الوزارة.. بالوزير..!!

الوزارة.. بالوزير..!!


02-17-2008, 11:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1203286716&rn=0


Post: #1
Title: الوزارة.. بالوزير..!!
Author: jini
Date: 02-17-2008, 11:18 PM

Quote: حديث المدينة

الوزارة.. بالوزير..!!

عثمان ميرغني
كُتب في: 2008-02-17

[email protected]

أحد التفسيرات التي سيقت لانتقال الدكتور عوض الجاز من وزارة الطاقة إلى وزارة المالية.. أنه قادر على فرض ولاية وزارة المالية على المال العام.. وأنه قادر بشخصيته القوية على وقف تسرّب المال العام وتجنيبه بواسطة مؤسسات حكومية أخرى.. وأنه سيحقق وضعاً أفضل لإدارة المال العام.
هنا مربط الفرس الذي كتبت لكم عنه أمس.. وقلت إن كشف التنقلات الوزارية أكد شح الخيارات واحتكار الخبرة القديمة تحت سقف لا تتجاوزه.. إذا كانت العلة في إيرادات لا تطالها وزارة المالية.. لأن أيادي البعض أطول من يد وزير المالية.. فهل يكون العلاج في تغيير وزير المالية.. أم الذين لا ينصاعون لولاية المالية على المال العام.
في عهد وزير المالية الأسبق الدكتور عبد الوهاب عثمان.. خاض حرباً ضروساً لتعضيد وتثبيت سياساته المالية.. ونجح في فترة ما في وقف تدهور سعر الجنيه أمام الدولار.. لكن فجأة وفي يوم من الأيام بدأ الدولار يتصاعد بسرعة جنونية.. كان واضحاً أن هناك خللاً ما في مكان ما.. وانتاب د. عبد الوهاب عثمان قلق عظيم على سقوط سياساته المالية.. فاعتكف في مكتبه يبحث عن أسباب الخلل.. فإذا به بعد جهد يكتشف المفاجأة الكبرى.. أحد كبار المتنفذين.. وفي قمة الهرم المالي للدولة كان يمارس سراً أعمالاً في الاتجاه المعاكس.. لإفشال سياسة وزير المالية.. كانت المفاجأة أكبر من أن يحتملها أي مدى للظن السيء في نفس وزير المالية.. فلم يتمالك الوزير نفسه.. أغلق عليه باب مكتبه وطفق يبكي.. ليس بكاء العاجز المكتوم.. بل بكاءً عالياً بصوت جهير.. بكاء المفجوع في (السيستم).. في المنهج الذي يجعل الدولة جزراً تقتات ببعضها..
هل تذكرون قبل سنوات، تلك البيانات شديدة اللهجة التي كانت تصدر من مجلس الوزراء تحذِّر الولايات من الجبايات والرسوم على الطرق القومية.. ثم يشكل مجلس الوزراء لجنة تجوب الطرق القومية لتطيح بنقاط التحصيل.. وما أن ترجع اللجة (بالسلامة) إلى الخرطوم.. حتى ترجع (بالسلامة أيضاً) جميع نقاط التحصيل في الطرق.. ووصل الحال أن أصدرت وزارة العدل بياناً للمواطنين تطالبهم بفتح بلاغ في أي جهة تمارس تحصيل الأموال في الطرق..
أحد أهم أركان العلة في جهازنا الإداري.. أن المنصب بقدر ثقل ووزن شاغله.. وتختفي تماماً المرجيعة الثابتة التي ينحني الجميع تحت سقفها.. فالقانون على قدر أهل العزم.. والطاعة دليل الضعف..
في حظيرة أي منهج تفكير رشيد حصيف.. يصبح علاج المشكلة ليس بالبحث عن وزراء يخافهم الوزراء.. بل في سيادة القانون على الجميع واستواء الرقاب تحت سمائه.. يرتاح الأقوياء والضعفاء معاً.. لكن المشكلة.. في نخاع العقل السوداني دائماً إحساس دفين أن النجاح التنفيذي يتحقق بقدر درجة اختراق القانون.. الموظف الناجح هو القوي القادر على القفز فوق القانون..
وفي حالة وزارة المالية بالتحديد.. (يفترض!) أنها وزارة (الخزانة) التي تتصرَّف في أموال الشعب حسب ما حدده قانون (الموازنة) التي يجيزها البرلمان.. لكن الواقع أن وزارة المالية هي المانح المانع.. القوي الشاطر من (يقلع) ماله منها بقوة جبروته أو بـ(شطارته!!).. والضعيف الذي ينتظر حقه وفق القانون.. قانون لا يكسر خاطر من يترفَّع عليه.
منطق الوزير القوي.. يهزم مبدأ الدولة القوية.. القانون هو الذي يجب أن يكون الأقوى..!!
ولهذا.. فالتعديلات .. لا تعدل الحال الوطني.. طالما الخبرة محتكرة..!!