رحله ثقافيه الى آثار النقعه ومعبد الشمس- قبل بضيعة سنوات -ما زالت آثارها عالقه بالنفس..
الماضى ليس بسحيق للحد البعيد مقارنةً مع الحضاره الفرعونيه....الملكات الإناث يتحكمن فى كل شى...الملكه "أمانى شخيتو" كانت تصول وتجول...والملكه "أمانى تيرى" كانت تسرح وتمرح...!
الصخور العاتيه التى رفعت عشرات الأمتار تدل على سواعد ذكوريه قويه ماهِره أسلمت أمرها- بكل طواعيه- إلى إنوثه جباره طاغيه...
الرسومات والنقوش على جدران الحجاره تدل على وجود أنثوى سلطوى فى كل مناحى الحياه...فى ذلك الزمان الغابر...غير السحيق...!
الرمال التى هبت من جهة الجزيره العربيه...بدأ زحفها يعلو رويداً رويداً....
إنحاز الفاصل المدارى بعيدا عن الشمال...محركاً معه الخُضره الأنثويه...ميممه شطرها جنوباً...وربما الغرب الكردفانى...
غابت الإهرامات خلف الأفق الأصفر...فبدا-للجميع-أن الإنوثه قد وئدت–دون رحمه-تحت كثبان الرمال الخشنه...!
نزعم أن المنطقه المحصوره شمال الخرطوم...وحتى جنوب مناطق الشوايقه (!!)...كن لها نصيب الأسد من ذلك الزحف (الصحراوى)...!
إختارت المرأه السودانيه ممارسة دورها خلف ستائر المسرح...تمسكُ-ما زالت- بخيوط مسارح (العرسان)....تحرك الأشياء بمهارة فائقه...لكن من خلف الرمال...!
إحتفظت المناطق بأسماءها القديمه...ذات الدلالات الأنثويه وربما الجنسيه المباشره...
يُرجع نعوم شقير أصل إسم مدينة بربر الى حاكمه قديمه تسمى بَرْبَره...وكانت لها صديقه...أو قل مُساعِده تُسمى الفريخه...تحورت بربره الى بربر...وظلت الفريخه تحتفظ بنفس الإسم...وهى منطقه جغرافيه شمال بربر..
وكثيراً ما وجد أهل الفريخه آثار الماضى التليد التى تدل على الأصل والفصل...
إسترخى الأعراب على شواطئ النيل تُهَدهِدهم نسمات (الخُضره) العليله الممزوجه مع طبول ونوبة الصوفيه....لم تختفى الإنوثه...كانت تظهر هنا وهناك فى زفرات الصوفيه الصادقه..فها هو "حاج الماحى" ينشد:
مِن العاصى شارب الخمره والتمباك
واقع بيهو عِنْ فاطنه البتول ونِساك
يا النبى...يا حبيب مولاك
مكنوز حرمك أب شباك يا النبى يا حبيب مولاك
وها هو المادح "ود الفكى" من منطقة الفريخه(!!) ينظم مدحه ترددها النسوه دائماً فى مناسبات النُفاس:
جِيت لى بِت وَهَب
وجِيت لى أمك السَعَديه
وجِيت للأمه كافه
وحتى انا جِيت لىَّوصول الحَرَكه الإسلاميه-عالية التكتيكات-الى سدة الحكم كان بمثابة الصرخه الذكوريه الأخيره...أو قُل "فجّة" الفناء للثقافه الأبويه...
يقول الباحث الحاذق د."جعفر ميرغنى" أن تأثير ثقافة الأمومه والإنوثه لم يبرح الساحه حتى فى قمة التمدد الإنقاذى...فمثلما أنشدَ الشاعر الإسلامَوِى المصرى:
أماه لا تجزعى فالحافظ الله
إنّا سَلَكنا طريقاً قد عرفناه
أنشد شباب القوم وسط زعيق الرصاص فى المناطق المداريه: زغرتى أم الشهيد...وأرسلو زفراتهم-من على البعد- ل"ذوات الخمار"...!