غلام حديث...وربيب أنقاذى...يتعرض لقضيه كجبار...إبشر الماحى الصايم(صحيفة أخرلحظه)

مشهد أول..

امتلك بعض الإخوة الأفاضل كل الجرأة والمسوّغات ليشكل كياناً تحت مسمى: (الجبهة المناهضة لسد كجبار).. وهو كما لو أنه مُستوحي من أطروحة: (الجبهة المناهضة للاستعمار) التي شكلها الشيوعيون يوماً في غابر الأزمان.. وكل شيء في (بلاد النيل والشمس والجبهات) جائز ومشروع.. ألم يؤسس أحدهم يوماً ديواناً بأكمله تحت عنوان «منعول أبوك بلد».. فلهؤلاء الإخوة الحق كل الحق في أن يختاروا أطروحاتهم بحر إرادتهم ونحن نعيش حرية ما بعد نيفاشا بكل أعبائها الباهظة.. لكن من حق الوطن والمواطن عليهم أن يبرزوا (شهادات براءة هذه الأطروحة) وأن يشهروا مبرراتها ومسوغاتها.. وهذا ما فعلوه وهم يذهبون باتجاه (أن سد كجبار إذا ما نهض سيغتال النوبة وتراثهم العريق).. وفي المقابل إن الذين يؤازرون المشروع يقولون بأنه هو (مشروع حياة وليس مشروع موت).. وسيكتب تاريخاً جديداً لهذه القبيلة العريقة وهو يفجر كل ثرواتها المخبوءة وسيتجلى تاريخها أكثر..

üمشهد ثاني ..

وهذا يذكرنا بقصة رجل بسطام.. يحكى أن رجلاً قد خرج من ديار العالم البسطامي الشهير إلى مدينة بعيدة.. وعندما طرق أبواب تلك المدينة سأله أحدهم.. من أين أنت قادم، قال من بسطام.. قال وما الذي أخرجك من بسطام.. قال خرجت في طلب العلم يا مولاي.. قال: إن الذي خرجت لأجله قد تركته وراءك ببسطام.. وهذه الواقعة لا تصلح للنوبة وحدهم بل تصلح لكل أهل الشمال الذين خرجوا للمهاجر البعيدة ليعملوا في (تربية المواشي) وغيرها من المهن الهامشية.. في حين أن القراريط والريالات هم من أهلها، وأن هذه السدود بمثابة (رجل بسطام الشهير) .. وهي التي ستفجر الأرض ماءً وقمحاً وطاقة وأملاً.. إن السدود ومشروعاتها المصاحبة من طرق ومطارات وكباري ومشاريع زراعية هي التي ستعيدنا من (مهاجرنا الاصطناعية).. وهل تصدقون ياسادتي أن في الولاية الشمالية وحدها أربعة عشر مليون فدان صالحة للزراعة.. ولا يمكن استغلالها وزراعتها إلاّ بعد أن تفجّر هذه السدود (طاقة كهربائية رخيصة)، وتتدفق المياه الهادرة في كل السدود.. ثم توفر منافذ البيع والتصدير عبر هذه الطرق والمطارات.

مشهد ثالث..

وبدا لي أن بعض الذين سُدَّت أمامهم المنافذ للولوج للمسرح السياسي.. كما لو أنهم رأوا في هذه السدود منافذ جديدة ليجدوا لهم موطئ قدم على مسرح الأحداث.. فخرجوايشكلون في الجبهات والتحالفات للمناهضة. وفات عليهم في غمرة السكرة السياسية أن أقوات الشعب ومشاريع تنميته ومستقبله ليست هي (البوابة الشريفة والطاهرة) لمثل هذه المناهضات والتأثرات..

وليس هناك من سبيل لتجفيف هذه الجبهات إلا بفتح منافذ كبيرة في مسرح الأحداث، ليس في هذه الجنبات البعيدة ولكن في بواباته الرسمية بعاصمة البلاد القومية.. وإن لم تفتح هذه البوابات على مصراعيها ستستمر عمليات التسلق من جهات خلفية بعيدة.. ثم ليتواضع السودانيون على بعض المرتكزات الأخلاقية وعلى صدرها: (إخراج مشاريع التنمية وصناعة المستقبل من المعترك السياسي).. أن نمارس هذه اللعبات السياسية بعيداً عن مشروعات المستقبل التي هي حقوق للأجيال القادمة.. وحقيقة تحتار أيما حيرة لما تجد رجلاً في السبعين من عمره وهو يعيش أخريات عمر النبوة.. تجده يناهض مشروع تنمية لأجيال قادمة..

المشهد الرابع..

علمت من أحد الإخوة بإدارة السدود أن إدارة سد مروي في وقت سابق قد جمعت أمرها لقفل السد أمام الزائرين وذلك لأسباب مهنية.. على أن هذه الزيارات اليومية تعرقل العمل داخل أروقة المشروع.. إلا أن قراراً قد صدر من رئاسة الجمهورية يجعل السد ومشروعاته المصاحبة قبلة للزوار من كل مكان، بل أن تسعى إدارة السدود لحشد الزوار لهذا المشروع العملاق.. مشروع القرن.. مشروع نهاية الفقر.. مشروع السودان الجديد.. فالذين يحبون الله ورسوله والوطن تزيدهم هذه الزيارة إيماناً بهذه المثل.. والذين يعارضون لا يملكون إلاَّ أن يسجلوا اعترافات باهظة على سفح هذا المشروع.. فبعض من المعارضين الكبار الذين أتوا من مهاجر بعيدة قد سكبوا دموعاً غزيرة ما بين السد وجسوره وطرقه.. واعتذروا لهذا الوطن الكبير.. فلقد أحرج مشروع سد مروي الآخرين..

سادتي.. الرأي عندي أن تأتوا بكل (مناهضي كجبار إلى مروي) في يوم زيارة مشهود..

مخرج .. وكالعادة الكتيّابي

ليسوا سواء

الذي أسرج شرعتها من الماء المقدس

والذي يرصد شمعتها بأنفاس المسدس..

ليسوا سواء

Quote: وهذه الواقعة لا تصلح للنوبة وحدهم بل تصلح لكل أهل الشمال الذين خرجوا للمهاجر البعيدة ليعملوا في (تربية المواشي) وغيرها من المهن الهامشية

من يعملوا فى تربيه المواشى هم أشكالك
يا غلام
وانظر للمقال جيدا
انه مدفوع الاجر