عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!

عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!


04-06-2008, 09:41 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=160&msg=1207471314&rn=0


Post: #1
Title: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-06-2008, 09:41 AM





عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !! ....
العزلة ان تحاول ان تنهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً وما عداه عرض .....
للعزلة حمي تشبه حمي الدريس...!!
القبور أختصار للعزلة في خط مستقيم......
جماع الذي عاني عزلته بصمت نبذته العيون فعاش عزلتين....
جماع حين لم يعرف كنه العزلة أصيب بالذهول , او ربما عندما لم يعرف كنه الذهول اصيب بالعزلة.....
عندما كانت تنهشني العزلة كنت الجأ الي الكتابة... الان ألجأ الي العزلة حتي لا تنهشني الكتابة...
العزلة تترك افكاري ككتاباتي.... تشبه نقاطاً متقطعة اخر السطر!!
ا
ل
ع
ز
ل
ة
.................................

Post: #2
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: احمد العربي
Date: 04-06-2008, 09:46 AM
Parent: #1

ده ياربي
صراع العزله ضد العزله
تحيه مليانه وبجيك راجع
كل الود

Post: #3
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-06-2008, 10:19 AM
Parent: #2






عبدالرحيم أبو ذكري أخذ زهور حياته ورحل
(1944-1989)

****

أيها الراحل فى الليل وحيدا ..

ضائعاً منفردا
أمس زارتنى بواكير الخريف ..
غسلتنى فى الثلوج ..

وفى شراق البروج

ايهاالراحل فى الليل وحيدا

موغلاً منفردا ..

حين زارتنى بواكير الخريف
كان طيفى جامدا وجبينى باردا
و سكوتى رابضا خلف البيوت الخشبية ...
مخفياً حيرته فى الشجر .

وغروب الأنهر .. وانحسار البصر
لوحت لى ساعة حين انصرفنا ..

ثم عادت لى بواكير الخريف
حين عادت وثب الريح

على أشرعتى المنفعلة
سطعت شمس الفراديس

على اروقتى المنعزلة
ومضت تحضننى شمس ندية
والتى ما حضنتنى فى الزمان الأول



فى الزمان الغائب المرتحل
أيها الراحل فى الليل وحيدا

ضائعاً منفردا ..
إنتظرنى ..إنتظرنى
فأنا أرحل فى الليل وحيدا

موغلا .. منفردا
فى الدهاليز القصيات إنتظرنى

فى العتامير وفى البحر ..

إنتظزنى .. أنتظرنى
انتظرنى فى حفيف الأجنحة

و سماوات الطيور النازحة
حين تنهد المدارات و تسود

سماء البارحة..
إنتظرنى..إنتظرنى

Post: #4
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-06-2008, 10:41 AM
Parent: #3

ابوذكرى-عينو ما بتشوف الا شاهق
محمد المكى ابراهيم (1 من 2)
منابر الجالية السودانية الامريكية


جاء الخبر اول مجيئه الى الشاعر الياس فتح الرحمن وكان في تلك الايام الطليق الوحيد بين مجموعة الاحباب الذين غيبتهم المعتقلات والمنافي وكنا نلتفي مرة ومرتين كل يوم فعرفت منه ان عبد الرحيم ابو ذكرى فتح بوابة الخلود وذهب عنا الى غير رجعة.

ذهبنا الى منزل أهله في الحلة الجديدة حيث كان المأتم منصوبا لتوه والمعزون يتقاطرون على المكان بانتظار وصول الجثمان من موسكو وكما هو شأن الطائرات القادمة الى السودان شحت المعلومات وتضاربت حول موعد الوصول وفي النهاية وصلت الايروفلوت ارض المطار في ساعة ما بين شدة الظهيرة وساعة الاصيل وكان الشاعر يرقد داخل تابوت جميل له فتحة زجاجية كان يمكن رؤية وجهه عبرها والقاء نظرة الوداع على وسامة روحه الشاعرة ولكن كبار العائلة حرمونا ذلك فقد اصروا على بقاء التابوت داخل الصندوق الخشبي الكبير الذي كان يحتويه.

قلت لشقيقه عثمان انه من المسموح اخراج التابوت من صندوقه الخشبي وان الممنوع دوليا هو فتح التابوت والسماح لهوائه ان يتسرب خارج تشميعه المحكم وكان عثمان يفهم تلك الاعتبارات ويفهم ايضا عقلية المشايخ الذين يتحكمون في مصائر العائلة.

