عبدالمحمود أبو للأضواء : الانكفاء جلب المحن للأمة

عبدالمحمود أبو للأضواء : الانكفاء جلب المحن للأمة


06-17-2003, 07:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=16&msg=1078721122&rn=0


Post: #1
Title: عبدالمحمود أبو للأضواء : الانكفاء جلب المحن للأمة
Author: خالد عويس
Date: 06-17-2003, 07:37 PM

عبدالمحمود أبو لـ «الأضواء»:

الحملة على إعلان القاهرة مزايدة سياسية غير مبررة

أصحاب مدرسة الإنكفاء جلبوا المحن للأمة

البعض يريد دفع السودانيين الى الإنفصال لأغراض ذاتية

حزب الأمة لا ينوي العودة للتجمع الوطني الديمقراطي

حركة الدعوة الاسلامية بدأت فى التراجع والأفكار لاتحارب بالتظاهرات













حوار: حسن محمد بركية
تشهد الساحة السياسية السودانية هذه الأيام العديد من التحركات والمبادرات واللقاءات التى تأتي فى إطار التعجيل بجهود الحل السلمي للمشكل السودانى، وأثار الإتفاق الذى وقعه فى القاهرة مؤخراً زعماء المعارضة الميرغنى، المهدى وقرنق الكثير من علامات الإستفهام، خاصة البند المتعلق بوضعية العاصمة، إذ إعتبره البعض بمثابة علمنة للعاصمة، ودافع القادة الثلاثة عن الإعلان وأشار المهدى إلى أن كلمة علمانية لم ترد إطلاقاً وأصدر بياناً عنيفاً إتهم فيه البعض بالمزايدة باسم الاسلام، وهاجم الأمين العام لشئون الأنصار المنددين بالاتفاق قائلاً: إن الهجوم خلفه أجندة سياسية ولا علاقة له بالدفاع عن العقيدة .. لاستجلاء أبعاد وتداعيات الهجوم على الإتفاق والقضايا التى تشغل الساحة السياسية إلتقت «الأضواء» بالأستاذ عبدالمحمود أبو الأمين العام لهيئة شئون الأنصار وعضو المكتب السياسى لحزب الأمة .. فيما يلى مضابط الحوار:

أثارت الجزئية الخاصة بوضعية العاصمة فى إعلان القاهرة جدلاً واسعاً وصدرت البيانات بشأنها مابين مؤيد ومعارض وأنتم تعتبرون تلك البيانات مجرد مزايدات سياسية، برأيكم ماهى مبررات هذا الجدل؟

أولاً: نعتقد أن هذه الحملة غير مبررة ومما يضعفها أن من يقفون وراءها هم سياسيون وليسوا فقهاء .. والسياسيون فى الغالب يتحدثون عن هذه القضايا بنزعة المصالح الآنية ولكن الفقهاء والدعاء يتعاملون مع هذا الأمر ببعد النظر والحكمة. الأمر إذا كان يتعلق بمصلحة الاسلام ومصلحة الاسلام لا يبت فيها السياسيون، مصلحة الاسلام يعرفها الرسل وفى غياب الرسل الدعاة والفقهاء والمصلحين هم الذين يعرفون مصلحة الاسلام .

النقطة الثانية ماصحب الاعلان من هجوم أظهر الذين وقعوا على هذا الإعلان هدفهم الأساسى هو إلغاء الشريعة وعلمنة العاصمة وهذا الحديث غير صحيح لأن قطبى الإعلان زعيمى الأنصار والختمية يمثلان تاريخاً إسلامياً كبيراً فى السودان ويُشكلان أغلبية المسلمين فى السودان .. ماحدث فى القاهرة هو أن الزعيمين إلتقيا بزعيم الحركة الشعبية وتشاورا لإيجاد خيار ومخرج للأزمة السودانية الحالية.. والفقه الاسلامى لديه خيارات كثيرة.. نحن نقول: نحن فى السودان لدينا أزمة ولدينا مشكلة حقيقية قائمة نسعى جميعاً لنبحث لها عن حل والحل نبحثه فى إطار الفقه الاسلامى ليس أن نتخلى عن ديننا لكى نجد حلاً.. لذلك أعتبر أن الحملة ماهى إلا مجرد مزايدة سياسية وهى سحابة صيف سوف تنقشع لأن ماتستند عليه من مرجعيات ضعيفة وواهية ونفسها قصير إن شاء الله.

