النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية

النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية


05-23-2008, 05:42 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1211560928&rn=1


Post: #1
Title: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-23-2008, 05:42 PM
Parent: #0

قريباً ...
بمناسبة 25 مايو البغيضة ..
ومماحكات الشريكين .....
وما يجري في أبيي ..
...إلخ
إعادة نشر مقال ....
وإعادة تقييم ...

Post: #2
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-26-2008, 04:58 AM

أعتذر جداً عن التأخير الذي صاحب هذا البوست وذلك بسبب إنشغالي ببعض الأمور المهنية ...
الغاية في إعادة هذا الموضوع ، هي إعطاء النفس وبمشاركة الآخرين ، فرصة ثانية لإعادة التقوييم !!
ونرى أن نكون أصبنا أو أخطأنا ..!!
مع تحياتي
أبوفواز

Post: #3
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 05-26-2008, 05:04 AM

أبو فواز سلامات..

عنوان جذاب .. أقللاه، كان سبب في دخولي والتعليق .. وفي إنتظار ما تجود به مروتك -نسبةً للشهيد مروة- يا عبدالجبار!

.

Post: #4
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 11:38 AM
Parent: #3

الأخ المحترم عدلان ..
لك التحية والود ..
وشكراً على مرورك الرائع ..
وأعتذر مرة أخرى على التأخير ...
وسأبدأ اليوم بإذن الله ..
تحياتي
أبوفواز

Post: #5
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 11:43 AM
Parent: #4

كانت هذه المحاولة التحليلية قد نشرت بنفس العنوان في عدة أجزاء بصحيفة الأيام ، إبتداءاً من الجزء الأول بالعدد 7930 الصادر يوم الاثنين 28/6/2004م.
____________________________
Quote: باسمك اللهم نبدأ
النزعات الأديس أبابية
في التسوية الميشاكونيفاشية
( الجزء الأول )/1
كنت في مقال سابق قد وعدت بتقديم دراسة نقدية متكاملة لمنهج واسلوب مباحثات السلام التي جرت وكيف تمخضت عنها البرتوكولات الستة والتي نعتقد جازمين بأنها لا تصب إطلاقا في مصلحة الوحدة الوطنية أو الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية ولا حتى السلام الدائم ، ولكن ، وليعذرني القارئ الكريم ، بأنني قد فضلت بأن أتأنى قليلاً . و أن أساهم في هذه المرحلة بمحاولة متواضعة في عقد مقارنة بين الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية قبل وأثناء تسويتي أديس أبابا ونيفاشا ومحاولة المساهمة في فهم الأسباب الحقيقية لانهيار اتفاقية أديس أبابا حتى يحاول الجميع بدءاً بطرفي التفاوض في نيفاشا ثم كل المثقفين والكتاب الصحفيين والجماهير عامة والذين يحلو للبعض إطلاق لفظ ( العامة ) عليهم ولا اعتقد إن في ذلك ضير الآن فكلنا عامة حسب مقياس ريختر الخاص بطرفي التفاوض والذي جعل من كل القوى السياسية في أعلى درجات الغافلين ، أقول.. حتى نحاول نحن جميعاً، إن صدقت النوايا أن نتحاشى الوقوع في أخطاء الستينات والسبعينات من القرن الماضي التي صاحبت منهج صنع السلم الاجتماعي مما أدى إلى الفشل الحتمي لاتفاقية أديس أبابا المعزولة وكل معزول فهو خامل وكل خامل فهو لا فائدة فيه حسب قوانين الطبيعة البسيطة والتي في كثير من الأحيان تصلح لإسقاطها على قوانين الحراك الاجتماعي والسياسي .
قبل أن أدخل في هذه الدراسة المقارنة أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم وكل الأخوان المثقفين والكتاب والصحفيين والسياسيين بأن أبدأ في الحديث عن شيء ظل جاثماً على صدري وأفكاري لفترة طويلة ولقد أشرت إليه مرة أو مرتين في بعض مقالاتي ولم أتعمق فيه كثيراً ، ألا وهو علاقة الكاتب والأديب والسياسي والصحفي والمثقفين عموماً بالجماهير العامة والذين يمثلون الغالبية العظمى من دافعي الضرائب ، ويدعون أحياناً بالأغلبية الصامتة . ولقد أطلق عليهم أحد الأخوة المتحدثين في ندوة أقيمت بمركز عبد المجيد إمام بالخرطوم بحري في مارس الماضي بالغافلين وأنا أميل كثيراً إلى تأييده في هذا النعت، فحرارة الاتصال ساقطة تماماً في جهاز التواصل بين هذه الصفوة وجماهير الشعب عموماً إلا من بعض التجليات النادرة في جلسات المآتم والأفراح وإسترخاءات ضل العصر، إن بقي هنالك عصراً في تقويمنا اليومي بعد الساعة الإضافية التي منحنا إياها أحد العباقرة من مستشاري القصر الجمهوري .

Quote: وأود هنا أن أقرر حقيقة هامة حتى لا يتهمني البعض بالتناقض فأنا أعي تماماً إن كتابي هذا موجهٌ في الأساس للشريحة التي أعنيها وفقدت اتصالها بالجماهير، والتي أنا نفسي أنتمي إليها للأسف الشديد حتى الآن ، وأكاد أجزم بأنه لن يقرأه إلا فئة ضئيلة جداً من الصفوة و المثقفين أما جماهير الغبش فلا أعتقد بأن أحداً منهم سوف ينتبه إليه لأسباب عديدة ، أهمها أننا كمثقفين و أرجو أن أكون أهلاً لهذه الصفة ، فأنا بالمناسبة لا أحمل درجة بكلارويا ولا ماستر ولا دكتوراة ، فقط التحقت بجامعة الخرطوم كلية الزراعة وقضيت بها عامين ونصف ولم أكملها ثم بعثت لدراسة الطيران بالمملكة المتحدة لأرجع حاملاً إجازة طيران مدني تجاري وما زلت أعمل بسودانير أقال الله عثرتها ، ولكنني أحسب نفسي بأنني قارئ جََيِّد ومتابع لسياسة بلادنا الخربة منذ نعومة أظافري ، أقول إننا كمثقفين وكتاب وصحفيين وسياسيين وخاصة الذين يعارضون الوضع القائم حالياً بدرجات متفاوتة نتحدث نفس اللغة ومطالبنا تكاد تكون متطابقة ، وشعاراتنا واحدة ، مثل الديمقراطية ، الحريات العامة، العدالة الاجتماعية ، والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية وهذه فقط يخالفنا فيها بعض القلة والتي نحترم رأيها ولكننا نستغرب عليه كثيراً ونقول لهم مالكم كيف تحكمون إن كانوا جنوبيين أو شماليين وسوف نأتي لذلك بالتفصيل لاحقاً بإذن الله. ولذلك فأنا أتساءل هل سيقرأ بابكر ود حاج نصر وقرينته أم الحسن لمحمد طه محمد أحمد وكمال الجزولي ؟ هل ستجد ميري و سانتينو الوقت والخمسون ديناراً ليبحرا في أدب د/فرنسيس دينق و دعوات د/توبي مادوت للوحدة في التنوع ، وماذا سيستفيد د/ الطيب زين العابدين من محاضرة يلقيها الحاج وراق في قاعة خمسة نجوم أو الأستاذة آمال عباس من رؤية اقتصادية سياسية من الأستاذ العلامة د/ فاروق كدودة في منبر الصحافة أو ماذا سيضيف الأستاذ محجوب محمد صالح لمعلوماته عندما يقرأ للدكتور الرائع كمال حنفي أو د/ عبد اللطيف البوني لدكتور حيدر إبراهيم وفي كل ما سبق العكس صحيح !! وماذا سيجنيان جورج وتريزا مثلاً إن قرأا للأب فليلو ساوث فرج حديث الأحد ، وبالمناسبة أرجو صادقاً ومخلصاً من الأب فليلو ساوث فرج أن يكون ممثلاً حقيقياً لجميع أحباءنا الأقباط وأتساءل بشدة لماذا يصر دائماً أن يصبغ خطابه في حديث الأحد، وهو عمودُ سياسيُ في الأساس حسب فهمي ، بصبغة دينية ؟. إن مجتمع الأقباط السودانيين من الشرائح المهمة والمؤثرة في دورة المجتمع السوداني الاقتصادية والسياسية فأين خطابهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي لإثراء الوحدة الوطنية ؟. فأنا أقول لأبونا فرج كمثقف قبطي سوداني ، كما قلنا مراراً وتكراراً لأهلنا في الإنقاذ ، اتركوا أحاديث الدين للمعابد من كنائس و مساجد وساهموا معنا في تطوير المجتمع السوداني وترسيخ الوحدة الوطنية بحديث السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع ، وتذكروا بأن جميع سياسات الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليو بوش (الابن) الخارجية ومعظم سياساته الداخلية، قد فشلت حينما رهن نفسه لرغبات اليمين المتدين المتطرف داخل حزبه الجمهوري ، وباتت كل قراراته منطلقة من نزعته الدينية اليهودية المسيحية المتطرفة مما ساهم في أن يبدأ المنحنى البياني لشعبيته في الهبوط تحت المحور الأفقي وذلك في العام الانتخابي الحالي .

Post: #6
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 02:50 PM
Parent: #5

(الجزء الأول) / 2
Quote: أما إذا رجعنا لأزمة الاتصال السائدة بيننا وبين الجماهير وما قلته سابقاً فأنا لا أدعو المثقفين والكتاب والأدباء والصحفيين لرفع الصحف وتجفيف الأقلام ، ولكن لكل مرحلة أساليبها وأولوياتها ، فأولوية هذه المرحلة هي التلاحم مع الجماهير وإقامة الندوات في الساحات والميادين الشعبية كما فعل شباب الحركة الشعبية لتحرير السودان في ميدان السلام بالحاج يوسف ، وأن نبسط لغة الخطاب ونلجأ للعزف المباشر ، عوضاً عن الندوات والسمنارات التي تعج بها القاعات المكيفة، ليأتي عالماً ليحاضر عالماً آخر أو مثقفاً ليثقف مثقفاً آخر ، وليتنافس المتنافسون في من هو صاحب المخزون الأكثر من المصطلحات المعقدة والتي لا طائل منها في المرحلة الراهنة ، فقضايانا وهمومنا وتطلعاتنا أوضح وأسهل من ذلك بكثير، فبالله عليكم لماذا كان محجوب شريف ومحمد الحسن حميد و د / محمد بادي و محمد جيب الله كدكي وحاتم حسن الدابي هم أقرب الشعراء إلى قلوب الجماهير العامة ، وليس شعراء التفعيلة ولا هامانات البلاط الذين وعدونا قمحاً وتمني ثم اختفوا ؟؟ واللهم لا شماتة !! .
قبل أن أختم هذا الجزء من النزعات الأديس أبابية أود أن أحيل طرفي التفاوض في كينيا إلى درس هام خلص إليه الأستاذ الجليل / محجوب محمد صالح في مقالاته الرائعة عن أزمة جنوب السودان والتي نشرت في الأسابيع الماضية ، ألا وهي إن أي اتفاق لا يأخذ في الاعتبار مجمل الأوضاع وعناصر العلاقة بين الشمال والجنوب . . ويحوز على إجماع وطني شامل سيواجه مقاومة يمكن أن تجهضه . . وأهم من ذلك كله أن مشروع صنع السلام يقتضي بالضرورة وجود حكم ديمقراطي وسيادة حكم القانون ، كما قرر محقاً أنه إذا لم يستوعب التنوع العرقي والقبلي داخل الجنوب فستنفجر الخلافات الجنوبية الداخلية لتقوض أي اتفاق . وأنا في رأي و إضافة لما خلص إليه أستاذنا الجليل فإن المقاومة التي توقعها يمكن أن تكون سلبية بعدم المشاركة والجلوس في مقاعد المتفرجين أو ايجابية وتلك لها أوجه عدة على رأسها دخول الغابة وحمل السلاح , وفي كلا الحالتين فهي تقويض لأي اتفاق معزول، وأريد أن أقول للأستاذ المحترم / باقان أموم والذي صرح في إحدى المرات قائلا إن المواطن الجنوبي سينظر إلى حيازة المركز على ( 50 % ) من ثرواته بنوع من الرفض وأنه عند تقرير المصير سيعمل على استرداد هذه النسبة والتمتع بها ( 100 % ) وهذه بالنسبة لي نزعة انفصالية أو في أحسن الأحوال كونفيدرالية . وأقول أيضا لأستاذنا المخضرم / بونا ملوال والذي صرح هو بدوره قائلا أن قرنق يسوف الأمور وانه لا يريد تقرير المصير بعد ستة سنوات وإنما يريده الآن . . ! ! وللذين قاموا بتسجيل تنظيما انفصاليا أطلق عليه حزب السلام العادل..!! ، أقول لكل هؤلاء وللحرس القديم في دولة الإنقاذ الذين لا يزالون يصرون على فرض رؤيتهم الأحادية وفهمهم الخاص للعلاقة بين الدين والدولة ، وأيضا لذوي النزعات الانفصالية الصامتين ، انظروا لجيراننا في بلاد الحبشة بعد الانفصال ، فهل أدى انفصال إرتريا إلى سلام حقيقي ؟ والإجابة بكل وضوح هي (لا) فلقد اندلعت حرب الحدود بينهما مباشرة ولأسباب عديدة أهمها التنافس على سواحل البحر الأحمر كنافذة استراتيجية ، ثم ظهرت إشكالية العملة الإرترية الخاصة والتي طالب أصحابها بتقييمها نداً للعملة الإثيوبية ، وصدقوني إن قلت لكم ، حتى أيلولة الخطوط الجوية الإثيوبية للجانب الإثيوبي كان له حظاً في أسباب اندلاع الصراع ، وهنا وبهذه المناسبة أود أن اصرخ بأعلى صوتي لتسمعني مؤسسة رئاسة الجمهورية وبرلمان الإنقاذ ( المجلس الوطني ) وجهاز الدولة التنفيذي : إن إهمالكم للخطوط الجوية السودانية جريمة شنيعة لا تغتفر ولن يرحمكم التاريخ عليها ، وأرجو أن أكون مخطئا ولا يكون ذلك الإهمال المتعمد له علاقة تكتيكية أو استراتيجية بمستقبل مباحثات السلام ! ! ولقد جاءنا عصفور صغير بنبأ مفاده أن طرف الحركة الشعبية بقيادة العقيد جون قرنق يقوم بطبع عملة جديدة خاصة بجنوب البلاد فسؤالنا هل هذه الخطوة ترتكز على شرعية معينة أم لا ؟ وكم هي كمية هذه العملة ؟ وكيف ستقيم أمام العملة الشمالية بعد الفترة الانتقالية ؟ وفي كل الحالات فتلك بداية الغيث .
والى اللقاء في الجزء الثاني من النزعات
وفي الختام سلام
صديق عبد الجبار محمد طه ( أبو فواز) /الخرطوم بحري في 23/يونيو/2004م

Post: #7
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 07:32 PM
Parent: #6

Quote: وصدقوني إن قلت لكم ، حتى أيلولة الخطوط الجوية الإثيوبية للجانب الإثيوبي كان له حظاً في أسباب اندلاع الصراع ، وهنا وبهذه المناسبة أود أن اصرخ بأعلى صوتي لتسمعني مؤسسة رئاسة الجمهورية وبرلمان الإنقاذ ( المجلس الوطني ) وجهاز الدولة التنفيذي : إن إهمالكم للخطوط الجوية السودانية جريمة شنيعة لا تغتفر ولن يرحمكم التاريخ عليها ، وأرجو أن أكون مخطئا ولا يكون ذلك الإهمال المتعمد له علاقة تكتيكية أو استراتيجية بمستقبل مباحثات السلام ! !

** كانت هذه الصرخة بتاريخ 23 يونيو 2004م ... !! فانظروا ماذا حل بناقلنا الوطني اليوم ؟
ولنا إتكاءة على مرارات سودانير إن كان في العمر بقية إنشاء الله ..!!
مع تحياتي
أبوفواز

Post: #8
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 07:44 PM
Parent: #7

عفواً صديقي عدلان أحمد ، فلم أفطن لأريحيتك وقفشتك الظريفة :
Quote: وفي إنتظار ما تجود به مروتك -نسبةً للشهيد مروة- يا عبدالجبار!

فتحية لك والتحية كلها لشهيد الفكر والمنطق المغدور الفيلسوف اللبناني حسين مروة والذي اقتبست منه رذم عنواني من عنوان مرجعه القيم : النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية
والتحية موصولة لكل شهداء الكلمة والمبادئ وعلى رأـسهم الشهيد / محمود محمد طه
أبوفواز

Post: #9
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 07:54 PM
Parent: #8

(الجزء الثاني) / 1
الأيام ، العدد رقم 7939 بتاريخ الخميس 8/7/2004م
____________________________
Quote: ( الجزء الثاني )

إذا أردنا أن ندلف في هذا الجزء إلى عقد مقارنة بين المعالجات التي انتهجها جيل الاستقلال من جهة والمعالجات المايوية والإنقاذية من جهة أخرى لقضية السودان المركزية المزعومة سابقاً والتي صارت الآن ، وأعني قبل إنفاذ اتفاقيات نيفاشا ، ورغم أنف الجميع واحدة فقط من عدة حلقات تحيط بشكل دائري بأي نظام مركزي أو اتحادي يتصدى لإدارة دولة جمهورية السودان . فعلينا أن نؤكد ثانياً وقبل كل شيء على ما اتفقنا عليه سابقاً وهو وجوب تشريح وفهم الأوضاع والحقائق الاجتماعية والسياسية , والاقتصادية لعناصر العلاقة بين الشمال والجنوب , كما وعلينا أيضاً أن نبذل ما بوسعنا لكسب ذوي النزعات الانفصالية من كافة مواطني السودان وذلك بفتح حوار هادئ ومسئول معهم ولفت نظرهم وإحالة تفكيرهم للحقائق الموضوعية المحيطة بنا دولياً وإقليمياً ومن ثم محاولة إقناعهم بأن الانفصال لا يعني السلام بأي حال من الأحوال , ولقد استشهدنا في المرة السابقة بما آل إليه حال الدولة الحبشية القوية سابقاً بعد انفصال إريتريا , وهنالك من الأمثلة ما يضيق بها المجال فدونكم سباق التسلح النووي القائم بين الهند وباكستان بسبب القضية الكشميرية منذ عشرات السنين , وما كان بين اليمن الجنوبي والشمالي حتى تم إعادة توحيد شطري اليمن لتنعم بلإستقرار إلى حدٍ ما وشيء من الديمقراطية !! . وهنالك خبر طريف جاء في الأنباء خلال الأيام الماضية من جمهورية ألمانيا الاتحادية وحسب دراسات إحصائية علمية موثقة , بأن داء السمنة قد استشرى بها منذ إعادة توحيد الألمان بعد انهيار سور برلين مع انهيار الاتحاد السوفيتي , وعلى الرغم من أن العلماء يؤكدون بأن داء السمنة هو خلل فسيولوجي ولكن واحسب أنني محقاً بأن راحة البال والضمير , والرفاه الاقتصادي من العوامل المساعدة في ظاهرة السمنة إن لم تستغل الرفاهية الاستغلال الصحيح وأخذها بحقها , فمن أين يا ترى جاءت هذه الرفاهية الزائدة للمواطنين الألمان , وأقول إنها من الوحدة وليست من الانفصال . وعلى الجانب الآخر علينا مسئولية تاريخية عظيمة وملحة وهي أن نمد يدنا ونصير أكثر تلاحماً مع إخوتنا الوحدويين من أبناء جنوبنا الحبيب وعلى رأسهم زعيم الحركة الشعبية نفسه الدكتور العقيد جون قرنق على الرغم من بعض تصريحاته الأخيرة المقلقة , فعلينا أن نناصحه ولا نعينه على أن يستفرد به دعاة الانفصال خارج وداخل حركته الشعبية , ومثال آخر وهو الدكتور رياك قاي رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية ونائب الأمين العام لحزب الدولة , فأذكر له أنه قال في ندوة أقامتها جامعة الزعيم الأزهري ما مفاده أنه يرفض ما تقوله الحكومة بأن ما يجري من ترتيبات في نيفاشا بأنه يمثل ترتيبات بين شمال البلاد وجنوبها , ورأي في ذلك خطراً سيؤدي إلى استقطاب سيكون معه تقرير المصير تأكيداً لأمر واقع ينتهي بالانفصال , وانتقد في تلك الندوة ثنائية الحل ، فعنصر مخلص مثل هذا يجب أن لا نتركه للصقور الجارحة , ويجب أن لا يفوتني ذكر الإنسان السوداني الأصيل الدكتور توبي مادوت*صاحب (Unityindiversity ) الوحدة مع التنوع ، والذي يجاهد بكل ما يملك من القليل والقليل جداً من أجل وحدة السودان , ويفتح عيادته المتواضعة على مصراعيها لأهلنا الغبش في ضاحية الحاج يوسف , والذي أعلم شخصياً بأن له على الورق مشاريع ودراسات جدوى طموحة جداً لإعادة تأهيل شباب النازحين أكاديمياً وحرفياً وخاصة في مجال الزراعة والثروة الحيوانية ليكونوا جاهزين عندما يحين أوان العودة الطوعية لمناطقهم بجنوبنا الحبيب للمشاركة الإيجابية في بنائه وتعميره، فتلك الثلة ومثلها كثر يجب ثم يجب وأرددها مراراً وتكراراً أن لا تغيب عن أنظارنا ونبدأ فوراً بالتنسيق معها إن أردنا الحفاظ على وحدة سوداننا الغالي .
إن التاريخ والجغرافية والسياسة مجتمعات يقلن لنا بأننا كسودانيين لسنا عرباً خلصاً , وأقصى ما يمكن أن ننعت به هو إننا مستعربون , فهذه واحدة من أهم الحقائق التي لم يقبل أن يستوعبها ويعترف بها جيل الاستقلال ومن بعده الأنظمة العسكرية الشمولية الثلاثة التي تعاقبت والى يومنا هذا , فجمهوريتنا السودانية عندما نالت استقلالها السياسي من الحكم الثنائي وكان ذلك عبر جهاز نيابي تشريعي , وأعني جمعية تشريعية تم التصويت فيها بالإجماع لإعلان دولة جمهورية السودان المستقلة الموحدة , وبغض النظر عن التفاصيل والمباحثات التي دارت بين الكتل البرلمانية , والشروط التي وضعت ولم تنفَذ مثل الفدرالية وغيرها , ولكن ما يهمنا هنا هو أن الاتفاق النهائي قد تم بمباركة أصوات الشماليين المستعربة , والأصوات الجنوبية الأفريقية الخالصة , والتي كانت وما زالت تكن للشمال المستعرب كل الود وبينهما عيش وملح وأرحام , وكما أنشدت المبدعة حنان النيل بصحبة الطنبور : ( حرام يا ناس أنحنا البينا أرحام ) , فسياسياً وبشهادة التاريخ فإنني أعتقد بأن كتلة الشمال المستعرب بعد رفع علمنا ثلاثي الألوان قد انزلقوا لهذا الحرام ونسوا أو تجاهلوا تلك الأرحام الأفريقية وذلك بالآتي :
أولا : عند عملية السودنة كان نصيب أخوتنا الجنوبيين حوالي ( 0.4% ) ( 3 وظائف من مجموع 800 وظيفة ) ... وكانت الأسباب المعلنة حينها هو عدم وجود الكفاءات المؤهلة .. !!
ثانياً : ولنفس السبب السابق لم يتم اعتماد النظام الفدرالي أو على الأقل اللامركزي كما كان يأمل أخوتنا في جنوب البلاد .
ثالثاً : وتلك كانت وفي اعتقادي المتواضع الطامة الكبرى وهو اتخاذ قرار انضمام السودان لجامعة الدول العربية من غير أن يستفتي لا المواطن الشمالي المستعرب ولا الجنوبي الإفريقي !! ، ثم جاء النظام المايوي ليعزز تلك النزعة العربية بإلغاء علم الاستقلال القديم واستبداله بعلم ذو مضامين نابعة من التراث الإسلامي والعربي فقط متجاهلاً كلياً تركيبتنا الاجتماعية المتعددة الأعراق والديانات ، وبأننا كسودانيين، أفريقيتنا أقوى من عروبتنا وأعرق.

Post: #10
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 08:04 PM
Parent: #9

Quote: فسياسياً وبشهادة التاريخ فإنني أعتقد بأن كتلة الشمال المستعرب بعد رفع علمنا ثلاثي الألوان قد انزلقوا لهذا الحرام ونسوا أو تجاهلوا تلك الأرحام الأفريقية وذلك بالآتي :
أولا : عند عملية السودنة كان نصيب أخوتنا الجنوبيين حوالي ( 0.4% ) ( 3 وظائف من مجموع 800 وظيفة ) ... وكانت الأسباب المعلنة حينها هو عدم وجود الكفاءات المؤهلة .. !!
ثانياً : ولنفس السبب السابق لم يتم اعتماد النظام الفدرالي أو على الأقل اللامركزي كما كان يأمل أخوتنا في جنوب البلاد .
ثالثاً : وتلك كانت وفي اعتقادي المتواضع الطامة الكبرى وهو اتخاذ قرار انضمام السودان لجامعة الدول العربية من غير أن يستفتي لا المواطن الشمالي المستعرب ولا الجنوبي الإفريقي !! ، ثم جاء النظام المايوي ليعزز تلك النزعة العربية بإلغاء علم الاستقلال القديم واستبداله بعلم ذو مضامين نابعة من التراث الإسلامي والعربي فقط متجاهلاً كلياً تركيبتنا الاجتماعية المتعددة الأعراق والديانات ، وبأننا كسودانيين، أفريقيتنا أقوى من عروبتنا وأعرق.

