جنون .. اسمه .. الإستقلال ...!!!

لا تكاد شمس هذه الدنيا تدور وفقاً لتقويم ميلاد المسيح عليه السلام حتى يتقافز الى اوجاعنا هذا السؤال .. في الأول من يناير منذ نيف وخمسون عام خرج العم سام من مباني القصر الذي حكمت من البلاد والعباد ساعتئذ .. غير أن الذي بقي بعض أحلامٍ خجولة وهتافاتٍ لا تسمن ولا تغني من جوع .. السودان للسودانيين .. عاش الشعب السوداني .. وطني فداك روحي ودمي .. والكثير من الحروف التي ما انفكت تشكل كيمياء التعصب والإنتماء اللذيذين … ولكن دون جدوى …!!

لعل أن الراحلين من قادة البلاد الذين كان لهم قصب السبق في الإستقلال قد رحمهم الله بأن كانوا بجواره هذه الأيام … فلا يشقيهم ما آل اليه الحال في شئ .. !!

كثيراً ما أتأمل في المشهد السوداني فلا أجد إلا الظلام يحيط بنا من كل صوب .. فلا أحلام القانعين ترضينا ولا رؤيا المشرقين تنقذنا ولا نامت أعين المنبطحين …!!

يقيني وأسأل الله أن يخيب ظني فيه .. أننا بعد ايامٍ قليلة سيحتار كل فردٍ منا لأي سودانٍ ينتمي .. بل .. الذي أخشاه ألا يكون هناك معنى لهذا الإنتماء من الأساس ..!

ما أسهل أن نتحدث بلغة الأسطح والترقيع .. كل عام وانتم بخير .. عشت يا سوداننا فوق الجميع .. والله البلد في تطور .. ما شايف العمران دا كيف …!! فلل وحدائق وبئرٍ معطلةٍ وقصرٍ مشيد..!!

ثم تأتي علينا يا بلادي بالسموم ... حمى نزفية مؤخراً ومن قبلها أم الأمراض ... تلك الأنوفلس اللعينة .. ثم مرض العصر .. ذاك الذي يفقد المناعة التي ان لم يتدخل ويفقدها .. تفقدها في بلدي صيحات الأغبياء ممن هم على رؤسنا رغم أنف الجميع ... !!

: ـ لالالا ... صدقني انت أكثر تشاؤماً من أي يومٍ مضى ... !!
: ـ ومن أين لي أن أتفاءل والفوضى تعم المكان والزمان ...!!
كان الناس في بلدي يصنعون الحب .. فما برحوا الآن يشربون من نخب الهزيمة تلو الهزيمة .. ويزدردون طعمها العلقم في ابتسامٍ مقيت .. !!

اجتمعت هيئة جمع الصف الوطني ... انفضت مفاوضات ابوجا ثم نيفاشا ثم انفض الذين لم يجتمعوا أصلاً لا في مدنٍ نعرفها أو نسمع بها .. انفضت بكارة الأحلام في بلدي .. فأضحى الجميع بلا حياء .. ما كان يهمس به همساً في الليالي الغابرات .. أصبح شعاراً لبعضهم ... التهميش .. الرق .. يقولوا علينا نحن عبيد .. سيادة الثقافة العربية وهيمنتها على التكوين الجمعي لمواطن الشمال ... أين هذا الشمال ... دلوني عليه ... !!!

الصدفة وحدها في بلدي تجلب الحظ ... ألم تشهدوا كيف انقض الهلال على فريق القرن النادي الأهلي المصري .. ثم جاء بخفي حنين بل أضاع حتى تلك الخفين الثمينين ..!!

ههههه ... من الوجد ما أبكى ومنه ما قهقهني حد الجلوس القرفصاء ... ولمِ لا أجلس القرفصاء فجميع الأماكن في بلدي يفترش فيها المفترشون ما يعرضوه .. بعضهم يعرض نفسه ... وآخرون لم يجدوا شيئاً يعرضوه فعرض عليهم فانعرضوا ...!!

ساحة القصر .. يا حقل النار ... يا واحة بتحضن روح ( نصار) ... !!!! ما أجملك وأنت تكتسين باللون الأبيض وبعض الإخضرار ...!!!!

عثمان ود دفع الله ... لا يهتم كثيراً بدورة الشمس إلا ليهجع بين الناس في تعبٍ لا يعرفه الكثيرون .. ! ... ثم جاء صوت الريس مهنئاً بالإستقلال ... هههه .. اللهم أرفع مقتك وغضبك عنا ....!!!

أحلم مع ثوار نمور التاميل أو .. حركة ايتا .. أو ربما بعض المتهورين في بلدانٍ كثيرة ... المهم أن تحلم .. فمتى ضاعت الأحلام .. انقشعت الرؤى عن غضبٍ فوق غضب ...!

يا رمال حلتنا زولاً .. كان موالفك يا حليلو ....!!!