بانوراما .. مقدمة

مدخل :

ان شئت ان تكون من اللذين يحملون هموم الوطن والمواطن ..ويراقبون مايجرى فى ساحة وطننا المغلوب على امره .. لاصبت بالغثيان ..واذا قرات او سمعت او رايت ما يحدث فى كل نواحى الحياة فيه .. لاصبت بداء.. " فقدان المناعة المكتسبة " والذى سوف يؤدى الى اصابتك بمرض الايدز " دونما مباشرة " . يكفى ان تطالع اى عدد من اى صحيفة يومية سودانية لتصاب بالصدمة والدهشة من كل خبر تقراه او عامود تطالعه او مقال تحاول ان تجد له فسحة من استرخاء لمراجعته .. تردى وانحطاط واسفاف فى كل شىء .. سياسة ..اقتصاد ..صحه .. فساد ..اخلاق.. انحلال وتفكك .. وغياب لثقافة مجتمع .
فاذا اردت ان تكتب ناصحا ..او موجها ..او ناقدا .. فانت كمن يحرث فى البحر..فلا عين ترى.. ولا اذن تسمع ..ولاقلب ينفطر .. فالمسئول ان كان على قمة الهرم الوظيفى او اسفل قاعدته مشغول فى تكبير " كومه " ..ليس من الرمال كما كنا نفعل فى الصغر..بل من المال والبنون والوجه الحسن ..والتجهيز للصفقة القادمة ..وفى وقت الفراغ.. البحث عن زوجة جديدة ..او رحلة تسوق ما بين دبى وجدة ودمشق .. او اصطياف مع الابناء الدارسين فى امريكا واوربا.. ..فهو يسعى الى كل شىء .. الا مرضاة الله والوطن.. اذن فهو لا يقرا ولا يشاهد ولا يسمع . اما المواطن السودانى ..الهزيل ..الجائع الظمان ..المريض ..فاقد الماوى ..فهو بين عدة نيران وليس نارين فقط .. نار الكوارث السياسية والاقتصادية ..نار الكوارث الطبيعية ..نار الحروب والدماروالاقتتال ..نار الغلاء والفساد والغش ..نار التمييز والكيل بمكيالين فى الحقوق والمواطنة ... ونار " الحلة " ... فانا له ان يقرا ويشاهد او يستمع ..فمن باب اولى له ان يدخر قيمة اى صحيفة .. لشراء قليل من طعام يسد به رمقه او رمق اطفاله .. او لشراء قرورة ماء صحة علها تروى ظماه وتحفظ كلاه من فشل لابد ات ..او كوليرا متفشية فى كل الاصقاع . اذن فهو لايقرا ... وايضا لا يشاهد ..فمع تفشى ظاهرة الجمرة الخبيثة المسبقة الدفع ..لابد من ترشيد الاستهلاك فالترشيد " يرضى غرور الحكومة " ..لمبة واحدة مضاءة عند اللزوم .. اما مشاهدة التلفاز - اذا وجد ولم يباع لمقابلة طبيب او شراء دواء - فوقت المسلسل فقط لانه الترفيه الوحيد ل 99% من الاسر السودانية . اما الاستماع الى المذياع .. اعتقد كان زمان.. اضان اخونا " محمد احمد " اصبحت مبرمجة على سماع الاحتياجات والطلبات والشكوى - التى هى الى غير الله مذلة- فمنذ الصباح الباكر تبدا الطلبات .. ابوى عايزين شاى ..ابوى عايزين سكر ..ابوى دايرين حق الفطور..ابوى دايرين حق المواصلات ..ابوى عايزين حق القفه...عايزين..عايزين .. عايزين .. وفى المساء ..ابوى عايزين سكر.. ابوى دايرن حق البوش ..ابوى عايزين عشرة الف للمدرسة عشان يصلحوا الكنب والمراوح ..ابوى عايز كراسة وقلم .. ابوى ..ابوى ..ابوى . اذن فمن اين له ان يستمع الى نشرة اخبار.. او برنامج اذاعى يتحدث عن مشكلة ما . اذن فهو لايشاهد و لا يسمع . اما اولئك اللذين لديهم المقدرة على شراء الصحف والمجلات ..فهم يهتمون بشراء الصحف الرياضية والمجلات الفنية " غناء وتمثيل " .. يتدافعون عليها منذ الصباح الباكر ليقراوا ..تصريحات " صلاح ادريس وجمال الوالى " ..ودسائس ومكائد صديقى " البروف كمال شداد" ..وكيف راوغ " البرنس والعجب " ..وكيف هدف " كرنقو وكلاتشى وقودوين " .. وكم دفعت ام دوم للمهاجم الخطير " الدومه " اما اولئك اللذين لديهم المقدرة على الدفع المسبق لجمراتهم الخبيثة فاكيد لديهم اجهزة التلفزة والرسيفرات والكمبيوترات .. فى كل الحجرات والصالات والاركان ..ولكن.. الصغار مع محطات " توم و جيرى " ..والشباب مع محطات الفديو كليب وما اكثرها .. وافلام روتانا و ام بى سى .. فهم يعرفون كل شىء عن كاظم الساهر وراشد الماجد وهانى شاكر ..ولا يعرفون اى شىء عن الازهرى او المحجوب او الشريف الهندى ..يعرفون كل شىء عن … اليسا ونانسى عجرم ونجوى كرم وهيفاء وهبى ..ولايعرفون اى شىء عن .. مهيرة وحاجة كاشف وخالدة زاهر وفاطمة احمد ابراهيم .. يعرفون كل مشاكل الفنانين والفنانات ..زواج ..طلاق..خطوبة ..وعقود ..ولا يعرفون اى شىء عن مشكلة دارفور ..او الشرق او الجنوب..او اين يصرف دخل البترول .. لديهم الاستعداد للبقاء قرب التلفاز الساعات الطوال .. وليس لديهم بضع سويعات لحضور ندوة سياسية او ادبية او ثقافية ..اما الكبار فهم مابين الدورى الاسبانى والدورى الايطالى والالمانى .. وحلقات المصارعة .. اما اجهزة الكمبيوتر فهى ل chat وتبادل ال e-mail بمناسبة " يوم الحب " اذن لا احد يشاهد ليزداد معرفة او يكون راى .. فالكل مشغول بليلاه .
اخوتى لمن نكتب ولمن تكتبون .. ناصحين او موجهين او منتقدين ..ولمن نبدى الراى فى كل ماسينا ومحنا وبلوانا .. انها ماساة .. ماساة وطن اسمه السودان.. غرق فى شبر مويه .

