رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)

رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)


03-22-2005, 02:18 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=179&msg=1166857884&rn=20


Post: #1
Title: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-22-2005, 02:18 AM
Parent: #0

رسالتي الاولى الى السيد االصادق المهدي ( مفكراً)

بسم الله الرحمن الرحيم


سيدي الصادق ، اسمح لي اولاً ان أبدي لك محبتي وأعجابي الصادقين بشخصكم الكريم ، الأمر الذي أعزوه لعمق ثقافتكم وسماحة ذاتكم ومحتدكم الطيب ، ولا يخفى على أحد خطورة دور أسلافكم العظماء في تأسيس وصياغة بلادنا الحبيبة ، ليس سياسياً فحسب، وانما وجدانياً واجتماعيا وروحيا كذلك.
لذلك فان مكانتكم لن تكون الا في القلب دائماً، أيها الكريم ابن الأكرمين.
وبعد،،
فقد اطلعت – عبر موقع سودانيز اونلاين بشبكة الانترنت، بعون من الزميلة الصحافية لنا مهدي- على آرائكم الخطيرة واللافتة فيما دعوتموه ( ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها "سيداو") .. ومن مطلع ورقتكم محل اللحظ هنا أقتبس :
Quote: ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها سيداو
الإمام الصادق المهدي

ما تحدثت عن الإسلام في أوساط غربية أو آسيوية حديثة إلا انهمرت عليّ الأسئلة فيما بعد حول سبع قضايا يعتبرها السائلون عقبة في سبيل قبولهم للإسلام هي: الرق، الجهاد، المرأة، الحدود، التعامل مع الآخر الملي وسائر الأقليات، دولة الخلافة والعلوم الطبيعية.
هذه القضايا هي بعض أهم ما استطاع الاجتهاد التقليدي الإسلامي أن يعلّبه في أحكام اعتبروها مؤسسة على النصوص المقدسة في القرآن والسنة. نصوص انطلق منها المجتهدون من السلف الصالح وبإعمال آليات القياس والإجماع مددوا أحكام تلك النصوص وأوجبوا على الخلف اتباع اجتهاداتهم ..


وتقول كذلك ما يفيد ترجيح خيار العقل البشري كمرجعية لاعادة ضبط احكام وشرائع الدين:

آليات الاجتهاد :
كان القياس والإجماع هما آليات الاجتهاد بالإضافة لآليات أخرى مختلف على حجيتها، القياس ليس محكما لأنه لا يكون التشابه محكما أبدا وكذلك الإجماع لم يتحقق اللهم إلا في الأمور غير الخلافية. لا سبيل للخروج من محدودية المنطق الصوري هذا إلا بالركون لوسائل أخرى أجدى أهمها:
المقاصد: فلدى التعارض بين نصوص الجبر والاختيار فان مقاصد الشريعة ترجح أن تكون آيات الاختيار هي المحكمة لان إنكار الاختيار يهدم مسئولية الإنسان عن أعماله وهذا يهدم الأخلاق.
الحكمة: في كثير من النصوص يذكر الكتاب والحكمة وهي ملكة متاحة للرسل ولغيرهم من البشر قال تعالي: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَ شَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ) .
وجاءت في القرآن إشارة للقمان الحكيم وغالب الظن أن لقمان هذا هو أركمان أو أرقمان أحد ملوك مروي العظام، وهو يصور في مقبرته بعين كبيرة تعبر عن الحكمة. قال تعالى: (آتَيْنَا لُقْمَان الحِكْمَةََ) . والأثر يقول الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.
المصلحة: يقول نجم الدين الطوفي أن المصلحة مرجعية راجحة في الشريعة لأنها تنشد: لا ضرر ولا ضرار.
العقل: على حد تعبير الإمام الشاطبي فإن مطالب الشريعة لا تناقض مدركات العقول.
العدل: قال الإمام ابن القيم كلما تحقق به العدل هم من الشرع وان لم يرد به نص.
السياسة الشرعية: وهذه تمكن قيادة المجتمع الشرعية أن تتخذ سياسات لم يرد بها نص ولا قياس ولا إجماع مثل ما فعله عثمان بن عفان رضى الله عنه من توحيد نص المصحف وإحراق النصوص الأخرى. وما فعله عمر رضى الله عنه من عدم توزيع أرض السواد غنيمة للمجاهدين وهلم جرا.
المعرفة: الاعتراف بالمعرفة التي يدركها الإنسان عن طريق العقل، والتجربة، والحواس، في أمر الكتاب المشاهد أي الطبيعية التي فطرها الله على سنن وقال: ( رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) وقال (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِين * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)
استخدمت هذه الوسائل في اجتهاداتي وكانت النتيجة طائفة من المؤلفات اذكر منها : العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي – جدلية الأصل والعصر – الدولة في الإسلام – المرأة وحقوقها في الإسلام إلى آخر القائمة التي عبر كتب، ورسائل ومحاضرات، زادت عن مائة مداخلة في كافة قضايا الفكر في الساحة. وسوف أتناول هنا تفصيلا ما يتعلق بكافة أنواع التمييز ضد المرأة.
انتهى الاقتباس.

وعلى ما تقدم..
اسمحوا لي بأن أبدى تالياً أرائي المتواضعة التي آمل ان تجد اهماماً من جانب سيادتكم رغم ما يعتورها من نقص أتوقعه وقلة زاد قياساً لما توفرتم عليه من ثقافة جمعت اطراف الادب والاقتصاد والسياسة والرياضة والعلوم الحديثة والفلسفة كما هو معروف.

1/ سيدي، عنوان الورقة المشار اليها ، بجانب مقدمتها، يضيفان للمرة الأولى مسوغاً جديدا ، غير مسبوق، بالنسبة للمسوغات الشرعية التي تستدعي فتح باب الاجتهاد ، وأعني هنا مسوغ استيفاء شروط وملاقاة ميول الكافرين بغية اشباعها استرضاءاً لهم وذلك حتى يتحقق قبولهم بالاسلام !.
ترى ماذا سيكون مثلنا وموقفنا في حال اننا قدمنا هذه ( التنزيلات) أو (التنازلات) الاساسية عبر القضايا السبع المذكورة ، تبرعا أو حرصا منا عليهم .. ثم رغم ذلك لم يدخل هؤلاء في دين الله الاسلام؟ .. ماذا سيكون مآلنا ومصيرنا ، بين يدي الله عز وجل اولاً ثم أمام المسلمين وامام أنفسنا؟، هل نقول آنئذ فقط ( انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)؟
وأي دين هذا الذي يعتبر قناعات الكافرين وشروط الملل الأخرى مصدراً لتكيفه ودافعاً لتغيير حكم الله ورسوله بما يلبي مطالبهم ويحقق أمانيهم؟.
2/ الم يقل ربنا عز وجل في خواتيم سورة النور (..لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا،قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وهكذا فان أمر الرسول (ص) ليس قابلا للمراجعة والمخالفة وابداء الرأي وكذلك فان محاولة الالتفاف على حكمه وما أمر به تعد نوعا من التسلل خفية عنه ونوعا من مخالفته، الأمر الذي يستدعي الفتنة والعذاب.. وفي مستهل الحجرات يقول تعالى( يايها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم)؟ ألسنا بهكذا اجتهاد ازاحي-احلالي نفرض حكماً نوعياً لم يفرضه الله تعالى ورسوله على المسلمين، وفي الوقت ذاته نهدم حكمهما لعدم الصلاحية؟ وألم يقل عليّ رضي الله عنه ( الدين ليس بالعقل، والا لما مسحنا ظاهر الخف وتركنا باطنه لتطهيره)؟ مما يعني ان الدين بالنقل اساسا وبطاعة الله ورسوله؟
أجل فالدين قائم كله على فضيلة الطاعة: طاعة الله ، الرسول، طاعة الوالدين، طاعة ولي الأمر، طاعة الأمير، الزوج ،الأمام في الصلاة تطيعه وتتبعه حتى في اخطائه مع تنبيهه فقط، طاعة الجماعة فيما اتفقت عليه ، وكل ذلك بما يرضي الله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، .. هكذا الدين اساسا، الاعمال الصالحة فيه اسمها الطاعات والاعمال السيئة فيه هي المعاصي .. فكيف اذاً نستنكف مبدأ الاتباع والطاعة كأصل وقاعدة في الدين، ونجنح منحازين للمخالفة والانفراد وحرية الرأي والاختيار؟ فحرية الرأي خارج مباركة الجماعة وكذلك الركون الى المخالفة واختيار ما يحلو للنفس .. كلها مكفولة لمن هو خارج اطار الاستسلام لله ورسوله، وذلك هو ( الاسلام). فأنت داخل الاطار لست حرا وانما اخترت بنفسك ان تكون عبدا طائعاً لله وللرسول (ص) . الصحابة فقط هم الذين فهموا ان هذا هو المطلوب ، هذا هو معنى ( اسلام)، الى درجة ان نبي الله (ص) كان اذا سألهم ، في آخر ايامه ، عن ابسط الاشياء وأكثر جلاءً يجيبون بالقول: ( الله ورسوله أعلم)!
وألم يقل ربنا ( والسابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين " اتبعوهم باحسان" رضي الله عنهم ورضوا عنه") مما يعني ان الدين بالاتباع اساساً ، وما العقل الا وسيلة مسخرة لمعرفة الله وآيات خلقه ولتكريس هذا الاتباع باحسان؟..
فهل بعد هذا يمكننا ان نتصور مجالا ل"اخضاع" حكم الله لشروطنا وعقولنا، أولأعادة صياغته من حيث المعنى والمراد بما يوافق هوى الكافرين أو هوانا ويخالف الذين رضي الله عنهم؟
أليس في مسعى كهذا ( أقصد محاولة الاستجابة لاشتراطات الكافرين وهواهم ) أليس فيه ركون اليهم شيئا قليلاً؟، وهو ركون منهي عنه صراحة بموجب الآية الكريمة ( وان كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا اليك لتفتري علينا غيره، واذاً لاتخذوك خليلا(73) ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئاً قليلا (74) اذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا(75) الاسراء.
وبالتأكيد فأن ما يمكن افتراؤه لن يكون فقط (شكل الايات) وانما وبالاساس ( جوهرها وفحواها وحكمها) فهذا هو الأهم وليس مجرد اللفظ كما ذهبتم اليه ازاء قطعية الثبوت ولاقطعية الدلالة.

3/ مما سبق يمكننا القول بأن القرآن محفوظ ، بمعنى أنه ثابت وقطعي من حيث الشكل ( الألفاظ) وايضاً من حيث المضمون ( الدلالة) ، وذلك استنادا الى وصفه سبحانه له بأنه ( كتاب مبين) ، و( فيه آيات بينات) و( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، و( لقد يسرنا القرآن للذكر).. ولكن مفتاح هذا الكتاب هو الايمان مع التقوى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب الخ)، ومن ناحية أخرى لكونه يفسر بعضه بعضا أو بالسنة ( ويعلمهم الكتاب والحكمة) ، وعلاوة على ذلك فليس منطقيا أن ينزل الله على الأميين أفكارا عصية ومعاني فلسفية معقدة تحتاج الى محللين ذوي مواهب استثنائية لتحليلها وفك رموزها عبر مجازفات وتقريبات اجتهادية قد تصيب أو تخيب، فاذا كان الأمر كذلك ، ولو حتى في جانب منه ، فلماذا لم ينزل القرآن في اثينا بلغتها؟.
مقصدي أن القرآن نزل على البشرية ليقول ( معنى محددا) من كلام الله اللامحدود، معنى يكفينا ويهدينا الى الصراط المستقيم ، وما يفيض عن ذلك فعلمه وتأويله عند الله، ولابد أنه يناسبنا هذا المعنى المباشر الذي تبناه محمد(ص) واصحابه الراشدون ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين، معنى يعتصم بحبله الكل جميعا ، البسيط منهم وراجح النهى، وأما ماتشابه فنتركه لله ولكننا نؤمن به ( كل من عند ربنا).
والا فكيف نتصور حفظ القرآن شكلياً فقط بينما جوهره ( وهو الأهم) متروك لارادة الانسان وصروف عقله الذي ينال منه الخطأ والنقص والسقم والزمان والعيوب الخ .. ثم نزعم أن ذلك من قدر الله !.
.. أقول ان دلالة الاية الكريمة( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) لا يمكن ان تكون سوى حفظه شكلا ومضموناً معاً .. ومن ذلك نستنتج ان المضمون او الدلالة المطلوب تطبيقها ( حكم الآية ) يجب أن يظل ثابتاً دائماً مادام الذكر محفوظاً والا فهو غير محفوظ.

4/ ثم ان الله ورسوله يستحقان الاجلال على النحو الذي لا يدعنا ( نُخضع) قولهما للفحص والنقد وتبديل المعنى بما يوافي وجهة نظرنا أو راحتنا أو مصلحتنا المعاصرة أو غير المعاصرة.
اقصد انه ينبغي ان نستوفي شرط (تقديس) كلام الله و(اتباع) كلام رسول الله دون تقصير او تحوير والا هلكنا كما قال ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك).
فكيف ياترى نعلن تقديسنا لكلام الله ( شكلا ومضمونا) ثم نأتي لنبدله وفق شروط عقولنا النسبية؟ فماذا بقي حينئذ من التزام التقديس، طالما ان النصوص المقدسة قابلة عندنا للنقد واعادة الفهم بصيغ عديدة يمكن ان تتباين، تماما كما لو انها نظرية فلسفية اصلاحية أو ايدولوجيا بشرية .. ما الفرق بين المقدس اللاهوتي والناقص الناسوتي ؟.فالمقدس ثابت ، متبوع، ومطاع، بينما البشري متحول ، خاضع ومطواع وذلك لأن كلاهما منسوب الى شروط مصدره.

5/ لابد من الاتفاق حول مصطلحي ( دين ) و(اسلام) اذا كنا نريد مقاربة مفردات اخرى ذات علاقة بجوهر اجتهاداتكم ومنها مفهوم الاتباع والابتداع . خاصة ان من المعاني التي تروق لي في خصوص ( ان الدين عند الله الاسلام ) ما يذهب الى ان المقصود هو الاذعان والتسليم التام لله ورسوله فيما حكما به عبر الكتاب والسنة ، وهو ما تبناه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون "باحسان". فما معنى " دين" اذا لم يكن الخضوع والاذعان ، وما معنى "اسلام" اذا لم يكن التسليم الكامل والاعتماد فقط على الخالق ، مخلصين له الدين حنفاء كابراهيم(ص) وهو أول المسلمين، وفي الوقت ذاته نحيا آخذين بالاسباب والسنن التي سببها وسنها الله عز وجل لاجراء مشيئته؟.وهذا من معنى لا حول ولا قوة الا بالله.

6/ ليس معلوماً لدينا ما يمكن ان تعنيه لديكم الاحاديث التالية، ورغم ذلك تذهبون بثقة نحو اجتهادات انقلابية كالتي رأينا في الورقة، وهذه الاحاديث: ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) وحديث ( انهم ليسوا من امتك ، لا تدري ماذا بدلوا من بعدك ، فيقول رسول الله : سحقا سحقاً) أو كما قال رسول الله (ص). وحديثه (ص) الذي فحواه( من احدث في هذا الأمر ماليس منه فهو رد) وحديثه(ص) حول القابض على دينه كالقابض على جمر، وحديثه خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه ) واورد هذا الاخير للدلالة على ان السلف الصالح – الذين تدعونا لتجاوز قياسهم وفهمهم لأنه جامد معلب وتقليدي - لم ينالوا هذه المكانة المرجعية فيما تبنوا من صيغة للاسلام ( شكلا ومضمونا) الا لأنهم اتباع صحابة رسول الله الذين دعا رسول الله الى الاقتداء بهم فقال( اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وتبعهم التابعون وتابع التابعين .. وهؤلاء اخيار هذه الامة واعلامها الذين بهم وصلنا هذا الدين أصيلاً تاماً بعد ان احسنوا ( الاتباع) في حكم الله ورسوله(ص).

7/ اذا تجرأنا واجتهدنا بمحض ارادتنا ومكنتنا العقلية بكل عيوبها، فما الذي يضمن أن يكون اجتهادنا هذا مقبولاً عند الله؟ أم أن حسن النية يمكن ان ينجينا بين يدي الرحمن فيما اذا كان اجتهادنا ضلالة تضل المسلمين عن دينهم الذي ارتضى لهم ربهم( وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) ، ( ورضيت لكم الاسلام دينا).

8/ سيدي كيف يمكننا ان نفرّق بين مسعاكم هذاالذي يفضي الى نوع جديد من ( الاصلاح الديني) وبين حركة ( الاصلاح الديني ) المسيحية التي افرزت البروتستانتية على يد مارتن لوثر؟
9/ واذا كانت البواعث والمؤديات تختلف عن الاصلاح الديني المسيحي ( حيث بدلوا وغيروا وحرفوا وفهموا على كيفهم) فهل سيختلف موقفكم القاضي بضرورة ( الاجتهاد مع النص) عن موقف المفكر محمود محمد طه ؟ .
10/ سيدي هل الله تعالى ودين الله يحتاجان الى احد ممن نستهدف خطبة ودهم؟ أم أن البشرية هي التي في حاجة اليه؟ فلماذا اذاً يسعى دين الله نحو استرضاء الكافرين عبر ما نقدمه نحن ( العباد) من "تخفيضات" ترويجية، باسم الله ورسوله دون اذن او تخويل منهما فنقول ( هو من عند الله وماهو من عند الله)؟ واذا فعلنا فأين نحن من التسليم الكامل المطلوب شرعاً لما قضى الله ورسوله حيث ورد بالاية الكريمة(.. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)، فكيف الآن نجد في انفسنا حرجا مما قضى ربنا عز وجل في كتابه وابان رسوله لسلفنا الصالح؟
قال تعالى ( يا ايها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقا من الذين اوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين(100) آل عمران.

11/ هل تسمح لي سيدي بأن انبهك الى تحقيق مميز نشرته صحيفة الصن داي تايمز البريطانية خلال العام المنصرم وهو يرصد ظاهرة متنامية تتعلق بدخول اعداد مقدرة من ابناء الطبقات العليا البريطانية ( TOP PEOPLE) كما يقول العنوان، دخولهم في الاسلام، أتدري لماذا يا سيدي؟ .. لسبب يناقض ما تسعون اليه هنا، فهم معجبون جدا بكون الاسلام مايزال يحافظ على صيغته الاصلية دون ان يقدم اتباعه تنازلات لصالح الحضارة المادية المعاصرة ، فهذا في نظرهم هو الدين الحق الذي يستحق الاتباع !!
نعم ان بقاء دين الله الاسلام ( معلبا كما تصف) يعد الميزة الاهم التي تعلي من قدره، وليس نقيصة تستدعي تبديله بزعم تحسين صورته، والآن بالذات في ظل سيوف الحملة الصليبية الجديدة؟.ترى هل هو الرضوخ تحت الضغط؟.
غير اننا نقول بأنه مهما تغيرت الاحوال والعصور فان هنالك دائما قاعدة مرنة يقدمها الاسلام لاتباعه هي( لايكلف الله نفسا الا وسعها ) ولعل هذا مما قد تعنيه الآية ( هو اجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج ، ملة ابيكم ابراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس) ولا يكون الرسول شهيدا علينا الا بالأمانة التي أداها الى اصحابه ومن تبعهم بالتواتر والاتباع باحسان وتقى، ولن نكون شهداء على الناس الا بما شهد به الرسول علينا واشهدنا عليه - كأمة عبر الصحابة- يوم حجة الوداع، فهل نبدل ونتنازل عن حقوق الله تعالى بغية تسويق مايريده الناس ويروق لهم؟

12/ سيدي ، لقد لحظت - من خلال قائمة المراجع المنشورة الكترونيا- ان ورقتكم ، رغم خطورة ما تضمنته من آراء الا انها تكتفي بما تراه انت فقط ، حيث لا تتفق او تستفيد من آراء أخرى لباحثين سابقين في مجالات الاجتهاد والشريعة وعلوم القرآن والحديث ، فيما عدا مصدر واحد فقط هو ( كتاب الحجاب والسفور ) الذي لم يرد في الهامش اسم مؤلفه حتى نتأكد من صلاحيته مرجعاً. فكيف اذاً يا سيدي يجرى البحث والاجتهاد من خلال ( العصف الذهني الشخصي ) دون اعتبار لآراء السابقين أو المعاصرين؟ ، وهل تعتبر ورقة مطولة وجادة كهذه مقبولة وقابلة للمساءلة من الناحية المنهجية العلمية؟.
ثم أليس في الأكتفاء بالرأي الشخصي نوعا من استبعاد الشورى المتمثلة في اراء الغير التي يجب ان يستأنس بها المؤلف أو الباحث ، خاصة في شأن بهذا المستوى من الأهمية، الا تجد في ذلك نوعا من الاستغناء بالرأي الواحد والنظرة الاحادية؟
في ختام رسالتي الاولى هذه اشكر لكم تعاطيكم مع محاولاتنا البسيطة والنابعة من محبتنا لكم ، ومن رغبتنا في الاستزادة من علمك الغزير.
هدانا الله الى مراشد الهدي وسواء السبيل.
وآتاني واياك حسن الختام.
والى ان التقيك في رسالة تالية استودع الله دينك وخواتيم اعمالك.

تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي في 10/3/2005

Post: #2
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: إسماعيل وراق
Date: 03-22-2005, 02:27 AM
Parent: #1

الأخ محمد عبد القادر سبيل
سلام وتحية.،
نشكر لكم سعيكم وإجتهادكم في تبيان رأيكم حول ما يطرحه الحبيب الإمام الصادق من رؤى فكرية ولعمري هذه محمدة تحسب لكم.
كنت تواق منذ زمن طويل أن يتناول المهتمون الصادق المهدي المفكر لا السياسي، وفي بوستك هذا ربما أجد ضالتي.،
عليه أتمنى أن ندخل في حوار عميق - إن كان لديك وقت - حول أفكار الصادق المهدي وإجتهاداته، ونسأل الله أن يعيننا على ذلك.
خالص ودي لشخصكم الكريم.،

Post: #3
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد حامد جمعه
Date: 03-22-2005, 02:53 AM
Parent: #2

كنت تواق منذ زمن طويل أن يتناول المهتمون الصادق المهدي المفكر لا السياسي،
اثنى ...

Post: #4
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-22-2005, 02:59 AM
Parent: #2

الاستاذ/ اسماعيل وراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Quote: أتمنى أن ندخل في حوار عميق - إن كان لديك وقت - حول أفكار الصادق المهدي وإجتهاداته، ونسأل الله أن يعيننا على ذلك


ستجدني احرص واسعد يا اخي، ولكن ليتك ترقب حتى انهي رسائلي الى السيد الصادق فتتضح لك وجهة نظري بصورة اشمل وادق.
وفي الحقيقة فانا اضمن لك الحوار ولكن ( العمق نجيبو من ليك وين؟.. الله كريم غايتو)..
عموما حينما اكمل قولي فسأخطرك.
وهذا لا يعني عدم الاستماع لرأي الآخرين هنا ، ولا يعني عدم الاستعداد للرد ( على خيييف) واما الحوار راس لراس ، فهذا بعد ان افرغ من الوقوف على بقية جوانب الورقة محل الحديث.
محبتي لكم تزداد واحترامي كذلك
مرحبا بك وبالاحباب
اخوك محمد سبيل

Post: #5
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: إسماعيل وراق
Date: 03-22-2005, 03:09 AM
Parent: #4

الأخ محمد عبد القادر
سلام
لك ما تشتهي.،
قرأت رسائلك كلها، والأخت لنا مشكورة قامت بنشرها في شبكة الأمة وأعتقد أنها وصلت ليد السيد الصادق المهدي.
على كل أنا في إنتظار أن تفرغ ما في جعبتك من رسائل، ووقتها لكل وقت ومقام حال.

الأخ محمد حامد جمعة.،
شكراً على التثنية.

Post: #6
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد الواثق
Date: 03-22-2005, 03:45 AM
Parent: #1

الأخ محمد عبد القادر سبيل

الحبيب وراق
والبقية الباقية المشاركين في البوست
تحياتي

كنت قد قررت ان لا اشارك في أي بوست يتناول حزب الأمة او عضويته حيث كانت كل البوستات السابقة تتميز بكونها مساجلات ومهاترات تشبه الى حد كبير اركان الجامعة السياسية التي تتناول الأمور بثنائية ( هلال مريخ ) عموماً ولحين أن ينتهى الأخ سبيل من عرض بضاعته سنرى كيف ستكون مساهمتنا في ما يطرحه من أفكار . وكوني في ابوظبي مع الأخ سبيل اذا احتاج الى أي طروحات للسيد الصادق المهدي ( كتب - اوراق - مشاركات ) فأنا على استعداد .

Post: #7
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: lana mahdi
Date: 03-22-2005, 03:52 AM
Parent: #1

الحبيب سبيل
شكرا على تجميع الرسائل الثرية و إن اختلف بعض ما جاء فيها مع طرح الامام
وأؤمَن على حديث وراق حول تناولك جانبا مهما و هو الصادق المهدي مفكراً

Post: #8
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-23-2005, 01:00 AM
Parent: #1

رسالتي الثانية الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً )

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد / الصادق الموقر

الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد(ص) وبعد،،

فقد سبق ان كتبت الي حضرتكم رسالة تستجيب لما ورد في ثنايا ورقتكم الموسومة ب ( ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها "سيداو" ) .. والتي تدعو فيها الى نبذ ( اتباع ) الاحكام الشرعية المتأسسة على الاجتهاد التقليدي الاسلامي ( السلفي) ، خاصة فيما يخص قضايا سبع ، من منظور معاصر هيالمرأة والجهاد والحدود والرق والتعامل مع الآخر الملي ودولة الخلافة والعلوم التطبيقية).. فأرجو أن يكون ردي المتواضع ذاك قد بلغ سيادتكم ووقع منكم موقع القبول بمشروعية موقفي وانفعالي...
سيدي الصادق
في رسالتي الثانية هاته يتواصل سردي لمجموعة جديدة من التعليقات والتساؤلات و نقاط الاختلاف التي – بتواضع جم - احسب انها تستحق قدرا من عناية الاصلاحيين الجدد عموماً، بحسبان اننا بصدد دين الله، الذي ارتضاه للمسلمين على نحو وصيغة معينة، وليس مجرد فلسفة اصلاحية قابلة للاختلاف وتنوع الفهم...
وهي في الواقع تعليقات واحتجاجات مشروعة نابعة من وجدان مسلم غاية مقالته ومبلغ مرتآه ان الدين معين وهو الى ذلك أيسر وأوضح من أن نتخذه بمثابة فكر فلسفي اجتماعي يتعاطاه ويعالج شأنه نفر من أُلي الحجى يتجاذبون اطرافه ولكلٍ شأنه وأفقه.
مثل هذا التوجه في التعاطي مع الدين ينزع عنه صفة القداسة التي ارادها الله له ، ومن جانب آخر يكون التعاطي مع القرآن والسنة شأنا نخبوياً بينما ينتظر المؤمنون الأقل حظاً ما يرفدهم به الاذكياء من بنات افكار ونتائج تحليلات وتكييفات واستنتاجات دينية.؟
اذاً فتحفظي أسوقه على مذهب الاصلاح المحتكم الى العقل البشري كمرجعية، يبدأ من المبدأ نفسه ، مبدأ اطلاق العنان للعقل، اعلاءً لشأنه الى حد اخضاع شريعة الله له، يرسو بها أنى أصاب ويطيش بها أنى اخطأ، وذلك لنجني اعادة صياغة معاني ودلالات واحكام كلام الله ورسوله، على اسس جديدة وبمضامين تلبي ( تحديات العصر ومن بينها "سيداو" ).
فالقرآن والسنة ميسران ومبينان بقدرما هما متكاملان وفق شرط علو قدر القرآن على سنة النبي الكريم(ص) التي تكتمل بها الشرائع. ولا اقول ذلك من عندي وانما لقوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )2 البقرة وليس هدى للأذكياء والفلاسفة. وقوله سبحانه ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) 1 البينة . ثم ان هذا القرآن نزل على أميين ويقصد هدايتهم وليعلمهم الكتاب والحكمة أولا قبل هداية مشائي اثينا. وقوله سبحانه ( انما يسّرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لُدا(97) مريم.
ففهم مقاصد القرآن التكليفية يسير وممكن. وقد تعاطى مع هذا الكتاب المعجز الكافرون القرشيون ( اذكر ما قاله فيه الوليد بن المغيرة) وتأثر عمر وطفيل الدوسي الخ وكلهم خروا ساجدين من الوهلة الأولى، بل فهمه وتأثر به النجاشي ملك الحبشة حينما أدهشته العنكبوت في فم الطيار .. كيف لا وهو نور مبين فصيح من نور السماوات والارض؟!
لا يحتاج الى حلاّل عقد أو فكّاك عجمة.
فالقرآن نور صريح محله القلب أولاً ، حيث تنزل به الوحي على قلب النبي(ص)، وليس علما ماديا عقلياً صرفاً لكي نخضعه للتجربة والخطأ ثم للتطوير وابداء الرأي الحر المستقل عن المراد الذي حدده الله تعالى ورسوله (ص).
هكذا فأن المقدار الذي شاء فأتاحه الله لنا من معنى القرآن ، وهو الكافي لهدايتنا الى الصراط المستقيم ولأخراجنا من الظلمات الى النور ، هذا القدر يسير التحصيل بالنسبة لمن خشي الرحمن بالغيب فآمن وعلم لغة قريش. وهو معنى معين محدد طبعاً، وغير قابل لتبديله أو انقاصه أو اعادة توطينه وتكييفه من جانبنا ، مادمنا متقين.
بل ان الجن قد فهمت مقصده من الوهلة الأولى فقالت( انا سمعنا قرآناً عجباً يهدي الى الرشد فآمنا به ) أنظر كيف عقلوه واهتدوا به فأسلموا واطاعوا ؟ أجل!!، ما قالوا باختلاف الزمكان وتحديات وفروق المخلوقات ، وما زعموا منطقاً أو شرطا موضوعيا من قبيل: نريد دينا يناسبنا ونبياً من جنسنا، وشريعة تناسبنا ( كما يقول الناس اليوم!!)، وانما ( أتبعوه) اتباعاً ، لا بل ذهبوا يبشرون به ويدعون اليه أمتهم مستنكرين ما قاله سفيههم عن الله ( شططا) !.
فما بالنا نحن اذاً؟، نريد تبني دلالات أخرى لهذا القرآن – نقول انها كامنة فيه- ولكنها تخالف ما تركنا عليه المصطفى (ص) صاحب الرسالة نفسه وذلك لمواجهة تحديات العصر ومن بينها "سيداو"؟! اين نحن من قول الحق لرسوله الأمين(قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )؟
سيدي.. لابد انك تعلم أفضل مني بحكم سعة علمك ، أن من اشد ما يمكن ان يقوم به قوم بعد نبيهم هو ان يغيروا من الدين الذي جاء به بشئ لم يألفه ولم يقل به ، فهكذا فعل قوم عيسى من بعده وذهبوا في ذلك كل مذهب رويدا رويدا حتى عبدوا نبيهم واشركوا بربهم ، وأما عن بني اسرائيل مع موسى فحدث ولا حرج.
اذاً..
فالدين هو الخضوع والاتباع ، والاسلام ، لغةً، هو التسليم .. لله ورسوله (ص) ، لا أن يكون لنا رأينا الجديد فيما اراد الله وطبق رسوله عمليا ثم اتبعه المؤمنون الذين عملوا بما جاءت به الآية الكريمة ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبيناً(36) الاحزاب . اذاً فالاتباع لما قضى الله به ورسوله صراحة هو تحقيق لطاعة الله ورسوله ، وهذا هو معنى الاسلام والخضوع لله وما سوى ذلك فهو سواه.
واذا كان البعض في هكذا حال ينصرفون الى القول بأن الله عز وجل قد دعانا في كتابه الكريم الى التدبر في القرآن ( أفلا يتدبرون القرآن) والى التفكر ( لعلهم يتفكرون) واستخدام العقل( افلا تعقلون ) ، ولا يكون التفكّر ولا التدبر ولا التعقل الا بالعقل، وأن العقل نعمة الله وقدره الذي لا يجب تعطيله واهماله أو الغاؤه .. فاننا بصدد هذا نستأذنكم فنقول:
ان العقل هو سبب ، مسخّر ، يجب الاخذ به من اجل تحقيق التبعية لله من خلال استجلاء حقيقة الآيات واعجاز الخلق واعجاز القرآن، وحينها يتحصل الانسان التصديق واليقين على وعود ووعيد الله تعالى وصحة ماجاء به رسوله في القرآن والسنة الشريفة، وفي هذا تعزيز لأرادة الله التي تعبر عنها وتجسدها الصيغة ( الكاملة) للدين ، والمتبناة والمبينة عملياً من جانب رسول الله ثم صحابته الكرام من بعده. يقول تعالى ( وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) فربنا عز وجل قد ارتضى صيغة معينة للدين لأمة محمد(ص) وهي غير قابلة للالتفاف عليها وتحويلها بذريعة اتباع شروط العصر، والا لورد في الكتاب مايفيد بأنه من حقنا أن نخضع لحكم العقل وشرط الزمان في اعادة النظر حيال ما نزل بنص وبينه رسول الله عملياً.لكن شيئاً من ذلك لم يحدث.
والدليل على ان هذه الصيغة – بدلالاتها المحددة- هي المرادة فقط وتعييناً، كون ان من اتبعوها قوم ضمنوا رضوان الله في هذه الدنيا قبل الموت فكانوا نموذجا لمن يريد رضا الله ( رضي الله عنهم ورضوا عنه) ، وهم قدوة هذه الامة واسوتها الحسنة، ونجومها الزواهر كما قال المصطفى ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) ومن خالفوهم - فنكصوا عن اتباعهم اتّباعاً - نُعتوا في القرآن بشرّ النعوت. واما من يضيق ذرعاً بها ويريد تبديلها بمحتوى جديد فانه ما سلّم تسليماً وما رضي بما حكم به ربه من فوق سبع ، وانما يخضع لحكمه الذي يعتبره من قدر الله! ( كما أوحيتم من خلال الحديث الشريف) ، .. وهكذا لا يصبح العقل سبباً مسخراً للطاعة كما اراد له ربه ، وانما يغدو حَكَماً قيّماً ، ودون وحي الا الهوى .
قال تعالى ( أرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) الفرقان 43
وفي الحقيقة فان العقل نعمة عظيمة كرم الله بها الانسان، ولكن يمكن ان يتحول الى فتنة وخيمة فيما اذا احتكمنا الى أمره ومراده ، حيث انه في هكذا حال يصبح ربّاً متصرفاً مهيمناً بدلا من ان يكون عبدا طائعاً لربه مبتلى كغيره من مخلوقات.
والملحوظ هو ان فتاوى العقل المحض غالبا ما تفضي الى ضلال ، فابراهيم (ص) وهو أبو الانبياء ، ما اهتدى بعقله وانما ضل ، فطلب الهداية من الله ( ولئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين)، واذ أراد ذبح ابنه طلب اليه ابليس ان يستخدم عقله فيما أقدم عليه ولكنه لن يكون خليل الرحمن ولا ( أول المسلمين) الخاضعين لو انه اختار الاحتكام الى العقل فيما شرع ربه وبه حكم.
ولكن قارون الذي كان من قوم موسى بغى عليهم واغتر بعقله وذكائه الذي ابدع به في امر آخر ، وليس من شرع الدين ( معالجة المعادن كيميائياً)، غير انه قال ( انما أوتيته على علم عندي) فضلّ عن سبيل ربه فهلك ( فخسفنا به وبداره الارض ).
دين الخالق لا يتبع عقل المخلوق، وانما هو متبوع مطاع فحسب ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم ).
ولا استطيع سيدي أن اتخيل حال الدين فيما اذا لم يكن تقليدا واتباعاً ( تسميه معلبا)؟ هل كان سيصلنا دون تواتر النقل؟ وهل كنا – بعد هذه الاربعة عشر قرناً- سنقف صفاً واحدا في صلاة جامعة ، أو نصوم ونفطر أونحج في ايام معدودات معلومات؟ ولقد قال رسول الله (ص) : صلوا كما رأيتموني أصلي، وقال في حجة الوداع: خذوا عني مناسككم ، وقال فليبلغ الشاهد منكم الغائب . وقال : كل امتي يدخلون الجنة الا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى. فهل ياترى نعيد فهم حكم من الاحكام، فنغير دلالته، فيما يخص المرأة أو الجهاد أو الحدود الخ ونظن بعد ذلك أننا اقتفينا اثره وسرنا بمنهجه على المحجة البيضاء التي تركنا عليها وحذرنا اشد التحذير من الزيغ عنها؟
في الحقيقة فان خطورة الدعوة الى الاحتكام لآراء العقل فيما حكم الله تعالى وشرع ، تنبع من كونه آنئذٍ يوجه ويستعلى فوق مراد الله ورسوله ، فيصبح هذا المراد ( تبعاً) وتسليماً للعقل لا لله ، وهذا غير معقول ولا هو من عمل الخضوع والتقوى.
وأما القول بأن رأي العقل المنصف - كما نقلتم عن احد التابعين!- لايمكن الا ان يوافق ما شرع الله واراد.. فلا احسبه يصح بمعنى آخر سوى ان هذا الدين هو دين الفطرة كما هو معلوم، ولذلك فأن آي القرآن وشرائع الدين جميعاً، هي من الجلاء والوضوح والمقبولية بالنسبة للمرء السوي بحيث يتيسر له الاخذ بها واتباعها دون نفور او تبلبل. وهذا الفهم كما ترى يكرس ويثبت تبعية العقل لما قضى الله وشرع لعباده على وجه التعيين، وليس العكس فحكم/ كلام الله ( مبنىً ومعنى) لا يرتهن لعقل فيتبدل بين يدي كل مفكر مجتهد، ولا حتى النبي (ص).( واتل ما اوحي اليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) 27 الكهف.
وزبدة القول ان عقل الانسان مخلوق ناقص و مسخر لخدمة ما نزل من الدين ( الكامل ) والمحدد، تصديقاً واتباعاً، وهو مسخّر للأخذ بالاسباب المادية ولتفجير طاقات وموارد الارض والسماء بواسطة سنن الله في خلقه ( النظريات والقوانين العلمية) تخليقاً وابداعا.
وبناء على ماتقدم يصبح من غير المفهوم وصف "الاتباع " بصفات تحقيرية ( معلب، تقليدي، جمود فكري الخ)، أو ربطه بجماعة من الجماعات دون سائر المسلمين ( السلفيين مثلا أو الاصوليين أو المتشددين وهكذا تصنيفات حصارية اقصائية لبعض اهل القبلة وكل ذنبهم انهم استبرأوا لدينهم واتقوا ربهم فاسلموا وجههم له سبحانه، كما فعل الصحابة والذين اتبعوهم باحسان )، وهذا مما يفعل العلمانيون ، وهم الذين يؤلهون العقل أو يكادون ، ولا يفرقون بين دين وفلسفة اجتماعية وضعية ، فكلاهما – الدين والنظرية الفلسفية- قابل عندهم لتدخل العقل وفرض ضوابطه وكيفه متحاً وتنقيحاً، ولذلك ليس مفهوماً أن نجتهد لنصرف متبعي الدين عن ( التقليد ) رغم ان التقليد هو اهم صورة من صور الاتباع والتسليم. وما السنة الا تقليد.
بالمناسبة هنا يحضرني ما روي عن عبد الله بن عمر انه بعد وقت من موت رسول الله(ص) مر يوماً عل مكان فطأطأ رأسه دون وجود عائق يستدعي الانحناء ، وحينما سئل رضوان الله عليه قال كانت هنا شجرة على ايام رسول الله واني رأيته مر من تحتها فطأطأ رأسه حتى لا يصيبه فرعها، وأنا افعل ما فعل اقتداء به رغم عدم وجود الشجرة !! ترى هل كان عبد الله متشددا ، أو غبياً ؟!! أم أنه فهم المطلوب ببساطة.
وكذلك أذكر قصة احد الصحابة رضي الله عنهم سمع رسول الله (ص) يقول للناس داخل المسجد اقعدوا ، فرغم ان هذا الرجل كان خارج المسجد فقد قعد لأنه سمع الأمر ، فلما خرج النبي من المسجد سأله : ما اجلسك هنا؟ قال سمعتك تأمر ، فقال له رسول الله (ص) زادك الله طاعة لله ورسوله . أو كما قال. فلماذا لم يقل له أنت غبي أو حكّم عقلك ؟!. هذا هو الاسلام المطلوب لمن استطاع .
سيدي ، لقد قلت ماقلت آنفاً لأنني ..
أجدك منتقدا فضيلة الاتباع واصفاً احكام الدين بأنها فكر (!) حين تقول:
Quote: اطروحتي التي مابرحت اكررها أن هذا الركود الفكري المؤسس على التقليد لم ينشأ من فراغ ، بل سببته عوامل كثيرة أهمها ثلاثة:
العامل الأول معرفي.. وفحواه ان حقائق الوحي فصّلت في الكتاب والسنة وأن ما فعله المجتهدون من السلف هو استخدام القياس والاجماع وسائر ادوات الاجتهاد المشروعة لتمديد تلك الحقائق حتى تشمل كل الحياة الخاصة والعامة. ولذلك صارت النتيجة تبيانا للارداة الالهية بعلم واجتهاد السلف، فما على الخلف الا اتباعهم.

