يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟

يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟


01-06-2008, 08:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=150&msg=1199605737&rn=0


Post: #1
Title: يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟
Author: tariq
Date: 01-06-2008, 08:48 AM


يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟
اللهم أكفنا شر أنفسنا
قصة المعلمة والدمية


رووا أن علـيا بن الجهم كان شاعرا جزل العبارة رصين اللغة وكان من أهل البادية لم يخبر المدينة ورغد عيشها، حظه من المعرفة ما تـوفره البادية..التيس والدلو وتجربة نفعهما .
زار أحد خلفاء بني العباس مادحا فقال في الإشادة به :

أنت كالدلو لاعدمناك دلوا *** وأنت كالتيس في قراع الخطوب

الدلو ، لمن لا يعرف , ماعون يصطنع من جلد الغنم بعد معالجته ويستعمل لجلب الماء من عمق البئر . فمعرفة ابن الجهم وتجربته في مجتمعه البدوي لم تمتد لأكثر من الدلو والتيس . واستهـجن من في المجلس جلافة الشاعر وغلظ قوله وكانوا أسبق إلى التنديد بشاعريته . وتقـول الرواية إن الخليفة لم ينزعج مما قاله ابن الجهم بل كان أقدر من الباقين على إستبانة شاعرية الرجل فاستبقاه في بغداد يغشى مباهجها ويستمتع بما تقدمه مدينة في بهاء بغداد يومئذ للمقيم والغاشي . وامتدت الإقامة بإبن الجهم وجاء بعدها يمدح الخليفة فكان شعره :

عيون المها بين الرصافة والجسـر *** جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

أثرن بي الشوق القديم ولم أكــن *** سلوت فزدنني جمرا على جـمـــر

وتـــمضى القصيدة منتزعة ما حوت من صور من مجتمع بغداد المدينة . ما قاله ابن الجهم يوم لم يعرف غير حياة البادية وما قاله بعد ان استقر بالمدينة يُستشهد به في الإستدلال على أثر البيئة على التفكير و التعبير .

استحضرت قصة ابن الجهم وأنا أستعيد تفاصيل قصة المعلمة في أخبار الخرطوم . فلقد حكوا قيامة قوم قد قامت لأن مدرسة من غير أهل البلد أسمت دمية حيوان بإسم محمد . ووجد بين القوم شاك وممثل اتهام وقاض . الشاكي لأن " الكافرة " قد أطلقت اسم الرسول الكريم على حيوان وإن يكن دمية ، والإتهام لأنها قد أتت أمرا إدا يوم أطلقت إسم الرسول الكريم على تلك الدمية ، أما القاضي فقد أصدر حكمه يوم خميس تعقبه جمعة فانتصر انتصارا تاريخيا لرسول قبل اليوم تطاول على شخصه ملاحدة أوربا, فكان ضروريا أن يقدم لهم المثل عن معزة المسلمين لرسولهم وأن يعرفوا عبر الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن مكـانه العالي عندهم . لم يقف الإعلان عن ذلك عند شاك واتهام وقاض ، وإنما كان فرصة لخطباء الجمعة التي أعقبت خميس الحكم لأن يتصايحوا على المنابر ، وللجموع أن تحتشد وللجميع أن ينددوا ويستنكروا .

تقول الأخبار إن المعلمة المسكينة قد أسمت الدمية بعد استطلاع قامت به بين تلامذتها ليس غريبا أن يقع اختيار التلاميذ على اسم شائع في مجتمعهم ، أو أن يتبادر إلى أذهانهم اسم ألفوه أكثر من غيره ليسموا به تلك الدمية . ويقيني أن الإسـاءة وبأي قدر لم تكن في ذهن أي أحد وهو يختار الإسم أو يطلقه بعد أن تم اختياره ـ هذا إن كانت في التسمية إساءة . الدمية كان مطلوبا أن يتصادق التلاميذ معها وأن يشركوها مرقدهم ويولوها عناية ورعاية ، سعيا للتحبب إليها والتقرب منها وطلبا للتآلف والصداقة معها غير آبهين لحقيقة أنها دمية . رعاية الدمية بذلك القدر لكل عاقل تقدم شفيعا حتى لا تكون الناس إلى الشقاق أسرع . مصادقــة الدمية على ذلك النحو كانت تطبيقا لأسلوب جديد في التربية ، اختاره لإبنه من دفع به ليتعلم في تلك المدرسة ورضيت عنه سلطات التعليم يوم صرحت للمدرسة المعنية أن تعمل . ولكن هذه المعطيات والأسباب لم تكن ليرضى عنها أو يقبل بها من رأى في الواقعة سانحة للثأر ورد الصاع حتى وإن كان برئيا من حصده الثأر والصاع. ونحن إن تجاوزنا الهدف من صحبة الدمية ومن مشاركة الأطفال في اختيار الإسم لنقفز إلى خناق المعلمة سيردنا أن الناس في مجتمعها تطلق اسم من تحبه على الحيوان (Pet) الذي توادده ، ولا ترى في هذا إلا الإعزاز لمن أطلق إسمه على الحيوان حتى يكون إسم ذلك المحبوب على اللسان ويكون لإسمه حضـور دائم بين محبيه . ونحن نشهد أن رفقهم بالحيوان أحيانا يفوق رفقهم بالإنسان ، وجمعيات الرفق بالحيوان تشكلت في مجتمعاتهم قبل أن يشكلوا جمعيات للرفق بالإنسان . تلك مـفاهيمهم فهل نجبرهم على تغيير جـلودهم البيضاء ليماثلوها بجلودنا السمراء أوالسوداء ؟

ثم . . للشخص وجود محدد وليس الإسم كذلك . قيمة الإسم تقتصر على الدلالة على المسمى ودلالات الإسم تتنقل بين من يدل الإسم عليهم . فلم يعرف الناس في الأسماء احتكارا والتفرقة بين المسمى والإسم ضرورية حتى نباعد بين الرسول (صلعــم) وبين كثيرين يسمون محمدا مع أن الزراية وحتى البصق على الوجوه أقل مما يستأهلون . وكما لا يضار شخص الرسول بأن يسمى هؤلاء بإسم سمي به هو في يوم من الأيام ، كذلك لا يضاره أن يكون إسم محمد نفسه من اختيار رجل وثني أو مشرك ، ولا يهين أو يجرح رسالته أن يكون اختيار إسمه على هذا النحو .

إن الضجة التي أثيرت حول هذا الأمر والشهامة التي تظاهر بها بعضهم في معالجة الأزمة لا تخدم المؤمنين أو تقف شاهدا على غيرتهم ، بل بالعكس ، تقدم دخيرة ينتاش بها المعادون هذا الدين وأهله . ونسأل: يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟ وندعو : اللهم أكفنا شر أنفسنا . . . آمين .

صالح فرح ـ أبوظبي

سودانايل 6/1/2008

Post: #2
Title: Re: يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟
Author: tariq
Date: 01-06-2008, 08:33 PM
Parent: #1

Quote: إن الضجة التي أثيرت حول هذا الأمر والشهامة التي تظاهر بها بعضهم في معالجة الأزمة لا تخدم المؤمنين أو تقف شاهدا على غيرتهم ، بل بالعكس ، تقدم دخيرة ينتاش بها المعادون هذا الدين وأهله . ونسأل: يا قوم ، أليس فيكم رجل رشيد ؟ وندعو : اللهم أكفنا شر أنفسنا . . . آمين .