قال لي: دا كلام معقول ولكن من يستطيع ان يجادل هؤلاء الشايقية. وأدركت صواب فكرته حين سمعت احد شيوخهم يقول

-لوفتحنا هذا الصندوق وجاءت الحكومة ووجدت اخشابه في هذا المكان ألا تسأل من كسر هذا الصندوق وماذا اخرجوا منه.ولكنه كان من رأيي ان فقراء المدينة الباحثين عن حطب الوقود سيتكفلون باخفاء كل شيء متى غادرنا المكان.ومع ذلك كان رأيه سديدا فليس من تقاليدنا كشف وجوه الاموات وتعريضها لفرجة المتفرجين.وقد جرت العادة ان تصل التوابيت مغلقة تماما ولاسبيل لرؤية وجه شاغلها او أي جزء منه ولكنه يبدو ان السوفيت وهم يعرفون انه شاعر كبير ظنوا ان دفنه سيتطلب ذلك النوع من الاجراءات.

كان آخر عهدي به تلك الزيارة الى موسكو التي دعاني اليها بالحاح سفيرنا واستاذنا في الدبلوماسية ابوبكر عثمان محمد خير (الذي درجنا على ذكر اسمه بهذه الطريقة تمييزا له عن علم آخر من اعلام الدبلوماسية السودانية هو السفير الوزير ابوبكر عثمان محمد صالح) وكان استاذنا قد قدم على براغ في زيارة عائلية وأصر بكرمه المعهود على دعوتنا الى موسكو وعلى نزولنا في ضيافته السخية وانس حرمه الحاجة مريم أم الجميع .وفي موسكو كان ابو ذكرى بطبيعة الحال اول من سألنا عنه وأول من قابلناه.

جاء ملبيا وجاءت معه المترجمة الروسية التي ترجمت عددا من قصائدي الى اللغة الروسية وكانت فرحته عظيمة برؤيا زوجتي ام كمال التي يعرفها جيدا منذ ايامه في السودان والتي كانت ضمن قلة من الناس مسموح لهم بمداعبته في شأن زواجه متى يكون.

شربنا اقداح الشاي وتحدثنا وضحكنا وتبادلنا الوعود والذكريات ولم نكن ندري ان ذلك سيكون آخر لقاءاتنا في هذه الزائلة فبعد اقل من عام كنا نحفر له في مقابر فاروق اكبر قبر قي تاريخ المدافن في السودان ليستوعب الصندوق الخشبي الضخم الذي أصر كبار عائلته على دفنه معه وكاننا ودون ان ندري كنا نعمل بوحي دعوة صالحة تطلب له من الله ان يوسع في قبره ويرحمه وهي نفس الأمنية التي أعرب عنها رفيقه الشاعرمالك بن الريب وهو يستقبل الموت بقصيدته العملاقة:

فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا

برابية إني مقيم لياليا

أقيما على اليوم او بعض ليلة

ولا تعجلاني قد تبين ما بيا

وقوما اذا ما استل روحي فهيئا

لي القبر والاكفان ثم ابكيا ليا

ولا تحسداني بارك الله فيكما

من الارض ذات العرض ان توسعا ليا


ولعل اتساع القبر هو بشارة الرضا والقبول لروحه الطاهرة التي لم ترتكب اثما ولامعصية طيلة وجوده القليل على ظهر هذه البسيطة ولم تحفل بشيئ سوى محبة الله في عباده البسطاء مع النبي القائل: رب احيني مسكينا وأمتني مسكينا وانشرني يوم القيامة في زمرة المساكين..

والآن ها هي تطل علينا الذكرى الثامنة عشر على رحيله الفاجع غريبا وحيدا مأزوما معطيا ظهره للدنيا وما تنطوي عليه من مباهج وآلام.ومن قمته الشاهقة ينظر الينا هازئا مبتسما كأنما يقول:

وبنا يمر السابلة

نفس الرجال ذوي العيون القاتلة.

Post: #5
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: Yasir Elsharif
Date: 04-06-2008, 12:17 PM
Parent: #1

شكرا لك يا مدثر ومرحبا بك في هذا المنبر.. إن العين التي لا تعتني بالناس يجف دمعها.. التحية لأستاذنا محمد المكي إبراهيم.. فمقالته ذكرتني أبيات مالك بن الريب التميمي التي كنا نحفظها عن ظهر قلب..

خذاني فجُرَّاني ببردي إليكما * فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا
وقد كنت عطَّافا إذا الخيل أدبرت * سريعا إلى الهيجا إلى من دعانيا

السلام والرحمة والنور إلى روح الشاعر الإنسان أبو ذكري..

ياسر

Post: #6
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-06-2008, 03:04 PM
Parent: #5

الأخ ياسر الشريف....

شكراً علي ترحيبك بي ...
ابو ذكري وجماع ومعاوية نور واخرين اثق ان الغربة التي عاشوها بسببنا اودت بهم قبل ان يودي بهم الوطن!! جماع الذي كان يحس بالجائع لدرجة انه يترك اكله ولا يعود اليه ثانية ان دخل عليه احد ورفض ان ياكل معه لاعتقاده ان من دخل عليه ربما كان جائعا ومنعه كبرياؤه ان يقاسمه الكسره!!