Post: #11
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 08:11 PM
Parent: #10

(الحزء الثاني) / 2

Quote: وأود هنا أن أبين أمراً هاماً حتى لا تنهال علي الحجارة، فإنني، وهنا أتحدث بصفتي الشخصية وليس انطلاقاً من مبادئي الفكرية أو الحزبية , بأنني كمسلم وعربي , فإنني احترم العنصر العربي فقط لان نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام إنسان عربي , واحترم وأبجل وأعتز باللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم ووسيلة الاتصال التي جاء بها إلينا الإسلام , ولكنني , عندما أتجرد وأتحدث بصفتي سوداني وحدوي , فإنني أقولها بكل قوة , بأنه من الخطل والتهافت أن ندعوا إلى الوحدة العربية إن كنا نريد أن نستمسك بالوحدة الوطنية السودانية , والغريب في الموضوع أن أحد دعاة القومية العربية وفي إحدى الندوات عن كيف نجعل الوحدة جاذبة انتقد العقيد جون قرنق وقال بأن حركته عنصرية , وقرر محقاً وأنا أوافقه على ذلك بأن أي حركة سياسية تكون منطلقاتها عنصرية لن يكتب لها النجاح أبداً , فانا أقول له إن كنت تريد وحدة السودان فمن أين انطلقت القومية العربية إذا لم تكن عنصرية , فانا أؤمن أيمانا تاماً بما أثبته التاريخ والتجربة البشرية , بان الوحدة هي أساس القوة المستدامة , بشرط أن لا تكون هذه الوحدة قائمة على أساس العنصر أو الدين , والمعتقد وخاصة إن كانت هذه الوحدة ، سياسية كانت أم اقتصادية ، احد طرفيها تركيبته الاجتماعية متعددة الأعراق والأجناس والديانات . فالإتحاد أو الوحدة الناجحة بين دول مستقلة سياسيا عن بعضها البعض تحتاج إلى مقومات أساسية أهمها المعطيات الجغرافية , والمصالح المادية والاقتصادية عموماً , لتصب جميعها في الهدف النهائي وهو رفاهية وتنمية تلك الدول ومواطنيها, وقبل كل ذلك يجب أن تكون طوعية , بمعنى أن تشارك الجماهير ديمقراطياً عن طريق الاستفتاء أو عن طريق نوابها الحقيقيين لاتخاذ قرارات مثل هذه تتعلق بمصير الدولة واستقلاليتها ومصالح جماهيرها. فعليه وكما قررنا سابقاً فان الوحدة الوطنية والسلام الدائمين صنوان لحتمية وجود نظام سياسي ديمقراطي حقيقي ، وإن أي نظام عسكري شمولي آحادي ومهما استجلب واستعمل من مساحيق وإكسسوارات ديموشـمولية أوشـموقراطية ، فلن يكون مؤهلاً البتة لتحقيق وحدة وطنية أو سلم اجتماعي أو تنمية متوازنة.
في ختام هذا الجزء من النزعات أود أن أوضح بأنني ومن يشاركني الرأي ، على الرغم من ترحيبنا بما تمخضت عنه التسوية النيفاشية الحالية من وقف للاحتراب والعدائيات والوعود المكتوبة من إقرار لمبادئ حقوق الإنسان المعلومة بمجملها بما فيها الحريات العامة والديمقراطية ، لكننا ما زلنا على موقفنا القديم منذ ميشاكوس الأولى والرافض لمبدأ تقرير المصير ، فجنوبنا الحبيب لم يكن تحت الاحتلال ،بل لقد ساهم نوابه بالجمعية التشريعية في تمرير قرار الاستقلال لجمهورية السودان الموحدة بالإجماع الديمقراطي وليس السكوتي..!!
ولكننا عاقدين العزم على أن نتعامل مع حق تقرير المصير إذا تم الإصرار عليه عند توقيع الاتفاق النهائي وصار واقعاً ، كأمر واقع مفروض ( DEFACTO ) وسنعمل مع جميع الحادبين على مستقبل البلاد ووحدة أراضيها لكي يكون هذا الإقرار مجرد تحصيل حاصل. ورسالتي لأستاذي الدكتور العقيد جون قرنق دي مابيور هي ، أن يستمسك بوحدويته ، وأن يبدأ بإسماعنا في تصريحاته ما سمعناه من شباب حركته داخل العاصمة ، وأن ينأى عن المواقف والتصريحات السياسية التكتيكية التي أوصلتنا إلى هذا الدرك منذ الاستقلال،فمنزله بضاحية الحاج يوسف الشعبية في انتظاره ، ونحن وأبناء عمومته نتقاسم لقمة العيش هنا في أحيائنا المهمشة داخل ولاية الخرطوم ، في انتظاره أيضاً ، وأتمني عليه أن لا يرمي الكرة في ملعب إدارة الدولة الحالية لجعل الوحدة جاذبة كما صرح أخيراً ، فهذه الإدارة السياسية الحالية بتوجهاتها واعتصامها بالسلطة ليست مؤهلة لهذا التحدي ، فالكرة يجب أن تكون في ملعبنا نحن ، معكم ومع الجماهير الشعبية التي تؤمن وتتوق معنا إلى الدولة المدنية ، دولة المؤسسات ، دولة الحريات العامة ، والمساواة والمصير المشترك... نحن وأنتم وجميع الوحدويين من أبناء الجنوب والشمال والغرب والشرق ، الذين يجب علينا أن نحرز الهدف الذهبي أو الفضي كما صار في المنافسات الأوروبية المقامة حالياً ، ونصعد لنهائيات الوحدة والسلام والتنمية.
وإلى اللقاء في الجزء الثالث من النزعات
ودائماً في الختام ســــلام
صديق عبد الجبار محمد طه ( أبو فواز ) الخرطوم بحري ـ الأربعاء 29/ يونيو /2004م
[email protected]

Post: #12
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 08:20 PM
Parent: #11

Quote: ولكننا عاقدين العزم على أن نتعامل مع حق تقرير المصير إذا تم الإصرار عليه عند توقيع الاتفاق النهائي وصار واقعاً ، كأمر واقع مفروض ( DEFACTO ) وسنعمل مع جميع الحادبين على مستقبل البلاد ووحدة أراضيها لكي يكون هذا الإقرار مجرد تحصيل حاصل. ورسالتي لأستاذي الدكتور العقيد جون قرنق دي مابيور هي ، أن يستمسك بوحدويته ، وأن يبدأ بإسماعنا في تصريحاته ما سمعناه من شباب حركته داخل العاصمة ، وأن ينأى عن المواقف والتصريحات السياسية التكتيكية التي أوصلتنا إلى هذا الدرك منذ الاستقلال،فمنزله بضاحية الحاج يوسف الشعبية في انتظاره ، ونحن وأبناء عمومته نتقاسم لقمة العيش هنا في أحيائنا المهمشة داخل ولاية الخرطوم ، في انتظاره أيضاً ، وأتمني عليه أن لا يرمي الكرة في ملعب إدارة الدولة الحالية لجعل الوحدة جاذبة كما صرح أخيراً ، فهذه الإدارة السياسية الحالية بتوجهاتها واعتصامها بالسلطة ليست مؤهلة لهذا التحدي ، فالكرة يجب أن تكون في ملعبنا نحن ، معكم ومع الجماهير الشعبية التي تؤمن وتتوق معنا إلى الدولة المدنية ، دولة المؤسسات ، دولة الحريات العامة ، والمساواة والمصير المشترك... نحن وأنتم وجميع الوحدويين من أبناء الجنوب والشمال والغرب والشرق ، الذين يجب علينا أن نحرز الهدف الذهبي أو الفضي كما صار في المنافسات الأوروبية المقامة حالياً ، ونصعد لنهائيات الوحدة والسلام والتنمية.

Post: #13
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 08:28 PM
Parent: #12

عزف على المتون:

إسمحوا لي أعزائي وأنا أستشرف ليلتي ، أن أعزف على المتون قليلاً ، بنشر هذا الخطاب الذي كان من المفترض أن يقدم في أول ليلة سياسي تقيمها الحركة الشعبية بسوق (6) بالحاج يوسف ، قرأه أحد منتسبي الحركة الشعبية الشماليين ، ولم يسمح لي بتقديمه ، وكان مساهمة باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي .. !!
_______________________________

Quote: باسمك اللهم نبدأ
نص خطاب الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
الموجه للندوة السياسية المقامة بواسطة الحركة الشعبية
بميدان سوق (6) بالحاج يوسف بتاريخ 12/6/2004م
الإخوة والأخوات الأفاضل أعضاء وقياديي الحركة الشعبية لتحرير السودان ....
السادة المحترمين ممثلي القوى السياسية المختلفة .....
الإخوة والأخوات الجماهير الكريمة ......
نــحـيـــيـــكم تحـــيــة الســــــلام والمـــحـــبــــة
وطـــــــــــاب مـــســـــــــــــــاءكم
بدءاً نود أن نشـــكر الإخوة في الحركة الشعبية، أولاً لتنظيمهم لهذه الندوة ثم ثانياً نشكرهم أيضاً شكراً جزيلاً لإعطائهم لنا الفرصة لكي نشارك ونخاطب هذه الجماهير النبيلة، لكي يتم التواصل بين جميع القوى السياسية في هذا المنعطف الهام من تاريخ بلادنا الحبيبة.
نحن أيها الإخوة والأخوات الأكارم ، نمثل تنظيماً صغيراً ناشئاً لتوه فقط منذ أكتوبر من عام 2002م ، أي إننا لم نبلغ سن الفطام بعد !! ولكن وبما نحمله من أفكار ومبادئ في كل المجالات وخاصة التأسيس لمنظمة سياسية تحكمها المؤسسية والديمقراطية الحقيقية ليساهم في خلق ممارسة سياسية وفكرية ناضجة ومسئولة داخل الساحة السودانية والتي هي أحوج ما تكون لهذا النوع من الممارسة من أجل صنع السلام الاجتماعي الحقيقي والحفاظ عليه ونشر الديمقراطية الحقيقية بالنضال لتثبيت حق الجماهير في المشاركة في صنع القرار وممارسة خياراتها الحرة في صنع التاريخ باختيارها الحر في كيفية وماهية تركيبة سلطان الدولة ، ومن هو المؤهل ليكون على رأس ذلك السلطان ، وأيضاً بدعوتنا لنشر العدالة الاجتماعية وبالتالي رفع الظلم الاجتماعي الذي ظلت هذه الجماهير الصابرة القابضة على جمر الفقر والحرمان وسوء التغذية والتعرض لكل أنواع الأمراض ، ما سهل منها وما صعب فيقابلها غلاء وأحيانا استحالة العلاج والرعاية الصحية الجيدة ، ثم بدعوتنا وإيماننا القوي الذي لن يتزحزح في يوم من الأيام بحتمية وضرورة المحافظة على وحدتنا الوطنية والتأمين عليها لأن في ذلك تكمن أهم عناصر قوة هذا الوطن الغالي ، بكل ذلك أيها الإخوة والأخوات الكرام نحن نعتقد ونحسب بأننا سوف نعبر عن ، ونتكلم باسم كثير من الغالبية الصامتة من الجماهير العريضة الذين نبتنا منهم ، لزهدنا في القيادات التقليدية التي فشلت حتى الآن في قيادة الجماهير لأي واقع أفضل، أي إننا وإلى وقت قريب كنا من ضمن الصامتين ولكننا قررنا بأنه قد حان الأوان لكي يقول الجميع كلمته ، لأن مستقبل بلادنا وأبنائنا وأحفادنا في خطر حقيقي إن لم نتلافاه وننقذ ما يمكن إنقاذه.فعليه إخواني وأخواتي الكرام ، قياديين وجماهير، فنحن لا نريد أن نفسد فرحة الناس بتباشير السلام الذي نريده ونرحب به جميعنا ، كما ولا نريد أن نظهر بمظهر المعارضين فقط من أجل المعارضة ، ولكننا ويشاركنا في ذلك الكثيرون ، قلقون جداً على مستقبل الوحدة الوطنية، والحريات العامة ،والديمقراطية الحقيقية التي ننادي بها ،وذلك في ظل الشراكة القادمة بين إدارة الدولة الحالية والحركة الشعبية على ضوء النسب التي تضمنتها بروتوكولات نيفاشا ، فهي وحسب تقديرنا تكريس للشمولية في الشمال وخلق نظام شمولي في الجنوب ، أما إذا قال لي أحدهم بأنه سوف تكون هنالك انتخابات بعد ثلاثة سنوات من بداية الفترة الانتقالية لتحديد الأحجام الحقيقية للقوى السياسية في الشمال وفي الجنوب كما ذكرت البروتوكولات ، فنقول بأن خلال تلك الثلاثة سنوات السابقة للانتخابات ستكون كل مقاليد الأمور تحت سيطرة الشريكين الجدد وذلك من قوة عسكرية وأجهزة إعلام وكل ثروات البلاد ، وتلك الثلاث كفيلة بأن تجعل نسب نيفاشا غير قابلة للتغيير إلى الأبد عبر صناديق الانتخابات ولنا في دول الجوار التي تدعي الديمقراطية المثال الواضح.
أيها الإخوة والأخوات لقد اتفقت جميع القوى السياسية ما عدا طرفي التفاوض بأن مباحثات السلام منذ أبوجا مروراً بميشاكوس ثم حط الرحال في منتجع نيفاشا كانت معزولة عن الغالبية العظمى من جماهير الشعب السوداني ، فنحن وخوفاً من أن تتكرر تجربة فشل اتفاقية أديس أبابا والتي لا نعتقد بأنها فشلت فقط لأن نظام مايو قد تنكر لبعض بنودها ولكنها فشلت لأنها كانت معزولة وأبرمت بين حركة تحمل السلاح ونظام دولة شمولي لا يعترف بالآخرين ، وهذا تماماً كما يحدث الآن ، وعليه فإننا وبعد أن نؤكد على ترحيبنا بنبذ العنف ورمي البنادق والحفاظ بها نظيفة وجاهزة إن ظهر لنا عدو حقيقي وغريب ، ووقف العدائيات وتمديد وقف إطلاق النار ، فإننا نود أن نلفت نظر طرفي التفاوض لرغبة هذه القوى السياسية التي بدونها قد يتوقف الرصاص لبعض الوقت وقد يصل الطرفان لتسوية سلمية مؤقتة ولكنها لن تكون أبداً اتفاقية لسلام دائم ما لم يقرر طرفي التفاوض الانصياع لرغبة الجماهير واحتواء هذا الاتفاق في وعاء قومي يضم جميع القوى السياسية ، ونحن من هذا المنبر نضم صوتنا لصوت الأخ الدكتور العقيد جون قرنق ، وندعو مخلصين وبأعلى صوتنا الذين يحملون السلاح في شرق البلاد وفي دارفور أن يستمعوا إلى صوت العقل وينبذوا العنف ويتجهوا معنا لإسلوب النضال المدني والذي لجماهير شعب السودان فيه صولات وجولات ، وأن يدركوا بأن التاريخ قد سجل بأن الاحتراب الداخلي لم يكن فيه في يوم من الأيام منتصر ومهزوم أبدأً ، بل كانت دائماً الخاسرة هي مصالح الجماهير ومقدرات البلاد ومقومات التنمية وأرواح الأبرياء والبنيات التحتية للتنمية الاقتصادية القومية والريفية والاجتماعية والبشرية .
بالأمس ذكر الأخ الدكتور جون قرنق في لقاء مع هيئة الإذاعة البريطانية أل (BBC) بأنه
كان معه تفويضاً من التجمع الوطني الديمقراطي لمفاوضة الدولة في مباحثات السلام ، فإن كان هذا صحيحاً فنحن نعتقد بأن ذلك التفويض كان فاشلاً تماماً بدليل النسب المئوية التي خرج بها التفاوض والتي أجحفت في حق جميع القوى السياسية المنضوية والغير منضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي، وأيضاً قال الأخ العقيد بأن على الدولة الحالية إنفاق حتى من أل 50% خاصتها من الثروة الكثير على جنوب السودان لجعل خيار الوحدة خياراً جاذباً حين يستفتى مواطني الجنوب ، وإننا نتساءل ماذا لو لم تفعل إدارة الدولة ذلك ؟ فهل يعقل أن يكون مصير الوحدة معلقاً بممارسات فئة قليلة على رأس الدولة ؟ وهل يعقل أن تكون استمرارية الوحدة مربوطة بتنمية جنوب السودان تنمية شاملة ، وإنهاء آثار اقتتال بدأ منذ عام 1955م تخللته فترة تسوية سلمية بعد اتفاقية أديس أبابا دامت فقط عشرة سنوات ولم تحدث خلالها أي تنمية حقيقية ليس في الجنوب فقط ولكن في جميع أنحاء البلد ، فما ذنب الوحدة الوطنية ومستقبل البلاد ، وما ذنبنا نحن كوحدويين لكي يضعوننا إخواننا في الحركة الشعبية في هذا الاختبار الغير عادل أبداً .... !!
الإخوة والأخوات الأفاضل ، لا نريد أن نطيل عليكم ، فما يجب وما يمكن أن يقال كثير جداً ولكن لا نظن بأنه يمكن أن يطرح جميعه في هذه الفرصة النادرة التي أتيحت لنا ، وكما يقولون فالجايات أكثر من الرايحات بإذن الله ، فقط في ختام هذه الرسالة المختصرة نود أن نكرر شكرنا لقيادة وجماهير الحركة الشعبية ، وكما لاحظتم بأن هنالك بيان كان قد صدر من تنظيمنا حول بروتوكولات نيفاشا ورأينا أن نطلعكم عليه ومن المفترض أن يكون قد تم توزيعه على السادة الحضــــور ، ونود هنا أن نشير إلى بعضـاً مما جاء فيه وهو تذكيرنا لقيادات الحركة الشعبية قبل دولة الإنقاذ بأن تلتزم جانب الجماهير وأن تجعل خيار الوحدة الوطنية هو الخيار الأوحد، وأن تشارك الشارع السياسي في نضاله من أجل الديمقراطية الحقيقية وهي التي وحدها كفيلة بمحاربة الفساد ومعاقبة المفسدين والحرص على المال العام وجعل الشفافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو ديدن إدارة البلاد في كل النواحي من رأس الدولة وحتى قاعدة الهرم الإدارية.

وأيضاً نود أن نشير إلى نقطة هامة جداً ، ألا وهي إننا في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي نؤمن إيماناً راسخاً بان ما جرى ويجري في السودان من احتراب لم يكن في يوم من الأيام حرباً أهلية ، ونحن نرفض رفضاً تاماً تسمية قضية الجنوب أو الصراع الدائر الآن في دارفور وشرق السودان بالحرب الأهلية ، وهذه الجماهير المختلطة الأعراق التي أراها أمامي لهي أكبر دليل على ما نؤمن به بالإضافة إلى أن غالبية النازحين من ويلات القتال المسلح يلجأون إلى داخل السودان وليس إلى دول الجوار كما يحدث في البلاد التي فيها حروب أهلية حقيقية.

عاش نضال جماهير الشعب السودانية الموحدة أبداً
ولتسقط البندقية وليحيا السلام المحروس بالديمقراطية والتنمية المتوازنة

والشكر موصول للجميع والسلام عليكم ورحمة الله

اللجنة التأسيسية العليا
للحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
( حـشـــــــــــــد الــــوحــــــــــدوي )
www.sdup-sdn.org
[email protected]
[email protected]
الخرطوم بحري – عمارة رزاز – الطابق الثالث/شقة(5)
Mobile:0912355113
Fax:343180 – Office:344360/347538
P.O.Box 89 Postal Code 11112
KHARTOUM AIRPORT POST OFFICE



Post: #14
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-27-2008, 08:45 PM
Parent: #13

Quote: وكما لاحظتم بأن هنالك بيان كان قد صدر من تنظيمنا حول بروتوكولات نيفاشا ورأينا أن نطلعكم عليه ومن المفترض أن يكون قد تم توزيعه على السادة الحضــــور ، ونود هنا أن نشير إلى بعضـاً مما جاء فيه وهو تذكيرنا لقيادات الحركة الشعبية قبل دولة الإنقاذ بأن تلتزم جانب الجماهير وأن تجعل خيار الوحدة الوطنية هو الخيار الأوحد، وأن تشارك الشارع السياسي في نضاله من أجل الديمقراطية الحقيقية وهي التي وحدها كفيلة بمحاربة الفساد ومعاقبة المفسدين والحرص على المال العام وجعل الشفافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو ديدن إدارة البلاد في كل النواحي من رأس الدولة وحتى قاعدة الهرم الإدارية.

______________

تصبحون على خير
وأعد بأن أنشر البيان المشار إليه أعلاه
تحياتي
أبوفواز

Post: #15
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 06:39 AM
Parent: #14

فوق

Post: #16
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:22 AM
Parent: #15

( الجزء الثالث ) / 1
Quote: الجزء الثالث

قد يقول لي البعض من الإخوة الذين يتابعون كتاباتي وخاصة الذين تابعوا ما كتبته في الجزء الثاني من النزعات وبعد أن ينتهوا من قراءة هذا الجزء , لماذا تنكأ الجراح في هذه المرحلة بالذات والتي يجب أن نتناسى فيها الماضي وأن تسود ثقافة السلام , فأقول , لا.. يجب أن لا نتناسى الماضي ولكن نعم .. يجب أن نعمل بجد وإخلاص لكي تسود ثقافة السلام، ولكن ثقافة السلام لن تسود أبداً إن لم تكن متزامنة ومرتبطة ارتباطاً عضوياً بثقافة الديمقراطية , ونحن لكي نؤسس لهذه الثقافة فإننا في حوجة شديدة جداً وملحة لتربية وتعليم ثقافة الديمقراطية أولا , والتي تعني الاعتراف بالآخر وحقه في التعبير والمشاركة واتخاذ القرارات المصيرية. ولكي نفعل ذلك يجب علينا إجراء عملية فتح باطن لجسد ثقافتنا الاجتماعية والسياسية , وننكأ الدمامل والبثور الباطنية واستئصال أي ورم مزمن في أحشاء ذلك الجسد , وندعوا الله أثناء ذلك أن لا يكون ذلك الورم سرطانياً , هكذا يتعامل أنصار الحياة من أطباء وجراحين لإنقاذ الجسد المادي المريض , فان كنا نريد فعلاً أن تسود ثقافة السلام والديمقراطية , فقبل ذلك علينا أن نعترف ونقر بأن جسدنا الاجتماعي والسياسي مريض جداً , وعليه أن يخضع للعلاج. والعلاج كما هو معلوم للجميع مرحلة لاحقة تبدأ بعد مرحلة التشخيص المعملي والسريري , وذلك تماماً ما نحاول القيام به بواسطة هذه المساهمة المتواضعة من مقالات النزعات كعرض حال مباشر ومخلص لا أكثر ولا أقل.
ما حققناه سابقاً يقودنا إلى أن نقول أن المنهج العلمي والسليم يبين لنا حقيقة هامة ألا وهي أن أي ظاهرة اجتماعية أو سياسية لا يمكن أن تكون نبتاً شيطانياً آتياً من فراغ , فلا بد لها من جذور ثقافية وتاريخية ومعطيات موضوعية تؤججها سمات وعوامل استعداد ذاتية لكل حالة أو شريحة على حدا. وهنا أود أن أوضح بان اختياري لعنوان النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكو نيفاشية لم يكن وليد صدفة , قد أكون قصدت بعض الشيء في أن أختار عنواناً غير تقليدي يلبي بعضاً من متطلبات الإثارة والتشويق في حدود التقاليد المرعية في الكتابة الصحفية والأدبية , ولكن السبب الرئيسي والأهم هو قناعتنا التامة بأن أساليب ومباحثات واتفاقيات أديس أبابا وميشاكوس ونيفاشا , نبتت هي بدورها من نزعات أخرى أقوى وأرسخ في إرثنا الثقافي والسياسي السوداني , وأعني بذلك النزعة المتأصلة في الفكر السياسي السوداني إلى إقصاء الآخر والضيق بالرأي المخالف , وان جاز لنا أن نعتبرها ظاهرة اجتماعية سياسية , فسنحاول في هذا الجزء , وبانسجام مع ما افترضناه سابقاً من وجود جذور ثقافية وتاريخية ومعطيات موضوعية , أن نتلمس طريقنا ونتحسس جسد تاريخنا الثقافي لنشخص ومن ثم ندلل على وجود تلك الجذور.
إن نزعة إقصاء الآخرين والاستئثار بالسلطة والثروة وتكميم أفواه الآخرين في إرثنا الثقافي والاجتماعي ومنهجنا الفكري والسياسي له عدة جذور ومنابع وأصول أهمها :
أولاً : تيارات الإسلام السياسي ونزوعها لمنهج الإقصاء كان نتاجاً لأسلمة السياسة أو تسييس الدين الذي بدأت إرهاصاته منذ أواخر عهد الخلافة الراشدة والذي توج بانتصار العصبية الأموية ومع أول يوم يعتلي فيه معاوية بن أبي سفيان عرش الدولة الأموية وكانت أول مملكة إسلامية أن جاز لنا التعبير , ولم تأتي هذه الدولة العصبية من فراغ فذلك تراث عربي قبلي يؤمن بالتعصب للقبيلة وللبيوتات الكبيرة , حتى أن زعماء قبيلة قريش والقبائل العربية الأخرى عندما وقفوا ضد دعوة الرسول محمد بن عبد الله ( ص ) لم يكن دافعها دينياً وإنما كان سياسياً بحتاً بدليل أن أبا سفيان بن حرب وهو والد أول خليفة ( ملك ) للدولة الأموية شوهد، حسب أبوحيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة- الليلة العشرون، وهو يقف على قبر حمزة بن عبد المطلب قائلاً : (( رحمك الله يا أبا عمارة لقد قاتلتنا على أمر صار إلينا )) ولفظة الأمر كان يطلقها العرب و يعنون بها الملك أو السلطان ، وكان ذلك مباشرة بعد استتباب الأمر تماماً لآل بني أمية وبعد اغتيال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهزيمة شيعته وسحق جميع أتباعه. ومنذ ذلك الحين عادت ملامح الثقافة العربية القبلية والتعصب إلى البيوتات والأفخاذ إلى النمو مجدداً وبشدة بعد أن حاولت رسالة الإسلام وبدأت فعلاً في محاربة تلك النزعات القبلية , واستمر الحال إلى أن انهارت الدولة الأموية لعوامل كثيرة ليس هذا هو المجال لذكرها , واستلمت الراية منها العصبية العباسية فجاءت عصبية بني العباس لتمارس كل أنواع الإقصاء والتهميش والاستئثار بالسلطة والثروة حتى أن كتب التاريخ تذكر أن هارون الرشيد وهو في قلب الصحراء بين الأراضي المقدسة وبغداد رأى سحابة تعبر في السماء فنظر إليها وقال يخاطبها : (( أمطري حيث شئت فإن خراجك عائد إلينا )) ومرجعي في ذلك كتاب ((التعبير الديني عن الصراع الاجتماعي في الإسلام)) لمصطفى التواتي صفحة 107، ولقد قال ابن خلدون في كتاب المقدمة – طبعة دار الجيل / بيروت في صفحة 208 (( ومن قصرت به عصبيته أيضاً عن الاستعلاء على جميع العصبيات والضرب على سائر الأيدي وكان فوقه حكم غيره فهو أيضاً ملك ناقص لم تتم حقيقته.)) وكان ذلك في سياق تفسيره لماهية الملك والسلطان ومقومات قوته وبقائه عند العرب، حتى أن بعض السلفيين حتى الآن يشترطون في الدولة الدينية التي يدعون إليها أن يكون إمامها أصوله من قبيلة قريش.

