الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة

الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة


05-26-2003, 09:58 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=15&msg=1189410516&rn=0


Post: #1
Title: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 09:58 AM

الاخوات والاخوات

لغبرائيل غارسيا ماركيز ؛ رواية بعنوان "الجنرال في متاهته" ؛ اتخذ من شخص سيمون بوليفار بطلا لها ؛ وسيمون بوليفار ؛ كان رجلا طموحا ؛ مشي علي منضدة ؛ من اولها الي اخرها ؛ وقال انه سيحرر امريكا الجنوبية ؛ ويسير فيها ؛ من اقصاها الي اقصاها ؛ كما يمشي علي المنضدة تلك

حلم سيمون بوليفار ؛ تحقق جزئيا ؛ حيث حرر اغلب امريكا الجنوبية ؛ ولكنه لم يستطع ان يبني في بلدانها المختلفة حكومة عادلة وديمقراطية ؛ الامر الذي ادي الي تشظي الاقاليم التي حررها ؛ الي دول مستقلة ؛ وانهار حلمه بتوحيد امريكا الجنوبية بسبب من سياساته هو ؛ وانتهي الامر بالرجل ان يموت جنرالا عجوزا حاكما علي رقعة من الارض قريبة من منضدته الاولي

امامنا في متاهته ؛ لم يحقق شيئا ؛ وهو في حوالي السبعين ؛ يحاول ما كان يحاوله سيمون بوليفار في متاهته الاخيرة ؛ وكما ان ذاك قد فشل ؛رغم الانجازات القديمة ؛ فهذا ؛ بين القداسة والسياسة سيفشل ؛ تثبيتا لاخفاقاته القديمة

في هذا البوست ؛ نتناول القضايا بسرعة واختصار ؛ في محطات تتناول قصة الامام قي متاهته ؛ او رحلة الصادق المهدي العبثية بين السياسة والقداسة

عادل

Post: #2
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 10:10 AM
Parent: #1

قال الصادق المهدي ؛ في مذكراته لمجلة الوسط ؛ بتاريخ 27-4-1994 ؛ العدد 126 ؛ ما يلي

==========================

انني فتحت عيني علي الحياة ؛ علي صدي بعض الاحاديث العارضة ؛ وكانت تصدر من ثلاثة اشخاص

اولها : حديث قاله عمي السيد يحي عبدالرحمن المهدي ؛ زان يكبرني باربع سنوات. وهو كطفل في الرابعة من عمره ؛ كان يردد " مهاجر سياتي من كبكابية" . والمعني الذي كان يقصده؛ ان شخصا ما ذا دور سياتي من كبكابية ؛وكان بعض نساء الاسرة من اللواتي كن علي وشك وضع حملهن يسأل يحي المهدي: "هل هذا مهاجر" ؛ فيجيب بالنفي. وذات يوم حكت لي والدتي ان يحي قال لها" مهاجر جاي الخميس " . وبالفعل ولدت يوم الخميس ؛ وكانت هذه اشارة غيبية غامضة.

Post: #3
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 10:21 AM
Parent: #2

ويواصل الصادق المهدي مذكراته ويقول :

=======================

ثانيها: ان جدي الامام عبدالرحمن روي انه عندمت جاء خبر ولادتي ؛ كان يقرا سورة ابراهيم . زكان والدي يريد ان يسميني ابراهيم . ولكن كان لدي جدي ضيف ؛ وبيتما هما جالسان ؛ جاء طائر القمرية واستقر علي عمامة جدي ؛ الذي اقر بان هذا نبا . وخلال حديثه مع الضيف الزائر ؛ اخبره بمولدي ؛ ورد عليه الضيف: "لماذا لاتسميه باحد اسميك؟" ؛ وكان اسم جدي الامام عبدالرحمن الصادق ؛ ولهذا ربط ما بين الراي والنبا وسماني الصادق

لهذه الحقيقة كنت المس منذ يداية صلتي به انه يعاملني معاملة خاصة ؛ حتي ذات يوم وانا معه ؛ وكنت في سن صغيرة ؛ قال لوالدي: " ابنك هذا ما شي يسد فرقتي" ؛ اي سيملا الفراغ بعدي . وعندما قال ذلك بكت امي ؛ فقال لها: "الموت امر لابد منه " .

Post: #4
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 10:26 AM
Parent: #3

ثم يردف الصادق النهدي في نفس الحوار:

===============

ثالثهما : ان جدتي السيدة ام سلمة بنت المهدي؛ رات رؤيا وحكت لبنتها في حضوري ؛ وقالت انها رات في رؤياها انني اقف علي مئذنة ؛ واقول" اذن في الناس بالحج ؛ ياتوك رجالا وعلي كل ضامر ؛ ياتين من كل فج عميق" وقالت لوالدتي: " ابنك هذا سيكون له شان" .؛

Post: #6
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 10:41 AM
Parent: #4

يعلق الكاتب جمال خليل علي المقاطع اعلاه ؛ فيقول :

----------------

بشري للسودان والسودانيين !!؛ فقد ظهر مهديهم الجديد الذي سيملا الارض عدلا بعد ان ملئت جورا ؛ بفعل حلفاء الامس ؛ اعداء اليوم ؛ الاصهار دائما. الصادق ابن الصديق ابن عبدالرحمن الصادق بن الصديق بن محمد بن عبدالله المشهور بالمهدي. اخر تقليعات السيد الصادق فهو الذي لا تخلو جعبته من تقليعات ؛ ويلبس لكل حال لبوسها

ففي زمن الدعوة الي الحاكمية الالهية ؛ عملة حكام السودان اليوم النادرة بحق ؛ ابي السيد الصادق الا ان يركب الموجة ؛ التي اوصلت نسيبه النجيب الي سدة الحكم ؛ فلماذا لايكون هو الاحق باحراج الضمير الديني في السودان؛ وهو الذي انحدر من صلب رجل امتطي صهوة فرس الغيب ؛ قبل اكثر من مائة عام ؛ فاحرز نجاحا عم القري والحضر ؟

حينها عاد محمد احمد عبدالله المعروف ب"محمد احمد المهدي" ؛ بعد بناء ضريح الشيخ القرشي الي الجزيرة ابا؛ مع صديقه وتلميذه عبدالله ود تورشين ؛ المشهور بالتعايشي ؛ واسر له انه اصبح يري النبي وهو يقظان؛ وان النبي اخبره بانه المهدي المنتظر ؛ الذي سيملا الارض عدلا بعد ان ملئت جورا وظلما !

كان ذلك في ربيع الثاني سنة 1298 للهجرة ؛ والسير تقول انه في راس كل قرن سيجي مصلح يعيد للاسلام حسن سيرته !! فمن هو يا تري مصلح قرننا بنظامه الجديد ؛ الترابي ام الصادق ؟؟ لا فرق فقد اصلحوا واي اصلاح !!

------------------------
جمال خليل - الصادق المهدي المنتظر - مجلة الطريق - المانيا - العدد الثاني - مارس ابريل 1995

Post: #7
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 10:57 AM
Parent: #6

ويتابع الصادق المهدي مذكراته ؛ منتقلا من القداسة الي السياسة ؛ فيقول في نفس العدد من مجلة الوسط التالي "

=======================

انني من اكثر الذين تصدوا للعمل العام ؛ وتعرضوا للسجن فترة تبلغ 8 سنوات ؛ ومن اكثر الذين تعرضوا لعقوبات مالية علي قترات مختلفة ؛ ولدي مساهمات فكرية غير مسبوقة من معاصري !!

وكذلك ؛ ايا كانت حقوقي وامتيازاتي الوراثية ح فانني اعتقد انني من اكثر الناس معرفة بالسودان . فقد طفته اربع مرات ؛ ولا اظن ان هذا تاتي لاحد من قبلي ؛ وكذلك من اكثرهم معرفة بالعالم ؛ فقد طفته كله تقريبا ؛ في سياحة ليست للهو ؛ زانما من باب العمل الدبلوماسي والسياسي والفكري ؛ وهذا نادر بين معاصري.

وساهمت في الفكر السياسي بافكار هي من اكثؤ ما ساهم به عاملون في الحياة العامة في الفكر السياسي . واعتقد ان الذين يريدون صرف النظر عن البلاء والتركيز علي الموروث ؛ سيفاجاؤن بالحقيقة ؛ واقول " "هاكم اقراؤا كتابيا "..!!!

--------------
انتهي الاقتباس

Post: #8
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 11:00 AM
Parent: #7

يعلق الكاتب جمال خليل ؛ في المقال المذكور اعلاه ؛ فيقول :

-----------------

انها بكل حق مفاجاة ؛ ان تجتمع كل هذه الصفات في رجل واحد ؛ هو افشل سياسي عرفه السودان قديما وحديثا ؛ فما رايكم دام فضلكم ؟؟

Post: #9
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 11:04 AM
Parent: #8

ويواصل جمال خليل

------------------

هذا الصادق الذي جاء الي العالم بكرامة ومعجزة ؛ والذي لا ياتيه العيب من بين يديه ولا من خلفه ؛ يكتب عن نفسه كما تكتب الباحثات عن الزواج في مجلات اوروبا الرخيصة ؛ تتحالف قوي المعارضة معه لاسقاط النظام ؛ وتثديم السودان قربانا له

فهل نملك الا ان نرثي لحاله وحال من ياملون ان الايام ستغير الذي يعتقد انه ولد ليحكم ؛ لان قمرية حطت علي عمامة جده ؛ او ىن جدته نامت يوما فحلمت !!!؛

Post: #10
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 11:43 AM
Parent: #9

ويكتب كاتب آخر ح هو الصحفي والموثق فتحي الصو ؛ عن الصادق المخدي ومسالة تصوره لنفسه كمنقذ ؛ فيقول:
------------

ويعتقد ان تاريخ ولادته (25 ديسمبر) ؛<الذي ثيوافق ميلاد السيد المسيح ؛ بذر في ذهنه في وقت مبكر فكرة المنقذ . بل يعتقد هو انه بما اوتي من ملكات فكرية وثقافية وقدرة تعبيرية عالية ؛ انه يمكن ان يلعب دور المنقذهذا ؛ يرفع رايات الخلول السلمية والديمقراطية والقومية للسودان. وفي هذا كثيرا ما تهم المهدي ب-البارنويا- اي جنون العظمة

فتحي الضو : محنة النخبة السودانية ؛ المهدي ظلموه ام ظلم؛ ص 32

Post: #11
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 12:32 PM
Parent: #10

حسنا ؛ فليفكر الصادق عن نفسه بما يريد ؛
لماذا يجد اذن الكثير من التاييد وسط الانصار ؛ وبعض التاييد في قطاعات اخري ؛ ومن بينها قطاعات المثقفين

رغم فشله البائن ؛
ورغم انه لم ينجز انجازا سياسيااجتناعيا او اقتصاديا قوميا طول تاريخه

الاجابة نجدها عند عالم الاجتماع الفرنسي ؛غوستاف لوبون ؛ الذي عاش في القرن التاسع عشر ؛ ومؤلف واحد من افضل الكتب عن علم نفس الجماعات ؛ بعنوان : يكلوجية التجمع ؛ او علم نفس التجمع ؛ والذي نشر بالعربية عن دار الساقي بلندن ؛ بعنوان سيكلوجية الجماهير

يتحدث لوبون عما يسميه بالهيبة المكتسبة ؛ او الهيبة الشخصية ؛ او ما يطلق عليه اليوم الكاريزما ؛ ويقول :
يكفي ان يحتل فرد ما منصبا معينا ؛ او يمتلك ثروة ؛ او يتزيأ ببعض الالقاب ح حتي يصبح مكللا بهالة الهيبة - الكاريزما- ؛ مهما كانت مؤهلاته الشخصية

ولماذا اذن تنحسر هذه الكاريزما وتسقط الي الحضيض ؛ عندما ياتي الصادق الي الحكم ؛ الامر الذي يضرب النظام الديمقراطي في الصميم ؛ ويفتح الباب اامام المغامرين العسكريين ؟

يقول لوبون :

الهيبة الشخصية - الكاريزما - تنتهي مع الفشل ؛ والبطل الذي صفقت له الجماهير بالامس ؛ قد تحتقره علنا في الغد


غوستاف لوبون ؛ سيكلوجية الجماهير ؛ الطبعة العربية - دار الساقي - الصفحات 137-143

Post: #12
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 12:59 PM
Parent: #11

وننتقل مع "الامام" في متاهته ؛ وقفزه ما بين السياسة والقداسة ؛ لنري كيف وصل المنقذ الي السلطة المبتغاة ؛ لكيما يحقق النبؤات والعلامات الغيبية الغامضة

يقول المرحوم محمد احمد المحجوب عن وزارة الصادق الاولي :
===========================

لم يهض الصادق المهدي الانتهابات ؛ لانه لم يكن قد بلغ السن القانونية -30 سنة- ؛ وكان معروفا انه يحبذ تعيين رئيس وزراء يمكن اقناعه بسهولة الاستقالة وفتح الطريق امامه عندما يبلغ الثلاثين من العمر ؛ وكان يعرف جيدا ؛ انني اذا اصبحت رئيسا للوزارة ؛ فلن استقيل من اجله
......

ذات مساء؛ جاء بعض افراد عائلة المهدي الي منزلي ؛ طالبين مني الاستقالة حتي يصبح الصادق ؛ الذي بلغ الثلاثين من العمر ؛ رئيسا للوزراء؛ بعد ان تم افراغ احد المقاعد البرلمانية وانتخابه لهذا المقعد << جيث كان شرطا لرئيس الوزاء ان يكون نائبا في البرلمان>>؛ وكان جوابي : ان هذا طلب غريب ؛ والصادق لا يزال فتيا ؛ والمستقبل امامه ؛ وفي وسعه ان ينتظر ؛ وليس من مصلحته ومن مصلحة البلاد والحزب ان يصبح رئيسا للوزارة الان؛ بيد انهم اصروا فتصلبت

Post: #13
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-26-2003, 01:09 PM
Parent: #12

ويمضي محمد احمد المحجوب ليحكي ؛ كيف انه سافر لحضور مؤتمر في نيروبي ح وعاد بعد عدة ايام ؛ ليجد الحزب منشقا ؛ وانه اجتمع الصادق لاصلاح ما تم من اضرار ؛ ولام الشمل ؛ وايضاح وجهة نظره في امتناعه عن الاستقالة ؛ قماذا قال له الصادق؟

قال له الصادق :" انني اعرف كل ذلك ؛ ولكني قد اتحذت موقفا ولن اتزحزح عنه ".
؛

قال المحجوب حينها ردا علي الصادق: " انني مقتنع الان اكثر من اي وقت مضي ؛ بانك لا تصلح لرئاسة الوزارة ؛ وقد تصبح رئيسا للوزارة ذات يوم ؛ ولكنك لن تدوم اكثر من تسعة اشهر

وقد كان

محمد احمد المحجوب - الديمقراطية في الميزان - طبعة جامعة الخرطوم - ص 217

Post: #15
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 10:50 PM
Parent: #13

وهنا احكي طرفة ؛ لااعلم حظها من الصحة

ولكن كما قيل :

في كل نكتة هناك بذرة من الجد

والطرفة التالية فيها كثير من الجد

لو كانت مختلقة

وكثير من المعني ؛ لو كانت صحيحة

وهاكم الطرفة

Post: #16
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 10:55 PM
Parent: #15

وقيل لن الصادق المهدي؛
لما صارع المحجوب لكيما يستقيل له من رئلسة الوزارة ؛
ليحتلها هو ؛
كما استقال له احد النواب المساكين
لينزل في مكانه هو ؛
بمجرد ان بلغ الثلاثين

حضر له بعض الاجاويد
وقالوا له ان ينتظر 3 اشهر
حيث كان يتوقع ان يفرغ منصب دستوري عال؛
يمكن ان يعوض به المحجوب ؛
ويحتل هو فيه رئاسة الوزراء؛
وبذلك يحفظ ماء وجه الجميع
وتضمن وحدة الحزب؛

فماذا قال لهم الصادق المهدي؟

Post: #17
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 10:57 PM
Parent: #16

قال لهم الصادق المهدي
انه لا يستطيع ان ينتظر 3 اشهر

ففي ثلاثة اشهر
سيحل مشاكل السودان
وفي ال3 اشهر اللاحقة ؛
سيحل مشاكل افريقيا والوطن العربي
وفي ال3 اشهر البعدها
سيحل مشاكل العالم

Post: #18
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 11:00 PM
Parent: #17

ومضت علينا منذ ذلك الحين
36 من السنين
والرجل لا يزال
مصرا - كذلك الذي اراد ان يتزوج القمر
علي حل مشاكل السودان
وافريقيا
والعالم العربي
والعالم

فهل من يحلنا منه ؛
ومن مشكلته ؟

Post: #19
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 11:03 PM
Parent: #18

وقيل ان الصادق؛
لما جائته التحذيرات بتدبيرات انقلاب مايو 1969
قال ان الانقلاب لا يمكن ان ينجح
لخمسة اسباب
ثم عددها

وعندما نجح الانقلاب
رجعوا اليه ليعرفوا رايه ؛
فقال ان الانقلاب قد نجح
لخمسة اسباب اخري ؛
ثم عددها

Post: #20
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 11:07 PM
Parent: #19

يعتبر الصادق المهدي رجل التناقضات الاول ؛
والشخصية الاكثر تراجيدية ؛
في البلاد

فهو هاملت السودان لا منازع

وقد بانت تناقضاته وعدم قدرته علي الحسم ؛
في موقفه من القضايا التالية:

Post: #21
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 11:16 PM
Parent: #20

اولا

موقفه من علاقة السلطة السياسية والدينية
او قل الطائفي والمدني
او قل الامامة والرئاسة

فالرجل الذي فجر حربا لا هوادة لها في الاسرة المهدية ؛
من اجل نقض فكرة الامامة ؛
عاد اليها في اخريات ايامه
يتلفح بها ؛ دون قدرة علي الاجابة علي ابسط الاسئلة
المتعلقة بمعضلات تكوينات طائفية في مجتمع حديث؛
وفكرة الامامة في ظل منهج ديمقراطي

ان الصادق لا يريد ان يكف عن كونه زعيما للانصار ؛
ولكنه يود ان يكون كذلك زعيما لكل الشعب السوداني؛
بما فيه من غير مسلمين؛
ومسلمون من طوائف اخري ؛
ومسلمين رافضين للطائفية؛

انه يريد ان يحافظ علي القاعدة الاجتماعية الضيقة ؛
ويزعم عن نفسه القومية والانفتاح السوداني

انه يود ان يركب سرجين ؛
ويحمل لقبين
ويتحدث بلسانين ؛
ويلهج برايين

وقديما قيل
ركاب سرجين وقاع
وصاحب رايين كضاب

Post: #22
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-28-2003, 11:22 PM
Parent: #21

ثانيا

الرجل موزع في ولائه
مابين فكرة التعددية الحزبية
والشمولية في دولة الحزب الواحد

فالصادق الذي يلهج بالديمقراطية؛
والديمقراطية قائمة علي التعددية؛
دعا منذ الستينات؛
الي فكرة الحزب الشامل الجامع؛
وهي فكرة شمولية بجدارة

وقد خاول الصادق المهدي؛
ان يبني هذا الحزب الجامع؛
في مؤتمر القوي الحديثة في الستينات؛
وفي الجبهة الوطنية في السبعينات؛
والتي لم تحتوي بيانات حركاتها الاكثر جدية ؛
واقصد حركة حسن حسين في 1975
وحركة محمد نور سعد في 1976؛
عن كلمة واحدة تتعرض لاعادة التعددية الحزبية؛
بل سعت كل منهما الي بناء سلطة الجبهة الوطنية؛
اي الحزب الشامل الجامع
اي شمولية الصادق المهدي

Post: #23
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 00:06 AM
Parent: #22

والصادق حينما صالح النميري
في عام 1977؛
فقد كان من حيثياته
اتفاقه مع مايو؛
علي فكرة الحزب الواحد الشامل الجامع

فانظروا الي الرجل الديمقراطي؛
كيف يتبني الشمولية؛
ثم لا يتراجع تماما عن ذلك الي اليوم ؛
او لا يقوم بالنقد الذاتي المطلوب؛
مما يشككنا في كل منهجيته الديمقراطية
وايمانه بالتعددية

Post: #24
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 00:20 AM
Parent: #23

ثالثا

التناقض ما بين الجمهورية البرلمانية؛
والتي اتت بالصادق للحكم ؛
المرة تلو الاخري
والجمهورية الرئاسية ؛
والتي اطاحت به من الحكم المرة بعد الاخري

قالصادق الذي يزعم انه صاحب حوب الاغلبية؛
يسلق النظام البرلماني بالسنة حداد
ويدعو المرة تلو الاخري الي الجمهورية الرئاسية؛
والي سلطات رئاسية؛
والي تفويضات مطلقة

وكانما نسي الرجل؛
ان ما بيده من السلطات؛
كان يفوق سلطات عشرات من الرؤوساء
وكانما لم يكفيه ان يكون رئيس وزراء ووزير دفاع في آن
وكانما عمي هو عن الالام التي سببتها الجمهورية الرئاسية في السودان

في عهد هبود
وفي عهد مايو
وفي عهد الانقاذ

وكانما جهل الرجل انه في ظروف التعددية العرقية والثقفافية والدينية؛
فان الجمهورية الرئاسية تنبئ بالفشل والمركزية المفرطة وتاجيج الصراعات

ولا نحسب الرجل قد نسي ؛ او عمي ؛ او جهل
فلماذا هذا الاتجاه الغريب؟

Post: #25
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 00:33 AM
Parent: #24

الاجابة هي الفشل
والتهرب من المسؤولية

فالرجل لما فشل في الحكم
المرة تلو الاخري
تحت ظلال النظام البرلماني النيابي كرئيس للوزراء
لم يرجع البصر كرة ولا كرتين
ليري اين ارتكب الاخطاء؛
وليتحمل مسؤوليته
عن هذه الاخطاء
وعن الفشل

بل وجد كبش الفداء ؛
في النظام الذي اتي به الي الحكم ؛
وبحث عن العلاج ليس في اصلاح نفسه وحزبه وبرنامجه وممارساته
وتصوراته للسودان ولدوره الشخصي الخ الخ
بل في الاتيان بنظام رئاسي ؛
وكانما النظام الرئاسي قد اتي لنا بخير
علي يد النميري ؛ والبشير ؛ وعبود

Post: #26
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 00:48 AM
Parent: #25

ولا يعني ما كتبت اعلاه
ادانه مطلقة للنظام الرئاسي -الديمقراطي-
ولا قفلا لباب النقاش حول اي النظامين؛
في اطار الديمقراطية
النيابي -البرلماني
ام الجمهوري -الرئاسي
اصلح للسودان

ولكني اعني؛
ان حديث الصادق عن افضلية النظام الرئاسي؛
انما هو تهرب من اس المشكلة
ومن اسباب الازمة الحقيقية ؛
ودوره فيها
الي قضايا انصرافية شكلية عن طبيعة النظام
رئاسيا ام برلمانيا

Post: #27
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 00:51 AM
Parent: #26

ولو وجد الرجل علي قمة نظام رئاسي
بحزبه الجامع الشامل الواحد
لفشل فشلا ذريعا

Post: #39
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:15 AM
Parent: #27

نواصل اليوم ما بدانا ؛ بعد انقطاع

ونري لزاما ان نشرك بعض القراء ؛ في محتويات المقال الهادف ؛ للاستاذ ابكر ادم اسماعيل؛ بعنوان:
قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة
الصادق المهدي في آخر تجلياته


والكتوب قبل بضعة سنوات ؛ وذلك لما فيه من تحليل قيم ل"فكر " "الامام"؛
ويبتدر استاذ ابكر مقاله بمقوله لبيار ابي صعب ؛ حول دور المثقف ؛ حيث يكتب
موضحا حجم المسالة:



حجم المسألة:

"أن تكون مثقفاً معناه أن تتخلى عن امتيازاتك وطمأنينتك، كي تشهد للحق. المثقف هو الضمير الحي، حين يستقيل الآخرون ولا يعود للقيم من يدافع عنها..."

بيار أبي صعب


نواصل

Post: #40
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:23 AM
Parent: #39

يقول استاذ ابكر في مقدمة مقاله:
------

تهدف هذه الورقة إلى تقديم قراءة نقدية لخطاب المهدية الجديدة، الذي هو خطاب الصادق المهدي، وفي آخر تجلياته، كتاب العودة، الذي صدر مؤخراً، وقامت جريدة الحياة بنشره مسلسلا في أكثر من عشر حلقات، وفي توقيت متوافق مع تحركات الصادق المهدي لدرجة قادت بعض الناس إلى إطلاق إشاعات حول تواطؤ تم بينه وبين الجريدة. ومهما يكن من أمر، فهذا جزء من طرائق عمل أجهزة الإعلام العربية في التعامل مع الشأن السوداني، الذي يعتبره البعض انحيازا تقليديا لخطاب المركزية ذات التوجهات الإسلاموعربية.

على أية حال، فكتاب العودة، هو في رأينا تلخيص لعناصر الخطاب المهدوي الجديد. وهو في الواقع شكل من أشكال الترحُّل النصي لمقولات سابقة، إذ أننا وجدنا أن أغلب المقولات الرئيسية هي إعادة إنتاج لأفكار الصادق المهدي السابقة، وكتابه "تحديات التسعينات" بالخصوص.

ولأن الكتاب لم يقم على منهج واضح في تسلسل موضوعاته، وهو أقرب إلى الجالوص منه إلى العمارة، وتكثر فيه التكرارات، وخاصة المقولات المنفستوهاتية، لذلك، فإننا سنحاول الإمساك بالأفكار الجوهرية والمقولات المفصلية (النمطية) والعناصر الأساسية، ومن ثم تفكيك كل منها وإرجاعه إلى حقله الفكري الأيديولوجي، وأساسه الموضوعي ـ الإجتماعي التاريخي؛ أي أن نقدنا يقوم على منهج وصفي تحليلي.

Post: #41
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:25 AM
Parent: #40

ويواصل
-------

من ملاحظاتنا، أن الصادق المهدي قد زين خطابه بمقولات تصور الأشياء بشكل لا يتسق مع واقعها في كثير من الأحيان، وعلى أساس هذه الصور، استلف المنفستوهات الطافحة فوق الأزمة السودانية وألحقها بآليات، فصلها مثل "قمصان عامر" وألبس كل عامر قميصه (وعامر هنا موديل صوري قابل للتغيير باستمرار حسب ما رغبة الصادق المهدي وما يقتضيه التكتيك). وحتى أن المهتمين والمراقبين بدأوا يتساءلون من فرط (عقلانية) "الأطروحة": إذا كان الأمر كذلك، فما هي المشكلة إذن؟

طبعا الصادق المهدي شخص ذكي، ولديه القدرة على (اصطناع) المنطق الشكلي في حلبة اللامنطق (السياسة السودانية). ولما للأمر من أهمية قصوى تتعلق بمصير ومستقبل شعب في لحظات فارقة، فإننا ـ كما كنا دائما ـ نسعى إلى تفحض دقيق لهذا (المنطق)، إنطلاقا من شكنا المنهجي في المقولات السياسية عامة، ولمفارقة هذا (المنطق) وتلك (العقلانية) للواقع. وبالتالي ليس أمامنا إلا إعادة النظر في الخطاب بالاحتكام إلى السيرورات التاريخية، وإرجاع المقولات إلى منطلقاتها ودوافعها؛ المصالح والرغبات التي تحركها، أهدافها وغاياتها، ومواقع قائليها في حلبة الصراع. هذا لأننا نسلم بأن أي خطاب هو في الواقع تعبير عن أيديولوجيا وأي أيديولوجيا هي بالمقام الأول تبرير مصالح (مادية أومعنوية أو الإثنين معا) في حلبة الصراع التي هي (بنية/بنيات اجتماعية محددة).

Post: #42
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:26 AM
Parent: #41

ثم يختم المقدمة بالقول:

---------

ملاحظة أخرى، أن الخطاب المعني هنا، قد شُيّد ليشمل مجالات تأثير متعددة ومتباينة، لأنه في الأساس خطاب سياسي يعتمد على الاعتقادات أكثر من اعتماده على البراهين، ويعتمد أيضا على أساليب اللعب على المجاهيل والغوامض؛ فستقوم استراتيجيتنا في هذه الورقة على تقديم مقارابات نظرية وتعريفات وتحديد لبعض المصطلحات الضرورية، وأيضا على مقاربات تاريخية نتسلح بها وعلى أساسها نتفحص مقولات الخطاب المعني بالنقد.

Post: #43
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:36 AM
Parent: #42

وبعد ان يورد الاستاذ ابكر جملة من التعريفات والمصطلحات الغنية ؛وبعد قراءات لتاريخ السودان وللثورة المهدية ؛ ولم كانت مهدية ؛ وبعد ان يشرح بنية الصراع في السودان؛ يذهب الي تحليل المهدية الجديدة؛ فيكتب ضمن ما يكتب:

--------
المهدية الجديدة؛ مشروع الصادق المهدي الأيديولوجي:

المهدية الجديدة هي تأسيس على البناء الذي أقامه الجد عبد الرحمن المهدي، الذي يسميه الصادق: الدعوة الثانية، وآخرون، المهدية الثانية. وهو بناء يتكون من:

1/ كيان الأنصار كمؤسسة دينية مرتبة بشكل هرمي يقوم على أساس قرابي باصطفاف الناس في قبائل تحت الشيوخ، واصطفاف الشيوخ تحت الوكلاء. ويتم التواصل مع قمة الهرم (الإمام والعشيرة المهدية) عبر المناديب، وهم مبعوثون دوريون إلى الوكلاء والقبائل. وقد تم ويتم استثمار (الراتب) وخاصية الوراثة كرأس مال رمزي ومحاور للتماسك العاطفي الضروري لعمل الأيديولوجيا، ومن ثم التحريك السياسي (الإشارة). والواقع أن كيان الأنصار هو كيان طائفي ـ ديني محافظ أشبه بالفيدرالية الإثنية منه إلى أي شيء آخر ويعيد إنتاج نفسه من خلال إعادة إنتاج علاقات القرابة والجهل كآليات تسمح للوعي الأسطوري بالإستمرار في إعادة إنتاج نفسه، ومن ثم التغطية على التناقضات الموضوعية في الحياة الاجتماعية بـ"الوعي المزيف". وعلى أية حال، فقد أثبت هذا الكيان عدم قدرته على التمدد في مجالات مستنيرة نسبياً.

2/ حزب الأمة: كمؤسسة سياسية هو في الواقع كيان الأنصار مطعما ببعض المثقفين/الأفندية، ومعظمهم من الإنتهازيين الذين يقايضون الطائفة بمؤهلاتهم لتقوم بتوصيلهم إلى قمة الهرم السياسي/الإجتماعي/الاقتصادي.

3/ دائرة المهدي: كمؤسسة اقتصادية، هي مؤسسة تمثل شكل من أشكال الإقطاع السوداني. إذ تقوم علاقات الإنتاج بين (السيد) و(الأتباع) على نمط (خليط من القنانة والعبودية)، فـ(الأتباع/الأقنان/العبيد) يقومون بالعمل الإنتاجي، وتكون الملكية (وسائل الإنتاج) للسيد؛ مالك الأرض وما عليها من موارد، على أن (يعلفهم) بالحد الأدنى من المعيشة مادياً و(يرعاهم) (روحياً): يعدهم بالجنة. وهذا من جانب آخر مثال واضح لنمط الأقتصاد الريعي العشائري ذي القاعدة العبودية الذي لم يتغير في جوهره حتى الآن.




Post: #44
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:39 AM
Parent: #43

ولان المهدية الجديدة مرتبطة عند مؤسسها عبدالرحمن المهدي؛ وخلفه الصادق المهدي؛ بالثروة وليس بالثورة؛فان ابكر يمضي للتحليل واجراء الحفر حول حول هذه النقطة ؛ فيكتب:
--------

أركيولوجيا الثروة:

مات الإمام المهدي، ولم يكن (يملك) ـ تقريبا ـ إلا سيفه الذي قدمه (السيد) عبد الرحمن المهدي للملك جورج ملك بريطانيا عدو المهدي الأول عربونا للولاء والإخلاص[18]. والمعروف ـ أيضا ـ أن الإمام المهدي، كان نجارا يأكل من عمل يده عملا بالحديث الشريف: "ما أكل ابن آدم قط طعاما خيرا من عمل يده".

وحتى عهد الخليفة، يقر (السيد) عبد الرحمن المهدي قائلاً: "لم يكن ما لدينا من مأكل وملبس يفوق شيء مما لدى عامة الأنصار..."[19]، ولكن في أيام الحكم الإنجليزي، تبدل الحال. إذ كان "أول المستفيدين من سياسات الحكم الإنجليزي هو السيد عبد الرحمن المهدي... ]فقد[ منحته الحكومة مقاولة تجهيز أخشاب لخزان سنار الذي شُيّد لري مشروع الجزيرة. ومن خلال استثمار رأس المال الذي كسبه ]من عمل الأتباع[ من هذه العملية وضع الأساس لنشاطه الاقتصادي الواسع إنطلاقا من زراعة القطن في جزيرة أبا... وبالإضافة إلى هذه الجزيرة وأراضيها الواسعة في النيل الأبيض ـ ]التي استولى على جزء منها من الأهالي وحولها إلى ملكيته بتواطؤ مع الحكومة الإنجليزية. المذكرات:18: 56[، كان السيد عبد الرحمن يملك مشاريع أخرى مولتها الحكومة بتكلفة بلغت 28000 جنيه... وفي الجزيرة نفسها بلغت مساحة الأراضي التي كان يديرها في 1931م حوالي 9600 فدانا.