سيدي الكريم ..
هذا العامل هو ما لفت انتباهي ، ليس لأنكم وضعتموه اولاً فقط ، وانما لأنه حسنة أُحيلت الى سيئة.
فقولك سيدي (فحواه أن حقائق الوحي فصلت في الكتاب والسنة ).. ، فلا احسبك ستقول بغير قول ربنا سبحانه وتعالى ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) وقوله تعالى ( ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من انفسهم، وجئنا بك شهيداً على هؤلاء، ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين(89) النحل.
واما قولك ( ولذلك صارت النتيجة تبيانا للارادة الالهية بعلم واجتهاد السلف، فما على الخلف الا اتباعهم) ، فلا أظن أن هذه هي النتيجة اذا اردنا مزيدا من الدقة سيدي، لأن المسألة هي اساساً مرتبطة باعلاء شأن الاتباع ، لأن الله يريد ذلك فقط ، ولا يريد تدخلا فيما قضى به وفصل سبحانه وبيّنه رسوله على نحو شاف للناس( حتى لا يكون للناس حجة بعد الرسل) وقد قال تعالى ( ان الحكم الا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين) وقال عز من قائل ( ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون )47 المائدة. والنبي (ص) أدى الأمانة وبلغ الرسالة وكشف الغمة ، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها الا هالك . أو كما قال (ص).
قال تعالى ( كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياته ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون)151 البقرة. فهذا علم القرآن والسنة معاً لا تفريق بينهما. وقال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ. ويُفهم من (عضّوا بالنواجذ) الكناية عن عدم التفريط قط، وبالتالي فكل ما يستجد بعد ذلك يقاس عليهما وباخلاص كامل. وهنا تظهر ضرورة العقل لتكريس الاتباع .
فهؤلاء ( التابعون ) انما كانوا يتبعون صيغة وطريقة النبي الكريم بحذافيرها ما استطاعوا الى ذلك سبيلا ( فاتبعوني يحببكم الله) ، وهم حينما قاسوا
فانما قاسوا عليها ( على الصيغة المحمدية للدين) وهي الصيغة التي عكسها اصحابه في حياتهم متبعين مقلدين مخلصين له الدين سبحانه.
ونحن حينما يكون مطلوباً منا ان نتبع مثلهم، مسلمين وجوهنا لله عز وجل، فانما نتبع هذه الصيغة بالذات، دون التضحية بجزء منها او تبديل فحواها ، لماذا؟ .. لأن الله تعالى دعانا الى ذلك ( والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه).
كلنا نريد شهادة الرضوان. لذلك لا نستطيع ان نخاطر بديننا فنأتي بشئ من عندنا، تحت أية ذريعة كانت، لأنه لا توجد ضمانات على مقبولية ذلك عند الله تعالى.
وهكذا فأن اولئك السلف ( وهم اهل تقوى وأخلاص بلا ريب) ماشاؤوا ان يلزمونا برأي ابتدعوه او بتأويل من عقولهم ازاء دين الله ، ما شاؤا ذلك وما فعلوا، وانما الرأي كله لله ، والدين خالص لله ، كما سبقهم الى ذلك صحابة رسول الله الكرام الذين ضربوا المثل في التسليم والاتباع الى حد ان رسول الله (ص) كان يسألهم في يوم عرفة وهم واقفون هنالك على صعيد عرفة ( وأهل مكة ادرى بشعابها)،قال ما معناه:اتدرون في اي يوم انتم وفي اي بلد أنتم، فيقولون الله ورسوله اعلم (!!) ، فلقد فهموا المطلوب، وهو التسليم الكامل حتى فيما يعد بالعقل من المسلمات، .. هكذا التابعون حرصوا على الاتباع الذي ينبغي ان نحرص عليه كما فعلوا لكي ننجو بديننا من مجرد شبهة الهوى، وما كان لأتقياء ان يحتكموا الى عقولهم دون الالتزام بشرط ما طبقه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من حُكم التنزيل المبين وحقائق الوحي.
ههنا اختم رسالتي الثانية سيدي والتي ارجو الا اكون قد أسأت فيها الادب، ولو كنت فعلت فانني ألتمس حلمكم المشهود. فلولا المشقة ساد الناس كلهم!.
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
الى ان التقيك في رسالة تالية، استودع الله دينك وخواتيم اعمالك.
والسلام عليكم ورحمة الله وتعالى.
تلميذكم المحب
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي 13/3/2005

Post: #9
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: Dr.Mohammed Ali Elmusharaf
Date: 03-23-2005, 03:47 AM
Parent: #1

الاخ الفاصل محمد عبد القادر
ْرسائل رائعه لرجل اروع. اظن ان الحبيب الصادق سوف يرد التحيه باحسن منها.
متابعا
محبتي

Post: #10
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-24-2005, 02:47 AM
Parent: #9

سعيد جدا بمرور الاخوة الزملاء هنا وسأتصل بمحمد الواثق في خصوص كتاب العصر والاصل
سأعود لاحقا.

الاخت لنا مهدي
ارجو التريث حتى تكتمل الرسائل جميعا ومن ثم تتفضلين برفعها في موقع الأمة ، وحينها ارجو سحب نصوص الرسائل المرفوعة سابقا، دفعة واحدة لتحل المنقحة محلها وحتى لا توقع زواركم في خلط بعد تنقيحها وتعديلها حذفا واضافة وضبطا، وبالمناسبة فقط اضفت اليوم اقتباسا جديدا لدعم حجتي في الرسالة الاولى. لذا لزم الانتظار.
لكم خاص مودتي.

Post: #11
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-26-2005, 01:58 AM
Parent: #10

رسالتي الثالثة الى السيد / الصادق المهدي ( مفكرا)

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد / الصادق الموقر
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد ،

فهذه كما ترى رسالتي الثالثة التي ابثها اليك عبر الشبكة المعلوماتية الدولية ( الانترنت) ومن خلال موقع سودانيز اونلاين دوت كوم.
وكما ذكرت لكم سابقاً فان رسائلي جميعاً ، تتحلق حول ورقتكم الموسومة ب ( ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها " سيداو" ) وذلك لما للأمر من أهمية تنبع من مصدرين هما اهمية شخصكم كقدوة وفاعلية من جهة ، وخطورة الطرح نفسه من جهة أخرى، خاصة واننا بصدد دين الله الاسلام - المستهدف اصلا من قوى كثيرة خارجية وداخلية - وليس أي شأن آخر يجوز ان نختلف على فحواه .
وفي الدين فان اختلاف الرأي فيما صح وثبت عن رسول الله (ص) باجماع العلماء لا يفسد للود قضية فقط بل يفسد المجتمع عن بكرة ابيه ، تفرقا واقتتالا بموجب ما تفعله الفتنة، ولنا في التاريخ أيما شواهد.
اليوم هنا سأنطلق من شخصكم ، السيد الصادق حفيد محمد أحمد بن عبد الله امام أهل السودان وقائدهم وصانع مجدهم التليد.
الصادق الامام ، الوحيد الآن بين أهل السنة في الارض قاطبة ، المبايع بيعة شرعية معلنة، من قبل رجال صدقوا ماعاهدوه عليه، مؤمنين يسدون الأفق عديداً ونفرة ويملؤن عين ذ ُكاءَ ظهوراً ونصرة.
فوالذي ارسى كرري في الارض ، اذا ما دعاهم ليوم كريهة ماتخلف منهم الا سيرة عطرة أو نواح ثكالى يعددن المآثر. انصار الله يحصدون من شاء الله لامامهم ان يختار ، لا يسألون فيم هم هالكون.
الله أكبر ولله الحمد
الصادق الذي من اجله تبدل دستور السودان حتى يسود عشيرته أمردَ لما اعتنقته الزعامة وقد
أتته السيادةُ منقادةً اليه تجرجر أذيالها
فلم تكُ تصلح الاّ لهُ ولم يكُ يصلح الا لها
أما اذا احصينا علمه وعقله وماشاء الله له من زينة الحياة الدنيا ، فانه لا ينقصه سوى أن ندعو له صادقين : اللهم زد وبارك واهده سواء السبيل ، ولاتذر للشيطان اليه منفذاً، وأقِل عثرته حتى لا يجتهد فيما تمكن ورسخ من الدين منذ صحابة ابرار وتابعين باحسان ، فيغير حكم آي من كتاب الله يريد بذلك المعاصرة ومواكبة مواثيق الامم المتحدة. وربما من اجل تحسين صورة هذا الاسلام الاصلي الثابت كالجبال و الذي يسوء نصارى اليوم ويهوده، وهاهي سنابكهم على مرآى ومسمع .
هو امام أنصار الله المؤمنين ، فهل يرتضي بأن ينقص الدين الخالص القيم وهو حي؟،
لا أصدّق قط؟
لا بل هو شخصياً من يبادر بتبديله واخضاعه للعقل بكل عيوبه ويخضعه لحكم الظروف التي تبدلت ومنها (تحديات العصر التي من بينها "سيداو").؟
الله أكبر ولله الحمد
سيداو التي تنوي انصاف المرأة بأكثر مما فعل رب العالمين، وما طبق رسوله ومن تبعه؟.
لا يا سيدي، ليس أنت. وليس ثمة ما يدعوك بالحاح لنقض حكم الله ورسوله باحثاً فيما يفهم منه انه التفاف على التكليف باستخدام الذكاء !!.
امام مسلمين.. هو أول من يتحدى المتغيرات الدولية فيحمي حمى الله وشرعته الغراء بأن يتنازل، ويخاطر بنفسه فيحكم في كتاب الله بحكم لم ينصره الانصار يوماً ولاالمهاجرون الذين رضي الله عنهم، ولم يتبعه التابعون باحسان من بعدهم، بل لم يسمع به رسول الله الشاهد علينا بين يدي ربنا على ماتركنا عليه من أمانة؟!.
يقول تعالى( .. فقد جاءكم بيّنة من ربكم وهدى ورحمة، فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدَف عنها ، سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون(157) الانعام.
سيدي ..لابد ان محاولة الاجتهاد لتغيير حكم كلام الله المنقول بالتواتر يعدّ نوعاً من الصدف عنه وهو الاعراض وصرف الناس عنه الى مضمون آخر جديد، في آخر الزمان والى معنى غير مطروق بدعوى مواجهة تحديات الضغوط السياسية الدولية ( سيداو مثالا). والله تعالى يقول:
( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أُنزل اليك، فان تولّوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم ، وأن كثيراً من الناس لفاسقون(49) أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون(50) المائدة.
الحظ سيدي قوله ( عن بعض ما انزل اليك) حيث نكتشف ان الحذر واجب الى درجة "البعض" غير المسموح بالتغاضي عنه ابتغاء مرضاة احد.
فلو كان التأويل مشروعاً والتماس المعاني الأخرى جائزاً ، فان معنى ذلك أنه يجوز التخلي عن (البعض) الذي كان عليه السلف الصالح والذي سنتخلى عنه اليوم، اذا صدفنا اجتهاداً، ولكن الله قال ( احذر )!. وهذا معناه ان حكم الايات غير قابل للتعدد بالنسبة الينا.
ولكنك تقول ايضاً:
Quote: التقليد، والاستبداد، والانكفاء الفكري سيطروا على الأمة الإسلامية قبل الغزو العسكري والفكري والثقافي الغربي بل كانوا سببا في قتل حيوية الأمة وتحضيرها للغزو الأجنبي. صنعوا حالة عدم رضاء عن الذات وإعجاب بالوافد بدأ معتدلا لدى الطهطاوي المصري؛ وخير الدين التونسي وصار مولها لدى ضياء غوك ألب التركي، وطه حسين، وسلامة موسى المصريين، ولهاً عبر عنه الأخير في كتابه اليوم والغد بقوله: "أنا كافر بالشرق مؤمن بالغرب"، و قال طه حسين: " لقد التزمنا أمام أوربا بموجب المعاهدات أن نذهب مذهبها في الحكم و نسير سيرتها في الإدارة ونسلك طرقها في التشريع".
هيمنة حزمة التقليد، والاستبداد، والانكفاء؛ مهدت السبيل للغزاة ورسخت عدم الرضا عن الذات والإعجاب بالوافد. وفي يومنا هذا فإن هيمنة حزمة التقليد والاستبداد والانكفاء، جعلت عوالمنا الإسلامية العربية قصعة تتداعى نحوها الأمم

حسناً سيدي.
الاستبداد مرفوض ولا يرضاه الله ولا رسوله، وهو لا علاقة له بالدين الحق ، وبالتالي لا يجوز سوقه حجة من اجل تبرير تغيير احكام آي الذكر الحكيم، ولا هو مسوغ للتقليد ، فالتقليد هو عظم ظهر الدين وهو السير على الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم ، بالتحديد والتعيين والسير بترسم الخطى النبوية الشريفة وبدون ذلك لا دين قط ، وأنما ( وجهات نظر قابلة للمراجعة والتجربة والخطأ!!)
.. تخيل معي ديناً قابلاً لاكتشاف اخطاء اساسية في احكامه، فيتم الزعم بتصحيحها تصحيحاً قابلا هو الآخر للتجربة والمحاولة والخطأ ( وهلمّ جرا!) والسبب دائماً هو نقصان العقل ومشكلاته ونسبية قياساته.
ثم أجدني احبذ ان نفصل بين احكام الدين وبين رؤى الفكر، وذلك تحرياً للدقة والتعيين وعدم الخلط بين ما هو مادي ونسبي من حيث المصدر والمؤدى وهو الفكر الانساني، وماهو ميتافيزيقي المصدر ، مطلق السعة، وذلك هو دين الله، فالفرق جوهري ونوعي كما ترى، بما يتطلب تحقيق مثل هذا التفريق الجازم تمكينا لدقة دلالة المصطلح . فالدين دين ، وتفكيرنا ازاءه طائع لا مطوِّع ومنفعل لا فاعل ، وهو مفروض علينا كما هو، حتى اذا ضقنا به ذرعاً لسبب أو آخر، وغالباً ما تكون احكامه عكس هوانا وما تشتهي انفسنا ، غير قابل للمراجعة او التحوير الا بوحي ( مُنزل)، فلا يقدر ان يغير في مضامينه ولا حتى الرسول (ص) حيث ليس له من الأمر شئ، فلا يملك ان يبدله من تلقاء نفسه، فشرائع الدين بمثابة برنامج ابتلاء سماوى مكثف و متكامل وشاق، به فقط يرضى الله تعالى ويطهرنا. يقول تعالى عن بني اسرائيل حينما ارادوا الدين حسب شروطهم وهواهم ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ، ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون) التوبة 87
وأما الفكر البشري ففكر، قابل للتطوير والمساءلة والرأي الخ. وأما ما يُجمع ويصنف ويؤلف في اطار الدين، اذا كان اتباعياً مقتفياً أثر رسول الله وصحابته وتابعيهم باحسان فهو يقع ضمن اطار (علم الدين) الضروري بالطبع. هكذا فان علم الدين ليس فكراً طالما أنك فيه " مقيد" بالاتباع والتأييد لله ورسوله فيما أمر وبه حكم، وذلك في اطار تكريس وتعزيز هيمنة الشرائع ، ذات المضمون المعين المتبع، وليس ثمة سانحة لتطويرها بفهم بديل يلبي العصر اعتمادا على حرية الرأي والاجتراح.
سيدي..
ربما كان معك ألف حق فيما رأيت الى مآل المسلمين وقصعتهم التي تداعت عليها الأمم ، ولكن هل ذلك لأنهم مستمسكون بعروة الاتباع البالية الممتدة من لدن محمد(ص) وصحبه والتابعين وتابعيهم باحسان الى يوم الدين؟ أم العكس صحيح ، لأنهم تخلوا عن حبل الله المتين والعروة الوثقى لا انفصام لها، ناهضين الى الرأي والهوى وموالاة الأغيار ملتمسين قبساً من نور النهضة الأوربية لكي يخرجهم من ظلمات عصور الانبياء ( القرون الوسطى)!!، فحادوا عن المحجة البيضاء ، فمضوا متفرقين بدداً بين شيعة ومتصوفة واخوان وانصار سنة وسلفيين ومعتدلين (بالمناسبة.. العلمانيون اليوم يسمون انفسهم معتدلين حسب المقاييس الغربية المستلفة من عصر التنوير !!) لا يلقون بالاً لقوله تعالى:
( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ، وقوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) 153 الانعام.
وقوله سبحانه ( ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ)159 الانعام. فهل بعد هذا ننظر نصرة من الله؟
وأستطيع أن أزعم ههنا واثقاً بأن المرد الاساس لكل هذا الشتات في صفوف الأمة وكل هذه الفرق المتباغضة احياناً هو بالتحديد ( الاعتصام بالعقل وجعله ولياً من دون الله، فاتبعوه وخضعوا له ، مستنصرين مستعزين به بدلا عن الاعتصام بمضمون الكتاب والسنة على النحو الذي ورثناه عن رسول الله وصحبه والتابعين لهم باحسان.
خضعنا للعقل صرفاً فخدعنا في ظن كل منا بأنه من الفئة الناجية، بينما الناجية واحدة فقط، ترى ماهي؟ هل المتبعة اتباعا ونقلا وتقليداً أم المستنصرة بالعقل المستنير من نور ( حركة الاصلاح الديني المسيحية)، والتي تعتبر عصور الانبياء والتابعين لهم عصور الظلام؟ قال تعالى ( واعتصموا بالله هو مولاكم ، فنعم المولى ونعم النصير ( آخر الحج)
لقد صار القابض على دينة اليوم فعلا كالقابض على الجمر، مضطهد ومتهم بالتخلف والغباء و(الظلامية) لأنه غير منفتح على شروط العصر وغير مستجيب لاملاءات المنظمات الدولية التي يسيل لمواثيقها لعاب ارباب الدنيا وسدنة متاعها ومتعتها.
أجل ، نحن الآن كثير، بيد أننا كغثاء السيل كما اخبر بذلك المصطفى(ص) منذ عصور خروج الناس من الظلمات الى النور!، نور الله وليس نور العلوم المادية المعاصرة.
وانتم بالذات طرحتم مبادرة اجتماع اهل القبلة ووحدتهم على صراط واحد مستقيم، فهل ترقبون سيدي جامعاً بينهم سوى المنابع الأولى لهذا الدين؟ هل يمكن ان يجمع الشعث واختلاف العقول والمذاهب سوى ( الصيغة المحمدية) لفهم هذا الدين وتطبيقه كما شهد وبيّن ذلك رسول الله (ص) فاتبعه صحابته خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
هذا جدّ عشمنا فيكم ، أن تجددوا هذا الدين على رأس هذا القرن ،كما أخبر رسول هذه الامة بهذا الصدد، ولكن ليس كما فهم الغافلون الذين يحسبون التجديد هنا بمعنى تبديل حكم الله ورسوله واعادة صياغة جوهر كلام الله بما يوافق المستجدات وهوى النفس، بينما المقصود ببساطة هو تجديده في القلوب ، وتجديد علاقتنا به- كما هو - بعد ان تهرأت بفعل اغراء الغرور واللهاث وراء شهوات الكافرين وبعد ان زاغ الناس فضلوا، حتى تعود الصيغة الاصل قوية جديدة في القلب بنور الايمان باذن الله. هذا ما يفعله المجددون دائماً ، وما أتت جماعة قط معتصمة بمقولة العقلانية والرأي حتى ذهبت جفاءً ويمكث دين الله الذي ارتضى لنا في الارض منصورا بنا او بسوانا. ( فان توليتم يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم) .. وأنت يا سيدي أولى بما يمكث في الارض ، لا بما يذهب جفاءً.
سيدي أنت سيد قومك ، فلا تدع دين الله يؤتى من قِبلك( فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثماً أو كفورا ) 24 الانسان.
اختم كتابي هذا ههنا ، والى ان التقيك في رسالة تالية قريباً، استودع الله دينك وخواتيم اعمالك.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته،،
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي في 15/3/2005م

Post: #12
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: Mohamed Elbashir
Date: 03-26-2005, 02:05 AM
Parent: #1


الأستاذ سبيل
مررت للسلام و ألف حمد لله علي شوفتك تاني
و الشكر لأخونا أبوعبيده حسن لأنو طمأننا عنك و أخبر بمشغولياتكم فالتحيه له أيضا


و نرجع من البدايه نقرا


تحياتي وودي
محمد علي

Post: #13
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد حسن العمدة
Date: 03-26-2005, 12:45 PM
Parent: #12

الاخ محمد عبد القادر سلام


البوست يحتاج الى قراءة شاملة واعادة قراءة ساعود لاحقا بعد الاطلاع الشامل

شكرا لك

Post: #14
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-27-2005, 02:06 AM
Parent: #13

رسالتي الرابعة الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد/ الصادق الحبيب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