Post: #17
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:24 AM
Parent: #15

( الجزء الثالث ) / 1
Quote: الجزء الثالث

قد يقول لي البعض من الإخوة الذين يتابعون كتاباتي وخاصة الذين تابعوا ما كتبته في الجزء الثاني من النزعات وبعد أن ينتهوا من قراءة هذا الجزء , لماذا تنكأ الجراح في هذه المرحلة بالذات والتي يجب أن نتناسى فيها الماضي وأن تسود ثقافة السلام , فأقول , لا.. يجب أن لا نتناسى الماضي ولكن نعم .. يجب أن نعمل بجد وإخلاص لكي تسود ثقافة السلام، ولكن ثقافة السلام لن تسود أبداً إن لم تكن متزامنة ومرتبطة ارتباطاً عضوياً بثقافة الديمقراطية , ونحن لكي نؤسس لهذه الثقافة فإننا في حوجة شديدة جداً وملحة لتربية وتعليم ثقافة الديمقراطية أولا , والتي تعني الاعتراف بالآخر وحقه في التعبير والمشاركة واتخاذ القرارات المصيرية. ولكي نفعل ذلك يجب علينا إجراء عملية فتح باطن لجسد ثقافتنا الاجتماعية والسياسية , وننكأ الدمامل والبثور الباطنية واستئصال أي ورم مزمن في أحشاء ذلك الجسد , وندعوا الله أثناء ذلك أن لا يكون ذلك الورم سرطانياً , هكذا يتعامل أنصار الحياة من أطباء وجراحين لإنقاذ الجسد المادي المريض , فان كنا نريد فعلاً أن تسود ثقافة السلام والديمقراطية , فقبل ذلك علينا أن نعترف ونقر بأن جسدنا الاجتماعي والسياسي مريض جداً , وعليه أن يخضع للعلاج. والعلاج كما هو معلوم للجميع مرحلة لاحقة تبدأ بعد مرحلة التشخيص المعملي والسريري , وذلك تماماً ما نحاول القيام به بواسطة هذه المساهمة المتواضعة من مقالات النزعات كعرض حال مباشر ومخلص لا أكثر ولا أقل.
ما حققناه سابقاً يقودنا إلى أن نقول أن المنهج العلمي والسليم يبين لنا حقيقة هامة ألا وهي أن أي ظاهرة اجتماعية أو سياسية لا يمكن أن تكون نبتاً شيطانياً آتياً من فراغ , فلا بد لها من جذور ثقافية وتاريخية ومعطيات موضوعية تؤججها سمات وعوامل استعداد ذاتية لكل حالة أو شريحة على حدا. وهنا أود أن أوضح بان اختياري لعنوان النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكو نيفاشية لم يكن وليد صدفة , قد أكون قصدت بعض الشيء في أن أختار عنواناً غير تقليدي يلبي بعضاً من متطلبات الإثارة والتشويق في حدود التقاليد المرعية في الكتابة الصحفية والأدبية , ولكن السبب الرئيسي والأهم هو قناعتنا التامة بأن أساليب ومباحثات واتفاقيات أديس أبابا وميشاكوس ونيفاشا , نبتت هي بدورها من نزعات أخرى أقوى وأرسخ في إرثنا الثقافي والسياسي السوداني , وأعني بذلك النزعة المتأصلة في الفكر السياسي السوداني إلى إقصاء الآخر والضيق بالرأي المخالف , وان جاز لنا أن نعتبرها ظاهرة اجتماعية سياسية , فسنحاول في هذا الجزء , وبانسجام مع ما افترضناه سابقاً من وجود جذور ثقافية وتاريخية ومعطيات موضوعية , أن نتلمس طريقنا ونتحسس جسد تاريخنا الثقافي لنشخص ومن ثم ندلل على وجود تلك الجذور.
إن نزعة إقصاء الآخرين والاستئثار بالسلطة والثروة وتكميم أفواه الآخرين في إرثنا الثقافي والاجتماعي ومنهجنا الفكري والسياسي له عدة جذور ومنابع وأصول أهمها :
أولاً : تيارات الإسلام السياسي ونزوعها لمنهج الإقصاء كان نتاجاً لأسلمة السياسة أو تسييس الدين الذي بدأت إرهاصاته منذ أواخر عهد الخلافة الراشدة والذي توج بانتصار العصبية الأموية ومع أول يوم يعتلي فيه معاوية بن أبي سفيان عرش الدولة الأموية وكانت أول مملكة إسلامية أن جاز لنا التعبير , ولم تأتي هذه الدولة العصبية من فراغ فذلك تراث عربي قبلي يؤمن بالتعصب للقبيلة وللبيوتات الكبيرة , حتى أن زعماء قبيلة قريش والقبائل العربية الأخرى عندما وقفوا ضد دعوة الرسول محمد بن عبد الله ( ص ) لم يكن دافعها دينياً وإنما كان سياسياً بحتاً بدليل أن أبا سفيان بن حرب وهو والد أول خليفة ( ملك ) للدولة الأموية شوهد، حسب أبوحيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة- الليلة العشرون، وهو يقف على قبر حمزة بن عبد المطلب قائلاً : (( رحمك الله يا أبا عمارة لقد قاتلتنا على أمر صار إلينا )) ولفظة الأمر كان يطلقها العرب و يعنون بها الملك أو السلطان ، وكان ذلك مباشرة بعد استتباب الأمر تماماً لآل بني أمية وبعد اغتيال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهزيمة شيعته وسحق جميع أتباعه. ومنذ ذلك الحين عادت ملامح الثقافة العربية القبلية والتعصب إلى البيوتات والأفخاذ إلى النمو مجدداً وبشدة بعد أن حاولت رسالة الإسلام وبدأت فعلاً في محاربة تلك النزعات القبلية , واستمر الحال إلى أن انهارت الدولة الأموية لعوامل كثيرة ليس هذا هو المجال لذكرها , واستلمت الراية منها العصبية العباسية فجاءت عصبية بني العباس لتمارس كل أنواع الإقصاء والتهميش والاستئثار بالسلطة والثروة حتى أن كتب التاريخ تذكر أن هارون الرشيد وهو في قلب الصحراء بين الأراضي المقدسة وبغداد رأى سحابة تعبر في السماء فنظر إليها وقال يخاطبها : (( أمطري حيث شئت فإن خراجك عائد إلينا )) ومرجعي في ذلك كتاب ((التعبير الديني عن الصراع الاجتماعي في الإسلام)) لمصطفى التواتي صفحة 107، ولقد قال ابن خلدون في كتاب المقدمة – طبعة دار الجيل / بيروت في صفحة 208 (( ومن قصرت به عصبيته أيضاً عن الاستعلاء على جميع العصبيات والضرب على سائر الأيدي وكان فوقه حكم غيره فهو أيضاً ملك ناقص لم تتم حقيقته.)) وكان ذلك في سياق تفسيره لماهية الملك والسلطان ومقومات قوته وبقائه عند العرب، حتى أن بعض السلفيين حتى الآن يشترطون في الدولة الدينية التي يدعون إليها أن يكون إمامها أصوله من قبيلة قريش.

Post: #18
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:31 AM
Parent: #17

( الجزء الثالث ) / 2

Quote: ثانياً : إن الأحزاب السياسية السودانية الطائفية والتي تأسست على إرث بيوتات بعينها فلقد ورثت تلك النزعة الإقصائية الإستئثارية أيضاً من تراثهم العربي القبلي ومفهوم حق آل البيت والتعصب لذلك من التفسير السلفي للإسلام , مضافاً لذلك الأثر الواضح الذي زرعته سياسة المستعمر البريطاني من روح التنافس السلبي والغير نزيه بين الأحزاب السودانية لزرع الفرقة والشتات بينها قبل الاستقلال مباشرة لخدمة أغراض وجودهم الاستعماري.
ثالثاً : أما بالنسبة للأحزاب اليسارية عموماً فلقد ورثوا نزعة الإقصاء من منطلقاتهم العنصرية في حالة الأحزاب اليسارية التي تنادي بدعوة البعث العربي والقومية العربية , والناصرية. بينما في حالة تيارات اليسار الأخرى وأهمها الماركسية بقيادة الحزب الشيوعي السوداني , فلقد كانت هذه النزعة متأصلة في فكرهم السياسي وارثهم اللينيني خاصة في مبدأ ديكتاتورية البروليتاريا وسيادة وقيادة الحزب الطليعي الواحد والذي يمثل طبقة العمال والكادحين وحتى مفهومهم المبدئي والمنهجي لعملية تكوين الأحزاب السياسية والذي يقرر بأن كل حزب يجب أن يمثل طبقة بعينها وذلك بحث يطول ولن نغوص فيه الآن وربما يأتي زمانه يوماً.
رابعاً : ولكي نكون أكثر دقة وموضوعية في بحثنا يجب أن لا نغفل عن أهم التيارات الأخرى والتي تمثل ضلعاً أساسياً في الشكل الاجتماعي للصراع في السودان ونعني بها الحركات السياسية لأبناء جنوب السودان منذ انيانيا (1) وحتى الآن فالمدقق والفاحص لتلك الحركات سوف يلمس بوضوح شديد تأثير الإرث القبلي الأفريقي في تكوين هذه الحركات مما أدى إلى ممارسة قياداتها لسياسة الإقصاء والتهميش وأحياناً الاستعلاء ضد القبائل الأخرى أو حتى ضد المخالفين في الرأي السياسي وهذه نزعة إقصائية واضحة , والتي ما زالت تقف حجر عثرة قوي جداً ضد توحيد كلمة وأهداف أبناء الجنوب في ما بينهم حول مستقبل وكيفية وجود جنوب السودان بدولة جمهورية السودان.
دعونا الآن نحاول أن نستدعي من تاريخنا الحديث نسبياً بعض الحقائق والسمات لكي نتوسع قليلاً في تلك الجذور التي ذكرناها سابقاً , ولنبدأ بإرث سياسة الإمبراطورية البريطانية العظمى والتي لا تغيب عنها الشمس سابقاً , وهذا الإرث كان عبارة عن أنها كانت الرائدة في استخدام المنهج السلطوي المعروف بسياسة فرق تسد والتي استخدمته في زرع الفرقة والتشتت كما ألمحنا سابقاً بين كل تيارات حركات التحرر الوطني في جميع مستعمراتها وكان بالطبع للسودان نصيب معتبر من هذه السياسة , ولقد فعل الساسة البريطانيون ذلك بالغوص داخل النسيج الاجتماعي للشمال المستعرب بتراثه القبلي والطائفي وجذوره الدينية والعرقية ،مما أدى إلى التنافس السلبي والاستقطاب في أوساط العمد والمشايخ والنظار والسلاطين وزعماء الطرق الصوفية والمذهبية والذي توج بتكريس وتقوية نظام الإدارة الأهلية , ليس لمصلحة جماهير العشائر ولكن لخدمة مصالح الاستعمار , وكانت من أهم نتائج تلك السياسة هي تقوية زعامتي طائفتي الختمية والأنصار وتحويلهم لقوى إقطاعية لا يستهان بها ووعدا كلٍ على حدا بتتويجهما ملوكاً على عرش مشروع مملكة السودان المنظور في ذلك الوقت. ونحن هنا قد نجد عذراً لدولة مستعمرة أن تكون ميكافيللية وتمارس حقها كما تعتقد في توظيف مبدأ الغاية تبرر الوسيلة للحفاظ على مصالحها , ولكن ما يحير المراقب والقارئ لتاريخ الحياة السياسية بعد الاستقلال ويجعله يتساءل لماذا انجرفت تلك الأحزاب الكبيرة بعد سقوط مشروع مملكة السودان والإنعتاق من التاجين البريطاني والمصري إلى مصيدة النزعة الإقصائية بعد أن اتفق الجميع على أن مصلحة السودان المستقل الموحد الديمقراطي هي العليا !! ولم تكتفي السياسة البريطانية بزرع الفرقة بين أحزاب الشمال المستعرب فقط , بل عملت بأسلوب مؤسس ومدروس على عزل كل هذه المنظومة الشمالية المتصارعة داخلياً فيما بينها , وأبعدتها مجتمعة عن القطب الجنوبي الأفريقي من دولة السودان , وذلك بسياسة المناطق المقفولة ومنع التواصل المادي والثقافي بين الشمال والجنوب.
بعد الاستقلال لم تستطع أي من الأحزاب تكوين حكومة قوية منسجمة تقابلها معارضة قوية مخلصة على الجانب الأيسر من البرلمان , وكانت تلك الحقيقة هي أول عائق مباشر أمام التطور الطبيعي والحتمي لثقافة الممارسة الديمقراطية السليمة , وفي اعتقادي أن ظاهرة الحكومات الائتلافية كانت أحد أهم أهدافها هي مواجهة التيارات التي كانت تنادي بالدستور العلماني من أحزاب يسارية وكتلة نواب الجنوب والذين كانوا ينادون دائماً بالحكم الفدرالي وكان هذين التيارين هم الأقرب فكرياً للحركات الجنوبية الأخرى التي رفضت المشاركة في حكومات بعد الاستقلال ولجأت إلى السلاح. وعليه فالمحصلة النهائية هي انه عندما فشلت الأحزاب الكبيرة في إقصاء بعضها البعض قررت دائماً الائتلاف لإقصاء الكتل والتيارات الأخرى.
وعندما جاء نظام 17/نوفمبر 1958 عن طريق انقلاب قصر برئاسة الفريق إبراهيم عبود , مارس الإقصاء ولأول مرة بطريقة مباشرة وعنيفة ضد الجميع , ابتداءً بأحزاب اليسار , ثم الأحزاب الكبيرة التي استدعته طواعية من ثكنات الجيش وقدمت له السلطة بيد المغفور له عبد الله خليل رئيس الوزراء حينذاك وكان محسوباً على حزب الأمة , لينتقل المجلس الأعلى للجيش متحولاً إلى مجلس قيادة ثورة إلى مكاتبه الجديدة بالقصر الجمهوري , ثم مارس أيضاً العنف والتهميش ضد أبناء الجنوب جميعاً من رفع السلاح ومن لم يرفعه.
انتصرت الجماهير السودانية في 21/ أكتوبر/ 1964 وأجبرت المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالعودة إلى ثكناته في ثورة شعبية ساهم فيها الجميع حسب المؤرخين المحايدين ولكن وتمشياً مع نزعة الإقصاء والاستئثار حتى بفضل النضال، حاولت عدة جهات رسم سيناريوهات في كتبهم ووثائقهم التي أخرجوها بأنها هي الأب الشرعي لثورة أكتوبر , وأهم تلك الوثائق كمثال لهذه المحاولات هي كتابي الثورة الظافرة ( ستة سنوات عجاف ) (ثورة الطلاب) للكاتب احمد محمد شاموق كممثل لتيار الإسلام السياسي ثم الكتاب الآخر وهو ( ثورة شعب ) الذي أخرجه الحزب الشيوعي السوداني كممثل لتيار اليسار السوداني. أما ما يهمنا نحن هنا هو أن نذكر بأنه بعد نجاح ثورة أكتوبر حاولت جبهة الهيئات النقابية والتي كانت يسارية الهوى , وكانت تعتقد بأن إسهامها كان هو الأكبر في إسقاط نظام 17/نوفمبر , حاولت إقصاء الأحزاب التقليدية اليمينية والطائفية , فلم تستطع النجاح في ذلك لقوة أحزاب اليمين الواضحة , واستمر الصراع حتى توج بتحالف جميع الأحزاب اليمينية وقررت إقصاء اليسار بزعامة الحزب الشيوعي السوداني وذلك بطرد نوابه من الجمعية التأسيسية وذلك إثر تصريح لأحد طلبة الجبهة الديمقراطية حلفاء الماركسية السودانية بالمعهد العلمي , وادعوا بأنه أساء للبيت النبوي الشريف.

Post: #22
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:57 AM
Parent: #18

Quote: ولكي نكون أكثر دقة وموضوعية في بحثنا يجب أن لا نغفل عن أهم التيارات الأخرى والتي تمثل ضلعاً أساسياً في الشكل الاجتماعي للصراع في السودان ونعني بها الحركات السياسية لأبناء جنوب السودان منذ انيانيا (1) وحتى الآن فالمدقق والفاحص لتلك الحركات سوف يلمس بوضوح شديد تأثير الإرث القبلي الأفريقي في تكوين هذه الحركات مما أدى إلى ممارسة قياداتها لسياسة الإقصاء والتهميش وأحياناً الاستعلاء ضد القبائل الأخرى أو حتى ضد المخالفين في الرأي السياسي وهذه نزعة إقصائية واضحة , والتي ما زالت تقف حجر عثرة قوي جداً ضد توحيد كلمة وأهداف أبناء الجنوب في ما بينهم حول مستقبل وكيفية وجود جنوب السودان بدولة جمهورية السودان.

Post: #19
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:33 AM
Parent: #17

( الجزء الثالث ) / 2

Quote: ثانياً : إن الأحزاب السياسية السودانية الطائفية والتي تأسست على إرث بيوتات بعينها فلقد ورثت تلك النزعة الإقصائية الإستئثارية أيضاً من تراثهم العربي القبلي ومفهوم حق آل البيت والتعصب لذلك من التفسير السلفي للإسلام , مضافاً لذلك الأثر الواضح الذي زرعته سياسة المستعمر البريطاني من روح التنافس السلبي والغير نزيه بين الأحزاب السودانية لزرع الفرقة والشتات بينها قبل الاستقلال مباشرة لخدمة أغراض وجودهم الاستعماري.
ثالثاً : أما بالنسبة للأحزاب اليسارية عموماً فلقد ورثوا نزعة الإقصاء من منطلقاتهم العنصرية في حالة الأحزاب اليسارية التي تنادي بدعوة البعث العربي والقومية العربية , والناصرية. بينما في حالة تيارات اليسار الأخرى وأهمها الماركسية بقيادة الحزب الشيوعي السوداني , فلقد كانت هذه النزعة متأصلة في فكرهم السياسي وارثهم اللينيني خاصة في مبدأ ديكتاتورية البروليتاريا وسيادة وقيادة الحزب الطليعي الواحد والذي يمثل طبقة العمال والكادحين وحتى مفهومهم المبدئي والمنهجي لعملية تكوين الأحزاب السياسية والذي يقرر بأن كل حزب يجب أن يمثل طبقة بعينها وذلك بحث يطول ولن نغوص فيه الآن وربما يأتي زمانه يوماً.
رابعاً : ولكي نكون أكثر دقة وموضوعية في بحثنا يجب أن لا نغفل عن أهم التيارات الأخرى والتي تمثل ضلعاً أساسياً في الشكل الاجتماعي للصراع في السودان ونعني بها الحركات السياسية لأبناء جنوب السودان منذ انيانيا (1) وحتى الآن فالمدقق والفاحص لتلك الحركات سوف يلمس بوضوح شديد تأثير الإرث القبلي الأفريقي في تكوين هذه الحركات مما أدى إلى ممارسة قياداتها لسياسة الإقصاء والتهميش وأحياناً الاستعلاء ضد القبائل الأخرى أو حتى ضد المخالفين في الرأي السياسي وهذه نزعة إقصائية واضحة , والتي ما زالت تقف حجر عثرة قوي جداً ضد توحيد كلمة وأهداف أبناء الجنوب في ما بينهم حول مستقبل وكيفية وجود جنوب السودان بدولة جمهورية السودان.
دعونا الآن نحاول أن نستدعي من تاريخنا الحديث نسبياً بعض الحقائق والسمات لكي نتوسع قليلاً في تلك الجذور التي ذكرناها سابقاً , ولنبدأ بإرث سياسة الإمبراطورية البريطانية العظمى والتي لا تغيب عنها الشمس سابقاً , وهذا الإرث كان عبارة عن أنها كانت الرائدة في استخدام المنهج السلطوي المعروف بسياسة فرق تسد والتي استخدمته في زرع الفرقة والتشتت كما ألمحنا سابقاً بين كل تيارات حركات التحرر الوطني في جميع مستعمراتها وكان بالطبع للسودان نصيب معتبر من هذه السياسة , ولقد فعل الساسة البريطانيون ذلك بالغوص داخل النسيج الاجتماعي للشمال المستعرب بتراثه القبلي والطائفي وجذوره الدينية والعرقية ،مما أدى إلى التنافس السلبي والاستقطاب في أوساط العمد والمشايخ والنظار والسلاطين وزعماء الطرق الصوفية والمذهبية والذي توج بتكريس وتقوية نظام الإدارة الأهلية , ليس لمصلحة جماهير العشائر ولكن لخدمة مصالح الاستعمار , وكانت من أهم نتائج تلك السياسة هي تقوية زعامتي طائفتي الختمية والأنصار وتحويلهم لقوى إقطاعية لا يستهان بها ووعدا كلٍ على حدا بتتويجهما ملوكاً على عرش مشروع مملكة السودان المنظور في ذلك الوقت. ونحن هنا قد نجد عذراً لدولة مستعمرة أن تكون ميكافيللية وتمارس حقها كما تعتقد في توظيف مبدأ الغاية تبرر الوسيلة للحفاظ على مصالحها , ولكن ما يحير المراقب والقارئ لتاريخ الحياة السياسية بعد الاستقلال ويجعله يتساءل لماذا انجرفت تلك الأحزاب الكبيرة بعد سقوط مشروع مملكة السودان والإنعتاق من التاجين البريطاني والمصري إلى مصيدة النزعة الإقصائية بعد أن اتفق الجميع على أن مصلحة السودان المستقل الموحد الديمقراطي هي العليا !! ولم تكتفي السياسة البريطانية بزرع الفرقة بين أحزاب الشمال المستعرب فقط , بل عملت بأسلوب مؤسس ومدروس على عزل كل هذه المنظومة الشمالية المتصارعة داخلياً فيما بينها , وأبعدتها مجتمعة عن القطب الجنوبي الأفريقي من دولة السودان , وذلك بسياسة المناطق المقفولة ومنع التواصل المادي والثقافي بين الشمال والجنوب.
بعد الاستقلال لم تستطع أي من الأحزاب تكوين حكومة قوية منسجمة تقابلها معارضة قوية مخلصة على الجانب الأيسر من البرلمان , وكانت تلك الحقيقة هي أول عائق مباشر أمام التطور الطبيعي والحتمي لثقافة الممارسة الديمقراطية السليمة , وفي اعتقادي أن ظاهرة الحكومات الائتلافية كانت أحد أهم أهدافها هي مواجهة التيارات التي كانت تنادي بالدستور العلماني من أحزاب يسارية وكتلة نواب الجنوب والذين كانوا ينادون دائماً بالحكم الفدرالي وكان هذين التيارين هم الأقرب فكرياً للحركات الجنوبية الأخرى التي رفضت المشاركة في حكومات بعد الاستقلال ولجأت إلى السلاح. وعليه فالمحصلة النهائية هي انه عندما فشلت الأحزاب الكبيرة في إقصاء بعضها البعض قررت دائماً الائتلاف لإقصاء الكتل والتيارات الأخرى.
وعندما جاء نظام 17/نوفمبر 1958 عن طريق انقلاب قصر برئاسة الفريق إبراهيم عبود , مارس الإقصاء ولأول مرة بطريقة مباشرة وعنيفة ضد الجميع , ابتداءً بأحزاب اليسار , ثم الأحزاب الكبيرة التي استدعته طواعية من ثكنات الجيش وقدمت له السلطة بيد المغفور له عبد الله خليل رئيس الوزراء حينذاك وكان محسوباً على حزب الأمة , لينتقل المجلس الأعلى للجيش متحولاً إلى مجلس قيادة ثورة إلى مكاتبه الجديدة بالقصر الجمهوري , ثم مارس أيضاً العنف والتهميش ضد أبناء الجنوب جميعاً من رفع السلاح ومن لم يرفعه.
انتصرت الجماهير السودانية في 21/ أكتوبر/ 1964 وأجبرت المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالعودة إلى ثكناته في ثورة شعبية ساهم فيها الجميع حسب المؤرخين المحايدين ولكن وتمشياً مع نزعة الإقصاء والاستئثار حتى بفضل النضال، حاولت عدة جهات رسم سيناريوهات في كتبهم ووثائقهم التي أخرجوها بأنها هي الأب الشرعي لثورة أكتوبر , وأهم تلك الوثائق كمثال لهذه المحاولات هي كتابي الثورة الظافرة ( ستة سنوات عجاف ) (ثورة الطلاب) للكاتب احمد محمد شاموق كممثل لتيار الإسلام السياسي ثم الكتاب الآخر وهو ( ثورة شعب ) الذي أخرجه الحزب الشيوعي السوداني كممثل لتيار اليسار السوداني. أما ما يهمنا نحن هنا هو أن نذكر بأنه بعد نجاح ثورة أكتوبر حاولت جبهة الهيئات النقابية والتي كانت يسارية الهوى , وكانت تعتقد بأن إسهامها كان هو الأكبر في إسقاط نظام 17/نوفمبر , حاولت إقصاء الأحزاب التقليدية اليمينية والطائفية , فلم تستطع النجاح في ذلك لقوة أحزاب اليمين الواضحة , واستمر الصراع حتى توج بتحالف جميع الأحزاب اليمينية وقررت إقصاء اليسار بزعامة الحزب الشيوعي السوداني وذلك بطرد نوابه من الجمعية التأسيسية وذلك إثر تصريح لأحد طلبة الجبهة الديمقراطية حلفاء الماركسية السودانية بالمعهد العلمي , وادعوا بأنه أساء للبيت النبوي الشريف.

