الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم

الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم


10-30-2005, 03:03 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=183&msg=1166998919&rn=0


Post: #1
Title: الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم
Author: esam gabralla
Date: 10-30-2005, 03:03 AM

Quote: عن سودانايل
شاركت قبل فترة قصيرة في ندوة بأحد مراكز البحوث وسئلت عن المشكلات المستعصية في تطور السودان؟ ووجدت نفسي أرد سريعاً وبحزم:

الترابي والملاريا! وبادرني أحد الحاضرين ساخراً: هناك مصل للملاريا فهل توصل السودانيون إلى مصل مقاوم للترابي؟ وعكفت في تأمل الرد السريع وتعميقه في ذهني بحثاً عن صحة المقارنة وأوجه الشبه. لأن العبارة توحي بمفارقة الجمع بين حقيقتين في حقلين يبدو الرابط بينهما غائباً أو صعباً.

ولكن المقارنة والمتابعة توصلان إلى فرضية صحيحة لحد ما. فهناك نتيجة مشتركة في الضعف والوهن والاستنزاف، الأول أي الترابي سببه في الجسم السياسي السوداني: دولة ومجتمعاً وتعددية وتسامحاً. والملاريا تصيب الجسم الفيزيقي بكل هذه الأعراض.

يمكن أن يكون قد أخر في صحة وعافية المواطنين في ممارسة الديمقراطية وقيام دولة حديثة، بينما الملاريا تعرقل النشاط الإنتاجي والصحة الاقتصادية ويلتقي الوباء السياسي مع الوباء الاقتصادي والصحي المادي، لكي يجد السودان نفسه في حالته وموقعه الراهنين.

تأكدت لي المقارنة العابرة بعد مقابلة الترابي في قناة "الجزيرة" الأسبوع الفائت في برنامج بلا حدود. فالترابي ظاهرة مستعصية في الشفاء والتغير رغم ما أسماه البعض بتراجعه وإدانته للانقلاب وما أعقبه من كارثة. فقد كان السؤال المباشر بعد الإدانة وتحمل المسؤولية هو:

هل تعتذر للشعب السوداني؟ وكانت الإجابة لا كبيرة وقاطعة، وأنه يكتفي بالاستغفار لله. وهذه الجملة لا تدل على التدين بمقدار ما تؤكد احتقاره لشعبه والاستخفاف بمشاعره. وأسأله- اعتراضياً- لماذا سنت الحدود الشرعية للجرائم في الدنيا لو كان الاستغفار كافياً؟

وهل تؤجل مخالفات وانتهاكات المسلم إلى يوم القيامة ومقابلة الله سبحانه تعالى؟ فالاعتذار يعتبر من قيم الشجاعة الأخلاقية الكبرى خاصة لو كان الجرم كبيراً مثل الذي وقع على الشعب السوداني منذ 30 يونيو 1989.

إن الاعتذار ليس مجرد مسألة شكلية ولا جدوى منها لأن ما حدث قد حدث. ليس هذا صحيحاً، فالاعتذار للسياسي أو المفكر هو صدقية النقد الذاتي وتحمل المسؤولية بشرف. بينما عدم الاعتذار يعني التقليل من الضرر .

ويشكك في حديثه عن أخطاء الانقلاب وأنه لن يعود لتكرار سلوك سياسي لم يجد فيه ما يستوجب الاعتذار لمن وقع عليه الضرر. ولكن لم أستغرب قول ومسلك الترابي، لأنني متابع لممارسات الرجل منذ فترة طويلة.

فقد لاحظت عدم قدرته على الاعتذار مكابرة أو تعالياً أو لامبالاة. وهذه قصة تظهر كيف يتعامل مع »أخوانه« في التنظيم ناهيك عن شعب قرر أن يقهره بقوة الجيش والأيديولوجيا والأمن.

يروي الشيخ عيسى مكي عثمان أزرق في كتابه: من تاريخ الأخوان المسلمين في السودان 1953- 1980 ما يلي:- "... ثم أثيرت قضية الأخ الركابي والتي فحواها شكواه من التصريح الذي نشره الترابي في شأنه بخصوص مهاجمة الركابي للسيد الصادق.

فيما يختص بقضية فلسطين. فقد صرح الترابي لوكالة الأنباء أن المحرر الذي هاجم الصادق محرر غير مسؤول. وقال الركابي مقدماً شكواه لأعضاء المجلس يطالب برد اعتباره أمامهم بصفته المسؤول عن الجريدة (الميثاق) وأن التصريح المنسوب لأمين جبهة الميثاق فيه إساءة له.

وطلب الحاضرون من الأخ حسن أن يعتذر له ورفض حسن بحجة أنه لم يتعود أن يعتذر أمام الملأ وأحيل الأمر للمكتب التنفيذي لمعالجته هناك "(ص105 والحدث في يوليو 1967).

تحدث الترابي عن مرحلة ما قبل الانقلاب وكأن السودان يخلو من وجود شعب وأحزاب ومجتمع مدني، تذكر بمجيء الصهاينة إلى فلسطين باعتبارها خالية من البشر. فالترابي والجبهة الإسلامية رغم عددية نوابهم التي تربو على الخمسين نائباً لم يتصوروا أنفسهم معارضة أبداً.

