هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟

هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟


01-25-2005, 05:49 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=168&msg=1138385063&rn=0


Post: #1
Title: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-25-2005, 05:49 AM

انا الي الآن مسلم
ولكن من حقي أن اتسأل عما يعتريني من تساؤلات حول بعض النقاط

وأولى هذه النقاط هي لماذا نجد أن بعض الآيات تغالط الواقع

فمثلاً يصور لنا القرآن أن الأرض مسطحة لا كروية بقولة أن ذي القرنين وصل الي مغرب/مشرق الشمس ووجد عندها قوم

وفي آية اخرى قد جعل الله الجبال اوتاداً
والوتد للتثبيت
وهنا اسأل نفسي علي ماذا ستثبت الأرض

كما أن هنا آية انشق القمر
وكل البحوث تؤكد عدم انشقاق القمر منذ التكوين


هذه المغالطات تجعلني اتسائل

هل القرآن كلام الله؟

Post: #2
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: المكاشفي الخضر الطاهر
Date: 01-25-2005, 06:40 AM
Parent: #1

قال الله تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) وقال تعالى ( وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ) وقال تعالى( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) فهو قول الله تعالى ألقاه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل الأمين ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الرب تبارك وتعالى : من شغله القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ، وفضل كلام الله تعالى على سائرالكلام كفضل الله على خلقه " رواه الترمذى والدارمي .

وعن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالقرآن فاتخذوه إماماً وقائداً ، فإنه كلام رب العالمين الذي هو منه وإليه يعود ، فآمنوا بمتشابهه واعتبروا بأمثاله " رواه ابن شاهين في السنة وابن مردويه وابن لال والديلمي ، كما في الجامع الصغير وشرحه .

Post: #3
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: المكاشفي الخضر الطاهر
Date: 01-25-2005, 06:43 AM
Parent: #2

وروى الدارمي في سننه عن عطية أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من كلام أعظم عند الله من كلامه ، ومارد - أي ما تقرب - العباد إلى الله كلاماً احب إليه من كلامه ".

وروى الترمذي عن جابر رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في الموسم على الناس في الموقف فيقول : " ألا هل من رجل يحملني إلى قومه حتى أبلغ كلام ربي ، فإن قريشاً منعوني أن أبلغ كلام ربي ".

وعن سعيد بن جبير قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غازياً فلقي العدو فأخرج المسلمون رجلاً من المشركين وأشرعوا فيه الأسنة ، فقال الرجل : ارفعوا عني سلاحكم وأسمعوني كلام الله تعالى . رواه البيهقي

وروى الدارمي بإسناده عن ابن عمر مرفوعاً : " القرآن أحب إلى الله تعالى من السموات والأرض ومن فيهن " .

وروى البيهقي بإسناده عن أبي بكر الصديق رضى الله عنه أنه لما نزلت ( آلم غلبت الروم في أدنى الأرض ) الآية قرأها على قريش ، فقالوا لأبي بكر: كلامك أم كلام صاحبك ؟ فقال : ليس بكلامي ولا كلام صاحبي ولكن كلام الله عزوجل .

Post: #4
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: المكاشفي الخضر الطاهر
Date: 01-25-2005, 06:45 AM
Parent: #3

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :إن هذا القرآن كلام الله تعالى فلا يغرنكم ما عطفتموه على أهوائكم . يعنى بذلك : ابتغوا هدي القرآن الكريم ولا تميلوا به إلى أهوائكم المنحرفة .

كما تفسره رواية الإمام أحمد في كتاب الزهد بسنده عن عمر رضي الله عنه أنه قال : إن هذا القرآن كلام الله عز وجل فضعوه على مواضعه ولا تتبعوا فيه أهواءكم .

وروى البيهقي بإسناده عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام ربنا ، وإني لأكره أن يأتي عليّ يوم لا أنظر فيه في المصحف .

وروى الطبراني عن الحكم بن عمير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تبرك بالقرآن ، فهو كلام الله تعالى " . كما في الجامع الصغير والفتح .

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنكم لا ترجعون إلى الله تعالى - أي لا تتقربون إلى الله تعالى - بشيء أفضل مما خرج منه " أي : بدأ منه ، يعنى القرآن . قال الحافظ المنذري : رواه الحاكم وصححه ورواه أبو داود في مراسيله عن جبير بن نفير .

Post: #5
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 07:27 AM
Parent: #1



عنوان الفتوى : بقاء معجزة القرآن الكريم.


السؤال

السلام عليكم لقد سمعنا من شخص يقول أن القرآن الكريم ليس بمعجزة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن نقول أنه معجزة خالدة وأن هذا كفر فماذا تقولون ، ونرجو ذكر بعض أسماء العلماء الذين يقولون بأن القرآن معجزة وذكر اسم الكتاب إن أمكن، جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته:
والمعجزة أمر خارق للعادة يجريها الله تعالى على أيدي أنبيائه تصديقاً لهم وإقامة للحجة على العباد، والقرآن أعظم تلك المعجزات وأبقاها على مر العصور وتعاقب الدهور إلى أن يرفعه الله تعالى إليه قبل قيام الساعة.
والإعجاز والتحدي في القرآن لا ينكرهما إلا مكابر. فهو معجز في فصاحته، وبلاغته، ونظمه، وأسلوبه، وما تضمنه من الإخبار عن الماضي الغابر، والمستقبل البعيد، إضافة إلى ما فيه من الأحكام المحكمة، والآداب الرفيعة، والهدى والنور، والبركة..
وقد تحدى الله الذين أنزل في عصرهم، وهم فصحاء الناس وبلغاؤهم أن يأتوا بكتاب مثله، فإن عجزوا فليأتوا بعشر سور مثله، فإن عجزوا فليأتوا بسورة مثله، فعجزوا عن ذلك كله وأفحموا، فظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم وقامت عليهم الحجة وعلى من بعدهم إلى يوم القيامة، لأن التحدي للجميع والعجز حاصل للجميع إلى يوم القيامة. فظهر بهذا أن القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم العظمى التي امتاز بها عن سائر الأنبياء، كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم من أهل التفسير وشراح الحديث والسير.
وممن صرح بذلك الإمامان النووي وابن حجر في شرحيهما للحديث الذي أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة"
قال الحافظ ابن حجر في شرح قوله: "وإنما كان الذي أوتيت" أي: إن معجزتي التي تحديت بها [هي]الوحي الذي أنزل عليَّ وهو القرآن، إلى آخر كلامه وذكر النووي مثله.

والله أعلم.

islamweb.net


وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #6
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 07:30 AM
Parent: #1

جاء في قواميس اللغة في معنى العجز: أنه نقيض الحزم، تقول: عَجَز عن الأمر يعْجِزُ، إذا قصُر عنه ولم يدركه، والعجز الضعف، والإعجاز: الفَوْت والسَّبْق.

والمعجزة في الشرع تعني: الأمر الخارق للعادة، يُعْجِزُ البشر متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله، يجعله الله على يد من يختاره لنبوته، دليلاً على صدقه وصحة رسالته .

وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال من أُرسل إليهم، فلما كان السحر فاشيًا في قوم موسى جاءهم بما يناسبهم وما هم عليه، ومثل ذلك يقال في عيسى عليه السلام، لما كان الطب سائدًا في زمنه جاءهم بما يوافق أمرهم وحالهم.

ولما كانت العرب أرباب فصاحة وبلاغة وخطابة، جعل الله سبحانه معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم، إلا أن معجزته صلى الله عليه وسلم - إضافة إلى أنها جاءت موافقة لما كان عليه العرب من الفصاحة والبلاغة - امتازت على غيرها من المعجزات بأمرين اثنين: أولهما: أنها كانت معجزة عقلية لا حسية، وثانيهما: أنها جاءت للناس كافة وجاءت خالدة خلود الدهر والناس .

والإعجاز في القرآن الكريم جاء على وجوه عدة؛ جاء من جهة اللفظ، ومن جهة المعنى، وجاء من جهة الإخبار، ومن جهات أخرى ليس هذا مقام تفصيلها .

ففي جهة الإعجاز البياني والبلاغي نقف على العديد من الآيات التي تبين بلاغة القرآن المبين وبيانه الرفيع وتركيبه المعجز، وقد تحدى الإنس والجن مجتمعين على الإتيان بمثله فعجزوا عن ذلك، كما قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}(الإسراء:8 وبهذه الآية وأمثالها ثبت التحدي للعرب المعاصرين لنزول القرآن ولمن بعدهم، وقطع كذلك بعجزهم عن الإتيان بمثله، على الرغم من كل ما أوتوه من وجوه الفصاحة والبلاغة والبيان.

ومن وجوه الإعجاز التي جاء بها القرآن الكريم الإخبار عن الغيوب التي لا علم لأحد من المخلوقين بها، يستوي في ذلك غيوب الماضي، كالإخبار عن قصص الأنبياء وأنبائهم، أم غيوب الحاضر، كإخباره عن أسرار المنافقين ومكائدهم، أم أخبار المستقبل كإخباره عن أمور ستقع في المستقبل، كالتمكين للمؤمنين في الأرض، ودخول المسجد الأقصى بعد أن يأذن الله بذلك .

ومن وجوه الإعجاز كذلك، الإعجاز التشريعي، فقد جاء القرآن هداية للناس أجمعين، واشتمل على أحكام تشريعية تكفل سعادة العباد في الدنيا والآخرة، وتفي باحتياجاتهم الزمانية والمكانية. بخلاف ما عليه حال قوانين البشر وشرائعهم التي ظهر عجزها وما يزال عن معالجة متطلبات البشر، وثبت قصورها عن مسايرة الأوضاع المستجدة بين الحين والآخر، وصدق الله إذ يقول:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}(الإسراء:9) .

ومن وجوه الإعجاز القرآني الإعجاز العلمي، حيث توصل العلم الحديث اليوم إلى كثير من الحقائق التي أثبتها القرآن الكريم قبلُ، كقوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ*لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} (الحِجر:14-15) وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا}(الأنبياء:30) ونحو ذلك من الآيات التي أكدها العلم الحديث وصدقها، كل ذلك تصديقًا لقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}(فصلت:53) وقد تحقق هذا الوعد الإلهي بما أثبته العلم وما يثبته كل يوم، ورأى الناس آيات الله فيما بثه في كونه وما أودعه في مخلوقاته .

ونحن مع مطلع فجر كل يوم نسمع ونرى العديد من الحقائق، التي يثبتها العلم، الأمر الذي يؤكد مصداقية هذا القرآن وصدق ما جاء به وأنه {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}(فصلت:42) .

وفي ختام مقالنا هذا يجدر بنا أن نقتطف بعضًا مما ذكره الأديب محمد صادق الرافعي رحمه الله في هذا السياق، إذ يقول في وصفه للقرآن الكريم: " إنه هداية إلهية في أسلوب إنساني يحمل في نفسه دليل إعجازه، ويكون القرآن منفرداً في التاريخ بأنه منذ أُنزل لا يبرح في كل عصر يظهر من ناحيتين صادقتين: ناحية الماضي، وناحية الحاضر...ولم يأت دين من الأديان بمعجزة توضع بين أيدي الناس يبحث فيها أهل كل عصر بوسائل عصرهم غير الإسلام، بما أنزل فيه من القرآن.." .

ثم هو يصف إعجازه بأنه: "..مشْغَلة العقل البياني العربي في كل الأزمنة، يأتي الجيل من الناس ويمضي وهو باق بحقائقه ينتظر الجيل الذي يخلفه؛ كما أنه مشْغَلة الفكر الإنساني..." والحمد لله على نعمة القرآن التي لا يعدلها نعمة .


islamway.com


وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #7
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Mohammed Elhaj
Date: 01-25-2005, 09:53 AM
Parent: #1

اشارك النقاش مبدئيا بهذا الجزء من كتاب قراءة نقدية للاسلام ...
الفصل الرابع
القرآن

جمع القرآن:

بدأت بعثة محمد وعمره اربعون عاماً وتوفي وعمره ثلاثة وستون عاماً، ونزل عليه الوحي على مدى ثلاثة وعشرين عاماً. وكان الوحي ينزل عليه في المناسبات عندما يسأله احد عن اشياء معينة مثل الروح والهلال وما الى ذلك، او اذا ظهرت له مشكلة او اراد ان يسن سنةً. فنزول القرآن كان في آيات متفرقة، بعضها نزل في مكة وبعضها في المدينة. وفي حياة محمد، كان زيد بن ثابت كاتب الوحي الرئيسي. كان محمد يملي عليه الوحي من وقت لآخر فيكتبه علي ما تيسر له من جلدٍ او عظم او جريد النخل. وكان عبد الله بن سعد بن ابي سرح من كُتاب الوحي كذلك لفترة قبل ان يترك ويرتد عن الاسلام لانه ادعى انه كان يقترح بعض التعديلات اثناء كتابته الوحي، وكان محمد يوافق عليها، مما جعله يقول لو كان هذا الوحي من عند الله لما وافق على تعديله. ويظهر ان علي بن ابي طالب كان يجمع القرآن ويكتبه في صحف خاصة به. ولم يأمر محمد في حياته بجمع القرآن او تبويبه، وانما اكتفي بان القرآن محفوظ في صدور الرجال.

وفي خلافة ابي بكر اجتمع عمر معه واقترح عليه جمع القرآن في كتاب لان عدداً كبيراً من الرجال الذين عاصروا النبي وحفظوا القرآن قد قتلوا في الغزوات وخاصة في معركة اليمامة ضد مسيلمة الكذاب. وقد عارض أبوبكر في بادئ الامر لان النبي لم يجمع القرآن ولم يأمر بجمعه. وبعد الحاح من عمر وافق أبوبكر على جمعه وطلب من زيد بن ثابت ان يجمعه. وقد نُسب الى زيد انه قال: ناداني ابو بكر وقال لى: ان عمر قد الح علي ان اجمع القرآن، وقد كنت معترصاً علي ذلك لان الرسول (ص) لم يجمعه في حياته، ولو كان جمعه مهماً لأمر بجمعه. ولكن قد قُتل عدد كبير من اصحاب النبي في واقعة اليمامة، وضاع معهم ما حفظوه من القرآن، واخشى ان يضيع كله ولذلك وافقت علي راي عمر.

واوكل ابو بكر جمع القرآن لمجموعة من الرجال على رأسهم زيد بن ثابت، وكان وقتها شاباً في العشرين من عمره. وقد اختلف كُتاب السيرة في عدد واسماء من ساعد ثابت في مهمته. وجمع ثابت القرآن وبوبه في سور وسلمه الى ابي بكر. وعند موت ابي بكر بعد سنتين في الخلافة، وُضعَ القران الذي جمعه ثابت في حفظ الخليفة عمر بن الخطاب، وبد وفاته عُهد به الى حفصة بنت عمر، ارملة الرسول.
.
ونحن لا نعرف بالتاكيد متى جُمع القرآن، لان اول شئ مكتوب ظهر عن جمع القران كان في كتاب " الطبقات" لابن سعد في عام 844 للميلاد، ثم البخاري عام 870 للميلاد وصحيح مسلم عام 874 للميلاد. واذا اخذنا في الاعتبار ان محمد توفي عام 632 للميلاد، تظهر لنا حقيقة هذا التاريخ الذي كُتب بعد مرور اكثر من مائتي عام بعد وفاة محمد وكله يعتمد على الاسناد من شخص سمع حديثاً ثم رواه لشخص آخر، وهكذا. وبما انه لم يكن هناك تاريخ مكتوب عن تلك الفترة، فالاعتماد على الاسناد لا يبعث الثغة في نفس القارئ.

وهناك بلا شك احاديث عديدة ملفقة ومنسوبة للنبي، باسنادٍ جيد. وحتى كتب الحديث المشهورة مثل صحيح البخاري ( توفي عام 238 هجرية) يصعب الاعتماد عليها لانه جمعها بعد حوالي مائتين عاماً بعد وفاة الرسول. ويقول المستشرق جولدزر( Goldziher ) أنه لا يمكن القول ان أي حديث هو حديث صحيح قاله النبي، لان صناعة الحديث وصلت ذروتها في الدولة العباسية التي حاول خلفاؤها تبرير اغتصابهم الحكم من الامويين، فأوعزوا الى علمائهم باختراع احاديث تساندهم وتذم العلويين.[109] وقد جمع بعض رواة الحديث أكثر من ثلاثمائة ألف حديث، بعضها مناقض لبعض. وأعتمد البخاري ألفين فقط من كل هذه الاحاديث واعتبر البقية منحولة. فإذا كذب الناس في الاحاديث المنسوبة للنبي، كيف نصدق رواياتهم عن جمع القرآن؟

فأبن سعد يخبرنا عن الصحابة الذين جمعوا القرآن في حياة النبي ويذكر منهم: أُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وابو زيد، وابو الدرداء، وتميم الداري، وسعد بن عبيد، وعُبادة بن الصامت، وابو ايوب وعثمان بن عفان. على ان نفس الكاتب يخبرنا في صفحة 113 من طبقاته ان الذي جمع القرآن هو عثمان بن عفان في خلافة عمر، وليس في حياة الرسول كما ذكر اولا ً[110]. وفي حديث آخر يقول ابن سعد ان عمر بن الخطاب جمع القرآن في صحف.

اما البخاري فيخبرنا ان القرآن جُمع في حياة النبي وجمعه اُبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وابو زيد. وفي حديث آخر يقول جمعه: ابو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وابو زيد. وفي صفحة 392 يخبرنا ان القرآن جُمع في عهد ابي بكر وليس في زمن النبي، فيقول: اخبرنا موسى بن اسماعيل، عن ابراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبيد بن السباك، عن زيد بن ثابت، انه قال: " بعد معركة اليمامة دعاني ابو بكر وكان معه عمر بن الخطاب، فقال لي ابو بكر: قد قُتل رجالٌ كثير من حفظة القرآن في اليمامة، واخشى ان يُقتل آخرون ويضيع شئ من القرآن. وارى ان تجمع لنا القران. فقلت لعمر: كيف تصنع شيئاً لم يصنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: والله انه لعمل عظيم. وظل عمر يرددها حتى اطمأن قلبي لجمعه.

    فنفهم من هذه القصة ان القرآن جُمع في عهد ابي بكر وجمعه زيد بن ثابت.

    وفي رواية أخرى أن حُذيفة بن يمان، وكان قد حارب مع اهل الشام في فتح ارمينيا، وحارب في ازربيجان مع اهل العراق، قد اذهله تعدد القراءات في القرآن، فقال لعثمان: يا امير المؤمنين، اجمع امر هذه الامة قبل ان يحدث بينها اختلاف في كتاب الله كما حدث لليهود والنصارى. فأرسل عثمان الى حفصة وقال لها: ارسلي لنا الصحُف لنكتبها في المصاحف، ثم نردها لك[112]. فارسلت حفصة الصحف لعثمان الذي امر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، بجمع القرأن في مصاحف. وقال لهم عثمان: اذا اختلفتم في شئ، فاكتبوه بلسان قريش لان القرآن نزل بلسانهم. وعندما جمعوا القرآن في مصاحف، رد عثمان الصحف الى حفصة وارسل مصحفاً الى كل من الكوفة والبصرة ودمشق ومصر واحتفظ بمصحف في المدينة، وامر عماله في الامصار بحرق جميع المصاحف الاخرى.

    وكتاب " الفهرست" يقول ان الذين جمعوا القرآن في حياة النبي هم: علي بن ابي طالب، وسعد بن عبيد، وابو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وابو زيد، واُبي بن كعب، وعبيد بن معاوية. ونرى هنا ان " الفهرست" اضاف علي بن ابي طالب واُبي بن معاوية لقائمة الاسماء الذين ذكرهم البخاري وابن سعد.[113]

    وهناك رواية اخرى في جمع القرآن تقول ان الذي جمعه هو الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان ( 684 - 704) بمساعدة الحجاج بن يوسف. وذُكر ان الخليفة عبد الملك بن مروان قال: اخاف ان اموت في رمضان، ففيه وُلدتُ، وفيه فُطمتُ، وفيه جَمعتُ القرآن، وفيه اُنتخبتُ خليفةً للمسلمين[114]. وذكر جلال الدين السيوطي والثعالبي هذه القصة عن عبد الملك.

    وهناك قصة في " معجم ياقوت" تبين هذا الاختلاف: " كتب اسماعيل بن علي الخطبي في كتاب التاريخ قصة رجل يدعى شمبوذ في بغداد كان يقرأ ويدرّس قرآناً يختلف عن قراءة مصحف عثمان، فقد كان يقرأ بقراءة عبد الله بن مسعود واُبي بن كعب وقراءات اخرى. وكان يجادل القراء الاخرين ويتغلب عليهم، حتى ذاع صيته واصبح من الصعب تجاهله، فأرسل اليه السلطان عام 828 واُحضر الى منزل الوزير محمد بن مقلة، الذي جمع القضاة والقُراء لمحاكمته، ولم ينكر شنبوذ ما كان يُدّرس، بل دافع عنه. وحاول الوزير اقناعه بعدم قراءة المصاحف التي فيها اختلاف عن مصحف عثمان فرفض ذلك. واصر الحاضرون على عقابه حتى يمتنع عن تلك القراءات. وعندها امر الوزير بان يُجرّد من ملابسه ويُجلد حتى يوافق. وبعد عشر ضربات من العصا على ظهره، وافق الا ينشر تلك القراءات. وقال الشيخ ابو محمد السرفي ان شنبوذ هذا قد سجل عدة قراءات للقرآن[115].

    اما الكندي، وكان نصرانياً وهو غير ابن الكندي المسلم، كتب في زمن خلافة المأمون سنة830 للميلاد، اي حوالي اربعين عاماً قبل ان يكتب البخاري، الى صديق له مسلم و قال : ( الراهب بُحيرى " واسمه الاصلي سيرجياس Sergius" كان راهباً نسطورياً قد طُرد من كنيسته لذنب كان قد اقترفه، فذهب الى جزيرة العرب متطوعاً ليكفر عن ذنبه. وهناك التقى محمداً وتجادل معه. وعند موت هذا الراهب التقى طبيبان يهوديان هما: عبد الله وكعب، محمداً وكان لهما اثر كبير عليه. وعند موت الرسول، وبإيعاز من اليهود، امتنع علي بن ابي طالب من مبايعة ابي بكر للخلافة. ولما يئس من الخلافة، قدمّ نفسه الى ابي بكر بعد اربعين يوماً من موت الرسول، وعندما بايع ابا بكر، سُئل علي: يا ابا الحسن، ماذا منعك حتى الان؟ فرد عليهم: كنت مشغولاً بجمع كتاب الله الذي كلفني به رسول الله (ص). فقال بعض الحضور ان لديهم اجزاء من القرآن بحوزتهم. واتفق الحاضرون على ان يُجمع كل القرآن في كتاب واحد، فجمعوا كل ما استطاعوا عليه من صدور الرجال، مثل سورة " براءة" التي املاها عليهم احد اعراب البادية، وآيات اخرى من نفر آخرين، وكل ما وجدوه مكتوبا على الواح من عظام او جريد النخل او حجارة.) واستمر الكندي:

    (ولم يُجمع في بادئ الامر في كتاب وانما تُرك كما هو في الواح. ثم ابتدأ الاختلاف في القراءآت ينتشر بين الناس، فكان بعضهم يقرأ بقراءة علي، وبعضهم قرأ بقراءة ما جُمع في الالواح المذكورة اعلاه وبعضهم قرأ بقراءة ابن مسعود او اُبي بن كعب. وعندما جاء عثمان الي الخلافة كانت القراءآت قد اختلفت في كل الامصار، فكان احدهم يقرأ آيةً مختلفة كل الاختلاف عن قراءة شخص آخر لنفس الاية. ولما عُرض امر اختلاف المصاحف على عثمان وخاف الانشقاق، امر بجمع كل ما يمكن جمعه من صحف وغيرها، مع الصحف التي جُمعت اولاً في بداية خلافته، ولكنهم لم يجمعوا ما كان عند علي. أما اُبي بن كعب فكان قد مات، واما ابن مسعود فقد طلبوا منه مصحفه لكنه رفض تسليمه لهم. وعندئذ طلب عثمان من زيد بن ثابت ومعه عبد الله بن عباس، ان يجمعا ويصححا القرآن بالتخلص من كل ما هو مشتبه به. وعندما اكتمل جمع القرآن، كُتبت اربعة نُسخ بخط كبير واُرسلت نسخة الى مكة، واخرى الى المدينة، وواحدة الى الشام والرابعة الى الكوفة.

    ونسخة مكة ظلت بها الى عام مائتين هجرية حينما اقتحم ابو سراية مكة، وضاعت نسخة المصحف هذه، ويُعتقد انها اُحرقت. ونسخة المدينة ضاعت في ايام يزيد بن معاوية. وامر عثمان بجمع وحرق كل قرآن آخر غير النسخة الرسمية، ولكن ظلت اجزاء بسيطة هنا وهناك. ولكن ابن مسعود احتفظ بمصحفه في بيته وتوارثه احفاده، وكذلك مصحف علي ، فقد توارثه احفاده.

    ثم جاء الحجاج بن يوسف وجمع كل المصاحف التي عثر عليها وحرقها، وكتب مصحفاً جديداً حذف منه اجزاءً كثيرة كانت في مصحف عثمان، منها آيات كانت تخص الامويين وفيها اسماء بعض الناس من بني أمية [116].

    وارسل الحجاج ستة مصاحف جديدة الى مصر، والشام، والمدينة، ومكة، والكوفة، والبصرة. والعداوة التي كانت بين ابي بكر وعلي، وبين عمر وعثمان كانت معروفة لكل الناس، وكنتيجة لهذه العداوة، ادخل كل منهم في القرآن ما يسند موقفه ويضعف موقف الآخر، وحذف ما يضر به. فكيف إذاً نستطيع ان نفرق بين الاصل والمضاف؟ وماذا عن الاجزاء التي حزفها الحجاح بن يوسف؟)

    ثم قال الكندي مخاطباً صديقه المسلم: ( كل الذي ذكرت لك مأخوذ من ثقاة المسلمين، ولم اقدم اي اراء من عندي، وانما ذكرت ما كان مبنيٍ على الادلة المقبولة لكم).

    ولما راى الخليفة المتوكل رسالة الكندي، طلب من الطبيب العربي المسلم، عليُ بن ربان الطبري في عام 855 ميلادية، اي بحوالي عشرين عاماً بعد ان كتب الكندي رسالته، ان يكتب رد الاسلام على هذه الرسالة. فكتب الطبري " كتاب الدين والدولة" ردأً على الكاتب النصراني ودفاعاً عن الاسلام. ولكن عندما جاء ليرد علي ما قيل عن جمع القرآن، لم يقدم اي حُجج، بل اكتفى بأن قال: " لو كان من المعقول الادعاء بان اصحاب رسول الله الورعين يمكن ان يزيفوا القرآن، فإذاً يمكن ان نقول نفس الشئ عن اتباع النبي عيسى بن مريم ". وهذا ردٌ ضعيف للغاية لأننا نعرف ان الاسلام يقول ان الانجيل والتوراة فيهما تحريف كثير.

    وكانت هناك اختلافات في المصاحف، بعضها فيه زيادة وبعضها فيه نقصان. فمثلاً في سورة المائدة الاية 89: " لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم". ويخبرنا الطبري ان اُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود اضافا كلمة " متتالية" بعد الثلاثة ايام، وبذلك تصير الكفارة اصعب على المسلم إذ يجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام متتالية.

    ويظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً، فمثلاً، كما يقول البخاري، لما نزلت الاية 95 من سورة النساء: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم..." اشتكى رجل اعمي ( ابن أم مكتوم) للنبي قائلاً: اني اعمى ولن استطيع الجهاد ولذلك سيفضل الله المجاهدين عليّ. فأضُيفت الى الاية " غير أولي الضرر" واصبحت: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون..".

    ونفس الواقعة يحكيها الواحدي النيسابوري فيقول عن زيد بن ثابت: كنت عند النبي –ص- حين نزلت عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله" ولم يذكر أولي الضرر، فقال أبن أم مكتوم: كيف وأنا أعمي لا أبصر؟ قال زيد: فتغشّى النبي – ص- في مجلسه الوحي فأتكأ على فخذي فوالذي نفسي بيده لقد ثقل على فخذي فخشيت أن يرضها، ثم سُري عليه فقال: أكتب " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر " فكتبتها.[117]

    وهذا هو نفس أبن أم مكتوم الذي عاتب الله فيه النبي عندما جاء يسأله فعبس النبي وتولى عنه، فانزل الله: " عبس وتولى إن جاءه الاعمى".[118]

    ويقول أبن عباس [119] لما نزلت ألآية 228 من سورة البقرة: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلالثة قرؤء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم ألآخر" قام معاذ ( أي معاذ بن جبل) فقال: يا رسول الله: ما عدة اللائي يئسن من المحيض؟ وقام رجل آخر فقال: ألا رأيت يا رسول الله في أللائي لم يحضن للصغر ما عدتهن؟ فقام رجل آخر فقال: أرأيت يا رسول الله ما عدة الحوامل؟ فنزل " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن "[120]

    فإذا صحت هذه الروايات، أصبح من السهل فهم الاختلاف في بعض ألآيات في عدة مصاحف، إذ يكون أحدهم قد كتبها كما سمعها أولاً ولم يسمع الاضافة بينما سمعها آخرون. ونستطيع ان نقول مما تقدم ليس هناك اجماع على متى جُمع القرآن في هيأته الحالية. فقد رأينا اناس يقولون قد جمعه عليُ بعد موت محمد مباشرة، وقال آخرون جمعه زيد بن ثابت في خلافة ابي بكر، الذي اعطاه لحفصة بنت عمر للاحتفاظ به. وقال آخرون ان عثمان هو الذي كلف زيد بن ثابت بجمعه. وسمعنا من آخرين ان الحجاج بن يوسف هو الذي كتب المصحف الحالي. ومما يُرجّح القول الاخير، ان الكتابة العربية حتى عهد الخلافة الاموية لم تكن بها نقاط على الحروف، ولم تكن هناك همزة وتنوين حتى جاء سيبوي وادخل علامات الترقيم.

    ومن السهل على الانسان ان يتخيل مدى الارتباك الذي كان يواجه من يريد ان يقرأ ما جُمع من القرآن في صحف، وليس على الحروف نقاط. فلم يكم من اليسير التفرقة بين الباء والتاء والثاء، وكذلك كان من الصعب التفرقة بين الطاء والظاء وبين الدال والذال وبين السين والشين وبين الراء والزاء. ويقال ان شخصاً يدعى حمزه كان يقرأ سورة البقرة، الاية الثانية "ذلك الكتاب لا ريب فيه" ولعدم وجود النقاط على الحروف، قرأها " لا زيت فيه". ومنذ تلك اللحظة سُمى ذلك الرجل " حمزة الزيات". ولهذا السبب كان القرآن يُدرّس بطريقة التلقين بواسطة القُراء تفادياً للخلط بين الكلمات التي ليس عليها نقاط. ولهذا السبب ظهر الاختلاف بين الناس كل شخص كان يقرأ حسب ما لقنه معلمه ولم يكن باستطاعتهم التحقيق مما قال المعلم لان الكلمات الغير منقطة قابلة للتأويل.

    فنجد مثلاً في سورة الفرقان الاية 48:" وهو الذي ارسل الرياح بُشرا بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا"، تُقرأ في بعض الروايات: " وهو الذي ارسل الرياح نُشرأ بين يدي رحمته"[121] . ونُشرا تعني متفرقة قُدام المطر. ولهذا السبب نجد أحمد بن موسى بن مجاهد عدد تسع قراءآت مختلفة. وقال البخاري: حدثنا سعيد بن عقير، حدثنا الليث عن ابن شهاب، قال اخبرني عروة بن الزبير ان المسور بن مخرمة سمع عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة النبي (ص) فاستمعت لقراءته، فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله (ص)، فكدت اساوره في الصلاة. فصبرت حتى سلّم فلببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله (ص) فقلت: كذبت، فان رسول الله (ص) قد أقرأنيها على غير ما قرأت،

    فأنطلقت به أقوده الى رسول الله (ص) فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله (ص): " اقرأ يا هشام " فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال (ص): " كذلك اُنزلت "، ثم قال: " اقرأ يا عمر " فقرأت القراءة التي اقراني، فقال رسول الله (ص): " وكذلك اُنزلت، ان القرآن اُنزل على سبعة احرف فأقرؤوا ما تيسر منه".

    وواضح ان النبي نفسه كان يغير قراءة القرآن من وقت لآخر حسب ما يتذكر. فهذا هو هشام سمعه يقرأ سورة الفرقان وحفظها منه حسب قراءتها، ثم جاء عمر في وقت آخر وسمع النبي يقرأ نفس السورة بقراءةٍ مختلفة. فحتى في زمن حياة محمد وبموافقته كان القرآن يُقرأ عدة قراءآت مختلفة، فماذا نتوقع بعد موته. والذي حدث ان القرآن ظل يُقرأ بعدة قراءآت حتى كتب الحجاج المصحف المرقم، واتفق العلماء على السبعة احرف التي قالها محمد.

    واذا كان صحيحاً ان ابا بكر كلف زيد بن ثابت واُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وابا يزيد بجمع القرآن، وجُمع القران وسُلم له وسلمه بدوره لحفصة بنت عمر لتحتفظ به، لماذا إذاً كلف عثمان بن عفان زيد بن ثابت مرة اخرى ليجمع القرآن؟ لماذا لم يأخذ عثمان النسخة المحفوظة عند حفصة ويرسلها للامصار؟ وهو كان على علم بان حفصة لديها كل القرآن الذي جمعه زيد في خلافة ابي بكر بدليل انه ارسل الى حفصة وطلب منها ارسال الصحف التي بحوزتها اليه؟ وعندما كلف عثمان زيد بن ثابت ليجمع له القرآن، لماذا لم يأخذ زيد القرآن الذي جمعه في خلافة ابي بكر ويسلمه لعثمان؟ لماذا اجهد نفسه ومساعديه بجمع القرآن مرة اخرى على مدى عدة سنوات؟ اللهم الا اذا كان يعرف ان القرآن الذي جمعه في خلافة ابي بكر لم يكن مكتملاً او انه كان يحتوي على آيات زائدة لم تكن اصلاً من القرآن؟

    ونستطيع ان نقول اما ان المصحف الذي جمعه زيد في خلافة عثمان كان مختلفاً عن المصحف الذي جمعه في خلافة ابي بكر، وهذا القول يفتح الباب على مصراعيه للقول بان كل المصاحف كان بها اختلاف، او ان زيداً لم يجمع القرآن في خلافة ابي بكر، وهذا القول يلقي بالشك في كل مسائل الاسناد وبالتالي في كل الاحاديث المسندة، لان قصة جمع القران في خلافة ابي بكر مسندة اسناداً لم يكن قد تطرق اليه الشك في الماضي.

    ومما لا شك فيه ان المصاحف العديدة التي جُمعت على مدى السنين كان بها اختلاف كثير، فمثلاً،ابو عبيد القاسم بن سلام، المولود سنة 154 للهجرة، ودرس تحت اساتذة الكوفة والبصرة، وصار معلماً مشهوراً في بغداد، وعالم لغة وقاضياً، كتب كتاب " فضائل القرآن" وقال فيه: " قال لنا اسماعيل بن ابراهيم عن ايوب عن نافع عن ابن عمر، انه قال: ليقولن أحدكم قد أخذ القرآن كله، وما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر [122].
    وكذلك قال: " اخبرنا ابن ابي مريم عن ابن الهيعة عن ابي الاسود عن عروة بن الزبير عن عائشة، انها قالت: كانت سورة الاحزاب تُقرأ في ايام رسول الله وبها مائتان من الآيات، ولكن عندما جمع عثمان القرآن لم يتمكن من جمع اكثر مما فيها الان".


      وقال عن زير بن حُبيش انه قال: " قال لي أبي بن كعب: يا زير، كم آية حسبت او قرأت في سورة الاحزاب؟ فقلت: اثنان وسبعون او ثلاث وسبعون. فقال: كانت مثل سورة البقرة في الطول، وكنا نقرأ فيها آية الرجم. فقلت له: وما هي آية الرجم؟ فقال: “الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله، و الله عزيز حكيم" فرُفع فيما رُفع.[124]

      وفي مكان آخر يقول: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن صائب بن ابي هلال عن ابي امامة عثمان بن سهل عن خديجة، انها قالت: " كان رسول الله يقرأ لنا آية الرجم". وذكر أبن كثير عن عُتبة بن مسعود أن أبن عباس أخبره بأن عمر بن الخطاب قام في المجلس فحمد الله واثنى عليه وقال" اما بعد، أيها الناس فإن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، واني قد خشيت ان يطول بالناس زمان فيقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة انزلها الله. ولولا أن يقول قائل، أو يتكلم متكلم أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس فيه لأثبتها كما نزلت ".[125]

      وروى عبد الغفار بن داود عن لحّي عن علي بن دينار ان عمر بن الخطاب مر برجلٍ وهو يقرأ من مصحف، فقرأٍ: " النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم وهو ابوهم" ( الاحزاب/ ألآية السادسة). فقال له عمر: لا تفارقني حتى نأتى اُبي بن كعب. ولما جاءا اُبي قال له عمر: يا اُبي،هلا سمعناك تقرأ هذه الاية؟ فقرأ اُبي الاية بدون " وهو ابوهم" وقال لعمر: انها من الاشياء التي اُسقطت. وروي نحو ذلك عن معاوية ومجاهد وعكرمة والحسن.[126]

      وفي مصحف أُبي، حسب تفسير القرطبي، نجد نفس الآية تقول: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وازواجه أمهاتهم وهو أب لهم". وقرأ ابن عباس: " ألنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم".[127] ويتضح هنا الاختلاف في ترتيب الكلمات، وهو أمر يسهل فهمه إذ ظل القرآن يُحفظ في الصدور دون كتاب يُرجع اليه. فذاكرة الانسان لابد لها أن تخونه مهما كانت قوة ذاكرته.

      وقال أبو عبيد حدثنا أبن أبي مريم عن أبن الهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري عن أبي سفيان الكلاعي: أن مسلمة بن مخلد الانصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم يُكتبا في المصحف، فلم يخبروه، وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال أبو مسلمة: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا وأنتم المفلحون" و " الذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرةٍ أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون". [128] فأبو عبيد يدعي أن هاتين ألآيتين أُ سقطتا من المصحف وهو كان قد حفظهما عن ظهر قلب.

      ويقول ابو عبيد: " هذه الحروف التي ذكرنا في هذه الصفحات من الاشياء الزائده، التي لم يتداولها العلماء لانهم قالوا انها تشبه ما بين دفتي الكتاب، ولكنهم كانوا يقرأونها في الصلاة. ولذلك لم يكفّروا من انكر وجود هذه الحروف الزائدة لان الكافر في نظرهم هو من انكر ما هو مذكور بين دفتي الكتاب".[129]

      وهناك آيات نزل بها الوحي: كما زعموا، وظلت لفترة تُقرأ ثم اختفت. فهذا هو محمد بن مرزوق يحدثنا عن احدى هذه الآيات، قال: حدثنا عمرو بن يونس عن عكرمة قال: حدثنا اسحاق بن طلحة فقال حدثني انس بن مالك عن اصجاب النبي الذين ارسلهم الى اهل بئر معونة، قال: ارسل النبي اربعين او سبعين رجلاً الى بئر معونة، وعلى ذلك البير عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج اصحاب الرسول حتى اتوا غاراً مشرفاً على الماء قعدوا فيه. فخرج ابن ملجان الانصاري ليبلّغ اهل بئر معونة رسالة رسول الله، فخرج اليه من كٍسر البيت رجلٌ برمح فضربه به حتى خرج من جنبه الاخر، فقال: الله اكبر، فزتُ ورب الكعبة! وارتد راجعاً لأصحابه فاتبعوا اثره حتى اتوا اصحابه في الغار، فقتلوهم اجمعين، فانزل الله فيهم قرآناً: " بلّغوا عنا قومنا انا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه"[130]. ثم نُسخت هذه الاية ورُفعت من الكتاب بعدما قرأناها زمانا، وانزل الله مكانها: " ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون"[131].

      وقال ابو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال: :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُوحي اليه أتيناه، فعلمنا مما أوحي اليه، قال: فجئت ذات يوم، فقال: إن الله يقول: " إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو ان لابن آدم وادياً لأحب أن يكون اليه الثاني، ولو كان اليه الثاني لأحب أن يكون اليهما الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب، ويتوب الله على من تاب". [132]

      وهناك سور من الواضح جداً انها أُدخلت عليها بعض الاضافات، سواء أُدخلت هذه الاضافات عندما جمع زيد بن ثابت القرآن، أم بعد ذلك، فمن الصعب أن نجزم بذلك، ولكن المهم أن هذه السور توضح لنا أن القرآن لم يُكتب كما قرأه محمد على أصحابه. فمثلاُ سورة المدثر تتكون من آيات قصيرة مسجوعة على الراء، ولكن ألآية 31 في منتصفها لا تنسجم مع طول ألآيات ولو انها تنسجم مع السجع:
      1- " ياأيها المدثر"
      2- " قم فأنذر"
      3- " وربك فكبر"
      4- " وثيابك فطهر"
      5- " والرجز فأهجر"
      31- " وما جعلنا أصحاب النار الا ملائكة وما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا ليستيقين الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا ايماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ما ذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يُضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك الا هو وما هي الا ذكرى للبشر"
      32- " كلا والقمر"
      33- " والليل إذا أدبر
      34- " والصبح إذا أسفر"

      من الواضح جداً أن ألآية 31 لا تنسجم مع بقية ألآيات وأنها أُضيفت اليها لاحقاً. وهذا دليلٌ قاطع على أن القرآن أُدخلت فيه آيات لم تكن أصلاً من السور وحُزفت آياتٌ أخريات، مما يجعلنا نقول أن القرآن الذي بين أيدينا ليس هو القرآن الذي قاله محمد حرفياً.

      ونستطيع ان نقول ان القرآن ظل يتناقل شفهياً طوال فترة نزول الوحي، وهي ثلاث وعشرون سنةً، وعلى احس الفروض، حتى خلافة عثمان، وذلك ما يقارب الاربعين عاماً بعد نزول الرسالة على محمد، وعلى اسوأ الفروض، حتى زمن الحجاج بن يوسف في الدولة الاموية ( 95 هجرية)، قبل ان يُكتب ويُسجل في المصحف الذي بين ايدينا الان. فهل يُعقل ان يُحفظ كل هذا العدد من الآيات المتشابهات في الذاكرة كل هذه السنين دون ان يحدث بها بعض التداخل والاختلاط؟ فذاكرة الانسان العادي لا يمكن الاعتماد عليها كل هذه السنين، وهناك قصص تثبت ذلك.

      فمثلاً عندما اختلف الخليفة المنصور مع احد العلويين واراد ان يثبت له ان العم يمكن ان يقال له " اب"، ذكر سورة يوسف الاية 38، لكنه قال: " واتبعتُ ملة آبائي ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب". ولكن الصحيح هو: " واتبعتُ ملة آبائي ابراهيم واسحاق ويعقوب" بدون ذكر اسماعيل. ويظهر ان الخليفة المنصور كان يقصد الاية 133 من سورة البقرة: " ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق"[133]. وهذه الاية تثبت قول المنصور لان ابو يعقوب هو اسحق ولكن ابناء يعقوب قالوا له نعبد اله آبائك وذكروا عمه اسماعيل قبل ابيه.

      والغريب انه لا المبرد ولا ابن خلدون الذين ذكرا هذه القصة واوردا الآيات المذكورة، تنبه لهذه الغلطة في الاية 38 من سورة يوسف. اما الطبري فقد تنبه لها لكنه لم يتذكر الآية المقصودة في سورة البقرة. وهذا يثبت ان الذاكرة لا يمكن الاعثماد عليها، ولذلك يظهر هذا التكرار والنسخ في القرآن لان المسلمين اعتمدوا على الذاكرة لسنوات طويلة قبل ان يكتبوا القرآن في المصحف الحالي.

      البلاغة في القرآن
      لا نستطيع ان نُحصي عدد الكتب والمقالات التي نُشرت عن بلاغة القرآن واعجازه وتطوره العلمي الذي سبق العلم الحديث بمئات السنين. وسوف نتطرق لكل هذه المواضيع في وقتها. ولكي نناقش القرآن نقاشاً منطقياً، لابد ان نُقسّمه الى قسمين: القسم الاول هو لغة القرآن، والقسم الثاني عن المحتويات. فلنبدأ بلغة القرآن.

      الصعوبات التي تقابل القارئ للقرآن يمكن حصرها في عدة أبواب:
      1- ألاكثار من استعمال السجع الذي قد يضر بالمعنى في بعض الحالات
      2- تغير صيغة المخاطب أو المتحدث من الشخص الاول الى الشخص الثالث والعكس كذلك، دونما أي مراعاة لمحتوى ألآية
      3- الخلط بين الفعل الماضي والفعل المضارع في نفس ألآية وكذلك الخلط بين المفرد والجمع
      4- كلمات او جُمل معناها ليس واضحاً للشخص العادي ولا حتى للمفسرين أنفسهم، ونستنبط هذا من كثرة واختلاف التفاسير للكلمات أو ألآيات
      5- جُمل بها أخطاء نحوية
      6- جُمل لا تتماشى مع المحتوى

      ولنبدأ بالسجع. قبل ان يأتي الاسلام كان جزء كبير من عرب الجاهلية وثنيين، وان كانوا على علم بالاديان الاخرى وبفكرة التوحيد وعبادة إله واحد. وسواء آمنوا بالاله الواحد في السماء او بالاصنام كآلهة او كوسيلة لتوصلهم الى الاله، لم يكن بمقدورهم مخاطبة الاله او الصنم مباشرةً، فكان لابد لهم من وسيط. هذا الؤسيط كان الكاهن. وكلمة " كاهن" مشتقة من الكلمة العبرية " كوهين Kohen " التي اُستعيرت بدورها من الكلمة الآرامية " كاهنا Kahna "[134]. والكوهين العبري رجل دين كل مهمته تفسير التوراة والاحكام الدينية للعامة. أما في اللغة العربية فكلمة " كاهن" تعني الرجل المتكهن، الذي يتنبأ بالغيب، ويتحدث للناس بما قد يحدث لهم في المستقبل. وللكهان اسلوب خاص في الكلام، يعرف بالاغراق في استعمال السجع، وبالافراط في استعمال الكلام الغامض. وهو اسلوب تقتضيه طبيعة التكهن، لكي لا يُلزم الكاهن نفسه بما يقوله من قول ربما لا يحدث، او قد يحدث عكسه. ففي مثل هذه الحالة يكون للكاهن مخرج باستعماله هذا النوع من الكلام الغامض.

      وفي الاقوال المنسوبة الى الكهان، قَسَمٌ بالكواكب كالشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والاشجار والرياح وما شابه ذلك من امور. والغرض من القسم هنا هو التاثير في نفوس السامعين والاغراب في الكلام، ليكون بعيداً عن الاسلوب المألوف. وقد روى الاخباريون نمازج من هذا الكلام المعروف ب " سجع الكهان". وقد وردت كلمة كاهن في القرآن في معرض الرد على قريش الذين اتهموا الرسول بأنه كاهن، وبانه يقول القرآن على نمط قول الكهان، ففي سورة الطور، الاية 29 نجد: " فذّكر فما انت بنعمت ربك بكاهنٍ ولا مجنون ". وفي سورة الحاقة، الاية 42: " ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون ".

      وكذلك اتهمت قريش محمداً بانه شاعر، وفي كلتا الحالتين، الكهانة والشعر، كان من رأي الجاهليين ان هناك وحياً يُوحى الى الكاهن بما يقوله، والى الشاعر بما ينظمه، ويأتي بهذا الوحي شيطان، " شيطان الشاعر". وقد ورد " شيطان الكاهن" كذلك، ذلك لان الكاهن يتلقى علمه من الجن. بل كانوا يعتقدون ان للشاعر شيطانين يساعدانه على نظم الجيد من الشعر، ولذلك نجد الشعراء انفسهم يخاطبون شيطانين في بداية القصيده. فمثلاً امرؤ القيس يقول في بداية معلقته المشهوره:

      قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
      فيعتقد البعض انه يخاطب شيطانيه، وقيل أنه يخاطب صاحبيه، وقيل بل خاطب واحداً واخرج الكلام مخرج الخطاب مع الاثنين، لان العرب من عادتهم اجراء خطاب الاثنين على الواحد والجمع، وانما فعلت العرب ذلك لان الرجل يكون أدنى أعوانه أثنين: راعي إبله وراعي غنمه[135]. وعلى كلٍ، إن كان الشاعر يخاطب شيطانين أو صاحبين وهميين، فقد سلك القرآن نفس المسلك.

      وكان العرب يرون ان للكاهن قوة خارقة وقابلية لتلقي الوحي من تلك القوى التي يتصورونها على هيأة شخص غير منظور يلقي الى الكاهن الوحي، فينطق بما يناسب المقام وبما يكون جواباً على الاسئلة التي توجه للكاهن. ويطلقون على ذلك الشخص الخفي " تابع" لانه يكون تابعاً وصاحباً للكاهن، يتبعه ويلقي اليه " الرئي"، ويكشف له الحُجب ويأتيه بالاسرار.

      وللجاهليين قصص عن الكهان اخرجتهم من عالم الواقع وجعلتهم في جملة الاشخاص الخرافيين. فمثلاً، كان هناك الكاهن " سطيح"، واسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب، وكان يقال له سطيح الذئبي لنسبته الى ذئب بن عُدي. وقال الاخباريون ان سطيحاً كان كتلة من لحم يُدرج كما يُدرج الثوب، ولا عظم فيه الا الجمجمة، وان وجهه في صدره، ولم يكن له لا رأس ولا عنق، وكان في عصره من اشهر الكهان، وان كسرى بعث اليه عبد المسيح بن بقلة الغساني ليسأله في تأويل رؤياه عندما سقطت الحيطان في ايوانه يوم وُلد محمد[136].

      وتفسير العلماء الاسلاميين للكهانة هو ان التابع كان يسترق السمع من الملائكة، فيلقي بما سمعه على الكاهن، ويلقي الكاهن ما سمعه على الناس، فيكون نبوءة. وذلك قبل عهد بعثة الرسول. فلما جاء الاسلام ونزل القرآن، حُرست السماء من الشياطين، واُرسلت عليهم الشهب، فبقي من استراقهم ما يتخطفه الاعلى، فيلقيه الى الاسفل قبل ان يصيبه الشهاب، والى ذلك الاشارة " الا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب". والقرآن يؤكد ان الشياطين كانت تجلس في السماء تتصنت لما يقول الله للملائكة وترجع للأرض لتخبر الكهان بما سيحدث، الى أن قرر الله حراسة السماء حينما أرسل محمداً. ويظهر أن الله لم يكن يبالي بإستراق السمع هذا عندما بعث ابراهيم ونوح وموسى وعيسى وغيرهم حتى أتى محمد واتهمته العرب بأنه كاهن، فقرر الله وقتها حراسة السماء لينفي التهمة عن رسوله.

      ولم يكن السجع غريباً على محمد، فقد قال الامام احمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن زُرارة عن عبد الله بن سلام، قال: لما قدم رسول الله (ص) المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل، فلما تبينت وجهه عرفت انه ليس بوجه كذاب، فكان اول شئ سمعته يقول: " أفشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"[137] .

      والسجع هو العمود الفقري في لغة القرآن، لدرجة ان محمداً قد غير اسماء اماكن واشياء لتتماشى مع السجع في السورة. فمثلاً في سورة التين، الاية الثانية، نجد ان " طور سيناء " قد تغير الى " طور سينين " ليتماشى مع السجع:
      1- " والتين والزيتون "
      2- " وطور سينين "
      3- " وهذا البلد الامين "
      4- " لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ".
      وليس هناك بالطبع مكان او جبل اسمه طور سينين، وكلمة طور نفسها ليست كلمة عربية وانما كلمة عبرية وتعني " جبل"، وهذا الجبل في سيناء، ولذلك دُعي جبل سيناء او طور سيناء. ونجده قد استعمل الاسم الصحيح في سورة " المؤمنون" الاية 20: " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغٍ للآكلين".

      ونجد في سورة الانعام، الآية 85، ذكر بعض الانبياء: " وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين". ونجد كذلك في سورة الصافات، الاية 123 إلياس يُذكر مرة اخرة: " وان إلياس لمن المرسلين". ولكن فجأةً في الآية 130 من نفس السورة يتغير اسمه ليصبح إلياسين، ليتماشى مع السجع: " سلام على إلياسين". وهذه ليست " آل ياسين" وانما " إل ياسين" بكسر الالف الاولى.

      وأغلب القرآن مسجوع لان السجع، كالشعر، يسهل حفظه. وألانسان البدائي تعلم الرقص والغناء والشعر آلاف السنين قبل أن يتعلم الكتابة. ولم يتعلم الانسان النثر الا بعد أن تعلم الكتابة، لصعوبة حفظ النثر.

      وتجاهل بعض الناس هذه الحقيقة البسيطة في اندفاعهم لجعل القرآن المرجع الوحيد لما حدث ويحدث في العالم. فالبروفسير حميد الله يذكر في مقدمة ترجمته للقرآن الى اللغة الفرنسية أن الله ذكر القلم في أول سورة أُنزلت على النبي، ليؤكد أهمية القلم كأداة في تطور علم الانسان. ويستمر البروفسير ويقول إن هذا يؤكد كذلك اهتمام النبي بجمع القرآن وحفظه مكتوباً[138]. وطبعاً البروفسير حميد الله قد نسى أن العلماء قد قدروا أن ألانسان البدائي ظهر على هذه الارض قبل حوالي سبعة ملايين من السنين، وتعلم اثناء تطوره الصيد وصناعة ألالآت وصناعة القوارب والحراب، وتعلم كذلك ان ينظم الشعر وان يرسم وتعلم فن القصص ( الفولكلور الشعبي) وصناعة الملابس واشياء أخرى مثل اكتشاف النار والزراعة، ألاف السنين قبل أن يتعلم القراءة ويخترع القلم.

      ويتفق العلماء أن اختراع اللغة هو الذي سهّل للانسان الاتصال بالناس الآخرين ونقل الافكار بينهم، وبالتالي تكون اللغة هي أداة تقدم ألانسان وليس القلم كما يقول بروفسير حميد الله. وإذا كان القلم والقراءة بهذه الاهمية عند الله حتى انه ذكر القلم في أول سورة انزلها على النبي، لماذا أختار الله رسولاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب، حسب زعم المسلمين؟

      وبما أن القرآن لم يكن يُكتب في البداية، وكان أعتماد المسلمين على الذاكرة، كان الاعتماد على السجع أفضل وسيلة لمساعدتهم على حفظه. ولكن مشكلة السجع تكمن في التكرار خاصة اذا كانت السورة طويلة، لان الساجع يجد صعوبة في ايجاد كلمات كثيرة متماشية مع القافية. فنجد أن السور الطويلة يتغير فيها السجع عدة مرات، وتتكرر بعض الكلمات عدة مرات، وفي بعض الاحيان يشتق القرآن بعض الكلمات اشتقاقاً على غير المعهود لتماشي السجع.

      فإذا أخذنا مثلاً سورة مريم، من ألآية الثانية حتى ألآية الثالثة والثلاثين نجد آخر كلمة من كل آية تنتهي ب " يا"
      2 - " ذكرُ رحمة ربك عبده زكريا"
      3- " إذ نادى ربه نداءً خفيا"
      ثم في ألآيتين 34 و35 تتغير القافية الى " ون"
      34- " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون"
      35- " ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى شيئاً أن يقول له كن فيكون"
      ثم تتغير الى "ميم" في ألآيتين 36 و 37
      36- " وإن الله ربي وربكم فأعبدوه هذا سراط مستقيم"
      37- " فأختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يومٍ عظيم"
      ثم ترجع الى النون مرة أخري في ألآيات 38 و 39 و 40
      40- " إنا نحن نرث الارض ومن عليها والينا يرجعون"
      ثم نرجع للقافية الاولى " يا" في ألآيات من 41 الى 74
      41- " واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقاً نبيا"
      ثم تتغير القافية الى " دا" مثل جُنداً و ولداً الى نهاية السورة.

      وادخال آيتين أو ثلاثة في منتصف السورة بسجع يختلف عن معظم آيات السورة حمل بعض الدارسين الى القول بأن هذه ألآيات أُضيفت الى السورة لاحقاً ولم تكن جزءً منها في البداية.
      ونجد في نفس سورة مريم تكراراً غير مفيد. فعندما يتحدث القرآن عن زكريا وأبنه يحيي، يقول عن ألاخير: " سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا"[139]. ثم نجد ألآية مكررة عندما يتحدث عن عيسى: " والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا"[140].

      وفي ألآية 10 من نفس السورة: " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام سوياً" وفي ألآية 17 كذلك: " فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا". وفي ألآية 68 نجد: " فوربك لنحشرهم والشياطين ثم لنحضرهم حول جهنم جثيا"، وفي ألآية 72: " ثم ننجي الذين آمنوا ونذر الظالمين فيها جثيا". وواضح أن التكرار هنا لصعوبة ايجاد كلمات اخرى تماشي السجع.

      واشتقاق الكلمات على غير المعهود نجده في ألآية 74 من نفس السورة: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورءياً". والاشتقاق هنا غريب لانه من رأى والمصدر رؤية، ولكن لتماشي الكلمة السجع قال " رءيا". و لغرابة الاشتقاق وجد المفسرون صعوبة في شرح الكلمة، فقال القرطبي في تفسيره: ( قال ابن عباس " ورئيا" اي منظراً حسناً. وفيه خمس قراءات: قرأ أهل المدينة " وريا" بياء واحدة مخففة. و روى ألاعمش عن ابن عباس " أحسن أثاثاً وزيا" بالزاي. وقرأ أهل الكوفة " ورئيا" بالهمزة. وقال أبو أسحق يجوز " وهم أحسن أثاثاً وريئا" بياء بعدها همزة).

      وفي سورة النبأ، ألآية 35، عندما يصف الله الجنة، نجد:
      31- " إن للمتقين مفازا"
      32- " حدائقَ وأعنابا"
      33- " و كواعبَ أترابا"
      34- " وكأساً دهاقا"
      35- " لا يسمعون فيها لغواً ولا كذابا"

      وكلمة " كذابا" مشتقة من كذّبَ، يُكذّبُ، كذباً. والمصدر كما هو واضح " كذبا"، ولكن لتماشي الكلمة السجع كان لا بد من جعلها " كذابا". وقد يلاحظ القارئ هنا أن ألآية 34 لا تماشي السجع مما دعا بعض الدارسين الى القول بأنها أضيفت مؤخراً.

      والتكرار في بعض ألآيات يكون مملاً. فخذ مثلاً سورة " الرحمن" وبها 78 آية كلها مسجوعة على الالف والنون ما عداء آيات بسيطة، ولسبب ما أدخل المؤلف " فبإي ألاء ربكما تكذبان" بعد كل آية ابتداءاً من ألآية الثانية عشر. وتكررت هذه العبارة 31 مرة في سورة طولها 78 آية. فاي غرض يخدمه هذا التكرار الممل.

      وكل سورة " الرحمن" هذه تذكرنا بايام الجاهلية عندما كان الشاعر يخاطب شيطانيه أو صاحبيه ليساعداه على نظم الشعر " قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل.... " فالقرآن هنا ، كعادة الجاهلية، يخاطب شيطانين ( وهناك شياطين مسلمة كما يقول القرآن). ويقول علماء الاسلام ان القرآن في هذه السورة يخاطب الانس والجن، ولذا استعمل صيغة المثنى. ولكن في نفس السورة عندما اراد القرآن مخاطبة الانس والجن قال: " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان". فلم يقل " فانفذان، او لا تنفذان الا بسلطان".

      وفي بعض الاحيان تُضاف كلمات، لا لتوضيح الصورة ولكن لتكملة السجع، فمثلاً في سورة الشعراء في الاية 76 تُضاف كلمة " الاقدمون" دون الحاجة اليها
      72- " قل هل يسمعونكم اذ تدعون"
      73- "او ينفعونكم او يضرون"
      74- " قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"
      75- " قال أفراءيتم ما كنتم تعبدون"
      76- " انتم وآباؤكم الاقدمون"
      فكلمة " الاقدمون" هنا لا تخدم اي غرض مفيد اذ ليس هناك اباء جُدد واباء اقدمون، لان كلمة اباء قد ترجع للوراء حتى نصل الى آدم، فكلنا ابناء آدم، وحين نقول" بني اسرائيل"، يرجع هذا الى يعقوب بن اسحاق. فاذاً كلمة اباؤكم لا تحتاج الى تعريف كما هو واضح من ألآية 74 أعلاه عندما قال : " وجدنا أباءنا كذلك يفعلون"، ولم يُعرّف ألاباء، ولكن السجع فرض ادخال كلمة تنتهي بالنون فأدخل " ألاقدمون".

      واما اللغة نفسها فمن الصعب متابعتها لان القرآن يغير صيغة المخاطب في نفس الاية من المفرد الى الجمع ومن المتحدث الى المخاطب، فخذ مثلاً سورة الانعام الاية : 99 " وهو الذي انزل من السماء ماءً فاخرجنا به نباتَ كلٍ شئٍ فاخرجنا منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوانٌ دانيةٌ وجناتٍ من اعنابٍ والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابهٍ انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه ان في ذلكم لاياتٍ لقوم يؤمنون".
      فبداية الاية يصف الله " وهو الذي انزل من السماء ماءً "، وبدون اي انذار تتغير اللغة من الشخص الثالث الى الشخص الاول ويصير الله هو المتحدث " فاخرجنا به"، وسياق الاية يتطلب ان يقول " فاخرج به". وانظر الى النحو في الاية ذاتها، اغلب الكلمات منصوبة لانها مفعول به، لان الله انزل المطر فاخرج به حباً وجناتٍ، وفجأة كذلك يتغير المفعول به الى مبتدأ مرفوع في وسط الجملة. وسياق الكلام يقتضي ان يُخرج الله من النخل قنواناً دانيةً، معطوفة علي ما قبلها، ولكن نجد في الاية " قنوانٌ دانيةٌ " بالرفع، وهي مبتدأ خبره " ومن النخل ". ثم تستمر الاية بنصب الكلمات الباقية لانها مفعول به.

      وخذ ألآية 114 في سورة الانعام، لما طلب اليهود من محمد ان يجعل بينه وبينهم حكماً: " افغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ". ففي بداية الاية المتحدث هو محمد مخاطباً اليهود، فيقول لهم : أغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً؟ وفجأة يصير الله هو المتحدث فيقول لمحمد: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين.

      والعلماء المسلمون يحاولون شرح هذه الآية بان يقولوا: ادخلْ كلمة " قل " قبل "والذين آتيناهم". وهذه حجة غير مقبولة لان الله حينما اراد ان يستعمل " قل "، استعملها صراحة في المكان الذي اراد ان يستعملها فيه. فنجد في القرآن كلمة " قل " مستعملة ما لا يقل عن 250 مرة. فمثلاً في الآية 91 من نفس السورة، " قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى". وكان من الممكن ان يسأل محمد المشركين مباشرة ويبدأ الآية ب " من انزل الكتاب " ثم نُدخل نحن كلمة " قل" كما يطلب منا المفسرون. ولكن الواضح هنا ان الله لما اراد ان يدخل كلمة " قل" ادخلها صراحة وبوضوح.

      وكلمة " قل " اكثر ما استُعملت في سورة الانعام هذه. فنجد:
      46- " قل أرأيتم ان اخذ الله سمعكم"
      47- " قل أرايتم ان اتاكم عذاب الله"
      50- " قل لا اقول لكم عندي خزائن الله ...... قل هل يستوي الاعمى والبصير"
      56- " قل اني نُهيت ان اعبد الذين تدعون من دون الله قل لا اتبع اهواءكم"
      57- " قل اني على بينة من ربي وكذبتم به"
      58- " قل لو ان عندي ما تستعجلون"
      63- " قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر"
      64- " قل الله ينجيكم منها"
      65- " قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذاباً"

      وباختصار استُعملت كلمة " قل " في سورة الانعام 39 مرة. فهل هناك اي سبب يجعلنا نقول ان الله اراد ان يستعمل كلمة " قل" في الآية التي ذكرناها اولاً لكنه لم يستعملها وتركها للعلماء المسلمين ليخبرونا انه ارادنا ان يضع هذه الكلمة قبل الآية المذكورة؟

      ونفس الشئ ينطبق علي السورة الاولى في المصحف، اي سورة الفاتحه. فهذه السورة من الواضح انها دعاء كان يدعو به محمد، وليست جزءاً من القرآن. وكالعادة يقول العلماء المسلمون: ضع كلمة " قل" قبل بداية السورة. ولو اراد الله ان يستعمل كلمة " قل" لفعل، كما فعل في سورتي " الفلق" و " الناس"، وكلاهما ادعية مثل سورة الفاتحة. ففي سورة الفلق يقول : " قل اعوذ برب الفلق"، وفي سورة " الناس" يقول: " قل اعوذ برب الناس". فلماذا لم يقل في سورة الفاتحة " قل الحمد لله رب العالمين". وابن مسعود الذي كان يكتب الوحي للرسول، و أحد علماء الحديث المشهورين، اعتبر ان سورة الفاتحة وسورتي الفلق والناس، ليست من القران[141].

      وفي سورة فاطر ألآية التاسعة : " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه الي بلد ميت فأحيينا به ألارض بعد موتها ". تغير القائل في نفس ألآية من الشخص الثالث الى الشخص الاول. فبداية ألآية تقول: " والله الذي أرسل الرياح" ثم فجأةً يصير المتحدث هو الله، فيقول: " فسقناه الى بلد ميت فأحيينا به ألارض".

      و تحتوي نفس ألآية على فعل مضارع مخلوط مع افعال ماضية. فكلمة " فتثير" فعل مضارع في وسط جملة كلها في الماضي. ويقول العلماء ان الفعل المضارع هنا في وسط جملة كلها في الماضي، " لحكاية الحال الماضية". فهل في هذا اي نوع من البلاغة؟ وفي سورة الحج، الآية 63: " ألم تر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير". مرة اخرى يجمع القرآن بين الفعل الماضي والفعل المضارع في جملة واحدة. وكلمة " فتصبح" يجب ان تكون " فأصبحت" لان الله انزل من السماء ماءً.

      وهذه آية اخرى تخلط بين الماضي والمضارع، ففي سورة الشعراء، الآية الرابعة : " ان نشأ ننزل عليهم من السماء آيةً فظلت اعاناقهم لها خاضعين". ويقول العلماء ان شبه الجملة " فظلت اعناقهم لها خاضعين" استُعملت بمعنى المضارع. فلماذا كل هذا اللف والدوران وكان من السهل ان يقول " فتظل"؟ وليس الخلط بين الماضي والمضارع هو الشئ الوحيد الخارج عن المألوف في هذه الآية، فقد استعمل القرآن كلمة " خاضعين" وهي حال تصف جمع العقلاء مثل " رجال" ليصف بها " اعناقهم"، وهي ليست جمع عقلاء. والاسم الذي يقع حالاً يطابق صاحب الحال في النوع وفي العدد، ولذا كان الاصح ان يقول " فظلت اعناقهم لها خاضعة". ولكن كل آيات هذه السورة تنتهي بالياء والنون، لذلك اضطر ان يقول " خاضعين".

      والقرآن كثيراً ما يخلط بين المفرد والجمع في نفس الآية. فخذ مثلاً الاية 66 من سورة النحل: " وان لكم في الانعام لعبرةٌ نُسقيكم مما في بطونه". والانعام جمع وتعني " حيوانات" وكان يجب ان يقول " نسقيكم مما في بطونها"، لكنه جعلها في حُكم المفرد وقال " بطونه". وقال المفسرون افرده هنا عوداً على معنى النعم والضمير عائد على الحيوان، رغم ان الانعام حيوانات. ونجد نفس الاية تعاد في سورة " المؤمنون" ولكن هذه المرة تغيرت كلمة " بطونه" الى " بطونها". فالآية 21 من سورة " المؤمنون" تقرأ: " وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون".

      ويكثر كذلك في القرآن غريب اللفظ والمعنى، فنجد في سورة المرسلات عندما يصف نار جهنم في الآية 32 وما بعدها: " انها ترمي بشرر كالقَصر، كأنه جمالات صُفرٌ ". اولاً كلمة " جمالات " مع انها جمع تكسير ل " جمل"، إلا أنها جمع غريب نادر الاستعمال، والمتعارف عليه هو جمال. ثم وصف الجمال بانها صُفر، وليس هناك جمال صفراء. فقال المفسرون كان العرب يسمون الجمال السود صفراء لان سوادها تداخله صفرة. فهل نفهم من هذا ان بني اسرائيل كذلك كانوا يسمون البقر الاسود اصفر، لان الله قال لهم " بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين" ؟ ونحن لا نعلم لماذا قال العرب عن كل شئ أسود أنه " أسود" الا الجمال السود نعتوها بالصفرة ولم ينعتوا البقر او الخراف السود بالصفرة.

      ثم في سورة الفرقان الآية 68 : " والذين لا يدعون مع الله الهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ". وأثاماً ليست من اللغة العربية في شئ، والقرآن يُفترض انه نزل بلسان عربي مبين. وحتى المفسرين وعلماء اللغة لم يتفقوا على معنى كلمة " أثاماً"، فقال عبد الله بن عمر : أثاماً وادي في جهنم، وقال عكرمة أودية في جهنم يعذّب فيها الزناة، وقال قتادة: أثاماً تعني نكالاً، وقيل في الحديث انها تعني بئر في قعر جهنم، وقال السدي انها تعني جزاءً. [142] وأظن ان السدي جاء بهذا التفسير من المعنى العام للآية، إذ لم يقول أحد غيره بهذا المعني، والكلمة أصلاً لم تكن شائعة أو مستعملة عند العرب. ولو كان معنى الكلمة " وادي في جهنم" فكيف جاء بها العرب واستعملوها ولم يكونوا على علم بجهنم قبل الاسلام على حسب رأي المفسرين؟ وواضح من معنى الآية ان من يفعل تلك الاشياء يلقى جزاءً. ولكن القرآن استعمل كلمة " أثاماً" تمشياً مع السجع رغم أن علماء المسلمين لم يكونوا يعرفون معناها، كما هو واضح من اختلاف تفاسيرهم للكلمة.

      وفي سورة العنكبوت، ألآية 64 نجد: " وما هذه الحياة الدنيا الا لهوٌ ولعبُ وإن الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون". وقد وجد المفسرون صعوبةً بالغة في تفسير كلمة " حيوان" هذه، فقالوا ان : الحيوان: هنا تعني الحياة الدائمة، ويقول القرطبي في تفسيره ان " الحيوان" تقع على كل شئ حي. أو قد تعني عيناً في الجنة. بل قال بعضهم ان أصل الكلمة هو " حييان" فأُبدلت احدى اليائين واواً لاجتماع المثل.[143] وهذا قول غريب لان العرب تغير الواو ياءاً اذا اجتمعت الواو والياء وسبقت احداهما بالسكون، مثل " نوية" من نوى، ينوي فهي نوية. ولكن لاجتماع الواو والياء وسبق احداهما بالسكون، قُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء، فصارت " نية". ولو كانوا يغيرون الياء واواً لاجتماع المثل لغيروا " فأحيينا به ألارض" الى " فأحوينا به ألارض".

      وفي سورة عبس ألآية 28: " فأنبتنا فيها حباً، وعنباً وقضبا". ولا أحد من المفسرين يعرف معنى " قضبا". فقد قال أبن كثير القضب هو القصفة التي تأكلها الدواب، وكذلك قال أبن عباس. وقال الحسن البصري هي العلف. وقال آخرون غير ذلك. وفي نفس السورة، ألآية 31 نجد: " وحدائقا غُلبا، وفاكهةً وأبّا". فقال الضحاك: ألاب هو كل شئ ينبت على الارض. وقال أبو رزين هو النبات، وقال أبن عباس: ألاب ما تنبت الارض مما يأكل الناس والانعام. وقال أبن عباس كذلك والحسن: ألاب مما لا يأكله ألادميون، فما يأكله ألادميون يُسمى الحصيد، واستشهدوا ببيت شعر في مدح الرسول:
      له دعوةُ ميمونةُ ريحها الصبا بها ينبت الله الحصيدةَ وألابا

      وهذا البيت بلا شك قاله شاعر مسلم سمع كلمة ألابا في القرآن وأدخلها في شعره دون أن يعرف معناها لانها تماشي القافية. فالكل يعرف الحصاد من الزرع ولكن لا أحد يعرف معنى ألابَ.

      فقد قال أبن عباس أيضاً: ألاب هو الثمار الرطبة، وقال الضحاك هو التين. فواضح مما تقدم أن لا أحد يعرف معنى الكلمة إذ أن أبن عباس أعطى أربعة تفاسير مختلفة لهذه الكلمة. والكلبي قال الاب هو كل نبات سوى الفاكهة وقال آخرون بل هي الفاكهة الرطبة. وسئل أبو بكر الصديق عن تفسير الفاكهة وألاب فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ وقال أنس بن مالك سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه قرأ هذه ألآية ثم قال: كل هذا عرفناه، فما ألاب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف.[144] فإذا كان عمر وابو بكر وابن عباس لا يعرفون معناها، فهل يُعقل أن يكون الشاعر الذي نظم البيت المذكور كان على علم بمعنى الكلمة؟

      والكلمة قد تكون سريالية واصلها Ebba أو قد تكون مشتقة من الكلمة العبرية Ebh، ولكنها قطعاً ليست عربية، ولا يعرف العرب معناها.