Post: #20
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:42 AM
Parent: #19

( الجزء الثالث ) / 3

Quote: أرجو أن يلاحظ القارئ الكريم بأنني أترك كل التفاصيل التاريخية الدقيقة والمثيرة للجدل للمتخصصين المؤرخين فإننا هنا لا ندعي امتلاك ناصية التاريخ تماماً لنغوص أكثر مما يجب وأبعد من مقدراتنا فعلم التاريخ له أهله وهم الأدرى بشعابه. نحن فقط كما قلنا نقدم مساهمة ونتلمس ونتحسس ما تؤهلنا له مقدرتنا المتواضعة.
أثناء تحسسنا وتلمسنا هذا علمنا بأن اليسار السوداني بعد طرد نواب الحزب الشيوعي السوداني وإقصائه من الجمعية التأسيسية(البرلمان) غاص تحت الأرض لفترة تقرب من الثلاثة أعوام , وفجأة وبقيادة القوميين العرب والماركسيين قفز من خور عمر بامدرمان على ظهر مدرعةٍ ليجتمع مجلس لقيادة ثورة جديد بقيادة العقيد جعفر محمد نميري في 25/ مايو 1969 م , والذي مارس أبشع وأفظع ما تحمله في أحشائها نزعة الإقصاء والتهميش من اعتقال وتشريد ونفي وقتل , وفي كل الاتجاهات , بداية باليمين الأنصاري في محرقة الجزيرة أبا واغتيال الإمام الهادي المهدي بدم بارد , مروراً بالزعامات الدينية والسياسية لطائفة الختمية والأحزاب الاتحادية , ثم انقلب على حلفائه من تيار اليسار فدجن من دجن وأعدم من أعدم ونفى وشرد البقية،ثم دخل في صراع عنيف أحياناً وصل درجة القتال المسلح في شوارع الخرطوم ضد تيار الإسلام السياسي أو الأخوان المسلمون فيما سمي بأحداث الغزو المسلح في عام 1976م , والذي جاء , هذا التيار الأخير وفي الربع الأخير من فترة سلطان النميري والذي دام ستة عشر عاماً ليتحالف معه ويتسلم وزارة العدل والنيابة العامة في شخص زعيم هذا التيار الشيخ الدكتور حسن الترابي , الرجل الذي يشهد له الجميع بحدة الذكاء والدهاء السياسي والذي مكن لتياره اقتصادياً , وأيديولوجياً بإقناعه النميري أولاً بتطبيق قوانين الحدود الجنائية المستمدة من الشريعة الإسلامية في سبتمبر 1983 , ولقد كان ذلك واضحاً لأغراض سياسية , وكان من أشهر ضحاياها الكثر هو الشيخ المتصوف المفكر ذو الخمسة وسبعون خريفاً محمود محمد طه , والذي كان زعيماً للحزب الجمهوري , التنظيم الوحيد الذي كان يستمتع بحرية الحركة والترويج لأفكاره حتى تجرأ وانتقد الإمام العادل ورئيس الاتحاد الاشتراكي والكشاف الأعظم ورئيس الجمهورية مدى الحياة جعفر النميري , انتقد هذا التنظيم بقيادة زعيمه المقتول طريقة تطبيق الدولة للشريعة الإسلامية. هنا مارس شيخ الترابي سياسة التحريش لإشباع نزعة الإقصاء والتصفية. وقاموا بإعدام الشيخ محمود علي الملأ في ساحة سجن كوبر وكانت جريمة العصر بدون منازع وكانت تجسيد مثالي للإرهاب الفكري بكل معانيه.
أود هنا أن ارجع إلى الوراء قليلاً ونحاول سوياً أن نشخص نزعة الإقصاء الشمولية في فكر التيارات السياسية التي مكنت في الأساس لرجل مثل النميري للوصول إلى السلطة , وأهم هذه التيارات هو تيار اليسار الماركسي وعلى رأسه الحزب الشيوعي السوداني , فنزعة الإقصاء كانت تغازل صفوفه أيديولوجيا ومنهجياً , فالكوادر الفاعلة فيه تؤمن بمبدأ ديكتاتورية البروليتاريا (( الطبقة العاملة )) والذي هو دعوة صريحة لإقصاء الآخرين فحسب فهمهم للمنهج الماركسي/اللينيني فان كل من له رأي مخالف لدولة ديكتاتورية البروليتاريا فهو ثورة مضادة ويجب إقصائه , واعتقد بأن كثير من الكوادر الشيوعية لم تستوعب جيداً ما عناه الشهيد عبد الخالق محجوب بين سطور تقريره والذي حول لكتاب (( الماركسية وقضايا الثورة السودانية )) , ولا حتى أدبياتهم اللاحقة مثل (( إصلاح الخطأ بين الجماهير )) واعتقلوا فكرهم داخل تجربة الاتحاد السوفيتي التي بنيت على باطل سياسي ولم يستنتجوا بأنها كانت تحمل عوامل انهيارها في دواخلها منذ أول يوم توج فيه حزب فلاديمرإلتش لينين (البلشفي) (أي حزب الأكثرية باللغة الروسية) حزباً قائداً للدولة بعد نجاح الثورة الروسية في أكتوبر 1917م , وحتى الفئة القليلة التي انتقدت المنهج السوفيتي وانشقت عن الحزب لجأت للمعسكر الماركسي الآخر وتقوقعت أفكارهم داخل بوتقة ثورة ماوتسي تونق الثقافية الصينية وهي التي بدورها تؤمن وتمارس الإقصاء ومبدأ الحزب الواحد. وأرجو أن يسمح لي رواد الفكر الماركسي بأن اتهمهم بأنهم قد اخفقوا بكل إرثهم الفكري والنضالي المقدر في التوأمة بين الاشتراكية والديمقراطية في كل أدبياتهم الفكرية التي أتطلعت عليها فإن مفهوم الاشتراكية إذا قذف خارج مفهوم الديمقراطية فسيحدث له ما كان سيحدث لسمكة إن قذفناها خارج البحر أو النيل , يكون موتها حتمياً. وإن حاولنا أن نغرس نبتة اشتراكية في مناخ شمولي وتربة ديكتاتورية مروية بشادوف إقصائي , فكأننا نحاول أن نرمي بذرة عنب في تربة صحراء بيوضة , فلن تنبت أبداً .. !!
وقبل أن انهي هذا الجزء من النزعات وبمناسبة الماركسية الصينية أود أن أذكر بالخير عمنا وأستاذنا المناضل ميرغني مصطفى والذي على الرغم من عدم توافقنا في معظم قناعاتنا الفكرية ولكن لم يبخل علينا بكرم ضيافته وملاحظاته وإرشاداته القيمة وهنا أود أن أهيب بكل المثقفين ومنظمات المجتمع المدني الشرعية والأحزاب السياسية بأن تتخلى عن عادة تكريم الرواد بعد وفاتهم. ويجب الخلاص من هذا الإرث الذي نبتت عنه دعوة حبوباتنا الشهيرة ( إنشاء الله يوم شكرك ما يجي ) , فإذا كان شاه السودان جعفر نميري استقبلته الدولة استقبال الأبطال في مطار الخرطوم وكرم آخر تكريم فمن باب أولى أن يكرم أمثال الأستاذ ميرغني مصطفى أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية , والأستاذ محمد إبراهيم نقد , والسيدان أحمد ومحمد عثمان الميرغني والسيد الصادق المهدي والقائمة سوف تطول كثيراً إذا استرسلت , فعلى الرغم من اختلافي الفكري مع هؤلاء الذين ذكرتهم وغيرهم، فأنا اعتقد انه يجب تكريمهم وهم الذين لا ينكر مجاهداتهم ونضالهم إلا كل مكابر أو إقصائي شمولي , ومن كان منا بلا خطيئة أو ميزة يختلف عليها الآخرين فليرمي كل ذي رأي آخر بقنبلة انشطارية إن شاء.. !!

والى اللقاء في الجزء الرابع من النزعات

ودائماً في الختام سلام


صديق عبد الجبار ( أبو فواز ) - الخرطوم بحري 5/7/2004 م
[email protected]
هاتف جوال:00249912355113
فاكس: 00249185343180

Post: #21
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 09:55 AM
Parent: #20

Quote: وقبل أن انهي هذا الجزء من النزعات وبمناسبة الماركسية الصينية أود أن أذكر بالخير عمنا وأستاذنا المناضل ميرغني مصطفى والذي على الرغم من عدم توافقنا في معظم قناعاتنا الفكرية ولكن لم يبخل علينا بكرم ضيافته وملاحظاته وإرشاداته القيمة وهنا أود أن أهيب بكل المثقفين ومنظمات المجتمع المدني الشرعية والأحزاب السياسية بأن تتخلى عن عادة تكريم الرواد بعد وفاتهم. ويجب الخلاص من هذا الإرث الذي نبتت عنه دعوة حبوباتنا الشهيرة ( إنشاء الله يوم شكرك ما يجي ) , فإذا كان شاه السودان جعفر نميري استقبلته الدولة استقبال الأبطال في مطار الخرطوم وكرم آخر تكريم فمن باب أولى أن يكرم أمثال الأستاذ ميرغني مصطفى أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية , والأستاذ محمد إبراهيم نقد , والسيدان أحمد ومحمد عثمان الميرغني والسيد الصادق المهدي والقائمة سوف تطول كثيراً إذا استرسلت , فعلى الرغم من اختلافي الفكري مع هؤلاء الذين ذكرتهم وغيرهم، فأنا اعتقد انه يجب تكريمهم وهم الذين لا ينكر مجاهداتهم ونضالهم إلا كل مكابر أو إقصائي شمولي , ومن كان منا بلا خطيئة أو ميزة يختلف عليها الآخرين فليرمي كل ذي رأي آخر بقنبلة انشطارية إن شاء.. !!


(رحم الله العم المناضل ميرغني مصطفى ، فلقد انتقل إلى الرفيق الأعلى بعد فترة قصيرة جداً من نشر هذا الموضوع)

Post: #23
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 10:03 AM

Quote: أن أي ظاهرة اجتماعية أو سياسية لا يمكن أن تكون نبتاً شيطانياً آتياً من فراغ , فلا بد لها من جذور ثقافية وتاريخية ومعطيات موضوعية تؤججها سمات وعوامل استعداد ذاتية لكل حالة أو شريحة على حدا. وهنا أود أن أوضح بان اختياري لعنوان النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكو نيفاشية لم يكن وليد صدفة , قد أكون قصدت بعض الشيء في أن أختار عنواناً غير تقليدي يلبي بعضاً من متطلبات الإثارة والتشويق في حدود التقاليد المرعية في الكتابة الصحفية والأدبية , ولكن السبب الرئيسي والأهم هو قناعتنا التامة بأن أساليب ومباحثات واتفاقيات أديس أبابا وميشاكوس ونيفاشا , نبتت هي بدورها من نزعات أخرى أقوى وأرسخ في إرثنا الثقافي والسياسي السوداني , وأعني بذلك النزعة المتأصلة في الفكر السياسي السوداني إلى إقصاء الآخر والضيق بالرأي المخالف , وان جاز لنا أن نعتبرها ظاهرة اجتماعية سياسية , فسنحاول , وبانسجام مع ما افترضناه سابقاً من وجود جذور ثقافية وتاريخية ومعطيات موضوعية , أن نتلمس طريقنا ونتحسس جسد تاريخنا الثقافي لنشخص ومن ثم ندلل على وجود تلك الجذور.

Post: #24
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 10:11 AM
Parent: #23

( الجزء الرابع ) / 1

Quote: (الجزء الرابع)

في الجزء السابق من النزعات بدأنا في استدعاء ملامح من تاريخنا الحديث الخاص بأشكال الممارسة السياسية للرواد في السودان بعد الاستقلال وحاولنا تبيان ارتباط تلك الممارسات التي كانت في الغالب تنزع للإقصاء وأحياناً الاستعلاء بالإرث الثقافي والاجتماعي والفكري للإنسان السوداني إن كان من العرب المستعربة أو ذوي الأصول الأفريقية الخالصة , وتتبعنا تلك النزعات حتى حقبة النظام المايوي بقيادة جعفر النميري الذي بدأ يسارياً ثم انتهى به الترحال في أحضان تيار الإسلام السياسي بعد أن مر أحياناً ببعض أشكال الشعوذة والدجل مع بعض الذين سادنوه وأخذوا يصنعون منه إماماً منتظراً , يرى ما لا يراه الناس ويسمع ما لا أذن تسمعه , وفي الحقيقة لم نأتي على ذكر تلك الفترة في المرة السابقة لأنها لا تفيدنا كثيراً في الهدف الأساسي من بحثنا هذا. وانتهينا إلى وصول النظام المايوي بقيادة المشير والإمام المبايع جعفر نميري , واستشارة وتوجيه الشيخ الدكتور حسن الترابي الريموتكونترولية حتى وصل كما قلنا ذلك النظام إلى قمة الإقصاء والتهميش والاستعلاء والتي مجتمعة تمثل المكونات الأساسية للمعنى الحقيقي لعبارة الديكتاتورية , ولذا اتسمت تلك الحقبة منذ سبتمبر 1983 وحتى 6 أبريل 1985 م بأبشع ما يمكن أن يوصف به أي نظام من خروقات لأبسط الحقوق الآدمية , وغياب تام لسيادة القانون لدرجة انه ومن كثرة ما مورس من إعدامات وصلب وجلد وبتر , كان ذلك كافياً ليجعل النميري جديراً بلقب السفاح الذي لازمه منذ ذلك الحين , وللأسف الشديد كل ذلك تم باسم الدين الإسلامي ممثلاً في تطبيق الحدود المستمدة من الشريعة الإسلامية بطريقة غير ناضجة وغير مسئولة مما ساهم في تشويه سمعة الإسلام والمسلمين من حينها وإلى الآن. ولقد عرجنا سريعاً قبل نهاية الجزء الماضي إلى أهم التيارات اليسارية التي مكنت في الأساس لرجل مثل النميري للوصول إلى السلطة، ألا وهو الحزب الشيوعي السوداني وتلمسنا وتحسسنا جذور وأصول النزعات الشمولية والإقصائية التي كانت تطل برأسها دائماً في أدبياتهم ومبادئهم الفكرية وقناعاتهم المنهجية حيال مفهوم الحزب الطليعي ودكتاتورية البروليتاريا ، وحتى نوفي البحث حقه ونكون أكثر دقة لابد من كلمة أخيرة في هذه المرحلة تتعلق بتيار اليسار الأخر الذي شارك في التمكين لجعفر نميري في 25/مايو/1969م، وهو تيار القوميين العرب المحسوبين على تيار اليسار السوداني ، فنحن هنا لا نحتاج لكثير عناء للتدليل على وجود النزعة الإقصائية والاستعلائية عند هؤلاء ما داموا ينطلقون من منطلقات عنصرية وينادون بسيادة العنصر العربي في وطن مثل السودان متعدد الأعراق والأجناس ، ومهما اختلفت أسمائهم وأفرعهم من قوميين عرب وبعثيين عراقيين كانوا أم سوريين ، وحتى الناصريين الذين يسمون أنفسهم على رجل شمولي مارس الإقصاء إبتداءاً بالقائد التاريخي لثورة 23 يوليو المصرية وأول رئيس جمهورية مصري اللواء محمد نجيب فقط لأنه طالب بتحجيم دور المؤسسة العسكرية وإعطاء دور أكبر للجماهير ، ثم أعدم وشرد الكثير من يساريين وإسلاميين على السواء، نعم لقد كان في يوم من الأيام رمز من رموز النضال بالنسبة للشعوب العربية لأنه رأته يصادم الدول الاستعمارية الكبرى ودولة الكيان الصهيوني ، وأخشى أن تظهر لنا فئة للصداميين على وزن الناصريين ، فجميع تلك التيارات تتملكهم فنتازية أمة واحدة ذات رسالة خالدة ، وأكذوبة الوحدة العربية الكبيرة، وإنني أتساءل حقيقة لماذا ينعتون الكيان الإسرائيلي الاستعماري بالدولة العنصرية ..؟؟ ألم يسمعون بالنصيحة الغالية التي تقول لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله ..؟؟ لأننا نقول إن الدعوة للقومية العربية في بلد مثل السودان هي دعوة عنصرية ، ومن الواضح فهي معجونة بالنزعات الاستعلائية والإقصائية، وليست مفيدة إطلاقاً لسوداني يريد أن يدعو للوحدة الوطنية السودانية.

Post: #25
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 10:19 AM
Parent: #24

( الجزء الرابع ) / 2

Quote: قبل أن نبدأ في السياحة عبر المرحلة التاريخية التالية , أود أن أتوقف قليلاً لنحاول معاً توضيح مفهومنا لكلمة النزعات والفرق بين هذا المفهوم ومفهوم الصفة السائدة , حتى نكون أكثر دقة وموضوعية , فإن النزوع إلى صفة معينة , أو ممارسة معينة , غير الاتصاف بتلك الصفة كصفة سائدة أو غالبة , وان نحن قارنا ذلك بعلم الوراثة والأجنة فهنالك دائماً في كل جيل إمكانية ظهور إحدى الصفات الوراثية , وتكون إحداها سائدة والأخرى متنحية , وأقصد هنا تحديداً المورثات التي تؤثر في تكوين الشخصية سيكولوجياً أكثر منها فسيولوجياً مثل الأمراض العقلية التي تورث , ومرض الزهايمر ( أو الخرف المبكر ) والذي أثبت العلماء أخيراً بأنه يمكن أن يورث مثله مثل أمراض السكري وغيرها , ما يهمنا هنا في هذه المقارنة هو أن هنالك بعض الصفات المتنحية وهي الأقرب إلى مفهوم النزعات , يمكن بالتربية الاجتماعية أو المعالجة المبكرة للأجنة تفاديها أو استئصالها، مثل بعض الصفات الإجرامية كالقتل والسرقة والممارسات الجنسية الغير سوية , أما إذا تركت تلك الأجنة المهددة بظهور هذه الصفات إما بدون علاج مبكر أو إهمال الجانب التربوي الاجتماعي فإمكانية ظهور تلك الصفات تكون كبيرة جداً وأحياناً حتمية , وبدلاً من أن تكون نزعة أو صفة متنحية تصير صفة سائدة , وهنا يصير العلاج شبه مستحيل. ما أود تبيانه هنا هو إنني أعلم تماماً بأن النزعات الإقصائية والاستعلائية في إرثنا الثقافي والاجتماعي من السهل جداً تفاديها وعلاجها , ويكون ذلك على محورين :

• المحور الأول : وذلك هو المهم بالنسبة لنا كناضجين فيجب علينا أن نجلس معاً ونعترف بوجود تلك النزعات المتأصلة , وحينها وعندما نصل لتلك القناعة يجب علينا إعطاء العلاج الشافي وهو عبارة عن استصدار قانون أساسي للبلاد يكون بمثابة عقد اجتماعي ويجب أن يكون دستوراً قائماً على حق المواطنة والإنسانية والحرية والديمقراطية وسيادة القانون ليحكم بيننا إن كنا في السلطة أغلبية أو معارضة أو رعية جماهيرية. وتلك هي الوصفة الوحيدة القادرة على إحكام اللجام على تلك النزعة الإقصائية الشمولية الاستعلائية , وذلك هو علاج النزعات.
• أما المحور الثاني : في العلاج الاجتماعي الذي نبغي ويجب أن يكون متزامناً مع المحور الأول ونابع عنه وهو تفادي النزعات ويكون ذلك بتربية وتعليم النشء على معاني الحرية والممارسة الديمقراطية السليمة واحترام الرأي الآخر والتواضع الاجتماعي والمساواة القائمة على معاني الإنسانية وليس الدين أو العرق أو اللون أو القبيلة.

Post: #26
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 10:24 AM
Parent: #25

( الجزء الرابع ) / 3

Quote: بعد تلك الاستراحة العلاجية القصيرة دعونا نواصل رحلتنا السياحية عبر تاريخنا السياسي الحديث والتي سوف تنطلق من محطة جامعة امدرمان الإسلامية في السادس والعشرين من شهر مارس عام خمسة وثمانون وتسعمائة وألف ميلادية ( 26/ مارس / 1985 م ) حيث بدأت جماهير الشعب السودانية قاطبة من شماسة وطلاب وعمال وموظفين ومحاميين وقضاة وأطباء , وحتى العاطلين عن العمل , بدأت الاستجابة لأسئلة ونداءات مهيرة مبدعنا ولسان حالنا الذي نعته المبدع الراحل جيلي عبد الرحمن بضمير شعبه محجوب ود شريف:
محطة.. محطة.. بذكر عيونك ونحن في المنفى
وبذكر سؤالك لي متين تضحك سما الخرطوم حبيبتنا ومتين تشفى
وضحكت سما الخرطوم في ذلك اليوم وكادت أن تشفى .. لولا ..!! وويل لنا من لولا هذه والتي سوف نأتي لها في حينها.
وهنا فأنا شخصياً كاتب هذه السطور , لن أحتاج لاستدعاء التاريخ لأنني أعتبر نفسي شاهد عيان لذلك العصر القريب البعيد وكنت مشاركاً في الأحداث منذ بدايتها , وأخشى أن تغريني الذكرى العطرة وأطلق لقلمي العنان لسرد تاريخي ليس هذا مجاله , ولذلك سوف أضغط على نفسي وأذهب مباشرة لما يهمنا في هذا البحث , فكما ألمحنا سابقاً فلقد كانت الشرارة الرئيسية الأولى في اللهيب الذي أحرق نظام 25 / مايو , هي أحداث ومظاهرة طلاب جامعة امدرمان الإسلامية , في 26/ مارس /1985 م والتي تطورت إلى انتفاضة شعبية , واصلت الليل بالنهار حتى صبيحة السادس من أبريل / 1985 م , عندما تم إجهاض الثورة حقيقة في ذلك الصباح وحينها أذكر إننا كنا في مظاهرة تتجه نحو مدخل كبري النيل الأزرق وكانت قد بدأت تتجمع عند تقاطع المؤسسة بالخرطوم بحري ، وصارت كالموج الهادر وفجأة ونحن عند حديقة أركويت (سابقاً) الزوادة حالياً قيل لنا بان القيادة العامة للجيش قد استولت على السلطة وأسقطت النميري , سعيكم مشكور، اذهبوا إلى بيوتكم , بكل بساطة , واستعلاء من المؤسسة العسكرية على هؤلاء المدنيين الرعاع الذين لا يعلمون معنى الضبط والربط ... !! ظهرت في ذلك الصباح السادس من أبريل 1985 م النزعة الإقصائية لدي العسكريين ونظرتهم الدونية للشق المدني من المجتمع , وتم إجهاض الانتفاضة في تلك الساعة بالبيان رقم واحد من الفريق عبد الرحمن سوار الدهب.
هنالك أشياء ومسائل دقيقة جداً حدثت خلف الأبواب المغلقة وخارج الحدود ونحن في قلب المظاهرات والصدام مع الشرطة ورجال الأمن منذ بداية الانتفاضة وحتى بيان سوار الدهب ثم مروراً بالوزارة التي ترأسها الدكتور الجزولي دفع الله وقانون الانتخابات المريب الذي أجيز ليمكن للإسلام السياسي والذي ينتمي إليه الاثنان سوار الدهب والجزولي دفع الله فأرجو مخلصاً من المتخصصين والقادرين على جمع المعلومات تنوير الشعب السوداني بطريقة علمية ومحايدة عن هذه الفترة القصيرة من عمر السودان والتي كانت إحدى الأسباب الهامة فيما وصل إليه حال السودان اليوم.
أرجو أن يعذرني القارئ الكريم إن كنت قد أسهبت قليلاً على الرغم من حرصي الشديد , وأعتقد إن هذا عيب طبيعي يقابل كل من يحاول التجرد والحديث عن فترة زمنية كان معايشاً لأحداثها , فدائماً يكون ذلك من الصعوبة بمكان , وأرجو أن أكون قد أوقفت نفسي قبل فوات الأوان. فما يهمنا في تلك الفترة هو نزعة الإقصاء والتهميش التي مورست أولاً من المؤسسة العسكرية ضد المنظومة المدنية بأكملها التي واصلت النضال والذي كان مستمراً على استحياء لستة عشر عاماً ثم توج بانتفاضة شعبية هادرة دامت لمدة عشرة أيام بلياليها للإطاحة بنظام ديكتاتوري شمولي عسكري بالأصالة , ثم ثانياً ظهرت النزعة الإستئثارية والإقصائية حينما أتضح للجميع بأن قيادة الجيش التي استولت على السلطة والرجل الذي استدعى لتكوين الوزارة الانتقالية كانوا ينتمون لتيار الإسلام السياسي وفعلوا ما بوسعهم لتمكين ذلك التيار بادئ ذي بدء في قانون الانتخابات الذي أجازوه وتوزيع الدوائر الانتخابية وخاصة دوائر الخريجين والتي كانت مفصلة تفصيلاً دقيقاً , وأخيراً كما ظهر لاحقاً بأنهم كانوا يمكنون لأنفسهم داخل المؤسسة العسكرية منذ فترة طويلة ويتهيئون للاستيلاء على السلطة , والدليل على ذلك هو رفضهم التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية مع جميع الأحزاب والتيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في تجمع ميدان المدرسة الأهلية بأمدرمان الشهير، وكما قلنا قبل ذلك فان كثير من ذوي النزعات الشمولية وعلى رأسهم هؤلاء يتشدقون كثيراً بالديمقراطية والثوابت فقط لحين أن يستتب لهم الأمر ثم بعد ذلك تكون ثوابتهم هي مقاعدهم فقط.


Post: #27
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 10:42 AM
Parent: #26

Quote: فان كثير من ذوي النزعات الشمولية وعلى رأسهم (هؤلاء) يتشدقون كثيراً بالديمقراطية والثوابت فقط لحين أن يستتب لهم الأمر ثم بعد ذلك تكون ثوابتهم هي مقاعدهم فقط.

فلنحذر من هؤلاء و هؤلاء ...!!!!
* الإسلام هو الحل ..!
* ديكتاتورية البروليتاريا والحزب الطليعي ..!
* أمة واحدة ذات رسالة خالدة .. !
* لا بد من صنعاء .. وهلم جرا ...!!!
* عاش أبوهاشم ..!!!!