Post: #45
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:40 AM
Parent: #44

ويواصل:
--------

وبالإضافة للأرباح الكبيرة التي حققتها له الزراعة، علينا أن نضيف الزكاة، التي كان يجمعها من الأنصار منذ سنة 1919م سنويا وكذلك الهدايا التي كان يقدمها له أثرياء الأنصار. وهكذا أصبح السيد عبد الرحمن في عام 1935م من أبرز أغنياء السودان بكل المقاييس. وفي حالة السيد عبد الرحمن لم ينحصر الدعم في المشاريع الزراعية والمساعدات المالية فقط... ولكن الفنيين الزراعيين والمهندسين التابعين للحكومة قدموا له مساعدات كبيرة في تخطيط القنوات واستغلال الأراضي وتركيب الطلمبات. وهكذا، من خلال مثل هذه الأساليب قامت الدولة الكلونيالية بمساعدة السيد عبد الرحمن في بناء قاعدته الاقتصادية ليقود المهدية التي ورثها عن أبيه إلى طور جديد. هذه (المهدية الجديدة) أكدت قدرتها على قيادة جموع الأنصار، ولكنها كانت مجردة كلية من محتوى المهدية الأصيل المعادي للكلونيالية. وفي هذا الخصوص يشير نقد الله إلى القصص الشعبية التي تقول إن السيد عبد الرحمن استطاع تنظيف أراضي الجزيرة أبا من الأشجار وزراعتها عن طريق استخدام الأنصار، الذين كان يقول لهم أن كل واحد منهم يقطع الأشجار من شبر من الأرض ويزرعه سيعوضه الله نفس المساحة في الجنة..."[20].

Post: #46
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:41 AM
Parent: #45

ولكن ما علاقة ذلك بالصادق المهدي؟ يوضح لنا الامر استاذ ابكر حين يقول:
--------

ورث الصادق المهدي هذا البناء، وهو يجلس الآن على قمته، يأكل من ريعه، ويلعب البولو ويترفه، ثم يأتي لـ(يحجِّي) الناس عن (العدالة، الديمقراطية، الشمولية، والشمولية الإثنية... إلخ). وبالإضافة لكل ذلك، من هو الصادق المهدي؛ منتج الخطاب؟ فبناءاً على تأكيدات إريك فروم، وطالما أن الأيديولوجيات ـ في جانب من جوانبها ـ عبارة عن (رغبات) وبنى (لاواعية) (نزعات)، وهذه من محدداتها: الوضع والتربية، فلنتفحص منتج الخطاب حتى لا تتأشكل علينا تداخلات النزعات والبنى اللاواعية في ما سيأتي:

Post: #47
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:43 AM
Parent: #46

وهنا ناتي الي بيت القصيد ؛ حيث يشرح لنا ابكر من هو حقيقة الصادق المهدي ؛ فيكتب:

------

منتج الخطاب:

خلفيات النزعة التنظيروية التجريدوية:

ولد الصادق المهدي عام 1936م، في كنف العشيرة المقدسة، تحت جناح جده عبد الرحمن المهدي لحظة بلوغه قمة الوجاهة الاجتماعية/الاقتصادية ـ وهو طبعا يملك الدينية ـ وبروز طموحه في "القيادة السياسية للمثقفين" (المذكرات:18: 13) ومن ثم السعي "بالتدريج للوصول إلى سودان مستقل تكون له ولأسرته فيه السلطة السياسية الكاملة" (نفس المرجع: ص17). وكان من المفهوم أن يتم إعداد الصادق لمهام الوراثة. و(السيد) عبد الرحمن يعرف جيدا مفاتيح المستقبل. وفي رحلة الإعداد هذه تم زرع الرغبات والحاجات الإضافية إلى رغبات وغرائز ومصالح من هم عاديين من الناس. فإبن العشيرة (سيد) منذ ميلاده، زعيم في طور التكوين، يأمر فيطاع، يشير إلى أي شيء فيصبح ملكه (بوضع الإشارة، على وزن وضع اليد ـ ذلك القانون الذي تم بواسطته الاستيلاء على الكثير من أراضي شعب السودان)، هو لا يلعب سكّج بكّج مع (رفاقه ـ إن جاز التعبير) في المدرسة أو الحي! فهم يعملون له ألف حساب، لأنهم يعرفون وضعهم (الطبقي) من هذا (السيد) (المقدس)! وهو أيضا يشعر بذلك، وربما يدركه.

Post: #48
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:44 AM
Parent: #47

ويواصل :

---------

كان متفوقا في (حفظ الكتب والنظريات)، فسار في الطريق إلى الحد اللازم للمهمة التي (خُلق) من أجلها: أن يحكم الناس. قبل سنين الدراسة، وأثنائها، وبعدها، لم يعمل أي عمل سوى رئيس حزب، ولما بلغ الثلاثين من عمره، عمل رئيس وزراء. ولهذه أناخ أخطر رجال الدولة السودانيين (المحجوب)؛ وبانت بعض خصائصه للناس:

أ/ معرفته بالواقع (بُرجعاجية ـ بتعبير صحافة الديمقراطية الثالثة)، (فهو يعرف سكج بكج، ولكن من مشاهدة الملازمين (الخدم) لها أو من حكاية حكاها له أحدهم؛ وسياحية على شاكلة: "بعد تخرجي من الجامعة في بريطانيا أحسست بالغربة التي اتصلت أثناء سنين التعليم لدرجة آليت على نفسى ألا أغادر السودان مرة ثانية!... كان هذا عام 1958م. وصح هذا العزم لنحو عشر سنوات بقيت أثناءها داخل السودان مترحلا داخله إلى أن طفته مرتين"[21] ثم بعد ذلك إنضافت إلى وسائل المعرفة بـ(الواقع) التقاريروية الحزبية، على شاكلة (دراسة وتوصيات الورشة زودتني بمادة استفدت منها وكتبت ورقة بعنوان: ... إلخ)، وليست المعرفة السياحية والتقاريروية عيبا في حد ذاتها، ولكن العيب في اعتماد أن تكون هي المصدر الأساس ويُظن بأنها أو يتخذ منها الطريقة المثلى (أو على الأقل الكافية) للمعرفة بـ(الواقع)؛ وهو في ذلك ضحية وضعه، فلسوء حظه أن المعايشة وإحساس المساواة المتبادل هو شرط أساسي من شروط المعرفة الحقيقية بالناس. وهذه مشكلة الرؤساء الأزلية، فحتى (أبناء التراب) عندما يصيرون رؤساء ينفصمون عن الواقع.. فما بال الذي ولد رئيساً!). ولكن مشكلة الصادق المهدي لا تتوقف عند هذا الحد.

Post: #49
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:45 AM
Parent: #48

ويزيد :

--------

ب/ تعامله مع الأفكار يتم بطريقة تجار الملجة: أولاً؛ حسب المواسم وحسب "الماشي في السوق"، وهو في الغالب لا يعنى كثيرا بطريقة الإنتاج ولا بالفائدة للناس، وإنما بما سيكسبه في ملجة السياسة السودانية. في الستينات، أيام المد الإشتراكي والإبداع الرأسمالي، خرج الصادق المهدي على الناس بدعوى السندكالية (Syndicalism) وهي مذهب أنتجه البعض في الغرب الرأسمالي: ويعرّف بأنه مذهب ثوري يسيطر العمال بموجبه على الاقتصاد والحكم عن طريق الإضراب العام، أو هي ـ السندكالية ـ نظام اقتصادي يملك فيه العمال مختلف الصناعات ويديرون شئونها، أما المعنى الثالث، ونرجح أن هذا ما كان يقصده الصادق المهدي؛ أنها نظرية في الحكم مبنية على قاعدة التمثيل النقابي، لا على قاعدة التمثيل الإقليمي/الجغرافي. الصادق المهدي يدعو إلى هذه النظرية ولكنه لم يسأل نفسه ـ والغريبة لم يسأله أحد في ذلك الوقت! ـ عن أي نقابة سيرأس حتى يصبح رئيسا للوزارة؟ لأنه حتى ذلك الوقت لم يسمع أحد أنه له عملا (أو ينويه) غير رئيس حزب أو رئيس وزراء، وحتى ذلك الحين لم يسمع الناس بنقابة إسمها "نقابة رؤساء الأحزاب" أو "نقابة رؤساء الوزراء"، أضف إلى ذلك استهلاكه الراهن لمصطلحات مثل التنمية المستدامة (Sustained Development) والديمقراطية المستدامة.. إلخ.

Post: #50
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:46 AM
Parent: #49

ثم يفضح المخبؤ:
-------

ج/ موقعه الأيديولوجي:

يقول د. منصور خالد: "لا يعد الصادق المهدي مجرد عضو نمطي ضمن الصفوة الشمالية، بل نموذجها الأصيل. وبما أن هذه الصفوة الشمالية ظلت مقتنعة بسموها وتفوقها الإثني، الثقافي، وبالفضيلة الكامنة فيها، فإنها بذلك لا تشعر بوخذ الضمير في سلوكها بفرض نفسها وصيا وموجها للآخرين..."[22] وتتجلى هذه الوصائية في كثافة استعمال الصادق المهدي لكلمة "ينبغي". وبالرغم من اتضاح ملامح الشخصية الاسبدادية في ممارسته القائمة: الإمساك بزمام كل شيء، فهو المفكر، رئيس الحزب والإمام والناطق الرسمي لدرجة أنه يطابق شخصه بـ"الحزب" ـ وهذه حقيقة يحاول إنكارها دوما بإدعاءات التجديد والاهتمام المستمر بالهيكلات، إلا أن الإعتراف يغافله في مقولاته: ففي صفحة 134 من كتاب العودة، يقول أن "أحد المواطنين... كتب في جريدة الخرطوم... يدعو لمنهج علمي لتقويم القادة والزعماء، واقترح المقاييس الآتية ]وأورد المقاييس العشرة ثم قال[ بهذه المقاييس ينال حزب الأمة تقديرا إيجابيا" بالرغم من أن المقاييس المفترضة لا تتكلم عن الأحزاب وإنما عن الزعماء، ولكنه يطابق بين الحزب والزعيم (وهذا ما هو حاصل في حزب الأمة بالفعل في الوقت الراهن).

وكل هذا على بعضه، قد يساهم في إضاءة الجوانب المتعلقة بالسيكولوجية/النزعة التنظيروية التجريدوية التي يلاحظها الناس في خطاب الصادق المهدي.

Post: #51
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:47 AM
Parent: #50

ثم ينتقد ما يسمي ب"فكر" الصادق المهدي؛ كما وضح في كتاب العودة:

---------



نقد الخطاب:

أ/ القضية الفكرية:

1ـ التأصيل والتحديث:

في الفصل العاشر، تحت عنوان البطاقة الفكرية لحزب الأمة، يلخص الصادق المهدي ملفاته الفكرية، وفي مقدمتها قضية التأصيل والتحديث. وتحدث عن التأصيل وقسمه إلى "تاصيل منكفئ" و"تأصيل مستنير"، وعرفهما باختصار، ولكنه سكت عن "التحديث"! لماذا يا ترى؟ هناك احتمالات عدة:

ـ أن يكون الصادق المهدي قد نسي الموضوع.

ـ أن يكون ظن أن التحديث هو التأصيل المستنير؛ أي أنهما مترادفان (Synonyms).

ـ أن يكون اكتشف تناقضا جوهريا بين مفوهم التحديث والتأصيل (يشوشر) على خطابه التأصيلي، فسكت.

ـ أو يكون لدى الصادق المهدي قصورا معرفيا بالتحديث والحداثة.

ولقد قمنا بالبحث والإستقصاء في كتاباته السابقة علنا نعثر على إضاءة ما، وفي الفصل الثامن من كتابه "تحديات التسعينات" ـ ذي الطابع (الفكري) ـ عثرنا على بعض التفاصيل الإضافية التي يمكن إدراجها في سياق ما أسماه بالتأصيل المنكفئ والتأصيل المستنير ضمن المحاولات الشكلانية في سبيل (نسف) العلمانية. وعلى أساس النتائج التي توصل إليها خط "نهج الصحوة أو النهج التجديدي"[23]. ويمكن أن نفهم من هذه المحاولات موقفه الضمني من "التحديث".

Post: #52
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:49 AM
Parent: #51

وهاكم زهرة؛ من حديقة الاستاذ ابكر ؛ مهداة الي مدعي الحداثة والتحديث ؛ من المطبلين للصادق المهدي؛ عساهم يفقهوا شيئا مما يرددون :

-------

ومهما يكن من أمر، فإن هناك حقيقة هي؛ أننا لا نتكلم في فراغ تاريخي، والتحديث ـModernization ـ في السياق التاريخي الراهن، سواء بالمنظور الجدلي، أو بالمنظور البنيوي، هو فعل الحداثة ـ Modernity ـ التي هي الأساس الفلسفي/النظري القائم على قواعد أهمها:

1/ مشروعية الإبتكار/ الإبداع/ الخلق، ومن ثم اتخاذ المستقبل معياراً والتوجه إليه هو الدافع.

2/ العلمانية: بمعنى اعتماد نسبية المعايير على مستوى المعرفة والممارسة الإجتماعية، والقطيعة (بالمعنى العلمي/التاريخي/النسبي) مع البنى الفكرية الأسطورية والدينية الإطلاقية ـ أي جعلها مقيسة وليست مقياساً. ومن ثم القطيعة مع مشروعية الأسلاف وبناهم الإجتماعية، أي جعلها موضوعا للتحويل بمعايير المستقبل.

وبهذا المعنى، فإن التحديث لا يعني التأصيل (الرجوع إلى أصل) المستنير بأي حال من الأحوال، بل هو النقيض البنيوي له ولأي تأصيل آخر. وإذا اكتفى الصادق المهدي بـ"التجديد" كان سيكون متسقا أكثر مع أسس خطابه الفكري، فالتجديد هو باختصار "إضافة عناصر أخرى إلى نفس البنية (الأصل) وبشروطها؛ وبالمعنى المبتسر جداً: تغيير شبابيك وطلاء الجالوص.. إلخ. بينما التحديث هو تفكيك بنية قديمة (الأصل) وإعادة إنتاجها في بنية جديدة مقترحة (أكثر تقدما) وبشروط البنية الجديدة. وبالمعنى المبتسر: إقامة عمارة مكان الجالوص.

Post: #53
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:51 AM
Parent: #52

وزهرة اخري لنفس المدعين ؛ اذا لم تكن الاولي فواحة لدرجة كافية :

--------

غير أن الشيء المهم هنا هو أن "الحداثة" كمعطى تاريخي، هي المرجعية الفلسفية للأفكار (العزيزة) التي (يدعيها بالمجان) خطاب التأصيل المستنير، وهي؛ الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتعددية، ..إلخ إلخ، التي هي نتاج سيرورة الحداثة التاريخية. ولم تستمد مشروعيتها لا من البنى الفكرية للأسلاف (الأصل) ـ البنى الفكرية الأسطورية والدينية الإطلاقية، ولا من البنى الإجتماعية لهؤلاء الأسلاف (الأصل) ـ العشائر الأبوية الاستبدادية، بل هي نتاج كفاح ضد هذه البنى، وأن ما تحتله من حيز هو مقدار ما هدمته من هذه البنى وهي لا تتقدم في الفراغ، وإنما على حساب هذه البنى نفسها.

Post: #54
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:52 AM
Parent: #53

ويمضي قدما الي نقد عقلية سوق الملجة ؛ في التعامل مع الافكار:

-------------

أما دعوى "التنوع البشري الخلاّق" التي أطلقتها اليونيسكو، وأخذها الصادق المهدي ليحاجج بها حول (بديهة) أهمية مراعاة الإنتماء الديني، فهي في الأساس صادرة من موقع العقلانية، وتنتمي للحقل الفكري للحداثة والعلمانية، إعمالا لمبدأ النسبية الذي يسلم بعدم نفي الآخر وإنما "تحديده" ومبدأ مساواة الخصوصيات (ومنها الدينية) كشخصيات اعتبارية أمام الدولة أو الجهاز المسيطر الذي يشمل بأحكامه الجميع و"يطالب باحتكار العنف الفيزيائي والرمزي" ويفترض فيه الحياد ـ وهذا المبدأ يتكلم عن الأديان بشكل عام وليس الإسلام أو الأديان السماوية أو ما يسميه فقهاء الدساتير السودانية "كريم المعتقدات" فحسب، وإنما تسلّم بالمساواة المبدئية بين "اللاة" و"الله"، و"المهدي" و"الكجور". ولا نحسب أن الصادق المهدي صادق في (إيمانه) بمبدأ "التنوع البشري الخلاق"، فهذا مجرد تجلٍّ لطريقة تجار الملجة.

وعلى أساس هذا التحليل، يصبح ما أسماه الصادق المهدي بـ"الموقف الصحيح"، وهو فعلا موقف صحيح، بالنسبة لقضية الدين والدولة، المستمد من مطالب العلمانيين وغير المسلمين في السودان، ومنفستو "اليونيسكو"، لا علاقة له به وإنما هو مجرد "كلام منفستوهات" على وزن "كلام جرايد"، والعلاقة بين الصادق المهدي و"الموقف الصحيح" علاقة غير حقيقية، لأنه يستعمل هذا الأخير هنا منبتاً عن سياق بنيته الفكرية وغاياته السياسية.


Post: #55
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:54 AM
Parent: #54

ويعرج علي قضية الديمقراطية ؛ في تحليل ليس بالخمج ؛ فاضحا لتدليس الصادق المهدي ؛ ومن يلهجون بالحديث عن فكره ؛ وما هو بفكر ؛ وانما رص للكلام في سوق الملجه:

---------



2/ قضية الديمقراطية:

لا نظن أن أحداً قد استعمل كلمة الديمقراطية وأدعى (إنتسابها إليه؛ فهو الأصل طبعا!) مثلما فعل الصادق المهدي، الذي يقرر أن: "الفرق الأساسي ]بين الديمقراطية والشورى[ هو وجود أو غياب مؤسسات" (العودة:146)، على أساس أن "الشورى قيمة إيمانية غير مصحوبة بمؤسسات... أما الديمقراطية فقد بلورت مؤسسات" (نفسه:146)، وهو يبدو متأكدا هكذا، وقاطعاً، حتى أنه لم (يتحرفن) ويقول مثلاً: (أهم الفوارق) أو (أحد الفروقات الأساسية)، فهل صحيح أن الفرق الأساسي ـ لاحظ الأساسي هذه ـ هو وجود أو غياب مؤسسات؟؟

للإجابة على هذا السؤال، لابد أولا من تعريف المؤسسة، وهي ببساطة، وحسب القاموس:

Institution is:

… long-established custom, practice, group, etc. e.g. marriage is a sacred institution


Post: #56
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 07:56 AM
Parent: #55

ويضيف:

------

أي هي عادة، ممارسة أو جمعية راسخة. هكذا بكل بساطة. ومجلس العشيرة، أو مجلس القبيلة، أو أهل الحل والعقد أو مجلس الشورى، كل هذه أشكال قائمة لمؤسسات الشورى، بل يذهب هاني الدرديري في رسالته العلمية التي نشرها بعنوان "نظام الشورى الإسلامي مقارنا بالديمقراطية النيابية المعاصرة" إلى ما معناه أن الدولة في الحضارة الإسلامية هي مؤسسة الشورى ـ بغض النظر عن التجاوزات التي حدثت. (الدرديري،1991، بدون عنوان ناشر). والشورى ـ عموماً ـ ليست مجرد "قيمة إيمانية" كما يقرر الصادق المهدي، بل هي في جوهرها ممارسة تاريخية ملازمة لبنية إجتماعية معينة هي "بنية العشيرة الأبوية الاسبتدادية" بغض النظر عن (الدين الذي تتبناه هذه العشيرة المحددة)، وهي بالنسبة للإسلام ممارسة مستصحبة في الأساس، مع بعض التعديلات التي اقتضاها الاستصحاب، من الجاهلية. إذن، هذا ليس أساس الاختلاف أو التناقض في رأينا. ولتقصي تفاصيل القضية فلنستمع إلى شهادة د. حيدر إبراهيم: "ارتبط مفهوم الديمقراطية مع فكرة الشورى في الفكر الإسلامي المعاصر ضمن محاولات التجديد والمعاصرة، ولكن هذه المحاولة تدخل في إشكالية أساسية تنعكس على كل المجهودات التأصيلية والاجتهادات، خاصة حين يسعى المفكرون والمنظرون الإسلاميون عموما إلى إستخدام أدوات ومناهج إسلامية أصولية.

فالرجوع إلى القياس أو الرأي أو الاستصحاب، لا يحل التناقض، لأن مفهومي الديمقراطية والشورى ينتميان إلى بنيتين فكريتين مختلفتين، ولهما عناصر وجزئيات ومكونات مختلفة ومتباينة، وتطورت ضمن سيرورات تاريخية وظروف اجتماعية مختلفة تماما، لذلك يظل إنتزاع مفهوم من سياق بنيته الفكرية عملية معقدة، وفي بعض الأحيان تضر بالإثنين، إذ يفرغ من مضمونه الأصلي، وفي نفس الوقت يصعب دمجه أو تمثيله في البنية الأخرى. ونعتمد هنا على التعريف الأنثروبولوجي الذي يقول بأنه لابد للبنية أو الهيكل من أن يكون نظاما، أي تراص العناصر، بحيث يكون كل تغير في عنصر ما تغيرا في كل العناصر الأخرى"[24].

Post: #57
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:01 AM
Parent: #56

ويقول ؛ ما يصلح ردا علي المحتفين بالمسرحية الهزلية ؛ المسماة مؤتمر حزب الامة ؛ والتي اصدعونا بها:

--------

وبالرغم من ذلك، فالصادق المهدي لا يقر بوجود تناقض في الأسس النظرية بين الشورى والديمقراطية، وهو على هذا الأساس يقول "إننا ندعو للديمقراطية ونعتقد أن كل التوجيه المطلوب والتوازن المراد يمكن أن يضما في ميثاق وطني ملزم للجميع في نصوص الدستور الملزمة" وعلى أساس "التأصيل المستنير" الذي ينسفه هذا التحليل، فالديمقراطية عند الصادق المهدي "ينبغي أن تؤصل اجتماعيا وثقافيا لتلائم ظروفنا، لتصبح متجذرة في حياتنا السياسية" (العودة:14

وهو هكذا يتبنى الأجراء المقلوب، فبدلا من أن نوفق أوضاعنا الاجتماعية والثقافية وظروفنا لتتلاءم مع الديمقراطية (أي نقوم بتحديث أنفسنا بالقيام بتحولات جذرية في المجتمع) ـ لأن المشكلة في (أوضاعنا) وليست في الديمقراطية، (يؤصلها) الصادق المهدي! وإذا تأصلت الديمقراطية وتلاءمت مع ظروفنا (بنية العشيرة الأبوية الاستبدادية) فإنها بالتأكيد لن يبقى من ديمقراطيتها شيء يذكر، إلا الهياكل بلا مضمون، وهو بالضبط ما يريده ويمارسه الصادق المهدي سواء في حزبه أو حينما يحكم السودان.

Post: #58
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:03 AM
Parent: #57

ثم يردف:
------

وبمثل هذا (المنطق) يرقد الحجر والبيضة في أمن وأمان! بعد أن تم تجريدهما من هويتهما؛ تجريد الديمقراطية من مضمونها وتحويلها إلى مجرد هياكل (تسمى مؤسسات) وإلباس (الأخت الشورى) بنطلون جينز للخروج بها إلى سوق العصر! وإخفاء التناقض، بالضبط كما يحدث في "حزب الأمة الجديد"!

وما ينطبق على الديمقراطية، ينطبق على أطروحة حقوق الإنسان بالكامل، ولا داعي للتكرار.

وإنطلاقا من هنا ـ الأسس الفكرية ـ يستمر الصادق المهدي في خلق الإلتباسات: ففي حديثه عن علاقة الدين بالدولة يرفض مبدأ فصل الدين عن الدولة/السياسة بحجة أن "الدين يدخل في الحياة، والسياسة جزء من الحياة. والمؤمن بدين لا يستطيع أن يستمر مؤمنا ويطرد دينه من حياته" وهذا شكل نموذجي للتلبيس! فأولا؛ لم يقل أحد في علاقة الدين بالدولة الديمقراطية بأن يطرد المؤمن دينه من حياته وإنما ألا يفرضه على حياة الآخرين. وثانياً، إذا كان الصادق المهدي يقر بأن السياسة (جزء) من الحياة، فلماذا لا يكون الدين ضمن أجزائها الأخرى؟ ولنحلل مقولته لنعرف كيف يصنع الالتباس:

Post: #59
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:05 AM
Parent: #58

1/ السياسة = جزء من الحياة (معادلة الحقيقة)

2/فصل الدين عن السياسة = طرد الدين من الحياة. (معادلة الإلتباس)

لأنه يجعل من:

3/ فصل = طرد (معادلة التلبيس)

4/ السياسة = الحياة (معادلة التناقض)

وضمن ألعوبة الألفاظ يتم إخفاء التناقض، ويقوم هو بإخفاء الإلتباس باستعمال متلازمة "ينبغي" فـ"المبدأ الذي ينبغي إقراره في هذا الصدد، أن المؤمن مهما استهدى بدينه ينبغي ألا يحاول إخضاع الآخرين له. وأن يحترم التعددية الدينية". هذا هو (المبدأ) العلماني، وهو صحيح ولم ينزل من السماء وإنما نشأ نتيجة سيرورات تاريخية وتجارب، وهو أساس التطبيقات في الدول العلمانية، والتجربة البشرية تقول أنه لم يتم تطبيق هذا المبدأ إلا حين تم فصل الدين عن الدولة/ السياسة.

Post: #60
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:05 AM
Parent: #59

ثم يقول:

------

ونحن نطالب الصادق المهدي بإيراد مثال واحد طُبّق فيه هذا المبدأ في الدول غير العلمانية، والإسلامية بالذات خلال القرون الأربعة عشر التي مرت وفي التجربة المعاصرة حتى يكون كلامه (موضوعيا) وقابلا للإقناع. أما الإتكال على "ينبغي" فلا يحل المعضلة، ثم قوله أن الدولة لا تستطيع أن تعمل وكأن الدين غير موجود.. ]و[ أنه لا يمكن إلغاء الوجود الحركي للدين في المجتمع" فهو تحصيل حاصل وتقرير بديهة، بل الدولة لابد أن تعمل على تحديد الدين في حدوده أولا، ومنع المتدينين من محاولة إخضاع الآخرين لأديانهم. وهنا تتجلى الذهنية الإطلاقية: فهو يفهم مسألة الفصل القائمة على مبادئ النسبية فهما دينياً مطلقا ويعبر عن هذا الفهم باستعمال كلمات مثل (طرد، إلغاء،..إلخ) هذا عوضا عن ما بهذا الإستعمال من شبهة استغلال سياسي لتهييج المشاعر.

Post: #61
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:07 AM
Parent: #60

ويتواصل النقد - الشرح ؛ للصادق المهدي والمفتونين به والمفتون بهم:

------

أما محاولته للاستدلال على "تدّين" أهم ثلاث دول علمانية، بالإشارة إلى كنكردات (عهود) الدولة الفرنسية مع الكنيسة الكاثوليكية، وظهور الصليب في العلم البريطاني، ووجود اللوبي اليهودي ووجود النص "توكلنا على الله" في الدولار، فهي من جانب تلغي إطلاقاته في (طرد، إلغاء، ..) ومن جانب آخر تؤكد أن من يتابع الشكلانية تفضي به إلى السذاجة. فالحقيقة أن الدين في هذه الدول المذكورة قد وُضِع في حدوده بفعل السيرورات التاريخية والتحولات الاجتماعية التي أدت إلى ترسيخ العلمنة وفصل الدين عن الدولة وتجاوز الأشكال الاستبدادية في أنظمة الحكم إلى غير ما رجعة، وأن الدين بعد هذا (التحديد) الطويل، سلّم وتحول إلى مواطن عادي ضمن مواطني الدولة وليس الدولة أو فوقها. وهذه قيمة لم يفهمها المنظرون الإسلاميون بعد. وأن هذه الأشكال/الأدوار الرمزية، مجال الدين الحقيقي، التي ذكرها الصادق المهدي تنتمي إلى حقيقة أخرى، هي أن (الدين)، في المجتمع البرجوازي/الرأسمالي، بالفعل، "بنية فوقية". وأن "البنية التحتية" التي هي علاقات الإنتاج هي المهيمنة في بنية الدولة، لذلك لا يستطيع الدين أبدا أن يدّعي أنه الدولة ـ فهو يعرف قدر نفسه جيداً.

Post: #62
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:08 AM
Parent: #61

وختام لهذه النقطة:
------

ومشكلة الفكر الإسلامي عموماً أنه لم يتم حتى الآن تشكل بنى إجتماعية قادرة على إعادة طرح (الإسلام) خارج سياق بنية العشيرة الأبوية الاستبدادية وعلاقات الإنتاج الريعية الخراجية. أي أن التنظير في هذا المجال يتكل على "ينبغي"، وحتى على مستوى "ينبغي" هذه، تظل المشكلة في السودان أن مسئولية الرفض تقع على عاتق الدين (المختار) الإسلام وعلى الثقافة المختارة الإسلاموعربية، وفي الإثنية المستعلية المسيطرة الإسلاموعروبية التي يمثل الصادق المهدي نموذجها الأصيل. فهي الجهة التي تناقض شروط "ينبغي" التي يحاول الصادق المهدي أن يقنعنا بها عن طريق التقريرية الإعتباطية. ثم يأتي بعد ذلك ويطالب أن لا يحاكم الإسلام والعروبة!

والسؤال هو: لماذا يحاكم الإسلام والعروبة في السودان؟ فبالإضافة لما ذكرنا سابقاً فالمحاكمة ليست فقط بسبب ممارسات الإنقاذ التي يريد الصادق المهدي أن يجعل منها كبش فداء، بل بسبب ممارسات الصادق المهدي وأسلافه أيضا. وثم أنه ليس فقط لأن الإسلام إسلام والعروبة عروبة، ولكن لأنهما ـ بكل بساطة ـ يحكمان الناس وبالقوة، وبالتالي، على الحاكم أن يتوقع المحاكمة من المحكومين. وهذه بديهة، فالناس في زامبيا أو نيكاراقوا لا يحاكمون الإسلام ولا العروبة. ولكن ـ من جانب آخر ـ فمستجدات العصر هي التي صارت تحاكم كل شيء.

Post: #63
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:11 AM
Parent: #62

وهل سمعتم الرجل الذي لم ياكل من عمل يده قط ؛
يتحدث عن التنمية ؛
بل يدعوها بالمستدامة ؛
كان التنمية يمكن ان تتوقف ؛
او تكون غير مستدامة ؟

بل هو اللعب بالالفاظ؛
واكل عقول الناس ؛
ومحاولة خدع البسطاء؛
ومدعي الحداثة ؛

والواقع يتحدث

فلنسمع نقد الاستاذ ابكر مرة اخري

Post: #64
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:14 AM
Parent: #63

ياتي ابكر لنقطة التنمية ؛ هذه التي لاكها الصادق حتي بكت الكلمة؛ من كونها لم تصبح عملا ؛ فلنري هنا تناقض النظري مع الواقعي

يكتب استاذ ابكر:

------



3/ قضية التنمية:

التنمية المستدامة:

يقدم الصادق المهد\ي تحت هذا العنوان طرحا جاء متماسكا نظريا في مجمله. والسبب في رأينا يرجع إلى تخليه عن أسلوب التلبيس الديني الذي ظل يمارسه في طرح القضايا الأخرى. وذلك ـ من ناحية أخرى ـ لسبب جوهري هو أن الصادق المهدي لا يسلم بوجود نظام إقتصادي إسلامي، فـ"على صعيد الاقتصاد: نزل الوحي بمبادئ عامة للاقتصاد مما لا يختلف عليه الناس مثل التعمير، والتكافل، ومنع الاستغلال وغيرها، ولا يوجد نظام إقتصادي بأجهزته وضوابطه لتحقيق هذه المبادئ ]

والحقيقة أنه يوجد نظام إقتصادي إسلامي هو أقتصاد الريع والخراج الذي ظل يمارس على مدى تاريخ (الحضارة الإسلامية)، ولا يزال، وإن إختلفت بعض عناصره، والصادق ينكره لأنه يجرد الإسلام من تاريخه، حين تقتضي الضرورة، أي أنه يجعل منه مجرد كائن إبستيمولوجي ويتعامل معه على هذا الأساس[، الأجهزة والضوابط، أي النظام الإقتصادي الذي يوافق مقاصد الشريعة ]إذا فُهمت بأنها المبادئ العامة التي نزل بها الوحي تصبح تقرير بديهة لا تخص الدين فحسب[ هو من وضع البشر"[25]. وكان بالتالي، أن وضع التنظير للتنمية في موضعه الصحيح، ولم يحشرها في التأصيل المستنير باعتبارها (كائنا وضعيا) بالجملة والتفصيل، ولم يفصلها بالتالي عن سياق البنية الفكرية الحديثة عموماً، والتنظير الحديث "الوضعي ـ العلماني" خصوصا، باعتبارها تحولا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

Post: #65
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:15 AM
Parent: #64

ثم يدلف للمستور

--------

ولكن إذا نظرنا إلى الجانب الآخر ـ العملي ـ تبرز تناقضات الصادق المهدي مع خطابه في الواقع. فنحن لا ننمي الفراغ، وإنما هناك واقع (أصل) قائم وبه إشكالات جمة (التخلف). والصادق المهدي يتناول بالنقد جزءا من هذه الإشكالات، وقد اكتفى بنقد أنظمة الحكم الشمولية، وإلقى باللوم على الأنظمة "الديمقراطية"، ولم يتطرق إلى البنى الإجتماعية الإقتصادية! وبالتأكيد، فالوصف والتشخيص الصحيحان للواقع يسوقان إلى المعالجات الصحيحة والتطبيقات الصحيحة للتنظيرات الصحيحة.

