آخر رسالة ... إليها

آخر رسالة ... إليها


05-10-2008, 12:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1210417441&rn=0


Post: #1
Title: آخر رسالة ... إليها
Author: ابو جهينة
Date: 05-10-2008, 12:04 PM

سبق و أن سألتك : هل الحب امتلاك ...؟
فكان ردك :

( تسألني : هل الحب امتلاك ؟
أنا لا أدري ..
لكن فيما يصيبني
أحس دوما أنه يشبه الامتلاك
هو أن تكون مملوءا بالمحبوب حتى الثمالة ..
أن ينتهي إحساسك بنهاية أطرافه
ثم يبدأ بها .. و يتوقف خلال هذه التهويمة ..
عند عشرات المحطات في الجسد ..
ويكون حَدّهُ .... خط الأفق
أن تلملم كل الأشياء الخاصة به ..
عثراته ...
رواحه
غدوه
أفراحه ..
أحزانه ..
أن تكون (تاج سره) ..... و الملجأ الوحيد الذي يحتمي به ...
أن تكون منتهى صدقه ...
بداية خوفه اللذيذ
و نهاية قلقه المحبب ..
أعني .. أعني .. عفوا
لا أدري ...
لا أعني أن أقيد من أحب ..
لكني أحس أن مشاعري التي لا أستطيع توضيحها
تشبه هذا الامتلاك
هل الامتلاك شئ بغيض؟
)



هكذا جاءت كلماتك ...

و لا زلتُ أقف عند حد قناعتك و قناعتي هذه .. أستند عليها ... و أستظل بظلها من هجير أحداث كثيرة مرتْ على صفحات سِفْرنا ... هذا السِفْر المليء بالهوامش ... و النتوءات ... و الحافل بكل الأضداد ...
أتدرين ماذا أقصد ...؟


أحبك كما أنتِ ...
مهرة جامحة ... فالتة من عقالها ... و ( سهلة القياد )
مبعثرة الأفكار ... مجنونة التفكير ...... و ( متزنة الكلمات ) ...
يلفها حدود المكان فتعيشه أضلاعاً هلامية لا تعترف بأركانه ... و ( محبوسة في قفصٍ من صنعها و مفتاحه سلمتْه لي طواعية
)



أركانك التي تؤمنين بها هي منعطفات الأحداث الحلوة في مسيرة عشقك .. و متاريس الأيام الكالحة ... و لعنات القدر ... و الحظوظ المعاكسة ... و فلتات اللسان ... و إصطدامك بمزاجك المتعكر ...
أعرف أنك على يقين من أن حبالِ الود لن تمتد مرة أخرى ... لأنها أصبحتْ مهترءة بفعل احتكاكها المتواصل بجدران تمردك ... ( و أعرف تماماً بأنك لن تغرقي في أي لجةٍ كانت .. ليس تشبثاً بأي نوع من أنواع التمسك بحيوات هذا العشق أو ذاك الغرام ... و لكن أعرف أن طول قامة إعتزازك بنفسك تجعلك تقفين و رأسك فوق مستوى أي لجة ... )

و هنا تأتي مقولتك لتقف بصلابة مع مقولتي : ( الحب بعض إمتلاك .. و ليس إمتلاك ) ...
أعرف أن كرامتك لن تسمح بعودة أسراب الطيور إلى أوكارها القديمة مرة أخرى ...
و لن تفتحي نوافذك مرة أخرى ليدخل ذلك الضوء الذي طالما أضاء عتمات حجرتك ..
أعرف ذلك .. و لكنني سعيد لأن قلبي رقص طرباً ذات يوم لدخول حبك إلى كل غرف قلبي...
سعيد لأنني و لعدة ليالٍ طويلة كنت أحادثك عبر خيالي ..
ثم أسمع صوتك الطفولي يرن كأجراس صغيرة في يوم عيد ... فأعرف أن ما ساقه خيالي في وحدتي كان توارد خواطر ..
هل تصدقي ذلك ؟ توارد خواطر ...
كان لا يدهشني أن أسمع ما قلته لكِ في خاطري ترددينه لي في الحقيقة و الواقع ..
أنا لم أمتلكك عندما كنا سوياً نغزل من ضوء القمر سجادة نفرشها أمامنا نمشي عليها حتى باب صومعتنا...

الآن .. فقط الآن أمتلكك بكل جوارحي .. أكثر من ذي قبْل ...
فعندما ينتابني الحزن .. أركن إلى كلماتك ... أتجرعها حرفاً حرفاً ... ( فأمتلك ناصية حديثك )
و عندما تتكالب سحب الكآبة ... ترن في أذني ضحكتك الطفولية العابثة و تعود بي إلى منعطفات الفرح و كواليس الابتسام ... ( فأمتلك لحظات سعادتك )
الآن أمتلكك بخيوطٍ أمسكها بروحي ... و أتنفسك شهيقاً و زفيراً
أكاد ألامس راحة يدك الصغيرة ... فينساب عطرك ذاك المفضل إلى أعمق أعماقي ..
يتراءى جسدك النحيل كطيف ٍ في حلم يقظة ..
أحاول إبعاده ... فيرجع يتراقص أمامي بعناد عابث كما كنت تفعلين ..
أمتلكك ... بطريقتي ...
فانطلقي حرة كما أردتِ دائماً
...



يكفي أن يبقى الحب قابعاً في قاع الروح كمعدن نفيس في بحيرة هادئة يأبى الخروج إلا لمن يُحْسِن التغلغل إلى الدواخل ثم يغربل الشوائب و يستخرجه نقياً لامعاً ...

و أنا أريده هناك ... بشوائبه و طحالبه في القاع .. فهو هناك آمِن من عثرات دروبنا .. و أمزجتنا العكِرة و غيومنا التي تأبى الإنقشاع ... و لحظات تمردنا ...
بعض إمتلاك هو الحب ...