Post: #28
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-28-2008, 05:48 PM
Parent: #27

وعد الحر دين عليه ..!!
أنشر إليكم البيان الذي أصدره الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي عن بروتوكولات نيفاشا:
Quote: باسمك اللهم نبدأ
الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
بيان حول بروتوكولات نيفاشا

لقد أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي ومنذ تأسيسه في أكتوبر 2002 بأن المخرج الوحيد من جميع مشاكل السودان وعلى رأسها قضية الجنوب هو الحل السلمي الديمقراطي ولقد حذر مرارا من الخيار الفوقي والشمولي الذي انتهجته الدولة في التصدي لمعضلة الصراع في جنوب البلاد ، حيث بدأت بالترويج للحرب المقدسة وإعلان الجهاد الإسلامي الذي صبغ الصراع بصبغة دينية مما ساعد على تدويل القضية وعندما فشلت في حسم الصراع عسكريا ارتكبت خطا كبيرا آخر ، والذي حذرنا كثيرا من مغبته ألا وهو اللجوء إلى الجلوس لطاولة المباحثات منفردة ومبعدة كل القوى السياسية التي تمثل الغالبية العظمى من شعب السودان شماله وجنوبه وليس ذلك فقط وإنما ذهبوا للمباحثات وفي نيتهم تقديم التنازلات التي من شأنها أن تطيل عمر دولتهم الشمولية حتى لو كان ذلك انفصال الجنوب عن الشمال وذلك بتبني مبدأ تقرير المصير الذي هو في الأصل أحد مبادئ حقوق الإنسان العالمية والتي عني بها في الأساس الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ، وليس شعبا ظل موحدا ومتعايشا قرابة قرن وربع من الزمان ، كما حذرنا مرارا فلقد أغرى هذا التوجه بعض الحركات الجهوية الأخرى مثل : حركة تحرير دارفور ومؤتمر البجا ، والبقية سوف تأتي لكي تتبنى منهج النضال المسلح والذي ندينه ولا نوافق عليه أبدا ، ولكن دولة الإنقاذ أرسلت رسالة واضحة لتلك الجبهات بأنها لا تفاوض إلا من يحمل السلاح ، وتلك هي الخطورة الماثلة على تماسك السودان ووحدته.
إن حزب حشد الوحدوي يدعو دائما إلى السلام العادل ويرحب بأي خطوة تؤدي إلى وقف العدائيات أو أي صراع مسلح ، على ألا تكون هذه الخطوة مؤدية إلى انفصال أي جزء من أجزاء وطننا الحبيب ومن أجل ذلك جاء رفضنا التام لقبول مبدأ تقرير المصير ، و عليه فإن ما يهم حزبنا في بروتوكولات نيفاشا التي وقعت بين دولة الإنقاذ والحركة الشعبية هو وقف العدائيات وتمديد وقف إطلاق النار ، لأننا مع السلام مبدئيا ومنهجيا ، أما باقي بنود البروتوكولات فلا تعنينا في كثير أو قليل ولن تكون ملزمة بالنسبة لنا ما ام يتطور منهج التفاوض ليستوعب جميع القوى السياسية الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني الديمقراطية والباحثين والأكاديميين المستقلين ، وخاصة الأحزاب التاريخية الكبيرة ذات القاعدة الجماهيرية العريضة على الرغم من اختلافنا الفكري والسياسي معها ، ولكن استيعاب تلك القواعد والقيادات في الحل السلمي الديمقراطي هو صمام الأمان لديمومة ونجاح أي اتفاقيات نهائية توقع باسم هذا الوطن وجماهيره العريضة ، وعليه ولكي نصل لهذه المرحلة فإن الحزب الديمقراطي الوحدوي يدعو إلى الآتي :
1. يجب على طرفي التفاوض في نيفاشا الوصول إل قناعة تامة بأنهما لا يمثلان جماهير السودان بأي حال من الأحوال وليس بحوزتها تفويض لتوقيع أي اتفاق نهائي باسم الشعب السوداني وذلك أدعى لفشل أي اتفاق قبل تنفيذه.
2. إن مرحلة الحرب الباردة الحالية ومناخ التفاوض ووقف العدائيات يجب أن تستمر وأن تستوعب جميع القوى السياسية وعدم تهميش أو عزل أي جهة كانت وخاصة الحركات التي ترفع السلاح الآن في الشرق والغرب وان تستمر المفاوضات بعد إعادة النظر في مبدأ تقرير المصير وجعل خيار الوحدة هو الخيار الأوحد .
3. يجب على الإدارة السياسية لدولة الإنقاذ البدء فورا في خلق مرحلة التحول الديمقراطي الحقيقي وذلك بالآتي:
( أ ) رفع حالة الطوارئ وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وإطلاق حرية التعبير والصحافة والتنظيم السياسي .
(ب) إطلاق سراح جميع سجناء الفكر والسياسة.
(ج) فك الارتباط الشمولي بين الدولة والحركة النقابية وذلك بحل جميع النقابات والاتحادات الغير شرعية وإلغاء قانون العمل النقابي الحالي .
4. وقف الفساد الإداري والمالي وكشفه والتعامل معه بحسم ، وفك الارتباط بين الخدمة المدنية والقوات النظامية وأجهزة الأمن والقوات المسلحة والذي دام كثيرا من جهة ، والمحسوبين على التيار الإسلامي عموما وحزبا المؤتمر الوطني خاصة من الجهة الأخرى.
5. بما أن مبدأ تقرير المصير قد يصبح واقعا إن لم تستمع دولة الإنقاذ والحركة الشعبية لتلك النصائح المخلصة فنحن ندعو جميع القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الخيرية والتطوعية والرأسمالية الوطنية وكل الذين يهمهم مستقبل الوطن الواحد الموحد في جنوب البلاد وشمالها أن يبذلوا كل ما بوسعهم لجعل خيار الوحدة الوطنية هو الخيار الأوحد و على أسوأ الفروض هو الخيار الأفضل .
6. يجب على الدولة عدم التمادي في تدويل قضايانا القومية وعدم السماح لاستجلاب مزيد من القوات الأجنبية إلي داخل أراضينا والذي قد يؤدي إلي بذر نوع مهجن من الاستعمار الحديث وعلينا ان نتعظ بما جرى ويجري في كوسوفو وأفغانستان والعراق . كما وعلي قيادة الحركة الشعبية وخاصة الدكتور العقيد جون قرنق ألا يتنكر لوحدويته ونزعته الاشتراكية ويرجع لصفوف الجماهير .
7. علي دولة الإنقاذ والحركة الشعبية أن يعلما جيدا بأن الشارع السياسي ومما رشح عبر وسائل الإعلام من بنود وأبواب مختلفة ونسب مئوية في محتويات بروتوكولات نيفاشا ، وصلته رسالة واضحة بان الشراكة القادمة بين طرفي التفاوض تسير في خارطة طريق تؤدي إلي تكريس الشمولية وتهميش وعزل القوى السياسية المعارضة ولن يكون ذلك مقبولا بأي حال من الأحوال.


المجد والخلود للسودان الموحد في ظل السلام الدائم
ولتسقط الحرب والاحتراب
ولتعش كل القوي الديمقراطية المناضلة

اللجنة التأسيسية العليا
للحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
الخرطوم بحري في 5 يونيو 2004م
عمارة رزاز /الطابق3/شقة 5
E-mail:[email protected]


Post: #29
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-29-2008, 11:53 AM
Parent: #28

( الجزء الرابع ) / 4

Quote: بعد الانتخابات العامة في 1986 م سخر القدر من ديمقراطية السودان مرة أخرى ولم يستطع أي من الأحزاب الكبيرة إحراز الغالبية المريحة الكافية لتمكينه من تكوين وزارة قوية متماسكة. ورجعنا مرة أخرى للحكومات الائتلافية وكون رئيس حزب الأمة والذي كان له النصيب الأكبر نسبياً في الانتخابات عدة حكومات ائتلافية قبل الإطاحة به في 30/يونيو /1989 م , مرة مع الحزب الاتحادي الديمقراطي والذي فقد كثير من دوائره الانتخابية لصالح الجبهة الإسلامية القومية , وذلك بسبب ترشيحه لأكثر من مرشح اتحادي في نفس الدائرة , وهنالك من ترشح على إنه اتحادي وعندما فاز ودخل البرلمان ( الجمعية التأسيسية ) تحول بقدرة قادر إلى جبهة قومية إسلامية مثل الدكتور / حسين أبو صالح , المهم في الأمر تنقل السيد / الصادق المهدي بين الاتحاديين والإسلاميين في تكوين وزاراته المتعددة وفي كل مرة يأتلف مع أحد الأطراف كان دافعه هو إقصاء الطرف الثالث , وهنا أود أن أشير إلى أمر هام وهو بالأساس لفائدة الأجيال الجديدة ألا هو إن تسمية ( الجمعية التأسيسية ) قصد بها جيل الاستقلال البرلمان المؤقت أو مجلس نواب الشعب المؤقت وكان من أول مهام هذه الجمعية هو تأسيس وإجازة الدستور الدائم للسودان , وليعلم أبناءنا وبناتنا من الأجيال الجديدة المهتمة بالسياسة أن السودان إلى الآن لم يحظى بدستور دائم ديمقراطي , ونحن الآن لا فرق بيننا وبين العراقيين فيما يختص بالوضع الدستوري , وذلك لأن الحكومات الديمقراطية التي تعاقبت على السودان منذ استقلاله كان جل همها هو إقصاء الآخرين والاستئثار بالسلطة ووزارات الثروة ونسي الجميع أن جهازهم التشريعي هو جمعية تأسيسية عليه إجازة القانون الأساسي للبلاد. أما الحكومات العسكرية , الثلاثة 17/ نوفمبر , 25/ مايو , ثم حتى الآن 30/ يونيو , كانت جميعها تضع دستورها الذي تفرضه على الناس فرضاً ,( رجالة وحمرة عين ).
أثناء الفترة الديمقراطية الأخيرة قبل انقلاب 30/يونيو /1989 م والتي بدأت بعد انتخابات 1986 م , كانت النزعة الإقصائية والاستئثارية واضحة جداً في الحزبين الكبيرين الأمة والاتحادي الديمقراطي وخاصة عندما حاول كل منهما على حدا الوصول إلى سلام مع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق والذي أطلق اسم مايو (2) وحكومة الجنرالات على الحكومة التي أتت بعد الانتفاضة ورفض رمي السلاح ويا ليته فعل , وجاء لتعضيد وتقوية موقف الأحزاب اليسارية وحتى الحزبين الكبيرين , فلو فعل ذلك.. لن استطع أن أجزم.. ولكنني لا أعتقد أن استيلاء الإسلاميين على السلطة كان سيكون بتلك السهولة التي حدث بها , وأنا أعتقد هنا أنه كان أيضاً مدفوعاً بنزعة إقصائية فلقد اشتم رائحة الإسلاميين في الجيش ووزارة الجزولي، وخاصة وأنه كان قريباً من الاستخبارات الأمريكية , فقرر بكل بساطة أن لا يجلس معهم في مائدة واحدة , وكان قراراً خاطئاً ما زال السودان يدفع ثمنه حتى الآن , والله أعلم إلى متى سنظل ندفع في ذلك الثمن.

قلت أن الحزبين الكبيرين حاول كل منهما الاستئثار بفضل صنع السلام مع قرنق , فكان الحزب الآخر له بالمرصاد لتعطيل مشروع سلامه , فعندما حاول الصادق المهدي صناعة السلام في كوكادام عرقل من الاتحاديين و الإسلاميين , وعندما حاول الميرغني صنع سلاماً آخراً باسمه وأعني اتفاقية الميرغني قرنق الشهيرة , أيضاً قابلتها العراقيل من الحزبين الآخرين , واستمرت هذه النزعة والروح الإقصائية , والتي أسماها بعض المحللين بالغيرة السياسية حتى فاجأهم الإسلاميون بالاستيلاء على السلطة في ليلة جمعة ظلماء قبل خمسة عشر عاماً من الآن.
لا أعتقد بأنني في حوجة للاستقصاء والتلمس لتبيان أو برهنة النزعة الإقصائية والاستئثارية مع القراء الكرام , والتي اتصف بها نظام الإنقاذ منذ استيلائه على السلطة قبل عقد ونصف من الزمان إلا أنه يجب علينا حتى نكون منصفين وموضوعيين أن نشير إلى أنه وبعد الطلاق الرجعي الذي حدث بين تياري المنشية والقصر في الرابع من رمضان عام 2000 م وانشقاق الدكتور الترابي مع بعض مريديه عن حزب المؤتمر الوطني وتأسيسه لحزب المؤتمر الشعبي , حدث بعض الانفراج النسبي في قوة الإقصاء السياسي والفكري وبعضاً من هامش الحرية والذي من نتائجه دراسة مثل تلك التي أكتبها تنشر إليكم في صحيفة سيارة عريقة مثل صحيفة الأيام , ولقد حدث ذلك لأسباب كثيرة منها : الضغوط الخارجية والأزمات الداخلية وأهم من كل ذلك هو النضال الجماهيري النبيل الذي قد لا يحس به البعض ولكنه كان وما زال وسيظل موجوداً دائماً بمختلف الصور والإبداعات الشعبية. وأيضاً إنني أستطيع أن أعتقد جازماً بأننا نرى هنا صورة أخرى من النزعات الاستئثارية , فلقد اتهم الدكتور حسن الترابي بعد مرور إحدى عشر عاماً من القمع والتهميش والإقصاء , دولة الإنقاذ بقيادة المؤتمر الوطني بعدم الديمقراطية عندما اختصم مع الرئاسة على تفاصيل السلطة , هنا حاول تيار القصر الاستئثار بالشارع السياسي واستمالته إلى جانبه ضد الترابي , ولكن الشعب السوداني أوعى وأقدر على قراءة الأمور مما يحسبه البعض , فهو يدرك تماماً أن تيار المنشية لم ولن يكن حريصاً على الديمقراطية أو مصالح الكادحين ، وفي المقابل فإن تيار القصر لم يعطي هامش الحرية المتاح الآن طائعاً مختاراً ،وكما أشرنا سابقاً فلقد اختصما على ثوابتهما الحقيقية والتي في الأصل هي مقاعدهم السلطوية لا أكثر ولا أقل ، ولكننا نرحب بكل انفراج سياسي , وأي هامش حرية يتاح ونستثمره إلى أقصى حد للحصول على كل الحقوق المنقوصة والحرية الكاملة والديمقراطية الحقيقية.
وهنا ينبغي علينا أن ننوه إلى أمر هام ، وهو أنه قد آن الأوان لكي ننضج سياسياً وننتقل إلى مرحلة بناء الرؤى الاستراتيجية بدلاً من ردود الفعل التكتيكية ، فنحن قد نفرح تكتيكيأ لانقسام الإسلاميين ولكن استراتيجياً فإن ذلك ليس في مصلحة الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي على المدى الطويل ، وعليه فإننا ننادي وبمنتهى الإخلاص إلى وحدة التيارات الإسلامية ، ووحدة تيارات اليسار ، وأهم من ذلك كله وحدة أبناء الجنوب فيما بينهم ، لأن كل ذلك يصب في مصلحة الوحدة الوطنية المستدامة والديمقراطية الراسخة ، كما يجب علينا أن ننبه الدولة لأن توعى وفي هذه المرحلة الحساسة إلى أنها ما زالت مستعصمة بالسلطة والثروة ويجب عليها إن كانت تسعى إلى سلام اجتماعي حقيقي أن تنبذ وتتخلص نهائياً من نزعات الإقصاء والاستئثار واللتين كان من أوضح نتائجهما بروتوكولات نيفاشا الستة.

والى اللقاء في الجزء الأخير من النزعات.
صديق عبد الجبار محمد طه (أبو فواز)
[email protected]
Mobile : 00249912355113
Fax : 00249185343180
الخرطوم بحري / 11/يوليو/ 2004م

Post: #30
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-29-2008, 11:59 AM
Parent: #29

Quote: وهنا ينبغي علينا أن ننوه إلى أمر هام ، وهو أنه قد آن الأوان لكي ننضج سياسياً وننتقل إلى مرحلة بناء الرؤى الاستراتيجية بدلاً من ردود الفعل التكتيكية ، فنحن قد نفرح تكتيكيأ لانقسام الإسلاميين ولكن استراتيجياً فإن ذلك ليس في مصلحة الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي على المدى الطويل ، وعليه فإننا ننادي وبمنتهى الإخلاص إلى وحدة التيارات الإسلامية ، ووحدة تيارات اليسار ، وأهم من ذلك كله وحدة أبناء الجنوب فيما بينهم ، لأن كل ذلك يصب في مصلحة الوحدة الوطنية المستدامة والديمقراطية الراسخة ، كما يجب علينا أن ننبه الدولة لأن توعى وفي هذه المرحلة الحساسة إلى أنها ما زالت مستعصمة بالسلطة والثروة ويجب عليها إن كانت تسعى إلى سلام اجتماعي حقيقي أن تنبذ وتتخلص نهائياً من نزعات الإقصاء والاستئثار واللتين كان من أوضح نتائجهما بروتوكولات نيفاشا الستة.

Post: #31
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-29-2008, 12:03 PM
Parent: #30

( الجزء الخامس ) / 1

Quote: لنرى الآن ما هي النتائج الأساسية للاستقصاء والتلمس الذي قمنا به خلال الجولات السابقة عبر تاريخنا المعاصر وأصولنا الثقافية والاجتماعية التي شكلت أنماط الصراع الاجتماعي والتي بدورها أثرت في تكوين وخلق أشكال الصراع السياسي في السودان الذي كان وما زال مهدداً بظهور النزعات الإقصائية والاستئثارية والتي نعتقد جازمين بأنها كانت المحفز الأساسي للجوء نظاميين مركزيين شموليين لإبرام اتفاقيتين معزولتين مع الحركات المسلحة لأبناء جنوب السودان في حقبتين مختلفتين ألا وهما تسويتي أديس أبابا التي وقعها نظام مايو في مارس /1972م والأخرى التي ما زالت في طور البروتوكولات بميشاكوس ونيفاشا مع نظام الإنقاذ الحالي.
أولاً : لقد ظهر لنا جلياً أن مكونات الشخصية السودانية لها من الأصول التراثية والجذور الثقافية والاجتماعية ما يجعلها دائماً تنزع أو تميل إلى إقصاء الآخرين والاستئثار بكل أنواع المكتسبات إن كانت مادية أو اجتماعية أو سياسية , وتكون أكثر شراسة في غياب الرادع القانوني أو الرقابة اللصيقة والتي اقترحنا أن تكون , ونعني الاثنان الرادع والرقابة، في شكل عقد اجتماعي يكون عبارة عن نظام أساسي ديمقراطي يرعى حرية الفرد وحقه في العيش الكريم والتعبير والاعتقاد والمشاركة في صنع القرار بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو عرقه أو لونه رجل كان أو امرأة ،كما يجب عليه أن يكون قادراً على استيعاب التمازج الديني والعرقي والثقافي وإشباع كل هذه الخصوصيات المكونة للمجتمع السوداني، ومن ثم خلق مجتمع قادر على محاسبة أجهزة الدولة التنفيذية في بيئة من الشفافية الديمقراطية وأن دعي الأمر إقالة واستبدال القيادات الاجتماعية والسياسية بالسبل المنصوص عليها دستورياً , وهكذا يتم تحجيم وكبح جماح أي نزعة للإنفراد بالرأي أو الثروة تحاول الإطلالة برأسها في أي شخصية قيادية بأي موقع كان , على أن نؤسس لمناهج تربوية وتعليمية تغرس روح الجماعة والديمقراطية والتواضع الاجتماعي في أجيالنا المستقبلية , فإخوتنا المصريين في شمال وادي النيل لهم حكمة جارية تقول أن فرعون قيل له من صنع منك فرعوناً.. ؟ فردَ بأنه لم يجد من يراجعه أو يحاسبه أو يقول له لا .. !!. فإن المجتمع المتسبب الذي لا تحكمه أسس ولوائح إنسانية وديمقراطية , ولا تردعه كوابح أخلاقية وقانونية , هو الذي يصنع من الفرد العادي أسطورة ديكتاتورية باطشة , ما دامت هنالك تلك البذرة الخاملة من النزعات السلطوية الإقصائية الاستئثارية في حنايا العقل الباطن لذلك الفرد.

ثانياً :- لاحظنا بما لا يدع مجالاً للشك أن جميع الأحزاب والتيارات السياسية قد شاركت بصورة أو بأخرى في تقويض الأنظمة الديمقراطية عبر انقلابات عسكرية لأسباب وتبريرات مختلفة وفي جميع الحالات بلا استثناء كانت المؤسسة العسكرية تنقلب على حلفائها وتقصيهم من المشاركة ثم تنكل بهم إلا في حالة واحدة إذا جاز لنا أن نعتبرها إحدى حالات الانقلابات العسكرية وهي حالة الفريق عبد الرحمن سوار الدهب والفترة القصيرة التي قضاها في السلطة بعد إسقاط نظام 25/ مايو في 6/ أبريل 1985م وقبل تسليمه السلطة للإدارة المنتخبة بعد عام واحد فقط. أما بالنسبة لأبناء الجنوب فمعظم المنتمين للطبقة المثقفة منهم ما زالوا في حالة مزاجية عسكرية منذ أغسطس / 1955م أي قبل إعلان الاستقلال بأربعة أشهر ولم تتحدد إلى الآن الملامح السياسية النهائية للحركات الجنوبية التي حملت السلاح وحملت معه على عاتقها طرح مشكلة الجنوب بصورة معزولة عن مشاكل السودان عموماً , صحيح أن هنالك بعض الأمثلة من الشخصيات الجنوبية المستنيرة والتي انخرطت في بعض الأحزاب السياسية القومية وآمنت بطريق الحل الشامل وخاصة أولئك الذين آمنوا بالفكر الاشتراكي الماركسي وكانوا من الكوادر الفاعلة في الحزب الشيوعي السوداني , وهنالك أيضاً بعض الأحزاب الجنوبية ولكنها أعطت المراقب إنطباعاً على أنها منغلقة على أبناء الجنوب فقط , وأنها ذهبت إلى النقيض المتطرف الآخر في مقابل الأحزاب الشمالية التي تتخذ من العنصر العربي منطلقاً في تكوينها الفكري والسياسي , وعلى سبيل المثال لا الحصر حزب سانو وأعتقد بأن الاسم هو من الأحرف الإنجليزية ( SANU ) وهي اختصار للإتحاد الوطني الأفريقي السوداني , وأنا هنا أعترف بأن معلوماتي ضعيفة جداً عن هذا الحزب ولكن ومن خلال إحدى الحوارات العابرة مع أحد أعضائه تملكني شعور قوي بأن فيه شبهة عنصرية , وأرجو أن أكون مخطئاً في ذلك , لأنني وحسب معلوماتي المحدودة أعلم أن الراحل وليم دينق وهو أحد القيادات المؤسسة لحزب سانو والذي تم اغتياله في ظروف غامضة أثناء الحملة الانتخابية في منتصف الستينيات كان من دعاة الوحدة والفدرالية ,ولقد كان هو قائد الجناح الذي واصل الحوار ونبذ العنف وبقي في الداخل من جناحي حزب سانو بعد انشقاقه إثر مؤتمر المائدة المستديرة في 1965م ، وأتمنى على قيادات هذا التيار الفكرية العمل على طرح رؤاهم ومنطلقاتهم بوضوح في أجهزة الإعلام والصحافة وذلك للفائدة الفكرية والسياسية العامة. وأنا أقول قولي هذا لأننا نعتقد حقيقة أنه من الخطورة بمكان على الوحدة الوطنية , محاولة علاج التطرف العربي والإسلامي بتطرف عنصري أفريقي , فنحن دعاة وحدة , ودعوة الوحدة الوطنية السودانية لا تقر ولا تعترف بأي تعصب ديني أو عرقي , بل علينا أن نرعى ونطور هويتنا السودانية الثقافية المتميزة والتي هي خليط من عدة أديان وأجناس وثقافات , وكما أشرنا سابقاً يجب على نظامنا السياسي والاجتماعي والقانوني إشباع كل هذا التمازج والتركيبة الفسيفسائية للبنية الثقافية الاجتماعية للإنسان السوداني.

Post: #32
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-29-2008, 12:15 PM
Parent: #31

*
Quote: فإن المجتمع المتسيب الذي لا تحكمه أسس ولوائح إنسانية وديمقراطية , ولا تردعه كوابح أخلاقية وقانونية , هو الذي يصنع من الفرد العادي أسطورة ديكتاتورية باطشة , ما دامت هنالك تلك البذرة الخاملة من النزعات السلطوية الإقصائية الاستئثارية في حنايا العقل الباطن لذلك الفرد.

*
Quote: أنه من الخطورة بمكان على الوحدة الوطنية , محاولة علاج التطرف العربي والإسلامي بتطرف عنصري أفريقي , فنحن دعاة وحدة , ودعوة الوحدة الوطنية السودانية لا تقر ولا تعترف بأي تعصب ديني أو عرقي , بل علينا أن نرعى ونطور هويتنا السودانية الثقافية المتميزة والتي هي خليط من عدة أديان وأجناس وثقافات , وكما أشرنا سابقاً يجب على نظامنا السياسي والاجتماعي والقانوني إشباع كل هذا التمازج والتركيبة الفسيفسائية للبنية الثقافية الاجتماعية للإنسان السوداني.

