معاناة جنوبى فى السودان بقلم: فيليب شوب داو – اطونج

معاناة جنوبى فى السودان



حضر المستر دينق داو الى الخرطوم اتيا من اقصى جنوب البلاد متمنيا نيل شيئا من التعليم و الرفاهية فى العاصمة الحضارية .................. فبعد جهد مضنى وجد له مكانا فى كرتون كسلا .............. سكن بموصفات قياسية .......... غرفة مبنية من الكرتون وشوالات خيش ............. بدون اى اضافات التاثيث بها فرشة صغيرة وكرسى ذى ثلاثة ارجل ......... تكيف مع سكنه هذا بعد اكثر من ستة اشهر ........ بدا رحلة البحث عن عمل كريم .......... وبعد تدخل الوساطات والمعارف وجد فرصة عمل كعامل طلبة ( رافع الطوب للبنيان ) .......... ثم لعبت الاقدار و الحظ دور فى مسيرة حياته فالتحق باحدى مدارس كمبونى للنازحيين ............. فنشا فى نفسه حلم التخرج من الجامعة و التوظف و الترفع فى المناصب حتى المناصب السيادية و السكن فى العمارات المكيفة وترك السكن العشوائى المتجول بفعل كشة قوات النطام العام ........ وامتلاك عربة خاصة بدلا من الكدارى و المدافرة فى الموصلات العامة .......... اجتهد وصابر حتى جلس للشهادة الثانوية المعروفة بالشهادة السودانية المؤهلة للدراسة الجامعية ....... ظهرت النتيجة ببشريات نجاحه بتفوق ......... تقدم عند مكتب القبول للدخول الى الجامعة ........ تم قبوله فى جامعة الخرطوم ام الجامعات السودانية فى الكلية التى رغب فيها منذ الصغر ( كلية الحقوق و القانون ) .......... فغمره سعادة لم تكتمل لانه انصدم بمتطلبات الحياة الجامعية من رسوم دراسية باهظة جدا ، سكن مهيئة للتحصيل العلمى ، مصاريف اعاشة و ام الكبائر الموصلات من والى الجامعة يوميا ............. فجلس حزينا يتامل قدره و سوء طالعه ...... فاضطرب تفكيره حتى تمنى لو انه كان لاجئيا فى الخرطوم لكان ذهب الى مفوضية شؤون اللاجئيين حتى يجد المساعدة والمساندة فى مسيرته التعليمية .......... و لكن و الف اه من كلمة لكن ...... ولكن ماذا يفعل وهو سودانى الجنسية بالميلاد و الكيان و الملامح و المستندات كمان ............. اخيرا جمع ما تبقى له من وطنية و كرامة شخصية وقرر خوض معركته ، معركة الشرف و الكرامة .......... قرر وصمم على ان يكمل تعليمه الجامعى مهما كانت الصعوبات و العراقيل ....... فطرق ابواب المنظمات الانسانية الوطنية و الدولية لمساعدته فى دفع الرسوم الدراسية ........ فبعد جهد وبحث من دون ياس او كلل........ اتيحت له فرصة عند منظمة Sudan Aid ..... لكونه احد خريجى مدارس كمبونى للنازحيين التى الداعم الرئيسى لها هو منظمة Sudan Aid ........... وبهذا فتحت له الباب مجددا لكى يواصل تعليميه الجامعى و قرر الاعتماد على نفسه بخصوص الاعاشة و الموصلات ....... فذهب الى احد اقربائه فى السوق الافرنجى لمساعدته لايجاد عمل ...... و عمل معه بائع احذئية و موبايلات و الاجهزة الالكترونية الاخرى .......... فكسب منه عيشة كريمة ......... وقبل ان يستقر به الاحوال و ينعم بما يكسب تدخل الاقدار مرة اخرى فى حياته المناضلة .......... فتم القبض عليه من قبل شرطة النظام العام بدون وجه حق ....... لانه لديه رخصة تجارية و شهادة صحية و دافع للضرائب و العوائد و ايجار الفرندا ......... لكن قبض عليه بحجة تنظيف السوق من الباعة المتجولين ....... اطلق بعد دفع غرامة مالية مقدرة ....... واستمر الحال هكذا و تكررت اكثر من مائة مرة ...... فجاهد وصابر حتى تخرج من الجامعة اخيرا بدرجة الامتياز و قرر مصير مستقبل حياته بالعودة الى الوطن الام ( !!!!!!!!!! ) رافضا العمل كمعيد فى الجامعة وجمع اشيائه ورجع الى مسقط راسه وسط عشيرته و اهله ............. ومرة اخرى ابت الاقدار الا ان تتدخل فى حياته ومعاكسته فى احلامه ورؤيته للمستقبل بتاخير تعيين ادارة منطقته ، فنصحه بعض اقربائه بالذهاب الى جوبا لوجود فرص العمل هناك ، ولكنه رفض ذلك مقررا دفع ضريبة منطقته بالعمل على تنمية و رفع كفاءة قدرة المجتمع المدنى فى مطالبة حقوقها المدنية و الانسانية , فسكن فى ارض اجداده دون دفع ايجار او التنقل لعدم وجود كشات النظام العام للسكن العشوائى ......... امتلك مزرعة بمساحة مقدرة ...... يكفيه شر الاعتماد على المنظمات الانسانية الطوعية ........ عادة السعادة الى حياته وشعر لاول مرة فى حياته بالكرامة و العزة ....... متنعما بخيرات منطقته رغم حجب الموارد الاخرى لعدم وجود الادارة لفترة تقارب الثلاثة اعوام .......... قرر سلك درب النضال هذا الى ان يقضى الله امرا كان مفعولا.