السلام والنور لك أيضاً والرحمة للجميع.... سنلتقي تحت ظل نيمة ما او حرف يشبه نيم الخرطوم قبل ان تطاله فؤوس شركة الخرطوم للنظافة والتجميل!!

Post: #7
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-06-2008, 07:33 PM
Parent: #6

ابوذكرى-عينو ما بتشوف الا شاهق (2 من 2)
محمد المكي ابراهيم
منتديات الجالية الامريكية السودانية


كان ابوذكرى من ضمن مجموعتنا في الجامعة وكان يزورني كثيرا ولكن دوما برفقة صديق مثل عبد الحي او يوسف عيدابي ونبهني ذلك الى قلة كلامه وعزوفه عن الثرثرة المعروفة عن معاشر الادباء ولكنه كان من اقرب الاصدقاء الى قلبي وكنت اردد ان شعره اشبه الاشعار بشعري دون ان ينطوي ذلك على استاذية اوشبهة تأثر او تأثير فقد كان شاعرا متفردا ويكاد يكون مستحيلا تأثره أحدا من الناس.وفي ايام الثورة الاكتوبرية تميز ابوذكرى عن الجميع بقصيدة خاطبت رجل الشرطة ولم تخاطب الثوار والشهداء وكان هنالك من قال ان السبب في ذلك ان والده يرحمه الله كان يعمل في الشرطة وان ذلك ما جعله يخاطب الشرطي المكلف بالقمع اثناء ثورة شعبية هدفت الى خير المحرومين والغلابة وبينهم او على رأسهم العاملين في الشرطة.وقد ظلت المراسلات بيننا مستمرة تعتريها فترات انقطاع ما نلبث ان نتجاوزها وحين عملت في براغ دعوته مرارا وتكرار لزيارتي فظل يعدني ولا يبر بوعده .وخلال ذلك وبعده كان رسولا الود بيني وبينه الشاعر الأشم جيلي عبد الرحمن(جنتمكان) وصديقه وصديقنا الدكتور عبد القادر الرفاعي وكنت اسألهما دائما عن اخباره واحواله واطلب اليهما ابلاغه باقات سلامي. وكان آخر ما وردني من رسائله رسالة عاجلة ذات علاقة بعمله الآخر في الترجمة فقد سافر في اسيا الوسطى السوفيتية واكتشف قبيلة عربية قديمة تتحدث لهجة عربية تشبه لهجات العراق وقد دون تفاصيل اكتشافه في مقالة كبيرة طلب مني نشرها في الصحف اثباتا لحقه الادبي قي ذلك السبق وقد قام مشكورا اخي الياس فتح الرحمن بنشرها في صفحته الثقافية بصحيفة الايام الغراء خلال عام 1988في عهد الديموقراطية الثالثة ووافيناه حسب طلبه بعدة نسخ من المقال المنشور.وأذكر أنني علقت قائلا ان اكتشافه ممكن تماما بالنظر الى الفتن التي تناوشت العالم الاسلامي منذ انتهاء الخلافة الراشدة وما تعرض له البيت العلوي وانصاره الشيعة من فتك وايذاء جعل سلالاتهم تهيم على وجهها في ارجاء العالم .فقد هرب الادارسة الى المغرب ولجأ عرب كثيرون الى خوارزم وهندكوش وتخوم السند.وليس مستبعدا ان يكون بعض الاشراف الحسنيين والحسينيين قد هربوا بنسبهم وولاءاتهم الى السودان وتركوا فينا هذه العائلات التي تنتسب اليهم وتحلف الكتاب على ذلك رغم ما طرأ على سحناتها من تأقلم اصبح يناقض دعاويها.

اتصل بي الصحفي القدير صلاح شعيب يفيدني ان عثمان عبد الرحيم شقيق الشاعر يسأل عن رقم هاتفي ويريدني ان اكتب مقدمة لطبعة جديدة من ديوان الراحل الحبيب.وكان ذلك شرفا كبيرا رأيت ان اتقصى أمره حال زيارتي الاخيرة للسودان.وفي مطلع الزيارة عرفت ان عثمانا نفسه قد التحق بشقيقه في الرفيق الاعلى عند مليك مقتدر فلا حول ولاقوة الا بالله

ترك ابوذكري ديوانا وحيدا وبضعة مقالات وأجرى مقابلة تاريخية مع محمد المهدي المجذوب (جنتمكان) اصبحت لعمقها واتساع منظورها مرجعا من المراجع الهامة عن أدب المجذوب والادباء الذين عاصروه. ويذهب ظني انه كتب بعد ذلك اشعارا قليلة قد تكون او لاتكون ضمن ما ترك من اوراق وذلك انه لم يكن بلبلا يغرد في الغربة- كان بلبلا يغرد في سربه ومع احباب قلبه من بني وطنه الذين يحترمون صمته وشاعريته.