Post: #33
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-29-2008, 09:12 PM
Parent: #32

GOING UP

Post: #34
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-30-2008, 01:57 PM
Parent: #33

**
Quote: فنحن قد نفرح تكتيكيأ لانقسام الإسلاميين ولكن استراتيجياً فإن ذلك ليس في مصلحة الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي على المدى الطويل ،

** أرجو من الأخوة والأخوات المتابعين ، أن يتوقفوا لحظة معي قبل أن نواصل في النزعات ، ومراجعة الإقتباس أعلاه مع قراءة متأنية لمجمل الأحداث العنيفة التي حدثت في السودان منذ بداية هذا القرن الحالي وانتهاءاً بأحداث العاشر من مايو 2008م ...!!!!
مع تحياتي
أبوفواز

Post: #35
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-30-2008, 07:10 PM
Parent: #34

( الجزء الخامس ) / 2

Quote: مما سبق يتضح لنا جلياً أن إجهاض التجارب الديمقراطية في السودان كان دائماً نتاج لتلاقي وامتزاج النزعات الإقصائية لدي المؤسسة العسكرية واعتبارها أن الشق المدني من المجتمع غير قادر على إدارة الدولة وغير مؤهل لفرض الضبط والربط في الحياة الاجتماعية , مع تلك الموجودة كخلايا نائمة في فكر ومنطلقات جميع الأحزاب السياسية والتيارات التي ساهمت في تلك الانقلابات , ابتداءاً بطائفتي الختمية والأنصار التي ائتلفت لإسقاط أول إدارة وطنية بعد الاستقلال وهي حكومة السيد إسماعيل الأزهري رئيس حزب الأشقاء أو الحزب الوطني الاتحادي في ذلك الوقت , وظل هذا الائتلاف بين حزب الشعب الديمقراطي المنشق من جناح إسماعيل الأزهري وحزب الأمة والذي عين السيد عبد الله خليل رئيساً للوزراء , إلى أن تم استدعاء المؤسسة العسكرية بواسطته للاستيلاء على السلطة بقيادة الفريق إبراهيم عبود في 17/ نوفمبر 1958م وعلى الرغم من أن كتب التاريخ تقول بأن السيد عبد الله خليل رحمه الله كان يدافع عن نفسه قائلاً بأنه اشترط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة الدولة لمدة ثلاثة أشهر فقط ولكنهم أخلوا بالوعد وأغرتهم السلطة بزخرفها وجبروتها , وأيضاً تقول بعض المصادر بأن السيد / عبد الرحمن المهدي عارض تسليم الحكم للمؤسسة العسكرية , ولام السيد عبد الله خليل قائلاً له : ( لقد انتهى زمن نوري السعيد يا عبد الله .. !! ) ويقال أنه حزن على ذلك واشتد عليه المرض حتى توفي , ومرجعي في ذلك هو كتاب ( رواد الفكر السوداني ) لمحجوب عمر باشري ص (213). فنحن نقول كما تقرر الحكمة الخالدة أن النوايا الحسنة وحدها لا تدخل الجنة , وندعو كما دعونا سابقاً وسنظل ندعو دائماً إلى تطوير فكرنا السياسي , وتحديد ثوابتنا الاستراتيجية المرتبطة بالمصالح العليا للوطن السوداني الموحد تحت مظلة نظام ديمقراطي حقيقي. أما نظام 25/مايو وعلى الرغم أيضاً من معارضة بعض القيادات الفاعلة في تيار اليسار السوداني وعلى رأسهم الشهيد عبد الخالق محجوب لمبدأ الانقلاب العسكري , ولكن الحقيقة تظل ثابتة , بأن هذا التيار من شيوعيين وقوميين عرب هم الذين أتوا به ومكنوا لنظامه الديكتاتوري الذي دام ستة عشر عاماً من الأساس. وفيما يختص بنظام الإنقاذ الحالي فلقد بدأت إرهاصات تمكينه منذ صبيحة 6/ أبريل / 1985م كما أشرنا سابقاً , ثم توجت بالانقلاب على السلطة صراحة في 30/ يونيو/1989م , بمباركة ودعم وتأييد تيار الإسلام السياسي بقيادة الدكتور حسن الترابي وجبهته القومية الإسلامية , وأخيراً وللأسف الشديد فلقد لحقت بركب التسييس في سفينة الإنقاذ تيارات كانت وإلى وقت قريب تدعي بأنها جماعات دعوية فقط ليس لها علاقة بالسياسة على رأسها جماعتي الأخوان المسلمين بقيادة السيد صادق عبد الله عبد الماجد ود/ جعفر شيخ إدريس والدكتور الحبر يوسف نور الدائم وجماعة أنصار السنة المحمدية بقيادة شيخ الهدية والشيخ أبوزيد والذين أصابتهم هم أيضاً،مؤخراً جرثومة الانشقاق .. هدّى الله سرهم ..!!

وانسجاماً مع عادة الإقصاء والانقلاب على الشركاء، جاءت المؤسسة العسكرية والتي عادة ما تكون هي الشريك الأقوى في تحالفات التآمر على الديمقراطية ، وانقلبت مؤسسة الإنقاذ العسكرية على الأب الروحي ومهندس انقلاب 30/يونيو/1989م الشيخ الدكتور حسن الترابي ، فأقصته عن السلطة وحلت مجلسه التشريعي وزجت به وبأعوانه في السجون والتي مازالوا يقبعون بها حتى تاريخ كتابة هذه السطور إثر اختلاف على مقاعد السلطة كما أوضحنا سابقاً.
قبل أن نلقي نظرة سريعة على الظروف التي أبرمت فيها اتفاقية أديس أبابا وما عليها من مآخذ ، هنالك ملاحظة هامة يجب التوقف عندها واستذكارها لأننا نعتقد بأنها سوف تنسجم تماماً مع الخط الجدلي لبحثنا هذا منذ البداية , ألا وهي إن التاريخ يسجل للعناصر الماركسية السودانية ومنذ أربعينات القرن الماضي بأنها كانت واضحة تماماً في تقييمها ورؤيتها لمستقبل علاقة جنوب السودان بالمركز, فلقد نادت منذ البدء وضمن أدبيات الجبهة المعادية للاستعمار والتي تطورت إلى الحزب الشيوعي السوداني حالياً باحترام وإشباع خصوصية الإقليم الجنوبي الثقافية والاجتماعية وأوصت دائماً بإعطاء أبناء ذلك الإقليم نوعاً ما من الحكم الذاتي اللا مركزي وعندما وجد الماركسيون أنفسهم فجأةً مشاركون مباشرة في موقع اتخاذ القرار وأعني بذلك مشاركة الحزب الشيوعي السوداني في انقلاب 25 مايو 1969م ضغطوا في اتجاه إنزال موقفهم القديم ذلك تجاه جنوب السودان إلي حيز التنفيذ وكانت نتيجة ذلك واضحة في إعلان 10 يونيو 69 والذي كان بعد أسبوعين فقط من نجاح انقلاب 25 مايو والذي أسس وأعني ذلك الإعلان لمبدأ منح جنوب السودان حكماً ذاتياً , ثم تم تعيين القيادي الشيوعي الشهيد جوزيف قرنق وزيراً مسئولاً عن شئون الجنوب. هنا فقط بدأت تظهر الملامح والنزعات الإقصائية والإستئثارية لدي الشريك الأقوى في السلطة ألا وهو رئيس مجلس قيادة الثورة العقيد جعفر نميري , حينما بدأ في التسويف والمماطلة في تنفيذ ما جاء بالإعلان واختلاق المعارك مع أصحاب الإعلان الحقيقيين وأعني بذلك كوادر الحزب الشيوعي السوداني حتى انتهي الأمر بإعدام قياداته بعد أن تم سحق وهزيمة حركة 19 يوليو 1971 م بقيادة الشهيد الرائد هاشم العطا ثم حظر نشاط الحزب الشيوعي وحله ومصادرة ممتلكاته وسجن وتشريد وملاحقة جميع أعضائه وحتى أصدقائه لم يسلموا من التشريد والملاحقة ,ثم بعد ذلك مباشرة كما سنري بدأت جدية نظام 25 مايو في محاولة حلحلة إشكالية جنوب السودان انطلاقا من مبادئ وموجهات إعلان العاشر من يونيو 1969م .

Post: #36
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-30-2008, 07:33 PM
Parent: #35

رسالة قديمة .. جديدة .. عبر روح الشهيد جون جارنج ديمامبيور .. توصل إلى قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الجنوب) ، وإلى جميع قيادات كل حركات التحرير والعدل والمساواة الدارفورية .. وتوصل أيضاً كل المهمشين في الأطراف وداخل العاصمة :
_________________________________ *
Quote: ولكننا عاقدين العزم على أن نتعامل مع حق تقرير المصير إذا تم الإصرار عليه عند توقيع الاتفاق النهائي وصار واقعاً ، كأمر واقع مفروض ( DEFACTO ) وسنعمل مع جميع الحادبين على مستقبل البلاد ووحدة أراضيها لكي يكون هذا الإقرار مجرد تحصيل حاصل. ورسالتي لأستاذي الدكتور العقيد جون قرنق دي مابيور هي ، أن يستمسك بوحدويته ، وأن يبدأ بإسماعنا في تصريحاته ما سمعناه من شباب حركته داخل العاصمة ، وأن ينأى عن المواقف والتصريحات السياسية التكتيكية التي أوصلتنا إلى هذا الدرك منذ الاستقلال،فمنزله بضاحية الحاج يوسف الشعبية في انتظاره ، ونحن وأبناء عمومته نتقاسم لقمة العيش هنا في أحيائنا المهمشة داخل ولاية الخرطوم ، في انتظاره أيضاً ، وأتمني عليه أن لا يرمي الكرة في ملعب إدارة الدولة الحالية لجعل الوحدة جاذبة كما صرح أخيراً ، فهذه الإدارة السياسية الحالية بتوجهاتها واعتصامها بالسلطة ليست مؤهلة لهذا التحدي ، فالكرة يجب أن تكون في ملعبنا نحن ، معكم ومع الجماهير الشعبية التي تؤمن وتتوق معنا إلى الدولة المدنية ، دولة المؤسسات ، دولة الحريات العامة ، والمساواة والمصير المشترك... نحن وأنتم وجميع الوحدويين من أبناء الجنوب والشمال والغرب والشرق ، الذين يجب علينا أن نحرز الهدف الذهبي أو الفضي كما صار في المنافسات الأوروبية المقامة حالياً ، ونصعد لنهائيات الوحدة والسلام والتنمية.

____________________________________________________ *
مع تحياتي وحبي
أبوفواز

Post: #37
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-30-2008, 07:42 PM
Parent: #36

( الجزء الخامس ) / 3

Quote: والآن دعونا أولاً نراجع من أين وكيف جاء النظام الذي وقع اتفاقية أديس أبابا ، فنظام 25/ مايو بقيادة جعفر محمد نميري كان نتاج انقلاب عسكري قام بالتخطيط له وتنفيذه تيار اليسار السوداني بقيادة الحزب الشيوعي السوداني وتيار القوميين العرب , والأسباب الظاهرة لقيامهم بتلك الحركة هي إثبات الوجود , والتعبير عن الرفض والانتقام من الأحزاب اليمينية التي تنكرت للأسس الديمقراطية في الأساس بطردهم لنواب الحزب الشيوعي السوداني من عضوية البرلمان أو الجمعية التأسيسية بدون سند دستوري أو قانوني مقنع ,ولكن حركات الضباط الأحرار على مدار التاريخ كانت دائماً ما تجد لنفسها الأعذار للاستيلاء على السلطة والإطاحة بالأنظمة المدنية الديمقراطية , مثل الفوضى الاقتصادية والسياسية التي تصاحب الممارسة الديمقراطية الغير ناضجة , وانشغال الأحزاب بالمصالح الضيقة عن الهموم القومية الملحة على رأسها الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وللأسف الشديد كانوا دائماً ومازالوا يجدون من بعض الذين يحسبون على طبقة المثقفين المدنيين أو النخبة المثقفة أو الإنتلجنسيا السودانية الدعم والسند ، وللأسف الشديد أيضاً هنالك وإلى الآن من لم يفطن للحقيقة التاريخية الخالدة التي آمن بها الأستاذ محمد أحمد محجوب وسجلها في شهادته على العصر القيمة (الديمقراطية في الميزان) وهي أن أخطاء الديمقراطية يجب أن تعالج بمزيد من الديمقراطية وليس بالانقلابات العسكرية.
ثانياً ، دعونا نرى كيف وجد ذلك النظام نفسه وحيداً في الساحة بعد أن عادى وخسر الجميع فلقد اختلفت المؤسسة العسكرية والتي كانت تساندها بعض الكوادر المصابة بداء الطفولة الاشتراكية مع الفصيل الرئيسي في التحالف الذي قام بانقلاب 25/ مايو ألا وهو التيار الشيوعي الماركسي الذي كان يرى التأني والتروي في سياسات التأميم وعدم فقدان دور الرأسمالية الوطنية في التطور الاقتصادي بسبب القرارات الخاطئة , إلى أن ضاق صدر الجناح العسكري الأقوى بقيادة جعفر نميري فبدأ في تهميش دور الحزب الشيوعي السوداني والقوميين العرب بعزل وزرائهم والتضييق عليهم إلى أن توج هذا الصراع بتحرك عسكري بقيادة الشهيد الرائد هاشم العطا في 19/ يوليو/1971م وكاد أن يستتب له الأمر تماماً لولا أن استطاعت القوات الموالية لجعفر نميري هزيمة الحركة وسحقها بعد ثلاثة أيام في 22/ يوليو , ثم قرر النظام حسم الأمر نهائياً وذلك بتصفية جميع القيادات اليسارية المعارضة جسدياً حيث أعدم من أعدم ونكل بمن نكل وكان من أشهر الذين أعدموا من العسكريين , بابكر النور سوار الدهب , فاروق عثمان حمد الله وهاشم العطا , ومن المدنيين , زعيم الحزب الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب والقيادي والوزير السابق جوزيف قرنق والشفيع أحمد الشيخ رائد رواد الحركة النقابية. ويجب أن لا ننسى بأن نظام النميري قبل أن يختلف مع حلفائه اليساريين كان قد سحق أي معارضة يمينية وعلى رأسها زعامات الختمية والأحزاب الاتحادية والأنصار وحزب الأمة , وكانت أشهر هذه المواجهات أحداث الجزيرة أبا واغتيال الإمام الهادي المهدي،ولقد كان منذ البداية في خلاف حاد و مبدأي مع حركات الإسلام السياسي بقيادة جبهة الميثاق الجناح المنشق من الأخوان المسلمين بزعامة حسن الترابي وأيضاً جماعة الأخوان المسلمين أنفسهم بقيادة د/جعفر شيخ إدريس والأستاذ/صادق عبد الله عبد الماجد ، وذلك بسبب مشاركة الأعداء التقليديين لهم ولتيار الإسلام السياسي عموماً في سلطة 25/مايو، وهم دائماً الشيوعيين.

قرر نظام مايو أن الوقت قد حان لإيجاد شريك بعد أن وجد نفسه وحيداً في الساحة وتلفت يمنة وشمالاً ولم يجد إلا الطرف الذي يحمل السلاح ويقوم منذ فترة على استنزافه وإرهاقه عسكرياً واقتصاديا ، فاختار أن يضرب عصفورين بحجر واحد ، أحدهما أن يصل إلى تسوية سلمية مع أبناء الجنوب المسلحين ويسجل التاريخ باسمه أنه أتى بحل سلمي لمتاهة جنوب السودان ، والآخر أن يجد لنفسه متنفساً ورفيق بعد أن عزل نفسه في جزيرة يحيط بها الأعداء من كل جانب ومن كل التيارات السياسية التي أقصاها ونكل بها ، فكانت اتفاقية أديس أبابا التي خلقت واقعاً شيزوفرينياً بين الشمال والجنوب ، حيث أعطى أبناء الإقليم الجنوبي حكماً ذاتياً وقدراً من الديمقراطية ،لم يتكرم بإعطائهما لباقي الأقاليم الشمالية ، ولم تحظى تلك التسوية بالتأييد الكافي من كثير من القوى الشمالية والجنوبية على السواء ، لأنها في الأساس لم تكن مشاركة وبالتالي فبنود الاتفاقية لم تكن تعنيها في كثير أو قليل.
ونواصل بإذن الله

صديق عبد الجبار محمد ( أبو فواز )
[email protected]
الخرطوم بحري في 17/يوليو/2004م

Post: #38
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 05-31-2008, 09:36 AM
Parent: #37

Quote: دعونا نرى كيف وجد ذلك النظام نفسه وحيداً في الساحة بعد أن عادى وخسر الجميع فلقد اختلفت المؤسسة العسكرية والتي كانت تساندها بعض الكوادر المصابة بداء الطفولة الاشتراكية مع الفصيل الرئيسي في التحالف الذي قام بانقلاب 25/ مايو ألا وهو التيار الشيوعي الماركسي الذي كان يرى التأني والتروي في سياسات التأميم وعدم فقدان دور الرأسمالية الوطنية في التطور الاقتصادي بسبب القرارات الخاطئة , إلى أن ضاق صدر الجناح العسكري الأقوى بقيادة جعفر نميري فبدأ في تهميش دور الحزب الشيوعي السوداني والقوميين العرب بعزل وزرائهم والتضييق عليهم إلى أن توج هذا الصراع بتحرك عسكري بقيادة الشهيد الرائد هاشم العطا في 19/ يوليو/1971م وكاد أن يستتب له الأمر تماماً لولا أن استطاعت القوات الموالية لجعفر نميري هزيمة الحركة وسحقها بعد ثلاثة أيام في 22/ يوليو , ثم قرر النظام حسم الأمر نهائياً وذلك بتصفية جميع القيادات اليسارية المعارضة جسدياً حيث أعدم من أعدم ونكل بمن نكل وكان من أشهر الذين أعدموا من العسكريين , بابكر النور سوار الدهب , فاروق عثمان حمد الله وهاشم العطا , ومن المدنيين , زعيم الحزب الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب والقيادي والوزير السابق جوزيف قرنق والشفيع أحمد الشيخ رائد رواد الحركة النقابية. ويجب أن لا ننسى بأن نظام النميري قبل أن يختلف مع حلفائه اليساريين كان قد سحق أي معارضة يمينية وعلى رأسها زعامات الختمية والأحزاب الاتحادية والأنصار وحزب الأمة , وكانت أشهر هذه المواجهات أحداث الجزيرة أبا واغتيال الإمام الهادي المهدي،ولقد كان منذ البداية في خلاف حاد و مبدأي مع حركات الإسلام السياسي بقيادة جبهة الميثاق الجناح المنشق من الأخوان المسلمين بزعامة حسن الترابي وأيضاً جماعة الأخوان المسلمين أنفسهم بقيادة د/جعفر شيخ إدريس والأستاذ/صادق عبد الله عبد الماجد ، وذلك بسبب مشاركة الأعداء التقليديين لهم ولتيار الإسلام السياسي عموماً في سلطة 25/مايو، وهم دائماً الشيوعيين.

Post: #39
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-01-2008, 09:40 AM
Parent: #38

Quote: أرجو أن يلاحظ القارئ الكريم بأنني أترك كل التفاصيل التاريخية الدقيقة والمثيرة للجدل للمتخصصين المؤرخين فإننا هنا لا ندعي امتلاك ناصية التاريخ تماماً لنغوص أكثر مما يجب وأبعد من مقدراتنا فعلم التاريخ له أهله وهم الأدرى بشعابه. نحن فقط كما قلنا نقدم مساهمة ونتلمس ونتحسس ما تؤهلنا له مقدرتنا المتواضعة.


تحية لكل الإخوة والأخوات في المنبر ...
وإنني متشوق لأي مداخلات ناقدة أو مصححة ، حتى تعينني في إعادة التقييم !!
مع شكري وتقديري
أبوفواز

Post: #40
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-02-2008, 01:36 PM
Parent: #39

Quote: وليعلم أبناءنا وبناتنا من الأجيال الجديدة المهتمة بالسياسة أن السودان إلى الآن لم يحظى بدستور دائم ديمقراطي , ونحن الآن لا فرق بيننا وبين العراقيين فيما يختص بالوضع الدستوري , وذلك لأن الحكومات الديمقراطية التي تعاقبت على السودان منذ استقلاله كان جل همها هو إقصاء الآخرين والاستئثار بالسلطة ووزارات الثروة ونسي الجميع أن جهازهم التشريعي هو جمعية تأسيسية عليه إجازة القانون الأساسي للبلاد. أما الحكومات العسكرية , الثلاثة 17/ نوفمبر , 25/ مايو , ثم حتى الآن 30/ يونيو , كانت جميعها تضع دستورها الذي تفرضه على الناس فرضاً ,( رجالة وحمرة عين ).

Post: #41
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-02-2008, 09:15 PM
Parent: #40

*

Post: #42
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-03-2008, 12:53 PM
Parent: #41

رحم الله الدكتور مجذوب الخليفة ...
فلقد ذهب إلى ربه ، ولا يجوز عليه غير الترحم عليه مننا ، ولكن ...!!
وجدت من الضروري نشر هذا المقال الذي لم ينشر !!
مع تحياتي
أبوفواز

Quote: باسمك اللهم نبدأ

أما آن لكم يا شيخ مجذوب أن تترجلوا عن سفينة الاستعلاء..؟؟


إن جميع السودانيين قد تفاءلوا خيراً ، هذا العام الجديد في مواسم الأعياد وذكري الإستقلال ، بإرهاصات قدوم السلام خاصة بعد التوقيع علي آخر بروتوكولين من بروتوكولات نيفاشا والعام الماضي يلفظ أنفاسه الأخيرة بكل مآسيه وتركاته الثقيلة ، والتي قادت الأطراف الموقعة والبلاد بحالها إلي المرحلة القادمة والتي بدأت في التاسع من يناير الجاري حين صادقت قيادة دولة الإنقاذ العليا مع قيادة الحركة الشعبية علي ( إتفاق السلام النهائي ). وإننا جميعاً كسودانيين مجبولين علي التفاؤل في الخالق وفي أيامه القادمات خيراً، ولكنني كنت دائماً وما زلت أحزر من الإفراط في التفاؤل ، فعلينا أن نرحب بأي تدبير إيجابي يصب في خانة الطريق إلي السلام ، ولا يعني هذا إطلاقاً بأن علينا أن لا نشير إلي مواطن الخلل , والتحزير من مغبة الممارسات والتصريحات الغير مبررة والتي تفتقر إلي الوعي والمسؤولية ، تلك الممارسات والتصريحات الآنية والمنظورة من معظم القيادات السياسية التي تشارك في إدارة اللعبة من طرفي اتفاق نيفاشا !!وعليه فإننا نكرر تحذيرنا من التفاؤل الساذج.
وإن كثيراً منا حينما رحب بحزر بتسوية نيفاشا السلمية ، وإحتفظنا بملاحظاتنا منذ البدء علي طبيعة مفاوضات ميشاكوس ونيفاشا , وما نتج عنهما , وما سوف ينتج عنهما لاحقاً ، لم نكن نفعل ذلك فقط من باب خالف تذكر , بل لأننا لدينا إشاراتنا التي نهتدي بها ، وتساؤلاتنا الشرعية , عن بعض النقاط المسكوت عنها والمبهمة والرمادية اللون في خارطة الطريق التي رسمها طرفي نيفاشا منفردين لتقررا مصير السودان ، ولا غضاضة من حيث المبدأ في أن تتحمل القوتين العظميين في السودان بحكم الأمر الواقع وسيادة حكم البنادق مسؤولية رسم خارطة للسلام ، فقط كانت يجب أن تكون قابلة للقبول والتنفيذ من جميع القوي السياسية والاجتماعية المعنية بالأمر بالضرورة ، وأيضاً كانت وما زالت لدينا هواجس ومحاذير نخشي أن ترشح عند التنفيذ . واليوم أود أن أبين للقارئ الكريم وكل الإخوة المثقفين والسياسيين الذين يتهمونني بالتشاؤم ومحاولة تكسير المجاديف كما يقولون , أرجو أن أبين للجميع بعضاً من هذه الإشارات السالبة.
في الملف السياسي بصحيفة الأضواء بتاريخ الأحد 2/ يناير / 2005م، العدد رقم 562 ، حاور الأستاذ عبد الحميد عوض , الدكتور مجذوب الخليفة أحمد , وزير الزراعة والغابات والأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم , وهو الذي يقود المفاوضات الآن مع الحركات المسلحة من أبناء دارفور في العاصمة النيجيرية أبوجا.وقبل أن أدخل في التعليق علي ما جري في ذلك الحوار , أود أن أشير إلي بعض النقاط التي أعتبرها حقائق هامة حسب إجتهادي المتواضع حتي تستقيم كراستي:

- أولاً : عندما أنطلقت شرارة الاقتتال في جنوب البلاد في 15 أغسطس 1955م وسمح لها بأن تستمر حتي الأمس القريب , كان السبب دائما هو إستعلاء النخب القابعة في مركز إدارة البلاد السياسية , مسنودة في معظم الأحيان باستعلاء المؤسسة العسكرية , هذا الإستعلاء الذي أدي بالضرورة إلي سيادة السلطة المطلقة حتي في زمان الديمقراطيات الهشة , ناهيك عن الحقب العسكرية الديكتاتورية البحتة , تلك السلطة المطلقة التي أدت بالتالي إلي المفاسد المطلقة , التي دمرت الريف والحضر وذلك بالقسمة الغير عادلة لثروات البلاد الرقيقة الحال والمحدودة أصلاً.


