هذا قلم "غازي" ..وذاك كتابه.....منى عبد الفتاح

هذا قلم "غازي" ..وذاك كتابه.....منى عبد الفتاح


12-17-2008, 07:14 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=180&msg=1229537650&rn=0


Post: #1
Title: هذا قلم "غازي" ..وذاك كتابه.....منى عبد الفتاح
Author: munswor almophtah
Date: 12-17-2008, 07:14 PM

هذا قلم "غازي" ..وذاك كتابه



منى عبد الفتاح
[email protected]

ليس غريباً أن يطلّ د. غازي صلاح الدين إطلالاته الكونية بين حين وآخر ، وليس غريباً أيضاً أن يثير كوامن الإعجاب بكتاباته وبخاصة كتابته الأخيرة ودلالاتها في الحوار مع فكرة الموت وأسرار المعاني وتأملاته وتضرعاته إلى عهد حرية صحفية مرتجاة مثلما نضح مقاله الذي هو قطوف في أدب الرثاء في : (تشييع عبد النبي عبر حواجز المذهبية) . ولكن الغريب هو أن يذهب البعض إلى اختزال "غازي" كلّه في صفته السياسية - رغم أن المقال قد أخذ منحىً صوفياً وبعداً فلسفياً عميقاً- دون الالتفات إلى ما يظهر من حسه الأبيض ، لون "حمائم القصر" وذلك بتثبيت هويته في عناصر التكوين ورؤيته من خلال لون الصقور الرمادي : صقر صقر وإن طار حاملاً غصن زيتون ما دام إنقاذياً .

قد يكون من غير الطبيعي أن تختلف مع الحكومة وتتفق مع غازي ، ولكني أفعل فقد خبرت شخصيته وزيراً للثقافة والإعلام وعرفته في حكمته وتواضعه وأدبه الجم . وعلى يديه تخرجت ثلاث مجموعات ، الواحدة منها مكونة من ثلاثين شاباً وشابة كنت ضمنهم ، استوعبتهم فكرته الجريئة في دورة الصحافة بأكاديمية علوم الاتصال والتدريب الإعلامي عام 1999م لمدة ثلاثة شهور .كان يشرف على الأداء وسير الدورة بنفسه لدرجة أثارت حنق بعض إداريي الأكاديمية في مواجهة زملائهم الذين كانوا يطلقون علينا "أولاد غازي". هذه الدورة مثلت لشباب كثيرين نقلة كبيرة وبالنسبة لي كانت فرصة رائعة لمواصلة ما بدأته فعلياً في عالم الصحافة المنشورة منذ المرحلة المتوسطة . فقد كنت أكتب وبشكل راتب في جريدة "المسعودية" وهي من أوائل صحف الأقاليم التي كانت تصدر في حجم التابلويد وأسستها رابطة طلاب وخريجي الجامعات والمعاهد العليا بالمسعودية عام 1985م.وكذلك الحال بالنسبة لبقية الشباب فقد كانت في كل منهم بذرة موهبة تنتظر الرعاية .

كان أغلب المشاركين بالدورة خريجي تخصصات غير إعلامية فمنهم الطبيب والمهندس وخريجي كلية الاقتصاد والقانون والآداب وغيرها وفوق هذا هم أصحاب موهبة حقيقية كشف عنها غازي وزير الثقافة والإعلام وصقلتها الدورة الصحفية واستوعبتهم مؤسسات الدولة الإعلامية . ومنهم من آمن بالوظيفة وركن لها ونجح ومنهم من لم يطقها ولم تطقه مثلي ، فقد قضيت ثلاثة شهور فقط في وزارته ثم انتقلت إلى العمل في صحيفة "الصحافي الدولي" لأُقال بعد عام واحد فقط إثر تحقيق صحفي حاول الاستقصاء بعناد شديد عن فساد في ديوان الزكاة لتبدأ بعدها رحلتي مع ضنى المتاعب اللذيذ.

أما أهم عناصر النجاح لفكرة د.غازي هو أنه نفسه صاحب تجربة شخصية في هذا المجال ، فهو طبيب هجر المهنة وانتصر لموهبته الإعلامية ولا أقول السياسية ، وذهب بها إلى أهم المؤثرات التي أنتجته كانسان وأديب مفكر وكاتب صحفي ومطبقاً لهذه المؤثرات في تجربته الفريدة والتي لم تجروء أي من وزارات الإعلام على تطبيقها لا قبله ولا بعده.

الكتابة عند غازي صلاح الدين كتابة حنين ، لهذا يُرى الأثر القوي يخرج من بين سطوره ، فلا يتجلى كاتب في حضرة الموت مثلما فعل . ولا ينطق عشقاً لحرية صحفية نظن أنه واهبها مثلما نطق ، ولو كان في منصبه وزيراً لما شقّ عليه ذلك. ولا يتحسس حرماناً وطدته "غربة في دار الأهل" مثلما يفيض ما بين السطور.ولا تكون إشراقات تسعين شاباً وشابة في المجالات الإعلامية كافة موزعين حسب كفاءتهم وليس حسب ولائهم السياسي إلا ثمرات اقتطفت على حين غرة من زمان الظلم السياسي إلا في عهده.

هذا قلم غازي وذاك كتابه ، فمن غيره يجرؤ على أن يخلق حواراً مختلف الأبعاد بيننا وبين الوطن كحقيقة أولى ، ثم بيننا وبين حب الوطن رغم الغبن كحقيقة ثانية .

عن صحيفة "الأحداث"