السودانيون شعب يعيش بالنوايا والأمنيات !!

السودانيون شعب يعيش بالنوايا والأمنيات !!


06-18-2008, 10:32 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1213781525&rn=0


Post: #1
Title: السودانيون شعب يعيش بالنوايا والأمنيات !!
Author: خضر عطا المنان
Date: 06-18-2008, 10:32 AM


Quote:
اني لأعجب من بلد يعيش شعبه على الأمنيات وحسن النوايا .. فلا الأولى بنت وطنا ولا الثانية قدمت شعبا . وهاهي المبادرات تنهمر من كل حدب وصوب داخليا واقليميا ودوليا لتحكي لنا أسطورة شعب
ذاك هو حاله . كانت ( اتفاقية التراضي الوطني ) بين حزب حاكم وصل الى سدة السلطة على ظهر
دبابة ( المؤتمر الوطني ) وحزب آخر( الأمة ) تم اقصاؤه قسرا عن الحكم في انقلاب عسكري
( 30/6/1989م ) ويقوده سياسي مأزوم ( الصادق المهدي ) بعد أن تفرق شمل حزبه وتشتت ..
ولا حديث هذه الأيام – بعدها – سوى عن آخر مهرجانات المبادرات – كما أسماها زميلي بصحيفة
الراية القطرية ابراهيم بخيت - ما بات يعرف بـ( مبادرة الميرغني ) .. والتي لا تعدو كونها
– حتى الآن – مجرد نية لدى السيد ( محمد عثمان الميرغني ) أو من كان يوما رئيسا لأكبر كيان
معارض في تاريخ السودان السياسي الحديث ( خالد الذكر المرحوم التجمع الوطني الديمقراطي )
الذي ذاب جبل جليده الشاهق تحت وطأة حر السودان السياسي ولم يتبقى منه سوى الذكرى والذكرى
فقط وان جادل البعض حول ذلك .

فـ ( مبادرة الميرغني) تلك - حتى الآن - لا يعرف عنها أحد شيئا محددا أو نصا بعينه فيها أو ماهيتها ولا حتى خطوطها العريضة .. فتظل سرا في بطن صاحبها الى أن يكتب الله الاعلان عنها يوما .. لذا فهي في حساب الواقع السياسي تظل مجرد نية أو أمنية .. وأن كل ما قيل عنها حتى الآن هو مجرد اكليشيهات ملها شعب يتطلع لأحلام يبدو أنها لن تتحقق في القريب المأمول وفي ظل الاستقطاب السياسي المكشوف والمأزق الذي وضعت فيه حكومة الانقاذ وطنا بحجم قارة يعيش فيه شعب بحجم أمة .. وقد كانت آخر تجليات ذلكم المأزق هو ما تفتقت عنه عبقرية النظام باتهام ( لويس مورينو اوكامبو) رئيس محكمة العدل الدولية والتي تم تشكيلها من قبل الأمم المتحدة ممثلة في مجلس الأمن الدولي بـ ( الارهابي) وأن الحكومة السودانية تدرس اجراءات صارمة ضد هذا الرجل شخصيا .. وذلكم ما يمكن أن يكشف عن عمق المأزق ومدى الأزمة التي تحيق بالسودان الذي يعيش اليوم منعطفا تاريخيا عنده يكون أو لا يكون .. أو هكذا تقول الدلائل وواقع الحال .

السودان هذا البلد المنكوب بأهله لا بسواهم هو اليوم أمام حالة سريالية سياسية يعجز أمامها
المراقب عن تبيان خطوط التماس فيها بين ما قائم وثابت وما هو متبلور ومتغير.. ويبدو أن هذا
البلد قد كتب عليه الشقاء ولشعبه البلاء والمحن والاحن وما بين كل تلك ( المصاعب والمصائب ) يعيش سياسيوه بين رايح وغاد دون أن يأتي - أي منهم – بما يمكن أن يرفع من شأن ذلك البلد أو يخفف من وطأة الويلات على شعبه . السودان بلد تقسو عليه حتى جغرافيته التي منحته موقعا لا هو بالعربي
( الفصيح ) ولا هو الأفريقي ( القح ) .. وذلكم أمر اختلف بشأنه المحللون طويلا .. فمنهم من رأى فيه نعمة ومنهم من يرى خلاف ذلك ( نقمة ) .. وما بين الحالين يظل السودان - بلد المليون سياسي – يستجدي العالم مبادرات لم تحل له معضلة أو تشفي مريضا أو تروي عطشانا أو تخفف فقرا .. وموقعه بين ( الأفريكانية) و( العروبية ) أضاع صوته وهو يسكب ذاته يمنة ويسرا دون أن يبدو له – من على البعد – مرسى ..فأصبح بلدا تشتت أبناؤه في بقاع هذا العالم الفسيح بلا هدى ( نحو 20% من شعبه ) وأصبح يتصدر
قائمة الدول الأكثر فقرا ومجاعة رغم تمتعه بثروات طائلة في باطن الأرض وظاهرها .. وتحول – بقدرة قادر - من سلة غذاء العالم – كما كان يشاع ويقال - الى سلة أزمات العالم ( دارفور التي لم تترك دارا في العالم لم تدخله !!) لدرجة أضحت معها أشهر اسم على لسان كل ساسة العالم وزعمائه حتى
أولئك الذين لا يعرفون لها موقعا على خارطة الدنيا .

انها حالة فريدة – لا بل شاذة – تلك التي يعيشها السودان ( السياسي ) اليوم بين انيميا فكرية وشيزوفرينيا ايدولوجية أينما مالت مصلحتها تميل . انها حالة أشبه بمركب يصارع قائده ( المتعب) بين عواتي الموج وتياره وملامح شاطئ بقدر قربه يترآى له على مسافات بعيدة.. انها حالة التأرجح والانفصام بين ساسة عاجزين وشعب لا يملك الا الصبر والصبر وحده على أمل أن تفاجئه يوما معجزة .. وذلك في زمان ولت فيه المعجزات أو تكاد . هناك تململ شعبي ومناكفات سياسية وتجاذبات طائفية وصراعات حزبية وضغوط خارجية تأتي كل يوم بـ (العجائب) من فوق رؤوس الجميع .. فضلا عن تخبط داخلي لا أحد يدري له كنها . فلو أنك كنت أفلاطون زمانك فلن تدرك من هو المؤتلف ومع من ؟؟ ومن هو المختلف ومع من ؟؟ .. أنها حقا حالة أشبه بلوحة سريالية تتداخل فيها الخطوط وتتشابك الألوان وتتلوى التفاصيل وسط بحر من شتى ألوان الوجود دون أن تدرك لها معنى . السودان بلد كتب على شعبه أن يعيش هكذا : ربع تائه وربع حائر وربع يروح ويغدو دون أن يدرك له مكانا بين الربعين .. أما الربع الأخير فهو الصامت المتفرج والمنتظر لفرج قد يأتي ولا يأتي .

خضرعطاالمنان

صحيفة ( الراية ) القطرية / الأربعاء 18/6/2008م