بين المك نمر ... وحمدان ابوعنجة

فى النصف الاول من سبعينيات القرن الماضى ..عملت قائدا لمنطقة القلابات كنت وقتها برتبة النقيب .. كثيرا ما كنت اجلس تحت سدرة ضخمة على حافة (ابونخيرة) الذى يفصل بين قلابات والمتمة الاثيوبية ..اتخذت من هذه الشجرة المباركة الضخمة (ديوانا) استقبل تحتها ضيوفى من الاثيوبيين ..رفعت فى اعلاهخا سارية يرفرف فيها علم السودان ونفذت تحتها نصبا تذكاريا وضعت عليه دانة مدفعية من بقايا الحرب وكتبت عليها بالعربية والانجليزية والامهرية( تخليدا لشهداء المهدية والحرب العالمية الثانية) وارتبطت بالنصب اسال عنه القادمين من هناك ..وعندما صرت قائدا ثان للمنطقة الشرقية كان النصب اول مقصدى عند زيارة المنطقة لانه يمثل عندى ارتباطا وجدانيا بالمنطقة وتاريخها – فعلى مرمى حجر من (سدرتى) تلك وتحت شجرة سدر ايضا داخل الحدود الاثيوبية يرقد حمدان ابو عنجة فى قبر منسى .. حاولت مرارا ان اذكر القائمين بالامر فى القيادة العامة بضرورة نقل رفات البطل ودفنه باحتفالية فى امدرمان – حاولت نقل طائرة بريطانية من طراز (زريقة) كما كان يطلق عليها الاهالى رهبة منها ومن لونها الاسود الذى يزرع الخوف فيهم من رشاشاتها التى تنفث الموت ..سقطت منها واحدة فقط هى التى اشرت اليها وكنت اريدها فى المتحف الحربى وليس على سفح جبل القلابات بعد ان صارت خليه كبيرة تسكنها قبائل من النحل
كتب الاثيوبيين فى احدى صحفهم فى تلك الفترة فذلكه تاريخية حول تاريخ المنطقة واشارو الى اسم المتمة .. وقالوا .. ان اسمها قدجاء من كلمة MOAT-METTA اى جاء الموت فى اشارة لابتلا المنطقة بوباء الملاريا اذا يعتبرها خبراء الصحة العالمية واحدة من المناطق المستوطنة بالمرض اللعين.. وعلموا عليها باللون الاصفر فى خرائطهم واللون الاصفر فى الخرائط العسكرية يعنى ان المنطقة ملوثة من اثار الحرب البيولوجية والكيماوية فأجتهدت لتصحيح المعلومه.. فهذه القرية اطلق عليها اسم ( المتمه ) ، المك نمر .. عندما كانت محطته الاخيره ، قبل ان يتوغل داخل الحدود الاثيوبيه في منطقة ( غبته ) جهة جبال ( الارمجو ) شرق اقليم الامهرا (بيجيميدر) .. ولازالت سلالة شجيرات الليمون التى جلبها معه من المتمه ( ست الاسم ) تنموا في المنطقه شاهدة علي غربة المك القسريه في بلاد النجاشي .
في عام 1977 اقتفيت اثر رحلة المك من شندي عبر البطانه بعربة لاندروفر ذات دفع رباعي حتى منطقة (التومات عند ملتقى الاتبراوى وسيتيت و هى حاضرة الضباينة التى التقى فيها المك مع ود زايد شحم البل بالضفة الغربية للاتبراوي وعبر سندس وبلا شورة حيث يدلف (التكازى) الى (الاتبراوي) وكانت محطته الاخيرة فى هذه القرية التى تقع على مرمي حجر من القلابات يفصل بينهما خور صغير يدعى (ابونخيرة) اتخذوه فى العقد الاول من القرن الماضى معلما جغرافيا للفصل بين حدود البلدين ..
فى رحلتى الاخيرة للثقضارف ودوكة لحضور افتتاح الطريق القارى بين اثيوبيا والسودان ..سألت عن النصب وشجرة السدر (الديوان) عرفت انهم (راحوا فى حق الله) ولازالت طائرة الزريقة فى مكانها ...ولازالت روح البطل حمدان هائمة هناك تحت سدرة فى ركن قصى من سور (بوليس المتمة) تنتظر عودة البطل حمدان ..اما المك نمر ، ضاعت سيرته واى سيرة اضاعوا ...عاد بعض من عشيرته واسسوا قرية الصوفى البشير على الضفة الشرقية للابتراوى وعندما عدت الى شندى طلبا لسيرة المك من خلال اشعار (ود النعيسان) رفيق دربه وشاعره ومستشاره وجدتها صارت رمادا بعد ان احرق اهل الذى بذل جهدا كبيرا لجمعها ..احرقوها خوفا على ابنهم السجين بتهمة الشيوعية ضمن اوراقه (التنظيمية) ...حتى عثرت اخيرا على جزء من سيرة المك فى دار الوثائق ضمن صفحات المجلة الكنز sudan notes and records بعنوان (NIMIRTHE LAST KING OF SHENDI) (نمر اخر ملوك شندى) بقلم (روبتسونE.A) ..اسعي لنشرها بتصرف بعد ان فقدت النصب الذى يبدوا انه قد لحق –بنصب الجندى المجهول وتمثال غاندى .