- ثانياً : جرثومتي الاستعلاء والاستئثار كانتا دوماً الأسباب والمحفزات المباشرة أو الغير مباشرة في قيام ثلاثة انقلابات عسكرية هيمنت علي أنفاس السودانيين لمدة سبعة وثلاثون عاماً شاملة تخللتها حقبتان ديمقراطيتان لم تعيشا طويلاً ( ديمقراطية أكتوبر : 5أعوام ثم ديمقراطية مارس/أبريل 4أعوام ).أما ديمقراطية ما بعد الإستقلال والتي دامت أقل من ثلاثة أعوام , وهي التي أسست لهذا المرض الخبيث , فتستحق بحثاً آخر وكامل.
- ثاثاً : غيابي المؤسسية والممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السودانية العريقة , والذي كان من أهم الأسباب التي أدت للانقسامات والتشرذم وأمراض الشللية اللعينة التي أضعفتها وفتت أبنيتها لحساب تقوية وإطالة عمر دولة الإنقاذ الشمولية , كان ذلك تعبيراً حقيقياً , سياسياً وإجتماعياً عن جرثومتي لاستعلاء والاستئثار .
- رابعاً : الانقسام الذي حدث في حزب سلطة الإنقاذ والذي أدي إلي الزج بشيخ الإسلام السياسي في السودان ومهندس إنقلاب 30 يونيو ، الدكتور حسن الترابي إلي غياهب السجن حتي الآن , كان نتاجاً عن فيروس الاستئثار بالسلطة والاستعلاء المتبادل داخل أروقة الحركة الإسلامية نفسها ، وواهم من يعتقد بأن الشيخ الترابي خرج مناضلاً من أجل الديمقراطية كما يدعي أو من أجل عيون الجماهير الكادحة , فهذه فرية لن تنطلي علي من يعلم جيداً منطلقات ومبادئ ومنهج تفكير منتسبي الإسلام السياسي بمختلف مسمياتهم والتي إبتدعها وتنقل بينها شيخ الترابي نفسه , بداية بجماعة الإخوان المسلمين ثم جبهة الميثاق فالاتجاه الإسلامي في الجامعات مروراً بالجبهة القومية الإسلامية ثم أخيراً المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي فكل تلك المسميات واجهات لسلعة بائرة واحدة.
- خامساً : إن من أحد أهم الأسباب التي ساعدت في إطالة أمد الحرب في جنوب البلاد هو عدم وجود الإرادة السياسية المتجردة المتحدة لدي النخب الجنوبية نفسها , علي الرغم من وجود قدر معقول نسبياً من الهارموني والتناغم العرقي والاجتماعي والديني مما يساعد نظريا ً علي تقليل التحزب السياسي , ولكن ذلك لم يشفع لدي نزعة الاستعلاء والاستئثار بين النخب الجنوبية وهذه معضلة نرجو أن يكفي الله مشروع السلام شرها.
والآن وعطفاً علي الإجتهادات أعلاه دعونا نرجع إلي تصريحات وإفادات الأمين السياسي للحزب الحاكم الشيخ الدكتور مجذوب الخليفة , فلقد كان تقريباً ثلث الحوار يدور عن الصراع في دارفور وسير المفاوضات التي يقود وفد الحكومة فيها , وكانت ردوده كلها لا يعتمد عليها وتفتقد إلي المصداقية إن نحن قارناها بما تأتينا به الفضائيات من مسئولي المنظمات الدولية وخاصة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي , وفي ذلك لا مانع في أن نعطيه ميزة التشكيك (BENEFIT of DOUBT) فقد يكون صادقاً والآخرين هم المفترين علي الحق ولكن , أن يقول سيادته : (بروتوكولات نبفاشا تتحدث عن قسمة السلطة ليس بين حركة متمردة كما ذكرت , بل تتحدث عن قسمة للسلطة والثروة بين الشمال والجنوب ..!!) فهذا والله شئ عجيب !! فإلي من يعتقد سيادة الأمين السياسي أنه يتحدث عبر صحيفة الأضواء , فإن كراسات بروتوكولات نيفاشا الستة بين أيدينا وقرأناها عن ظهر قلب , ولا أريد أن أعلق أكثر من ذلك والباقي متروك لفطنة القارئ . ثم نأتي إلي قاصمة الفكر والمنطق عندما سأله المحاور ماذا هم فاعلون إذا ما طالبت الحركات المسلحة في دارفور بنفس ما طالبت به الحركة الشعبية في الجنوب , فقال : (ساعتئذ سنلغي الإتفاق بيننا وبين الحركة ...!!) وحقيقة إلي الآن لم أفهم أي حركة يقصد التي سيلغي الإتفاق معها وأي اتفاق ؟ أما حينما قال له المحاور ( حتى إن أخذوا مبدأ وجودهم من منطق الواقع ؟), فلقد كان رده واضحاً وجلياً كحد السيف عندئذ سنلغي الاتفاق بين الشمال والجنوب لان الأمر لن يستقيم .), فهل هنالك بربكم إستعلاء أكثر من ذلك ؟؟
أما الشئ الذي يغيظ فعلاً , وأرجو أن يستميحني القارئ عزراً علي إستخدام هذه الكلمة الدارجة, إن كانت كذلك فعلاً ..!لأنني حقيقة مغتاظ جداً مما قاله السيد الدكتور في معرض رده علي إن لو كان الذي يحدث من إتفاقيات هو تفكيك للإنقاذ , فلقد قال أن الذي يهم هو إنجاز الإنقاذ , ومن هذا الإنجاز : ( الهوية والشريعة والإقتصاد الحر والصناعات الثقيلة والربط والاتصالات والتنمية المستدامة ومكافحة الفقر والعلاقات الدولية المتميزة ودخول البترول..!) , فهنا فهو صادق فقط عندما ذكر الإتصالات , أما الباقي ..فلا حولة ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , وإنني أظن أن السيد الدكتور لا ينزل من سيارته المكندشة إلا أمام مكتبه المكندش , ثم أمام صالون منزله المكندش , ولم يقابل رتل الشحاذين , الذين بدأت السلطات جلدهم بخراطيش المياه السود عند التقاطعات وإشارات المرور منذ إسبوعين تقريباً حتى لا يشوهوا منظر الخرطوم عاصمة الثقافة العربية..!!.
والأسئلة الملحة والمطروحة اليوم للسيد مجذوب الخليفة وكل طاقم سفينة الإنقاذ أو بالأحرى سفينة الاستعلاء هل إنجاز الهوية التي تتحدث عنه هو تعريض وحدة السودان للخطر الماثل أمامنا اليوم , وذلك بفرض رؤية آحادية لا تمثل أكثر من أثنين بالمائة من مجموع مواطني السودان؟ وهل الشريعة التي أنجزتموها تلك التي أنجبت آلاف الأثرياء ثراءً حراماً وعطلت قانون من أين لك هذا, وسلطت محسوبي الإنقاذ علي رقاب الناس ؟وأي إقتصاد حر الذي تفخرون به هذا الذي حول جميع عمال وموظفي الدولة إلي فقراء ؟ هذا الإقتصاد الحر الذي جعل من العطالة أصلاً وليست حادثاً , والذي فرط في جميع مكتسبات المواطن وحقه علي الدولة بتحويله للمعيشة اليومية والعلاج والتعليم إلي رفاهيات لا يقدر عليها إلا ذوي النفوذ والمرضيُّ عنهم , أما المغضوب عليهم والضالون , حسب تصنيفكم للبشرية السودانية , فلقد صاروا تحت خط الفقر والتي فاقت نسبتهم نسبة الخمسة وتسعون بالمائة ؟؟ وأين هي هذه التنمية المستدامة ومكافحة الفقر؟؟ وكيف يجرؤ السيد الدكتور علي الحديث عن العلاقات الدولية المتميزة ؟فبالله عليك يا شيخ مجذوب رفقاً بأعصابنا وقوة إحتمالنا , فلقد طفح الكيل وزاد , وآن الأوان لكم أن تترجلوا قليلاً عن أنفاسنا وعن سفينة الاستعلاء وجزاكم الله خير!!! فلقد شهد عليكم مجلسكم الوطني يرفض الوزراء والمسئولون المثول أمام النواب للمساءلة, وحيث يحمي البنك المركزي جميع البنوك التابعة له وذلك بتوجيهها بعدم تقديم كشف حساب للجهاز التشريعي بحجة المحافظة علي سمعة الجهاز المصرفي!!.
ويماطل مسئولي أجهزة الزكاة الاتحادية والولائية في الإجابة علي تساؤلات ومسائل النواب , وفي ظاهرة لا يستطيع المرء أن يقرر في أي خانة يضعها هل في خانة السيناريوهات التراجيدية أم الكوميدية , عندما تكشف المراجعة المقدمة للمجلس الوطني أن هنالك ملايين الدينارات المرحلة من عام 2003م للعام الزكوي 2004م وكأن عام 2003مكان يرفل تحت عباءة الفاروق عمر بن الخطاب أو حفيده عمر بن عبد العزيز , وإننا قد مزقنا فواتير الفقراء والمساكين وأبن السبيل والغارمين والمشردين ولاجئي الداخل والمرضي الذين يموتون بسبب الإهمال والحاجة , وصفوف مرضي الفشل الكلوي في مراكز الغسيل وقائمة مصارف الزكاة تطول..!!.
وشكراً لكم شكراً جزيلاً فلقد صار جواز السفر السوداني وثيقة منبوذة في جميع أنحاء العالم, بسبب تهمتي الإرهاب والتطرف, بعد أن كان جواز مرورنا في جميع أنحاء العالم هو عبارة عن جملة واحدة فقط وهي: ((أنا سوداني..أنا)). وجزاكم الله خيراً , فبعد أن كان إغتراب السودانيين مرتبط فقط وإلي حد كبير بالكوادر التي تشرفنا وتشرف أهل السودان من عمال مهرة وموظفي حسابات مشهود لهم بالأمانة وحسن الخلق , والمعلمين والتربويين وقليل جداً من حملة الشهادات العليا والعلماء , فلقد فتحت إنجازاتكم الباب علي مصراعيه لكل من هب ودب , فامتلأت بلاد الله أكبر بضعاف النفوس والسواقط من الرجال والنساء , وصارت سمعتنا التي كانت مضرب مثل وتقاس بالذهب المجمر , صارت في الحضيض !!, وهذا بالطبع إضافة لآلاف الكفاءات العلمية والإدارية والمؤهلين في جميع المجالات , الذين شردتهم ولفظتهم هذه السياسات الإدارية والإقتصادية الناجحة حسب ادعائك ولا نملك إلا أن نواصل النضال ضد نزعاتكم الاستعلائية تلك ثم نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
بعد ذلك وحتى يستمر القائد الذي يريد أن يسوق البشرية السودانية كما تساق إبل الشام بمن فيهم شركائه في بروتوكولات السلام , الدكتور مجذوب الخليفة في خطه الإستعلائي الواضح يقول , وبالحرف الواحد- والعهدة علي رواية مواجهة جريدة الأضواء:
(( نحن وضعنا الرؤى والنظريات والهياكل والأسس , والآن نسوق الجميع الذين يعون والذين لا يعون , نسوق الحركة الشعبية في هذا الإطار ونسوق القوي السياسية حديثها وقديمها , ونسوق المجتمع في الإطار الصحيح وبالنظرية التي نؤمن بها نحن. أكثر ما يعجبنا الآن أن الجميع يحجون نحو كعبتنا ويشربون من ماءنا ومن أفكارنا السياسية سواء في الحكم والإدارة بكافة أنواعها.)) ثم ختم بالآتي: (( نحن نسوقهم برفق ولكن الذي يعجز عن المواكبة حكم علي نفسه ولم نحكم عليه.))....!!!
هذا الإسلوب يا شيخ مجذوب تفوح منه رائحة حجاجية ثقفيه تري رؤوساً قد أينعت وحان قطافها , ولذلك أود أن ألفت نظر قباطنة سفينة الإنقاذ إلي أن القيادة السياسية وملكة الحوار والتفاوض علم وفن وذوق فالذي يتمعن فيما ذكر أعلاه يتوصل إلي نتيجة مفادها أن الرجل في حديثه هذا ينطلق من معين إدراكه السلفي لمفاهيم الراعي والرعية وأهل الحل والعقد , وعدم إلزامية الشوري , والتي تتسق تماماً مع منهج أحزاب التحرير المنبوذة في جميع أنحاء العالم والتي لا تؤمن أبداً بإسلوب التداول الديمقراطي للسلطة , بل تؤمن وتدعو إلي التغيير الراديكالي من قمة الهرم السلطوي عبر الإنقلابات العسكرية وتفكيك أنظمة المجتمع المدنية , وتدعو إلي إعادة عهد الخلافة , وإلغاء الحدود القومية وتحلم بإمبراطورية الفكر الواحد , فأتمنى أن يفيق هؤلاء ويدركون أن البلاد في هذه الأيام تشهد بدعة تظاهرة الخرطوم عاصمة للثقافة العربية لعام 2005م وليس, أكرر ليس لعام 105 هجرية , حينما كانت الرعية تساق باسلوب هذا الذي يدعي بأن الجميع يحجون إلي كعبته!!
وحتى نلتقي في كراسة أخري نبين فيها مزيد من الإشارات السالبة من كلا طرفي تسوية نيفاشا , استودعكم الله كل عام وأنتم بخير.



صديق عبد الجبار محمد ( أبو فواز )
مؤسس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
http://www.sudp-sdn.org
جوال: 0912355113
[email protected]
الخرطوم بحري في 11/يناير/2005م

** ملحوظة: لقد تم إرسال هذا المقال لصحيفة الأضواء ليتم نشره عملاً بأعراف الكتابة والردود الصحفية ولكن لسبب غير معلوم لم يتم نشره !!

Post: #43
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-04-2008, 06:13 AM

UP

Post: #44
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-04-2008, 09:39 AM
Parent: #43

مقتبس من الجزء الثالث / 1
Quote: تيارات الإسلام السياسي ونزوعها لمنهج الإقصاء كان نتاجاً لأسلمة السياسة أو تسييس الدين الذي بدأت إرهاصاته منذ أواخر عهد الخلافة الراشدة والذي توج بانتصار العصبية الأموية ومع أول يوم يعتلي فيه معاوية بن أبي سفيان عرش الدولة الأموية وكانت أول مملكة إسلامية أن جاز لنا التعبير , ولم تأتي هذه الدولة العصبية من فراغ فذلك تراث عربي قبلي يؤمن بالتعصب للقبيلة وللبيوتات الكبيرة , حتى أن زعماء قبيلة قريش والقبائل العربية الأخرى عندما وقفوا ضد دعوة الرسول محمد بن عبد الله ( ص ) لم يكن دافعها دينياً وإنما كان سياسياً بحتاً بدليل أن أبا سفيان بن حرب وهو والد أول خليفة ( ملك ) للدولة الأموية شوهد، حسب أبوحيان التوحيدي في الإمتاع والمؤانسة- الليلة العشرون، وهو يقف على قبر حمزة بن عبد المطلب قائلاً : (( رحمك الله يا أبا عمارة لقد قاتلتنا على أمر صار إلينا )) ولفظة الأمر كان يطلقها العرب و يعنون بها الملك أو السلطان ، وكان ذلك مباشرة بعد استتباب الأمر تماماً لآل بني أمية وبعد اغتيال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهزيمة شيعته وسحق جميع أتباعه. ومنذ ذلك الحين عادت ملامح الثقافة العربية القبلية والتعصب إلى البيوتات والأفخاذ إلى النمو مجدداً وبشدة بعد أن حاولت رسالة الإسلام وبدأت فعلاً في محاربة تلك النزعات القبلية , واستمر الحال إلى أن انهارت الدولة الأموية لعوامل كثيرة ليس هذا هو المجال لذكرها , واستلمت الراية منها العصبية العباسية فجاءت عصبية بني العباس لتمارس كل أنواع الإقصاء والتهميش والاستئثار بالسلطة والثروة حتى أن كتب التاريخ تذكر أن هارون الرشيد وهو في قلب الصحراء بين الأراضي المقدسة وبغداد رأى سحابة تعبر في السماء فنظر إليها وقال يخاطبها : (( أمطري حيث شئت فإن خراجك عائد إلينا )) ومرجعي في ذلك كتاب ((التعبير الديني عن الصراع الاجتماعي في الإسلام)) لمصطفى التواتي صفحة 107، ولقد قال ابن خلدون في كتاب المقدمة – طبعة دار الجيل / بيروت في صفحة 208 (( ومن قصرت به عصبيته أيضاً عن الاستعلاء على جميع العصبيات والضرب على سائر الأيدي وكان فوقه حكم غيره فهو أيضاً ملك ناقص لم تتم حقيقته.)) وكان ذلك في سياق تفسيره لماهية الملك والسلطان ومقومات قوته وبقائه عند العرب، حتى أن بعض السلفيين حتى الآن يشترطون في الدولة الدينية التي يدعون إليها أن يكون إمامها أصوله من قبيلة قريش.

Post: #45
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-04-2008, 10:28 AM
Parent: #44

* مقال نشر بجريدة الأيام بتاريخ : 9/8/2004 - العدد رقم 7966
بعنوان: تعقيب على إفادات باقان أموم / لا يا معتمر القبعتين فقد أخطأت
Quote: • (حسناً أريد أن أوجه سؤالاً فكرياً وسياسياً .. لقد طرحتم رؤية للسودان عبرت عن نفسها من خلال طرح السودان الجديد وجوهرها دعوتكم لقيام سودان علماني موحد ديمقراطي , الآن الاتفاق الأخير كرس لوضع دستوري وتشريعي مختلف إذ إنه أقر وجود دولة بنظامين (ديني في الشمال _ علماني في الجنوب ) ووفقاً لهذه المعادلة تم تقسيم الأشياء , نظام مصرفي بنافذتين وقاد هذا لوجود جيشين مع السعي لقيام جيش مستقبلاً من الطرفين , مع النظر في العقيدة القتالية .. بالنظر لكل هذه الوقائع هل تستطيع أن ترى طريقاً يقود إلى وحدة السودان ؟).
(وائل محجوب محمد صالح)
_______
ومازال التحقيق جارياً ....!!
رسالة ديمقراطية وحدوية .. توصـــل
إلى معتمر القبعتين الأستاذ باقان أموم (1)
Quote: هذه الرسالة بإذن الله ستكون عبارة عن مداخلة ومشاركة في الحوار الذي أجراه الأستاذ وائل محجوب مع السيد باقان أموم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي والعضو البارز في فريق الحركة الشعبية الذي فاوض فريق إدارة دولة الإنقاذ لينجبوا لنا أو لهما بالأحرى بروتوكولات نيفاشا الستة ، وستعتمد الرسالة خلال حوارها في الأساس على الردود التي أدلى بها السيد أموم على أسئلة الأيام والتي نشرت بعددها رقم 7960 بتاريخ الاثنين الموافق الثاني من أغسطس هذا العام 2004م.
في البدء أرجو أن يستميحني عذراً كلاً من يهمه الأمر وخاصةً السيد المحترم باقان أموم نفسه أن أوضح اضطرارا بأنني، باعث هذه الرسالة مواطن سوداني أجبرته الظروف على الاستقرار في عاصمة البلاد وترك موطني الأصلي في شمال البلاد البعيد الذي لم يسلم أبداً من جرثومة التهميش ، وإنني أعتنق الإسلام ديناً وبالتالي فإنني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله(ص) ، وإنني من دعاة الاشتراكية والديمقراطية والوحدة الوطنية ، وسأناضل من أجل ذلك ما دمت حياً ، وأدعو بكل صدق وإخلاص ومثابرة إلى (الفصل الدستوري بين الدين والسياسة والذي يتم من خلاله تأكيد حرية الاعتقاد والتدين وحرية المؤسسات الدينية كجزء من المجتمع البشري والمدني) تماماً كما ذكر السيد أموم في توضيحه لمشروع الحركة العلماني التي تتبناه , هذا ما أردت توضيحه حتى يعلم جيداً كل من يشرفني بقراءة ما اكتب , لمن يقرأ وما هي القواعد التي انطلق منها , فأرجو أن أكون قد بلغت .. اللهم فأشهد .. !! .
في ردك أخي باقان على أول استفسار في الحوار عن كيف تنظر لما دار في اجتماعات التجمع وردت الجملة ( اعتبر أن هذه البروتوكولات تشكل أرضية وأساس في اتجاه التحول الديمقراطي ) وفي الحقيقة لم استطع أن أفهم لغوياً , وقد يكون ذلك لعدم وجود التشكيل , هل الاعتبار هذا صادر منك بضمير المتكلم أم صدر عن طريق ضمير الغائب والمغيب فعلاً التجمع الوطني الديمقراطي , فأرجو إفادتنا , ولكن وفي كلا الحالتين وكما سيظهر جلياً في مداخلاتي لاحقاً , فإنني وكثيرٌ من الديمقراطيين لا نعتقد أبداً بل ونكاد نجزم بأن تلك البروتوكولات بصيغتها الراهنة , وما لم يحتويها وعاء قومي ويحدث فيها كثيرٌ من التعديلات والمراجعات , فلن تشكل إطلاقاً أرضية وأساس في اتجاه التحول الديمقراطي الحقيقي , وأنت نفسك سيدي في معرض ردك على السؤال نفسه اعترفت بأن الاتفاقية تمت بشكل جزئي وقاصر على الحكومة والحركة الشعبية دون مشاركة مباشرة من القوى السياسية الأخرى , وأنا أضيف هنا بأنها تمت حتى بدون مشاركة غير مباشرة ودليلي على ذلك هو ردك على الاستجواب الثاني والذي وجهه لك المحاور بأنك لم تقم بالدور المطلوب من تنسيق واتصال خلال المفاوضات حسب ما تم الاتفاق عليه , حيث رفضت الاتهام ولكنك استدركت وبصيغة تنم عن الإقرار بالانتقاد الذي وجه لكم وهو أن التواصل بين الأمين العام واللجنة السياسية لم يتم وقررت بأن هذه لم تكن قضية أساسية , فكيف بالله عليك يا سيادة الأمين العام كان الاتصال جارياً في حين كان التواصل مقطوعاً تماماً بينك وبين اللجنة السياسية , وما هي القضية الأساسية التي تقنن مبدأ المشاركة إن لم تكن تلك .. ؟؟.
في إفادتك حول المحور الثالث من الحوار وهو اتهامكم بأنكم عرضتم على التجمع اتفاقاً محسوماً أصلاً على الرغم من التزامكم في آخر اجتماع للتجمع بأن تعرض الحركة عليه أي اتفاق تزمع التوقيع عليه لإبداء وجهة نظره فيه , أوضحت بأن الاتفاق المقصود عرضه على التجمع هو الاتفاق النهائي , وفي رأي الشخصي أن إفادتك مقبولة وعادلة ولكن بشرط أن يكون هنالك فعلاً فرق بين البروتوكولات و الاتفاق النهائي الذي سيوقع وأن البروتوكولات الستة قابلة لكل شيء , من حذف وتعديل ومراجعة شاملة كاملة , ولكنني وبكل صراحة غير متفائل وشاهدي على عدم التفاؤل ذلك , هي الجملة الأخيرة في الإفادة نفسها حيث قلت ( عرضنا على التجمع الستة اتفاقيات قبل التوقيع النهائي والذي ربما سيكون بعد شهرين بعد حسم القضايا الإجرائية الأخرى المتعلقة بالترتيبات الأمنية ) , فواضح جداً من هذا الحديث والذي سيأتي لاحقاً , أن ما عرضتموه من اتفاقيات تخص السلطة والثروة , والترتيبات الخاصة بجبال النوبة والنيل الأزرق وأبيي وفي مجملها ترتيبات سياسية وقانونية , ليست قابلة للأخذ والرد , وواقع الحال يقول وكما قررت أنت إنكم الآن في مرحلة حسم قضايا إجرائية فقط والتي جمدت الآن حسب علمي وفعلاً بسبب خلافات إجرائية مضحكة ومبكية في نفس الوقت , مثل من سيتحمل عبء الصرف على جيش الحركة الشعبية في جنوب السودان ... !!! .

Post: #46
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-04-2008, 10:39 AM
Parent: #45

