عندما تتعمد مؤسسات الدوله التنصل من مسؤلياتها...! منتديات سودانيز اون لاين

عندما تتعمد مؤسسات الدوله التنصل من مسؤلياتها...!


07-04-2008, 02:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=170&msg=1215177954&rn=0


Post: #1
Title: عندما تتعمد مؤسسات الدوله التنصل من مسؤلياتها...!
Author: Asskouri
Date: 07-04-2008, 02:25 PM

عندما تتعمد مؤسسات الدوله التنصل من مسؤلياتها

علي عسكوري
3-07-08

يقول بعض العلماء المختصين في العلوم السياسيه وقيام الدول ان اغلب الدول قامت نتيجه لجريمه ارتكبتها مجموعه داخلها ضد مجموعه او مجموعات اخري داخليه او مجاوره، ويشير المؤرخون في هذا الضرب من العلوم ان القليل جدا من الدول قامت علي التراضي الداخلي كما يذهب جان جاك روسو ومن تبعه في مفاهيمه المعروفه.

غير ان مبداء العنف والقهر والاجرام لتوطيد اركان حكم لمجموعه معينه لتصبح هي المجموعه المتحكمه والمتنفذه في بلد معين ادي لردود فعل قادت في اغلب الاحيان الي تفكك تلك الكيانات واندثارها او افولها ( روسيا، يوغسلافيا).... كما ان تطور المفاهيم المتعلقه بحقوق الانسان بجانب تطور الوعي الانساني وازدياد ترابط البشر بفضل التقدم التقني في مجال الاتصالات قاد الي ان تصبح وسيلة العنف ومثيلاتها وسائل منبوذه تجر علي منفذيها غضب المجتمع البشري وملاحقته ( دارفور ، رواندا، يوغسلافيا).

لاشيء يكشف تخلف الدوله السودانيه عن ركب المجتمع الانساني اكثر من ممارساتها تجاه مواطنيها في مختلف اجزاء البلاد. فواقع الازمه في السودان يقول ان أس الداء في مشاكل السودان يعود الي عدم اعتراف الدوله لمواطنيها بمواطنتهم! وهذا الامر يقود تلقائيا وكنتيجه مباشره لتحول الحاكمين من حكام وطنيين الي مستعمرين داخليين يسومون الناس سؤ العذاب حسب مصالحهم واجندتهم الخاصه. فالاعتراف بالمواطنه ليس امرا تردده اجهزة المذياع و التلفزيون والصحف الحكوميه، إنما هو موقف رسمي من اجهزة الدوله تمارسه يوميا تثبت فيه للمواطنيين احترامها لهم كمواطنيين والتزامها بحمابة حقوقهم والاستماع لقضاياهم وتظلماتهم والعمل علي حلها وفق الدستور ( والدستور الذي نشير اليه هنا نقصد بها دستور ديمقراطي مجمع عليه من الشعب ومطبق علي الجميع).

اذن تنسحب علي الاعتراف بالمواطنه حقوق وواجبات. فالعلاقه بين الدوله والمواطن علاقه ذات طرفين. فبينما يتوجب علي المواطن الدفاع عن الدوله وحمايتها والزود عنها والمساهمه في تنميتها بالراي والفكر والالتزام بدفع الضراب لمقابلة تكاليف ادارة دولاب الدوله وتطوير اوجه الحياه العامه من خدمات وخلافها، يتوجب علي الدوله توفير الامن للمواطن وحمايته من الجريمه وحفظ حقوقه وفتح ابواب العداله امامه لفض نزاعاته مع الافراد او الجهات الاعتباريه او مع اجهزة الدوله نفسها، فاجهزة الدوله ليست فوق الدستور ولا يحق لها انتهاك حقوق المواطنيين. فيما عدا ذلك تصبح اجهزة الدوله ومن ثم الدوله نفسها جهاز فوقي غريب استغلالي مفروض علي المواطن لا يدري المواطن ما يفعل ان حدث له نزاع معه.... ومن ثم لا يجد المواطن غير العنف سبيلا لحماية حقوقه خاصة إن كانت تلك الحقوق حقوق اساسيه كقضية ملكية الارض التي يعيش عليها المواطن.