فى بيان نشر فى الصحف عن هيئة تسمى نفسها الهيئة الشرعية لشئون الأنصار إتهم البيان شخصكم بالفشل فى الدفاع عن الشريعة وإن عبدالمحمود لا يمثل الأنصار إنما هو صوت الصادق .. ماهو تعليقكم؟

ـ لم أقرأ هذا البيان والناس أحرار فى أقوالهم وأنا أعتقد أن جميع المسلمين فى السودان لا يطلبون من أحد أن يصدر لهم شهادة ليثبت إسلامه. وأما الدفاع عن الشريعة والعمل بالشريعة فالأنصارية أصلاً اسمها نفسه مشتق من الشريعة الاسلامية.. ونحن أنصار الله ومهمتنا إحياء الدين ونشر الفكر والوعى الاسلامى والتصدى لأعداء الاسلام ومثيرى الشُبهات ولدينا فى ذلك مجهود متواضع لا نقول إنه يفوق مجهود الآخرين ولكن مجهود نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبله منا. وهيئة شئون الأنصار ماكونت إلا لتدافع عن العقيدة وترسخ مفاهيمها وتنشر الدعوة وتتصدى لكل من يحاول أن يشوهها. الشهادة نحن لا نطلبها من أحد وهذه الأعمال يعملها الإنسان ليرضى الله أولاً ثم ضميره وليرضى بها الرسول (ص)، ويقدم خدمته للمجتمع. وأساليب الدعوة تعتمد على الحياء والكتمان والبُعد عن أساليب الإثارة السياسية.

البيان أشار أيضاً إلى مشاركتكم فى المجلس الاستشارى لوزير الأوقاف كيف تشاركون فى أجهزة السلطة وحزبكم حتى الآن فى خانة المعارضة وعدم المشاركة؟

ـ وزير الأوقاف د. عصام البشير رجل عالم وعندما تولى هذه الوزارة إرتضى أن تكون هذه الوزارة مُمثلة لكل المسلمين فى السودان وبالتالي كوّن مجلساً استشارياً ضم إليه قيادات الجماعات الاسلامية فى السودان وكُلفت أنا بتمثيل هيئة شئون الأنصار فى هذا المجلس وهو مجلس إستشارى يضطلع على سير الوزارة وينصحها كيف تسير الأمور وتستصحب الوزارة آراء وملاحظات المجلس وهذا عمل دعوى.

الوزارة موقف سياسى ولكن وزارة الأوقاف وزارة دعوية وأعضاء المجلس أعضاء استشاريين ليسوا موظفين لدى الوزارة ولا يتقاضون منها مرتبات إنما وزير الأوقاف د. عصام البشير رأى أن يسترشد بآراء كل المسلمين لأن الوزارة تهتم بقضايا كل المسلمين فى السودان، لذلك إن كان هناك سؤال فليوجه لوزير الأوقاف الذى كوّن هذا المجلس وهو مجلس ناصح ويوجه الإرشاد والنصائح للسيد الوزير، ليستصحب هذه الآراء فى الموجهات العامة لوزارة الأوقاف.



الهيئة الشعبية للدفاع عن العقيدة أصدرت بياناً عنيفاً دعا لمواجهة مايسمى الدعوة الى علمانية العاصمة هل وُجِهت الدعوة لكم؟

ـ هذه الهيئة لم أسمع بها إنما قرأت عنها فى الصحف.. ولماذا لم توجه لنا الدعوة لنحضره هذا الاجتماع وخاصة ونحن جماعة شعبية كبيرة ونحن لم توجه لنا الدعوة.. وطيب وجميل أن تقوم هيئات لتدافع عن الشريعة ولكن أعتقد أن العلمانية منهج فلسفى لا يتم مواجهتها بالأساليب الإرتجالية وهى مدرسة فلسفية لديها أطروحاتها والأفكار لا تحارب ولا تُبعد بالتظاهرات إنما تحارب بالأفكار المضادة.. عندما تصدر فكرة تصدر أنت فكرة مضادة لديها مقوماتها ومرجعياتها أعتقد أن كل مايُقال الآن حملة سياسية مؤقتة قريباً سوف تخف. هذه الحملة الآن من يقومون بها ويقفون خلفها ليس هدفهم هو الأمر المتعلق بالعقيدة، والعقيدة فى تقديرى مضغوطة «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون» ولكن الهدف هو هدف سياسى للتغطية والتمويه على قضايا أخرى.. ولتشويه صورة بعض الرموز الوطنية. أما الدفاع عن العقيدة والاسلام فكلٌ لديه منهجه فى الدفاع عن العقيدة ونحن لدينا أسلوبنا فى الدفاع عن العقيدة والحوار مع الآخرين.