وكما ذكرنا سلفاً فإن الدولة السودانية هي وضعية تاريخية، وصفناها بأنها بنية مركز وهامش لمجتمعات ما قبل رأسمالية يسودها نمط العشيرة الأبوية الاستبدادية واقتصاد الريع العشائري على مستوى (الاقتصاد الجزئي) والخراج على المستوى (الاقتصاد الكلي) مع استمرار القاعدة العبودية في تقسيم العمل وعلاقات الإنتاج. والسبب في إخفاق الأنظمة "شمولية كانت أم ديمقراطية" في إقامة التنمية يرجع في الأساس إلى إشكالات هذه البنية الاجتماعية/الاقتصادية التي تتناقض مع التنمية، بل وتتجه سالبا في أغلب الأحيان، خاصة بعد اكتمال سيطرة العشائر الطائفية والصوفية والقبلية ـ المحافظة بطبيعتها ـ على جهاز الدولة وتحالفها مع البيروقراطية التي يقودها أبناه هذه العشائر.

Post: #66
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:16 AM
Parent: #65

ويمضي اعمق :

------

وتمتلك العشائر المذكورة وسائل الإنتاج وخاصة الأكثر تطورا، وتحرسها الأجهزة النظامية والبيروقراطية التي تكافئ نفسها بالغنى من الخراج (ريع الدولة) المسمى (الضرائب) التي تؤخذ من المواطنين ولا ترجع إليهم، أو في أفضل الأحوال منقوصة نقصا فادحا، أي أن البيروقراطية والنظامية، صارت تعطل دورة الإقتصاد التي أنشأها النظام الإنجليزي بتوجهه شبه الرأسمالي الذي يأخذ من الناس الضرائب ويقدم لهم الخدمات التعليمية والصحية ويقيم البنى الأساسية (أدوات الري، الطرق، السكة الحديد، التلفون.. إلخ إلخ) وهذا يعني أن النظام الاقتصادي قد تغير وعاد إلى أصله الريعي الخراجي بعد الإستقلال بواسطة (التأصيل المستنير الذي كان يسمى السودنة)، ولم يعد هناك بالتالي تنمية ولا يحزنون!

لذا لن يحدث تغيير وتنمية ـ حقيقيين ـ ما لم يتغير الوضع من خلال تغير ترابط المصالح القائم اليوم، أي تغيرات جذرية في الأسس التي تقوم عليها الدولة والبنى الثقافية/الاجتماعية/ الاقتصادية، وخاصة أنماط المؤسسات مثل "دائرة المهدي". لأن "تحرير الإقتصاد" ـ إذا سلمنا بمبدأ الرأسمالية ـ يتطلب تحرير العبيد/الأقنان/الأتباع ليصبحوا عمالا (أحرار) في سوق العمل. وتحرير الأرض ووسائل الإنتاج من قوانين العشيرة الأبوية، وتحرير العقول من ثقافة احتقار العمل (عند السادة) واحتقار العمل اليدوي والحرفي الذي يعتبر (عمل العبيد) في الثقافة الإسلاموعربية المهيمنة في السودان وتحرير الآخرين منها وتحرير المرأة من قيود الفكر الديني خاصة، وتحرير أشياء أخرى كثيرة، وما لم يحدث ذلك، أو على الأقل يجري العمل عليه، فلن تقوم للتنمية أية قائمة.

Post: #67
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:18 AM
Parent: #66

ما هي الخلاصة الفكرية لاسهالات الصادق المهدي التنظيرية؟

يقول استاذ ابكر:
--------

وخلاصة القول في الجانب الفكري، أن الصادق المهدي يمارس "التشبُّح" الفكري بوضع رجل في التقليد والأخرى في الحداثة، ويمارس التلفيق بنزع المقولات من سياق البنى الفكرية التي نشأت فيها ولزقها في أخرى بآلية أقرب إلى التقريرية الاعتباطية. وكما يظهر لنا من التحليلات أعلاه أن التناقض في خطابه الفكري يعكس تناقض وضعيته الاجتماعية؛ فهو رجل تعليمه ووسائل حياته حديثة، ويعيش على ريع مؤسسة غاية في المحافظة والتقليدية.

وكما أنه يكسب "رزقه" (بدون عمل) فهو أيضا يكسب نظرياته (بدون عمل) ـ أي بطريقة وضع اليد. فهو حتى الآن، رغم كلامه الكثير، لم يمتلك شجاعة الأستاذ محمود محمد طه لتأسيس منهج للتأصيل المستنير (كنسخ الناسخ بالمنسوخ مثلا، الذي ضحى من أجله الأستاذ بحياته) نكافئه عليه.


Post: #68
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 09:22 AM
Parent: #67

لله درك يا استاذ ابكر ادم اسماعيل

ولو لم نشفق علي القراء من طول الاقتباسات ؛ لواصلنا

ولان هناك كتاب اخر ؛ بملاحظات لهم ثاقبة؛ كملاحظات الاستاذ ابكر ؛مما نريد عرضه ؛ فاننا نحيل من يريد ؛ الي مقال الاستاذ ابكر ؛ علي هذا الرابط:

http://madarat.org/writers/abbakar/new_mahdism.htm

ونواصل في القريب

عادل

Post: #5
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: sentimental
Date: 05-26-2003, 10:37 AM
Parent: #1

ها وانت المزعلك في ده شنو. ما الايام اثبتت صدق الكلام يا عبدالعاطى

Post: #14
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: ودقاسم
Date: 05-26-2003, 02:19 PM
Parent: #1

يا ود عبد العاطي يا أخوي أعمل حسابك وما تودينا في داهية لأنك كده حا تزعل السيد وبعدين يحصلك ما يحصلك

Post: #28
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: محمد الواثق
Date: 05-29-2003, 06:14 AM
Parent: #1

الأستاذ / عادل
تحية طيبة
اثمن لك جهدك الكبير وانت تحاول ما تحاول ان تحاوله
عموماً العلمية تقتضي ان يترك الباحث لبحثه ان يقوده للنتائج المرجوة من الفرضية المطروحة
ولكن انت اخذت تقود البحث لتصل الى الى النتيجة التي حددتها مسبقاً
ووقعت في اول محاذير البحث العلمي والتي تنفي صفة العلمية عن طرحك الكثير
ويبدو انك ما زلت في غيك القديم وتحن للأيديولوجية والتي تفترض وتحدد الأعداء بصورة مسبقة وتضع وصفات جاهزة للتعاطي معهم مسقطة فذلك كل العوامل الأخرى والمتغيرات المستمرة في حركة الأخذ والجذب لعملية الدوران السياسي
سؤالي المتواضع اليك وانت الباحث في دهاليز السياسة السودانية لماذا لا تضع كل الذين تعاقبوا على الحكم في السودان تحت فحص مجهرك الدقيق ؟
واقدم لك نصيحة وأطلب طلباً ان لا تضئ النور الأحمر حينما تقوم بالفحص
لك الود

Post: #31
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 07:45 AM
Parent: #28

الاخ محمد الواثق

شكرا للتثمين ؛ وان كنت قد جانبت الحقيقة حين وصفت هذه الكتابة المبتسرة بالجهد العلمي

هي كما قلت لمجات سريعة ومحطات خاطفة ؛
نود بها ان نخوض مع الرجل في متاهته ؛
وهي فيها شي من التوثيق
وشي من الطرائف؛
وشي من الملاحظات

ومن الافضل ان تنتناول ما اثرناه
من حقائق او تعليق
لتوضح حقه من الصح او الخطا

بدلا ان تتهمنا بالغي القديم والجديد
مع شكري وتقديري

عادل

Post: #29
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: khalid elwasila
Date: 05-29-2003, 07:29 AM
Parent: #1

الاخ عادل
تحيه طيبه
اخي لديك مقدره علي الكتابه بس بيتفتد الموضعيه
الرجاء التحدث عن نهج الصحوه الاسلاميه ان كنت غير زلك الصادق انت ما قدره

Post: #32
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 08:00 AM
Parent: #29

الاخ خالد تاوسيلة

تحية طيبة

والله كنت اتمني ان تكون عندي الموضوعية ؛ ولا تكون لي قدرة علي الكتابة

علي كل تساعدني كثيرا ؛ اذا انتقلت من التعميم الي التخصيص
وقلت لي اين هو انعدام الموضوعية

اما نهج الصحوة قسناتي اليه

اما كوني لست قدر الصادق ؛
فكيف اكون ؟

وهو الذي تنبأ به الغيب
وهو من وصف في حديثه لمجلة الوسط

وقد وصفه احد الاخوة هنا في البورد
بانه "قدر الكون دي كله .. واكبر بي كتير"؛

فين انا واين نحن جميعا من ذلك ؟

عادل

Post: #30
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: WadalBalad
Date: 05-29-2003, 07:29 AM
Parent: #1

الأخ عادل

تحية طيبة

فى بوست سابق لنا قبل المؤتمر العام لحزب الأمة كتبنا الآتى ولنقارن بين ما كتبناه آنذاك وبين ما يحدث اليوم



يظل المعضلة الحقيقية لحزب الأمة تكمن فى مشكلتين هما (1) الصادق المهدى و(2) بيت المهدى, وكلاهما يمثل كارثة بحالها على مستقبل الحزب وتمدده بين الجماهير

لقد سن الإمام عبدالرحمن المهدى سنة حسنة بالتفريق بين القيادة الروحية والقيادة السياسية فاكتفى بالأول وترك الثانى للمثقفين من أمثال المحجوب وعبدالرحمن على طه, وجاء الصادق بعد حين لينتقد عمه الإمام الهادى, الذى عاد و جمع بين القيادتين, رافعاً شعار (لا قداسة مع السياسة) فشق الحزب وشق بيت المهدى ثم أتى بعد نحو ثلاثة عقود ليلبس نفس الجبة التى أنكرها على عمه بعد أن سعى لها بكل ما أوتى من مكر ودهاء

أما بيت المهدى, الكارثة الأخرى, فيبدو علية أنه يعتقد جازماً بأن له حقاً ألاهياً لحكم السودان ولذلك نجدهم عقب الإنتفاضة يتمتعون بمناصب كبيرة فى قيادة حزب الأمة والحكومة مثال الصادق المهدى, نصرالدين الهادى المهدى, مبارك الفاضل المهدى, سارة الفاضل المهدى, الخ

وإذا إقتصر الأمر على بيت المهدى خلال الديمقراطية الثالثة فقد نتوقع الأسوأ فى الديمقراطية الرابعة حيث يبدو أن الصادق نفسه قد إستغنى عن خدمات أسرته الكبيرة وقرر إستخلاف أسرته الصغيرة على أهم المناصب فى الحزب حتى يتسنى لهم القفز مباشرة على كراسى الوزارة المرتقبة وحينذاك ستظهر لنا أسماء حديثة مثل عبدالرحمن الصادق المهدى, الصديق الصادق المهدى, رباح الصادق المهدى, مريم الصادق المهدى, سارة الفاضل المهدى, وربما طاهرة الصادق المهدى, ويبدو أن هذا السيناريو سيكون واقعياً خاصة بعد أن طفش مبارك الفاضل من الحزب ليصبح مثل اليتيم على موائد أهل الجبهة أعطوه أم منعوه, وبعد أن طارت الإمامة عن أحمد المهدى حيث لن تنفعه مبايعات دانفورت له حتى وإن تمت على موائد البيت الأبيض

سينعقد المؤتمر العام لحزب الأمة, والذى طال أنتظاره, فى غضون أسبوع من الزمان وبالتحديد يوم الأحد القادم السادس من أبريل والذى سيصادف ذكرى الإنتفاضة, فهل ياترى سينتفض الصادق وحزبه ليخرجوا لنا حزباً يعيد إلينا بعض عشمنا فى أحزاب ناضجة ومعافاة من علل الماضى أم سيظل هو الإمام الصادق المهدى رئيس حزب الأمة؟ لقد حان الوقت لكى يترجل الرجل عن رئاسة الحزب ويسلمه لشخص أغبش من عامة الناس وإلا فعلى نفسها جنت براقش

Post: #33
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-29-2003, 08:11 AM
Parent: #30

الاخ ود البلد

هؤلاء يا اخي لا يقراؤا الا لمن يطربهم ويطريهم
اما النقد فلا يقراؤه

واذا قراؤوه فهم عنه معرضين

وقديما قال الشاعر :

محصحتهم نصحي بمنعرج اللوي؛
فلم يستبينوا النصح الا في ضحي الغد

عادل

Post: #34
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: محمد الواثق
Date: 05-29-2003, 08:49 AM
Parent: #1

الأخ عادل
عندما ذكرت العلمية لم اقصد الكلمات التي سقتها في هذا البوست بل كنت اعني طرحك العام في هذا الخصوص حول حزب الأمة وقيادته المنتخبة بواسطة مؤتمر عام سادس في عام 2003 وبطرح متجدد اتمني ان تكون قداطلعت عليه
ولو أحببت ارسلناه لك لتقف عليه وقفة موضوعية لأنه صادر عن حزب بأكمله لا من السيد/ الصادق المهدي وحده
وأقول لك ان هناك كثيرون من اعضاء حزب الأمة لهم وقفة كبيرة حول موضوع الإمامة .
ولعدم معرفتك بدهاليز حزب الأمة قد لا تعي الهدف الإستراتيجي المقصود من تولى السيد الصادق لهذين المنصبين فنحن في حزب الأمة اقدر على قيادة حزبنا وبألاليات التي ترتضيها عضويتنا
فقط احكموا علينا من واقع ما نطرحه عليكم ومن مواقفنا
وسنتابع ما سقته لاحقاً

Post: #35
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: خالد عويس
Date: 05-29-2003, 05:14 PM
Parent: #34

صديقي الجميل عادل عبدالعاطي
أغبطك فعلا على هذه الملكة التى تتيح لك طرق موضوعات عدة جلّها فكرية تستلزم جهدا وتقصيا وبحثا ، ولئن كنا اتفقنا سابقا حول "عبدالله القصيمي" و" هادي العلوي" ، واتفقنا أكثر حيال المجهود المطلوب حيال مؤسسة ، او هيئة للكتّاب السودانيين ، فدعنا نختلف قليلا حول بعض النقاط الواردة هنا :
أولا : بخصوص الميتافيزيقيا الواردة فى مبتدأ البوست ، ورغم أننى لا أحبذ ابدا اقحام الناحية الميتافيزيقية فى الشأن السياسي ، غير أنه من الواجب اللفت كذلك الى الناحية الشخصية لدى كتّاب كثيرين ومفكرين ، وفلاسفة ، ومبدعين ، كانت لهم شروط ذاتيه كهذه رصد بعضها وبعضهم كولن ويلسون فى كتابه " المعقول واللا معقول " فى الأدب الحديث وبوسعك الرجوع اليه . أما فى مضمار الرؤيا ، والعلامات ، وما اليها ، فلا ننسي أن ثقافتنا فى معظمها قائمة على هذا الأمر ، سواء فى منحاها الصوفي البحت كثقافة متجذرة لدى مسلمي السودان ، أو حتى فى الثقافات السودانية المحضة فى أقصي جنوبه واقصي شماله كثقافات وحضارات محلية . ولست محتاجا للتدليل بأدب الطيب صالح ود. فرانسيس دينق ، والفيتوري ، وابراهيم اسحق لاعطاء لمحة من ثقافات منوّعة مشبعة بهذه الناحية . وعلى مستوي سلوك الفرد السوداني اليومي ، تنتعش هذه المسألة الى حد كبير ولا يستثني منها مثقف طليعي أو غير مثقف الا نادرا . صحيح ، المطلوب تفكيك مثل هذه الأشياء على صعيد الممارسة "بل والمشافهة " السياسية ، لكن اقتلاعها من الجذر المجتمعي مستحيل لأنها ممزوجة بمفاهيم دينية وارث صوفي ذاخر ، حتي لدي من لا يدينون بالاسلام ، وبالطبع فان التصوّف والزهد و"الكرامات" غير مرتبطة بالمتصوفة المسلمين وحدهم ولنا أن نقرأ عن الفسلفات الهندية والفارسية القديمة لنتبين ذلك بجلاء . لأى شخص أن يفكر حيال نفسه كما يريد ، فلو أدعي "س" مثلا ولايته ، سيصعب قطعا على "ص" اثبات العكس ، لأن الأمر ، ولكيلا أشتط فى سودنته ، هو تراث عالمي ليس مرتبطا بدين او ثقافة محددة ، هذا فى شكله العام . أما بخصوص الصادق المهدي ، فما يهمنا فعلا هو نتاجه الفكري فى هذه الناحية ، هل استمزج بين الفكر السياسي البحت والميتافيزيقيا ام لا ؟ الواقع انه فعل ذلك فى الستينات وبداية السبعينات ، لكنه تخلص من "القيادة الملهمة " و" الفكر الأقرب للثيوقراطية" فى مرحلة لاحقة ، والواجب دراسة نتاجه الأخير ليتبين مدى عقلانيته من ميتافيزيقيته .
ثانيا : عوّلت مرة أخري على فشله مستندا الى لوبون ، لكن لوبون نفسه لن يحكم على تجربة سياسية عمرها ثلاثة اعوام وتسعة أشهر بالضبط .. تسعة أشهر فى 1966م ، وثلاثة اعوام من 1986م _ 1989م ... ولن اناقش الامر كثيرا ، انما سأحيله الى "كلّ " المناهج النقدية السياسية الموضوعية فى العالم ، مع اخضاع كل الظروف المحيطة لمجهر الفحص .
ثالثا : أثبّت هنا أن تولي السيد الصادق المهدي الوزارة السودانية فى الستينات كان خطأ منه ، عرّض تجربته فى المقام الأول الى مجازفة بالغة ولم يستو عوده السياسي ولا الفكري بالشكل المطلوب ، ومهما تمّ التبرير ، فان المحجوب وقتئذ كان أولي من يتولي هكذا منصب ، رغم ضعفه بعض الشيء فى ناحية الفكر السياسي البحت وبعض أخطاء الممارسة .
رابعا : بخصوص النكات المدرجة هنا ، فالقول بأن الصادق المهدي يحاول حلّ مشكلات السودان ، وافريقيا ، والعالم ، يفتقر الى الدقة بعض الشيء ، حين يخرج من سياق النكتة المقبولة والمشروعة الى حقل أكاديمي يتمظهر فى جملتك المختومة ب(فهل من يحلنا منه ومن مشكلته ؟) لأن شروط بالغة التعقيد هنا تحول من دون القاء القول جزافا ، اولا ، لأن شرط الاجتهاد الفكري فى عالم اليوم ، لابد أن يتضمن فهما عميقا لطبيعة العلاقات الاقتصادية والسياسية فى العالم والاقليم ، وعلى مستوي الانتماءات الاقليمية والقارية مع ضرورة تعريف علاقتنا بها ، وثانيا ، لابد لأىّ مفكر أن يضمّن طروحاته الفكرية بشروط اقليمية ودولية فى عالم متغير يحتاج فعلا لقراءات معمّقة بواقع هذه التغييرات .
خامسا : قضية الامامة والرياسة السودانية ، قدمت لها قراءة شخصية فى بوست " نحو حوار هاديء وموضوعي حول حزب الأمة " لذا فلا ضرورة لاعادة ما كتبته مرة ثانية .
سادسا : بخصوص الجمهورية الرئاسية ، والديمقراطية البرلمانية ، أري أن هناك تعسفا فكريا حيال أمرين
الأول ، يتمثل فى اختزال المعني المراد للجمهورية كفكر سياسي قائم بذاته ، ومعمول به فى فرنسا مثلا نتيجة تأسيس المفكرين الفرنسيين لفكرة الجمهورية بما رأوه متناسبا مع حاجات فرنسا ، وبدراسة موضوعية للعناصر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وهم فى ذلك خالفوا نهج الديمقراطية البرلمانية فى بريطانيا انما من دون أن يختلفوا معها فى الجوهر الديمقراطي ، فوجه الاختلاف كان دستوريا بحتا فى تفكيك علاقات وتقاطعات المجتمعين السياسي والمدني ، مع الدولة ، والمواطنية .
الثاني ، فى ابتسار مراد الصادق المهدي من طرحه فكرة الجمهورية الرئاسية درءا لمشكلات توضّحت فى ديمقراطيتنا البرلمانية وانسحبت على شكل المساومات القائمة فى اطار التحالف الحكومي الثابت . والجمهورية الرئاسية لا تقوم على خزانة كل السلطة واسنادها للرئيس ، فالسلطات التشريعية فى كل الجمهوريات الديمقراطية _ مثل فرنسا _ هى فى يد البرلمان وليس الرئيس الذى تخوّل له صلاحيات تنفيذية واسعة برقابة برلمانية ليتاح له التحرر من بيروقراطية رأتها "الجمهورية" فى التحالفات الناجمة عن النمط البرلماني ، ولا ازعم أن الجمهورية هى فكرة قياسية مبرأة من العيب وواصلة حد الكمال كما هو حال البرلمانية ، لكن الواجب _ بالنظر الى تجريبنا الديمقراطي _ يملي تداول اكثر من فكرة وطرح أكثر من رأي يناسب حاجاتنا ، ولا بأس من طرح آراء مخالفة لرأى الصادق تماما ، انما من دون اختزال لأبعاد فكرة الجمهورية .
عموما لا يمكن تسمية حكومات عبود ونميري والبشير بأنها جمهوريات رئاسية مطلقا ، ذلك بالاستناد الى فحوي فكر الجمهورية فعلا .
وأود أن الفت كذلك الى ان طروحات الرجل حيال هذا الامر لم تكن شكلانية البتة ، فالرجل افاض فى شرح الفكرة وماهيتها ، والمراد منها انجازه فى سبيل الارتقاء بالديمقراطية
راجع مؤلفاته الاخيرة فى التسعينات " الديمقراطية المستدامة" على سبيل المثال .
سابعا : نهج الصحوة _ حاليا _ هو فكرة واسعة تخص العمل الدعوي لكيان الأنصار ، وليس لحزب الأمة علاقة بها لا من بعيد ولا من قريب الا فى حيّز شرح علاقات السودان بمحيطاته المختلفة افريقيا وعربيا ودوليا . وارجو مرة اخري ان ترجع الى البوست الذى نشرته تحت عنوان " برنامج حزب الامة 2003م " ففيه شرح واف لفكر الحزب السياسي .

عزيزي الصديق ود البلد
جميل منك ان اشرت لدانفورث واحمد المهدي ، ومن ناحية ثانية لمبارك الفاضل وحكومة الجبهة ، وسأكتفي بتعليق خفيف : ان ذلك يكفي تماما لقرءاة ما بين السطور !!
بالنسبة لمسألة جمع القداسة مع السياسة ، ارجع الى البوست " نحو حوار هاديء وموضوعي حول حزب الأمة " ففيه رأيّ ، على انه يجدر التنويه الى ان الجمع بين القداسة والسياسة لا يعني حرمان رجال الدين أنفسهم من ممارسة السياسة ، شريطة الا يجلبوا معهم قداستهم الى حقل السياسة ، ولنا أن ننتظر لنري كيف يمارس الصادق ذلك ، هل يعمد الى الجمع ويتعامل بصفته اماما فى دوره كرئيس لحزب الأمة ( فنعارضه أشدّ المعارضة على ذلك ، ونبادر بالدعوة الى تحرير الحزب من هيمنة الامامة ) أم يعزل دوره السياسي عن الامامة الدينية ويكون بذلك قد أدي دورا مهما فى تطوير علاقة الدين بالسياسة بمفاهيم حديثة ، وموفقة فى شرح أبعاد تمييز الدين عن السياسة بشكل عملي قد لا يتاح ثانية فى السودان .
لا أتفق معك فى توصيفك أزمة حزب الأمة باختزالها فى شخص الصادق المهدي واسرة المهدي فحسب ، فأىّ عضو فى حزب الأمة يدرك تمام الادراك ان الأزمة ليس أزمة أشخاص فحسب ، انما هى أزمات مركبة ومعقّدة ، ويصعب تفسيرها بمثل هذا الابتسار . علاوة على توصيفك ، هناك أزمات أخري كبري : الجهوية ، وطبائع الصراعات داخل الحزب ، علاقة الحزب بكيان الانصار ، نخب الحزب ، ضعف المؤسسية ، ضعف المثاقفة ، وضعف النقد الذاتي ، أشكال الولاء والانتماء ، قراءة التاريخ ، هذا فضلا عن ظروف موضوعية لا يمكن تغافلها اقعدت بالتجربة السياسية السودانية كلها .
وليستمر الحوار مفعما بالحيوية والرغبة فى الاستنهاض والتطوير .

Post: #36
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 05-30-2003, 09:43 AM
Parent: #35

لي عودة

عادل

Post: #37
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: baballa
Date: 05-30-2003, 05:44 PM
Parent: #1


from rayaam.net May 30th 2003
من يقنع السيد الامام ؟!









بقلم : محمد حسن عربي

عندما وضع السيد الصادق المهدي ، امام الأنصار المنتخب ، استقالته من رئاسة حزب الأمة أمام المؤتمر العام لحزبه . لم يكن الرجل في الواقع بصدد الترجل عن مقعده الذي تبوأه لما يقارب نصف القرن من الزمان رئيساً لحزب يضع في قمة أولوياته انتاج (ديمقراطية مستدامة) ، بل كان يمهد ليكون أول (امام) منتخب بصورة ديمقراطية لم تشهدها من قبل مؤسسة طائفية دينية اسلامية ، وليجدد شرعيته التي تمرد عليها ابن عمه مبارك الفاضل المهدي ، وآخرون من دونه داخل حزب الأمة وخارجه ممن يتربصون بزعامة المهدي المطلقة تحت دعاوي أبرزها الاصلاح الحزبي والتحديث والتجديد . وبالفعل لم يخيب مؤتمر حزب الأمة العام = السادس = ظنون رئيسه الإيجابية باعادة انتخابه ، بالإجماع السكوتي ، رئيساً للحزب دون أن يتجرأ شخص في منافسته على مقعد الزعامة . وفور تجديد زعامته للحزب ، لم ينفق الرجل وقتاً طويلاً لاعلان ذلك على العالم ، إذ قام بمخاطبة الرئيس بوش أبان الأزمة العراقية في مجلس الأمن برسالة شملت ألقابه التي ذيلت الرسالة بأنه رئيس الوزراء المنتخب 1986م ورئيس حزب الأمة المنتخب 2003م وامام الأنصار المنتخب أيضاً 2003م . ويومها قيل ان المهدي خرج من الأزمة العراقية بمحاضرة في تاريخ السودان تطوع بالقائها خطياً وهو يذكره بمنصبه السابق كرئيس منتخب لحكومة اطاح بها انقلاب الثلاثين من يونيو. ولكن يبدو أن الذين أعتقدوا أن المهدي سيكتفي بموعظته التي وجهها في رسالته للرئيس بوش لم يكونوا على دراية بهواية الرجل واهتمامه بكل كبيرة وصغيرة في العالم وما جاورها فاستل من كنانة حكمته سهماً صوبه نحو مستقبل العراق فاتحاً باب السؤال عن: (العراق إلى أين؟) في مقالته التي وجدت طريقاً للنشر بالتزامن في أكثر من صحيفة يومية صباح 26 مايو 2003م أبرزها (الرأي العام) و(الأضواء) و(الشارع السياسي ). وأول ما يلفت النظر إلى المقال مؤخرته التي أشارت إلى تاريخ تحريره 18/5 ومكان كتابته بالعاصمة الليبية (طرابلس) ، وما يلفت النظر هنا أن حسن الظن بالامام والرئيس المنتخب كان يحمل على الاعتقاد بأن الرجل أضطر ليشد الرحال الى العواصم العربية تحت وطأة الاحساس بمسئولياته التاريخية تجاه شعبه مما حمله على السفر إلى الخارج وليس في ذهنه هم يشغله سوى السؤال الذي يفترض أنه يؤرق بال كل سوداني، ففي تاريخ مقارب للتاريخ أعلاه كانت مدن وقرى دارفور تعاني من تحولها إلى مسرح عمليات بين الحكومة والمتمردين في ذلك الاقليم ، ولم يكن يشغل بال السودانيين في الحكومة والمعارضة والأغلبية الصامتة شيء عدا ما يشهده الاقليم من ظروف أمنية بالغة السوء طالت عاصمة اقليم شمال دارفور والمدن الكبرى بالولاية أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات ، بل طالت حتى طلاب الشهادة السودانية ، وبالاضافة إلى سوء الأمن بدارفور والحيرة ازاء المعالجات التي يمكن أن تقوم بها الحكومة ازاء ما يحدث هناك ، كانت ضاحية ميشاكوس الكينية تشهد جولة ساخنة في ملف المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية باتفاق أطراف التفاوض على الحوار حول القضايا كافة دفعة واحدة لاختصار الطريق نحو التسوية السياسية الشاملة للحرب الأهلية في جنوب البلاد ، ومن نافلة القول الاشارة إلى أن مفاوضات ميشاكوس الحالية تعتبر الفعل السياسي الأهم في تاريخ السودان ، إذ أنها من ناحية تضع ولأول مرة على طاولة التفاوض مشروع السودان القديم في مقابل مشروع السودان الجديد الذي تتبناه الحركة الشعبية من أجل التوصل إلى تسوية تاريخية بين المشروعين ، ومع القناعة الأكيدة بأن مستقبل السودان يمكن تحديده بصورة مقنعة وموضوعية إذا اقتصرت على الحكومة والحركة الشعبية بإعتبار أنهما يمثلان (غلاة) المشاريع الأيديولوجية في حين الاطراف الاخرى في تحالف المعارضة السودانية (التجمع) ، وفي حزب الأمة، جاءت قناعاتها بأن التسوية لن تؤدي إلى نتائج عملية ملموسة في سياق أهدافه الاستراتيجية الرامية إلى التعايش السلمي والاستقرار السياسي بمنأي عن منظومات التجمع المعارض وحزب الرئيس الامام = المنتخب = ، باعتبارها فاعليات سياسية ذات حضور سياسي (ينبغي) عدم تجاوزه ، خاصة أن المفاوضات التي أنتجت برتكول ميشاكوس في 20/7/2002م قد تؤدي إلى انفصال الجنوب ، أو فصل الشمال برؤية أخرى فإن حدث ذلك فهذه كارثة ستحل على السودانيين ، لذلك فإن جميع الأحزاب وما تسمى نفسها بمؤسسات المجتمع المدني ، والمهتمين براهن ومستقبل السودان لا يجدون كثير سوانح للتفكير في القضايا الكونية في هذا (المنعطف) التاريخي عدا الامام / الرئيس المنتخب الذي بدا وكأنه قد قفز من الواقع المعيش وأسئلته التعسفية إلى خارج الحدود ليتفرغ للتفكير في ما (ينبغي) أن يكون عليه حال العراق ومستقبله ، على أن يعود لاحقاً إلى قضايا السياسة السودانية يطاردها هناك وفي القاهرة ، ومهما يكن من أمر فإن المهدي لم يكن على غير عادته وهو يستدعي مشكلات العراق وهموم شعبه والمنطقة ، غير أن ما يحمل قارئي مقاله المذكور على الدهشة هو المحمول الفكري والتحليلي اذ بدأت المقالة بمغالطات منذ السطر الأول وهو يتعقب ردود الأفعال والموقف من غزو العراق بقوله إن ردة الفعل لم تخرج من (موقفين) أحدهما يرى في الغزو شراً أهون من شر نظام صدام حسين ، والثاني أعتبره شراً مستطيراً ، وهو هنا يسوق أجندته الخاصة في سياق موضوعي في ظاهره، ذلك أن الموقف من الغزو لم يكن كما رأي المهدي قاصراً على وجهتي النظر اللتين وردتا في فاتحة مقالته ، اذ أن هناك رأياً ثالثاً مغيباً، بل في الحقيقة يسعى الاعلام العربي إلى تغييبه من موقع أيديولوجي يفضح نفسه ، (ينبغي) الاعتراف بأن هناك رأياً عربياً وعراقياً ايجابياً ازاء قيام الولايات المتحدة بتحرير العراق - كما يرى أصحاب هذا الرأي - وعلى رأس هؤلاء مواطنو الكويت وحكومة الكويت التي دعمت الحرب ضد العراق ، كما أن عدداً كبيراً من مواطني العراق في الداخل والخارج لم يخفوا ترحيبهم بالغزو واسقاط حكومة الرئيس صدام حسين ، بل ها هم يتعاونون مع الحاكم المدني الأمريكي في بغداد دون أدنى احساس بالظلم أو الاذلال من الولايات المتحدة، وبالتالي فإن أية قراءة موضوعية لتداعيات الحرب ضد نظام الرئيس صدام حسين يفترض أن يستصحب معها، حقيقة الترحيب الذي وجده الغزو من (بعض) العرب حكومات او شعوباً خاصة ممن يرحبون بالتعاون مع الشيطان من أجل تحرير الشعوب العربية المغلوبة على أمرها . والاتجاهات الفكرية والفلسفية التي لا ترى غضاضة في التدخل في الشئون الداخلية للدول لأغراض انسانية . ان الاعتراف بهذه الحقيقة مسألة مؤلمة ، والحقائق دائماً تجعل بعض أصحاب الأقلام (صحافيين) ، ومن سخرية الأقدار أن ينال محمد سعيد الصحاف حصته من النقد والانتقاد في مقالة السيد الصادق المهدي وهو يغيب هذه الحقيقة ويحصر ردود الأفعال في اعتبارها شراً ، خفيفاً أو مستطيراً ، فهذا التغييب جاء لأن السيد الصادق المهدي لا يرحب كثيراً بالفضول الأمريكي الزائد وتدخله في الشئون الداخلية ، خاصة وأن إدارة الرئيس بوش كانت قد وجهت ، ولا تزال ، لطمة للتجمع وحزب الأمة بابعادهما من مفاوضات السلام الجارية والمشاركة في الترتيب للسودان القادم ، والمهدي نفسه لا يحتفظ بقليل ود تجاه الولايات المتحدة التي كانت قد أحتضنت نظامي عبود ، والنميري ولم تبد كثير اهتمام بالسنوات التي كان فيها الصادق رئيساً للوزراء في العهود المسماة بالديمقراطية في سودان ما بعد الاستقلال سواء أكانت السنوات التي أعقبت أكتوبر أو أبريل ، ولسوء حظ المهدي فإن أهم لاعبين في السياسة السودانية من خارج أسوارها لاترتاح إلى حزب الأمة ، وهما أمريكا ومصر . لذلك ، فإن الفعل السياسي الأمريكي يقابل بكثير تربص عند المهدي الذي يعي أمكانيات الولايات المتحدة الهائلة وقدراتها في التأثير ، بل توجيه مجرى التاريخ ، على الأقل الآن ، لذلك تتموه مواقفه منها ويعمل من أجل التفاهم مع دوائر صناعة الرأي واتخاذ القرار في الولايات المتحدة . ومن هذا المنطلق كانت مساعي الرجل وجولاته الخارجية التي حملته من قبل إلى واشنطن عندما لم يكن الرجل مهموماً سوى بالحل السياسي الشامل في السودان . إضافة الى برود مشاعر المهدي تجاه الولايات المتحدة ، يبدو أن طاقية (الديمقراطي) التي يضعها تاجاً على رأسه جعلت منه صحافاً آخر في تغييبه للرأي الثالث وتقديمه للرأي الأول الذي نسبه إلى أغلبية تنتمي إلى العراق ، فهو يريد إن يقول أن الغزو والاحتلال الأجنبيين شر ، وهو كذلك بالفعل ، غير أنه يريد أن يقول شيئاً آخر ، وهو أن الغزو الاجنبي بالنسبة للجماهير أقل سوءاً من الأنظمة الدكتاتورية التي تتحكم في رقاب شعوبها ، وهذا قول باطل ، بل غارق في البطلان ، فالتاريخ الانساني يشهد بأن الجماهير والشعوب لم تكن في يوم من الأيام بالقابلة والمرتاحة للغزو الأجنبي ، بل كانت تناضل وتقاوم على الدوام الغزو والاحتلال الأجنبيين وهي معزولة من أسباب القوة ودوننا عظة الحرب الأمريكية الأخيرة ضد نظام صدام حسين والذين دافعوا عن بغداد هم من المدنيين والمتطوعين لا العسكريين الذين نشرت الصحف تقارير عن خيانتهم لرئيسهم ، وبالتالي فإن مثل هذا الزعم لا يخلو من غرض (أيديولوجي) وهو التبرير للديمقراطية التي يتبناها الصادق المهدي ، وقد يحسب البعض أن هذه من حسنات الرجل ، وهو ظن بريء ، فالديمقراطية عند الصادق المهدي هي أكثر السبل وأنجعها في الوصول إلى السلطة كما حدث في سوبا «2» عند اعادة انتخابه رئيساً لحزب الأمة بالاجماع السكوتي ، والتطلع اصلاً إلى كراسي رئاسة الوزارة عن طريق صناديق الاقتراع فليس هناك من مجال لتبني مشروع غير ديمقراطي في خطاب المهدي الذي فصل بين حزب البعث العربي وأسرة صدام حسين مبرئاً حزب البعث من الخطايا التي أرتكبت في ظل حكم صدام حسين وهو رأي مثير للدهشة من جوانب عدة ، فحزب البعث العربي بجناحيه في العراق وسوريا لم يزعما يوماً أنهما مشروعان قائمان على الديمقراطية الليبيرالية من حيث التنظير ، ومن ناحية عملية لم يتطوع حزب البعث بتقديم انموذج ديمقراطي يحترم حقوق وحريات الإنسان ، وبالتالي فإن نظام البعث في العراق يتحمل المسئولية الكاملة عن سنوات حكمه هناك اذ ظل صدام قائداً ورمزاً للمشروع القومي العربي في العراق وخارجه ولم نسمع يوماً بحزب البعث متذمراً من ممارسات الرئيس وبرغم عبارات اللوم التي تكرم المهدي بتوجيهها لنظام العراق يمكن القول للتذكير أن رئيس الوزراء السابق إبان حكومته كان قد استعان بدعم مادي ولوجستي في أحداث سقوط الكرمك على يد الحركة الشعبية في 1988م . يومها لم يكن المهدي ينظر إلى سوءات النظام العراقي وهو يقف معه من موقع (عروبي) داعماً لحكومته وواحدة من نقاط ضعف ديمقراطية المهدي تتجلى في هيمنة أسرته الكريمة على مفاصل حزب الأمة ، بل ان الرجل المؤهل لقيادة تمرد على هذا الوضع كان هو ابن عمه مبارك المهدي ، والمهدي ليس استثناء من سلالة الملوك والرؤساء العرب الذين لا يتركون مقاعد السلطة إلا بارادة الله أو الانقلابات العسكرية، ومن هنا فإن ادعاء الديمقراطية لا تعبر عن قناعات فكرية سياسية تطمئن إلى حق الآخر في الاختلاف والمغايرة ، بقدر ما هو ارتهان شكلي الى وسيلة مثلي تكرس شرعية الزعيم وتضع على لائحة ألقابه صفة الديمقراطي ، وإذا تجاوز القاريء في هذا المقام ما ذهبنا إليه ، فإن سطور مقالته التي أمتلأت (بينبغي) الموجهة إلى الشعب العراقي تجلي لا شعوره الذي يوضح أنه الرجل مستودع الحكمة والعقلانية ، ففيما ينبيء عنوان المقال بأنه قراءة تحليلية ومحاولة استشراف للمستقبل باستقراء الوقائع ، نفجع به سفراً من النصائح يتطوع المهدي باسدائها إلى العراقيين حتى يتمكنوا من تجاوز واقعهم اليوم ، ولو جاءت مثل نصائح الرجل ممن لم يتبوأ من قبل مقعد رئاسة الوزارة في السودان لظننا أنها يمكن أن تؤدى إلى نتائج إيجابية ، ولكن أن تأت من الرجل الذي لم ينجح في احتواء الأزمات السودانية في الفترة التي تولى فيها رئاسة الحكومة في الستينات ابتداءً من الحرب الدائرة آنذاك في جنوب البلاد مروراً بأزمة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان التي أفضت ، مع جملة عوامل ، إلى أنقلاب مايو 69 ، كما كان هذا ديدنه في قيادة البلاد بعد انتخابه رئيساً للحكومة في 1986م ، اضافة إلى اخفاقات في تجاوز المشاكل العائلية في كيان الأنصار والأمة فما أن تهدأ الأمور في جهة ما ، حتى تتفجر في جهات وجبهات أخرى كبيرة كالتي نجمت من الصراع على الامامة في بيت الصادق وعمه أحمد المهدي وابن عمه ولي الدين الهادي ، ويتساءل الشباب النابه المنفتح كثيراً على تيارات الفكر العالمي وانماط الحكم وتنظيرات المنظرين في كل مكان هل يمكن ان تتهيأ القدرات لدى هذا الزعيم لكي يقدم للناس فتحاً جديداً لم يأت به الأوائل ؟