الأن ونحن نستدبر الامور ونحظى بحكمة ما بعد الواقعة يمكنني القول ان اختياره التخصص في الترجمة كان خطا فادحا ولكنه متساوق مع شخصيته وذلك ان المترجم لايقول شيئا ولكنه "ينقل" ما يقول الأخرون فهو ناطق صامت ولكن الشاعر ليس كذلك حتى لو كان قليل الكلام فانه حال خلوته بالورق واليراع يكون انطق المخلوقات.وكان افضل كثيرا لو انه درس الا دب الروسي والشعر الروسي بالذات وهو شعر ظل مزدهرا على الدوام وظل يعطي اسماء جهيرة على مر العصور أخرها الشاعر العذب يفجيني يفتشنكو وقصائده عن "بابي- يار"تذكرنا بمعسكرات كليما وحسكنيتة وما يجري فيهما من مآس تبحث عن شاعر ليخلدها.ويا ليته عاد الينا بلا تابوت وعاش بيننا كما فعل ابوآمنه حامد فقيرا معذبا ولكن عينو ما بتشوف الا شاهق.

Post: #8
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: احمد العربي
Date: 04-07-2008, 03:39 AM
Parent: #7

اشفيت القليل وسع الله مقاماتك
فبالنسبة لنا ابوذكري غموض شغل مخيلتنا وتصوراتنا وما زال فبحثت عن تفاصيله بلا جدوى اتانا باليسير عنه
كمال الجزولى وكما اورد انه قبل الرحيل وعلى رواية جاره قام بإحراق كل المعالم وحرمنا من التواصل معه
حتى عبر حروفه فهو يعشق الشواهق كما اسلفت استاذنا الجليل
ويا ريت لو تورد لينا ذلك المقال عن اكتشاف القبيله العربيه
كل الود والإحترام

Post: #9
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-07-2008, 12:27 PM
Parent: #8

الاخ احمد العربي.... لا يبحث عن الحقيقة الا احبابها فطوبي لك !!

الاستاذ كمال الجزولي اعلم بابو ذكري واظن فقط ان الخيالات ترهقه عند الكتابة لصديقه العزيز وامانة نقله تجعلني ان اتمني ان ينفحنا ولو بعبارة واحده!!
المقالة ساحاول البحث عنها واتمني ان انجح!!!
دعنا نبحث معا ونواصل قليلاً عنه فقامتنا قصيرة ولا تسمح بالكثير... معرفة وعلما وموارد معلوماتية...

Post: #10
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-08-2008, 07:38 AM
Parent: #9




أبو ذگرى في ذاكرة الثقافة السودانية
جريدة الصحافة - العدد رقم: العدد رقم: 5299
2008-03-20