اخر الكلم :

ايها الناس نحن من نفر.. عمروا الارض حيثما قطنوا ..
يذكر المجد كلما ذكروا .. وهو يعتز حين يقترن ..
حكموا العدل فى الورى زمنا .. ياترى هل يعود ذا الزمن ..
ردد الدهر حسن سيرتهم .. ما بها حطة ولا درن ..
نزحوا لا ليظلموا احدا .. ولا اطهاد من امنوا ..
وكثيرون فى صدورهم .. تتنزل الاحقاد والمحن ..
لوحة العرف اصلها كرم .. والى العرف تنسب الفطن ..
ايقظ الدهر بينهم فتن .. ولكم افنت الورى الفتن ..
انا سودانى انا .. انا سودانى انا ..

والى الحلقة الاولى من بانوراما .. سلام
عقيد (م)
يوسف محمد يوسف

الأخ يوسف
تحياتي وشكراً على القيدومة المقدمة فتح الخشم! برغم المرارات بلا أتّي! والبانوراما بلاشك ممتعة بما تحويه من تعدد العناصر وما تتيحه من تفاعل وطرق لكل الأبواب . وحتى لا تتصاعد بك حالة الغثيان ، أودّ أن أشركك ببعض المعادِلات الموضوعية بادئا بالقول: أنّ حال الوطن بائس ولكنه ليس ميئوس منه ؛ ومع صحة وصفك وتقريرك بانشغال الناس من كبارهم لصغارهم بالحاضر من الرغبات الاستهلاكية المميتة بعض الأحيان! تاركين الأهم من متابعة أخبار الوطن والمساهمة في تنميته، إلاّ أنّ فيهم عدد غير يسير يضع باله بما يعود على الوطن بالمنفعة وبالتالي يسعى للمعرفة والخبرة . وقد أخذني تعديدك لتبديد الناس جهودهم في الاستهلاك اليومي لما يرونه من مطايب حتى وان اقترفوها بكل الظلم دون وازع من ضمير أو أخلاق ، كما عادة معظم الناس في العديد من العصور ! أن أستذكر تلك الحكايةعن الذي أفتى بورع السودانيين جميعاً! حينما شاهد التزاحم في المسجد ، ثم أفتى بتعشـّقهم فقط للرياضة ، حينما دخل استاد المريخ ، وكذلك أفتى بإغراقهم في اللهو والبهجة حينما حلّت أيام الغنا في ميادين الرياضة ، ليبقى أخيراً على الافتاء بأنّها دولة بوليسية ! تلك التى تتكرر فيها مشاهد التخريج العسكرتاري أفواجا أفواجا من الكلية الحربية(مصنع الرجال!) والبوليسية (ويا ابودريس من البوليس!) ودفاعنا الشعبي (ياهو دي!!) وغيرها كثير من التخريجات التى لم تجبر لخاطر الوطن مكســور ! وبمناسبة هذه التخريجات العسكرتارية الكثيرة ، قد صدف أيام ضحى الإنقاذ وشيوع أسواق الجمعة للتقايض وإهانة المنقولات ! أن تهجّمت امرأة على أحدهم ينادي ببيع جهاز تلفزيونه لعلّه يوفّر حق دواء لبعض أنجاله قائلةً له كيف تبيع مجروس وتغش الناس بأنّه تلفزيون؟ فغالطها ، فأصرّت أن يشغله حتى تُثبت له : وأوّلما تمّ التشغيل، فإذا بالعساكر يخرجون كأنّهم يأجوج ومأجوج ...! فعاجلته قائلة: وتقول لي الطيّارة عندها بوري!