Post: #38
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: مارد
Date: 05-30-2003, 06:42 PM
Parent: #37

الصادق يستفتى الأزهر حول شرعية وجود وممارسات الحكم القائم فى السودان

فى لقاء جرى بينهما أمس الأول، دعا السيد الصادق المهدى رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب الأمة فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر إلى تبيان الحكم الشرعى فى سبع قضايا تهم السودانيين وتتعلق بممارسات النظام القائم فى السودان
صرح بذلك نجيب الخير عضو المكتب التنفيذى لحزب الأمة ومنسق زيارة المهدى للقاهرة. واضاف أن المهدى أعرب خلال اللقاء عن تقديره للأزهر الشريف كمنارة علمية وروحية يحتاجها المسلمون فى المنعطف التاريخى الذى تعيشه الأمة الإسلامية
وتحدث المهدى مع شيخ الأزهر عن ماوصفه بالمحنة الكبيرة فى المجال الدينى التى يعيشها السودان، والخزعبلات التى أدخلها النظام وربطها بالدين، واضاف بأن التجربة الحالية فى السودان لها مردود سلبى على الاسلام
وقال المهدى انه مثلما ناقش مع المسئولين المصريين أمن الوطن السياسى والاقتصادى والغذائى فإنه ناقش مع شيخ الأزهر أمن العقيدة ، وذكر نجيب الخير أن المهدى تقدم لشيخ الأزهر طالبا تبيان الحكم الشرعى والفتوى فى سبع ممارسات للنظام الحالى ، وحددها فى هذه القضايا

ماهى شرعيةالاستيلاء على السلطة بانقلاب عسكرى باسم الإسلام؟

ماهى شرعية اقامة دولة بوليسية على المسلمين واحتكار السلطة لحزب واحد باسم الدين ؟

ماهو الحكم فى البيعة ( البعدية ) أى التى تأتى بعد الاستيلاء على السلطة ؟

ماهو حكم الشرع فى جباية الزكاة مرتين من المسلم وانفاقها فى أغراض الأمن والمؤتمرات ، والأغراض الخاصة بالنظام ؟

ماهى شرعيةإعلان النظام للجهاد على ابناء الوطن مسلمين ومسيحيين ؟

هل يجوز شرعا قتل المسلم فى ماله فى ضوء اعدام ثلاثة سودانيين بعد اتهامهم بالتعامل فى العملة ؟

هل يجوز شرعا الاحتفال بالميت باعتباره شهيدا واقامة الأفراح وعرس الشهيد كما يتم الآن فى السودان والحديث عن تزويجه من حور الجنة ؟

وقال نجيب الخير أن الصادق المهدى طلب من فضيلة الدكتور طنطاوى
اعلان حكم الشرع فى هذه الأمور حتى يستفيد منها كل المسلمين، وأضاف بأن شيخ الأزهر أكد انه سيدرس هذه النقاط ، كما أكدالتزام الأزهر بتبيان الحكم الشرعى فى هذه القضايا
وذكر أن فضيلة الدكتور طنطاوى قال انهم سيتناولون هذه القضايا بأمانة وحيدة شديدة بغض النظر عن المكان الذى حدثت فيه، وأن علماء الأزهر ملتزمون أمام الله وأمام خلقه ألا يكتموا علما أمرهم الله بإظهاره


المصدر .. جريدة الخرطوم
الأربعاء 18يناير97

العدد 1392

Post: #69
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 10:10 AM
Parent: #38

الاخ مارد

تحية طيبة

الم يكن الرجل عارفا بالجواب ؛ وهو المفكر الاديب المثقف رجل التقليد والتجديد والحداثة والتطوير والديمقراطية المستدامة ونهج الصحوة ودعوة اهل القبلة والامام المنتخب الخ الخ وهكذا دواليك وهلمجرا ؟

ام ان الامر مجرد استهبال سياسي ؟

عادل

Post: #70
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 10:12 AM
Parent: #37

لا احد يمكن ان يقنع الصادق المهدي

روح العصر
وخلاصة الفكر
والآت بما لم تات به الاوائل

افي ذلك شك ؟

عادل

Post: #71
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: مارد
Date: 06-09-2003, 04:06 PM
Parent: #70

سلام وتقدير ياعادل

أنا فى حاجة بالجد محيرانى جدا

الراجل ده لما كان رئيس وزراء قبل الإنقلاب
قال بالحرف الواحد " مشاكل السودان تحتاج إلى حاوى ، وأنا لست " حاوى" ولا أنوى الذهاب للهند لتعلم أسرار تلك الصنعة !!! .. طيب مادام الأمر كذلك وبهذا الإفصاح الواضح .. ليه مايذهب لبيته بدلا من الذهاب إلى الهند الذى لاينتويه ، عشان يريّح الناس ويرتاح !!!؟

Post: #74
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 06:24 PM
Parent: #71

الاخ مارد

والله بارك الله فيهو وختر خيرو الما قال انو هو حاوي كمان

عادل

Post: #75
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: EXORCIST7
Date: 06-09-2003, 07:45 PM
Parent: #70

أخى عادل
جزاك الله خيرا على تسليط الضوء على شخصية كانت ومازالت هى السبب المباشر فى كل مصائب السودان


...الصادق المفتون بنفسه
حتى من قبل ولادته !!! يريد أن يحيط بنفسه قداسة إلاهية وأنه المختار والمصطفى للأمة السودانية
وفى رأى أن الأمام المهدى نفسه لو بعث من قبره لتخلص أولا من نسله
لأنها أضاعت الأمانه وإستعبدت الناس بإسم الدين
فالأمام المهدى رجل ثورى لا يعجبه الحال المائل أبدا
وللأسف خلف من بعده خلف أضاعوا الأمانة وإستكانوا للدنيا ونافسوا أهلها

Post: #76
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-12-2003, 10:48 PM
Parent: #75

الاخ اكزورسست

تحية طيبة

الامام المهدي؛ قبل موته ؛ ولما كثر تسلط وتسلبط بعض اهله في الجاه والمال؛ تبرا منهم علنا في الجامع ؛ ونفضهم كما ينفض التراب عن ثوبه ؛ وكان في ما معني ما قال ؛ انه يتبرأ من اهله الاشراف ؛ وينفضهم كما ينفض التراب من الثوب

ما يسمي بالمهدية الجديدة هي نقيض دعوة المهدي ؛ الامام حقا وحقيقة ؛ لا بالوراثة او التدليس

عادل

Post: #78
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Mandela
Date: 10-30-2003, 09:24 PM
Parent: #70

الاخ عادل لك التحية ..... تسلسل جميل و تفهم موضوعي للمشكلة؟؟؟؟

سالت مذيعة برنامج " حوار العمر " على الفضائية اللبنانية LBC
الصادق المهدي ....في بداية البرنامج

"لا أدري باي لقب أناديك ....؟؟"
قال لها " الصادق"

استغربت المذيعة طبعا, لكنه استطرد "الصادق كصفة و ليس كاسمي "

يا سلام...؟؟؟؟؟

أنا ما شفت قوة عين زي دي أصلو؟؟؟؟؟و مادام السودان بلد فيهة نسبة أمية تماهي الثلثين....ديل حيفضلو كاتمين على نفسنا....
يعني فواتحهم دي ما كان يقروها ترفع لينا جنيهنا ده.....و لا تغطس حجر الجبهجية بدعوة كاربة....

هذه الديناصورات السياسية لا بد أن تنقرض حتى تتواصل دورة الحياة و تتطور مخلوقات سياسيه منتخبة طبيعيا"انتخابات دارون مش انتخابات صناديق " ...تقرض و تدفن في بين طبقات طبقات تجارب ركامنا السياسي و تتحول الى بترول و زفت.........تنقرض كلها اكلات اللحوم النبات من أقاصي اليمين الى أقاصي اليسار............تنقرض....تنقرض

Post: #79
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 10-31-2003, 01:11 AM
Parent: #78

الاخ مانديلا

ليس غريبا علي الامام الذي حدثت بذكره الاحلام والطيور؛ قبل و ابان مولده ؛ ان يظن في نفسه الظنون ؛ وبعض الظن اثم

فيلحدثنا السيد الامام الصادق الصادق المهدي اذن؛ عن اسباب فشل محاولة حركة محمد نور سعد؛ وما هي الخيانات التي تحدث عنها الرجل؛ في اخر رسالة ارسلها اليه قبل ان يقبض عليه ؛ ولينشر هذه الوثيقة التاريخية للانصار ولجميع الشعب السوداني؛ حتي نعرف الحقائق؛ من هذا الامام الصادق - والصادق هنا صفة

عادل

Post: #80
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 10-31-2003, 01:37 AM
Parent: #79

نرجع لمواصلة السرد التاريخي؛
فنقول ان الصادق المهدي؛
لم يحقق شيئا؛ عندما اصبح رئيسا للوزراء؛
هذه الوزارة التي يمكن القول انه اغتصبها اغتصابا ؛
وكان من ابشع عثراته حينذاك
عدم الاعتراف بحكم المحكمة الدستورية العليا؛
والتي قضت بعدم شرعية طرد نواب من البرلمان؛
انتخبوا انتخابات شرعية ؛
دوذلك بعد مهزلة شارك فيها الصادق وحزبه مع الاخوان المسلمين
وجلب جماهير الانصار الي الخرطوم ؛
لتحطم الحزب الشيوعي؛
وتكون اللحم البشري لصراع الاخوان المسلمين مع ذلك الحزب
تالامر الذي كان
حيث وقعت معارك بين الشيوعيين والانصار؛
كان من اشهرها المعركة حول المركز العام للحزب الشيوعي بامدرمان؛
وهي معركة سقك فيها قتلي وجرحي من الجانبين ؛
وقد حفظها الشيوعيين للصادق وحزب الامة ؛
حتي فشوا غلهم بعد اعوام ؛
في الجزيرة ابا وودنوباوي
عندما انقلبت دولة الايام
وكان الانصار هم الضحية ؛
لا صادقهم المهدي

Post: #81
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 10-31-2003, 01:44 AM
Parent: #80

عجز الصادق ابان وزارته تلك ؛
عجزا مريعا عن حل الثلاثة مشاكل الاساسية في السودان وقتها:
الاولي هي ايقاف الحرب في الجنوب؛
وفقا لاتفاقيات وتوصيات مؤتمر المائدة المستديرة؛
والثانية هي السير بالبلاد في اطار مشروع تنموي؛
والاهتمام خصوصا بتنمية المناطق الريفية ؛
وانهاء الطابع الاحادي الاجانب للاقتصاد السوداني حينها؛
وثالثا تامين النظام الديمقراطي وترسيخ الممارسة الدستورية ؛

بدلا من ذلك؛
اغرق الصادق البلاد والعباد في قضايا وصراعات انصرافية؛
مثل احاديثه الغائمة عن السندكالية ؛ والتي لم يتطوع لشرحها الي اليوم
وصراعه الداخلي حول القيادة في الحزب والطائفة مع عمه الهادي المهدي؛
وانخراطه في مشاريع الاخوان المسلمين ومهزلة ما يسمي بالدستور الاسلامي؛
وتنطعه لحل قضايا العالم الخارجي؛
ومشاكل بلاده الملحة لم تحل؛ بل تتفاقم كل يوم

Post: #82
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: msd
Date: 10-31-2003, 03:47 AM
Parent: #70

up

Post: #108
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Amin Elsayed
Date: 11-06-2003, 01:38 AM
Parent: #70

الاستاذ محمود محمد طه قال الصادق مابطأ قوز اخضر؟ المصيبة انو الصادق واقف بين الشعب السوداني والقوز لا داير يمشي ولا قادر يطأ القوز الاخضر؟

Post: #72
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: محمد الواثق
Date: 06-09-2003, 06:05 PM
Parent: #1

الأخ عادل عبد العاطي

تحيات
طيبات
صدق او لا تصدق
قررت اليوم انا بالمكتب انني عندما اعود الى البيت ان ارسل بوست اسأل عنك لأنك طولت الغياب
ولنا في رسول الله اسوة حسنة (قصته مع اليهودي) عذراً
فأين انا من رسول الله وحاشاك ان تكون يهودياً ولكن العبرة بمضمون الحكاية .

الم تقرأ انت ومار في سيرة رسول الله عليه السصلاة والسلام
ان جبريل عليه السلام جاء يستفسر الرسول عن الدين الصحيح وهو حامل الوحي ولكنه كان يريد ان يعلم الناس دينهم
فهكذا الحال هنا

ويبدو انك حننت الى اركان النقاش والمهاترات والتهكمات
ولكن الحق يخرج ابلجا

Post: #73
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 06-09-2003, 06:22 PM
Parent: #72

الاخ محمد الواثق

شكرا علي النية الطيبة ؛ وانما الاعمال بالنيات ؛ ولكل امرء ما نوي

والحق ابلج نعم

عادل

Post: #77
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 10-30-2003, 08:33 PM
Parent: #73

نرفع البوست بنية المواصلة

عادل

Post: #83
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: degna
Date: 10-31-2003, 07:09 AM
Parent: #77

السودان القديم يريد ان يعود بوجه جديد وبواسطة السيد
الصادق المهدي
ولكن تعلمنا كثيرا من التجارب ولن نسمح ان نكون حقل تجارب وعلي زعماء الطائفية ان يبحثوا عن حقلا اخر غير
السودان
موضوع هام للغاية اخي عادل

ali adroub

Post: #84
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: مارد
Date: 10-31-2003, 07:22 AM
Parent: #83

الأخ عادل وبقية المساهمين .. تحياتى .. ياجماعة ماكان تخلوا رمضان ينتهى .. أها يظهر إنه دى دعوة أخونا الريح السنهورى " للتكريم " رجّعت الناس للبوست ده بالسرعة دى .. عموماً رمضان كريم ويمكن أرجع كان الله هوّن

Post: #85
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: AbuSarah
Date: 10-31-2003, 03:45 PM
Parent: #1

الاستاذ عادل المحترم
رمضان كريم

الشطرة الثانية من الشعار المبدئ لك في هذا المنبر هو العدل قبل الاحسان... وان كنت حقا من مناصري قضايا العدالة حتما ان من اهم مقولات الحرص عليها ما قال به احد رجال القانون الانجليز " عش امينا ، و لاتلحق ضررا بالناس ، رد لك انسان حقه".

ا: اتساءل هل انت امين فيما تتطرح حول الصادق المهدي؟
2: هل الاستهداف المقرض من شروط البحث العلمي الموضوعية؟
3: هل تعتقد بان الصادق المهدي ليس انسانا له حقوق يجب ان ترده انت او غيرك له مثلما نحن نطالبه بالايفاء باستحقاقاتنا حين يكون حاكما او حتى مواطنا عاديا لا سلطة في يده؟

4- كتاباتك حول الصادق المهدي لا ترقى الى ما يمكن ان يسمى بحثا علميا من اجل الحقيقة لانها كتابات مقرضة وغير منصفة ، وفيها الرغبة في التشفي اكثر.
5- كتاباتك تركز في مصادرها على ما كتبه اناس غير مبرئين في ما كتبوا وانهم ينطلقون من رؤى مؤدلجة استهدافية وان لم تخلو من موضوعية في بعض الاحيان ولكنك تنتزع منها السم لتقذفه على الصادق المهدي ، ووتحتفظ انت بالدسم!!.... وهنا ينطبق عليك المثل اخي " الما بريد في الظلام بحمر ليك".

6- فتحي الضو ، وجمال خليل وما كتباه والدكتور ابكر وقراءته حول مقال السيد الصادق بالحياة ، جميعها لم تخلو من الانحياز لرؤية سياسية يؤمنون بها وينتصرون لها بالحق او الباطل ، ما كتبوه يشوبه الكثير من الابتسار.
7- البشارة والتطير قيم راسخة في اعراف اهل السودان وعادتهم وتقاليدهم ، بل في كل القيم المجتمعية لشعوب الدنيا، كما بين ذلك الاخ خالد عويس في رده ، فحين تأتي لتحاكم شخصا ما قال بانه سمي فلانا لان " حبوبته" رأت في المنام بان ابن بتنها يسمى فلانا، فهذا لا يؤخذ الا في اطار المنظومة الثقافية والقيم وكريم المعتقدات سماوية كانت او وضعية تسود في ذلك المجتمع....
اتفق معك ، بان لا يذكي المرء نفسه او يطفي عليها قداسة في العمل العام، و لا اعتقد ان الصادق المهدي حين تحدث باريحية عن ذلك كان يرمي الى ما رميت انت اليه او جمال خليل، وان كان قصد ذلك فمن الناحية الموضوعية يجب ان تقول ان ما قال به الصادق المهدي سائد في الثقافة الدينية الاسلامية او حتى اعراف وتقاليد المجتمع السوداني اي ان تحاكم الرجل في سياق البيئة التي تربيت انت وانا وهو وغيرنا فيها ونعلم اسودها وضبعها.... لا ان تتعامل معها وكان الصادق المهدي هو مبتدع هذه العادات في سودان اليوم او الامس.
8- يتفاءل اهل السودان ، اذا بكر الرجل بالبنت لانهم يرونها خير قادم ، ويتفاءلون اذا ولد الولد يوم الجمعة او الخميس او الاثنين لدلالات دينية ، ويتشاءم البعض من يوم الاربعاء وخاصة اذا كانت اخر شهر... وكل هذا في عصر العلمي الحديث لا يعتبر شعوذة او دروشة ، لان علوم الميتافيزقيا قدتطورت كثيرا وبدأ علم الفيزياء يبحث في هذه الامور ولم يتركها لتفسيرات ابن سيرين للاحلام فحسب.
فالبارسايكولوجي علم يدرس في الجامعات ، فاذا قرأت مثلا كتاب الدكتور علي الورد " جذور المصادفة" حتما ستجد مايقوله الصادق المهدي او غيره من اهل السودان ممن يرون ان لهم كرامات او ا لهامات شئ لا تستطيع ان تجادلهم فيه ، لان هناك من الامور قد لا نؤمن او نصدق فيها لاننا لم نحسها نحن بل احس بها غيرنا ، وهنا الموضوعية تقتضي ترك الامر للعلوم وهنا يبرز دور علم الخارقية او البارسيكولوجي وهو علم يدرس واول ابحث له اجريت في جامعة هارفرد قبل عشرين عاما من الان.
كن منصفا حين تتحدث عن الصادق المهدي حين يروي قصص الكرامات او الفأل التي قد يحكيها اي شخص عادي او غير عادي نشأ في بيئة كالبيئة السودانية... واخالك قرأت كتاب الدكتور محمد عابد الجابري " حفريات في الذاكره" وهو يتحدث عن اشياء وكان عمره سنتين" .. واظنك قرأت رواية طائر الشؤوم للدكتور فرانسيس دينق... وشاهدت فيها منطق الاعلون والادنون حتى في روح الاسلاف وكيفية توريثها وحماية العشيرة .... فمجتمع التربية الاسلامية او الاعراف في السودان من الرث او المك او شيخ القرية الى شيخ الطريقة لهم ثقافة لا نملك الا ان ننتقدها في السياق والقيم التي انتجتها.... فهي ليست سبة في جبين المهدي او غيره.
في نظريات القيادة هناك نظرية تسمى بنظرية السمات ، فهي تركز على الصفات الشخصية للقائد بما فيها الهاماته وكراماته والكريزما وهذه النظرية وضعها الغربيون ، لماذا لعلمهم بان في الحياة ما نعلم وما لا نعلم به ، ما نتمتع به وما يتمتع بها غيرنا... فما لا يكن فيك ليس بالضرورة معدوم في غيرك ، وهنا تأتي الموضوعية العدالة في تجلياتها الخالصة.
9- اما اسقاطات اخي الدكتور ادم ابكر بقوله " ابن العشيرة سيد منذ ميلاده ، زعيم في طور التكوين يامر فيطاع ، يشير الى اي شئ فيصبح ملكه،... هذه ليست حالة فردية تفصل على الصادق المهدي ، ولم تكن انت او ابن عمك ابن العمدة او الناظر او الشيخ او حتى رئيس حزبكم ، لم يكون كل هؤلاء بريئين منها ، فهذه ظاهرة مجتمعية تؤخذ في سياقها ، وان رأينا انها من اسباب التخلف في بلادنا فعلاجها يكمن في التطور المدني وانتشار التعليم ، وتطور نظم الادارة في السودان او غيره.....
10- اخالك مخطئ في تحليلك او قراءة الدكتور ابكر ان كنتما تعتقدان ان الصادق المهدي ينطلق في كل حركيته السياسية والمعرفية من مفهوم انه خلق ليحكم او انه ولد سيدا ، او لانه صادف ميلاده ميلاد المسيح او لان الحمامة اوالفمرية حطت على عمامة جده الامام عبدالرحمن.... قد لا تصدق ... لقد شاهدت نفسي حدثا تعده انت غريبا ، كنت قد حضرت مع الرئيس الغيني قبل عامين في قريته هو يفتتح مسجدا ضخما من نوعه في افريقيا الغربية .... وبينما هو يخطب امام الحضور في الساحة الخارجية ... اتت "طيرة" وحطت على كتفه ليس على عمامته تخيل وفي وسط من الجمهور يفوق الثلاثني الف مواطن في المنطقة ، توقف هو عن الخطبة قليلا واستقرت الطيرة ما يقرب عن دقيقة فطارت !!!
وقتها كنت انا من ضمن وفد رجال اعمال سعوديين جاءوا ليستثمروا في مشروعات " البوكسايت- خام الالمونيوم في غينيا" ، فاخذنا معه لحضور هذه المناسبة...
انظر كيف صور الرئيس الغيني هذه الحادثة مباشرة وهو في المناصة ... قال انا اخاطبك الان وانا متجها شرقا نحو القبلة ، وان الطيرة البيضاء هذه التي جلست على كتفي اتت من ناحية الشرق ....فانا مستبشر خير ان يكون هناك تعاون كبير بين بلدكم والمملكة العربية السعودية.
فكان له ما اراد جاء الى السعودية بعد 7-8 اشهر من هذا الحادث بدعوة خاصة من الامير سلطان بن عبدالعزيز ... وقبله جاء مبعوث الشخصي المستر جرالد دلوا الذي حكى هذه القصة للقاء له مع الامير هنا في جدة.
قصدت بهذا الحديث انه ليس من الموضوعية ان تتخذ انت او جمال خليل مما قال به الصادق المهدي مادة للسخرية في امور قد تجهلان جذورها العلمية او الروحية حتى وان كنتما ماديين ميكانيكيين في تفكيركما لان العلم اثبت بان مثل هذه الاحداث لها جذورها التي قد يصل البحث العلمي يوما ما الى تفسير منطقي لها من خلال قراءة لاسلاك العقل الباطن او غيره.
10- يبلغ الاسفاف حده حين انتزعت من مقال الدكتور ابكر " لم يعمل اي عمل سوى رئيس حزب ولم بلغ الثلاثين من عمره عمل رئيس وزراء" .... هذه ليس حقيقة ، معروف ان الصادق المهدي بعد تخرجه من اوكسفورد عمل موظفا في وزارة المالية السودانية، والامانة العلمية لا التحيزات الايديولوجية تقتضي الانصاف... وانت تعيش في اوروبا وتعلم ان هناك ان تدربت في مطعم لمدة يومين من حقك ان تضيفها لسيرتك الذاتية حتى وان اصبحت بروفسور في الطب في مستقبل ايامك وهذا لا ينقص من هيبتك شئيا بل تكون مضع احترام دائم لانه في ذلك كفاح.
11- هل عيبا ان يعد اي زعيم ابناؤه للقيادة، حتى تستشهد بقول ابكر " وكان من المفهوم اعداد الصادق لمهام الوراثة" والسيد عبد الرحمن يعرف جيدا مفاتيح المستقبل"... هذا شئ طبيعي ويحمد عليه الامام عبدالرحمن في اهتمامه بان يعد شخصامن اسرته ليلعب دورا بارزا في حزبه او وطنه .... العيب هو ان لم يهتم بتربية ابنائه وتركهم يلهون ويعبثون وغارقون في المجون... يا اخوتي ماذا تريدوا ان تقولوا لنا ليس من حق شيخ القرية ان يربي ابنه على الفضيلة ويعلمه الرماية وركوب الخيل ونظم القوافي .... اتريدوا ان تقولوا لنا هذا حرام في منطق الفكر العلماني ..... هل نتمنى لهؤلاء ان يتربوا على الرزيلة والانحطاط كشرط كافي لتخليهم عن القيادة او المشاركة في الشأن العام.
هذه حالة طبيعية في ارقى المجتمعات... هل تعتقدون بان رؤساء امريكا جاءوا على حين غرة ليصبحوا حكاما.... وهل كان من جذور المصادفة ان يصافح طالب المتوسط بيل كلينتون الرئيس ادوارد كندي ليأتي ليصبح رئيسا للولايات المتحدة لاحقا .... هل اسرة بوش اسرة غير مرعية اسر الحاكمين كال بوش او من الاجهزة الخاصة للولايات المتحدة كاعدادا للقادة وغيره ! ان الامور لا تسير اعتباطا سواء كان في دول المؤسسات كامريكا وبريطانيا او مجتمعات القيم والتقاليد التي نراها متخلفة في كالسودان او العالم الثالث.
علم النظم الاجتماعية والسياسية ، يتعامل مع الواقع ، فالوراثة ما زالت ضمن النظم الاجتماعية المتأصلة في البيئة السودانية ، وان الالية الوحيدة للتحرر منها هي التطور المدني والتعليم والوعي كما اسلفنا وهذه عملية زمن وجهد مدروس ومخطط.... فمن اصغر وحدة شيخ القرية الى اكبر وحدة الحزب تجد العامل الوراثي له تأثير... والوراثة عندنا في السودان اشكال والوان لربما يكون الوريث ليس ابنا بل من اهل الثقة في حالةالحزب الشيوعي "نقد والتجاني الطيب" او الجبهة " الترابي وعلي عثمان قبل الانشقاق"!!!
فحين يتحدث الصادق المهدي عن الاصل والعصر فهو لا يعيش تناقضا في ذلك ، لان رؤيته للفكر الاسلامي المنبثق من العقيدة الاسلامية واضحة في ذهنه ، فهو لا يرى في الاسلام عائق للتقدم اوالحداثة كما تراه انت او اي علماني او مادي يساري ... فبقدرما انت منسجما روحيا ونفسيا بانه لا دور للدين في التغيير الاجتماعي وانه ضد الحداثة ، هناك من يرى عكس ذلك تماما ويكون منسجما تماما مع ما يرى بانه اصيلا وعصريا وحداثيا ايضا... اي مسلم مستنير قارئ حقا لدينة ومقاصده وتاريخ الاسلام ومقاصده يدرك تمام العلم بان الاسلام لا يمكن ان يكون الا في ختدق الدولة المدنية ودولة المواطنة والعدل والتوحد على اسس المواطنة وحقوق الانسان ... اي مسلم مسنتنير يعمل في العمل العام يدرك بان الديمقراطية هي ارقى ما وصلت اليه التجربة الانسانية في ايامنا الحاضرة ، فلا يمكن ان يكون بوقا لنظام حزب واحد شمولي ، فلم يكن الصادق المهدي يوما في خندق الشمولية ، وان فكرة الحزب الغالب لم تكن في يوم من الايام ضد التعددية ، فهي فكرة قائمة على ان يحصل حزب ما على اغلبية برلمانية تمكنه من الحكم وتنفيذ البرنامج ، مما يجنب البلاد ازمات الائتلاف التي اعاقت مشروعات تنموية كثيرة، هذا هو المقصد من ذلك وببساطة شديدة في كل ادبيات حزب الامة التي قرأناها لم نعلم ان حزب الامة او زعيمه يوما ما دعى الى دول الحزب الواحد فالفرق بين بان تعمل ليكون حزبك غالبا والرقم الاول في خارطة الانتخابات وبين ان تعمل لدولة الحزب الواحد.