بقلم: فيليب شوب داو – اطونج

E-mail: [email protected]

تحية للاخ شوب داو وهو يكتب من قرية أطونج شمال أبيي...تحية الي كل أهلي في تلك القرية
الذين اعادوا اليها نبضة الحياة مرة اخرى بعد كر وفر.
جوك

Quote: تحية للاخ شوب داو وهو يكتب من قرية أطونج شمال أبيي...تحية الي كل أهلي في تلك القرية الذين اعادوا اليها نبضة الحياة مرة اخرى بعد كر وفر.

أحسنت يا عزيزي جوك!
وشكراً للعزيز بكري!

Quote: أحسنت يا عزيزي جوك! وشكراً للعزيز بكري!

الاخ حيدر بدوي
لك تحية
ملاحظة:
اطونج قرية صغيرة تقع شمال أبيي وقد كنت أمر بها حاملا شنطتى عائدا الي قريتي (ماكير)
أيام كنا صغار وتلاميذ بمدارس ابتدائية داخل أبيي.
لكم منا تحية وسلام
جوك

شكرا بكرى ابوبكر وانت تستجيب لكل ما يرسل الى بريدك رغم مشغولياتك الكثيرة

شباب ابيي اكثر الشباب فى الجنوب يحبون منطقتهم ودوما تجدهم سباقون لاقامة القوافل الى المنطقة وطالما جاء ذكر موضوع ابناء ابيي فلابد ان اشييد هنا بالاخ قير تور كاتب العمود اليومى (لويل كودو) بصحيفة السودانى والسكرتير الثالث بوزارة الخارجية فهو ومعه عدد من الشباب كانوا قاموا بالتطوع لتعليم ابناء المنطقة فى مختلف المدارس

رغم الظروف ومرارة التجارب الا ان حب خدمة المناطق البعيدة تظل فى نصب عيون الاخرين

التحية للاخ فيليب شوب داو واتمنى له تحقيق احلامه

لو كان ربع أبناء السودان يمتلكون عزمه و مثابرته لما لحق بنا لاحق..
تحية و تقدير و إحترام