مايزال الناس، أو عدد معدود منهم يتابعون الأخبار ويلاحقون المواقف لأجل أن يستعدوا للإسهام في ازدياد معرفتهم وتعميق خبراتهم كي ينهجوا النهج السليم في منافحة البؤس الحاصل وبلاريب، أنّها الطريقة المُثلى .. وأكبر ظنّي ، أخي يوسف، أنّك واحد منهم ، ودليلي كتابتك هذه العارفة بما يجري وقبل أن أختم مداخلتي، أرجو ألاّ ترى أيِّ تعريض بك ، فيما جرى به الحكي عن العساكر .. فقطعاً لا أقصد شخصك إلا بكل ود وتقدير واجب على كل زميل بالمنبر وزميلة .. وبمناسبة العساكر ، فقد كنّا نتناشد في طفولتنا بمقاطع مثل:

السمبرية أم قدّوم
عيش أبوي بيقوم متين ؟
لنفترض الإجابةبعدها :

بيقوم باكر مع العساكر

وللأسى ، فقد قام العساكر (بي نمرة اربعة من قولة تيت) ودهسوا الأرض والزراعة والرعاية والمنقة بأحذيتهم الثقيلة ، وما يزال العيش .. فريك ! ولم يتسنَّ للعيش أن يتخطـّى الفراكة ، إذ ظل علفاً للقائمين على أمر الوطن .. فهؤلاء ورعاتهم الشهوانيين يأكلون الفريك وليس لهم صبراً يبل الآبري !



وافر التحايا ..

Quote: اخوتى لمن نكتب ولمن تكتبون .. ناصحين او موجهين او منتقدين ..ولمن نبدى الراى فى كل ماسينا ومحنا وبلوانا .. انها ماساة .. ماساة وطن اسمه السودان.. غرق فى شبر مويه .

الأخ يوسف , شاءت الظروف ان اكون في السودان ولمدة 21 يوماً وقد لمست واحسست بمعاناة المواطن الضعيف

وكل ما ذكرته هنا هو واقع معاش , نسأل الله أن يزيل هذا النظام الظالم الجائر عن البلد وياتي بمن هو

اطهر وانقي منه والمعاناة حتي نحنا شريحة المغتربين نعاني منها عند حضورنا للسودان وخاصة في ذاك

الجهاز المسمي جهاز تعذيب السودانيين المقيمين بالخارج .

يوسف اخوي الفقد واحد .

اخى هاشم ..
نعم الفقد واحد .. لكن لا ولن يدفن الجسمان ويرفع العزاء الا بعد ان
تطال يد العدالة كل من اجرم فى حق هذا الوطن .. اتشرف بمشاركتك فى
الحلقة الاولى من بانوراما
لك كل الود

اخى محمد .. يا صاحب الاسم الذى اعشقه
اشكرك على مداخلتك الطيبة الوافية.. اتفق معك على ان الوطن بائس وليس مئوس
منه .. السودان الوطن الواحد فى حدقات العيون ..وبين الضلوع ..وفى وجدان كل
غيور..لن نياس حتى من اصحاب القبور فكلمات الازهرى والمحجوب والشريف وعبد الخالق
والامام الهادى وجون قرنق وغيرهم من قادتنا ومعلمينا الذى ضحوا بكل شىء من اجل
السودان ستظل هى النبراس الذى يضىء طريق المستقبل لناو للاجيال القادمة باذن الله..
ما دفعنى لهذه المقدمة خوفى على وطنى وعلى الاجيال الحالية والقادمة.. من فقدان الهوية والواعز الوطنى والغيرة على وطن الجدود.. بانوراما انشاء الله ستكون كما قلت
متعددة العناصر والموضوعات ..او قل كشكول نعرض فيه كل ما يدور فى الوطن بالرصد والتحليل والتنبيه وذلك لفائدة القارئ او المتصفح وشده لمتابعةكل مايدور فى الوطن
اتمنى مشاركتكم معنا.. ودمت

ابوى عايزين شاى ..ابوى عايزين سكر ..ابوى دايرين حق الفطور..ابوى دايرين حق المواصلات ..ابوى عايزين حق القفه...عايزين..عايزين .. عايزين .. وفى المساء ..ابوى عايزين سكر.. ابوى دايرن حق البوش ..ابوى عايزين عشرة الف للمدرسة عشان يصلحوا الكنب والمراوح ..ابوى عايز كراسة وقلم .. ابوى ..ابوى ..ابوى . اذن فمن اين له ان يستمع الى نشرة اخبار