قضايا كحديثك عن الجمع بين الامامة ورئاسة حزب الامة ، انا شخصيا اعارض هذه الحالة لا من منطلق انها تتنافى مع عقيدتي او انها ليست من الاسلام في شئ ولكن من مبدأ تقسيم الادوار ونطاق الاشراف اي تقسيم عمل .... الامامة لها مشاغلها الكثيرة مثلما للسكرتارية العامة مشاغلها الاكبر.... لقد جمع الامام الصديق بين الامامة ورئاسةالحزب وليس ما يحدث الثوم مع السيد الصادق سابقة في تاريخ حزب الامة وكيان الانصار ومن قبل جمع الخليفة عبدالله بين الامامة ايضا ورئاسة الدولة كلها....اننا نطالب بفصل للسلطات الدينية والسياسية في الحزب بغرض الفاعلية في الاداء ، لا لان السياسة ضد الدين او الدين لا دور لها في الحياة الاجتماعية للشعوب.
وفي هذا السياق اود ان الفت انتباه الاخوة الذين يتحدثون عن العلمانية كما هي مطبقة في اوروبا والتي اعلت القيم الفردية على القيم الجماعية بما فيها سلطان الدين وان لم تلقي به في البحر ولكن عليك ان تتعبد دون اكراه للاخرين لقبول خياراتك وعقيدتك.....
الحديث عن علمانية فلسفية بهذا المعنى في سودان اليوم والامس ، كمن يتحدث عن قيام دولة اسلامية في امريكا اليوم او بريطانيا ...هل هذا ممكنا في ظل المذهب الوجودي والفردي الذي يحكم المجتمعات هناك.!!!... هنا يرز دور التوفيق بين معطيات الواقع المعاش بعقلانية تستصحب كل النظم الاجتماعية المتمبيأة في ارض السودان في لا غلو ديني او علماني فلسفي وهذا ما برهنت عنه كل مواقف حزب الامة في نهج الصحوة وحتى اخر وثيقة للتعاهد الوطني المؤسسة اجتهادات العقدين الاخيرين للمدرسة الفكرية والاستراتيجية بحزب الامة.
القراءة باسفاف لاجتهادات حزب الامة لا ينقصها قدرها ، بقدرما يعبر عن حنق وحقد غير مبرر من الباحث الذي يحاول التقليل من شأن تلك الاجتهادات .... عندما نقول حزب الامة يملك اكبر مكتبة وادبيات حزبية على الاطلاق لا نعني بذلك ما كتب السيد الصادق فحسب ، بل للحزب كتاب ومنظرين لهم اجتهاداتهم التي يعمل بها داخل مؤسسة الحزب وكيان الانصار.... وهذه ليست مسألة مغالطة ، فالباحث الامين بامكانه ان يطوف دور الاحزاب كلها ويحصي مؤلفاتها في القضايا المختلفة ويقوم بتحليلها من حيث الكم والنوعي وبمنهج بحثي وتحليلي محايد لعناصر الخطاب السياسي لكل منها وسوف يتبين ان حزب الامة حقا هو الرقم الاول في مبادراتها وبرنامجه.

وثمة ملاحظ اخرى هي قول الاستاذ عادل " ان الصادق المهدي لا يريدان يكف عن كونه زعيما للانصار ، ولكنه يود ان يكون زعيما لكل الشعب السوداني بما فيه غير مسلمين ، ومسلمون من طوائف اخرى ومسلمين رافضيين للطائفية"... هنا اقول ان الديمقراطية وبتعريفها البسيط "هي حكم الشعب بالشعب وللشعب"
ولما كان نظام الحكم الذي يطالب ويناضل حزب الامة من اجله هو نظام ديمقراطي تعددي تحسم مسألة السلطة والزعامة فيه عبر الاقتراع ، فلا مجال للمماحكات اللفظية هنا. مثلما ان الشرعية الانتخابية لا تجزأ لان الديمقراطيةهي حكم الاغلبية اوالاكثرية ، ولما كان حزب الامة واقعيا وليس بالاماني هو صاحب الشعبية الاكبر فهو زعيم القوى الوطنية ورئيسه شئنا ام ابينا هو زعيم سوداني قومي بفكره ومواقفه وبما يدين له الشعب به وما يدين به هو للشعب....
الزعامة حالة نسبية وليست مطلقة ، و لا احد يدخل الاخرين في " بيت طاعة" زعامية ، وفي كل اطار للاجتماع البشري توجد اغلبية او اكثرية مثلما توجد اقلية وطبيعي ان الاقليات تحترم النظام القائم وان لم تعترف به او بزعامته.
فليعتبر الاخ عادل فردا كان او حزب اقلية من المعارضيين لزعامة رئيس حزب الامة وحزبه للسودان ، ولهذا لا ينفي عن السيدالصادق المهدي كونه زعيما سودانيا قوميا حقيقيا... و لا تنفي زعامة المهدي للسودان حق عادل واخوته الانسانية بما فيه حق المعارضة او الاعتراف بتلك الزعامة وهذا هو حال الدنيا في كل مكان.

يقول عادل " يريد ان يحافظ على القاعدة الاجتماعية الضيقة ويزعم عن نفسه القومية والانفتاح السوداني"
لا اعتقد بان هناك باحث امين يستطيع ان يقول ان حزب يمثل باخر نتيجة انتخابية 40% من الشعب السوداني بانه قاعدة اجتماعية "ضيقة"
هذا غل في نفس الباحث ، يجعله يرى الاشياء على غير حقيقتها والواقع على خلاف ما هو كائن....
واذا سلمنا جدلا بذلك فالقومية بالفكر والتوجه والمواقف وليست بالعددية ، فان قسناها بالعددية فنصيب الاخ عادل عبد العاطي وكل احزابه التي تنقل منها كلاعب ماهر في حلقة السيرك سيكون نصيبه من القومية تحت درجة الصفر اي " التجمد القومي"..... فهذا معيار ليس في مصلحة الباحث الذي يناضل في تدمير المتخيل الطائفي الذي يراه ماثلا امامه لبناء سودان حزب الوسط. فحزب الامة حزب قومي فكرا ومجاهدات ، تاريخا وحاضرا ومستقبلا.

الاحاطة بالشأن السوداني تقتضي التعاطي مع حالة التنوع فيه وهذه لا تعني ان الصادق المهدي يريدان يركب سرجين او سروج كثيرة ، او يلهج بلسانيين وهو صاحب لسان عربي مبين ، او يحمل لقبين وهو اهل لما يحمل من القاب لطالما اتت عبر الاقتراع المباشر ، ولكن عليه ان يتحمل مسؤليته في ذلك.

مثل تلك احكام جزاف تجد تفسيرها في عبارة قال بها الاستاذ عادل نفسه " طبعا الصادق المهدي شخص ذكي ولديه القدرة على اصطناع المنطق الشكلي في حلبة اللامنطق " السياسة السودانية"...
لا يضير ا لمهدي شيئا ان يكون ذكيا ، ولكن مشكلته رجل ذكي وعلامة وجد نفسه يتعامل مع الحلبة التي سميتها اخي عادل بحلبة اللامنطق ، والتي يضع فيها الباحث مثلك العربة قبل الحصان.... ويضع خلاصة وتوالي البحث قبل مقدماته .... وينصب المقاصل الفكرية والسياسية قبل اقامة ميزان العدل بالقسطاس.
قد نتفق في بعض الجوانب وقد نختلف في معالجتها من حيث المنظور العلمي لتناول الظواهر وهذا شئ طبيعي اما ان تكون رسالتنا البحثية هي الاستهداف .... فهذا طريق يفضى الى العدمية والحرث في البحر.


ولك ودي واحترامي

اخوكم/ ابوساره بابكر حسن صالح
****************************************************************

" عش امينا ، لا تلحق ضررا بالناس ، رد لكل انسان حقه "

Post: #86
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: AbuSarah
Date: 10-31-2003, 03:46 PM
Parent: #1

الاستاذ عادل المحترم
رمضان كريم

الشطرة الثانية من الشعار المبدئ لك في هذا المنبر هو العدل قبل الاحسان... وان كنت حقا من مناصري قضايا العدالة حتما ان من اهم مقولات الحرص عليها ما قال به احد رجال القانون الانجليز " عش امينا ، و لاتلحق ضررا بالناس ، رد لك انسان حقه".

ا: اتساءل هل انت امين فيما تتطرح حول الصادق المهدي؟
2: هل الاستهداف المقرض من شروط البحث العلمي الموضوعية؟
3: هل تعتقد بان الصادق المهدي ليس انسانا له حقوق يجب ان ترده انت او غيرك له مثلما نحن نطالبه بالايفاء باستحقاقاتنا حين يكون حاكما او حتى مواطنا عاديا لا سلطة في يده؟

4- كتاباتك حول الصادق المهدي لا ترقى الى ما يمكن ان يسمى بحثا علميا من اجل الحقيقة لانها كتابات مقرضة وغير منصفة ، وفيها الرغبة في التشفي اكثر.
5- كتاباتك تركز في مصادرها على ما كتبه اناس غير مبرئين في ما كتبوا وانهم ينطلقون من رؤى مؤدلجة استهدافية وان لم تخلو من موضوعية في بعض الاحيان ولكنك تنتزع منها السم لتقذفه على الصادق المهدي ، ووتحتفظ انت بالدسم!!.... وهنا ينطبق عليك المثل اخي " الما بريد في الظلام بحمر ليك".

6- فتحي الضو ، وجمال خليل وما كتباه والدكتور ابكر وقراءته حول مقال السيد الصادق بالحياة ، جميعها لم تخلو من الانحياز لرؤية سياسية يؤمنون بها وينتصرون لها بالحق او الباطل ، ما كتبوه يشوبه الكثير من الابتسار.
7- البشارة والتطير قيم راسخة في اعراف اهل السودان وعادتهم وتقاليدهم ، بل في كل القيم المجتمعية لشعوب الدنيا، كما بين ذلك الاخ خالد عويس في رده ، فحين تأتي لتحاكم شخصا ما قال بانه سمي فلانا لان " حبوبته" رأت في المنام بان ابن بتنها يسمى فلانا، فهذا لا يؤخذ الا في اطار المنظومة الثقافية والقيم وكريم المعتقدات سماوية كانت او وضعية تسود في ذلك المجتمع....
اتفق معك ، بان لا يذكي المرء نفسه او يطفي عليها قداسة في العمل العام، و لا اعتقد ان الصادق المهدي حين تحدث باريحية عن ذلك كان يرمي الى ما رميت انت اليه او جمال خليل، وان كان قصد ذلك فمن الناحية الموضوعية يجب ان تقول ان ما قال به الصادق المهدي سائد في الثقافة الدينية الاسلامية او حتى اعراف وتقاليد المجتمع السوداني اي ان تحاكم الرجل في سياق البيئة التي تربيت انت وانا وهو وغيرنا فيها ونعلم اسودها وضبعها.... لا ان تتعامل معها وكان الصادق المهدي هو مبتدع هذه العادات في سودان اليوم او الامس.
8- يتفاءل اهل السودان ، اذا بكر الرجل بالبنت لانهم يرونها خير قادم ، ويتفاءلون اذا ولد الولد يوم الجمعة او الخميس او الاثنين لدلالات دينية ، ويتشاءم البعض من يوم الاربعاء وخاصة اذا كانت اخر شهر... وكل هذا في عصر العلمي الحديث لا يعتبر شعوذة او دروشة ، لان علوم الميتافيزقيا قدتطورت كثيرا وبدأ علم الفيزياء يبحث في هذه الامور ولم يتركها لتفسيرات ابن سيرين للاحلام فحسب.
فالبارسايكولوجي علم يدرس في الجامعات ، فاذا قرأت مثلا كتاب الدكتور علي الورد " جذور المصادفة" حتما ستجد مايقوله الصادق المهدي او غيره من اهل السودان ممن يرون ان لهم كرامات او ا لهامات شئ لا تستطيع ان تجادلهم فيه ، لان هناك من الامور قد لا نؤمن او نصدق فيها لاننا لم نحسها نحن بل احس بها غيرنا ، وهنا الموضوعية تقتضي ترك الامر للعلوم وهنا يبرز دور علم الخارقية او البارسيكولوجي وهو علم يدرس واول ابحث له اجريت في جامعة هارفرد قبل عشرين عاما من الان.
كن منصفا حين تتحدث عن الصادق المهدي حين يروي قصص الكرامات او الفأل التي قد يحكيها اي شخص عادي او غير عادي نشأ في بيئة كالبيئة السودانية... واخالك قرأت كتاب الدكتور محمد عابد الجابري " حفريات في الذاكره" وهو يتحدث عن اشياء وكان عمره سنتين" .. واظنك قرأت رواية طائر الشؤوم للدكتور فرانسيس دينق... وشاهدت فيها منطق الاعلون والادنون حتى في روح الاسلاف وكيفية توريثها وحماية العشيرة .... فمجتمع التربية الاسلامية او الاعراف في السودان من الرث او المك او شيخ القرية الى شيخ الطريقة لهم ثقافة لا نملك الا ان ننتقدها في السياق والقيم التي انتجتها.... فهي ليست سبة في جبين المهدي او غيره.
في نظريات القيادة هناك نظرية تسمى بنظرية السمات ، فهي تركز على الصفات الشخصية للقائد بما فيها الهاماته وكراماته والكريزما وهذه النظرية وضعها الغربيون ، لماذا لعلمهم بان في الحياة ما نعلم وما لا نعلم به ، ما نتمتع به وما يتمتع بها غيرنا... فما لا يكن فيك ليس بالضرورة معدوم في غيرك ، وهنا تأتي الموضوعية العدالة في تجلياتها الخالصة.
9- اما اسقاطات اخي الدكتور ادم ابكر بقوله " ابن العشيرة سيد منذ ميلاده ، زعيم في طور التكوين يامر فيطاع ، يشير الى اي شئ فيصبح ملكه،... هذه ليست حالة فردية تفصل على الصادق المهدي ، ولم تكن انت او ابن عمك ابن العمدة او الناظر او الشيخ او حتى رئيس حزبكم ، لم يكون كل هؤلاء بريئين منها ، فهذه ظاهرة مجتمعية تؤخذ في سياقها ، وان رأينا انها من اسباب التخلف في بلادنا فعلاجها يكمن في التطور المدني وانتشار التعليم ، وتطور نظم الادارة في السودان او غيره.....
10- اخالك مخطئ في تحليلك او قراءة الدكتور ابكر ان كنتما تعتقدان ان الصادق المهدي ينطلق في كل حركيته السياسية والمعرفية من مفهوم انه خلق ليحكم او انه ولد سيدا ، او لانه صادف ميلاده ميلاد المسيح او لان الحمامة اوالفمرية حطت على عمامة جده الامام عبدالرحمن.... قد لا تصدق ... لقد شاهدت نفسي حدثا تعده انت غريبا ، كنت قد حضرت مع الرئيس الغيني قبل عامين في قريته هو يفتتح مسجدا ضخما من نوعه في افريقيا الغربية .... وبينما هو يخطب امام الحضور في الساحة الخارجية ... اتت "طيرة" وحطت على كتفه ليس على عمامته تخيل وفي وسط من الجمهور يفوق الثلاثني الف مواطن في المنطقة ، توقف هو عن الخطبة قليلا واستقرت الطيرة ما يقرب عن دقيقة فطارت !!!
وقتها كنت انا من ضمن وفد رجال اعمال سعوديين جاءوا ليستثمروا في مشروعات " البوكسايت- خام الالمونيوم في غينيا" ، فاخذنا معه لحضور هذه المناسبة...
انظر كيف صور الرئيس الغيني هذه الحادثة مباشرة وهو في المناصة ... قال انا اخاطبك الان وانا متجها شرقا نحو القبلة ، وان الطيرة البيضاء هذه التي جلست على كتفي اتت من ناحية الشرق ....فانا مستبشر خير ان يكون هناك تعاون كبير بين بلدكم والمملكة العربية السعودية.
فكان له ما اراد جاء الى السعودية بعد 7-8 اشهر من هذا الحادث بدعوة خاصة من الامير سلطان بن عبدالعزيز ... وقبله جاء مبعوث الشخصي المستر جرالد دلوا الذي حكى هذه القصة للقاء له مع الامير هنا في جدة.
قصدت بهذا الحديث انه ليس من الموضوعية ان تتخذ انت او جمال خليل مما قال به الصادق المهدي مادة للسخرية في امور قد تجهلان جذورها العلمية او الروحية حتى وان كنتما ماديين ميكانيكيين في تفكيركما لان العلم اثبت بان مثل هذه الاحداث لها جذورها التي قد يصل البحث العلمي يوما ما الى تفسير منطقي لها من خلال قراءة لاسلاك العقل الباطن او غيره.
10- يبلغ الاسفاف حده حين انتزعت من مقال الدكتور ابكر " لم يعمل اي عمل سوى رئيس حزب ولم بلغ الثلاثين من عمره عمل رئيس وزراء" .... هذه ليس حقيقة ، معروف ان الصادق المهدي بعد تخرجه من اوكسفورد عمل موظفا في وزارة المالية السودانية، والامانة العلمية لا التحيزات الايديولوجية تقتضي الانصاف... وانت تعيش في اوروبا وتعلم ان هناك ان تدربت في مطعم لمدة يومين من حقك ان تضيفها لسيرتك الذاتية حتى وان اصبحت بروفسور في الطب في مستقبل ايامك وهذا لا ينقص من هيبتك شئيا بل تكون مضع احترام دائم لانه في ذلك كفاح.
11- هل عيبا ان يعد اي زعيم ابناؤه للقيادة، حتى تستشهد بقول ابكر " وكان من المفهوم اعداد الصادق لمهام الوراثة" والسيد عبد الرحمن يعرف جيدا مفاتيح المستقبل"... هذا شئ طبيعي ويحمد عليه الامام عبدالرحمن في اهتمامه بان يعد شخصامن اسرته ليلعب دورا بارزا في حزبه او وطنه .... العيب هو ان لم يهتم بتربية ابنائه وتركهم يلهون ويعبثون وغارقون في المجون... يا اخوتي ماذا تريدوا ان تقولوا لنا ليس من حق شيخ القرية ان يربي ابنه على الفضيلة ويعلمه الرماية وركوب الخيل ونظم القوافي .... اتريدوا ان تقولوا لنا هذا حرام في منطق الفكر العلماني ..... هل نتمنى لهؤلاء ان يتربوا على الرزيلة والانحطاط كشرط كافي لتخليهم عن القيادة او المشاركة في الشأن العام.
هذه حالة طبيعية في ارقى المجتمعات... هل تعتقدون بان رؤساء امريكا جاءوا على حين غرة ليصبحوا حكاما.... وهل كان من جذور المصادفة ان يصافح طالب المتوسط بيل كلينتون الرئيس ادوارد كندي ليأتي ليصبح رئيسا للولايات المتحدة لاحقا .... هل اسرة بوش اسرة غير مرعية اسر الحاكمين كال بوش او من الاجهزة الخاصة للولايات المتحدة كاعدادا للقادة وغيره ! ان الامور لا تسير اعتباطا سواء كان في دول المؤسسات كامريكا وبريطانيا او مجتمعات القيم والتقاليد التي نراها متخلفة في كالسودان او العالم الثالث.
علم النظم الاجتماعية والسياسية ، يتعامل مع الواقع ، فالوراثة ما زالت ضمن النظم الاجتماعية المتأصلة في البيئة السودانية ، وان الالية الوحيدة للتحرر منها هي التطور المدني والتعليم والوعي كما اسلفنا وهذه عملية زمن وجهد مدروس ومخطط.... فمن اصغر وحدة شيخ القرية الى اكبر وحدة الحزب تجد العامل الوراثي له تأثير... والوراثة عندنا في السودان اشكال والوان لربما يكون الوريث ليس ابنا بل من اهل الثقة في حالةالحزب الشيوعي "نقد والتجاني الطيب" او الجبهة " الترابي وعلي عثمان قبل الانشقاق"!!!
فحين يتحدث الصادق المهدي عن الاصل والعصر فهو لا يعيش تناقضا في ذلك ، لان رؤيته للفكر الاسلامي المنبثق من العقيدة الاسلامية واضحة في ذهنه ، فهو لا يرى في الاسلام عائق للتقدم اوالحداثة كما تراه انت او اي علماني او مادي يساري ... فبقدرما انت منسجما روحيا ونفسيا بانه لا دور للدين في التغيير الاجتماعي وانه ضد الحداثة ، هناك من يرى عكس ذلك تماما ويكون منسجما تماما مع ما يرى بانه اصيلا وعصريا وحداثيا ايضا... اي مسلم مستنير قارئ حقا لدينة ومقاصده وتاريخ الاسلام ومقاصده يدرك تمام العلم بان الاسلام لا يمكن ان يكون الا في ختدق الدولة المدنية ودولة المواطنة والعدل والتوحد على اسس المواطنة وحقوق الانسان ... اي مسلم مسنتنير يعمل في العمل العام يدرك بان الديمقراطية هي ارقى ما وصلت اليه التجربة الانسانية في ايامنا الحاضرة ، فلا يمكن ان يكون بوقا لنظام حزب واحد شمولي ، فلم يكن الصادق المهدي يوما في خندق الشمولية ، وان فكرة الحزب الغالب لم تكن في يوم من الايام ضد التعددية ، فهي فكرة قائمة على ان يحصل حزب ما على اغلبية برلمانية تمكنه من الحكم وتنفيذ البرنامج ، مما يجنب البلاد ازمات الائتلاف التي اعاقت مشروعات تنموية كثيرة، هذا هو المقصد من ذلك وببساطة شديدة في كل ادبيات حزب الامة التي قرأناها لم نعلم ان حزب الامة او زعيمه يوما ما دعى الى دول الحزب الواحد فالفرق بين بان تعمل ليكون حزبك غالبا والرقم الاول في خارطة الانتخابات وبين ان تعمل لدولة الحزب الواحد.

قضايا كحديثك عن الجمع بين الامامة ورئاسة حزب الامة ، انا شخصيا اعارض هذه الحالة لا من منطلق انها تتنافى مع عقيدتي او انها ليست من الاسلام في شئ ولكن من مبدأ تقسيم الادوار ونطاق الاشراف اي تقسيم عمل .... الامامة لها مشاغلها الكثيرة مثلما للسكرتارية العامة مشاغلها الاكبر.... لقد جمع الامام الصديق بين الامامة ورئاسةالحزب وليس ما يحدث الثوم مع السيد الصادق سابقة في تاريخ حزب الامة وكيان الانصار ومن قبل جمع الخليفة عبدالله بين الامامة ايضا ورئاسة الدولة كلها....اننا نطالب بفصل للسلطات الدينية والسياسية في الحزب بغرض الفاعلية في الاداء ، لا لان السياسة ضد الدين او الدين لا دور لها في الحياة الاجتماعية للشعوب.
وفي هذا السياق اود ان الفت انتباه الاخوة الذين يتحدثون عن العلمانية كما هي مطبقة في اوروبا والتي اعلت القيم الفردية على القيم الجماعية بما فيها سلطان الدين وان لم تلقي به في البحر ولكن عليك ان تتعبد دون اكراه للاخرين لقبول خياراتك وعقيدتك.....
الحديث عن علمانية فلسفية بهذا المعنى في سودان اليوم والامس ، كمن يتحدث عن قيام دولة اسلامية في امريكا اليوم او بريطانيا ...هل هذا ممكنا في ظل المذهب الوجودي والفردي الذي يحكم المجتمعات هناك.!!!... هنا يرز دور التوفيق بين معطيات الواقع المعاش بعقلانية تستصحب كل النظم الاجتماعية المتمبيأة في ارض السودان في لا غلو ديني او علماني فلسفي وهذا ما برهنت عنه كل مواقف حزب الامة في نهج الصحوة وحتى اخر وثيقة للتعاهد الوطني المؤسسة اجتهادات العقدين الاخيرين للمدرسة الفكرية والاستراتيجية بحزب الامة.
القراءة باسفاف لاجتهادات حزب الامة لا ينقصها قدرها ، بقدرما يعبر عن حنق وحقد غير مبرر من الباحث الذي يحاول التقليل من شأن تلك الاجتهادات .... عندما نقول حزب الامة يملك اكبر مكتبة وادبيات حزبية على الاطلاق لا نعني بذلك ما كتب السيد الصادق فحسب ، بل للحزب كتاب ومنظرين لهم اجتهاداتهم التي يعمل بها داخل مؤسسة الحزب وكيان الانصار.... وهذه ليست مسألة مغالطة ، فالباحث الامين بامكانه ان يطوف دور الاحزاب كلها ويحصي مؤلفاتها في القضايا المختلفة ويقوم بتحليلها من حيث الكم والنوعي وبمنهج بحثي وتحليلي محايد لعناصر الخطاب السياسي لكل منها وسوف يتبين ان حزب الامة حقا هو الرقم الاول في مبادراتها وبرنامجه.

وثمة ملاحظ اخرى هي قول الاستاذ عادل " ان الصادق المهدي لا يريدان يكف عن كونه زعيما للانصار ، ولكنه يود ان يكون زعيما لكل الشعب السوداني بما فيه غير مسلمين ، ومسلمون من طوائف اخرى ومسلمين رافضيين للطائفية"... هنا اقول ان الديمقراطية وبتعريفها البسيط "هي حكم الشعب بالشعب وللشعب"
ولما كان نظام الحكم الذي يطالب ويناضل حزب الامة من اجله هو نظام ديمقراطي تعددي تحسم مسألة السلطة والزعامة فيه عبر الاقتراع ، فلا مجال للمماحكات اللفظية هنا. مثلما ان الشرعية الانتخابية لا تجزأ لان الديمقراطيةهي حكم الاغلبية اوالاكثرية ، ولما كان حزب الامة واقعيا وليس بالاماني هو صاحب الشعبية الاكبر فهو زعيم القوى الوطنية ورئيسه شئنا ام ابينا هو زعيم سوداني قومي بفكره ومواقفه وبما يدين له الشعب به وما يدين به هو للشعب....
الزعامة حالة نسبية وليست مطلقة ، و لا احد يدخل الاخرين في " بيت طاعة" زعامية ، وفي كل اطار للاجتماع البشري توجد اغلبية او اكثرية مثلما توجد اقلية وطبيعي ان الاقليات تحترم النظام القائم وان لم تعترف به او بزعامته.
فليعتبر الاخ عادل فردا كان او حزب اقلية من المعارضيين لزعامة رئيس حزب الامة وحزبه للسودان ، ولهذا لا ينفي عن السيدالصادق المهدي كونه زعيما سودانيا قوميا حقيقيا... و لا تنفي زعامة المهدي للسودان حق عادل واخوته الانسانية بما فيه حق المعارضة او الاعتراف بتلك الزعامة وهذا هو حال الدنيا في كل مكان.

يقول عادل " يريد ان يحافظ على القاعدة الاجتماعية الضيقة ويزعم عن نفسه القومية والانفتاح السوداني"
لا اعتقد بان هناك باحث امين يستطيع ان يقول ان حزب يمثل باخر نتيجة انتخابية 40% من الشعب السوداني بانه قاعدة اجتماعية "ضيقة"
هذا غل في نفس الباحث ، يجعله يرى الاشياء على غير حقيقتها والواقع على خلاف ما هو كائن....
واذا سلمنا جدلا بذلك فالقومية بالفكر والتوجه والمواقف وليست بالعددية ، فان قسناها بالعددية فنصيب الاخ عادل عبد العاطي وكل احزابه التي تنقل منها كلاعب ماهر في حلقة السيرك سيكون نصيبه من القومية تحت درجة الصفر اي " التجمد القومي"..... فهذا معيار ليس في مصلحة الباحث الذي يناضل في تدمير المتخيل الطائفي الذي يراه ماثلا امامه لبناء سودان حزب الوسط. فحزب الامة حزب قومي فكرا ومجاهدات ، تاريخا وحاضرا ومستقبلا.

الاحاطة بالشأن السوداني تقتضي التعاطي مع حالة التنوع فيه وهذه لا تعني ان الصادق المهدي يريدان يركب سرجين او سروج كثيرة ، او يلهج بلسانيين وهو صاحب لسان عربي مبين ، او يحمل لقبين وهو اهل لما يحمل من القاب لطالما اتت عبر الاقتراع المباشر ، ولكن عليه ان يتحمل مسؤليته في ذلك.

مثل تلك احكام جزاف تجد تفسيرها في عبارة قال بها الاستاذ عادل نفسه " طبعا الصادق المهدي شخص ذكي ولديه القدرة على اصطناع المنطق الشكلي في حلبة اللامنطق " السياسة السودانية"...
لا يضير ا لمهدي شيئا ان يكون ذكيا ، ولكن مشكلته رجل ذكي وعلامة وجد نفسه يتعامل مع الحلبة التي سميتها اخي عادل بحلبة اللامنطق ، والتي يضع فيها الباحث مثلك العربة قبل الحصان.... ويضع خلاصة وتوالي البحث قبل مقدماته .... وينصب المقاصل الفكرية والسياسية قبل اقامة ميزان العدل بالقسطاس.
قد نتفق في بعض الجوانب وقد نختلف في معالجتها من حيث المنظور العلمي لتناول الظواهر وهذا شئ طبيعي اما ان تكون رسالتنا البحثية هي الاستهداف .... فهذا طريق يفضى الى العدمية والحرث في البحر.


ولك ودي واحترامي

اخوكم/ ابوساره بابكر حسن صالح
****************************************************************

" عش امينا ، لا تلحق ضررا بالناس ، رد لكل انسان حقه "

Post: #87
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: AbuSarah
Date: 10-31-2003, 09:17 PM
Parent: #1

Coming up tomorrow

AbuSarah

Post: #88
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: msd
Date: 11-01-2003, 01:34 AM
Parent: #87

up

Post: #89
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: AbuSarah
Date: 11-01-2003, 11:42 AM
Parent: #1

Second series coming today evening

Post: #90
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: AbuSarah
Date: 11-02-2003, 10:33 PM
Parent: #1

قادمون قادمون .... الكلمة الطيبة كشجرة طيبة
كلمت تحي وكلمة تقتل
و لا نريد ان نأكل لحم بعضنا احياءا وامواتا

نريد سودانا للحق والعدل والاخاء والانصاف.