فهاهو كتابي الرابع مزجى اليك بمحبة لا تفتر، سيراً على ما اشتققت لنفسي من طريق طرقتموه انتم أول مرة حينما عالجتم مسألة ( ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها"سيداو")..
وقد ترى فيما انصرم وماهو آت أن ما ارتئيه ليس كلام علماء فقهاء ، بقدرما أنه يذهب نحو بلورة موقف رجل من غمار الناس المسلمين حول ما يسمى ب( التجديد والاصلاح الديني الاسلامي) الذي قد ارتاده ورتع في مراتعه كثر ممن يؤمنون بل ويقاتلون لأجل تسييد عقائد فكرية ايدولوجية بديلة، بغية محاصرة شرائع الدين وتعاليمه داخل دور العبادة وتحويلها الى مسألة شخصية فقط(!) وليست عامة. وذلك هو الاعتدال المطلوب!!.
ولذلك قد يستغرب من هو مثلي .. كيف يمكن للرجل الوحيد المبايع بيعة شرعية معلنة اماماً لجماعة مقدرة من المسلمين السنة، أن يذهب مذهب اولئك الاصلاحيين وقد علم أنهم انما يتقفون أثر مارتن لوثر الاصلاحي البروتستانتي؟
فهذا الكلام لو أنه جاء من اي مفكر ليبرالي ( مسلم ) آخر، لفهمناه ، وما أكثرهم ، وما اضعف حيلتهم المدعومة الآن بالحملة الصليبية الجارية( ألم يجعل كيدهم في تضليل)؟.
بالطبع سيدي فان البون بينك وبينهم بيون، وأرجو الله ذلك، ولكنني اذْكُرهم لك من باب ان مجراك هنا يفضي حتماً الى مصبهم .. كيف؟
لقد اتخذت خطهم ذاته الهادف الى ضرب عظم ظهر مصادر هذا الدين من خلال التشكيك في السنة المشرفة.
فالانتقادات اللاذعة التي وجهتموها الى ما ورد الينا من السنة نتقص من قدرها وتدعو مباشرة الى استبعادها والى عدم الثقة بها جميعاً.
هذا الكلام لا اقوله جزافاً من باب سوء الفهم او الاختلاق من عندي ولكنك تقول:
Quote: قليل من السنة قطعي الورود. وكثير منها ظني الدلالة وفي الإحاطة بمعناها عقبات أساسية توجب اجتهادا كثيرا:
• النبي صلى الله عليه وسلم منع تدوين أحاديثه وإلا لكانت دونت مثلما دون القرآن ولم يبدأ التدوين إلا بعد قرن من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. إن الوهم والنسيان يدركان الرواية ما لم تدون.
• علم الحديث اهتم بالسند اكثر من المتن.
• تدوين الأحاديث في الصحاح مبوب حسب موضوعاتها لا حسب تواريخ النطق بها.
• في الصحاح – مثلا – الإمام البخاري يورد أحاديث عن أن القيامة سوف تقوم بعمر أصغر واحد من رهط حددهم. هذا ناقضه الواقع.
• في الصحاح أحاديث تتناقض مع العلم كالحديث عن الذكورة والأنوثة وأنه إذا غلب ماء الرجل كان ابنا وإذا غلب ماء المرأة كانت بنتاً. مع أن القرآن ينسب الذكورة و الأنوثة لماء الرجل: خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى " الآية ".
• وفي الصحاح أحاديث تتناقض مع القرآن – مثلا – حديث أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. وهذا يناقض قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى).
• وأحاديث ذات دافع سياسي واضح كما ورد في صحيح البخاري عن الصبر على ظلم الولاة لأن من يأتي بعدهم حتماً أسوأ منهم. أو حديث ابن أبي بكرة الذي استشهد به في الامتناع عن القيام مع السيدة عائشة بأنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة، وهذا الصحابي يعلم أن صحابة آخرون أكبر منه درجة قاموا معها. وهو على أية حال أحد ثلاثة حدهم للقذف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، على اتهام المغيرة بن شعبة أي لا تقبل شهادته بنص الآية المبينة لحد القذف.
• صحيح الإمام البخاري مقدم على سواه ولكن الإمام البخاري اتخذ في تمحيصه للأحاديث فقط جانب السند، فصنف سلاسل الرواة وصحح ما صحح منها وصرف نظره عما سواها. ولا شك أن صحة السند هي إحدى وسائل التصنيف ولكن كيف نضعها الوسيلة الوحيدة؟ إن ذلك يحجب عنا كثيرا من الحديث الحاوي لهدي النبوة فقط لأن أحد الرواة مثلا مشهور بالنسيان أو يروي بالمعنى. كما أنه يدخل الكثير من الروايات المناقضة للقرآن وللواقع التاريخي المحقق وللعقل بدون أن يجري عليها أي نوع من التدقيق والمراجعة.

سيدي الصادق .. رعاك الله
هذا لعمري غربال ينشد الاوشاب لا أن يتخلص منها.
والا فماذا بقي للسنة المحمدية الشريفة من مصداقية ومن وقار و معوَّل؟. انها – على نحو ما تصف – لا تصلح محلاً للثقة والاطمئنان. واذا كنتم تنادون بما سميتموه : اجتهاداً كثيرا(!) فان من حق أي رجل آخر ان يسوق اسبابكم هذه ذاتها ليبرر بها دعوته الى استبعاد السنة كلها و نهائياً، طالما ائمة المسلمين يقرون بأنها ، في غالبها الأعم،لا قطعية الورود ولا الدلالة!.
وهذا الرجل الآخر هو ذلك (التنويري الليبرالي الاصلاحي) الهادف الى اقصاء شرائع الدين قاطبة وزجها داخل مساجد خالية ومراقبة مخافة ان تصبح وكراً للاصوليين!!!. وهذا ما اعنيه بأنك، بمذهبك هذا، تخدم الآن الخط نفسه وتخذل القابض على دينه كالقابض على جمر فتزيد من غربته وطوبى للغرباء. وبدلا من أن تكون حجة للمتقين تصبح حجة عليهم!.
هذه الهجمات التي اوردتموها ضد ما لا يستقيم اسلام المرء قط بدونها ( سنة المصطفى "ص") تبدو نوعاً من تسقّط نقاط الرخاوة بغية اختراقها ، وهذا لا يتأتى الا من كاره . وأنا أربأ بك عن ذلك بلا ريب.
اذاً فنريد توضحياً أبلغ لتفهم موقفك من سنة رسول الله ، ومن اهل السنة والجماعة ومن التابعين باحسان ( السلف الصالح) حتى لا يتشتت فكرنا ويتبلبل فنتوهم أنك تستخف بكل ذلك.
هل الدعوة الى الاجتهاد ، بدون مرجعية واتباع وبدون شروط واسس مصطلح عليها ومعلومة، هو ما يدفع الى اطلاق النار على ما رسخ وصمد من اسانيد السنة، على مدى اربعة عشر قرناً؟.
بالطبع لست أنا – المتواضع العلم – من يستطيع أن يرد فيدحض ما سقته سيدي للتقليل من شأن ما وصل الينا من سنة رسول الله (ص) ، ولكن طالما أنك تدعو الى تحكيم العقل، فانني اعلق فأقول ..
أولا/ الله سبحانه وتعالى يقول : ( ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وهذا حكم يرفع مرتبة السنة الى درجة الالزام لأنها مؤيدة من الله سبحانه وتعالى حيث ان النبي (ص) ( ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ) ويؤكد هذا المعنى رسول الله (ص) حينما قال : لقد أوتيت القرآن ومثله معه!!. نعم حديث صحيح.
غير ان النبي الذي بُعث رحمة للعالمين، طلب التخفيف على أمته، بدليل انه قال ( مانهيتكم عنه فانتهوا ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) وقال ( من رغب عن سنتي فليس مني ) وقال ( من احيا سنتي عند فساد أمتي فله اجر شهيد أو مائة شهيد) أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.
اذاً فان قيمة السنة ليست قابلة للاستخفاف او الاستبعاد بالصورة التي يفضي اليها كلامكم المذكور، بل هي في عصب الدين. لأنه بلا سنة لا نعرف صلاتنا وحجنا ولا اذكارنا ولا اقامة لحدود ربنا أوطريقة معاشراتنا ولا معاملاتنا وعلاقتنا ببعضنا بل لن نعرف مفاتيح الفهم الأمثل للقرآن الخ.
وبالمناسبة فان الرسول (ص) قال بصدد ما يدعو اليه البعض من احتكام الى العقل قال: (من قال في القرآن برأيه ، فليتبوأ مقعده من النار) رواه الترمذي وابن جرير والبغوي وقال الترمذي هذا حديث حسن. وروى ابو داود والترمذي عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ). فأنى لنا اذاً أن نجتهد فنغير احكام الايات عن طريق الرأي دون تقيد باسس تقيد بها الائمة قاطبة واقلها عدم الطعن في الاحاديث الصحاح وعدم تقديم العقل على النقل الصحيح المتفق عليه، وعدم اخضاع كلام الله ورسوله للرأي الحر ولا لشروط الكافرين؟
وفضلاً عن ذلك فان اقصاء سنة النبي – وبعض صحابته والتابعين باحسان -من خلال ضرب اسباب صحتها واضعاف الايمان بها، والطعن في مبررات الاطمئنأن اليها وتصديقها، يعني في النهاية تحويل رسول الله ، بالنسبة الينا ، نحن مسلمي اليوم، الى مجرد ( ساعي بريد) مضى بعدما بلّغنا رسالة ربنا ( القرآن فقط) فلن يكون لنا فيه أسوة حسنة بصدد تطبيق الدين وفهمه على النحو الذي اراده الله وبعثه من اجله. يقول تعالى ( انا ارسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وداعياً الى الله باذنه وسراجاً منيراً ) فكل هذه الوظائف الاساسية ستسقط في حال أهل هذا الزمان ، وذلك حينما تسقط السنة التي تسقطون الثقة بها وبمن نقلها الينا من خيرة الصحابة وأفضل التابعين الذين حرصوا على الاهتداء بسنته وعدم التفريط فيها ولا بدينهم الذي هو عصمة أمرهم، فحفظوها في صدورهم ، وقد هيأهم الله تعالى لذلك بعد ان اخلصوا واتقوا وتحملوا امانة الدين بعد رسول الله (ص).
وهكذا لن يكون النبي (ص) شاهداً علينا أو لنا بين يدي الرحمن طالما اننا قد استغنينا عما جاء به بدعوى فقدان ما يؤكد صحته.
سيدي .. ان فتح الطريق واسعاً كما فعلتم للتشكيك في مصادر السنة وبالتالي تجفيفها أو اعادة النظر فيها تحت ضغط الراهن الدولي ، يعني فيما يعني الاستغناء عن استمرارية الوظيفة المتكاملة للنبي (ص) ، اقصد استمرار البلاغ عملياً من خلال اتباعه في الفهم والتطبيق بما نسطيع مخلصين.. وهو القائل(الا هل بلغت؟ اللهم فاشهد،وقال: بلغوا عني ولو آية ... أدوا عني يرحمكم الله ... فليبلغ الشاهد منكم الغائب..الخ) فهل هذا الكلام لا يخصنا الآن؟ وهل نبلّغ الآية بفهم غير ما فهمه هو صاحب البلاغ المبين؟ هل نفرغ معناها ونحملها مفهوما آخر يناسب تحديات سيداو، وهل يجوز الاحتفاظ برسول الله (ص) صورياً فقط ، حيث ان ما فهمه وأفهمه للناس وطبقه من الدين يصبح تراثاً نستأنس به ونفخر ونحفظه في متحف التاريخ الاسلامي، ثم نصلي عليه ونشكره على اداء الرسالة، وهو رجل ونحن رجال؟. أليس في هذا تحريف للكلم عن مواضعه من حيث الجوهر؟
.. هذا بالتأكيد سيكون واقعاًً انقلابياً يتجاوز الحكمة من ارسال الرسل بشراً ، فالحكمة ليست في ايصال رسالة الله شفهياً أو في قراطيس فحسب، وانما عملياً ايضاً، فربنا لن يقبلنا الا اذا جئناه بالطريق نفسه والطريقة ذاتها، الله عز وجل لا يتقبل اعمالنا الا اذا اقتفينا بها أثر النبي الكريم، في طريقة حياته (سيرته وصورته وسريرته) واحكامه جميعاً. فبهذا المعنى نحن ملزمون باتخاذه أسوة حسنة، كما أن كل نبي هو اسوة أمته والا فقد ضلوا.
وكم من أمة خالفت نبيها بعدما انتقل الى جوار ربه، فبدلت وغيرت في جوهر الدين بمبررات مختلفة، فهل اجاز الله ذلك لأن كل شئ من قدره(!!) أم أن القرآن ذكر لنا مصير من يفعل ذلك في غيرما موضع ، خاصة ماذكره بشأن بني اسرائيل، أليست لنا عظة في ذلك؟ ..هل برغم هذا ننقلب على صيغة الدين الاصل بمعاول الاصلاح فننخر الايات والاحاديث ونعمد الى حشوها( محرفين الجوهر تاركين الشكل/ اللفظ) بما يوافق تحديات العصر،.. ذلك قطعا سيكون دينا من صنع أيدينا، وما انزل الله به من سلطان، والا فأين سلطانه؟
نكتفي بهذا القدر في هذه الرسالة حتى لا تطول ، ونواصل في رسالتة تالية.
وخير ختام هو كلام الله تعالى القائل:
ولقد آتينا بني اسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين (16) وآتيناهم بينات من الأمر، فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ، ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون(17) ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها ولا تتّبِع أهواء الذين لا يعلمون* انهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً، وان الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين (19) هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون(20) الجاثية.
اللهم يسر لنا مراشد الهدى وأعنا على ما تحب وترضى..
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
استودع الله دينكم وخواتيم اعمالكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
ابوظبي 17/3/2005

Post: #15
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-27-2005, 11:08 AM
Parent: #14

الاصدقاء الكرام:
تور بقر الجواميس الرقادن لخ!!!
محمد البشير
محمد الواثق
محمد العمدة
محمد المشرف
محمد السبيل يتشرف بكم ويحبكم حبا محمودا في السماء لربه وفي الارض لخلقه

Post: #16
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: lana mahdi
Date: 03-27-2005, 11:12 AM
Parent: #1

الحبيب سبيل
انتظر انتهاءك من تنقيح كل الرسائل و من ثم إرسالها دفعة واحدة لشبكة الأمة للمعلومات و الأخبار،لأن إرسالها فرادى سيجعل ثمة خلط بينها و بين التي أنزلت من قبل
محبتي

Post: #17
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-28-2005, 01:35 AM
Parent: #16

رسالتي الخامسة الى السيد الصادق المهدي ( مفكرا)

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد/ الصادق الموقر

ابدأ فوراً بالدعاء راجياً الله عز وجل أن يكلأكم بموفور الصحة والعافية ، وأن يعيدكم الى ربوع الوطن بخير حال، فقد بلغنا انكم أُصبتم مؤخراً في قاهرة المعز، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ..آمين. وبعد،،
فقد شرعت خلال رسالتي السابقة في تسليط الضوء على مبرراتكم التي سقتموها من اجل تسويغ اعادة النظر( اجتهاداً كثيراً) في مجمل ما وصل الينا من نصوص سنة المصطفى (ص) باعتبار انها مشوبة باسباب الوهم والنسيان وبالتالي فهي ، غالباً، مشكوك في ورودها، وهي على هكذا حال ظنية الدلالة في أكثرها.
وههنا أستمر في تسليط الضوء عبر التوقف – بتواضع جم - عند حججكم ، واحدةً اثر أخرى، محاولين اثبات ظنيتها بالمقابل، وضعف حجيتها ، بينما ما برحت استميح سيادتكم عذراً على التطاول بالرد طروحاتكم الخطيرة. ولكن يشفع لي انني اعد نفسي من تلاميذكم ، فأعول على ديمقراطيتكم لأقول ما أراه دون وجل، وذلك حتى أتعلم الشجاعة اولاً، والمعرفة ثانياً، وهكذا تجدني أعلن ما أعتقد بأنه حق ينبغي ان يقال بين يدي سيد القوم، طالما أنني احبه في الله واحترمه، .. عليه فأقول والله المستعان:
ازاء قولكم..
Quote: النبي صلى الله عليه وسلم منع تدوين أحاديثه وإلا لكانت دونت مثلما دون القرآن ولم يبدأ التدوين إلا بعد قرن من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. إن الوهم والنسيان يدركان الرواية ما لم تدون