الاخ الاستاذ احمد طه

حكي ممتع عن تلك الديار الممتعة

في عام الالفية الثانية قدر لي ان اجوب تلك الديار دوكة / باسنده/ حلة حكومة و ما جاورها ودلفت علي المتمة تسني بارنتو ثم اغورات و كرن علي الجانب الاريتري

كرن مدينة تحمل ملامح السودان و شعرت بشئ من الزهو و انا اجوب شوارعها فقد حكت لي جدي ان لي جدودا حاربوا فيها

تاريخيا و اجتماعبا و ثقافيا ( الي حد ما) هم الاقرب لنا

اتمني معك ان تنقل رفات البطل حمدان ابوعنجة و نحن في انتظار

هذه كتابة مليانة ومكتنزة بالمعلومات والحكايات. استفدت منها جدآ.
ارجو ان تستجيب السلطات والمؤسسات المعنية لطلبك نقل رفاة المحارب حمدان ابو عنجة.
شكرآ يا استاذ احمد طه. الجنرال كما يطلق عليك اصدقاؤك.


الطريق الى القلابات.. والدنيا خريف.

مشكور اخي
دراسة توثيقيه مهمه
نتمني ان نعرف من خلال هذا البوست الكثير عن فترة المهديه وما تلاها
من الذين سمحت لهم ظروفهم زيارة المناطق التي كانت مسرح للاحداث


وتحياتي للجميع

Quote: ان تستجيب السلطات والمؤسسات المعنية لطلبك نقل رفاة المحارب حمدان ابو عنجة. .

شكــرا لك ..
امم بلا تاريخ و ابطــال رمــوز امم بلا عراقه و بلا حضــاره ..
لكـن نحــلم و نعمـــل لســودان اكثر اشراقا ..

الأخ العزيز احمد طه

تحياتي لك بلا حدود

شكراَ علي التوثيق

يأأهل المنبر اخوكم أحمد ده راجل عظيم وسوداني جد

أخي أحمد هل تذكر ذلك الجيلوجي الذى اشرف علي حفر أول بئر بالقرب من الخور، هل ياتري مازالت تعمل

حتى اليوم أم لحقت بنصبك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ذلك الجيلوجي هو شخصي الضعيف الذى استضقته في سكنك العامر في بداية السبعينات من القرن الماضي.

شكرا جزيلا استاذ احمد طه،

يا للعار!

بطل واسطورة كابي عنجة، رفاته ترقد مهملة، وابو كلام لازال في تنظيرو.

لماذا لانتبني ك سودانيزاونلاين، حملة تعيد رفاة هذا البطل والاسطورة؟

المك نمر بدورو انسان عظيم بحق وحقيقة. مالا نعلمه نحن، انو اهلنا في اثيوبيا الذين اووه، حاربو في صفوفه، لسنين طويلة.

شكرا لكل الذين عبرو البوست قارئين ومعلقين .. واقول لدكتور عادل شكرا لازالت البئر موجوده صدقة جاريه لك ولزملائك ... والله زمان ياسلاحي .