ابوساره

Post: #92
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-03-2003, 00:14 AM
Parent: #90

الاخ ابو سارة

رمضان كريم وتصوم وتفطر علي خير

شكرا لك اخي العزيز علي رفع البوست الي اعلي؛
في الفترة التي كنت غائبا فيها؛
كما شكرا لك علي المتابعة والاهتمام وجهد الكتابة

قلنا اعلاه ؛ ان هذا البوست ليس بحثا علميا ؛
وانما هي شرات وملاحظات
ولو جلسنا للبحث فستجد ان حصيلة الصادق اسؤا وامر؛
وان تجنيه علي الشعب السوداني؛
لا يمكن ان يحوطه مثل هذا البوست المتواضع

الثابت لي انك ليس فقط تدعم الصادق في استخدامه للميتافيزيقيا كاحد اسلحة الكهانة الايدلوجية؛
والسيطرة النفسية الاجتماعية ؛
بل انت مقتنع بما ينسبه لنفسه من مزايا خارقة تجعله يعلو ولا يعلي عليه ؛
يملك الحقيقة المطلقة ؛
والعصمة من الخطأ

تصور رجلا يقال له كيف نخاطبك ؛
يقول : الصادق ؛ كصفة

جاء في التراث؛ ان من تواضع لله رفعه
وجاء في الاثر ان احدنا لن يخرق الجبال طولا

وقد كتب احدكم في البورد هنا ان الصادق :
قدر الكون دا كلو ؛ واكبر بي كتير

هنا يصبح كل الحديث المائع عن الديمقراطية والمدنية غير ذو قيمة ؛
وحرثا في البحر

اقول لك في النهاية :
ولدنا احرارا متساويين كاسنان المشط ؛
والصادق المهدي غير مال الريع وسطوة اسمه ؛
ليس له في الكسب من شي شي ؛
الا منطق اعوج
وممارسة عرجاء

فليعدل هو اولا؛
وهو الذي يتحكم في ارواح بشر؛
وليذهب ويترك التسلط باسم الطائفة والدين والحزب
وليرفق قليلا في مناوراته وعشقه للسلطة بشعبنا؛
قبل ان تطالبنا بالعدل؛
والذي نحن عنه باحثون

عادل

Post: #91
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: نصار
Date: 11-03-2003, 00:10 AM
Parent: #1

المشكلة مع مثقفى حزب الامة هذا الانفعال و الغضب الباطش حينما يتجرأ كائن من كان بالتناول النقدى لتجربة الصادق المهدى السياسية و الفكرية و تجربته فى السلطة و فى تعامله مع اهل السلطة ... علهم يخففوا من اثر القداسة و محاورة الاخر من منطلقاتهم التى تدور حول التأثير الذى يتركه الصادق فى الممارسه الوطنية...هذه الدفوعات اللاهثه ذات الركيزة العاطفية تغالط الواقع الشائهة الذى ألت له احوال ساهم الصادق بقدر يفوق الكثيرون من الساسة الاخرون من اقرانه و الذين يكملون معه معالم الخراب ... كثيرا ما اسعى لحوار هادئ مع اصدقائي من حزب الامة على مهاد ان قداسة الرجل قد تعنيكم لكنها لا تمثل لنا شئ الا عندما تصعد به فوق مستوى النقد وحين تشوه جهده فى شأننا العام ...كنا نعيب عليه تقريبه لمبارك الفاضل و يجد له محاورونا الحزبيون العزر و ترد تحفظاتنا و الان بعد انشقاق مبارك بدأ مريدوا الصادق فى ترديد اتهامات للرجل منها ما علمنا و منها ما خى علينا ...القضية ليست الصادق القضية ان بنية تقليدية عجزت واوردتنا المهالك و يجب على عناصرها ان ترك حجم اسهامها فى ذلك و ان تسعى الى اصلاح حالها لتصلح فعالها...اعينوا الرجل على الخير و لنسعى جميعا لخلق مفهوم يؤكد ان الوطن فوق الجميع و لا يستثنى من ذلك احد ..اخوتى لكم ان تؤمموا الصادق فى الطائفة و تعينوه فى خلع العباءة و ياتينا واحد منا مشمرا فىاحة البناء...اذا وجدت من لايرد لى قولا و لا يصوب لى خطأ فأنا صاح فى خطأى...
ايام الدموقراطية رأينا فى الشوارع التى يمر فيها موكب رئيس الوزراء مجموعات من الانصار يزيحون المارة عن عن اطراف الشارع بالقول ،زح يا جنه سيدك جاى،، و ان تفوهت بكلمة تساء و تهدد بالسلاح الابيض كأنك خلعت جبة الاسلام عنك...بهذا لا تبنى الاوطان و هذا لا يتناقم
مع الطرح النظرى للصادق ..الصادق زائل و الوطن هو الباقى بنا و بكم ..اذا اردنا و تجردنا و عملنا

Post: #93
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: msd
Date: 11-03-2003, 00:48 AM
Parent: #91

up

Post: #94
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-03-2003, 01:44 AM
Parent: #91

الاخ نصار

تحية من القلب

صدقت يا اخي في كل ما قلت ؛ ونحن طبعا نعرف دور الفرد في التاريخ ؛ ولكن الفرد يكتسب اهمية كبيرة ؛ في احزاب لا تعرف غير الزعامات ؛ وتطيح بالمؤسسات

هنا مقطع جميل قراته للدكتور حيدر ابراهيم علي؛ يتحدث عن هذه الوعامات التي لا تعترف بمؤسسية ؛ او تدلس باسمها
-------
محو الذاكرة وتزييف الوعي
د. حيدر إبراهيم علي
يعيش المشهد السياسي السوداني سيولة سياسية وفكرية كاملة بحيث تضيع حدود التصنيف والتعريف : اذ يتحول شمولي الامس داعية للديمقراطية ووسيطا للوحدة الوطنية ، ويتغير المتحمس للحرب الى حمامة سلام . ويتم كل هذا التحول والتغيير في فترة قصيرة ودون اي تبرير مقنع لان المسألة ليست مجرد تحويل موجة في المذياع او التلفزيون ، ولكن الامر يتعلق بموقف سياسي او فكري يتصل بالشخصية نفسها وتكوينها ورؤيتها . فالتغيير مرغوب لانه يكون احياناً دليلاً على التطور ، ولكنه قد يتم بهذه القفزات البهلوانية المحيرة ، وهنا يظهر الاستخفاف بالشعب السوداني وعقله ، اذ تصاحب هذه التحولات والتغييرات حملة واسعة وقوية يقودها الاسلامويون من خلال وسائل الاعلام التي يسيطرون عليها ، تهدف الى محو الذاكرة او تشويه مدركاتها وتشويش الوعي الذي يقود الى تحليل ثم احكام صحيحة . وهذا من بعض آليات التفكير الشمولي عموماً وقد برعت فيه النازية.
نحن الان في قلب هذه الاجواء التي يضيع فيها الحق والخير لانه يمتزج مع الباطل والشر ، والكثير يعبر عن هذه الحيرة بان يبادرك بالسؤال قبل ان تقوم انت بذلك : فاهم حاجة ؟ بالطبع كل شئ خاضع للفهم مهما كانت غرائبيته الظاهرية ، فالساحة مليئة هذه الايام بالحواة والسحرة واللاعبين بالبيضة والحجر ، وقد انتعشت الساحة بوجود اللاعب الماهر والمحنك الشيخ حسن الترابي الذي دأب منذ اربعة عقود يقدم فنونه ويدرب الصغار الذين كبروا ونضجوا الان وجاهزين تماماً لحماية الفهلوة السياسية واظن ان المستمعين والمشاهدين يستمتعون كثيراً حين يتابعون الاحاديث والمقابلات واللقاءات. فالشيخ بارع في ادارة وتوجيه اي حوار حسبما يريد هو ، ولا ادري لماذا جاء الى ذهني طيف رجل كان يحمل لافتة على صدره مكتوباً عليها: لكل سؤال جواب ! ويجوب بها الاسواق في ستينيات القرن الماضي ، وللشيخ بالفعل لكل سؤال جواب ولكن تكمن مهارته في تقديم اجابة ولكنها في كل الاحوال ليست على السؤال المحدد الذي طرح عليه، ويستحيل على مذيع او محاور ان يمسك به ويوقفه عند السؤال ، الا كما قال الشاعر : ان يمسك الماء الغرابيل .
سألت نفسي من اين أتى هذا الشيخ بقدراته الغريبة ؟ يساعد الجو العام على وجود مثل هذه الظاهرة بالذات في الظروف السيئة والمتدهورة ، وواتتني اجابة للمفكر الفرنسي روجيه غارودي عن الاصولية ولكن قارن بنجاح النازية في المانيا:« ان دهماوية هتلر وجدت اذاناً صاغية ،في مواجهة احزاب سياسية بلا مشروع ، تخوض معارك عقيمة للوصول الى السلطة او البقاء فيها ، مستفيداً من تعب من هذه السياسة الملهاة ومن فساد الاحزاب>>

--------
المقال كاملا متوفر بسودان نايل

Post: #95
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-03-2003, 02:00 AM
Parent: #94

قلنا ان الصادق المهدي قد شغل الناس بمواضيع انصرافية ؛ كان منها موضوع السندكالية الغريب ؛ وصراعه مع عمه ؛ ومسالة الدستور الاسلامي ؛ وهي قضايا انشغل بها عن القضايا الملحة ؛ وهي قضايا ايقاف الحرب الاهلية ؛ ووضع خطط التنمية ؛ وتقوية الممارسة الديمقراطية

اما صراعه مع عمه الهادي المهدي؛ فقد قاده تحت دعوي الحداثة ؛ ورفض الكهانة ؛ بل ورفض الامامة كمؤسسة في طائفة الانصار. ولان الرجل كما علمنا يتوهم في نفسه الحقيقة المطلقة ؛ ولا يتراجع عن قراراته ولو اتضح له خطئها؛ فقد قاد المعركة شرسه ضد عمه الكهل؛ والذي لم يقف مكتوف الايادي؛ فانشق الحزب وانشفت الاسرة وانشقت الطائفة عموديا؛ وسال كلام كثير يندي له الجبين

بالمقابل وكنهجه في اصطناع نظرية لكل تحولاته ومزاجاته وشهوته العارمة للسلطة ؛ فقد طرح الصادق المهدي تزويقا من افكار الاصلاح ؛ وكون تحالفا سياسيا جديدا؛ اسماه مؤتمر القوي الجديدة ؛ كان فيه جناج حزبه المنقسم ؛ وجبهة الميثاق الاسلامي؛ وحزب سانو جناح الراحب وليم دينق ؛ وغير الحزب الاخير؛ فان التحالف بين جبهة الميثاق وجزب الصادق ؛ قد كان مستمرا لسنوات ؛ ولا يزال رغم الانقطاعات ؛ وقد قرانا في البورد ان الصهرين يريدا اليوم ان يعيدا تحالفهما القديم ؛ والذي اؤدي بالبلاد الي الخراب

ولان الصادق غير مثابر في مواقفه ؛ ولانه عاشق للسلطة ؛ فان ابعاده عنها ؛ هذا الابعاد الذي اعتبره غير قانوني وغير دستوري؛ الامر الذي جعل نواب حزبه يجتمعون تحت الشجر امام الجمعية التاسيسية ؛ وهو الذي اقر من قبل قرارا غير دستوريا ؛ بحل حزب شرعي قائم ؛ وطرد نواب منتخبين من البرلمان ؛ وقال ان حكم المحكمة العليا غير ملزم لحكومته ؛ فانظر الي تناقض الرجل وتخبطه وضعف وعيه وسلوكه الديمقراطي

نقول ان الصادق لكل هذا ؛ ما لبث ان عاد لعمه ؛ ووحد الحزب والاسرة والطائفة من جديد؛ وبلع كل ما قاله وكتبه وصرح به عن الحداثة ؛ وتطوير الحزب والطائفة ؛ والقوي الجديدة ؛ وعدم الزامية الامامة ؛ الخ الخ من الكلام المعسول الذي يبلعه الصادق في الممارسة

ان اكثر شخصين تضررا من صراع الصادق وعمه ؛ لم يكونا من الاسرة ؛ بل كان الاول هو محمد احمد محجوب ؛ السياسي المخضرم ؛ والذي انحاز لجماح الامام ؛ وكان راسه من بعد ثمنا للصلح ؛ فاحيل الي المعاش الاجباري؛ ورمي خارج اطار حزب الامة ؛ بعد ما قدم ما قدم من جهد وعرق ونضال من اجل ذلك الحزب ؛ فانظر الي جزاء سمنار؛ وانظر كيف يكون الوفاء بالعهد عند مهووسي السلطة ومن يظنوا انهم خلقوا ليحكموا الاخرين

اما الشخص الاخر فهو وليم دينق ؛ والذي قتل في الجنوب ابان وزارة الصادق المهدي ؛ في كمين نصب له وتقول اكثر الشهادات ان عناصره قد كانت من الجيش السوداني؛ حيث كان الرجل يبحث عن سلام ؛ ويقتح القنوات مع القوات المتمردة ؛ وقد وعد الصادق بالتحقيق في الامر ؛ وايضاح الحقائق؛ ومحاسبة القتلة ؛ ولا نزال ننتظر ان يفي الصادق الامين بوعده المضروب ؛ الي يومنا هذا

ونواصل

Post: #96
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: lana mahdi
Date: 11-03-2003, 02:58 AM
Parent: #1

كتبت اخى الكريم عادل :-
**************************

قلنا ان الصادق المهدي قد شغل الناس بمواضيع انصرافية ؛ كان منها موضوع السندكالية الغريب"
انتهى كلام عادل فيما يخص السندكالية هنا
_______________________________________
واحب ان اوضح اننى اجريت حوارا مع الامام الصادق المهدى لجريدة البيان بتاريخ 19 يناير 1998 -الموافق 21 رمضان 1418 ه -العدد 6424
وكان هو بالقاهرة وكان الحوار قبيل مؤتمر الحزب الذى انعقد فى اسمرة ،وكان السؤال فيما يخص هذه الجزئية كالاتى:
لنا/السندكالية كلمة قديمة ارتبطت بالصادق المهدى ترى اين هى الان من قاموسه؟؟
المهدى/كلمة السندكالية هى نكتة و ليست رايا طرحته ولم انادى بشىء يسمى سندكالية انما قلت : "ان الناس الذين يدعون لحكم الفئات هم ناس سندكاليون "،فرسام الكاريكاتير عز الدين شدته الكلمة وعمل كاريكاتيرا و هو شخص يسال صاحبه :"يا جدع انت انصارى ولا سندكالى؟؟"
لنا/معظم الناس يظنون ان السندكالية مشروع وجزء من الادب السياسى السودانى؟؟
المهدى/هى نكتة و الكثيرون لا يعرفون معناها ، كنت فى مؤتمر صحفى اتحدث عن تيارات فكرية و قلت ان بعض التيارات الفكرية تريد حكم الفئات و لا تريد ان تحكم القوى السياسية و قلت ان هذا يسمى سندكالية ، وكنت انتقد السندكالية و لم اطرحها كراى....""
انتهى اخى عادل و هكذا ترى ان حديثك فى هذه الجزئية بالتحديد مردود عليه و كنت اود لو اكون متمكنةالكترونيا و انزل الحديث صورة طبق الاصل لكنى للمصداقية اشرت الى العدد و التاريخ....
لنا

Post: #97
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: lana mahdi
Date: 11-03-2003, 04:10 AM
Parent: #96

احد الاحباب مشكورا نجدنى الكترونيا و علمنى طريقة انزال صورة طبق الاصل فالى الرابط الموجود به نص حوارى مع الامام الصادق المهدى الذى اشرت له فى ردى على عادل
مع محبتى
لنا
http://www.albayan.co.ae/albayan/1998/01/19/sya/1.htm

Post: #98
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-03-2003, 05:38 AM
Parent: #96

الاخت لنا مهدي

تحياتي القلبية ورمضان كريم

شكرا علي المعلومة المهمة ؛ وهي في الحقيقة توضح ثلاثة نقاط مهمة :

1- ان موضوع السندكالية قد طرح في خطابات الصادق المهدي؛ وحسب علمي كرر الرجل المصطلح اكثر من مرة
2- مصطلح السندكالية مصطلح غريب علي الذهنية السودانية ؛ ليس في الستينات فحسب ؛ وانما في الوقت الذي اجريت معه اللقاء ؛ حيث انك سالتي عن امر كان واضحا من صيغة السؤال انك كنت تظني انه جزءا من مشروع الصادق
3- ان الصادق المهدي يعامل اقواله كنكات؛ وهو امر غريب ؛ فقد راجعت ما قال الرجل ؛ ولم اجد فيه اي نكته؛ ولا اعرف لماذا يصر علي انها نكتة ؛ اما اذا كان يقصد الكاريكتير ؛ فهو لا علاقة له بجملته الاساسية ؛ والتي هي راي ؛ يحتاج الي الاثبات والتعريف

اصل من المعلومة التي اوردتها ؛ ان الصادق المهدي يستخدم الالفاظ دون ان يعرفها - يضم الياء بتشديد وكسر الراء- اولا ؛ ثم لا يصبر علي تعليم الناس وتعريفهم بها ثانيا عندما يسخر منها البعض ؛ ثم يتحلل منها باعتبار انها نكتة ثالثا

الم اقل ان الموضوع اصلا انصرافي ؛
وان انصرافية الصادق المهدي مستمرة الي اليوم ؟

عادل

Post: #99
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-03-2003, 05:43 AM
Parent: #98

ومواصلة في الموضوع

طرفة صغيرة لا اعلم حظها من الحقيقة
0ولكنها تعبر عن شي ما -

قيل ان احد انصار الصادق المهدي سمع خطابا له ؛
وانبهر به
واخبر صديقه من بعد انه سمع خطاب "سيدي" الصادق ؛
وانه قال كلاما عجبا
ساله صديقه ماذا قال "سيدي" ؛
فلم يتذكر
ساله ماذا فهم منه اذن ؛
فرد الرجل :
هوي هو كلام "سيدي" بيتفهم ؟


دي طبعا نكتة

عادل

Post: #100
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: أبوالزفت
Date: 11-03-2003, 08:19 AM
Parent: #1

UP

Post: #101
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: AbuSarah
Date: 11-03-2003, 04:36 PM
Parent: #1

اخي الاستاذ عادل
تحياتي خالصة
شكرا على تعقيبك الهادئ ، والتوضيح بان الامر ليس بحثا علميا وعندما قلت اعلاه ؛ ان هذا البوست ليس بحثا علميا ؛
وانما هي شرات وملاحظات " لا ادري لربما تقصد شذرات وملاحظات ، و لخطا مطبعي صارت شرات!!!.
على كل انت رجل عرفت بجدية تحمد وتثنى عليها ، بغض النظر عن صواب رأيك او خطأه في تناولك للقضايا وبالتالي لا مجال للتعاطي مع ما تكتب الا بقدر من المسئوليةو الجدية.

لا اؤمن بقداسة لبشر ، والسيد الصادق المهدي ليس بشرا نبيا او مرسلا ، فهو شخص عادي واكثر من عادي ، ونراه بخلاف المتخيل الذي ينطلق منه بعض اليساريين في خصومة واستهداف هو جوهر انفعال ما سماهم البعض مثقفو حزب الامة ... لان الامر حين يخرج عن نطاق الموضوعية يعد استفزازا ، لا يتعامل معه ببرود الا شخص غير طبيعي في مشاعره الانسانيةاو الوطنية.
- الصادق المهدي لم يقل ان ما قاله عن السندكالية كان نكتة صادرة عنه ، بل في تلك الفترة اي الستينات كانت الحركة النقابية حركة قوية وتشكل مجموعة ضغط قوية وانت تعلم ان الحزب الشيوعي في تلك الحقبة كانت مهيمن على الحركة النقابية والتي يعبر عنها باللغة الانجليزية Syndicate والسندكالي هو الشخص النقابي او الفئوي....فكانت تلك الفئويات تتطلع الى الحكم ، وهذا يتنافى ووظيفتها المطلبية كنقابات، هذه هي الظاهر التي وصفها الصادق المهدي وقتها بالسندكالية.... لربما يكن بعض الصحفين ورسمامي الكركتير او صناع الهزو البرئ " النكتنجية" ، قد سمعوا بها لاول مرة فجعلوا منها نكتة او كركتير ، لذلك جاء حديث المهدي في لقائه مع الاخت لنا مهدي بان الامر ليس مذهب او مشروع لحزب الامة وانما هي نكته ... استنبطها البعض من وصفه للحركة النقابية الطامعة في الحكم بالسندكالية.... فهي ليست مذهب او نظرية او مشروع اقتصادي لحزب الامة... لذا فلا ارى ضرورة للامعان في تحميل الكلم اكثر مما يحتمل او تأويله او تحريفه عن مواضعه.... فالتأويل غير الصحيح لحديث واضح الدلالة كهذا يجعل المرء يتوقف بان هناك سوء قصد او نية يصل الى درجة الخبث عند بعض الكتاب وهم ينتقدون المهدي بصورة غير لائقة تتجاوز حدود النقد كادب وفن... فمثل هذا نفر ينطبق عليه القول
انه من النوع: الذين اذا علموا الخير اخفاه واذا علموا الشر اذاعوه واذا لم يعلموا شيئا كذبوا......
كصاحبنا الذي يقول ان الانصار في الديمقراطية الاخيرة يقفون في الشوراع ... ويصرخون في وجوه الناس زح سيدك جاي وان ابيت فالعصا او التهديد بالسلاح..... هذا نوع من انواع الاختلاق الفاضح الذي يفضح سوء نوايا قائله .... لاننا لم نكن نعيش في بلاد الواق واق كنا في سودان الديمقراطية الثالثة وشهدنا مدى حلم الانصار الذين اغتالت الجبهة الاسلامية طالبا في عقر دار حزب الامة وتناولوا الامر بكل واقعية حتى يفوتوا الفرصة عن فتنة كادت تطل برأسها عام 1987م...هذا تجنى فيه لؤم باين واستهداف تجب ادانته من كافة الحركة الثقافية ، فحين تحيد مهمة المثقف عن الانصاف لم يعد يحمل صفة المثقف في تقديري فسمه ما شئت.

- لست مع ان يضفي اي شخص على نفسه قداسة ولكني رأيت ان الموضوعية تقتضي ان تتعامل مع الظاهرة كظاهرة مجتمعية اولا ومن ثم لنحكم هل حالة الصادق المهدي هي حالة فردية متنحية في المجتمع السوداني ام انها ظاهرة مجتمعية سائدة بالمصطلح الوراثي للكلمة.....

فلا يمكن لشخص ان يحاكم شخص اخر بصورة فردية و بحيثيات ما انتجته تراكمات ثقافة واعراف وتقاليد مجتمع .... فعندما نقر بان ما قال به الصادق المهدي هو ظاهرة سائدة في المجتمع السوداني ، نكون قد اتينا الى مربط الفرس اولا .... واذا رأينا ان مربط هذا الفرس غير ملائم سوف نفكر بوعي كيف يمكن تحويله الى ما هو مرغوب فيه.... نحن ضد ظاهرة الاعلون والادنون من اي نوع ..... وضد اضفاء قداسة او هالة شخصية تفوق المألوف واخال ان الصادق المهدي برئ مما نظن او يتخيل البعض.
امااذا كانت الظاهرة موضع التناول تعد جزء من نواميس الطبيعة و لا يستطيع اي انسان ان يتجرد منها بالكامل وجب التعاطي بعقلانية معها خاصة تلك التي ترتبط بالاديان وكريم المعتقدات والتي لا يطمسها اي مستوى من مستويات التمدن والحداثة ، في عمق الدول الصناعية الكبرى والتي بلغت شأوا عظيما في الحداثة تجد صور كثيرة لاعلاء الذات تتمظهر في سلوك طبقات غاية في الوعي المعرفي... ولكن يمكن تهذيبها وتشذيبها بتحيدها في الشعور الداخلي للانسان..... فانت لا تستطيع ان تمحو الشعور الباطني لدى الرجل الابيض الامريكي او الاوروبي بعبودية السود .... ولكن تراهم يتعاملون بمشاعر محايدة في الاماكن العامة تمشيا مع روح الحضارة والمدنية التي تستوجب مثل هذا السلوك... فهناك بعض امور من طبيعة النفس البشرية يمكن تهذيبها و لكن لا يمكن انتزاعها كليا.... هذا بعض ما رميت اليه.... لا اقرارا بظاهرة تسهم في التخلف.
من منطلق موضوعي لا يمكن ان يقبل عقلي ان احيل ظاهرة وقيمة مجتمعية بكاملها وكأنها شئ مختص به الصادق المهدي فحسب وانها سوءته وحده، هذا فضلا ان تطويع كلماته لتلبي رغبة في نفس الكاتب او غرض يهدف للتقليل من شأن الرجل والبخس في قدراته وتجريده من اي صفة حميدة!!!!.... وحتى وان قام الرجل بطواف حول السودان ، قيل لا ذلك ليس طواف بل تلك سياحة سيد بن سيد ليمتع ناظريه في عبيده او للتسلية ..... هذا منطق لا تقبله النفس السليمة في الانسان.. . يعبر حقا عن علة في قائله اقلها الغل.

فوق ذلك يبدو واضحا حرصكم على ادانةالصادق المهدي انكم لم تتركوا شاردة او واردة الا جمعتموها وتوظيفها بما يخدم الاستهداف ضد المهدي ، فبلغ الامر درجة ان حتى الهزو او النكته البريئة او الحديث باريحية هي مادة استدلالية في الرغبة الجامحة في التشفي واشانة السمعة واختزال المواقف الشجاعة للرجل.

ولكم تقديري

اخوكم / ابوساره
****************************************************************
مكتوب لك الدهب المجمر تتحرق بالنار دوام

Post: #102
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-04-2003, 00:27 AM
Parent: #101

الاخ العزيز ابوسارة

تحية طيبة

شكرا علي كلماتك الطيبة عن شخصي الضعيف؛ والتي اتمني ان تكون في محلها؛ وحقيقة ان ردودك تتمتع برحابة صدر عالية ؛ وعليه فان الحوار معك؛ وان كان من موقع المختلف؛ لهو للمرء مران فكري وحضاري؛ هين علي القلب؛ ومحفز لعمل العقل

تقول ان الصادق المهدي هو شخص عادي واكثر من عادي؛ وهذا حق نتفق معك فيه؛ واذا تركنا متخيل اليساريين وغير اليساريين؛ فان موقفك يحتم عليك ان تقف موقف المعارضة الواضحة؛ لما يردده الصادق المهدي عن نفسه من قصص غيبية ؛ لتبرير رسالته في الحياة؛ والاسماء التي تطلق عليه ويتقبلها؛ من نوع الامام ؛ وصاحب العهد؛ الخ الخ ؛ وهي امور تصب في اطار اضفاء قداسة علي الرجل ؛ تخرجه من دائرة العادية ؛ الي دوائر اسطورية اخري؛ تصل بالبعض الي وصفه بانه قدر الكون دا كلو؛ واكبر بي كتير

تقول:
------
لست مع ان يضفي اي شخص على نفسه قداسة ولكني رأيت ان الموضوعية تقتضي ان تتعامل مع الظاهرة كظاهرة مجتمعية اولا ومن ثم لنحكم هل حالة الصادق المهدي هي حالة فردية متنحية في المجتمع السوداني ام انها ظاهرة مجتمعية سائدة بالمصطلح الوراثي للكلمة.....
--------

والحقيقة ان منهجك الذي تطرخ فيه الكثير من الحق؛ اذ لا يمكن عزل الانسان عن البيئة والثقافة السائدة والمجتمع الذي يعيش فيه .. لكن من الناحية الاخري لا يمكن ان تكون الثقافة السائدة وافكار المجتمع ؛ هي الشماعة التي نعلق عليها اخطائنا واستغلالنا للاخرين ..وانت تعرف انه في المجتمعات التقليدية هناك ثلاثة مناهج للتعامل مع الوعي السائد من قبل النخبة والمفكرين – والتي احسب الصادق يضم نفسه لهما:
1- الرفض الواضح لهذه المؤسسات والوعي السائد ومحاولة تغييره ثوريا.
2- التعامل مع هذا الوعي نقديا؛ بتطوير الايجابي فيه ومناهضة السلبي في عمل اصلاحي تربوي طويل المدي.
3- الاتكاء علي السائد واعادة انتاجه واستغلاله في مشاريع ظلامية وانكفائية وتضليلية وبالضد من مصالح البشر
انني اعتقد ان الصادق المهدي يركز علي المنعج الاخير؛ فهو الذي بدأ نشاطه داعيا للحداثة؛ وطارحا اعادة النظر للمهدية وفق معايير حديثه؛ انكفأ الان ليحدثنا عن الطيور والاحلام واقوال الصبية الخ الخ ؛ وهذا ليس فقط اعادة انتاج للوعي التقليدي السائد؛ وانما محاولة لاستغلاله لاهداف سياسية؛ ولتكريس السطوة السياسية والروحية للصادق علي مريديه ومؤيديه؛ لينتهي به الامر معيدا الروح للامامة التي رفضها قبل 30 عاما ونيف؛ وجامعا بين يديه السلطة الزمنية والروحية ؛ في الوقت الذي يتحدث فيه عن فصل السلطات ومدنية الدولة والسندكالية

ان موقف الصادق المهدي هنا؛ يمكن مقارنته بثلاثة شخصيات تاريخية حديثة ؛ كانت قيادات لاممها او جزء من مجتمعها؛ واعني بهم المهاتما غاندي؛ والشهيد كمال جنبلاط؛ والمناضل نيلسون مانديلا

فالمهاتما غاندي بما له من انجازات ودور في نهضة الهند الحديثة والوعي القومي الهندي؛ قد رفض رفضا باتا ادخال الهندوسية في السياسة ؛ وهو ابن عائلات براهمة ارستقراطيين؛ كما فصل بين دوره كقيادة معنوية للشعب الهندي؛ بما فيه من هندوس ومسلمين وسيخ ؛ وبين القيادة السياسية التي اسلمها كاملة لحزب المؤتمر ولجواهر لال نهرو وغيره من القيادات؛ ودفع الرجل في النهاية حياته ثمنا لدعوته لبناء هند حديثة قائمة علي المواطنة ولموقفه ضد التعصب الهندوكي ورفضه بناء الهند كدولة هندوكية.
اما الشهيد كمال جنبلاط؛ وهو ابن عائلة اقطاعية ارستقراطية؛ وهي احد اميز العوائل القائدة في الطائفة الدرزية ؛ فقد تنائي تماما في عمله السياسي عن المنهج الطائفي؛ وبني الحزب التقدمي الاشتراكي واتخذ مواقفا عديدة لا طائفية ؛ في بلد مكبل بالطائفية ؛ وانفتح علي ظلامات ابناء البلاد البسطاء بما فيها ابناء الطوائف الاخري؛ وحاول بدلا عن الانتماء الطائفي ان يبني انتماءا وطنيا جديدا؛ دفع ثمنه بالدم؛ ولذلك يعتبر هو ابو الوطنية اللبنانية الحديثة؛ العابرة للطوائف والمتجاوزة لها.
اما المناضل نيلسون مانديلا ؛ والمنحدر من اسرة حاكمة في قبيلة الكسوزا؛ فهو قد تحاوز الوعي القبلي والاقطاعي والارستقراطي؛ الي الوعي الافريقي القومي؛ بل وصل الي افاق الوعي الانساني؛ حينما دعا لجنوب افريقيا متحررة من الخوف والتمييز والظلامات ؛ وبني حركة سياسية قومية ؛ اصبحت رمزا لافريقيا كلها ؛ وليس لجنوب افريقيا.. ورغم طابع الرجل السلمي – مثله مثل ما يزعم الصادق عن نفسه- ؛ فقد رفض رفضا مطلقا ان يدين الكفاح المسلح ؛ وان يتبرأ من رفاقه؛ وامضي 27 عاما في السجن رافضا هذا الشرط الوحيد ؛ ثم لما وصل الي السلطة والتي كان هو الاكثر تاهيلا لها؛ ما لبث ان تنازل عنها لمن هو اصغر منه سنا من الاجيال الجديدة؛ وهو في اوج شهرته ونجاحه..
فاين هذا السلوك من صاحبك الصادق الذي تنكر لرفاقه علنا؛ ودعا الي الجهاد المدتي عندما كان في الاسر؛ ثم رفع السلاح بعد هروبه؛ ثم عاد للجهاد المدني مرة اخري؛ مدينا الاخرين ممن رفعوا السلاح ضد الطغيان؛ والذي لا يفكر في الاعتزال مطلقا؛ رغم بلوغه السبعين؛ والذي يمهد لابنائه وبناته كي يخلفوه؛ وكان حواء السودانية لا تلد غيره واسرته؛ او كان مناضلي الانصار واعضاء حزب الامة قد عدموا البديل الا من يخرج من صلب ذاته الرفيعة ..

اذن اخلص ان الصادق المهدي في تعامله مع الثقافة السائدة؛ يعتمد علي اكثر جوانبها غيبية واسطورية وتخلفا؛ لا لكي يواجهاها بالعلم والتربية ؛ كما فعل الامام المهدي؛ وانما ليركوها ويرسخها ويعيد انتاجها لتخدم مصالحه ؛ ولتحافظ علي مستوي الوعي الاجتماعي المنخفض.. فاين هو دوره اذن كمثقف؛ وكزعيم ؛ وكرائد في مجتمعه؛ وكانسان اتيحت له من الفرص ما لا يعد ؛ للنهوض بطائفته ومجتمعه؛ فاهدرها كلها؛ في لهثه وراء السلطة؛ الذي اعماه عن ادي دور تنويري يمكن ان يلعبه.

ان الصادق المهدي؛ قد كان مؤهلا اكثر من اي انسان غيره؛ لاجراء تغييرات ثقافية واجتماعية عميقة في السودان؛ وكان تاهيله الاكاديمي؛ ومعرفته بالعالم ؛ ونفوذ عائلته واسمه؛ تكفلان له قدرة عالية للقيام بهذا الدور التثقيفي التنويري؛؛؛ الا ان الرجل قد بحث عن السهل؛ وعمي عن هذا الدور؛ واصبح يستغل الجهل والوعي السائد؛ لتكريس قيادته الفردية؛ وتعطشه الخرافي الي السلطة؛ فاهدر بذلك فرصته الغالية؛ وضيع نفسه ؛ وضيع معه سنينا غالية علي الشعب السوداني؛

ونواصل

Post: #103
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-04-2003, 01:17 AM
Parent: #102

وقد واصلت يا اخ ابو ساره وحاولت ان تدافع عن منهج الصادق المهدي في التعامل مع الالفاظ والمعرفة والوعي السائد؛ في موضوع السندكالية ؛ ورايت ان لا يحمل الموضوع اكثر مما لايحتمل؛ وشرحت وجهة نظر الصادق كما نقلها في لقائه مع الاخت لنا مهدي؛ والتي تفضلت مشكورة بتقله الينا هنا.

ابدأ فاقول انني لم ازعم بان السندكالية كانت منهجا اقتصاديا للصادق او حزب الامة ؛ فانا اعرف انها لم تكن؛ وانما قلت انها من المصطلحات والتعابير الغريبة الانصرافية؛ التي شغل بها الصادق الناس؛ ولم يغسرها الي الان؛ وان كان في لقاه مع لنا مهدي قد حاول تفسيرها وتبريرها؛ في اسلوب واضح فيه نفاد الصبر

فالسندكالية يا عزيزي خلافا لما تقوله ويقول الصادق المهدي؛ ليست هي النقابية؛ والنقابة بالانجليزية هي تريديونيون؛ والنقابية هي تريديونينيزم؛ ام كلمة سندكيت فتعني تجمع اقتصادي او اجتماعي؛ وقد تكون تجمعا نقابيا؛ كا قد تكون تجمعا صناعيا او مؤسسة تجارية؛ اما السندكالية فهي فلسفة مستقلة بذاتها.

