Post: #1
Title: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-20-2008, 11:04 AM
( طُرة )
بدون مقدمات ... أو أي شيء يكدر صفو أيامه ... أنطلق يهذي ... يتحدث بصوت عالٍ .. جاحظ العينين ... و على غير عادته ... هجم على ( فاطنة ) .. و قام بقرصها على صدرها ... و لأن المفاجأة ألْجمتْها تماماً .. لم تحاول الهرب .. ثم امتدت يده لتنهال على عمه العجوز دونما سبب .. و تجرد من ملابسه .. ثم إعتمرها ... و قام بكسر أزيار سبيل ( الحاج صالح ) ... و ركل كل عنزات الحاجة ( زهرة ) بالمراح خلف بيتها ... و أنطلق صوب العتمور الذي يتاخم الجبال الشاهقة .. يرغي و يزبد حتى ابتلعته طيات السراب ( الرقراق ) في ذلك اليوم القائظ وسط ذهول أهل القرية. دمعتْ عينا خالته ... و أقسمتْ بأن هناك من قام بدس ( عمل ) له .. قال البعض أنه من تأثير ( البنقو ) و همس ( عبد الجليل ) : أنا قلت ليهو ما يمشي جنب الآثارات ... حثتْ أمه التراب على رأسها و هي جالسة على ركبتيها تولول. فالشاب ( محمود ) مشهود له بحسن الخلق و دماثته ...
عندما بدأ هياجه ... كانت مياه النيل قد بدأتْ في التشرُّب بلونٍ داكن إيذاناً بقرب ( الميسوري ) أو الفيضان ... و المياه تتسرب ليل نهار لتملأ شقوق الجروف و تلتهم طين ( القيف ) ... لم يربط أحد وقتها هيجان الشاب ببدء فوران النهر الخالد ... و لكن كل الشواهد تدل على أن ( سالم ) بالضفة الشرقية .. و ( خديجة ) بالجزيرة .. ما أن ينفلت النهر ليبدأ هيجانه .. إلا و يبدأ الإثنان نوبة الهياج و الإختلال ... تماما كما حدث يومها لمحمود. أشفقتْ ( أم محمود ) بأن يكون مصير أبنها كمصير هؤلاء ... و هو الذي عليه الاعتماد في جمع محصول التمر و موسم الزراعة الذي يلي الدميرة .. النيل كان يعطونه أجمل البنات قرباناً لدى القدماء .. و هاهو الآن يمتص وقار خيرة الشباب ...
منذئذٍ ... يأتي النهر ممتطياً صهوة الطمي الداكن ... فتتلون حياة ( محمود ) بلوثة غريبة فينطلق لا يلوي على شيء نحو الجبال ... تنهمر دموع أمه ... لتبدأ فزعة أهل القرية في نقل محصولها إلى ( القساسيب ) ...
عندما يهدأ ( محمود ) ... يكون النهر قد تراجع رويداً رويداً في تزامن مبهم... تاركاً خلفه جزراً صغيرة تتنفس الصعداء ... و جروفاً تنتظر جماع البذور .. فيقف محمود بطوله النوبي الفارع .... يتابع جريان النهر شمالاً و كأنه يغتسل من أدران الأيام الفائتة التي لا يتذكر إحداثياتها ..... يمسح بكفه على جبهته العريضة ... كأنه يودع أسباب جنونه ... يشمر عن ساعديه منهالاً على التربة ( بالطورية ) ..
***
جلال داود ( أبو جهينة ) صيف عام 1977م عز الدميرة
|
Post: #2
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-20-2008, 05:15 PM
Parent: #1
منذئذٍ ... يأتي النهر ممتطياً صهوة الطمي الداكن ... فتتلون حياة ( محمود ) بلوثة غريبة فينطلق لا يلوي على شيء نحو الجبال ...
|
Post: #3
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: حسين محي الدين
Date: 11-20-2008, 06:31 PM
Parent: #2
Quote: النيل كان يعطونه أجمل البنات قرباناً لدى القدماء .. و هاهو الآن يمتص وقار خيرة الشباب ... |
وسحابة يا أبا جهينة سلمت يداك يا رائع
مودتي وتقديري
حسين
|
Post: #4
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-20-2008, 10:49 PM
Parent: #3
حسين
سلام يا قريبي
تشكر على المرور
دمتم
|
Post: #5
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: حسين محي الدين
Date: 11-20-2008, 10:59 PM
Parent: #4
في انتظار (الكتابة) يا أستاذ عنوان جميل جدا للنص
|
Post: #6
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ناهد بشير الطيب
Date: 11-20-2008, 11:24 PM
Parent: #1
مابين طرة حروفك وكتابة حضورنا ...
ايام ....(ليست ايام بشير محمد سعيد)
نص دون مجاملة ...حقيقى حقيقى رائع ...وين ولدنا مجاهد عبدالله ...
Quote: يأتي النهر ممتطياً صهوة الطمي الداكن ... فتتلون حياة ( محمود ) بلوثة غريبة فينطلق لا يلوي على شيء نحو الجبال ... تنهمر دموع أمه ... لتبدأ فزعة أهل القرية في نقل محصولها إلى ( القساسيب ) ...
|
وتواصل (الطرة) طرقاتها الخافتة على ابوابنا... ترى هل تجد الكتابة منفذا للطوارىء للخروج...من عباءتها ...
شكرا اباجهينة لهذه الدهشة الناجزة ...وعدالتك فى تحديد مستوى برودتنا...وحرارتنا
_____________________
حسين محى الدين ...الجميل... وينك ياخى ...بالجد مشتاقين ...
|
Post: #7
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-21-2008, 04:45 PM
Parent: #6
ناهد
سلام بكل الجهات
أما بعد
Quote: وتواصل (الطرة) طرقاتها الخافتة على ابوابنا... |
هي بالفعل طرقات خافتة ى لكنها كنقرات حبات المطر على النافذة تجعل الليل طويلا و الأرق يتوسد الفكر
Quote: ترى هل تجد الكتابة منفذا للطوارىء للخروج...من عباءتها ... |
خروج الكتابة من عباءة الكتابة يحتاج إلى إنسلاخ كما إنسلاخ الفجر من رحم الليل ... لا يحس به إلى من عاقر السهر يعد النجوم و لا يعددها
Quote: شكرا اباجهينة لهذه الدهشة الناجزة ...وعدالتك فى تحديد مستوى برودتنا...وحرارتنا |
شكرا لعدالتك أنت الناجزة في الحكم على غياهب النصوص
|
Post: #8
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: حسين محي الدين
Date: 11-21-2008, 10:02 PM
Parent: #7
كسرة:
Quote: حسين محى الدين ...الجميل... وينك ياخى ...بالجد مشتاقين ... |
تسلمي يا ناهد .. موجودين بس شوية مشاغل
كوني بخير يا رائعة
|
Post: #9
Title: Re: و ما الأيام ... إلا ... ( طُرَّة و كتابة ) 2
Author: ابو جهينة
Date: 11-24-2008, 09:20 AM
Parent: #8
عزيزي حسين
سلام
Quote: في انتظار (الكتابة) يا أستاذ عنوان جميل جدا للنص |
( الكتابة آتية ) ... فقط هي الآن نقاط تنتظر بعض الحروف الجامحة ...
|
|