و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2

و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2


11-20-2008, 11:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=180&msg=1227175485&rn=0


Post: #1
Title: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-20-2008, 11:04 AM

( طُرة )






بدون مقدمات ...
أو أي شيء يكدر صفو أيامه ...
أنطلق يهذي ...
يتحدث بصوت عالٍ ..
جاحظ العينين ...
و على غير عادته ... هجم على ( فاطنة ) .. و قام بقرصها على صدرها ... و لأن المفاجأة ألْجمتْها تماماً .. لم تحاول الهرب ..
ثم امتدت يده لتنهال على عمه العجوز دونما سبب ..
و تجرد من ملابسه .. ثم إعتمرها ...
و قام بكسر أزيار سبيل ( الحاج صالح ) ...
و ركل كل عنزات الحاجة ( زهرة ) بالمراح خلف بيتها ...
و أنطلق صوب العتمور الذي يتاخم الجبال الشاهقة .. يرغي و يزبد حتى ابتلعته طيات السراب ( الرقراق ) في ذلك اليوم القائظ وسط ذهول أهل القرية.
دمعتْ عينا خالته ... و أقسمتْ بأن هناك من قام بدس ( عمل ) له ..
قال البعض أنه من تأثير ( البنقو )
و همس ( عبد الجليل ) : أنا قلت ليهو ما يمشي جنب الآثارات ...
حثتْ أمه التراب على رأسها و هي جالسة على ركبتيها تولول.
فالشاب ( محمود ) مشهود له بحسن الخلق و دماثته ...

عندما بدأ هياجه ... كانت مياه النيل قد بدأتْ في التشرُّب بلونٍ داكن إيذاناً بقرب ( الميسوري ) أو الفيضان ... و المياه تتسرب ليل نهار لتملأ شقوق الجروف و تلتهم طين ( القيف ) ...
لم يربط أحد وقتها هيجان الشاب ببدء فوران النهر الخالد ...
و لكن كل الشواهد تدل على أن ( سالم ) بالضفة الشرقية .. و ( خديجة ) بالجزيرة .. ما أن ينفلت النهر ليبدأ هيجانه .. إلا و يبدأ الإثنان نوبة الهياج و الإختلال ... تماما كما حدث يومها لمحمود.
أشفقتْ ( أم محمود ) بأن يكون مصير أبنها كمصير هؤلاء ... و هو الذي عليه الاعتماد في جمع محصول التمر و موسم الزراعة الذي يلي الدميرة ..
النيل كان يعطونه أجمل البنات قرباناً لدى القدماء ..
و هاهو الآن يمتص وقار خيرة الشباب ...

منذئذٍ ... يأتي النهر ممتطياً صهوة الطمي الداكن ... فتتلون حياة ( محمود ) بلوثة غريبة فينطلق لا يلوي على شيء نحو الجبال ...
تنهمر دموع أمه ... لتبدأ فزعة أهل القرية في نقل محصولها إلى ( القساسيب ) ...

عندما يهدأ ( محمود ) ...
يكون النهر قد تراجع رويداً رويداً في تزامن مبهم... تاركاً خلفه جزراً صغيرة تتنفس الصعداء ...
و جروفاً تنتظر جماع البذور ..
فيقف محمود بطوله النوبي الفارع .... يتابع جريان النهر شمالاً و كأنه يغتسل من أدران الأيام الفائتة التي لا يتذكر إحداثياتها .....
يمسح بكفه على جبهته العريضة ... كأنه يودع أسباب جنونه ...
يشمر عن ساعديه منهالاً على التربة ( بالطورية ) ..


***

جلال داود ( أبو جهينة ) صيف عام 1977م عز الدميرة

Post: #2
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-20-2008, 05:15 PM
Parent: #1

منذئذٍ ... يأتي النهر ممتطياً صهوة الطمي الداكن ... فتتلون حياة ( محمود ) بلوثة غريبة فينطلق لا يلوي على شيء نحو الجبال ...

Post: #3
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: حسين محي الدين
Date: 11-20-2008, 06:31 PM
Parent: #2

Quote: النيل كان يعطونه أجمل البنات قرباناً لدى القدماء ..
و هاهو الآن يمتص وقار خيرة الشباب ...


وسحابة يا أبا جهينة
سلمت يداك يا رائع


مودتي وتقديري


حسين

Post: #4
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-20-2008, 10:49 PM
Parent: #3

حسين

سلام يا قريبي

تشكر على المرور

دمتم

Post: #5
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: حسين محي الدين
Date: 11-20-2008, 10:59 PM
Parent: #4

في انتظار (الكتابة) يا أستاذ
عنوان جميل جدا للنص

Post: #6
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ناهد بشير الطيب
Date: 11-20-2008, 11:24 PM
Parent: #1

مابين طرة حروفك
وكتابة حضورنا ...

ايام ....(ليست ايام بشير محمد سعيد)

نص دون مجاملة ...حقيقى حقيقى رائع ...وين ولدنا مجاهد عبدالله ...




Quote: يأتي النهر ممتطياً صهوة الطمي الداكن ... فتتلون حياة ( محمود ) بلوثة غريبة فينطلق لا يلوي على شيء نحو الجبال ...
تنهمر دموع أمه ... لتبدأ فزعة أهل القرية في نقل محصولها إلى ( القساسيب ) ...




وتواصل (الطرة) طرقاتها الخافتة على ابوابنا...
ترى هل تجد الكتابة منفذا للطوارىء للخروج...من عباءتها ...



شكرا اباجهينة لهذه الدهشة الناجزة ...وعدالتك فى تحديد مستوى برودتنا...وحرارتنا


_____________________

حسين محى الدين ...الجميل...
وينك ياخى ...بالجد مشتاقين ...

Post: #7
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-21-2008, 04:45 PM
Parent: #6

ناهد

سلام بكل الجهات


أما بعد

Quote: وتواصل (الطرة) طرقاتها الخافتة على ابوابنا...


هي بالفعل طرقات خافتة ى لكنها كنقرات حبات المطر على النافذة تجعل الليل طويلا و الأرق يتوسد الفكر

Quote: ترى هل تجد الكتابة منفذا للطوارىء للخروج...من عباءتها ...


خروج الكتابة من عباءة الكتابة يحتاج إلى إنسلاخ كما إنسلاخ الفجر من رحم الليل ... لا يحس به إلى من عاقر السهر يعد النجوم و لا يعددها


Quote: شكرا اباجهينة لهذه الدهشة الناجزة ...وعدالتك فى تحديد مستوى برودتنا...وحرارتنا


شكرا لعدالتك أنت الناجزة في الحكم على غياهب النصوص

Post: #8
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: حسين محي الدين
Date: 11-21-2008, 10:02 PM
Parent: #7

كسرة:
Quote: حسين محى الدين ...الجميل...
وينك ياخى ...بالجد مشتاقين ...


تسلمي يا ناهد .. موجودين بس شوية مشاغل

كوني بخير يا رائعة

Post: #9
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-24-2008, 09:20 AM
Parent: #8

عزيزي حسين

سلام

Quote: في انتظار (الكتابة) يا أستاذ
عنوان جميل جدا للنص


( الكتابة آتية ) ... فقط هي الآن نقاط تنتظر بعض الحروف الجامحة ...