوجيا هي نظرية المعرفة ، وهو الجانب الثاني من المسألة الأساسية في الفلسفة
[4] البراغماتية : تيار مثالي ذاتي في الفلسفة البرجوازية المعاصرة ، مكان الصدارة في مذهب البراغماتية يشغله مبدأ اعتبار الحقيقة والمنفعة أمراً واحداً وهو مبدأ تماثل الحقيقة والمنفعة. وتعتبر المنفعة تلبية لمصالح الفرد الذاتية.
[5] الوجودية : اتجاه مثالي ذاتي في الفلسفة البرجوازية المعاصرة يجعل الإنسان معارضاً ومقابلاً للمجتمع. والمعرفة الفلسفية معارضة ومقابلة للعلم.

Post: #105
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-12-2006, 09:37 AM
Parent: #104

_______________

موسيقار بدون آلة ، والبيانو المجنون

يرى المثاليون الموضوعيون أنه في صلب العالم يقوم الروح أو الوعي ، ولكن وعي الإنسان غير كامل. وأحياناً يقف عقله عاجزاً عن حل ألغاز الكون ومن السهل أن يستسلم للصعاب ، وأن تغلب لديه الأهواء على ما يمليه العقل السليم. وغالباً ما يخطئ الإنسان ويذعن للثقات . ثم إنه لا يستطيع استخدام عقله طويلاً فحياته قصيرة للغاية. ذلك هو منطق المثالي الموضوعي. ولكن ثمة عقلاً آخر مطلقاً غيبياً كان موجوداً قبل الإنسان وسيبقى قائماً إلى الأبد ، وليس ثمة سر في الطبيعة أو مصير من مصائر البشر إلا ومتاح لهذا العقل. وما العقل البشري إلا قبس ضعيف من هذا العقل الإلهي.


وهكذا فإن العقل المطلق ، أي الإلهي يوجد بصورة مستقلة عن الإنسان أي بصورة موضوعية والإنسان نفسه ، وكل العالم المحيط به هو إنما نتاج نشاط هذا الروح غير البشري . وذلك هو لب الفلسفة المثالية الموضوعية.


أما المثالي الذاتي فيذهب هو الآخر إلى أن الوعي أو العقل هو أساس الموجودات كلها ، ولكنه لا يقصد هنا العقل المطلق غير البشري ، فالمثالي الذاتي يرى أن كافة الأشياء المحيطة هي حصيلة وعي الإنسان ونتاج لخياله. ، أي أنها توجد على نحو ذاتي. ويؤمن المثالي الذاتي بأن الأشياء كلها إنما تظهر مجدداً عندما يستيقظ صباحاً ، ثم تختفي عندما يغفو. وربما يفسر ذلك قول بيركلي (وهو أحد المثاليين الذاتيين) أن وجود الأشياء يعني كونها مدركة.


صحيح أن استنتاجات كهذه ليست إلزامية بالضرورة بالنسبة لكل المثاليين الذاتيين على حد سواء ، لأننا نجد كانط يرى أن العالم موجوداً وجوداً موضوعياً وأنه ليس ثمرة تصورنا وخيالنا ، ولكننا مع ذلك لا نعرف شيئاً عنه. فبوسعنا دراسة أحاسيسنا فقط ، والحكم عليها وحدها ، لا على ما يكمن ورائها. ثم إن المثاليين الذاتيين الذين يخلصون إلى الاستنتاجات الأكثر جذرية فيقولون أن ما يوجد فعلياً هو الوعي البشري لا غير. وهؤلاء يعرفون بالأناوحديين[6] فمثلاً الفيلسوف شوبنهاور فيقول :"إن العالم هو تصوري ، تلك هي الحقيقة ذات المفعول بالنسبة لكل كائن حي واع .. فهو لا يعرف شمساً ولا أرضاً وإنما يعرف العين التي ترى الشمس واليد التي تلمس الأرض."[7] وقد شبه أحد فلاسفة المادية بأن منطق المثالي الذاتي هو منطق البيانو الذي جن جنونه ، فظن أن بوسعه أن يعزف حتى ولو لم يضرب أحد على مفاتيحه. فالمثالي الذاتي يؤمن بأن الإنسان يفكر ويحس ويعاني بدون سبب خارجي يؤثر عليه.


_________

[6] الأناواحدية أو مذهب (الانفرادية) هي نظرية مثالية ذاتية تقول أنه لا يوجد فعلاً غير الإنسان ووعيه. بينما العالم الموضوعي كالطبيعة والمجتمع فلا يوجد إلا في وعي الفرد.
[7] (العالم كإرادة وتصور) – شوبنهاور ص 2

Post: #106
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-12-2006, 10:06 AM
Parent: #105

_______________

إن مثل هذه الفلسفة تتناقض مع العقل السليم ومع المنطق البشري البسيط. وفضلاً عن ذلك فإنها فلسفة خطرة للغاية. فلماذا يدرس الإنسان ويعمل ويناضل إذا كانت الحياة كلها مجرد نتاج لخيالنا؟ فكل ما فيها رؤى وأحلام ، وما النضال (أياً كان) إلا لون من صراع دونكيشوت مع الطواحين الهوائية.

ولا يقل خراقة عن ذلك منطق المثالي الموضوعي ، فإذا تابعنا التشبيه بالآلة الموسيقية يمكن القول أن الروح الموضوعي موسيقى يعزف حتى قبل أن يوجد (البيانو) نفسه (الطبيعة ، الحيوانات ، الإنسان) وفي ضوء هذا يتضح ما هي النظرات الغريبة والمدهشة التي يتوصل إليها الفيلسوف عندما يأخذ بالوجهة المثالية. ولكن من أية زاوية ينظر المثالي إلى إمكانية معرفة العالم؟

يقول المثالي الموضوعي : أجل إن العالم متاح للمعرفة . ولكن لنمعن النظر في الفهم المثالي الموضوعي لعملية المعرفة. يذهب المثالي الموضوعي لعملية المعرفة . يذهب أفلاطون إلى أن بوسع الإنسان أن يعرف العالم ، ولكن ليس عالم المادة ، بل عالم المثل المحضة ، التي خلقت هذه المادة وبثت فيه الحركة والحياة. والنفس البشرية ذاتها كانت تقطن – حينها – في مملكة المثل هذه فليس من الصعب عليها أن تتذكر ذلك العالم الذي كان يحيط بها من قبل. وهذا يعني أن العالم بالنسبة للمثالي الموضوعي ليس هو الواقع الفعلي ، وإنما هو عالم خاص مثالي. أما عملية المعرفة فهي مجرد (تذكّر) ، ذلك أن الوعي البشري جزء من هذا العالم المثالي ولا حاجة الالتفات لدراسة الواقع القائم في درب تحصيل الحقيقة والجمع الدؤوب للوقائع ومن ثم مقارنتها وتحليلها وتعميمها ، ولا حاجة إلى النقد والشك. فيكفي الإنسان أن يفكر قليلاً ليقف على أسرار الكون كلها.

أما بالنسبة للمثالي الذاتي فيبدو الأمر أسهل بكثير ، فإذا كان العالم برمته مجرد نتاج لأحاسيس الإنسان لعقله وخياله ، فغن بوسعه طبعاً أن يدرك هذا العالم. عالم الصور التي خلقها وعيه. ومن هنا يلزم أن عملية معرفة العالم ليست في حقيقتها إلا معرفة للذات. ثم أن الواقع الفعلي أي الطبيعة هي جملة العمليات الاجتماعية لا تهم هي الأخرى المثالي الذاتي فلا وجود لها عنده.

وعليه نصل إلى أن المثاليين سواء الذاتي أو الموضوعي منهم يعترفون بإمكانية معرفة العالم ، ولكن أي عالم؟ هل العالم الحقيقي الذي نعيش فيه ، هذا العالم البديع والفسيح والمعقد والمليء بالتناقضات؟ لا .. إنه عالم خاص عالم (الأنا) عالم الأفكار والأحاسيس الذي اصطنعه الفلاسفة أنفسهم. ومن الواضح أن عملية المعرفة نفسها تتبدى بسيطة وساذجة بالنسبة لهم ، فكافة الصعاب التي تعترض سبيل العالم وكل الأبحاث وآلام البشرية التي تظهر عند اصطدام الفكر البشري مع الواقع إنما هي أمور لا وجود لها بالنسبة للمثالي ، فالفكرة تدرك الفكرة. والمعرفة ترجع إلى معرفة الذات.

