في أربعينية أخي / فيصل طه : ( بقلم الأستاذ عمر طه )

في أربعينية أخي / فيصل طه : ( بقلم الأستاذ عمر طه )


09-01-2007, 08:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=140&msg=1188632223&rn=2


Post: #1
Title: في أربعينية أخي / فيصل طه : ( بقلم الأستاذ عمر طه )
Author: ابو جهينة
Date: 09-01-2007, 08:37 AM
Parent: #0

أن يكون أحدهم أخاك شئ ، وأن يكون هذا الأخ توأم روحك وتكون أنت طريده شئ آخر .
هكذا كنت وأخي فيصل رحمه الله ، وهكذا هزَّ كياني وزلزل روحي رحيله المُفاجئ وهو بين من أحبّ من أم وإخواتٍ وأهل كما تمني ، وليس بعيداً عنهم كم قال عمر بن أبي ربيعة حينما مرض بعيداً عن بلدته الرمل وأحبابه :
وفي الرمل منّا نِسوةُ لو علمنني لبكين وفدين الطبيب المداويا
فمنهن أمُ وأبنتيها وخالةُ ...............................
بل خالاتُ وعماتُ وكل نساء آل سلمان والفاضلاب في كافة قري حلفا وكل نساء بلادي الشامخات من حد ارض أسوان إلي حد أرض علوة . نسأل الله العلي القدير أن يمُنَّ علينا بموت مثل موته وأن ينزل علي قبره شآبيب الرحمة .
فيصل يا أعز الناس ، ما كنت أحسبك ترحل هكذا ، فكلُّنا بحاجتك ، أمُّك المكلومة التي لم تندمل بعد جراح العمليّة التي أُجريت لها قبل نحو شهر من رحيلك ، العمليّة التي حشدت لها دعوات الجميع لها بالشّفاء في كل مواقع الإنترت فاستجاب الجميع بأخلاق سودانية منقطعة النظير ، حتي أولئك الذين إختلفت معهم في الرأي وتراشقت معهم بالكلمات لم يضنّوا بدعواتهم ، وقد كان الأولي بك أن تحشد تلك الدعوات لنفسك وقد كنت تعلم جيِّداً بمرضك ورحيلك الوشيك ، فأي نبل ، وأي برٍّ ووفاء للوالدين هذا !!. أبناؤك وزوجتك ، إخواتك وإخوانك ، وكافة الأهل والمعارف ، الجميع ذبحهم الحزن حتي العظم .
قبل رحيلك بيوم واحد وفي آخر إتّصال بيننا ، أتاني صوتك شاحباً نحيلاً مثل صوت طفلة تائهة في متاهة لا قرار لها ، فسبحان الله جاءني إحساس غريب بأنّك تتحدّث من ذلك البرزخ الذي بين بين . وفي وقت لاحق بعد رحيلك قالت لي شقيقتنا سعيدة الضلع الثالث للمثلّث الذي كُنّاه ، قالت بأنّك كنت تهذي في أيّامك الأخيرة قائلاً أبعدوا عني بتول صادق ، فهي تدور حولي بإستمرار)
تُراك كنت قد رحلت بروحك إلي ذلك البرزخ حيث روح الجدّة بتول وأرواح أخري عزيزة ، رحمهم الله .
سعيدة التي تقرّحت مآقيها بالدمع السخين والتي تذهب من منزلنا إلي بيتها كل مرة وأخري حيث الركن الخفي والقصي الذي كنت ترقد فيه في آخر أيّامك متوارياً عن عيون الناس وفضول الزوّار ، تذهب إلي هناك كي تبكي عليك بعيداً عن أعين النّاس .
منذ طفولتك الباكرة والأمراض تطاردك ، طفح جلدي غريب ظهر علي جسمك كلٍّه ،وأنت إبن عام واحد سافرنا بسببه إلي الخرطوم وكان ذلك عام خمسٍ وخمسين وتسعمائة وألف ، وبعد العلاج زرنا معالم الخرطوم حيث زرنا حديقة الحيوان ( جنينة النزهة ) وركبنا الترماي وشاهدنا تمثالي غردون وكتشنر . الزائدة المتحجٍّرة عام سبع وسبعين وأمراض أخري كثيرة طاردتك كثيراً كنت تشفي منها دائماً فكيف قدر عليك هذا المرض اللعين ؟
منذ طفولتك وأنت لا تعترف أني أكبر منك سناً وما يترتب علي ذلك من واجب الطّاعة والإحترام، كنت مثل التوأم الذي يحاول دائماً أن يكون ندّاً لتوأمه ، كنت دائماً علي خلاف معي في كل شئ ، لم نتّفق إلاّ في حب الهلال العظيم ووردي العبقري ، حتي هذين الحبين كنت تمارسهما بطريقتك الخاصة . نافستني في كل شئ ، وأعترف لك بأنّك تفوقت علي في أهم شيئين ، كونك حجّجت أمي قبل أن أفعل أنا ذلك ، وسبقتني في إجرائك للعمليّة الأخيرة التي أُجريت لها ، فهنيئاً لك أخي .
فيصل أيُّها العزيز ، أتذكر قبل نحو أكثر من خمسٍ وأربعين عاماً في بيتنا الذي تغمره المياه في أبكي العزيزة ، وجعنا الأبدي ، أتذكر ضحي ذلك اليوم وقد كنا نتناول طعام الإفطار مع أبي ، وكنت أنت تأكل لأول مرّة مع أبي ، أتذكر أنّك غمست قطعة الفطير في المخدّة المُلقاة علي طرف البرش بدلآ عن صحن الطعام ، وذلك من شدّة خوفك من أبي .
يومها ضحكنا عليك كثيراً أنا وسعيدة ، فارتميت أنت علي تراب ( الدهريس) ، وأخذت تتمرَّغ عليه جيئة وذهاباً إحتجاجاً علي ضحكنا عليك ، كم كنت عنيداً حتي مع مرضك وموتك.
فيصل أتذكر ماذا أم ماذا أم ماذا ؟
نم هانئاً في مرقدك أيُّها العزيز .