من المدهش ان الشاعر والمترجم عبد الرحيم احمد عبد الرحيم «ابو ذكرى» لا زال حاضرا في وجدان الكثيرين ممن عرفوه او قرأوا قصائده وهو في رحلته تلك كان شديد الحساسية، مرهقا، ونحن اذ نذكره في هذه العجالة وقد انقضت خمس عشرة سنة على رحيله في اكتوبر 1989 كنا قد نشرنا من قبل دراسته حول رباعيات صلاح جاهين.. ونشرنا له اكثر من قصيدة مترجمة ولكن هنالك حسرة ابقاها غياب مجموعته الشعرية التي ضمت اشعاره التالية لمجموعته الرحيل في الليل
وإلى ان يتم العثور على الديوان ـ المختبيء في مكان ما ـ لماذا لا تتبنى اسرته والمسؤولون عن الخرطوم عاصمة الثقافة العربية نشر ما تيسر من قصائده مثل «الخروج من عصور الظلام» «نجم يتهادى فوق الماء» وقصائده المترجمة ـ ومحمله المهم المترجم «تويجات الدم» واطروحاته عن ترجمات تشيخوف للعربية والتي ننشر هنا شهادة المشرف على الرسالة شاغال حول عبد الرحيم ابو ذكرى ودراساته المبثوثة في الصحف والمجلات السودانية والعربية ومساهماته القيمة الصحفية ومنها حواره العميق مع الشاعر محمد المهدي مجذوب.
عبد الرحيم ابو ذكرى
شهادة عن من أقوال د. شاغال فلاديمير ادواردو فيتش
* كان يعمل كثيراً، إهتم جداً بدراسته، جاء لهذا المعهد من بوخارست، حيث قطع دراسته برومانيا. كانت استاذته برومانيا هى ديبرسيان. في البداية طلبنا منه اختيار موضوع يتصل بأعمال كاتبكم المبدع الطيب صالح، ولكنه ـ ابو ذكرى ـ، رأى ان يكون موضوعه عن الترجمة الفنية ( تشيخوف في العربية) وكان اختياره لهذا الموضوع نابعاً من رغبته الشخصية. وكان الموضوع بدوره جيداً حيث كنا نهتم بترجمة الادب الروسي ونحب ان نعرف ماذا ترجم وكيف ترجم. جمعنا مواد من كل الترجمات الموجودة ولأنني على صلة بآل ايوب مترجمي تشيخوف، فقد عرفت أبا ذكرى بهم وصممنا استبياناً وارسلناه الي سهيل أيوب، ووصلتنا منه اجابات تفصيلية عن المشاكل التي واجهته لدى ترجمة تشيخوف. نظرنا في تاريخ المسألة متى ظهرت أول ترجمات، من ترجمها وكيف ترجمها. واشتغل ابو ذكرى فى مبحثه بتأن وبعمق وبجدية، يكفي ان نقول اننا عالجنا ترجمات اكثر من خمسين قصة لتشيخوف وحللنا القصص من ناحية القاموس والمفردات النحو والافكار والاسلوب الادبي، وبدلاً عن ثلاث سنوات، كتب ابو ذكرى مبحثه في خمس، وتزخر صفحات هذا العمل الذي قام به ابو ذكرى بتحليل علمي عميق لمادة وقائعية ضخمة.. وكانت النتائج جادة. واعتقد ان هذا العمل يجب ان يترجم الى العربية لأنه يمثل مساهمة في فن الترجمة.
وفي نهاية البحث، احدى الاستنتاجات الجديرة بالملاحظة وهى قول الباحث ان الكثير من قدرات تشيخوف لم تجد اضاءتها المناسبة في ترجماتها العربية، وهذا يفتح الباب بالتأكيد لتنظيم ترجمة تشيخوف.
وهناك قسم آخر في معهدنا يحترم أبا ذكرى وهو قسم الادب.. لان ابا ذكرى كان يساعد الاختصاصيين في الآداب العربية من السوفيت ويقدم لهم النصائح. ومثال ذلك مساعدته في تحرير كتاب تشيركاسكي، «الادب الروسي في الشرق»، الشئ الذي حدا بكاتب الكتاب ان يشكر ابا ذكرى في مقدمة الكتاب.
والى جانب دراسته الاكاديمية، اهتم ابو ذكرى بترجمة الشعر والنثر من الروسية للعربية وترجم مثلاً للشعراء والناثرين الكلاسيكيين والجدد، فضلا عن كونه كان هو نفسه شاعراً.
كتب كثيراً، كثيراً جداً وكشاعر لم يكن حساساً فقط تجاه العربية، وانما امتدت حساسيته للروسية ايضاً ( انا الان اكتب مبحثاً في الثنائية اللغوية. الثنائيون يعرفون اللغات بمستويات مختلفة، واذكر دائماً ابا ذكرى الذي اظهر لنا معرفة ضخمة باللغة الروسية، كانت لديه حساسية مرهفه بالمعاني وبتركيب العبارات، والمدهش انه كتب رسالته بالروسية كاملة دون ان يلحن.
لم تكن حياته سهلة (لديه مصاعب)، لم تكن لديه قدرات لمجابهة مصاعب الحياة المحيطة به. كان يثق في الناس. كان طيباً لم اره عابس الوجه قط. وهو مثقف كبير في سنته الاخيرة، مرض بالعيون وذهب لاكثر من طبيب وجاءني في الاسبوع الاخير وقال لي انه صار يفقد بصره تدريجياً، واحياناً كان ابو ذكرى ينغلق علي نفسه، شئ ما يقلقه، ربما دهمه ذلك المرض الذي اغتاله في نهاية المطاف. اذكر انه عندما عاد من السودان عام 1983، عطلوه في المطار واخذوا منه أشياء. وعانى من ذلك عندما عاد لموسكو. هكذا تعامل معه الوطن الذي احب، وعندما سألته عن مستقبله وكيف يراه قال: مهما كانت المشاق فيجب ان اعود للوطن وان اساهم في الحركة الادبية النشطة هناك.
اذكره دائماً. اذكر ابتسامته الحية كان دائماً يخاف ان يزعج الآخرين. أن يقلقهم ومتطور لديه الشعور بالآخرين، ويمكن ان نقول ان الادب السوداني والثقافة السودانية فقدا شاعراً مجيداً ودارساً ممتازاً للأدب العربي وللترجمة، وكان يمكنه ان يعطي الكثير لتطور علوم الادب واللغة في السودان. أما نحن، فقد فقدنا صديقاً عزيزاً حقيقياً حيث انه في كل جهوده العلمية والابداعية قد خدم قضية الفهم المشترك والصلات الادبية بيننا وبينكم، واتمنى ان يقيم في وطنه وبانجازاته بالقدر اللازم. ولهذا فانني احيي هذه الخطوة التي قمتم بها في اتحاد الكتاب وانتظر بنفاد صبر ظهور اعماله.

Post: #11
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: Yasir Elsharif
Date: 04-08-2008, 09:32 AM
Parent: #1

عزيزي مدثر.. تحية المودة والإعزاز.. القصة بأدناه حقيقية قرأتها قبل 6 سنوات في منبر سودان نيت ونقلتها إلى سودانيز أونلاين.. ياااااه.. لاحظ الأولاد الجياع ينهمكون باللعب حتى ينسوا الجوع!!!

