همس داو

( كان عرض جناحيه اكبر مما تظن, و عذوبة صوته لا تخطؤها الأذن, و لم تكن العيون تكل من التحديق الى ريشه الزاهى, يمكن القول أنه ليس كما يبدو عليه الان). قال عبارته الاخيرة بصوت أكثر تهدجا, ثم غامت عيناه تماما. سرى بيننا صمتا طويلا, كصمت الرموس. لأول مرة يكاد جدى لايتبين موطئ حروفه, فوجدت هذا غريبا, لكننى لم أنبس ببنت شفة لأننى لم اشأ أن أقطع سكونه. رغبت فى المغادرة, فأرسلت قدماى الى مقدمة حذائى, و سبح بصرى نحو الباب. ( فقد بصره تماما, فصار يفرد أجنحته المعروقة ليلا, إنطفأ صوته الا من ذبذبات تنير له الدرب مساءا, تساقط ريشه حتى بانت عروقه النافرة, أكسبه العيش داخل الكهف رائحة لا تحتمل و جسدا معلقا دوما رأسا على عقب حين ينام, لكن ماتزال اثداؤه تدر لبنا طيبا تبتل به العروق), انطلقت هذه الكلمات من جدى بصوت خفيض من دون أن يلتقط أنفاسه, فلربما ظن أنه يكشف سرا, ولم يدر أن الهمس كان مدويا.