الخاتم عدلان .. نحن في الشدة باس يتجلى !

نحن في الشدة بأس يتجلى


حسن إبراهيم*

_ الخرطوم/ 1990 - كادت ثلة من ضباط الجيش أن تنهي المشروع الظلامي في مهده لكن خانهم البعض واعترى بعضهم الضعف وبقيت قلة مصادمة تواجه القبح وحدها، دفنوا أحياء بلا محاكمة. وكرر عسكر الإنقاذ ما فعله النميري عام 1971.

_ الخرطوم/1985- السادس من إبريل خرج الشعب السوداني عن بكرة أبيه في انتفاضة هادرة. رجالاً ونساءً وأطفالاً. اقتحموا السجون واخرجوا المعتقلين وأسقطوا حكم الطاغية وكرروا ما فعله أسلافهم في الواحد والعشرين من أكتوبر عام 1964 واستلم وزير دفاع الطاغية المشير عبد الرحمن سوار الذهب مقاليد السلطة ووعد بانتخابات في غضون سنة. لكنه لم يكن حاكماً فقد كانت هناك مؤسسات قوية مثل مجلس قيادة الثورة والأحزاب وكان الشعب ما زال منتشياً بانتصار انتفاضته.

_ الخرطوم/1986- في موكب زاه وعلى صهوة حصان عربي أبيض دخل رئيس الوزراء المنتخب زعيم حزب الأمة الصادق المهدي مقر البرلمان ليبدأ سنوات حكمه القصيرة. كان ذلك أيضاً في إبريل من عام 1986 .

_ لندن/ 2005- انتفض الجسد الواهن لتخرج روح عملاقة من دنيانا. روح متوثبة حملت معاناة ابن رشد لتنتصر للفكر ولو بعد ألف عام على المحرقة. الخاتم يوجه مبضع الجراح الصارم البارد بلا مجاملة ولا تهيب ولا ارتجاف. فصلابة العود الخارج من قرية «دكة الجعليين» في أواسط السودان إلى رحاب حزب الطبقة العاملة وأحضان المحرومين وعز السجون والمنافي. صلابة العود تلك لم يستطع السرطان إلا أن يسلبها جسداً هو أصلاً إلى الفناء مصيره. لكن الأفكار والصدق والانحياز الكامل إلى الإنسان معانٍ لا تفنى وجريمة لا تسقط بالتقادم فهي تستحق الاستشهاد في سبيلها ولو على حبال المشانق «لأنك يابا إنت نقابه* غنا أطفال وربابه. نضال عمال ديالكتيك». الخاتم بدأ رحلته الأخرى في الثالث والعشرين من إبريل عام 2005 .

_ الدوحة/2007- حفل سوداني عظيم يحتفي بالخاتم عدلان. وافتتاح مركز الخاتم عدلان للاستنارة في السودان وكان نادي الجسرة كريماً كعادة أهل هذا البلد الكريم. فقد منحونا النادي نحتفل فيه برحابة وحب وأريحية وبلا تدخل في دقائق برنامجنا وتركونا نتنادى بذكرياتنا ونخطب ونلقي الشعر ونشهد نص فناننا العظيم عبد الرحمن نجدي مشخصاً بجهد فنان مبدع هو محمد السني ونستمع إلى ملك السهل الممتنع جعفر عباس ونستمع إلى رندة تلقي الشعر وتعرفنا بمركز الخاتم ويلقي أستاذنا محمد سليمان الضوء على حياة الخاتم الفكرية ومواقفه السياسية، ومكالمات من كاليفورنيا والخرطوم ولندن تشاركنا عرس الخاتم في الدوحة. وكان من حظي أن جلست وراء أستاذي المخضرم النور عثمان أبكر وإلى جوار صديقي عبد الجليل من قبيلة سودانيز أون لاين. «نحن في الشدة بأس يتجلى».

ودمتم.

* صحافي سوداني بقناة الجزيرة الانجليزية ومعد برنامج "انسايد ذي ستوري" . كاتب هذه الزاوية بعنوان "كبوة نائم" جريدة الوطن القطرية 8يناير 2008

كتابات الاستاذ حسن ابراهيم ذات نكهة خاصة .