أما بالنسبة للفيلسوف المادي فالأمر يختلف تماماً. فمن المواقع المادية المتسقة تتبدى عملية المعرفة عملية معقدة بالفعل وصعبة ولا متناهية ، فالبشرية تسير تدريجياً خطوة خطوة في سعيها لامتلاك ناصية الطبيعة والوقوف على أسرارها والإنسان لا يدرك وعيه (أفكاره وأحاسيسه) وإنما يدرك العالم الموضوعي الموجود بصورة مستقلة عن وعيه وعن أي وعي آخر. ثم إن إمكانية المعرفة الصحيحة لهذا العالم ترتكز على الرابطة الضرورية القائمة بين الإنسان وهذا العالم الموضوعي ، بينه وبين المادة. ولكن هذه العملية لا تجري من هلال (التذكر). فمن وجهة نظر المادي تتبدى عملية المعرفة في صورة نسخة طبقة الأصل للعالم المحيط. فنحن نعرف أن النسخة أياً كانت حتى لو أخذت عن لوحة أو وثيقة ، فإنها تحتاج إلى جهد ، وتكون عملية معقدة. فكيف (بنسخ) الطبيعة !!

وهكذا فإن المثالي والمادي ينظران من زاويتين متضادتين سواء إلى العالم نفسه ، أو إلى الإنسان المتعرف أو إلى عملية المعرفة. وعليه فإنه يمكننا ان نقول أن مسألة معرفة العالم ترتبط ارتباطاً مباشراً وعضوياً بمسألة أولوية المادة أو الروح. وبالتالي فليس ثمة مسألتان رئيسيتان في الفلسفة وإنما هي مسألة فلسفية أساسية واحدة.


<<<

Post: #107
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: ناذر محمد الخليفة
Date: 06-12-2006, 11:31 AM
Parent: #1

!!!!!!!!!!!!!!!!

Quote: ايوه كده سيبك من الشغلانيات ديك وركز هنا انا والله بقطع فى نفسى عشان اخليهو حى




تروتو ..

شد اللجام غلبك ولا شنو

الله يديك العافية يا معتز

شنكل :

صدقني حصانك دا لو سمع كلامك ما بتجيهو عوجة تب !!
ولكن هو (الجموح) !!

Post: #108
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-12-2006, 01:24 PM
Parent: #107


____________

أصل التناقض

عرفنا فيما سبق تصورات مختلفة وعجيبة وخيالية أحياناً عن الطبيعة والإنسان والمعرفة. فهل ثمة أسباب لظهور مثل هذه الأفكار أم أنها مجرد ثمرة لهذيان أشخاص لا يستحقون الالتفات إليهم في عصرنا العملي المندفع؟

الماديون الكلاسيكيون يعتبرون أن التصورات المثالية عبارة عن هراء فارغ ، وثمرة خيال مريض ، ولذا فلا تستحق النضال الجدي معها. ولكن الحقيقة أنه من المتعذر دحض الأفكار المثالية بمجرد السخرية منها. فمن الضروري أن نفهم كيف أتت ، ولماذا ظلت موجودة حتى الآن.

سبق أن قلت أن ظهور الفلسفة يضرب جذوره في الممارسة البشرية ، في العمل ، وأنه ينبع من المشكلات الحياتية اليومية. وعلى نحو مماثل ثمة أسباب (عملية) لظهور الاتجاهين المتضادين (المادية) و (المثالية).

في مجرى العمل يطرح الإنسان أهدافاً معينة ، ويبحث عن السبل الملائمة لتحقيقها ، ويستخدمها في عمله ، ويحصل في النهاية على ما كان يتوخاه على مجرفة أو فأس ، على سلالة جديد من الحيوانات ، أو على غلة قمح. وطبيعي أنه في مجرى العمل تتكون لدى كل إنسان تصورات عن أن العالم المحيط غير مرهون بنا ، وأنه موضوعي ، وأن تحصيل أي هدف في هذا العالم يتطلب بذل القوة والطاقة ، وقدراً معيناً من المعارف والمهارات. ولكن بالإمكان معرفة هذا العالم ، وبالإمكان تحسينه ، وتكييفه مع متطلبات الإنسان ، مثلما يرغم الإنسان قوى الطبيعة على خدمته في الزراعة وتربية الماشية ، ويستخدم مواد الطبيعة لتحضير مختلف الأدوات.

وعلى هذا النحو يسحب الإنسان خبراته العملية ويعممها على الكون برمته ، فيتصور الطبيعة ورشة كبيرة يعمل فيها البشر. إن مثل هذا الإحساس بالعالم يشكل المقدمة المباشرة للأفكار المادية.

إن المعرفة العلمية مساعد أمين للإنسان في نشاطه العملي. ولذا فإن الفلسفة المادية تتجه دوماً نحو العلم ، فتستقي منه الدعم لاستنتاجاتها ، وترتكز مباشرة إلى الإنجازات العلمية وتقدم لها بالمقابل العون والمساعدة. وقد كان ماكس بلانك يرى أن النظرات المادية شرط ضروري للنشاط العلمي المثمر. ولذا لم يكن من الصدفة أن ظهور مختلف المدارس المادية قد ارتبط بإنجازات علمية كبيرة. ومن ذلك ما قاله كوبرنيق لفكرة مركزية الشمس كان عملاً ثورياً ليس فقط في تطور العلوم الطبيعية بل وفي مسير الفلسفة المادية. فتبعاً للتصورات السائدة حتى ذلك الحين كانت الأرض تعتبر ساكنة ، وقابعة في مركز الكون ، وحول الأرض تدور بقية الكواكب والنحوم. والأرض تنتمي إلى عالم ما تحت فلك القمر ، حيث الأشياء كلها عابرة وبعيدة عن الكمال. أما عالم ما فوق فلك القمر فكل ما فيه خالد وكامل لا يظهر ولا يفنى.

إن دحض التصور حول مركزية الأرض في الكون وتحويل الأرض إلى مجرد كوكب بين الكواكب كان يعني الإطاحة بتقسيم العالم إلى عالمين (ما فوق فلك القمر) و (ما تحت فلك القمر) ولكل منهما قوانينه الخاصة به. وعلى هذا النحو تبدت وحدة العالم. ثم إن كوبرنيق قد وسّع حدود الكون ففتح المجال لتأسيس لانهائية العالم في المكان. كما وأتاحت نظرية مركزية الشمس إمكانية تدقيق التصورات الفلسفية حول عملية المعرفة الحقة لا تطفو على السطح ، وإن تحصيلها يتطلب سبر أغوار الأشياء. وبذلك فقد ساعد اكتشاف كوبرنيق على ترسيخ وتطوير النظرة المادية للطبيعة والإنسان.

ثم جاء تطور الميكانيك فكان أحد أسباب ظهور الشكل الميكانيكي من الفلسفة المادية ومع تطور البيولوجيا والفيزياء والكيمياء تشكل لون جديد من المادية ، هو أرفع في الحقيقة أرفع صيغها ألا وهي (المادية الديالكتيكية).