Quote: التقيا فى دولة فى شرق اوربا تزوجا
عندما رجعا الى السودان
هو يعمل فى معتمدية هامة وفرت له سكن جميل و سيارة
وهى تعمل فى وظيفة محترمة
على التوالى رزقهما الله بنتين
جاءت ثورة الانقاذ
فصل الاب من العمل للصالح العام
و أخذ منه جوازه
انتقلت الاسرة الى غرفة فى اطراف المدينة
بحث الزوج عن عمل لم يجد

عمل قدرة فول
وهو يحمل ماجستير ويتكلم اربعة لغات
ناس اللجان الشعبية طالبوه باستخراج ترخيص
بقيت الزوجة تعمل رزقت بالابنة الثالثة
صار الزوج هو الذى يجلس مع الاطفال
و كثرت المشاكل
تفاقمت عندما فصلت الزوجة ايضا للصالح العام
و حدث ابغض الحلال الى الله
انتقلت الزوجة من وظيفة الى أخرى
عطف عليها فاعل خير و اسكنها
فى غرفة فى سطوح متجر
هى الان تعمل عاملة فى مصنع
تخيل شخص بماجستير يعمل عامل
و لكن لقمة حلال
قالت لى مرة
انها طلبت من الاطفال النوم فقالوا لها دعينا نلعب
لاننا عندما ننام نحس بالجوع
وعندما نلعب ننسى الجوع


تحية للشاعر العوض مصطفى فقد كتب:

بيني وبينك

بيني وبينك ابتسامتك التي أرسلتها ورحلتَ عنـِّي
بيني وبينك يا رضيَّ الرُّوح ما أعني واعنِـي
بيني وبينك رقـَّـة ٌ هي من سلامِكَ كم تسعْـني
هذا الذي أشتاقـُهُ
خضرٌ بنا أوراقـُه
كـُـلـُفٌ به عُشـَّـاقهُ
هذا الذي ذوَّبت فيهِ مشاعري وبديعَ فنـِّي
أنا في انتظارك في بهيم ِ اللـَّيل ِ في عجزي ووهْـنِي
أنا منذ أنْ ودَّعتُ وجهك يا أبي ودَّعتُ أمْـنِي
ورحلتُ أبحثُ في عيون ِ النـَّـاس ِ عن وطني وعنـِّي
وطني تغرَّب أهلهُ
وغدا هجيرًا ظلـُّـه
رُطبي تساقط َ جُـلـُّه
ورحلتُ أبحثُ في عيون ِ النـَّـاس ِ عن وطني وعنـِّي
فوجدتـُـني في مفرق ٍ كلُّ الدُّروب تشدُّني
فإذا مشيتُ رأيتـُها مالت عليَّ تصُـدُّني
ألقيتُ في اليمِّ الكبير مُـقيدًا ومؤذ ِّني
قد صاحَ لا تبتلَّ يا محزونُ قلتُ أسَرتنِي
وتركتني في حيرةٍ كم قبلها حيَّرتني

Post: #12
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: mutwakil toum
Date: 04-08-2008, 09:54 AM
Parent: #11

شكراً لتعريفنا أكثر بهذا الانسان الفذ..

كتب د: بشرى الفاضل الرثائية - أدناه- كثًف فيها، بحرفنة، لحظة رحيله، أنقلها هنا- عن أذنه-


سال الشعر في الطرقات
إلى روح الشاعر أبو ذكرى

وهل صفصافة تنبئك عن أخبار
نافذة بشاهقة
تألق نيزك فيها
وخر على التوسل والمهانة والجليد
تاوه.. طار منه الدم
غاص الجسم في صدأ الحديد
وذاب القلب
سال الشعر في الأسفلت
تمر فجيعة أخرى
فيرحل عن قوافينا أبوذكرى
ترى من رمد الأشياء في عينيه
من?
من رج إحباطاتنا الكبرى وقد سكنت
بقارورات مهجته ..فكدرها?


أمن حزن على وطن..تباعد عن مخيلته.. فكان الموت ?
أم صمت النشيد
وبات الليل مسكونآ بفكرته
وطورها من الأنقاض للهدم
وأخرجها من الظلمات والعدم
ودحرجها وسطرها وحبرها
وظل بقربها شبحآ
وصارت سلمآ لرحيله الليلي
مأوى يستريح به من الأوطان والظلمة
رخامآ قد من إرمه
وجنات من الحطمة
وظن بأنها تحميه بين الأرض
والسقف..من الألم
ولم يسنده في أيامه السوداء
أهل الصبر والقلم
تمر فجيعة أخرى..
فيرحل ليس عن سقم
...أبوذكرى

Post: #13
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-08-2008, 03:09 PM
Parent: #12

"مثلما كنت اعرفه..
جامعاً في معيته الامن والعاصفه..
والجراح التي نزفت من قديم قديم!!"