      وفي سورة الحج ألآية 29 نجد: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق". فكلمة " تفثهم" قد لا تكون عربية ولا أحد يعرف معناها ووقعها على ألاذن ثقيل. ويقول القرطبي في شرحه لهذه ألآية: ( ليقضوا بعد نحر الهدايا ما بقي من أمر الحج كالحلق ورمي الجمار وإزالة الشعث ونحوه. وقال ألازهري: التفث ألاخذ من الشارب وقص الاظافر ونتف الابط وحلق العانة. وقال الازهري كذلك: التفث في كلام العرب لا يُعرف الا في قول أبن عباس وأهل التفسير. وقال أبن العربي: هذه اللفظة غريبة لم يجد أهل العربية فيها شعراً ولا أحاطوا بها خبراً.) فإذا كان أهل العربية لا يعرفون معناها، فأي حظ سيحالف غير العرب في فهمها؟

      واستعمل القرآن كلمات كثيرة ليست في اللغة العربية وليس لها اي معني مفهوم، وقد اختلف اغلب المفسرين في تفسيرها. فنجد في سورة الحُجر، الآية 87: " ولقد اتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم". فقال بعض المفسرين ان المقصود بها السبع سور الطوال وقال آخرون المقصود بها سورة الفاتحة، وأتوا بحديث يستدلون به. وقال القرطبي في تفسيره أن المثاني تعني القرآن كله بدليل ان الله قال في سورة الزمر ألآية 23: " كتاباً متشابهاً مثاني". وواضح أن تفسير القرطبي هذا لا يتفق والآية المذكورة اذ تقول الآية " أتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم"، فلن يستقيم معنى ألآية إذا قلنا أن المثاني تعنى القرآن كله، إذ كيف يكون قد أعطاه القرآن كله والقرآن الكريم؟ والسور السبع الطوال هي جزء من القرآن فليس من البلاغة ان يُعطف الكل على الجزء. وحتى لو جاز هذا، فلا أحد يعلم ما المثاني، والافضل ان يُخاطب القرآن الناس بلغةٍ يفهمونها.

      وفي سورة الحاقة، الآية 36: " ولا طعام الا من غسلين". ولا احد يدري معنى غسلين، ولكنها تنسجم مع سجع السورة، " ولا يحض على طعام المسكين، فليس له اليوم ههنا حميم، ولا طعام الا من غسلين".

      وفي سورة الانسان، الآية 18: " عيناً فيها تُسمى سلسبيلا". وهنا كذلك لا احد يعرف ما هي سلسبيلا. فتفسير الجلالين يقول: سلسبيلا تعني سهل المساغ في الحلق. وفي تفسير أبن كثير، قال عكرمة هي أسم عين في الجنة، وقال مجاهد سُميت بذلك لسلاقة مسيلها وحدة جريها، وقال قتادة: سلسة مستقيدٌ ماؤها. أما تفسير القرطبي فيقول السلسبيل هو الشراب اللذيذ، وتقول العرب سلس وسلسال وسلسيل بمعني أنه طيب الطعم لذيذه. وسلسل الماء في الحلق يعني جرى، وسلسته تعني صببته فيه). وأنا لا أدري كيف صرّفَ تفسير الجلالين سلسبيلا مما تقوله العرب عن سلس وسلسال وسلسيل، فمهما صرّفنا هذه الكلمات لا يمكن أن ننتهي ب " سلسبيلا".

      وقال أبو العالية ومقاتل: ( إنما سُميت سلسبيلا لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم تنبع من أصل العرش في جنة عدن.)[145] فكل المياه في المدن الحديثة الان تسيل في مواسير في الطرق وفي منازلنا، فهل هذه المياه سلسبيلا؟ أم يُشترط أن تنبع من جنة عدن؟

      وأغرب التفاسير ما أورده القفال في تفسير الجلالين إذ قال تلك عينٌ شريفة، فسل سبيلاً أليها. وروى هذا عليّ بن أبي طالب كذلك). فهو فصل كلمة سلسبيلا الى كلمتين: سل و سبيلا. ولكن المشكلة أن ألآية تقول: " عيناً فيها تسمى سلسبيلا" فلا يمكن أن نقول سل اليها سبيلا لان اسم العين سلسبيلا. وليتخلص من هذه المعضلة يقول القفال أنها مذكورة عند الملائكة وعند الابرار وأهل الجنة بهذا الاسم). وهذا الشرح يبين لنا كيف يدور علماء الاسلام ويلفون في حلقات مفرغة لشرح الغريب في القرآن بدل ان يقولوا أنهم لا يعرفون المراد من هذه الكلمة.

      اما سورة المطففين ففيها عدة آيات تحتوي علي كلمات يصعب فهمها: فمثلاً الآيات 7 و 8 و9 " كلا ان كتاب الفجار لفي سجين. وما ادراك ما سجين. كتاب مرقوم". والآيات 18 و19و20 من نفس السورة: " كلا ان كتاب الابرار لفي عليين. وما ادراك ما عليون. كتاب مرقوم". ومعنى هذا ان عليين وسجين كلاهما يعني كتاباً مرقوماً، أحدهما للفجار والآخر للابرار. فالقرآن هنا أستعمل غريب اللغة لينقل الينا حقيقة بسيطة: هي أن هناك كتابين، واحد للفجار وواحد للابرار. فهل من المهم لنا أن نعرف أسماء هذين الكتابين؟

      ثم إن القرآن يقول أن هناك كتاب واحد " وعنده أم الكتاب " [146] و " اللوح المحفوظ" الذي يحفظه الله منذ الازل في السماء السابعة، وقد سجل الله فيه كل كبيرة وصغيرة عن كل أنسان حتى قبل أن يولد، وهناك كذلك لكل شخص كتابه الخاص به الذي سوف يتسلمه يوم القيامة، فمنهم من يُعطى كتابه بيمينه ومنهم من يعطى كتابه بشماله ليقرأ منه ما فعل في الدنيا. فما الحكمة إذاً في أن يكون هناك كتاب للابرار وآخر للفجار مادام لكل شخص كتابه الخاص وهناك اللوح المحفوظ الذي فيه كل التفاصيل ولا يمكن لهذا اللوح أن يضيع أو يصيبه تغيير؟ وحتى لو قلنا إنه من باب الاحتياط أن يكون للأبرار كتاب وللفجار كتاب آخر، هل يستدعي هذا نزول آية تخبرنا بأسماء هذين الكتابين؟ هل سيغير هذا من سلوكنا أو يدعونا للايمان؟

      والجدير بالذكر هنا أن القرآن استعمل كلمة " وما أدراك" أثنتي عشر مرةً ليشرح كلمات غريبه لم تكن معروفة للعرب آنذاك، وسوف نتعرض لبعض هذه الكلمات في حينها.

Post: #8
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Mohammed Elhaj
Date: 01-25-2005, 09:54 AM
Parent: #7


في سورة الفيل، ألآية 3، نجد : " وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل". ويقول أبن كثير: طير أبابيل يعني طيراً من البحر امثال الخطاطيف والبلسان. ويقول القرطبي: طيراً من السماء لم يُر قبلها ولا بعدها مثلها. وروي الضحاك أن أبن عباس قال سمعت رسول الله يقول: " إنها طيرٌ تعشعش وتفرخ بين السماء وألارض". وقال أبن عباس: كانت لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب. وقال عكرمة: كانت طيراً خُضراً خرجت من البحر لها رءوس كرءوس السباع.

أما سجيل فلا أحد يعرف معناها. قال النحاس: السجيل الشديد الكثرة. وقال سيل وسجيل هما نفس الشئ. وحكى محمد بن الجهم أن سجيل تعني طينٌ يُطبخ حتى يصير بمنزلة الارحاء. وقال سعيد بن جُبير أن اللفظة غير عربية وأصلها سنج وجيل أو سنك وكيل، وهما بالفارسية حجر وطين. وقد قال القرآن في سورة الذاريات، ألآية 33: " لنرسل عليهم حجارةً من طين". وقال أبن يزيد: سجيل أسم السماء الدنيا وعن عكرمة أنه بحر معلق بين السماء والارض منه نزلت الحجارة. وقيل هي جبال في السماء، وقيل كذلك هي ما سُجل لهم أي كُتب لهم أن يصيبهم.[147]

وأصل الكلمة ربما يكون من اللغة ألأرامية Sgyl وتعني حجر المعبد.[148] والشئ الملفت للنظر أن كل هولاء المفسرين أتوا بتفسيرات لا تمت لبعضها البعض بصلة، مما يؤكد انهم كانوا يخمّنون معاني هذه الكلمات الغريبة التي لم يكونوا قد سمعوا بها من قبل.

وكلمة " الفرقان" وردت في القرآن مرات عديدة بمعاني مختلفة. فمثلاً في سورة البقرة، ألآية 53: " وأتينا موسى الكتاب والفرقان". وفي نفس السورة، ألآية 185: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان". وفي سورة آل عمران، ألآية 4: " من قبل هدى للناس وانزل الفرقان". وسورة ألانفال، ألآية 29: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم". وفي سورة ألانفال، ألآية 41: " أعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان". وفي سورة ألانبياء، ألآية 48: " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكراً للمتقين". وفي سورة الفرقان، ألآية 1: " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً".

وأتفق أغلب المفسرين ان الفرقان هو ما يفرق بين الحق والباطل ولكن ابن عباس قال: فرقاناً يعني مخرجاً وزاد مجاهد " في الدنيا والاخرة". وفي رواية اخرى قال ابن عباس ان فرقاناً تعني نصراً. وقالوا انها تعني يوم بدر لان الله فرق فيه بين الحق والباطل. وقال قتادة انها تعني التوراة، حلالها وحرامها. ويقول الرازي قد يكون التوراة او جزء منها او حتى معجزات موسى مثل عصاه. وقد تعني إنشطار البحر لموسى، واستقر رأيه علي انها التوراة. وقالوا الفرقان تعني القرآن. فالله قد انزل الفرقان على موسى وكذلك انزله على محمد، مما يجعلنا نقول أن الفرقان ربما تعني " كتاب" ولكن كيف نوفق بين هذا المعنى وألآية 29 من سورة ألانفال: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً". فالمراد هنا أن يجعل لكم مخرجاً. ولكن ألآية 41 من سورة ألانفال تقول: " وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان". فالمعنى هنا لا يتفق مع أي من المعاني السابقة. فماذا تعني كلمة الفرقان إذاً؟

وهناك كلمة أخرى لم تكن معروفة للعرب قيل نزول القرآن، ألا وهي " كلالة". ففي سورة النساء، ألآية 4: " وإن كان رجلٌ يورث كلالةً ام إمرأة". وسئل ابو بكر الصديق عن كلمة كلالة فقال: أقول فيها برائي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه، الكلالة من لا ولد له ولا والد. وقال القرطبي في تفسيره: الكلالة مشتقة من الاكليل وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه. وهذا بلا شك تخمين وليس هناك أي دليل أن كلمة كلالة مشتقة من إكليل. وقد أورد الطبري 27 معنى للكلالة مما يدل على انهم لا يعرفون معناها.

ويقدر مونتجمري واط أن هناك حوالي سبعين كلمة غير عربية أُستعملت في القرآن، حوالي نصف هذه الكلمات مقتبسة من الكلمات التي كانت مستعملة في الديانة المسيحية، وخاصة اللغة السريانية والاثيوبية، وحوالي خمسة وعشرون كلمة من اللغة العبرية والارامية وكلمات بسيطة من الفارسية[149].

وهناك كلمات في القرآن يبدو ان المراد منها عكسها. فمثلاُ في سورة طه، ألآية 15 " إن الساعة آتيةٌ أكاد أخفيها"، وهي أصلاً مخفية ولا يعلم أحد متى تأتى، فالقرآن هنا لا بد انه قصد " أظهرها" بدل أخفيها. وقد قال القرطبي في تفسير هذه ألآية آيةٌ مشكلة. فروى سعيد بن جبير " أكاد أخفيها" بفتح الهمزة، قال: أظهرها. وقال الفراء: معناها أظهرها، من خفيت الشئ أخفيه إذا أظهرته. وقال بعض النحوين يجوز أن يكون " أخفيها" بضم الهمزة معناها أظهرها.) ويتضح هنا أن النحويين أنفسهم وجدوا مشقة في تفسير هذه ألآية، فكيف بعامة الناس؟

وفي بعض الاحيان يعكس القرآن الاشياء المألوفة للناس، فمثلاً في سورة البينة، ألايتين أثنين وثلاثة نجد: "رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة، فيها كُتبٌ قيمة". والمعروف لدى كل الناس أن الكتب تحتوي على الصحف، وليس العكس كما جاء في القرآن. ولكن دعنا نقرأ ما كتب القرطبي في تفسيره لهذه ألآية: ( الكتب هنا بمعنى الاحكام، فقد قال الله عز وجل " كَتَبَ الله لأغلبن"[150] بمعنى حكم. وقال " والله لأقضين بينكما بكتاب الله" ثم قضى بالرجم، وليس الرجم مسطوراً في الكتاب. فالمعنى لأقضين بينكما بحكم الله. وقيل الكُتب القيمة هي القرآن، وجعله كُتباً لانه يشتمل على أنواع من البيان.)

فهل اقتنع القارئ بهذا التفسير؟ أنا لم أقتنع. فالقرطبي كغيره من المفسرين راح يدور في حلقة مفرغة في محاولة منه للخروج من هذه المعضلة التي جعلت الصحف تحتوي على الكتب، وليس العكس.

والامثلة كثيرة على استعمال القرآن غرائب الكلمات لانها تماشي السجع. فليس هناك اي بلاغة لغوية بالمعنى المفهوم عندما يستعمل القرآن غرائب الكلمات هذه، والمفروض فيه أنه نزل بلسان عربي مبين أي بائن للجميع، وقد رأينا أن علماء التفسير يجدون صعوبة في شرح كثير منه، فما بال عامة المسلمين؟ وقد لاحظ هذا جماعة من المعتزلة في صدر الاسلام، منهم ابراهيم النظام الذي قال ان ترتيب القرآن ولغته ليس فيهما اى اعجاز. وقد دافع عن هذا الرأي الكاتب والقاضي الاندلسي ابو محمد علي بن احمد بن حازم في كتابه " الملل والنحل" وكذلك ابو الحسين عبد الرحمن بن محمد الخياط من المعتزلة[151].

و هناك كذلك أخطاء نحوية في كثير من آيات القرآن. انظر الى الآية 69 من سورة المائدة: " ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون". والنحو يتطلب ان تكون كلمة " الصابئون" منصوبة لانها اسم "ان"، وكل اسماء " ان" الاخرى في الاية منصوبة الا " الصابئون" ، والاصح ان تكون " الصابئين". واذا نظرنا الى الاية 17 من سورة الحج، نجد ان " الصابئين" منصوبة، كما ينبغي ان تكون: " ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شئ شهيد".

وفي سورة النساء الآية 162: " لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر". فكلمة : المقيمين" لا تتماشى مع قواعد النحو المعروفة. فهي معطوفة على " الراسخون" ويجب ان تكون مرفوعة، وليست منصوبة كما في الآية، فالمعطوف دائماُ يتبع ما عُطف عليه. وقال القرطبي في تفسيره: ( قرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة " المقيمون" على العطف، وكذا هو في حرف عبد الله. ولكن سيبويه قال: إنه نُصب على المدح). وهذا يذكرنا بالمقولة المشهورة لأحد العرب الاندلسيين عندما قال القاضي الاندلسي أبو محمد علي بن حزم أن القرآن يحتوي على أخطاء نحوية، قال الاندلسى: ما حاجتنا الى النحو وعندنا القرآن؟ إذا لم يوافق النحو القرآن، يجب أن نغير قواعد النحو. وهذا ما يُفهم من قول سيبويه انها نصبت على المدح.

وفي سورة الحجرات الآية التاسعة: " وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما". فكلمة : اقتتلوا" كان يجب ان تكون " اقتتلا" لانها ترجع الى " طائفتان" اي مثنى، وأقتتلوا ترمز الى الجمع. وفي سورة الحج ألآية 19: " هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قُطعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق رءوسهم الحميم". فكلمة " اختصموا" يجب ان تكون " اختصما" لانها ترجع للمثنى " خصمان". وفي سورة البقرة الآية 177: " ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر". وواضح ان شبه الجملة " ولكن البر من آمن بالله" لا تستقيم مع منطق الآية، والاصح ان تكون " ولكن البار". وقد قال بهذا النحوي الكبيرمحمد بن يزيد المبرد. وتفسير الجلالين يقول: " المقصود بها ( ذا البر) وكذلك قُرئ بفتح الباء اي ( البار) "[152].

وفي سورة طه الآية 63: " قالوا إن هذان لساحران يريدان ان يخرجاكم من ارضكم". وكلمة " هذان" اسم "إن" ويجب ان تكون منصوبة، اي " هذين". وقد ورد ان عثمان كان يقرأ " هذين" وكذلك فعلت عائشة. وتفسير الجلالين يقول: قالوا لانفسهم " ان هذين" . أما القرطبي فيقول في تفسيره ( قرأ أبو عمرو " أن هذين لساحران" ورويت عن عثمان وعائشة وغيرهما من الصحابة، وكذلك قرأ الحسن وسعيد وجبير وابراهيم النخعي وغيرهم من التابعين. ومن القراء عيسى بن عمر وعاصم الجحدري فيما ذكر النحاس. وهذه القراءة موافقة للنحو مخالفة للمصحف. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ " أن هذان الا ساحران" وقال الكسائي في قراءة عبد الله " ان هذان ساحران" وقال أُبي " ان ذان الا ساحران"، وقال أبو عمر " إني لأستحي من الله أقرأ " إن هذان"). فهذا الاخير يعرف انه خطأ نحوي ويستحي من الله أن يقول " هذين" لأن الله لا يُعقل أن يُخطي في النحو.

وسورة ألاعراف، ألآية 160 تقول: " وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطاً أمماً". وكلنا يعرف ان التمييز العددي يختلف بإختلاف المعدود. فالاعداد من واحد الى عشرة يكون ما بعدها جمع، فنقول تسعة نساء. ومن أحدى عشر وما فوق يكون ما بعدها مفرداً، فنقول أثنتي عشرة سبطاً وليس أسباطاً.

ونجد في القرآن آيات لا يمت نصفها الاول الى نصفها الثاني بأي علاقة. فخذ مثلاً الآية الثالثة من سورة النساء: " وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنىً وثلاث ورباعَ فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا". فما علاقة القسط في اليتامى وزواج ثلاث او اربع زوجات؟ يقول القرطبي ( إن خفتم الا تعدلوا في مهور اليتامى وفي النفقة عليهن، فانكحوا ما طاب لكم غيرهن. وعن عائشة قالت: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهوا أن ينكحوهن الا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن اعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.

وقال أبن عباس وأبن جبير: المعنى إن خفتم الا تقسطوا في اليتامى فكذلك خافوا في النساء، لانهم كانوا يتحرجون في اليتامى ولا يتحرجون في النساء). وتفسير عائشة لا يمت للواقع بصلة. فاليتيمة تكون في حجر وليها الذي غالباً ما يكون عمها أو خالها وهي تحرم عليه ولا يمكن ان يتزوجها سواء أطمع في مالها او لم يطمع. وكم يتيمة كانت غنية في تلك الايام حتى تستدعي نزول آية قرانية لتمنع وليها من ان يتزوجها ويأكل مالها؟

والتفسير الآخر لا يستوي والمنطق كذلك. فاذا خفتم الا تعدلوا في مهور اليتامى فلا تنكحوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء غيرهن. ما ذا إذاً عن العدل في مهور النساء الغير يتامى؟ هل يحق لنا الا نعدل في مهورهن ونتزوج ثلاثة أو أربعة منهن؟ أنا أعتقد ان ألآية أصلاً لا تمت للمهور أو النساء اليتامى بشئ، انما هي تخص اليتامي الصغار من بنات واولاد، إذا مات والدهم وتركهم في كفالة عمهم او خالهم.....، ولسببٍ ما لم يكمل المتحدث الآية، وربما سهواً كتب الشخص الذي كان يجمع القرآن " فانكحوا ما طاب لكم من النساء". وقد يكون النصف الثاني من ألآية سقط سهواً اثناء جمع القرآن، أو أُسقط كما أُسقطت آيات كثيرة ذكرناها سابقاً.

وفي سورة فاطر، ألآية 8: " أفمن زُين له سوء عمله فراءه حسناً فإن الله يُضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تُذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون". فبداية ألآية تسأل:" أفمن زُين له سوء عمله فراءه حسناً "، فالأنسان يتوقع أن يجد مقارنة مع شخص آخر مثلاً، " كمن أهتدى". ولكن بدل المقارنة نجد " فإن الله يُضل من يشاء". لا علاقة البتة بين بداية ألآية وبقيتها. وقد قال القرطبي "هذا كلام عربي طريف لا يعرفه الا القليل". والقرآن لم ينزل للقليل
وبعض ألآيات بها جُمل اعتراضية لا تزيد في المعني وليس لها اي سبب يجعلها تدخل في ألآية، فمثلاً في سورة الانعام ألآية 151: " قل تعالوا أتلوا عليكم ما حرّم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق". فالاية كلها تتكلم عن الاشياء التي نهانا عنها الله، ولكن في وسطها نجد " وبالوالدين إحسانا". وواضح ان هذه ليست من المحرمات وانما زُج بها هنا سهواً، فلم يحرم الله الرفق بالوالدين.

وهناك كلمات أُدخلت زيادةً في بعض ألآيات فأدت الى صعوبات جمة في التفسير. فسورة الانبياء ألآية 104 تقول: " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين". فكلمة " للكتب" هنا لا تخدم المعنى باي شئ بل تعقد الشرح. وقال ابن عباس ومجاهد " كطي السجل للكتب" تعني كطي الصحيفة على ما فيها، فاللام في " للكتب: بمعنى " على". وقال ابن عباس كذلك في رواية أخرى ان السجل كان اسم احد كُتّاب الوحي. وكلمة سجل أصلاً تعني " دلو"، فتقول " ساجلت الرجل" إذا نزع دلواً ونزعت دلواً. ومنها المساجلة الشعرية عندما يتبارى شخصان او أكثر بابيات شعرية. ثم استُعيرت فسميت المكاتبة مساجلة والسجل هو الصحيفة المكتوبة. فيوم نطوي السماء كطي السجل واضح معناها، وكلمة " للكتب" إضافة عقدت المعنى.

وفي سورة لقمان عندما قال لقمان يوصي ابنه:
13- " وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم" 14- " ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين إن اشكر لي ولوالديك اليّ المصير"
15- " وإن جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً وأتبع سبيل من أناب اليّ ثم اليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون"
16- " يا بني إنها إن تك مثقال حبةٍ من خردلٍ فتكن في صخرةٍ او في السماوات أو في ألارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير"
17- " يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور"
18- " ولا تصّعر خدك للناس ولا تمشي في الارض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور"
19- " وأقصد في مشيك واغضض من صوتك إن انكر الاصوات لصوت الحمير"

ففي الآية 13 المتكلم هو لقمان يعظ ابنه، ثم فجأة في الآية 14 يصير المتكلم هو الله فيوصي الانسان بوالديه ويضيف عليها ان الحمل والرضاعة يجب ان تكون عامين ثم يُفصل الطفل، ويستمر الله في وصية الانسان في الآية 15. ثم نرجع الى لقمان في ألآية 16 وما بعدها ليكمل وصية ابنه. فالآيتان الرابعة عشر والخامسة عشر أُدخلتا هنا بطريق الخطأ ولم يكونا أصلاً جزءاً من السورة.

ولنقرأ هذه الآيات من سورة المعارج:
37- " فما بال الذين كفروا قبلك مهطعين"
37- " عن اليمين وعن الشمال عزين"
38- " أيطمع كل امرئ منهم ان يدخل جنة نعيم"
39- " كلا إنّا خلقناهم مما يعلمون"

فالكلمة الاخيرة من كل آية، مع انها مسجوعة، الا انها ثقيلة على السمع ، ونشك انها كلمات عربية. انما استعملت من باب الغريب من اللفظ ليكون لها اثرٌ في نفوس السامعين، كما كان يفعل الكهان سابقاً. والمنطق فيها اغرب من الكلمات: " أيطمع كل امرئ منهم ان يدخل جنة نعيم، كلا انا خلقناهم مما يعلمون." فيقول الله يجب الا يطمعوا في دخول الجنة لاننا خلقناهم من نُطفٍ، من مني، وهذا معنى " خلقناهم مما يعلمون". ولاننا خلقناهم من مني، يجب الا يطمعوا في دخول الجنة. ويقول القرطبي في تفسيره ( كان المشركون يستهزئون بالمسلمين فقال الله " إنا خلقناهم مما يعلمون" من القذر، فلا يليق بهم هذا التكبر.) ورغم تفسير القرطبي، يظل المنطق غريباً، أفلانه خلقهم من القذر يجب الا يتكبروا ولا يطمعوا في دخول الجنة؟

وفي سورة القيامة، الآية 14: " بل الانسان على نفسه بصيرةٌ ". وبدل ان يقول " بصير" ليصف الانسان، قال " بصيرةً ". وقال المفسرون ان التاء في " بصيرة " للمبالغة. ونسأل: ما الداعي للمبالغة؟ فالقرآن هنا إنما يذكر حقيقة، وهي إن الانسان بصير على نفسه. فلماذا يحتاج أن يبالغ؟

ويتضح من هذا العرض ان هناك اشياء كثيرة في القرآن خارجة عن المألوف ولا تمثل اي نوع من البلاغة النثرية، وانما فرضها السجع الذي لا تخلو اي سورة في القرآن منه. والسبب طبعا، كما قلنا سابقاً،ً ان السجع يسهل حفظه، وبما ان القرآن كان يُحفظ في صدور الرجال حينما كان ينزل به الوحي، كان لا بد من استعمال السجع.

السحر في القرآن:
لم تعد وسائل الحرب العادية البسيطة تكفي الانسان البدائي في حربه ضد قوى الشر، فبدأ يتصور بخياله كائنات تستطيع بقواها الخارقة مساعدته بمنازلة اعدائه. وتخيل هذه المخلوقات انصاف آلهة يستمدون قواهم من السماء وسمى هذه المخلوقات " جن" وجعل منهم جناً خيرين يستطيع بواسطتهم الوصول الى ما يجد نفسه عاجزاً عن بلوغه بنفسه، وجناً شريرين يساعدونه في الانتقام من اعدائه. وجعل الانسان للجن من القوى والسمات الفائقة ما يجعلهم اشبه بالآلهة. وتصور الانسان ان مجتمع الجن مثل مجتمع الانسان من حيث التركيب، ففيه حكام واجراء وفيه خيرون وشريرون، ولكن اهم صفات هذا المجتمع انه يساكن الانسان ويعاشره ويسكن معه في جسمه وفي ثوبه وفي طعامه وفي تفكيره وفي علاقاته الجنسية. هكذا تخيل الانسان الجن الذين لا يراهم رأي العين، ونظّم اسلوباً للتعامل بينه وبينهم، واضاف الى اشخاصهم صفات الشذوذ في الهيئة والمسكن والسلوك والصوت.

غير ان اشياء اخرى في تفكير الانسان دفعته الى البحث عن وسائل جديدة لبلوغ اهدافه، وسائل يستطيع ان يلمسها ويتبينها بنفسه قي الوقت الذي لا يستطيع فيه ان يلمس ويتبين اشخاص الجن، وهنا اتجه الانسان نحو السحر[153].

وقد عرّف ابن خلدون السحر بانه " علم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية بها على التاثيرات في عالم العناصر بغير مُعين "[154]. وقد جمع البخاري بين الكهانة والسحر، لان مرجع الاثنين شئ واحد هو الشياطين. وقد صّنف ابن خلدون السحر اصنافاً ثلاثة: السحر بالمعنى المفهوم عند الفلاسفة، وهو التأثير بالهمة من غير آلةٍ او مُعين، والطلسمات، وهي التأثير بمعين من مزاج الافلاك والعناصر او خواص الساحر المؤثرة، حتى يرى الرائي شيئاً في الخارج وليس هناك شئ.

وهذا التعريف الاخير هو الذي غلب علي السحر. والسحر في عرف بعض علماء اللغة الاسلاميين هو " عمل يُقرب فيه الى الشيطان". وتربط الاخبار الواردة عن السحر بينه وبين اليهود، وتُرجع كتبه الي سليمان والى جنه، مما يدل على اثر اليهود واساطيرهم في هذا الباب وفي نفوس اهل الجاهلية. والواقع ان اكثر السحرة كانوا من اليهود، يقصدهم الجاهليون من انحاء بعيدة، لاعتقادهم بسعة علمهم. وكان اليهود يسندون علمهم الى بابل، ولهذا نجد الاحاديث والاخبار العربية تُرجع علم السحر الى بابل واليهود.

وقد اخذ المسلمون اكثر ما ذكروه عن السحر من العبرانيين خاصة من وهب بن منبه وجماعته ممن اسلم من يهود. كما اشار المفسرون الى اثر المصريين في اليهود في السحر، والى تجمع السحر كله في كتب جُمعت وحُفظت عند سليمان. فكان يضبط الانس والجن بهذا السحر. فلما مات سليمان، انبأ الشياطين زعماء اسرائيل بكنز سليمان العظيم، فاستخرجوه وتعلموا منه السحر[155].
والفرق بين الكهانة والسحر ان الكهانة تنبؤ، فسند الكاهن هو كلامه الذي يذكره للناس، اما السحر فانه عمل، للتاثير في الارواح كي تقوم بأداء ما يُطلب منها. ولا يمكن صنع سحر ما لم يقترن بعمل. وفن كهذا مغر جداً، فمن من الناس لا يريد تسخير القوى الخفية لخيره او لالحاق الاذى باعدائه. ولذلك كان للسحرة اثر خطير في التاريخ، بالرغم من مقاومة بعض الاديان له. ويسمى السحر في العبرانية " Keshef"، وهذه الكلمة مثل اكثر الاصطلاحات العبرانية التي لها صلة بالارواح غامضة، ولا يُعرف اصلها. واليهودية عنيفة على السحر والسحرة، غير انها لم تتمكن من القضاء عليه بين العبرانيين.

ويبطل عمل السحر بالسحر، فالمرأة التي تحاول سحر زوجها والانفراد به دون سائر الزوجات، لا بد ان يُقابل عملها بعمل مماثل من بقية الزوجات. ويستعمل السحر لاشعال نيران الحب وكذلك يستعمل لايقاد البغض والكراهية في النفوس. ويداوي الساحر امراضاً عديدة، بل كل الامراض، وما المرض في نظر القدماء الا ارواح شريرة حلت في الجسد. ولن يُشفى الجسد الا بطرد تلك الروح. وطرد الروح من اختصاص السحرة. وكلمة " طبيب" هي من هذا الاصل. فالطب في اللغة هو السحر، و " المطبوب" هو المسحور، و " الطاب" هو الساحر[156].

ومن طرق السحر عند الجاهليين، النفث في العقد، ويكون ذلك بعقد عُقد والنفث عليها. والنفث في العقد من طرق السحر القديمة المعروفة عند العبرانيين والاشوريين وغيرهم. وقد عُثر في الكتابات المسمارية على تعليمات في كيفية اتقاء شر الارواح الخبيثة التي تسحر الناس

" والنُشرة" سلاح مفيد جداً لحل عقد الرجل عن مباشرة الجماع مع اهله ( Impotence). وقد كانت مشهورة في ايام الرسول. وقد اباح العلماء " النُشرة العربية" التي لا تضر اذا وطئت، والنُشرة هي ان يخرج الانسان في موضع عضاه ( الخلاء)، فيأخذ عن يمينه وشماله من كلٍ ) )أي الارض)، ثم يذيبه في ماء ويقرأ فيه، ثم يغتسل به[157]. ويدل نعت هذه النُشرة بالعربية علي وجود نُشرات غير عربية، وهي النُشرات التي كان يعملها اليهود. وقد كانوا يستعملون الادعية العبرانية، لذلك نهى الاسلام عنها[158].
واما الرقية فتستعمل في مداوات الافات مثل الحمى والصرع ولدغات العقارب والحيات وامثال ذلك، وتكون بقراءة شئ على المريض او على موضع المرض ثم النفث عليه، او بحمل شئ مكتوب ( حجاب). وقد ذكر علماء الحديث ان الاسلام قد نهى عن الرقية التى تكون بلسان غير عربي[159].

اما " الجبت" فقال محمد بن اسحاق عن حسان بن فائد عن عمر بن الخطاب انه قال: الجبت السحر والطاغوت الشيطان. وقال العلامة ابو نصر بن اسماعيل بن حماد الجوهري في كتابه " الصحاح": الجبت كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك. وقال ان كلمة الجبت ليست من محض العربية لاجتماع الجيم والتاء في كلمة واحدة من غير حرف ذو لقى ( يعني واو أو ياء أو ألف).

والمتعارف عليه بين المسلمين ان الاسلام نهى عن ممارسة السحر بدليل الحديث " اجتنبوا الموبقات: الشرك بالله والسحر". وكذلك في القرآن في سورة النساء الآية 51: " الم تر الى الذين اوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت". وبالرغم من هذا نجد اقوال واعمال النبي وبعض سور القرآن تعترف بالسحر وتتعوذ منه ومن السحرة.

ففي السيرة النبوية نجد ان السبب المذكور لنزول سورة " الفلق" هو ان لبيد بن اعصم اليهودي سحر الرسول ودس ذلك السحر في بئر لبني زريق تسمى " بئر ذروان". فأعلم الله الرسول بمكان هذا السحر، فأرسل الرسول علي بن ابي طالب وعمار بن ياسر فافرغا البئر من الماء واستخرجا السحر، ورجعا به للرسول. ووجدوا السحر يتكون من مشاطة رأس واسنان مشط مربوطة بخيط فيه احدى عشرة عقدة. فأمر الرسول، وكان مريضاً بسبب هذا السحر، امر بالتعوذ بسورتي " الفلق" و " الناس"، ومجموع آيات السورتين احد عشرة اية. فكان كلما قرأ آية منهما انحلت عقدة ووجد خفةً، حتى انحلت العقد جميعاً وقام كأنما نشط من عقال[160].

فلننظر الى سورة الفلق اولاً:
1- " قل اعوذ برب الفلق"
2- "من شر ما خلق"
3- "ومن شر غاسق اذا وقب"
4- "ومن شر النفاثات في العقد"
5- "ومن شر حاسد اذا حسد"
فهل هناك ايمان بالسحر اكثر من هذا؟ هذا هو الرسول نفسه الذي اخبرنا " ان لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا" يستعيذ بالله من شر النفاثات في العقد. فلو كان صحيحاً ان لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا، فليس هناك اي حاجة لدعاء الله ان يعيذنا من شر النفاثات في العقد، لانها لن تضيرنا الا اذا كان الله قد كتبها لنا، وفي هذه الحالة يكون الله قد اذن للساحر ان يضرنا، وفي هذه الحالة لا داعي لسؤال الله أن يقينا منهم، فالله قد سبق وأذن لهم ان يضرونا وهو لا يغير القضاء لانه مكتوب في اللوح المحفوظ منذ الازل.

ولا يستعيذ الرسول من النفاثات في العقد فقط، بل يستعيذ من " شر غاسق اذا وقب"، اي من شر الليل اذا اظلم. والذي يُفهم من هذه الاية ان الليل اذا اظلم، ازداد الشر في العالم وبالتالي ازدادت فرصة اصابتنا بالاذى، لان الشياطين تظهر في الليالى المظلمة. والجدير بالذكر هنا ان الزمخشري، وكان لا يؤمن بالسحر، لم يذكر هذه القصة في كتابه " الكشّاف". والشياطين يُذكرون في القرآن في اكثر من عشرة سور، وهناك سورة كاملة اسمها سورة " الجن".

ومن هولاء الجن من اسلم عندما سمعوا القرآن: " قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآناً عجبا، يهدي الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا احدا"[161] ويخبرنا اهل القصص الاسلامية ان من الجن من تزوج من نساء من البشر. ويخبرنا القرآن ان الجن خُلق من نار ولذلك ليس لهم اجساد مرئية، ولذا يسهل عليهم الاختلاط بالسحرة لمساعدتهم على صناعة السحر دون ان يراهم الناس.

عرب الجاهلية، مثلهم مثل كل الشعوب البدائية، كانوا يؤمنون بهذه الغيبيات وبالشياطين، وهذا شئ يسهل فهمه، أما أن يؤمن بها رسولٌ مرسل من عند الله بدين هو آخر الاديان المنزلة ومن المفترض أن يؤمن به كل انسان الى نهاية الحياة على هذا الكوكب، فأمرٌ يصعب فهمه. والاسلام يدعو للايمان بالجن والسحر، والقرآن يذكر للشيطان خمسة اسماء ومراتب: فهناك الجن والجان والشيطان والعفريت والمارد. والمارد هو أقواهم واشدهم فتكاً. وللجن من له أجنحة ويطير، ومنهم من يكون في هيئة ثعبان أو كلب ومنهم من يكون في هيئة انسان.

ولذا نجد أن علماء المسلمين قد نسجوا قصصاً عن الجن لا يصدقها العقل. فهاهو أبو عمر الازهري يخبرنا أن أبن عباس قال: ( كانت الشياطين في الجاهلية تعزف الليل اجمع بين الصفا والمروة وكان فيهما أصنامٌ لهم )[162] فهل ياترى كانت موسيقى الجن كموسيقى البشر، وهل كانت أصنامهم هي نفس أصنام العرب الجاهليين أم كانت مختلفة؟ وإن كانت مختلفة فهل كانت مرئية للبشر أم مستترة كالذين يعبدونها؟

وفي سورة الناس نجد:
1- " قل اعوذ برب الناس"
2- "ملك الناس"
3- "إله الناس"
4- "من شر الوسواس الخناس"
5- " الذي يوسوس في صدور الناس"
6- "من الجنة والناس "
وهاهو الرسول مرة اخرى يستعيذ من شر الوسواس الخناس، سواء أكان من الجن او الانس. وهذا كذلك اعتراف بالسحر ومقدرة الجن والانس ان يلقوا الضرر بالمسلم عن طريق الوسوسة في صدره. وهذا منتهى الايمان بالغيبيات ومنها السحر.

وهاهو القرآن في سورة البقرة الآية 102 يحدثنا عن جن سليمان والسحر وهاروت وماروت: " يعلّمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ...... وما هم بضارين به من احد الا بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم". فهاهم السحرة، مرة اخرى، يضرون الناس باذن الله. فاذا كان السحرة بمقدورهم ضرر الناس بتعاويذهم، فعلى الناس حماية انفسهم من هذا الضرر بتعاويذ مضادة لتعاويذ الساحر وبتعليق التمائم والرقي على اعناقهم.

وقد شجع الاسلام هذه العادة، وقال علماء المسلمين ان الرقي يُكره منه ما كان بغير اللسان العربي. وفي موطأ مالك: ان ابا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها، فقال ابو بكر: ارقيها بكتاب الله. يعني بالتوراة والانجيل. وما زال المسلمون في أرياف الوطن العربي يلبسون التمائم والاحجبة لتحرسهم من الشياطين ولترد عنهم ألاذى.

ولغة القرآن نفسها فيها شئ من السحر والطلاسم، فبعض السور تبتدئ بحروف ليس لها اي معنى معروف، فهي كالرموز التي تُستعمل في الشفرة. فهناك خمسة سور تبتدئ ب " الف، لام، ر" وسورة واحدة، سورة الرعد، تبتدئ ب " الف، لام، ميم، ر" وسورة مريم تبتدئ ب " كاف، هاء، ياء، عين، صاد"، وسورتين بدايتهما " طاء، سين، ميم" وسورة النمل، بينهما، تبتدئ ب " طاء، سين"، وستة سور تبتدئ ب " حاء، ميم"، وسورة الشورى تبتدي ب " حاء، ميم، عين، سين، قاف". وسورة الاعراف تبتدئ ب " الف، لام، ميم، صاد" وهناك سور تبتدئ بحرف واحد مثل سورة قاف و سورة ص، وبعض السور تبتدئ بحرفين مثل طه ويس. وباختصار هناك تسع وعشرون سورة تبتدئ بالغاز لا يفهم معناها احد.

وقد ذهب بعض المستشرقين ( هيرشفيلد)[163] الى القول بانها الحروف الاولى من اسماء اشخاص ساعدوا زيد بن ثابت في كتابة القرآن، وذهب آخرون الى انها محاولة للايعاز للعرب الذين كانوا وما زالوا يؤمنون بالسحر وبالكهان الذين كانوا يستعملون الالغاز في طلاسمهم، بأن القرآن ليس من عند محمد بدليل ان فيه الغاز لا يفهمها حتى محمد نفسه. وعلى كل حال، هذه الالغاز لا تخدم غرضاً منطقياً اذ ان القرآن نزل ليوصل للناس رسالة معينة، ونزل بلسانهم، فما الفائدة من انزال رموز لا يفهمها الناس المخاطبون بها؟

والقرآن مولع بالقَسَمْ في بداية السور، مثله في ذلك مثل الكهان الذين كانوا يستعملون القسم في كل أقوالهم ليوهموا السامع بانهم قادرون على كل شئ لدرجة أنهم يقسمون ان الشئ المطلوب سوف يحدث. فهناك سبع عشرة سورة في اولها قسم. فيقسم الله بالتين والزيتون، ويقسم بالنجم اذا هوى، وكذلك بالسماء ذات البروج، وبالضحى، وبالفجر وما الى ذلك. وهناك قسم كذلك في منتصف السور. فنجد الآية 16 وما بعدها، في منتصف سورة الانشقاق، كلها قسم: " فلا اقسم بالشفق. والليل وما وسق. والقمر اذا اتسق. لتركبن طبقاً عن طبق". فما اهمية الشفق حتى يقسم به الله؟ ولماذا استعمال الغريب من اللفظ للتعبير عن شئ بسيط؟ فأستعمال كلمة " وسق" مع الليل، لتعني الليل وما جمع، واستعمال كلمة " اتسق" مع القمر لتعني " اكتمل"، لا يخدم غرضاً ولم يكن ضرورياً لولا مجاراة السجع والاعجاب بغريب اللفظ.

وهناك من القسم ماهو غير مفهوم اطلاقاً، فمثلاً:
" والصافات صفا، فالزاجرات زجرا، فالتاليات ذكرا"[164]
" والذاريات ذرواً، فالحاملات وقرأً، فالجاريات يسراً، فالمقسمات أمراً"[165]
" والمرسلات عرفاً، فالعاصفات عصفاً، والناشرات نشراً، فالفارقات فرقاً"[166]

والسؤال الذي يطرأ على الذهن هو: لماذا احتاج الله ان يقسم لعبيده، وكلنا عبيد الله. وهل يحتاج السيد لان يقسم لعبيده ليصدقوه؟ وفي رأيي ان القرآن، مرة اخرى، يحاول ان يجاري الجاهليين في عاداتهم، ومنها القسم المتكرر. فالجاهليون كانوا مولعين بالقسم في كلامهم، فكانوا دائماُ يقولون: تالله لافعلن هذا، ووالله لاضربن عنقك، وهكذا.

وكل اشكال القسم في القرآن ادخلت المفسرين في مأزق عندما حاولوا تفسيرها، فأغلبها يبتدئ ب "لا": " لا اقسم بيوم القيامة" و " لا اقسم بالشفق" و" ولا أقسم بالخنس". فالمفسرون قالوا ان " لا" زائدة، واراد الله ان يقول: " اقسم بيوم القيامة". وهذا خطأ لان الله ما كان ليحتاج ان يدخل "لا" زائدة في كل مرة يقسم فيها. لو حصلت مرةً واحدة لفهمناها، أما ان تحدث في كل مرة يقسم فيها فأمرٌ غير مستساق. ولو تنبه المفسرون الى ان في الفترة التي جُمع فيها القرآن، لم تكن هناك علامات ترقيم في اللغة العربية، وان الآية كانت : " لأقسم" واللام هنا للتاكيد، مثل ان نقول " لأفعلن كذا"، ولكن لانها كُتبت بغير الهمزة على الالف، قُرئت " لا" فصارت لا اقسم بدل لأقسم.

قصص القرآن:

يحتوي القرآن على كمية هائلة من القصص عن الانبياء والشعوب الماضية، وخاصةً بني اسرائيل. وبعد ذكر كل انبياء اسرائيل وهجرتهم من مصر وتيههم في الصحراء اربعين عاماً، نجد القرآن مولعاً بالنبي موسى، فقد ذُكر موسى في ستة وثلاثين سورة وما لايقل عن المائة وتسع مرات في القرآن. وكل مرة ذُكر فيها كانت تكراراً لما سبق ان قيل في سورة البقرة. فكل قصة موسى وبني اسرائيل التي نقرأها في سورة البقرة، تعاد علينا بكل تفاصيلها في سورة المائدة وفي سورة يونس والاعراف والنمل وطه والقصص وسور اخرى. وكذلك ابراهيم ذكر في خمسة وعشرين سورة. فلو كرر القرآن موعظة او قانوناً من الفقه لفهمنا انه يريد التأكيد على ذلك، ولكن ان تُعاد نفس القصة اكثر من ست او سبع مرات، فلا اجد لها مبرراً.

وبعض القصص عبارة عن خُرافة لا يمكن لاي انسان لديه ذرة من العقل ان يصدقها، مثل سورة يونس الذي ابتلعه الحوت وظل في بطنه اياماً ثم نبذه بالعراء. ويخبرنا القرآن لولا ان يونس كان من المسبحين، " للبث في بطنه الى يوم يبعثون". ونجد أنفسنا هنا امام مشكلتين كبيرتين: كيف ابتلع الحوت يونس كاملاً دون ان يقطعه ارباً؟ فنحن نعرف ان اكبر الاسماك في المحيطات هو حوت يقال له " Whale" وهو اكبر من سمك القرش. ولكن حتى هذا الحوت، مثله مثل سمك القرش، يعتمد على اسنانه التي تفوق في حدتها الموسى، ليقطع طعامه قبل ان يبتلعه.

ولو افترضنا ان الحوت ابتلع يونس كاملاً، فاين وجد يونس الهواء ليتنفس ويعيش اياماً في بطن الحوت دون ان تهضمه العصارات الهاضمه في معدة وامعاء الحوت. والمشكلة الثانية ان القرآن يقول لولا ان كان يونس من المسبحين لظل في بطن الحوت الى يوم يبعثون. وهذا يقتضي ان يعيش الحوت ألاف او ملايين السنين، الى ان يُبعث الناس. والا فلو مات الحوت، مات يونس معه. فهل يُعقل ان يعيش الحوت الاف السنين؟ ولو افترضنا أن يونس، بمعجزة إلهية، قدر أن يتنفس في بطن الحوت لمدة ثلاثة أيام ولياليها، ما الفائدة من وراء هذه القصة؟ هل الغرض منها إقناعنا بأن الله قادر أن يصنع المعجزات وقد روى لنا القرآن عدة معجزات أخرى قام بها موسى وعيسى وغيرهم؟ أم الغرض منها شئ آخر يخفى علينا؟

وطبعاً القصة كلها مأخوذة من التوراة عندما أمر الرب رسوله يونس " Jonah " أن يذهب الى مدينة نينفا ) نينوى) ليعظ أهلها، ولكن يونس هرب الى مدينة أخرى وركب مركبا متجهاً الى مدينة " تارشيش". وفي أثناء الرحلة هاج البحر وكاد المركب أن يغرق، فقال يونس لركاب المركب: أرموني في البحر حتى يهدأ. فرموه في البحر وهدأ البحر. وابتلع حوت كبير يونس، وظل يونس في بطنه ثلاثة أيام وثلاثة ليالي ثم قذفه الحوت على اليابسة.[167]

ومن الاشياء المحيرة في جمع وتبويب القرآن ان هناك سورة اسمها " يونس" بها 109 آيات، ويُذكر فيها يونس مرة واحدة فقط في الآية 98: " فلولا كانت قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين". وفي سورة الصافات نجد تفاصيل قصة يونس في عشرآيات متتاليات. وكان الاجدر ان تُسمى هي سورة يونس. وكذلك هناك سورة اسمها " النحل" بها 128 أيةً، ولا يذكر فيها النحل الا في الايتين 68 و 69.

وهذه الاية المذكورة في سورة يونس أعلاه يصعب فهمها لان " الا" اداة استثناء، فنقول مثلاً: آمن الناس كلهم الا ابو لهب. واذا طبّقنا هذا على الاية المذكورة، نجد " الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي". ويُفهم من هذا ان الذين آمنوا قبلهم لم يرفع عنهم عذاب الخزي ولم ينفعهم ايمانهم. ولكن الجزء الاول من الاية يقول: " فلولا قرية آمنت فنفعها ايمانها". و " لولا" حرف امتناع لوجود. فنقول مثلاً: لولا النيل لكانت مصرُ صحراءً". فوجود النيل منع مصر من ان تكون صحراء. وبالتالي فلولا قريةُ آمنت، لعذبها الله، ولكن وجود ايمانها منع عذابها. يعني نفعها ايمانها. فلا مجال للاستثناء هنا، لان القرية التي آمنت نفعها ايمانها وقوم يونس نفعهم ايمانهم.

ومن القصص ما هو رتيب وليس فيه ما يفيد المسلمين. فخذ مثلاً موسى لما قال لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرةً. سورة البقرة الاية 67 وما بعدها." يقول له قومه ادعوا لنا ربك يبين لنا ما هي". اخبرهم انها " بقرة لا فارض ولا بكر، عواناً بين ذلك". فسألوه عن لونها، فقال: " صفراء فاقع لونها يسر الناظرين". فقالوا اسأله مرة اخرى لان البقر تشابه علينا، فقال انه يقول: " بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها". قالوا الان جئت بالحق، فذبحوها. ماذا يستفيد الناس من مثل هذا القصص، ولماذا اصر الله على بقرة بعينها تُذبح له، ولماذا طلب ان تذبح له بقرة ؟ هل ارادهم ان يذبحوا له قرباناً كما كانوا يذبحون القربان للاصنام؟ وهل هناك أبقار صفر؟

اما قصة موسى وفتاه مع نبي الله الخضر فيصعب تصديقها. يخرج موسى وفتاه يحملان معهم سمكاً مجففاً ومملوحاً ليكفيهم في رحلتهم الى مجمع البحرين. " فلما بلغا مجمع ما بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا". ولما طلب موسى غداءه اخبره فتاه انه نسى الحوت عند مجمع البحر، فسبح السمك في البحر، وهو سمك مجفف. فلما قابلا نبي الله الخضر وركبا معه سفينة لجماعة من الصيادين، خرقها نبي الله الخضر لانه اراد ان يعطبها لان ملك بلاد الصيادين يأخذ السفن غصباً من الناس. ولا ندري لماذا لم يأخذ هذه السفينة من قبل ان يركبها نبي الله الخضر؟ وهل كان يصعب على هذا الملك ان يأخذ السفينة بعد أن خرقها نبي الله الخضر ويصلح الخرق البسيط بها؟ ولا بد ان يكون الخرق صغيراً جداً والا لغرقت السفينة بموسى ومن معه.

ثم لما خرجوا من السفينة، لقوا غلاماً فقتله نبي الله الخضر لانه كان يخشى ان يرهق هذا الغلام أبويه المؤمنين عندما يكبر، بأن يطلب منهما ان يكفرا. ولا أعتقد انه حدث في تاريخ البشر على الارض ان طلب صبي من ابويه ان يكفرا، فالصبي يتربى على دين ابويه. والقرآن نفسه يقول في عدة آيات ان الناس يعبدون ما وجدوا أباءهم عليه، " ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحق إلهاً واحداً"[168]. ولهذا نجد عدة اديان في هذا العالم الان لان الابناء يعبدون ما وجدوا آباءهم عليه، ويندر جداً ان يغير شخص دينه. وحتى لو فعل، ليس من المتوقع ان يطلب من ابويه ان يغيرا دينهما. وحتى لو طلب منهما ذلك يكون بامكانهما الرفض كما حدث عندما دعا ابراهيم اباه ان يترك عبادة الاصنام ويتبع دينه الجديد فرفض ان يترك عبادة اصنامه، وعندما طلب الرسول من عمه ابي طالب، وهو على فراش الموت، ان يسلم، رفض ابو طالب. فهل الخشية من ان يرهق الغلام والديه سبب كافي لقتله؟

ولماذا لم يقتل الله الابن الكافر الذي قال لوالديه أُف لكما، تخبراني اني سأخرج من القير وما هذه الا اساطير الاولين، واستغاث والداه بالله ولكن الله لم يقتله كما فعل نبي الله الخضر عندما خاف ان يُرهق الطفل والديه عندما يكبر: " والذي قال لوالديه أُفٍ لكما أتعدانني ان أُخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله، ويلك آمن ان وعد الله حق فيقول ما هذا الا اساطير الاولين" [169]. فهذا الغلام قال لوالديه المؤمنين ان دينكما أساطير الاولين، واستغاث والداه بالله ولم يقتله الله، فلماذا قتل نبي الله الخضر ذلك الغلام؟ وكما مر علينا في سورة لقمان عندما اوصى الله الانسان فقال: " وإن جاهداك على ان تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب اليّ". وهاهو الله يقول للانسان إن جاهدك ابواك على ان تُشرك بي فلا تطعهما. ونفس الشئ يمكن ان يُقال للابويين اذا جاهدهما ابنهما على ان يكفرا. فالقرآن هنا لم يقل للانسان اقتل من جاهدك على ان تُشرك بي، بل بالعكس قال له: " وصاحبهما في الدنيا معروفاً". فلا نرى عذراً لنبي الله الخضر في قتل الغلام.

وقصص احياء الموتى تتكرر في عدة سور في القرآن. فهاهو ابراهيم في سورة البقرة الآية 260 يسأل ربه فيقول: " وقال ابراهيم رب ارني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً". وهاهم بنو اسرائيل لما قتلوا شخصاً قال لهم الله اضربوه بلسان البقرة التي ذبحوها لله، فأحيى الله الميت " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يُحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون"[170].

وفي سورة الكهف نرى ان الله امات اهل الكهف ثلاثمائة سنة او يزيد ثم احياهم وكلبهم . وكذلك يخبرنا في سورة البقرة الآية 259 " او كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال انّى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه " ولم يأسن طعامه. ويخبرنا القرآن كذلك ان عيسى قد احيى الموتى. وكل هذه القصص لن تُقنع شخصاً لم ير هذه المعجزات بام عينه. فما فائدة هذا التكرار هنا؟ هل كان محمد يتوقع أن يؤمن عرب الجزيرة لأنه أخبرهم بهذه القصص وكررها لهم؟

اما قصة الاسراء والمعراج فتأخذ مكان الصدارة في فهم عقلية رجال الدين الذين لا يعرفون اي شئ آخر غير الدين، وكيف انهم الصقوا بمحمد معجزات لم نعرفها حتى عند موسى وعيسى. فقد ورد ت في القرآن آية واحدة في سورة الاسراء: " سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصا الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير". ولكن أقرأ القصة كما كتبها ابن كثير في تفسيره للقرآن. ويُعتبر ابن كثير من العلماء البارزين، فقال: " واسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام بمكة الى المسجد الاقصى، معدن الانبياء من لدن ابراهيم الخليل عليه السلام ولهذا جُمعوا له هناك كلهم فأمهم في محلتهم ودارهم فدل على انه هو الامام الاعظم والرئيس المقدم صلوات الله عليه وعليهم اجمعين.

وقال انس بن مالك ليلة اُسري برسول الله (ص) من مسجد الكعبة انه جاءه ثلاثة نفر قبل ان يوحى اليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال اولهم: ايهم هذا؟ فقال اوسطهم: هو خيرهم فقال آخرهم: خذوا خيرهم. فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى اتوه ليلة اخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه – وكذلك الانبياء تنام اعينهم ولا تنام قلوبهم – فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره الى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى انقى جوفه ثم اتى بطست من ذهب فيه نور من ذهب محشو ايماناً وحكمة فحشا به صدره ولغاديده – يعني عروق حلقه- ثم اطبقه ثم عرج به الى السماء الدنيا فضرب باباً من ابوابها فناداه اهل السماء من هذا؟ فقال: جبريل، قالوا ومن معك؟ قال معي محمد قالوا وقد بُعث اليه؟ قال نعم قالوا فمرحباً به واهلاً، يستبشر به اهل السماء، لا يعلم اهل السماء بما يريد الله به في الارض حتى يعلمهم. فوجدوا في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل هذا ابوك آدم فسلم عليه، فسلم عليه ورد آدم فقال مرحباً واهلاً بابني فنعم الابن انت. فاذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان. فقال ما هذان النهران يا جبريل؟ قال هذان النيل والفرات عنصرهما. ثم مضى به في السماء فاذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فاذا هو مسك اذفر فقال ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ، ثم عرج به الى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الملائكة الاولى، من هذا؟ قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: محمد (ص)، قالوا: وقد بُعث اليه؟ قال: نعم،قالوا مرحبا به واهلاً، ثم عرج الى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الاولى والثانية ثم عرج به الى السماء الرابعة، فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به الى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به الى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به الى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك، كل سماء فيها انبياء قد سماهم فوعيت منهم ادريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة لم احفظ اسمه وابراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله تعالى. فقال موسى: ربي، لم اظن ان ترفع عليّ احداً، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه الا الله عز وجل، حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين او ادنى، فأوحى الله اليه فيما اوحى خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط به حتى بلغ موسى فأحتبسه موسى فقال: يا محمد ماذا عهد اليك ربك؟ قال: عهد الي خمسين صلاة كل يوم وليلة. قال: ان امتك لا تسنطيع ذلك، فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم. فالتفت النبي (ص) الى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار اليه جبريل ان نعم ان شئت، فعلا به الى الجبار تعالى وتقدس فقال وهو في مكانه " يا رب خفف عنا فان امتي لا تستطيع هذا". فوضع عنه عشر صلوات ثم رجع الى موسى فاحتبسه فلم يزل يرده موسى الى ربه حتى صارت الى خمس صلوات، ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني اسرائيل قومي على ادنى من هذا فضعفوا فتركوه، فامتك اضعف اجساداً وقلوباً وابداناً وابصاراً واسماعاً فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك. يلتفت النبي (ص) الى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل، فرفعه عند الخامسة فقال: يا رب ان امتي ضعفاء، اجسادهم وقلوبهم واسماعهم وابصارهم وابدانهم فخفف عنا. فقال الجبار تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك وسعديك. قال: انه لا يُبدل القول لدي كما فرضت عليك في ام الكتاب فكل حسنة بعشرة امثالها فهي خمسون في ام الكتاب وهي خمس عليك. فرجع الى موسى فقال كيف فعلت؟ فقال خفف عنا اعطانا كل حسنة عشر امثالها. قال موسى قد والله راودت بني اسرائيل على ادنى من ذلك فتركوه، فارجع الى ربك فليخفف عنك ايضاً. قال رسول الله (ص): يا موسى قد والله استحيت من ربي عز وجل مما اختلف اليه. قال فاهبط باسم الله. قال: فاستيقظ وهو في المسجد الحرام. هكذا ساقه البخاري في كتاب التوحيد".[171]

فواضح من هذه الرواية ان محمداً كان نائماً فحلم انه ذهب من مكة الى القدس وزار المسجد الاقصى، الذي لم يكن موجوداً اصلاً قبل بعثة الرسول، فقد كان معبد سليمان في ذلك المكان. ومن هناك صعد الى السماء وراى ربه الذي فرض على المسلمين خمسين صلاة في اليوم وقبلها محمد، ولكن تدخُل موسى ادى الى تخفيضها الى خمس صلوات. فاذاً القصة كلها كانت حُلم، ولا يُعقل ان يطير محمد جسدياً من مكة الى السماء السابعة، ماراً بالقدس، ثم يرجع في ليلة واحدة.

وعائشة تخبرنا انه في ليلة الاسراء والمعراج ظل جسم الرسول جوارها في السرير حتى الصبح، لم يبرحه. وحتى الاسراء جسدياً من مكة الى المسجد الاقصى والرجوع الى مكة في ليلة واحدة، يصعب ان نصدق انه حدث في تلك الايام. انما المحتمل ان يكون اسراءً روحياً. ولكن السؤال: لماذا هذا الاسراء من مكة الى القدس، وان لم يكن جسدياً، ما الفائدة من ورائه؟ لماذا سرى محمد الى معقل اليهودية والمسيحية في القدس؟ أكان الغرض زيارة معبد سليمان، كما زارته بلقيس؟ فالقدس لم يكن بها مسلمون في ذلك الزمان ولم يكن بها مساجد، ناهيك عن المسجد الاقصى.

الاخطاء التاريخية:
هناك اخطاء تاريخية في القرآن تجعل القارئ يشك ان يكون القرآن منزّلاً من عند اله خلق كل شئ ويعلم تاريخ خلقه. فمثلاً، عندما يخاطب القرآن مريم ام عيسى، يقول لها: " يا اخت هارون". والمقصود هارون اخي موسى. والخطأ واضح هنا، اذ ان الفرق الزمني بينهما اكثر من ألف وخمسمائة عام. وصحيح ان موسى وهارون كانت لهم اخت اسمها مريم " Miriam" ولكن ام الرسول عيسى فأسمها ماري " Mary "، ولكن العرب سموها مريم، ومن هنا حدث الخلط بينهما. وقد حاول علماء الاسلام تصحيح هذا الخطأ بعدة طرق. فقد قال القرطبي في تفسيره للقرآن: " كان لمريم من ابيها اخ اسمه هارون فنسبت اليه. وكان هذا الاسم كثيراً في بني اسرائيل تبركاً باسم هارون اخي موسى، وكان امثل رجل في بني اسرائيل. وقيل هارون هذا كان رجلا صالحا في ذلك الزمان تبع جنازته يوم مات اربعون الفاً كلهم اسمه هارون".[172] وفي صحيح مسلم عن المغيرة بن شُعبة قال: لما قدمت نجران سألوني فقالوا انكم تقرءون " يا اخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله (ص) سألته عن ذلك، فقال: " انهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم". وقال الزمخشري: كان بينهما وبينه ألف سنة او اكثر فلا يتخيل ان مريم كانت اخت هارون وموسى.[173]

ونجد في سورة القصص الآية 38: " وقال فرعون يا ايها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فاوقد لي يا هامان على الطين فأجعل لي صرحاً لعلي اطلع الى إله موسى". وفي سورة غافر الآية 36 : " وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي ابلغ الاسباب". وهامان كان وزيرالملك اهاسورس " Ahasuerus " ملك فارس الذي حكم من الهند الي الحبشة، ولم يكن وزير فرعون. وقصص التوراة تحكي ان هامان غضب علي يهودي اسمه موردخاي واقنع الملك اهاسورس ان كل اليهود في الامبراطورية الفارسية يجب ان يقتلوا لانهم كانوا يخططون لاغتيال الملك، وحدد يوم الاعدام بيوم 13 آذار. وعندما علمت زوجة الملك، وكانت يهودية، اقنعت الملك ان يقيم وليمة يعزم عليها هامان. ويوم الوليمة تضرعت الملكة الى الملك واتهمت هامان بانه ينوي حصد اليهود بدون ذنب. فغضب الملك وخرج الى حديقة القصر ولما عاد وجد هامان عند قدمي الملكة، وكان هامان يستجديها، ولكن الملك اعتقد ان هامان كانت له نوايا خبيثة نحو الملكة، فامر باعدامه وسلم اليهود منه. وسمح الملك لليهود بمحاربة اعدائهم يوم 13 آذار. ولما انتصروا على اعدائهم اعلنوا يوم 14 آذار يوم عطلة لليهود وسموها بيوريم " Purim "[174]. ويتضح من هذا ان هامان لم يكن وزيراً لفرعون، ولم يكن حتى في مصر[175].

وفي سورةالانعام الآية 84، عندما يحكي القرآن عن ابراهيم، يقول: " ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلاً هدينا". وكذلك في سورة الانبياء، الآية 72: " ووهبنا له اسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين". ويُفهم من هذه الايات ان الله وهب لابراهيم ابنين: اسحق ويعقوب. ولكن يعقوب هو ابن اسحق، وليس ابن ابراهيم. وقد عرف المفسرون، في القرن الثامن الميلادي، بعد ان درسوا التاريخ اليهودي، ان يعقوب ابن اسحاق، فاضافوا هذا للتفسير وقالوا: ان الله بشر ابراهيم وساره زوجته باسحاق ومن بعد اسحاق يعقوب، يعنى ان سيكون لابراهيم حفيد من اسحاق. ولكن " من بعد" كذلك تعني ان اسحاق سيولد اولاً ثم من بعده يولد لابراهيم ابن آخر هو يعقوب. وهذا القول الثاني ارجح لان ابراهيم كان يتوسل الى الله ان يهبه ذريةً قبل ان يموت لانه وزوجته قد بلغا من الكبر عتياً. فالارجح ان يبشرهم الله بما سيولد لهما من أولاد وليس بما سوف يولد لهما من احفاد، وهم قد كبروا في السن. وحتى لو اراد الله ان يبشرهم بالاحفاد، فكان من الطبيعي ان يبشرهم باول طفل سوف يولد لابنهم اسحق. ولكن المشكلة ان زوجة اسحق حملت بتؤامين هم إساو"Esau" ويعقوب ، وولدت إساو اولاً ثم تبعه يعقوب من بعده[176]. فأذا كان تفسيرهم صحيحاً لصارت ألآية: ومن بعد اسحق إساو، لأن إساو هو ألابن ألاكبر ليعقوب. فأذاًً التفسير المنطقي هنا هو ان محمد اعتقد ان يعقوب هو ابن ابراهيم من بعد اسحق.

وفي سورة النساء الآية 163: " انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا دأود زبورا". فيظهر ان الله قد اوحى الى اعداد كبيرة من الناس، منهم الانبياء المعترف بهم في المسيحية واليهودية، ومنهم اسماء اضافها الاسلام، كل هذا بغير ترتيب زمني. ففي هذه الاية يخبرنا انه اوحى الى الاسباط. والاسباط هم الفروع او القبائل التي تكونت من بني اسرائيل بعد هجرتهم من مصر وتيههم في الصحراء. فكيف اوحي الله اليهم؟ هل بعث لكل قبيلة رسولاً؟ وهذا يخالف التاريخ اليهودي، ام اوحى الى كل قبيلة مباشرة دون رسول؟

اما سليمان وداود فلم يذكر التاريخ اليهودي ان لهما كتب مثل التوراة او الزبور. بل كان داود جندياً محارباً في جيش الملك ساؤول ( طالوت)، واختلف مع الملك، فاخذ قبيلته " جودا" ونزح الى الصحراء وظل بها الى ان مات ساؤول، فتعاهد داود مع ملك الفلسطينيين وكون مملكة " جودا" وعاصمتها الخليل " Hebron". وبعد سبع سنوات، عندما اُغتيل ملك اسرائيل، انتخب الاسرائيليون داود ملكاً عليهم. ورّحل داود عاصمته الى القدس وجعلها كذلك العاصمة الدينية للاسرائيليين بان جلب اليها تابوت السكينة "The Ark of the Covenant ". ولتمكينه في الحكم، اختار طائفة دينية معينة تسمي طائفة " يهوى" " Yahweh "، وجعل ديانتهم الديانة الرسمية للدولة. وبالتدريج اخضع كل القبائل المجاورة له وكون مملكة عظيمة. ويقال انه جمع كمية كبيرة من الادعية الدينية على شكل اشعار، سميت فيما بعد ب " مزامير داود". وهذه المزامير جُمعت بعد فترة المنفي اليودي عام 539 قبل الميلاد، و داود عاش حوالي عام 1000 قبل الميلاد، ولذا يشكك المؤرخون اليهود أن تكون المزامير من تأليف داود أو أُنزلت عليه.[177]

والقرآن يقول في سورة النساء ألآية 163: " وآتينا دأود زبورا". والتاريخ اليهودي لا يقول أن دأود كان نبياً ولا يذكر له أي كتاب سماوي. فقط يذكر التاريخ انه قتل جالوت "Goliath". وكان داود قائداً عظيماً لجيشه، ولكنه لا يذكر اي شئ عن صناعته للدروع او ان الحديد كان مسخراً له. وعندما مات داود خلفه على الحكم ابنه سليمان.

وسليمان حكم من عام 965 الى 932 قبل الميلاد بعد ان قتل اخاه من ابيه، الذي كان ينافسه على الحكم. وبنى معبداً للاله " يهوى" في القدس، عُرف فيما بعد بمعبد سليمان. ونظّم سليمان الحكم في مملكته وزاد من حجم جيشه وغزا وهزم كل القيائل في المنطقة وامتدت مملكته من فلسطين حتى سوريا و الحبشة. وكان مهتما ببناء المساكن والمدن لجيشه الذي كان يكبر بكبر مملكته.

ولأنجاز هذا البرامج الضخم من البناء، جعل سليمان العمل في البناء اجبارياً على كل رجال المملكة من يهود وغيرهم. فكان كل رجل ملزماً بان يعمل في البناء لمدة شهر في كل ثلاثة اشهر. فبنى مدن مثل " تدمر" وغيرها[178]. ولكثرة عمال البناء في مملكته، زعم العامة من اليهود فيما بعد ان الجن كان يساعد سليمان في بناء المدن وانه كان يفهم لغة الحيوانات، وكان له جيش من الطيور والجن. وبنى الاسلام قصصاُ اضافيةً حول هذا الزعم.

واكثر ما اشتهر به سليمان هو بلاطه الفخم في القدس وتعدد ازواجه. فقد قيل انه تزوج سبعمائة زوجة. وزارته ملكة سبأ. ولما كبر سليمان نسى دينه وتبع دين زوجاته وعبد الالهة " أشتورا" إلهة أهل صيدا بلبنان، فغضب الله عليه وقرر نزع الملك عن بيته بعد موته[179]

وسورة آل عمران تخبرنا في الآية 46 عن عيسى بن مريم: " ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين". وحتى لو سلمنا ان عيسى كلم الناس وهو في المهد، وهذا امر يُستبعد، رغم ان ابن كثير يخبرنا في تفسيره( حدثنا حاتم، حدثنا ابو الصقر يحيي بن محمد بن قُزعة حدثنا الحسين يعني المروزي حدثنا جرير يعني ابن ابي حازم عن محمد عن ابي هريرة عن النبي (ص) قال: " لم يتكلم في المهد الا ثلاث: عيسى وصبي في زمن جريج وصبي آخر"). وهذا طبعاً حديث لا يُقنع احداً. فمن هم هولاء الصبيان ومتى تكلموا؟
لو حدث ان تكلم عيسى في المهد لتكلم بهذا النصاري واليهود، لكنه لم يُذكر في اي من التاريخين، و حتى لو كلمهم في المهد فهو قطعاً لم يكلمهم كهلاً اذ انه صُلب وهو في الثالثة والثلاثين من عمره. وقد حاول المفسرون تلافي هذا الخطأ بان قال ابن كثير في حال كهولته حين يوحي الله اليه بعد ان ينزل من السماء.) وقال ابن جريج عن مجاهد قال: (الكهل هو الحليم)، يعني انه سيكلمهم وهو حليم. تفسير غير مقنع. وقال الاخفش: (يقال للطفل حدث الى سن ست عشرة سنة، ثم شاب الى اثنين وثلاثين، ثم كهل في ثلاث وثلاثين سنة)[180]. وهذا تعليل ضعيف اذ لن نجد شخصاً يوافق ان شاباً عمره ثلاث وثلاثين سنةً يكون كهلاً.

وذهب آخرون الى ان المسيح لم يقُتل ولم يُصلب وانما رفعه الله اليه وهو حي في السماء وسوف ينزله الله مرة اخرى ويعيش الى ان يصير كهلاً فيكلمهم: " وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا لفي شك منه مالهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً"[181]. والصعوبة في هذا التفسير هي انه لو رفع الله عيسى حياً الى السماء وهو عائش هناك وسوف ينزله في المستقبل، فسوف يكون عمره في ذلك الوقت الاف السنين، وهو قول غير مقبول، والحل الثاني هو ان يكون الله قد اوقف عمره في الثلاث والثلاثين وسيظل عائشاً بهذا العمر الى ان ينزله الى الارض مرة اخرى بعد الاف السنين. واذا قبلنا هذا المنطق، فسوف يكون عيسى شاباً حين ينزل الى الارض. فاذا اوقف الله عمره في الثلاث والثلاثين كل هذه السنين، فما الحكمة اذاً في جعله يكبر في السن حتى يصير كهلاً ليكلمهم وهو كهل؟

و في سورة آل عمران، الآية 55 نجد: "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ "، ونجد في سورة المائدة، الآية 117، عندما خاطب الله عيسى وقال له هل انت قلت للناس اعبدوني وامي دون الله، اجابه عيسى ب " ما قلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم وكنتُ عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنتَ انت الرقيب عليهم وانت على كل شئ شهيد". فاهو عيسى يقول لله " لما توفيتنى"، فاذاً قد مات عيسى، اما مصلوباً واما مات موتاً طبيعيا، ولم يرفعه الله حياً. ولكن القرطبي يقول في تفسيره: إني متوفيك بعد ان تنزل من السماء لتقتل المسيح الدجال. وقال الحسن وابن جريح: إني متوفيك يعني إني قابضك ورافعك الى السماء من غير موت، مثل قولهم:" توفيت مالي من فلان" أي قبضته. ولكن القول الاصح طبعاً هو " أستوفيت مالي من فلان". وقال الضحاك ان الذي قُتل كان واحداً من الحواريين وان الله كسا عيسى الريش وألبسه النور فطار مع الملائكة. وكل هذه الاقوال يصعب تصديقها.
وهناك كذلك إشكال في قصة ابراهيم واسماعيل. ففي سورة الصافات الآية 101 وما بعدها نجد: " فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ معه السعي قال يابني اني ارى في المنام ان اذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تُؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين، فلما اسلما وتله للجبين، وناديناه ان يا ابراهيم، قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين، ان هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم، وباركنا عليه في الاخرين، سلام على ابراهيم، كذلك نجزي المحسنين، انه من عبادنا المؤمنين، وبشرناه باسحاق نبياً من الصالحين". ويُفهم من هذه الايات ان الله امر ابراهيم ان يذبح ابنه اسماعيل، لان مجرى الاحداث يتطلب ذلك. فان الله لم يبشره باسحاق الا بعد ان فدى الابن الاول، اسماعيل، بذبح عظيم.

ولكن التاريخ اليهودي يقول ان الله امر ابراهيم ان يذبح اسحاق. ويتفق جُل علماء المسلمين الاوائل مع هذا القول. فهاهو ابن كثير في تفسيره للايات يقول: حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها ابراهيم فداء اسحاق ابنه. وقال حمزة الزيات عن ابن مسيرة رحمه الله: قال: قال يوسف عليه السلام للملك في وجهه: ترغب ان تأكل معي وانا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن اسحاق ذبيح الله ابن ابراهيم خليل الله. وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ان يوسف بن يعقوب بن اسحاق ذبيح الله بن ابراهيم خليل الله. وروى عكرمة عن ابن مسعود انه اسحاق. وروى ابن اسحاق عن عبد الله بن ابي بكر عن الزهري عن ابي سفيان عن العلاء بن جارية عن ابي هريرة عن كعب الاحبار انه قال هو اسحاق. وحكى البقولي عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس انه اسحاق.