<<<

Post: #109
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-12-2006, 01:31 PM
Parent: #108

___________

إن المادية باعتمادها على العقل وعلى العلم والبديهة كانت تنطوي دوماً على عنصر من الشك ، فعدم التسليم الأعمى بالشيء والتوصل إلى الأمور كلها بالطريق الشخصي المستقل والتحقق منها جميعاً هذه كلها ميزات الرؤية المادية للعالم. ومن هنا يأتي الموقف النقدي من التصورات الغيبية. كما يقول ترتوليان (أؤمن لأنه عبث). فإذا كان الأمر عبثاً فإنه فير صحيح. هذا ما يقوله المادي ، وبالتالي فإنه يبحث عن التناقض ويعمل لرصد الحقيقة. وإن مثل هذا التوجه النقدي للعقل سمة لماديي كافة العصور والشعوب. وفي هذا الصدد فقد أشار جواهر لال نهرو[1] وهو يتحدث عن الماديين القدامى في الهند أنهم هاجموا السلفية في الفكر والدين واللاهوت وانتقدوا (الفيدا) ومؤسسة الكهنة والمعتقدات التقليدية وأعلنوا أن القناعات يجب أن تكون حرة وألا تتوقف على الظنون ، أو على آراء السلف. كما تصدى الماديون الهنديون القدامى – حسب قول نهرو لكافة ألوان الخزعبلات والأوهام[2]. ولو لاحظنا نجد ان هنالك مقاربة كبيرة جداً بين ما يقوله نهرو وبين ما نجد في أشعار أبي العلاء المعري. وله قصيدة كانت السبب في وصفه بالزندقة يقول فيها:

عجبت لكسرى وأشياعه * * * وغسل الوجوه ببول البقر
وقول اليهود إله يحب * * * رشاش الدماء وريح القتر
وقول النصارى إله يضام * * * ويظلم حياً ولا ينتصر
وقوم أتوا من أقاصي البلاد * * * لرمي الجمار ولثم الحجر
فوا عجباً من مقالاتهم * * * أيعمى عن الحق كل البشر؟


وعليه ، ففي مجرى النضال ضد التصورات اللاعلمية كان يشحذ الذهن وكانت تتحسن طرائق المعرفة ، ويتشكل التصور المادي المتكامل عن الواقع. ولكن المثالية لم تظهر بلا أرضية. فالنشاط العملي أثر ، هو الآخر ، على ظهورها ولكن هذا التأثير كان سلبياً. فالمرء لا يحصل أحياناً على ما كان يرمي إليه. وخاصة في العهود الغابرة التي ولدت فيها أولى التصورات الفلسفية. فكم انصب من الويلات على الإنسان. لقد كان عرضةً للكثير من الصدف التي لم يكن بوسعه أحياناً تفسيرها. لماذا يعمل أحدهم في حين لا يعمل الآخر؟ ومن أرسى مثل هذا النظام؟ الإنسان يعيش ويفكر ، يعاني ويفرح ويموت فجأة. فإلى أين تذهبه روحه بعد الموت؟

إن ضعف الإنسان في مواجهة قوى الطبيعة وعدم القدرة على حل عدد من المشكلات الحيوية ، والعجز عن التفسير الصحيح لألغاز الوجود ، إنما تدفعه للتعويل على قوة جبارة مطلقة ، مثالية. وبالنسبة لإنسان كهذا ليست الطبيعة ورشة هو صاحبها وعاملها ، وإنما هي معبد شيّده آخرون. يحل فيه حلول الغريب ، ولا يمكث فيه طويلاً. وهذا يعني أن الممارسة العملية تعطي دفعة نحو التصورات المادية كما نحو التصورات المثالية. فأحياناً تغلب قوة الإنسان وأحياناً يهيمن عجزه.

وفي هذا الصدد يقول كارل ماركس: " أن الفلاسفة لا ينبتون من الأرض كما الفطر ، وإنما هم نتاج وقتهم ، نتاج شعبهم ، الذي تتركز في الأفكار الفلسفية أدق عصائره وأثمنها وأخفاها. فإن نفس الروح ، الذي يبني السكك الحديدية بأيدي العمال هو الذي يبني الأنساق الفلسفية في أدمغة الفلاسفة"[3]



__________

[1] جواهر لال نهرو فيلسوف مادي هندي
[2] من كتاب (ما هي الفلسفة) ص 114
[3] من كتاب (ما هي الفلسفة) ص 163

Post: #110
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-12-2006, 01:34 PM
Parent: #109

____________

إن الإنسان يصطدم بجملة من المتاعب والمصاعب ليس فقط في الماضي بل وفي الوقت الحاضر أيضاً فالعالم المحيط هو من التعقيد والتنوع بحيث لا يمكننا أحياناً أن نحكم حكم اليقين على حقيقة الأشياء. فمنذ نعومة أظفارنا نستوعب جملة من المفاهيم والتصورات. ونتعلم ما هو الواجب والشرف والعدالة والقانون. وندرس قواعد المنطق وقوانين الرياضيات. ولكن من أين جاءت هذه المفاهيم والقوانين والقواعد والعادات؟ هل نحن الذين اخترعناها؟ وليس بإمكاننا تسمية من وضعها ، فلربما كانت موجودة دوماً أو هبطت علينا من السماء؟ إن مثل هذه المحاكمات تشارف بنا على المثالية الموضوعية.

كلنا نشم الروائح ، نرى ونسمع ونتذوق ولكن حين نغلق أعيننا يختفي العالم المحسوس بالنسبة لنا ، ونغرق في الظلمة . وحين نفقد حاسة الشم تختفي الروائح. وإذا فقدنا السمع تغدو بكماً وبالعكس: لنتخيل أن ثمة كائناً حياً لديه – ليس فقط خمس حواس – بل ست أو أكثر ، فعندئذ ربما يغدو العالم غير ما هو عليه الآن. إن محاكمات كهذه قد تقود – بدون سوء تعمد من جانبنا – إلى المثالية الذاتية.

إن عملية المعرفة هي من التعقيد ، وسبيل المعرفة هو من الصعوبة بحيث لا مفر من الخطأ والضلال. وهنا تتفضل المثالية بتقديم حلها الذي هو أسهل الحلول عادة. ولكن البشرية تذلل تدريجياً محدودية خبرتها وتتحول من جارية للطبيعة إلى سيدتها. ثم إن تطور العالم لا يترك مجالاً لجموح الاختلاقات الأسطورية ، فتغدو المادية الاتجاه الفلسفي الحاسم. فهيهات أن تصادف اليوم فيلسوفاً يصرح علناً أن العالم المحيط أو الطبيعة مجرد حلم أو ضباب. ومن الصعب جداً إيجاد مثالي ينكر العلم مباشرة ، ويبرهن على أن اللاهوت وحده كفيل بتزويدنا بالمعارف عن العالم.

ثم إن تطور الخبرة الاجتماعية التاريخية يحدد أيضاً تطور الفكر الفلسفي. ولقد أشار أنجلس إلى أن قوة الفكر المحض ليست هي التي دفعت الفلاسفة إلى الأمام ، كما يتوهم البعض بل إنه ما دفعهم إلى الأمام هو التطور القوي للعلوم الطبيعية والصناعة.

وفي الوقت ذاته فإن المثالية غير مستعدة للاحتضار ، وإن كانت تتسر بالمادية أو تزعم أنها ترتفع فوق المثالية والمادية. فلعل صراع المادية والمثالية سرمدي؟!!!



<<<

Post: #111
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-12-2006, 01:35 PM
Parent: #110


(المادة القادمة: الصدى السماوي للعواصف الأرضية)

Post: #112
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-12-2006, 01:39 PM
Parent: #111

brb

Post: #113
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-13-2006, 10:30 AM
Parent: #112

_____________

الصدى السماوي للعواصف الأرضية


إن أسباب إصرار المثالية هذا علي عدم إخلاء مواقعها تعود أيضاً إلى تناقضات الحياة الاجتماعية. فظهور المثالية ووجودها في أيامنا لا يتحددان فقط بالمصاعب التي يصطدم بها الإنسان في مجرى المعرفة ، وفي النشاط العملي في حياته ككل. فمنذ غابر الأزمنة كانت توجد في المجتمع قوى معنية بالفلسفة المثالية. ولردح طويل من الزمن كان العالم البشري كله منقسماً إلى : أقوياء يمتلكون الحقول والمراعي والغابات وأدوات العمل ، وضعفاء مضطهدين محرومين وبائسين. وكان مالك العبيد والإقطاعي والرأسمالي يعملون للمحافظة على سلطتهم وثرواتهم وليس فقط بواسطة البندقية والمدافع والجيش والسجون ، فالفلسفة والدين حتى والفن تغدو في مجتمع مقسم إلى أغنياء وفقراء مضطهَدين ومضطهِدين ، أدوات للعنف الروحي ، وللسيطرة الطبقية. وليس من الصدفة أن أفلاطون وهو أحد كبار المثاليين الموضوعيين يرى أن كافة الأشياء المحيطة مادة سلبية ، بمعنى أنها جوهر خامل ووضيع ، والمثل والأفكار هي التي تسبغ الانتظام على المادة ، فهي التي تحول عماء المادة غير المتعينة إلى نسق منتظم. ومثلما يسبغ المثال (الفكرة) الانتظام على عالم المادة يترتب على الأرستقراطي أن يدير عامة الشعب. وهكذا يبدو الفيلسوف وكأنه يرسخ النظام القائم في المجتمع ، ويؤكد على تعذر تغييره.