وقد طرحت السندكالية كطرح جديد منافي للراسمالية والشيوعية؛ وهي قائمة علي التجمعات الانتاجية والادارية للعمال؛ وقد قامت في فرنسا؛ ويعتبر من مؤسسيها المباشرين اميلي بوغيه ورودلف روكر؛ ومن مؤسسيها غير المباشرين اتباع المذهب الفوضوي وقادته؛ من امثال باكونين ؛ بل ويعتبر البعض ان ابا السندكالية الحقيقي هو برودون؛ وقد انشات السندكالية احزابها السياسية؛ ومن بينها الحزب السنديكالي الاسباني في فترة الحرب الاهلية الاسبانية؛ وشعار السندكاليين هو مربع مقسوم الي مثلثين واحد احمر والاخر اسود؛ وقد اندمجت السندكالية اخيرا مع الفوضوية؛ مكونة ما يسمي بالفوضوية –السندكالية (انارخو- سيندكاليزم)؛ وبذلك فان السندكالية هي مذهب قائم بذاته؛ له فلسفته وممثليه واحزابه وتنظيماته العمالية؛ ولا يمكن خلطه مع النقابية التقليدية او النقابية كما مارستها الاحزاب الشيوعية

السؤال هنا: هل كانت في السودان حركة سندكالية في الستينات؟ الاجابة قطعا لا .. هل كانت حركة النقابات في السودان حركة سندكالية ؟؟ الاجابة من جديد لا ؛ هل كانت حركة الحزب الشيوعي واليسار في النقابات ذات توجه سنديكالي؟؟ الاجابة مجددا لا .. فلماذا اذن حشر الصادق المهدي المصطلح في اضابير السياسة السودانية؛ دون ان يكون هناك اي معادل موضوعي له؛ سوي ان يكون الامر اغرابا لفظيا؛ وموضوعا انصرافيا؛ يهرب به من المواضيع المهمة الاساسية.

ان سؤال الاخت لنا مهدي؛ للصادق المهدي بعد ثلاثين عاما ونيف عن المصطلح ؛ يوضح حجم الخلط الذي ادخله الصادق بتعبيره الذي لم يعبر عن الواقع؛ ومرة اخري لم يوضح الصادق الامر كما يجلب؛ وانما عرف السندكالية تعريفا خاطئا؛ ثم زعم ان كان هناك توجه سنديكالي في السودان؛ وكان ذلك في حديثه عن ممارسات الشيوعيين واليساريين في السودان؛ ومن المعروف ان الشيوعيين هم من اكبر اعداء السندكالية ؛ بل لقد حطم الحزب الشيوعي الاسباني بدعم وطلب مباشر من ستالين؛ الحركة الفضوية –السندكالية في اسبانيا؛ ابان الحرب الاهلية هناك؛ وكان الصراع بين الشيوعيين والفوضويين –السندكالين؛ واحدا من الاسباب المهمة لانهزام الجمهورية وانتصار الينين بقيادة فرانكو

ان الاستخدام الاعتباطي للمصطلحات؛ واغراق الناس في قضايا انصرافية؛ هو ما يهمنا؛ حتي لا ياتي احد ويسال الصادق عن مصطلح التنمية المستدامة مثلا؛ بعد عشرين عاما؛ فيقول انها نكتة انها نكتة .

ونواصل

Post: #104
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-04-2003, 01:51 AM
Parent: #103

ثم تتحدث يا اخ ابو سارة عن الكتاب الذين ينتقدوا الصادق المهدي بصورة غير لائقه؛ وتصفهم باوصاف؛ ثم تضرب لهم مثلا عضو البورد الذي قال ان الانصار كانوا يقفوا في الشوارع؛ ويدفعوا الناس قائلين لهم : سيدك جا؛ سيدك جا؛ الخ الخ من روايته

في حقيقة الامر لا يمكنني ان اؤكد او انفي هذه الرواية؛ ففي خلال عامين كنت بعيدا عن اي اتصال بالشارع؛ وهذا بين فبراير 1986-مارس 1988؛ ثم سافرت بعدها لعطبرة والشمالية لعدة اشهر؛ ورجعت للخرطوم لمدة قليلة ثم افرت في نوفمبر 1988 بالخارج؛ وفي خلال كل الشهور التي صادفت ان كنت فيها بالخرطوم في عهد الديمقراطية الثالثة؛ فانني لم التق موكب الصادق المهدي؛ حتي اعرف كيف يتصرف حراسه من الانصار

لكني في المقابل اعرف ان حكومة الصادق المهدي؛ قد قامت بالاعتداء علي تظاهرة سلمية لابناء دارفور بالعاصمة؛ استخدمت فيها القوة الكاسحة؛ وكان ذلك بتنفيذ مباشر من وزيركم صلاح عبدالسلام الخليفة؛ وكان ذلك محاولة لضرب التمرد الذي بدأ يظهر في معاقلكم؛ وذلك بضرب رواده وطلائعه من الطلاب ومثقفي دارفور بالعاصمة

ثم اعلم ان مليشيات مجهولة؛ لا اعلم ان كانت مليشاتكم ام هي مليشيات حليفكم وقتها؛ حزب الجبهة القومية الاسلامية؛ قد قامت بضرب المتظاهرين بالرصاص؛ في انتفاضة السكر في نهاية عام 1988؛ واعلم ان الصادق المهدي لم يحرك ساكنا؛ وان هوية تلك المليشيات التي رصدت ارقام سياراتها ونوع سلاحها واماكن تحركها؛ لم تجد الكشف من حكومتكم؛ ولا يزال سرها مخفي الي اليوم

كما اعلم ان وزير الزراعة حينها؛ وامين امانات حزب الامة؛ الراحل د. عمر نور الدائم؛ قد هدد باحضار المليشيات الي الخرطوم؛ لحسم المتظاهرين والمعارضين؛ في نفس الانتفاضة المشار اليها اعلاه؛ ضد قرارات حكومة الصادق لطائشة برفع اسعار السكر؛ وان الرجل قد قال ان الدم سيرتفع الي الركب؛ وقال البلد بلدنا ونحنا اسيادا

كل هذه وقائع من التاريخ القريب؛ تمت في فترة ديمقراطية؛ كان الصادق فيها رئيسا للوزراء؛ فلا هو اقال صلاح عبدالسلام؛ او الراحل عمر نور الدائم؛ ولا هو حقق لمعرفة المجرمين الذين اغتالوا وجرحوا المتظاهرين العزل؛ ولا اتخذ اجراءات ضد التنظيم الذي اتهم بتلك الاحداث؛ وكل هذا موثق ومعروف ومعلن؛ فهل تعتقد اذن اننا نتجني علي الصادق؛ حينما نزعم انه لا يعرف من الديمقراطية الاقشورها؛ وانه في سبيل السلطة مستعد لاراقة الدماء؛ او التغاضي عن اراقة الدماء؛ وان تسلطه وعماه السياسي؛ لا بد منعكس كوارث والما وضحايا علي البلد.؟

ونواصل

Post: #105
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-06-2003, 00:18 AM
Parent: #104

وهذه مساهمات لكتاب اخر ؛ تكشف بعض شهصية الصادق المهدي

جاء في مقال للدكتورد. عمر مصطفى شركيان
بعنوان: آفاق الحل السِّياسي للمحتوى التأريخي بين حكَّام الخرطوم وأهل التخوم
التَّجربة الديمقراطيَّة الثَّالثة (1986-1989م): دروس وعبر
التالي:
----------

ومما تجدر الإشارة إليه أنَّ كتابتنا لتجربة الديمقراطية الثالثة في السودان ليست من باب تبخيس الناس أشياءهم بقدر ما هي محاولة منا لتقييم مسالبها ومن ثَمَّ الانكباب على تقويتها وتلافي منابت الخطل والزلل فيها عند استعادة الحياة البرلمانية، هذا إذا كنا نبغي لهذه الحياة البرلمانية الديمومة في السُّودان.
على أية حال، فبعد أن تهاوى نظام المشير جعفر نميري وانتخاب السيد الصادق المهدي في انتخابات شبه عامة في العام 1986م(26) استبشر السودانيون خيراً بان سليل المهدى جدير بأن ينهض بالبلاد إلى ما يصبو إليه العباد. كان أمل القوم في الصادق (أمل الأمة) عظيماً، وخاصة في شعارات الصحوة الإسلاميَّة التي رفعها في الحملة الانتخابية.
لكن ماذا حدث؟ وما هي الأخطاء الفادحة التي وقعت فيها حكومته؟ كان الهدف من تبني الصَّادق هذا الشعار الرنَّان هو الكسب الدعائي الذي لا يعكس فلسفة وأسلوب عمل يسعى إلى الاستجابة للتحديات الداخلية والخارجيَّة التي كان السُّودان يواجهها يومئذٍ، كما أنَّه كان يفتقر رؤية متكاملة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. لذلك فشل الصَّادق وحزبه – حزب الأمة القومي الجديد من دون جديد جدي – في أن يبتني من القيم الأخرى التي نرى أنها دافعة لعملية التنمية مثل المواطنة كأساس للمساواة التَّامة في الحقوق والواجبات، وتحديد الهوية السُّودانيَّة، وضمان احترام حقوق الإنسان، وتعزيز مسيرة الديمقراطية ومستقبل التعددية الحزبيَّة في السُّودان من خلال تفعيل الحريات العامة وتأكيد مبادئ الشفافيَّة والمساءلة في العمل العام، وتعزيز دور المجتمع المدني كشريك في التنمية، وتطوير الإصلاح السياسي. بيد أنَّ ما يتأسَّى له الفؤاد ويعتصر ألماً هو الافراط المتعمد والرغبة الجانحة لهتك الأعراض وإهدار حقوق الإنسان تحت دعاوي الحفاظ على الوحدة الوطنيَّة وبسط الأمن.
..................
مخطىء من ظن أن الديمقراطية في السودان بيضاء من غير سوء. فعلى الرغم من إطلاق الحريات العامة المتمثلة في حق التعبير والنشر والتجمع والإضراب، إلا أن حكومة الصادق المهدى الديمقراطية أمرت بمضايقة واعتقال الذين شاركوا في في ورشة عمل أمبو (4-7 شباط (فبراير) 1989م) بإثيوبيا عقب عودتهم. فقد تعرَّضوا للتفتيش في مطار الخرطوم، واعتقلتهم السلطات الحكوميَّة بأمر من وزير الداخلية، السيد مبارك الفاضل المهدي، الذي هرول إلى الجمعيَّة التأسيسية بأمر مستعجل – هكذا زعم – لمناقشة أمر هؤلاء الذين شاركوا في في ورشة عمل أكاديمي مع "المتمرِّدين".(29) وعند اشتداد النقاش رد أحد النواب الجنوبيين – مجادلاً بالحق - أنَّه شخصيَّاً لا يعرف الدكتور قرنق، وإذا كان اللقاء به جريمة يعاقب عليها القانون فإنَّ السيد الصَّادق المهدي، رئيس الوزراء، أول من يطاله هذا القانون لأنَّه إلتقى بقرنق في أديس أبابا لمدة تسع ساعات بدون استراحة أو إحراز تقدم
(Without a break or a breakthrough).
........................
أما في مناطق النزاع المسلَّح - أو التماس - فقد اقترفت حكومة الصَّادق المهدي جرائماً تعادل في مقدارها وبشاعتها ما اعتادت أن تمارسه الحكومات العسكرية في السُّودان، خاصة عندما يكون الأمر متعلقاً بسياسة الحريات في الجنوب وجبال النوبة. وعلى سبيل المثال - لا الحصر - نجد أن صحيفة بريطانيَّة(30) قد نشرت أنباءاً عن اغتصاب إناث من قبيلة الدينكا في بحر الغزال، ونهب ممتلكات بعض مواطنيهم، وتعرضهم لأفظع أنواع التعذيب، والقتل الجماعي للمدنيين، كإستراتيجية سياسيَّة تستخدمها الحكومة ضد الحركة الشَّعبيَّة والجيش الشعبى لتحرير السُّودان. وقد امتدت آثار التدمير إلى النُّوبة في جنوب كردفان ومناطق الفونج في جنوب النيل الأزرق وبعض القبائل الأفريقية في دارفور. كما أوردت مجلة تعني بشؤون أفريقيا أن اللواء أبو قرون، القائد العسكري لمنطقة بحرالغزال آنذاك، قد أجبر أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 6-10 أعوام على قتل ذويهم طعناً بالحراب، وجلس ينظر بإعجاب إلى ماهم بأهليهم يفعلون.(31)
وفى قرينتي في مدينة واو أمر نفس القائد بوضع 62 مواطناً فى مخزن فارغ، وقتلوا بغاز أول أكسيد الكربون من عربة مدرعة بعد توصيلها بأنبوب الى هذه الحجرة.
فماذا فعلت حكومة السيد الصادق المهدى بهؤلاء الجناة فى حق أولئك الضحايا؟ لم نسمع بتكوين لجنة للتحقيق في هذه التجاوزات اللانسانية كأضعف الايمان، حتى يشعر سكان الريف السُّوداني بأن السلطة فى الخرطوم التى ما فتئت تذكر الناس بأنها "حكومة وحدة وطنية" صادقة في مسعاها. إنَّ هؤلاء الذين لا يميِّزون بين النزعة الإنسانيَّة والوحشة الحيوانيَّة
(Human reason and animal savagery)
هم أولئك الذين ينتمون إلى الفئات التي قال عنها الدكتور فرانسيس دينج في محاضرة له بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم إنَّ أكثر القبائل شراسة في حربها ضد الجنوب هي التي تمازجت مع الجنوبيين في مناطق التماس كمحاولة للتبرؤ من الدماء الأفريقيَّة لأنَّهم يعانون عقدة التأريخ والجغرافيا. كان هذا ما شهدناه في "مذبحة الضعين والرق في السُّودان" في آذار (مارس) 1987م،(32) حيث صاحبت عمليات الاسترقاق أحداث الضعيين الأليمة، وكتب عنها الأساتذة الأجلاء عشاري محمود وسليمان بلدو.
بالطبع والطبيعة، لم يعجب هذا التقرير أهل السلطة في البلاد، فبدلاً من تعقُّب الجناة والقسط فى الميزان، تم اعتقال الدكتور عشاري محمود، والتحقيق معه، لأنَّه – كما صرَّح السيد الصَّادق المهدي لوسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئيَّة - أساء إلى الدولة. أيهما أكبر إساءة وساء سبيلاً: استعباد الإنسان لأخيه لأنَّه ليس من بني جلدته، أم الكشف عن هذا الاستعباد والمطالبة بإحقاق الحق وبسط العدل؟ ما لهم كيف يحكمون! ولعل أعظم وصمة عار لحقت بحكومة الصادق المهدي هي صمتها المطبق على ممارسة الاسترقاق فى مناطق الاحتكاك في بحر الغزال. فقد صرح السيد ألدو أجو دينج - وزير النقل والواصلات في حكومة الصادق المهدي يومذاك - أن أطفالاً قد اختفوا، أو اُختطفوا، في منطقة بحر الغزال، مسقط رأس الوزير. بيد أن حديث الوزير لم يُؤخَذ مأخذ الجد.
...........
إضافة إلى تجاوزات حقوق الانسان فى مناطق الحرب، فقد اتصفت الديمقراطية الثالثة بنواقص شتى وفي عدة مناحى، منها الصرف البذخى الذى تم في شكل "تعويضات مالية ضخمة منحها الصَّادق المهدي لأهله (آل المهدي) بلغت في جملتها خمسة وثلاثين مليوناً من الدولارات، في وقت كان أغلب السودانيين يشكون مر الشكوى من ندرة السلع التموينية بل أنَّ تلاميذ المدارس لم يتمكَّنوا من توفير الأدوات المدرسية لبداية العام الدراسي الجديد." ولا نحسب أنَّ النِّظام "المايوي" قد ألحق ضرراً بآل المهدي وحدهم لا شريك لهم، فقد تضرَّر أُناس كثر، ونخص بالذكر هؤلاء الأنصار من غرب السُّودان الذين زالوا (هاجروا) إلى الحبشة ومن ثَمَّ إلى ليبيا ليعودوا مع العميد محمد نور سعد للاستيلاء على السُّلطة في الخرطوم لصالح الجبهة الوطنية - التي كان الصَّادق المهدي لها رئيساً - لبضع أيام في تموز (يوليو) 1976م، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من انتظر وما بدَّلوا تبديلاً. وبعد الانتفاضة "الأبريليَّة"، في العام 1985م، لم يُنظر في أمرهم ولا في سبيل تعويضهم، فكانت والدة العميد الراحل محمد نور سعد تتردَّد على مكاتب القيادة العامة في الخرطوم وهي تسعى سعياً حثيثاً للحصول على معاش إبنها الذي أعدمه نميري مع الذين معه بعد فشل المحاولة العسكريَّة. فما بالهم وبال الآخرين الذي جذَّ نميري رؤوسهم في غير بر! أليس لهم أقارب يستحقون التعويضات؟
ثم ندلف إلى مناوارت الصَّادق السياسيَّة مع حلفائه السياسيين من الحزب الاتحادي الدِّيمقراطي لنرى ماذا هو بهم فاعل. فليس بخاف على أحد رفض الصَّادق المهدي ترشيح الدكتور أحمد السيد حمد (اتحادي ديمقراطي) لتولي المقعد الخامس في مجلس رأس الدولة" خلفاً للعضو الإتحادي المستقيل، السيد محمد الحسن عبدالله يسن، بحجة أنه قد تعاون مع جعفر نميري. لكن والحق يقال فقد انضم الدكتور حمد إلى (حكومة) جعفر نميري بعد المصالحة الوطنية التي تزعمها الصَّادق المهدى نفسه، بل شارك هو شخصياً في وضع ميثاقها في مدينة بورتسودان في العام 1977م وإن يكن قد خرج منها ولعنها بعد ذلك ".(33)
ذلكم هو الصَّادق المهدي الذي زعم أنَّه استقال من وظيفته بوزارة الماليَّة – قسم التخطيط – في العام 1958م كموقف سياسي احتجاجاً على انقلاب الفريق إبراهيم عبود، لأنَّه التحق بوزارة الماليَّة ليخدم في حكومة شرعيَّة.(34) فمن أين جاءت حكومة المشير جعفر نميري الإنقلابيَّة بالشرعيَّة حتى يخدم الصَّادق المهدي في أعلى أجهزتها التشريعيَّة (الإتحاد الإشتراكي السُّوداني) لا الخدمة المدنية كموظف صغير
(Apprentice or novice)
في وزارة المالية – قسم التخطيط؟ وإذا كان الأمر متعلقاً بسدنة نظام مايو فلماذا جاء الصادق المهدي بصهره الدكتور حسن الترابي إلى الحكومة وأصبح نائباً لرئيس الوزراء، ووزيراً للخارجيَّة، ووزيراً للعدل، مع علم الجميع أنَّ الترابي كان غارقاً فى نظام نميري حتى قبيل الانتفاضة حيث تقلَّد فيه عدة مناصب. ليس هذا فحسب، بل أن الترابي كان قد فشل في الحصول على مقعد نيابي في الدائرة 27 (الصحافة) – منافساً للسيد حسن شبو، ممثل الحزب الإتحادي الدِّيمقراطي - لدخول الجمعية التأسيسية في الانتخابات التي جرت في العام 1986م، مما يعني أنَّه ملفوظ من قبل الشَّعب السُّوداني.
غير أن اكبر خزلان مُني به الشعب السوداني كان هو الزمن الذي أضاعه السيد رئيس الوزراء، الصادق المهدي، في الكلام والخطب المنبرية حتى تخصَّص نفر من السُّودانيين في احصاء الخطب التي ألقاها السيد الصَّادق المهدي في المناسبات العامة والخاصة. إذ أضحى، من بعد هذا الزمن الضائع، الوعد الحق فجراً كاذباً. ويقودنا هذا إلى وصف الشاعر أبو آمنة حامد الفكر السياسي للصَّادق المهدي "بأنه حذلقات رفيعة المضامين تحتاج إلى تفسير ....(وإنَّه) أكاديميات شكسبيرية منتقاة لزعيم أكاديمى فاخر لا يفتأ عن تذكيرنا دائماً بأنَّه مثقَّف".(35) فمثل الصَّادق المهدي كمثل عالم يريد أن يتفيهق ويظهر كثرة ما وعى من العلم، وفي أولئك الناس يقول الشاعر أبو نواس:
فقل لمن يدِّعي في العلم فلسفة حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء
ولا نكون قد حدنا عن الصواب إن قلنا إنَّ أكبر فشل لحكومة الصَّادق المهدي تمظهر فى عدم تحقيقه للسلام ووقف نزيف الدم فى الحرب الأهلية. فبدلاً من أن يشرع الصَّادق في اتخاذ خطوات عملية إزاء المبادرة السلمية المطروحة (كوكادام 26 آذار (مارس) 1986م) التى أجمع عليها معظم القوى المحبة للسَّلام بما فيها حزبه، بدأ الصادق فى مناورات جديدة مقترحاً ميثاق السُّودان. فما هو الجديد الذي أتى به ميثاق السُّودان؟ ميثاق السُّودان - حسب تعريف أولى الأمر - عبارة عن ورقة تصور تحاول تحديد الخطوط العامة لحقوق المواطنة وواجباتها وتتضمن تصورات محددة بشأن القضايا التي تثيرها حركة قرنق وبصفة خاصة الدين والسياسة، الهوية والقومية، المشاركة السياسية، واقتسام السلطة. ودعت ورقة الميثاق إلى العودة للعمل بأحكام اتفاقية أديس أبابا للعام 1972م التي تمنح الجنوب حكماً ذاتياً حتى ايجاد صيغة نهائية فى المؤتمر الدستورى، كما حددت الورقة معالجات معينة لقضايا إزالة آثار الحرب، وتأهيل المؤسسات الانتاجية والخدماتية والبنيات الاساسية في الجنوب، واستيعاب العناصر التي زعزعها القتال، وأكد ميثاق السودان على التزام موقعيه بالعمل السلمى كأساس لحل المشكلات القومية، والالتزام بالقرار الدِّيمقراطي وإدانة العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسيَّة.(36)
بادىء ذى بدء، إنَّ الحديث عن الحكم الذاتي حديث ذو شجون، وتعميماً للفائدة دعنا نلج فى مدخل توضيحي لماهية الحكم الذاتي. كلمة الحكم الذاتي "أتونوميا" (Autonomy) أصلها يوناني، ومعناها حكم سياسي لمجموعة من البشر في مجتمع مدني واحد تسن قوانينه دون أي تدخل من عناصر خارجية. أما تعريف المصطلح اليوم فهو علاقة معينة لجهة سياسية أو اجتماعية أكثر شمولية واتساعاً، على أنَّ المجموعات الدينية والعرقية والمجموعات الثقافية والاقتصادية تحافظ على استقلالية معينة عن السلطة المركزية للحكومة. وهناك فرق بين حكم ذاتي اقليمي يمنح لمجموعة من الناس يعيشون على أرض معينة، وبين حكم ذاتي شخصي يمنح لأصحاب معتقدات معينة غير متركزين في أقليم معين لبلد ما، ولكنهم موزعون على كل مساحة البلد ومختلفون مع باقي السكان.(37) وبناءاً على هذا الفرق الجلي قد نضطر - غير باغين - بالمطالبة بحكم ذاتي شخصي لمجموعات النُّوبة والجنوبيين الذين يعيشون في مناطق منعزلة (فيما يُعرف إساءة بالسكن العشوائي) في العاصمة المثلثة، وذلك لحمايتهم من المخاطر والمجازر التي يتعرَّضون إليها في حياتهم اليوميَّة، كما حدث في بورتسودان (أحداث النُّوبة والبني عامر في شباط (فبراير) 1986م) والضعين (مذبحة الدينكا على أيدى الرزيقات في آذار (مارس) 1987م) وغيرها في المدن المختلفة، إضافة إلى أبشع ضروب الاضطهاد والمطاردة والترحيل القسرى (الكشة)، والسخرية واللمز والهمس والتنابز بالألقاب، "يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب إنَّ بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" (الحجرات 49/11)، وكما تقول الفرنجة: "إضافة الإساءة إلى الأذى (To add insult to injury). ومن أكثر الأشياء غرابة أن يدعو الميثاق إلى العودة إلى العمل باتفاقية أديس أبابا للعام 1972م، التي تجاوزها الزمن وفقدت مفعولها بسبب عوامل التعرية والعبث بها وفقدان الثقة في أسلوب الشمال في التعامل مع العهود والمواثيق السُّودانيَّة. بيد أنَّ الذي يزيد الأمر غرابة في دعوة ميثاق السُّودان هو ما خبرناه عن رأي أحزاب الجبهة الوطنية (الأمة والاتحادي الديمقراطي والأخوان المسلمين) عن اتفاق أديس أبابا منذ الوهلة الأولى من توقيعه. كانت لديهم آراء واعتراضات حيال الاتفاقية فى المصالحة الوطنية في العام 1977م بين الرئيس حينذاك جعفر نميري والصادق المهدي الذي تزعم بدوره جوقة المعارضة السياسية والعسكرية. وكانت اعتراضاتهم، كما فصلها عبدالسلام الأمين، تتلخص في الآتي3
قيام ثلاثة أقاليم بدلاً من إقليم واحد.
دستور إسلامي بدلاً من دستور علماني.
الاعتراض على الترتيبات الأمنية التي تمَّ الاتفاق عليها.
أن يكون تعيين رئيس الإقليم الجنوبي حقاً لرئيس الحكومة المركزيَّة، حيث كانت ترمي الاتفاقيَّة لتقوية مركز الإقليم اقتصادياً.
بهذه الشروط، التى استهدفت المرتكزات الجوهرية التى بنيت عليها الاتفاقية، استطاعت أحزاب الجبهة الوطنية تحطيم الاتفاقية بيد نميرى لا بيد قرنق. تلك هي حال الاتفاقية التي نحروها قادة الشمال وتنادوا مصبحين بالعودة إليها. ثم نتساءل فى عجب: كيف يستطيع الصادق المهدى - الذي أخفق في إزالة آثار مايو - أن يمحو آثار الحرب من دون العمل على وقفها في المقام الأول؟ لا ريب أن التعمير وإعادة التوطين لا يمكن أن تقوم بهما أية حكومة – كائنة ما كانت – قبل أن تضع الحرب أوزارها، وتُخرَج من الأرض ما فيها من الألغام المدفونة حتى يأمن الناس وتسهل الزراعة وتشييد الطرق والكباري والمدارس والمراكز الصحيَّة. فأي حديث عن التعمير وإعادة التوطين من دون االوصول إلى سلام عادل ودائم خبط عشواء من قبل المتفوهين به.
ثم نقفز إلى دارفور لنذكِّر الناس بما كان يدورهناك من اقتتال وتخريب الممتلكات دون أدنى اعتبار من السلطة المركزية. كانت دارفور تعيش في حالة حرب مع قبائلها المختلفة، وأخذ الصراع يتخذ اشكالاً متباينة، تارة باسم النهب المسلح، وثانية باسم الحرب بين "العرب والزرقة"، فى اشارة إلى العناصر العربية ضد العناصر ذات الأصول الأفريقية في المنطقة، وثالثة تدخلاً أجنبياً، ورابعة تخلفاً تنمويَّاُ، وخامسة مزيجاً من كل ما ذُكر. واستمرت هذه الحالة منذ منتصف السبعينيات وظلَّت القوى السياسيَّة تتعامل معها بروح التراخي وعدم المبالاة، وتارة أخرى بمنظور المصالح الحزبيَّة الضيِّقة مما دفع المشكل أن يكبر وينمو ورجال الأحزاب في غفلة من أمرهم. على أية حال، عقدت الجمعيَّة التأسيسيَّة جلسة خاصة (رقم 54) في 13 كانون الأول (ديسمبر) 1988م لمناقشة المخاطر الأمنيَّة التي تواجه إقليم دارفور. وفي تلك الجلسة قدَّم السيد الصَّادق المهدي بياناً عن الوضع الأمني في دارفور ملخِّصاً ذلك في الأتي39)
النهب المسلَّح؛ ويشمل النهب المسلَّح الحدودي، والنهب المسلَّح الداخلي، والنَّهب المسلَّح على الطرق الرئيسيَّة والأسواق، والنهب المسلح التشادي (عصابات وافدة وأخرى محليَّة).
تفاقم الوضع الاقتصادي في الإقليم من جراء الجفاف والتصحر.
التدخل الأجنبي.
النزاعات القبليَّة.
ولا نظن أنَّ السُّودانيين يومئذٍ كانوا لا يعرفون أسباب وطبيعة النزاع الدموي في دارفور ليأتي الصَّادق ويصنِّف هذه الأسباب على طريقته الكلاسيكيَّّة (His classical style)، بل كل الذي كانوا يودون حدوثه هو إيقاف الحرب، وبسط الأمن، وتصفية الوجود الأجنبي (الليبي-التشادي) في المنطقة، وتوفير الخدمات الأساسيَّة، وتحسين مستوى المعيشة، وإيقاف التدهور المؤسساتي. ومما أزعج حلفاء الصَّادق المهدي في الدول الغربيَّة السماح للمتمرِّدين التشاديين – المدعومين من قبل نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا – لشن هجمات على الحكومة التشاديَّة منطلقين من غرب السُّودان، وبالمقابل يقوم العقيد القذَّافي بمساعدة حكومة الصَّادق المهدي في حربها ضد الحركة الشَّعبيَّة والجيش الشَّعبي لتحرير السُّودان. ومن هنا برز دور البروتوكول اللِّيبي-السُّوداني، الذي كان الرائد يونس – عضو القيادة التأريخيَّة – له مهندساً من الجانب اللِّيبي. أيَّاً كانت الأسباب فإنَّ أولى الحزب اهتماماً بدارفور كان ينبغي أن يكون حزب الأمة – حزب الصَّادق المهدي – لما له من علائق تأريخية تعود إلى قيام الثورة المهديَّة في السُّودان (1881-1898م)، وبداية إحياء المهدية الجديدة (Neo-Mahdism) المتمثلة في حزب الأمة، حيث يعتبر الحزب دارفور منطقة نفوذ سياسي وكادر بشري.(40) ومهما يكن من أمر حزب الأمة ودارفور، فقد اجتمع أعيان القبائل المتناحرة فيما بينهم لإصلاح ذات البين من أجل التعايش السلمي ونبذ العنف. غير أن نتائج هذا الاجتماع أحكمت حلقاتها في عهد حكومة الفريق عمر حسن أحمد البشير، الذي اعتبر هذا العمل باكورة انجازات نظام الانقاذ، وبات يتباهى به. تلك هي الأحداث المأساوية التي راح ضحيتها آلاف من المواطنين الأبرياء. والأدهي والأمر أن يتناول الصَّادق المهدي هذه الأحداث تناولاً عابراً حينما كان يتحدث عن اختلافه مع "بعض العناصر من أعضاء (الحزب) الاتحادي الديمقراطي التي سبق أن أعفيت من الحكومة". وقد ذهب الصادق باخعاً نفسه عليهم حسرات، حيث قال: "وبلغ الأمر بالتيار المعارض أن نظم مسيرة موكب للاحتجاج على بعض الأوضاع في إقليم دارفور...."(41)
وفي خلاصة الجدال، نستطيع أن نقول إنَّ الصَّادق المهدي قد كون ثلاث حكومات طيلة الفترة الديمقراطيَّة الثالثة التي امتدت ثلاث سنوات، وهذه الحكومات هي: حكومة الوحدة الوطنيَّة (1986-1987م)، وكان قوامها حزب الأمة والاتحادي الدِّيمقراطي وبعض أحزاب الجنوب، بينما بقي الحزب الشُّيوعي السُّوداني والجبهة القوميَّة الإسلاميَّة والحزب القومي السُّوداني في المعارضة. وقد تميِّزت هذه الحكومة بالتوتر الذي أثاره رفض الصَّادق المهدي ترشيح الدكتور أحمد السيد حمد خلفاً لعضو مجلس السيادة المستقيل، السيد محمد الحسن عبدالله يسن، وقضايا الفساد التي أشار إليها - واُثارها – الوزير الإتحادي المستقيل، محمد يوسف أبوحريرة. أما الحكومة الثانية فقد جاءت تحت مسمى حكومة الوفاق الوطني (1987-198، وشاركت فيها كل الأحزاب السياسيَّة عدا الحزب الشُّيوعي السُّوداني الذي جلس في المعارضة، وكان أبرز معالم هذه الحكومة رفض اتفاقية السلام السُّودانية (قرنق-ميرغني) الموقَّعة في أديس أبابا في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988م، فكان من الطبعى أن تنهار هذه الحكومة لتخلفها حكومة الجبهة الوطنيَّة المتحدة (آذار (مارس) 1989 – حزيران (يونيو) 1989م)، التي جاءت بموجب الميثاق الذي جاء نتيجة مذكرة الجَّيش للحكومة في 20 شباط (فبراير) 1989م. وهكذا نجد أن هذه الحكومة ضمَّت كل القوى السياسيَّة بأجنحتها المختلفة والاتحادات النقابيّةَ الست. ففي كل هذ الحكومات - مهما تبدِّلت المسميات - كان العامل المشترك هو السيد الصَّادق المهدي، والفشل الذي صحاحب الأداء التَّنفيذي والتشريعي والقضائي. فأين تركَّز الفشل الأدائي في الحكومة التي كان الصَّادق المهدي رئيساً لوزرائها؟
فشلت حكومة الصَّادق المهدي في إخراج البلاد من عنق الزجاجة سياسيَّاً واقتصاديَّاً، وأخفق الصادق شخصيَّاً في حل الخلافات بين حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي حول وضع مجلس رأس الدولة، وجهاز الأمن القومي الجديد، ومستقبل الحكومة، وحول بعض توجهات السياسة الخارجيَّة ولا سيَّما العلاقات السُّودانيَّة-المصريَّة. فبينما كان يرى المصريون ضرورة العمل باتفاقية الدفاع المشترك، كان يرى الصَّادق المهدي على أن تقوم العلاقات السُّودانيَّة-المصريَّة على أسس جديدة حدَّدها "ميثاق الإخاء" ليكون بديلاً "لاتفاقات التكامل"، لكن ميثاق الإخاء هذا لم يحرز شيئاً مذكوراً. كذلك شهد البلاد تأزُّم القضية الاقتصاديَّة وارتفاع تكاليف المعيشة على كاهل المواطن السُّوداني العادي، وتردِّي الوضع الأمني حتى في العاصمة القوميَّة.(42) إزاء هذا الإخفاق السياسي، علَّقت صحيفة بريطانية عشية انقلاب العميد عمر حسن أحمد البشير "أنَّه ليس هناك أحد آسف أن يرى السيد الصَّادق المهدي مطروداً من السُّلطة. فكما تمتَّع الصَّادق بالسُّلطة كثيراً، إلاَّ أنَّه لم يستطع استخدامها في شطب قوانين الشريعة. فقد عجز الصَّادق في اتخاذ القرار سواء فيما يختص بالاستثمار الاقتصادي، أو التعامل مع الحرب الأهلية في السُّودان أو نظافة شوارع الخرطوم. لم يفلح الصَّادق في انجاز شئ."(43) فلا نظن أنَّ قائداً يمتلك هذا الوهن السياسي ينبغي أن يحكم السُّودان. وحين ترك الصَّادق السُّلطة - أو أُجبِر على تركها – بلغت ديون السُّودان الخارجيَّة 12 بليون دولار، فكان السُّودان تقريباً أكبر دولة في العالم مثقلة بالديون.(44) وكما شمتت صحف بريطانيا العظمى على حكومة الصَّادق المترهلة المخلوعة، لم ترفق بها صحف الولايات المتحدة الأمريكيَّة. فقد علَّقت صحيفة النيويورك تايمز (New York Times): "أنَّ السُّودان قطر واسع جداً، فربما احتاج إلى تقليمه إلى حجم صغير". ومضت الصحيفة في وصف حكومة الصَّادق المهدي "بأنَّها حكومة ضعيفة تعاني من الفوضى وتدَّعي أنَّها تمسك بزمام الأمور في منطقة مساحتها تساوي ضعف مساحة ألسكا، ويقطنها 25 مليون شخص، ويتحدَّثون 115 لغة، وبها 42 حزب سياسي." ومن غير الخوض والولوج فى تفاصيل أخرى، هذه هي لمحات من عيوب الممارسة الديمقراطية فى عهدها الثالث. ومن المهم بمكان أن نشير هنا إلى خلاصة الكاتب السعودى محمد صلاح الدين، حيث أفصح قائلا: "فللصادق المهدي كزعيم سياسي ورئيس وزراء سجل سياسي عمره أكثر من ثلاثين عاماً لخصته هيئة الإذاعة البريطانية فى كلمتين: الفشل والفساد."(45)
فالصادق المهدي قد لا يكون من الذين يحبون المال حباً جماً، لذلك أراد الصَّادق أن يعمل رئيساً للوزراء دون أجر، مما أثار ثائرة منتقديه الذين قالوا يومئذٍ نريد رئيس وزراء له راتب حتَّى نتمكن من محاسبته إذ هو أخطأ، ولا نبتغي حاكم متطوِّع. بيد أنَّ الصَّادق المهدي يعشق الجاه والسلطان ويسعى إليهما سعياً حثيثاً منذ وقت باكر ووقتما يفتقدهما، وهذا وجه آخر من أوجه الصَّادق المتعدِّدة. فقد ظفر الصَّادق بهاتين الحسنيين مرتين، لكن معترك الحياة السياسيَّة في السُّودان وتناقضات الصَّادق نفسه حالتا دون الاحتفاظ بسرابيلهما، فضعف الطالب والمطلوب. غير أنَّ اجتماع خصلتي الإعراض عن المال وطلب السلطان – وهما نقيضان متنافران- في شخصية الصَّادق قد جعله يغض البصر عن الفساد الذي تصايح به وزيره المستقيل – القاضي محمد يوسف أبو حريرة. فقد سكت الصَّادق عن تهم غليظة في الفساد الحكومي ضد أحد حُوارييه (بضم الحاء).(46) فالتستُّر على الخطيئة كمرتكبها، وقديماً قالوا الساكت عن الحق شيطان أخرس.
----------------------
المصدر : سودان نايل .