ويجادل بعض العلماء ان الفداء كان لاسماعيل لان الله بشر ابراهيم باسحاق ومن بعد اسحاق يعقوب، ويقولون كيف يخبر الله ابراهيم انه سيهبه من بعد اسحاق يعقوب ثم يقول له اذبح اسحاق. والرد على هذا القول هو ان القران لما قال: " وبشرناه بأسحق ومن بعد أسحق يعقوب"، قصد أنه سيولد لابراهيم ولدين: اسحاق ثم من بعده يعقوب، كما وضحنا سابقاً. ونفس القصة موجودة في التوراة. فنرى في سفر التكوين، الاصحاح 21، الآية 12 " سنجعل ذريتك في اسحاق". ونرى في نفس السفر، الاصحاح 22، الاية الثانية " ونادى الرب على ابراهيم وقال له: خذ ابنك، وابنك الوحيد اسحاق، واذبحه". فكيف يقول له سنجعل ذريتك في اسحاق ثم يقول له اذبحه؟ وتكرار نفس الغلطة في التوراة وفي القرآن قد يوحي بان القرآن قد اقتبس من التوراة.

ونحن نعلم ان الله لم يبشر ابراهيم باسماعيل، وبشره فقط باسحاق، ولذا عندما يقول في الاية 101 من سورة الصافات: " فبشرناه بغلام حليم، فلما بلغ معه السعي قال يابني اني ارى في المنام ان اذبحك"، كان يقصد اسحاق، لانه الوحيد الذي بشر الله به ابراهيم.
والقرآن يأتي احياناً باشياء ليست من التاريخ في شئ ولا يعرف عنها الناس شئ. ففي سورة الدخان الآية 37 نجد: " أهم خيرٌ ام قوم تُبعٍ والذين من قبلهم اهلكناهم انهم كانوا مجرمين". ويقول المفسرون ان تُبع كان نبياً او رجلاً صالحاً. فاذا كان العرب الذين جاء الاسلام لاقناعهم لا يعرفون تُبع هذا، فما الفائدة من سوألهم اهم خير ام قوم تُبع؟

التاريخ اليهودي يخبرنا ان اليهود كانوا مستعبدين في مصر وكان فرعون يسّخرهم في كل الاعمال الشاقة في مصر، وفد توسل اليه موسى ليأذن لهم بالخروج من مصر، فرفض فرعون، حتى بعد ان سلط الله عليهم الفيضان والدم والضفادع، لم يسمح لهم فرعون بالخروج من مصرلانهم كانوا اليد العاملة في مصر وكان اقتصادها يعتمد عليهم. وفي كل مرة ينزل الله فيها العذاب على مصر كان فرعون يطلب من موسى أن يسأل الله ليرفع عنهم العذاب مقابل ان يسمح فرعون لموسى أن يخرج من مصر مع بني أسرائيل، وفي كل مرة كان فرعون يحنث بوعده. وحتى القرآن نفسه يعترف بان اليهود كانوا معذبين في مصر، ونجاهم الله من العذاب في الآية 30 من سورة الدخان: " ولقد نجينا بني اسرائيل من العذاب المهين". وفي سورة الاعراف الآية 134: " ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشف عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني اسرائيل". هاهو فرعون يقول لموسى سنرسل معك بني أسرائيل. وحتى عندما هرب موسى ببني اسرائيل من مصر ليلاً، لحقهم فرعون وجنوده ليمنعوهم من مغادرة مصر.

ولكن في سورة الاسراء الآية 103 يخبرنا القرآن ان فرعون كان قد اراد ان يخرج بني اسرائيل من مصر عنوة ولذ أغرقه الله ومن معه: " فاراد ان يستفزهم من الارض فاغرقناه ومن معه جميعاً". ويقول الطبري في تفسير " يستفزهم" يعني يخرجهم. وهذا طبعاً عكس المعروف تاريخياً وحتى في أجزاء أخرى من القرآن.

وفي سورة يوسف، لما وجدوا صواع الملك في متاع بنيامين، اخي يوسف الصغير، يخبرنا القرآن في الآية 77 ان اخوته قالوا: " ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل فأسّرها يوسف في نفسه". ويقول الطبري في تفسيره للآية: يقصدون يوسف وكان قد سرق من ابي امه صنماً من ذهب كان يعبده، فحطمه يوسف. وسفر التكوين، الاصحاح الحادي والثلاثين، الآية 19 يخبرنا ان السارق لم يكن يوسف وانما امه " راحيل Rachel " عندما سرقت تماثيل الذهب من بيت والدها قبل ان تغادره مع زوجها ايوب".

الاخطاء الحسابية:
نجد في القرآن بعض الاخطاء الحسابية التي حاول العلماء المسلمون تفسيرها بشتى الوسائل. ففي سورة البقرة، الآية 233: " والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة". ولكن في سورة الاحقاف، الآية 15 نجد: " ووصينا الانسان بوالديه إحساناً حملته امه كُرهاً ووضعته كُرهاً، وحمله وفصاله ثلاثون شهراً". فمن الواضح هنا ان مدة الرضاعة اقل من سنتين لان الحمل في العادة يكون تسعة اشهر، وبالتالي يكون الرضاع واحداً وعشرين شهراً، لنحصل على المجموع وهو ثلاثون شهراً، كما جاء في الاية الثانية.

واختلف العلماء في ايجاد تفسير مناسب لهذه الهفوة. فقال بعضهم اذا استمر الحمل تسعة اشهر، فالرضاعة احدى وعشرون شهراً، ولكن انما قُصد بالثلاثين شهراً اخذ اقل مدة للحمل، وهي ستة اشهر، في الاعتبار. والاشكال في هذا القول هو أن مدة الحمل في الغالبية العظمى من النساء تسعة اشهر، والولادة في ستة أشهر من الشواذ، والتشريع عادة يأخذ في الاعتبار ما هو شائعٌ ومتعارف عليه، ولا يُبنى التشريع على الشواذ. ولكن حتى لو أخذنا الشواذ في الاعتبار فالولادة بعد ستة أشهر تعتبر إجهاضاً لان الجنين لا يكتمل نموه ويصبح قادراً على الحياة خارج رحم أمه الا بعد الاسبوع الثامن والعشرين من الحمل أي بعد سبعة أشهر. وحتى قبل ثلاثة عقود، ومع تقدم الطب الحديث كانت نسبة المواليد الذين يعيشون اذا ولدوا بعد سبعة أشهر من الحمل لا تزيد عن عشرة بالمائة [182]. أما الذين ولدوا بعد ستة أشهر كانوا يعتبرون أجهاضاً أو خديجاً ولم يعش منهم أحد حتى قبل عشرين أو ثلاثين عاماً، فما بالك عند ظهور الاسلام، هل يُعقل أن يكون قد عاش منهم أحد حتى يسمح للمفسرين أن يقولوا ما قالوا؟

وفي سورة الاعراف الآية 54: " ان ربكم الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش". اما في سورة فُصلت، الآية 9 وما بعدها، فنجد: " قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له انداداً ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواءً للسائلين. ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض إئتيا طوعاً او كرهاً قالتا آتينا طائعين. فقضاهن سبع سموات في يومين واوحى في كل سماء امرها".

فالمجموع هنا يصبح ثمانية ايام بدل الستة المتعارف عليها. وفي محاولة العلماء تفسير هذا الاختلاف، يقول صاحب تفسير الجلالين ان الله خلق الارض في يومين، هما الاحد والاثنين، ثم قدر فيها اقواتها في تمام اربعة ايام، بدل في اربعة ايام أخرى. فهو هنا يحسب الاربعة ايام من اول يوم بدأ فيه الخلق وهو يوم الاحد، ولذا يكون قد خلص من خلقها وتقدير اقواتها يوم الاربعاء. ثم سوى السماء في يومين، فيكون مجموع الايام ستة. ولا اظن هذا التفسير يُقنع احداً. فالقرآن يقول انه خلق الارض في يومين، وخلق فيها الجبال والعشب وما الى ذلك في أربعة أيام، ولو أراد أن يقول انه خلق الارض والجبال والعشب في أربعة أيام، تصبح بداية ألآية " إنكم لتكفرون بالذي خلق ألارض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين" جملة غير مفيدة ولا حاجة لها، أو بمعنى آخر تكون حشواً لا داعي له، والقرآن يجب أن يكون منزهاً عن ذلك.

وهناك اختلاف حسابي آخر في عدد الملائكة الذين أمد الله بهم المؤمنين يوم موقعة بدر. ففي سورة الانفال، الآية 9: " اذ تستغيثون ربكم فأستجاب لكم اني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ". وفي سورة آل عمران، الآية 124: " اذ يقول للمؤمنين الن يكفيكم ان يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ". وفي نفس السورة الآية 125: " بلى ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ". فنرى ان عدد الملائكة ابتدأ بألف ثم صار ثلاثة آلاف ثم خمسة آلاف. وهذه الاعداد ليست في مواقع مختلفة، بل كلهم في موقعة بدر، اذ قال حسين بن مخارق عن سعيد عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: لم تقاتل الملائكة الا يوم بدر[183].

والملائكة المسومين هولاء، اختلف الصحابة في سيمائهم، منهم من قال سيماؤهم كانت عمائم البيضاء، وقال آخرون كانت عمائم حمراء، وقال آخرون صفراء. وذهب بعضهم الى ان سيماءهم كانت على خيولهم. ونحن نعلم ان سورة فاطر، الاية الاولى تقول: " الحمد لله فاطر السموات والارض وجاعل الملائكة رسلاً اولي اجنحة مثني وثلاث ورباع ". وقد يسأل سائل: اذا كانت للملائكة اجنحة، بعضها بجناحين وبعضها بثلاث وبعضها باربع، لماذا احتاجت هذه الملائكة الى خيول يوم بدر؟ أما كانت فعاليتهم في القتال تكون افضل لو حاربوا وهم طائرون؟ فكل الحروب الحديثة يكسبها سلاح الطيران. وكل هذا الاختلاف في لون سيمائهم يدل على ان لا احد من الصحابة قد رأى الملائكة، وانما صدقوا ما قيل لهم. واذا لم يكن من الممكن رؤية الملائكة، فما الحكمة في إعطائهم سمات، حمراء كانت أو صفراء؟

وهناك موضوع العدة للنساء المطلقات واللاتي مات ازواجهن. فنجد في سورة البقرة الآية 228: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن". والغرض من الثلاثة قروء او ثلاثة اشهر هو التاكد من اذا كانت المرأة المطلقة حاملاً من زوجها ام لا. والثلاثة شهور، لا شك، كافية لان يعرف الناس ان كانت حاملة ام لا. وفي نفس السورة، الآية 234، نجد: " والذين يتوفون منكم فيذرون ازواجاً يتربصن بأنفسهن اربعة اشهر وعشراً ". وقد يسأل المرء لماذا تختلف عدة المرأة التى مات عنها زوجها عن عدة المطلقة؟ فهل حمل المرأة التي مات عنها زوجها يتطلب وقتاً اطول ليظهر؟

ويقول المفسرون، حسب ما ورد في الصحيحين: " ان خلق احدكم يجمع في بطن امه اربعين يوماً نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك ثم يبعث الله الملك فينفخ فيه الروح ". فهذه مائة وعشرون يوماً اي اربعة اشهر فقط. وسئل سعيد بن المسيب: لم العشرة؟ أي العشرة أيام الزائده، قال: فيه يُنفخ الروح. فهل يحتاج الملك لمدة عشرة أيام لينفخ الروح في الجنين؟ فاذا كان هذا صحيحاً – اعني ان الحمل يحتاج اربعة اشهر وعشرة ايام ليظهر- لماذا اذاً تكون عدة المطلقة ثلاثة اشهر ( ولم يُنفخ الروح في جنينها بعد) وعدة المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام؟ والاصعب فهمه من هذا ان الأمة أي المملوكة عدتها شهران اذا طُلقت وشهران وعشرة ايام اذا مات زوجها. فهل يتكون الجنين في رحم الأمة اسرع مما يتكون في رحم الحرة؟

وإذا كان القرآن قد نزل لكل الناس ولكل العصور كما يقول علماء المسلمين، لماذا لم يضع إعتباراً لتقدم العلم في عصرنا هذا وفي العصور القادمة. فنحن ألان نستطيع ان نؤكد وجود الحمل أو عدمه بعد اسبوعين فقط من تأخر الدورة الشهرية بأن نُجري فحصاً على البول أو الدم أو حتى اجراء فحص بالموجات فوق الصوتية " Ultrasound "، فهل ما زلنا نحتاج للعدة سواء أكانت ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وعشرة أيام؟ وماذا عن المرأة التي أُجريت لها عملية لاستئصال الرحم ولم يعد ممكناً لها ان تحبل، هل تجب عليها العدة اذا طُلقت أو مات زوجها؟

Post: #9
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: وليد محمد المبارك
Date: 01-25-2005, 10:48 AM
Parent: #1

استدل الذين سبقوني بالايات لاثبات ان القرآن هو كلام الله

وانا ساحاول ان اجيب على اسئلتك حسب علمي البسيط فان اصيبت فاجري على الله وان اخطأت فلي اجر الاجتهاد

سالت :
فمثلاً يصور لنا القرآن أن الأرض مسطحة لا كروية بقولة أن ذي القرنين وصل الي مغرب/مشرق الشمس ووجد عندها قوم


وهذا هو قول القران في شكل الارض
وقال تعالى في سورة النازعات آية 30:(والارض بعد ذلك دحاها)

النظرة العلمية: توضح المعاجم اللغوية أن كلمة دحاها تؤدى معنى أنه جعلها كالدحية أى كالبيضة لان الادحوة معناها بيضة النعام أو مكان بيض النعام ويكون عادة مستدير الشكل، ولا شك أن هذا يطابق شكل الارض الحقيقى الذى تدل عليه البراهين النظرية والعملية، كما تؤكده الصور التى سجلتها آلات التصوير أثناء رحلات الاقمار الصناعية في الفضاء، ولفظ دحا يدل على شيئين هما البسط مع الاتساع والتكوير في التكوين، وهذه روعة في التعبير عن أن الارض التى نراها أمامنا في الظاهر مبسوطة فسيحة الارجاء هى في واقع الامر مستديرة كالبيضة، وهذا تقدير العزيز الحكيم الذى أتقن كل شئ خلقه.
والانسان في سيره على سطح الارض لا يزيد في حجمه عن نملة ضئيلة جدا تتحرك فوق منطاد ضخم جدا ولا ترى حولها غير استواء طريقها عليه ولا ترى أى انحناء أو استدارة أينما كانت فوقه.
اما بخصوص المشرق والمغرب فان للمربع والمستطيل والاشكال المسطحة اضلاع ، وقد اعتقدت انت من حركة ذو القرنين من المشرق تجاه المغرب وبالعكس انها حركة من ضلع في اتجاه ضلع اخر متوازية مع الضلعين الاخرين وهذا في الاشكال المسطحة ، لكن في الدائرة نجد ان للدائرة مركز ونهايات فاذا مررنا من احدي النهايات للدائره تجاه النهاية في الاتجاه الاخر وفي خط مستقيم مارين بالمركز يكون لدبنا قطر لهذه الدائره يمكننا التحرك فيه مثل التحرك في المسطحات ، ولكن بما ان الارض كروية فانة للمرور بمحازات هذا القطر لابد من حفر نفق مواز للقطر لبلوغ النهاية الاخري للدائرة ، لكن هنالك طريقة اخري هي ان تبدا من احدى النهايات وتسير مع قوس الدائرة حتى بلوغ الجهة الاخري للقطر في النهاية الثانية ونكون بذلك قد حددنا اتجاه الكرة من جهة الى اخرى ، خصوصا ان كانت هذه الكرة ثابتت في مركزها او تدور من مركزها دورة في اتجاه واحد كما هو الحال في الارض . والله اعلم

ثم سالت
وفي آية اخرى قد جعل الله الجبال اوتاداً
والوتد للتثبيت
وهنا اسأل نفسي علي ماذا ستثبت الأرض


نعم الوتد للتثبيت لكن هل بالضرورة ان يكون هذا التثبيت مع شي اخر ، اليس هنالك احتمال تثبيت الشي مع نفسه ، كربط الصرة بحبل حتى لا تتبعثر ويتبعثر ما بداخلها ، ان وظائف الجبال الكلية، وفوائدها العامة هي من العظمة والحكمة مما يُحير العقول.
فمثلاً: بروز الجبال واندفاعها من الارض بأمر رباني يهدئ هيجان الارض ويخفف من غضبها وسخطها وحدتها الناجمة من تقلباتها الباطنية، ويدعها تتنفس مستريحة بفوران تلك الجبال ومن خلال منافذها، فتتخلص بذلك من الزلازل المهلكة والتصدّعات المدمّرة، فلا تعد تسلب راحة الآمنين من سكنتها. وكما يُنصب على السفن الاعمدة والاوتاد حفاظاً على توازنها ووقايتها من التزعزع والغرق، كذلك الجبال هي اوتاد ذات خزائن لسفينة الارض، تقيها من الزلزال وتُثبتها وتحفظ توازنها. وقد بيَّن القرآن الكريم هذا المعنى في آيات كثيرة منها:

وايضا سالت
كما أن هنا آية انشق القمر
وكل البحوث تؤكد عدم انشقاق القمر منذ التكوين



فلا علم لي بتفسير هذا من الناحية العلمية لكنك لو تعتقد في بعث الناس بعد الموت من قبورهم وتصدق هذا فاولا لك ان تصدق اشتقاق القمر ، فاشتقاق القمر امر هين بالنسبة للبعث وعودة الحياة للميتين بعد ان تبلى اجسادهم وتذوب في الارض

والله اعلم

Post: #10
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: هاشم نوريت
Date: 01-25-2005, 11:26 AM
Parent: #9

الاخ هوبفل ماذا اصابك ايها الرجل؟
اعلم اخى بان الشيطان لا يترك المؤمنين وياتيهم من كل الجوانب
ليفسد ايمانهم اخى استعذ بالله من الشيطان الرجيم اولا
واعلم بان قدرة الله لا تحدها حدود وجعل الله للانبياء المعجزات
ولكنها تنتهى بموت الانبياء الا معجزة محمد صلى الله عليه وسلم
باقية الى يوم القيامة وهى القران الكريم
لقد شكك المشككون فى ان القران من عند الله وقد نزل القران فى وقت
كانت الفصاحة والبلاغة فى قمتها عند العرب وتحدى الله المشركين بان
ياتوا ولو باية ان كانوا صادقين وبل اقر بانهم لن ياتوا باية وبالفعل
عجز العرب رغم تمكنهم من اللغة والفصاحة والبيان بان ياتوا باية لعمرى
هذه كافية ليعلم الناس بان القران هو كلام الله
واما انشقاق القمر ثبت تاريخيا بانه حدث اى انتصف القمر الى نصفين
والعلم والابحاث تغالط نفسها وكم من نظريات علمية عرف العلماء عدم
صحتها ولا يمكن اخذ النظريات والابحاث العلمية لتكذيب او التشكيك فى
القران الكريم ومصدره لان العلم الصحيح يكون اصله القران وليس العكس
وحتى الان هنالك تحدى للعلماء لمعرفة الكثير المجهول عن ماذكر فى القران
وتقول النظريات العلمية عكسه ولكن القران لا يتغير والعمل يتغيير لصالح
ما هو مذكور فى القران والشواهد كثيرة
وانبساط الارض يؤكد بان الخلاف بين اهل التفسير والعلم هو فهم الانبساط اذ
قال احدهم بان الانبساط يعنى بانك كلما وقفت فى موقع ما تجد امامك الارض
منبسطة اى ممتده وحتى ان كنت فى القطب الشمالى او الجنوبى وهكذا مما
يعنى بان لا خلاف بين القران وحقيقة الارض وكيف يكون وخلها الله تبارك وتعالى
والقران كلام الله
وكثير من المؤمنين ياتيهم الشيطان ليفسد ايمانهم وان ما اعتراك يؤكد بانك
من اهل الايمان ان شاء الله و نصيحتى استعذ بالله من الشيطان الرجيم.

Post: #11
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: صباح حسين
Date: 01-25-2005, 11:43 AM
Parent: #10

الشئ الغريب أن أماني السني وباقي الكيزان لو كان كاتب الموضوع دا واحد زي جني أو عمر علي كان شبوا ليه في حلقه ..أين هم الآن من ما كتبه الأخ هوبفل وهل يحق لنا طرح أسئلة زي دي؟؟؟

Post: #12
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 11:58 AM
Parent: #1


الأعجاز العلمى للقرآن الكريم
2-أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما‏... ـ الأنبياء‏:30
بقلم الدكتور‏:‏ زغـلول النجـار


في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بأزلية الكون بلا بداية ولا نهاية‏,‏ وعدم محدوديته إلي ما لا نهاية‏,‏ وسكونه وثباته‏(‏ أي عدم حركته‏,‏ علي الرغم من حركة بعض الأجرام فيه‏),‏ بمعني أن هذا الكون اللانهائي الساكن كان موجودا منذ الأزل‏,‏ وسيبقي إلي الأبد‏,‏ وهي فرية أطلقها الكفار والملحدون من بني البشر في محاولة يائسة لنفي الخلق‏,‏ والتنكر للخالق سبحانه وتعالي‏,‏ في هذا الوقت نزل القرآن الكريم موجها أنظار هؤلاء الجاحدين من الكفار والمشركين والوثنيين إلي طلاقة القدرة الإلهية في إبداع خلق الكون من جرم ابتدائي واحد‏,‏ وذلك في صيغة استفهام توبيخي‏,‏ استنكاري‏,‏ تقريعي يقول فيه ربنا تبارك وتعالي‏:‏
أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون‏(‏ الأنبياء‏:30).‏

وهذه الآية الكريمة واضحة الدلالة علي أن الكون الذي نحيا فيه كون مخلوق له بداية‏,‏ بدأ الله تعالي خلقه من جرم ابتدائي واحد مرحلة الرتق‏,‏ وهو القادر علي كل شيء‏,‏ ثم أمر الله تعالي بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق مرحلة الفتق وتحول إلي غلالة من الدخان مرحلة الدخان‏,‏ وخلق الله تعالي من هذا الدخان كلا من الأرض والسماء أي جميع أجرام السماء وما ينتشر بينها من مختلف صور المادة والطاقة مما نعلم وما لا نعلم وتعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء‏,‏ وقد جاء وصف المرحلتين الأخيرتين في الآية الحادية عشرة من سورة فصلت‏,‏ والتي يقول فيها ربنا تبارك وتعالي موبخا كلا من الذين كفروا بالله تعالي فأنكروا الخلق‏,‏ أو أشركوا مع الله تعالي معبودا آخر‏:‏ قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحي في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏.(‏ فصلت‏:9‏ ـ‏11).‏
وهذه الآيات القرآنية الكريمة في كل من سورتي الأنبياء وفصلت تعرض لخلق السماوات والأرض في إجمال وشمول وإيجاز‏,‏ كما تعرض لعدد من الحقائق الكونية الأخري‏,‏ وتربط بينها وبين عقيدة الإيمان بالله الخالق‏,‏ الواحد الأحد‏,‏ الفرد الصمد‏,‏ لأن عقيدة التوحيد تقوم علي أساس من الحق الذي قامت به السماوات والأرض‏,‏ وكل ما فيهما من صور الخلق‏,‏ ولكننا سوف نقصر حديثنا هنا علي الإشارات الواردة في تلك الآيات عن خلق السماوات والأرض‏,‏ وقبل أن نفعل ذلك لابد من تأكيد حقيقة الدلالة العلمية للآيات الكونية الواردة في كتاب الله الخالق‏.‏

الدلالة العلمية للآيات الكونية في القرآن الكريم
من المسلمات أن الآيات الكونية لم ترد في كتاب الله الخالد من قبيل الإخبار العلمي المباشر للإنسان‏,‏ وذلك لأن التحصيل العلمي قد ترك لاجتهاد الناس‏,‏ يجمعون شواهده جيلا بعد جيل‏,‏ وأمة بعد أمة‏,‏ نظرا للطبيعة التراكمية للمعارف المكتسبة‏,‏ ولمحدودية حواس الإنسان وقدرات عقله‏,‏ ومحدودية كل من مكانه في بقعة محددة من الأرض وزمانه أي عمره‏.‏
ومع تسليمنا بهذا الفهم‏,‏ وتسليمنا كذلك بأن الآيات الكونية التي أشار إليها ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه جاءت في مقام الاستدلال علي طلاقة القدرة الإلهية في إبداع الخلق‏,‏ وللاستشهاد علي أن الله تعالي الذي أبدع هذا الخلق قادر علي إفنائه‏,‏ وعلي إعادة خلقه من جديد‏,‏ كما تأتي هذه الآيات الكونية في مقام الاستدلال علي وحدانية الخالق العظيم بغير شريك‏,‏ ولا شبيه‏,‏ ولا منازع‏,‏ وتتراءي هذه الوحدانية لكل ذي بصيرة في جميع جنبات الكون‏,‏ وفي كل أمر من أموره‏,‏ في السماوات وفي الأرض‏,‏ في الأنفس وفي الآفاق‏,‏ في كل سنة من سنين الكون‏,‏ وفي كل ناموس من نواميسه‏,‏ وفي كل جزئية من جزئياته من الذرة إلي الخلية الحية إلي المجرة‏,‏ كما تتراءي في وحدة بناء الكون‏,‏ ووحدة لبناته وتآصل عناصره التي ترد كلها إلي غاز الإيدروجين وفي وحدة كل من المادة والطاقة‏,‏ وفي تواصل كل من المكان والزمان‏,‏ وفي وحدة بناء الخلية الحية‏,‏ وفي وحدة الحياة والممات والمصير‏,‏ لكل حي‏.‏



وتتراءي وحدانية الخالق سبحانه وتعالي في تعميم الزوجية علي جميع المخلوقات من الأحياء والجمادات‏,‏ حتي يبقي الخالق في علاه‏,‏ متفردا بالوحدانية فوق جميع خلقه‏.‏
ومع تسليمنا بكل ذلك فإن القرآن الكريم يبقي كلام الله الخالق‏,‏ الذي أوحي به إلي خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم‏,‏ وتعهد سبحانه وتعالي بحفظه باللغة نفسها التي أوحاه بها اللغة العربية فحفظ كلمة كلمة‏,‏ وحرفا حرفا تحقيقا للوعد الإلهي الذي قطعه ربنا تبارك وتعالي علي ذاته العلية فقال عز من قائل‏:‏
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون‏(‏ الحجر‏:9)‏
ولما كان القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وكان الكون من صنعته وإبداع خلقه‏,‏ فلابد أن يكون كل حرف وكلمة وآية في القرآن الكريم حقا مطلقا‏,‏ وأن تكون كل الإشارات الكونية فيه ناطقة بالحقيقة المطلقة للكون ومكوناته‏,‏ ولو وعي المسلمون ذلك حق الوعي لكان لهم قصب السبق في الكشف عن العديد من حقائق هذا الكون قبل غيرهم من الأمم بقرون عديدة‏,‏ وكان هذا السبق من أفضل وسائل الدعوة إلي دين الله الخاتم في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه‏.‏

‏(1)‏ العلوم المكتسبة وخلق السماوات والأرض
للعلوم المكتسبة شواهد تؤيد فكرة الانفجار العظيم منها ما يلي‏:‏

‏(1)‏ توسع الكون كدليل علي الانفجار العظيم‏:‏
علي الرغم من تأكيد القرآن الكريم الذي أنزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة من السنين حقيقة توسع الكون يقول الحق تبارك وتعالي‏:‏
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ‏(‏الذاريات‏:47)‏
فقد بقي الفلكيون إلي مطلع العشرينيات من القرن الماضي مصرين علي ثبات الكون وعدم تغيره وفي السنوات من‏1914‏ ـ‏1925‏ م أثبت الفلكي الأمريكي ف‏.‏م سلايفر أن معظم المجرات التي قام برصدها خارج مجرتنا درب اللبانة تتباعد عنا وعن بعضها بعضا بسرعات كبيرة‏.‏
وفي سنة‏1929‏ م تمكن الفلكي الأمريكي الشهير إدوين هبل من تأكيد ظاهرة توسع الكون‏,‏ وتوصل إلي الاستنتاج الصحيح أن سرعة تباعد المجرات الخارجية عن مجرتنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا‏,‏ وفي سنة‏1934‏ م اشترك هو وأحد من مساعديه في قياس أبعاد وسرعات تحرك‏32‏ من تلك المجرات الخارجية بعيدا عن مجرتنا وعن بعضها بعضا‏.‏

من جانب آخر استطاع علماء كل من الفيزياء النظرية والفلكية تأكيد حقيقة توسع الكون بتوظيف القوانين الرياضية في عدد من الحسابات النظرية‏,‏ ففي سنة‏1917‏ م أطلق ألبرت إينشتاين نظرية النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية كقوة مؤثرة في الكون المدرك‏,‏ وأشارت المعادلات الرياضية المستنتجة من تلك النظرية إلي أن الكون الذي نحيا فيه كون غير ثابت‏,‏ فهو إما أن يتمدد وإما أن ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحددة له‏,‏ وجاءت هذه النتيجة علي عكس ما كان يعتقد إينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظرية‏,‏ ولقد أصاب إينشتاين الذعر حينما أدرك أن معادلاته تنبئ ـ رغم أنفه ـ بأن الكون في حالة تمدد مستمر‏,‏ فعمد إلي إدخال معامل من عنده أطلق عليه اسم الثابت الكوني ليلغي به تمدد الكون‏,‏ ويؤكد ثباته واستقراره برغم دوران الأجرام التي يحتويها‏,‏ وحركاتها المتعددة‏,‏ ثم عاد إينشتاين ليعترف ـ أمام سيل ملاحظات الفلكيين عن تمدد الكون ـ بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته‏.‏
في السنوات‏1917‏ ـ‏1924‏ م قام الروسي أليكساندر فريدمان بإدخال عدد من التحسينات علي معادلات إينشتاين‏,‏ وقدم نموذجين لتفسير نشأة الكون يبدأ كل منهما بحالة متفردة تتميز بكثافة لا نهائية‏,‏ وتتمدد منها إلي حالات ذات كثافة أقل‏.‏

وتحدث فريدمان عن انحناء الكون‏,‏ وعن تحدبه تبعا لكمية المادة الموجودة فيه‏,‏ فإن كانت تلك المادة أقل من قدر معين كمية حرجة وجب أن يستمر تمدد الكون إلي الأبد‏,‏ وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مفتوحا‏,‏ أما إذا كانت كمية المادة بالكون أقل من الكمية الحرجة غدت الجاذبية علي قدر من القوة بحيث تحدب الكون إلي درجة تتوقف عندها عملية التمدد في لحظة معينة من المستقبل‏,‏ عندها يبدأ الكون في الانطواء علي ذاته ليعود إلي حالة الكثافة اللانهائية الأولي التي بدأ بها الكون‏,‏ وفي هذه الحالة يكون نظام الكون مغلقا‏.‏
وقد أثبت كل من وليام دي سيتر في سنة‏1917‏ م وآرثر إدنجتون في سنة‏1930‏ م أن الكون كما صورته معادلات إينشتاين هو كون غير ثابت‏,‏ ولكن تصور كل منهما للكون كان تصورا بدائيا‏,‏ فبينما كان نموذج إينشتاين للكون نموذجا ماديا دون حركة‏,‏ ونموذج دي سيتر حركيا دون مادة‏,‏ جاء نموذج إدنجتون وسطا بين النموذجين بمعني أن الكون بدأ بحالة ساكنة‏,‏ ثم أخذ في التمدد نظرا لطغيان قوي الدفع للخارج علي قوي الجاذبية‏,‏ ولكن انطلاقا من فكر الإلحاد السائد في عصره اضطر إدنجتون إلي فرض ماض لا نهائي للكون ليتخلص من حقيقة الخلق‏,‏ وشبح الانفجار الكبير والذي سماه بالبداية الكارثة‏.‏

في السنوات‏1934,1932‏ م اقترح ريتشارد تولمان نموذجا متذبذبا للكون يبدأ وينتهي بعملية الانفجار الكبير‏.‏ وأخيرا اقترح آلان جوت نموذج الكون المتضخم‏,‏ والذي يقترح فيه أن الكون المبكر تمدد في أول الانفجار تمددا رأسيا سريعا جدا مع سطوع فائق‏.‏ ثم أخذت معدلات التوسع في التباطؤ إلي معدلاتها الحالية‏,‏ ومن منطلق إنكار الخلق ينادي الفلكيون المعاصرون بفكرة الكون المفتوح أي الذي يتمدد إلي ما لا نهاية ولكن حسابات الكتل المفقودة تؤكد انغلاق الكون‏,‏ هذا الانغلاق الذي سيقف بتمدده عند لحظة في المستقبل يعود الكون فيها إلي الانكماش والتكدس علي ذاته ليعاود سيرته الأولي‏.‏
وبالتدريج بدأت فكرة تمدد الكون إلي حد ما في المستقبل تلقي القبول من الغالبية الساحقة من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية‏,‏ وان بقيت أعداد منهم يدعون إلي ثبات الكون حتي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين‏,‏ ومن هذه الأعداد جامعة كنبردج المكونة من كل من هيرمان بوندي‏,‏ وتوماس جولد‏,‏ وفريد هويل‏.‏ وقد قام هذا الفريق بنشر سلسلة من المقالات والبحوث في السنوات‏1946‏ م‏,1949,1948‏ م دفاعا عن النموذج الثابت للكون ثم اضطروا إلي الاعتراف بحقيقة تمدده بعد ذلك بسنوات قليلة‏,‏ ومن عجائب القدر بهؤلاء الجاحدين لحقيقة الخلق‏,‏ المتنكرين لجلال الخالق سبحانه وتعالي المنادين كذبا بأزلية العالم‏,‏ أن يكون أحد زعمائهم وهو فريد هويل الذي حمل لواء الادعاء بثبات الكون واستقراره وأزليته لسنوات طويلة هو الذي يعلن بنفسه في سخرية لاذعة تعبير الانفجار الكبير للكون وذلك في سلسلة أحاديث له عبر الاذاعة البريطانية في سنة‏1950‏ م ينتقد فيها ظاهرة تمدد الكون‏,‏ ويحاول إثبات بطلانها‏,‏ ثم جاء بعد ذلك بسنوات ليكون من أشد المدافعين عنها‏.‏
وكانت نظرية خلق الكون من جرم أولي واحد عالي الكثافة قد توصل إليها البلجيكي جورج لوميتر في سنة‏1927‏ م وذلك في رسالة تقدم بها إلي معهد ماشوسيتس للتقنية‏,‏ دافع فيها وفي عدد من بحوثه التالية عن حقيقة تمدد الكون‏,‏ ولم تلق أبحاثه أي انتباه إلي أن جاء إدنجتون في سنة‏1930‏ م ليلفت إليها الأنظار ومن هنا أطلق علي لوميتر لقب صاحب فكرة الانفجار الكبير في صورتها الأولي‏.‏

‏(2)‏ بقايا الإشعاع الكوني كدليل علي الانفجار العظيم‏:‏
في سنة‏1948‏ م أعلن كل من جورج جامو وزميله رالف ألفر أن تركيز العناصر في الجزء المدرك من الكون يشير إلي أن الجرم الأولي الذي بدأ به الكون كان تحت ضغط وفي درجة حرارة لا يكاد العقل البشري أن يتصورهما‏,‏ وعند انفجاره انتقلت تلك الحرارة إلي سحابة الدخان الكوني التي نتجت عن ذلك الانفجار‏,‏ وسمحت بعدد من التفاعلات النووية التي أدت إلي تكون العناصر الأولية من مثل الإيدروجين والهيليوم‏.‏

وفي السنة نفسها‏1948‏ م قدم كل من ألفر وهيرمان اقتراحا بأن الجرم الابتدائي للكون كان له إشعاع حراري يشابه إشعاع الأجسام المعتمة‏,‏ وأن هذا الإشعاع تناقصت شدته مع استمرار تمدد الكون وتبرده‏,‏ ولكن لابد أن تبقي منه بقية في صفحة السماء‏,‏ إذا أمكن البحث عنها وتسجيلها‏,‏ كانت تلك البقية الإشعاعية من أقوي الأدلة علي بدء خلق الكون بعملية الانفجار الكبير‏.‏
وفي سنة‏1964‏ م تمكن اثنان من علماء مختبرات بل للأبحاث وهما أرنو بنزياس وروبرت ويلسون بمحض المصادفة من اكتشاف تلك البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني علي هيئة ضوضاء لاسلكية محيرة تفد بانتظام إلي الهوائي الذي كانا قد نصباه لغاية أخري من جميع الجهات في السماء حيثما وجه الهوائي‏,‏ وقدروها بثلاث درجات مطلقة ـ‏270‏ درجة مئوية ـ‏.‏



في الوقت نفسه كان كل من روبرت دايك وتلميذه بيبلز قد استنتجا من معادلاتهما الرياضية الفلكية أن النسب المقدرة لغازي الإيدروجين والهيليوم في الكون تؤكد الكمية الهائلة من الإشعاع التي نتجت عن الانفجار الكبير وتدعم نظريته‏,‏ ومع تمدد الكون ضعف هذا الإشعاع بالتدريج وانخفضت درجة حرارته إلي بضع درجات قليلة فوق الصفر المطلق ـ‏273‏ درجة مئويةـ‏.‏
في سنة‏1965‏ م قام كل من بنزياس وولسون بتصحيح قيمة البقايا الأثرية للإشعاع الحراري الكوني إلي‏2.73‏ من الدرجات المطلقة‏,‏ وأثبتا أنها من الموجات الكهرومغناطيسية المتناهية في القصر‏,‏ وتقدر قيمتها اليوم بأقل قليلا من قيمتها السابقة‏2.726‏ من الدرجات المطلقة‏.‏

في سنة‏1989‏ م أرسلت مؤسسة ناسا الأمريكية إلي الفضاء قمرا صناعيا لجمع المعلومات حول الإشعاع الحراري الكوني أطلق عليه اسم كوب وزود بأجهزة فائقة الحساسية أثبتت وجود تلك الأشعة الأثرية المتبقية عن عملية الانفجار العظيم‏.‏
وكان في هذا الاكتشاف التفسير المنطقي لسبب الأزيز اللاسلكي المنتظم الذي يعج به الكون والذي يأتي إلينا من مختلف أطراف الكون المدرك‏,‏ والذي بقي علي هيئة صدي لعملية الانفجار الكبير‏,‏ وقد منح كل من بنزياس وولسون جائزة نوبل في سنة‏1978‏ م علي اكتشافهما الذي كان فيه الدليل المادي الملموس لدعم نظرية الانفجار الكبير‏,‏ والارتقاء بها إلي مقام الحقيقة شبه المؤكدة‏,‏ ودفع بالغالبية الساحقة من علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي الاعتقاد بصحتها‏,‏ وسبحان الخالق الذي أنزل في محكم كتابه من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:‏

أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏(‏ الأنبياء‏:30).‏
وبدء خلق الكون بعملية انفجار كبري هو من دلائل طلاقة القدرة الإلهية لأنه من المعروف أن الانفجار بطبيعته يؤدي إلي تناثر المادة وبعثرتها ولا يخلف وراءه إلا الدمار‏,‏ أما هذا الانفجار الكوني الفتق بعد الرتق فقد أدي إلي إبداع نظام كوني له تصميم دقيق محكم الأبعاد والعلاقات والتفاعلات‏,‏ منضبط الكتل والأحجام والمسافات‏,‏ منتظم الحركة والجري والتداخلات‏,‏ مبني علي الوتيرة نفسها من أدق دقائقه إلي أكبر وحداته علي الرغم من تعاظم أبعاده‏,‏ وكثرة أجرامه‏,‏ وتعقيد علاقاته‏,‏ وانفجار هذه نتائجه لا يمكن أن يكون قد تم بغير تدبير حكيم وتقدير مسبق عظيم لا يقدر عليه إلا رب العالمين‏,‏ وقد أشار العالم البريطاني المعاصر ستيفن وهوكنج إلي شيء من ذلك في كتابه المعنون تاريخ موجز للزمن الذي نشره في كندا سنة‏1988‏ م ولكن إشاراته جاءت علي استحياء شديد نظرا لجو الإلحاد الذي يسود الغرب بصفة عامة في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه‏,‏ والكتاب مملوء بالاستنتاجات المؤكدة لحقيقة الخلق‏,‏ وعظمة الخالق سبحانه وتعالي‏.‏

القرآن الكريم وخلق السماوات والأرض
في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بأن الكون الذي نحيا فيه كان منذ الأزل‏,‏ وسيبقي إلي الأبد‏,‏ وأنه كون لا نهائي‏,‏ أي لا تحده حدود‏,‏ وأنه كون ساكن‏,‏ ثابت في مكانه‏,‏ لا يتغير‏,‏ وأن النجوم مثبتة في السماء التي تدور بنجومها كقطعة واحدة حول الأرض‏,‏ وأن الكون شامل للعناصر الأربعة‏:‏ التراب‏,‏ والماء‏,‏ والهواء‏,‏ والنار‏,‏ وحول هذه الكرات الأربع تدور السماء بنجومها‏,‏ وغير ذلك من الخرافات والأساطير‏,‏ في هذا الوقت جاء القرآن الكريم مؤكدا أن الكون مخلوق له بداية‏,‏ ولابد أنه ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ وكل مخلوق محدود بحدود لا يتجاوزها‏,‏ ومؤكدا أن جميع أجرام السماء في حركة دائبة‏,‏ وجري مستمر إلي أجل مسمي‏,‏ وأن السماء ذاتها في توسع دائب إلي أجل مسمي‏,‏ وأن السماوات والأرض كانتا في الأصل جرما واحدا ففتقهما الله‏(‏ تعالي‏)‏ فتحولت مادة هذا الجرم الأول إلي الدخان الذي خلقت منه الأرض والسماء‏,‏ وأن هذا الكون سوف يطوي ليعود كهيئته الأولي جرما واحدا مفردا ينفتق مرة أخري إلي غلالة من الدخان تخلق منها أرض غير أرضنا الحالية‏,‏ وسماوات غير السماوات التي تظلنا في حياتنا الدنيا‏,‏ وهنا تتوقف رحلة الحياة الأولي وتبدأ رحلة الآخرة‏.‏

وقد لخص لنا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ عملية خلق السماوات والأرض وإفنائهما‏,‏ وإعادة خلقهما في صياغة كلية شاملة من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة‏,‏ وذلك في خمس آيات من آي القرآن الكريم علي النحو التالي‏:‏
‏(1)‏ والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون‏(‏ الذاريات‏:47).‏
‏(2)‏ أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏(‏ الأنبياء‏:30).‏
‏(3)‏ ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين‏(‏ فصلت‏:11).‏
‏(4)‏ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين‏(‏ الأنبياء‏:104).‏
‏(5)‏ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار‏(‏ إبراهيم‏:4.‏

وهذه الآيات القرآنية الكريمة تشير إلي عدد من حقائق الكون الكبري والتي منها‏:‏
‏(1)‏ توسع الكون منذ اللحظة الأولي لخلقه وإلي أن يشاء الله‏.‏
‏(2)‏ ابتداء خلق الكون من جرم أولي واحد‏(‏ مرحلة الرتق الأول‏).‏
‏(3)‏ فتق هذا الجرم الأولي أي انفجاره‏(‏ مرحلة الفتق الأول‏).‏
‏(4)‏ تحول المادة في الجرم الأولي عند فتقه إلي الدخان‏(‏ مرحلة الدخان‏).‏
‏(5)‏ خلق كل من الأرض والسماوات من الدخان الكوني‏(‏ مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء‏).‏
‏(6)‏ حتمية عودة الكون بكل ما فيه ومن فيه إلي جرم ابتدائي واحد مشابه للجرم الأولي الذي ابتدأ منه الخلق‏(‏ مرحلة الرتق الثاني أو طي السماء أو الانسحاق الشديد للكون‏).‏
‏(7)‏ حتمية فتق هذا الجرم الثاني أي انفجاره‏(‏ مرحلة الفتق للرتق الثاني‏).‏
‏(‏ حتمية تحول الرتق الثاني بعد فتقه إلي غلالة من الدخان الكوني‏.‏
‏(9)‏ إعادة خلق أرض غير أرضنا الحالية وسماوات غير السماوات التي تظللنا اليوم وبداية رحلة الآخرة‏.‏
وهذه الحقائق الكونية لم يستطع الإنسان إدراك شيء منها إلا في القرن العشرين‏,‏ حين توصل العلم الحديث إلي إثبات توسع الكون

في الثلث الأول من ذلك القرن‏,‏ ثم اندفع بهذه الملاحظة الصحيحة إلي الاستنتاج المنطقي أننا إذا عدنا بهذا الاتساع إلي الوراء مع الزمن‏,‏ فلابد أن تلتقي جميع صور المادة والطاقة المنتشرة في الكون‏,‏ كما يلتقي كل من المكان والزمان‏,‏ وجميع ما في الكون من موجودات في نقطة واحدة تكاد تقترب من الصفر أي العدم علي هيئة ابتدائية للكون أو‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ وأن تلك الهيئة الأولية كانت متناهية في الصغر‏,‏ كما كانت بالقطع في مستوي من الكثافة ودرجة الحرارة لا يكاد العقل البشري أن يتصورهما فانفجرت‏(‏ مرحلة الفتق‏),‏ ونتج عن هذا الانفجار الكوني العظيم‏(‏ الفتق بعد الرتق‏)‏ تحول هذا الجرم الأولي للكون ـ المتناهي في ضآلة الحجم وضخامة الكثافة وشدة الحرارة ـ إلي غلالة من الدخان‏(‏ مرحلة الدخان الكوني‏)‏ الذي خلق الله‏(‏ تعالي‏)‏ منه الأرض والسماء‏(‏ مرحلة الإتيان بكل من الأرض والسماء‏).‏
ويتوقف العلم المكتسب عند ملاحظة أن عملية التوسع الكوني لا يمكن لها أن تستمر إلي ما لا نهاية‏,‏ وذلك لأن قوة الدفع إلي الخارج الناتجة عن الانفجار الكوني التي بدأت بعنف بالغ حتي اليوم في تناقص مستمر‏,‏ وسوف يؤدي هذا التناقص التدريجي في سرعة توسع الكون إلي الوصول به إلي مرحلة تتغلب فيها قوي الجاذبية علي قوي الدفع إلي الخارج‏,‏ فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته حتي يعود إلي حالة مشابهة تماما لحالته الأولي التي ابتدأ منها خلق الكون‏(‏ مرحلة الرتق الأولي‏),‏ وتعرف هذه المرحلة المستقبلية باسم مرحلة الرتق الثانية‏[‏ أو الرتق بعد الفتق أو طي السماء أو مرحلة الانسحاق الشديد للكون كما يحلو لبعض الفلكيين المعاصرين تسميتها‏].‏

وقد أخبرنا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة أنه‏(‏ سبحانه‏)‏ قد تعهد بإعادة السماوات والأرض إلي سيرتها الأولي وذلك بقوله في محكم كتابه‏(‏ عز من قائل‏):‏
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين‏(‏ الأنبياء‏:104),‏

وليس من قبيل المصادفة أن ترد الآيتان رقم‏(30)‏ وهي المتعلقة بخلق الكون‏(‏ الفتق بعد الرتق‏),‏ ورقم‏(104)‏ وهي المتعلقة بإفناء الكون‏(‏ الرتق بعد الفتق‏)‏ في سورة واحدة وهي سورة الأنبياء‏.‏
ولولا أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد تعهد بإعادة خلق أرض غير أرضنا‏,‏ وخلق سماء غير سمائنا‏,‏ وأخبرنا بذلك من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة في محكم كتابه وذلك بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار‏(‏ إبراهيم‏:4.‏
ما كان أمام العلوم المكتسبة من سبيل إلي معرفة ذلك‏.‏

هذه الحقائق الكونية الكبري في خلق السماوات والأرض‏,‏ لم يستطع الانسان الوصول إلي إدراك شيء منها إلا في منتصف القرن العشرين أو بعد ذلك‏,‏ حين تبلورت نظرية فلكية باسم نظرية الانفجار العظيم وهذه النظرية هي الأكثر قبولا عند علماء الفلك وعلماء الفيزياء الفلكية والنظرية في تفسير نشأة الكون‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بالاشارة إليها من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة وذلك بقول الحق تبارك وتعالي‏.‏
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏(‏ الأنبياء‏:30).‏

والرتق‏:‏ في اللغة عكس الفتق‏,‏ لأن الرتق هو الضم والالتحام والالتئام سواء كان ذلك طبيعيا أو صناعيا‏,‏ يقال رتقت الشيء فارتتق أي فالتأم والتحم‏.‏
والفتق‏:‏ لغة هو الفصل والشق والانشطار‏.‏

والمعني الواضح لنا من هذه الآية الكريمة أن السموات والأرض كانتا في الأصل شيئا واحد متصلا‏,‏ ملتئما‏,‏ وملتحما‏,‏ ففتقه ربنا تبارك وتعالي بأمر منه سبحانه إلي الأرض التي نحيا عليها‏,‏ وإلي سبع سماوات من فوقنا‏.‏
والقرآن الكريم هنا يعطي الصورة الكلية الجامعة لهذا الحدث الكوني العظيم‏,‏ ويترك التفاصيل لجهود العلماء والمفكرين الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض‏,‏ والذين تجمعت ملاحظاتهم العلمية الدقيقة في صفحة السماء لتؤكد في منتصف القرن العشرين صدق ما قد أنزله الله تعالي في آخر كتبه‏,‏ وعلي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكي التسليم من قبل ألف وأربعمائة من السنين‏.‏

هذا السبق القرآني بحقيقة الفتق بعد الرتق يجعلنا نرتقي بنظرية الانفجار الكوني العظيم إلي مقام الحقيقة‏,‏ ونكون هنا قد انتصرنا بالقرآن الكريم للعلم المكتسب‏,‏ وليس العكس‏,‏ والسبب في لجوئنا إلي تلك النظرية لحسن فهم دلالة الآية القرآنية رقم‏30‏ من سورة الأنبياء هو أن العلوم المكتسبة لايمكن لها أن تتجاوز مرحلة التنظير في القضايا التي لاتخضع لحس الانسان المباشر أو ادراكه المباشر من مثل قضايا الخلق والافناء وإعادة الخلق خلق الكون‏,‏ خلق الحياة‏,‏ وخلق الانسان وصدق الله العظيم اذ يقول‏:‏
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولاخلق أنفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا‏(‏ الكهف‏:51).‏
كذلك فإن نظرية الانسحاق الكوني العظيم يرتقي بها إلي مقام الحقيقة قول ربنا تبارك وتعالي‏:‏

يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين‏(‏ الانبياء‏:104).‏
هذا السبق القرآني بالإشارة إلي حقيقة الفتق بعد الرتق أو ما يعبر عنه بالانفجار الكوني العظيم‏,‏ وإلي حقيقة توسيع السماء أو تمدد الكون‏,‏ وإلي حقيقة الخلق من الدخان‏,‏ وإلي حقيقة الرتق بعد الفتق طي المساء أو الانسحاق الكوني العظيم‏,‏ وإلي حقيقة إعادة خلق أرض غير الأرض وسماوات غير السماوات الحالية‏,‏ وإلي العديد غيرها من الحقائق التي صاحبت خلق السماوات والأرض أو التي تلازمهما اليوم‏,‏ أو التي سوف تحدث عند إفناء الكون‏,‏ هو من أعظم الشهادات بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ ولايمكن له أن يكون كلام أحد غير الله‏,‏ كما يشهد لهذا النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم بأنه كان موصولا بوحي السماء‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ حيث انه لم يكن لأحد من الخلق علم بهذه الحقائق الكونية الكبري في زمن الوحي‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعد نزوله‏:‏

وتشهد هذه الآيات الكونية الواردة في كتاب الله وأمثالها من الآيات القرآنية الأخري المتعلقة بالكون وظواهره وبعض مكوناته بالدقة والشمول والكمال‏,‏ وبالصياغة المعجزة التي يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر‏,‏ وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة الانسانية في تكامل لايعرف التضاد‏,‏ وهذا عندي من أبلغ جوانب الإعجاز في كتاب الله‏.‏



وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #13
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 12:02 PM
Parent: #1


(66)‏ اقتربت الساعة وانشق القمر‏*‏ القمر:1

بقلم: زغـلول النجـار

هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في مطلع سورة القمر‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ يدور محورها حول قضية الإيمان بوحي السماء الذي أنزله ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي فترة من الرسل‏,‏ وأتمه وأكمله‏,‏ وحفظه في الوحي الخاتم المنزل علي الرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏);‏ ولذلك تحمل السورة علي المكذبين ببعثته الشريفة‏,‏ وبالآيات التي أيده الله‏(‏ تعالي‏)‏ بها‏,‏ وفي مقدمتها القرآن الكريم‏,‏ وذلك انطلاقا من غرورهم‏,‏ وكبرهم‏,‏ وغطرستهم‏,‏ وصلفهم‏,‏ وتتوعدهم الآيات بالشقاء في الدنيا وبالمصير المخزي في الآخرة كما حدث مع الذين كذبوا بالرسالات السابقة‏.‏
وتطالب سورة القمر رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالإعراض عن هؤلاء الكافرين‏,‏ وإمهالهم إلي يوم البعث العظيم‏,‏ يوم يخرجون من قبورهم كأنهم جراد منتشر‏...‏ وهو يوم الفزع الأكبر‏,‏ والهول الأكبر الذي نسأل الله‏(‏ تعالي‏)‏ أن يجيرنا من فزعه وأهواله‏...‏ اللهم آمين‏.‏

وقد ابتدأت سورة القمر بالتحذير من اقتراب وقت الساعة‏,‏ ومن الثابت عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قوله الشريف‏:‏ بعثت أنا والساعة هكذا وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي‏.‏
ثم تابعت السورة بذكر تلك المعجزة الحسية ـ معجزة انشقاق القمرـ التي أجراها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ تأييدا لخاتم أنبيائه ورسله في مواجهة تكذيب مشركي قريش لنبوته ولرسالته‏,‏ وعلي الرغم من وقوع المعجزة ـ التي لم ينكرها أحد منهم ـ فإنهم بدلا من أن يؤمنوا بها اتهموا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالسحر‏,‏ وهم الذين لم يشهدوا عليه كذبا أبدا‏,‏ وذلك انطلاقا من كبرهم وعنادهم واتباعهم لأهوائهم‏,‏ ولم تزجرهم عن ذلك الأنباء‏,‏ ولم تغنهم النذر‏...!!‏

ومن قبيل تذكير هؤلاء الكافرين بمصائرهم استعرضت سورة القمر مصارع المكذبين في عدد من الأمم السابقة ومنهم أقوام نوح‏,‏ وعاد‏,‏ وثمود‏,‏ ولوط‏,‏ وفرعون‏,‏ مؤكدة أن كفار قريش لم يكونوا بأقوي ولا بأشد من تلك الأمم السابقة عليهم‏(‏ والخطاب هنا يشمل المتجبرين من الكفار والمشركين في زماننا‏,‏ وفي كل زمان من أمثال الصهاينة المجرمين وإبادتهم المستمرة لشعب فلسطين‏,‏ والأمريكان وأعوانهم من المتجبرين علي شعب أفغانستان وغيره من شعوب العالمين العربي والإسلامي‏,‏ وكل من الروس‏,‏ والهندوس‏,‏ والبوذيين واستباحتهم لأراضي كل من الشيشان‏,‏ وكشمير‏,‏ وأراكان‏,‏ وجنوب الفلبين‏,‏ وغيرهم ممن يستبيح أراضي الصومال‏,‏ والسودان‏,‏ وسبتة ومليلية والجزر المحيطة بهما‏,‏ أو يقوم بمحاصرة العديد من الدول المسلمة مثل العراق‏,‏ وليبيا‏,‏ والسودان‏).‏
وفي نهاية كل خبر من أخبار الأمم البائدة تدعو السورة الكريمة كفار قريش ـ كما تدعو الكفار والمشركين في زماننا وفي كل زمان ومكانـ إلي الاعتبار والتذكر وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ ولقد تركناها آية فهل من مدكر؟ ‏(‏القمر‏:15).‏

أو بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ فكيف كان عذابي ونذر‏(‏ القمر‏:30,21,16).‏
وقد تكررت هذه الآية الكريمة ثلاث مرات في سياق السورة‏.‏

وبين كل خبر من أخبار تلك الأمم الهالكة والذي يليه تنبه سورة القمر إلي حقيقة أن القرآن الكريم ميسر لكل من يطلبه‏,‏ ويطلب العظة والاعتبار منه‏,‏ ولذلك تكرر في ثنايا هذه السورة المباركة أربع مرات قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر‏(‏ القمر‏:40,32,22,17).‏
وبعد هذا الاستعراض التاريخي المعجز عاودت سورة القمر توجيه الحديث إلي كفار قريش ـ كما توجهه إلي كفار اليوم وإلي كفار كل يوم حتي قيام الساعةـ محذرة إياهم من مصير كمصائر المكذبين السابقين أو أشد وأنكي‏,‏ في الدنيا قبل الآخرة‏,‏ ومذكرة إياهم بمواقف الذل والمهانة التي سوف يتعرضون لها في الآخرة‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر‏,‏ أم يقولون نحن جميع منتصر‏,‏ سيهزم الجمع ويولون الدبر‏,‏ بل الساعة موعدهم والساعة أدهي وأمر‏,‏ إن المجرمين في ضلال وسعر‏,‏ يوم يسحبون في النار علي وجوههم ذوقوا مس سقر‏(‏ القمر‏:43‏ ـ‏4.‏
وبعد تأكيد أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو خالق كل شيء بتقدير دقيق‏,‏ وحكمة بالغة‏,‏ وأن أمره سبحانه‏(‏ واحدة كلمح بالبصر‏),‏ وأن الاعتبار بهلاك الأمم البائدة من صميم التعقل ومن حسن الاستفادة بدروس التاريخ‏,‏ وأن كل ما فعلته تلك الأمم‏,‏ ويفعله غيرهم من الخلق مدون‏,‏ ومسطر‏,‏ ومسجل عليهم‏,‏ وأنهم سوف يواجهون به‏,‏ ويحاسبون عليه يوم القيامة‏.‏

بعد استعراض ذلك كله ختمت سورة القمر ببيان منازل التكريم التي أعدت للمتقين من عباد الله الصالحين والتي ختمها الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ إن المتقين في جنات ونهر‏,‏ في مقعد صدق عند مليك مقتدر‏(‏ القمر‏:55,54).‏

وجوانب الإعجاز في سورة القمر تشمل إثبات حقيقة انشقاق القمر‏,‏ ومواقف كفار قريش منها‏,‏ ووصف خروج الناس من قبورهم كأنهم جراد منتشر‏,‏ وتشمل الإعجاز التاريخي بذكر عدد من الأمم السابقة‏,‏ وذكر مواقفهم من أنبيائهم ورسلهم‏,‏ ومن وحي الله‏(‏ تعالي‏)‏ إليهم‏,‏ وذكر ما أصابهم من مختلف صور العذاب جزاء استكبارهم وصلفهم‏,‏ وإنكار رسالة السماء إليهم‏,‏ ثم جاءت الكشوف العلمية والأثرية في القرن العشرين مؤكدة صدق كل ما جاء في هذه السورة المباركة‏,‏ وفي غيرها من سور القرآن الكريم عن تلك الأمم البائدة‏.‏
وسوف يتم التركيز هنا علي قضية انشقاق القمر‏,‏ وهي معجزة خارقة‏,‏ لا يكاد العقل البشري أن يتصورها‏,‏ ولكن من رحمة الله بنا أن أبقي لنا في صخور القمر من الشواهد الحسية ما يؤكد وقوعها‏...!!‏ وأعان الإنسان علي الوصول إلي تلك الشواهد حتي تقوم الحجة البالغة علي الناس في عصر العلم والتقنية الذي نعيشه بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وأن النبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقاه كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وقبل الحديث عن معجزة انشقاق القمر لابد من استعراض لأقوال عدد من المفسرين في شرح هذه الآية القرآنية الكريمة‏.‏

من أقوال المفسرين
في تفسير قوله تعالي‏:‏ اقتربت الساعة وانشق القمر‏(‏ القمر‏:1)..‏

وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #14
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Balla Musa
Date: 01-25-2005, 12:58 PM
Parent: #13

الأخ HOPEFUL
لك تحياتى وكل عام و أنت بخير
إختصارا ذكر الله: الأرض بعد ذلك دحاها. ودحى يعنى جعلها بيضاوية. و لا زال بعض أهلنا يقولون للبيض دح.
ثانيا فى قوله تعالى :و جعلنا الجبال أوتادا. قال علماء الجيولوجيا أن ثلثى طول الجبل يوجد تحت الأرض و الثلث الثالث يوجد فوق سطح الأرض. والأرض كروية تتكون من صفائح متراكبة فوق بعضها البعض ويحدث الزلزال عندما تتحرك هذه الصفائح , فوجدوا أن الجبل يخترق هذه الصفائح فيثبتها مع بعضها ويقلل حركتها.وقد ثبت أن المناطق الجبلية لا تحدث أو تقل فيها الزلازل.
لك شكري

Post: #15
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 01:30 PM
Parent: #1

تعالوا معي إلى موريس بوكاي


من هو موريس بوكاي ؟! وما أدراك ما فعل موريس بوكاي ؟!

إنه شامة فرنسا ورمزها الوضاء..
فلقد ولد من أبوين فرنسيين , وترعرع كما ترعرع أهله في الديانة النصرانية , ولما أنهى تعليمه الثانوي انخرط طالبا في كلية الطب في جامعة فرنسا, فكان من الأوائل حتى نال شهادة الطب , وارتقى به الحال حتى أصبح أشهر وأمهر جراح عرفته فرنسا الحديثة ..

فكان من مهارته في الجراحة قصة عجيبة قلبت له حياته وغيرت له كيانه..!
اشتهر عن فرنسا أنها من أكثر الدول اهتماما بالآثار والتراث , وعندما تسلم الرئيس الفرنسي الاشتراكي الراحل (فرانسوا ميتران) زمام الحكم في البلاد عام 1981 طلبت فرنسا من دولة (مصر) في نهاية الثمانينات استضافة مومياء (فرعون مصر) إلى فرنسا لإجراء اختبارات وفحوصات أثرية ومعالجة ..
فتم نقل جثمان أشهر طاغوت عرفته مصر.. وهناك وعلى أرض المطار اصطف الرئيس الفرنسي منحنيا هو ووزراؤه وكبار المسؤولين في البلد عند سلم الطائرة ليستقبلوا فرعون مصر استقبال الملوك وكأنه مازال حيا..! وكأنه إلى الآن يصرخ على أهل مصر (أنا ربكم الأعلى!)

عندما انتهت مراسم الإستقبال الملكي لفرعون مصر على أرض فرنسا ..
حملت مومياء الطاغوت بموكب لا يقل حفاوة عن استقباله وتم نقله إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي , ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك المومياء واكتشاف أسرارها, وكان رئيس الجراحين والمسؤول الأول عن دراسة هذه المومياء الفرعونية هو البروفيسور موريس بوكاي

كان المعالجون مهتمين في ترميم المومياء, بينما كان اهتمام رئيسهم( موريس بوكاي) عنهم مختلفا للغاية , كان يحاول أن يكتشف كيف مات هذا الملك الفرعوني , وفي ساعة متأخرة من الليل.. ظهرت نتائج تحليله النهائية ..

لقد كانت بقايا الملح العالق في جسده أكبر دليل على أنه مات غريقا..!
وأن جثته استخرجت من البحر بعد غرقه فورا, ثم اسرعوا بتحنيط جثته لينجو بدنه!

لكن ثمة أمراً غريباً مازال يحيره وهو كيف بقيت هذه الجثة دون باقي الجثث الفرعونية المحنطة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استخرجت من البحر..! كان موريس بوكاي يعد تقريراً نهائيا عما كان يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة , حتى همس أحدهم في أذنه قائلا لا تتعجل فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذه المومياء..

ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر , واستغربه , فمثل هذا الإكتشاف لايمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة , فقال له احدهم إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة جثته بعد الغرق .. !
فازداد ذهولا وأخذ يتساءل ..
كيف يكون هذا وهذه المومياء لم تكتشف أصلا إلا في عام 1898 ميلادية أي قبل مائتي عام تقريبا , بينما قرآنهم موجود قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام؟!

وكيف يستقيم في العقل هذا , والبشرية جمعاء وليس العرب فقط لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث فراعنتهم إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط؟؟؟

جلس (موريس بوكاي) ليلته محدقا بجثمان فرعون , يفكر بإمعان عما همس به صاحبه له من أن قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة هذه الجثة بعد الغرق .. بينما كتابهم المقدس (إنجيل متى ولوقا) يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لسيدنا موسى عليه السلام دون أن يتعرض لمصير جثمانه البتة .. وأخذ يقول في نفسه : هل يعقل أن يكون هذا المحنط أمامي هو فرعون مصر الذي كان يطارد موسى؟!
وهل يعقل ان يعرف محمدهم هذا قبل أكثر من ألف عام وأنا للتو أعرفه ؟!

لم يستطع (موريس) أن ينام , وطلب أن يأتوا له بالتوراة, فأخذ يقرأ في (سفر الخروج) من التوراة قوله »فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد« .. وبقي موريس بوكاي حائراً

حتى الإنجيل لم يتحدث عن نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة بعد أن تمت معالجة جثمان فرعون وترميمه , أعادت فرنسا لمصر المومياء بتابوت زجاجي فاخر يليق بمقام فرعون! ولكن ..(موريس)

لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال , منذ أن هزه الخبر الذي يتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة!
فحزم أمتعته وقرر أن يسافر إلى المملكة السعودية لحضور مؤتمر طبي يتواجد فيه جمع من علماء التشريح المسلمين..

وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكشتفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق.. فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون } [يونس :92]

لقد كان وقع الآية عليه شديدا ..
ورجت له نفسه رجة جعلته يقف أمام الحضور ويصرخ بأعلى صوته ( لقد دخلت الإسلام وآمنت بهذا القرآن))

رجع (موريس بوكاي) إلى فرنسا بغير الوجه الذى ذهب به .. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثا مع القرآن الكريم , والبحث عن تناقض علمي واحد مما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت :43]

كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها الفرنسي موريس أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هز الدول الغربية قاطبة ورج علماءها رجا , لقد كان عنوان الكتاب (القرآن والتوراة والإنجيل والعلم .. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة).. فماذا فعل هذا الكتاب؟؟

من أول طبعة له نفد من جميع المكتبات !
ثم أعيدت طباعته بمئات الآلاف بعد أن ترجم من لغته الأصلية (الفرنسية) إلى العربية والإنكليزية والأندونيسية والفارسية والصربكرواتية والتركية والأوردوية والكجوراتية والألمانية ..!
لينتشر بعدها في كل مكتبات الشرق والغرب , وصرت تجده بيد أي شاب مصري أو مغربي أو خليجي في أميركا, فهو يستخدمه ليؤثر في الفتاة التي يريد أن يرتبط بها..! فهو خير كتاب ينتزعها من النصرانية واليهودية إلى وحدانية الإسلام وكماله ..

ولقد حاول ممن طمس الله على قلوبهم وأبصارهم من علماء اليهود والنصارى أن يردوا على هذا الكتاب فلم يكتبوا سوى تهريج جدلي ومحاولات يائسة يمليها عليهم وساوس الشيطان..
وآخرهم الدكتور (وليم كامبل) في كتابه المسمى (القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم) فلقد شرق وغرب ولم يستطع في النهاية ان يحرز شيئا..!

بل الأعجب من هذا أن بعض العلماء في الغرب بدأ يجهز رداً على الكتاب , فلما انغمس بقراءته أكثر وتمعن فيه زيادة .. أسلم ونطق بالشهادتين على الملأ!! فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

يقول موريس بوكاي في مقدمة كتابه (لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية , فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحد من الدقة بموضوعات شديدة التنوع , ومطابقتها تماما للمعارف العلمية الحديثة , وذلك في نص قد كتب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا..!


معاشر السادة النبلاء..
لا نجد تعليقا على تلك الديباجية الفرعونية .. سوى أن نتذكر قوله تعالى { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً} [النساء :82] ..

نعم والله لو كان من عند غير الله لما تحقق قوله تعالى في فرعون { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية } كانت حقا آية إلهية في جسد فرعون البالي.. تلك الآية التي أحيت الإسلام في قلب موريس...!



وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #16
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 01:32 PM
Parent: #1

إسلام أكبر داعي للنصرانية فى كندا !


د. جاري ميلر

هذا أكبر داعى للنصرانية يعلن إسلامه ويتحول إلى أكبر داعي للإسلام فى كندا ، كان من المبشرين الناشطين جدا في الدعوة إلى النصرانية وأيضا هو من الذين لديهم علم غزير بالكتاب المقدس Bible ....

هذا الرجل يحب الرياضيات بشكل كبير.... لذلك يحب المنطق أو التسلسل المنطقي للأمور....
في أحد الأيام أراد أن يقرأ القرآن بقصد أن يجد فيه بعض الأخطاء التي تعزز موقفه عند دعوته للمسلمين للدين النصراني .... كان يتوقع أن يجد القرآن كتاب قديم مكتوب منذ 14 قرن يتكلم عن الصحراء وما إلى ذلك ..... لكنه ذهل مما وجده فيه .....بل واكتشف أن هذا الكتاب يحتوي على أشياء لا توجد في أي كتاب آخر في هذا العالم .......

كان يتوقع أن يجد بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها أو وفاة بناته وأولاده...... لكنه لم يجد شيئا من ذلك ...... بل الذي جعله في حيرة من أمره انه وجد أن هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم عليها السلام لا يوجد مثيل له في كتب النصارى ولا في أناجيلهم !!

ولم يجد سورة باسم عائشة أو فاطمة رضي الله عنهم.
وكذلك وجد أن عيسى عليه السلام ذكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يذكر إلا 4 مرات فقط فزادت حيرة الرجل .

أخذ يقرأ القرآن بتمعن أكثر لعله يجد مأخذا عليه ....ولكنه صعق بآية عظيمة وعجيبة ألا وهي الآية رقم 82 في سورة النساء :
{ أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا }

يقول الدكتور ميلر عن هذه الآية : " من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر هو مبدأ إيجاد الأخطاء أو تقصي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتها Falsification test...
والعجيب أن القرآن الكريم يدعوا المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه ولن يجدوا."

يقول أيضا عن هذه الآية : لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتابا ثم يقول هذا الكتاب خالي من الأخطاء ولكن القرآن على العكس تماما يقول لك لا يوجد أخطاء بل ويعرض عليك أن تجد فيه أخطاء ولن تجد.

أيضا من الآيات التي وقف الدكتور ميلر عندها طويلا هي الآية رقم 30 من سورة الأنبياء :
{ أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شي حي أفلا يؤمنون }

يقول: "إن هذه الآية هي بالضبط موضوع البحث العلمي الذي حصل على جائزة نوبل في عام 1973 وكان عن نظرية الانفجار الكبير وهي تنص أن الكون الموجود هو نتيجة انفجار ضخم حدث منه الكون بما فيه من سماوات وكواكب. فالرتق هو الشي المتماسك في حين أن الفتق هو الشيء المتفكك فسبحان الله."

يقول الدكتور ميلر : " الآن نأتي إلى الشيء المذهل في أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم والادعاء بأن الشياطين هي التي تعينه والله تعالى يقول :
{ وما تنزلت به الشياطين ، وما ينبغي لهم وما يستطيعون ، إنهم عن السمع لمعزولون } [ الشعراء : الآية 210-212 ]
{ فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } [ النحل : 98 ]

أرأيتم ؟؟ هل هذه طريقة الشيطان في كتابة أي كتاب ؟؟
يؤلف كتاب ثم يقول قبل أن تقرأ هذا الكتاب يجب عليك أن تتعوذ مني ؟؟
إن هذه الآيات من الأمور الإعجازية في هذا الكتاب المعجز ! وفيها رد منطقي لكل من قال بهذه الشبهة.
ومن القصص التي أبهرت الدكتور ميلر ويعتبرها من المعجزات هي قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي لهب.....

يقول الدكتور ميلر :
"هذا الرجل أبو لهب كان يكره الإسلام كرها شديدا لدرجة أنه كان يتبع محمد صلى الله عليه وسلم أينما ذهب ليقلل من قيمة ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم, إذا رأى الرسول يتكلم الي إناس غرباء فإنه ينتظر حتى ينتهي الرسول من كلامه ليذهب إليهم ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟ لو قال لكم أبيض فهو أسود ولو قال لكم ليل فهو نهار والمقصد أنه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ويشكك الناس فيه .

وقبل 10 سنوات من وفاة أبي لهب نزلت سورة في القرآن أسمها سورة المسد , هذه السورة تقرر أن أبو لهب سوف يذهب إلى النار , أي بمعنى آخر أن أبو لهب لن يدخل الإسلام .

وخلال عشر سنوات كاملة كل ما كان على أبو لهب أن يفعله هو أن يأتي أمام الناس ويقول "محمد يقول أني لن أسلم و سوف أدخل النار ولكني أعلن الآن أني أريد أن أدخل في الاسلام وأصبح مسلما !! , الآن مارأيكم هل محمد صادق فيما يقول أم لا ؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي إلهي؟ "
لكن أبو لهب لم يفعل ذلك تماما رغم أن كل أفعاله كانت هي مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لم يخالفه في هذا الأمر .يعني القصة كأنها تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي لهب أنت تكرهني وتريد أن تنهيني , حسنا لديك الفرصة أن تنقض كلامي !

لكنه لم يفعل خلال عشر سنوات كاملة!! لم يسلم ولم يتظاهر حتى بالإسلام !!
عشر سنوات كانت لديه الفرصة أن يهدم الاسلام بدقيقة واحدة ! ولكن لأن الكلام هذا ليس كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولكنه وحي ممن يعلم الغيب ويعلم أن أبا لهب لن يسلم .

كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أن أبا لهب سوف يثبت ما في السورة إن لم يكن هذا وحيا من الله؟؟
كيف يكون واثقا خلال عشر سنوات كاملة أن ما لديه حق لو لم يكن يعلم أنه وحيا من الله؟؟

لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له إلا معنى واحد هذا وحي من الله.
{ تبت يدا أبي لهب وتب
ما أغنى عنه ماله وما كسب
سيصلى نارا ذات لهب
وامرأته حمالة الحطب
في جيدها حبل من مسد }

يقول الدكتور ميلر عن آية أبهرته لاعجازها الغيبي :
من المعجزات الغيبية القرآنية هو التحدي للمستقبل بأشياء لايمكن أن يتنبأ بها الإنسان وهي خاضعة لنفس الاختبار السابق ألا وهو Falsification tests أو مبدأ إيجاد الأخطاء حتى تتبين صحة الشيء المراد اختباره وهنا سوف نرى ماذا قال القرآن عن علاقة المسلمين مع اليهود والنصارى.
القرآن يقول أن اليهود هم أشد الناس عداوة للمسلمين وهذا مستمر الى وقتنا الحاضر فأشد الناس عداوة للملسلمين هم اليهود.

ويكمل الدكتور ميلر :
أن هذا يعتبر تحدي عظيم ذلك أن اليهود لديهم الفرصة لهدم الاسلام بأمر بسيط ألا وهو أن يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنين ويقولون عندها :
ها نحن نعاملكم معاملة طيبة والقرآن يقول أننا أشد الناس عداوة لكم , إذن القرآن خطأ ! , ولكن هذا لم يحدث خلال 1400 سنة !! ولن يحدث لأن هذا الكلام نزل من الذي يعلم الغيب وليس إنسان.

يكمل الدكتور ميلر :
هل رأيتم أن الآية التي تتكلم عن عداوة اليهود للمسلمين تعتبر تحدي للعقول !!
{ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ، وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين } [ المائدة : 82 - 84 ]
وعموما هذة الآية تنطبق على الد كتور ميلر حيث أنه من النصارى الذي عندما علم الحق آمن و دخل الإسلام وأصبح داعية له...
وفقه الله

يكمل الدكتور ميلر عن أسلوب فريد في القرآن أذهله لإعجازه :
بدون أدنى شك يوجد في القرآن توجه فريد ومذهل لا يوجد في أي مكان آخر , وذلك أن القرآن يعطيك معلومات معينة ويقول لك : لم تكن تعلمها من قبل.

مثل :
{ ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون } [ سورة آل عمران : آية 44 ]
{ تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين } [ سورة هود : آية 49 ]
{ ذلك من أنباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون } [ سورة يوسف : آية 102 ]


يكمل الدكتور ميلر:
لا يوجد كتاب مما يسمى بالكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب , كل الكتب الأخرى عبارة عن مجموعة من المعلومات التي تخبرك من أين أتت هذه المعلومات , على سبيل المثال الكتاب المقدس (الإنجيل المحرف) عندما يناقش قصص القدماء فهو يقول لك الملك فلان عاش هنا وهذا القائد قاتل هنا معركة معينة وشخص آخر كان له عدد كذا من الأبناء وأسماءهم فلان وفلان ..الخ .
ولكن هذا الكتاب (الإنجيل المحرف) دائما يخبرك إذا كنت تريد المزيد من المعلومات يمكنك أن تقرأ الكتاب الفلاني أوالكتاب الفلاني لأن هذه المعلومات أتت منه.


يكمل الدكتور جاري ميلر:
بعكس القرآن الذي يمد القارىء بالمعلومة ثم يقول لك هذه معلومة جديدة !! بل ويطلب منك أن تتأكد منها إن كنت مترددا في صحة القرآن بطريقة لا يمكن أن تكون من عقل بشر !!. والمذهل في الأمر هو أهل مكة في ذلك الوقت -أي وقت نزول هذه الآيات - ومرة بعد مرة كانوا يسمعونها ويسمعون التحدي بأن هذه معلومات جديدة لم يكن يعلمها محمد صلى الله عليه وسلم ولا قومه ,, بالرغم من ذلك لم يقولوا : هذا ليس جديدا بل نحن نعرفه , أبدا لم يحدث أن قالوا مثل ذلك ولم يقولوا : نحن نعلم من أين جاء محمد بهذه المعلومات , ايضا لم يحدث مثل هذا , ولكن الذي حدث أن أحدا لم يجرؤ على تكذيبه أو الرد عليه لأنها فعلا معلومات جديدة كليا !!! وليست من عقل بشر ولكنها من الله الذي يعلم الغيب في الماضي والحاضر والمستقبل"

جزاك الله خيرا يا دكتور ميلر على هذا التدبر الجميل لكتاب الله في زمن قل فيه التدبر.

وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #17
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: أبوالريش
Date: 01-25-2005, 01:49 PM
Parent: #16

الأخت العـزيـزة بنت الأحفـاد،

هل يمكن أن نعرف متى أســلم د. جاري ميلر؟
هـذه مهمـة بالنسبـة لى..

وشكــرا مقـدمـا.

Post: #18
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-25-2005, 02:22 PM
Parent: #1

الاخ الكريم أبو الريش

تحيه طيبه وكل عام وأنت بخير

لا أعرف متى أسلم د. جاري ميلر

فقد تحصلت على هذه القصه من موقع طريق الاسلام على الرابط التالى

http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=401

غالبيه المسلمون الجدد يحرصون على كتب طريقه أسلامهم لما فيها من عبر وعظات دون الاشاره لتاريخ دخولهم الاسلام

أذاعرفت اى معلومه عن تاريخ أسلامه سأوافيك بها بأذن الله


وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #19
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: أيمن جبارة الله الخضر
Date: 01-25-2005, 10:13 PM
Parent: #18



Gary Miller (Abdul-Ahad Omar) shows how we can establish true faithby setting standards of truth. He illustrates a simple but effective method of finding out the right direction in our search for truth.

G.R.. Miller is a mathematician and a theologian. He was active inChristian missionary work at a particular point of his life but he soonbegan to discover many inconsistencies in the Bible. In 1978, hehappened to read the Qur'an expecting that it, too, would contain amixture of truth and falsehood.

He discovered to his amazement that the message of the Qur'an was precisely the same as the essence of truth that he had distilled from the Bible. He became a Muslim and since then has been active in giving public presentations on Islam including radio and television appearances. He is also the author of several articles and publications about Islam.


Gary MIller's Articles on Islam:-

http://www.islamic-paths.org/Home/English/Discover/Pill...ert_Story/Miller.htm

http://www.themodernreligion.com/essays_Gary_Miller.htm


Post: #20
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: garjah
Date: 01-26-2005, 00:06 AM
Parent: #19



الاخت

اماني

ارجو ان يكون توضيحك الكافي ومثابرتك

قد اشفت تساؤلات هوبفل

لكي كثير التقدير

وبارك الله فيك

Post: #21
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-26-2005, 05:53 AM
Parent: #20

الأحباء جميعاً

لكم التحية

والله نسأل طريق الحق والهداية


وهذا هو المبتغى


-----
ما هو المقصود بالناسخ والمنسوخ في القرآن ولماذا ؟

Post: #22
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-26-2005, 06:16 AM
Parent: #21

السور التى جاءت فيها منسوخات فى القرآن



الواقع أن جمهرة من علماء الإسلام قسموا السور التي شملها الناسخ والمنسوخ إلى الأقسام التالية:

(1) السور التي فيها ناسخ وليس فيها منسوخ ( 6 سور) هي:

1ـ الفتح 2ـ الحشر 3ـ المنافقون 4ـ التغابن

5ـ الطلاق 6ـ الأعلى.



(2) والسور التي فيها ناسخ ومنسوخ (25 سورة) هي:

1ـ البقرة 2ـ آل عمران 3ـ النساء

4ـ المائدة 5ـ الأنفال 6ـ التوبة

7ـ إبراهيم 8 ـ الكهف 9ـ مريم

10ـ الأنبياء 11ـ الحج 12ـ النور

13ـ الفرقان 14ـالشعراء 15 ـ الأحزاب 16ـ سبأ 17ـ غافر 18ـ الشورى 19ـ الذاريات 20ـ الطور 21ـ الواقعة

22ـ المجادلة 23ـ المزمل 24ـ الكوثر

25ـ العصر.



(3) أن السور التي فيها منسوخ وليس فيها ناسخ (40 سورة) هي:

1ـ الأنعام 2ـ الأعراف 3ـ يونس

4ـ هود 5ـ الرعد 6ـ الحِجْر

7ـ النحل 8ـ الإسراء 9ـ الكهف

10ـ طه 11ـ المؤمنون 12ـ النمل

13ـ القصص 14ـ العنكبوت 15ـ الروم

16ـ لقمان 17ـ المضاجع 18ـ الملائكة 19ـ الصافات 20ـ ص 21ـ الزمر

22ـ الزخرف 23ـ الدخان 24ـ الجاثية

25ـ الأحقاف 26ـ محمد 27ـ ق

28ـ النجم 29ـ القمر 30ـ الامتحان 31ـ نون 32ـ المعارج 33ـ المدثر

34ـ القيامة 35ـ الإنسان 36ـ عبس

37ـ الطارق 38ـ الغاشية 39ـ التين

40ـ الكافرون.



(4) السور الباقية التي ليس فيها ناسخ ولا منسوخ (43 سورة) من مجمل سور القرآن 114 سورة.

وبحسبة بسيطة نستطيع أن نعرف الآيات التي وجد فيها ناسخ ومنسوخ،



إما بعملية طرح: 114 – 43 = 71 سورة،

أو بعملية جمع حسابية للآيات التي شملها النسخ:

6 + 25 + 40 = 71 سورة.



هذه هي السور التي تغيرت وتبدلت ومحيت وأُبطل عملها، وتحول الحلال فيها إلى حرام، وتحول الحرام فيها إلى حلال، بحسب قول ابن كثير فى تفسيره ( ج1 ص 104 ) عن ابن جرير تعليقاً على الآية "[ ماننسخ من آية ] قوله أى : نُحوِّل الحلالَ حراماً، والحرامَ حلالاً، والمباحَ محظوراً، والمحظورَ مباحاً."


Post: #23
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-26-2005, 06:22 AM
Parent: #22

من كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن

مصدر فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن جاءت من الآيات التالية:

1ـ في سورة (البقرة2: 106) "ما ننسخ من آية أو نُنسها نأتي بخير منها أو مثلها" .



2ـ في سورة (النحل16: 101) "وإذا بدلنا آية مكان آية، والله أعلم بما ينزِّل، قالوا إنما أنت مفتر، بل أكثرهم لا يعلمون" .



3ـ وفي سورة (الرعد13: 39) "ويمحو الله ما يشاء، ويثْبِت، وعنده أُمُّ [أصل] الكتاب" .



4ـ وفي (سورة الحج22: 52) "فينسخ الله ما يُلْقي الشيطان"



تعليق:

هذه هي الآيات القرآنية التي نشأت عنها فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن :

1 ـ ولقد سبق أن تكلمت عن معنى الناسخ والمنسوخ في الفصل الأول.



2ـ ولكني أضيف هنا تفسير معنى: "أو نُنسها" في سورة (البقرة2: 106) "ما ننسخ من آية أو نُنسها نأتي بخير منها أو مثلها" فقد كتب ابن كثير نقلا عن جرير عن الحسن قوله: "إن النبي (صلعم) قرأ قرآنا ثم نسيه". وعن ابن عباس قال: "كان مما ينزل على النبي (صلعم) الوحي بالليل وينساه بالنهار" (تفسير ابن كثير ج1ص 104) .

وجاء في صحيح البخارى (حديث رقم 5092) "عن عائشة قالت: "سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً كنت أُنْسِيتُها من سورة كذا وكذا" .

وجاء في صحيح مسلم (حديث 1874) "عن عائشة قالت: كان النبي (صلعم) يستمع قراءة رجل في المسجد، فقال: رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أُنْسِيتها" .

والواقع أنا لا أدري كيف أن النبي ينسى ما يوحى إليه. ألم يستطع الله، الذي حفظ كلامه في لوح محفوظ منذ الأزل أن يحفظه في ذهن النبي الذي اختاره؟؟؟؟!!! .



3ـ والواقع أن نصَّ الآية يخالف ما قاله ابن عباس هذا، فالآيه لا تقول أن النبي ينساها، ولكن الآية تقول: أن الله هو الذي يُنَسِّيها للنبي!!!!! هذا نص القرآن "أو نُنْسها". وهذا ما ذكره ابن كثير أيضا في (تفسيره ج 1 ص 103) هذه الآية عينها نقلا عن قتادة الذي قال: كان الله عز وجل يُنْسي نبيه (صلعم) ما يشاء، وينسخ ما يشاء.



4ـ والتعليق على ذلك هو: لماذا إذاً أعطاه الآيات أصلا ثم يُنْسيَها له؟؟؟؟

Post: #26
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-26-2005, 06:35 AM
Parent: #23

خطورة الناسخ والمنسوخ





الخطورة الأولى:

كيف تتفق فكرة الناسخ والمنسوخ أو التغيير والتبديل مع علم الله المطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل؟ فالله ليس إنسانا يغير كلامه ويبدله، وهذا ما يقره القرآن أيضا في (سورة الأنعام 34) "لا تبديل لكلمات الله" وفي (سورة الكهف 27) "لا مبدل لكلماته" فكيف يقولون أن كلمات الله بدلت وغيرت ونسخت؟؟؟؟ .



وعن هذا الأمر علق الأستاذ سيد القمني المفكر الإسلامي المستنير في كتابه (الإسلاميات ص 56 قائلا: [هنا يثور سؤال، كيف يتحول الوحي ويتبدل؟ ألا يتعارض ذلك مع قدسية كلمة الله؟ ... (ويضيف قائلا): هذه الظاهرة التي لحظها القرشيون حتى قالوا: "ألا ترون إلى محمد، يأتي أصحابه بأمر ثم ينهاهم ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولا، يرجع عنه غداً" (ويواصل سيد القمني حديثه قائلا): وهي ذات المقولة التي قالها اليهود اليثاربة (أي أهل المدينة) بعد الهجرة] .



قارن هذا بما قاله السيد المسيح "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (مت5: 17و1 .



الخطورة الثانية:

هل تتفق فكرة الناسخ والمنسوخ، أو التغيير في آيات القرآن وإلغائها ومحوها، مع حقيقة أن القرآن أزلي مكتوب في لوح محفوظ؟ فهل تم التغيير والإلغاء في اللوح المحفوظ أو بمعنى آخر هل للوح المحفوظ طبعات معدلة ومنقحة ومزيدة؟؟؟؟ .



وعن هذا قال الأستاذ سيد القمني المفكر الإسلامي المستنير في كتابه (الإسلاميات ص 569) قال: "ظاهرة النسخ تثير في وجه الفكر الديني السائد المستقر ..... إشكالية: كيف يمكن التوفيق بين هذه الظاهرة بما يترتب عليها من تعديل للنص بالنسخ والإلغاء، وبين الإيمان الذي شاع واستقر بوجود أزلي للنص في اللوح المحفوظ". هذا ما قاله سيد القمني بالحرف الواحد.



الخطورة الثالثة:

أما عن قول السورة القرآنية "أو نُنْسِها" فكيف يتفق هذا مع قول القرآن (في سورة الحجر 9) "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"؟ فإن كان الله يحفظ كلامه فلماذا لم يحفظه في ذاكرة الرسول، ولماذا ينسيه له، بعد أن يوحي به إليه؟؟؟؟ .



الخطورة الرابعة:

وإن كان الرسول ينسى الكلام الموحى به وهو المؤتمن على الوحي، فماذا يقال عن حفظة القرآن، ألا يمكن أن ينسوا هم الآخرين؟ ... ، وعن هذه الفكرة قال أيضا سيد القمنى المفكر الإسلامي الشهير ص569"هناك إشكالية ثانية .. هي إشكالية جمع القرآن، وعن مشكلة الجمع فإن ما يورده علماء القرآن من أمثلة توضح أن بعض أجزاء النص قد نسيت من الذاكرة الإنسانية، ولم يناقش العلماء، ما تؤدي إليه ظاهرة نسخ التلاوة، أو حذف النصوص سواء بقي حكمها أم نسخ أيضا، من قضاء كامل على تصورهم الذي سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابي للنص في اللوح المحفوظ. (ثم يكمل حديثه قائلا): فإن نزول الآيات المثبتة في اللوح المحفوظ، ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو، ينفي هذه الأبدية المفترضة الموهومة (للوح المحفوظ)". (ويستطرد قائلا): "فإذا أضفنا إلى ذلك المرويات الكثيرة عن سقوط أجزاء من القرآن ونسيانها من ذاكرة المسلمين، ازدادت حِدَّةُ المشكلة". (ثم يختم كلامه في هذا الخصوص بقوله): "والذي لاشك فيه أيضا، أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدي فقط إلى معارضة تصورهم الأسطوري للوجود الأزلي للنص، بل يؤدي أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاتـــه" .

الخطورة الخامسة:

ألا يعتبر الناسخ والمنسوخ تحريف في قرآن اللوح المحفوظ؟؟؟؟!!! .



الخطورة السادسة:

ألا تتصادم قضية الناسخ والنسوخ مع الآية القرآنية التي تقول: "لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" (سورة النساء4: 82)؟

Post: #24
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: ود الشيخ
Date: 01-26-2005, 06:23 AM
Parent: #1



المليجي

انزيك

Post: #25
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: 7abib_alkul
Date: 01-26-2005, 06:33 AM
Parent: #24

المفكر جمال

ترم ترم ترم ترم
انا منتظر الحلقة الاخيره

Post: #27
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-26-2005, 10:19 AM
Parent: #1

الاخ الكريم هوبفول

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عيد مبارك وكل عام وانتم بخير

أما بعد

فهذه الأسئله والأستفسارات متواجده فى موقع مخصص لمحاربه الاسلام والقرآن بالتشكيك فى كلام الله وتشكيك ضعيفى الايمان ولا احسبك منهم فى دينهم

وهم يستغلون نقاط يكون الالمام بها ضعيفا لدى بعض المسلمين وغيرمسلمين---واى شخص يطعن فى القرآن وكتاب الله فليأتـ بمثله او احسن منه

والله عز وجل تحدى البشريه ان تأتى بمثل القرآن ولن تستطيع---الله سبحانه وتعالى حافظ لكتابه ولن تجدى المحاولات التى يفعلها اعداء الأسلام للنيل منه ولو كان هناك نقص فى القرآن او فى دينه الذى ختم به الرسالات لما توافد على الدخول فيه الالاف من غربيين وغيرهم بعد دراسات عميقه ومقارنه بين الاديان

الرجاء ممن لا يكون لديه علم ويقين فى دين الله الاسلام بعدم التوجه لهذه المواقع التى تضلل الناس كثيرا

أسأل الله لك ولنا الهدايه وسأجيب على تسأولاتك ما استطعت لذلك سبيلا


رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ


اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك


وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #28
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-26-2005, 10:21 AM
Parent: #1

- تعريف النسخ
1- لغة: الإزالة. يقال: نسخت الشمس الظّل، أي أزالته. ويأتي بمعنى التبديل والتحويل، يشهد له قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101].

2- اصطلاحاً: رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر. فالحكم المرفوع يسمى: المنسوخ، والدليل الرافع يسمى: الناسخ، ويسمى الرفع: النسخ.
فعملية النسخ على هذا تقضي منسوخاً وهو الحكم الذي كان مقرراً سابقاً، وتقتضي ناسخاً، وهو الدليل اللاحق.
ب- شروط النسخ.
1- أن يكون الحكم المنسوخ شرعياً.
2- أن يكون الدليل على ارتفاع الحكم دليلاً شرعياً متراخياً عن الخطاب المنسوخ حكمه.
3- ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين مثل قوله تعالى:
{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:109] فالعفو والصفح مقيد بمجيء أمر الله.

جـ- حكمه وقوع النسخ:
1- يحتل النسخ مكانة هامة في تاريخ الأديان، حيث أن النسخ هو السبيل لنقل الإنسان إلى الحالة الأكمل عبر ما يعرف بالتدرج في التشريع، وقد كان الخاتم لكل الشرائع السابقة والمتمم له ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا التشريع بلغت الإنسانية الغاية في كمال التشريع.
وتفصيل هذا: أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أدوار مختلفة، ولكل دور من هذه الأدوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب دوراً غيره، فالبشر أول عهدهم بالوجود كانوا كالوليد أول عهده بالوجود سذاجة، وبساطة، وضعفاً، وجهالة، ثم اخذوا يتحولون من هذا العهد رويداً رويداً، ومروا في هذا التحول أو مرت عليهم أعراض متبانية، من ضآلة العقل، وعماية الجهل، وطيش الشباب، وغشم القوة على التفاوت في هذا بينهم، اقتضى وجود شرائع مختلفة لهم تبعاً لهذا التفاوت.
حتى إذا بلغ العالم أوان نضجه واستوائه، وربطت مدنيته بين أقطاره وشعوبه، جاء هذا الدين الحنيف ختاماً للأديان ومتمماً للشرائع، وجامعاً لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية و مرونة القواعد، جمعاً وفَّقَ بين مطالب الروح والجسد، وآخى بين العلم والدين، ونظم علاقة الإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد، وأسر، وجماعات، وأمم، وشعوب، وحيوان، ونبات، وجماد، مما جعله بحق ديناً عاماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
2- ومن الحكم أيضاً التخفيف والتيسير: مثاله: إن الله تعالى أمر بثبات الواحد من الصَحابَة للعشرة في قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [ الأنفال:65] ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى :{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66] فهذا المثال يدل دلالة واضحة على التخفيف والتسير ورفع المشقة، حتى يتذكر المسلم نعمة الله عليه.
3- مراعات مصالح العباد.
4- ابتلاء المكلف واختباره حسب تطور الدعوة وحال الناس.
د- أقسام النسخ في القرآن الكريم
1- نسخ التلاوة والحكم معاً.
رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن:"عشر رضعات معلومات يحرّمن " فنسخن خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مما يقرأ من القرآن". ولا يجوز قراءة منسوخ التلاوة والحكم في الصلاة ولا العمل به، لأنه قد نسخ بالكلية. إلا أن الخمس رضعات منسوخ التلاوة باقي الحكم عند الشافعية.
2- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
يُعمل بهذا القسم إذا تلقته الأمة بالقبول، لما روي أنه كان في سورة النور: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما نكالاً من الله والله عزيز حكيم "، ولهذا قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي.
وهذان القسمان: (1- نسخ الحكم والتلاوة) و (2- نسخ التلاوة مع بقاء الحكم) قليل في القرآن الكريم، ونادر أن يوجد فيه مثل هذان القسمان، لأن الله سبحانه أنزل كتابه المجيد ليتعبد الناس بتلاوته، وبتطبيق أحكامه.

3- نسخ الحكم وبقاء التلاوة.
فهذا القسم كثير في القرآن الكريم، وهو في ثلاث وستين سورة.
مثاله:
1- قيام الليل:
المنسوخ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا}[المزمل: 1- 3].
الناسخ: قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} [المزمل:20].
النسخ: وجه النسخ أن وجوب قيام الليل ارتفع بما تيسر، أي لم يَعُدْ واجباً.
2- محاسبة النفس.
المنسوخ: قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}
[البقرة: 284].
الناسخ: قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [ البقرة:286 ].
النسخ: وجهه أن المحاسبة على خطرات الأنفس بالآية الأولى رُفعت بالآية التالية.
3- حق التقوى.
المنسوخ: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102].
الناسخ: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].
النسخ: رفع حق التقوى بالتقوى المستطاعة.

- ما الحكمة من نسخ الحكم وبقاء التلاوة؟
1- إن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه، والعمل به، فإنه كذلك يُتلى لكونه كلام الله تعالى، فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
2- إن النسخ غالباً يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة ورفع المشقة، حتى يتذكر العبد نعمة الله عليه.
هـ- النسخ إلى بدل وإلى غير بدل
1- النسخ إلى بدل مماثل، كنسخ التوجه من بيت المقدس إلى بيت الحرام: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة :144].
2- النسخ إلى بدل أثقل، كحبس الزناة في البيوت إلى الرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.
3- النسخ إلى غير بدل، كنسخ الصدقة بين يدي نجوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
4- النسخ إلى بدل أخف: مر معنا في الأمثلة السابقة ( قيام الليل ).
و- أنواع النسخ
النوع الأول: نسخ القرآن بالقرآن، وهو متفق على جوازه ووقوعه.
النوع الثاني: نسخ القرآن بالسنة وهو قسمان.
1- نسخ القرآن بالنسبة الآحادية، والجمهور على عدم جوازه.
2- نسخ القرآن بالسنة المتواترة.
أ- أجازه الإمام أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فقد نسخت هذه الآية بالحديث المستفيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا لا وصية لوارث " ولا ناسخ إلا السنة . وغيره من الأدلة .
ب- منعه الإمام الشافعي ورواية أخرى لأحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] قالوا: السنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله.
النوع الثالث: نسخ السنة بالقرآن: أجازه الجمهور، ومثلوا له بنسخ التوجه إلى بيت المقدس الذي كان ثابتاً بالسنة بالتوجه إلى المسجد الحرام. ونسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان.


http://www.islampedia.com/MIE2/ooloom/koran5.html


وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #29
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: bint_alahfad
Date: 01-26-2005, 10:23 AM
Parent: #1

الناسـخ والمنسـوخ
سورة البقرة (2)
قال الله تعالى: {ما نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير(106)}
سورة النحل (16)
وقال أيضاً: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهم لا يَعْلَمُون(101)}
ومضات:
ـ إن الله تعالى هو الُمُشرِّع الحكيم، وقد اقتضت حكمته، التدرُّج في بعض الأحكام، وتعديلها بما يتناسب مع استعداد البشر، وزيادة تقبُّلهم للأفضل منها، وعنده تعالى أمُّ الكتاب يمحو ما يشاء ويثبت لحكمة عالية، قد يدركها البشر وقد تغيب عنهم.
ـ إنَّ في تغيُّرِ بعض الأحكام بِتغيُّر الأزمان، وتطورها، دليل على روح التطور والتجديد الموجودة في التشريع الإسلامي من جهة، وتنبيه للدعاة أن يبتعدوا عن الجمود والتزمُّت، ممَّا يُجمِّد رقيَّ المؤمن في عالم الحضارة والتجدُّد من جهة ثانية.
ـ إنَّ في نسخ بعض الأحكام مع بقاء الآيات المُشرِّعَة لها في القرآن، تعليم أو إيحاء من الله تعالى للدعاة لكي يسلكوا سبيل الحكمة والتدرُّج في طرح الأحكام وتنفيذها، وخاصَّة مع غير المسلمين، وفي ظروف تتماثل مع بدايات الدعوة، أو خلال مسيرتها.
في رحاب الآيات:
النسخ تعريفاً: هو إبطال الحكم المستفاد من نصٍّ سابقٍ بنصٍّ لاحقٍ. أو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي. وقد نزل التشريع القرآني على قلب النبي صلى الله عليه وسلممجزَّءاً بما يتناسب مع الأحداث والوقائع، متناولاً الكثير من عادات العرب الجاهلية المستحكمة... ومُتَّخذاً منها موقف المُتمهِّل المتريِّث، لأن التأنِّي مع التنظيم خيرٌ من العجلة مع الفوضى، وأنجح في التأثير على السلوك الإنساني وإصلاحه. ومن أجل ذلك كان التدرُّج في التشريع من أهم ميزات التشريع الإسلامي.
والحقيقة أن التدرُّج يشمل سنن الحياة كلّها؛ فالحليب في ضرع الأم يبدأ خفيفاً، وتزداد قوّته الغذائية وكثافته مع نموِّ الطفل، والمعلِّم يتعهَّد تلاميذه المبتدئين بأسهل المعلومات، ثمَّ يتدرَّج بهم حسب نضوجهم العقلي وسموِّهم الفكري. وكذلك الأمم تتقلَّب كما يتقلَّب الأفراد في أطوار شتَّى، فمن الحكمة في سياستها، وتشريعاتها، أن يُصاغ ويُختار لها ما يناسب حالها في الطور الَّذي تكون فيه، حتَّى إذا انتقلت منه إلى طور آخر لا يناسب ذلك التشريع الأوَّل، كان لازماً أن يوجد لها تشريع آخر يتَّفق وهذا الطور الجديد، وإلا لاختلَّ ما بين الحكمة والأحكام من الارتباط والإحكام.
فالله تعالى أنزل على نبيِّه في كلِّ حال ما يناسب الظروف الَّتي تحيط به وبالمؤمنين. ومن تأمَّل هذا الإبداع، والحكمة العظيمة في وجود النسخ في القرآن الكريم، اطمأنَّ إلى مناسبة التشريع الإلهي لكلِّ زمان ومكان. فالحكم المنسوخ منوط بحكمة أو مصلحة تنتهي في وقت معلوم، بينما الحكم الناسخ له يجيئ منوطاً بحكمة ومصلحة أخرى تتناسب مع الحال الجديد الَّذي أصبحوا عليه.
وقد روي عن ابن عباس ـ ترجمان القرآن ـ رضي الله عنه أنه كان يُفسِّر قوله تعالى: {يُؤتي الحكمة من يشاءُ ومن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتي خيراً كثيراً...} (2 البقرة أية 269) بأن المقصود بالحكمة، معرفة الناسخ والمنسوخ والحكمة منهما.
فعندما ندرس موضوع تحريم الخمر، ونعرف أن شرب الخمر كان مستحكماً بين عرب الجاهلية، وكان استئصال هذه العادة - دفعة واحدة - أمراً صعباً جداً، بل مستحيلاً، نجد عظمة الحكمة في التشريع القرآني عندما نزل تحريم الخمر بالتدريج، وعلى مراحل كانت نهايتها القضاء على هذه العادة المؤذية المستحكمة، وهذا ما شرحناه مفصَّلاً في فصل تحريم شرب الخمر وعقوبته. وهكذا فُرض الصوم بالتدريج، وحُرِّم الرِّبا على مراحل، كذلك جاء تعديل حكم المواريث منسجما مع اتساع دائرة الدخول في الإسلام من قبل فروع العائلة..
والسؤال الَّذي يُطرح كثيراً: ما هي الفائدة من بقاء الآيات المنسوخة الحُكم في المصحف تُقرأ وتُتلى مع أن حكمها منسوخ؟!. والجواب على هذا السؤال يتضح في عدَّة نقاط أهمها:
ـ إن بقاء هذه الآيات يُذكِّر المؤمنين بنعمة الله عليهم من حيث تكامل التشريع وبلوغه الأفضل والأكمل.
ـ كما أن في بقاء هذه الآيات إشارة إلى أنه على المؤمن أن يتحلَّى بأسلوب القرآن، ويتَّخذ من حكمة التدرُّج سبيلاً لدعوة الناس إلى الحقِّ وهدايتهم إليه.
ـ ولعل أهم سبب لبقاء هذه الآيات يتلوها المسلم في صلاته وعباداته، هو الإيحاء بأنه من الممكن تطبيق بعض هذه الأحكام المنسوخة، في بعض الأوقات الخاصَّة، إذا اقتضت حكمة الدعوة والتشريع ذلك، مع الاهتمام بالانتقال من هذا الحكم المنسوخ إلى الحكم الناسخ في السرعة الممكنة.. وهذا أفضل أسلوب لشدِّ قلوب الناس إلى الإسلام، بدل تصعيب الأمور عليهم، أو محاسبتهم الحساب العسير، ممَّا يُنفِّرهم ويُبعدهم عن الصراط المستقيم.

http://www.khayma.com/ayat/B4-F9.html



وفى امان الله

لا اله الا الله

Post: #30
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Sudany Agouz
Date: 01-26-2005, 10:22 PM
Parent: #29

الاستاذ والاخ هوب فل ..

تحية طيبة ..

فى الزمن الماضى - أى فى مداخلاتك القديمة - كنت تتعصب فى آرائك عندما يكتب أحدا عن الدين الاسلامى ..
أما الآن أجدك تناقش بهدوء أمورا حيوية فى جوهر العقيدة الاسلامية - بل تقرأ وتبحث - فكم أنا سعيد ببحوثاتك الحساسة - فهذا ينم عن شخص واع وشخصية سمحة تود معرفة الحقيقة وتجد فى البحث والتنقيب ..

أعانكم الله .. وثق تماما .. ان داومت فى هذا البحث - ستصل حتما الى معرفة الحق والحقيقة - نقطة أخيرة .. أرجوك رجاء خاصا أن تداوم على الصلاة والطلب بالحاح من الله عز وجل أن يرشدك الى المعرفة .. فاطلب من الله بلجاجة - وانا واثق بأن الله لن يخيب أملك بل سيرشدك .. وسترتاح راحة كاملة فى النهاية .. واصدقنى القول .. بأننى سأصلى من أجلك .. ولعل الله يستجيب لى أنا الخاطىء ..

الله معك ..

عمك العجوز
أرنست

Post: #31
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: أيمن جبارة الله الخضر
Date: 01-26-2005, 11:45 PM
Parent: #30

الأخ (سوداني عجوز)

فرق كبير بين من يسأل ليقوي إيمانه ويتفقه في دينه ومن يسأل ليشكك ويطعن ويشوه صورة الإسلام ويجي يعمل فيها مفتي ويطلع نظريات جديدة في الإسلام (زي الدايرين يقرو القرآن في الصلاة باللغة النوبية)

Post: #32
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-27-2005, 09:53 AM
Parent: #31

FONT SIZE=4 COLOR=BLUE>E>الأخت الكريمة بنت الأحفاد
مقدرا لك هذا المجهود في نقل ما ترينه من ايضاح لتساؤلاتي

ولكن اختي
التصويب يكون للخطأ
لماذا يصوب القران نفسه وهو من الله؟
او بمعنى آخر لماذا يتم النسخ والاستبدال في الآيات القرانية وهي في اللوح المحفوظ منذ الأزل.. وان كانت المنسوخات تخص فترة معينة فكيف لنا بمقولة أن القرآن صالح لكل زمان ومكان؟؟

ثم ماذا عن -لا يعلم مافي الأرحام الا الله
واليوم كل المستشفيات تحدثك عن مافي الارحام ذكراً كان او انثى؟



لنا ولك طريق الرشاد

Post: #33
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Sudany Agouz
Date: 01-27-2005, 10:16 AM
Parent: #32

الأخ أيمن جبارة ..

لك كل الود ..

أنا لم أقل شيئا .. كل ما قلته .. أحب الانسان الذى يبحث ويفكر .. لأن الله خلق لنا العقل للتفاكر فى الذات الالهية - ولا يمكن بحال من الأحوال أخذ الأمور على علاتها - فهناك أسئلة كثيرة ..

كيف يكون لله عز وجل خالق الكون .. ( ينسى ) أو ينسخ آية ليأتى بأحسن منها- أى يلغى آية لتحل محلها آية أخرى ..

والشيىء الذى أطلبه من الباحثين هو الرجوع الى كتب التفاسير والأحاديث - لمعرفة أسباب نزول الآيات وربطها بالآيات القرآنية - نجد أن الله عز وجل كان يفرغ نفسه تماما ليدخل فى خصوصيات النبى وتصرفاته ..
أيها الأحباء ،

يوم أن ترفع الأسفار .. يوم أن يأتى الحساب - سوف نقف أمام الديان العادل لنعطى حساب الوكالة - هل سنقول له نحن آمنا بدين الآباء لأننا ولدنا من أبوين مسلمين أو مسيحيين - هذا لا يكفى - لابد من الايمان الفعلى الذى يتأتى عن اقتناع كامل ..
لعلنا نتعظ قبل فوات الأوان ..

والله فادر على تنوير العقول .. الله معكم جميعا ..

عمكم العجوز
أرنست

Post: #34
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: SAdo7
Date: 01-27-2005, 11:12 AM
Parent: #33

الاخ هوبفل سلام قولا من رب رحيم وكل عام وانت بخير اولا عذرا فلا استطيع الاستفاضه فى ماتسال عنه لضيق الوقت ـ ان الله انزل القران جميعه الى اللوح المحفوظ فى ليلة القدر = انا انزلناه فى ليلة القدر = مما يعنى ان القران الذى بين ايدينا هو الموجود فى اللوح المحفوظ ولكن حكمة النسخ كانت رحمة بالمجتمع الذى انزل عليه القران فى ذلك الوقت فهنالك اشياء كثيره لم تحرم جملة انما على فترات وعن طريق النسخ للاحكام اباحه مطلقه اباحه مقيده تحريم مقيد تحريم مطلق وفى ليلة المعراج فرض الله علينا خمسين صلاه ثم جعلها خمسه صلوات لها اجر الخمسين فهل كان الله لا يعلم عدم قدرت امة محمد صلى الله عليه وسلم على الخمسين صلاه ام انه لم يكن يعلم انها ستؤول الى خمسه صلوات بالطبع يعلم ذلك ولكن نن لانعلم حكمة الله فى ذلك وكما جاء فى الايه "ما ننسخ من آية أو نُنسها نأتي بخير منها أو مثلها" فالنسخ غايته الخيريه بغض النظر عن حكمة الله فى ذلك اما بحصوص لا يعلم مافى الارحام الا هو ليس المقصود معرفة الجنين ذكر ام انثى بعد خلقه فهذا شئ طبيعى امكانية معرفة نوع الطفل بعد خلقه فى بطن امه ولكن هل يمكن معرفه عمر هذا الطفل وهل شقى ام سعيد ومتى يموت وهل هو من اهل الجنه ام من اهل النار - - لك كل الود ولى ان شاء الله عوده

Post: #35
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: HOPEFUL
Date: 01-28-2005, 10:23 AM
Parent: #34

Quote: أعانكم الله .. وثق تماما .. ان داومت فى هذا البحث - ستصل حتما الى معرفة الحق والحقيقة - نقطة أخيرة .. أرجوك رجاء خاصا أن تداوم على الصلاة والطلب بالحاح من الله عز وجل أن يرشدك الى المعرفة .. فاطلب من الله بلجاجة - وانا واثق بأن الله لن يخيب أملك بل سيرشدك .. وسترتاح راحة كاملة فى النهاية .. واصدقنى القول .. بأننى سأصلى من أجلك .. ولعل الله يستجيب لى أنا الخاطىء ..



لا أدري ولكني اجد في كلمات الصدق والعمق
تقبل احترامي الفائق

Post: #36
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Ahmed Elsharif
Date: 01-28-2005, 04:24 PM
Parent: #35

يا أخى ليس هذا بمكان للعلماء والمتفقهين فى الدين حتى تسأل مثل سؤالك هذا. لك تعلم أن كل من اصابه شك فى دينه بسبب هذا البوست فعليك وزره الى يوم الدين و لا تحاول أن تقنعنى بأن الغرض هو الخير فلا خير فى التشكيك بكلام الله على العلن. ان كنت تشك فى شئ فاكتمه فى نفسك واسال العلماء من غير أن تذيع شكك وتفتن الناس واتق الله ان الله شديد العقاب سريع الحساب. وسيأتى يوم تذكر فيه نصحى لك وهو قريب منى ومنك ومن القارئين والله على اما أقول شهيد والله المستعان.

يمكنك قراءة سورة القمر كاملة ففيها من سحر البيان و آيات الله الكثير مما يستحيل أن يأتى به بشر:

Post: #37
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: omar ali
Date: 05-19-2005, 08:03 PM
Parent: #1

uuuuuuuPPPPPPP
UUUUUUpppppppp

Post: #38
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Ahmed Alrayah
Date: 05-20-2005, 12:31 PM
Parent: #37

ليست هذه محاولة للجدل مع (هوبفول) فلست ذا علم يخول لي مجادلة غير المسلم بغرض هدايته للإسلام ناهيك عن مجادلة من كان مسلماً وترك الإسلام، لكني سأحاول عبر هذا المقال نقل بعض مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي هذا فائدتان:
- ازدياد في معرفتي ومن ثم إيماني.
- ربما وجد (هوبفول) بين الكلمات ما يجعله يعود للإسلام طائعاً مختارا.
سأحاول -بقدر الأمكان- توخي الدقة والتفصيل والإيضاح والمنطقية، وهذه بمثابة دعوة مني للجميع بمختلف اتجاهاتهم لتناسي الخلافات والمشاركة في تأكيد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم عبر الإعجاز العلميّ في القرآن الكريم.
الدعوة للجميع، لكني أخص:
الأخ ودشاموق،
الأخ ياسر الشريف،
الأخ فرانكلي،
الأخ محمد بكري،
الأخ محمد البشير،
الأخ كمال عباس،
الأخ خالد عويس،
الأخ Jini
الأخت مريم بنت الحسين،
الأخ أساسي،

والله من وراء القصد.
أحمد الريّح

Post: #39
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla Omer
Date: 05-20-2005, 01:23 PM
Parent: #38

ليست هذه محاولة للجدل مع (هوبفول) فلست ذا علم يخول لي مجادلة غير المسلم بغرض هدايته للإسلام ناهيك عن مجادلة من كان مسلماً وترك الإسلام، لكني سأحاول عبر هذا المقال نقل بعض مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي هذا فائدتان:
- ازدياد في معرفتي ومن ثم إيماني.
- ربما وجد (هوبفول) بين الكلمات ما يجعله يعود للإسلام طائعاً مختارا.
سأحاول -بقدر الأمكان- توخي الدقة والتفصيل والإيضاح والمنطقية، وهذه بمثابة دعوة مني للجميع بمختلف اتجاهاتهم لتناسي الخلافات والمشاركة في تأكيد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم عبر الإعجاز العلميّ في القرآن الكريم.
الدعوة للجميع، لكني أخص:
الأخ ودشاموق،
الأخ ياسر الشريف،
الأخ فرانكلي،
الأخ محمد بكري،
الأخ محمد البشير،
الأخ كمال عباس،
الأخ خالد عويس،
الأخ Jini
الأخت مريم بنت الحسين،
الأخ أساسي،

والله من وراء القصد.
أحمد الريّح
Dear Ahmed, Hopeful says he is still a muslim and we should accept that and treat him as such. I think he is asking very intellegent questions and I think he is sincere about it. I am also waiting in particular for Dr. Yaisr, Mariam, Omer Abdalla Hawari and the rest of the Gumhoreen if possible to help him with some answers. No better answers than those of Uztaz Mahmoud and I hereby advise Mr. Hopfull to check Alfikra website

Post: #40
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد الامين احمد
Date: 05-20-2005, 01:53 PM
Parent: #1

تحية طيبة للجميع

الاخ هوبفول كتبت

Quote: لماذا يصوب القران نفسه وهو من الله؟


و انا ايضا اتوجه بالسؤال الى الاخوه فى المسيحية حتى تكون الاجابة كاملة

لماذا يوجد فى الانجيل عهد قديم و عهد جديد؟ اليس المصدر واحد، خصوصا

مع وجود تناقض بين الاثنين.

و بعدين يا اخ هوبفول وعد الحر دين عليه ، وعدتنا بصور، و حتى الآن لم تاتى

عسى المانع خير؟


السيد / صباح حسين

بل الغريب هو موقفك، و كان الدين اصبح حكرا على الكيزان، يا للبؤس!

و شكرا

Post: #41
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: مريم بنت الحسين
Date: 05-20-2005, 02:00 PM
Parent: #1

السلام على الجميع...

أتابع باهتمام أسئلة الأخ هوبفل.. ولكني بسبب ضيق الوقت يتعذر علي هذه الأيام المناقشة.. اعد بالعودة بعد يومين بإذن الله لأقول ما عندي..

بنت الحسين

Post: #42
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-21-2005, 05:26 AM
Parent: #41

السيد جمال

لقد كانت الحجة التي دعتك الى التساؤل حول نسبة القرآن الى الله عز وجل تتألف من بضعة اسئلة أجابك عنها ( وليد محمد المبارك) اجابات شافية ووافية.؟
فلماذا قفزت الى التساؤل عن الناسخ والمنسوخ؟
اذاً ، فأنت لست طالب علم ، وانما باحث عن سبب ليبرر لك تبرمك بالاسلام رغم انك تقول:

Quote: انا الي الآن مسلم

أولا هل مازلت مسلما فعلاً يا اخي؟
فاذا تركت الاسلام ، فأطلب منك الوقوف بين يدي الله تعالى ببكاء طويل والسجود بين قدميه في الثلث الأخير من الليل لكي يعيد اليك نور الايمان الذي تسرب من قلبك بسبب الشيطان وعمله.
انت مصاب بعين.
ثق يا جمال انت تعرضت الى تأثير الشياطين فأضلتك ، وقد تكون وجدت طريقها اليك بسبب ذنوب.
فأنت مسكون بعمل شرير ، هذا ما اخشاه، فحاول ان تتخلص منه
أنت لم تكفر يا اخي الحبيب وانما الشيطان الذي اقترن بك هو الذي كفر وساقك معه.
اللهم اهد جمال الى صراطك المستقيم
اللهم اني اعيذ نفسي واعيذ اخي جمال بك من الشيطان وشركه.
واما اذا لم ترتد عن الدين الحنيف، فما الذي يجعلك تتسمك به حتى الآن طالما انك لا تحوز قناعات بخصوص انتمائه الى الله تعالى.
فاذا لم يكن القرآن منسوبا الى الله فذلك يعني ان محمدا ليس نبيا مرسلا من الله تعالى ، لأن كل الانبياء المرسلين جاؤوا بكتب، وبالتالي فلا دين اسمه الاسلام
فلماذا اذاً أنت مسلم حتى لحظة رفعك لهذا البوست على الأقل.
اريد اخيرا ان اهمس في اذنك
ان شؤون الله تعالى ليست كلها مفهومة، أو واضحة المبررات .
فاذا سمحنا لأنفسنا بأن نسأل لماذا فعل الله عز وجل كذا ولم يفعل كذا.. فاننا سوف لن نصل الى نتائج، لأن الله يجب ان يخفي اسراره دائما
فمثلا
- لماذا الخلق والجنة والعذاب؟
- لماذا عيسى بلا أب ، ولماذا بأم وبلا أخ؟ لماذا ليس كآدم؟
لماذا النمل والزراف والاخطبوط وحمار الوحش والببغاء والنجوم التي لا نراها؟
- لماذا البراز والجنس والمرض والغباء والمتخلفين
- لماذا المشوهين والخرس ماذنبهم وهو احسن الخالقين لماذا هؤلاء معاقون؟
- لماذا البيض والسود والقميئون والوسيمون والطوال والأقزام؟ وهو احسن الخالقين
- لماذا يولد الانسان طفلا يشخ في ملابسه ويتبول كالحيوان لا يدري ، ثم ينمو شيئا فشيئا حتى يكتمل ثم يكفر بنعم الله ؟ ويظن ان له عقلا وبالتالي فهو مستغني وقادر ، وله رأي يحاكم به كتاب الله ورسول الله والله سبحانه وتعالى.
- لماذا نعبده وهو لا يحتاج ولا ينفعه تسبيحنا ولا يضره فسادنا
وهكذا ياجمال اذا تركت العنان لهذا العقل فسيوصلك الى لماذا الله نفسه؟ ومن هو ، وهنا تسقط في الضلال والظلام الدامس حتى ينفجر عقلك
تدري لماذا ينفجر؟
لأنه محدود ، ولا يستطيع ان يستوعب شؤون الله تعالى لأن الله كامل ولا محمدود ، فكيف للمحدود ان يحدد اللامحدود؟
واذا كنا نستطيع ان نضبط في كل ارادة الله ونحلل مسببات ما فعل، فهذا يعني اننا نضع سكوكه تحت المراقبة والضبط
وحاشاه ان يخضع لرقابتنا او أن يحتويه فهمنا وعقله
جل وعلا علوا كبيرا
يا جمال
هنالك سر كبيييييير اسمه : المشيئة.
قدر الله وما شاء فعل ، هو يسأل ولا يُسأل
خلق كل شئ وهو يتحكم فيه كما ( يشاء)
كل يوم هو في شأن
وطالما هو المتصرف وحده في هذا الكون الذي خلقه وحده ، فمن حقه وحده ان ينسخ آيات القرآن وسوى القرآن( بالمناسبة نسخت ايات وليست سور كما قلت انت!!) والله يغير حكمه ويخرج احد العصاة من النار ويدخله الجنة برحمته ، وقد يحكم على عابد زاهد بنار جهنم بعد أن يجعل الكتاب يسبق عليه
وقبل ان نولد فربنا كتب علينا ( شقي او سعيد ) ولكن يمكن ان ينسخ هذه ويبدلها ، كما يشاء ، فهو يغير حتى في (ام الكتاب ) عنده سبحانه وليس القرآن وحده.
هو حر يا جمال وليس من حقك انتقاده، ولا من حقك القول بأنه لا يفعل ذلك.
فهو خلق الضراط وفوح الدفلى ، فعال لما يريد، فكيف تقول طالما انه ينسخ فهذا يعني انه لم يفعل
يفعل ما تتصوره ومالا تتصوره ، فصدق وكفى، والا فأنت الخاسر، لأن عقلك قاصر كعقل كل البشر
اخي قل لا اله الا الله محمد رسول الله ، آمنت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا رسولا وبالقرآن كتابا من عند الله حقا ويقينا.
اللهم انا نعوذ بك من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا.
ربنا انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم رضاك
اللهم اغفر ذنبي واسرافي في امري
اللهم اني اعوذ بك من ان اشرك بك شيئا اعلمه واستغفرك لما لا اعلمه.
____________
رب اشرح لي صدري

Post: #43
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-21-2005, 09:41 AM
Parent: #1


أعتقد ان الأخ جمال هوبفل طرح أسئلة مشروعة .. وكنت أتوقع أن تتم الاجابة عليها بالفهم العميق للقران وحكمته أو بالاقرار بعدم توفر ذلك الفهم (كما فعل الأخ أحمد الريح وأحيه على هذا التواضع الذي هو من شيمة العلماء) .. أما محاولة تكميم فم هوبفل بالوعظ والتخويف فهي لا تقدم حلا للإشكالية التي وجد نفسه فيها .. كما لا أظن أن مانقل من محاولات بعض الكتاب الاسلاميين لانكار هذا التعارض بين ظاهر القرآن وما توصل اليه العلم المادي التجريبي في الفترة الأخيرة كان غائبا على الأخ جمال عندما طرح أسئلته هذه فهي من نفس المورد الذي كان يرده .. وإن كنت أخذ شيئا على الأخ جمال فهو أنه لم يعط نفسه فرصة ليرى ان كان هنالك فهم آخر من داخل الاسلام يجيب على تساؤلاته .. فهو بدأ رحلته بالفهم السلفي المتزمت للاسلام والذي جعله يكرس كل طاقته لمحاربة أصحاب الأفهام الأخرى وبصورة خاصة الجمهوريين .. وهو حين فعل ذلك لم يكلف نفسه حتى عناء قراءة ما يكتبون .. ولو أنه فعل ذلك لوجد اجابات واضحة ومباشرة على كثير من الأسئلة التي طرحها هنا .. ولكنه تحول من متشدد ومتزمت اسلامي الى منكر للاسلام برمته ولكن أعتقد أن الفرصة مازالت مواتية له ليعيد النظر في موقفه عساه يظفر بفهم للإسلام يحل التناقضات التي بدت له هنا وهناك عندها سيجد أن القرآن مهيمن على كل الأفكار وكل الأطروحات الدينية الراقية بما فيها روح المحبة والتسامح التي التمسها في المسيحية والتي ظن أن ليس للاسلام فيها حظ .. وهو بذلك يصح فيه المثل السوداني الذي كثيرا ما كان الأستاذ محمود يسوقه لمنكري الاسلام من الشباب الأذكياء (أكلت حنضلة وخافت من البطيخة) ..
القرآن هو كلام الله .. والله لا يتكلم بجارحة ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، ولكنه صب كلامه في قوالب التعبير باللغة العربية لكي نفهم نحن .. وقد قال في ذلك (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) .. فالقرآن في حقيقته فوق اللغة ولكنه جعل عربيا لكي نعقل نحن .. ولذلك لا تلتمس معاني القرآن في اللغة العربية فحسب .. والحق أن اللغة ربما تضلل في بعض الأحيان عن المعنى الحقيقي لغير الموحدين المجودين .. أكثر من ذلك فقد اقتضت الحكمة أن يساير القرآن وهم الحواس ووهم العقول لكي لا يشق على الأعراب في القرن السابع .. فمجرد الدعوة للتوحيد كانت مستغربة ومستنكرة عندهم في ذلك الوقت .. ولكن الذين التمسوا العلم القرآني في مظانه (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) فقد علمهم الله من دقائق العلم الروحي والعلم المادي ما يفوق خيال العلماء .. وقد قال النبي الكريم عن ذلك العلم (إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه الا أهل العلم بالله فإذا تحدثوا به لا ينكره الا أهل الغرة بالله) ..
سأحأول ، بإذن الله ، تتبع الأسئلة التي أثارها الأخ جمال هنا وسأعرض الاجابات التي جرت عليها من كتب ومحاضرات الأستاذ محمود محمد طه .. فترقبوا ذلك
عمر

Post: #44
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: omar ali
Date: 05-21-2005, 10:11 AM
Parent: #1

Quote: فاذا تركت الاسلام ، فأطلب منك الوقوف بين يدي الله تعالى ببكاء طويل والسجود بين قدميه في الثلث الأخير من الليل لكي يعيد اليك نور الايمان الذي تسرب من قلبك بسبب الشيطان وعمله.
انت مصاب بعين.
ثق يا جمال انت تعرضت الى تأثير الشياطين فأضلتك ،
وقد تكون وجدت طريقها اليك بسبب ذنوب.
فأنت مسكون بعمل شرير ، هذا ما اخشاه، فحاول ان تتخلص منه
أنت لم تكفر يا اخي الحبيب وانما الشيطان الذي اقترن بك
هو الذي كفر وساقك معه.
اللهم اهد جمال الى صراطك المستقيم
اللهم اني اعيذ نفسي واعيذ اخي جمال بك من الشيطان وشركه.


و لا تعليق

Post: #45
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: نهال كرار
Date: 05-21-2005, 10:36 AM
Parent: #1

Quote: اللهم اهد جمال الى صراطك المستقيم
اللهم اني اعيذ نفسي واعيذ اخي جمال بك من الشيطان وشركه.
واما اذا لم ترتد عن الدين الحنيف، فما الذي يجعلك تتسمك به حتى الآن طالما انك لا تحوز قناعات بخصوص انتمائه الى الله تعالى.
فاذا لم يكن القرآن منسوبا الى الله فذلك يعني ان محمدا ليس نبيا مرسلا من الله تعالى ، لأن كل الانبياء المرسلين جاؤوا بكتب، وبالتالي فلا دين اسمه الاسلام
فلماذا اذاً أنت مسلم حتى لحظة رفعك لهذا البوست على الأقل.
اريد اخيرا ان اهمس في اذنك
ان شؤون الله تعالى ليست كلها مفهومة، أو واضحة المبررات .
فاذا سمحنا لأنفسنا بأن نسأل لماذا فعل الله عز وجل كذا ولم يفعل كذا.. فاننا سوف لن نصل الى نتائج، لأن الله يجب ان يخفي اسراره دائما
فمثلا
- لماذا الخلق والجنة والعذاب؟
- لماذا عيسى بلا أب ، ولماذا بأم وبلا أخ؟ لماذا ليس كآدم؟
لماذا النمل والزراف والاخطبوط وحمار الوحش والببغاء والنجوم التي لا نراها؟
- لماذا البراز والجنس والمرض والغباء والمتخلفين
- لماذا المشوهين والخرس ماذنبهم وهو احسن الخالقين لماذا هؤلاء معاقون؟
- لماذا البيض والسود والقميئون والوسيمون والطوال والأقزام؟ وهو احسن الخالقين
- لماذا يولد الانسان طفلا يشخ في ملابسه ويتبول كالحيوان لا يدري ، ثم ينمو شيئا فشيئا حتى يكتمل ثم يكفر بنعم الله ؟ ويظن ان له عقلا وبالتالي فهو مستغني وقادر ، وله رأي يحاكم به كتاب الله ورسول الله والله سبحانه وتعالى.
- لماذا نعبده وهو لا يحتاج ولا ينفعه تسبيحنا ولا يضره فسادنا
وهكذا ياجمال اذا تركت العنان لهذا العقل فسيوصلك الى لماذا الله نفسه؟ ومن هو ، وهنا تسقط في الضلال والظلام الدامس حتى ينفجر عقلك
تدري لماذا ينفجر؟
لأنه محدود ، ولا يستطيع ان يستوعب شؤون الله تعالى لأن الله كامل ولا محمدود ، فكيف للمحدود ان يحدد اللامحدود؟
واذا كنا نستطيع ان نضبط في كل ارادة الله ونحلل مسببات ما فعل، فهذا يعني اننا نضع سكوكه تحت المراقبة والضبط
وحاشاه ان يخضع لرقابتنا او أن يحتويه فهمنا وعقله
جل وعلا علوا كبيرا
يا جمال
هنالك سر كبيييييير اسمه : المشيئة.
قدر الله وما شاء فعل ، هو يسأل ولا يُسأل
خلق كل شئ وهو يتحكم فيه كما ( يشاء)
كل يوم هو في شأن
وطالما هو المتصرف وحده في هذا الكون الذي خلقه وحده ، فمن حقه وحده ان ينسخ آيات القرآن وسوى القرآن( بالمناسبة نسخت ايات وليست سور كما قلت انت!!) والله يغير حكمه ويخرج احد العصاة من النار ويدخله الجنة برحمته ، وقد يحكم على عابد زاهد بنار جهنم بعد أن يجعل الكتاب يسبق عليه
وقبل ان نولد فربنا كتب علينا ( شقي او سعيد ) ولكن يمكن ان ينسخ هذه ويبدلها ، كما يشاء ، فهو يغير حتى في (ام الكتاب ) عنده سبحانه وليس القرآن وحده.
هو حر يا جمال وليس من حقك انتقاده، ولا من حقك القول بأنه لا يفعل ذلك.
فهو خلق الضراط وفوح الدفلى ، فعال لما يريد، فكيف تقول طالما انه ينسخ فهذا يعني انه لم يفعل
يفعل ما تتصوره ومالا تتصوره ، فصدق وكفى، والا فأنت الخاسر، لأن عقلك قاصر كعقل كل البشر
اخي قل لا اله الا الله محمد رسول الله ، آمنت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا رسولا وبالقرآن كتابا من عند الله حقا ويقينا.
اللهم انا نعوذ بك من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا.
ربنا انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم رضاك
اللهم اغفر ذنبي واسرافي في امري
اللهم اني اعوذ بك من ان اشرك بك شيئا اعلمه واستغفرك لما لا اعلمه.



أحييك أخي محمد على هذا الرد

ليتك يا أخ جمال تدرك الأمر قبل فوات الأوان

ربنا يهديك ويهدينا

Post: #46
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-21-2005, 12:55 PM
Parent: #45

أشكرك اختي نهال على المرور وحسن التفهم
فجمال غال علينا وكلنا نخشى من ان يقع لنا ما وقع له
كلنا عرضة للشيطان وكيدة
اعوذ بالله من كيد الشياطين.

أخي عمر علي
____________

ماذا تنكر عليّ؟
هل تنكر الشيطان وكفره ؟
أم تنكر عمله وكيده وغوايته وهذا ما توعدنا به بين يدي الرحمن ( لأغوينهم اجمعين) و( لأقعدن لهم صراطك المستقيم)
هل تنكر العين يا عمر وانت تقرأ ذلك قرآنا ( من شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد اذا حسد)
أم انك من العلمانيين الذين يعتبرون مثل هذه خرافات ودجل وشعوذة؟!!
أم ان هذه فيها تأويل كمان؟!!!
ثم ان بقية كلامي الذي نقلته نهال بأمانة فيه ردي ورايي فلماذا اهملته واجتزأت ما يروق لك؟ وتريد ان تصطاد الرجل في حالة ضعفه كما فعل العجوز السوداني الذي بشره فورا!!!
أين الامانة يا اخي
هل فعلت ذلك ( الاجتزاء) لتسوق بضاعتك بين يدي رجل مال الى الضلال وانكر حتى القرآن؟
هل انا الذي أكفره أم أنه يعلن ذلك
جمال اخونا وهو بين براثن الشيطان ويجب ان نساعده ليتخلص منه وبسرعة ليعود معافى الفطرة
هذا ما اعرفه

Post: #47
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: انور الطيب
Date: 05-21-2005, 01:54 PM
Parent: #46

بسم الله الرحمن الرحيم ، الأخ العزيز هوبفل تحياتي الحارة ، وبعد من حق أي انسان أن يتساءل ما شاء الله له أن يتساءل ، فهذا حق لا يستطيع أن ينتزعه أحد منك ولا من غيرك هذا من حيث المبدأ. ولكن ليس من حق أي انسان أن يأتي ببعض الخيالات ليوهم غيره بأنه يمتلك الحقيقة أو أنه يبحث عنها فالبحث عن الحقيقة له دروب معروفة ومسالك واضحة لا يمكن لأي صاحب عقل أن يتخطاها ، وقبل أن نتساءل لابد أن نتأكد من شيئين :
الأول : أن ما أوردناه حقيقة علمية لا يمكن أن يعتريها التغيير .
والثاني : أن هذا الكلام الوراد هو فعلا مراد القرآن حسب لغة العرب.
وأنا سوف أرد بناءا على تخصصي العام " الجيولوجيا " والدقيق " نظم المعلومات الجغرافية ، وأبدأ لأقول : قبل أن نطلق الاتهام للقرآن وللتعبير القرآني لابد أن ننضبط بمعايير تمكننا من مناقشة الأمور نقاش علمي دقيق ومحايد في نفس اللحظة ولا تعتريه العواطف ولا الميول الشخصية وأدعوا نفسي وكل من يلج إلى هذا البوست أن يلتزم بهذا الأمر. كما أن الكلمة ذات المدلول المحدد هي الضابط بيننا بمعنى هل فعلا حقيقة علمية أو قرآنية.
شكل الكرة الأرضية :
إن أصعب مفهوم يمكن أن يواجه الجيولوجيون أو الجغرافيون هو تحديد شكل الكرة الأرضية فما شكلها بالتحديد؟ هذا الأمر يعتمد على أمور كثيرة وللأهمية أذكر منها:
 خيال الانسان : فالشخص ذو الخيال و الموهبة العالية لا يمكن أن يقارن بشخص خياله محدود.
 علم الإنسان : فمن الاستحالة أن تقارن عالم جيولوجيا أو فلك أو فيزياء بشخص ليس لديه أدنى فكرة عن العلوم.
 الأجهزة والأدوات التي تتوفر للإنسان: فالصورة التي تظهر بالقمر الصناعي غير الصورة التي تلتقطها الطائرة المخصصة للتصوير. وغير الصورة التي يمتلكها شخص عادي يجلس أمام شاشة كمبيوتر.
 ويمكن أن نورد كثيرا من الأمثلة التي تصب في هذه النقطة ولكن هذه النقاط الواردة تكفي لأن نعبر بهذا النقاش الى بر الأمان.
وأعود لأقول انه من الصعب جدا تخيل شكل للكرة الأرضية من الوهلة الأولى للشخص العادي الذي ليس لديه أي فكرة عن علوم الأرض أو على الأقل أنه لم ينضبط بأساسياتها. فالأرض مسطحة لمن يمشي عليها ولا يملك أي خيال أو فكرة علمية عن ماهية الكرة ، وتخيل نملة تمشي على كرة سلة كيف يمكن أن يتصور لها هذا الجسم الماثل؟ ( الشاهد هنا هو حجم النملة مقارنة بحجم الكرة)
فمن يقول مسطحة ينضبط بمساحة معينة وهي 10 كم مربع في هذه الحدود كل من يقول أن الأرض مسطحة لا ضير عليه فهي كذلك ولا يمكنك أن تقول أنت أو غيرك غير ذلك. ولكن هل لهذا التسطيح حدود ، بلا شك نعم ، فانه بعد هذه المساحة تكون الأرض ذات شكل أقرب الى الكرة وليست كرة والتعبير القرآني كان منضبطا جدا ولم يقل أنها كرة بل أنه أشار الى معنى " دحاها" و الدحية غير الكرة ولا يمكن لأن نقول أن القرآن قال أن الأرض شكلها كذا دون معرفة كلمة " دحاها" ، ولا أريد أن أخوض في الشكل الحقيقي للأرض لأنه كما قال أحد العلماء وهو بروفسير دافيد أنوين أستاذي في جامعة لندن قال بالحرف الواحد " the shape of the earth is very difficult to our immediate understanding”
ولهذا لا أجد أن هنالك وصف أدق من القرآن قبل أكثر من خمسة عشر قرنا لشكل الأرض فهي مسطحة لمن امكانياته في هذه الحدود وأقصد بامكاناته " العلمية ، المادية ، وغيرها" وهي ليست كذلك لمن ينظر من نافذة قمر صناعي أو لمن لديه صورة بالقمر الصناعي أو لمن له علم وخيال يمكنه من الخوض في هذه الاشكالية فلا أرى أصلا أن هذه نقطة تستحق وقفة من أي ذي بصيرة وعلم بالعلوم المادية ناهيك عن العلوم الدينية .

الجبال أوتادا :
هذا علم ما كان لك أن تخوض فيه أصلا لأنه علم له أدواته وله رجاله وبدلا من أن تلقي اللوم على القرآن ألقيه على نفسك وأي كتاب من كتب الجيولوجيا الأساسية يعالج هذه النقطة ولكي أسهل لك الأمر يخوض فيها تحت مسمى mountain orogeny وبالعكس تماما لما قلت ، فمن صفات الوتد أنه رفيع في محل التثبيت وسميك في الأعلى وكذلك الجبال ، ومن صفاته التثبيت وكذلك الجبال تقوم بتثبيتنا ، ولأسهل عليك العملية ، تخيل أنك أمام كرة بلاستيكية مملوءة بالهواء موضوعة في إناء وهي سابحة فيه ترتطم بها أمواج وحولها متغيرا كثيرة من حرارة ورياح وغيرها فهل يمكنك التحكم في توجيهها ، بالتأكيد لا يمكن أن تتحكم فيها ما لم تغير في وزنها أو تعلق بها بعض الخيوط ، أو تقوم بأي عمل بالتجريب يعيدها اليك الى وضعها الذي تريد وكذلك الجبال تقوم بعملية التثبيت ولا أريد أن أطيل في هذه النقطة فالكتب العلمية قد غطتها تماما. فلا يوجد في أي كتاب علمي جيولوجي كلام ينافي هذا المعنى ، بل بالعكس تماما لما تقول وهذه أمور محسومة منذ زمن بعيد .
أما قولك أن الأبحاث العلمية تشير الى عدم انشقاق القمر فهذا الكلام المعمم لا يفيد كثيرا في التساؤلات الجادة فما هو دليلك وأين تلك الأبحاث ، فهذا مجرد كلام ملقى على عواهنه ليس له معنى وبالعكس تماما كل الصور الواردة من القمر تشير الى وجود شق فيه بل بتاريخه ، فما رأيك!.
أخي هوبفل أنصحك نصيحة لوجه الله أن تبحث عن الحقيقة بنفسك في مراجعها الأساسية ، فهذه العلوم مغطاة بصورة دقيقة وسهلة لمن أراد أن يتعلم ويصل للحقيقة بنفسه بدلا من البلبلة واشاعة الأوهام والترهات !
وكما قال الشاعر :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ان السفينة لا تجري على اليبس
وكما في تراثنا الاسلامي العلم اما عقل صريح أو نقل صحيح وما عدا ذلك أوهام تعكر كثيرا صفو الفرد وتعطل من امكانياته.
وأقدم عذري مقدما ان ورد في مقالتي هذه ما يسئ اليك فكلامي هذا ليس مقصود به أنت في شخصك " معاذ الله " وان وردت أي شاردة فلك العتبى حتى ترضى ولك مني غالي المودة وخالص الود وأخرج بك من هذا الجو لأهديك كلمات من شعري الخاص الذي قد لا يرقى للمستوى ولكن كما يقال الجود بالموجود:

والى الاهداء

يا نفس أوبي وارجعي
لله توبي وأركعي
في الليل قومي واضرعي
ما ضر ذرف الأدمع
لو كنت لليل تعي
دعيك من زمن دعي
آه من الزمن الدعي .

Post: #48
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-21-2005, 02:59 PM
Parent: #1


الأخوان والأخوات الكرام
كما ذكرت فإن الأستاذ محمود محمد طه تناول بعض هذه القضايا في كتاباته .. ولنبدأ بمسألة تسطح الأرض فقد تساءل الأخ جمال قائلا:
Quote: فمثلاً يصور لنا القرآن أن الأرض مسطحة لا كروية بقولة أن ذي القرنين وصل الي مغرب/مشرق الشمس ووجد عندها قوم

فقد ورد عن الآيات التي تقول بتسطح الأرض (في كتاب الرسالة الثانية من الإسلام):

وكثير من العقول الساذجة لا تملك القدرة على الإنعتاق من أسر الحواس، والعقول، على إطلاقها، شديدة الاعتماد على معطيات الحواس، ولما كان القرآن كتاب عقيدة، وشريعة، وحقيقة، ولما لم تكن إلى حقيقته من سبيل إلا عن طريق عقيدته، فشريعته، ولما لم يكن من مصلحة العقيدة أن تصادم دعوتها ما تعطيه البداهة المشاهدة بالعين، فإنه جاءنا بظاهر يجاري الوهم الذي أعطتنا إياه الحواس عن عالم الظاهر، وبباطن يرتكز على الحق الصراح. وهو، بمجاراتنا في وهمنا، إنما أراد أن يدفع عنا المشقة، حيث لم يكن موجب للمشقة، ريثما ينقلنا، على مكث، إلى الحق. ولنسق على ذلك مثلين: مثلا في مستوى مجاراة وهم الحواس، وهو وهم غليظ، ومثلا في مجاراة وهم العقل، وهو وهم دقيق: فأما المثل الأول، فإن القرآن عندما جاء يدعو إلى العقيدة قوما يرون بأعينهم أن الأرض مسطحة، لم يشأ أن يجمع عليهم، إلى مشقة الدعوة إلى عقيدة في الإله جديدة، مشقة الدعوة إلى فكرة جديدة، عن الأرض، تناقض البديهة المرئية بالعين، فجاء في سياقه بآيات عن الأرض لم تزعج المدعوين عما ألفوا من أمرها، فقال (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون * والأرض فرشناها فنعم الماهدون) وقال (ألم نجعل الأرض مهادا * والجبال أوتادا؟) وقال (والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها) وقال (والأرض مددناها، وألقينا فيها رواسي، وأنبتنا فيها من كل شئ موزون)، فإذا دخلوا في العقيدة، وعملوا بالشريعة، تبين لهم أن الأرض ليست مسطحة إلا فيما ترى العين، وليس إلى الحقيقة من سبيل إذا أسقطنا ما ترى العين، كل الإسقاط، من حسابنا، كما أنه ليس إلى الحقيقة وصول إذا ظللنا أسرى أوهام الحواس، وإنما الرشد أن نجعل ما ترى الأبصار مجازا إلى ما ترى العقول، وما ترى العقول مجازا إلى ما ترى القلوب، وهو الحق، ثم هو الحقيقة، في الفينة بعد الفينة.
والمثل الذي يجاري وهم العقل تعطيه هاتان الآيتان، (لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) فإن السالك المجود، وهو في أول الطريق، إذا قرأهما فهم من أولاهما أن له مشيئة مستقلة تملك أن تستقيم، كما تملك أن تلتوي، ولم يفهم من ثانيتهما إلا ما تعطيه اللغة، فيجتهد في سبيل الاستقامة في تشمير وجد. حتى إذا نضجت تجربته بالمجاهدة، ومصابرة النفس، علم يقينا أنه لا يملك مع الله مشيئة، وأصبح الخطاب في حقه، ساعتئذ، قوله تعالى (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ويعرف أن قوله تعالى (لمن شاء منكم أن يستقيم) قد أصبح في حقه منسوخا، بعد أن تخلص من وهم عقله. هذا مع الفهم الأكيد للحكمة التي من أجلها جاءت هذه الآية الكريمة.
فالقرآن ساق معانيه مثاني.. معنى قريبا في مستوى الظاهر، ومعنى بعيدا في دقائق الباطن، ولكن أصحاب الرأي لم يفطنوا إلى ذلك، فجعلوا الآيات التي تجاري أوهام الحواس، والتي تجاري أوهام العقول، سندهم، وبنوا عليها علمهم، فضلوا كثيرا وأضلوا.
وأما الصوفية فقد تفطنوا إلى ذلك، وعلموا أن أوهام الحواس، وأوهام العقول، يجب التخلص منها بأساليب العبادة المجودة، التي تبلغ بهم منازل اليقين المحجبة بحجب الظلمات، وحجب الأنوار.