وتمر الأيام ، وراح المجتمع العبودي القديم ينهار تحت ضربات الغزاة ، وتنخر عظامه انتفاضات العبيد من الداخل ، ويتعرض اقتصاده للانحطاط. وشعر ذوو السلطان أنه يتعذر إيقاف عجلة التاريخ ، والإبقاء على الدفة بأيديهم. وهنا جاءت المذاهب المثالية الذاتية بمثابة عزاء جيد: الأشياء كلها آنية ووهمية ما عدا الملذات أو على العكس: رغباتنا باطلة كلها، فليس للإنسان أن يكون تام السعادة أبداً ، ولذا ينبغي الحد من الرغبات والاقتصار على أدنى قدر منها والعيش حياة قاسية وبسيطة ، حياة الزهد والتنسك. فالسلطة والسعادة والغنى أمور يتعذر إدراكها في هذا العالم ، حتى ولا وجود لها بالفعل.



وفي المجتمع البرجوازي المعاصر رسخت النظرات المثالية الذاتية مواقعها في وعي البرجوازي الصغير ، الذي أضنته المنافسة . ولذا فلا حاجة للركض وراء النجاح والثروة ، ولا للبحث عن الحقيقة ، او النضال ضد الظلم والاجحاف. فالأمر الرئيسي هو الحصول على متعة متواضعة من النجاحات الحياتية الصغيرة ، وهذا هو مذهب الفلسفة البراغماتية[1] المثالية الذاتية.



إن المثالية كقاعدة عامة تعبر وتدافع عن مصالح الطبقات المالكة. ولكن قد تتطور الفلسفة المثالية أحياناً على أيدي مفكرين لا يرضون عن وضع الأمور القائم ، ويسعون لتغيير الوسط المحيط بهم. فهل بوسع الفلسفة المثالية أن تساعد حقاً في قضية نبيلة مثل قضية إعادة بناء المجتمع؟



__________

[1] البراغماتية : تيار مثالي ذاتي في الفلسفة البرجوازية المعاصرة. جوهر هذه الفلسفة هو اعتبار أن الحقيقة والمنفعة أمر واحد وبعبارة أخرى هو مبدأ تماثل الحقيقة والمنفعة. وتعتبر المنفعة تلبية لمصالح الفرد الذاتية.

Post: #114
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-13-2006, 10:37 AM
Parent: #113

__________


كما هو معروف فإن ألمانيا في مرحلة سابقة كانت متأخرة نسبياً من الناحية الاقتصادية ، ومع بداية الثورة الفرنسية العظمى والتي ولدت أفكار الإطاحة بالأنظمة الإقطاعية التي كانت تحوم فوق الرؤوس ، كانت الانتلجنسيا الألمانية المعبرة عن مصالح البرجوازية النامية تسعى نحو التغيرات الاجتماعية الجذرية. ولكن لم تكن لديها قوى كافية لإعادة بناء المجتمع فعلياً . فلم تكن تتمتع بتأييد الجماهير وكانت سلطة الدولة قوية إلى حد كبير ، وتقف إلى جانب القوى الاجتماعية الرجعية. وكان ثمة مخرج وحيد ، ألا وهو تغيير المجتمع (في الخيال) وبناء فلسفة ، بناء عالم مثالي ينفي العالم الأرضي.


وقد وضعت مثل هذه الفلسفة. ولكن فلسفة فيخته و شيلينغ و هيغل المثالية لم تكن العون المطلوب على طريق التغيير الفعلي للعالم ، لماذا ؟ لأنها نقلت المشكلات الواقعية إلى عالم الأفكار. وعلى العكس من ذلك ، صارت أفكار المادية في فرنسا تمثل راية البرجوازية النامية في المرحلة التي سبقت الثورة الفرنسية الكبرى. ففي ذلك الحين لم يكن المجتمع البرجوازي يعرف أهوال الأزمات الاقتصادية وكوابيس البطالة . وكانت الطبقة العاملة لا تزال ضعيفة وغير منظمة. وكان البرجوازي لا يزال يؤمن بالإمكانيات اللامحدودة للمجتمع الرأسمالي ، ولم يكن يحس بولادة الundertaker (البروليتاريا) فكان مفعماً طاقةً وإرادة وآمالاً. وها هي الرأسمالية قد انتصرت ، فراحت تتكشف جلية جوانبها المظلمة أيضاً. وتدريجياً صارت المادية خطرة جداً على الرأسمالية. وكلما ازداد وضوح استعصاء تناقضات المجتمع الرأسمالي المعاصر اتسق نطاق ظهور وانتشار مختلف المدارس المثالية في الغرب.



وعليه فإن الفلسفة المادية تعبر دوماً عن مصالح القوى الاجتماعية الطليعية. أما الفلسفة المثالية فتعلب عادةً دور المدافع عن الفئات أو الطبقات العليا من السكان ، عن حقوقها ونمط حياتها وحرياتها.



وقد يقول البعض أنه من الصعب الجزم بأن الجماهير الشعبية كانت دوماً ترى في المادية فلسفة خاصة بها ، فقد يصادف أن الشعب : العبيد والفلاحين والحرفيين وصغار التجار لم يسمعوا بهذه الفلسفة ولا بالفلسفة العامة حتى. فعن أي فلسفة يمكن الحديث بالنسبة للعبد الذي أضناه العمل القاسي أو الفلاح الذي يعمل نهاراً وليلاً ، أو العامل الذي ليس له إلا يوم عطلة واحد في الأسبوع. فالفلسفة التي تنير في سبيل التحرير لم تكن بمتناول الكادحين.



أما في المجتمع الرأسمالي المعاصر فيتحد العمال في جماعات كبيرة ، ويحصلون على قد معين من المعارف ويتمتعون بأفق أوسع وبوقت فراغ أكبر. وبذلك تزداد إمكانيات استيعابهم للفلسفة المادية. وإذا أخذنا روسيا على سبيل المثال قبل ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى 1917 نجد أنه قد العمال قد نظموا جملة من الحلقات المخصصة لدراسة سلسلة من العلوم ، ومن ضمنها الفلسفة المادية.



وعليه فإنه في المجتمع المعاصر تتشكل الظروف المواتية لاستيعاب الفلسفة المادية من طرف الجماهير. وإن مثل هذه الوحدة بين القوى الاجتماعية التقدمية وبين الفلسفة الطليعية هو ضمانة تغيير المجتمع على أسس عادلة وإنسانية.



وكان كلاسيكيو الماركسية اللينينية هم أول من صاغ المسألة الفلسفية الأساسية صياغة دقيقة فكشفوا عن بنيته ، وقدموا المعيار لتقييم مختلف الاتجاهات والمدارس والنظريات الفلسفية. إن الماركسية غريبة عما تميزت به المادية ما قبل الماركسية من محدودية في فهم المادة. فهي بتعريفها المادة على أنها الواقع الموضوعي المعطى لنا في الأحاسيس ، حلت ، وللمرة الأولى في التاريخ مشكلة وحدة الطبيعة الحية وغير الحية : الطبيعة والمجتمع حلاً مادياً مستقاً كما وأنها برفضها للفهم المبسط والمبتذل للعلاقة بين الفكر والمادة ، وهو الفهم الذي يرد وعي الإنسان إلى عمليات مادية قد أثبتت وللمرة الأولى فكرة ظهور الوعي في المرحلة العليا من تطور المادة. وصار هذا الاكتشاف ممكناً بفضل الجمع العضوي بين المادية وبين فكرة التطور.




Post: #115
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-13-2006, 11:23 AM
Parent: #114

______________

نظرتان إلى تطور العالم


إن العالم المحيط بنا يتواجد دوماً في تغير وحركة وتطور. وتدل على ذك الحياة اليومية ، كما يدل عليه العلم والممارسة البشرية والصراع السياسي. وثمة تغيرات كهذه لا تسترعي الانتباه ، في حين يترتب على بعضها الآخر آثار ملحوظة بالنسبة للناس والدول البشرية ، وللطبيعة ككل. والكون كله في حركة ، فتدور الكواكب في أفلاكها حول الشمس وتشتعل النجوم وتخبو ، وتغير الأرض ملامحها ن فتظهر الجزر والجبال ، وتثور البراكين ن وتحدث الزلازل ، ويتبدل مجرى الأنهار وشواطئ البحار ، ويتغير عالم الحيوانات والنباتات. وطرأت تغيرات كبيرة على الإنسان والمجتمع: فقد سارا في تطورهما من القطيع البدائي إلى الاشتراكية المتقدمة ، وعلى مرأى منا تتغير لوحة العالم. ففي بلدان كانت حتى الأمس القريب مسرحاً لنهب المستعمرين ظهرت دول حرة مستقلة.