ذكرتم فى أكثر من مناسبة أن إعلان القاهرة نقلة كبيرة لحل المشكل السوداني وأن هجوم المؤتمر الوطنى على إعلان القاهرة بمثابة تعطيل لجهود الحل السلمى هل ترى أن هناك تعارضاً بين اعلان القاهرة وميشاكوس؟

ـ إعلان القاهرة تحدثت كل بنوده عن دعم ميشاكوس وعن إيجاد مخرج للقضايا التى حولها خلاف! العاصمة القومية، الحالة الأمنية .... الخ. هناك قضايا محل خلاف إعلان القاهرة وغيره محاولات لتضييق الشُقة بين الأطراف المتفاوضة ولايجاد مخارج للأزمة الحالية. ليس هناك تعارض بين اعلان القاهرة وميشاكوس كما أسلفت الأمر ماهو إلا مزايدة سياسية نحن لدينا أطروحة محددة .. أطروحتنا تختلف من بعض مانسميه أصحاب مدرسة الإنكفاء. هنالك فى الساحة الاسلامية مدرستان: مدرسة الصحوة الاسلامية .. ومدرسة منكفئة على الماضى تحاول أن تعالج مشاكل الحاضر برؤية ماضوية وتحاول أن تتصدى للمشاكل بمفاهيم صبيانية. ومدرسة الصحوة الاسلامية التى ننتمى اليها تعالج مشاكل الحاضر باجتهاد جديد وتتعاطى مع القضايا المستجدة فى الساحة الاسلامية بمفاهيم محددة واضحة وبرامج. أما أسلوب العاطفة والارتجال فقد قال عنه الإمام على قديماً كرم الله وجهه: «الناس ثلاثة: عالم ربانى ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع ينعقون مع كل ناعقٍ يميلون حيث تميل الريح» هؤلاء لا يغيرون من الواقع شيئاً ولا يؤثرون في مجريات التاريخ ورأينا أمثالهم كثيرين فى الساحة الاسلامية يقومون بحركات صبيانية هُنا وهناك ماجلبوا للأمة إلا المحن وفتحوا الباب واسعاً للتدخلات الاجنبية. هذا النهج نحن نقف ضده ونشكل ترياقاً مضاداً لهذا النهج لأننا نستند على أصل ثابت هو الاسلام المدرسة التى تقود الهجوم ضد هذه المفاهيم الاسلامية المعتدلة هى مدرسة منقرضة لعل مايجرى هو آخر نفس لها وآخر رمق لها وتعتبر آخر معاقل الفكر الطالبانى الذى جر إلى الأمة كل المحن والآلام.

هل توقفت المباحثات بين حزب الأمة والحكومة؟

ـ أعتقد أن المباحثات بين الحكومة والحزب بدأت ووصلت الى مرحلة ما وتوقفت عندها ولا أدرى إلى أية مرحلة وصلت وتوقفت ولكن بيان الإمام الصادق الذى نزل فى الصحف اليوم بيان واضح جداً، وأكد فيه المفاهيم التى تحدثت عنها وقال فيه إن مايجرى الآن مزايدة.. الحكومة وقعت على مواثيق كثيرة مع الحركة فى ميشاكوس ومع حزب الأمة فى نداء الوطن على أن تكون المواطنة هى أساس الحقوق والواجبات وإعلان القاهرة لا يخرج عن هذه المفاهيم والبعض يريد دفع السودانيين إلى الإنفصال والحملة الحالية تهدف الى تحقيق هذا الهدف وأغلبية أهل السودان يعملون من أجل الوحدة.

إعلان القاهرة البعض إعتبره بداية لعودة حزب الأمة للتجمع مامدى صحة هذا الإعتقاد؟.