كما ورد في رد الأستاذ محمود على الدكتور مصطفى محمود (في كتاب القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري ):

وأنت تقول من صفحة 32: (ولأن القرآن كتاب دين وليس كتاب فلسفة فإنه يكتفي بالومض والرمز والإشارة واللمحة.)
فكأنك تريد أن تقول أن القرآن لو كان كتاب فلسفة لاستقصى هذا الأمر استقصاء، ولكنه، لما كان كتاب دين، لم يكن ذلك مجاله .. والقرآن ليس كتاب فلسفة، ما في ذلك أدنى ريب، وإنه ليتنزه عن ذلك لأنه في معارفه يغطي منطقة الفلسفة، ويتجاوزها إلى منطقة وراءها، حيث تنتهي قوة الإدراك الشفعي – العقل– وتبتدئ منطقة الإدراك الوتري – القلب ..
ولأن القرآن كتاب دين، وليس كتاب فلسفة، فإنه قد ركز على تحصيل العلم عن طريق الممارسة، وليس عن طريق القراءة والإطلاع .. ومراده من توكيد الممارسة – العبادة والمعاملة – ترويض العقل ليتخلص من أوهام ما تعطي ظواهر الأشياء، كي ينفذ إلى ما عليه الأمر في بواطنها .. وهو، لكي يصل إلى غرضه هذا، يتخذ الظواهر مجازا إلى البواطن، فهو لا يعارض ما تعطي بدائه الحواس، ولا ما تعطي بدائه العقول .. فإذا كان النظر يعطي أن الأرض مسطحة فإن القرآن لا يصادم هذه البداهة المرئية، وإنما يسير في إتجاهها، فيقول: (والسماء بنيناها بأيد .. وإنا لموسعون * والأرض فرشناها، فنعم الماهدون) ويقول: (الذي جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناء، وأنزل من السماء ماء، فأخرج به من الثمرات رزقا لكم .. فلا تجعلوا لله أندادا، وأنتم تعلمون) ويقول: (والله جعل لكم الأرض بساطا * لتسلكوا منها سبلا فجاجا) .. فأنت لا تجد ما يزعجك حين تقرأ عبارة: (والأرض فرشناها) .. أو عبارة: (جعل لكم الأرض فراشا) .. أو عبارة: (جعل لكم الأرض بساطا) .. لأن كل هذه العبارات تستقيم مع ما تعتقده الحق في أمر الأرض كما يعطيك نظرك .. وإنما أنت لم تنزعج لأن القرآن قد جارى وهم حواسك، ريثما يخلصك من هذا الوهم بتسييرك من ظواهر الأمور إلى بواطنها .. وبواطنها، في هذا الأمر، هي ما تعطيه العقول، بعد غربلة معطيات الحواس .. ثم ان للعقول وهما، كما للحواس وهم، بيد أنه أدق وأخفى .. والقرآن يجاري وهم العقول، كما يجاري وهم الحواس .. ووهم العقول يتمركز في توهم الإرادة، ذلك بأن العقول تسيطر على حركاتنا الإرادية، فمدت لها هذه السيطرة الى أن توهمنا أننا نملك إرادة مستقلة، بها نفعل، أو نترك الفعل، ويجيء القرآن في هذا الباب متمشيا مع هذا الوهم، ريثما ينقلنا منه، نقلا وئيدا، من خلال ممارسة العبادة .. فهو يقول، مثلا، في ذلك: (لمن شاء منكم أن يستقيم) .. وعلى هذه الآية، وما تقرر، قام التكليف، وشرعت الشريعة، وأصبحنا مأمورين، ومنهيين .. فإذا نهضنا بعبء تكليفنا بتشمير، وجد، أدانا ذلك التشمير، والجد في العبادة، إلى أن نستيقن، بفضل تجويد التوحيد، أن الإرادة لمريد واحد، وأن المشيئة لمشيء واحد .. وحينئذ يخاطبنا القرآن في مستوى جديد فيقول: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) .. قوله: (لمن شاء منكم أن يستقيم)، آية شريعة .. وقوله: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين)، آية حقيقة .. والشريعة ظاهر، والحقيقة باطن الشريعة .. والحكمة في نهج القرآن هذا النهج هي أن القرآن كتاب عقيدة في التوحيد .. والعقيدة في التوحيد، في حد ذاتها، عقبة على المدعوين إليها، فلم يرد الحكيم أن يضيف إلى عقبة الدعوة إلى التوحيد عقبة أخرى بمعارضة أوهام الحواس، وأوهام العقول، من البرهة الأولى .. وأهم من هذه، أن بواطن الأمور ليس إليها من سبيل، إلا سبيل اعتبار ظواهرها .. والله تعالى يقول في ذلك: (سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق .. أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد؟) .. فآيات الآفاق ظواهر، وإدراكها عن طريق الحواس الظاهرة، وعن طريق العقول التي تستمد مدركاتها من معطيات هذه الحواس .. وآيات النفوس بواطن، وهي إنما تدرك بالعقول المروضة بأدب الشريعة، وبأدب الحقيقة – بأدب القرآن – هذا النهج الحكيم من القرآن يقوم على أسلوبين: أسلوب طردي، وأسلوب عكسي .. فاما الأسلوب الطردي فيبدأ بتعليمنا من الخارج، ويمشي نحو الداخل، حتى إذا وصل بهذا النهج إلى أعماق نفوسنا – وتلك هي مرتبة النفس الكاملة – بدأ بالأسلوب العكسي، وهو تعليمنا عن كوننا الخارجي من داخلنا .. ذلك بأنا نكون، حينئذ، قد بلغنا مشارف الحقيقة الأزلية المركوزة في سويداوات قلوبنا .. وهو يقول في ذلك، بصورة تشبه التوبيخ، من الآية السالفة: (أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد؟؟) فقولك، إذن، أن (القرآن كتاب دين، وليس كتاب فلسفة)، لا يجد تبريره إلا في أن القرآن كتاب تسليك، وأنه يختط السير من ظواهر الأمور إلى بواطنها برسم أسلوب العبادة، وأسلوب المعاملة .. والقاعدة في تعليمه البواطن عن طريق الظواهر قوله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) .. وقول المعصوم: (من عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعلم) .. فهو يعني هنا: من عمل بما علم من ظاهر الشريعة، علمه الله ما جهل من بواطن الحقيقة ..

ولا يغيب عن البال أن هنالك آيات تحدثت عن حقائق عرفانية لم يتم اثباتها بواسطة العلم التجريبي المادي الا مؤخرا وهي حينما ذكرت لم تزعج عقول مستمعيها بالقدر الذي كان يمكن أن تزعجها به كروية الأرض .. اقرأوا معي ما خطه قلم الأستاذ محمود بهذا الخصوص في كتاب أسئلة وأجوبة - الكتاب الأول:

و التطور ، في جميع عناصر الوجود ، إنطلاق لا يعرف الإستقرار .. و لقد عبر عنها القرآن بقوله تعالى ((كل يومٍ هو في شأن)) وشأنه ، تعالى ، ظهوره لخلقه ليعرفوه .. و يومه ، تعالى ، ليس أربعاً و عشرين ساعة ، و إنما يومه ، تعالى ، و حدة زمن ظهوره .. و هو يتناهى في الدقة ، حتى ليكاد أن يخرج عن الزمان .. فكل دقة في الوحدة الزمنية أمكنك تصورها فهي يومه .. جزء من بليون جزء من الثانية ، مثلاً .. و ما هو أدق من ذلك في تصور العقول الكبيرة .. فكأن الوجود حركة لا تنقطع ، على الإطلاق ، إلى غاية لن يبلغها ، لأنها الإطلاق .. والحركة الحسية: في جميع الجهات .. لأن الحركة المعنوية من الجهل إلى العلم .. و قد عبر القرآن عن الحركة في جميع الجهات بقوله تعالى ((وترى الجبال تحسبها جامدة ، و هي تمر مر السحاب ، صنع الله ، الذي أتقن كل شئ ، إنه خبير بما تفعلون)) ويجب ملاحظة أنه لم يقل ((وترى الجبال تحسبها (ثابتة))) و إنما قال تحسبها (جامدة) وهي كلمة تنفي ثبات التكوين ، وتدل على أن حجارة الجبل تتعرض لحركة مستمرة ، لا تقف ، تنتظم ذرات تكوينها الداخلي ، كما يحدث لسحابة الدخان (بخار الماء) ثم هو ، بعد أن قرر الحركة في داخل التكوين الذري للجبال ، قرر أيضاً مروره عبر الفضاء ، في جميع الجهات ، و ذلك حين قال ((وهي تمر مر السحاب)) ..


نواصل ..

عمر


Post: #49
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: omar ali
Date: 05-21-2005, 04:04 PM
Parent: #1

Quote: انا الي الآن مسلم
ولكن من حقي أن اتسأل عما يعتريني من تساؤلات حول بعض النقاط

وأولى هذه النقاط هي لماذا نجد أن بعض الآيات تغالط الواقع

فمثلاً يصور لنا القرآن أن الأرض مسطحة لا كروية بقولة أن ذي القرنين وصل الي مغرب/مشرق الشمس ووجد عندها قوم

وفي آية اخرى قد جعل الله الجبال اوتاداً
والوتد للتثبيت
وهنا اسأل نفسي علي ماذا ستثبت الأرض

كما أن هنا آية انشق القمر
وكل البحوث تؤكد عدم انشقاق القمر منذ التكوين


هذه المغالطات تجعلني اتسائل

هل القرآن كلام الله؟



Quote: هو المقصود بالناسخ والمنسوخ في القرآن ولماذا ؟

السور التى جاءت فيها منسوخات فى القرآن



الواقع أن جمهرة من علماء الإسلام قسموا السور التي شملها الناسخ والمنسوخ إلى الأقسام التالية:

(1) السور التي فيها ناسخ وليس فيها منسوخ ( 6 سور) هي:

1ـ الفتح 2ـ الحشر 3ـ المنافقون 4ـ التغابن

5ـ الطلاق 6ـ الأعلى.



(2) والسور التي فيها ناسخ ومنسوخ (25 سورة) هي:

1ـ البقرة 2ـ آل عمران 3ـ النساء

4ـ المائدة 5ـ الأنفال 6ـ التوبة

7ـ إبراهيم 8 ـ الكهف 9ـ مريم

10ـ الأنبياء 11ـ الحج 12ـ النور

13ـ الفرقان 14ـالشعراء 15 ـ الأحزاب 16ـ سبأ 17ـ غافر 18ـ الشورى 19ـ الذاريات 20ـ الطور 21ـ الواقعة

22ـ المجادلة 23ـ المزمل 24ـ الكوثر

25ـ العصر.



(3) أن السور التي فيها منسوخ وليس فيها ناسخ (40 سورة) هي:

1ـ الأنعام 2ـ الأعراف 3ـ يونس

4ـ هود 5ـ الرعد 6ـ الحِجْر

7ـ النحل 8ـ الإسراء 9ـ الكهف

10ـ طه 11ـ المؤمنون 12ـ النمل

13ـ القصص 14ـ العنكبوت 15ـ الروم

16ـ لقمان 17ـ المضاجع 18ـ الملائكة 19ـ الصافات 20ـ ص 21ـ الزمر

22ـ الزخرف 23ـ الدخان 24ـ الجاثية

25ـ الأحقاف 26ـ محمد 27ـ ق

28ـ النجم 29ـ القمر 30ـ الامتحان 31ـ نون 32ـ المعارج 33ـ المدثر

34ـ القيامة 35ـ الإنسان 36ـ عبس

37ـ الطارق 38ـ الغاشية 39ـ التين

40ـ الكافرون.



(4) السور الباقية التي ليس فيها ناسخ ولا منسوخ (43 سورة) من مجمل سور القرآن 114 سورة.

وبحسبة بسيطة نستطيع أن نعرف الآيات التي وجد فيها ناسخ ومنسوخ،



إما بعملية طرح: 114 – 43 = 71 سورة،

أو بعملية جمع حسابية للآيات التي شملها النسخ:

6 + 25 + 40 = 71 سورة.



هذه هي السور التي تغيرت وتبدلت ومحيت وأُبطل عملها، وتحول الحلال فيها إلى حرام، وتحول الحرام فيها إلى حلال، بحسب قول ابن كثير فى تفسيره ( ج1 ص 104 ) عن ابن جرير تعليقاً على الآية "[ ماننسخ من آية ] قوله أى : نُحوِّل الحلالَ حراماً، والحرامَ حلالاً، والمباحَ محظوراً، والمحظورَ مباحاً."




26-01-2005, 06:22 ص

HOPEFUL


.

تاريخ التسجيل: 07-09-2003
مجموع المشاركات: 2261
Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟ (Re: HOPEFUL)


من كتاب الناسخ والمنسوخ في القرآن

مصدر فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن جاءت من الآيات التالية:

1ـ في سورة (البقرة2: 106) "ما ننسخ من آية أو نُنسها نأتي بخير منها أو مثلها" .



2ـ في سورة (النحل16: 101) "وإذا بدلنا آية مكان آية، والله أعلم بما ينزِّل، قالوا إنما أنت مفتر، بل أكثرهم لا يعلمون" .



3ـ وفي سورة (الرعد13: 39) "ويمحو الله ما يشاء، ويثْبِت، وعنده أُمُّ [أصل] الكتاب" .



4ـ وفي (سورة الحج22: 52) "فينسخ الله ما يُلْقي الشيطان"



تعليق:

هذه هي الآيات القرآنية التي نشأت عنها فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن :

1 ـ ولقد سبق أن تكلمت عن معنى الناسخ والمنسوخ في الفصل الأول.



2ـ ولكني أضيف هنا تفسير معنى: "أو نُنسها" في سورة (البقرة2: 106) "ما ننسخ من آية أو نُنسها نأتي بخير منها أو مثلها" فقد كتب ابن كثير نقلا عن جرير عن الحسن قوله: "إن النبي (صلعم) قرأ قرآنا ثم نسيه". وعن ابن عباس قال: "كان مما ينزل على النبي (صلعم) الوحي بالليل وينساه بالنهار" (تفسير ابن كثير ج1ص 104) .

وجاء في صحيح البخارى (حديث رقم 5092) "عن عائشة قالت: "سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً كنت أُنْسِيتُها من سورة كذا وكذا" .

وجاء في صحيح مسلم (حديث 1874) "عن عائشة قالت: كان النبي (صلعم) يستمع قراءة رجل في المسجد، فقال: رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أُنْسِيتها" .

والواقع أنا لا أدري كيف أن النبي ينسى ما يوحى إليه. ألم يستطع الله، الذي حفظ كلامه في لوح محفوظ منذ الأزل أن يحفظه في ذهن النبي الذي اختاره؟؟؟؟!!! .



3ـ والواقع أن نصَّ الآية يخالف ما قاله ابن عباس هذا، فالآيه لا تقول أن النبي ينساها، ولكن الآية تقول: أن الله هو الذي يُنَسِّيها للنبي!!!!! هذا نص القرآن "أو نُنْسها". وهذا ما ذكره ابن كثير أيضا في (تفسيره ج 1 ص 103) هذه الآية عينها نقلا عن قتادة الذي قال: كان الله عز وجل يُنْسي نبيه (صلعم) ما يشاء، وينسخ ما يشاء.



4ـ والتعليق على ذلك هو: لماذا إذاً أعطاه الآيات أصلا ثم يُنْسيَها له؟؟؟؟




26-01-2005, 06:35 ص

HOPEFUL


.

تاريخ التسجيل: 07-09-2003
مجموع المشاركات: 2261
Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟ (Re: HOPEFUL)


خطورة الناسخ والمنسوخ





الخطورة الأولى:

كيف تتفق فكرة الناسخ والمنسوخ أو التغيير والتبديل مع علم الله المطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل؟ فالله ليس إنسانا يغير كلامه ويبدله، وهذا ما يقره القرآن أيضا في (سورة الأنعام 34) "لا تبديل لكلمات الله" وفي (سورة الكهف 27) "لا مبدل لكلماته" فكيف يقولون أن كلمات الله بدلت وغيرت ونسخت؟؟؟؟ .



وعن هذا الأمر علق الأستاذ سيد القمني المفكر الإسلامي المستنير في كتابه (الإسلاميات ص 56 قائلا: [هنا يثور سؤال، كيف يتحول الوحي ويتبدل؟ ألا يتعارض ذلك مع قدسية كلمة الله؟ ... (ويضيف قائلا): هذه الظاهرة التي لحظها القرشيون حتى قالوا: "ألا ترون إلى محمد، يأتي أصحابه بأمر ثم ينهاهم ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولا، يرجع عنه غداً" (ويواصل سيد القمني حديثه قائلا): وهي ذات المقولة التي قالها اليهود اليثاربة (أي أهل المدينة) بعد الهجرة] .



قارن هذا بما قاله السيد المسيح "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (مت5: 17و1 .



الخطورة الثانية:

هل تتفق فكرة الناسخ والمنسوخ، أو التغيير في آيات القرآن وإلغائها ومحوها، مع حقيقة أن القرآن أزلي مكتوب في لوح محفوظ؟ فهل تم التغيير والإلغاء في اللوح المحفوظ أو بمعنى آخر هل للوح المحفوظ طبعات معدلة ومنقحة ومزيدة؟؟؟؟ .



وعن هذا قال الأستاذ سيد القمني المفكر الإسلامي المستنير في كتابه (الإسلاميات ص 569) قال: "ظاهرة النسخ تثير في وجه الفكر الديني السائد المستقر ..... إشكالية: كيف يمكن التوفيق بين هذه الظاهرة بما يترتب عليها من تعديل للنص بالنسخ والإلغاء، وبين الإيمان الذي شاع واستقر بوجود أزلي للنص في اللوح المحفوظ". هذا ما قاله سيد القمني بالحرف الواحد.



الخطورة الثالثة:

أما عن قول السورة القرآنية "أو نُنْسِها" فكيف يتفق هذا مع قول القرآن (في سورة الحجر 9) "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"؟ فإن كان الله يحفظ كلامه فلماذا لم يحفظه في ذاكرة الرسول، ولماذا ينسيه له، بعد أن يوحي به إليه؟؟؟؟ .



الخطورة الرابعة:

وإن كان الرسول ينسى الكلام الموحى به وهو المؤتمن على الوحي، فماذا يقال عن حفظة القرآن، ألا يمكن أن ينسوا هم الآخرين؟ ... ، وعن هذه الفكرة قال أيضا سيد القمنى المفكر الإسلامي الشهير ص569"هناك إشكالية ثانية .. هي إشكالية جمع القرآن، وعن مشكلة الجمع فإن ما يورده علماء القرآن من أمثلة توضح أن بعض أجزاء النص قد نسيت من الذاكرة الإنسانية، ولم يناقش العلماء، ما تؤدي إليه ظاهرة نسخ التلاوة، أو حذف النصوص سواء بقي حكمها أم نسخ أيضا، من قضاء كامل على تصورهم الذي سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابي للنص في اللوح المحفوظ. (ثم يكمل حديثه قائلا): فإن نزول الآيات المثبتة في اللوح المحفوظ، ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو، ينفي هذه الأبدية المفترضة الموهومة (للوح المحفوظ)". (ويستطرد قائلا): "فإذا أضفنا إلى ذلك المرويات الكثيرة عن سقوط أجزاء من القرآن ونسيانها من ذاكرة المسلمين، ازدادت حِدَّةُ المشكلة". (ثم يختم كلامه في هذا الخصوص بقوله): "والذي لاشك فيه أيضا، أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدي فقط إلى معارضة تصورهم الأسطوري للوجود الأزلي للنص، بل يؤدي أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاتـــه" .

الخطورة الخامسة:

ألا يعتبر الناسخ والمنسوخ تحريف في قرآن اللوح المحفوظ؟؟؟؟!!! .



الخطورة السادسة:

ألا تتصادم قضية الناسخ والنسوخ مع الآية القرآنية التي تقول: "لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" (سورة النساء4: 82)؟


رجل في كامل وعيه ويسأل اسئلة عقلانية
وانت تقول انه قد اصابه مس من الشيطان!!
...اذا كان ممسوسا فماذا ستفعلون مع
الشيطان الذي هو كما يزعمون اقوي حجة
ومختالة من الانسان.
ثم اليس تقولون ان الشيطان لا يقترب
من انسان يصلي ويبلسم ويتشهد وكان جمال
كذلك وبل من غلاتهم فكيف وجد هذا الشيطان
سبيله اليه...يبدو انه شيطان المعرفة..
..يبدو انه أكل من الشجرة المحرمة "شجرة
المعرفة"

Post: #50
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: kamalabas
Date: 05-21-2005, 07:09 PM
Parent: #1

كتبنا في ذيل أحدي مداخلتنا الموجهة للأخ هوبفل
Quote: ...لك ياعزيزي فسحة في الدين تتيح لك الأختلاف والأعتراض علي فهم البعض
المتزمت للدين أو الأستناد علي نصوص التسامح بل والدعوة لعدم زج الدين
في السياسة يمكن أن يحدث ذلك وأنت داخل حقل الدين الأسلامي ..
أما أذا كنت خارجه فيمكن فقط أن تفهم فقط جوهر ومقاصد الأسلام - بأعتباره أخرا- وأعني تفهم أن خلافا بين النص ومفهوم النص
وأنه يمكن وفق فهم صحيح للمقاصد أن يتعائش المسلم وغير المسلم
والمسلم والمسلم
ويبقي علي المسلم المعتدل أن يدين ويشجب ويعارض الممارسات الوحشية
التي ترتكب بأسم دينه وتشوه قيم الدين وتنفر منه وتجعل مثل هوبفل
يقول ما قال !!
فهل فعلتم حتي لاتحتشد الطرقات وساحات العلم بالالاف الهوب فل
وخصوصا وأننا في عصر هذه الثورة التكنولجية التي كسرت الحجب وفتحت
العقول علي أسئلة كثيرة ..أننا في عصر يحتم مخاـطبةالعقول والتسلح
بالمعرفة الكافية بدلا من التشنج ومخاطبة العواطف
...

كمال

Post: #51
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-22-2005, 06:50 AM
Parent: #50

رأيي المتواضع في قضية الناسخ والمنسوخ
___________________________

الزملاء الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد اطلعت على رأي الاخوة الجمهوريين وبعض فقهاء السنة بهذا الخصوص اعلاه، ولكن اسمحوا لي بابداء الملحوظات التالية اثراءا للحوار:

أولا/ من واقع الآية 101 من سورة النحل التي يقول فيها سبحانه وتعالى ( واذا بدلنا آية مكان آية ، والله أعلم بما ينزل، قالوا انما أنت مفتر، بل أكثرهم لا يعلمون.)
في هذه الآية رد على حجة جمال هوب فل ، الذي انكر نسبة القرآن الى الله بسبب تبديل الايات من جانب المولى عز وجل ، والله تعالى يشير هنا بحسم الى كون هذا الأمر من شؤونه هو، وآية ذلك قوله سبحانه ( والله اعلم بما ينزل) وثانياً يشير تعالى الى ان الزعم بعدم نسبة عملية التبديل هذه الى الله هو نوع من عدم العلم، (بل أكثرهم لا يعلمون)، وعدم العلم هنا يمكن – والله اعلم – أن يكون له معنيان أو احدهما . الأول علم المعرفة أو المعلومة الظاهرة، والثاني : علم العرفان : الايمان أو علم القلب وهذا ما ارجحه والله اعلم.
ولكن ايضا توحي الآية بأن ثمة حكمة ، أو سراً يحتفظ به الله تعالى بخصوص هذه العملية ( التبديل ) في الآيات.
وفي الحقيقة فان الله قادر ان ينزل القرآن كله دفعة واحدة على قلب سيدنا محمد(ص) كما انزله في ليلة القدر جملةً الى السماء الدنيا ومن ثم نزّله منجماً بمناسبة ( سبب نزول ) أو بدون مناسبة. قدر الله وما شاء فعل.
وفي كل الأحوال فان مشيئة الله هي التي تتحكم وتحدد، وليس قانون آخر يمكننا اكتشافه وتتبعه، بحيث نفهم به عمل الله أو سلوكه سبحانه ، بل ليس من اللائق ان نظن بأن الله ( يعمل) أو له ( سلوك نمطي) فهذا يجعله منمذجاً في المخيلة قابلاً للضبط والتحقق بقانون ونظام ( محدد). ورب العالمين مطلق و ( لا يخضع ) لقانون أو لنمط محدد نقيسه او نراقبه به، تعالى الله وسبحانه ( عما يصفون).
اذاً فمحاولة قياس ما يفعله سبحانه ، عن طريق عملية الفهم المعياري ، بعقل هو اصلاً محدود، انما هي تقليل من شأنه ، واحالة له نحو الشروط البشرية.
فليس شيئاً نعيبه على ربنا اذا فعل الشئ وضده في الوقت ذاته ، بل قد نجد الخير كل الخير في متناقضاته : الليل والنهار ، والذكر والانثى ،الجميل القبيح، المر والحلو ، والاعلى والأدنى، والاخضر واليابس ، الصلب والسائل .. وهكذا فمفهوم فكرة ( التناقض) هنا ليس سلبياً بل العكس.. رحمة ، وبالفعل اشار سبحانه الى ذلك مبيناً ما يمكن ان نكون عليه فيما اذا جعل الليل سرمدا أو النهار سرمدا!.
الحمد لله حمد الشاكرين.
فالثبات والتحول ، والضبط والانفلاش، والتنميط والتغيير، اذا اوجدها سبحانه فلا ينبغي التعامل معها بوصفها : عدم وضوح رؤية ، أو ترددا ، أو تجربة وخطأ كما في حالة الانسان ، فالله قد تعالى عن ذلك وعما يصفون.
فربنا مثلا حرم الظلم على نفسه، وهو لا يحتاج لأن يشهدنا على ذلك ولا هو محتاج لأن يظلم ، ولا يخشى دائرة من احد اذا ظلم ، ورغم ذلك ألزم نفسه بالعدل ( بما يليق به وليس كألزامنا) فهو" العدل" سبحانه وأخبرنا في الحديث القدسي (يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم فلا تظالموا)
فهل يجوز ان نقول بأنه ظلم الانسان الذي خلقه معتوهاً ، أصمّ، معاقاً دون الناس، فيعجز ويتعرض للمخاطر والمساخر والعزلة؟ وهو قادر على ان يخلقه في احسن تقويم كغيره ممن رفعهم درجات عليه لهذه الناحية؟
كلا ، فربنا مع ذلك عدل وليس ظالماً، ولربما رأى خيرا لهذا المخلوق في اعاقته، واراد ان يعوضه خيرا لا نعلمه، أو أن يكف شره عن الناس ثم يعطيه خيرا في الآخرة، هكذا فان قانون تحريمه الظلم على نفسه لا يجوز تطبيقه عليه بنفس طريقة تطبيق القانون على البشر والحكم عليهم.
فنحن بصدد الخالق ، الكبير المتعال ، الذي يجير ولا يجار عليه.
واذا خضع لقانون ثابت أو لنظام معين، فسيكون حكمه حكم المخلوق الذي ( يخضع ) وينضبط ويندرج ويتنمط!! وشتان الخالق والمخلوق.
فالله غير خاضع لقانون ، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بما يفعله أو قياس فعله في أي خصوص كان.
وقد قلنا سبقا انه سبحانه يحب ( الاخفاء ) ولذلك اخفى ذاته عن مخلوقاته واخفى اولياءه بين عباده، واخفى يوم البعث واخفى يوم الاجل المحتوم،أخفى القدر، أخفى الغيب والرزق، واخفى اسباب رضاه التام عنا أو سخطه ( ربما في عمل بسيط لا نعيره اهتماما!) ، أخفى ليلة القدر في أواخر رمضان واخفى اسمه الأعظم.. الخ انه سبحانه وتعالى يحب هذا وهو اعلم بما يحب.
وهو سرّ ،سبحانه، كما قال في حديث قدسي عن نفسه تبارك وتعالى ( كنت سراً مكنوناً فأردت ان أُعرف فخلقت الخلق) فالله تعالى سرّ ويحب الاسرار، ويحب ان يطلع عليها في الصدور، ولذلك يحب ان يراقب القلوب والنوايا ، ومن الصعب علينا ان ندركه بدون القلب ( القلوب اوعية الله) وقلب المؤمن عرش الله سبحانه، ومن المستحيل ان نحيط بشؤونه بواسطة العقل.
ومن هنا فقد اعجبني كلام الاستاذ محمود المرفوع اعلاه عن ان (((كثير من العقول الساذجة لا تملك القدرة على الإنعتاق من أسر الحواس، والعقول، على إطلاقها، شديدة الاعتماد على معطيات الحواس)).
لذلك كيف اذا بدل سبحانه آية أو محاها ، نقول ( بعقولنا المعتمدة) ان الله لا يفعل ذلك؟ أو لماذا ينزل آية ثم يسحب كلامه؟ فهذا لا يجوز له! ، أو نقول بسذاجة: أولم يكن يعلم ابتداءً أن هذا كذا وكذا؟
سبحانه فعال لما يريد، ولا يمكن ان يخضع لشروطنا او أن نضبط أسلوبه في اي شأن كان ( له في خلقه شؤون) وهو المتصرف.
ولا يوجد شئ يصبح بالنسبة له في حكم المنتهي، أو الناجز ، أو المنمط.. بمعنى أن القرآن من شؤونه وتصرفه وكلامه ، فلا يجوز ان نقول انه ( ينبغي ) أن يكون كلامه قراراً نهائياً أومنضبطاً على نحو ثابت بحجة انه كامل ، و لا تراجع عنه !، فاننا حينئذ نجعل هذا القانون ضابطاً له في تصرفه ، أو سلطةً عليه يخضع لها سبحانه، وهو أجلّ من ان يتسلط عليه قانون.
وما قدروا الله حق قدره.
ان الله على كل شئ قدير، حتى على حكمه، يهيمن هو عليه فيحركه ويغيره كيفما شاء ، ينسخه، لماذا؟ لأنه المتصرف، لأنه الله عز وجل.
زبدة القول أن من يريد أن ينكر على الله تعالى ( تغيير كلامه أو حكمه) فكأنما يطلب منه الثبات على موقفه، مثل انسان محترم!! سبحانه، وهكذا يصبح الموقف الزاماً له وسلطة عليه، وحاشا لله ان يقيده شئ حتى ولو كان حكماً قرآنياً ، ومن يظن ذلك فانه ما قدر الله حق قدره ، وما عرف انه الظاهر ليس فوقه شئ ، والباطن ليس دونه شئ ، وهو رب كل شئ حتى القرآن.
واخشى ان يكون مثل هذا المنحى الذي نحا اليه الاستاذ محمود محمد طه في معرض تبرير ( تفعيله!) للمنسوخات ( المؤجلات في رأيه) من اجل تأسيس الرسالة الثانية عليها، هو من وسوسة الشيطان .
ثانيا / فالله تعالى يحب ان يفتن الناس ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون؟)، بمعني يختبرهم، فيبلوا قلوبهم وايمانهم، حتى يمحصهم، ومن هنا (ربما والله اعلم ) يغير في الكتاب لغربلة من يسارع قلبه الى الريبة والكفر ممن يثبت على الايمان، وفي هذا السياق تجئ المتشابهات.
وربنا تعالى يغير بقدرته ومشيئته في الكون ( السنن) وفي الأجل و القدر ( بسبب دعاء صالح أو عمل صالح مثل صلة الرحم) .
واعود فأقول انه سبحانه ربما ( وهو اعلم) يفتننا المنسوخات حتى يرى من يصبر ويصدق ممن ينقلب على عقبيه، ولنا في جمال هوب فل عبرة يا ألي الألباب!.
ثالثاً/ ربنا سبحانه وتعالى يحب الملاطفة ومداعبة عباده ومنهم رسوله، ومن هذا الباب يمكن ان نفهم كيف أنه ( ينسيه ) ما حفظه ، ثم يوحي اليه من جديد.
وكيف انه يؤخر نصره حتى (يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ، الا ان نصر الله قريب ) وهكذا يؤخر براءة السيدة عائشة ورسول الله يتألم وينقطع الوحي أياماً حتى يتغير لونه صلى الله عليه وسلم .
ربنا تعالى لا يضبطه قانون معين حتى نحكم به عليه. هو فوق القانون .
بل لو شاء لأذهبنا جميعاً وأتى بخلق جديد. فهو غير ملزم بالبعث ولا بالجنة ولا بالنار!!.
سبحوا وقولوا لا اله الا الله تفلحوا
ولكنه وعد ووعده حق. وعلى العقل ان يكون عاقلا، فيخضع فقط لأنه لن يفهم الكثير عن امر ربه.
ولعل هذا مما اراد به سبحانه اخافة أقرب عباده اليه حيث يبقون دائما رهنا ( للمشيئة) فيسترضونه ويبكون بين يديه تضرعا وخشية، فهم لا يعرفون قانوناً معيناً يمكنهم من التنبؤ بما سيفعل بهم، الأمر الذي جعل عابدا زاهدا وعبدا خالصا مثل ابي بكر يقول ( والله لو أن لي قدما في الجنة واخرى خارجها لما أمنت مكر الله) فأبوبكر علم ان الله ليس ملزماً بادخالك الجنة بسبب حسن عملك، فعملك لن يكون سلطة على قراره، تعالى عن أن يكون أمره مكشوفاً مسبقاً قبل ان يعلنه بجلاله ورهبوته.
وعمر بن الخطاب قال: والله اذا دعا داع يوم القيامة ان كل الناس يدخلون الجنة الا واحدا، لخشيت أن يكون أنا.
( يعني حكاية العشرة المبشرين ليست ملزمة)
بل ان رسول الله (ص) نفسه ، وهو الشفيع المشفع وصاحب الوسيلة قال ما معناه أن احدكم لا يدخل الجنة بعمله، قيل وحتى أنت يا رسول الله؟ قال حتى أنا ، الا أن يتغمدني ربي برحمته.
هذه من اسراره سبحانه.
انه الله ..
القاهر فوق عباده..
بيده ملكوت السماوات والأرض،
بيده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو
وبيده زمام كل أمر مهما كان بسيطا وتافهاً في نظرنا، لا يعزب عنه مثقال ذرة.
ولن يكون الله اذا عرفنا مسبقاً حكمه وطريقته وأسلوبه ومآل المؤمنين به الطائعين له، هذا ايضاً بيده حتى آخر لحظة، يجل عن الاحاطة تنبؤاً وعلماً. وانما نصدق وعده للمتقين ووعيده للعاصين لأنه قال ( ومن اصدق من الله قيلا) وهذا ليس الزاماً ولكنه ( عشم) ورغبة وطمع في رحمته التي وسعت كل شئ... وتعظيماً وتنزيهاً له .
واختم بما اراه مهما جدا
وهو أنه اذا كان النسخ ينقسم الى
نسخ تلاوة
نسخ حكم
ونسخ تلاوة وحكم معاً.
فان ما يهمنا هنا هو نسخ الحكم .
هذا النسخ لا يعني لي الالغاء دائما، أو الأزالة ، بقدرما يعني تقديم حكم الناسخ عليه فقط لسبب يعلمه ، دون ان ينقص ذلك من فحواه ودون أن ينفيه.
بمعنى..
الآية الكريمة من خواتيم البقرة- مثلا - فيها يقول الله تعالى ( لله ما في السماوات وما في الأرض، وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير).
المعروف ان حكمها نسخ بالآية الآخرى التي تليها وفيها يقول تعالى( لا يكلف الله نفساً الا وسعها، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت).
تأمل معي مقصود النسخ هنا..
هل غيّر الله تعالى حكمه بأنه مطلع على مافي انفسنا؟، هل ترك سبحانه الاطلاع على ما في النفس؟ كلا
حسناً سيقول قائل: ولكنه اسقط محاسبتنا على ما في نفوسنا، وهنا نقول : أليست الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى؟ ألسنا نثاب حتى على مجرد ما في نفوسنا من نوايا وعزيمة حسنة لفعل الصالحات ولو لم نفعلها؟ فهذا حساب ايضاً.
فالحساب أما لك أو عليك.
ولنأخذ نوعاً من الحساب الذي عليك.
خذ مثلاً ، من صلى الصبح في المسجد وفي الصف الأول، ألم يعمل عملا صالحاً؟. اذاً لماذا يتحول هذا العمل الصالح الى شرك بالله ( شرك اصغر أو شرك خفي) لأننا اردنا به – في نفوسنا- الرياء والسمعة بين الناس؟
اذاً فاننا نحاسب على ما في أنفسنا حتى الآن.
كيف ؟؟ً ، هل غشنا رب العالمين حين انزل: لا يكلف الله نفساً ..الخ؟
حاشاه ربي عز وجل.
ولكنه اسقط – برحمته- ما نكنه في انفسنا من نية سيئة لم نتبعها بعمل سئ .. وهكذا فان (ما كسبت) ، تشمل النية الصالحة وايضاً النية المتبوعه بعمل صالح، وأما (ما اكتسبت) فتشمل فقط العمل السيئ الناشئ عن نية سيئة . وليست النية السيئة ولا العمل السئ غير المقصود.
وبعد هذا كله يتجلى الله بمغفرته. اللهم لك الحمد والمنة.
هكذا فاننا لا نحاسَب ( سلباً) على ما في انفسنا ولكننا نحساب سلبا ( بناءً) على ما في انفسنا.
فيتضح لنا المفهوم الدقيق لفكرة النسخ في حالة هذه الآية بالذات وهي شائعة التداول. فهو ليس ازالة حكم ، وانما ايجاد رتب واظهار رحمة، واسلوب تخويف ( لنخوفهم به) ودعوة لأصلاح مافي نفوسنا ومراقبة ذلك باستمرار، وتلك هي التقوى.
واذا كان البعض يقول ان حكم محاسبتنا على النية السيئة وحدها قد نُسخ ، ويقول ان المنسوخات انما هي مجمدات أو مقيدات الى زمان تال لزمان صدر الاسلام ، فاننا ازاء ذلك نقول : وهل تطورنا الحضاري الراهن جعلنا نطيق هذا الحكم الذي شكا منه الصحابة ( ان تبدوا مافي انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله؟) هل نطيق الآن؟
اذاً فالأوفق هو أن نعيد النظر حيال فهمنا لمفهوم النسخ. خاصة ان الاسلام كله جاء ناسخا للديانات التي سبقته قاطبة.
________
وعلى الهامش اسمحوا لي بأن اشير الى آية تسطيح الارض وتمهيدها وبسطها فراشا مع انها كروية...
فهذه في نظري من الآيات الكبرى ، ومعجزة تتمثل في ان الارض ، رغم انها كروية أو بيضاوية، الا انها منبسطة فعلا وممهدة مسخرة لهذا الانسان المكرم،كيف؟ الله قادر، فالأرض رغم كرويتها مفروشة يطمئن بها الانسان فيستقر ولا يشعر - فيما اذا كانت محدودبة- بأنه على سطح يمكن ان يزلق منه الى قرار سحيق، وهذه من الايات : فكيف كروية ومسطحة في الوقت ذاته.
هذا دليل اعجاز وتحدي وليس مخالفة للعلم.
وفي ظني انه طالما ان الله تعالى اشار تحديدا الى مد الارض وفرشها وبسها وتمهيدها ، فهذا يعني ان تلك صفة نادرة وميزة للأرض، ويمكن للعلماء التفكير في ان الكواكب الأخرى ، رغم كرويتها، فلن تكون كسطح الارض ممهدة مسطحة ، فاما محدودبة او مخددة او مقعرة الخ
ولكن ما استغرب له فعلا هو ان الذي يغفل فيظن ان القرآن قد خالف العلم، كيف يغض الطرف عن الاية التي سبقت العلم المعاصر بقرون حيث يقول تعالى( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)40 يس. فبالله كيف عرف محمد (ص) هذه الحقائق العلمية لولا ان القرآن من الله تعالى؟.
كيف ( نطنش ) من معجزة فاقعة كهذه امام اعينكم ثم انتم تمترون؟
هذا والله أعلم.

__________________
رب اشرح لي صدري

Post: #52
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-22-2005, 08:27 PM
Parent: #1


الأخ محمد عبد القادر سبيل
والاخوات والاخوان الكرام
تحية طيبة
ذكرت أخي محمد انك اطلعت على رأي الجمهوريين في مسألة الناسخ والمنسوخ ولكنك لم تعلق على هذا الرأي بالموافقة أو المخالفة قبل أن تسترسل في آرائك التي فحواها أن الله يفعل ما يشاء ولا ينبغي أن نحاول فهم الحكمة في فعله أو فك ما يبدو لنا فيه من تعارض كما حاول الأخ هوبفل .. وذلك بقولك:
Quote: وفي كل الأحوال فان مشيئة الله هي التي تتحكم وتحدد، وليس قانون آخر يمكننا اكتشافه وتتبعه، بحيث نفهم به عمل الله أو سلوكه سبحانه ، بل ليس من اللائق ان نظن بأن الله ( يعمل) أو له ( سلوك نمطي) فهذا يجعله منمذجاً في المخيلة قابلاً للضبط والتحقق بقانون ونظام ( محدد). ورب العالمين مطلق و ( لا يخضع ) لقانون أو لنمط محدد نقيسه او نراقبه به، تعالى الله وسبحانه ( عما يصفون).

ولعله غاب عليك أن الله قيد فعله "بالحكمة" علم ذلك من علم وجهل من جهل .. وليس المطلوب منا أن نركن الى هذا المنطق الغريب الذي سقته أنت بأعلاه ، فالقرآن طلب منا أن نتفكر ونتدبر في آياته ، بل ان العلة وراء انزال القرآن هي التفكير (وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون) .. وليس في التفكير أو في فهم حكمة الفعل الألهي تقليل من شأن الفعل الإلهي أو احالة له نحو الشروط البشرية كما ذكرت أنت .. ولا يجب أن نتخذ من عجزنا عن فهم تلك الحكمة فضيلة فنرمي باللوم على كل من يتساءل اذ ينبغي أن يحفزنا هذا العجز وهذا الجهل الى اللجوء الى الله والتماس العلم بالوسائل الصحاح - بالتقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) ..
وأنت بنفسك ذكرت طرف من هذه الحكمة التي قيد الله بها نفسه برغم انه "فعال لما يريد" وذلك بايرادك حديثه (يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم فلا تظالموا) .. ونحن عندما نحكم بعقولنا القواصر ، نرى النقص ، ونرى الظلم كما في الأمثلة التي سقتها ولكن هنالك من علمهم الله الحكمة وفصل الخطاب فشرحوا ما خفي من أسرار الفعل الالهي للآخرين ..
ومن هذه الأمور التي خفيت حكمتها على الكثيرين مسألة الناسخ والمنسوخ .. فهي ليست تغيير رأي كما يتبادر لأذهان البعض ولا هي تدل على أن ثمة شيء استجد في العلم الالهي مما اقتضى تعطيل المحكم من الآيات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وانما تم كل ذلك بحكمة حكيمة تعرض لها الأستاذ محمود محمد طه في الكثير من كتاباته وسأعطي منها أمثلة ويمكن أن يجرى الحوار حولها .. والأخ محمد سبيل رغم حديثه أعلاه الا أنه حاول الاجتهاد في معرفة تلك الحكمة حينما بدأ يشرح سر نسخ الآية (وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير) بالآية (لا يكلف الله نفساً الا وسعها، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت) بالرغم من أن شرحه يتسم بالتبسيط الشديد .. وربما آتي لاحقا للحديث عن الاختلاف في مستويات التكليف فقد تعرض الأستاذ محمود لهذا الأمر أيضا بالتفصيل وأبان الحكمة من ورائه ولكن دعونا الآن نتحدث عن الناسخ والمنسوخ في المستويات الواضحة - في أسلوب الدعوة بين الإسماح والإكراه - ولنبدأ بما ورد في كتاب "الاسلام وانسانية القرن العشرين" وهو عبارة عن محاضرة قدمها الأستاذ محمود تحت نفس العنوان ولذلك جاءت بلغة الكلام .. :

الإسلام بين مكة والمدينة:
الإسلام نزل في مكة بصورة سامية ، وكبيرة .. نزل بصورته الأساسية الفيها الإنسان القبيل بيبحث عن الحرية ، وعن مجالها .. لكن على شرط أن يدفع ثمنها .. وثمنها أصبح ، بالنسبة لما كان عليه في القرون الأولانية ، البدائية ، أصبح ، في القرن السابع ، في مكة ، لدى نزول القرآن ، ثمنها أصبح أقل بكثير مما كان عليهو في نشأة المجتمع ..
خاطب القرآن الناس في مكة بأنهم أحرار ، على شرط واحد ، هو أن يحسنوا التصرف في الحرية .. لأنه ، زي ما قلنا ، مما نشأ المجتمع الحرية مورست قبل ما تعرف .. أنت الآن تعرف أن حريتك تنتهي حيث تبتديء حرية جارك .. معنى الكلام دا انك أنت يمكن أن تكون حر تماما ، اذا أحسنت التصرف في الحرية .. وعند اساءة التصرف في الحرية تصادر الحرية بالقانون .. دا معنى انه حريتك تنتهي حيث تبتديء حرية جارك .. الحرية ثمنها حسن التصرف فيها .. اذا كان الحرية ما يكون عندها ثمن بالصورة ، تصبح فوضى .. وعلى الفوضى لا تقوم المجتمعات .. فجات العبارة في القرآن بالصورة التقول للناس: انتم أحرار ، على شرط أن تحسنوا التصرف في الحرية: "وقل الحق من ربكم!! فمن شاء فليؤمن .. ومن شاء فليكفر.." أو "فذكر انما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر" .. لعزة الحرية عند الله كان ينهي نبيه ، على كماله ، من أن يسيطر على المشركين ، البيعبدوا الوثن ، البيعبدوا الحجر الأصم: "فذكر انما أنت مذكر" دا كلام يقال للنبي: "لست عليهم بمسيطر" على المشركين ، دا لعزة الحرية عند الله .. لكن شرطها قائم ، هو أن تحسن التصرف فيها .. أنت حر أن تمارس ، أن تعمل كما تشاء ، على شرط أن تكون حسن التصرف .. حسن التصرف هنا قال ربنا عنه "وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون" .. نحن ربنا خلقنا وكملنا ، في أجسادنا ، وفي عقولنا بالقدر الكافي لتعرف ، ولتمارس الشكر ، والعبادة ، وقال: أنتم أحرار ، لكن دا هو الشرط: حسن التصرف في الحرية .. وحسن التصرف في الحرية هو أن تعبدوني ، ولا تشركوا بي شيئا .. عندما نزل القرآن بالصورة دي ، وجد المشركين في مكة بيعبدوا الحجر ، ويقطعوا الرحم ، ويئدوا البنت ، النبي أرسل ليهم بكمالات بشرية كان معترف بيها في الجاهلية ، وبقرآن معجز ، وبتربية نماذج منهم بلغت مستوى من الكمال ، كأنها طفرة ، بالنسبة ليهم ، ثم هم ، بعد كل هذا ، أصروا على عبادة الوثن ، وعلى قطع الرحم ، وعلى وأد البنت .. وأصروا على المعاداة ، وبالغوا في الأصرار في أن يمضوا في سبيلهم بالصورة دي ، فظهر عمليا ان الناس دون مستوى تحمل مسئولية الحرية .. وثمن الحرية المطلوب برضو بالنسبة ليهم كان باهظ ، لأن المجتمع كان لا يزال قاصر ويجوز أنه كان كان في أوائل عهد المدينة ، لكن من المؤكد انه قد كان عنده مخلفات الغابة ظاهرة ، حتى ان العرب قد قالوا "من غلب سلب" .. القرآن دا ظل ثلاث عشرة سنة في أهل مكة الى أن أنزل الله عليهم "لئلا يكون للناس على الله حجة" .. فلما ظهر قصور الناس سحب القرآن ، في المستوى دا – نسخ القرآن المكي – النزل ثلاث عشرة سنة من مستوى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر..) أو : (فذكر، إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر) أو : (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة، والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن).. القرآن دا، وهو ما نسميه نحن الآن بقرآن الإسماح، سحب، نسخ، أستبدل بما يناسب الوقت.. وكان معروف عند الله سلفا، أن دا أكبر من الوقت، لكن، لحكمة كبيرة في ختم النبوة، نزل القرآن في مستويين: مستوى الحرية، والمسئولية، ودي الحاجة الطبيعية، كون الإنسان يخاطب بالتي هي أحسن، إلى أن يظهر أنه عاجز عنها لتلزمه الحجة.. لما ظهر العجز سحب القرآن دا، وأمر نبينا بالهجرة، وبدأ نزول القرآن المدني، وبدأ عهد التحول من عهد المسئولية، والحرية، إلى عهد الوصاية.. الناس ظهر أنهم قاصرين عن تحمل عبء مسئولية الحرية.. بدل المسئولية جات الوصاية .. والمسئولية، والوصاية، هما البيجعلوا الفارق الحقيقي بين الطفل والرجل.. تذكروا أننا قلنا أن المجتمع البشري قد قطع مرحلة الطفولة، وهو اليوم في مرحلة المراهقة، وماشي للرجولة.. الرجل يتحمل مسئولية فكره، وقوله، وعمله.. الطفل عايز من يتحمل عنه هذه المسئولية.. الشاهد لقد سحبت آيات المسئولية، وجات آيات الوصاية .. ومن الوصاية جاء الجهاد .. ومن الوصاية القتال القلنا أن المجتمع البشري الآن وصل إلى حقيقة تجريبية في أن القتال ما عاد بيحل مشكلة.. ما كان دا !! القتال كان زمان بيحل مشكلة، حتى لقد قال شاعرهم:-
السيف أصدق أنباءا من الكتب * في حده الحد بين الجد واللعب

وقد ورد في كتاب الرسالة الثانية من الإسلام الآتي:

وتطور الشريعة، كما أسلفنا القول، إنما هو انتقال من نص إلى نص.. من نص كان هو صاحب الوقت في القرن السابع فأحكم إلى نص اعتبر يومئذ أكبر من الوقت فنسخ.. قال تعالى: (ما ننسخ من آية، أو ننسئها نأت بخير منها، أو مثلها.. ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير؟).. قوله: (ما ننسخ من آية) يعني: ما نلغي، ونرفع من حكم آية.. قوله: (أو ننسئها) يعني نؤجل من فعل حكمها.. (نأت بخير منها) يعني أقرب لفهم الناس، وأدخل في حكم وقتهم من المنسأة.. (أو مثلها) يعني نعيدها، هي نفسها، إلى الحكم حين يحين وقتها.. فكأن الآيات التي نسخت إنما نسخت لحكم الوقت، فهي مرجأة إلى أن يحين حينها.. فإذا حان حينها فقد أصبحت هي صاحبة الوقت، ويكون لها الحكم، وتصبح، بذلك هي الآية المحكمة، وتصير الآية التي كانت محكمة، في القرن السابع، منسوخة الآن.. هذا هو معنى حكم الوقت.. للقرن السابع آيات الفروع، وللقرن العشرين آيات الأصول.. وهذه هي الحكمة وراء النسخ.. فليس النسخ، إذن، إلغاء تاما، وإنما هو إرجاء يتحين الحين، ويتوقت الوقت.. ونحن في تطويرنا هذا إنما ننظر إلى الحكمة من وراء النص.. فإذا خدمت آية الفرع التي كانت ناسخة في القرن السابع لآية الأصل غرضها حتى استنفدته، وأصبحت غير كافية للوقت الجديد - القرن العشرين - فقد حان الحين لنسخها هي، وبعث آية الأصل، التي كانت منسوخة في القرن السابع لتكون هي صاحبة الحكم في القرن العشرين، وعليها يقوم التشريع الجديد.. هذا هو معنى تطوير التشريع.. فإنما هو انتقال من نص خدم غرضه.. خدمه حتى استنفده إلى نص كان مدخرا يومئذ إلى أن يحين حينه.. فالتطوير، إذن، ليس قفزاً عبر الفضاء، ولا هو قول بالرأي الفج، وإنما هو انتقال من نص إلى نص..

كما ورد المزيد من التفصيل في كتاب تطوير شريعة الأحوال الشخصية

آيات الأصول، وآيات الفـروع:
قلنا: أن الآيات المكية هي آيات الأصول، وأن الآيات المدنية هي آيات الفروع .. وقلنا، أن نزول آيات الأصول قد تواتر خلال ثلاث عشرة سنة، أثناء العهد المكي .. فلم يستجب لها الجاهليون .. فظهر ظهوراً عمليا، أنها أكبر من مستواهم .. فنزل إلى مستواهم، بعد الهجرة إلى المدينة، وبعد افتتاح العهد المدني .. فنزلت آيات الفروع .. واعتبرت صاحبة الوقت، لمناسبتها لمستوى الناس .. ونسخت آيات الفروع، آيات الأصول ..
فآيات الأصول هي قمة الدين .. وكانت تقوم على تقرير كرامة الإنسان - على الحرية- ومن هاهنا كانت آيات إسماح .. ومنعت الإكراه منعا تاماً .. وهي كثيرة جداً .. ومن أمثالها قوله تعالى: ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن .. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين)) .. ومنها: ((وقل الحق من ربكم!! فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر ..)) .. ومنها قوله: ((فذكر!! إنما أنت مذكر  لست عليهم بمسيطر!!))..
وعند نهاية الفترة المكية التي بها ظهر القصور العملي عن شأو آيات الأصول، بدأ عهد التحول، ليجيء التنزيل في مستوى الأمة يومئذ .. وأول ما بدئ به التحول قوله تعالى: ((أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا .. وإن الله على نصرهم لقدير ..)) هذا إذن، بعد أن لم يكن إذن بالقتال .. بل بعد أن قد كان نهي عنه .. ثم جاء في طريق التحول بنقلة أخرى، فقال: ((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا .. إن الله لا يحب المعتدين)) .. ثم جاء بخاتمة العهد القديم، فنسخ آيات الإسماح جميعها، وذلك حيث قال: ((وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين لله .. فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)) .. فهو ها هنا قد جاء بالحكمة وراء القتال، وهي إنهاء الشرك، وتوطيد عبادة الله وحده، لا شريك له .. ((حتى لا تكون فتنة)) ..، أي شرك .. ((ويكون الدين لله))، خالصاً، من غير شريك .. قوله: ((فإن انتهوا)) يعني عن الشرك .. ((فلا عدوان إلا على الظالمين)) .. يعني لا يكون قتال بالسيف، وإنما تكون إقامة الشريعة على الخارجين عليها من المؤمنين بالمعصية .. وفي هذا المستوى جاءت آية ((التوبة)) التي سميت: ((آية السيف)) واعتبرت ناسخة لجميع آيات الإسماح .. قال تعالى فيها: ((فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم، واحصروهم، واقعدوا لهم كل مرصد .. فإن تابوا، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فخلوا سبيلهم .. إن الله غفور رحيم ..)) .. هذه الآية توجت الصورة التي بدأت منذ حين .. وقال المعصوم، في بدايتها: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة .. فإذا فعلوا، عصموا مني أموالهم، ودماءهم، إلا بحقها .. وأمرهم إلى الله)) .. فلكأن العهد الذي بدأ بعرض الحرية، وحمايتها، والحرص على توفيرها، إلى الحد الذي ينهى فيه النبي، على كمال خلقه، عن السيطرة على الأفراد: ((فذكر!! إنما أنت مذكر  لست عليهم بمسيطر))، قد انتهى .. وقد بدأت مصادرة حرية من يسئ التصرف في الحرية .. وهذا حق، وعدل، لا يأتيه الباطل، ولا الظلم، لا من بين يديه، ولا من خلفه .. فإنه، في أصل الإسلام، أن الناس أحرار، على شرط أن يحسنوا التصرف في الحرية .. وحسن التصرف في الحرية معناه: إفراد الله بالعبادة، لأن الله، تبارك، وتعالى، يقول: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) فهو تعالى قد خلق الناس ليعبدوه، وحده، لا شريك له .. ووفر لهم من نعمة العقل، ونعمة البدن، ونعمة الرزق، ما يعينهم على حسن عبادته .. ثم إنهم انصرفوا عنها، وعكفوا على عبادة أصنام ينحتونها بأيديهم فأرسل لهم رسوله، وهيأه بكمال الصفات، وحلاوة الشمائل، وأنزل معه قرآنا معجزاً، يتلى، وأيده بكل البينات، ليذكرهم، بأيام الله ويدعوهم إلى عبادته ثم إن الرسول اجتهد في ذلك، لا يألو .. ومكث بين ظهرانيهم ثلاث عشرة سنة يبغيهم الخير .. يحتمل أذاهم، ويكف عنهم كل الأذى .. فلم يستجيبوا .. بل بلغ طغيانهم أن تآمروا على حياته، فظهر، من كل أولئك، أنهم قصر، وأنهم دون مستوى مسئولية الحرية، فسحبت منهم الحرية .. وجعل أمرهم إلى النبي، وصياً عليهم، (شأن القصر دائما)، وأمر أن يرشدهم، وأن يحملهم على مصلحتهم، بالإكراه، إن اقتضى الأمر .. وكذلك جاء الأمر بالجهاد .. وجاء حديثه الآنف الذكر .. وكانت مصادرة الحرية، للمشركين عن طريق السيف، وللمؤمنين عن طريق الشريعة .. والتشريع عادة لا يصادر الحرية، وإنما ينظمها .. ولكن التشريع في مرحلة الوصاية يشكل قدراً من المصادرة، فهو يصادر الحرية التي لا يطيق تحمل مسئولية حسن التصرف فيها القاصر .. ومن هذا الباب آية الشورى التي يعتبرها علماء المسلمين آية ديمقراطية، وما هي بذاك، وإنما هي آية حكم الفرد الرشيد الذي جعل وصياً على القصر، وأمر بترشيدهم حتى يكونوا أهلا للديمقراطية، بنهوضهم إلى مستوى حسن التصرف في الحرية الفردية .. وآية الشورى تقول: ((فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا، غليظ القلب، لانفضوا من حولك .. فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر .. فإذا عزمت فتوكل على الله .. إن الله يحب المتوكلين)) .. هذه آية الشورى .. وهي، كما قررنا، ليست بآية ديمقراطية .. أكثر من هذا!! أنها ناسخة لآية الديمقراطية .. ناسخة لقوله تعالى: ((فذكر!! إنما أنت مذكر  لست عليهم بمسيطر)) هاتان الآيتان هما آيتا الديمقراطية .. وهما منسوختان على مستويين .. فأما في مستوى المشركين، فمنسوختان بآية السيف .. وأما في مستوى المؤمنين، فمنسوختان بهذه الآية - آية الشورى- وما دمنا في ذكر الديمقراطية فمن الخير أن نستطرد يسيراً إلى ذكر توأمتها - الاشتراكية .. فإن الاشتراكية في أصول الإسلام، وليست، في فروعه - أعني أنها ليست في شريعته .. فآية الاشتراكية ((ويسألونك ماذا ينفقون!! قل العفو!!)) وهذه هي آية الزكاة الكبرى، آية زكاة النبي .. وهي، في حق الشريعة، للأمة، غير ملزمة، وإنما هي منسوخة بالآية الفرعية، آية الزكاة الصغرى: ((خذ من أموالهم صدقة، تطهرهم، وتزكيهم بها .. وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم .. والله سميع عليم)) .. ونختم هذا الاستطراد القصير بكلمة أخيرة يجب أن تكون مفهومة، فإن من يتحدث عن الديمقراطية، والاشتراكية، في الإسلام، من غير أن يتحدث عن تطوير الشريعة السلفية من مستوى آيات الفروع، إلى مستوى آيات الأصول إنما يدلي بباطل، ويتحدث فيما لا يعلم ..

أرجو أن يكون في هذا التفصيل الذي اخترته من كتابات الأستاذ محمود ما يشرح حكمة النسخ .. ويمكن استجلاءه اذا اقتضى الأمر
عمر

Post: #53
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-23-2005, 04:02 AM
Parent: #52

اخي عمر
__________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا اخي اذا لم يكن مفهوما من كلامي السابق انه ينطوي على رد ل( وجهة نظر) الاستاذ الخاصة بالنسخ فتلك مصيبة!! اذ انني اوضحت ان اشارة الاستاذ الى ان النسخ لا يعني الالغاء تماما بسبب ان ذلك يجعل الله تعالى في وضع المتراجع ، هذا المبرر ليس صحيحا في نظري، وان الله لا يعيبه ان يغير ما شاء، واذا افترضنا انه لا يسحب كلامه قط لأنه له الكمال ، ولا يجوز له هذا ، فاننا اذا ما قدرناه حق قدره ، كما اننا نكون حينئذ حاسبناه بمعايير بشرية ، والاهم من الخطأين خطيئة اضافية هي اننا نجعل كلامه او حكمة سلطة عليه وقد تعالى الله عن ذلك كله وليس فوقه شئ. فمن حقه ان يغير ماشاء وقد بينت كيف انه ينسئ في الاجل ويغير في القدر وعنده ام الكتاب.
بعد ذلك جئت لأقول ان المنسوخات ( في رأيي ) ليست ملغاوات وضربت مثلا توضيحيا بالآية ( وان تخفوا..) وقد حاولت ان اتوصل الى انه لا يوجد ( تأجيل) للآية التي سقتها مثلا ، وبالتالي فان ما اقام عليه الاستاذ من حجة من اجل تأسيس رسالة ثانية قد وضع موضع المساءلة، فاذا ثبت بالفعل انه لايوجد تعطيل او تأجيل كامل للمنسوخات ، فان الرسالة الثانية بالتالي تصبح مع السلامة!.
كل هذا لم يكن واضحا لك يا اخي؟
ثم..
اذا كنت فعلا ترفض التبسيط في طرح وجهة النظر الواضحة، واشير هنا الى مؤاخذتك لي على التبسيط في رأيي عن نسخ الآية ( وان تخفوا ..) اقول اذا كنت ترفض التبسيط وتحب التعقيد فالمصية اعظم . حيث ان الله تعالى يقول ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)
اذاً فالقرآن ميسر ، ولا يحتاج الى تقعر وتفلسف ، بل ان الله وصفه بأنه ( مبين ) وآياته بينات.فلماذا نفترض فيه الغموض والتعقيد؟
ثم
في خصوص كلام الاستاذ عن مفهوم الحرية في الاسلام فانه لم يكن موضوعيا بقدرما كان مثاليا أو ربما كان ( رومانسيا) بعض الشئ، وذلك حينما سمى الالتزام الديني والمسؤولية حرية.
وفي الحقيقة لا توجد حرية في الاسلام، بل بالعكس هنالك عبودية على طول الخط ، حتى حينما تمارس السلطان فيجب أن ( تخضع ) لله ، وحتى وانت تأكل وتشرب ، ولا يجب ان تفرح الا بما يرضي الله و( يجب ) ان تسخط لما يسخط الله فقط. لا بل ان الاعمال كلها في الاسلام مقسومة الى قسمين، فاما طاعات وهي الصالحات الحسنات أو معاصي سيئات. والمطلوب دائما أن نكون في خانة ( الطاعات ) .. طاعة الوالدين ، طاعة الأمير وولي الأمر ، طاعة الرسول وكل ذلك من اجل طاعة الله. فهل بعد هذا نسمي هذا الوضع حرية؟ ثم لماذا ليست ( عبودية)
فالمسلم عبد وسلوكه سلوك العبد، ينظر الى الارض ملتمسا جوانب الطريق ميامنها غاضا طرفه عن الحرام وعن الحلال خوفَ الفتنة، يخشع في صلاته ويركع، يقبّل قدمي والديه، يوقر الكبير ويحترم الصغير، يغض صوته، لا يرفع عقيرته بالضحك،يميل الى الحياء، يحارب نفسه، زاهد في زينة الدنيا وحلوها، يعفو عمن ظلمه واساء اليه ، يجاهد وينفق راحته في سبيل الله ويكبت شهواته ابتغاء مرضاة الله وخوفا.. فلماذا نسمي هذه الوضعية ( حرية) طالما ان الله سماها باسمها: عبودية وتقوى وخوف وتواضع لله؟ هل نستنكف ان نكون عبيدا لخالقنا؟
ثم يا اخي..
عندي سؤالان لك
الاول / لماذا لا تحاور برأيك يا اخي؟
طبعا لابأس من ان تستعين ببعض الاقتباسات من شيخك محمود أو غيره، أما أن تنقل نفس الكلام المكتوب منذ الاربعينات وقبلها الى القرن الحادي عشرين فهذا غير معقول وفيه ظلم لنا؟ أين تطوير الفكر المحمودي؟ كيف يمكن لفكر ما الا يتطور؟ ويبقى في حيز القطع واللصق
فقط المطلوب تطوير شريعة الله ؟ لأنها عفا عليها الزمان؟، علما بأن مثل هذا التطوير المزعوم ممنوع ومحرم بنص الاية:
(واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله، قل ما يكون لي أن ابدله من تلقاء نفسي ، ان اتبع الا ما يوحى الي اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم)15 يونس.
فاذا كان المصطفى (ص) محرم عليه ان يبدل حكما أوشريعة، فهل يجوز لغيره؟
، أين تطوير فكر الجمهوريين ، هل هو ثابت وليس فيه ناسخ ومنسوخ؟
كل الأفكار حول العالم تغيرت وتطورت بين الاربعينات و2005 م الا الفكر الجمهوري ..لماذا؟
واخيرا اسمح لي ان اسأل سؤالا عسى ولعل له اجابة عندك
يا اخي عمر
اذا كان رأي الاستاذ يتلخص في ان المنسوخات هي ما تأجل من حكم الله حتى يجري تفعليها في القرن العشرين ، حيث النضح الحضاري اللآئق بها وباستيعابها..
حسنا..
- ماذا عن القرن الاربعين؟ اين منسوخاته؟ أم ان الرسالة الثانية هي الخاتمة، وهي ليست قابلة للتطوير في شريعتها مهما تغيرت العصور والظروف في المستقبل البعيد؟

وسأواصل..
__________________
رب اشرح لي صدري

Post: #54
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-23-2005, 11:04 AM
Parent: #53

أخي عمر
كتبت تقول لي:
Quote: ولعله غاب عليك أن الله قيد فعله "بالحكمة" علم ذلك من علم وجهل من جهل .. وليس المطلوب منا أن نركن الى هذا المنطق الغريب الذي سقته أنت بأعلاه ، فالقرآن طلب منا أن نتفكر ونتدبر في آياته ، بل ان العلة وراء انزال القرآن هي التفكير (وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون) .. وليس في التفكير أو في فهم حكمة الفعل الألهي تقليل من شأن الفعل الإلهي أو احالة له نحو الشروط البشرية كما ذكرت أنت .. ولا يجب أن نتخذ من عجزنا عن فهم تلك الحكمة فضيلة فنرمي باللوم على كل من يتساءل اذ ينبغي أن يحفزنا هذا العجز وهذا الجهل الى اللجوء الى الله والتماس العلم بالوسائل الصحاح - بالتقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) ..

ولدي الملحوظات التالية.
1/ هل يجوز ان تقول ان الله ( قيد) فعله؟ .. فهذا يعني ان ثمة سلطة تكبح نفاذ فعله، وهذا يعني ان فعل الله محدود واطاره قانون اسمه ( الحكمة) وهذا لا يجوز حتى ولو كانت الكلمة براقة ( الحكمة)
لقد غاب عنك ان حكمة مطلقة ، وليست قيدا لفعله، حكمة تليق بجلاله وعظيم سلطانه، فالحكمة ليست مرجعية له يقيس عليها فعله ، وانما كل فعله حكمة، ولا يفعل سوى الحمة ابتداءا
بينما كلامك يعني انه : لولا ان الله قيد نفسه بالحكمة لكانت افعاله غير حكيمة ابتداءا .. فهل يجوز هذا التجاوز يا اخي ؟
2/ كلامك هذا ((
Quote: علم ذلك من علم وجهل من جهل .. وليس المطلوب منا أن نركن الى هذا المنطق الغريب الذي سقته أنت بأعلاه
ليس فيه مثقال حبة من حكمة.
3/ وتقول:
Quote: فالقرآن طلب منا أن نتفكر ونتدبر في آياته ، بل ان العلة وراء انزال القرآن هي التفكير (وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون)

هذا خطأ آخر تقع فيه لغيرك كثير ممن يفهمون القرآن بمزاجهم وبما يصادف هواهم، فالقرآن لم يسمح لأحد بأن يتفكر ( بحرية) فيؤول ماشاء كما شاء، ولم يسمح بأن نستنتج بدعا ومحدثات ثم نقول هو من عند الله.. ان الدعوة للتفكير والتدبر في القرآن ، هي دائما لآكتشاف صحة وكمال ماهو منزل من آيات واحكام وتشريعات، وليس لأبتكار رؤى من عندنا. وبالتالي فالتفكير المطلوب هو ( دائما) ذلك الذي يكرس النموذج ، وليس ما يغير فيه ويحدث، وهو نموذج مطلوب منا ( اتباعه) فقط وليس تغييره
الواهمون فقط هم الذين يظنون ان الدعوة للتفكير والعقل هي فتح لباب الرأي الحر أو لأضافة جديد.
تدبر الايات جيدا لتكتشف ان التفكير المطلوب هو هذا : التفكير المعزز ، المقر ، المكتشف للحقيقة الكاملة الجاهزة ، تفكير عبادي يعزز ويجذر ويخدم النموذج كما هو ، تفكير خدمة وليس تفكير ابداع اصيل .

Post: #55
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-23-2005, 04:49 PM
Parent: #1


الأخ محمد سبيل
تحية طيبة
النقد الوحيد الذي قرأته لك لفهم الأستاذ محمود لحكمة الناسخ والمنسوخ هو خشيتك أن يكون الأمر "من وسوسة الشيطان" ولم تواجه أي من الحجج التي ساقها الأستاذ محمود في مستواها .. أكثر من ذلك فإنك ذهبت لتقدم فهما "تبسيطيا" لحكمة النسخ وأقصد بذلك انه فهم ساذج لا يرقي لأن يرفع في وجه المتسائلين .. وسأتتبع المثال الذي ضربته لتدعم به ذلك الفهم لتبيين مقدار عجزه عن النهوض في مواجهة التساؤلات ..
عل كل يمكن تلخيص رأيك في أمر النسخ بالآتي:
1- أن الله يفعل ما يشاء ولذلك لا ينبغي أن نعيي عقولنا في البحث عن الحكمة في فعله ..
2- أن الله " يحب ( الاخفاء )" و أنه سبحانه وتعالى "يحب ان يفتن الناس" ومن هذه الفتن "المنسوخات"
3- أن "ربنا سبحانه وتعالى يحب الملاطفة ومداعبة عباده ومنهم رسوله، ومن هذا الباب يمكن ان نفهم كيف أنه ( ينسيه ) ما حفظه ، ثم يوحي اليه من جديد." "وعلى العقل ان يكون عاقلا، فيخضع فقط لأنه لن يفهم الكثير عن امر ربه."
وكما ذكرت لك من قبل أنك لم تلتزم بما أوردته من فهم تلخصه النقاط أعلاه فذهبت لتشرح لنا كيف أن "هذا النسخ لا يعني لي الالغاء دائما، أو الأزالة ، بقدرما يعني تقديم حكم الناسخ عليه فقط لسبب يعلمه ، دون ان ينقص ذلك من فحواه ودون أن ينفيه."
فما الذي يمنع أن يكون النسخ الغاءا تاما طالما أن الله سبحانه وتعالى لا يتقيد بحكمة وأنه يفعل ما يريد وما علينا الا قبول الأمر كما هو ؟؟ ولماذا بذلت مجهودا كبيرا لتبين لنا أن آية ( لا يكلف الله نفساً الا وسعها، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت) لم تلغ حكم الآية ( لله ما في السماوات وما في الأرض، وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير)؟؟ ألا ترى أنك تناقض نفسك بنفسك ؟!!
قولك أن الله يحب الاخفاء قول يناقضه الحديث الذي ذكرته أنت وهو ، في رواية أخرى ، (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فتعرفت اليهم فبي عرفوني) .. فأنت تقول أن الله "يحب الاخفاء" والله سبحانه وتعالى يقول "فأحببت أن أعرف" .. فهو يحب لنا أن نعلم لا أن نعيش في عماء وجهل دائمين والسر في احتجابه عنا هو عدم استعدادنا لنتعلم منه ولنعرفه (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) وتلك علة مصيرها الى التقلص في كل لحظة اذ (كل يوم هو في شأن) وشأنه سبحانه وتعالى ابداء ذاته لعباده ليعرفوه .. ولذلك أرسل الرسل ليخطوا لنا طريق المعرفة - معرفته ومعرفة الحكمة من وراء أفعاله - ولقد بين الاسلام هذا الطريق بوضوح بقوله تعالى (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) وبقول نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة واتم التسليم (من عمل بما علم أورثه الله علم مالم يعلم) ..
أما قولك أن "ربنا سبحانه وتعالى يحب الملاطفة ومداعبة عباده ومنهم رسوله، ومن هذا الباب يمكن ان نفهم كيف أنه ( ينسيه ) ما حفظه ، ثم يوحي اليه من جديد." فهذا فهم غريب في أمر الناسخ والمنسوخ وهو حديث لا يليق بعظمة الله ولا بعظمة نبيه .. وبالرغم من أن بعض المفسرين ذهبو الى ذكر أمر النسيان في تفسيرهم لكلمة "ننسها" من الآية (ما ننسخ من اية او ننسها نات بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله على كل شيء قدير) الا أنهم لم يربطوا ذلك بالمداعبة والملاطفة التي ذكرتها .. والفهم الأصح يقول بأن الآية تقرأ (ما ننسخ من اية او ننسئها) وننسئها تعني نؤجلها أو نؤخرها .. وهو فهم يستقيم مع حقيقة أن الآيات التي نتحدث عنها آيات منسوخة حكما بالرغم من أنها موجودة لفظا في المصحف .. وهي أحسن وأرفع مستوا من الآيات التي نسختها .. مثلا نجد في المصحف آيات الاسماح (ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فهاتان الآيتان لم ينسهما الله لرسوله الكريم ولا لأتباعه ولكنه عطل حكمهما بآيآت الجهاد مثل آية السيف (فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم) .. وهذا يعطي بعض الناس حق التساؤل: لماذا استبدل الله الاسماح بالأكراه كوسيلة للدعوة للإسلام .. لماذا بدأ القرآن الدعوة في مستوى الحرية والإسماح باعطاء الناس حق الايمان وحق الكفر .. ثم جاء بعد ذلك وأخذ هذا الحق؟!! هل في ألأمر تغيير رأي؟ ولماذا لم تبدأ الدعوة بالجهاد منذ الوهلة الأولى خاصة وأن الله سبحانه وتعالى كان يعلم مسبقا أن هذا هو الأسلوب االناجع مع كفار قريش؟!! كل هذه أسئلة مشروعة وقد أجاب عليها الأستاذ محمود فيما نقلناه لك وللقراء من نصوص وأنت اذ ترفضها لا تملك اجابات بديلة لها تقنع الآخرين أو حتى تقنعك أنت ولذلك سعيت في جل ردك تستنكر مجرد التفكير في هذه الأسئلة ..
ودعني أجدد السؤال اليك على ضوء كتابتك الأخيرة اذ اتضح انك مع العمل بالآيات المحكمة من غير اعمال للفكر أو حتى بحث في الحكمة .. فهل تعتقد أن الدعوة لنشر الاسلام اليوم يجب أن تقوم على جهاد الكفار والكتابيين .. ذلك لأن آية السيف نسخت جميع آيات الاسماح والآيات التي تبيح حرية الاعتقاد؟ وهل تؤمن باقامة حد الردة على من أعلن تركه الإسلام من أمثال الأخ هوبفل ؟
أسئلة مباشرة وارجو أن تجد منك اجابات مباشرة عليها ..