ولكي يحافظ افنسان على حياته في العالم يضطر للتكيف معه ، ولتغييره وفقاً لأهدافه واحتياجاته ، مما يتطلب فهم وتفسير ما هو عليه من تنوع كبير. فمنذ غابر الأزمنة تساءل الناس: ما هو العالم ؟ وماذا يجري له ؟ وهل ثمة رابطة بين الأشياء ؟ ولماذا يتحرك العالم أو ماذا يقوم في صلب الحركة؟ وللإجابة على هذه الأسئلة قام كهنة بابل برصد حركات الكواكب ، ووصفوا كسوف الشمس وخسوف القمر. ومن الملاحظة والوصف انتقل الناس إلى معرفة أعمق للعالم وإلى تفسيره. وقد أدرك المفكرون القدامى أنه لفهم العالم لا بد من مراعاة دور الحركة. ولذا فإن السؤال: هل الحركة موجودة؟ قد اكتمل بالسؤال: ما هي الطبيعة؟ وكان هذا طرح مشكلة فلسفية جديدة بالغة الأهمية.



وهنا كما في حالات كثيرة مماثلة ، ظهرت آراء مختلفة وقدمت إجابات متباينة ، فكان أرسطو مثلاً يرى أن الجهل بالحركة يستتبع الجهل بالطبيعية. وفي إطار تفسير ماهي الحركة وأسبابها ومصدرها شهد تاريخ الفكر الفلسفي هور أسلوبين في فهم تطور العالم ن ارتبط بهما منهجان في دراسته ، هما: الديالكتيك و الميتافيزيقا.



<<<

Post: #116
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-13-2006, 11:39 AM
Parent: #115

__________

ما هو الديالكتيك؟

الدياكتيك هو فن الجدل ، فن إجراء النقاش بهدف التوصل إلى اليقين عبر مصادمة الآراء المتعارضة . وكان أفلاطون يطلق نعت ديالكتيكي على الشخص القادر على السؤال والجواب. وعلى تعريف الأشياء والظواهر عبر النقاش والجدل والتوصل من خلال ذلك إلى الحقيقة. وكان سقراط مفكراً ديالكتيكياً كبيراً بهذا المعنى ن فقد قضى حياته كلها في النقاش والحوار آملاً في إدراك الحقيقة . ففي هذه المحاورات كان سقراط يطرح الأسئلة ويناقش أجوبتها ، يدحض وينصح ، ينتقد ويشكك في آراء الخصوم ، وصارت هذه الطريقة في التوصل إلى الحقيقة عبر مقارنة الآراء المتعارضة ومن ثم تذليل هذا التعارض هي ما يعرف بالديالكتيك.



وبعدها جاء أرسطو فدّل بالديالكتيك (الجدل) على المحاكمة التي تكون صحيحة منطقياً ، ولكنها تنطلق من مقدمات ظنيّة (خلافاً للبرهان الذي ينطلق من مقدمات يقينية). وفي إطار هذا الفهم صار الديالكتيك (الجدل) يعني القدرة على إثبات الموضوعة ونقيضها. وهذا الفهم للديالكتيك باعتباره فن الجدل ظل سائداً في العصور اللاحقة حتى أيام هيغل الذي ضمّنه محتوى جديداً ، صار يعني : النظر إلى العالم وظواهره في تغيرها وفي تطورها النابع من صراع الأضداد الداخلية فيها. ولكن هذه الرؤية الديالكتيكية للكون ليست وليدة عصر هيغل بل كانت موجودة قبله كذلك.


<<<

Post: #117
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-13-2006, 12:51 PM
Parent: #116

للولوج لتاريخ الفلسفة لابد من التطرق بعض الشى عن (هيجل) الذى يعتبر اخر فيلسوف من اصحاب المذاهب الكبرى ؛حيث تعتبر فلسفته مصدار مهما لاغلب النظريات والمذاهب التى تصارع بها الافكار حتى يومنا هذا وخاصة الماركسية والوجودية ..
وقد يرجع هذا الى الطابع المزدوج لفلسفة هيجل نفسها التى يُطلق عليها بالمثالية الموضوعية ؛فهى مثالة من ناحية المذهب ؛وموضوعية من ناحية المنهج...
حيث ان هذا المنهج هو مايعرف بالمنهج الجدلي الذى اتخذه ماركس وانجلز منهاجا لمذهبهما الفلسفى واقاماه على قدمية بعد ان كان يقف على راسه فى فلسفة هيجل ..
نلخص جزهر فلسفة هيجل ((بالفكرة المطلقة)..
وتتميز هذه الفكرة بالطابع الجدلي (الديالكتيك..) حيث نجدها فى صراع داخل ذاتها؛نجد ان النتيجه الحتميه لهذا الصراع الداخلى الاوهو دفعها الى التحرك والتغير والتغرب عن ذاتها والانتقال الدائم الى نقيض هذه الفكرة المطلقه حيث تمر بى 3 مراحل..
المرحلة الاولى : مرحلة خالصه التجريد والاطلاق...الخ
المرحلة الثانية : مرحلة تعبير الفكره المطلقه عن ذاتها عن طريق نفى ذاتها ..الخ
المرحلة الثالثه : مرحلة نفى النقيض هذا ..الخ
• فتعود الفكرة المطلقه مرة اخرى الى مملكة الفكر الخالص ولكنها متجسدة هذه المرة فى الفكر البشرى ؛ويتنوع هذا التجسد بين الفكر الفردى النفسى او الفكر الاجتماعي...
• ومن هذه المراحل الثلاث تتالف الحركة الجدلية لكل شى من موضوع ؛ الى نقيض لهذا الموضوع ؛الى مركب جديد لهذا الموضوع ..كما تتالف كذكل الابواب الاساسية لفلسفة هيجل وهى المنطق وموضوعة الفكرة المجرده...
• وفلسفته فلسفة الطبيعية وموضوعها الفكرة متحققه فى الكون واخيرا فلسفة الروح او العقل متحققة فى النشاط البشرى فى مظاهرة المختلفة من نفس واخلاق وتاريخ وفن ودين وفلسفة...
• ورغم هذه المراحل والمظاهر المختلفة المنتوعه ؛فانها عند هيجل تجسيد للفكرة المطلقة فى تعبيرها عن ذاتها..ولهذا فالفكرة والواقع عند هيجل شى واحد ؛فالواقع فكرى كما ان الفكرة واقعية..
• ولعل منهج هيجل الجدلي قد نجده هو الاخطر ما اضافه هيجل الى الفكر البشرى..
• جوهر الجدل الهيجلى هو ان الحركة والتغير هو ان الحركه والتغير والتشابك والتناقض هى اساس الوجود ؛على ان اهمها جميعا هو التناقض ؛فالتناقض هو اساس الحركة والتغير والتطور جميعا ..ونجد بان هيجل لم يقف عند هذا القول بل سعى لتحديد بعض القوانين العامه التى تحكم اتجاه التغير فى الوجود الطبيعى والانسانى على السؤاء مثل التحول من التغيرات والكمية الى التغيرات النوعية او الكيفية كما يدحض ماذهب اليه (كانط) فى استحالة معرفة الشئ فى ذانته فيؤكد امكانية المعرفة المطلقه فى حركتها النسبية عبر التاريخ...
• وعلى الرغم من ان هذه النظره الجدلية الدائبة الحركة والتفتح والتغير والتطور فى منهج هيجل ؛الا انه فى مذهبة الفلسفى انتهى الى مايشبه الدائرة المقفله ؛ فهو يذهب مثلا: فى اواخر ايامه الى ان الدوله الروسية البرجوازية هى التجسيد النهائى الاخير للفكرة المطلقه وهى اعلى ورقة مرحلة للتطور البشري..
• وبهذا يجمد هيجل الحركة الجدلية فى داخل النظام الاجتماعي ويتناقض فى مذهبة مع منهجة
• الا اننا نجده يحاول ان يغطى التناقض بالقوة بحتمية الحرب بين الدول المختلفة كاساس للتقدم والتطور ...
• ايضا نجد انه فى الحقيقه يلغى الحركة الجدلية داخل النظام الاجتماعيى ليحتفظ بوجة من وجوها بين الدول ...
• نجده بهذا يعبر ابلغ تعبير عن مصالح البورجوازية((الالمانية)) وهى تسعى فى النهاية الى الاستقرار ؛والى تاكيد ابدية نظامها الاجتماعي والسياسي فى مواجهه كل الماحولات الثورية فى بنائها الداخلى الذى عبر عنها فيما بعد ((ماركس و انجلز)).