Quote: حاولت نقل طائرة بريطانية من طراز (زريقة) كما كان يطلق عليها الاهالى رهبة منها ومن لونها الاسود الذى يزرع الخوف فيهم من رشاشاتها التى تنفث الموت ..سقطت منها واحدة فقط هى التى اشرت اليها وكنت اريدها فى المتحف الحربى وليس على سفح جبل القلابات بعد ان صارت خليه كبيرة تسكنها قبائل من النحل

وهذه مقتطفات من ارشيف سلاح الجو الملكى البريطانى حول هذه الطائرة التى اسقطتها طائرة حربية ايطالية فوق القلابات

06/11/40, Flt Lt Kenneth Howard Savage, 112 Sqdn, K Flight, Shot down, KIA, during the Sudan offensive to capture the Italian fort at Gallabat. Shot down by Fiat CR42`s from 412 Squadriglia led by unit the unit Commander Capitano Raffi near Gallabat (called, Metemma, by Abyssinians)

القائد أحمد طة تحياتي ولضيوفك الكرام ماضي وحاضر حيثما تسعفك الذاكرة.

لعل طرحك فيما يتعلق بتراث سوداني يستحق التأمل والوقوف عليه والإلمام بكافة تفاصيلة التي قد تلامس واقع الحال أو تفارقه من حيث شمول الأمر لمجمل جوانب الواقع السوداني . وبما أنني أتلمس خفايا القائد البطل حمدان أبو عنجة وربما أنتمي ألية في مرحلة من مراحل كينونتة الأثنية فقد شق عليً ألا يُخلد كما رأينا من كبري المك نمر وكذا الوجدان السوداني الشمالي . وهذه لست دعوة للجهوية ولكنّها أسئلة تحتاج لأن نجد لها إجابات ليكون الإحساس بالإنتماء للوطن شاملاً .


بحيراوي

Quote: سألت عن النصب وشجرة السدر (الديوان) عرفت انهم (راحوا فى حق الله) ولازالت طائرة الزريقة فى مكانها ...ولازالت روح البطل حمدان هائمة هناك تحت سدرة فى ركن قصى

Quote: بعد ان فقدت النصب الذى يبدوا انه قد لحق –بنصب الجندى المجهول وتمثال غاندى .

الاخ الاستاذ احمد طه
تحياتى و تقديرى
كل هذا يمكن اعتباره ( ملامح من الحال السودانى) !

سعادة اللواء .. سلامات
دي صورة الكوبري الرابط بين القلابات والمتمة الاثيوبية إلتقطتها من هناك قبل أسبوع.. والكوبري يبعد امتار قليلة من قبر حمدان ابو عنجة..

تحيه للجميع....ليحدثنا احدكم عن معارك حمدان ابوعنجه فى جبال النوبه ولماذا ارسل للقلابات

الأخ/ أحمد طه تحية طيبة

شكراً لك على هذه الإلتفاتة التى تذكرنا بمن نحن ، واُشاطر من سبقونى بالتعليق لعلها تكون " صرخة " فى أذن السياسيين عندنا- من يحكمون ومن ينتظرون وهم يتحرقون شوقاً- للإهتمام بالأولويات ووضع مسلمات لا ينبغى تجاوزها ولتكون هذه المسلمات أكبر من الجلوس على كرسى الحكم والتربع فوق رءوسنا كأن هذا الوطن ضيعة تركها لهم آباؤهم وهم لها وارثون ، ولن أسترسل فأنت بحكم تخصصك أعلم بما عنيت.


لكم مجدداً التقدير والعرفان

شكرا لك أخى أحمد طه وشكرا
لبكرى الذى جعلنا نلتقى هنا جميعا
التوثيق مهم ولابد من تكريم هؤلاء الابطال
ونقل رفاة حمدان ابو عنجة ونتمنى ذلك فى وقت
قريب ... ولابد من معرفة مصير المك نمر.
أخى لقد سنحت لى الفرصة لزيارة تلك المنطقة
المغمورة من السودان ... بداية من القضارف ودوكة
سرف سعيد واللام وام خرايت وتمرة وجزولى وباسندة وام مليحة
وشفت كل الاسواق فى هذة القرى .

العزيز أحمد
وقعت لي من السما!
الموضوع شيق وسأعود إليه
تلفونك وإيميلاتك ضاعوا,,
الحقني بيهم
على إميلي ولك تشكراتي
[email protected]

الشكر للجميع لمساهتمهم في اثراء البوست بالمفيد خاصة صورة عادل ومعلومات الارشيف الانجليزي .