تعطي قضية المتاثرين بسد مروي مثالا رائعا لتنكر الدوله لحقوق المواطنه وضربها عرض الحائط بكل التزاماتها تجاه حقوق المواطنيين. وقد قاد الصراع بين ادارة سد مروي والمتاثرين الي طرح سؤال مركزي حاولنا كثير تجنب طرحه: هل المتأثرون مواطنيين؟ وإن كانوا كذلك ما هي حقوقهم؟ ومن يقررها؟ وهل لادارة سد مروي الحق في تقرير حقوق المواطنيين في غيابهم حتي لو اصطحبت ذلك بمراسيم رئاسيه قامت بتضليل رئيس الجمهوريه للتوقيع عليها بالرغم من علمها المسبق ان تلك المراسيم تخالف نصوص الدستور.

أما إن كانت إدارة سد مروي تنظر للمتأثرين علي انهم ليسوا بمواطنيين ولذلك لا تشملهم الحمايه التي يوفرها لهم الدستور وان الدوله يحق لها الاعتداء عليهم وتشتيتهم واخذ ما لديهم عن طريق العدوان باسم مصلحه الدوله، ان كان الامر كذلك فقد وضعت ادارة السد هؤلاء المواطنيين في موقع الدفاع عن حياتهم ومجتمعهم الذي لا تعترف به الدوله، و اصبح هؤلاء المواطنيين امام خيارين: إما الدفاع عن حقهم في الحياه فوق ارضهم والزود عنها بشتي السبل.... إما الانكسار امام دوله ظالمه لا تعترف بهم ولا تتردد في الاعتداء عليهم بشتي السبل وعليهم كنتيجه لذلك القبول بدمار حياتهم واندثار مجتمعهم وفنائه.

وما وقع من احداث في السنوات القليله الماضيه يؤكد بما لايدع مجالا للشك ان الدوله ممثله في ادارة السد لا تعترف بالمتأثرين كمواطنيين وتعتقد ان من حقها افتراسهم والاعتداء عليهم ونهب حقوقهم وممتلكاتهم وسجنهم وتشريد ابنائهم من الوظائف العامه وملاحقتهم، بل ارسال الجيش العرمرم المدجج بالاسلحه الثقيله لارهابهم او لاستدراجهم لاعمال عنف ومن ثم ايجاد المبررات الموضوعيه للانقضاض عليهم باستخدام قوات الامن او الجيش ضد مواطنيين عزل.

يحدث كل هذا بالرغم من أن المواطنيين لم يعترضوا علي ما تقوم به الدوله من بناء لسد تقول انه يمثل مصلحه عامه و تزعم انه (سينهي الفقر في السودان)... هكذا ببساطه ستحل الدوله مشكلة الفقر المدقع في البلد...! غير اننا فيما نعلم ان دوله مثل الصين ( ربيبة ادارة السد حيث قام المساجيين الصينين ببناء خرصانات السد) بها اكثر من 85 الف خزان بين صغير وكبير ( الرقم اعلاه ليس خطاءا) وبالرغم من ذلك ما يزال حوالي 40% من سكانها يعيش في فقر مدقع! ولكن بالرغم من عدم اعتراض المتاثرين علي ما تقوم به الدوله من تدمير للحياه والبيئه باسم المصلحه العامه لانتاج الكهرباء، تصر ادارة السد علي تهجير المواطنيين الي الصحاري ليتحولوا بين ليله وضحاها من مواطنيين يشربون ويزرعون مباشرة من مياه النيل الي مجموعه تعاني من العطش تنتظر ان تنقل لها عربات التانكر مياه الشرب في الصحراء....!وبالرغم من فداحة هذه الجريمه وقبحها تصمت مؤسسات الدوله عن ما يجري وتتصرف وكأن ما يحدث لهؤلاء المواطنيين لا يعنيها، بجانب ذلك تقوم ادارة السد عن طريق جهاز الامن بمنع الصحف من نشر اي اخبار تتعلق بجريمتها تجاه المتأثرين.

