الفاتح جبرا جيبو وهاتو

الفاتح جبرا

جيبو وهاتو

ما أن بدأ (خليفه) يجهز نفسه لأداء صلاة المغرب حتى شعر بشخص يشد (جلابيته) وعندما إلتفت إليه وجده إبنه (علاء) ذو الستة سنوات والذى تم قبوله مؤخراً بإحدى مدارس الأساس (الحكومية)

- يا بوى (الناظر) قال لينا كل زول يكلم أبوهو يجى بكرة العصر المدرسة عشان فى إجتماع مجلس آباء

نسى الطفل (علاء) أن يخبر والده بان مَنْ لا يَحْـضرَ وليي أمره للاجتماع !! سوف يتعرضُ للحِـرمَان من حصة الريَاضه , وسوف تُخْـصم منه درجات في السلوك والإنضباط وربما لا يسمح له بدخول المدرسه ذات نفسها .

كانت المــدرسة بَائــسةً بُـؤســاً بيناً لا تخطئه عين الكليل وبحالةً يُرثـى لها فكل شبر فيها ينم عن بؤس وإهمال وكل زاوية فيها تحتشد بكل ما يمكن أن يندرج تحت مسمى (النفايات) فـــالأتربه ! والغبار! والكراتين! والكراسى (المكسرة) والأدراج (المهشمة) وبقايا (الكنبات) الخشبية وأكياس (النايلون) وبقايا الصحف العالقه فى كافه الأركان كلها مناظرتدعو للتعجب ..؟ يا لها من بيئة دراسية لأطفال فى عمر الورود !!

تجمّعَ الاباء .. والكل يبحث عن كرسي .. هنالك (أشباه) كراسى غير مكتملة النمو علاها الغبار تنتشر هنا وهنالك .. فى ساحة أمام الفصول المهترئة ذات الأبواب المخلعة توافد الجمْعُ بالحضور فــتهديد المدير أثْمَرَ عددٌ لا بأس به من الضحايا .. جلس (الآباء) وكان صاحبنا (خليفه) أحدُ الضّحايا الذين قاموا بحضور تلك المسرحية ...

كان جبينهُ يتقاطرُ عرقاً .. وقد إتسخت جلابيته في منتصفها من الخلف بعد أن قام بالجلوس على الكرسى المتسخ ذو الثلاثة أرجل والذى وجده بصعوبه .. وللأمانة قد كانت هنالك خرقه بالية (ربما بشاوره) تتناقلها أيادي الاباء لمسح ما يمكن مسحه من غبار علا الكراسى .. وبينما كانت رائحة دورات المياه القريبة من مكان (الإجتماع) تبخر الانوف ببعض الروائح النفاذه بدأ الإجتماع :

بدء طالب بتلاوةِ أياتٍ من القرآنِ الكريم ... ثم كلمةٍ المدرسة والتى ألقاها أحد المعلمين فى أقل من دقيقة .. بعدها صَدَعَ (الناظر) بكلمته والتى أكد فيها وبأصرار شديد بأن (هذه المدرسة) اتعس وأفقر مدرسة وبأنها (أهمل) ! مدرسه ! ولم ينس أن يقوم بتذكير الآباء بان هذه المدرسة جُعِلت لابنائهم وفلذات اكبادهم كيما ينهلوا العلم منها لذلك فمن واجبهم (كأولياء أمور) التبرع بمالهم (الخاص)

من أجل جعلها فى مصاف المدارس (الخمس نجوم) !! لذلك (والكلام للناظر) لازم تجيبوا فلوس ، وتجيبوا دعم ، وتجيبوا وسائل إيضاح ، وتجيبوا سبورات ، وتجيبوا مساحات ، وتجيبوا طباشير، وتجيبوا زنك ،وتجيبو طوب، وتجيبو أسمنت، وتجيبو رمله، وتجيبو بلاط ، وتجيبو بوماستيك وتجيبو جير وتجيبو بوهية وتجيبوا أزيار ، وتجيبوا كراسى ، وتجيبو كنبات ، وتجيبوا مكاتب للمدير والوكيل والأساتذة وتجيبوا...

مع إقتَراُبَ وقت صلاة المغرب كثرت مقاطعات اولياء الامور والتى كان معظمها عبارة عن تذمر ورفض لدفع أى مبالغ كانت معللين ذلك ان من واجب (الحكومة) توفير كل مستلزمات التعليم ، طالما أنهم كمواطنين يقومون بدفع كل ما يطلب منهم من ضرائب (بأنواعها) وعوائد (بأشكالها) ورسوم (بتوضيحاتها) وجبايات (بدون توضيحات) .

قبل أن ينتهى الإجتماع طلب (خليفه) من (الناظر) أن يعطيه فرصة للحديث :

- بسم الله الرحمن الرحيم .. الساده إدارة المدرسة .. الإخوة أولياء الأمور .. الحقيقة يا جماعه أنا بس عندى سؤال واحد عاوز أسألو

- (المجتمعون ) : السؤال هو شنو؟

- أيواا .. السؤال يا جماعه هو أنحنا وكت بنتعالج بى قروشنا .. وبنسكن بى قروشنا .. وبنلبس بى قروشنا .. وبناكل بى قروشنا .. وبنشرب بى قروشنا وكمان بنعلم أولادنا بى قروشنا ونجيب الحاجات كلها القالا السيد (الناظر) دى ... طيب السؤال هو ..

- (المجتمعون فى عدم إنتظار) : السؤال هو شنو ؟

- السؤال هو وكت المواطن بيعمل أى حاجه بى قروشو طيب (قروشنا البيشيلوها) ضرائب وزكاة ورسوم وجبايات دى بتمشى وين!!!!

كسرة :

في نفس هذا التوقيت الذى تم فيه هذا الإجتماع بمدرسة (جيبو) الإبتدائية وبذات الظروف والملابسات تقريباً ، كان هناك اجتماعٌ مماثلٌ تماما بمدرسة (هاتوا) الثانويه ربما كنت انت ايها القارئ قد حضرته في وقتٍ ما ومكانٍ ما ....

جبرا ده زول مبدع
ودابكدوك