Post: #14
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: suliman ibrahim
Date: 04-09-2008, 00:53 AM
Parent: #1

سد غبار العراك و اصوات سماسرة الكلام والغوغاء افق هذا المكان وابعدوا

منه الكتابه الجادة والثقافة الكلاسيكية المعروفة واستبدلوها بحطام لن يخرج

غير مزيد من التشوهات التى اعترت وجه المشهد الثقافي السوداني منذ عام 1989

عمل جبار وعنت هو الذي يحاول ان يرمم جسم هذا المشهد بعد ان غاب عنه من

غاب وتواري من تواري .........

ياسمائى الدخان الدخان
صار سقفا لنا
حائطا خامسا فى المكان
كلما نمنح الارض من حبنا
تصبح الارض منفا لنا
ولى احلامنا
(ابوذكري)

توقفت كثيرا فى ما انا فيه اي الكتابة لانني كلما اطالع( ابوذكري)يفتح علي

ابوابا نحو الليل والرحيل وبواكير الخريف......كان هذا الشاعر ملما ومثقفا

وباحثا جعل من نصوصه نصوصا عميقة وذات دلالات فلسفية تقراء نصوصه تحس ان

هذا النص ينطوي على افكار ومتاهات لا تتحملها قصيدة ......

لكن معرفته بالادب الروسى واللغة عمقت عنده ذلك الاحساس المتشابك العميق

وعاش وحيدا فى عزلته ......وسوف اظل متعاطفا معه بسبب تراجيديا موته

الذى عمق عند كثيرين احساس اسمه صاحب الدلالات المرتبطة بالرحيل والذكري

تمنياتي ان تتواصل مثل هذه الكتابات التى تحول قبح المشهد الثقافي الحالي الخالي

من عوالم عبد الحي وشيخ الدراويش المجذوب وصلاح وعلي عبد القيوم الى مشهد اكثر

انسانية.......واكثر ابدعا

كاتب هذا البوست يستحق الكثير على المبادرة والسباحة عكس تيار هذه الايام

وايضا لكل المساهمين معه من اجل شاعرنا الراحل فى الليل وحيدا....

سليمان ابرهيم

Post: #15
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-09-2008, 06:27 AM
Parent: #14

"كلما نمنح الارض من حبنا
تصبح الارض منفا لنا
ولى احلامنا"
(ابوذكري)

أيها الرجل... ما بالك تنتقي المضيئ من عتمة فادحة... تزج الخبز باللون والعرق.... بين ما قلته وما افكر فيه تنمو اشجار كثيرة واعشاب تنتمي الي النيل.... صوت الغريب.... ما يمنح الجرح أضمدته والليل نهنهة اخيره....
لا اعرف لم انت مقل لكني اعرف لم قد تعبت...اكتب فالجروح التي تنزف في الخفاء تنزف اكثر ...

Post: #16
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: احمد العربي
Date: 04-14-2008, 03:26 AM
Parent: #15

مع الآذان يصحو الحزن والاطواق
يوزع نفسه فوق المقاعد في قداح الشاي
ويدخل في عيون الجالسين وفي مكاتبهم
فيبكي الناس إذ يمتد منه الظل
ويظهر وجهه الزيتي من خلف الشبابيك

Post: #17
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-14-2008, 07:28 AM
Parent: #16



"إني
غصبا عني
ولد صادق
غصبا عني
امي وابي قالا لي:
ما فائدة الصدق
ان كنت تقوم بتحطيم الاشياء
وتقول الحق
لتعود وترتكب الاخطاء"

* جزء من ترجمة ابو ذكري لاحدي قصائد محمدوف باسم " الولد الصادق"

Post: #18
Title: Re: عندما شعر أبو ذكري بالعزلة حاول ان ينهمك بشيء ما حتي وان كان موتاً !!
Author: مدثر محمد عمر
Date: 04-17-2008, 05:55 AM
Parent: #17