أقول: ان اقرب نتيجة يخرج بها المرء من الحجة اعلاه وماتلتها ( خاصة اذا تعاملنا معها جميعاً كحزمة واحدة) هي ان السنة كلها وهمٌ في وهم ، وكلها نسيان في روايتها، رغم أنكم لم تقولوا ذلك صراحة ، فهذا هو مفاد ما سردتموه ، طالما انكم قررتم انها لم تدون الا بعد قرن ، وقررتم بعد ذلك أن مالم يدون يدركه الوهم والنسيان ، اذاً فالسنة بالتالي كلها وهمية ظنية الرواية ، وهذا مالم يقل به قبلكم أئمة المسلمين وعلماء الحديث مثل احمد بن حنبل والشافعي و ابي حنيفة النعمان ومالك ثم ابن تيمية والغزالي وابن قيم الجوزية وغيرهم ، بل ولا حتى العلماء المعروفون الذين جاؤوا من بعدهم والى يوم الناس هذا ،أبداً ما هاجم احدهم موثوقية ومصداقية السنة بهذا الشكل الذي يستخف بجهود ضخمة مضنية ومدهشة قام بها مدونوها بجلد واخلاص ضاربين اكباد الابل من اجل حرف في حديث من الاحاديث! فقضوا العمر في ذلك حتى لا تضل الأمة وتفقد سنتها وصراط الذين انعم الله عليهم .
والملحوظ انكم سيدي تتجاهلون الحافظة العربية الاستتثنائية ، ومن جهة تساوون بين كلام رسول الله الشريف المكنون في الصدور حفظا بأمانة وتقوى خوفاً من ان يتقوّل احدهم على رسول الله بكلام يتبوأ به مقعدا في النار ( من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) أو كما قال رسول الله (ص).
أقول انكم تساوون بينه وبين سائر الكلام الذي ( قد ) ينطبق عليه هذا الحكم التعميمي وهو : التعرض للوهم والنسيان. أليس هناك فرق؟، لناحية رعاية الله سبحانه وتعالى لدينه الذي يقع جانب كبير منه في سنة رسوله (ص)؟ وهو خاتم الرسل، وبالتالي فسنته بلاغ للناس الى يوم الدين. وهي امانة تحملتها من بعده خير أمته التي أخرجت للناس ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)143 البقرة.
هل يمكن ياترى أن يكون الله تعالى قد تعهد حفظ كلامه وحده ، وأما مقتضيات قوله سبحانه ( ما اتاكم الرسول فخذوه ) و( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) و( استجيبوا لله وللرسول ) كل هذا لم يقيض له عز وجل ولو قدراً من اسباب الحفظ الصحيح في صدور رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه، ومن ثم صدور ( الذين اتبعوهم باحسان).. بما يميزه عن سائر كلام الناس؟. هل يمكن أن تضيع السنة فلا تحظى برعاية وحفاظة الهية خاصة؟
أم هل يعقل ان يفرّط التابعون - الذين شهد لهم رسول الله بأنهم يجيئون عقب الصحابة في الخيرية يقول( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)- أن يفرطوا في كلام رسول الله، أو أن يصححوا ما لم يثبت لديهم منه؟ بهذه البساطة؟!.
اذاً فلماذا يقول رسول الله : من أحيا سنتي فقد احبني ومن احبني كان معي في الجنة.) ويقول ايضا : من احيا سنتي عند فساد أمتي فله اجر شهيد).. وهل احياؤها يتحقق بأن نتمثلها أم بأن نتشكك فيها، واذا تشككنا واسقطناهافي معظمها ( كما تنتوون) فما الذي علينا احياؤه منها اذاً؟
هكذا نتستنتج أن رسول الله (ص) قد تنبأ في هذين الحديثين ، ببقاء سنته أمداً طويلا من بعده ، حتى أن التعلق بها يضعف ويموت " وواقعنا اليوم خير شاهد" ، وفي هذا الوقت فان من أحيا العلاقة بها مجدداً فقد احبه، ومن لم يفعل فهو لم يحرص على محبته من هذه الناحية لأنه لم ينصر سنته المتروكة. ولكن أن ندعو الى (اعلان وفاة) هذه السنة عبر ابراز تناقضاتها( كما نظن) وعبر التشكيك في صحة ورودها تارة وفي صحة وضوح دلالتها من ناحية ثانية فذلك بالتأكيد سير عامد في غير طريق محبته صلوات الله وسلامه عليه.
واللهِ يا سيدي – واربعة عشر قرناً شاهدة- لو لم يقيض الله تعالى لهذا الدين ( بكتابه وسنته) رجالاً صُدقاً ينبرون للدفاع عن بيضته في كل زمان وليتحملوا مسؤليته تحملاً، فلا يفرطوا فيه قط..لولا ذلك، لما وصل الينا منه ما نضيق به ذرعاً اليوم ، احكاماً وشريعةً سمحاء لم يمسسها سوء ،كما ارتضى لنا ربنا تعالى، من فوق سبع شداد.
ان القرآن نفسه قد جُمع من صدور الرجال في عهد عمر وعثمان رضوان الله عنهما، طالما أن التوثيق التحريري هو فقط ما تعولون عليه أكثر من اسباب الحفظ الاخرى : كالنصرة الغيبية للدين وقوة الذاكرة العربية وتقوى الصحابة والتابعين، فانه - التدوين - لم يكن كاملا ايضا بالنسبة للقرآن ، حيث ان النقط لم يضعها فوق الحروف الا رمز (استبداد بني امية) الحجاج بن يوسف الثقفي الذي هو من تعلم. فهل نثق في ذمة بني امية باطمئنان؟ وكيف تضمن أنهم لم يضعوا ( لاسباب سياسية) نقطةً باء واحدة في مكان نون ليتغير المعنى؟ هل لأن الله حفظ كتابه؟ هل هذا كلام علمي منهجي عقلاني؟ ماهو الدليل؟ وما قاله طه حسين – العقلاني الديكارتي- ما يزال ماثلا في اذهاننا ازاء صحة كتاب الله. ماهو الدليل العقلي/ العلمي الذي ينفي نهائياً شكوك طه حسين ( في الشعر الجاهلي) وغير عميد الأدب كثر؟
الدليل هو نور الايمان والتصديق والتسليم وثبات القلب على اليقين بأن الله متم نوره وأنه صلى الله عليه وسلم( كافة للناس بشيراً ونذيرا) وبالتالي فلابد ان تبلغ سنته الناس كافة الى يوم الدين، هذا ما يقوله العقل والمنطق. والا فكيف ؟ ذلك أن رواة الصحاح لم يكذبوا ولم يستسهلوا ولن يستطيعوا، لأن الله متم نوره للناس اجمعين ، ونوره في السنة ايضا الى جانب القرآن، طالما أن النبي (ص) قال: لقد اوتيت القرآن مثله معه!!!.
فضلا عن ذلك فانه معلوم كذلك أن الله تعالى لا يقبل منا طاعة قط نخالف فيها طريقة رسول الله (ص) ولا عبادة قط نبتكرها من بعده، فهل ترى سيقبل منا بنات افكارنا التي نشكلها طاعات محدثة في شأن الحدود أو شأن المرأة أو العلاقة مع الكافرين ( الموالاة)..الخ؟ أم أن هذه ليست طاعات فصل فيها رسول الله وتعاطاها عمليا بما لا يدع مجالا للزعم بغموضها لناحيتي الورود والدلالة؟!!.
ان التوثيق (التحريري) الذي جعلته فيصلا في هذا في شأن السنة الشريفة كان ناقصاً بصدد القرآن ولم يكتمل الا بعد عشرات السنين، فهل وقع القرآن – نسبيا- في الوهم ونسيان مواضع النقط فوق الحروف؟
الكتاب والسنة كانا دائماً موثقين مدونين في عظام صدور الرجال الذين صدقوا مع الله ورسوله ، موثقين توثيقاً ، كما هي التقوى ههنا، و رواة الحديث واصحاب الصحاح كانوا ثقات ، وانهم قاموا بعمل كبير اعانهم الله عليه ، وقد شهد لهم الكل بأنهم اخلصوا في استخلاص السند والمتن، كما الذهب الذي يُمتحن بالنار، فمنهجهم الذي اعتمدوه للتحقق من صحة الحديث كان باهراً حقاً وعلمياً ايضاً، وقد أكبره كثير من المستشرقين ، فهل يا سيدي تشكك فيه الآن لاسباب تحتمل الخطأ أكثر مما تحتمل الصواب ؟.
ثم انك لم تقل لماذا منع رسول الله (ص) اصحابه من تدوين الاحاديث، فهل لعدم ضرورتها لاكتمال الدين أم لتقديم القرآن عليها؟
والرسول (ص) هو القائل: تركتكم على ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابداً : كتاب الله وسنتي.
هل ترى لا تشملنا هذه المخاطبة؟
اذاً فكيف يكون قد تركنا نحن ( أهل هذا الزمان) على سنته وقد نسيت ووقعت في الوهم؟ ثم هاهو يأمرنا بأن نعض عليها بالنواجذ ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) ! لماذا ياترى؟ وهل عض عليها رواة الحديث الثقات الاتقياء بالنواجذ فعلاً، أم أنهم كذبوا على رسول الله (ص) أو تساهلوا في التمحيص فلا نثق بهم بقدرما نثق بالتوثيق المكتوب؟
سيدي .. اذا لم نحسن الظن بائمة المسلمين وصحابة رسول الله فنصدقهم ونشكرهم على انهم ( علّبوا هذا الدين وقلدوا رسول الله واصحابه ونقلوا عنهم بالتواتر واتبعوهم باحسان وامانة وحذر شديد من الله تعالى) فماذا بقي لنا من الدين ومن حسن الظن بعباد الله الصالحين؟
تخيل سيدي أننا نطعن ونتشكك فيما أقرّ به علي زين العابدين والحسن البصري وعبدالله بن مبارك وأحمد بن حنبل وعبد القادر الجيلاني وغيرهم من اذكى واتقى الائمة المسلمين وأقربهم الى الله ( كما نحسبهم ولا نزكيهم) .. هؤلاء جميعا نبخس بضاعتهم ونطعن في صحة ما اتبعوه وعبدوا به ربهم حتى اتاهم اليقين، ولماذا نفعل ذلك؟ هل لأنهم من أهل السنة والجماعة والذين اتبعوا بأحسان فقاسوا كل شئ حتى طريقة حياتهم لتكون ضمن الاطار الذي رسمه رسول الله لأمته؟ ان دعوة كهذه تذكر مباشرة بتوجهات وآراء علي شريعتي المفكر الايراني .. ولكنك سيدي من علماء السنة وائمتهم فكيف تدعو الى اسقاط الجزء الأكبر من سنة المصطفى بدعوى وقوعها بين الوهم والنسيات لتقادم العهد ومن جهة أخرى تدعو الى ضبطها وفق شروط العصر ومواثيق الأمم المتحدة ( سيداو مثالا)؟.
صحيح ان ثمة احاديث صنفت بوصفها ضعيفة او موضوعة ، ولكن ذلك كله مثبت وواضح امامنا وموثق. فقط كلامكم يطعن حتى في الصحاح ولا يستثني شيئاً من السنة الشريفة التي تحتاج في نظركم (اجتهادا كثيراً) لا نعرف حدوده ومراميه.
وازاء قولكم:
Quote: علم الحديث اهتم بالسند اكثر من المتن.

فأقول: هذا يضعف من وجاهة حجتكم السابقة حينما قلتم:
Quote: " قليل من السنة قطعي الورود"

وقلتم
Quote: "الوهم والنسيان يدركان الرواية ما لم تدون."

فها أنت تقول هنا ان رواة الحديث وجامعيه من صدور الرجال، قد فطنوا الى مثل هذا الاحتمال( أعني التشكيك في قطعية الورود)، ولذلك وضعوا المعايير الدقيقة ، بل والقاسية في استيثاقيتها، الأمر الذي نعتموه بقولكم ( اهتم بالسند أكثر) من المتن.
وفي الحقيقة فان السند الشافي في هكذا حال يعد أصعب منالا من المتن الصحيح، ذلك لأن المتن ( نص الحديث الشريف)عبادة يحرص المتقون عليها، سواء لجهة الحفظ او التبليغ أو التعلم ، ولذلك فلا خوف كبير حيال مدى المحافظة عليه فيما اذا وضعنا يدنا على العلماء الاتقياء المخلصين من اهل الحديث ذوي الحافظة الفطنة فضلا عن الامانة في النقل والاتباع باحسان، خوفاً وطمعاً في مرضاة الله وطاعة نبيه. فلا يمكن ان يكذب عليه أو يتساهل في دقة الحفظ والتبليغ عنه الا منافق أو فاسق أو كافر، ومقاييس تحديد هؤلاء واستبعادهم يسير للعلماء ، وأما ضعاف الحافظة فيمكن ضبطهم بتكرار المصادر ومقارنتها ، بعد ذلك كيف يمكن ان نشك في صحة متن حديث تطابق عند حافظ في اليمن وآخر في مصر وثالث في خراسان أو دمشق الخ دون ان يروا بعضهم أو يسمعوا عن بعض؟! ( فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين) 64 يوسف.
في الحقيقة لقد عكس منهج جمع الحديث اهتماماً مذهلاً جازما حازماً وغير مسبوق في تاريخ البشرية قط ، حتى أنه جعل من صحيح البخاري اصح كتاب بعد القرآن . هذا امر يبعث على الفخر عندي أكثر من الشك.
لقد كنت انتظر منكم العكس ، أي المطالبة بتخفيف صرامة استخلاص الاحاديث الصحيحة السند،الأمر الذي قام بمثله الالباني في زماننا،وذلك في حدود الدقة الكافية بالطبع، حتى نحصل على فوائد كثيرة من الاحاديث المضعفة بسبب التحوط الشديد. لا أن ترفض الاحاديث المتفق على صحتها ارضاءٍ لمطالب المرأة المعاصرة حسب المواصفات الغربية.
ثم ..
تقول سيدي :
Quote: تدوين الأحاديث في الصحاح مبوب حسب موضوعاتها لا حسب تواريخ النطق بها.

هذا شأن يعرف ضرورته العلماء ، ولكن اذا جاز لي ان ارى شيئاً ( لا آخذ به الا اذا ايده أهل العلم) فسأتفق معك حول ميزة ترتيب الحديث حسب الاسبقية الزمانية، وبحث( ناسخ ومنسوخ الحديث) كما هي الحال ازاء كتاب الله، هذا اذا كان مثل هذا الناسخ والمنسوخ موجوداً أصلاً، وبشرط اتفاق علماء الحديث عليه. فما اعرفه حقاً أن رسول الله (ص) قال مثلاً مامعناه: كنت قد أمرتكم الا تزوروا القبور ، الا فزوروها ! . فهذا يعني ان ثمة نسخاً لحديث سبق. والله أعلم. ولكن مفهوم النسخ كما افهمه لا يفيد معنى الالغاء ، وعموما سنأتي على توضيح ذلك في حينه ان شاء الله.
أقول قولي هذا واستفغر الله لي ولكم وللمسلمين.
واستودع الله دينكم وخواتيم اعمالكم ، الى ان اعود في رسالة تالية مواصلاً التعليق على انتقاداتكم التي تبررون بها مسعاكم لاعادة النظر في مجمل احاديث رسول الله الصحيحة، وفقاً لقراءة عيون ثلاث هن: عين العقل ، عين العلم، وعين العصر!. وأما نحن هنا فانما نسعي الى اقناعكم بالاجتهاد كما تشاؤون، شريطة تاءين لا مندوحة عنهما - ولكن اذا اتممتهن ثلاثاً فمن عندك -، فأما الاولى فتاء التابعين والاتباع باحسان، وأما الثانية فتاء التقوى وهذه لكي نضمن بها اخلاص النية لله وحده لا شريك له وعدم الخضوع لضغوط " سيداو" وأمثالها، وأما التي هي من عندك فأنت لابد مدركها!.
ربنا آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها. آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي 19/3/2005م

Post: #18
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-29-2005, 04:22 AM
Parent: #17

رسالتي السادسة الى السيد الصادق المهدي ( مفكرا)

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي الصادق المهدي الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تي رسالتي السادسة مزجاة الى مقامقكم الكريم في شأن دعوتكم الى الانصراف نحو الاجتهاد بالعقل والمقارنة بالعلم والانسجام مع شروط العصر والمواثيق الدولية ( تحديات العصر) بديلا عن الاتباع باحسان والنقل بحذر لشرائع واحكام دين الاسلام...
وطالما أن كل ما اقترحتموه من ( آليات اجتهاد) تتمحور حول "العقل البشري " كمرجع مركزي لاعادة صياغة خارطة الدين ككل ( وخاصة القضايا السبع التي تريدونها) وفق الشروط المذكورة آنفاً، وطالما أن من بين تلك القضايا : حقوق المرأة ، والتي نستنتج انها تشتمل على : حقها في الولاية الكبرى، وحق الشهادة الكاملة وربما الميراث الى آخر مما تحتج بعض النساء ازاءه .. لذلك كله اسمح لي بأن اتقدم اليكم باحالة الأكتشافات العلمية حيال الفروق الاساسية التي بين الجنسين أكبر مما كان معروفا من قبل ، بحيث لا يبقى مجال للحديث عن المساواة في التكوين الخلقي وبالذات العقل.. مما يفرز معطيات جديدة امام ( العقلانيين) فيضبط السعي بعاطفة سياسية زائدة نحو اتخاذ قرارات انقلابية لا تأخذ في الاعتبار ما كان عليه الرسول (ص) والتابعون باحسان ، ولا اختلاف طبيعة كلا الجنسين الذكر والانثى.
هذه الحقائق العلمية المستجدة أفاد بها كبار العلماء المختصين في مجالات علم الوراثة بالجامعات الأمريكية الشهيرة مثل ديوك وهارفارد، وليست حديثا يفترى ، ولابد من الاشارة الى اننا هنا لا نقصد المفاضلة بين الرجل والمرأة أو أعلاء شأن احدهما على الآخر ، بقدرما نريد القول انه لا ينبغي الذهاب بعيدا فيما يخص المساواة التي لن تكون عدلا دائماً، خاصة حينما تنتفي اعتبارات المؤهلات الطبيعية / الخَلقية التي لابد من احترامها طالما انها واقع حقيقي اراده الله تعالى لعباده.
افادات هذه البحوث (العلمية المادية الحديثة جدا) يتحتم علينا اخذها بعين الاعتبار حينما نفسر (و ليس الذكر كالانثى ) وحينما نفسر ( أن تضل احداهما فتذكر احداهما الأخرى) وحينما نفسر( الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض ..) وحينما لا نحترم رواية صحابي جليل قال سمعت رسول الله (ص) يقول ( مأ أفلح قوم ولو امرهم امرأة ) .. أقول يجب ان نستصحب الحقائق العلمية الجديدة هاته وغيرها مما يلي لكي نتخذ مواقف اصح واتم ، طالما اننا نعدها فيصلا وحكما نقيس به كلام الله ورسوله!!..
كما ان هذه الحقائق الجديدة تؤكد ما ذكرناه قبلا حينما طلبنا تقديم تصديق كلام الله وسوله على العلم المادي لأن الأخير متقلب وخطّاء ونسبي.
مهما يكن فان مجلة النيوزويك نقلت الينا هذا الاكتشاف في خصوص الفروق الجينية بين الجنسين مؤخرا:
Considering the importance of the question, few studies have addressed it. Nevertheless, in recent years, scientists have been finding that the biological rift between men and women is larger than previously thought. To an extent few would have believed a few years ago, the center of gravity of scientific opinion on gender has begun to shift—and it's making everybody uncomfortable.

One of the most intriguing findings concerns the genetic differences between men and women. A study published last week in the journal Nature puts this difference at about 1 percent. Considering that the genetic makeup of chimpanzees and humans differs by only 1.5 percent, this is significant. "You could say that there are two human genomes, one for men and one for women," says Huntington Willard, a geneticist at Duke University and coauthor of the article. The study did not spell out exactly which genes do what. Rather, its results were like looking at the innards of two almost identical clocks and finding that in fact each has an altogether different arrangement of gears.

Scientists have long known that a person's ####### is determined by two chromosomes, or bundles of genes—a woman inherits two X chromosomes, one from each parent, while a man inherits an X from —mom and a Y from dad. For the past 40 years, scientists have thought that the extra X chromosome in females shuts down, while the other works alone. The Nature study, though, found that about 20 percent of the genes on the duplicate X chromosome—about 200 genes in all—remain active. Men, by contrast, have only one active X chromosome (plus a few genes on the puny Y chromosome). Not only are women genetically more complex and varied than men, they differ widely from one another.

Only a few years ago, scientists used to think that hormones were the primary mechanism of gender. The Y chromosome was assumed to do little but trigger a cascade of genes scattered among the other 22 human chromosomes, which ends with the production of the testes. Hormones still do a lot of the heavy lifting—with one crucial difference. Scientists have found that while hormones wreak havoc on just about every part of adolescent physiology, they have almost no effect on brain development. Studies of girls born in triplets, sandwiched in the womb between two brothers, show that although the girls acquire some masculine traits due to a heavier-than-normal dose of testosterone, their brains are unaffected. Genetic variations, on the other hand, have a huge impact on the brain. Down-syndrome boys, born with extra genes from chromosome 21, are cognitively impaired. When it comes to the brain, genes rule.

How, then, do female brains differ from male brains? Scientists are only beginning to address this question. So far, it seems clear that men and women think differently in significant ways. When navigating a maze, men tend to think spatially (go north for 200 meters and then turn left), while women look for landmarks. Brain scans of men and women engaged in rhyming words show that they use different brain circuits to perform the same task. Women also have 15 to 20 percent more gray matter (ordinary neurons) than men. And their white matter (long neurons that help the brain distribute its processing tasks) is concentrated at the juncture between the brain's left and right hemispheres, and may help women use both sides of their brain for language-related tasks.

There's also anecdotal evidence. On the Scholastic Aptitude Test, a college entry exam, women consistently score lower than men on the mathematics portion. (They do better on language skills, but still score slightly lower than men.) And then there are things like the makeup of the Harvard faculty. Such real-world evidence, of course, doesn't tell us what is cause and what is effect. To what extent does environment—education, upbringing, nutrition, exposure to stress, chemicals and so forth—play a role? Are boys slower to develop verbal skills because of their genes, or because they spend more time playing with trucks than talking with their friends?

Is Larry Summers right or wrong? At the moment, there's too little data to say. Even when scientists eventually come to understand the genetic clockwork, there's a good chance the answer won't be quite so simplistic. Individuals vary so widely in ability that any aggregate difference between men and women won't likely affect the ambitions of any aspiring scientist or playwright. Besides, genes can confer both advantages and disadvantages. The chances are pretty good that we haven't yet measured them all.
والرابط بموقع مجلة نيوزويك المذكور هو:
http://msnbc.msn.com/id/7243350/site/newsweek/

وكذلك اسوق اليكم رابط مجلة ( nature ) العلمية المحكمة حيث مجموعة من الدرسات الحديثة في مجال علم الوراثة وكلها تصب في اتجاه تأكيد الفروق الجوهرية بين المكونات الداخلية للمرأة - وفي مقدمة ذلك دماغها- مقابل مكونات الرجل. وهاكم رابط مجلة نيتشر:
http://www.nature.com/cgi-taf/DynaPage.taf?file=/nature...ptions=doi1111898861
وانقل اليكم هذه المقالة المهمة بصدد اهمية حدث هذه الاكتشافات العلمية التي ستغير كثيرا من المفاهيم المتعلقة بالمساواة المطلقة والنافية للعدل والتنوع.
http://www.alkhaleej.ae/eco/show_article.cfm?val=152693

صدق الله عز وجل وصدق رسوله الكريم ، ووفى التابعون باحسان وكفوا في نقل الأمانة الينا، فجزاهم الله عنا في ذلك كل خير.آمين.
اختم رسالتي هنا مستودعا الله دينكم وخواتيم اعمالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي

Post: #19
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 03-31-2005, 03:00 AM
Parent: #18

رسالتي السابعة الى السيد الصادق المهدي ( مفكرا)

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الصادق الموقر

ما فتئت أتشرف بالوقوف متأملاً – بتواضع وقلة زاد و بغَيرة المسلم -جوانب آرائكم اللافتة والواردة في ثنايا ورقتكم الموسومة ب( ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومنها "سيداو") خاصة محاولتكم تبرير مسعى تبديل ما رسخ من احكام الآيات المرتبطة بالقضايا السبع المشار اليها من قبل، ومن بينها قضية حقوق المرأة التي تتفاوت وتمتاز مابين اجتراحات مواثيق المنظمات الدولية من جهة ، وشرع الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى للناس كافة فبعث به محمداً مبلغاً وسراجاً منيراً هادياًالى صراط مستقيم( يتلو عليهم آياته ويزكيهم و يعلمهم الكتاب والحكمة )الآية.
ههنا نواصل ما كنا بدأناه من خواطر تعترض مسوغاتكم المذكورة فأضيف بعد الاستئذان:
تقولون سيدي:
Quote: في الصحاح أحاديث تتناقض مع العلم كالحديث عن الذكورة والأنوثة وأنه إذا غلب ماء الرجل كان ابنا وإذا غلب ماء المرأة كانت بنتاً. مع أن القرآن ينسب الذكورة و الأنوثة لماء الرجل: خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى " الآية ".