والآن تعني أحاول تتبع ما أسميته أنت "المفهوم الدقيق لفكرة النسخ" عندما استعرضت نسخ تكليف الأمة من محاسبة ما في النفوس الى التجاوز عن ذلك .. دعني أولا أثبت حديثك هنا:

Quote: بمعنى..
الآية الكريمة من خواتيم البقرة- مثلا - فيها يقول الله تعالى ( لله ما في السماوات وما في الأرض، وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير).
المعروف ان حكمها نسخ بالآية الآخرى التي تليها وفيها يقول تعالى( لا يكلف الله نفساً الا وسعها، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت).
تأمل معي مقصود النسخ هنا..
هل غيّر الله تعالى حكمه بأنه مطلع على مافي انفسنا؟، هل ترك سبحانه الاطلاع على ما في النفس؟ كلا
حسناً سيقول قائل: ولكنه اسقط محاسبتنا على ما في نفوسنا، وهنا نقول : أليست الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى؟ ألسنا نثاب حتى على مجرد ما في نفوسنا من نوايا وعزيمة حسنة لفعل الصالحات ولو لم نفعلها؟ فهذا حساب ايضاً.
فالحساب أما لك أو عليك.
ولنأخذ نوعاً من الحساب الذي عليك.
خذ مثلاً ، من صلى الصبح في المسجد وفي الصف الأول، ألم يعمل عملا صالحاً؟. اذاً لماذا يتحول هذا العمل الصالح الى شرك بالله ( شرك اصغر أو شرك خفي) لأننا اردنا به – في نفوسنا- الرياء والسمعة بين الناس؟
اذاً فاننا نحاسب على ما في أنفسنا حتى الآن.
كيف ؟؟ً ، هل غشنا رب العالمين حين انزل: لا يكلف الله نفساً ..الخ؟
حاشاه ربي عز وجل.
ولكنه اسقط – برحمته- ما نكنه في انفسنا من نية سيئة لم نتبعها بعمل سئ .. وهكذا فان (ما كسبت) ، تشمل النية الصالحة وايضاً النية المتبوعه بعمل صالح، وأما (ما اكتسبت) فتشمل فقط العمل السيئ الناشئ عن نية سيئة . وليست النية السيئة ولا العمل السئ غير المقصود.
وبعد هذا كله يتجلى الله بمغفرته. اللهم لك الحمد والمنة.
هكذا فاننا لا نحاسَب ( سلباً) على ما في انفسنا ولكننا نحساب سلبا ( بناءً) على ما في انفسنا.
فيتضح لنا المفهوم الدقيق لفكرة النسخ في حالة هذه الآية بالذات وهي شائعة التداول. فهو ليس ازالة حكم ، وانما ايجاد رتب واظهار رحمة، واسلوب تخويف ( لنخوفهم به) ودعوة لأصلاح مافي نفوسنا ومراقبة ذلك باستمرار، وتلك هي التقوى.


والشاهد أن الأصحاب عندما شق عليهم أمر (وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) لم يكن اشفاقهم من الأعمال الصالحة، فهذا أمر بديهي ولم يكن يحتاج منك كل هذا التطويل ، اذ كانوا يعلمون (انما الأعمال بالنيات) و(نية المرء خير من عمله) ولكن طلبهم في التخفيف كان مقصورا على سيء النوايا .. فجاء نسخ حكم الآية نزولا لطاقتهم ومقدرتهم (لا يكلف الله نفساً الا وسعها، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت) وقد أكد ذلك النبي الكريم في حديثه (ان الله غفر لأمتي ما حدثت به نفوسها مالم يقولوا أو يفعلوا) .. فالاسلام قد وضع سقفا كبيرا في المسئولية والتكليف وهو أصل الدعوة ولما لم تطقه الأمة نزل منه الى مستوى ما يطيقون .. فمثلا جاء الخطاب للأصحاب (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون) فلما شق عليهم ذلك قالوا للنبي الكريم: أينا يستطيع أن يتق الله حق تقاته ؟ فنزل قوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لانفسكم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) ليكلفهم على قدر طاقتهم .. ويمكن أن أعطي مثال آخر وهو في أمر الأنفاق حيث بدأ التكليف ب (ويسالونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون) فلما لم يطيقوا ذلك نزل لهم الى (خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) .. بقى أن نقول أن النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لم ينزل عن ذلك المستوى الأعلى من التكليف فهو لم ينسخ في حقه لأنه كان فوق مستوى أصحابه .. وهذا يوكد اختلاف مستويات التشريع التي تحدث عنها الأستاذ محمود كثيرا .. مستوى في القمة هو من نصيب أمة المسلمين وعلى قمتهم سيدهم وأولهم نبيينا محمد بن عبد الله ، ومستوى أمة المؤمنين .. ولا يحتاج الأمر لكل هذا الالتفاف الذي ختمته بقولتك المتحذلقة "هكذا فاننا لا نحاسَب ( سلباً) على ما في انفسنا ولكننا نحساب سلبا ( بناءً) على ما في انفسنا." ..

اتوقف هنا على أمل متابعة النقاط التي أثرتها في ردودك الأخيرة بشيء من التفصيل عندما أجد الوقت والطاقة
عمر

Post: #56
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-24-2005, 06:22 AM
Parent: #55


أخي الكريم / عمر عبد الله المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،
في البدء اشكرك على طرحك ارائك بدلاً عن القطع واللصق أو الاحالة الى الفكرة.
و سأدخل مباشرة في أقوالكم وما يعتورها من مشكلات ، مع وافر احترامي..
فها أنت تقول من الوهلة الأولى:

Quote: النقد الوحيد الذي قرأته لك لفهم الأستاذ محمود لحكمة الناسخ والمنسوخ هو خشيتك أن يكون الأمر "من وسوسة الشيطان" ولم تواجه أي من الحجج التي ساقها الأستاذ محمود في مستواها ..

وازاء هذا أقول:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المصطفى وكفى.
ترى هل عليّ أن اوافق الاستاذ محمود ( وجهة نظره الخاصة ) في شرع الله ، دون أن يسنده أي دليل شرعي يخوله مراجعة الشريعة واعادة ترتيب اولوياتها واحكامها ؟
.. أقول هل عليّ أن اوافقه وامتدح رأيه الذي اتبع فيه عقله المجرد ، والا فانني لم انقده بمستواه ؟!
عموما لا بأس ..
سأسرد ههنا ملحوظاتي المتواضعة حول اراء الاستاذ المتعلقة بموضوعنا مرة أخرى وبطريقة أوضح قليلاً:

أولاً/ لقد اثبتّ لك، بالمنطق الصريح، وبيسر - يبدو أنه ازعجك فذممته - أنه لا توجد منسوخات في رأيي المتواضع!، لا بمعنى ملغاوات ، ولا بمعنى مؤجلات زمانيا.
وانما يمكن ، والله اعلم ، ان يكون معنى منسوخات ، كمصطلح، شيئا من قبيل: مشمولات/ المنسوخات ، وشاملات/ النواسخ ، حيث يكون حكم الناسخ احوى وأكثر سعة و أقل مشقة من حكم المنسوخ. أو بمعنى مفضلات / منسوخات ، وفاضلات/ ناسخات ، فكلاهما فاضل ولكن احدهما أفضل وأحب الى الله تعالى( المنسوخات)، وهكذا حسب درجة التقوى والايمان والعمل يتختلف الناس ، فكلما كان المسلم أتقى وأعمل فهو أقرب بأن يعمل بالمنسوخات ( قيام الليل ومحاسبة النفس والمجاهدة ..الخ) وبالتالي فهو أقرب الى الله سبحانه وتعالى ، وكلما كان أعجز في العمل فهو يكتفي بعمل النواسخ ، وفيما بينهما فالناس درجات ورتب في ايمانهم وعملهم ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
واستغفر الله العظيم رضا نفسه ، حيث ان رأيي هذا يحتمل الخطأ طبعا ، خاصة وان الله عز وجل يقول ( نأت بخير منها ) فما معنى الخيرية هنا ؟ وخير بالنسبة لمن للناس أم بالنسبة للمنسوخ؟ وهل يمكن أن يأتي بخير منها في شأن آخر غير الشأن الذي اختصت به أو نزلت به هذه الآية المنسوخة، وذلك تعويضاً لما فيها من خير كثير؟ فالالتزام بقيام الليل مثلا فيه خير ودرجات عند الله أكثر من عدمه ، حتى بعد اعفاء الأمة منه، فكيف اذاً تكون الآية الناسخة خيراً من المنسوخة؟ وبالتالي فالخير قد يكون في شأن آخر سوى النسخ. كأن تكون الآية الناسخة نفسها محتوية لحكم آخر سوى الذي جرى نسخه وهذا ما أميل اليه ، واستغفر الله .
ولكن نعود الى فكرة اثباتي انه لا توجد منسوخات بمعنى مزالات او ملغاوات ولا بمعنى مرجآت أو مؤجلات..
فأما بمعنى ملغاوات فهذا ما يقرّ به أصلا الاستاذ محمود ، بل انه اسس شريعته الجمهورية ( المعاصرة) على قرآن مكة ( الأصل) الذي نسخه قرآن المدينة استجابة لمعطيات القرن السابع حسب زعمه.
واما بمعنى مرجآت أو مؤجلات - وهذا ما ينحاز اليه الاستاذ - فقد ذكرت انه:
1/ اذا كان محمود قد رجح قراءة الآية الخاصة بهذا الأمر بطريقة مخالفة لما هو متفق عليه عند غالب اهل العلم والصحابة وعامة المسلمين ، فان حجته تكون محل شك، لأنها قائمة على شذوذ وذلك حينما يقرأها على انها ( وما ننسخ من اية او " ننسئها " نات بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله على كل شيء قدير) بينما الثابت والصحيح هو أنها تقرأ هكذا يقول تعالى :
( وما ننسخ من آية أو " ننسها " نأت بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله على كل شيء قدير)106 البقرة.
هذا هو الراجح والثابت بدليل ان عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، وهو الملقب بترجمان القرآن، قرأها على هذا النحو الصحيح، وفوق ذلك انه فسرها كالتالي حسب ابن كثير:
فقد كتب ابن كثير نقلاً عن جرير عن الحسن قوله: "إن النبي (ص) قرأ قرآنا ثم نسيه". وعن ابن عباس قال: "كان مما ينزل على النبي (ص) الوحي بالليل وينساه بالنهار" (تفسير ابن كثير ج1ص 104) انتهى.
أما الاستاذ محمود ففضل أن تكون : ننسئها ، حتى يستقيم له معنى ( نؤجلها ) فالنسئ هو المؤجل كما في الربا ( انما النسئ زيادة في الكفر).
اذاً فيا أخي عمر عبد الله كيف عليّ أن أظلم نفسي فأتجاهل (ترجمان القرآن) ابن عم رسول الله (ص)، واتبع محمود محمد طه؟، هل لأن محموداً أغزر علما بالقرآن من ابن عباس الذي ضرب رسول الله (ص) بيده الشريفة على صدره ودعا له ( اللهم علمه من تأويل القرآن)؟ هل اترك قراءته وتفسيره الذين اجمعت عليهما الأمة على مدى اربعة عشر قرناً ، وهو صحابي مقرب من رسول الله ( متخصص في القرآن ) وقد علمه رسول الله بنفسه منذ أن كان يافعاً( ياغلام اني اعمك كلمات : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، اذا سألت فاسأل الله ، واذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم ان الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك ، وان الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشئ لم يضروك الا بشئ قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .. هل أترك هذا كله وأقول ان محمود أفهم وكلامه منطقي ومقبول!!!
الحق ابلج والباطل لجلج.

2/ قلت لك يا الحبيب ، اذا كانت المُنسآت أو المؤجلات قد أرجئت من القرن السابع الى القرن العشرين ، لمواكبة شروط العصر ، فأين اذاً منسوخات أو مؤجلات القرن الحادي عشرين والثلاثين والاربعين ؟ أم أننا في القرن العشرين ، الماضي، بلغنا قمة النضج الحضاري؟ وبالمناسبة حينما توفي الاستاذ محمود لم يكن هنالك انترنت ولا مسيجات ولا فضائيات ولا تكنولوجيا معلومات، ولا جينوم بشري ولا هندسة وراثية ( دوللي) ولا عولمة ثقافية ودينية، والجايات أكتر من الرايحات!!، فأين منسوخاتنا نحن؟؟ ، هيا نريد منسوخاتنا وكمان منسوخات احفادنا بتاعت القرن الحادي عشرين وما بعده، هل نرجع الى النواسخ كما تشيرون؟!!! ربما هذا ما فعله بن لادن مبكراً .. رجع الى النواسخ لأن القرن العشرين الذي تحدث عنه الاستاذ محمود قد ولى!.
ثم ماهو المعيار الذي نقيس به مدة ديمومة كل شريعة ، بمعنى متى انتهت صلاحية شريعة الصحابة؟ هل حينما ظهر محمود ؟ أم قبله؟ ومتى وكيف نعرف بالتحديد؟، هل كلما ضاق الناس ذرعا بالتكليف واستثقلوه واتبعوا هواهم نقول ( خلاص تعالوا نغير القصة دي تعبنا!) وساعتها نبحث عن مفكر يتمتع بعقل ذكي مثل محمود حتى يقترح علينا شريعة تناسبنا وتتبعنا!؟
3/ اذا كان رسول الله (ص) قد طبق على نفسه شريعة الاصول ( المنسوخات المرجآت ) نسبة لأنه كان متقدما على زمانه ، فكيف اذاً يكون أسوة للصحابة؟ ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )، أما كان الأنسب ان تؤجل بعثة النبي محمد (ص) حتى القرن العشرين ليكون أسوة لمن يشبهونه حضارياً ( حسب شرط الاستاذ طبعاً) ، كيف يبعث نبي ينتمي الى عصر في عصر سابق له ، ما الداعي الى ذلك !!!!!!!!!!.

ثانيا/ لقد اوردت لك آية صريحة تحرم اجراء اي تبديل لحكم آيات الله وشريعته وفق برنامج ( ما يطلبه المعاصرون) بل حتى الرسول (ص) لا يحق له ان يغير في احكام وشرع الله تعالى وهذه الآية الصريحة هي:
(واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله، قل ما يكون لي أن ابدله من تلقاء نفسي ، ان اتبع الا ما يوحى اليّ ، اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم)15 يونس.
فهل نزل وحي على الاستاذ محمود يخوله تبديل حكم ايات القرآن أم من اين جاء بهذه الجرأة على كتاب الله فيبدل ( ننسها ) الى ننسئها ، ويبدل الشريعة بتأويلات من عنده؟
ثالثا/ واضيف هنا ايضاً ، ان ما جاء به الاستاذ محمود هو بالتأكيد على جانب كبير من الخطر ، فلماذا اذاً لم يخبر به رسول الله (ص) وهو الذي حدثنا كثيرا عن أحداث آخر الزمان : المهدي المنتظر والدجال واشراط الساعة وظهور المسيح.. الخ ، فمحمود ، كما قد ترى ، يستبدل حكم الله وشريعته بما يراه أولى مما طبقه رسول الله على الناس، ثم أوصى به وقال ( بلغوا عني ولو آية، أدوا عني يرحمكم الله ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب) وقال (ص) : تركتكم على ما ان تمسكتم به فلن تضلوا بعدي "أبداً" : كتاب الله وسنتي عضوا عليها بالنواجذ) وقال( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك) ، يعني ياخوانا المسألة واضحة ، بسيطة، ولا تحتاج الى تأويلات وفلسفة أناس اذكياء..
فهل تغيير شرع الله وتكليفاته يعد أمراً عادياً حتى يسكت عنه رسول الله الذي حذرنا فقط من ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) ويقول ( من احدث في امرنا هذا ماليس منه فهو رد ) وقال (ص): ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) وقال صلى الله عليه وسلم ( اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .. يعني ما في سيرة لسنة محمود ولا لرجل بمواصفاته حتى نقول ربما !.

رابعاً/ هل هنالك ضمانات تؤكد لنا ان من يخالف فهم الرسول (ص) الذي طبقه وطرحه على الصحابة من شريعة، واتبع محمود محمد طه سيكون مقبولا عند الله؟
طبعا هنالك آيات كثيرة واحاديث عديدة تؤكد ان الصحابة قد ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وانهم ( رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه) ، وقال تعالى (و السابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) وهذه آيات ليست منسوخة!!. فهل لدى الاخوان الجمهوريين آيات ( مرجأة أو منسأة أو مؤجلة ومنسوخة) يفعّلونها في هذا العصر لنتأكد من الله سيقبل مخالفتنا لصراط الصحابة فتبع غيرهم حتى يرضى الله عنا ونرضى عنه؟. ليتك تقدمها لنا يا عمر..
ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا ، ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لاطاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا ، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
اشكرك على الحوار وسأواصل لاحقا في بقية ما رفعت لي.
لازلنا في السطر الأول من كلامك كما ترى .

_________________
رب اشرح لي صدري

Post: #57
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-24-2005, 01:14 PM
Parent: #56

اعود اليك اخي عمر عبد الله مواصلا في قراءة مداخلتك اعلاه..

ففي المقدمة ايضا تقول:

Quote: عل كل يمكن تلخيص رأيك في أمر النسخ بالآتي:
1- أن الله يفعل ما يشاء ولذلك لا ينبغي أن نعيي عقولنا في البحث عن الحكمة في فعله ..
2- أن الله " يحب ( الاخفاء )" و أنه سبحانه وتعالى "يحب ان يفتن الناس" ومن هذه الفتن "المنسوخات"
3- أن "ربنا سبحانه وتعالى يحب الملاطفة ومداعبة عباده ومنهم رسوله، ومن هذا الباب يمكن ان نفهم كيف أنه ( ينسيه ) ما حفظه ، ثم يوحي اليه من جديد." "وعلى العقل ان يكون عاقلا، فيخضع فقط لأنه لن يفهم الكثير عن امر ربه."

طبعا فان المتتبع لحوارنا هذا لا يغيب عليه كيف انك تصر على ابتسار ما اطرحه ، ولكن ان يصل الأمر حد التبديل فهذا ما يثير التساؤل:
يا اخي ..
أولا بالنسبة للنقطة(1) فان ما احتفظ الله تعالى به من اسرار حول الحكمة من وراء فعله، لا ينبغي ان نعيي عقولنا فيه ، لأن ذلك سيكون اعياءأ في اطار "التأويل" البعيد الذي نهى سبحانه وتعالى عنه معتبرا اياه من شؤونه هو ، واما ما ينبغي ان نعرفه ونطلبه ونبحث عنه( في اطار العلم والتعلم أو الفقه والتفقه) فهو ما بينه الله عز وجل لنبيه (ص) عبر الوحي حتى يبلغه للناس ، وسندي في ذلك قوله تعالى ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تاويله الا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكّر الا أولوا الألباب) 7 آل عمران.
وطبعا ، لابد انك تفرق بين طلب تفسير آي الذكر الحكيم واحكامها وتكليفاتها وفقهها ( العلم) وبين طلب التأويل البعيد، مما لم يسأل عنه الصحابة مادامت آيات القرآن بينات غالبا، وقد قال تعالى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) فالقرآن ليس فلسفة معقدة بل هو مبين وهدى للمتقين، وما اشكل منه على الناس فقد بينه رسول الله كجزء من مهمته مبلغا وسراجا منيرا. واذا لم يصب رسول الله في حكم من الاحكام نزل عليه الوحي ( كما حدث في قصة الاية: الرجال قوامون على النساء) حينما حكم بالقصاص أول الأمر.
وفي الحقيقة فان كثيرا من الآيات ذات التكليفات الواضحة تأتي مصحوبة بالحكمة منها في الاية ذاتها، مثل هذه الاية المذكورة ، فالحكمة جاءت مذكورة في قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ..)34 النساء. فسبب التفضيل قد اوضحه سبحانه للناس ، الأول والأهم هو أن الله يفضل بعض خلقه على بعض لحكمة يعلمها، والثاني لأن من وظيفة الرجل في شريعة الاسلام القيام بواجب الانفاق على من هن تحت ولايته حتى ولو انهن ذوات مال.
هذه الاية شديدة الدلالة على مقصدنا، فهي تنطوي على حكمتين معلنتين وحكمة مخفية، فأما المخفية فهي تدخل في شؤونه التي اذا بحثنا عنها قائلين : لماذا يفضل الله بعض الناس على بعض نكون آثمين .
ثم فيما يخص قولك ملخصا طرحي:
Quote: أن الله " يحب ( الاخفاء )" و أنه سبحانه وتعالى "يحب ان يفتن الناس" ومن هذه الفتن "المنسوخات"

استنتاجك يا اخي ليس صحيحا!
أولا أنا لم اقل أن الله يحب الاختفاء أو التخفي وانما قلت الاخفاء ، هنالك فرق، وقد سقت براهيني على ذلك ( الاخفاء) وكانت كلها أسانيد واضحة وسأعيدها لك هنا لأنك اغفلتها:
اخفى ذاته عن مخلوقاته واخفى اولياءه بين عباده، واخفى يوم البعث واخفى يوم الاجل المحتوم،أخفى القدر، أخفى الغيب والرزق، واخفى اسباب رضاه التام عنا أو سخطه ( ربما في عمل بسيط لا نعيره اهتماما!) ، أخفى ليلة القدر في أواخر رمضان واخفى اسمه الأعظم.. الخ انه سبحانه وتعالى يحب هذا وهو اعلم بما يحب.
فهل هذا الكلام غير صحيح؟ وماهو وجه عدم الصحة فيه؟
ثم ان الله يحب ان يفتن الناس فعلا فهل ترى في هذا عيبا؟ ألم يقل سبحانه ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ،ولقد فتنا الذين من قبلهم فلنعلمن الذين صدقوا ولنعلمن الكاذبين)؟ والفتنة معناها الاختبار وليست ( الدسيسة ) كما قد نما اليك يا الحبيب !
واما بخصوص تلخيصك لبعض آرائي الأخرى في جملة مجتزأة مما قلت:
"وعلى العقل ان يكون عاقلا، فيخضع فقط لأنه لن يفهم الكثير عن امر ربه."
فانه والله لحق. وهل تطمح يا اخي في ان يحتوى عقلك النسبي الكثير من شأن الله؟ كيف؟
عموما سنواصل في مداخلتك لاحقا...
لك احترامي
________________
رب اشرح لي صدري

Post: #58
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-24-2005, 11:48 PM
Parent: #1


الأخ محمد سبيل
تحية طيبة
سأحاول هنا أن اتتبع النقاط التي أثرتها في ردودك السابقة ، نقطة بنقطة حتى أوفر عليك مشقة تكرار نفسك في مقبل الحوار ، اذ يبدو انك تحسب الاجمال والتلخيص للنقاط والآراء التي تثيرها اختزالا وتشويها لها .. دعني أبدأ بقولك:
Quote: ان الله لا يعيبه ان يغير ما شاء، واذا افترضنا انه لا يسحب كلامه قط لأنه له الكمال ، ولا يجوز له هذا ، فاننا اذا ما قدرناه حق قدره ، كما اننا نكون حينئذ حاسبناه بمعايير بشرية ، والاهم من الخطأين خطيئة اضافية هي اننا نجعل كلامه او حكمة سلطة عليه وقد تعالى الله عن ذلك كله وليس فوقه شئ. فمن حقه ان يغير ماشاء وقد بينت كيف انه ينسئ في الاجل ويغير في القدر وعنده ام الكتاب.

أن الله هو الغني الحميد وهو لا يحتاج لخلق الخلق ولا لإنزال القرآن ولا لحساب الناس ولا يعييه أن يغير ما يشاء .. ولكنه خلق هذا الكون بميزان وخلق الإنسان وعلمه مالم يعلم .. ومن هذه العلم أسرار الألوهية وأسرار حكمته فخص بها عباده المتقين كما علم تفاصيل العلوم الأخرى من فيزياء وكيمياء لمن شاء .. وهذا لا ينقص في ملكه ولا في قدرته سبحانه وتعالي .. فلماذ تلتف حول هذه الحجج الواهية لتنفي أن هنالك حكمة في أمر النسخ الذي قال الله سبحانه وتعالى ان وراءه حكمة .. أو لم يقل عن حكمة النسخ (نأت بخير منها أو مثلها) .. "بخير منها" تعني أكثر مناسبة لوقت الناس ولحوجتهم ولمستواهم .. "ومثلها" تعني يعاد احكامها مرة أخرى ويقوم العمل عليها وهو نفس معنى "ننسئها" أي نؤجلها والذي أراك تستبعده ولي عودة اليه بشيء من التفصيل بعد قليل .. والأستاذ محمود يرى أن هذه الحكمة تتمثل في أن الآيات التي نسخت خاطبت الناس على انهم أحرار ومسئولون ولذلك فهي تمثل قمة الدعوة وأصول الدين فنزلت في البدء ولما ثبت أن الناس في ذلك الوقت دون مستوى تلك الدعوة نسخت بما هو دونها وهو مستوى من الدعوة يقوم على الوصاية وعلى حمل الناس على مصلحتهم بالقوة .. وبالرغم من أن آيات الوصاية أقل مستوى من آيات الحرية والمسئولية الا أنها كانت الأنسب "الأخير" لمجتمع ذلك الوقت ولذلك "نأتي بخير منها" يمكن أن تفهم في هذا الإطار النسبي .. أما آيات المسئولية والحرية فهي ما يدخرها الاسلام للبشرية حينما تطيقها .. ولذلك فإن النسخ ليس الغاءا تاما وانما تأجيل لحكم ، اذ لا يعقل أن يلغى أحسن ما في القرآن بما هو دونه الغاءا تاما .. ولا يعقل أن تلغى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وتستبدل بالجهاد بالسيف ويكون هذا هو الحل الوحيد الذي يملكه الإسلام لإدخال الناس في الاسلام في الوقت الراهن .. أقول لا يعقل لأن الاسلام يطالبنا بادخال الفكر والعقل لمعرفة الحكمة ولذلك تجد أن الكثير من الآيات تنتهي ب "لعلهم يتفكرون" و "لعلكم تعقلون" .. وهو فوق ذلك يطالبنا باتباع الأحسن من القرآن لقوله تعالى (اتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون) .. من حكمة النسخ أيضا الزام مشركي قريش الحجة حيث لو بدأت الدعوة لهم بالجهاد لكانوا احتجوا على ذلك "لئلا يكون للناس على الله حجة" .. ولكن بعد أن ثبت بالتجربة أنهم دون مستوى الحرية ودون مستوى دعوة الاسماح نسخت في حقهم .. هذه هي حكمة النسخ والتي لا أراك قد واجهتها كما انك لم تجيب على الأسئلة المحددة التي طرحتها لك في أمر الدعوة .. هل ستكون بقتال المشركين أم بدعوتهم بالتي هي أحسن ولماذا؟ فإن شرحك للنسخ لا يكاد ينطبق على تلك الآيات فأنت لا تؤيد شرح المفسرين التقليدي للنسخ ولا تريد أن تقبل ما أتي به الأستاذ محمود وتريدنا أن نقبل شرحك التبسيطي الغير متماسك كما هو .. والذي ما تنفك تدفع به بثقة لا يملكها العلماء .. انظر مثلا قولك:
Quote: بعد ذلك جئت لأقول ان المنسوخات ( في رأيي ) ليست ملغاوات وضربت مثلا توضيحيا بالآية ( وان تخفوا..) وقد حاولت ان اتوصل الى انه لا يوجد ( تأجيل) للآية التي سقتها مثلا ، وبالتالي فان ما اقام عليه الاستاذ من حجة من اجل تأسيس رسالة ثانية قد وضع موضع المساءلة، فاذا ثبت بالفعل انه لايوجد تعطيل او تأجيل كامل للمنسوخات ، فان الرسالة الثانية بالتالي تصبح مع السلامة!.
كل هذا لم يكن واضحا لك يا اخي؟

فهكذا بكل بساطة تدعى عدم وجود "التعطيل" وترفض فكرة "التأجيل" .. فهل لم تعطل آية السيف جميع آيات الإسماح؟ (ارجع الى كتب المفسرين لتتأكد بنفسك) .. وهو تعطيل كامل في نظر المفسرين الا أن الأستاذ محمود هو الشخص الوحيد الذي ذكر أن التعطيل مؤقت ومرتبط بظروف القرن السابع مما حدى به لأن يقول أن نسخ آيات الأصول ليس الا تأجيل لحكمها الى حين يجيء وقتها وتجيء أمتها .. وفهم التأجيل والإرجاء بالاضافة لحكم الوقت فأنه أيضا يجد سنده في الفهم اللغوي لكلمة "ننسئها" بمعنى نؤجلها والذي استنكرته أنت بقولك:
Quote: واما بمعنى مرجآت أو مؤجلات - وهذا ما ينحاز اليه الاستاذ - فقد ذكرت انه:
1/ اذا كان محمود قد رجح قراءة الآية الخاصة بهذا الأمر بطريقة مخالفة لما هو متفق عليه عند غالب اهل العلم والصحابة وعامة المسلمين ، فان حجته تكون محل شك، لأنها قائمة على شذوذ وذلك حينما يقرأها على انها ( وما ننسخ من اية او " ننسئها " نات بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله على كل شيء قدير) بينما الثابت والصحيح هو أنها تقرأ هكذا يقول تعالى :
( وما ننسخ من آية أو " ننسها " نأت بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله على كل شيء قدير)106 البقرة.
هذا هو الراجح والثابت بدليل ان عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، وهو الملقب بترجمان القرآن، قرأها على هذا النحو الصحيح، وفوق ذلك انه فسرها كالتالي حسب ابن كثير:
فقد كتب ابن كثير نقلاً عن جرير عن الحسن قوله: "إن النبي (ص) قرأ قرآنا ثم نسيه". وعن ابن عباس قال: "كان مما ينزل على النبي (ص) الوحي بالليل وينساه بالنهار" (تفسير ابن كثير ج1ص 104) انتهى.
أما الاستاذ محمود ففضل أن تكون : ننسئها ، حتى يستقيم له معنى ( نؤجلها ) فالنسئ هو المؤجل كما في الربا ( انما النسئ زيادة في الكفر).
اذاً فيا أخي عمر عبد الله كيف عليّ أن أظلم نفسي فأتجاهل (ترجمان القرآن) ابن عم رسول الله (ص)، واتبع محمود محمد طه؟، هل لأن محموداً أغزر علما بالقرآن من ابن عباس الذي ضرب رسول الله (ص) بيده الشريفة على صدره ودعا له ( اللهم علمه من تأويل القرآن)؟ هل اترك قراءته وتفسيره الذين اجمعت عليهما الأمة على مدى اربعة عشر قرناً ، وهو صحابي مقرب من رسول الله ( متخصص في القرآن ) وقد علمه رسول الله بنفسه منذ أن كان يافعاً( ياغلام اني اعمك كلمات : احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، اذا سألت فاسأل الله ، واذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم ان الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك ، وان الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشئ لم يضروك الا بشئ قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .. هل أترك هذا كله وأقول ان محمود أفهم وكلامه منطقي ومقبول!!!
الحق ابلج والباطل لجلج.

فماذا لو قلنا لك أن كتب المفسرين المتداولة ذكرت الآية بالقراءتين "ننسها" و "ننسأها" وذكرت نفس المعنى الذي قال به الأستاذ محمود وسأعطيك أمثلة على ذلك منها .. الشيء الآخر هو ان ابن عباس اجتهد في تفسير القرآن فأصاب وأخطأ ولكن فهمه ليس حجة على القرآن .. فمثلا فسر الآية (اذا النجوم انكدرت) بقوله (أي ذهب ضوؤها ووقعت في البحر) وهو تفسير يستقيم مع معطيات العلم التجريبي في الوقت الذي عاش فيه ابن عباس أما اليوم فنحن نعلم أن أصغر نجم نراه أكبر من الشمس التي بدورها أكبر من الأرض ملايين المرات ولذلك لا يستقيم أن تسقط هذه النجوم في البحر .. وليست المشكلة هنا مشكلة بن عباس ولكنها مشكلة من يعتقدون أن حديثه هو الفيصل ويتبجحون بمثل عباراتك المستهترة ومقارناتك التي لا تخدم غرض .. أو ليست الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها اتبعها؟ عل كل سأعطيك أمثلة تثبت لك أن المعنى الذي ذكره الأستاذ لكلمة ننسها معنى متداول ومثبت في عدد من كتب التفسير ..
فمن تفسير ابن كثير ورد:
"ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيّ وَقَوْله تَعَالَى أَوْ نُنْسِهَا فَقُرِئَ عَلَى وَجْهَيْنِ نَنْسَأَهَا وَنُنْسِهَا فَأَمَّا مَنْ قَرَأَهَا بِفَتْحِ النُّون وَالْهَمْزَة بَعْد السِّين فَمَعْنَاهُ نُؤَخِّرهَا" .
وورد أيضا:
"وَقَالَ مُجَاهِد : عَنْ أَصْحَاب اِبْن مَسْعُود أَوْ نَنْسَأَهَا نُثْبِت خَطّهَا وَنُبَدِّل حُكْمهَا وَقَالَ عَبْد بْن عُمَيْر وَمُجَاهِد وَعَطَاء أَوْ نَنْسَأَهَا نُؤَخِّرهَا وَنُرْجِئهَا وَقَالَ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ : أَوْ نَنْسَأَهَا : نُؤَخِّرهَا فَلَا نَنْسَخهَا وَقَالَ السُّدِّيّ مِثْله أَيْضًا وَكَذَا الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَالَ الضَّحَّاك " مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نَنْسَأهَا " يَعْنِي النَّاسِخ مِنْ الْمَنْسُوخ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نَنْسَأهَا " نُؤَخِّرهَا عِنْدنَا وَقَالَ اِبْن حَاتِم : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل الْبَغْدَادِيّ أَخْبَرَنَا خَلَف أَخْبَرَنَا الْخَفَّاف عَنْ إِسْمَاعِيل يَعْنِي اِبْن أَسْلَمَ عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : خَطَبَنَا عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نَنْسَأَهَا " أَيْ نُؤَخِّرهَا"
وفي تفسير الجلالين ورد:
"نَنْسَخ مِنْ آيَة" أَيْ نَزَلَ حُكْمهَا : إمَّا مَعَ لَفْظهَا أَوْ لَا وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ النُّون مِنْ أَنْسَخ : أَيْ نَأْمُرك أَوْ جِبْرِيل بِنَسْخِهَا "أَوْ نُنْسِهَا" نُؤَخِّرهَا فَلَا نُنْزِل حُكْمهَا وَنَرْفَع تِلَاوَتهَا أَوْ نُؤَخِّرهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفِي قِرَاءَة بِلَا هَمْز مِنْ النِّسْيَان : أَيْ نُنْسِكهَا أَيْ نَمْحُهَا مِنْ قَلْبك وَجَوَاب الشَّرْط "نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا" أَنْفَع لِلْعِبَادِ فِي السُّهُولَة أَوْ كَثْرَة الْأَجْر "أَوْ مِثْلهَا" فِي التَّكْلِيف وَالثَّوَاب "أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ النَّسْخ وَالتَّبْدِيل وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ"
وفي تفسير الطبري ورد:
"{ مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة } يَعْنِي جَلّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة } إلَى غَيْره , فَنُبَدِّلهُ وَنُغَيِّرهُ . وَذَلِك أَنْ يُحَوِّل الْحَلَال حَرَامًا وَالْحَرَام حَلَالًا , وَالْمُبَاح مَحْظُورًا وَالْمَحْظُور مُبَاحًا ; وَلَا يَكُون ذَلِكَ إلَّا فِي الْأَمْر وَالنَّهْي وَالْحَظْر وَالْإِطْلَاق وَالْمَنْع وَالْإِبَاحَة , فَأَمَّا الْأَخْبَار فَلَا يَكُون فِيهَا نَاسِخ وَلَا مَنْسُوخ" .
وورد أيضا:
"الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ نُنْسِهَا } . اخْتَلَفَتْ الْقِرَاءَة فِي قَوْله ذَلِكَ , فَقَرَأَهَا قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْكُوفَة : { أَوْ نُنْسِهَا } وَلِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ وَجْهَانِ مِنْ التَّأْوِيل , أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون تَأْوِيله : مَا نَنْسَخ يَا مُحَمَّد مِنْ آيَة فَنُغَيِّر حُكْمهَا أَوْ نُنْسِهَا . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهَا فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه : { مَا نُنْسِك مِنْ آيَة أَوْ نَنْسَخهَا نَجِئْ بِمِثْلِهَا } , فَذَلِكَ تَأْوِيل النِّسْيَان . وَبِهَذَا التَّأْوِيل قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل ."
وكذلك:
" قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { نُنْسِهَا } نَمْحُهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : { أَوْ نَنْسَأهَا } بِفَتْحِ النُّون وَهَمْزَة بَعْد السِّين بِمَعْنَى نُؤَخِّرهَا "
وأخيرا:
" ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 1461 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , وَيَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك . عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : { مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نَنْسَأهَا } قَالَ : نُؤَخِّرهَا . 1462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , قَالَ : سَمِعْت ابْن أَبِي نَجِيح , يَقُول فِي قَوْل اللَّه : { أَوْ نَنْسَأهَا } قَالَ : نُرْجِئهَا . 1463 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ نَنْسَأهَا } نُرْجِئهَا وَنُؤَخِّرهَا . 1464 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق الْأَهْوَازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد الزُّبَيْرِيّ , قَالَ : ثنا فُضَيْل , عَنْ عَطِيَّة : { أَوْ نَنْسَأهَا } قَالَ : نُؤَخِّرهَا فَلَا نَنْسَخهَا . 1465 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير عَنْ عُبَيْد الْأَزْدِيّ , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر { أَوْ نَنْسَأهَا } إرْجَاؤُهَا وَتَأْخِيرهَا . هَكَذَا حَدَّثَنَا الْقَاسِم عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ عُبَيْد الْأَزْدِيّ . وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عَلِيّ الْأَزْدِيّ . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم بْن سَلَّام , قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ عَلِيّ الْأَزْدِيّ , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر أَنَّهُ قَرَأَهَا : { نَنْسَأهَا } . قَالَ : فَتَأْوِيل مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : مَا نُبَدِّل مِنْ آيَة أَنْزَلْنَاهَا إلَيْك يَا مُحَمَّد , فَنُبْطِل حُكْمهَا وَنُثْبِت خَطّهَا , أَوْ نُؤَخِّرهَا فَنُرْجِئهَا وَنُقِرّهَا فَلَا نُغَيِّرهَا وَلَا نُبْطِل حُكْمهَا ; نَأْتِ بِخَيْرِ مِنْهَا أَوْ مِثْلهَا ."
فهل ادركت مقدار تقولك على الحق وتهكمك واستنكارك غير المؤسس ؟!!
أما قولك:
Quote: اذا كنت فعلا ترفض التبسيط في طرح وجهة النظر الواضحة، واشير هنا الى مؤاخذتك لي على التبسيط في رأيي عن نسخ الآية ( وان تخفوا ..) اقول اذا كنت ترفض التبسيط وتحب التعقيد فالمصية اعظم . حيث ان الله تعالى يقول ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)
اذاً فالقرآن ميسر ، ولا يحتاج الى تقعر وتفلسف ، بل ان الله وصفه بأنه ( مبين ) وآياته بينات.فلماذا نفترض فيه الغموض والتعقيد؟

فقد وردت الاجابة عليه فأنا لم أكن أرمي الى تبسيط المعاني بقدرما كنت أرمي لبساطة الطرح وسطحيته .. ومن أمثلة ذلك أيضا قولك:
Quote: في خصوص كلام الاستاذ عن مفهوم الحرية في الاسلام فانه لم يكن موضوعيا بقدرما كان مثاليا أو ربما كان ( رومانسيا) بعض الشئ، وذلك حينما سمى الالتزام الديني والمسؤولية حرية.
وفي الحقيقة لا توجد حرية في الاسلام، بل بالعكس هنالك عبودية على طول الخط ، حتى حينما تمارس السلطان فيجب أن ( تخضع ) لله ، وحتى وانت تأكل وتشرب ، ولا يجب ان تفرح الا بما يرضي الله و( يجب ) ان تسخط لما يسخط الله فقط. لا بل ان الاعمال كلها في الاسلام مقسومة الى قسمين، فاما طاعات وهي الصالحات الحسنات أو معاصي سيئات. والمطلوب دائما أن نكون في خانة ( الطاعات ) .. طاعة الوالدين ، طاعة الأمير وولي الأمر ، طاعة الرسول وكل ذلك من اجل طاعة الله. فهل بعد هذا نسمي هذا الوضع حرية؟ ثم لماذا ليست ( عبودية)
فالمسلم عبد وسلوكه سلوك العبد، ينظر الى الارض ملتمسا جوانب الطريق ميامنها غاضا طرفه عن الحرام وعن الحلال خوفَ الفتنة، يخشع في صلاته ويركع، يقبّل قدمي والديه، يوقر الكبير ويحترم الصغير، يغض صوته، لا يرفع عقيرته بالضحك،يميل الى الحياء، يحارب نفسه، زاهد في زينة الدنيا وحلوها، يعفو عمن ظلمه واساء اليه ، يجاهد وينفق راحته في سبيل الله ويكبت شهواته ابتغاء مرضاة الله وخوفا.. فلماذا نسمي هذه الوضعية ( حرية) طالما ان الله سماها باسمها: عبودية وتقوى وخوف وتواضع لله؟ هل نستنكف ان نكون عبيدا لخالقنا؟

فأين هي الرومانسية والمثالية في حديث الأستاذ محمود عن الحرية؟!! فهل عندما يقول القرآن مخاطبا النبي الكريم "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" أو "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" أولا تكفل هذه النص "حرية الاعتقاد" ؟!! وهل عندما يقول جل من قائل "فذكر انما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر" أو ليس في ذلك نهي لأكرم الخلق عن السيطرة على الآخرين بالرغم مما يتمتع به من كريم الخصال وعزوف عن السيطرة على الآخرين وأدب ؟!! .. أو ليس في ذلك قمة الحرية حينما يطلب من رجل بمثل كماله ألا يسيطر .. أوليس في السيطرة نقصان في مقدار الحرية ؟! ويبدو أنك تعتقد أن "العبودية" لله تتعارض مع "الحرية" ولذلك ذهبت تقرر وبكل بساطة "وفي الحقيقة لا توجد حرية في الاسلام، بل بالعكس هنالك عبودية على طول الخط " .. فيا أخي "العبودية هي الحرية" في فهم الأستاذ محمود وقد أفرد لذلك مساحة في كتاب "رسالة الصلاة" تحمل نفس العنوان .. دعني أنقلها لك وللمتابعين لأختم بها تعليقي هذا عساها تزيل اللبس الذي جعلك تظن بأن الحرية والعبودية متناقضان:

العبودية هي الحرية
الرضا بالله ربا مدخل على العبودية، كما سلف القول، ومن رضي بالله آثره على نفسه فاطرح ما يريده هو رضا بما يريده سيده. فقد قال أصحابنا ((العبد موجود لسيده، مفقود لنفسه)) وقالوا ((حقيقة العبد أن يكون بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل، يقلبه كيف شاء بلا اعتراض منه عليه)) فالعبد لا يقوم بخاطره اعتراض على إرادة الله، فإذا قام لا يلبث أن يراجعه بالمراقبة أو بالمحاسبة، ولا تستجيب النفس لهذا المقام إلا إذا بلغ علمها حق اليقين، فاطمأنت وسكنت، لاستيثاقها أن الله أعلم بمصالحها منها، وأنه تعالى أقدر على توصيل المصلحة إليها، وأنه أرحم بها منها، وأنه أولى بها منها، من جميع الوجوه، ولا يتفق هذا للنفس إلا بتوفيق الله، ثم بإدمان الفكر، وبطول المران والرياضة والمجاهدة، وبإتقان العبادة بتجويد تقليد المعصوم، وبالسلوك العملي في حسن معاملة الناس، والسعي في مصالحهم، حتى تجود ((لا إله إلا الله)) تجويد تفريد، في إخلاص النية وحسن العمل وصفاء الفكر، ((إليه يصعد الكلم الطيب، والعمل الصالح يرفعه)) و ((الكلم الطيب)) ((لا إله إلا الله)) ((والعمل الصالح)) الصلاة، والصلاة تعني المعاملة - المعاملة مع الرب بعدم الغفلة عنه.. والمعاملة مع الخلق بكف الأذى عنهم واحتمال الأذى منهم، ثم بالإخلاص والنصح لهم وذلك بتوصيل الخير إليهم في المنشط والمكره..
((ألا لله الدين الخالص)) الخالص من حظوظ النفس، فهو لا يقبل غيره، ولما كانت حظوظ النفوس كثيرة في حب المال والجاه والسلطة، فقد زهد الزاهدون في كل أولئك لتقل حاجتهم منها، ولتقتصر تلك الحاجة على الكفاف ليحرزوا بذلك إخلاص قلوبهم لله.. فهم يرون أن الحاجة رق، وأنك كلما زادت حاجات نفسك كلما زاد رقك لتلك الحاجات، وأنت بذلك لا تكون خالصا لله، ولا يكون دينك خالصا لله، وهو لا يقبلك في رقه: في عبوديته.. حتى يتم عتقك من أسيادك التقليديين: العادات والأوهام والأباطيل، التي تجعل الرجال والنساء عبيدا للشهوات والمطامح.
إننا قد تعلمنا أن الحياة تواجهنا بالخير والشر. والشر يتمثل في الألم: الخوف والجوع والمرض والموت.. والخير يتمثل في اللذة: الأمن والشبع والصحة والحياة.. وقد دفعنا الخوف من الألم أن نستكثر من اللذة، ومن وسائل اللذة، حتى نجعل بيننا وبين ما يؤلمنا أمدا بعيدا ووقاية حصينة، ومن ههنا جاء السعي وراء المال والحرص على اكتنازه، وجاء حب الحياة والتعلق بأسباب السلطة .
وقد دلت التجربة البشرية الطويلة أن الشر لا يمكن الاحتراز عنه والاعتصام منه بوسائل الحرص والجمع والاستكثار من الحطام ولا من الجاه والسلطان، ذلك بأن الموت الذي هو قمة الشرور لم تنجح في توقيه حيلة المحتالين بوسائل الجمع ووسائل المنعة.
((أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)) وفي الإسلام إبليس هو الشر المجسد، وأعوانه من أبنائه ينشرون الخوف في قلوب الناس ويصدونهم عن السبيل، ((الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم))، ((يعدكم الفقر)) يعني يخوفكم عواقب البذل ((ويأمركم بالفحشاء)) يعني البخل والحرص والكنز، وهذا الشر المجسد، يحدثنا القرآن عن شأنه مع عباد الله فيقول ((قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين * قال هذا سراط علي مستقيم * إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين)).. وقال إبليس ((لأزينن لهم في الأرض)) يعني لأحببن لهم البقاء في الأرض ولأبغضن لهم الموت. وبحب الحياة وبغض الموت تكون كل الشرور والمآثم الأخرى ثم استدرك فقال ((إلا عبادك منهم المخلصين)) لعلمه أن هؤلاء لا ينطلي عليهم مكره، فقال الحق في توكيد ذلك ((هذا سراط علي مستقيم)): أي حق أوجبته على نفسي.. وما هو ذلك الحق؟؟ ((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان)) هم أحرار من سلطان كيدك وتضليلك وتلبيسك.. والحرية من كيد إبليس إشارة إلى الحرية من أصل الشرور وهو الخوف.
((إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا)) استزلهم ساقهم إلى الزلل، وهو إنما يستزلنا ليسوقنا إلى الذل في ظل الخوف.. والخوف هو الشر كله وإبليس هو تجسيد الخوف.
ولقد جعل الإسلام وكده محاربة الخوف و ((رأس الحكمة مخافة الله)) تعني أن بداية العلم أن تجمع مخاوفك كلها من الله وحده، لأنه قال ((قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) والكلمة وهي ((لا إله إلا الله)) التي هي نهج الإسلام، تعني توحيد الخوف في مصدر واحد بعد أن كان يأتي من كل جانب، وفي توحيد الخوف قيمة تربوية عظيمة.
ثم إن العبد يحارب خوفه من مصائب الحياة بالمجاهدة على الرضا بالله كما سبق أن قلنا، يقينا منه بأن الله أعلم بما يصلحه منه، وأن المصائب حين تساق إليه إنما هي صديق في الحقيقة، في ثياب عدو في الظاهر فقط، وذلك لقصور علمنا، ((كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) فإذا أتقنا المجاهدة في موطن الرضا إيقانا منا بأن شدة المصائب التي يسوقها إلينا ربنا إنما هي بمثابة مرارة الدواء الذي يكون فيه برء أدوائنا، فإن عناية الله تدركنا فتنقلنا بما تفتح لنا من فيوض المعرفة بالله إلى منازل لا يتصور فيها بلاء، حيث نكون في سرادق الرضا، فلا نلقى شيئا مما نكره، وسبقت إلى هذا الإشارة قبل قليل في هذه الرسالة.
فالعارف المجود للمعرفة، السالك في مدارج العبودية لا يخاف شيئا على الاطلاق.. وهو لا يخاف الله لأن الله عند العارف المجود يحب، ويطمأن إليه، ويرتع في بحبوحة أنسه.. نعم هناك ظل من الخوف خفيف، وذلك عندما يمد العارف نظره إلى الإطلاق، ولكن هذا الخوف هو نتيجة المعرفة، ونحن نتحدث آنفا عن الخوف الذي هو نتيجة الجهل.. فالخوف الذي هو معرفة، هو أعلى ما تبلغ معرفة العارفين، وعنده النعيم المقيم والخير المطلق، وبه المزيد المستمر، لأن العارف فيه يتحقق بقوله تعالى ((كل يوم هو في شأن)) وشأنه تجديد حياته كل لحظة بانطلاقه في التطور، بالاستزادة من كمال حياة الفكر وحياة الشعور، وهو في ذلك ينشر الخير بين الناس كما تنشر الزهرة المعطار شذى عرفها.

إن العبودية هي الحرية.. لأنها حرية من الخوف. ووسيلة العبودية العبادة، وفي قمة العبادة الصلاة.


اتوقف هنا على أمل متابعة بقية النقاط والتعليقات في فرصة أخرى
عمر

Post: #59
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-25-2005, 05:29 AM
Parent: #58

الاخ عمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،

فها انت استعجلت الرد قبل ان اكم ردي عليك ، ولكن المشكلة أنك تتقافز بين مداخلاتي السابقة واللاحقة تصطاد من بينها ما يحلو لك ، أو ربما ما تستطيع مواجهته بحجج لا املك ازاءها الا الصمت.
رغم أن هذا الوضع يخلق عدم تسلسل ومتابعة للحوار
ولكن هذا ليس مقام مراجعة فنيات تنظيم الحوار ، فما دمت كذلك فلا بأس.
وابادر لأسألك عن النقاط التي رفعتها اليك بالارقام من اجل الرد عليها بالطريقة ذاتها، فارجو ان تعتني بها.
أخي ..
في خصوص ايرادك لهذه الكمية من النماذج المتعلقة بكلمة ( ننسئها) ..
أما كان الافضل لك الابقاء على رفضي تبني الاستاذ محمود لكلمة ( ننسأها ) في الاية الكريمة المتعلقة بالنسخ ، بدلا عن سرد كل هذه المراجع التي تدين الاستاذ؟
فلقد كشفت ادلتك أن الاستاذ محمود قد فهم ( ننسأها) فهما مغلوطا على نحو فاقع، حيث ان ننسأها تعني غالبا ( نؤخرها ) بمعنى لا ننسخها وانما نتركها كما هي ، وهكذا يكون المقصود هو الآيات غير المنسوخة من القرآن !!!
هل أنت معي على الخط؟!!
انظر الى جانب من استشهاداتك التي رفعتها بيدك لا بيد عمرو !!

Quote: عَنْ عَطِيَّة : { أَوْ نَنْسَأهَا } قَالَ : نُؤَخِّرهَا فَلَا نَنْسَخهَا . 1465 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن كَثِير عَنْ عُبَيْد الْأَزْدِيّ , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر { أَوْ نَنْسَأهَا } إرْجَاؤُهَا وَتَأْخِيرهَا . هَكَذَا حَدَّثَنَا الْقَاسِم عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ عُبَيْد الْأَزْدِيّ . وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ عَلِيّ الْأَزْدِيّ . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم بْن سَلَّام , قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ عَلِيّ الْأَزْدِيّ , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر أَنَّهُ قَرَأَهَا : { نَنْسَأهَا } . قَالَ : فَتَأْوِيل مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ : مَا نُبَدِّل مِنْ آيَة أَنْزَلْنَاهَا إلَيْك يَا مُحَمَّد , فَنُبْطِل حُكْمهَا وَنُثْبِت خَطّهَا , أَوْ نُؤَخِّرهَا فَنُرْجِئهَا وَنُقِرّهَا فَلَا نُغَيِّرهَا وَلَا نُبْطِل حُكْمهَا

لا حول ولا قوة الا بالله
يعني انت تقيم حجة اضافية على الاستاذ محمود ، بمعنى ان من يختار هذه القراءة الشاذة ( وهي ليست مرسومة في المصحف بالمناسبة) فان عليه ان يفسرها على انها ( نقرها فلا نغيرها )
اذاً فقد وصلنا الى النتيجة نفسها التي بنيت عليها أنا حجتي ، وهي انه لا توجد آيات منسوخات/ مؤجلات الى وقت لاحق بعد عصر الصحابة .. وهكذا يصبح لا اساس لما اطلق عليه الاستاذ تطوير الشريعة ولا الرسالة الثانية من خلال بعث المنسوخات ( المنسآت) حيث ان المنسآت هي المحكمات أو غير المنسوخات من القرآن.
وهنا يبرز سؤال : لماذا يا ترى عمد الاستاذ محمود الى التقاط كلمة ( منسأة) ليتصرف فيها بما يخالف المصطلح عليه، حتى يفسرها بمعنى مؤجلات الى زمان آخر هو زمانه هو؟
ثم ..
لم يعجبني كلامك يا اخي عن سيدنا عبد الله بن عباس بهذه الطريقة التي حاولت ان تظهره فيها بمظهر الذي يرجم بالغيب في تفسيره ، حتى انه كما تقول :
Quote: فسر الآية (اذا النجوم انكدرت) بقوله (أي ذهب ضوؤها ووقعت في البحر) وهو تفسير يستقيم مع معطيات العلم التجريبي في الوقت الذي عاش فيه ابن عباس أما اليوم فنحن نعلم أن أصغر نجم نراه أكبر من الشمس التي بدورها أكبر من الأرض ملايين المرات ولذلك لا يستقيم أن تسقط هذه النجوم في البحر .. وليست المشكلة هنا مشكلة بن عباس ولكنها مشكلة من يعتقدون أن حديثه هو الفيصل

ازاء هذا أقول :
اولا /أنت - ربما - تسخر منه ، لأنك تعلم أن النبي (ص) قد بُعث في اميين ، وانه لم يكن لديهم أي علم تجريبي في خصوص علوم الفضاء ( ولا اقول علوم الفلك ) وبالتالي لا معني لأشارتك نحو معطيات العلم التجريبي على ايامه ، اللهم الا اذا كان هنالك علم مادي شهادي غير تجريبي.
وثانيا/ ابن عباس قوله فصل طبعا، ليس بالنسبة لي فقط، وانما بالنسبة للصحابة الذين علموا من القرآن مالم يعلمه احد وهو ( ترجمان القرآن) وقد دعا له رسول الله (ص) بأن يعلمه الله عز وجل تأويل القرآن ( بمعنى تفسيره الصحيح طبعا) فكأن حجة ومرجعا للناس وأي ناس؟ ( صحابة رسول الله (ص) الذين نزل القرآن فيهم وعنهم ولهم قبل غيرهم) فهل نقول انه افتى حسب طاقته وعلمه البسيط وبالتالي تصبح المشكلة فيمن يعتبر كلامه مرجعا فيصلا الى اليوم؟
لا هذا لا يليق ، اذ ان ابن عباس اعلم بالقرآن من الاستاذ محمود، وآسف لأزعاجك بهذا الكلام.
ثالثا/ لماذا لا تؤول كلمة ( بحر ) على انها الفضاء السحيق مثلا؟ اليس الفضاء مائجا وفيه دوامات من المجرات والشموس الماخرة في البحر كالأعلام؟
وحتى البحر نفسه ممكن!!
كيف؟
الآن هنالك كثير من الشهب والنيازك والاجسام الفضائية تسقط على الارض ، ومما يلفت النظر انها تسقط غالبا في مياه المحيطات وهذه من رحمة الله بالعباد، هل تلحظ هذا؟
فمن يدري ، فلربما تتفتت النجوم قطعا فتطيش في الفضاء السديمي وبعضها يقع في البحر شظايا قليلة نسبة لبعدنا عنها تماما كظاهرة الشهب والنيازك التي تفقد ضوءها وتسقط على كوكبنا..
أو ربما تضمر هذه النجوم ، وهذا ما يذهب اليه العلم اليوم ، فالنجوم تتعرض للضمور فكأنما تأكل نفسها حتى تصبح بحجم صغير احيانا ، الأمر الذي جعل احد العلماء المسلمين يفسر الآية الأخرى ( فلا اقسم بالخنس الجواري الكنس ) على انها الثقوب السوداء الناجمة عن نجوم ضمرت بسبب ازدياد جاذبيتها حتى انها تتكثف وتبتلع حجمها وضوءها وكل ما يمر بها أو تمر به من اجرام.. هذا هو التفسير العلمي لظاهرة الثقوب السوداء!!
فاذا قاربنا هذا مع رأي ابن عباس فيمكن ان تكون ثمة علاقة بين كلامه وظاهرة الثقوب السوداء لناحية فقدان النجوم لضوئها وسقوطها في لجة كونية متلاطمة ومائجة تلغي حجمها وذلك هو مقصود ( بحر).
وبالمناسبة فما معنى بحر عند ابن منظور ؟
وطالما ان الاستاذ محمود يفسر ( ننسأها) باعتبارها نؤجل حكمها الى زمان لاحق ، بدلا عن التفسير المعتمد وهو ( نبقيها غير منسوخة ) فلماذا لا تؤول انت كلمة ( بحر) التي قالها سيدنا عبد الله ترجمان القرآن؟ أحرام على بلابله الدوح؟
ثم انك تقول لي:
Quote: فهكذا بكل بساطة تدعى عدم وجود "التعطيل" وترفض فكرة "التأجيل" .. فهل لم تعطل آية السيف جميع آيات الإسماح؟ (ارجع الى كتب المفسرين لتتأكد بنفسك)

يا اخي ..
دعني اسألك ، خذ مثلا نسخ آية قيام الليل التي في ( المزمل)
هل يعني ذلك تعطيل أو الغاء عبادة قيام الليل؟ هل تم ابطال قيام الليل؟
ثم ان كلمة محو أو ازالة تعني الغاء ، واذا تمت ازالة حكم فأن هذا يعني نزول امر من الله بوقف الحكم الذي تم نسخه ، فمن يأتيه بعد ذلك فقد عصى الله .. وهكذا لا اجد نفسي في ضير أو اثم اذا اتفقت مع الاستاذ في ان النسخ لا يعني الالغاء بحال ، واختلفت معه في انه في الوقت ذاته لا يعني التأجيل الى عصر لاحق أكثر نضجا من الناحية الحضارية..
ولكن لو كان الاستاذ قد قال ب( التأجيل ) بمعنى التأخير الى حين الارتقاء بالنفس - عبر المجاهدة والعبادة والتقوى والتأهل - الى مستوى تقبلها للتكليف المنسوخ ، لكنت وافقته فورا.
ذلك لأنه لا يمكن ان تقوم شريعة متطورة باحسن من الصحابة. فهم الانموذج المجتبى والقدوة، بدليل القرآن يقول تعالى( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) ويقول سبحانه( والسابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) وبدليل السنة ايضا ( اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) .
ثم انك لتقول:
Quote: فلماذ تلتف حول هذه الحجج الواهية لتنفي أن هنالك حكمة في أمر النسخ الذي قال الله سبحانه وتعالى ان وراءه حكمة .. أو لم يقل عن حكمة النسخ (نأت بخير منها أو مثلها) .. "بخير منها" تعني أكثر مناسبة لوقت الناس ولحوجتهم ولمستواهم .. "ومثلها" تعني يعاد احكامها مرة أخرى ويقوم العمل عليها وهو نفس معنى "ننسئها" أي نؤجلها


اولا أنا لن أنف وجود حكمة من وراء الحكم ، فلكل حكم حكمة ، ولم اقل ان الله لم يذكر الحكمة من بعض احكامه، ولا ارفض البحث عن هذه الحكمة المبينة من خلال العلم والتعلم وقد ذكرت ذلك فعلا في مداخلة خلت، ولكنني ارفض ( العصف الذهني ) المحض والرجم بالغيب في محاولة لأسنتباط حكمة الله باعمال العقل المحض ، فهذا هو الهوى
وفي هذا خطر واجتراء قد يقود الى الافتراء .. ارجو ان أكون مفهوما بالنسبة اليك بعد الآن.
وكلام محمود اعلاه فيه ( مجازفات) من خلال الاعتماد الكامل على عقل رجل ذكي ، وهذا ليس محله ، فالعقل مهما كان فطنا فانه يضل ويقصر ، ثم ان حكمة الله مطلقة وهي من الغيب مالم يبدها سبحانه لنا، فكيف نزعم اننا قادرون عليها بما اوتينا من قوة عقلية ،أليس هذا استسهال !!
فمثلا خذ القول اعلاه بخير منها أكثر مناسبة لوقت الناس ولحوجتهم ومستواهم)، هذه مجازفة صرف، وكذلك تأويله لمفردة ( مثلها)، فماذا لو كانت الحكمة سوى ذلك؟ وما الضمان لكون هذا هو المقصود من جانب المولى تعالى، كيف نزعم اننا نتوصل الى ما لم ينزله؟ واذا لم تكن هذه هي الحكمة فاننا آنئذ نكون دعاة ضلالة اذا قلنا بمثل هذا الرجم و( بنات الافكار). .. هذا ما احذر منه فقط.
وبالنسبة الي فان الاستاذ محمود كان يحاول استنطاق الآيات تفسيرات تخدم نظريته المتعلقة بالرسالة الثانية، ولذلك لجأ الى تأويلات من عنده. وهي غالبا تأويلات خطأها واضح ، وسأضرب مثلا بنسخ آية ( وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) التي نسخت بالآية الكريمة ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها .. الخ) البقرة.
فلنطبق نظرية الاستاذ على هذه الحالة :
هل ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وهي الناسخة، تبدو أكثر مناسبة لزمان الصحابة من ( وان تبدوا ما انفسكم ) المنسوخة؟ وهل هذه المنسوخة تبدو لك انسب وأكثر لياقة بنا في هذا العصر الذي نتهرب فيه حتى من اداء الصلاة في المسجد؟ ، ناهيك عن مراقبة خطرات النفس ونوايا القلب!!! ستجد العكس صحيحا..
وفي خصوص ( أو مثلها ) التي تقول ان الاستاذ يعني بها اعادة احكام الآية المنسوخة ( الأمر مافعله مؤسسا عليه نظرية الرسالة الثانية) فهل يمكن هذا؟ ، هل طاعتنا ومجاهدتنا وعبادتنا اليوم افضل من الصحابة؟
خذ مثلا آخر نسخ حكم قيام الليل ( قم الليل الا قليلا ) بالآية ( علم انكم لن تحصوه فتاب عليكم)
.. هيا طبق النظرية عليها : اليس قيام الليل خير للصحابة من عدمه؟ ، أم انه نسخ فتأجل حتى نقوم به نحن يا عيني!!!
هل تفهمني يا صديقي؟
ثم انك لتقول:
Quote: كما انك لم تجيب على الأسئلة المحددة التي طرحتها لك في أمر الدعوة .. هل ستكون بقتال المشركين أم بدعوتهم بالتي هي أحسن ولماذا؟

أولا هي لم تجب وليست لم يجيب( فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة: الياء ، كما اننا نقول اجاب (عن) السؤال وليس اجاب (على) ، عموما هذه لتلطيف الجو فقط وليست للادانة أو الاستعراض أو الانصراف، وارجو أن اتلقى خيرا منها او مثلها !
ومهما يكن:
فالدعوة الى الله جهاد في سبيل الله بطريقة الرسول (ص) التي هي الحكمة والموعظة الحسنة وليست هنالك دعوة بالقتال بعد الفتح، فلا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، وقد ظهر الاسلام واستسلم له اعداء النور وسمحوا لمواكب الخير لكي تمر نحو الانسانية مبلغة رسالة ربها ، رسالة واحدة سمحاء مبينة ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها الا هالك .. لكن هذا ليس كل شئ ..
.....
فاصل وسنعود !!!!!!!!!!!!!!!

__________________
رب اشرح لي صدري
ويسر لي امري
واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.. آمين.

Post: #60
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: مشتاق
Date: 05-25-2005, 06:12 PM
Parent: #1

الاخ هوبفل

سلام علي من اتبع الهدي

اعتقد بان الاخوه جزاهم الله خيرا قد اجابوا علي معظم الاسئله

بما فتح الله عليهم واتمني ان تكون قد اجابت علي سؤلك

اما بخصوص انشقاق القمر فلقد قرأ ت من فتره ليست بالبعيده ان علماء

بريطانين اكتشفوا مؤخرا ان هناك صدع يلتف حول القمر وكأن القمر انشق

والتحم مره اخرى سوف ابحث ما استطيع لتأكيد المعلومه اثباتها

والسلام

Post: #61
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-25-2005, 10:39 PM
Parent: #1


الأخ محمد سبيل
تحية طيبة
لقد ذكرت لك سابقا أنني سأتابع جميع نقاطك التي أثرتها نقطة بنقطة اذ انها جميعها مليئة بالأغلاط وسوء الفهم الذي تتسع دائرته كلما استعجل قلمك بالرد .. وقد شرعت في ذلك بالفعل وسأواصل بقدر ما يتيح لي الزمن من فرص وبقدر ما يسمح به التسلسل المنطقي .. ولكنك تعجل نفسك في الرد على حتى انك لتكتب بين كل رد ورد ردا آخر .. انظر فقط لمداخلاتك الأخيرة ليتضح لك أنك أنت المستعجل ولست أنا .. ثم تامل قولك:
Quote: فها انت استعجلت الرد قبل ان اكم ردي عليك ، ولكن المشكلة أنك تتقافز بين مداخلاتي السابقة واللاحقة تصطاد من بينها ما يحلو لك ، أو ربما ما تستطيع مواجهته بحجج لا املك ازاءها الا الصمت.
رغم أن هذا الوضع يخلق عدم تسلسل ومتابعة للحوار
ولكن هذا ليس مقام مراجعة فنيات تنظيم الحوار ، فما دمت كذلك فلا بأس.

فأنا لم استعجل الرد عليك بل لعلي لم أزايل ردك الثالث أو الرابع من جملة ردودك المتلاحقة والكثيرة التي أتحفتنا بها .. وتجدني مع ذلك حريص على متابعة كل كتاباتك في هذا الخيط حسب تسلسلها الزمني .. لكن للأسف فإنك تقفز من موضوع الى آخر ، ثم ترجع لما أثرته من قبل وتم الرد عليه ، دون الوقوف على حقيقة ذلك الرد أو حتى محاولة فهمه .. وأنت حين تفعل ذلك تتجاهل الأسئلة التي أوجهها لك والتي من شئنها اجلاء حقيقة موقفك من غير هذا التكرار ، مما يضطرني في بعض الأحيان لمسايرتك وتتبعك في محاولة لربط أشتات المواضيع التي تثيرها هنا وهناك .. فإن بدى لك ذلك قفزا وتصيدا فلتعلم أنك أنت الذي تسببت فيه .. ثم كيف لي أن أعرف أن ردك انتهى أم لم ينته بعد ، حتى أمسك عن التعليق عليه؟
وليس أدل على عجلتك من تعليقك الأخير على ما نقلته لك من كتب التفاسير عن النسخ والنسء ولذلك سأبدأ ردي هذا بالتعليق عليه قبل أن أواصل في ردي المتسلسل والذي كنت قد بدأته في كتاباتي السابقة .. وإن كان ثمة شيء أطلبه منك هو أن تصبر نفسك على ما يردك حتى تهضمه وتتبين مقاصده قبل أن تهرع الى الرد فذلك مما يدفع بالحوار للأمام ويحفظ الجهد والوقت ..
فها أنت تقول:
Quote: أخي ..
في خصوص ايرادك لهذه الكمية من النماذج المتعلقة بكلمة ( ننسئها) ..
أما كان الافضل لك الابقاء على رفضي تبني الاستاذ محمود لكلمة ( ننسأها ) في الاية الكريمة المتعلقة بالنسخ ، بدلا عن سرد كل هذه المراجع التي تدين الاستاذ؟
فلقد كشفت ادلتك أن الاستاذ محمود قد فهم ( ننسأها) فهما مغلوطا على نحو فاقع، حيث ان ننسأها تعني غالبا ( نؤخرها ) بمعنى لا ننسخها وانما نتركها كما هي ، وهكذا يكون المقصود هو الآيات غير المنسوخة من القرآن !!!
هل أنت معي على الخط؟!!
انظر الى جانب من استشهاداتك التي رفعتها بيدك لا بيد عمرو !!

هذا نموذج آخر لسوء الفهم . فالآية تتحدث عن أمرين هما النسخ والنسء (ما ننسخ من آية أو ننسها) .. وتقريبا اتفق جميع المفسرين على معنى النسخ وهو التعطيل (سواء كان بسحب النص والحكم معا أم بابقاء النص وتعطيل الحكم) .. وقد اختلفوا في قراءة ومعنى "ننسها" فبعضهم قرأها بدون الهمزة وشرحها بأنها النسيان أو الترك على ما هي عليه (كشرح ابن عباس) وبعضهم قرأها بالهمزة واتفقوا على ان معناها الإرجاء والتأخير .. فما هو وجه الصعوبة في ذلك .. كل ما في الأمر أن المفسرين اعتقدوا أن النسخ (التعطيل) ، فيما يخص الآيات المعطلة الحكم ، أمر نهائي ، لكن الأستاذ محمود قال أن التعطيل مرحلي وذكر أسباب ذلك .. أما أنت فتريد أن ترفض أن النسخ يعني التعطيل وتخلط خلطا مريعا بين الكلمتين .. وعندما نعطيك أمثلة من كتب المفسرين تؤكد لك ذلك المعني الذي رفضته فإذا بك تلجأ للمغالطة والتهكم ..
أكتفي بهذه التعليق السريع على مداخلتك الأخيرة وساتي للرد على بقية النقاط التي أثرتها عندما يأتي دورها والآن دعني أرجع لمتابعة نقاطك القديمة .. فأنت تقول:
Quote: عندي سؤالان لك
الاول / لماذا لا تحاور برأيك يا اخي؟
طبعا لابأس من ان تستعين ببعض الاقتباسات من شيخك محمود أو غيره، أما أن تنقل نفس الكلام المكتوب منذ الاربعينات وقبلها الى القرن الحادي عشرين فهذا غير معقول وفيه ظلم لنا؟ أين تطوير الفكر المحمودي؟ كيف يمكن لفكر ما الا يتطور؟ ويبقى في حيز القطع واللصق

بالرغم من أن هذه الجزئية وحدها تحوى عدة أسئلة .. فدعني أقول لك .. أنني احاورك بما أنا مقتنع به وهو فكر الأستاذ محمود محمد طه لأني أعتقد أنه هو الفهم الصحيح للاسلام .. وأنت لا تحدد لي متى اقتبس من كتابات الأستاذ محمود ومتى أعلق من جانبي .. ولو شغلت نفسك بدراسة محتوى ما أنشره لك ، اذا كان منقولا أو غير ذلك ، طالما هو يمثل وجهة نظري لكان أجدى من محاولاتك صرف النقاش بهذه الطريقة البائسة .. وهل يقاس حق الحديث من باطله بتقادمه .. مالكم كيف تحكمون .. وهل ما تقدمه أنت من أفكار يزيد على اعادة انتاج ما ورد في الكتب الصفراء التي كتبت منذ ألف عام أو يزيد حتى تعترض على ما قدمه الأستاذ محمود من فهم؟ على كل ، فإن القيم التي تحدث عنها الأستاذ محمود هي قمة ما يتطلع اليه الإنسان وهي قيم الحرية والمساواة المؤسسة على فهم عميق ومتماسك للدين وليس دونها الا ما نراه من تخبط من يتصدرون للدعوة الاسلامية في زماننا هذا .. وأنا شخصيا لا يعيبني بل يشرفني أن أنقل ما يكتب الأستاذ لأنها كتابة مضبوطة بنور التوحيد ومعبرة عن مقصود الفكرة بصورة لا يجاريها أحد مهما أوتي من قوة البيان .. وسوف لن أتوانى من نقل أي نصوص أشعر بأنها تجيب اجابة مباشرة على ما يطرح من أسئلة ولا يهمني رأيك فيها فربما تكون الفائدة من نصيب قاريء متابع في صمت ..
أما قولك:
Quote: فقط المطلوب تطوير شريعة الله ؟ لأنها عفا عليها الزمان؟، علما بأن مثل هذا التطوير المزعوم ممنوع ومحرم بنص الاية:
(واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله، قل ما يكون لي أن ابدله من تلقاء نفسي ، ان اتبع الا ما يوحى الي اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم)15 يونس.
فاذا كان المصطفى (ص) محرم عليه ان يبدل حكما أوشريعة، فهل يجوز لغيره؟

فهو قول يثير الحيرة ويجعلني أتساءل: هل أنت فعلا قرأت ما كتبه الجمهوريون عن تطوير التشريع؟ لو كنت فعلت لما قررت مثل هذه التقارير ولما سألت مثل هذه الأسئلة .. فتطوير التشريع عند الجمهوريين هو أنتقال من آيات في القرآن الكريم ، ناسبت أحكامها طاقة وحاجة الناس فيما مضى ، الى آيات أخرى في القرآن ، كانت منسوخة (معطلة) في حق الأمة .. ولذلك فإن الآية التي أوردتها لا تنطبق على هذه الدعوة من قريب أو بعيد لأنها ببساطة لم تخرج من اطار القرآن .. فهي دعوة للانتقال ، من القرآن المدني ، الذي قام عليه جهاد المشركين والكتابيين وفرضت فيه الجزية وقامت عليه صور التمييز المختلفة بين المسلمين وغير المسلمين وبين الرجال والنساء ، الى القرآن المكي الذي يقوم على الدعوة بالاسماح ويقوم على حرية الاعتقاد ويقوم على المساويات الاقتصادية والسايسية والاجتماعية .. وقد أعطيناك نماذج من آيات القرآن المدني التي قامت عليها الشريعة وآيات القرآن المكي التي نسخت .. أكثر من ذلك فقد ذكرنا أن هذه المستوى الرفيع من الأحكام القرآنية عندما نسخ في حق الأمة ظل في حق النبي محكما .. ولذلك يمكن أن نقول أنه هو سنة النبي الكريم التي عاشها في خاصة نفسه والتي بشر بأن الاسلام سيعود بها (بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء .. قالوا من الغرباء يا رسول الله .. قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) ..
دعني أعطيك مثال لذلك .. فمثلا قامت الشريعة في أمر المال على الزكاة ذات المقادير (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) والصدقة تقوم على أن يملك الشخص المال فإذا بلغ النصاب وحال عليه الحول يخرج منه المقادير المعروفة (العشر ، نصف العشر أو ربع العشر) بينما نجد أن سنة النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم كان قومها آية العفو (يسألونك ماذا ينفقون ، قل العفو) وقد فسر النبي العفو بما زاد عن الحاجة الحاضرة .. علما بأن هذه المستوى طولبت به الأمة في باديء الأمر ولكنه نسخ (عطل) في حقها بعد نزول آية الصدقة .. ودعوة الأستاذ محمود في تطوير التشريع هي دعوة للانتقال من مستوى "الزكاة" لمستوى أدخل في السنة النبوية وهو "العفو" وهذا يقابل مايعرف في في وقتنا الراهن بالاشتراكية .. ويمكن التفصيل في ذلك اذا اقتضى الأمر ..
Quote: ، أين تطوير فكر الجمهوريين ، هل هو ثابت وليس فيه ناسخ ومنسوخ؟
كل الأفكار حول العالم تغيرت وتطورت بين الاربعينات و2005 م الا الفكر الجمهوري ..لماذا؟

فكر الجمهوريين هو بعث القرآن المنسوخ .. فلا أدرى ماذ تقصد بعباراتك "ليس فيه ناسخ ومنسوخ" .. دعني أعطيك مثالا طالما كررته لك عساه يوضح وجهة نظرى هذه المرة .. ففي اسلوب الدعوة فإننا ندعو الى تحكيم آيات الأسماح "ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" و"لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" و "قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وهي جميعها منسوخة بآية السيف "فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم" والتي نعتقد أن تحكيمها اليوم ليس مطلوب الدين ولا يوافق حاجة وطاقة العصر .. فهل اتضح لك حديثنا الآن .. آمل ذلك ..
الإنسان أما أن يكون قاصرا ومن ثم تلزمه الوصاية أو يكون مسئولا ومن ثم يستاهل الحرية .. ودعوة الجمهوريين هي الى الحرية والمسئولية ولذلك لو مضت خمسون عاما أو خمسمائة عام فالبشر لن يخرجوا من أحد احتمالين: اما أنهم قصر فيحتاجون من يحملهم على مصلحتهم .. أو أنهم مسئولون ومن ثم يجب مخاطبتهم في هذا مستوى الرشد والحرية ..
الشيء الثاني هو أن الفكرة الجمهورية ليست نحتا عقليا كما يتبادر الى ذهنك حتى نتوقع التغيير والتبديل فيها ذلك لأنها علم وفهم في الإسلام نتج عن التقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله) .. ولعله مما يلفت النظر اليها أن الكتب التي كتبها الأستاذ محمود في الخمسينات لم يحتج لأن يضف عليها شيئا عندما أعيدت طباعتها في السبعينات والثمانينات .. وقد كتب عن هذه الظاهرة في كتاب "رسائل ومقالات":

إن جميع الأفكار، والآراء، التي تحملها هذه الرسائل والمقالات، منذ عام 1951، وإلى اليوم، يمكن أن تكتب اليوم، من غير تبديل فيها، ولا تحوير.. لم يفعل الزمن فيها شيئا جديدا يضطرنا إلى تعديل أو تبديل.. وهذه ظاهرة ملازمة ((للدعوة الإسلامية الجديدة)).. فإنها، لما كانت تستمد من نور التوحيد، لم يحدث فيها تعارض، ولا تناقض، وإنما هو الإتساق، والإنسجام، في ظل التوحيد الضابط، وتحت راية الوحدة المهيمنة.. وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس.. إن من يطلع على هذه الرسائل والمقالات من الأخوان القراء مدعو إلى أن يلقي بالا إلى هذه الظاهرة الهامة، وأن قيمة هذا الكتاب إنما تنبع منها..