ـ ليس هناك أى إتجاه للعودة الى التجمع، تلك الصيغة حزب الأمة يعتبرها قد تجاوزها الزمن، الآن الناس يفكرون فى وسائل جديدة لخلق منبر قومى يجمع السودانيين من أجل دفع قضية السلام والتحول الديمقراطى والوحدة الطوعية إلى الأمام.

بعض قيادات التجمع أيضاً هاجمت إعلان القاهرة بعنف لماذا؟

ـ اللقاء أصلاً كان بين زعماء الأحزاب والتجمع غير معنى بإعلان القاهرة ولا أرى مبرراً لهذا الهجوم.

إلى أى مدى حزب الأمة جاهز لمرحلة مابعد السلام وخاصة أن المؤتمر الأخير شهد صراعات عنيفة وصِفت بغير الديمقراطية؟

ـ أعتقد أن حزب الأمة هو الحزب الوحيد الذى حضّر نفسه للمرحلة الجديدة، عقد ورش عمل بالمئات وناقش كل القضايا ووضع برامجاً للخروج من الأزمات وعقد مؤتمره العام وانتخب أجهزته ووضع برامجه وهو مستعد لخوض الانتخابات الحرة النزيهة فى أية لحظة ومستعد أيضاً للتعامل مع كل المستجدات بالساحة ومخاطبة كل قضايا الساحة.

قلت لعبدالمحمود أبو وأنا ألملم أوراقى: المجتمع السودانى أقام دولة السودان على أساس الولاء للتراب السودانى وليس للمعتقدات، فإن جعلت الدولة لنفسها ديناً معيناً فإنها تنحرف عن إرتباطها الاصلى الى جديد لا يجمع كل السودانيين لماذا يزايد قادة السودان فى مختلف العهود بموضوع الدين بدلاً من وضع حل جذرى لاشكالية الحكم فى السودان وتحقيق مصالح الوطن العليا؟

هذه هى الأزمة الحالية التى يعانى منها السودان وهى أزمة الأولويات وفى تقديرى السبب لمثل هذه القضايا وأن تكون الأولوية لأيدلوجية معينة يرجع إلى الحركات الوافدة على السودان، معظم الذين يشتطون فى مواقفهم ويثيرون الغبار حول أي موقف يؤدي الى وحدة السودان هم مرجعياتهم خارجية فكرهم مستورد من الجزيرة العربية أو مصر ... الخ.

ولكن الفكر السودانى الأصيل نحن نعتقد أنه فكر معتدل لأنه يدرك طبيعة السودان التعددية الدينية والثقافية والإثنية يدرك كيف دخل الاسلام فى السودان وتمدد الاسلام فى السودان بالحكمة والموعظة الحسنة والتدرج ومراعاة ظروف وأحوال الناس، بكل أسف الذين يعلو صوتهم الآن دفاعاً عن الاسلام لم يدركوا هذه الخصوصية ولم يتعاملوا بأسلوب الحكمة ولذلك إذا عملنا كشف حساب لما تحقق من مصلحة للإسلام فى مناخ التطرف وماتحقق من مصلحة للاسلام فى ظل التسامح لوجدنا الفرق كبيراً، الآن فى ظل مناخ التطرف وفى ظل المزايدة باسم الاسلام وفى ظل رفع الشعار دون تنفيذ المضمون بدأت حركة الدعوة الاسلامية فى التراجع ونحن معنيون بهذا الأمر فى السابق كان العشرات يأتون يومياً الى المساجد للدخول فى الاسلام ولكن هذه النسبة قلت لدرجة تكاد تكون توقفت تماماً، والتجارب التى قامت باسم الاسلام فى السودان وأفغانستان والممارسات الخاطئة التى تمت تحت غطاء الاسلام جعلت كثيراً من الناس يشكون فى كل من يدعو الى الاسلام والدعوة الآن ليس للاسلام وإنما دعوة لأيدلوجية معينة.

بعض الناس يدعون زوراً أنهم دعاة بيانات تكفر الناس، بيانات تخوّن الناس، بيانات تفسر نوايا الناس، بيانات تعقّد الأزمة.

الأولوية الآن لإيقاف الحرب وتحقيق السلام، ثم تحقيق ضرورات الإنسان، المأكل والملبس والمسكن



نقلا عن صحيفة الأضواء السودانية
الثلاثاء 16 يونية 2003م