وأقول بتواضع..
اذا وجدنا حديثاً يتناقض مع العلم المادي الشهادي ( علم الشهادة) ، فهل نتركه لهذا السبب ونأخذ بالعلم مطمئنين ومتجاهلين البعد الغيبي منه ؟
طبعاً هنالك من يقول ( لا يعلم الغيب الا هو ) ولكن الثابت أن الله تعالى علم من لدنه علماً فيه قسطاً من الغيب، وليس فيه علم الغيب كله، والقرآن قص علينا بعضاً( من انباء الغيب نوحيه اليك) ، والرسول (ص) قال: لو علمتم ما أعلم عن أمر يوم القيامة لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله )أو كما قال." هذا الحديث يؤلمني دائما سيدي" .. اللهم انا عبيدك بنو عبيدك بنو امائك ، نواصينا بيدك، ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك العفو والعافية والسلامة.

حسناً، العلم المادي لم يتوصل الى وجود (عالم الغيب) هذا ، بل لم يتوصل الى وجود السماء ،التي نعتقد أنها ملموسة وتراها العين ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور) والتي قال عنها تعالى ( والسماء بناها ، رفع سمكها ...) فهي متماسكة ملموسة قطعاً ولها ابواب تطرق وتنفتح وعليها ملائكة يعبدون الله ( أطت السماء) وسوف تتشقق وتنفطر وتُطوى الى يمين الرحمن يوم القيامة الخ
..!! هل ننتظر رأي العلم واثباتاته لكي نؤمن بذلك؟ اذاً فالصحابة كانوا سذج!! ، ولكن حاشاهم الكُمّل حملة شهادة الرضوان.هم خير منا.
هل نقول فقط برأي العلماء القائل بأن طبقات السماء انما هي غازات واشعة منكسرة توهمنا بأنها جسم ازرق؟ هل هذا هو الايمان بالغيب الذي بدونه لا دين ولا يحزنون.
ظني سيدي أن الايمان عكس ذلك ، هو ان نكف عن طلب البراهين للتحقق مما جاء به الرسل عن امر السماء ، وما طلب احد شئ من ذلك حتى انتقده المولى عز وجل بما فيهم الانبياء ، والمصطفى وحده لم يفعل ليتأكد من ان ما ينزل عليه حق ونحن لم يسمنا ابراهيم (ص) مسلمين من قبل الا لهذا . ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنو بالغيب ..)
فضلا عن ذلك فالقرآن مثلا يتحدث عن وظيفة ادراكية يقوم بها القلب وليس العقل ، والرسول (ص) يقول التقوى هاهنا مشيرا الى قفص صدره ، فهل نقول ما يقول بعضهم عن ان الصدر انما هو الرأس لكي يكون مضمون القرآن أوالحديث صحيحاً من الزاوية العلمية؟ أم نسلم كما أسلم السلف الصالح وجمهور المسلمين ب ( انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ). العلم حتى الآن يناقض هذا الحقيقة ، فهل نترك قول الله (و ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) وكذلك نتجاوز قصة شرح صدر النبي صلوات الله وسلامه عليه، في صغره بواسطة الملائكة في بادية بني سعد ( الم نشرح لك صدرك) ونذهب الى العلم الذي لا اشك قط في انه سيأتي متأخرا ليكتشف هذه الوظيفة الادراكية لمضغة الجوف التي قد تكون ذلك النابض لا ارادياً بقدرة القادر وليس بقدرة العلم، أوقد يكون المقصود مضغة أخرى في تلك الناحية من القفص الصدري. أقول لابد وأنا واثق ومتيقن ( وما اوتيتم من العلم الا قليلا).
ما اعجز العلم يا سيدي.
فكيف اذاً نحتكم اليه صرفاً ودوننا (قال الله ) عز وجل، خالق العقل نفسه ،عالم الغيب والشهادة، (علم آدم الاسماء كلها ..علم الانسان مالم يعلم) ودوننا كذلك (قال الرسول) الكريم الذي علمه شديد القوى؟
العقل ليس الهاً ربّاً قرآنه العلم ومعجزته التكنولوجيا، كما يوحي سلوك مثقفي هذا العصر ممن يحتكمون اليه ويتوكلون ويغترون كما سبق الى ذلك قارون، (فخسفنا به وبداره الارض) ، وانما العقل عبد مسخر لهذا الدين اذا اطاع ، فهو مخلوق ضعيف ومحتاج الى الله علام الغيوب وأما العلم، (فانما العلم عند الله) يؤتيه لمن يشاء بقدر وبسنن لا تجد لها تبديلا.
سيدي ، لابد من وضع العقل في مكانه الصحيح قبل ان نحوله الى وثن نألهه وندعوه من دون الله ( انّ الذين تدعون من دون الله لن يخلوقوا ذباباً ولو اجتمعوا له ، وان يسلبهم الذبابُ شيئاً لا يستنقذوه منه ، ضعف الطالب والمطلوب(73) ما قدروا الله حق قدره ان الله لقوي عزيز(74) الحج.
الرسول (ص) حينما قال للناس منذ اربعة عشر قرناً أن الجنين يبقى في رحم امه نطفةً لاربعين يوما ثم علقةً لاربعين ثم مضغة لاربعين ثم تنفخ فيه الروح ما كان طبيباً قبيل البعثة ، وما كان هنالك من يكذبه لهذا السبب، حتى الكفار، وما كان هنالك علم مادي يصدق كلامه الا في عصرنا الراهن .
الا يكفينا مثالاً ماثلا ( حديث الذبابة !!! ؟).
فالحديث الصحيح صحيح وان كذّبه العلم والعقل راهناً. لأن الله ورسوله اعلم دائماً. وهذا هو جوهر معنى أشهد أن محمداً رسول الله.
ثم سيدي .. ماهو وجه التناقض بين الاية والحديث المشار اليهما؟ ، اذ لا ندري ربما كان المقصود هو أن للرجل في صلبه ماء انثى كما له ماء ذكر أيضاً، فاذا غلب احدهما فيما يقذفه من ماء، صار الأمر للغالب.
وبالفعل تقول نظرية لم الجينات بهذا الصدد أن حيونات المني اما ان تكون انثوية الكروموسوم ( X ) أو ذكورية الكروموسوم(Y) وكلاهما من صلب الرجل ، فاذا كان الحيوان الاقدر على اختراق بويضة المرأة التي هي دائما انثوية الكرومزوم( X)
أقول اذا كان ذلك الحيوان ذكوريا ( Y) فان المزيج سيكون (XY ) فيصبح المولود ذكراً ، أما اذا غلب حيوان يحمل وراثياً صفة الانوثة على بقية الحيوانات المقذوفة واخترق هو أولاً فسيكون حاصل تمازج الحيوان المنوي الانثوي أكس مع البويضة التي هي دائما انثوية أكس سيكون الحاصل ( XX) فيكون المولود بالتالي انثى.
أوالغلبة قد تكون بقوة الحيوان بنيوياً أو بسرعته أو بكمية الحيامن التي هي من صفة وراثية واحدة.. وهكذا سيكون الحديث النبوي الشريف معجزة اضافية .
أو ربما يكتشف العلم يوماً أن ثمة صراعا يتم خلال عملية الاخصاب بين البويضة والحيوانات المنوية فتدافع البويضة عن صفاتها حتى اذا فشلت الحيامن الذكورية جميعا في التغلب عليها تخصبت بحيوان انثوي ( اسير ) فتكون البويضة قد غلبت وفرضت صفاتها على جنس الجنين المرتقب.. هذه كلها احتمالات أو افتراضات قابلة للتجريب والمراقبة
وبعيداً عن هذا .. فربما يكون العلم على خطأ فيما توصل اليه حتى الآن بهذا الشأن، بينما ماء المرأة يمكن أن يسمى نطفة ايضاً أو أن النطفة هي الزايجوت خليط الطرفين ( أقول مثلاً، والله ورسوله أعلم ) ، فمن يدري ؟ ربما كان السائل الذي تفرزه المرأة اذا كثر في حال اللذة ربما كان قادراً على انعاش الحيامن الانثوية (اكس) دون الذكورية ( واي)، أو أنه قادر على قتل الحيامن ذات الصفات الذكورية دون الانثوية !!.. كل ذلك لم يتضح لنا رأي العلم فيه ، وعلماء المسلمين – عادة - لا يبذلون ما يكفي لاستباق منجزات العلم بالاستفادة من القرآن والسنة وانما ينتظرون حتى تتم الاكتشافات ثم يقولون ان ذلك موجود عندنا في القرآن أو السنة منذ (14) قرناً !!
فمثلاً هاهو العلم فاجأنا قبل اسبوع واحد فقط بالضجة التي احدثها رئيس جامعة هارفارد حول الفروق الاساسية والكبيرة بين كل من مكونات الذكر والانثى ، الأمر الذي ينعكس جديا في مدى قدرات كل منهما العقلية ، حيث ان قدرات المرأة في الرياضيات والعلوم تعد اقل ، وقد ايدته في ذلك دراسة ( محكمة قام به فريق من كبار العلماء في جامعة ديوك الامريكية) نشرتها مجلة ( نيتشر ) العلمية مؤخراً ، كما أشرنا الى ذلك في رسالة سابقة.
..المهم عندي ان تكون ثقتي برسول الله مطلقة وبالتابعين الثقات قاطعة، لا تردد فيها، فالشك بالعقل المحض خطر قد يتهدد معظم شرائع الدين الواردة عبر السنة ، ويتهدد ايضاً الايمان الذي هو متعلق بالغيبيات اصلاً، والغيبيات تدرك بالقلب وليس بالعلم المادي ولا بهذا العقل المتخبط بين التجربة والخطأ والتطوير الناقص باستمرار .
ثم لماذا اعمد اصلا الى بحث وابراز المتشابهات والمواطن التي تثير عدم القناعة والرضا في نفسي المؤمنة، هل في ذلك صلاح دين أم دنيا ؟، أم نفعل ذلك لكي نحسن صورة الاسلام امام اعين الاغيار الذين سبقونا الى تغيير دينهم بعدما عقلوه ، فبدلوه لكي يوافق هواهم ورضا انفسهم.
(أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون(75) البقرة.
في الختام استودع الله دينكم وخواتيم اعمالكم حتى رسالة أخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
20/3/2005م

Post: #20
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 04-07-2005, 03:19 AM
Parent: #19

رسالتي الثامنة الى السيد/ الصادق المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الصادق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فهذه الثامنة كما ترى ، وقد تأخرت شيئاً ما بسبب انتباهنا الى حدث جلل نخشى على وطننا من عواقبه ، ذلك هو قرار مجلس الأمن 1593 الذي رصدت بعض جوانبه بموقع سودانيزأونلاين بما ارجو ان تطّلع عليه ، وقد علمت موقفكم منه وربما كان لك الحق في بعض ماذهبت اليه ولكنني أقول..
ما آمن من قتل أو روّع مسلماً بغير حق ، ولا آمن من أسلم مسلماً لمشرك قط، ان ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) كما قال رسول الله (ص)، غير أنه قد تفرقت بنا السبلُ عن سبيله ، فالقصاصَ القصاص، بما يرضي الله وسوله.
ثم..
ههنا أنهض لأصل كلامي حول حججكم التي تجدونها مبرراً يستدعي تحكيم العقل البشري كأساس ومصدر اجتهاد في شرائع الدين وأحكام الآيات الكريمات ، وليس كوسيلة اتباعية مسخرة لتكريس وتصديق ماهو مأثور من أحكام القرآن والسنة. وأنتم بذلك تريدون مخالفة ( السلف الصالح) في فهم الكتاب والسنة.
ما أزال سيدي مقتنعاً بأن ( الدين) ، انما هو شئ نتبعه ، كما هو، طالما أننا رضينا بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة بما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وبمحجة بيضاء لا غبار ولا خلاف عليها بين أهل التقى، نتبع ذلك دون أن نملي عليه شروطنا ليوافقها ، وليس الدين شيئاً يتبعنا ، حسب ارادة عقولنا وتحول ظروفنا، فالدين منظومة قيم وشرائع تشكل رسالة كاملة صحيحة ومحددة ( لفظاً ومعنى) من عند الله، فكيف نعمد الى اعادة صياغة هذه الرسالة ، سواء من حيث اللفظ أو المضمون، ثم نقول بعد ذلك هذه رسالة الله الينا ضبطناها حسب عقولنا الحكيمة التي آتانا أياها الله تعالى لكي نضبط ونستنبط بها مراده ، كل مرة بطريقة مختلفة، بغض النظر عمّا فصل فيه الرسول الكريم مبلّغ تلك الرسالة...كيف؟!.
الانسان مخير قبل أن يؤمن، ولكن بعد ذلك فهو متّبع فقط على صراط الله ورسوله، فان أبى فقد عصى!. والصراط المستقيم واضح بيّن، وأبلغ دليل على وضوحه ظهوره وهيمنته ومكوثه واستقامته في الأرض طيباً باذن الله ، وأبلغ برهان على ظهوره محاولة " الأصلاحيين المعتدلين الجدد" الى التشكيك فيه و صرف الناس عنه ، بحجة طلب المعاصرة ، فهو حيّ وواضح ومستقيم!.
قال تعالى الى رسوله ومن بعده المؤمنين( وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه، ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون(153) الأنعام.
تقول :
Quote: هناك مجال ناسوتي متعلق بما تطوله الحواس، والتجربة، والعقل، والوجدان. وهي كلها وسائل مشروعة للمعرفة ومادتها الكتاب المشاهد أي الطبيعية وسننها، قال تعالي: (مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ) هذا مجال الناسوت وهو ناسوت قائم بإرادة الله. روى ابن خرامة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أرأيت أدوية نتداوى بها؛ ورقي نسترقيها، وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هي من قدر الله".
حصر المعرفة الإنسانية في مفردات الوحي وما يعود إليها قياساً يؤدي إلى لاهوتية تلغي عطاء الإنسان. وحصرها في مقدرات الإنسان يؤدي إلى نفي الوحي والغيب، والحقيقة هي أن النقل والعقل يتكاملان ولا ينفيان بعضهما
.

هذا الكلام ، أصابني بالصدمة، لأنه يجئ في اطار الاجتهاد الديني(!) ويجئ ممن أحب ، فالناظر اليه بامعان يجده سيؤدي أخيراً الى نفس ما دعا اليه برهان غليون ( علمانية الدين ) من حيث خلط شرائع الوحي الغيبي مع بنات العقل المادي المحض للخروج بتسوية أو هجين نخلقه بأيدينا ...
ان الذي تدعون اليه ملخصه هو أن ما تتفتق عنه قريحة الانسان يعدّ من قدَر الله الذي يتكامل مع الوحي!؟ ترى ما معنى قدر الله هنا؟ هل هو شئ موازٍ ومضاهٍ للوحي؟ وأقول ذلك لأنكم خلصتم الى ما مفاده أن منتجات العقل تتكامل مع منظومة الوحي؟ بما يعني ان حقائق الوحي لا تستغني عن ابداعات العقل في تحقيق صلاح ونفع الانسان على الارض وانما تحقق ذلك حينما تتكامل معه !..
كيف؟!.
لم تقل لنا سيدي ، ماهو وضع القرآن تحديداً في هذه التسوية المطلوبة بين طرفي الغيب والعقل ، فالمعروف أنه جسر أو حبل أوله في السماء وطرفه معنا ، هل تعتبر هذا القرآن الملموس الذي يعيش بيننا جزءً من اللاهوت أم الناسوت ؟ واذا كان لاهوتي – ناسوتي، فذلك معناه أنه الاكتمال الذي نشدته ولا حاجة للتكامل المشار اليه.
ثم عقل من هذا الذي يقدّر قدراً من الله؟ هل هو عقل المسلم فقط ، أم عقل قارون الجاحد، أم ابن سلول المنافق، أم ماركس الملحد، أم ديكارت المرتاب ، أم داروين المستقرد، أم سارتر الوجودي، أم الذي قال تعالى عنه ( انه فكر وقدّر، فقتل كيف قدّر ، ثم قتل كيف قدّر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر، وقال ان هذا الا سحر يؤثر، ان هذا الا قول البشر ، سنصليه سقر، وما ادراك ما سقر)؟ 18-27 المدثر.
هل المولى عز وجل هو الذي قدّر له سوء تقديره وادباره واستكباره هذا؟ حسناً، سنفترض مقصود كلامك هو أن عقل المؤمن فقط مِن قدر الله ، اذاً فأي المؤمنين وقد تفرّقت بهم السبل عن سبيله كما قال تعالى ، ومن الذي يصوغ مواصفات وشروط هذا العقل المسلم المرجعي ويضمن لنا مباركة الله له ولآرائه جميعاً حتى نتبعه .. علما بأن النبي (ص) نفسه ، وهو المعصوم، كان ينزل عليه الوحي ليصحح بعض احكامه وتقديراته البشرية ( اسرى بدر مثلاً)، ثم هل سنتفق على هذا العقل من حيث الحكمة والسعة والتقوى والعافية والشباب؟ أم أنك تتحدث عن الالهام مثلاً ؟، أم كل من فكّر يصبح من حقه القول بأن الله اعطاه عقلاً تتنزل عليه الحكمة فينتج بذلك قدر الله؟! والا فكيف نمنع الناس من ممارسة حقهم في فهم هذا الدين على كيفهم، طالما ان مخرجات العقل البشري هي من قدر الله ، وأنها تتكامل مع الوحي؟.
أن رأيكم سيدي يمكن قبوله – مبدئياً وبشرط سنأتي على ذكره لاحقاً- اذا كان مقصوده ان منتجات العقل ومعارفه تشتمل على الباطل والضار والعبثي و الغبي فيكون ذلك كله من قدر الله أيضاً، ( قل كلٌ من عند الله)
قولك يا سيدي:
Quote: ( هناك مجال ناسوتي متعلق بما تطوله الحواس، والتجربة، والعقل، والوجدان. وهي كلها وسائل مشروعة للمعرفة ومادتها الكتاب المشاهد أي الطبيعية وسننها )..
..
يدل على استقلالية ما، بالنسبة لتصرف الانسان بمعزل عن الغيب، حيث ان القدر غيبي لاهوتي بينما هذه المفردات التي ذكرتها ناسوتية كما تقول، وكأنما الله تعالى ليس قيوماً متصرفاً ومجرياً للاسباب، لا يتحرك او يسكن شئ الا باذنه وتحت عينه لحظة بلحظة، وانما هو - حسب مفاد طرحكم - خلق ثم ترك!، ترك الانسان ليصنع مصيره بارادته، تركه حراً طليقاً فعالاً لما يريد، فيكتسب المعارف المادية من خلال التجربة والخطأ ( TRAIL & ERROR ) وباستخدام الحواس التي خلقت له ! .
في الواقع فان العقل كما قلنا مخلوق ضعيف وضليل ، ما أفاد الانبياء أُلي العزم ، الا حين شاء الله تعالى فآتاهم العلم، فالعقل جعل ابراهيم (ص) يشرك فيعبد الكوكب والقمر الى ان علّمه/ عرّفه/هداه ربه الى صراط مستقيم!) . انما العلم عند الله فقط ودائماً، ومهمة العقل محصورة ومحدودة في عملية السعي أو الأخذ باسباب الرزق ( والرزق يشمل الايمان والهدى كما يشمل علوم الدين والدنيا ومعرفة سنن الله في خلقة/ قوانين الطبيعة ، ويشمل الرزق الطعام والشفاء والسعادة وصنوف الكسب جميعا)، فربنا شاء ألاّ يرزقنا شيئاً من ذلك الا من خلال الاسباب المفطورة على الاستجابة لهذه الوظيفة ( وظيفة مناولة القدر والارزاق النازلة من خزائنه في السماء الينا) اللهم الا في حالة الاستثناء فقط حينما تتدخل "قدرته" سبحانه لتغير "سنته" عن طريق مشيئته ( عصا موسى ، نار ابراهيم الخ) ، ودون ذلك فلن تجد لسنة الله تبديلاً.
وهكذا فان هذه الاسباب ( التي تناول الانسان قدر الله وارزاقه) لا تنفع ولا تضر في حد ذاتها، وانما هي اداة توصيل مناسبة قدّرها الله لتكون من قدره وسنته الثابتة، فينفع هو ويضر بها.
وفي هذا الاطار تحديداً يمكن تفسير الحديث الشريف الذي استشهدتم به ( هي من قدر الله )!. بمعنى هي من أسبابه التي يسبب بها قدره ومن سننه التي قدرها وسخرها ليتنزل ويجري بها نفعه وضره على الآخذين بالاسباب. وليس معناها انها من شؤون الانسان في الارض يجترحها بطريقته وقدراته الذاتية لتتكامل مع شؤون السماء والغيب. والله تعالى قد يكف قدره بقدره / أسبابه من نوع( الدعاء ، العمل الصالح، الصدقة الخ). فالقدر – بخيره وشره- موجود دائماً في غيب السماء وفي كتاب معلوم ومفاتحه عند الرحمن، وليس متروكاً منذ الازل في الأرض مع الاسباب، وله ملائكة موكلون ينزلون به يوماً بيوم باذنه تعالى، ولذلك ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) وليس في الارض ولا في العقل. يقول تعالى ( وان من شئ الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم) 21 الحجر.
ولو سلمنا بتفسيركم للحديث ، فسنكون ازاء استحقاقات من قبيل أن القانون الوضعي - الذي ما انزل الله به من سلطان وانما أنتجه عقل الانسان في هذه الارض- سيعتبر ( من قدر الله) الذي يتكامل مع شريعة الله الغراء ، فلا يتنافيان!، وكذلك الاوثان التي تقربهم من الله زلفى ( فهذا تكامل الايمان بالله وبالغيب في السماء من جهة ، وكذلك بالوسيلة الطاغوت الذي يؤدي اليه سبحانه!) فكل ذلك من معارف العقل واجتراحاته التي يجب الا نلغيها بالانصراف الى اللاهوتية الصرف فنكون بذلك قد عطلنا اسهامات العقل الخلاق، أليس كذلك !!.
كلا.
ولكن كما تعلمون فان الناس ازاء الاسباب والسنن وما يجري الله به نعمه واقداره .. صنفان: احدهما فهِم فأطاع ربه وشكر فرضي الله عنه وذلك مثل " ذي القرنين" الذي أوتي من أسباب العلم والحكمة( انّا مكنا له في الارض وآتيناه من كل شئ سبباً (84) فأتبع سببا ... قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً (95) آتوني زبر الحديد، حتى اذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا .. ) الكهف. أنظر كيف فهِم أنه أوتي العلم بمعنى أوتي اسباب العلم التي يلتمسها (باسم الله، بعلم الله ، وبحول الله وقوته : ما مكني فيه ربي ) ثم انظر كيف يأخذ بالاسباب : آتوني.. أنفخوا..!! هذا رجل صالح يعمل صالحا بعلم صالح متوجها لطاعة الله.
وأما الصنف الثاني من الناس فمثلهم مثل "قارون" الذي أخذ بسنة الله في خلقه والتمس الاسباب فآتاه الله تعالى من فضله ولكنه بعد أن كان من قوم موسى بغى عليهم و قال بانفصال الغيب عن العقل ، معتبراً علمه نتاج تجربة واجتراح شخصي فقال له قومه( وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله اليك، ولا تبغ الفساد في الأرض، ان الله لا يحب المفسدين(77) قال انما أوتيته على علم عندي .. ) القصص. انظر الى الناس يكلمونه عن الغيب - الدار الآخرة - وربط كل شئ به ورد كل شئ اليه ، وأن عالم الشهادة مجرد تابع ومضموم ومضمون تحت الغيب، ثم انظر الى منطقه العقلاني الناقص المفتون بنفسه والمغتر بعلمٍ ظن انه اكتسبه بالتجربة وليس بوحي الغيب فما أحسن شكره وتوظيف حصاده في المكان الصحيح : ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة! . وهل آتاه الله المال الذي تنوء مفاتحه بالعصبة أُلي القوة مطراً من السماء؟ ، أم آتاه العلم سبباً بعد أن اجتهد له فتحول العلم الى سبب هو الآخر أنتج المال.؟ فان شكر بارك له فيه وكان شكره ذخراً عند ربه ، وان كفر/ جحد وظن ان عقله وعلمه يرزقانه فان عليه كفره.. هذه سنة الله في خلقه، تشمل البَّر والفاجر، ولا ينقص ذلك من ملكه شيئاً.
سبحانك اللهم ( بيدك الخير انك على كل شئ قدير) .
اللهم فاطر السماوات والارض ، رب كل شئ ومليكه، اعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه، وأن اقترف على نفسي سوءً أو أجره الى مسلم. آمين.
استودع الله دينكم وخواتيم أعمالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي 7/4/2005م