وبعد ان قام المناصير بجمع ما يكفي من معلومات ويؤكد بان ارضهم لن تغرق وان اكثر من 99% منها لن يتأثر بالبحيره وان قرارهم هو البقاء فوق ارضهم تحت كل الظروف، قامت ادارة السد في محاوله يائسه بعمليات تزوير واسعة النطاق لصرف استحقاقات مواطنيين يرفوضون مغادرة ارضهم ومن ثم اضافة هذه الصرفيات المزوره لسجلاتها علي انهم مواطنيين صرفوا حقوقهم وانهم يرغبون في الهجره الي الصحراء. ولتمرير قضية التزوير قامت ادارة السد بتوريط اجهزه رسميه اخري لها علاقه باستخراج الاوراق الثبوتيه وجهات اخري مهمتها حماية الحق العام او ابتدار الاجراءات القانونيه ضد الجريمه بل بلغ الامر والتستر علي الجريمه مشاركه اجهزه حساسه كان الي وقت قريب يعتقد بحيادها.

وبالرغم من ان اللجنه التنفيذيه للمناصير قد قامت باخطار وزارة الداخليه وديوان النائب العام، ونقابة المحامين و سلطات ولاية نهر النيل واجهزه مختلفه في داخل حزب المؤتمر الوطني وعقدت اكثر من اجتماع مع مكتبه القيادي بولاية نهر النيل ومع لجنه مختصه بالمجلس التشريعي للولايه، كما تم اخطار العديد من قياداته التي يشغل بعضها مواقع قياديه في الدوله، إلا ان الامر ظل كما هو...! وتستمر جريمة التزوير في وضح النهار وامام الجميع... وبداء واضحا ان هنالك منظومه كامله تتبادل الادوار فيما بينها وتقوم جهات اخري بتوفير الحمايه لها.

المدهش في هذا الامر انه لا سلطات الولايه ولا سلطات المركز قامت ( حتي من اجل ذر الرماد في العيون) بمحاوله لتشكيل لجنة تحقيق في امر التزوير الذي يزعم البعض انه بلغ المليارات وتمارس اجهزة الدوله الصمت المطبق علي ما يجري وتتصرف وكأن الامر لا يعنيها...!

غير ان مثل هذا السلوك الذي تحميه اجهزة الدوله مصيره الفشل... فقد رفض المتأثرون مغادرة ارضهم وحزموا امرهم واجمعوا علي البقاء في ارضهم تحت كل الظروف ورغم كل المهددات، ويحضرني هنا قول لرفيقنا حسن أحمد عمر نميري عضو اللجنه التنفيذيه للمناصير كان قد صرح به لصحيفة الفاينانشيال تايمز العام الماضي: " حتي في يوم الحشر سيكون المناصير اخر من يغادر ارضهم"..... لذلك ورغم الدعاية غير المسبوقه التي قامت بها ادارة السد للترويج لمشروعاتها الصحراويه الفاشله فمن جملة 21 الف اسره لم يهاجر سوي حوالي الف اسره فقط ولا تزال المنازل التي شيدتها ادارة السد في مشروعي المكابراب( 6 الف منزل) والفداء( 4 الف منزل) فارغه بلا سكان وهو مايبرر منع ادارة السد الصحفيين من زيارتها.

الان ومع بداية موسم فيضان النيل تواجه قري عديده في امري وبعض المناطق الشماليه من منطقة المناصير خطر الغرق... وبالرغم من الاخطار الماثله إلا ان اجهزة الدوله تتصرف وكأن الامر لا يعنيها ... وتقودنا هذه النقطه الي ما افتتحنا به هذا المقال وهو عدم اعتراف الدوله بمواطنة المتأثرين... والموقف في مناطق المتأثرين يقول ان مرَ هذا الفيضان علي المتاثرين دون ان تنهض اجهزة الدوله بواجباتها تجاههم... فلاشك ان الامر سيكون له ما بعده...!

منقول من موقع المناصير
http://www.almanasir.org