ونحن اذ نعرض هذه الأفكار في عام 2005 لا نشعر الا وأن الواقع قد ارتفع نحوها أكثر فأكثر .. أما الدعاة الاسلاميون الآخرون فهم يبدلون أفكارهم ومواقفهم كخلعهم ملابسهم وما ذاك الا لأنها قامت على أرضية هشة ليس لها صلة بالتوحيد وانما كان المحرك الأساسي لها هو المطمح السياسي والاقتصادي وما يتبعه من فقه الضرورة ..
Quote: واخيرا اسمح لي ان اسأل سؤالا عسى ولعل له اجابة عندك
يا اخي عمر
اذا كان رأي الاستاذ يتلخص في ان المنسوخات هي ما تأجل من حكم الله حتى يجري تفعليها في القرن العشرين ، حيث النضح الحضاري اللآئق بها وباستيعابها..
حسنا..
- ماذا عن القرن الاربعين؟ اين منسوخاته؟ أم ان الرسالة الثانية هي الخاتمة، وهي ليست قابلة للتطوير في شريعتها مهما تغيرت العصور والظروف في المستقبل البعيد؟
وسأواصل..

أعتقد أنني أجبت عن هذه السؤال عندما تحدثت عن مستوى المسئولية ومستوى القصور .. ولكن يحسن هنا أن أبين أننا عندما نقارن مجتمعنا بمجتمع القرن السابع فالمقارنة يجب أن تكون بين جاهليتنا وجاهليتهم .. حينها سنجد أن الفرق شاسع بين جاهلية القرن السابع (أو الجاهلية الأولى) وجاهلية القرن العشرين (الجاهلية الثانية) .. دعني أولا أنقل لك وللقراء شيء من هذا التمييز من كتاب "طريق محمد" لمزيد من التوضيح:

ولما كانت البشرية، على عهد الجاهلية الأولى - جاهلية القرن السابع - متخلفة، وساذجة، وجاهلة، فقد اقتضى حكم الوقت تنزل المحمدية عن الأحمدية تنزلا كبيرا، وذلك حتى تخاطب الناس على قدر عقولهم، وحتى تشرع لهم في مستوى حاجتهم، وهي حاجة بسيطة. وكان هذا التنزل من مستوى آيات الأصول في القرآن، إلى آيات الفروع.. وأصبحت بذلك آيات الفروع صاحبة الوقت، واعتبرت ناسخة، فيما يخص التشريع، لآيات الأصول. وقد عالجنا هذا الأمر بتوسع في كتابنا ((الرسالة الثانية من الإسلام)) وهو كتاب قد خرجت طبعته الثالثة قبل أيام قلائل، فليراجعه من شاء..
والآن، وفي النصف الثاني من القرن العشرين، والبشرية تعيش الجاهلية الثانية - جاهلية القرن العشرين - وهي جاهلية أرفع بما لا يقاس، عن مستوى جاهلية القرن السابع، فقد أصبحت الأرض مهيئة لتتلقى عن الأحمدية، وتعي، أكثر مما تلقى، ووعى أسلافها، وكذلك جاء وقت الرسالة الأحمدية.. والرسالة الأحمدية تطوير للرسالة المحمدية.. وذلك ببعث آيات الأصول التي كانت في عهد المحمدية منسوخة لتكون هي صاحبة الوقت في القرن العشرين، وتكون هي عمدة التشريع الجديد، ولا يقتضي كل أولئك إلا فهما للقرآن جديدا، به تحيا السنة بعد اندثارها..


من الأمثلة التي تظهر الفارق بين الجاهليتين هو أنه في جاهلية القرن السابع لم يكن هناك حكم قانون فالقانون السائد هو "من غلب سلب" ولذا كانت القبائل تغير على بعضها فتقطع الأرحام وتهتك العروض لأتفه الأسباب وبلا مساءلة أو رقيب .. وكان مجتمعها يسوده الرق وصور التمييز الأخرى وبصورة خاصة ضد المرأة التي كانت تعامل أسوأ معاملة بل أن دفنها حية وهي طفلة وكان يعد من مكارم الأخلاق (وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قتلت؟؟) فإذا كتبت لها الحياة فهي لا تزيد على كونها من متاع الرجل .. كان الرجل يتزوج العشرة والعشرين ويملك غيرهن الكثيرات .. قارن ذلك بعالم اليوم الذي شرعت فيه القوانين المحلية والدولية التي تحترم حقوق الانسان وتجبر المتغولين على احترامها (من أمثال الحكومات الاسلاموية في السودان والسعودية وغيرها من الدول ذات السمعة السيئة) .. هذا من ناحية ، أما من الناحية الأخرى فلقد بلغ التطور العلمي أوجه بحيث جعل الكرة الأرضية على اتساعها تبدو كالقرية الصغيرة مما أظهر حاجة ماسة للتعايش السلمي بين قاطنيها .. فإذا انبعث الاسلام من جديد فهو لا بد سينبعث في مستوى قامة هذا المجتمع الجديد والمتحضر .. وتلك هي رسالته الثانية التي تقوم على الحرية والمساواة وعلى الفهم العلمي والدقيق لعلاقة الانسان بالكون ولعلاقته ببني جنسه ..
فأذا جاء القرن الأربعين وارتدت البشرية لمستوى القرن السابع (قبل ظهور الأسلام) فأنه قطعا سيحتاج الى ما يحتاجه كل مجتمع قاصر من وصاية .. أما اذا ظل مجتمعا حرا مسئوليا وداعيا لاحترام حقوق وحريات البشر فأن دعوة الإسلام في مستوى أصوله ستستوعب طاقاته وتكفي حاجاته وتطلعاته ..
اتوقف هنا على أمل متابعة بقيى تعليقاتك حسب تسلسلها في فرصة أخرى
عمر

Post: #62
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-26-2005, 01:09 AM
Parent: #61

الاخ عمر عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تقول :

Quote: الأخ محمد سبيل
تحية طيبة
لقد ذكرت لك سابقا أنني سأتابع جميع نقاطك التي أثرتها نقطة بنقطة اذ انها جميعها مليئة بالأغلاط وسوء الفهم الذي تتسع دائرته كلما استعجل قلمك بالرد .. وقد شرعت في ذلك بالفعل وسأواصل بقدر ما يتيح لي الزمن من فرص وبقدر ما يسمح به التسلسل المنطقي .. ولكنك تعجل نفسك في الرد على حتى انك لتكتب بين كل رد ورد ردا آخر

ولكي لا اسبب لك مزيدا من الازعاج
فانني سأتوقف حتى تستكمل من جانبك الرد على كل ما اثرته من جانبي ( نقطة نقطة) حسب وعدك
وابانتظار أن تظهر لي ( الاغلاط وسوء الفهم) التي ذكرتها، حتى استفيد.
واعتذر لك عن تلاحق الردود

Post: #63
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-26-2005, 09:51 AM
Parent: #1


الأخ الكريم محمد سبيل
أشكرك على تفهمك واحييك تحية الاسلام
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
وأواصل التعليق على ملاحظاتك .. فقد قلت:
Quote: ولدي الملحوظات التالية.
1/ هل يجوز ان تقول ان الله ( قيد) فعله؟ .. فهذا يعني ان ثمة سلطة تكبح نفاذ فعله، وهذا يعني ان فعل الله محدود واطاره قانون اسمه ( الحكمة) وهذا لا يجوز حتى ولو كانت الكلمة براقة ( الحكمة)
لقد غاب عنك ان حكمة مطلقة ، وليست قيدا لفعله، حكمة تليق بجلاله وعظيم سلطانه، فالحكمة ليست مرجعية له يقيس عليها فعله ، وانما كل فعله حكمة، ولا يفعل سوى الحمة ابتداءا
بينما كلامك يعني انه : لولا ان الله قيد نفسه بالحكمة لكانت افعاله غير حكيمة ابتداءا .. فهل يجوز هذا التجاوز يا اخي ؟
نعم يجوز القول بأن الله قيد فعله بالحكمة وهذا لا يعني أن هنالك "سلطة تكبح نفاذ فعله" لأنه سبحانه وتعالى هو الذي قيد فعله بالحكمة وكتب على نفسه الرحمة فمن أين اتت هذه "السلطة" التي تتحدث عنها ومن أين أتى "الكبح" ؟!
فالله في ذاته مطلق بلا كيف ولا أين ولكنه لكي يعرف تنزل الى مرتبة العلم فسمى نفسه العالم ونزل علمه الى مرتبة الارادة فسمى نفسه المريد ونزل ارادته الى حيز الفعل فسمى نفسه القادر .. فخلق الكون بهذه التنزلات الثلاث لحكمة تعليمنا وسوقنا من أسفل سافلين الى أعلى عليين (يا أيها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) .. ورأس هذه الحكمة التعليمية مخافة الله ولكن نهاياتها هي معرفته والاطمئنان اليه ومحبته والتسليم له وتلك نهاية لا تبلغ .. فإن الى ربك المنتهى .. ولا منتهى .. وسبيلنا الى تلك المعرفة وذلك التسليم التقوى التي تعيننا على أن نعقل كلام الله ونفهم مرامي حكمته عن طريق الفكر الصافي والقلب السليم (بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم) ..
Quote: 2/ كلامك هذا ((
Quote: علم ذلك من علم وجهل من جهل .. وليس المطلوب منا أن نركن الى هذا المنطق الغريب الذي سقته أنت بأعلاه
ليس فيه مثقال حبة من حكمة.
بالطبع هذا رأيك ولك الحق في ابدائه ..

Quote: 3/ وتقول:
Quote: فالقرآن طلب منا أن نتفكر ونتدبر في آياته ، بل ان العلة وراء انزال القرآن هي التفكير (وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون)

هذا خطأ آخر تقع فيه لغيرك كثير ممن يفهمون القرآن بمزاجهم وبما يصادف هواهم، فالقرآن لم يسمح لأحد بأن يتفكر ( بحرية) فيؤول ماشاء كما شاء، ولم يسمح بأن نستنتج بدعا ومحدثات ثم نقول هو من عند الله.. ان الدعوة للتفكير والتدبر في القرآن ، هي دائما لآكتشاف صحة وكمال ماهو منزل من آيات واحكام وتشريعات، وليس لأبتكار رؤى من عندنا. وبالتالي فالتفكير المطلوب هو ( دائما) ذلك الذي يكرس النموذج ، وليس ما يغير فيه ويحدث، وهو نموذج مطلوب منا ( اتباعه) فقط وليس تغييره
الواهمون فقط هم الذين يظنون ان الدعوة للتفكير والعقل هي فتح لباب الرأي الحر أو لأضافة جديد.
تدبر الايات جيدا لتكتشف ان التفكير المطلوب هو هذا : التفكير المعزز ، المقر ، المكتشف للحقيقة الكاملة الجاهزة ، تفكير عبادي يعزز ويجذر ويخدم النموذج كما هو ، تفكير خدمة وليس تفكير ابداع اصيل .

أولا لم تقل لنا ما هو هذا "النموذج" الذي تتحدث عنه؟ والذي تعتقد أن التفكير خارجه "فهم بالمزاج ويصادف الهوى" و "بدع ومحدثات" وغيرها من الكلمات التي اتقن استعمالها دعاة الفهم السلفي .. فالجمهوريون عندما تحدثوا عن تطوير التشريع لم يخرجوا من اطار القرآن والسنة النبوية التي بشر النبي الكريم بأن الاسلام سيعود بها .. وقالوا أن وسيلة "الفكر" والفهم الديني الصحيح هي التقوى (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) و (من عمل بما علم أورثه الله علم مالم يعلم) بل اذا رجعت لكتب الفكرة الجمهورية تجد أن الطريق التسليكي الذي أبانته - طريق محمد- حصر الفكر في بداياته بالتفكر في عيوب النفس ونقائصها حتى تتطور معرفتها .. فليس الأمر نحتا عقليا (او ابتكار رؤى من عندنا) كما أنه ليس بالقول الفطير وانما يرتكز على فهم لدقائق القرآن أقيمت عليه الأدلة والبراهين .. صحيح أن الفهم الذي طرحه الجمهوريون جاء على غير ما ألف الناس ولكن غرابته هذه كان يجب أن تكون مدعاة للتعمق في دراسته والاقبال عليه حيث أن عودة الاسلام مرتبطة بالغرابة لا بما يكون عليه عامة الناس من فهم للدين وقد جاءت بشارة النبي الكريم بعودة الدين كالآتي: (بدأ الإسلام غريبا .. وسيعود غريبا ، كما بدأ .. فطوبى للغرباء .. قالوا: من الغرباء يارسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) .. وفي رواية أخرى (فئة قليلة مهتدية في فئة كبيرة ضالة) ..
فهل لك أن تفصل لنا في فهمك لهذا "النموذج" الذي تزعم أنه مبني على الفكر "المكتشف للحقيقة الكاملة الجاهزة" وكيف ستقدمه أنت واضرابك من السلفيين لعالم اليوم (هذا اذا لم تكونوا قد قدمتموه بالفعل في السودان وفي ايران وفي افغانستان وفي السعودية ، فكل هذه الحكومات تزعم تطبيقها لنموذج دولة المدينة)؟! هل يا ترى سيقوم على جهاد المشركين حتى يسلموا والكتابيين حتى يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ؟! هل سيقوم نظامه المالي على الزكاة وعلى مدخلات الخراج والغزوات (بالرغم من أن الحكومات الاسلامية لم تستطع أن تلتزم بذلك فأقامت البنوك الربوية وفرضت الضرائب واستدانت من الحكومات الغربية وتعاملت مع بنوكها)؟! هل سيجيز هذا النوذج الرق الذي لم تحرمه الشريعة بل فتحت له منافذ أخرى نتجت عن الغزوات الاسلامية؟ هل سينظر للمرأة على انها "ناقصة عقل ودين" ؟ ويجعلها على النصف من الرجل في الشهادة والميراث وعلى الربع منه في الزواج أم أنه سيعطيها حقوقها المدخرة في أصول القرآن؟ وهل سيسمح لها بتولى المناصب الولائية كما فعل مؤتمر البجة مؤخرا أم سيواجهها بالنص الديني "ما أفلح قوم ولوا أمرهم أمرأة" ؟ هل سيسمح هذا النموذج اذا اريد له التطبيق مرة أخرى في السودان بتولى غير المسلمين أي مناصب ولائية في حكم بلدهم اما ستواجهونهم بالنصوص الشرعية (يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين)؟ وهل سيحرم نموذجكم هذا ، الصور المجسمة وغير المجسمة ، كما فعل الطالبان بحجة الالتزام بالنصوص الشرعية التي وردت في هذا الخصوص ؟ !
اسئلة كثيرة تواجهك وتواجه مدرستك السلفية .. اذ أن الكلام عن "الأحكام والتشريعات" اذا لم يتبعه عمل يدخل صاحبه في دائرة المقت الالهي كما تعلم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) .. فأين المفر؟

نواصل

عمر

Post: #64
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: MaxaB
Date: 05-26-2005, 06:10 PM
Parent: #1





الأخ الكريم جمال .. بعد التحية و الإحترام

لم يسعفني الحظ أن اكون متابعا نشطا للبورد خلال شهور مضت .. فلا أدري ما جد فيه .. و لا أحسبني أكون أكثر من عابر سبيل في دياركم .. قرأت تساؤلاتك .. و لم يسقني فيك الظن كثيرا .. فلست أنت من يضع هذا العنوان .. و لو كان لغيرك لكنت كفؤا أن تجيب عليه بما يكفي لأرشفة منبر حديث الأرشفة .. فربما طرحته على سبيل الفائدة .. أو على سبيل الجرأة في طرح الحق حتى و لو عن طريق أسئلة معكوسة .. من قبيل أن الحق يعلو و لا يعلى عليه .. المهم أرجو أن يكون رفاق القلم .. قد أوفوا اجابتك .. و شفوا قلبك .. و أخص منهم الأخت بنت الأحفاد للمثابرة و الإجتهاد .. لهم منا جميعا كل التجلة و التقدير .

في نفس الموضوع .. مراجع متفرقة :

مناظرة .. الداعية الإسلامي أحمد ديدات .. مع الدكتور المسيحي أنيس شوروش

الإنجيل أم القرآن أيهما كلمة الله ؟

1,2,3,4,5
و

محاضرة الشيخ أحمد ديدات

القرآن معجزة المعجزات
1,2











Post: #65
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: MaxaB
Date: 05-26-2005, 06:17 PM
Parent: #1




- قال صاحبى وهؤ ينتقى عباراته:
لا أريد أن أجرحك فأنا أعلم اعتزازك بالقرآن وأنا معك فى أنه كتاب قيم.. ولكن لماذا لا يكون من تأليف محمد؟.. إن رجلا فى عظمة محمد لا يستغرب منه أن يضع كتابا فى عظمة القرآن.. وسوف يكون هذا منطقيا أكثر من أن نقول إن الله أنزله. فإنا لم نر الله ينزل من السماء شيئا.. ونحن فى عصر من الصعب أن نقنع فيه إنسانا بأن هناك ملاكا اسمه جبريل نزل بن السماء بكتاب ليوحى به إلى أحد.

قلت فى هدوء:
- بل نحن فى عصر يسهل فيه تماما أن نصدق بأن هناك ملائكة لا ترى، وبأن الحقائق يمكن أن تلقى إلى الإنسان وحيا.. فهم يتكلمون اليوم عن أطباق طائره تنزل على الأرض. كواكب بعيدة وأشعة غير منظورة تقتل، وأمواج لاسلكية تحدد الأهداف وتضربها.. وصور تتحول إلى ذبذبات فى الهواء ثم تستقبل فى أجهزة صغيرة كعلب التبغ.. وكاميرات تصور الأشباح.. وعيون ترى فى الظلام.. ورجل يمشى على القمر.. وسفينة تنزل على المريخ.. لم يعد غريبا أن نسمع أن الله أرسل ملكا خفيا من ملائكته.. وأنه ألقى بوحيه على أحد أنبيائه.. لقد أصبح وجود جبريل اليوم حقيقة من الدرجة الثانية.. وأقل عجبا وغرابة مما نرى ونسمع كل يوم.
أما لماذا لا نقول إن القرآن من تأليف محمد عليه الصلاة والسلام.. فلأن القران بشكله وعباراته وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجمال بلاغى ودقة لغوية هو مما لا يدخل فى قدرة بشر أن يؤلفه.. فإذا أضفنا الى ذلك أن محمدا عليه الصلاة والسلام كان أميا، لا يقرأ ولا يكتب ولم يتعلم فى مدرسة ولم يختلط بحضارة، ولم يبرح شبه الجزيرة العربية، فإن احتمال الشك واحتمال إلقاء هذا السؤال يغدو مستحيلا.. والله يتحدى المنكرين ممن زعموا أن القرآن مولف.
"قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله" استعينوا بالجن والملائكة وعباقرة الإنس وأتوا بسورة من مثله ومازال التحدى قائما ولم يأت أحد بشىء... إلا ببعض عبارات مسجوعة ساذجة سموها "سورة من مثله"... أتى بها أناس يعتقدون أن القرآن مجرد كلام مسجوع.. و لكن سورة من مثله.. أي بها نفس الإعجاز البلاغي و العلمي..
وإذا نظرنا إلى القرآن في حياد وموضوعية فسوف نستبعد تماما أن يكون محمد عليه الصلاة والسلام هو مؤلفه.
أولا: لأنه لو كان مؤلفه لبث فيه همومه وأشجانه، ونحن نراه فى عام واحد يفقد زوجه خديجة وعمه أبا طالب ولا سند له فى الحياة غيرهما.. وفجيعته فيهما لا تقدر.. ومع ذلك لا يأتي لهما ذكر فى القرآن ولا بكلمة.. وكذلك يموت ابنه إبراهيم ويبكيه، ولا يأقى لذلك خبر فى القرآن.. القرآن معزول تماما عن الذات المحمدية.

بل إن الاية لتأتى مناقضة لما يفعله محمد وما يفكر فيه.. وأحيانا تنزل الاية معاتبة له كما حدث بصدد الأعمى الذى انصرف عنه النبى إلى أشراف قريش:
"عبس وتولى. أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى، 1- 4 عبس
وأحيانا تنزل الاية فتنقض عملا من أعمال النبى:
" ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم" 67- 68- الأنفال
وأحيانا يأمر القرآن محمد بأن يقول لأتباعه ما لا يمكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف الكلام تأليفا:
" قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم" 9- الأحقاف
لا يوجد نبى يتطوع من تلقاء نفسه ليقول لأتباعه لا أدرى ما يفعل ب ولا بكم.. لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا.. ولا أملك لكم ضرا ولا نفعا. فإن هذا يؤدى إلى أن ينفض عنه أتباعه.
وهذا ما حدث فقد اتخذ اليهود هذه الآية عذرا ليقولوا.. ما نفع هذا النبي الذى لا يدرى ماذا يفعل به ولا بنا.. هذا رجل لا جدوى فيه. مثل هذه الآيات ما كان يمكن أن يؤلفها النبي لو كان يضع القرآن من عند نفسه.
ثانيا: لو نظرنا بعد ذلك فى العبارة القرآنية لوجدنا أنها جديدة منفردة فى رصفها وبنائها ومعمارها ليس الا شبيه فيما سبق من أدب العرب ولا شبيه فيما أتى لاحقا بعد ذلك.. حتى لتكاد اللغة تنقسم إلى شعر ونثر وقرآن.. فنحن أمام كلام هو نسيج وحده لا هو بالنثر ولا بالشعر. فموسيقى الشعر تأتى من الوزن ومن التقفية فنسمع الشاعر ابن الأبرص الأسدى ينشد:
أقفر من أهله عبيد فليس يبدى ولا يعيد

هنا الموسيقى تخرج من التشطير ومن التقفية على الدال الممدودة، فهى موسيقى خارجية.. أما موسيقى القران فهى موسيقى داخلية: (والضحى. والليل إذ ا سجى) 1- 2- الضحى
لا تشطير ولا تقفية فى هذه العبارة البسيطة، ولكن الموسيقى تقطر منها.. من أين؟ إنها موسيقى داخلية.
اسمع هذه الآيات:
"رب إني وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا"4- مريم
وهذه الآيات:
"طه. ما انزلنا عليك القران لتشقى. إلا تذكرة لمن يخشى. تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى. الرحمن على العرش استوى" 1-5- طه
فإذا تناولت الآيات تهديدا تحول بناء العبارة ونحتها إلى جلاميد صخر. وأصبح للإيقاع صلصلة نحاسية تصخ السمع:
"إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى يوم نحس مستمر. تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر"19- 20- القمر
كلمات مثل "صرصرا".. "ومنقعر".. كل كلمة كأنها جلمود صخر. فإذا جاءت الآية لتروى خبرا هائلا كما فى نهاية الطوفان تقاصرت العبارات وكأنها إشارات "مورس " التلغرافية. وأصبحت الاية كلها كأنها تلغراف مقتضب له وقع هائل:
"وقيل يأرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعى وغيض الماء وقضى ا لأمر"44- هود
هذا التلون فى نحت الألفاظ وفى بناء العبارة وفى إيقاع الكلمات مع المعاني والمشاعر.. يبلغ فى القرآن الذروة ويأتي دائما منسابا لا تكلف فيه ولاتعمل.
ثالثا: إذا مضينا فى التحليل أكثر فإنا سنكتشف الدقة البالغة والإحكام المذهل.. كل حرف فى مكانه لا تقديم ولا تأخير.. لا تستطيع أن تضع كلمة مكان كلمة، ولا حرفا مكان حرف.. كل لفظة تم اختيارها من مليون لفظة بميزان دقيق.
وسنرى أن هذه الدقة البالغة لا مثيل لها فى التأليف.
انظر إلى هذه الكلمة "لواقح " فى الآية:
"وأرسلنا الرياح لواقح"22- الحجر
وكانوا يفسرونها فى الماضى على المعنى المجازى بمعنى أن الرياح تثير السحب فتسقط المطر فيلقح الأرض بمعنى "يخصبها" ثم عرفنا اليوم أن الرياح تسوق السحب إيحابية التكهرب وتلقى بها فى أحضان السحب سالبة التكهرب فيحدث البرق والرعد والمطر.. وهى بهذا المعنى "لواقح " أيضا، ونعرف الان أيضا أن الرياح تنقل حبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة فتلقحها بالمعنى الحرفى، ونعرف أخيرا أن المطر لا يسقط إلا بتلقيح قطيرات الماء بذرات الغبار فتنمو القطيرات حول هذه الأنوية من الغبار وتسقط مطرا. كها نحن أولاء امام كلمة صادقة مجازيا وحرفيا وعلميا، ثم هى بعد ذلك جميلة فنيا وأدبيا وذات إيقاع حلو.
هنا نرى منتهى الدقة فى انتقاء اللفظة ونحتها، وفى آية أخرى:
(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون )188- البقرة كلمة "تدلوا ".
مع أن الحاكم الذى تلقى إليه الأموال فى الأعلى وليس فى الأسفل.. لا، إن القران يصحح الوضع، فاليد التى تأخذ الرشوة هى اليد السفلى ولو كانت يد الحاكم.. ومن هنا جاءته كلمة "تدلوا بها إلى الحكام " لتعبر فى بلاغة لامثيل الا عن دناءة المرتشى وسفله.
وفى آية الجهاد:
"ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثَّاقلتم إلى الأرض " 38- التوبة
القرآن يستعمل كلمة " اثَّاقلتم " بدلا من تثاقلتم.. يدمج الحروف إدماجا، ويلصقها إلصاقا ليعبر عن جبن الجبناء الذين يلتصقون بالأرض "ويتربسون " فيها من الخوف إذا دعوا إلى القتال، فجاءت حروف الكلمة بالمثل "متربسة".
وفى آية قتل الأولاد من الفقر نراها جاءت على صورتين:
"ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم" 151- الأ نعام
"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم "31- الإسر اء
والفرق بين الآيتين لم يأت اعتباطا، وإنما جاء لأسباب محسوبة.. فحينما يكون القتل من إملاق فإن معناه أن الأهل فقراء فى الحاضر، فيقول: نحن "نرزقكم " وإياهم. وحينما يكون قتل الأولاد خشية إملاق فإن معناه أن الفقر هو احتمال فى المستقبل ولذا تشير الآية إلى الأبناء فتقول نحن "نرزقهم " وإياكم. مثل هذه الفروق لا يمكن أن تخطر على بال مؤلف. وفى حالات التقديم والتأخير نجد دائما أنه لحكمة، نجد أن السارق مقدم على السارقة فى آية السرقة، فى حين أن الزانية مقدمة على الزانى فى آية الزنى.. وذلك لسبب واضح، أن الرجل أكثر إيجابية فى السرقة.. أما فى الزنى فالمرأة هى التى تأخذ المبادرة، من لحظة وقوفها أمام المرآة تضع " البارفان " ولمسات " التواليت " وتختار الفستان أعلى الركبة فإنها تنصب الفخاخ للرجل الموعود.
"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " 2- النور
"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"38- الماند
وبالمثل تقديم السمع على البصر فى أكثر من 16 مكانا
"وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة"78- النحل
"وجعلنا لكم سمعا وأبصارا وأفئدة" 26- الأحقاف
"أسمع بهم وأبصر"38- مريم
"إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"36 الإسراء
"وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم" 22- فصلت
"ليس كمثله شىء وهو السميع البصير"11- الشورى
دائما السمع أولا.
ولا شك أن السمع أكثر إرهافا وكمالا من البصر.إننا نسمع الجن ولا نراه.والأنبياء سمعوا الله وكلموه ولم يره أحد.
وقد تلقى محمد القرآن سمعا. والأم تميز بكاء ابنها فى الزحام ولا تستطيع أن تميز وجهه. والسمع يصاحب الإنسان أثناء النوم فيظل صاحيا فى حين تنام عيناه، ومن حاول تشريح جهاز السمع يعلم أنه أعظم دقة وإرهافا من جهاز البصر.
وبالمثل تقديم المال على الولد:
"يوم لاينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم" 88- 89- الشعراء
"إنما أموالكم وأولادكم فتنة، والله عنده أجر عظيم " 15- التغابن
"لن تغنى عنكم أموالكم ولا أولادهم من الله شيئا، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" 116- آل عمران
"أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم فى الخيرات بل لا يشعرون"55- 56- المؤمنون
"فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد ألله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا" 55- التو بة
"اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته" 20- الحديد
والأمثلة على هذا التقديم كثيرة والسر أن المال عند أكثر الناس أعز من الولد.

ثم الدقة والخفاء واللطف فى الإعراب. انظر إلى هذه الآية:
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما"9- الحجرات
مرة عوملت الطائفتان على أنهما جمع "اقتتلوا" ومرة على أنهما مثنى "فأصلحوا بينهما" والسر لطيف.
فالطائفتان فى القتال تلتحمان وتصبحان جمعا من الأذرع المتضاربة.. فى حين أنهما فى الصلح تتفصلان إلى اثنين.. وترسل كل واحدة عنها مندوبا، ومن هنا قال:
وإن طائفتان من المؤمنين "اقتتلوا" فأصلحوا "بيهما"!
حتى حروف الجر والوصل والعطف تأتى وتمتنع فى القرآن لأسباب عميقة، وبحساب دقيق محكم. مثلا تأتي كلمة "يسألونك " فى أماكن عديدة من ا لقرآن:
"يسألونك ماذا ينفقون قل العفو"219- البقرة
"يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى"85- الإسراء
"يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج "189- البقرة
دائما الجواب بكلمة "قل ".. ولكنها حين تأتى عن الجبال:
"ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا"105- طه
هنا لأول مرة جاءت "فقل " بدلا من "قل ".
والسبب ان كل الأسئلة السابقة كانت قد سئلت بالفعل، اما سؤال الجبال فلم يكن قد سئل بعد، لأنه من أسرار القيامة، وكأنما يقول الله: فإذا سألوك عن الجبال "فقل ".. فجاءت الفاء زاندة لسبب محسوب.
أما فى الآية:
" )وإذا سألك عبادى عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع " 186- البقرة
هنا لا ترد كلمة "قل " لأن السؤال عن ذات الله.. والله أولى بالإجابة عن نفسه..
كذلك الضمير أنا ونحن.
يتكلم الله بضمير الجمع حيثما يكون التعبير عن "فعل " إلهى تشترك فيه جميع الصفات الإلهية كالخلق، وإنزال القرآن وحفظه:
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون،" 9- الحجر
"نحن خلقناكم فلولا تصدقون" 57- الواقعة
" إنا أنزلناه فى ليلة القدر" 1- القدر
" أفرأيتم ما تمنون. أأنتم تخلقونه أم نحن الحالقون"58- 59- ا لواقعة
"نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالم تبديلا" 28- ا لإنسان
"ونحن " هنا تعبر عن جمعية الصفات الإلهية وهى تعمل فى إبداع عظيم مثل عملية الخلق.
أما إذا جاءت الآية فى مقام مخاطبة بين الله وعبده كما فى موقف المكالمة مع موسى.. تأتي الآية بضمير المفرد
"إننى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكرى" 14- طه
الله يقول: "أنا" لأن الحضرة هنا حضرة ذات، وتنبيها منه سبحانه على مسألة التوحيد والوحدانية فى العبادة.
ونجد مثل هذه الدقة الشديدة فى آيتين متشابهتين عن الصبر تفترق الواحدة عن الأخرى فى حرف اللام.

يقول لقمان لولده:
"واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، 17- لقمان وفى آية أخرى عن الصبر نقرأ:
" ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" 43- الشورى
الصبر فى الأولى "من عزم الأمور" وفى الثانية "لمن عزم الامور".. وسر التوكيد باللام فى الثانية أنه صبر مضاعف، لأنه صبر على عدوان بشري لك فيه غريم، وأنت مطالب فيه بالصبر والمغفرة وهو أمر اشد على النفس من الصبر على القضاء الإلهي الذى لا حيلة فيه.
ونفس هذه الملاحظة عن "اللام " نجدها مرة أخرى فى آيتين عن إنزال المطر وإنبات الزرع:
"أفرأيتم الماء الذى تشربون. أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون. لو نشاء جعلناه أجاجا"، "أى مالحا" 68- 70- الواقعة وفى آية ثانية:
"أفرأيتم ما تحرثون. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون. لو نشاء لجعلناه حطاما" 63- 65- الواقعة فى الآية الأولى "جعلناه " أجاجا.. وفى الآية الثانية "لجعلناه " حطاما واللام جاءت فى الثانية لضرورة التوكيد، لأن هناك من سوف يدعى بأنه يستطيع أن يتلف الزرع كما يتلفه الخالق، ويجعله حطاما. فى حين لن يستطيع أحد من البشر أن يدعى أن فى إمكانه أن ينزل من سحب السماء مطرا مالحا فلا حاجة إلى توكيد باللام.
ونفس هذه الدقة نجدها فى وصف إبراهيم لربه فى القرآن بأنه: "الذى يميتنى ثم يحيين" 81- الشعراء
"والذى هو يطعمنى ويسقين"79- الشعراء.
فجاء بكلمة"هو" جينما تكلم عن "الإطعام " ليؤكد الفعل الإلهى، لأنه سوف يدعى الكل أنهم يطعمونه. ويسمقونه، على حين لن يدعى أحد بأنه يميته ومجييه كما يميته الله ويجييه.
ونجد هذه الدقة أيضا حينما يخاطب القرآن المسلمين قائلا:
"اذكروني أذكركم "152- البقرة- ويخاطب اليهود قائلا:
"اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم"40- البقرة
فاليهود ماديون لا يذكرون الله إلا فى النعمة والفاندة والمصلحة والمسلمون أكثر شفافية ويفهمون معنى أن يذكر الله لذاته لا لمصلحة.. وبنفس المعنى يقول الله للخاصة من أولى الألباب:
"اتقون يا أولى الألباب "197- البقرة- ويقول للعوام:
"اتقوا النار التى وقود ها الناس والحجارة"24- البقرة
لأن العوام لا يردعهم إلا النار، أما الخاصة فهم يعلمون أن الله أقوى من كل نار، وأنه يستطيع أن يجعل النار بردا وسلاما إن شاء. ونجد مثل هذه الدقة البالغة فى اختيار اللفظ فى كلام إبليس حينما أقسم على ربه قائلا:
"فبعزتك لأغوينهم أجمعين"82- ص
أقسم إبليس بالعزة الإلهية ولم يقسم بغيرها، فأثبت بذلك علمه وذكاءه، لأن هذه العزة الإلهية هى التى اقتضت استغناء الله عن خلقه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولن يضروا الله شيئا، فهو العزيز عن خلقه، الغز عن العالمين.
ويقول الله فى حديثه القدسى:
"هؤلاء فى النار ولا أبالى، وهؤلاء فى الجنة ولا أبالى".
وهذا مقتضى العزة الإلهية.
وهى الثغرة الوحيدة التى يدخل منها إبليس، فهو بها يستطيع أن يضل ويوسوس، لأن الله لن يقهر أحدا اختار الكفر على الإيمان.. ولهذا قال "فبعزتك " لأغوينهم أجمعين.
"لأقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم"16- 17 الأعراف
ذكر الجهات الأربع، ولم يذكر من فوقهم ولا من تحتهم. لأن "فوق " الربوبية، "وتحت " تواضع العبودية.. ومن لزم مكانه الأدنى من ربه الأعلى لن يستطيع الشيطان أن يدخل عليه.
ثم ذكر إبليس أن مقعده المفضل للإغواء سوف يكون الصراط المستقيم.. على طريق الخير وعلى سجادة الصلاة، لأن تارك الصلاة والسكير والعربيد ليس فى حاجة إلى إبليس ليضله، فقد تكفلت نفسه بإضلاله، إنه إنسان خرب.. وإبليس لص ذكى، لا يحب أن يضيع وقته بأن يحوم حول البيوت الخربة.
متال آخر من أمثلة الدقة القرآنية نجده فى سبق المغفرة على العذاب والرحمة على الغضب فى القرآن.. فالله فى "الفاتحة" هو الرحمن الرحيم قبل أن يكون مالك يوم الدين.. وهو دائما يوصف بأنه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء... تأقى المغفرة أولا قبل العذاب إلا فى مكانين فى اية قطع اليد: "يعذب من يشاء ويغفرلمن يشاء"40- المائده
لأن العقوبة بقطع اليد عذاب دنيوى.. تليه مغفرة أخروية.. وفى كلام عيسى يوم القيامة عن المشركين الذين عبدوه من دون الله.. فيقول لربه: "إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر الم فإنك أنت العزيز الحكيم"
فلا يقول فإنك أنت الغفور الرحيم تأدبا.. ويذكر الم العذاب قبل المغفرة.. لعظم الإثم الذى وقعوا فيه.
ونجد هذه الدقة القرانية مرة أخرى فى تناول القرآن للزمن.. فالمستقبل يأتي ذكره على لسان الخالق على أنه ماض.. فأحداث يوم القيامة ترد كلها على أنها ماض:
"ونفخ فى الصور"99- الكهف
"وانشقت السماء فهى يومئذ واهية"16- الحاقة
"وبرزت الجحيم للغاوين" 91- الشعراء
"وعرضوا على ربك صفا"48- الكهف
والسر فى ذلك أن كل الأحداث حاضرها ومستقبلها قد حدثت فى علم الله وليس عند الله زمن يحجب عنه المستقبل، فهو سبحانه فوق الزمان والمكان، والذا نقرأ العبارة القرآنية أحيانا فنجد أنها تتحدث عن زمانين نحتلفين، وتبدو فى ظاهرها متناقضة مثل:
"أتى أمر الله فلا تستعجلوه"1- النحل
فالأمر قد أقى وحدث فى الماضى. لكن الله يخاطب الناس بألا يستعجلوه كا لو كان مستقبلا لم يحدث بعد.. والسر كما شرحنا أنه حدث فى علم الله، لكنه لم يحدث بعد فى علم الناس، ولا تناقض.. وإنما دقة وإحكام، وخفاء واستسرار، وصدق فى المعافى العميقة.
هذه بعض الأمثلة للدقة البالغة والنحت المحكم فى بناء العبارة القرآنية وفى اختيار الألفاظ واستخدام الحروف لا زيادة ولا نقص، ولا تقديم ولا تأخير، إلا بحساب وميزان، ولا نعرف لذلك مثيلا فى تأليف أو كتاب مؤلف، ولا نجده إلا فى القرآن.
أما لمحات العلم فى القران وعجائب الآيات الكونية التى أتت بالأسرار والخفايا التى لم تكتشف إلا فى عصرنا، والتى لم يعرفها محمد! ولا عصره فهى موضوع آخر يطول، وله جلسة أخرى.

من كتاب "حوار مع صديقي الملحد"...







Post: #66
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-26-2005, 07:22 PM
Parent: #1


الأخ محمد سبيل
تحية طيبة
أواصل من قولك:
Quote: Quote: النقد الوحيد الذي قرأته لك لفهم الأستاذ محمود لحكمة الناسخ والمنسوخ هو خشيتك أن يكون الأمر "من وسوسة الشيطان" ولم تواجه أي من الحجج التي ساقها الأستاذ محمود في مستواها ..

وازاء هذا أقول:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المصطفى وكفى.
ترى هل عليّ أن اوافق الاستاذ محمود ( وجهة نظره الخاصة ) في شرع الله ، دون أن يسنده أي دليل شرعي يخوله مراجعة الشريعة واعادة ترتيب اولوياتها واحكامها ؟
.. أقول هل عليّ أن اوافقه وامتدح رأيه الذي اتبع فيه عقله المجرد ، والا فانني لم انقده بمستواه ؟!
عموما لا بأس ..
سأسرد ههنا ملحوظاتي المتواضعة حول اراء الاستاذ المتعلقة بموضوعنا مرة أخرى وبطريقة أوضح قليلاً:

لم يطالبك أحد بأن توافق الأستاذ محمود أو تمتدح رأيه ولكنا طالبناك بمناقشة أفكاره في مستواها بدل التلويح بعبارات من شاكلة "وسوسة من عمل الشيطان" .. أما المخول الذي تبحث عنه فهو في القرآن (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم) وقد أقام الأستاذ محمود على فهمه الجديد الدليل الذي لم يفلح أي من الدعاة السلفيين في مواجهته ولا أراك تختلف عنهم كثيرا بما تطرحه هنا .. أحيلك مرة أخرى للأسئلة التي طرحتها لك في رسالتي السابقة وآمل أن أظفر منك عليها باجابات واضحة ومباشرة حتى نتبين موقع قدمك بصورة أوضح ..

Quote: أولاً/ لقد اثبتّ لك، بالمنطق الصريح، وبيسر - يبدو أنه ازعجك فذممته - أنه لا توجد منسوخات في رأيي المتواضع!، لا بمعنى ملغاوات ، ولا بمعنى مؤجلات .
وانما يمكن ، والله اعلم ، ان يكون معنى منسوخات ، كمصطلح، شيئا من قبيل: مشمولات/ المنسوخات ، وشاملات/ النواسخ ، حيث يكون حكم الناسخ احوى وأكثر سعة و أقل مشقة من حكم المنسوخ. أو بمعنى مفضلات / منسوخات ، وفاضلات/ ناسخات ، فكلاهما فاضل ولكن احدهما أفضل وأحب الى الله تعالى( المنسوخات)، وهكذا حسب درجة التقوى والايمان والعمل يتختلف الناس ، فكلما كان المسلم أتقى وأعمل فهو أقرب بأن يعمل بالمنسوخات ( قيام الليل ومحاسبة النفس والمجاهدة ..الخ) وبالتالي فهو أقرب الى الله سبحانه وتعالى ، وكلما كان أعجز في العمل فهو يكتفي بعمل النواسخ ، وفيما بينهما فالناس درجات ورتب في ايمانهم وعملهم ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
واستغفر الله العظيم رضا نفسه ، حيث ان رأيي هذا يحتمل الخطأ طبعا ، خاصة وان الله عز وجل يقول ( نأت بخير منها ) فما معنى الخيرية هنا ؟ وخير بالنسبة لمن للناس أم بالنسبة للمنسوخ؟ وهل يمكن أن يأتي بخير منها في شأن آخر غير الشأن الذي اختصت به أو نزلت به هذه الآية المنسوخة، وذلك تعويضاً لما فيها من خير كثير؟ فالالتزام بقيام الليل مثلا فيه خير ودرجات عند الله أكثر من عدمه ، حتى بعد اعفاء الأمة منه، فكيف اذاً تكون الآية الناسخة خيراً من المنسوخة؟ وبالتالي فالخير قد يكون في شأن آخر سوى النسخ. كأن تكون الآية الناسخة نفسها محتوية لحكم آخر سوى الذي جرى نسخه وهذا ما أميل اليه ، واستغفر الله .

هذه النقطة تم الرد عليها عدة مرات فأرجو مراجعة ردي في موضعه وقد أعطيتك أمثلة كافية للآيات التي نسخت آيات أخرى بما لايدع مجالا للمغالطة .. ولكن دعني أعلق على مسألة قيام الليل .. فقد فرض على النبي الكريم بحكم الآيات {ياأيُّها المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيلَ إلاَّ قليلاً * نِصفَهُ أو انقُصْ منه قليلاً * أو زدْ عليه ورتِّلِ القرآنَ ترتيلاً} الا أنه في حق الأمة كان ندبا وظل كذلك .. لا يغيب عني ما قاله بعض المفسرين من أن الأصحاب الزموا أنفسهم بقيام الليل في البدء (اي اعتبروه في حكم الفرض ، اتباعا للنبي) لكنهم رجعوا عن ذلك .. الشاهد أن الفرض على الأمة كان محصور في الأوقات الخمسة بينما ظل قيام الليل مفروضا على النبي الكريم اذا نام عنه لأي ظرف فإنه كان يقضيه .. وتلك هي سنته ..
لكن هنالك آيات واضحة كانت تطالب الأصحاب بما طالبت به النبي الكريم من أحكام ولكنها نسخت في حقهم وظلت في حقه محكمة الى حين التحاقه بالرفيق الأعلى ومن أمثلة ذلك آية ( يسألونك ماذا ينفقون ، قل العفو) والتي نسخت في حقهم بآية الصدقة .. وكذلك آية (يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون) وقد نسخت بـ (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لانفسكم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) حينما شق تكليفها على المؤمنين وقالوا للنبي (أينا يستطيع أن يتقي الله حق تقاته) .. وبذلك يصبح حديثك التالي حديث غير مؤسس وليس له ما يسنده والأنكأ من ذلك أنه ينضح بالتهكم والاستخفاف شأن جل تعليقاتك:
Quote: ولكن نعود الى فكرة اثباتي انه لا توجد منسوخات بمعنى مزالات او ملغاوات ولا بمعنى مرجآت أو مؤجلات..
فأما بمعنى ملغاوات فهذا ما يقرّ به أصلا الاستاذ محمود ، بل انه اسس شريعته الجمهورية ( المعاصرة) على قرآن مكة ( الأصل) الذي نسخه قرآن المدينة استجابة لمعطيات القرن السابع حسب زعمه.

أما قولك:
Quote: 2/ قلت لك يا الحبيب ، اذا كانت المُنسآت أو المؤجلات قد أرجئت من القرن السابع الى القرن العشرين ، لمواكبة شروط العصر ، فأين اذاً منسوخات أو مؤجلات القرن الحادي عشرين والثلاثين والاربعين ؟ أم أننا في القرن العشرين ، الماضي، بلغنا قمة النضج الحضاري؟ وبالمناسبة حينما توفي الاستاذ محمود لم يكن هنالك انترنت ولا مسيجات ولا فضائيات ولا تكنولوجيا معلومات، ولا جينوم بشري ولا هندسة وراثية ( دوللي) ولا عولمة ثقافية ودينية، والجايات أكتر من الرايحات!!، فأين منسوخاتنا نحن؟؟ ، هيا نريد منسوخاتنا وكمان منسوخات احفادنا بتاعت القرن الحادي عشرين وما بعده، هل نرجع الى النواسخ كما تشيرون؟!!! ربما هذا ما فعله بن لادن مبكراً .. رجع الى النواسخ لأن القرن العشرين الذي تحدث عنه الاستاذ محمود قد ولى!.

هذه نقاط مكررة ولقد أجبت عليها في ردودي السابقة عندما تحدثت عن التفاوت بين مستويات القصور والرشد مما استوجب وجود رسالتين، احداهما لمعالجة مشاكل مجتمع قاصر محدود الحاجات وأخرى لمعالجة مجتمع معقد يتطلع للحرية والمسئولية .. فليراجع حديثي في موضعه .. وطالبا تطرق الحديث لعلم الجينات والاستنساخ فدعني أهديك هذا المقتطف الصغير من كتاب "تعلموا كيف تصلون" والذي خرجت طبعته الأولى في عام 1972 ..

والحقيقة التي يجب أن نعلمها ، لنخرج من هذا الظن الفاسد ، الذي جلب علينا الخسران ، هي أن كل ذرة من ذرات أجسادنا إنما هي مشروع إنسان كامل ، ومسئول ، له عقل ، وله قلب ، وله جسد - هو نموذج مصغر منا .. وهذا كلام غريب !! ولكننا لا نقف عنده الآن ، وإنما يكفينا أن نعلم أن حواسنا ، وجوارحنا ، مسئولة .. ونحن ، عن تهذيبها ، وعن تعليمها ، وعن تسديدها ، مسئولون ..

وأحب أن أحيلك لكتاب "رسالة الصلاة" فهو تحدث عن مراحل في تطور الأنسان لم تبلغها البشرية بعد .. فهنالك حديث عن المرحلة الرابعة من نشأة الانسان
أما قولك:
Quote: ثم ماهو المعيار الذي نقيس به مدة ديمومة كل شريعة ، بمعنى متى انتهت صلاحية شريعة الصحابة؟ هل حينما ظهر محمود ؟ أم قبله؟ ومتى وكيف نعرف بالتحديد؟، هل كلما ضاق الناس ذرعا بالتكليف واستثقلوه واتبعوا هواهم نقول ( خلاص تعالوا نغير القصة دي تعبنا!) وساعتها نبحث عن مفكر يتمتع بعقل ذكي مثل محمود حتى يقترح علينا شريعة تناسبنا وتتبعنا!؟

فهو لا يعدو أن يكون استرسالا تهكميا في اسئلتك السابقة والتي تمت الاجابة عليها وهو للأسف حديث غث لا يشرف رجل مثلك فأرجو مخلصا أن تتجه نحو الموضوعية وتنأى بنفسك عن مثل هذا الأسلوب من أجل حوار يتسم بالاحترام ويرغب في الاستمرار ..

Quote: 3/ اذا كان رسول الله (ص) قد طبق على نفسه شريعة الاصول ( المنسوخات المرجآت ) نسبة لأنه كان متقدما على زمانه ، فكيف اذاً يكون أسوة للصحابة؟ ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )، أما كان الأنسب ان تؤجل بعثة النبي محمد (ص) حتى القرن العشرين ليكون أسوة لمن يشبهونه حضارياً ( حسب شرط الاستاذ طبعاً) ، كيف يبعث نبي ينتمي الى عصر في عصر سابق له ، ما الداعي الى ذلك !!!!!!!!!!.

الأصحاب كانوا مندوبين للتأسي بالنبي الكريم ما وسعهم التأسي ولكنهم لم يكونوا في مستوى تكليفه .. أما وأن الآيات التي يتبعها النبي الكريم كانت أكبر من مستوى وطاقة الأصحاب فهذا أمر لا يقبل المغالطة وقد ذكرت لك فيه أمثلة كثيرة فيما يخص الصلاة والزكاة وتقوى الله (حق تقاته) .. لا أود أن أكرر تلك الأمثلة مرة أخرى ولكن لا ضير من أن ازيدك عليها .. فمثلا كان النبي عليه أفضل الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة ولا يرضاها لأهل بيته حتى انه أخرج تمرة من فم حفيده وقال له "كخ .. الصدقة أوساخ الناس وهي لا تجوز لمحمد ولا لآل محمد" .. بينما نجد أن تشريع الأصحاب قام على الصدقة .. وكذلك فالنبي لا يورث وقد قال في ذلك "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة" .. بينما كان تشريع الأصحاب يجيز ذلك (أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم فقراء يتكففون الناس) ..
أما لماذا لم تؤجل بعثته للقرن العشرين حسب تهكمك وليس (حسب شرط الأستاذ طبعا) فذلك لأن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبعثه في ذلك الوقت ولأنه رسول الرسالتين .. رسالة أولى فصلها لأصحابه وقامت على فروع القرآن ورسالة ثانية عاشها في نفسه وقد قامت على أصول القرآن ولكن أمتها لم تأت بعد .. أمة الرسالة الأولى هم أصحاب النبي "أمة المؤمنين" وأمة الرسالة الثانية هم اخوانه "أمة المسلمين" وقد اشتاق اليهم في وجود أصحابه كما جاء في الحديث المشهور .. (وا شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم أصحابي .. ثم واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل أنتم أصحابي .. ثم قال ، للثالثة ، واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا: من إخوانك، يا رسول الله ؟؟ قال: قوم يجيئون في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم!! قالوا: منا، أم منهم؟ قال: بل منكم!! قالوا: لماذا ؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانا ، ولا يجدون على الخير أعوانا !! ) .. ووجه التمييز بين القرن السابع والقرن العشرين ليس في مسألة الحضارة فحسب فأرجو الرجوع الى المقارنة التي أجريتها لك من قبل بين جاهلية القرن السابع وجاهلية القرن العشرين ..
Quote: ثانيا/ لقد اوردت لك آية صريحة تحرم اجراء اي تبديل لحكم آيات الله وشريعته وفق برنامج ( ما يطلبه المعاصرون) بل حتى الرسول (ص) لا يحق له ان يغير في احكام وشرع الله تعالى وهذه الآية الصريحة هي:
(واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله، قل ما يكون لي أن ابدله من تلقاء نفسي ، ان اتبع الا ما يوحى اليّ ، اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم)15 يونس.
فهل نزل وحي على الاستاذ محمود يخوله تبديل حكم ايات القرآن أم من اين جاء بهذه الجرأة على كتاب الله فيبدل ( ننسها ) الى ننسئها ، ويبدل الشريعة بتأويلات من عنده؟

ليس هنالك "تبديل للقرآن" في دعوة الأستاذ محمود حتى ترفع هذه الآية في وجهه فحديث الأستاذ كان عن "الناسخ والمنسوخ" وهذا أمر موجود ومؤسس في القرآن فلماذا تريد أن تلوي عنق الحقيقة حتى ينطبق اتهامك ، وللدرجة التي جعلتك تسأل عن نزول وحي يخول تبديل "احكام" آيات القرآن ؟!! لاحظ أن الآية تتحدث عن "تبديل القرآن" ولكن لأنك شعرت أن ذلك لا ينطبق على حديث الأستاذ محمود ، التففت حول النص لتتحدث عن تبديل "حكم آيات القرآن" .. وشتان ما بين الأمرين اللهم الا لمن أعماه الغرض ..
Quote: ثالثا/ واضيف هنا ايضاً ، ان ما جاء به الاستاذ محمود هو بالتأكيد على جانب كبير من الخطر ، فلماذا اذاً لم يخبر به رسول الله (ص) وهو الذي حدثنا كثيرا عن أحداث آخر الزمان : المهدي المنتظر والدجال واشراط الساعة وظهور المسيح.. الخ ، فمحمود ، كما قد ترى ، يستبدل حكم الله وشريعته بما يراه أولى مما طبقه رسول الله على الناس، ثم أوصى به وقال ( بلغوا عني ولو آية، أدوا عني يرحمكم الله ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب) وقال (ص) : تركتكم على ما ان تمسكتم به فلن تضلوا بعدي "أبداً" : كتاب الله وسنتي عضوا عليها بالنواجذ) وقال( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك) ، يعني ياخوانا المسألة واضحة ، بسيطة، ولا تحتاج الى تأويلات وفلسفة أناس اذكياء..
فهل تغيير شرع الله وتكليفاته يعد أمراً عادياً حتى يسكت عنه رسول الله الذي حذرنا فقط من ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) ويقول ( من احدث في امرنا هذا ماليس منه فهو رد ) وقال (ص): ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) وقال صلى الله عليه وسلم ( اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم .. يعني ما في سيرة لسنة محمود ولا لرجل بمواصفاته حتى نقول ربما !.

من قال لك أن رسول الله لم يخبر بذلك ؟! ألم نقل لك أنه بشر بعودة الأسلام عن طريق بعث السنة حينما قال (بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء .. قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) وهل سنة النبي شيء غير أصول القرآن (المنسوخة) التي دعى اليها الأستاذ محمود؟! فالنبي عاش الرسالة الثانية في خاصة نفسه وبشر بعودة الاسلام بها ولكن أين من يفهم أين ؟! .. وحتى أحاديثه عن المهدي المنتظر وعودة المسيح فهي أيضاتشير الى هذه الرسالة الثانية التي تحاول رفضها بكل ما أوتيت من حجج واهية .. أرجو مراجعة كتب الجمهوريين عودة المسيح وكتاب المسيح للاطلاع على تفاصيل ذلك ..
Quote: رابعاً/ هل هنالك ضمانات تؤكد لنا ان من يخالف فهم الرسول (ص) الذي طبقه وطرحه على الصحابة من شريعة، واتبع محمود محمد طه سيكون مقبولا عند الله؟
طبعا هنالك آيات كثيرة واحاديث عديدة تؤكد ان الصحابة قد ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وانهم ( رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه) ، وقال تعالى (و السابقون الأولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) وهذه آيات ليست منسوخة!!. فهل لدى الاخوان الجمهوريين آيات ( مرجأة أو منسأة أو مؤجلة ومنسوخة) يفعّلونها في هذا العصر لنتأكد من الله سيقبل مخالفتنا لصراط الصحابة فتبع غيرهم حتى يرضى الله عنا ونرضى عنه؟. ليتك تقدمها لنا يا عمر..

ليس في الأمر مخالفة لفهم النبي الكريم بل أن الأستاذ محمود دعى بصورة جلية لبعث سنة النبي التي طبقها في نفسه لأنها وحدها القمينة بحل مشاكلنا في هذا العصر المحتشد .. أما تشريعه لأمته فقد راعي فيه حكم الوقت كما راعى حاجة وطاقة المجتمع في ذلك العصر وهو القائل (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم) .. ولا أظنك كنت تحتاج لأن تعطيني خطبة في فضل الصحابة وسبقهم فهو معروف ولكن بالرغم من ذلك فقد قال لهم النبي الكريم بأن هنالك "قوم يجيئون في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم!!" .. راجع حديث الأخوان الذي ذكرته لك قبل قليل .. فهل أنت أحرص على الأصحاب وأعرف بقدرهم من النبي؟!! وهذا الحديث مأخوذ من القرآن (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ، يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب ، والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين * وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم ، وهو العزيز الحكيم * ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ..) .. وقد أجاب القرآن على من يسأل عن سبب هذا المفاضلة بقوله (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ..) ..

اتوقف هنا على أمل مواصلة التعقيب على رسالتك الأخيرة في أقرب فرصة
عمر

Post: #67
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: Omer Abdalla
Date: 05-27-2005, 09:28 PM
Parent: #1


الأخ محمد سبيل
تحية طيبة وسلاما زاكيا
اختم تعليقاتي على النقاط التي أثرتها بهذه المداخلة التي أبدأهابقولك:
Quote: اعود اليك اخي عمر عبد الله مواصلا في قراءة مداخلتك اعلاه..

ففي المقدمة ايضا تقول:

Quote: عل كل يمكن تلخيص رأيك في أمر النسخ بالآتي:
1- أن الله يفعل ما يشاء ولذلك لا ينبغي أن نعيي عقولنا في البحث عن الحكمة في فعله ..
2- أن الله " يحب ( الاخفاء )" و أنه سبحانه وتعالى "يحب ان يفتن الناس" ومن هذه الفتن "المنسوخات"
3- أن "ربنا سبحانه وتعالى يحب الملاطفة ومداعبة عباده ومنهم رسوله، ومن هذا الباب يمكن ان نفهم كيف أنه ( ينسيه ) ما حفظه ، ثم يوحي اليه من جديد." "وعلى العقل ان يكون عاقلا، فيخضع فقط لأنه لن يفهم الكثير عن امر ربه."

طبعا فان المتتبع لحوارنا هذا لا يغيب عليه كيف انك تصر على ابتسار ما اطرحه ، ولكن ان يصل الأمر حد التبديل فهذا ما يثير التساؤل:
يا اخي ..
هذا مثال آخر للمغالطة الغير مؤسسة .. التلخيص الذي سردته أنا لرأيك فيما يخص أمر النسخ مأخوذ من كلامك مباشرة وليس فيه ابتسار خل عنك أن يكون فيه تبديل .. وأنت عندما أطلقت هذا الاتهام لم تكلف نفسك عناء اثباته بل ذهبت لتبرر النقاط التي انكرتها فيه .. ولكن لا ضير فسأتابع تبريراتك الجديدة ..
Quote: أولا بالنسبة للنقطة(1) فان ما احتفظ الله تعالى به من اسرار حول الحكمة من وراء فعله، لا ينبغي ان نعيي عقولنا فيه ، لأن ذلك سيكون اعياءأ في اطار "التأويل" البعيد الذي نهى سبحانه وتعالى عنه معتبرا اياه من شؤونه هو ، واما ما ينبغي ان نعرفه ونطلبه ونبحث عنه( في اطار العلم والتعلم أو الفقه والتفقه) فهو ما بينه الله عز وجل لنبيه (ص) عبر الوحي حتى يبلغه للناس ، وسندي في ذلك قوله تعالى ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تاويله الا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكّر الا أولوا الألباب) 7 آل عمران.

هذا تقييمك أنت وهو ما أخذته عليك .. أما قولي فهو أن معرفة الحكمة في أي مستوى من مستوياتها أمر مطلوب اذا توسل اليها الانسان بالوسائل الصحاح .. الذات الالهية هي التي يمتنع التفكير فيها لأنها فوق ادراك العقول ولذلك جاءت التوصية النبوية (تفكروا في مخلوقاته ولا تفكروا في ذاته فتضلوا) .. وسبب ذلك أننا نفكر بقوة الادراك الشفعي فينا - بعقولنا - أي أننا نميز الشيء بضده ولكن الذات الالهية ليس لها ضد ولذلك فإن الله سبحانه (لا تدركه الأبصار) .. ولا أدرى ماذا تقصد بالتأويل "البعيد" الذي نهى الله عنه ولا بد أنك تعلم أن نقاشنا هذا كان عن الآيات "المحكمات" وعن حكمة تشريعها .. ولا أخالك تنفي "التأويل" فهو يمثل العلم الحقيقي بدقائق القرآن وفيه يتفاوت علم العلماء بينما لا يمثل التفسير الا الطريف القريب من هيكل معاني القرآن .. دعني اقتطف لك من كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" هذه الجزئية التي تشرح فهم الأستاذ محمود للآية التي ذكرتها ولمسألة القرآن بين التفسير والتأويل:

للقرآن تفسير، وله تأويل ..
وبين التفسير والتأويل إختلاف مقدار، لا اختلاف نوع .. فالتفسير قاعدة هرم المعاني، والتأويل قمته .. وتتفاوت المعاني، بين القاعدة والقمة، من صور الكثافة إلى صور اللطافة .. فلكأن التأويل هو الطرف اللطيف من التفسير ..
وقمة هرم المعاني عند الله، حيث لا عند، وفي ذلك قال تعالى: (عن القرآن بين القمة والقاعدة) (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعليّ حكيم) فإن كلمة (لدينا) هنا، ليست ظرف مكان، وإنما هي للتناهي، حيث ينتهي الزمان، والمكان، وذلك لدى عتبة الذات، التي لا يحويها الزمان، ولا المكان .. وبهذا المستوى فإن تأويل القرآن لا يعرفه، عند التناهي، إلا الله، وهذا معنى قوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب، منه آيات محكمات ، هن أم الكتاب، وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنه، وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله .. والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا .. وما يذكر إلا أولو الألباب)
ولقد أخطأ قوم فظنوا أن التأويل، من حيث هو، لا يعرفه إلا الله .. وذلك لا يستقيم، لأن تنزلات القرآن، من لدن الذات، عديدة، وللعارفين فيها مواضع، ولا ينقطع حظهم من المعرفة إلا عند حضرة الذات .. فإنه، في حضرة الذات، مبلغ العلم الحيرة .. وفي الحيرة خير كثير .. لأن بها يعرف العقل قدر نفسه .. و (من عرف نفسه فقد عرف ربه) كما قال المعصوم .. وقد إعتصمت الذات العلية عن أن يعرفها أحد معرفة استقصاء، وإحاطة، لأنها قد تفردت بالوحدة المطلقة، فليست ذات تشابهها، فتعرفها، ولذلك فقد قيللا يعرف الله إلا الله) .. وإنما، من ههنا، جاء قوله تبارك، وتعالى: (قل لا يعلم، من في السموات والأرض، الغيب إلا الله، وما يشعرون أيان يبعثون * بل ادارك علمهم في الآخرة، بل هم في شك منها، بل هم منها عمون) .. فالغيب هنا، هو الله، في إطلاق ذاته، فإنه لا يعلمه أهل السموات من الملائكة المقربين، ولا أهل الأرض من علماء الجن والإنس .. بل استغرق علم هؤلاء علم الآخرة .. بل، حتى هذه، لم يستقصوها علما، ولم يحصوها يقينا .. قال تعالى: (بل ادارك علمهم في الآخرة) يعني اجتمع، ونفد، فلم يستقص، ولم يحط .. (بل هم في شك منها) لقصور علمهم بها .. (بل هم منها عمون) .. فتلك ثلاث درجات من العلم، كلها انحصرت في حضرات التنزلات، وانحسرت عن حضرة الذات .. وحضرات التنزلات كثيرة، لا تحصى، ولكنها جميعا تنضوي تحت ثلاث، فإن الذات العلية، تنزلت من إطلاقها، وصرافتها، إلى مرتبة الاسم – العلم – ثم إلى مرتبة الصفة – الإرادة – ثم إلى مرتبة الفعل – القدرة – .. ومن هذه الثلاث جاء خلق المخلوقات، فحضرة العلم أحاطت بالمخلوقات، وحضرة الإرادة خصصت الصورة الأولى، وحضرة القدرة أبرزتها إلى الوجود الأول، وفق تخصيص الإرادة، وإحاطة العلم، ثم باشرت إبراز تعاقب الصور في نسق حكيم، وتسلسل دقيق، تضبط منازله الإرادة الرشيدة، ويوجه خطوه العلم المحيط إلى سدة الذات العلية في علاها .. والسير إلى سدة الذات العلية، في علاها، إنما هو تطور من الكثافة، إلى اللطافة، أو قل من الجهل، إلى المعرفة .. وذلك هو مقصود الله حين قال، تعالى من قائل: (كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب، وبما كنتم تدرسون) وهو مقصود المعصوم حين قال: (تخلقوا بأخلاق الله .. إن ربي على سراط مستقيم) ..
وفي هذا التطور يقول تعالى: (يأيها الإنسان!! إنك كادح إلى ربك كدحا، فملاقيه) ولا تكون ملاقاة الإنسان ربه بقطع المسافات، وإنما هي بتقريب الصفات من الصفات – بتقريب صفات العبد، من صفات الرب – وذلك هو معنى الأمر بالتخلق بأخلاق الله ..

ولعل في ذلك رد واضح على سؤالك وتعليقك التالي:
Quote: وطبعا ، لابد انك تفرق بين طلب تفسير آي الذكر الحكيم واحكامها وتكليفاتها وفقهها ( العلم) وبين طلب التأويل البعيد، مما لم يسأل عنه الصحابة مادامت آيات القرآن بينات غالبا، وقد قال تعالى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) فالقرآن ليس فلسفة معقدة بل هو مبين وهدى للمتقين، وما اشكل منه على الناس فقد بينه رسول الله كجزء من مهمته مبلغا وسراجا منيرا. واذا لم يصب رسول الله في حكم من الاحكام نزل عليه الوحي ( كما حدث في قصة الاية: الرجال قوامون على النساء) حينما حكم بالقصاص أول الأمر.

أما قولك:
Quote: وفي الحقيقة فان كثيرا من الآيات ذات التكليفات الواضحة تأتي مصحوبة بالحكمة منها في الاية ذاتها، مثل هذه الاية المذكورة ، فالحكمة جاءت مذكورة في قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ..)34 النساء. فسبب التفضيل قد اوضحه سبحانه للناس ، الأول والأهم هو أن الله يفضل بعض خلقه على بعض لحكمة يعلمها، والثاني لأن من وظيفة الرجل في شريعة الاسلام القيام بواجب الانفاق على من هن تحت ولايته حتى ولو انهن ذوات مال.
هذه الاية شديدة الدلالة على مقصدنا، فهي تنطوي على حكمتين معلنتين وحكمة مخفية، فأما المخفية فهي تدخل في شؤونه التي اذا بحثنا عنها قائلين : لماذا يفضل الله بعض الناس على بعض نكون آثمين .
فهو قول يحتاج لمراجعة .. فإن الحكمة في تفضيل الرجال على النساء واضحة وليس فيها "حكمة خفية" يعتبر الحديث عنها "تدخل في شؤونه" كما قررت .. ففضيلة الرجال في مجتمع القرن السابع قامت على قوة العضل وشدة البأس وما يقدمه الرجل من حماية للمرأة الضعيفة والمغلوبة على أمرها في مجتمع درج على الغارات والحروب حتى ان وجود المرأة في حد ذاته كان يشكل عبئا اجتماعيا واقتصاديا كبيرا للدرجة التي ساقت بعض الرجال لأن يقدموا على دفن بناتهم أحياء .. والفضيلة الثانية هي الانفاق اذ لم تكن للمرأة في ذلك المجتمع فرص كبيرة لتعمل وتنفق على نفسها .. لهذين السببين كانت قوامة الرجال على النساء مبررة أما اليوم فلم يعد الرجل يحمي المرأة أو ينفق عليها ولذلك انتفت أسباب قوامته عليها اذ أضحى القانون يحمي الرجال والنساء على السواء .. وقد وجدت المرأة بفضل الله وبفضل تطور المجتمع فرص متكافئة في التعليم والعمل وصارت تنفق على بيتها كما ينفق الرجل .. هذا هو نوع التفكير المطلوب لمعرفة الحكمة الالهية .. ولكن نجد أن الكثير من السلفيين تمسكوا بهذه النصوص وبفهمهم المتخلف لها واتخذوه مبررا لمنع النساء حتى من قيادة السيارة كما يحدث في السعودية ومن دخول البرلمان كما تم في الكويت .. ولكن أمر الله نافذ في تعليمنا بشتى الوسائل وما حدث أخيرا في انتخابات الكويت خير دليل .. أليس هو القائل (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) ..

Quote: ثم فيما يخص قولك ملخصا طرحي:
Quote: أن الله " يحب ( الاخفاء )" و أنه سبحانه وتعالى "يحب ان يفتن الناس" ومن هذه الفتن "المنسوخات"

استنتاجك يا اخي ليس صحيحا!
أولا أنا لم اقل أن الله يحب الاختفاء أو التخفي وانما قلت الاخفاء ، هنالك فرق، وقد سقت براهيني على ذلك ( الاخفاء) وكانت كلها أسانيد واضحة وسأعيدها لك هنا لأنك اغفلتها:
اخفى ذاته عن مخلوقاته واخفى اولياءه بين عباده، واخفى يوم البعث واخفى يوم الاجل المحتوم،أخفى القدر، أخفى الغيب والرزق، واخفى اسباب رضاه التام عنا أو سخطه ( ربما في عمل بسيط لا نعيره اهتماما!) ، أخفى ليلة القدر في أواخر رمضان واخفى اسمه الأعظم.. الخ انه سبحانه وتعالى يحب هذا وهو اعلم بما يحب.
فهل هذا الكلام غير صحيح؟ وماهو وجه عدم الصحة فيه؟
وجه عدم الصحة في كلامك هو أن الله يحب أن يعرف وهو كذلك يحب لحكمته وأسراره أن تعرف ولكن على أن يتوسل لتلك المعرفة بوسائلها الصحيحة ، بعبارة أخرى يحب أن تؤتى البيوت من أبوابها .. فإذا اتفقنا على أن الله سبحانه (وهو غيب الغيوب) أحب أن يعرف خلقه به (كنت كنزا مخفيا ، فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق ، فتعرفت اليهم ، فبي عرفوني) فهو من باب أولى يريدنا أن نعرف ما هو دون ذلك من أسرار مخلوقاته (أولياءه ، أيامه ، الأجل ، القدر ، الرزق ، أسباب سخطه ورضاه ، وليلة القدر واسمه الأعظم وما الى ذلك من الأشياء التي عددتها) .. وقد تحقق الكثير من أوليائه ببعض هذه المعارف والأسرار .. فلا ينبغي أن نحتج بجهلنا نحن وننفي أن تكون هذه المعرفة مبذولة للمتقين .. (وفوق كل ذي علم عليم) ..