Post: #21
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 04-11-2005, 05:14 AM

رسالتي التاسعة الى السيد الصادق المهدي ( مفكرا)

بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الصادق المهدي .. الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبعد ،،

فصلةً بما تناولت في رسالتي السابقة، ما ازال أقف عند تعويلكم على اصالة المعرفة التي نتحصلها مما أسميته " الكتاب المشاهد" أو الطبيعة كما تقول، الأمر الذي يعني التجربة الانسانية المعتمدة على العقل، بمعزل عن الغيب ..
فلقد قلتم :
Quote: حصر المعرفة الإنسانية في مفردات الوحي وما يعود إليها قياساً يؤدي إلى لاهوتية تلغي عطاء الإنسان. وحصرها في مقدرات الإنسان يؤدي إلى نفي الوحي والغيب، والحقيقة هي أن النقل والعقل يتكاملان ولا ينفيان بعضهما.

أمضي فيما بدأت من ملحوظات فأضيف هنا..
نفهم مما سبق أن للأنسان " مقدرات" تلقائية ذاتية بعيدة عن شروط الغيب، وأن شرائع وشؤون الدين وأنباء وأخبار الغيب شئ ، هو عالم اللاهوت، بينما ما تطوله الحواس والتجربة والعقل والوجدان ( عالم الناسوت) شئ آخر مختلف .. فهما على هذا الاساس يتكاملان !
أنا لم أفهم العلاقة هكذا ..
انما يمكنني ان أمثل ذكاء عقل الانسان الذي فطره الله عليه ، بأنه يشبه الى حد ما ذكاء الحاسوب العجيب والذي يعتبره سدنة العقل بمثابة المعجزة من معجزات هذا الوثن العصري المعبود بغير الحق: ( العقل) !، حيث يستطيع ان يرصد ويحلل ويشكل ويركب المعطيات والمعلومات ويعيد انتاجها بشكل مبتكر ودقيق، وذلك كله بفضل الفطرة التي فُطر عليها أول مرة ( البرمجة والتصميم).
ولكن هل ينتفع هذا الجهاز في ذاته بما لديه من امكانات وذكاء؟، أم هل تضره مقدراته في شئ؟ وهل يستطيع ان يحرك ساكناً من تلك البيانات والمعلومات فيوجهها كما يوجهها فيه مبرمجه ومديره؟ الحاسوب لا يقدر حتى على أن يشغّل نفسه ويتصفح أمكاناته الا بأمر ربه أوصانعه، وبالطبع فان ما يفكر فيه/ يقدّره ربه وما سيمليه عليه من أوامر وشروط للتحكم تعدُّ بالنسبة اليه اقداراً في الغيب(!) تتنزل عليه فيستجيب لها فيخضع ويتحرك بموجبها ( ولله المثل الأعلى)، اذاً فأين ذكاء صاحبنا الحاسوب، وما فائدة ذلك الذكاء حين لا ينفع صاحبه ولا يضره شيئا؟
تخيل سيدي جهاز حاسوب من الجيل الحديث ، يعجبه ذكاؤه فيبدي استغناءه عما يوحي به أو يأمره به فاطره/ مهندسه ، فيظن أن الشحنة الكهربائية التي تحييه وتوقظه بعد سبات هي أمر خاضع له ، وأن طريقة فحص المعلومات ونظامها واستنتاجاتها هي من تدبيره وبارادته ، دون ان يهتم بمصممه ومبرمجه ومشغّله. فاذا اصابه فيروس واحد أخذ يـتلوى ويغمى عليه ويذكر ربه لكي يدبر له أمراً يخرجه من الظلمات الى البر آمناً، حتى اذا خوله بارؤه نجاةً من كربه نأى بجانبه وظن أن له علماً وتدبيراً وبيانات!! وهو الذي لا يدري ما يدور حوله في الغرفة ذاتها من عديد أجهزة ومخلوقات هي اشد منه قوة ولكنها بالنسبة اليه ( غيبيات )!، فهو مفتون بما لديه من مُكْنة يصنع بها نتائج باهرة ظنها تغنيه أو أنها له بالاصالة.!! ذلك هو الكفر المبين!!. قال تعالى ( قُتل الأنسانُ ما أكفره، من أي شئ خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره ..) عبس.
ان مثل هذا الأدبار هو وضع يدعو الى التأمل والعجب، لأننا نعلم أن هذا الجهاز مجرد مغرور وجاهل بالحقيقة! فهو لا يعرف من هو بالضبط ، ولا قَدَر صانعه ومبرمجه حق قدره.
هذا الحاسوب – نسبياً طبعاً- مثله مثل الانسان لناحية التفكير ، فهو مخيّر مقيد وليس حراً مطلقاً!!، وشتان ما بين الصفتين، حيث ان الحر يتصرف باستقلالية تامة من تلقاء ذاته مالكاً لأرادته وقراره على نحو أصيل ولا قوة توجه حركته أو تبطلها، بينما المخير يتحرك في اطار خيارات محدودة وبامكان مخيره ان يكبحه أو يصرفه أو يوجهه.
فالحاسوب مبرمج ولذلك فهو يسعى ضمن برمجته التي يمكن التحكم فيها من جانب مولاه ، ان الحاسوب عبد مطيع لمشيئة ربه حتى ولو أبى. فهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً. وربه قائم عليه يرزقه يوماً بيوم دون اذن منه وبغير حساب، ينعم عليه فيغذيه وينميه/ يطور برامجه ويصلح عطبه ويرعاه ، بينما جهازنا لا يعير ذلك كبير تقدير، لأنه ببساطة لا يعلم ولا يملك الدليل، ويظن ان الأمور هكذا بطبيعتها ولا جديد!!
لكن الفرق بين الانسان وبينه هو أن الله ، سبحانه وتعالى ، بعد أن خلق نعمة العقل فينا وفطره على الذكاء ، فانه شاء ان ينفعنا به ، وجعله سبباً نسعى به نحوه فنهتدي بمشيئته الى الايمان ، ونسعى به للعلم والرزق في الارض فنهتدي بمشيئته الى ما قسم لنا، وهكذا وسّع لنا مساحة السعي وسخّر المخلوقات التي حولنا فجعلها أسبابا نتلقى عبرها خير خالقنا وضره. فعلى المرء أن يسعى واما القدر أو الرزق فهو مضمون في الغيب يتزل بمشيئة الله عز وجل.
والفرق الآخر بين عقل الانسان وعقل الكمبيوتر هو أننا نستشعر ما نفكر فيه ونوجهه بما يقدّره فيهدينا اليه ربنا من معارف وارزاق.
فاذا سعينا الى "معرفة" فنون الفلاحة مثلاً، فان الله بلطفه وكرمه قد يرزقنا/ يلهمنا علمها ان شاء وبالقدر الذي يشاء بواسطة السبب /أداة العقل ، وبعد ذلك يسخّر لنا هذه المعرفة لتكون سبباً نتخذه من اجل الفلاحة نفسها، فاذا سعينا فعلاً الى الفلاحة فهو يرزقنا غلتها بسننه في خلقه، وهذه الغلة قد يبارك فيها أو يمحقها ، فاذا بارك فيها وطابت فانه يرزقنا بها نعمة الاطعام فالشبع فالسعادة ،وقد لا يفعل. ( الحمد لله الذي هدانا الى هذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ). وهكذا فنحن لسنا منفصلين عن الغيب في اية لحظة وان هذا الاتصال هدائي روحي وسلس.
أن عقولنا لا تقدر على شئ من تلقاء ذاتها، فلا حول ولا قوة الا بالله ، وانما هي اجهزة مجهّزة بقاعدة معلومات من خلالها يلهمنا/ يناولنا الله عز وجل قدره المقدور اصلاً في كتاب عنده ، يقول تعالى( لا يقدرون على شئ مما كسبوا )البقرة 264 .
لكل ما سبق لا أجد من المقبول القول بمقدرات العقل ومعارفه المتحققة بمعزل عن الغيب والقدر . والنبي (ص) قال ما معناه : ( ان الله تعالى حينما خلق السماوات والارض قال للقلم أكتب ، فقال القلم وماذا أكتب يا رب قال: أكتب مقادير الخلق الى يوم القيامة). هذا الكلام كان في الأزل وهو في كتاب ، فكيف نتجاوزه طالما أننا نقر بأن معارف العقل انما هي من قدر الله ورزقه الذي يسوقه الى من يشاء بقدر معلوم والناس في ذلك درجات ، كما أن القدر كله مكتوب مسبقاً في الغيب ولا يتنزل الا بمقدار وميعاد؟.
لذلك قلت لكم سيدي في كتابي السابق انني صدمت، ذلك لأنني وجدت في ما اقتبسناه أعلاه رأياً "علمانياً " مطروقاً يجعل احتكامنا الى مصدرين للمعرفة هما قدر الله الغيبي وقدر الله العقلي المستقل عنه، وهو رأي يطوي داخله حقيقة أن التكامل لا يقع الا بين طرفين اصيلين مستقلين، بينما الفهم الاكثر دقة في هذا الصدد هو أن ما يسمى – عند النصارى - بالناسوت ، انما هو بالضبط مجال تطبيق الدين وتصديق الغيب عندنا !.
فالناسوت في الاسلام هو مجال اللاهوت!! .
ذلك لأن الغيبيات ليست شرائع دينية يجري تطبيقها، فنحن نؤمن بالقدر وباليوم الآخر والملائكة وبالصراط والميزان والجنة والنار الخ، ولكننا لا نفعل ازاء ذلك اي عمل اجرائي سوى التصديق، غير أننا بسبب تصديقنا وايماننا بالله وبهذه الغيبيات عموماً، فاننا نعبد الله ، فنخشع ونخضع له بهذه الحواس وهذا العقل، وكل ذلك نعبّده له سبحانه بالطريقة المعينة التي ارادها فأنزلها علينا ، وذلك ابتغاءً لمرضاته ، وهكذا فبدون عقل وجوارح ووجدان لا مجال لتطبيق الدين.. ولذا نقول ان هذا هو مجال الاستجابة للغيبيات والانضباط بموجب مقتضياتها وشروطها.
وبمعنى آخر فان ما ذكرتم من ( عالم الناسوت) انما هو تابع مسخّر ، فقط وتحديداً ، لطاعة الله وطلب رضاه، والا ، في حال الشعور بالاستقلالية ، فان الناسوت سيتحول الى مجال للمعاصي مباشرة، طالما انه لم يخضع فيعبد الخالق وينصاع فيتبع ما جاء به الرسل الكرام.
وأقول يخضع وينصاع لأن الله تعالى ما تركنا لنعبده حسب اجتهادنا وشروطنا وفهمنا وتقدير عقولنا ، وانما عيّن وسمى وحدد الكيفية التي ترضيه من العبادات والطاعات كافة ، مقدماً الرسل وحوارييهم المهديين نماذج بشرية وأسوة حسنة تجسد الانموذج المطلوب.
والعبادة الصحيحة لا تكون الا بثلاث شروط على الأقل هي أولاً : اخلاص النية لله وحده ، وثانيا أن تكون فقط بطريقة وأمر الرسول (ص) وثالثا أن تكون بالاستحضار والاحسان ، الأمر الذي يقتضي ( خضوع وحضور القلب والعقل وخشوع الجوارح / الحواس).
وتجربة الانسان في الحياة انما هي تجربة العبادة تحديداً، ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) الملك ، فكل عمل وكل قول انما يأخذ أحد منحيين : فاما طاعة ففلاح في الآخرة / الغيب أو معصية فخسران في الآخرة / الغيب . فليس هناك عمل ( ناسوتي) محض خارج هاتين الدائرتين ، ولا حتى مجرد التفكير والعزم/ النية ( وما تشاؤون الا ان يشاء الله)، .. وطبعاً المعصية مرتبطة برقيب وعتيد و المغفرة أو عذاب القبر فالنار ، وكل ذلك غيبيات/لاهوت كما ترى!، واما الطاعة فمرتبطة برقيب وعتيد ورضاء الله ونور القبر والجنة ان شاء الله، وكل ذلك غيبيات / لاهوت أيضاً.
هكذا نخلص الى ان جعل ما يسمى بالناسوت واقعاً مستقلاً أو موازياً لما يسمى باللاهوت ، يعدّ غير مقبول في نظرنا المتواضع. فانما هي علاقة تبعية ، لا ندية تكاملية، وانما هو – هذا الناسوت - مجال تطبيق شرائع غيبية المصدر والمرد، خلال تفاعل الانسان مع المخلوقات المسخرة له ، حيث ان الوعاء/ القلب بمتعلقاته كالوجدان والحواس، فارغ في الاصل الا مما يحقق وجوده كاناء فارغ ، ولا يمكن اعتباره مصدراً بديلاً نستحلب منه ما نصبّه فيه!. قال تعالى : (وما "أوتيتم" من العلم الا قليلاً). وقال سبحانه ( يسألونك ماذا أُحلّ لهم، قل أُحل لكم الطيبات وما علّمتم من الجوارح مكلّبين تعلمونهن مما علمكم الله )4 المائدة.
اذاً حتى ما نكتسبه من معارف وعلم وفنون ،بالتجارب الدنيوية، انما يعلمنا أياه ربنا تعالى حيث انه قدر مكتوب في كتاب سماوي، ويتنزل بقدر معلوم وفي حينه ، أي حينما نلتمس الاسباب باحسان وطلب وحينما يأذن ربنا ويشاء سبحانه.
وبالتالي فان المعرفة التي نتحصلها من خلال تجارب الحواس حين تتفاعل مع المخلوقات الأخرى، ليست ( بشطارتنا) ، وانما بما قيضه الله لنا من علمه ، فالله يعلم وانتم لا تعلمون، والله تعالى ( علّم الانسان ما لم يعلم ) . فمصدر العلم ليس المادة والتجربة في الارض ، وان هذه اسباب لا تُعلِّم أحداً ، بدليل ان العالم ملئ بالاغبياء والجهلاء وبسوء الفهم والتقدير رغم كثرة التجارب.
ان العلم كالايمان ، مع الفارق ، فهو الهام ونور من الله يهدينا اليه ثم يهدينا به اليه سبحانه والى ما شاء أن ينفعنا أو يضرنا به. وقد قلتُ في مكان آخر ان العقل هو وثن هذا الزمان.
أجل وثن !! .
فمن اغتر بالعقل واتبعه من دون الله فقد اتخذه رباً، ويكفي فقط ان اشير الى القصة التي حدثت اثر نزول الاية الكريمة ذات الصلة بهذا الموضوع، يقول تعالى( اتخذوا احبارهم ورهبانهم ارباباً من دون الله والمسيحَ ابن مريم وما أمروا الا ليعبدوا الهاً واحداً ، لا اله الا هو، سبحانه عما يشركون (31) يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (32)التوبة.
ومفاد القصة أن أحد نصارى المدينة جاء رسول الله (ص) وقال له يا محمد أنت تزعم أن الله انزل عليك آيه تقول اننا نعبد احبارنا ورهباننا وما نفعل من ذلك شيئاً ، قال (ص) ما معناه : ألم يأمروكم برأيهم ويخالفوا ما انزل الله تعالى عليكم فاتبعتموهم واطعتموهم؟ قال نعم، قال فذلك هو. أو كما قال (ص).
/هذه من الآيات تهزني فرَقاً ، وبها استدل دائماً على أن العقل في هذا الزمان بعد أن كان نعمة نهتدي بها الى الله .. تحوّل الى الهٍ ورب يعبد ( حيث يتبع ويمجد ويعظم على نحو مطلق ويطاع بتسليم وخضوع) من دون الله سبحانه وتعالى./ وهو القائل : يا أيها الناس ضُرب مثلٌ فاستمعوا له ، ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وان يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ، ضعُفَ الطالبُ والمطلوب، ما قدروا الله حق قدره ، ان الله لقوي عزيز)73-74 الحج.
ان شر العلم ما يصرف الناس عن طاعة الله واتباع رسله، وخير العلم هو المبارك من الله أي الذي دعا اليه ورسلُه، وهو ما يعزز تصديق واتباع دين الله ومعرفة قدره سبحانه بما يولد خشيته ( انما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)
ولذا فان الانسان بلا دين تصبح حواسه وعقله ووجدانه وتجاربه ملأى بالهوى والزيغ ( ومصدر ذلك العقل)، وما أقرب الهوى الى الهواء تغيراً وعصفاً وصفراً في نهاية المطاف، وذلك هو من أضله الله فاتّبع هواه وكان أمره فرطاً ، وأما من هداه ربه الى ملء فراغ قلبه ذلك بالدين الذي يعمل به علّمه الله ما لم يعلم، فهو على بينة من ربه وقلبه مطمئن بالايمان بالغيب، (من يهدِ اللهُ فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له) مهما تحدثنا عن تجارب العقل أو الحواس. بدليل ان الانبياء جميعاً كانوا ضالين قبل ان يهديهم ربهم الى صراط مستقيم ، فهل كانت عقولهم أقل منا ؟ ( ووجدك ضالاً فهدى ).
ان الله هو الذي يهدي الى عالم الغيب حتى يختار الانسان تطبيق شرائع الدين على ما يسمى بعالم ( الناسوت) من اجل احراز الفلاح في عالم ( الملكوت).
لذا اخال أنه كلما بالغ الكلام عن العقل بشغف وحماسة في هذا الزمان فتحسس قلبك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
واذا استعلوا به واحتكموا اليه كما يحتكم المؤمنون الى كتاب الله ، فوحّد ربك واستغفر لذنبك و( ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين).
وأما اذا عظّموا العقل، اتخذوه ولياً واجتمعوا عليه خاضعين له مدبرين عن حكم الله ورسوله فانفض يدك من القوم.
اللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت ، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت ، انك تقضي بالحق ولا يُقضَى عليك، انه لا يعزّ من عاديت ولا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت.
استودع الله دينكم وخواتيم اعمالكم، الى أن ألقاكم في رسالة تالية ان شاء الله.

تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبو ظبي 3/4/2005

Post: #22
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 04-18-2005, 04:52 AM
Parent: #21

[B]رسالتي العاشرة الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)

بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الصادق .. الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهنئكم في هذا الأيام المباركة ، حيث تمر ذكرى مولد الحبيب المصطفى (ص)، اعادها الله تعالى علينا والمسلمون باحسن حال.
وبهذه المناسبة اتقدم الى مقامكم بهديتين ، ثانيتهما وثيقة هامة ، وأولاهما قصيدة في مديح سيد ولد آدم ، امام المهديين وقائد الغر المحجلين صلوات الله تعالى وسلامه عليه، صلاةً ننال بها شفاعته يوم الدين.

فأما القصيدة فهي:

معلاة المعارج والقباب
_______________

شعر: محمد عبد القادر سبيل

أهزّ جناح شعري في السحابِ
وأسكبُ مُزنة الطرْف المذابِ
على عتبات من أودى بصبري
وأُجهشُ اذ يبادر بالعتابِ
أبا الزهراء ما بيديّ خيلٌ
مسوّمةٌ ولا رطبٌ جرابي
أجيئك وافراً بجراح نفسٍ
وأُوسعُ أُنملي ندماً بنابِ
أجيئُ تضيئُ جرحي لؤلؤاتٌ
قوافيهن من ذخر العُبابِ
وشأنك ليس تُدركه شَرودٌ
معلاة المعارج والقبابِ
لأشكو حالهم وعصيَّ حالي
فتنكرُ حالتي سؤلَ الجوابِ!
أما للحق نارٌ لو غضبنا
لنقدحها بأكبادٍ غضابِ؟!
ولكن لا صلاح الدين يرضى
ولا كعب ستسلم من كلاب
نريق دماءنا والخون فينا
وما لدمائنا غير الذئابِ
أبا النورين هل في النفس نورٌ
لأستهدي الى صُرُط الكتابِ
ظلاماتٌ ظلاماتٌ فأنَّى
تلفّتُ ثَمََّ مظلومٌ ببابِ
وهذا القلبُ يُدني لي هلاكاً
وما بيني ويومي غيرُ قابِ
وما بيني وبين من استقاموا
سوى نظَرات عُتبى واغترابِ
ولكن حسبه كتمان وجْدٍ
يعذبهُ فيدرأ ذا عذابي
بحبك سيدي سأردّ عمراً
أضاعته مطيات الشبابِ
فكل الناس قبلك يا حبيبي
يتامى يُتمَ أعشاب الروابي
فجئتَ تسائل الأزمانَ عنهم
وتُزجي الغيم في تلك الرحابِ
فزدتَ مكارمَ الأخلاق وحْياً
وساويتَ الصحابة بالسحاب
ولو شمساً يمينك ما تبالي
ولو بدراً شِمالك ما تحابي
فيا بشرى لمكةَ ذات برقٍ
سما تلقاءَ شِعب بني طِلاب
ويا بشرى لأقطار السماء
وللثقلين والأرض اليباب
ويا لله كيف فلحتَ صخراً
تجاهده على فصل الخطاب
فسبّح، ثم زحزح عنه ثقلاً
ورتّل أنْ: ( على خُلق) عُجاب!
ولو فظٌّ فؤادُك ما استضاؤا
ولانفضّوا فُضاضاتِ الشهاب
دعوتَ العالمين لذكر يومٍ
اذ الرحمنُ مكشوف الحجاب
فليت المسلمين وقد تقالوا
أقالوا الدمع من همِّ التباب!
ولكن ويحهم تالله راحوا
يسومون المثانيَ بالتراب !
فباتوا مضربَ الأمثال بؤساً
ومرتعَ كل ضرب بالرقاب
نبيَّ الله ما قدمت زيناً
لتعذرني، أيشفع لي مصابي؟
أجيئك زائغ النظرات أكبو
ووِرْدك لا يغيّضه شرابي
لأنت مثابةُ القاصين مثلي
وشيمتك الشفاعة في الاياب
صلاة الله مرسلة سلاماً
عليك وآلِ بيتك والصِحاب.

********************

سيدي ..
حيال قولك التالي والوارد ضمن ورقتكم ، محل التناول، والمعنونة ( ضرورة الاجتهاد لمواجهة تحديات العصر ومن بينها سيداو) حيث تقولون:
Quote: ..والمهدية وإن كانت واحدة لما لها من مكانة روحية مكنتها من الدعوة لوضع نهاية للتمذهب المؤسس على منطق صوري، ومن تخطى الصور المعروفة للمهدية فإنها حركت دعوة وظيفية متجددة مع الأيام على نحو مقولة: لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال.

حيال ذلك اسمح لي سيدي أن اتساءل:
هل القرآن نفسه خالٍ مما تأباه فتسميه: المنطق الصوري؟، وهل الدين – من حيث الأوامر وصيغ الاستجابة لها – سوى حزمة صور نمطية مقدسة يتم تبنيها و اتباعها بالتقليد والنقل المتواتر ، والا فلا ايمان بقدسيتها وثباتها شكلا ومضموناً وتصوراً؟
أليس الدين كله اتباع وطاعة ، وما خرج عن الطاعة النمطية يعدّ معصية؟
يقول تعالى(و اتبع سبيل من اناب اليّ ثم اليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) 15 لقمان، ويقول تعالى ( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ، ويقول سبحانه ( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ..) 48القلم. ويقول عزّ وجل ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله)143 البقرة. ويقول سبحانه .. ( وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا قومِ اتبعوا المرسلين ، اتبعوا من لا يسألكم اجرا وهم مهتدون ) يس 20-21 ، ويقول سبحانه ( والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) ويقول تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين)..وفي الحقيقة فاننا اذا حاولنا حصر عدد المرات التي تكررت فيها مفردة "اتبع" ومشتقاتها ثم ما في حكمها ، فسنجدها كثيرة على نحو لافت ، اذاً فالاتباع هو أس الدين ولب العقيدة وترجمانها فالاتباع باحسان واخلاص هو علامة الطاعة ، وما سواه ( الابتداع) فهو شروع في الابتعاد عن ( وانك لتهدي الى صراط مستقيم ) وشروع في التفرق طرائق قددا بينما يقرر المولى عز وجل (..وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) 153 الانعام، فالطريق الى الله تعالى واحد فقط ، فلا يغرنك تعدد الطرائق ووجهات النظر المتخالفة المتدابرة ، فتجاوز اتباع صيغة محمد (ص) وصحبه وتابعيهم باحسان انما هو استغناء و شروع في الاكتفاء بوجهة النظر و ببنات الافكار الخاضعة للظروف والنسبية والاحوال وشروط المجتمع ، ولا أحد يشترط على الله ورسوله ( ان الحكم الا لله ) وهكذا يفضي الرأي الحر في الدين الى الدخول التدريجي في الهوى فالضلال الذي يجسده ما يمكن أن نطلق عليه ( الاصلاح البروتستانتي الطابع والدافع والرافع! ) واقصد بالرافع العقل المتمرد.
حيث ان ( القياس ) في ديننا لا يجئ الا رابعاً المرجعيات، بعد : كتاب الله ( آيات بينات) واضحات ، وما أشْكلَ على الناس حسم امره الله تبارك وتعالى فلم يدع حتى لنبيه المصطفى مجالاً للاجتهاد برأيه الخاص، وانما منعه من ذلك فقال تعالى ( ان علينا بيانه).
وبعد كتاب الله تجئ سنة نبيه ( المحجة البيضاء ليلها كنهارها) . ثم اجماع المؤمنين( عليكم بالجماعة )، وأخيراً يجئ الرأي قياساً وخضوعاً الى الثلاثة الأُول حسب ترتيبها وفيما لا نص صريحاً فيه و لم يتم الفصل بشأنه من جانب اجماع او قياس متبع سابقاً، اللهم الا ان يستجد امر فيما خضع لقياس ، وهذا جزئياً هو منهج السلف الصالح ومن تبعهم باحسان .
حيث لا يؤخذ بالرأي - وفق هذا الأطار- الا من عالم تقي مشهود له بالعلم والتفرغ له باجماع أمة من العلماء المتقين ، وذلك الحذر كله تمكيناً لمبدأ ( الاتباع ) الذي هو اساس الدين، بل هو مغزي بعث الرسل أسوةً تُتبع اتباعاً ابتغاء مرضاة الله .
ثم ..
أورد اليكم هنا سيدي نص وثيقة مخطوطة بيد سيدي محمد احمد بن عبد الله المهدي ، وهي تدل على قبوله بل و تمسكه الشديد بالسنة المتفق على صحتها جميعاً وعدم الدعوة من جانبه الى التشكيك في مستوييها المتلازمين الورود والدلالة).
حيث ان دعوتكم الى غربلة السنة، بما فيها المتفق على صحتها ، تقود حتماً في نهاية المطاف الى تحجيمها وتجاوزها بعد اخضاعها لمعايير قياس مادية عقلانية صرف تجافي أو تتجاهل اساسها الوحيوي الغيبي ( ان هو الا وحي يوحى) ، فضلاً عن انها – دعوتكم - لا تتأسى بما عاش ومات عليه اسلافكم الكرام من ( اتباع ، وتقليد ) لهذه السنة ناهيك عن الكتاب ، فهاهو السيد المهدي ( جعلنا الله من المهديين مثله) يقول ( وبخط يده شخصيا) :
( انظر صورة الوثيقة الاصلية)


Quote: (......). اللهم صلّ عليه وعلى آله زنةَ عرشك ومبلغَ رضاك ومدادَ كلماتك و منتهى رحمتك ، اللهم صل عليه وعلى آله وازواجه وذريته كما صليت وباركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد ، وجازِه عنا أفضل ما جازيت نبياً عن أمته واجعلنا من المهتدين بمنهاج شريعته واهدنا بهديه وتوفنا على ملّته ، واحشرنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين في زمرته.


فاذا قرأنا الثلاثة اسطر الأخيرة مقرونة بحديث شروط الشفاعة الذي يقول فيه النبي عن ابن عباس : سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يارب أصحابي فيقال: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح ( وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد .. الى قوله.. العزيز الحكيم، فيقال لي: انهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم ) متفق عليه. ، هكذا فاننا نكتشف ان الامام المشهود له بالعلم .. يعلم خطورة الابتداع باسم العقلانية والرأي ، ويعلم خطورة (اخضاع) السنة الشريفة لخطرات العقل ونسبية قياساته التجريبية.
ان الامام المهدي هنا في هذه الوثيقة يسأل ربه ان لا يتوفاه وقد خرج عن صراط الملة المستقيم ، كما أنه لن يموت آمناً ويحشر آمناً الا من ( اتبع ) صيغة الاسلام التي ورثها اصحاب الرسول وذريته ( ص) .. ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها الا هالك ). هذا ما فهمه الامام ومات عليه ان شاء الله تعالى .
ولذلك أقول ان تعويلكم على مقولة : لكل وقت حال ولكل زمان رجال ، لا يبدو متسقاً ، مع هذا الكلام الموثق ( بخط يد الأمام ) . وبالتالي فانه لو قال ما اوردتموه ، فانه لن يعني ما انتهيتم اليه من انه فتح باب للاجتهاد على الاطلاق و فيما ورد فيه نص أو من اجل تجاوز السنة الصحيحة. فامامنا كان متلزماً بما ورده عن رسول الله من خلال الصحاح الواردة لدى الستة ( البخاري ، مسلم، أحمد ، البيهقي، النسائي وأبو داوود)، دون تشكيك أو محاولة تجاوز، ودون استبدال معنى أو تأويل، و نحسبه من ( الذين اتبعوهم باحسان ) حتى انتقل الى الرفيق الاعلى ولا نزكيه على الله عز وجل. اللهم ارضَ عنه واغفر له آمين.
سيدي..
ألتمس عفوكم مجدداً اذا كنت قد أسأت الأدب فيما تقدم من كُتب تمت عشراً ، واسميها جميعاً : الزخة الأولى ( من طرفة بكاية) ، فكما ترى فانني لم اتطرق الى ماذهبتم اليه من مبررات للاجتهاد العقلي المحض ( المتحرر من القيود الشرعية) فيما يخص (القرآن)، حيث تريدون مراجعة احكامه ومضامينه ايضاً كما يبدو بما يصادف هوى الأغيار وبما يستجيب لمواثيق الأمم المتحدة (!) ملتمساً المسوغات لذلك ، على ما سردت لنا. فهذا أمر جلل، رأيت أن أتركه لزخة اخرى ان شاء الله، وحسبي أنني عنيتُ بالسنة بوصفها خط دفاع عن القرآن الذي ضمن الله حفظه ( لفظاً ومعنى ) بما لا يدع مجالاً للقول بلا قطعية دلالته ، وعموماً سأفصّل في ذلك لاحقاً.
والآن اتيح الفرصة لسماع رأيكم المفيد فيما ذهبت اليه من آراء متواضعة باحثة عن المعرفة أكثر من كونها عارفة، أكرر التماسي للعفو ..
وختماً يهمني أن انبه سيدي الى أن ما تطلبون من اقصاء للجانب الأكبر من السنة النبوية الشريفة ونزع القدسية عنها عبر قولكم : ( قليل من السنة قطعي الورود وكثير منها ظني الدلالة) وما تلا ذلك الحكم التقويمي الاختزالي من حجج تعزز مذهبكم هذا الذي لا يستثني صحيحاً ولايقدّر مجمعاً عليه.. أقول ، هذا الذي تطلبونه سوف يصبح مستقبلا ذريعة لمن يأتي من بعدكم ، فيسقط بدوره السنة، الا قليلاً منها فقط ، وذلك بالطبع سوف لن يعطل فقط جانبا كبيرا من الاسلام الذي انتقل الينا بالتواتر والنقل والاتباع طاوياً بجناحيه سنة النبي الكريم جنباً الى جنب مع كتاب الله ، وانما سيؤدي ذلك التعطيل ، عملياً، الى التفريق بين الله ورسوله ، حين نتمسك بالقرآن ( لأنه قطعي الورود فقط) ونترك السنة ( لأنها مشبوهة)!! ، الأمر الذي ، ربما يوقع الأمة في حكم الخطر، الذي لا يغيب عن لبيب.
وأن ما تم توجيهه الى السنة من انتقادات وتشكك ، قد يكون لائقاً بفحص الاساطير وليس سنة المصطفى (ص) الحية في حياة المسلمين منذ قرون.
وخير ختام قول الحق تعالى:
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون).
استودع الله دينكم وخواتيم اعمالكم.
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تلميذكم
محمد عبد القادر سبيل
أبوظبي 17/4/2005

Post: #23
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 04-19-2005, 00:16 AM
Parent: #22

والآن
الاستاذة لنا مهدي
السلام عليك ورحمة الله وبركاته وكل عام وانت بخير بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف
وارجو التكرم بحذف رسائلي السابقة من موقع حزبكم وتنزيل هذه الرسائل العشر مكانها
اكرر حذف السابقات اهم ، لذلك ارجو التفضل بهذا الصنيع ، واقول ذلك خوفا من الاكتفاء باضافة الرسائل الجديدة فقط ، فلقد قمت بتعديل النصوص السابقة وسوف اكون مسؤولا عن فحوى الرسائل بما هي عليه في تاريخه.
لك الشكر والاحترام ،، وارجو ان اسمع منك .
_________________________________________

اخي اسماعيل وراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وانتم بخير بمناسبة المولد النبوي الشريف
أخي ..
الآن أنا جاهز للتداخل ولسماع رأيكم الكريم
فقط ارجو ان نتفق على اطار يضبط الحوار ، ولهذا الغرض اقتراح من جانبي ما يلي:
1/ أن ان يتأسس حوارنا على ما جاء في رسائلي العشر اعلاه ، أو فيما تناولته فيها من آراء السيد الصادق المهدي. ( مقدمة ورقة : ضرورة الاجتهاد ..الخ ) المرفوعة من جانب لنا.
2/ أن استمع الى كامل تعليقاتك في كامل ما قلته اعلاه ، ومن ثم تستمع الى كامل تعليقاتك في كامل ما ستقول، وذلك منعا للتكرار ومنعا للتوحل في نقاط فرعية تاركين الاساس.
3/ الاطراف الاخرى التي قد تشارك ، يمكن الاستئناس برأيها ، كما يمكن الرد عليه بشكل مقتضب ، في حال وجود ضرورة ملحة لذلك والا فثنائية الحوار اجدى لحصاد الفائدة. ويستثنى من ذلك السيد الصادق نفسه في حال حصوله على وقت للتعليق على رأينا ( في ظل مشغولياته الراهنة).
4/ لابد اننا نشترك في محبة السيد الصادق ، ولكن ذلك لا يمنعنا من مخالفته الرأي دون وجل، لذا التمس الابتعاد عن التعامل مع ارائي بعاطفية تفسد موضوعية الحوار، وأنت أهل لذلك. واقول ذلك لأنني اريد ان يكون هدفنا المشترك هو الوصول الى الحقيقة والدفاع عن الحق والحقيقة وليس الدفاع عن آرائنا أو آراء الامام.
تلك النقاط ليس شروطا ولكنها مقترحات لمصلحة النقاش
ولك احترامي ومحبتي يا صديقي

Post: #24
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: إسماعيل وراق
Date: 04-19-2005, 01:55 AM
Parent: #23

الأخ محمد عبد القادر سبيل
سلام وتحية
كل عام وأنت بخير.،، وذكرى ميلاد نبوية سعيدة.،
لا يوجد كبير خلاف فيما أقترحته من مضابط للحوار ... ولكني أفضل تناول ملاحظاتك فيما ورد من أفكار للسيد الصادق.،،
إذن نلتقي بعد الإنتهاء من قراءة كل الرسائل.. وموعدنا في القريب إن شاء الله.،

Post: #25
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 04-20-2005, 04:04 AM
Parent: #24

Quote: إذن نلتقي بعد الإنتهاء من قراءة كل الرسائل.. وموعدنا في القريب إن شاء الله.،


أخي اسماعيل لك ما تشتهي .

ولكن أين الحبيبة لنا مهدي
لقد اختفت ولا اراها الى في بوستات اخرى
ليتك تنبهها لتمر علينا
فمن المهم استبدال الرسائل السابقة بهذه ( بعد اجراء الضبط الضروري )
ليتها تكمل جميلها وتقوم بالواجب وتطمئنا
لكما مودتي
.. أنا على الخط.

Post: #26
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: إسماعيل وراق
Date: 04-20-2005, 04:12 AM
Parent: #25

الحبيب سبيل
سلام وتحية.،
لنا وحسب علمي في هذه الأيام مشغولة تماماً بواجباتها العملية، ربما تعود قريباً.. أما فيما يخص الرسائل فأحسب أنها ستودع كلها لدى الحبيب الإمام ومكتبه.،
من ناحيتي وكما وعدتك سأعود بذهن صافي لهذا البوست حين الإنتهاء من بعض المهام الخاصة بي.

لك الود.،،

Post: #27
Title: Re: رسائلي الى السيد الصادق المهدي ( مفكراً)
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 04-25-2005, 12:14 PM
Parent: #26

ياترى هل قررت لنا مقاطعتن ؟ا
وتركت الرسائل للظلمة رغم اخاطئها السابقة؟
لماذا لم تنجز وعدها فترفع الرسائل المنقحة الى موقع حزب الأمة وتفيدنا عن ذلك ؟
غير معقول ان تتعمد التجاهل
ولكنها تظهر في البورد وتغيب
لا لا لا يمكن ان تسفه الرأي الذي تختلف معه ، فهي - كما اعلم - حامية رأي ومدافعة عن الصحيح
اين لنا .
.
.
معراج...