عنف اللغة.. ولغة العنف
في شعر عبد الرحيم ابو ذكرى

بقلم: عبد القدوس الخاتم
جريدة الرأي العام 26 مارس 2008



فانتفض النادل، ثم تسمرت عيونه. وهذا السكون الذي يلف المقهى والبراد الذي يتجمد في الهواء، تعبير بليغ عن الدهشة الطفولية التي يتمتع بها الشاعر، وهي في جوهرها دهشة شعرية مفاجئة تجد نظيرها في مجموعة (الزورق السكران)لرامبو. حيث تكمن الصور الغرائبية لتعيد الاشياء إلى صورتها البدائية، وكأن العالم قد خلق لتوه، مما يزيده ابهاراً. كما نجدها في لوحات سيزان حين تتلاعب الاضواء والألوان في تفاصيلها الدقيقة وتشهق اللوحة بالدهشة التشكيلية فتعود فجأة الى عالم البراءة الأولى، كما يفعل ابوذكرى ورامبو في شعرهما الناضج حين تفشل الكلمات في مطر البدايات: شعر حبيبي الضاحك المستبشر الثرثار ابداً أحب ان اهرب منه من مكان غرقي فيه.. سدى كيف؟.. وفيه امسيات تحمل الرعود للأماسي الرائدة فهذا الشعر المسترسل تنطوي فيه اقانيم الطبيعة برعودها وضجيجها ومافيها من بوح وثرثرة. كان ابو ذكرى رغم ما اكتنف حياته من شقاء وبؤس يتمتع بشجاعة اليائس ويدين له الشعر السوداني بضرب من البسالة المخنوقة الجديرة باكثر الشعراء موهبة واصالة. في المنفى تكمن مأساة ابي ذكرى خاصة ان رحلته كانت في الليل بلا هادٍ ولا دليل، كما يكمن ابداعه وتميزه في تلك الرحلة الطويلة على الارض وفي الخيال، للشاعر قصيدة جميلة ينصحه فيها شيوخه بالبقاء في الارض الطيبة. ساءلني الشيوخ ما الذي تريد؟ والحياة صعبة والنفي والرحيل قطعة من الجنون وعندنا هنا الزروع والشجر وعندنا النبات ما يميت همة المسافرين أجلس بني ها هنا ريع يديك عندنا غير ان الشاعر ذهب بعيداً لا يلوي على شيء. ومن المؤسف ان رحلته العلمية المظفرة لم تسعفه بزاد يجدد به نظرته اليائسة، وارتد كما تنبأ هو بنفسه عصفوراً صغيراً يتعلم الطيران من جديد. واكتسى شعره بصورة جليدية من صميم البيئة الروسية التي تموت من البرد حيتانها. ويستنجد العصفور الصغير بالطيور القوية الجناحين ولكن:ـ غير ان الطيور الكبيرة نفضت ريشها ثم طارت الى ان يلتهمه الشتاء القارس في تلك البلاد البعيدة وتطارده الهواجس المحيرة. في الصمت تستطيع ان تسمع غرق الحناجر في اللحم تستطيع ان تسمع وقع قدم الهواجر فوق الحقول ان تبصر في السقف المجاور اللهب الحارق، وابل سماء فيها تنهض الاسوار وينفض الشتاء شعره الشتائي على الاشجار وتجهد الجذوع ان تمسح وجهها في قاتل الامطار نسمعها فتقشعر.. ثم تحفر القبر ويحتمي الشاعر بدفء العواطف الجياشة: فلندخل وحين تهدأ السماء نامي.. اغطيك انا بشعرك المسدول يدفيء راحتيك لحمى القليل نامي فقد نام الندى في رحم الهواء نامي وقد باض الدجاج الذهبي فوق الماء ورجع العفريت متعباً الى المغارة وابحرت اميرة الجن على قوارب الاصداف للمنارة وهو هنا يستخدم الاسطورة واغاني الهدهدة بنجاح تام بعيداً عن الاقحام لندخل بسهولة في النسيج الحي للنص. وهي معضلة عاني منها الشعر الحديث كثيراً. ورغم هذا التوفيق والتطور في البناء المعماري للقصيدة، فقد ظل في حياته الخاصة عرضه لنوبات اليأس من الانسان الغارق في الخطيئة الجهنمية. باب إلى باب.. ومن هناك للجحيم الاصدقاء القدماء يدفعوننا للاحتضار واصبحوا لا يلهموننا الرغبة والصمود وحتى الصداقة التي يتعكز عليها الانسان في دروب الحياة اصبحت بلا قيمة ولا جدوى: عبثاً نخدعهم بالابتسام وبالعيون الضيقات ملؤها الشرود صاروا مساكين معدمين دونما اسرار لنضغط زراً فاذا الضحكة نفسها القصة نفسها، النظرة نفسها والانكسار ينفتحون كالجمرة كالبلور كاللؤلؤ لحظة ثم تموت النار وهذه قمة اللا مبالاة وانطفأت وقدة الاحاسيس التي تجعلنا نقبل على الحياة وتفتح لنا ابواب الأمل. وحتى المارون على الطريق والذين لا نعرفهم اصبحوا لا يلهموننا بشيء: رحنا نحدق في المتاجر والممرات الصغيرة وبصدورنا حرج وضوضاء وغيم من غبار يأتي الينا الضوء لكنا نحدق بانكسار بعيوننا المهزومة المتآكلة وبنا يمر السابلة نفس الرجال ذوو العيون القاتلة فيسلمون يثرثرون فلا نرد يتناثرون ويصبح العالم أحجيه متكررة ومملة تنذر بالثبور مثل الخرابات القديمة رحنا نسير مبعدين نتتبع الخالي من الطرقات والظل المعار وهنا نموت على الرصيف بلا صديق من غير دار من غير نار غير المساء والبرد والعطش الغزير غير الحصار