Quote: ثم ان الله يحب ان يفتن الناس فعلا فهل ترى في هذا عيبا؟ ألم يقل سبحانه ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ،ولقد فتنا الذين من قبلهم فلنعلمن الذين صدقوا ولنعلمن الكاذبين)؟ والفتنة معناها الاختبار وليست ( الدسيسة ) كما قد نما اليك يا الحبيب !
واما بخصوص تلخيصك لبعض آرائي الأخرى في جملة مجتزأة مما قلت:
"وعلى العقل ان يكون عاقلا، فيخضع فقط لأنه لن يفهم الكثير عن امر ربه."
فانه والله لحق. وهل تطمح يا اخي في ان يحتوى عقلك النسبي الكثير من شأن الله؟ كيف؟
وهل أنكرت أنا الفتنة أو قلت أنها عيب .. ما أنكرته هو قولك أن الله "يحب ان يفتن الناس" ومن هذه لفتن "المنسوخات" .. فالله سبحانه وتعالى يحب أن يعلم الناس ويسوقهم اليه بوسائل عديدة منها لطائف الاحسان ومنها سلاسل الامتحان والفتن حتى يميز الصادقين من المدعين ولكن "المنسوخات" ليست من هذه الفتن كما قررت أنت .. ولقد تحدثت عن حكمة النسخ بما يغني عن الإعادة ..

دعني اواصل في ردك الأخير واعتقد أنني قد أجبت على الجزء الأول منه ..
Quote: لم يعجبني كلامك يا اخي عن سيدنا عبد الله بن عباس بهذه الطريقة التي حاولت ان تظهره فيها بمظهر الذي يرجم بالغيب في تفسيره ، حتى انه كما تقول :

Quote: فسر الآية (اذا النجوم انكدرت) بقوله (أي ذهب ضوؤها ووقعت في البحر) وهو تفسير يستقيم مع معطيات العلم التجريبي في الوقت الذي عاش فيه ابن عباس أما اليوم فنحن نعلم أن أصغر نجم نراه أكبر من الشمس التي بدورها أكبر من الأرض ملايين المرات ولذلك لا يستقيم أن تسقط هذه النجوم في البحر .. وليست المشكلة هنا مشكلة بن عباس ولكنها مشكلة من يعتقدون أن حديثه هو الفيصل

ازاء هذا أقول :
اولا /أنت - ربما - تسخر منه ، لأنك تعلم أن النبي (ص) قد بُعث في اميين ، وانه لم يكن لديهم أي علم تجريبي في خصوص علوم الفضاء ( ولا اقول علوم الفلك ) وبالتالي لا معني لأشارتك نحو معطيات العلم التجريبي على ايامه ، اللهم الا اذا كان هنالك علم مادي شهادي غير تجريبي.
وثانيا/ ابن عباس قوله فصل طبعا، ليس بالنسبة لي فقط، وانما بالنسبة للصحابة الذين علموا من القرآن مالم يعلمه احد وهو ( ترجمان القرآن) وقد دعا له رسول الله (ص) بأن يعلمه الله عز وجل تأويل القرآن ( بمعنى تفسيره الصحيح طبعا) فكأن حجة ومرجعا للناس وأي ناس؟ ( صحابة رسول الله (ص) الذين نزل القرآن فيهم وعنهم ولهم قبل غيرهم) فهل نقول انه افتى حسب طاقته وعلمه البسيط وبالتالي تصبح المشكلة فيمن يعتبر كلامه مرجعا فيصلا الى اليوم؟
لا هذا لا يليق ، اذ ان ابن عباس اعلم بالقرآن من الاستاذ محمود، وآسف لأزعاجك بهذا الكلام.
أولا أنا لا ولم أسخر من عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه ولكن فهمت اجتهاده في اطار معطيات عصره وقدرته حق قدره فمن ينظر الى النجوم في ذلك الوقت بالعين المجردة فهي تبدو صغيرة الحجم ومن ثم فإن تفسيره بسقوطها في البحر مقبول في ذلك الاطار ولكنه ليس ملزم لنا الآن وعلى كل فأولئك رجال لهم اجتهادهم وأجرهم ولعلك تذكر حديثي للأخ هوبفل عن وهم الحواس وتسطيح الأرض .. وقد قال الامام على كرم الله وجهه (الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف رجاله) .. وهي تعني فيما تعني أن نستخدم عقولنا في الدراسة والتمحيص لا أن نتبنى أقوال لمجرد أنه صدرت من فلان أو علان .. ويبدو انك وضعت في ذهنك أنه وبما أن الحديث من ابن عباس فلا بد أن يكون صحيح فبذلت جهدا خارقا لتبرر صحة ذلك التفسير الواضح مجافاته لمعطيات العلم اليوم وكأنك تساوي بينه وبين القرآن .. أن التعصب لمثل هذا الفهم هو الذي جعل الكنيسة تعدم من قال بدوران الأرض حول الشمس في القرون الوسطى ..

Quote: ثالثا/ لماذا لا تؤول كلمة ( بحر ) على انها الفضاء السحيق مثلا؟ اليس الفضاء مائجا وفيه دوامات من المجرات والشموس الماخرة في البحر كالأعلام؟
وحتى البحر نفسه ممكن!!
كيف؟
الآن هنالك كثير من الشهب والنيازك والاجسام الفضائية تسقط على الارض ، ومما يلفت النظر انها تسقط غالبا في مياه المحيطات وهذه من رحمة الله بالعباد، هل تلحظ هذا؟
فمن يدري ، فلربما تتفتت النجوم قطعا فتطيش في الفضاء السديمي وبعضها يقع في البحر شظايا قليلة نسبة لبعدنا عنها تماما كظاهرة الشهب والنيازك التي تفقد ضوءها وتسقط على كوكبنا..
أو ربما تضمر هذه النجوم ، وهذا ما يذهب اليه العلم اليوم ، فالنجوم تتعرض للضمور فكأنما تأكل نفسها حتى تصبح بحجم صغير احيانا ، الأمر الذي جعل احد العلماء المسلمين يفسر الآية الأخرى ( فلا اقسم بالخنس الجواري الكنس ) على انها الثقوب السوداء الناجمة عن نجوم ضمرت بسبب ازدياد جاذبيتها حتى انها تتكثف وتبتلع حجمها وضوءها وكل ما يمر بها أو تمر به من اجرام.. هذا هو التفسير العلمي لظاهرة الثقوب السوداء!!
فاذا قاربنا هذا مع رأي ابن عباس فيمكن ان تكون ثمة علاقة بين كلامه وظاهرة الثقوب السوداء لناحية فقدان النجوم لضوئها وسقوطها في لجة كونية متلاطمة ومائجة تلغي حجمها وذلك هو مقصود ( بحر).
وبالمناسبة فما معنى بحر عند ابن منظور ؟
أنا لا أؤول حديث ابن عباس لأنه ليس قرآنا .. فهو حاول أن يشرح الآيات ويبسطها لقومه في ذلك الوقت على ضوء معطيات علمهم وواقعهم فلا يجب أن يسوقك الحماس الى هذا المدى الذي تعتسف فيه المعاني اعتسافا .. الشيء الآخر حتى اذا افترضنا أن تأويلك هذا هو ما كان في ذهن ابن عباس رضى الله عنه وهو ما فهمه منه القوم ، فكيف "تسقط" النجوم في بحر "الفضاء" وهي أصلا سابحة فيه؟!! عموما لا أريد أن أصرف وقتا أكثر في نظرياتك الأخرى وفي محاولتك اعادة تأويل "تأويل" بن عباس ..
نقاطك الأخرى عن النسخ والتأجيل وعن قيام الليل وعن الصحابة وسبقهم تمت الاجابة عليها في ردودي السابقة .. أما اقرارك بأن هنالك حكمة للنسخ فهذا تطور ملحوظ في رأيك واحييك عليه بيد أن محاولتك انكار ذلك على الأستاذ محمود بحجة أنه اعتمد على عقله ومطالبتك بالضمانات التي تنفي عنه هذه التهمة وقولك أنه يحاول استنطاق الآيات لتخدم نظريته وما الى ذلك من كلام انطباعي وفطير ، فأنا لا أشعر بأنه يستحق المتابعة والتعليق بعد كل الذي ذكرناه لك .. لكن هنالك عبارة تحتاج منى لوقفة وإبانة وهي قولك:
Quote: هل ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وهي الناسخة، تبدو أكثر مناسبة لزمان الصحابة من ( وان تبدوا ما انفسكم ) المنسوخة؟ وهل هذه المنسوخة تبدو لك انسب وأكثر لياقة بنا في هذا العصر الذي نتهرب فيه حتى من اداء الصلاة في المسجد؟ ، ناهيك عن مراقبة خطرات النفس ونوايا القلب!!! ستجد العكس صحيحا..
وفي خصوص ( أو مثلها ) التي تقول ان الاستاذ يعني بها اعادة احكام الآية المنسوخة ( الأمر مافعله مؤسسا عليه نظرية الرسالة الثانية) فهل يمكن هذا؟ ، هل طاعتنا ومجاهدتنا وعبادتنا اليوم افضل من الصحابة؟
أولا الاختلاف في مستوى الخطاب في القرآن يمثله مستوى تكليف النبي (السنة) ومستوى تكليف الصحابة (الشريعة) .. يعني في المثال الذي سقته أنت فإن آية (وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) هي مستوى ما عليه النبي وقد عبر عن ذلك بقوله (انه ليغان على قلبي حتى استغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة) .. أما آية (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) فهي مستوى تكليف الأصحاب وقد تجاوز الله عما حدثت به نفوسهم .. والمستوى الذي عليه النبي الكريم هو الذي سينبعث به الأسلام كما جرت بذلك البشارة وسيكون عليه تكليف أمة المسلمين "اخوان النبي" (وهي بالمناسبة لم تأت بعد) .. ولذلك لا أرى مبررا لمقارنتك الصحابة بنا كما جاء في قولك (هل طاعتنا ومجاهدتنا وعبادتنا اليوم افضل من الصحابة؟) .. وكنت قد اقترحت عليك أننا نعيش في جاهلية (ثانية) ويمكن أن نقارنها هي بجاهلية الصحابة (الجاهلية الأولى) ..

وأخيرا آتي لقولك:
Quote: Quote: كما انك لم تجيب على الأسئلة المحددة التي طرحتها لك في أمر الدعوة .. هل ستكون بقتال المشركين أم بدعوتهم بالتي هي أحسن ولماذا؟
أولا هي لم تجب وليست لم يجيب( فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة: الياء ، كما اننا نقول اجاب (عن) السؤال وليس اجاب (على) ، عموما هذه لتلطيف الجو فقط وليست للادانة أو الاستعراض أو الانصراف، وارجو أن اتلقى خيرا منها او مثلها !
ومهما يكن:
فالدعوة الى الله جهاد في سبيل الله بطريقة الرسول (ص) التي هي الحكمة والموعظة الحسنة وليست هنالك دعوة بالقتال بعد الفتح، فلا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ، وقد ظهر الاسلام واستسلم له اعداء النور وسمحوا لمواكب الخير لكي تمر نحو الانسانية مبلغة رسالة ربها ، رسالة واحدة سمحاء مبينة ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها الا هالك .. لكن هذا ليس كل شئ ..
شكرا على التصحيح اللغوي ..
أما اجابتك بأن الدعوة الى الله ستكون "الحكمة والموعظة الحسنة" فهو حديث لن تجد له سندا من "الشريعة" لأن آيات الإسماح منسوخة بآية السيف وقد ذكرنا لك ذلك عدة مرات ويمكنك الرجوع لكتب التفاسير للتأكد .. فكيف ستترك محكم الآيات وتنتقل لمنسوخها؟!! أم تراك لازلت تغالط في أنه ليست هنالك آيات منسوخة؟!! اللهم الا اذا صرت توافق دعوة الأستاذ محمود لاحكام الآيات المنسوخة (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) و(لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) ولنسخ الآيات المحكمة (فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم) ..
وعموما فإنه على هذه الآيات المحكمة - آيات الجهاد بالسيف ومثيلاها - قد قامت دولة الشريعة في حياة الرسول الكريم وبعيد انتقاله للرفيق الأعلى فسيرت الفتوحات الاسلامية حتى وصلت الأندلس .. بل أن سيدنا أبوبكر الصديق قام بمحاربة من أنكروا ركنا واحدا من أركان الاسلام (فيما عرف بحروب الردة) .. وما ذلك الا لوضوح هذه الآيات المحكمة ولوضوح حديث النبي الذي يتوافق معها (أمرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا ألا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويصوموا الشهر ويحجوا البيت ، من استطاع اليه سبيلا ، فإذا فعلوا عصموا مني أموالهم ودماءهم الا بحقها وأمرهم الى الله) .. وأنت كشخص رافض لدعوة الأستاذ محمود لتطوير التشريع بالانتقال من آيات الوصاية الى آيات الحرية - من الآيات المحكمة الى الآيات المنسوخة - سوف لن تنفك تجد نفسك في مثل هذا التناقض المريع بين الرفض والتبني .. وفي آن معا ..

اكتفى بما ورد وأشكر لك صبرك على الحوار
وتقبل تحياتي واحترامي
عمر


Post: #68
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-28-2005, 06:08 AM
Parent: #67

اخي الكريم عمر عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد،،

فها انك قد سمحت لي بأن ارد عليك ، حيث انني سأبدأ بمداخلتك التي رفعتها لي في يوم 25 مايو (!) ..
تقول:
Quote: كل ما في الأمر أن المفسرين اعتقدوا أن النسخ (التعطيل) ، فيما يخص الآيات المعطلة الحكم ، أمر نهائي ، لكن الأستاذ محمود قال أن التعطيل مرحلي وذكر أسباب ذلك .. أما أنت فتريد أن ترفض أن النسخ يعني التعطيل وتخلط خلطا مريعا بين الكلمتين ..

قناعتي ما تزال راكزة عند الاعتقاد بأن مفهوم النسخ الجمهوري لدى الاستاذ محمود انما هو "ابطال وشل الشريعة الاسلامية التي قام عليها دين الاسلام ومجتمع المسلمين" ، من خلال تطبيق الصحابة الآبرار لهذا الدين على نحو رضي الله عنه وعنهم فقال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم، و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً، ومن كفر بعد ذلك ، فاولئك هم الفاسقون)55 النور.
.. فهاهو الدين / الشرع الذي ( ارتضاه) الله سبحانه وتعالى للناس ومكنه في الارض ( في المدينة أولا)، لأنه ينفع الناس وليس زبداً يذهب جفاء ( وأما ماينفع الناس فيمكث في الارض) ، ولقد قال تعالى ( وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكلٍ جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم، فاستبقوا الخيرات، الى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ) 48المائدة وقال سبحانه (ولكل أمة رسول، فاذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لايظلمون) 47 يونس. وطالما ان أمة سيدنا محمد (ص) قد وصفها الله تعالى بقوله (وان هذه امتكم أمة واحدة وانا ربكم فاتقون )52 المؤمنون.. فمعنى ذلك ان شريعة هذه الأمة واحدة بالضرورة ومنهاجها واحد لأنها أمة واحدة ولكل أمة رسول، ولكل أمة شرعة ومنهاج خاص بهايوحدها ويميزها ، وليس هنالك مبرر منطقي لأن تكون ثمة شرعتان للأمة نفسهاتفرقانها قسمين ، ولا هنالك مبرر منطقي شاف لأن يكون محمد(ص) رسولاً - أمياً- برسالتين متناسختين احداهما لأميين وأخرى لنا نحن غير الأميين المتحضرين في القرن العشرين كما وصفنا الاستاذ
فاذا كان الأمر يقوم على منطق التحضر والنضج المديني الذي تحتكمون اليه ولم ينزل الله به سلطانا، فاننا اذاً نستحق رسولا ليس أمياً، لكي يكون أسوة حسنة لنا نحن حملة الدكتوراة في تكنولوجيا المعلومات والفضاءالخ!!!
اللهم صل وسلم على سيدي محمد عبدك ورسولك ، رضيت به نبيا ورسولا خاتما.
ورغم ان سياقات طرح الاستاذ محمود ساحرة ومبنية احيانا كثيرة على مرئيات مدهشة ولغة تأخذ الألباب أخذا الا ان خلاصاتها تنزع في النهاية بعيدا عن المحجة البيضاء، وتبدو احياناً غير مرتبطة عضويا بالمقدمات على النحو الذي يقصي غيرها من النتائج البديلة ، أقصد انه يمكن البناء على نفس الحيثيات والتحليلات والرصد المتقن للوصول الى نتائج بديلة لا تخالف صيغة الصحابة لفهم الاسلام وتطبيقه.
ثم ان حجة النضج الحضاري التي تأسست عليها الفكرة الجمهورية هذه حجة ليست بذات بال كبير ، ولقد قلت في مرة من المرار الآنفة التي ناقشت خلالها آخرين ، أن الله عز وجل لو كان رأى قيمة ضرورية وفائدة ترتجى لهذا الدين من المجتمعات المتمدينة أوالمتطورة ( حسب المقاييس المادية التي أنشأ عليها استاذ محمود حجته) لبعث محمداً (ص) في زماننا هذا أو على الأقل في روما أو اثينا خلال القرن السابع ، أو لجعله يقرأ ويكتب ويدرس ما تكنه تلك الحضارات(!)
واذا كنتم شغوفين بالحكمة، فلابد تعلمون الحكمة من مخالفة الرسالات لشروط العصر المادية الحضارية ، كلهم جاءوا ليخالفوا منجزات الحضارة التي يرضاها الله .
فرب العزة سبحانه وتعالى لا يحتاج الى اسباب مادية ولا لحضارة قائمة على هوى الانسان، لكي يقيم دينه في الارض ويمكنه. فالدين انما يتمكن – دائما- بمنهج الله وحده لا شريك له ، وبجنوده الذين يتوكلون عليه وحده، بعد ان يتخلوا عن اسباب العزة المادية الدنيوية التي لم تقم على لا اله الا الله.
بل ان اول ما يعمد اليه الدين – عادة- هو نفي جدوى هذه الحضارة المادية ووصفها بأنها مجرد متاع سيذهب هباء منثورا ( مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح)، ولذلك خسف بقوم عاد ارم ذات العماد وثمود وبقارون وفرعون ذي الأوتاد( اغرقه) وهدم ابراهيم الاصنام وهدمها محمد(ص) وتصدع ايوان كسرى ، ووصف محمد (ص) الدنيا بالجيفة ( الجدي الاسك) وقال في حديث صحيح ان اسوأ ما يفعله المرء في الدنيا هو أن يبني بناءً! وفوق ذلك قال تعالى (اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما،وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان ، وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور )20 الحديد.. وهكذا فأن ما يؤسس عليه الاستاذ ( نظريته القائمة على ابطال المحكم وتفعيل المنسوخ) ليس صحيحاً، فهو يؤسس على عرض الحياة الدنيا وعلومها ومنجزاتها القائمة على غير طاعة الله ، وبالتالي فهو كمن يؤسس بنيانه على ( متاع الغرور) .. ذلك لأن الدين لا يتبع الدنيا في تغيرها وهواها وشهواتها وكل ما يسمى ب "الحضارة الانسانية"،.. وانما اراد الله ان يتبع ذلك كله الدين، الذي بعث به الانبياء لضبط الحياة والشهوات والمعطيات المادية كافة حسب شريعته ومنهاجه ( اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين)فاتحة الكتاب .
اذاً فأن أول خطأ وقع فيه الاستاذ هو انه اراد أن ( يُخضع الدين) ويطوعه حتى يواكب شروط العصر ومعطياته، في حين أن الاديان تتنزل اصلا ، حينما تستكبر الحضارات واهلها فيأتي امر الله تعالى لضبط هذه الشروط والتحكم فيها وتوجيهها الى القاهر فوق عباده، فالله وحده هو الذي يطاع والله أكبر، اللهم لا عيش الا عيش الآخرة ( هذا مايردده رسول الله كلما رأى من آثار الحضارة المادية ونعيم الدنيا)، فليست متغيرات العصر هي التي نغير الشريعة من اجلها حتى نوافيها و نرضيها. وليست "الحكمة" سوى السنّة كما قال ابن عباس.
ان مصيبة كل من يقول بمثل هذا ( مواكبة مستجدات العصر ) فيؤسس عليه مشروع اصلاح قائم على وجهات نظر تعيد النظر في شرع المولى عز وجل تقديما وتأخيرا وابطالا وتفعيلا ) مصيبته هي افتتانه المبين بالعقل، فتنة هذا الزمان العقل، العقل الذي خضع له العصر كل الخضوع حتى ليكاد يجعله وثناًيبتهل اليه، فذهب بهم كل مذهب، بينما الدين دائما بسيط ومباشر، لأنه لكل الناس، وكل الناس له ( اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وما اشكل منه فيبينه النبي المرسل بوحي من السماء، فهو وحده المختص، وقد بُعث من اجل هذا الغرض هادياً وداعياً الى الله ( باذنه) وسراجاً منيراً، وأسوةً حسنة يتبعها المؤمنون، ويشاققها المبطلون الذين يتخذون دينهم هواهم ( بالمناسبة هواهم هنا تعنى ما يعنّ لعقولهم ) وفيهم يقول تعالى ( أفرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) .
قال تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) 115النساء.
ومن الآية أعلاه نقف على: أن المؤمنين المقصودين هم الصحابة قبل غيرهم، وان الهدى ، الذي تبين، لن يكون عكس ما كان عليه الصحابة من شرعة ومنهاج. بل هم مصابيح الهدى كما سماهم رسول الله بهم تنجلي كل كربة. فمن اتبع غير سبيلهم يوله الله ما تولى.
وأما ما يطلبه الاستاذ محمود فهو عكس ما كانوا عليه تماماً!. والنبي الكريم لم يقل في اي حديث بأن شريعة الاسلام التي فصلت وطبقت في المدينة سوف تلغى لاحقاً ويستعاض عنها باسماحات / حريات ( يعني رفع التكليفات) نزلت في مكة قبل الهجرة!!، وبالتالى فأن في امر كهذا مشاققة صريحة للرسول الكريم (ص) فيما طبق فعلا وأوصى به الأمة من بعده ولم يوصِ أحدا بابطال الشريعة فقد قال ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) ، واما الحديث الذي رفعته انت ( اشتاق الى اخواني) فهو لا يعني ( بالضرورة) ما جعلته مبررا له ، فمن كان على ماكان عليه الصحابة تنطبق عليه شروط الاخوان، والدليل على ذلك أن أعمال ( الاخوان) تعدل أجر سبعين من ( الصحابة) فالمقياس ههنا الصحابة لا غيرهم ، هم المرجع والمقياس، ومن يخالف مقياسه فلا قياس له ، والأهم من ذلك ان رسول الله قد قال ( ما نتم عليه ) وهو يقصد الشريعة التي كان عليها الصحابة، وبالتالي فأنه يتعين على الاخوان ان يكونوا على ما كان عليه الآصحاب.اذاً فالحديث الذي تستندون اليه لتبرير مخالفة الصحابة وتحويل الشريعة الى شريعتين والرسالة الى رسالتين والرسول الى مستويين، انما هو ابلغ دليل على أن من اراد أن يكون من الآخوان فان عليه ان يكون كالاصحاب فيما كانوا عليه من شرعة ومنهاج.
ثم كيف تقوم الرسالة الثانية كلها على حديث واحد، بينما ضدها عشرات الايات والأحاديث التي تعتبر كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ،وما يطلبه محمود هو مخالفة ما كان عليه الصحابة من شريعة صراحة، .. لماذا؟ لأنهم كانوا بسطاء ونحن متطورون لذلك فلهم دينهم ولنا دين.!!
ان الفكر الجمهوري في حاجة حقيقية الى دليل بل ادلة أقوى من هذا الحديث اليتيم وأكثر اقناعا واختصاصا ( بعيدا عن الاستنباطات الفضفاضة) لتبرير مخالفة الصحابة فيما كانوا عليه بعدما رضي الله عنهم وبعدما دعا الله والرسول الى اتباعهم باحسان .
الغريبة انكم تقولون هذا الكلام الخطير ( اسقاط التكليفات ) تطويراً للشريعة، دون أن تطرف لكم عين، ومن يخالفكم فهو سلفي وجاهل معاً!!!!!.
وفي الحقيقة فان ما فهمته من ادبياتكم يجعلني في وضع يخولني القول بأن مفهوم الناسخ والمنسوخ لديكم يذهب الى أن :
مادعا اليه قرآن مكة من اسماح، ينسخ ما دعا اليه قرآن المدينة من شريعة وتكليف ( حسب زعمكم).
وازاء هذا نورد عدة ملحوظات:
1/ قرآن مكة ليس مكتملا ، بدليل انه استكمل بسور في المدينة كانت هي الاوسع والاكبر والاكثر تفصيلا، وفي المدينة نزلت الآية الكريمة( اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). فهل ما تدعون اليه هو شريعة قائمة على جزء من رسالة؟ أم أنكم تريدون تقسيم القرآن الى عهد جديد وعهد قديم كالانجيل المحرّف، فتبعثون العهد القديم فتجعلونه جديدا، وتنسأون الجديد ليصبح قديما في عصرنا هذا ( الأمر الذي لم يفعله النصارى في كتابهم مع انه اقدم ومزور!) ، أم تريدون ان تنطبق علينا الآية كما انطبقت على من سبقنا ( أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب، وما الله بغافل عما تعملون* أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون)85-86 البقرة.
فالصحابة الابرار طبقوا احكام القرآن كلها ، بما فيها المنسوخ (!) فقد جالدوا النفس وحاسبوها ، وقاموا في الليل ودعوا بالحكمة والموعظة الحسنة وبالسيف وعفوا وسامحوا وصفحوا.. الخ ، بينما محمود لا يدعوا الى ابطال قرآن المدينة فحسب( وهو الجزء المقدم من القرآن: انظر فضل البقرة وآل عمران والرحمن الخ) ، وانما بعد ذلك يحارب كل من يتبعه معتبرا اياه جاهلا ، وهذا ما تفعلونه هنا ، ولقد نبهت الاخ ياسر الشريف الى هذا من قبل ، مشيراًً الى أن سور قرآن المدينة وماتشتمل عليه من شريعة ، ليست من عمل الشيطان وانما هي من عند الله تعالى وانتم تقرون بذلك، فكيف تعتبرون الاعتناء بهذا القرآن والتقرب به الى الله خطيئة تنبذون من يقومون عليه؟.
2/ أن ما قام به الاستاذ محمود بهذا الصدد ( اقصد تصنيف الاصول والفروع والنسخ والاحكام الجمهوري) انما هو محض ( استنباط) أو استنتاج لا يمكن ان يضمن احدكم عصمته من الخطأ، وقد قال العلماء انه خطأ ولا يمكن ان تجتمع الأمة على ضلال.
3/ قرآن المدينة الذي نسخه اليوم قرآن مكة ( حسب زعمكم) هو نفسه يشتمل على ناسخ ومنسوخ ، فهل ناسخ المدينة سيتعرض لنسختين : نسخ من الله ونسخ من محمود؟
فاذا حدث هذا فانه يعني ان منسوخات المدينة تعتبر في مصاف قرآن مكة ( الاصول المحكمات على ايامنات) وهذا ما سيسمح لي بالقول أن مفهوم ( قرآن مكة المحكم اليوم) يمتد ليشمل جزءا من قرآن المدينة.
4/ قرآن مكة نفسه تضمن ناسخا ومنسوخا !، فكيف الحل حينئذ؟ هل نقول انه : ليس كل قرآن مكة اصولاً ، وانما فيه فروع لا ينبغي احكامها اليوم. وكأنما قرآن مكة يتضمن من الناحية الفنية قرآناً يمكن تصنيفه مدنيا!.
5/ أليس الله هو الذي يأمر بنسخ واحكام اياته؟ حيث يقول سبحانه( وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم) 52 الحج. فكيف اذاً تتولى الفكرة الجمهورية مسؤولية تنزيل هذا الاحكام لآيات الاصول المكية وتنسخ قرآن المدينة جملة أو تختار منه اختيارا؟
6/ أليست ثمة احكام شرعية تنتمي اصولها وفروعها معاً الى قرآن المدينة؟ فماذا نفعل ازاءها ؟
7/ قرآن مكة عني اساسا بالغيبيات وتجذير اليقين عليها وتوحيد الله ، حيث لم يكن هنالك تشريع دنيوي بشكل اساسي، يعني قرآن عقيدة بالدرجة الأولى، واذا كنتم ترون ان لكل أمة شرعة ومنهاجا ، لمعالجة شؤون الدنيابالطاعات، فذلك يعني ان الاسلام دين بلا شرعة ومنهاج لشؤون الدنيا اليوم، طالما ان الجزء الخاص بالشرعة والمنهاج سنسقطه ( وهو في قرآن المدينة).
8/ هل الأصول التي تقوم عليها عليها الرسالة الثانية، الأحمدية ، كلها نابعة من آيات منسوخة على أيام رسول الله (ص)؟ أم أن هنالك أحكاما في قرآن مكة لم تنسخ في المدينة؟
9/ ان اسقاط التكليفات المتمثلة في الشريعة والركون الى الحريات والاسماحات ، سوف يفقدنا لاحقا( الوسيلة ) الى الله الذي قال ( واتخذوا له الوسيلة) أي العبادات حسب الشرعة والمنهاج ، فكل العبادات ( اركان الاسلام ) من صلاة وزكاة وحج وصوم وحكم بالشريعة في الورثة والشهادة والقوامة وغيرها من حدود الله ( تلك حدود الله فلا تقربوها) كلها شرعت في المدينة وربما نتخلى عنها لاحقا بوصفها منسوخة بالاسماحات والحريات القائمة على المسؤولية!.
10/ الله سبحانه وتعالى يقول ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك، وان لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، ان الله لا يهدي القوم الكافرين) 67 المائدة.
فأنت تقول - نقلا عن الاستاذ محمود - ان محمدا (ص) هو رسول الرسالتين ، رسالة الفروع للأصحاب ورسالة الاصول للقرن العشرين، وما نعلمه انه بلغ رسالة واحدة وقال الا هل بلغت اللهم فاشهد .. فليبلغ الشاهد منكم الغائب فقام الاصحاب فبلغوا الناس فاتبعوهم الى يوم الناس هذا، فأين بلاغه (ص) للرسالة الثانية؟ هل سمح له الله عز وجل أن يوكل غيره؟ أم أنه ما بلغ رسالته ولم يؤد الأمانة كما ينبغي؟ ثم ان ربنا تعالى قال رسالته لا رسالتيه.
وازاء قولك:
Quote: أما أنت فتريد أن ترفض أن النسخ يعني التعطيل وتخلط خلطا مريعا بين الكلمتين ..


طبعاً ، لقد تعودت منك هذا ، فكل ما اجيئك به جديدا عليك فتجد فيه ما يهدد قناعاتك، تعمد الى انكار مشروعيته فتلجأ الى اطلاق احكام القيمة بلا اي مسؤولية، من نوع ( تخلط خلطا مريعا!!)
وفي الحقيقة فان محموداً هو الذي تلاعب بمعنى كلمة ( ينسأها) فغيرها الى معنى لم يسبقه اليه احد العلماء فتحول المعنى من ( يتركها على ماهي عليه محكمة) الى معنى( يرجئها الى أجل مسمى!) وذلك حسب ما رفعته انت شخصيا اعلاه. ولست أنا الذي يخلط ، وهل لدي مصلحة في الخلط ، طالما انني من دعاة ( خدمة وتكريس واتباع صيغة الاسلام التي اتبعها الصحابة) وتوسلوا بها الى الله حتى أفلحوا ونالوا شهادة الرضوان ( رضي الله عليهم) ، ثم أجئ أنا متواضعاً ألتمس طريقهم وطريقتهم ( المضمونة) والتي تؤكدها الآية الكريمة ( والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم).
ولكنكم ترون ان هذا الاتباع انما هو محض تخلف وسلفية بغيضة تجاوزتها الحضارة الانسانية المعاصرة .. أي حضارة؟ المادية العلمانية التي فرضت شريعتها فرضا حتى على شريعة الله!!.

رأيي ازاء مفهوم النسخ ، يقع بين رأي العلماء ولست منهم ، ورأي الاستاذ محمود ولست منه، وهذا الوضع لا يجعلني خالطاً خلطا مريعاً بين الكلمتين.
لماذا؟
لأن رأيي في هذا المفصل يلغي كلمة (الغاء/ تعطيل) اساساً وقد يقبل ( مؤجل) ، وبالتالي لا توجد الكلمتان اللتان اشرت اليهما، اذا ان ( ينسخ ) تعني لي ضمن هذه الفرضية ما اوردته اعلاه فأنكرته أنت لأنه لا يطابق الصيغة المحمودية، رغم انني لم اعتسفه او اعتبطه وانما قدمت مسوغاتي من اجله.
ومن ضمن ما قلت أنه لو كانت كلمة نسخ تعني الابطال أو التعطيل ، لكان كل منسوخ منهياً عنه، لأن الله هو الذي ابطله ، وما يبطله الله تعالى يصبح باطلا! ، فهل قيام الليل ( مثلا) باطل أم على العكس من ذلك، مطلوب، وهو دأب الأولياء الصالحين ، حيث تحض عليه آيات أخرى، ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) و ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون) .. اذاً فكيف يكون حكم قيام الليل قد ألغي أو جرى تعطيله؟
سيقول قائل ولكن الذي ألغي هو الزامية القيام؟
هنا اقول : اذاً فالزام النفس بالقيام كل ليلة يصبح منهياً عنه أو باطلا؟!!
كيف اذاً يقول رسول الله لزوجه حفص ( نعم الرجل عبد الله ( ابن عمر) لو أنه يقوم من الليل) أو يصيح في علي والزهراء : أتنامون !!!
اذاً ، فكما ان كلمة ( تأويل ) في الحديث الشريف الذي دعا فيه النبي (ص) لابن عباس بما معناه ( اللهم علمه من تأويل القرآن) تعني ( تفسير القرآن) باعتبار ان التفسير هو تأويل قريب، يختلف عن التأويل البعيد المنهي عنه ( وما يعلم تأويله الا الله).
..أقول كما هي الحال هناك ، فأن كلمة نسخ هنا ، رغم انها في اللغة تعني الازالة الا انها هنا لا تعني كذلك دائما..
اذاً فماذا يمكن ان تعني؟
ذلك ما حاولت ان اوصله لك – بصعوبة - في مداخلاتي السابقة ومفاده أن:
حكم العبادة المنسوخ قد يكون تلك الدرجة المثلى من التكليف المعين، المطلوبة من المتقين،
ولما كانت تلك الدرجة لا تتحقق الا بمجاهدة النفس والتدرج في مدارج السالكين، لذلك وضع الله تعالى حداً ادنى من تحمل التكليف والانطلاق منه نحو الدرجة المثلى ، وهذا الحد الأدني هو :الحكم الناسخ.
واما لماذا المتقون؟
فلأن الايمان الذي يطلبه الله تعالى هو ايمان المتقين، فالله يحب المتقين وهو معهم دائما وهو يمتحن قلوبنا للتقوى ، والجنة ( اعدت للمتقين ) ، والقرآن نفسه نزل ( لا ريب فيه، هدى للمتقين) .
وفي رأيي، والله اعلم ، أن ( درجة التقوى) هي درجة الاحسان وهي درجة تزكية النفس ، حيث عندها لا تحب النفس الا ما احب الله لها ولا تكره الا ما كرهه لها فتصبح التقوى من طبعها، وهذه درجة ليس بعدها الى درجة الاسلام الكامل، و ( درجة التقوى) يمنحها الله لمن اتقى مجاهدةً، بمعنى ان ثمة تقوى رتبوية، وهنالك تقوى تربوية بمعنى مجاهدة النفس باخلاص النية، بالتطبع ، على فعل الطاعات الصحيحة، بطريقة المصطفى (ص) ، واجتناب المعاصي اجتناباً، والمواظبة على ذلك، والزيادة فيه ديمةً، مع الدعاء والبكاء حتى ينظر الله تعالى اليك فيمنحك درجة المتقين ، ( ربنا آت نفوسنا تقواها وزكها) وساعتها لقد فزت والعاقبة للتقوى. ان للمتقين مفازا حدائق واعنابا وكواعب اترابا .. ،
تقوى الرتبة او الدرجة تقهر الشيطان الرجيم وتدخلك الجنة باذن الله، واما تقوى الترقي والمجاهدة ، فتفتح لك الابواب في الدنيا، فترزق وتجد المخرج من حيث لا تحتسب، وتعلمك الله ( اتقوا الله ويعلمكم الله) فتترقى، فتهتدي الى الصراط المستقيم باذن الله ( ويهدي اليه من اناب) ويقول سبحانه( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ).
والآية التي يقول فيها المولى عز وجل ( يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون) تجئ في هذا السياق ، الانتقال، بالعمل والاخلاص والاتباع باحسان، من تقوى المجاهدة/ التطبع الى تقوى الرتبة/ الطبع/ حق التقوى، وذلك هو الباب المفتوح على الاسلام الكامل، كما كان رسول الله (ص) وكما كان ابراهيم (ص) أول المسلمين.
ولقد نسخت بآية الاستطاعة ( اتقوا الله ما استطعتم) وذلك لأن التقوى لا مندوحة عنها في الحالين الطبع والتطبع، وهي درجات ، كل حسب استطاعته، من قليل الاستطاعة الى ان نصل الى تقوى الرتبة/ حق التقوى حيث الاحسان والنفس الزكية المؤدية الى الاسلام الكامل بكل الجوارح والقلب والعمل فتصبح عبدا سلماً لرب العالمين.
( قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك امرت وانا اول المسلمين.).
فهل هذا المفهوم لحكم المنسوخات يعتبر خلطاً بين كلمتى الغاء ونسخ؟!!.
سامحك الله وهداك.
ساعود

_______________
رب اشرح لي صدري

Post: #69
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-29-2005, 03:48 AM
Parent: #68

اخي عمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ارجو مراجعة التعديلات والاضافات المرفوعة اليوم للضرورة ولأخذها في الاعتبار حين الرد عليها
وساعود

Post: #70
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 05-30-2005, 06:38 AM
Parent: #69

أخي الكريم/ عمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أقتطف مما اقتطفت أنت عن الاستاذ محمود قوله:
Quote: للقرآن تفسير، وله تأويل ..
وبين التفسير والتأويل إختلاف مقدار، لا اختلاف نوع .. فالتفسير قاعدة هرم المعاني، والتأويل قمته .. وتتفاوت المعاني، بين القاعدة والقمة، من صور الكثافة إلى صور اللطافة .. فلكأن التأويل هو الطرف اللطيف من التفسير ..
وقمة هرم المعاني عند الله، حيث لا عند، وفي ذلك قال تعالى: (عن القرآن بين القمة والقاعدة) (حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا، لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعليّ حكيم) فإن كلمة (لدينا) هنا، ليست ظرف مكان، وإنما هي للتناهي، حيث ينتهي الزمان، والمكان، وذلك لدى عتبة الذات، التي لا يحويها الزمان، ولا المكان .. وبهذا المستوى فإن تأويل القرآن لا يعرفه، عند التناهي، إلا الله، وهذا معنى قوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب، منه آيات محكمات ، هن أم الكتاب، وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنه، وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله .. والراسخون في العلم يقولون: آمنا به، كل من عند ربنا .. وما يذكر إلا أولو الألباب)
ولقد أخطأ قوم فظنوا أن التأويل، من حيث هو، لا يعرفه إلا الله .. وذلك لا يستقيم، لأن تنزلات القرآن، من لدن الذات، عديدة، وللعارفين فيها مواضع، ولا ينقطع حظهم من المعرفة إلا عند حضرة الذات .. فإنه، في حضرة الذات، مبلغ العلم الحيرة .. وفي الحيرة خير كثير .. لأن بها يعرف العقل قدر نفسه

اسمح لي أخي بأن اتفق مع الاستاذ حول مقالته عن أن: للقرآن تفسيراً وله تأويلاً.
واختلاف المقدار لا خلاف عليه ايضاً ، ولكنني مقتنع بأن تراكم المقدار يتحول الى نوع، خاصة واننا لا ندري حدود مراد الله تعالى بكلامه ، ولكنه بالتأكيد من جنس علمه المطلق ، المختلف نوعاً ومقداراً عن علمنا. فنوع علم الله ومقداره ليس كنوع ومقدار علم الانسان بلا ريب.
وأخال أن التفسير هو تأويل قريب ومشروع ، اتاحه الله تعالى للناس كسبب من اسباب المتح من رحمته وعلمه، وقد اضطلع به المفسرون الاتقياء الثقات ( مثل ابن عباس وابن كثير والطبري ) وقاموا به خير قيام ، رغم الاختلافات وبعض العثرات والاسرائيليات التي يمكن رصدها والتعامل معها بحذر القلب المؤمن ، و بوجه عام لا يوجد الكثير من بين هذا التفاسير المشار اليها ما يمس المعنى ( المبين ) للقرآن حسب لسان قريش الفصيح.
فالله تعالى لا يمكن ان يسمي آياته بينات، ويسمي كتابه مبيناً ، مالم يكن بيناً مبيناً فعلا للناس، بل قال سبحانه ( ولقد يسرنا القرآن للذكر ) فهو ميسّر لا يحتاج الى تقعر وفلسفة أو تأويل بعيد الا لمن يبتغون تأويله ( تفسيره بما يوافق هواهم) وهؤلاء هم الذين في قلوبهم زيغ كما وصفهم المولى عز وجل في الآية (7) من سورة آل عمران... وفيها
يقول تعالى (، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنه، وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ، وما يذكّر الا أولوا الألباب .)
فها قد اشار سبحانه الى ان من علامات ( عدم الرسوخ في العلم = الجهل ) تعمد تأويله، حيث ان الراسخين في العلم يسلمون بأنه ( لا يعلم تأويله الا الله) وفي هذا اشارة دالة على أن التأويل البعيد انما هو جزء من الغيب الذي يقول عنه المولى عز وجل كذلك ( لا يعلم الغيب الا الله) فالتأويل البعيد، هو ذلك المعنى غير المباشر وغير الميسر للعقل الطبيعي وللشخص العادي ادراكه، وهو يعد من علم الغيب الذي لا ينبغي ان ننازع الله فيه طالما سبحانه وتعالى قرر انه هو وحده الذي يعلمه.
وبالتالي فكلام الاستاذ محمود المذكور هنا ليس مقنعاً ازاء امكانية معرفة التأويل المنهي عنه صراحة بموجب الاية الكريمة فهو يقول:
ولقد أخطأ قوم فظنوا أن التأويل، من حيث هو، لا يعرفه إلا الله .. وذلك لا يستقيم
لماذا لا يستقيم يا استاذ .. اعطنا مبررا منطقيا طالما انك تتحدث عن استقامة المنطق.. هنا يرد الاستاذ محمود بكلام باطني صوفي فيقول:
لأن تنزلات القرآن، من لدن الذات، عديدة، وللعارفين فيها مواضع، ولا ينقطع حظهم من المعرفة إلا عند حضرة الذات .. فإنه، في حضرة الذات، مبلغ العلم الحيرة .. وفي الحيرة خير كثير .. لأن بها يعرف العقل قدر نفسه
هل قدم لنا الاستاذ مبررا لمجازفة التأويل البعيد الذي اختص المولى عز وجل به نفسه؟
نعم.. لقد قدم ( الحيرة ) ولذلك فان علينا ان نغامر ونجازف مع ( العارفين) الذين يصعدون نحو حضرة الذات الألهية طلبا وتعطشاً للمعرفة، وهنالك يكتشفون ان الأمر مستحيل، فيحتارون ، وهكذا يعرفون قدر عقلهم المحدود وذلك هو الخير الكثير.
ترى ، وماذا عن الذي يعرف ببساطة أن العقل نسبي ومحدود ، وأن كلام الله مطلق، اتاح لنا منه سبحانه نصيب يكفي لتزكية نفوسنا وضبط سلوكنا وعبادته، وما بعد ذلك تأويل احتفظ به هو لنفسه ضمن علم الغيب ، وبالتالي فأن على العقل – النسبي - الا يسعى الى ادراك المطلق الذي نهي عنه لأنه سيحتار ولن يطاله قط .. اليس في هذا خير كثير؟
وسؤال يبرز هنا: لماذا ترك الاستاذ الكلام عن معرفة تأويل القرآن وانصرف الى معرفة ذات الله؟
هل لأنه يعتبر القرآن من ذات الله وكذلك المعرفة ، وبالتالي فحبل المعرفة في أي شأن ، سيفضي بنا لا محالة الى ذات الله؟
اذا كان الأمر كذلك فأن ما ينطبق على ذات الله من عدم تفكر فيها سينطبق على تأويل القرآن طالما ان الاستاذ قد ربطه بذات الله. ( فكروا في مخلوقاته ولا تفكروا في ذاته) أو كما قال رسول الله (ص).
وهكذا فأن معرفتنا بالتأويل القريب للقرآن( التفسير) مشروعة ميسّرة ، ومعرفتنا بتأويل القرآن البعيد ، محرمة، مستحيلة، ومن علم الغيب.. تماماً كما أن معرفة الله بما اتاحه لنا وهدانا اليه مشروع ميسر ، ومعرفتنا بذاته سبحانه محرمة ، مستحيلة، ومن علم الغيب.
ثم .. اذا كان أمر علم التأويل مرتبط بالعارفين بالله ، وذوي النفحات الخاصة، فلماذا يجري عرض هذا على العامة ضمن ( الفكر الجمهوري) ؟ الا يثير ذلك البلبلة ، وأليست الصوفية تجربة شخصية فردانية لا يجري طرحها وتسويقها وسط العامة الذين ما بلغوا من مجاهدة النفس ما يجعلهم ينالون هذا الحظ المشار اليه من معرفة الله بطريقة شديدة الخصوصية لم يناد الاسلام بها ضمن خطابه المكرس والذي اوصى به رسول الله امته، وتتضمن قدرا غير معلوم من المجازفة وعدم القطع ؟. فالذي يرضي الله معلن وكثير وكاف ، بل الناس يضيقون به أحياناً لكثرته وصعوبته، فما الداعي لدعوتهم الى ما فوقه وهم لم يستكملوا تجربتهم مع ماهو متاح وممكن؟.
ثم..
لي رأي متواضع ازاء فكرة التأويل ( التأويل البعيد) وتوابعه من قبيل ( القراءة التاريخية للنص القرآني)، ومفاده انه خطر يجب تحاشيه..
فالقرآن ، كما هو معلوم، محفوظ بموجب الآية الكريمة( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) وبالتالي فهو محفوظ مبنىً ومعنىً معاً، ولا يعقل أن يحفظ الله كلامه شكلاً أو لفظاً فقط ثم يترك جوهره ، وهو الأهم، مرتعاً لمن يشاء تغييره أو التلاعب بدلالته بذريعة أنه قد تعرض لنفحات غيبية ربانية خاصة ( وصيغ التأويلات لا حدود لها).
واذا اتفقنا على ان حفظ المعنى مضمون قبل حفظ الشكل ، بل هو الأهم، لأنطوائه على الحكم المراد، فأنه لابد ان نتفق على ان حكم الله المتنزل على الانسان ينبغي أن يكون واحداً ميسراً، حتى تتوحد القلوب ازاءه والصفوف والفهوم ، بما يبعد الناس عن التفرق شيعاً ، فالله عز وجل يريد صراطا مستقيما واحدة وحبلاً واحدا يعتصم به الناس جميعا ، وهذا لا يتأتى بالفهوم والتأويلات المتابينة ، بدليل أن المقاربات المختلفة والمتح المتباين ادى الى ما نحن عليه من فرق وجماعات تدعي كل واحدة منها العافية والاخلاص والاتباع لله ولرسوله وللقرآن والسنة (!) والسبب هو التأويل والقول بالفيوض العرفانية بجانب القراءة الزمانية للنصوص المقدسة ( ماذا تعني مقدسة هنا اذا كنا نغيرها كل مرة حسب رأينا الخاص وزعمنا للفتوحات؟)
وبالمناسبة فان كلمة ( نص مقدس) تنطوي على وجود صيغة محددة وواحدة ثابتة هي المرادة.
فليس معقولاً أن يكون الله سبحانه قد انزل شرعة ومنهاجاً للأمة الواحدة ثم يدعها تتبلبل وتتناطح حول ما يريد من حكم !، كيف يكون القانون غير محدد ، فلابد ان الله يريد منا جميعاً شيئاً واحداً معيناً يرضيه، ولكي يكون هذا المراد ميسراً ، فانه قد اوحى به الى رسله لكي يبلغوه للناس، ولم يسمح لأحد من بعد الرسل لكي يزعم أن الله قد فتح له بشرعة ومنهاج لم يبلغهما الرسول للناس صراحة وبلاغا مبيناً ، فهذه مهمة للرسل الاساسية تبليغ الرسالة باذنه و دون لبس.
قال تعالى ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153) الانعام.
لك سلامي واحترامي
وسأعود..

_______________
ربِّ اشرح لي صدري

Post: #71
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 06-02-2005, 05:15 AM
Parent: #69

أخي عمر عبد الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

اسمح لي بأن أواصل بعض ما اجده لصيق الصلة بموضوعنا المركزي، وهو تفريقكم بين قرآن مكة وقرآن المدينة، ومحاولتكم ابطال فاعلية/ حكم قرآن المدينة ازاء المجتمع، والاكتفاء بشريعة قرآن مكة فقط بوصفه ينطوي على الأصول التي لم تنطبق على الصحابة حيث انهم ضاقوا بها و اكتفوا بالفروع فقط!
وفي هذا الطار أضيف ..
ان الملحوظ في السور التي نزلت في مكة طوال ثلاثة عشر عاما من عمر البعثة تعادل أكثر من 75% من سور القرآن ومن حيث عدد الآيات فهي الأكثر
ولكن الملحوظ ايضاً انها تضمنت ( اساسا) الاحكام التي تنظم العلاقة بين الفرد المسلم وربه عز وجل ، وتبرز مشاهد الغيب عموما، من اجل توطيد هذه العلاقة واليقين على فكرة جوهرية ومركزية مفادها أن الغيب هو حقيقة ماثلة، يجب تصديق اصالتها وركوزها ، أكثر من تصديق اصالة وجدوى هذا الواقع المعيش في الحياة الدنيا والذي تراه العين.
نفي قيمة الدنيا واثبات قيمة الآخرة.
فكأنما سعى القرآن المكي الى ايصال الناس الى نقطة الاقتناع الكامل بأن الغيب هو الحقيقة الكاملة، وهو الاساس، وهو الغاية، لذلك دعا اليه ذوى العقل السوي والقلب النقي من الناس، عبر الايات والآلاء والبراهين، بينما الواقع المحيط هو الزيف بعينه ، طالما انه سطحي وعابر ومخاتل ومؤقت ولعب ولهو وغرور وتفاخر وهباء تذروه الرياح وبالتالي فهو ثانوي ووسيلة كأي مطية تمتطى.
ولكي يتأهل الانسان لتحقيق مرتبة الأيمان اليقني الكامل، وهي المنزلة التي يريدها الله لعباده تحديداً، فانه يتعين عليه أن يتأهل لذلك من خلال اخراج اليقين الفاسد من قلبه وعقله قبل ان تُشرّع له الشرائع التي بها يحصل على المنزلة..
و ذلك اليقين الفاسد ليس سوى التعويل أو الانشغال عن الله بأي شئ يمت لزهرة الدنيا ، أي اليقين على غير الله تعالى ووعيده وموعوداته التي هي في غالبها غيب، وفي الوقت ذاته يتعين على هذا الانسان مجاهدة النفس باتجاه رضا الله سبحانه تعالى.
وكلمة لا اله لا اله الا الله ، والتي هي جوهر الدين وسداه ومركزه ، تعني فيما تعني أن لا معبود بحق الا الله ، وأن الله هو الخالق لكل شئ ولا خالق سواه، وكل من وما دونه مخلوق ضعيف محتاج ومفعول به ، وأنه لا نافع الا هو ولا ضار ولا حول ولا قوة الا بالله. ولا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن الا باذنه وعلمه، وكل ذلك في كتاب عنده سبحانه.
هذا هو العنصر الاساس في خطاب قرآن مكة.
وأما قرآن المدينة ، فقد تضمن ( اساسا) السور التي تشتمل على أحكام تستجيب وتختبر مدى اليقين على هذا الذي تقدم، وكذلك تنظم العلاقة بين المجتمع المسلم مع ربه ، من خلال العبادات ذات الصبغة الاجتماعية ، حيث ان مكة لم يكن فيها مجتمع مسلم ذا سيادة واستقلالية ، الأمر الذي توفر في المدينة.
وهكذا نجد أن الصلاة باتت جماعية علناً وفي المسجد ( كمؤسسة اجتماعية رائدة) والزكاة عبادة تربط ذلك الفرد الذى تربى على اليقين على الغيب، بالمجتمع، والجهاد عبادة اجتماعية ، والحج كذلك ، والحدود هي صيغة ضبط للعلاقة بين الفرد والمجتمع تطهيرا لهذا المجتمع حتى يكون مقبولا ككل من جانب الله عز وجل .
ويمكن ان نلتمس هذا الرصد في اسلوب مخاطبة القرآن في الحالين، حيث نجده في قرآن مكة يتوجه منذ البداية نحو الانسان، كفرد، ويخاطبه من خلال مخاطبة الرسول (ص) ، لا مخاطبة مباشرة ولا مخاطبة للمجموع .. اقرأ ..
يا أيها الانسان أنك كادح الى ربك كدحاً فملاقيه.. ( الانشقاق)
يا ايها الانسان ماغرك بربك الكريم ( الانفطار)
قل هو الله احد ( الاخلاص)
قتل الانسان ما اكفره ( عبس )
لا اعبد ما تعبدون ولا أنا عابد ما عبدتم ( الكافرون)
ان الانسان لربه لكنود ، وانه على ذلك لشهيد ( العاديات)
الم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ( الفيل)
فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ، وأما من خفت موازينه فأمه هاوية .. ( القارعة)
واما قرآن المدينة، فهو يخاطب المدينة، مجتمع المسلمين في المدينة، بعد أن تحقق لهم الايمان جراء مجاهدتهم من جانب النبي (ص) بقرآن مكة جهادا كبيرا، هكذا جاء دور سور قرآن المدينة لتنظيم علاقتهم ببعضهم ( طريقة الحياة التي ترضي ربهم) وعلاقتهم ككل بالله تعالى وبالأمم الأخرى ، بعد أن مكنهم في الارض واظهرهم على عدوهم، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، فيخاطبهم غالبا سبحانه و تعالى بصفة الجمع وبايمانهم الذي تحصلوه فاستحقوا بذلك المخاطبة مباشرة ( عدا بعض الحالات) ، رغم أن القرآن اصلاً هو رسالة الى سيدنا محمد (ص) ليبلغها ويبينها بعد ذلك الى الناس:
يا ايها الذين آمنوا ..
وربما لا يخلو تشريع أو تكليف من ان يكون مسبوقاً بهذه العبارة ، واضيف ايضا هنا انه ربما يندر أن تجد مخاطبة للمؤمنين ( كمجتمع ) دون أمر بطاعة تفضي الى منزلة الايمان المطلوب ، وهو ايمان المتقين ، وهكذا نجد:

يا ايها الذين آمنوا اعبدوا الله الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون.
يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.
ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة
لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف ..
وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء
ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون .
هكذا يمكننا ان نتوصل الى ان قرآن مكة خاطب الفرد ، في البداية، واسس داخله الدين القيّم ( الايمان/ العقيدة الصحيحة ) حتى يصبح مهيأ لتحمل تكليفات الشريعة، ولم يخاطب مجتمع المؤمنين الا بعد حين ، أي بعد ترسيخ قيم العقيدة في النفوس، والراصد يلحظ هذا الأمر حين يقارن بين أوائل سور مكة وآواخرها التي باتت تختلف عن الاوائل، هنالك فرق في المخاطبة، فكأنما أواخر سور قرآن مكة تنحو نحو اسلوب ومضامين سور المدينة، بينما قرآن المدينة خاطب المجتمع – بعد أن تشكل المجتمع المؤمن - واسس الدين داخله عبر الشرعة والمنهاج الكاملين.
هذا الترتيب للأولويات من حكمة الله البالغة وسنته الثابتة.

ان المرء حين يقف للحساب بين يدي الرحمن ليُسأل كفرد، فأنه لابد ان نلحظ انه سيُسأل اساسا عن علاقته بربه مباشرة وفي مقدمة ذلك تصديق يقينه على الكلمة الطيبة ( لا اله الا الله محمد رسول الله) عملياً، ثم عن ادائه أو طاعاته ازاء التكليفات أو العبادات المختلفة التي بها ينال منزلة التقوى، وكذلك يُسأل عن علاقته بالمجتمع : بالآخر " الوالدين، الزوج ، الجار، ولي الأمر، حقوق المسلمين وغير المسلمين الخ"، من حيث معاملاته ومعاشراته واخلاقه.
وكلتا العلاقتين المقصود منها بلوغ منزلة المتقين، التي يريدها الله سببا لرضاه ومهرا لجنته، وهي المنزلة التي لا تبلغ قط بايمان ليس مشفوعا بعمل ، وليس أي عمل، وانما وفق الشريعة التي جاء بها ، غالبا، قرآن المدينة وبطريقة الرسول التي طبقها على نفسه واصحابه في المدينة، لا أن نرجع من مرحلة العمل الذي يصدق الايمان الى مرحلة تكوين الايمان الذي لم يختبر بالتكليف أمرا ونهياً..
هكذا نلحظ ان قرآن مكة قد عني بجانب من العلاقة الأولى ، حيث ركز على العقيدة الايمانية اساساً ، بجانب بعض العبادات كالصلاة التي لم تكتمل صورتها الا في المدينة.
وأما الجانب الأكبر من العبادات ذات المشقة مثل ( الصوم والحج والزكاة والجهاد في سبيل الله واقامة الحدود وطاعة الأمير..الخ ) فقد كان من تشريع قرآن المدينة، الذي شرع ايضا للعلاقة بالمجتمع ، بل واقام العلاقة مع الله من خلال المجتمع! .
بمعنى آخر يمكن القول أن قرآن المدينة هو الضابط والموجه للواقع بشروط الغيب، بينما قرآن مكة هو الضابط لقلب الفرد بشروط الغيب مستخفاً بقدر الواقع وقيمته.
ولا ينبغي ان يفهم من ذلك ان قرآن المدينة قد قدم تنازلات للواقع المادي، فهو جاء لتطويع هذا الواقع المادي وتعبيده لله بعد أن وضعه في اطاره الصحيح محددا حجمه بوصفه مجموعة أسباب مسخرة للأنسان حتى يعبد ربه ويطيعه، وحتى يكون محل فتنة لهذا الانسان فيختار اما تطبيق هدى اليقين الذي حصده من ايمانيات قرآن مكة أو لا ؟.
( يعني المدينة كانت ميدان البيان بالعمل بالنسبة لايمانيات مكة، والانسان انما يدخل الجنة بمدى تصديقه وتحقيقه لهذا الايمان عبر الطاعات عملياً)
وطالما ان الاسلام هو دين الجماعة، والله يحب الجماعة، بل ان اجر عبادة الجماعة أعلى منزلة من أجر المفرد في عبادته .. فاننا من هنا نستنتج ان قرآن مكة كان بمثابة الاساس الذي لا غني عنه، وهو النظرية المرجعية لشريعة المدينة، وذلك من زاوية انه بنى الذات المؤمنة ، كأفراد، تمهيدا لتشكيل مجتمع المؤمنين الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه في المدينة، حيث ان فضل الجماعة يتقدم فضل الفرد في الاسلام، ونصرة الله وبركته وسكينته تهبط على الجماعة المخلصة غالباً، وعلى الفرد المخلص استثناءً.
يبدو لي ، والله أعلم، قرآن مكة بمثابة الروح والطاقة الدافعة بالنسبة لمن يتلقى شرائع قرآن المدينة، حيث ان احكام ايات المدينة وتكليفاتها ما كان لأحد أن يضطلع بها ويقوم بها لو الطاقة الايمانية العميقة المستمدة اولا من قرآن مكة.
ولعله من السهل التماس المقصود في قوله تعالى ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات)
فالمقصود هو ايمان المتقين الذين لا يفعلون السيئات قصداً، والمقصود هو العمل بما انزل الله من شرائع وتكليفات ، ..
ونعلم أن الايمان أو العقيدة الصحيحة سعى الى تحقيقها قرآن مكة بحول الله، ولكنه ايمان ينقصه التطبيق طالما أن(الايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ) وهذا العمل يجب ان يكون وفق شرعة الله ومنهاجه، وهذا ما تم تشريعه بالتفصيل في قرآن المدينة ( العبادات والمعاملات والجهاد والطاعات عموما) مع اجتناب المعاصي التي حذر منها قرآن المدينة.
وبالتالي فان القول باستغنائنا عن شريعة قرآن المدينة، مكتفين بقرآن مكة، على أي مستوى كان ، سواء لفظاً او حكماً وشريعة، يصبح رأياً غير موفق ولا موضوعي، حيث ان العلاقة بين مانزل في الحالين عضوية متشابكة ومقدسة على هذا النحو ، بل هي في حد ذاتها معجزة، لم تتحق في اي كتاب آخر، خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار ،اختلاف بيئتي مكة والمدينة، من حيث الظروف الموضوعية( تحول دين الله من سجين مضطهد الى سيد بصلاحيات مطلقة) والتطور الاجتماعي الشامل على ذلك النحو اللافت السريع والراسخ في الوقت ذاته، بل والمتوهج الى اليوم رغم كل محاولات ابطال هذا الوهج.

ويكفي ان الله قد جعل كتابه قرآنا واحدا لم يقسمه الى قسمين وهو القائل سبحانه ( الذين جعلوا القرآن عضين)91 الحجر. أي الذين جعلوه اقساما فيطيعون بعض ويتركون بعض. وأن الله لم ينسبه الى الجغرافيا، حيث ان بعض القرآن نزل بعيدا عن مكة والمدينة معاً ، ولقد قال تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)2 البقرة. فكله ككل هدى، ومن اراد تحقيق ايمان المتقين الذي لا يرضي ربه سواه، ايمان الذين آمنوا وعملوا فان عليه اتباع ( كل ) هذا الهدى لا بعضه.

ملحوظة:
بالمناسبة.. ان الله تعالى قد وعد ببلوغ التقوى كل من اطاع احكام قرآن المدينة، وذلك مضمون في ذات الآيات التي تتضمن تكليفات من قبيل العبادات والمعاملات واقامة الحدود والجهاد الخ. ودرجة المتقين هي ماتعلم، فهل نضحي بها؟.
وسأعود ..
________________
رب اشرح لي صدري

Post: #72
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: انور الطيب
Date: 06-02-2005, 10:46 AM
Parent: #71

أتساءل بصدق أين هوبفل الذي أورد هذه الشبهات وانسحب بعيدا وأرى أنه من غير المجدي أن تبدأ موضوعا كهذا وتنسحب انسحابا غير مبررا وهل هوبفل فعلا صاحب هذه التساؤلات ويريد أن يقنع الآخرين بما يريد وله ذلك ولكن فقط يثير البلبلة ثم ينسحب فهذا ليس من آدب الحوار في شئ ومن العرف المتبع في هذا البورد متابعة من يبدأ بوستا لبوسته وحراسته ومتابعة ما يستجد فيه ولكن غريبة جدا أن يختفي وكما يقال "البيت محروس وستو تكوس".
وأجد أن هذا سببا وجيها لمفارقة هذا البوست .

Post: #73
Title: Re: هل القـــرآن كـــلام الله!!!؟؟؟
Author: محمد عبدالقادر سبيل
Date: 06-04-2005, 04:42 AM
Parent: #72

أخي عمر عبد الله .. المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
مازلت في مداخلتك بتاريخ 25 مايو
تقول:
Quote: هذا نموذج آخر لسوء الفهم . فالآية تتحدث عن أمرين هما النسخ والنسء (ما ننسخ من آية أو ننسها) .. وتقريبا اتفق جميع المفسرين على معنى النسخ وهو التعطيل (سواء كان بسحب النص والحكم معا أم بابقاء النص وتعطيل الحكم) .. وقد اختلفوا في قراءة ومعنى "ننسها" فبعضهم قرأها بدون الهمزة وشرحها بأنها النسيان أو الترك على ما هي عليه (كشرح ابن عباس) وبعضهم قرأها بالهمزة واتفقوا على ان معناها الإرجاء والتأخير .. فما هو وجه الصعوبة في ذلك .. كل ما في الأمر أن المفسرين اعتقدوا أن النسخ (التعطيل) ، فيما يخص الآيات المعطلة الحكم ، أمر نهائي ، لكن الأستاذ محمود قال أن التعطيل مرحلي وذكر أسباب ذلك .

يا اخي..
أنا أعلم أن الآية تتحدث عن أمرين بينهما حرف عطف (أو) ، ولكنك لم تقل لنا لماذا لم تختلف الحكمة - بالنسبة اليكم - في كل أمر على حدة. أم أن الأمرين كليهما يعودان للحكمة ذاتها وهي موافاة شروط العصر؟ وفي هذه الحالة نسأل اذا تم نسخ البعض ونسء الآخر ، ألم يكن النسء محققاً لحكمة النسخ أو العكس؟ بل ان الاستاذ محمود يطابق ما بين النسخ ( التأجيل) والنسء ( التأجيل ايضا) !! فكيف اذاً؟
ثم نريد ان ( نفرز) الآيات التي تم نسؤها حتى نميزها عما تم نسخها.
ما اعلمه هو أن العلماء يفسرون ( ننسها ) باعتبارها : إما ( نحذفها من ذاكرة النبي فينساها) أو تفسير ثانٍ هو ( نتركها كما هي محكمة غير منسوخة).
أما أنتم، فمن أصحاب هذه القراءة " ننسأها"، ولذلك فإنكم مطالبون بتبيان الحكمة في الحالين كلاً على حدة: حكمة النسخ ، وحكمة النسء ، وايضاً ارجو تبيان لماذا لم يغنِ النسخ عن النسء؟ أو لماذا لم يغن النسء عن النسخ؟ حيث ان الأمر كما يبدو في الحالين تعطيل حكم حتى زمان مقبل. وحاشا لله ان يأتي في القرآن بما لا ضرورة لذكره.
وبالنسبة لي فانني افضل القراءة الواضحة كالآتي:
قال الله تعالى: {ما نَنْسَخُ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا ، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِير(106) البقرة.
وقد اوضحت- غيرما مرة سبقت- مفهومي للنسخ ، بمعنى التأخير في التكليف والتقديم في الدرجة ، حيث ان حكم الاية المنسوخة يكون أقرب الى نموذج التقوى المطلوب ( منزلة المتقين) بينما حكم الاية الناسخة يشكل القاعدة أو بداية التدرج الايماني نحو تلك المنزلة المطلوبة.
وبالتالي فإن مشوار مجاهدة النفس ينبغي ان ينطلق، بشكل طبيعي، من الاستجابة اولاً لحكم الآية الناسخة ثم نستدرج النفس في سلم التقوى حتى تصبح مستعدة ومؤهلة لتلبية حكم الاية المنسوخة وصولاً الى منزلة المتقين.
وأما سحب الآية نصاً وحكماً، فذلك عندي هو ابدال آية مكان آية وليس نسخا. يقول تعالى: واذا بدلنا آية مكان آية ، والله أعلم بما ينزّل، قالوا إنما أنت مفترٍ، بل أكثرهم لا يعلمون ) النحل.
وفي خصوص " ننسها" ، فان تفسير ابن عباس كاف بالنسبة لي ومقنع.

ولعلي قد ذكرت لك سابقاً، بأنه من الممكن ايضاً ان يكون معنى ( ننسخ) هو ( نسقط الحكم ) نهائياً ، وقد بينت وجهة نظري التي مفادها أنه ليس من حقنا أن نقول إنه لا يجوز على الله فعل كذا أو كذا، فهو سبحانه فعّال لما يريد وهو يفعل ما يشاء وهو على كل شئ قدير، وفي ذلك السياق اعترضتُ على فكرتكم من ( أن الله قد قيد نفسه بقيد الحكمة) واوضحت لك وجهة نظري في ذلك..
ولكن ما لم أقله لك آنئذٍ ، هو أن الآية ذاتها تبين هذا الأمر بجلاء، حيث تنتهي بالفصل في قوله تعالى ( ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير).. ولعل هذا مما يعزز رأيي الذي رفضته انت من جانبك يومئذ.
وإذا كنت انت في مقام آخر قد اخذت عليّ ما تعتبره تناقضاً في موقفي ازاء مفهوم النسخ ، حيث أقول أن الله من الجائز أن يعطل الحكم نهائياً وليس هنالك ما يمنعه قط ، بل ان قيد الحكمة الذي تقوله لن يكون سلطة تحبسه و تكبح فعله ، وقلت لك أن كل ما يفعله سبحانه وتعالى هو حكيم وطيب ابتداءاً ، وليس بحاجة لتقييد وفك قيود بعد ذلك... ثم جئت في مقام آخر لأقول أن مفهوم النسخ يمكن ان يعني الفصل بين مرتبتين وبينهما درجات مجاهدات النفس كيف؟..
فأجيب عن ذلك بأنه لا احد يستطيع ان يقول : هذا هو مراد الله تحديداً وحسب، فالله أعلم بمراده، وانما هو التأويل ( القريب) فيما لم يفصل فيه ويبينه رسول الله (ص) وبما لا يتعارض مع حكم مفصلي آخر أو مع ما عرف من الدين بالضرورة.
هذا هو الأمر ببساطة ، فإنما أجتهد و أسوق احتمالات فهم تعبدي اتباعي لنموذج الصحابة والتابعين، ولست حكَماً أفصل في كتاب الله ومراده، ولا علم لي الا ما علمني ربي، انه هو السميع العليم. وهكذا لا مجال للقول بتناقض وقعت انا فيه، أو القول بأنه يتحتم عليّ ان أتبنى نمطاً واحداً لما ابديه من فهم ازاء الآية المعينة.
وعن قولك:
Quote: ما نسخ في حق الأمة ظل في حق النبي محكما .. ولذلك يمكن أن نقول أنه هو سنة النبي الكريم التي عاشها في خاصة نفسه والتي بشر بأن الاسلام سيعود بها (بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء .. قالوا من الغرباء يا رسول الله .. قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) ..

ارجو ان انبهك الى عدة ملحوظات بشأن هذا الحديث الذي تعولون عليه لتبرير محاولتكم ابطال النواسخ واحكام المنسوخات من جهة ثم فوق ذلك – وهذا هو الأدهى - تحاولون ابطال حكم قرآن المدينة الذي يشرع للعبادات جميعا وفي مقدمتها اركان الاسلام !!، دون وجه حق أو سلطان من الله تعالى مبين ، فاذا كنتم تعلون على سلطان هذا الحديث ( وطبعا انا لا ادري كيف يمكن ان نبطل حكم القرآن بموجب حديث؟) ولكن سأسرد ملحوظاتي:
1/ أن نص هذا الحديث ليس في كل الروايات على هذا النحو ، حيث ثمة اشارة الى الغرباء (هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي) في روايات أخرى.
2/ هذا الحديث نفسه يسوقه الوهابيون وانصار السنة لصالحهم، وليس هنالك ما يمنعهم.
3/ ان كلمة "اندثارها" تدل على انها كانت سنة ظاهرة سادت وازدهرت ثم اندثرت بعد ان تخلى عنها اتباعها او بعد ان اندثر اتباعها ، وبالتالي لا يصح ان تقول انها كانت سنة محصورة في شخص الرسول (ص) وحده. واذا كان المقصود هو ( ما كان عليه الرسول الكريم من اصول واسماحات الدين كما تقولون ) لكان قال ( هم الذين يحيون سنتي بعد موتي)،أو لقال الذين يكونون كما أنا عليه ، أو أي تعبير يبين الفرق بين السنة المقصودة هنا والسنة التي نعرفها ويعرفها والصحابة والتي هي مكملة للكتاب الذي هو مقدم عليها.
4/ يفهم من الحديث الشريف ان هنالك غرباء ( قلة) كانوا في بداية الأمر وهم الذين كانوا يستنون بالسنة ويحيونها، هؤلاء سيختفون وتختفي معهم السنة النبوية الشريفة ، ولكن سيأتي غرباء آخرون يحيون السنة من جديد بعد اندثارها
5/ هنالك حديث نبوي آخر يقول فيه المصطفى (ص) ما معناه : من احيا سنتي حين فساد أمتي فله أجر شهيد .. وفي رواية : فله أجر مائة شهيد.
فاذا قرأنا هذا الحديث الى جوار الحديث الذي تعتمدون عليه هنا ، فسنجد ان سبب اندثار السنة هو فساد الأمة ، وبالتالي فان السنة المقصودة دائما هي ما ترك الرسول (ص) أمته عليه الى ان يفسدوا فتندثر زمنا ثم يأتي الغرباء الجدد ليحيوها مجددا.
6/ اذا كان " الاسلام" هو ما كان عليه الرسول (ص) في خاصة نفسه وحده ، فذلك يعني ان الصحابة لم يكونوا مسلمين. بينما الله تعالى وصف الصحابة بأنهم مسلمون ( وجاهدوا في الله حق جهاده ، هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج، ملة ابيكم ابراهيم، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ، فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير..)78 الحج.
فاذا كان " المسلمون " هؤلاء قوم سيأتون في هذا الزمان أو بعده، فكيف يكون الرسول عليهم شهيداً وقد انتقل الى الرفيق الأعلى منذ القرن السابع؟
هكذا ، نجد انه في كل الاحوال ، فليس هنالك دليل قاطع لديكم يبرر ،أو يخول أحداً تعطيل احكام آيات المدينة باسم احياء سنة النبي (ص) التي تزعمون انها قائمة على التخلي عن التكليفات والشريعة لصالح ما تسمونه"الاسماحات".

_______________
رب اشرح لي صدري