فانقلبوا على النظام الديمقراطي- حسب الترابي- لأنهم شعروا بأنهم لن يشاركوا في سلطة قادمة. وقال الترابي بطريقة تنم عن الاستخفاف: أنهم قرروا القيام بانقلاب طيب! وهنا يقترب من المقارنة بالملاريا.

لأنه يستخدم لغة المرض الأورام الطيبة والأخرى الخبيثة. هل سمعتم بانقلاب طيب وآخر خبيث في السياسة؟ هذا قول يذكر بأشعار مظفر النواب عن الموقف ـ النصف. ثم ألا تشعر طريقة تنفيذ الانقلاب مدى اللعب بعقول الشعب- إن وجد في حساباتهم؟

أن يذهب الترابي إلى السجن والبشير إلى القصر! هذا مزاح ثقيل لا يحدث إلا في السودان. حيث يلعب السياسي بالنار لعلمه أنها غير محرقة. وفي المقابل يقول الترابي إنه كان ينوي إعادة الديمقراطية بعد عامين .

وهذا سبب خلافه مع المجموعة الحاكمة الآن ولهم حق في الخلاف. فهل تكفي سنتان لإعادة صياغة الإنسان السوداني وإقامة المشروع الحضاري وجعل السودان مركز إشعاع للإسلام والثورة الإسلامية السنية؟

ولنجاري الترابي، فلو كانت العودة للديمقراطية بعد سنتين، لماذا الانقلاب أصلاً؟ ونلاحظ أن الترابي قبل أن ينسى عدّد الإنجازات التي قامت بها حكومة الإنقاذ بنفس الترتيب والوصف- وقع الحافر. فهل هذا حديث شخص نادم؟

يلتقي ابتلاء الترابي والملاريا في أن الأثنين يشتركان في صفتي مزمن ومستعص. فالترابي أدخل البلاد منذ أربعين عاماً في نفق الاشتباك حول تطبيق الشريعة ودون رؤية ولا برنامج، كما تبين الآن جلياً.

ولكن السودان انشغل طوال حقبة الاستقلال في جدل عقيم على حساب الاهتمام بالتنمية والفقراء وتقدم البلاد. ونجح الترابي في شق السودان إلى معسكرين حول هذه القضية الغامضة في أذهان الإسلاميين قبل الآخرين.

وجاءت التحولات الحاسمة- ولكنها سلبية - بسبب هذا الصراع المفتعل ومنها انقلاب مايو 1969 ويونيو 1989. وتصور أن البرلمانات المتعاقبة لم تجز خطة تنمية شاملة واحدة .

وفي نفس الوقت عجزت عن إجازة الدستور الإسلامي! وهكذا أهدرنا كل هذا الزمن سدى ونحن نقف الآن بعد نصف قرن من الاستقلال في الموقع والموضع اللذين نراهما حالياً ونعاني ونخشى مستقبلاً مجهولاً.

وذلك لأن الترابي كان مثابراً ومصراً على ألا يخرج السودان من نفق أفكاره ومشروعاته. وهو ابتلاء مستعص لأنه يملك غريزة بقاء سياسة نادرة، فهو يعود بعد كل فشل ومحنة وكأن شيئاً لم يكن في قلب المعارضة- كما هو الحال، أو في مركز السلطة كما حدث بعد المصالحة مع النميري وعقب الانقلاب الحالي.

ومن الجانب الآخر، حملات الملاريا أيضاً تهزم كل خطط وزارة الصحة مع أن السودان سبق أن أعلن منطقة خالية من الملاريا منتصف ستينات القرن الماضي. فهل نمتلك المصل السياسي والصحي، أم نستمر في حيرتنا الراهنة نقف طالبين لطف القضاء؟

Post: #2
Title: Re: الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم
Author: wadalzain
Date: 10-30-2005, 04:59 AM
Parent: #1

لا فض الله فوك يا دكتور وامات حاسدوك

Post: #3
Title: Re: الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم
Author: محمد ابراهيم قرض
Date: 10-30-2005, 12:44 PM
Parent: #1

عصام ...
شد حيلك ..
علمت أن الملاريا قد رفعت قضية كاربة
لمجلس الأمن تشكوك فيها و معك دكتور
حيدر في أنكم شبهتموها بالترابي ..
و لقد تم تعيين القاضي (فليس) للتحقيق
في القضية ... و لعلمك الخاص فليس هو
شقيق مليس بالرضاعة .. و شيل شيلتك !!!!

Post: #4
Title: Re: الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم
Author: حسن بركية
Date: 10-30-2005, 01:29 PM
Parent: #3

كعادته كتب حيدر ابراهيم بموضوعية وعقلانية
ولكن القوي السياسية لاتري ولاتسمع والترابي الان حليف وصديق لهذه القوي

Post: #5
Title: Re: الترابي .. والملاريا....د. حيدر ابراهيم
Author: Eng. Mohammed al sayed
Date: 10-30-2005, 05:43 PM
Parent: #1

الأخ عصام تحياتي
Quote: فهل نمتلك المصل السياسي والصحي،


للأسف لايوجد حتي الأن ... مايؤرقني فشل هذا العدد الهائل من الحكومات التي تشكلت بعد الاستقلال وحتي يومنا هذا.
وتلك التي ظننا فيها خيرا كانت أوهن من خيط العنكبوت .