Post: #106
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-06-2003, 00:25 AM
Parent: #105

وهذا كا كتبه الاستاذ صديق محيسي عن تناقضات الصادق المهدي قي مقال بعنوان :
ما سكت عنه الصادق المهدي

---------------
ما سكت عنه الصادق المهدي
*صديق محيسي
في ما يقارب الصفحة «الحياة العدد 2003-10-22-14821» استعرض الصادق المهدي رئيس وزراء السودان الاسبق الدور الامريكي في السودان من خلال تجربته الشخصية كمسؤول رفيع مع مسؤولين كبار في الولايات المتحدة، وقسم هذه التجربة الى مرحلتين من ديسمبر 1985 فترة الحكم الانتقالي الذي اعقب سقوط نظام الديكتاتور نميري، ثم مايو 1986 عندما اختير رئيسا شرعيا للوزراء ومن واقع الفرص المتاحة له كصانع للسياسة الخارجية كشف المهدي خفايا اتصالات تمت بنيه وبين الامريكيين، منها ما هو متعلق بقضايا سيادية كتدخل الامريكيين في الوجود الليبي الدبلوماسي بالخرطوم ومطالبتهم بتقليصه ومنها ما هو متعلق بوجهة نظرهم في التجربة الديمقراطية نفسها وفي أداء الاحزاب السياسية السودانية التي كان في مقدمتها حزب الامة الذي يقوده المهدي.

وفي اسلوب سلس وذاكرة بصرية اعطى المهدي صورة مفصلة لعلاقته كحاكم سابق للسودان بصناع القرار الامريكي على عهد ولاية بيل كلينتون واظهر جانبا من المواقف الامريكية المناقضة للفهم الديمقراطي عندما يكون الموضوع المطروح هو الديمقراطية الليبرالية وكيفية التعامل معها غير ان الصادق المهدي ركز على المواقف الامريكية التي فسرها بالعدائية في قضايا محددة مثل مطالبة واشنطن حكومته بتسديد ديون نظام نميري بفوائدها كشرط لتلقي معونات امريكية اضافية وكان مطلوبا ان يسدد السودان 44 مليون دولار لتلقى 25 مليون دولار نظير ذلك الامر الذي هبط الى خمسة ملايين دولار عند وقوع انقلاب الجبهة القومية الاسلامية وهو ما يفسره المهدي ضمنا بان الولايات المتحدة لا تهتم كثيرا بشعار الديمقراطية عندما يكون شعار مصالحها هو احد اهم بنود الاجندة السرية في معاركها في العالم
واظهر المهدي ايضا كيف رحبت الولايات المتحدة في ظل حكم الديمقراطيين بانقلاب الاسلاميين في السودان ويقول واشنطن رحبت بانقلاب الانقاذ جهلا بهويته الايديولوجية وظنته نظاما عسكريا عاديا يمكن ان يصبح نسخة من نظام جعفر نميري يسهل ترويضه ما دامت نوافذ الحريات مغلقة والصفقات تدار وراء الكواليس.. الولايات المتحدة في عالم الجنوب تجد التعامل مع النظم الديكتاتورية افضل من الديمقراطية للاسباب التالية: الحكومات المنتخبة تراعي مواقف ناخبيها وبالتالي فهي ليست مطيعة كما ان الحكومات المنتخبة تحرص على ان تقوم العلاقات على مصالح متبادلة والديكتاتورية يمكن ان تضحي بمصالح وطنية في مقابل الاستمرار في الحكم على هذا النحو قدم المهدي بإسهاب تجربته مع الامريكيين خلال فترة الديمقراطية الثالثة

ويأخذ حديثه اهمية قصوى لكونه كان رئيسا للوزراء مطلعا على خفايا اسرار الدولة وكونه الآن «شاهد عصر» على ما آلت اليه الامور في السودان، واللافت في المعلومات التي اطلقها المهدي انها ظلت حبيسة صدره طوال اربعة عشر عاما هي حكم الانقاذ للسودان ولم تكن لتظهر الآن لولا استشعاره السياسي الحاد بان الولايات المتحدة تعالج الشأن السوداني ككفيل اوحد لا يشاركها في ذلك احد وانها تركت وراء ظهرها اهم حزبين كبيرين هما حزبه والاتحادي الديمقراطي وان الامريكيين يبحثون الآن عن احزاب جديدة غير تلك التي كانت تحكم السودان ما قبل وما بعد ثلاثة انظمة عسكرية، وهذا ما يفسر كيف ان واشنطن قد قصدت حل ازمة السودان على حزبين وحيدين احدهما كان عدوا لها وانتهى الآن صديقا بالترويض القاسي والثاني يمثل قوى سودانية افريقية قاتلت الشمال اكثر من اربعة عقود لإثبات هويتها وحقها في الحكم

ونحسب ان اي قارىء لما يجري في السودان حاليا يتعين عليه ان ينظر الى اللوحة السياسية من كل زواياها وعلى نحو متكامل، والصادق المهدي وهو قارىء جيد للاحداث ولكن بعد فوات الاوان يكشف اليوم لنا اسرارا لم يكن يشاء يكشفها لولا تسارع هذه الاحداث التي لم يشارك فيها كما كان يفعل من قبل ثم لولا علمه بان الخريطة السياسية تتغير كلها بدءا من بوابة العرب الشرقية كما كان يسميها صدام حسين وانتهاء بـ «الجسر العربي لافريقيا» السودان الذي يعوم في بحار من النفط كما اكدت ذلك اكتشافات الاقمار الاصطناعية الامريكية ومع اتفاقنا مع المهدي على الدور الامريكي في السودان في عهد اخر ديمقراطية وموقف الديمقراطيين في واشنطن من حكومة الانقلاب العسكري الا اننا نأخذ عليه انه قدم جانبا من الصورة واخفى جانبا آخر مهما منها والجانب المخفي او المسكوت عنه هو انه لم يظهر لنا القصور الكبير الذي رافق تجربته في الحكم في المرحلتين الانتقالية والدستورية ولم يشأ ان يحدثنا عن الفوضى السياسية التي بدأ بها العهد الديمقراطي ولا عن مماطلته هو شخصيا في تغيير قوانين سبتمبر سيئة الصيت لأن تلك القوانين التي اطلق عليها قوانين الشريعة كانت ركنا من اركان خطابه السياسي

وهو يعلم جيدا ان الحديث عن قوانين علمانية في ذلك الوقت يعد تنكرا صريحا لقاعدته الدينية التي طالما وعدها بإقامة حكم اسلامي مستدعيا في ذلك تجربة الثورة المهدية في القرن التاسع عشر ولا يزال خطاب المهدي ينزع الى المشاعر الدينية باتجاه انصاره وهو ما حدا به الى ان ينصب نفسه اماما وزعيما لحزب ليبرالي في وقت واحد، ومعروف ان مفهوم الامامة يتناقض مع مفهوم الديمقراطية الليبرالية، وتقارب نظرية الامامة المهدوية الامامة الشيعية في ايران وجنوب لبنان بل ان فكرة الامامة نفسها ليست فكرة سنية بقدر ما هي ايديولوجية شيعية وهذا موضوع آخر تماما

اما اذا واصلنا نقدنا لمقالة الصادق المهدي من جانب انها سكتت عن اشياء وذكرت اشياء فاننا نشير الى انه تجاوز وجها قبيحا للديمقراطية الثالثة عندما سعى هو وافراد اسرته وسياسيون من حزب واحزاب اخرى لنيل تعويضات قدرت بالملايين في وقت خرج فيه الشعب السوداني من مجاعة تحدث عنها العالم كله وفي وقت لم ينس فيه الناس ما بدده نظام نميري من ملايين الدولارات في اكبر عملية فساد يشهدها السودان كما ان المهدي في سرده للدور الامريكي في السودان تعمد اهمال اهم حادثة وقعت له مع ادارة كلينتون ولو كان ذكرها لوفر على نفسه وعلى الآخرين مشقة تفسير الموقف الامريكي الآن في ظل ادارة الجمهوريين.

ففي عام 1997 دعي الصادق المهدي لزيارة واشنطن بوصفه معارضا معروفا لحكومة الجبهة القومية الاسلامية وبوصفه ايضا رئيسا سابقا لحكومة شرعية اطاح بها انقلاب عسكري وجاءت دعوة المهدي ضمن دعوات أخرى شملت عبدالعزيز خالد قائد قوات التحالف السودانية وجون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان والسيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحاد الديمقراطي. وكانت ادارة الديمقراطيين تريد يومذاك سماع وجهات نظر هؤلاء حول سودان جديد اذا ما قررت واشنطن اسقاط نظام «الاسلاميين» وقبل ثمان واربعين ساعة من توجه المهدي الى واشنطن من لندن نشرت صحيفة الحياة اللندنية خبراً على ثلاثة اعمدة نسب الى مصدر امريكي رفيع رفض الكشف عن اسمه يهاجم الصادق المهدي ويصفه بانه جزء كبير من مشكلة الحكم في السودان ولولا ممارساته السياسية لما استطاع الاسلاميون ان يصلوا الى السلطة في هذا البلد وقد اصيب المهدي يومذاك بإحباط كبير عند قراءته لذلك الخبر وعلى الفور رد على المصدر الامريكي الغامض بان ما ذهب اليه كان غير صحيح

ولكن المهدي بذكائه السياسي عرف ان الخبر كان رسالة له قبل ان يركب الطائرة ويتوجه الى العاصمة الامريكية، وعرف ايضا انه جزء من حرب نفسية تهيئه لإعداد نفسه منذ الآن لما تريده ادارة كلينتون، كما عرف ان المقصود من نشر الخبر هو خلق اضطراب نفسي يجعله في حالة تفكير دائم قبل ان يواجه بالاسئلة الامريكية وبالفعل فان المسؤولين في وزارة الخارجية الامريكية، الذين استقبلوا المهدي كان اول سؤال وجهوه له هو ما تصوركم لطبيعة الحكم القادم في السودان اذا ما قررت ادارة كلينتون اسقاط نظام الجبهة الاسلامية في الخرطوم؟ وهل ستقيمون دولة اسلامية ام دولة علمانية؟

وكان السائلون يريدون اجابات محددة للسؤالين وبدلا من ان يجاب المهدي على السؤالين بما يرضي رغبة الامريكيين راح يحدثهم عن ان ما يجري في السودان حاليا لا علاقة له بالاسلام، وانه يملك مشروعا سياسيا يزاوج بين الحداثة الاسلامية والديمقراطية الليبرالية وطفق يشرح برنامجه «للصحوة الاسلامية» التي لا تتعارض مع افكار العولمة الغربية الا ان السائلين لم يكن لديهم وقت لسماع محاضرة في الفكر الاسلامي، واعتبروا المقابلة قد انتهت، لانها كانت محكومة بمدة زمنية محددة وغادر المهدي واشنطن دون ان يحصل على اية وعود بدعمه شخصيا كما كان يحدث سابقا، واعطى كلاما غامضا فحواه ان ادارة واشنطن مهتمة جدا بملف السودان وانها تدرس مساعدة المعارضة ولكن بعد سماع وجهة نظر اطرافها

وبعد زيارة الصادق المهدي وجهت الدعوة الى كل من عبدالعزيز خالد زعيم قوات التحالف السودانية وهو اول تنظيم شمالي مسلح وجون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان، والاستماع الى خالد كان توجها امريكياً جديداً لمعرفة افكار سياسية مغايرة لافكار المهدي فقد كانت واشنطن تبحث عن وجوه جديدة لحكم السودان غير تلك الوجوه التي يمثلها المهدي والميرغني وهي وجوه تقليدية تحمل كما ترى واشنطن نفس الاجندة الاسلامية التي يحملها نظام الحزب الحاكم في الخرطوم والى ذلك فان الذين سألوا المهدي ولم يحصلوا على اجابات مباشرة منه حصلوا عليها من قرنق وخالد عندما ذكر الاثنان انهما ضد الدولة الدينية وانهما يؤيدان قيام سودان جديد يؤمن بتعددية السياسة والثقافة وحقوق الانسان، وهذا ما يفسر بعد سبعة اعوام من زيارة المهدي لواشنطن لماذا تقصر واشنطن مفاوضات «نيفاشا» على الحركة ا لشعبية وحكومة «الانقاذ» التي تخلت نهائيا عن اجندتها الاسلامية؟ ولماذا قرر تنظيم التحالف السوداني الاندماج في الحركة الشعبية لتحرير السودان؟

ثم لماذا اختارت واشنطن نظام «الانقاذ» حليفا جديدا للمرحلة المقبلة بعد ان كان عدوا لدودا في المرحلة السابقة. ولو كان المهدي قد قدم لنا صورة متكاملة للدور الامريكي في السودان ولم يخف الجانب السلبي من دوره هو كعامل رئيسي في قدوم نظام «الإنقاذ» ثم لم يسكت كل هذه السنوات، ليطالعنا بأسرار ليست ذات جدوى الان.. لو كان فعل ذلك لما احتاج الى كتابة صفحة كاملة يتحدث فيها عن تجربته مع الامريكيين، ولكن بعد انسكاب الحليب!
* صديق محيسي – جريدة الشرق القطرية – القسم الدولي

------------
المصدر: سودان نايل

Post: #107
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-06-2003, 00:33 AM
Parent: #106

وهذا ما كتبه الاستاذ فيصل مصطفي لسنوات خلت عن اتفاق الصادق - البشير؛ والذي قتح الباب لكل هذه المناورات والمداورات ومسيرة الخداع وتسويق النظام الذي اصبح الصادق المهدي مدير مكتب علاقاته العامة

------------
نداء الوطن .. وعقدة الزمن
فيصل مصطفى ـ كندا
30 نوفمبر 1999م
مقدمة:
"في يوم 25 نوفمبر 1999 .. بالعاصمة الجيبوتية ..الخ" أعاد السيد الصادق الصديق المهدي، رئيس الوزراء السابق والأسبق، رئيس حزب الأمة وراعي طائفة الأنصار، صفحة من التاريخ كان الظن أنه قد أحرقها وذرى رمادها لرياح الزمن بعد أن تجرع مرارة درسها العلقم يوم أن ساقه اليأس، وأحد لصوص السودان، للقاء الرئيس الأسبق جعفر نميري.
كان ذلك على ظهر باخرة لم نعرف حتى الآن أي علمٍ خفق بساريتها، لكنها على أي حال ألقت مراسيها قبالة بورتسودان ليس بعيداً عن مقر الرئيس عمر اسماعيل الذي استضافه الآن. فبعد أكثر من عشرين عاماً على نداء المصالحة الوطنية لعام 1977، أطلق الصادق مجدداً "نداء الوطن" وهو هذا البيان المشترك الذي بين أيدينا والذي وقعه كل من السيد مبارك الفاضل أمين العلاقات الخارجية بحزب الأمة، والدكتور مصطفى عثمان، وزير خارجية السودان، وشهد مراسمه الصادق والبشير في جو شابته النشوة الخالصة ـ بل سمتها اللذة إن شئت ـ حيث تلحظ فيما بثته الفضائيات العربية من صور الحدث، اتحاد الكف بالكف في إلفةٍ طاغية بين مصطفى عثمان ومبارك الفاضل، وقد استبدت بالصادق البهجة فتلألأ وجهه وابتسم حتى بانت نواجذه! هذا فإن كنا نقدّر للصادق ارتباكه تحت تأثير الهزيمة لفيلق الجبهة الوطنية في يوليو 76، وإن تقاضينا عن سقطة الفكر وغيبوبة الضمير ح!!ين سعى لمصافحة يد لم تك قد جفت بعد من دماء محمد نور سعد والمئات من مجندي الأحزاب الثلاثة، فكيف لنا أن نكيِّف انصراف ذهنه عن تلك التجربة القاسية بما آل إليه حاله جرائها من ضعةٍ ومن هوان. فالصادق قطعاً لم ينس بؤس ما حاق به وهو يلاعب الرئيس البولو في مضمار نادي الفروسية مساءاً، ويلعب به الرجل في أروقة الاتحاد الاشتراكي وقصر الرئاسة نهاراً جهاراً حتى أهلكته الفاقة وفر هارباً من الذل والمسكنة.
إن كنا نقدر ذلك بحسبان فقدانه الرهان على نجاح حملة واحة الكٌفرة، والخسارة الفادحة في الأرواح والعتاد التي نجمت عن ذلك، فهل ثمة من تقدير يستسيغه العقل لهذه الهمة في الهرولة العجول بين بون وجنيف وجيبوتي والتجمع ما زال يستجمع قواه، يستنهض قواعده، ويستنفر موارده البشرية والمادية لنزال سياسي وعسكري سجال! لم يمض وقت طويل منذ أن خرج الصادق معلناً الجهاد. أن غبار القافلة الميكانيكية التي نهبت به الأرض برفقة نجله، أمير أمراء جيش الأمة، إلى أرتريا نهاية عام 96 لم يهدأ بعد عن سماء البطانة ووادي سيتيت، فما باله لا يهدأ أو يستقر له فؤاد؟ بل ما باله وقد عجز عن كبح جماح نفسه المتهافتة على السلطة منذ حداثة الصبا، يعجز حتى عن إنتاج وسيلة تبرير أرقى من هذه الوثيقة التي تنضح فجاجة وإسفافاً في النص والروح معاً.
أليس من حق شعب عاثر الحظ عرفه كنائب برلماني دائم عن دائرة الشوال، كفتىً مدلل يعدَّل من أجله الدستور ليستوي على سدة الحكم دون سن الحلم السياسي، كرئيس للوزراء خلال مرحلتين من مراحل الديمقراطية الليبرالية الثلاث، وكسياسي محترف لأربعة عقود من الزمان، أليس من حق هذا الشعب عليه وقد أحاطه تكريماً عند كل دورة انتخاب، وأضفى عليه من نبله الأصيل تسامحاً عند كل زلة قدم، أن يخاطب الصادق عقله ووجدانه بأرفع مما ورد في متن إعلان جيبوتيّ ؟ وهل هذا النص من الهذيان المطلق هو فعلاً رحيق العصارة النظرية لمدرسة سياسية وفكرية حكم باسمها الصادق هذا الشعب دهوراً وما زال يطمع في مزيد؟ نكتفي بهذا القدر من الاستهلال الضروري ونعود إلى الوثيقة:
أولاً: اتفاقية السلام
في هذا البند، وتأسيساً على منطوق الفقرات من (أ) إلى (ح)، وخاتمة البند بالفقرتين المتلازمتين (ط) و (ى) ونصهما على التوالي كما يلي:
(إكمال تلك الإجراءات في فترة انتقالية قدرها أربعة أعوام.. في نهايتها يستفتى جنوب السودان ..الخ) و (معالجة قضيتي جبال النوبة والأنقسنا… في إطار السودان الموحد) فإن البند بأكمله، وهو يتعاطى مع قضية السلام، إنما يعبر في الواقع عن اختزال (أطراف النزاع) إلى طرفين اثنين فقط هما الجنوب (الحركة الشعبية) والشمال (سلطة حزب المؤتمر الوطني). وحزب الأمة بتبنيه لهذا إنما يحشر أقدامه حشراً في حذاء النظام ليعلن دون حياء عن تعامله مع (مبادئ الحل السياسي) من منصة الحزب الحاكم، مستخدماً لغته ومفرداته إزاء كل (الأطراف) الأخرى، الرئيسية والهامشية!
عليه فبغير داع للالتفات لأي من الفقرات من (أ) إلى (ح) التي لا تستحق ـ في نظرنا ـ التعليق، نتوقف عند الفقرتين (ط) و (ى) سيما وأن النص يقر بأن كل ما سبقهما هو محض (إجراءات) يتطلب "إكمالها فترة انتقالية قدرها أربعة أعوام.. في نهايتها يستفتى جنوب السودان بحدوده لعام 56 .. الخ"، ومن ثم تتم "معالجة قضيتي جبال النوبة والأنقسنا بما يحقق مطالبهم في القسمة العادلة للسلطة والثروة في إطار السودان الموحد". إن أكثر ما يشد الانتباه هنا هو إنكفاء حزب الأمة، وعلى غير ما يدّعي في معرض انتقاده الدائم للإيقاد، على نهج السلطة في اعتبار قضية الحرب والسلام قضية شمال وجنوب فقط. وليت هذا كل ما في الأمر، بل الأخطر هو إقحام الحزب بنفسه في شأنٍ كان من الأجدر به الدفع بأنه لا يعنيه في المقام الأول، لكنه على العكس من ذلك تحمس حماساً منقطع النظير لإظهار تطابق وجهة نظره مع وجهة نظر النظام في مس!!ألة ظلت، وما زالت، محل اختلاف جوهري بين الحكومة المعارضة قاطبة طيلة السنوات العشر الماضية.
أما الإلغاء لأهل الحق في الجنوب وجبال النوبة والأنقسنا في هذا المقام، فما هو إلا حلقة واحدة من سلسلة النفي للاعتراف بأهلية أي من قوى المعارضة الأخرى. وهذا بدوره يعزز سلامة استنتاجنا بأن حزب الأمة وقد أقر بهذا الاتفاق على المبادئ، قد أطلق لروحه العنان بالفعل لتغادر مركب التجمع وإن بقي جسده جثة سامة تنفث ضرراً يهدد بالوباء. وما موقف حزب الأمة في هذا السياق المؤسف، إلا ازدراء مركب لإعلان مبادئ الإيقاد لسنة 94، وإعلان أسمرا لسنة 95، وكل ما تعاهدت عليه أطراف التجمع من مواثيق بعد جهد شاق استغرق عدة سنوات. وهو ازدراء وعبث في آن، إذ يستحيل المزج بين حق الجنوب في الاختيار بين "وحدة طوعية" أو "الانفصال" في حين تتم "معالجة قضيتي النوبة الأنقسنا في إطار السودان الموحد". فهب أن الج!!نوب قد اختار الانفصال، ونعتقد أن جيبوتي قد أضاءت شارة المرور في هذا الاتجاه، فأي سودانٍ موحد ذلك الذي تعالج في إطاره قضيتي جبال النوبة والأنقسنا؟ أم لعل القصد، في إطار "الشمال الموحد" بعد الانقسام؟
نظام الحكم:
نوجز ملاحظتنا في نقاط ثلاث، أولاها أن أهم ما في هذا البند هو التأمين على اصطفاء الحزبين للنظام الفيدرالي الرئاسي باعتباره النظام الملائم للسودان. وهذا حلم قديم يراود الصادق منذ منتصف الستينات ولم يظفر بتحقيقه. وليت الصادق يعرف أن يمني النفس بغير هذا، فالأحلام كلها ليست ذات بال. بعضها أضغاث كما نعلم .. والبعض الآخر مما لا قبل للصادق به: أحلامُ "مستدامة"!
والملاحظة الأخرى هي بصدد التعددية. فالوثيقة استعرضت وعلى وجه الحصر التعددية الدينية والثقافية والإثنية بإسقاط متعمد للتعددية السياسية. وحين نقول المتعمد هاهنا، فلدينا سند قوي من تكرار ذلك الإسقاط في ثلاث مواضع بما ينفي شبهة السهو، ولمن شاء التثبت أن يعود إلى الفقرات (ب) و (د) من البند الأول في الإعلان. وبطبيعة الحال أن هذا الإسقاط من الجسامة بما لا يفوت على فطنة حزب قديم العهد بالسياسة، بل هو في الواقع صاحب الأغلبية السياسية لآخر يوم من عمر الديمقراطية الثالثة. لكنه الغرض ... والغرض ـ على قول أهلنا ـ مرض! أما الملاحظة الثالثة فتتجه إلى ما جاء في الفقرة (هـ) لنتأمل عبارة " النظر في كافة المظالم وإنصاف المظلومين". وهنا حري بنا بدءاً الاحتفاء باعتراف حزب الأمة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم بوجود مظالم ووجود مظلومين. لكن لنا أن نتساءل من هو الظالم؟ ما هي آلية النظر؟ وكيف تقاس معايير الإنصا!!ف؟ أم علينا يا ترى ألا نتجاهل أن "نظام الحكم" يفسح في هيكل مؤسساته مكاناً مميزاً لديوان حسبة المظالم؟!
العلاقات الإقليمية والدولية وآليات الحل السياسي:
لا بأس بالفقرات (أ) و (ت) من عموميات الأبجديات أما الفقرة (ج) فنعف عن التطفل على المعنيين بها من دول الجوار، ونفضل أن ندع لهم خيار التقاط موجاتها القصار على أجهزة استقبالهم المرهفة، ولهم ـ إن أرادوا ـ الإعراب عن امتنانهم لطرفي الاتفاق لحصافتهما في الاكتفاء بالتلميح دون الإفصاح. لكن يدهشنا أن تلك الحصافة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما انجلى البند (رابعاً) عن إسرافٍ لا مبرر له في التصريح بالانحياز لصالح المبادرة الليبية المصرية المشتركة على حساب الإيقاد.
أما هذه الآليات للحل السياسي التي يقترحها المشروع فهي باختصار آلية واحدة لا غير، وتعريفها بمقتطفات حرفية من نص البد الرابع ذاته هو أنها:
((المبادرة الوطنية التي تشكل محور السوداني ـ السوداني .. وتعمل على دفع جهود السلام عبر المبادرتين المصرية والليبية المشتركة.. عبر اتفاق المبادئ أعلاه)). والسؤال هو كيف بحق السماء يستقيم منطقاً أن تكون آلية الحل هي هذه "المبادرة الوطنية" المرتكزة إلى "إعلان مبادئ" جيبوتي 99، في حين تعمل هذه الآلية ذاتها عبر مبادرتين أجنبيتين ليس من السهل التوفيق بينهما على انفراد دع عنك أن يكونا معاً وعاءاً لاستيعاب إعلان جيبوتي، الناسخ في الأصل، لأهم "اتفاق وطني" في التاريخ السياسي للسودان المعاصر، أي مقررات مؤتمر القضايا المصيرية لعام 95.
خلاصة القول إنما ورد في البند (رابعاً) من (أ) إلى (د) ليس يؤهله لأن يحمل العنوان الفرعي: آليات الحل السياسي. تلك ليست آليات ولا يحزنون. بل هي أكروبات سياسية لا يحذق فنونها سوى حزب الأمة وحزب المؤتمر الوطني. لكنها أكروبات خشنة .. منفرة .. فظة الأداء ومصير لاعبيها السقوط من علٍ ودق الأعناق.
خاتمة:
لا شك أن السمة الطاغية على إعلان جيبوتي والتي تميزه عما سبقه من انتكاسات في مسيرة التجمع الوطني الديمقراطي، هي مجيء حزب الأمة بصفتهالمؤسسية Institutional للاجتماع بمؤسسة رئاسة الدولة السودانية بكامل ثقلها الدستوري، خلافاً لصفات التمثيل التي شابت اجتماعات التمهيد في بون "الصادق ـ وصال" وفي جنيف "الصادق ـ الترابي". وهذه العثرة القاتلة من قبل حزب الأمة الآن قد حفزت النظام للانتقال على الفور خطوة أخرى خاطفة في خندق إحدى كبريات "القوى الرئيسية" لحظة انهيارها وإملاء ما يليق بهذا الانكسار من بنود الاتفاق، بل بترتيب أسبقياته وأسلوب الصياغة.
فديماغوغية الطرح، والتاكتيك البراقماتي الصرف هما من صميم نهج وفلسفة عرَّاب النظام د. ترابي لحظة الإجهاز على الخصم السياسي. والترابي فوق هذا وذاك، يعرف على وجه اليقين أين تكمن مواضع الجزع في الكيان النفسي لفريسته الثمينة: الصادق! فصهره الذي شب وبيمينه صولجان الحكم الموروث، يرتاع لمجرد التفكير في أن ذلك المجد إلى زوال. وبين سندان "السودان الجديد" حيث لا أمل في الحفاظ على تواتر السلطة من جيل إلى جيل داخل أسرة المهدي، ومطرقة النظام الذي سيحيله وحزبه العتيد إلى حيث أحالت التجربة المصرية الباشا فؤاد سراج الدين وحزب الوفد المهيب: مومياء ساكنة .. وطابية هدَّها الزمن. بين هذا السندان وتلك المطرقة فقد الصادق القدرة على أي اتزان سيما وقد دلف يخطو في عقد عمره السابع. فكيداً به، كثيراً ما يستعذب الترابي الماكر، وبيده النحيلة كل مفاتيح الحكم، بث إشارات تقطر سادية من نوع: أدركتنا الشيخوخة وليس لنا أن نعكر صفوها بالحكم. هو يقصد الصادق. كان دائماً يقصد الصادق ويعرف على أي الأوتار يعزف لحناً يثير في نفسه الشجن. نقرة على وتر السلطة وأخرى على وتر الزمن. عليه، فإن رأت عيناك يوماً الصادق!! قد وقف في جيبوتي وأدار ظهره للمستقبل، فلأنه يخشى الزمن .. ولا يثق في الزمن. لا تغتم. دعه وشأنه. عليه اللعنة يوم ولد .. يوم آلت إليه مقاليد الحكم .. يوم سقط .. ويوم يموت حياً.

Post: #109
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Amin Elsayed
Date: 11-06-2003, 01:42 AM
Parent: #107

الاستاذ محمود محمد طه قال الصادق مابطأ قوز اخضر؟ المصيبة انو الصادق واقف بين الشعب السوداني والقوز لا داير يمشي ولا قادر يطأ القوز الاخضر؟

Post: #110
Title: Re: الامام في متاهته .. او الصادق المهدي بين القداسة والسياسة
Author: Abdel Aati
Date: 11-06-2003, 11:38 AM
Parent: #109

العزيز امين السيد

صدقت وصدق الاستاذ محمود

عادل