Post: #118
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-13-2006, 12:57 PM
Parent: #117


هيجل & ماركس:
• لقد صاغ هيجل المنهج الجدلي ولكن ماركس اقاممه على قدمية ؛فبدلا من ان يكون الواقع تعبيرا عن الفكرة كما كان يقول هيجل ؛اصبحت الفكرة تعبيرا عن الواقع وانعكاسا له ؛دون ان يقلل هذا من فعالية الفكرة فى الواقع كذلك...
• هكذا اقام ماركس اسس الجدلية التى تؤكد ان وجود المادة سابق على وجود الفكر وان العالم الخارجي قابل لان يعرف بالذهن معرفة موضوعية يقينية ؛يزداد يقينيها بازدياد التجربه البشريه وتطورها كما طبق ماركس قواعد المنهج الجدلي من تغير وتداخل وتناقض وتحول من كم الى كيف ؛ على مختلف مجالات النشاط البشرى .
• انتهى الامر الى اقامة المادية التاريخة التى هى علم قوانين التطور الاجتماعي والصراع الطبقى...
• استطاع ماركس ان بفصل المادية التاريخية ان يميز بين مراحل الاستغلال المختلفة فى التاريخ البشرى من عبودية واقطاعية وراسمالية ؛وان يكشف قوانين الاستغلال فى كل مرحلة ؛وان يقف طويلا عند المرحلة الراسمالية فبفضح بالتحليل العلمي متناقضاتها الداخلية ويؤكد حتمية انهاير هذه المرحلة الاخيرة من مراحل الاستغلال البشري ويحدد طريقة النضال لانجاز هذه المهمه التاريخية ؛
• وبهذا نجد بان ماركس وضع اسس ((الاشتراكية العلمية)) فى مواجهة مختلف الاشتراكيات الخيالية.
• من اهم ماكتبه ماركس بخصوص الفلسفه كتابه (مساهمة فى نقد فلسفة القانون عند هيجل) –(الاقتصاد السياسى والفلسفة) – (الايدلوجية الالمانية) – (العائلة المقدسه)
• ولاننسى كتابه الرائع ((برومير ولويس وبونابرت))..

نواصــــل..
الفلسفة من ناحية انجــلز..



Post: #119
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-13-2006, 01:35 PM
Parent: #118

_______________

هذا العالم متغير أبداً

كان قد أكد هيراقليطس على أن الموجودات كلها تتحرك بفضل المبدأ اللامتناهي ومثّل ذلك بالنار الحية السرمدية وأوردت ما قاله في هذا الصدد "فبالنار تبادل الأشياء كلها مثلما تبادل السلع بالذهب." وقد أسبغ هيراقليطس الحركة على الأشياء كافة. ففي الطبيعة تجري حركة لا متناهية مثلما يقول في صيغة أخرى : "فالنار تحيا بموت التراب والهواء يحيا بموت النار والماء يحيا بموت الهواء والتراب يحيا بموت الماء."[1] وفي إطار هذه الرؤية الديالكتيكية يتبدى العالم تفاعلاً للأضداد ، وحدة لها وصراعاً بينها. ثم إن إدراك الحقيقة يتم عبر تبدل الأضداد وصراعها فالأضداد تلتقي والأشتات تتجمع في نسق رائع وكل يجري عبر الصراع. والأشياء كافةً تتغير فالصراع أبو الكل ومالك الكل.


وتطورت النظرة الديكالكتيكية إلى الكون على يد المفكرين العرب مثل ابن رشد وابن سينا ، فنجد ابن رشد يرى أن الحركة أزلية لا تفنى وأن الظهور أي (الكون) والتغير والانحلال أي (الفساد) متضمنة كإمكانية في المادية ذاتها. فالانحلال من جنس التكاثر ، وكل جنين ينطوي على إمكانية الفساد. كذلك يرى ابن سينا أن الحركة كامنة في المادة ، حيث تعني القدرة على التغيّر. أما الفيلسوف الصيني القديم تشان تزان أسبغ الحركة على القوة المادية التي تعيش حياة دورية صعوداً وهبوطاً ، فترجع إلى الخلاء العظيم أو تتكثف لتكوّن العالم المحسوس كله. أما الفلاسفة الهنود فيقولون بتغير العمليات المادية كلها عن عدم سكونها.


أريد أن أقول أن جميع الفلاسفة القدامى سواء في اليونان أو في المشرق العربي أو في الهند أو في الصين أكدوا على حركة العالم السرمدية وأكدوا أنها تتطور وتتغير. وفي مجال الحديث عن تاريخ الديالكتيك لا بد من ذكر هيغل الذي وضع مذهباً متكاملاً في الديالكتيك. إذ يرى هيغل أن العالم يتطور بفضل تفاعل قوى متضادة ، ولكنه يربط هذا التطور بتطور الفكرة المطلقة أو الروح الكونية أو العقل الكوني. فالعالم في فلسفته يبدو وكأنه مقلوب: فما يتطور في الطبيعة والتاريخ البشري ينسبه هيغل إلى العقل الكوني ، ولذا فإن ديالكتيكه مثالي الطابع. لقد خمّن هيغل في ديالكتيك الفكر ديالكتيك العالم الواقعي. فتطور العالم عنده هو مسيرة ارتقاء الروح الكونية. والأشياء كلها تتطور بفضل الأضداد المتضمنة فيها ، ولذا فإن لأي منها تاريخه. إن النواة الصحيحة أو النواة العقلانية في فلسفة هيغل هي مذهبه في التطور. وخاصة قوله بتفاعل الأضداد الداخلية مصدراً لهذا التطور.


أما الديالكتيك المادي فهو مذهب في التطور باعتباره تغيراً وحركة سرمديين للعالم والمجتمع والإنسان ، وكذلك منهج في معرفة العالم ، لا يعترف بأية حقائق نهائية وسرمدية. وقد ساعد الديالكتيك المادي على صياغة المدخل الصحيح لمعرفة العالم والوصول إلى الحقيقة.


فمن زمن طويل أحس الناس في نشاطهم الحياتي بوجود روابط بين مختلف ظواهر العالم وأحداثه صحيحة أنها أحياناً ليست جلية للعيان ولكنها موجودة فعلاً. واستمر الناس لفترة طويل قبل أن تتشكل لديهم التصورات عن (ارتباط الكل) عن (سلسلة الأسباب) وغيرها. فإن استيعاب هذه التصورات وتعميمها قد سار من ملاحظة تواجد الظواهر المفردة معاً إلى صياغة التصور عن الرابطة ، ثم مفهومها ، مفهوم الترابط الشامل للأشياء والظواهر. وما زالت البشرية تتذكر اسم الفيلسوف الذي كان أول من استخدم المحاكمات العلمية مفهوم الرابطة السببية باعتبارها أهم شكل للرابطة ألا وهو ديمقراطيس الذي قال بأن لكل شيء علة أو سبب. فلا شيء يحدث بدون سبب. إن العلية (السببية) عند ديمقريطس هي ضرورة طبيعية ولذا فإن وجود الشيء بدون علّة معناه وجوده صدفة ، ولكنه مثل هذا الوجود اللاسببي أو العرضي مرفوض تماماً لدى ديمقريطس ، ويرى فيه تعبيراً ذاتياً عن الجهل بأسباب الحادثة المعنية. ويذهب ديمقريطس إلى أن الناس هم الذين ابتدعوا صنم الصدفة ليتستروا به على جهلهم.


إن فهم الرابطة السببية على أنها الشكل الوحيد لتفاعل الظواهر الطبيعية قد ترسخ في الفلسفة كما في العلوم الطبيعية ، فباقي أشكال الترابط ، وخاصة الصدفة والإمكانية والاحتمال كانت تعتعبر بمثابة أحاسيس نفسية وتصورات ذاتية. ومن ذلك عبارة بيكون الشهورة "ابحث في الأسباب" فالمعرفة الحقة هي المعرفة عبر الأسباب.