أخوك المكلوم / عمر طه

موقع كِدِنْتو KIDIN2

Post: #2
Title: Re: في أربعينية أخي / فيصل طه : ( بقلم الأستاذ عمر طه )
Author: انعام عبد الحفيظ
Date: 09-01-2007, 08:46 AM
Parent: #1

رحم الله الأخ فيصل طه وأسكنه فسيح جناته

وألهمك يا أستاذ عمر الصبر والسلوان

Post: #3
Title: Re: في أربعينية أخي / فيصل طه : ( بقلم الأستاذ عمر طه )
Author: ابو جهينة
Date: 09-01-2007, 08:48 AM
Parent: #1

فلترجع نفسك راضية مرضية إلى بارئها

تتزاحم الذكريات أخي عمر في رأسي ...
أرى وجه فيصل يملأ سماء القرية 15 بإبتسامته الوديعة
و صوته الهاديء
و مشيته الوقورة تقطع طرق القرية و حواشي الحواشات

إن القلب منفطر أخي عمر
و شلال اللوعة يمتزج بفيض الذكريات

آخر مرة رأيته فيها كانت بالمستشفى الوطني عندما قمنا بزيارة الأخ أحمد عباس ولياب.

و الحديث يطول .. و لا أريد أن أنكأ جرح الذكريات الأليمة

ختاماً

له الرحمة و ربنا يطرح البركة في ذريته و يصبر الجميع

Post: #4
Title: Re: في أربعينية أخي / فيصل طه : ( بقلم الأستاذ عمر طه )
Author: حمزاوي
Date: 09-01-2007, 09:14 AM
Parent: #1

أخي فيصل أنا لفراقك لمحزونون
انا لله وانا اليه راجعون
ونسأل الله ان يرحمه ويسكنه فسيح جناتك
اخي جلال
كلنا في سرادق العزاء