ومازال التحقيق جارياً ....!!
رسالة ديمقراطية وحدوية .. توصـــل
إلى معتمر القبعتين الأستاذ باقان أموم (2)
Quote: أخي الأستاذ المحترم باقان أموم : أود أن أخاطبك الآن بصفتك الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي وما كنت ستتبوأ هذا المنصب لولا قناعتك التامة بمبادئ وأهداف هذا المنبر الذي توحد عليها , وأريد أن أحيلك ومعنا القراء الكرام إلى الفقرة الأولى من أبرز الأهداف التي تكون التجمع الوطني الديمقراطي ليسعى إلى تحقيقها والتي تقرأ :
*(( تغير نظام الحكم الشمولي الراهن وإقامة بديل ديمقراطي تعددي يكفل الحريات العامة ويصون الوحدة الوطنية ويحقق السلام العادل والشامل ويقضي على أسباب الحرب نهائياً ويعمل على إعادة بناء السودان الجديد الموحد الديمقراطي الذي يتصدى بالحلول الناجعة للمشاكل المزمنة.)) ، وأرجو أن أوضح هنا بأنني لست عضواً في التجمع الوطني الديمقراطي على أي مستوى ، والله يخلي الخواجة .. ما تظهرلنا حاجة .. إلا يرطن فيها حاجة ، أو كما قال الشاعر الدكتور محمد بادى ، فلقد حصلت على ميثاق التجمع ودستوره الانتقالي المقترح من خلال شبكة المعلومات الإنترنت،هذا كان أول أبرز الأهداف التي تأسس عليها التجمع الوطني الذي أنت أمينه العام حتى الآن , فعندما طرحت عليك صحيفة الأيام إمكانية بناء تحليل قراءة ما يحدث في دار فور وما يعتمل في الشرق على تزمر الولايات الأقل حظاً في التنمية نتيجة لتخصيص المناطق الثلاثة بوضع سياسي إداري واقتصادي خاص , وأنا أضيف من عندي بناءاً على مجمل البروتوكولات الستة , فكان ردك بأن (أولاً اتفاقيات قسمة الثروة والسلطة تقدم نموذجاً لمعالجة كافة قضايا السودان) , ثم أشرت إلى وضع منطقة أبيي تحت إدارة رئاسة الجمهورية إلى أن يتم عقد الاستفتاء ويقرر أهلها إما البقاء مع شمال السودان أو الرجوع إلى بحر الغزال كجزء من جنوب السودان , وهذا يعني بوضوح إقرار حق تقرير المصير لأبناء أبيي كما تم إقراره من قبل للحركة الشعبية لتحرير السودان , ثم أكدت سيادتك مرة ثانية بأن الاتفاقيات تشكل نموذجا صالحاً بكافة ولايات السودان والمناطق المهمشة , ولعمري فإن ذلك وحسب فهمي المتواضع بمثابة دعوة لإعطاء حق تقرير المصير لكل ولايات السودان الخمسة والعشرين , بل ولكل فرد من مجموع الثلاثين مليون مواطن سوداني وطبعاً بناقص المحسوبين على أهل الإنقاذ أهل الصفوة حتى ولو كانوا في بلاد الواق..الواق , وذلك وبكل بساطة يا صديقي لأن الجميع، ما عدا هؤلاء مهمشين , فسؤالي هنا أين سعيكم في كل ذلك لصيانة الوحدة الوطنية وتحقيق السلام العادل , خاصة وأنتم في الحركة الشعبية تعلمون تماماً أن إدارة الدولة الحالية لن تتخلى عن فكرة الدولة الدينية , وأيضاً تعلمون تماماً بأنها لا تمثل أهل الشمال ولا حتى كل المسلمين , ولكنكم ما زلتم ترددون وتلمحون إلى أن استمرارية الوحدة الوطنية هي مسئولية دولة الإنقاذ , أما نحن الشماليين المسلمين الديمقراطيين الوحدويين دعاة الدولة المدنية تقذفون بنا في النهر وتطلبون منا أن لا نبتل بالماء.
في نهاية إفادتك حول هذا المحور أشرت إلى اتفاقية الترتيبات الأمنية , وبالتحديد الفقرة 7 ج , وحسناً فعلت وسوف أنقلها كاملة للفائدة العامة , ولأنني سوف أتقدم باقتراحاً , لا بل مطالبة واجبة , انطلاقاً من روح الفقرة 7 ج نفسها التي تقول :
( يتفق الطرفان على معالجة وضعية المجموعات المسلحة الأخرى في البلاد بغرض تحقيق سلام واستقرار شاملين في البلاد ولتحقيق استتباب شامل في عملية الانتقال ).
فروح هذه الفقرة تفرض عليكما واجب وطني وأعني حركتكم الشعبية وإدارة دولة الإنقاذ , للاستمرار في وقف إطلاق النار وأي عدائيات , وتجميد أي مباحثات إجرائية لأجل غير مسمى واستصحاب كافة القوى السياسية لإخماد لهيب دار فور , وحبس شرارة الشرق قبل اندلاعها أكثر من هذا إن كنت يا سيدي فعلاً ما زلت ترتدي قبعة الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي.
في المحورين الخامس والسادس من الحوار , أثار محاور الأيام الأستاذ وائل مسألة النسب المئوية في السلطة بالنسبة للمناطق الثلاثة والمركز , وأعتقد أن كثير من الناس تطرقوا لهذه القسمة فهي قسمة ضيزى وغير عادلة لا خلاف على ذلك ولا أريد أن أخوض في تفاصيلها كثيراً , ولكن فقط أود أن أعلق على بعض إفادات الأخ باقان أموم , فلقد حيرني حقيقة عندما قال في معرض حديثه ( ليس من الصواب ربط المشاركة فقط بالسلطة ) , ومباشرة قفزت إلى ذهني تجربة إحدى الجارات الكبرى , والتي أنا شخصياً أصر على تسمية نظامها السياسي بالديموشمولي أو الشموقراطي , فرأس الدولة فيها حاز على شرعيته أولاً من بلائه الحسن في المؤسسة العسكرية , ثم استمرت هذه بنسب التسعة وتسعين فاصلة تسعة وتسعين إلى الآن والله وحده يعلم الحد الأقصى لولاياته التي تأتي بالاستفتاء , وجهازها التشريعي خمسة وثمانون بالمائة من أعضائه هم من الحزب الحاكم , وعليه لم يسجل التاريخ أبداً أن أسقط قراراً قدمته الحكومة للجهاز التشريعي في تلك البلاد , أما خطاب الميزانية وخطابات سياسات الحكومة وطبقاً للدستور تقدم للجهاز التشريعي فقط لحصة القراءة الصامتة , وإن حاول النواب إسقاط أي شيء للحكومة الرشيدة , فما على رئيس الدولة إلا إخراج مفكه أبو نجمة من حقيبة الدستور، ثم فك وحل رقبة المجلس الموقر. فيا أستاذي الفاضل باقان أموم , لقد توصلت حركتكم إلى تسوية سلمية وأصبحتم شركاء في الراحلة والماء والزيت والكلأ مع دولة الإنقاذ , وصمت الرصاص حينما وعدتم بالمشاركة في السلطة والثروة , وكان هذا مطلبكم , فلماذا تجعل هذا ليس من الصواب على الآخرين , ولا أعتقد أبداً بأن أي سياسي مخلص وديمقراطي عندما يطالب بالمشاركة في السلطة يعني فقط السلطة التنفيذية , فنحن نطالب بالحرية والعدالة لنتمكن من المشاركة الحقيقية في العملية السياسية , والتي تؤدي إلى نزاهة السلطة التشريعية وفاعليتها , واستقلال السلطة القضائية وحرية الصحافة والنقد والإبداع الفني والأدبي وكل ضروب النشاطات الاجتماعية. وهنالك زرقاء يمامة تقول لي بأنها ترى نظام شموقراطي في الشمال وانفصال للجنوب يسيران تجاهنا إن لم نتدارك الأمر الآن.
ففترة الثلاثة سنوات التي تتحدثون عنها قبل الانتخابات , وتقولون لنا بأن تلك النسب ستتغير بعدها فهذا خيال علمي وعشم إبليس في الجنة كما يقولون , فلقد اقتسمتم يا سيدي السلطة والثروة , فأنتم وأهل الإنقاذ , ستسيطرون على كل شيء , المال والإعلام والجيش والأمن وكل اللجان , فأنى لغيركما أن تستجيب له صناديق الانتخابات..!!
ثم اعترفت سيدي بأنكم وإدارة دولة الإنقاذ اقتسمتما نسب السلطة بطريقة لا ترضي طوح الناس وهذا جيد في حد ذاته ولكنك لم تستطع أن تأتي بتبرير يحترم أي عقل ديمقراطي يستطيع أن يرى إن ما بني على باطل فهو باطل , وقلت إن قرار إنهاء الصراع المسلح والاحتراب في السودان اتخذته القوتان الكبريان في هذا الصراع .. كذا !! فهذا فيه نبرة استعلاء لا مبرر لها , وكونكما حملتما السلاح أنتم والإنقاذيين فهذا لا يجعل منكما قوتين كبيرتين , فقبلكما كثير من حمل السلاح وكسب جولة هنا وهناك ولكن المعركة الحقيقية لم تحسم إلى الآن والصراع لم ينتهي ولن ينتهي بهذا الأسلوب أبداً , ولو دامت لمن سبقكم لما آلت إليكم , ثم فجأة قررت بأن الواقع برهن أن أهل الإنقاذ فعلياً يستحقون نسبة أكبر لأن هذه حالة انتقال , فأنا وكل ديمقراطي حر نقول لك بأن هذا استنتاج خاطئ مائة بالمائة , فالواقع والمنطق والعقل , كل ذلك برهن أن سياسة الإنقاذ على مدى عقد ونصف قد فشلت سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً , فهم يستحقون أقل نسبة إن كانوا أصلاً يستحقون نسبة , أما عن فترة الانتقال فلقد نادى كل الديمقراطيون مراراً وتكراراً بتفكيك كل مظاهر الشمولية والقبول بالسيد رئيس الجمهورية الحالي لتشكيل وزارة وحدة وطنية انتقالية يكون للحركة الشعبية فيها وجود معتبر , وتكون أهداف هذه الوزارة محددة مهامياً وزمانياً , وعلى رأس تلك المهام تحديد كيف تحكم البلاد، وذلك بوضع وإجازة نظام أساسي ديمقراطي يتضمن كل الأشياء الجميلة التي وردت في البروتوكولات الستة، ولكن أن تتحمل الحكومة والحركة لوحدهما مسئولية إنهاء الحرب والتحول الديمقراطي مما أدى للنسب إياها كما ذكرت فهذا استعلاء واضح على جماهير الشعب السوداني , ومشروع كهذا لن يكتب له النجاح أبداً إذا استمر بهذه الروح.
الأستاذ وائل محجوب وهو الذي أدار ذلك الحوار في مدينة أسمرا مع الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي والعضو القيادي في الحركة الشعبية الأستاذ باقان أموم , أثبت فعلاً أن هذا الشبل من ذاك الأسد عندما وصل إلى الاستنطاق السابع في الحوار , حيث وجه سؤالاً استطاع أن يلخص فيه القضية الفكرية والسياسية بطريقة واضحة ومباشرة ومرتبة وكان في غاية الدقة والموضوعية , فأنا أرى من واجبنا جميعاً أن نهنئه ونشكره شكراً جزيلاً على هذا الفتح المبين , ومن ثم فإنني أجد نفسي مصراً بل وملحاً إلحاحاً على نقل السؤال كاملاً , لأنني أعتبره وثيقة هامة يجب أن تكون عنواناً لأي ندوة أو سمنار أو بحث أو دراسة تناقش بروتوكولات نيفاشا , وإليكم مسك الحوار :
• (حسناً أريد أن أوجه سؤالاً فكرياً وسياسياً .. لقد طرحتم رؤية للسودان عبرت عن نفسها من خلال طرح السودان الجديد وجوهرها دعوتكم لقيام سودان علماني موحد ديمقراطي , الآن الاتفاق الأخير كرس لوضع دستوري وتشريعي مختلف إذ إنه أقر وجود دولة بنظامين (ديني في الشمال _ علماني في الجنوب ) ووفقاً لهذه المعادلة تم تقسيم الأشياء , نظام مصرفي بنافذتين وقاد هذا لوجود جيشين مع السعي لقيام جيش مستقبلاً من الطرفين , مع النظر في العقيدة القتالية .. بالنظر لكل هذه الوقائع هل تستطيع أن ترى طريقاً يقود إلى وحدة السودان ؟).
إنني بصراحة أعتقد بأن هذا السؤال سيظل مطروحاً إلى آخر المطاف ولم يستطع الأخ الأستاذ باقان أموم مع احترامي الشديد له , أن يعطينا رداً شافياً كافياً يحترم فكرنا وفهمنا السياسي , فسيظل التحقيق جارياً لأجل غير مسمى. وهنا سوف أحاول باختصار تفنيد إفادات السيد أموم حول هذا المحور :
أولاً : لقد اختصر سيادته الصراع في السودان على أنه صراع بين مشروعين أحدهما إسلامي وآخر علماني وقرر بأن هذا الصراع أخذ منحاً عنيفاً من خلال الحرب , وبذلك فلقد ارتكب خطأً تاريخياً وتحليلياً فاحشاً بتصويره للصراع بأنه صراع ديني , بينما الكل يعلم بأن الصراع في السودان كان وما زال صراع سياسي اقتصادي بحت , تؤججه بعض المؤثرات الاجتماعية من وقت لآخر و وأيضاً وقع بإفادته هذه في المصيدة الخبيثة لدعاة الدولة الدينية الذين يروجون إلى أن الذين يدعون إلى الدولة العلمانية ( بكسر العين ) هم ملاحدة ولا دين لهم , فأرجو أن يتذكر الأخ باقان أموم أن مؤسسي الإسلام السياسي في مصر حتى الربع الأول من القرن العشرين , كانوا يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم من الذي يدعو إلى الديمقراطية ولا يشاركونه الطعام على أنه فارق الملة المسلمة.
ثانياً : وضح جلياً من حديث الأستاذ باقان بأنهم قرروا في حركتهم الشعبية أن يتعاملوا مع دولة الإنقاذ ممثلة في حزب المؤتمر الوطني كأنهم يمثلون جميع الشماليين وجميع المسلمين , ونسوا أو تناسوا بأن مشروعية الإنقاذ والمؤتمر الوطني ما زالت ترتكز على البندقية والقوانين المقيدة للحريات , وأن في الشمال غالبية مقهورة , لا تنتمي لتيارات الإسلام السياسي , وأقلية مسيحية وكثير من الأقباط , والغريب في الأمر أنه في معرض إفادته اعترف قائلا : ( وطبعاً حتى الآن لم يتم أخذ رأي الشعب السوداني في الشمال في هذا الأمر ).
ثالثاً : قال بأنهم قد قدموا تنازلاً في النهاية عن طرحهم بعلمانية كل السودان تبعاً لاتفاق الحد الأدنى بموافقتهم على مبدأ النظامين لتحقيق السلام , فهذا حسن إلى الآن فلماذا ذهبتم أبعد من ذلك ودخلتم في تفاصيل والتزامات تهم كل شعب السودان , وكل طفل سوف يولد في الشمال أو في الجنوب , لماذا لم تتوقفوا عند تسوية سلمية لحين إعادة هيكلة النظام السياسي والاجتماعي بواسطة جميع السودانيين !! ثم استمر في حديثه عن قضية الدولة والدين التي تهم الشعب السوداني في الشمال , وثنائية الوضع الدستوري التي تضع السودانيين أمام خيارين وهما باختصار إما الوحدة أو الانفصال. فأنا أقول له كما قلت سابقاً , بالوضع السياسي الآني والمنظور لن تكون هنالك آلية مؤهلة إطلاقاً لمعرفة الرأي العام في الشمال ما لم يتنحى حزب المؤتمر الوطني عن السلطة وتكوين وزارة وحدة وطنية انتقالية بدلا عنه.
في ختام الحوار أثار الأستاذ وائل تساؤلاً عن مدى ثقة الحركة الشعبية في قدرة القوى السياسية التي شاركتهم في ميثاق أسمرا وتوصلت معهم إلى خيار الدولة المدنية الديمقراطية , على مساندة أطروحات الحركة في شمال السودان , وكان رد الأستاذ باقان أموم نظرياً في غاية الروعة والجمال، ولكنه لا يمت بما جرى وما يجري على أرض الواقع بأي صلة كانت , وكما يقول إخوتنا أبناء نهر النيل المصريين , اسمع كلامك أصدقك وأشوف أفعالك استعجب , فأنا في اعتقادي أن الحركة الشعبية قد شقت طريقها لوحدها بتأشيرة دخول خاصة بها وتركت التجمع الوطني تحت الشمس الحارقة بغير مظلة يستظل بها كما قال صاحب القضايا الساخنة الأستاذ ياسين بالأمس , وأود هنا أن أرحب بعودته لكتابته التي افتقدناها كثيراً خلال فترة غيابه الأخيرة فمرحباً به والعود أحمد, فعلى التجمع الوطني الديمقراطي أن يرفع فراش العزاء , ويستقل أول طائرة أو قطار أو لاندكروسر أو باخرة عائدة إلى الخرطوم بتأشيرة دخول عادية , وينضم إلينا هنا لنحاول سوياً أن ننقذ ما يمكن إنقاذه.
والله والوطن والسلام والوحدة من وراء القصد.
وإلى القاء
• صديق عبد الجبار محمد طه(أبوفواز)
[email protected]
الخرطوم بحري _ الأربعاء 4/8/2004م
* مؤسس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي
* عضو اللجنة التمهيدية للمنتدى السوداني لتنمية الديمقراطية


Post: #47
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-05-2008, 07:44 AM
Parent: #46

Quote: إذا أردنا أن ندلف في هذا الجزء إلى عقد مقارنة بين المعالجات التي انتهجها جيل الاستقلال من جهة والمعالجات المايوية والإنقاذية من جهة أخرى لقضية السودان المركزية المزعومة سابقاً والتي صارت الآن ، وأعني قبل إنفاذ اتفاقيات نيفاشا ، ورغم أنف الجميع واحدة فقط من عدة حلقات تحيط بشكل دائري بأي نظام مركزي أو اتحادي يتصدى لإدارة دولة جمهورية السودان . فعلينا أن نؤكد ثانياً وقبل كل شيء على ما اتفقنا عليه سابقاً وهو وجوب تشريح وفهم الأوضاع والحقائق الاجتماعية والسياسية , والاقتصادية لعناصر العلاقة بين الشمال والجنوب , كما وعلينا أيضاً أن نبذل ما بوسعنا لكسب ذوي النزعات الانفصالية من كافة مواطني السودان وذلك بفتح حوار هادئ ومسئول معهم ولفت نظرهم وإحالة تفكيرهم للحقائق الموضوعية المحيطة بنا دولياً وإقليمياً ومن ثم محاولة إقناعهم بأن الانفصال لا يعني السلام بأي حال من الأحوال , ولقد استشهدنا في المرة السابقة بما آل إليه حال الدولة الحبشية القوية سابقاً بعد انفصال إريتريا , وهنالك من الأمثلة ما يضيق بها المجال فدونكم سباق التسلح النووي القائم بين الهند وباكستان بسبب القضية الكشميرية منذ عشرات السنين , وما كان بين اليمن الجنوبي والشمالي حتى تم إعادة توحيد شطري اليمن لتنعم بلإستقرار إلى حدٍ ما وشيء من الديمقراطية !! .

Post: #48
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-05-2008, 07:47 PM
Parent: #47

Quote: سياحة في مصالحة القاهرة العجيبة

بقلم: صديق عبد الجبار محمد ( أبو فواز ) **

[email protected]


تذكرت ما خطه يراع الشاعر الخالد عمر الدوش في حزنه القديم الذي ترنم به زرياب إفريقيا محمد عثمان وردي متعه الله بالصحة والعافية ، أو فيما قال :
ولا الحزن القديم إنتِ
ولا لون الفرح إنتِ
ولا الترحال ولابنتِ .. ولا كنتِ
بتطلعي إنتِ من غاباته .. من وديانو ومني أنا
بتطلعي إنتِ من صوت طفلة وسط اللمة منسية
ومن همسة جروف النيل مع الموجة الصباحية
بتمشي معاي خطانا الألفة والوحشة
بتمشي معاي .. وتروحي
ولا البلقاه بعرفني .. ولا بعرف معاك روحي
ويختم هذا الثنائي الجميل في مرحلة من مراحل استنكارهما النبيل بأن:
تجيني .. ويجيني معاك زمن .. أمتع نفسي بالدهشة ... !!
لا ادري لماذا قفزت هذه الأنشودة إلى ذهني وإنا أتابع ما جري صبيحة السبت الماضي 18/يونيو /2005م في قاهرة المعز بين دولة الإنقاذ القابضة وما يسمي بالتجمع الوطني الديمقراطي ، ذلك المهرجان الغريب الذي قهر في القاهرة منطق الأشياء في أذهان جميع السودانيين البسطاء , وأولهم شخصي الضعيف إلى الله , القوي بحتمية قصر ليالي الظلم , وهزيمة كل الموتورين , وانتصار الغبش أصحاب الحقوق الأصليين.
هل خطرت ببالي هذه الكلمات من أجل الدهشة التي تملؤها ، ولان أهل التجمع أدهشونا فعلا .. ؟ أم لأننا إلي الآن لم نجد من يستطع أن يعبر عن حزننا القديم والمتجدد دائماً ، وإصرار الساسة النمطيون علي إدهاشنا في اليومِ ألف مرة ، فيرفضون مع سبق الإصرار والترصد تلوين حياتنا البائسة بلون الفرح ، ويمارسون عادة الترحال المكاني والزماني والفكري وباسم الشعب السوداني المغيب دائماً من أجل تطلعاتهم الشخصية فقط !! أم لأننا مازلنا في انتظار الغائبة والتي ستكون إرهاصاتها حتماً في أصوات الأطفال والشباب المنسيين وسط الزحمة , و الذين همشهم الساسة القابضين منهم علي الصولجان ، والآخرين الذين يقفون علي رصيف السياسة ويمدون أياديهم علي غرار أرحموا عزيز قوم ذل !!
وها هو ذا, قد جاءنا زمان قبل أن تأتي هي, وأجبرنا على أن نمتع أنفسنا بالدهشة, ونحن نرى كبارنا يبيعون ويشترون فينا.. ! فوالذي أنفسنا المندهشة بيده , سبحانه وتعالى , إن الذي حدث في ذلك السبت بالعاصمة المصرية . كان مهزلة بكل المقاييس, حيث اجتمع شواذ القوم وانفض سامرهم, ليقولون لنا الآتي:
أولاً: تم التوقيع المهزلة لأن طويل العمر الرئاسي حسني مبارك , كان قد وزع رقاع الدعوة منذ فترة طويلة, ونصب الصوان والسرادق لإبرام ذلك العقد العرفي الناقص , بورقة غير موثقة ومن خلف ظهر ولي الأمر الشرعي المدعو حاج محمد أحمد السوداني , تماماً كما أبرم عقد النكاح الزائف الذي كان قبله في منتجع نيفاشا ..!! فالتجمع الوطني الديمقراطي الذي يهيمن عليه مولاهم محمد عثمان الميرغني , لا يستطيع أن يكسر بخاطر (الأشقاء) وأصحاب النسب في شمال الوادي , فكان لابد من رفع رأس النظام المصري , الذي كان في حوجة ماسة لمثل ذلك المسرح العرائسي والجنائزي , حتى يلهي عدسة الإعلام الدولية عما يجري في مصر أم الدنيا ومهبط الديمقراطية والتعددية الفكرية التي جاءت طغمة 23 يوليو 1952, لكي تفرمل التطور الطبيعي لأجمل الممارسات التعددية والحزبية والديمقراطية في منطقتنا كلها خلال القرن الماضي , فحسني مبارك نفسه يحتاج لوساطة دولية كي تتصالح دولته مع المواطن المصري , ورجال أمنه يتحرشون بالصحفيات , ويكسرون عظام المعارضين , فهو يريد زفة وطبالين ليلهي العالم عن أصوات الأطفال والشباب والشيوخ والنساء الذين مافتئوا يقولون له ( كفاية ) ومنذ فترة ليست بالقصيرة.
ثانياً: هتف بعض شواذ الآفاق ملء حناجرهم بأن : ( لا سودان بلا عثمان ) .. ونحن نقول لهم فض الله أفواهكم , وشلت حناجركم , فإن السودان أعظم من كل عثمان , وباق ما بقيت الدنيا , وليذهب جميع العثامين حيث يشاءون ولا يشاءون , وليذهب محمد عثمان وعلي عثمان وقرنق و عمر البشير والترابي ونقد والصادق المهدي وتيسير وأبو خالد , ولنذهب جميعنا حيثما شئنا ولم نشأ , فالسودان باق ما بقيت الدنيا ومن فيها , وبقائه وخلوده ليس مرهوناً ببقاء زيد أو فلان أو أي جهة كانت.
ثالثاً: قال السيد عثمان أبوالقاسم , والذي كان وزيرا سابقا إبان سيئ الذكر عهد نميري المايوي , وعبر تصريح مقتضب لقناة الجزيرة الفضائية , قال فيما معناه أن كل من لن يلحق باتفاقية نيفاشا , فسيصير ( سقط متاع ) .. هكذا !! ونسي أو تناسى سيادته أوجه الشبه الكثيرة بين الأمس واليوم , حينما قرروا في عهدهم البائد , تهميش الرأي الآخر وعزل الآخرين في اتفاقية أديس أبابا 72 , والتي عاشت حوالي العشرة سنوات , ولم تؤتي أكلها ثم انهيارها في الثلث الأخير من عام 1982م , وكانت بداية النهاية لعهدهم البائس القبيح , حتي قال الشعب قولته الأخيرة عند انتفاضته العبقرية في مارس / أبريل 85 , ونسي ابن أبي القاسم أنه لولا استيلاء صنائعهم ومن يشبهونهم على مقاليد الأمور في انقلاب يونيو الأسود , لما تأتى لهم أن ينفض عنهم التراب وتفتح توابيتهم , ولظلوا إلى الأبد نسياً منسياً , ولكن وعلى الرغم من ذلك , فليطمئن حضرة الوزير المايوي السابق , بأن مكانهم ما زال شاغراً في الدرك الأسفل من سقط المتاع التاريخي , فإن التاريخ دفاتره لا تغلق , والجرائم لا تسقط عنده بالتقادم أو طول الزمن.
رابعاً: لقد قال السيد/ محمد عثمان الميرغني , زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي , ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي لأجهزة الإعلام بعد خروجه من مراسم المصالحة العجيبة , إن الذي وقعوا عليه كان ( اتفاق مع وقف التنفيذ ) , فالسؤال الذي يطرح نفسه هو : إذن .. فلماذا أقدموا عليه في الأساس ؟؟ إن لم يكن جرياً ولهاثاً خلف فتات نيفاشا , وقليل من بقايا الإنقاذ والحركة وبقية من أحزاب التوالي الأنبوبية .. أو لم يكن نكاية وتصفية حسابات وسباق لاهث ضد غريمه الأول الصادق المهدي وحزبه الضعيف المتهاوي , والذي هو الآخر تجرأ ومن غير خشية أو خجل بوضع يده مرة أخرى مع المتهم الأول في جريمة سرقة الديمقراطية ومكتسباته , فبدلاً أن يقيم عليه الحد , كافأه وأسس معه مسخ آخر أطلقوا عليه تحالف القوى الوطنية .. فأبكي يا وطني الحبيب, فأنت شبيه حمزة .. لا بواكي لك , ما دامت ديناصورات السياسة ترفض الانقراض .. ويمدد لها في العمر متى ما ظهرت بوادر كيك في الأفق ..!!
خامساً: لقد أثبت العقيد معمر القذافي , بأنه أعقل كثيراً من الذين يتهمونه باللوثة العقلية وأنضج ألف مرة من هؤلاء الذين كانواس يصفونه بالإصابة بسندروم المراهقة السياسية , وذلك حينما قرر عدم المشاركة في آخر لحظة في مهزلة السبت القاهرية , ونأى بنفسه عن المشاركة في تلك الكوميديا السوداء,فنخن نهنئه على هذا الفتح الذي نزل عليه , ونرجو أن يهديه الذي هداه لهذا , أن يتصالح هو الآخر مع شعبه الليبي المقهور.
سادساً: لقد احترنا حقيقة من موقف الحزب الشيوعي السوداني , الذي كنا وما زلنا نعتبره تنظيم يضم خيرة أبناء السودان , المناضلين والشرفاء والذين لا يخافون في الحق لومة لائم , وعلى الرغم من اختلافنا الفكري معهم وإلى حد ما , ولكننا نشهد لهم بأنهم خير من يمثل تطلعات وأشواق جماهير الشعب السودانية المغلوبة إلى أمرها , وذلك حتى إشعار آخر .. !! ولكن فإن موقفهم واستمرارهم ضمن مؤسسات التجمع الوطني الخربة , وخاصة بعد فشله الزريع في قيادة الجماهير , وسقوط شعارات ضخمة مثل ( سلم .. تسلم ) , فكنا نتوقع من هذا الحزب الرائد أن ينفض يده من هذا النعش المهترئ , وأكثر ما زاد حيرتنا , هو صمته الغير مبرر من عرض مسرح العرائس الباهت الذي شارك فيه محمد عثمان الميرغني باسم التجمع الوطني يوم السبت الماضي مع بقية من حض. ولن نرضي بالإجابة التقليدية والتي تدعي بأن تلك هي السياسة , وأن على السياسي المحنك الانحناء أمام الريح , فمثل هذه الإجابات يرفضها رجل الشارع العادي والذكي رفضاً باتاً , وهذا الذي يحدث لا يشبه تاريخكم يا أستاذنا نقد ..!!

وإلى لقاء آخر لنواصل سياحتنا



** رئيس اللجنة التأسيسية العليا
الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي







Post: #49
Title: Re: النزعات الأديس أبابية في التسوية الميشاكونيفاشية
Author: صديق عبد الجبار
Date: 06-07-2008, 01:30 PM
Parent: #48

فوق