وفي الفلسفة وعلوم الطبيعة كانت الرابطة السببية تعتبر ضرورة صارمة ومباشرة. وانطلاقاً من مبدأ السببية واستناداً على قوانين الميكانيك الكلاسيكي فإنه يمكن في حال معرفة سرعة الجسم ووضعه في لحظة معينة تحديد موقعه وسرعته في أية لحظة في المستقبل. ومن هذه الزاوية يتبدى العالم كله سلسلة صارمة من الروابط ، وفي هذا الإطار تكون الحوادث كلها متعينة سلفاً. وهذه النظرة تؤدي منطقياً إلى الجبرية[2].


وعندما ينظر إلى الرابطة السببية على أنها ليست أمراً موضوعياً وإنما هي ارتباط ذاتي بين تصوراتنا -كما يؤمن هيوم – أو تعتبر شيئاً ملازماً للفكر البشري منذ الأزل – كما يؤمن كانط - ، فإن هذا يقود إلى اللاأدرية[3] ومن ثم إلى المثالية.


إن الفهم المادي المتسق للرابطة السببية بوصفها أحد أهم أشكال الارتباط الشامل إنما يؤكد على موضوعيتها. فالعالم المادي – من وجهة النظر المادية الديالكتيكية- هو ارتباط كلي للأشياء المتحركة والمتغيرة. أما خارج هذا الارتباط الكوني الشامل فيتعذر فهم لا هذه ولا تلك من الظواهر والعمليات المفردة فحسب ، بل والحركة عامة.


ولذا فإن المفكر الديالكتيكي يرى في الدراسة العلمية الموضوعية لكل موضوع ولكل شيء عملية لا متناهية من الكشف عن جوانب وعلاقات وروابط جديدة. وتأتي العلوم الطبيعية المعاصرة وبينها الفيزياء ، لتقدم تصوراً أدق عن هذه التفاعلات الجوهرية التي تشمل ميداناً واسعاً من الظواهر الجارية في الكون ، بدءاً من تطور المجرات وانتهاءً بأدق العمليات في الجسيمات الأولية. وفي العالم الموضوعي يتجلى الارتباط الشامل في كافة أشكال الحركة: في الانتقال الميكانيكي ، وفي مختلف العمليات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية ، وفي الحوادث الاجتماعية.


ولكن تاريخ الديالكتيك يعرف آراء ذهبت في تصوير دور الحركة والتغير إلى مواطن بعيدة جداً . ومثال ذلك الفيلسوف كراتيل صاحب العبارة المشهورة "إنّك لا تعبر النهر مرتين" فهو يقول بأنه يتعذر على المرء أن يسبح مرتين في مياه النهر الواحد ، فالماء يجري دوماً ويتغير ، والإنسان نفسه يتغير في كل لحظة ، ومن هنا تتعذر المعرفة. وقد عرفت هذه النظرة بالنسبوية. إذاً فالنسبوية تبالغ في حركية الأشياء وتغيرها ، فترى أنه إذا كانت الأشياء تتحرك وتتغير دوماً فإنه يستحيل إصدار حكم معين عليها. ومن شأن نظرة كهذه أن تحول الديالكتيك إلى ضده (الميتافيزيقا) . فما هي الميتافيزيقا؟


___________

[1] كتاب (ما هي الفلسفة) – ص 132
[2] الجبرية : مذهب يقول أن العملية العالمية كلها والحياة البشرية قررتها سلفاً قوة عليا (قضاء وقدر)
[3] اللاأدرية (من لا أدري) : وهو مذهب ينكر إمكانية معرفة العالم كلياً أو جزئياً.

Post: #120
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-14-2006, 10:46 AM
Parent: #119

___________

ما هي الميتافيزيقا ؟


كلمة ميتافيزيقا تعني حرفياً (ما بعد الطبيعة) أو (ما وراء الطبيعة) وهذه التسمية اصطناعية ، وسبب هذه التسمية : أن اندروزنيقوس (تلميذ أرسطو) رتب مؤلفات أستاذه فأطلق اسم الميتافيزيقا على مؤلفات أرسطو التي تأتي بعد الفيزياء (الطبيعة). وفيما بعد صار مصطلح الميتافيزيقا يدل على مبحث في الفلسفة يهتم بدراسة علل الموجودات وأصولها ومبادئها وذلك بدراسة الوجود بما هو موجود ، بدون لواحقه الزمانية والمكانية.



ثم جاء هيغل فاستخدم مصطلح الميتافيزيقا مقابل لمصطلح الديالكتيك. فقد كانت الميتافيزيقا تتميز بالمبالغة في ثبات الأشياء وصيغ التفكير ، أما الحركة ومصدرها وكذلك تناقض الحركة نفسها فلم تكن تدخل في ماهية الأشياء التي كانت تعتبر نتائج جاهزة. فبالنسبة للميتافيزيقي تبدو الأشياء وانعكاساتها الذهنية (أي المفاهيم) أمور منفردة ، وساكنة لا تتغير ، ومعطاة مرة واحدة وإلى الأبد. وتخضع للبحث أحدها بعد الآخر. إنه يحاكم من خلال أضداد مباشرة ، فيتألف حديثه من (نعم/نعم) و (لا/لا) وما عدا ذلك فإنه من الشيطان. وهذا يعني أن الديالكتيك والمتافيويقا نظرتان متضادتان إلى التطور. وأسلوبان مختلفان في تفسير معرفة العالم. ويصادف أحياناً رأياً مفاده أن الديالكتيك يقول بالتطور أما الميتافيزيقا فتنفيه أي تنفي التطور.



غير أن هذا ليس بصحيح. فالميتافيزيقا لا تنفي التطور ، صحيح أن الميتافيزيقا في بدايتها كانت تتجرد عن الحركة كصفة جوهرية للظواهر المادية ولترابطها ، ولكن فيما بعد لم تعد الميتافيزيقا تنفي أو تنكر التطور. بيد أنها تفهمه فهماً مبسطاً ، ولذا فإنها تبقى نقيضاً للديالكتيك. فالديالكتيك والميتافيزيقا كلاهما يعترفان بالحركة والتطور ولكنهما يفهمانها ويفسرانها على نحو مختلف.



فالديالكتيك يفهم التطور باعتباره تفاعلاً بين الأضداد باعتباره وحدة لها وصراعاً بينهما. وهو ينظر إلى التطور على أنه تطور داخلي (تطور الذات). أما الميتافيزيقا فترد التطور إلى الحركة الدورية ، فتنفي التطور الذاتي.


<<<

Post: #121
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-14-2006, 11:05 AM
Parent: #120

________

إن النظرة الميتافيزيقية للعالم ومعرفته كانت مبررة في حينها ، فقد ارتبطت بتقدم العلم واحتياجات تطور المعرفة. وقد ساعدت على جمع وتكديس الوقائع الخاصة بالأشياء والظواهر المنفردة ، وعلى الكشف عن صفاتها عبر المقارنة والملاحظة وغيرها. وعلى هذا النحو تمت الاكتشافات في عدد من العلوم مثل الرياضيات والفيزياء والبيولوجيا وغيرها. ولكن تكديس المعارف وتنسيقها يؤدي – في ظل سيطرة الأسلوب الميتافيزيقي في التفكير – إلى أن الأشياء والظواهر تدرس خارج إطار ارتباطها بالأشياء والظواهر الأخرى ، وتؤخذ منعزلة بعضها عن الآخر. ويتجرد العلماء عن تغيرها وتطورها.



وقد سادت هذه النظرة حتى وقت قريب ، مما أدى بكثير من العلماء إلى القول بعدم تغير العالم وبمطلقية قوانينه التي كانت ترد إلى قوانين الميكانيك. وكانت تلك نظرة ترى أنه (لا جديد تحت الشمس) ثم إن الميتافيزيقا التي كانت - من الناحية التاريخية – أسلوباً محدوداً في المعرفة ، راحت تتحول تدريجياً إلى عائق على طريق تطور العلم.

Post: #122
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-14-2006, 12:00 PM
Parent: #121

___________

الاكتشافات الثلاث الكبرى

في مجرى العالم تبين خلط الآراء الميتافيزيقية عن العالم. وقد ظهر ذلك في علم الفلك ، حيث طرح كانط وآخر اسمه لابلاس فرضيتين متشابهتين تقولان بتحدر المجموعة الشمسية من مادة سديمية أولية. وقد جاءت فرضية كانط ولابلاس هذه لتحدث أول شرخ في صرح التصورات الميتافيزيقية عن الأجرام السمواية.


إن الأفكار الديكالكتيكية حول التغير والتطور الشاملين قد ولدت في أحشاء العالم نفسه. فالفكرة القائلة بأنه بدون نظرية التطور يتعذر تفسير العالم المتغير ، صارت بمتناول العلم. وقد لعبت دوراً كبيراً في تشكل النظرة الديالكتيكية للعالم ثلاثة اكتشافات كبرى ، هي:

1) اكتشاف البنية الخلوية للكائن الحي.
2) اكتشاف قانون حفظ الطاقة وتحولها.
3) اكتشاف نظرية التطور.


وقد ساعدت هذه الاكتشافات على استجلاء الارتباط الشامل بين أشياء العالم وظواهره ، وبينت أن التطور يتم في صورة حركة من البسيط إلى المعقد ، من الأدنى إلى الأعلى. وإذا كان العلماء والفلاسفة الميتافيزيقيون من قبل يرون استقلالية أشكال المادة بعضها عن بعض كالشكل الحراري والمغناطيسي والميكانيكي والكهربائي ، فقد كشف الآن عن الرابطة الداخلية بينها.



<<<

Post: #123
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-14-2006, 12:04 PM
Parent: #122

____________

نظرية البنية الخلوية للكائن الحي: ويرجع الفضل في اكتشاف البنية الخلوية للكائن الحي إلى علماء ألمان اكتشفوا الخلية بوصفها أساس بنية كافة النباتات والحيوانات. وكان لذلك قيمة فلسفية كبيرة ، حيث كشف عن وحدة عالم الأحياء كله ، وعن القرابة التي تجمع الكائنات.



قانون حفظ الطاقة وتحولها : وباكتشاف قانون حفظ الطاقة وتحولها أثبت الفيزيائيون أنه لا شيء في العالم يظهر من عدم أو يفنى تماماً. ورغم أن هذه النظرية كانت معرفة بشكلها الفلسفي حتى قبل اكتشاف هذا القانون إلا أنها لم تلق الدعم العلمي إلا بعد وضع قانون حفظ الطاقة وتحولها هذا. فقد بين العلماء تجريبياً أن الطاقة لا تخلق ولا تفنى وإنما تتحول من حالة إلى أخرى: من الشكل الميكانيكي إلى الحراري ، ومنه إلى الكهربائي ... وهكذا.



نظرية التطور: وجاءت نظرية التطور التي وضعها العالم الإنجليزي داروين لتفسر (مادياً) ارتباط عالمي النبات والحيوان ، فعلى أساس حشد هائل من الوقائع برهن داروين ان الطبيعة كلها – بدءاً من النباتات وانتهاءً بالإنسان – تتحرك وتتطور دوماً. ثم انتشرت فكرة التطور في باقي ميادين العلم. فالجيولوجيون أكدوا على التطور المستمر للأرض ، وراح علم التاريخ يصوغ مبدأ التأريخية ، أي طرح فكرة التقدم كحركة من الأدنى إلى الأعلى ، وبين علماء الاجتماع أن النفس البشرية تتغير وتتطور. وعلى هذا النحو دخلت فكرة التطور الشامل إلى العلم والفلسفة ، ودحضت النظرة إلى العالم بوصفه شيئاً ثابتاً لا يتغير.




<<<

Post: #124
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-14-2006, 12:10 PM
Parent: #123

____________

إن الارتباط الشامل لظواهر الواقع يتبدى بصورة أوضح فأوضح. فتغير الجو يستدعي تغيرات في عالمي النبات والحيوان . والعواصف المغناطيسية على سطح الشمس لا تخل فقط بالاتصالات اللاسلكية ، بل وتؤثر على الطقس. وتغير الضغط الجوي ينعكس على صحة البشر. إن الارتباط الشامل للأشياء والظواهر لا يهم العلماء وحدهم ، فعنه كتب الأدباء والشعراء. فنجد – على سبيل المثال لا الحصر – بردبيري الراوي الأمريكي في روايته الخيالية (ويدوي الرعد) يتكلم عن ترابط الزمن وعن تأثر الحضارة حتى وبنية المجتمع السياسية بإبادة ولو فراشة أو فأرة !! صحيح أن الكاتب يبالغ هنا ولكن الحياة ترسخ قناعتنا بأنه يكفي الإخلال أو الإضعاف بحلقة واحدة من الطبيعة حتى ينعكس ذلك على التطور اللاحق للطبيعة وللمجتمع على حد سواء.



ويورد أحد الماركسيين المثال التالي على الارتباط الشامل بين الأشياء والظواهر: "لنتذكر اكتشاف مادة DDT الشهيرة والفعالة في مكافحة الحشرات الضارة. فقد تبين أن هذه المادة إذ تقتل الحشرات فإنها تبيد طعام الطيور ، وصمت الربيع ، وتقلصت كمية الطيور والنحل ، التي تأثرت هي الأخرى بالمادة السامة ، فتضرر تلقيح الزهور ، وتقل الثمار ، وعبر مياه الأمطار تتسرب DDT إلى جوف الأرض والأنهار والبحار ، ومنها إلى طعامنا ، فترسبت المادة السامة في عضلاتنا ، بحيث يتعذر طرحها من الجسم"[1] ويتوصل العلماء على ضوء ذلك إلى الاستنتاج التالي: ضرورة وقف استخدام الDDT !!



والعالم لا يتغير ويتحرك وحسب ، بل ويمثل كلاً واحداً مترابط الأجزاء. وقد جاء العلم فبيّن صحة نبوءة قدامى الفلاسفة حول أنه لا شيء يولد من عدم ولا شيء يفنى بلا أثر. فمن الجسيمات الأولية تتكون الذرات ، ومنها تتألف الجزئيات. ومن هذه تتكون الأجسام العادية. والنباتات والحيوانات وثيقة الاتصال فيما بينها. فتنضم في أنواع وزمر وأجناس وترتبط الأرض بالشمس ، وترتبط مجرتنا بالمجرات الأخرى.... إلخ.



وعليه فإننا حين ندرس العالم نراه مترابطاً وواحداً ومتطوراً.



________

[1] من كتاب (ما هي الفلسفة) - ص 182

Post: #125
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-14-2006, 12:13 PM
Parent: #124


المادة القادمة : كيف يتم التطور ؟

Post: #126
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-15-2006, 07:16 AM
Parent: #125

هشـــام(ابو الشوش)
كان ربك ادانى العافية اكيد بجيك..
واصل...

Post: #127
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: هشام آدم
Date: 06-15-2006, 09:06 AM
Parent: #126

___________
صديقي اللدود معتز (تروتسكي)

سيعطيك ربك العافية .. وستعود مرة أخرى
لتنير ظلمة هذا المكان ، وظلمة عقولها بما
تحمله من ثقافة ..

كنت وما زلت أعتز بمعرفتي بك وبصداقتنا
لأنك شخص ببساطة (ما عادي)

أما أنا فأتوقف عن هذا البوست وأكتفي
بهذا القدر ........ يكفي

Post: #128
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Mohamed Adam
Date: 09-10-2006, 02:39 PM
Parent: #1

*

Post: #129
Title: Re: الفلسفة - 2
Author: Mohamed Adam
Date: 09-10-2006, 02:51 PM
Parent: #1

الأخ هُشام


أكيّد أنتَ مَشغُولْ جِداَ

إفتَقدناكْ..



سؤالِي المُتواضِع:

هَلْ الدِيّالكِتِيّكِيّه وبِصِفّه مُعَممَه أنَها عَمليّة
إرتِقاء (قلووزِي) وللإفضَل ( إذا صّحَ تَعبِيّرِي هُنا).


فأيّهُما أشمَلْ : الكون أم الوعِي؟



بوستْ شيّق بِصوره لا تُوصَف لقَد تَعَلمتَ مِنه الكَثِيّر.


أيّن د.مُعتّز؟؟؟؟.





مَع فائق تَقدِيّرِي.