عيونك يا حمادة فيها حاجة . مواضيع توثقية متميزة
مواضيع توثقية متميزة

عيونك يا حمادة فيها حاجة .


04-02-2013, 09:12 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=13&msg=1375339385&rn=27


Post: #1
Title: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-02-2013, 09:12 PM
Parent: #0

ما الموقف الاساسى يا اصدقاء من الفلسفة ؟ .. القضية الاساسية , أسبقية الوجود المادى , وحدة العالم .. (كارل ماركس) وصديقه الحنون (فريدريك انجلز) , (فورباخ) , و (لينين) صاحب اللسان السليط .. وحدى على الشرفة , ارتدى ملابسى المنزلية الصيفية الخفيفة , فى يدى كوب (شاى) .. هل الاهم تفسير العالم ام تغييره ؟
الانقلاب العسكرى الرجعى فى (شيلى) ضد القوى الاشتراكية , و (كوبا) قيثارة الدم والدموع والحلم المنشود , (فيتنام) الدرس القاسى لراس المال المُستغِل , (مايو) يا زملاء ليست ثورة هى فى نهاية المطاف مُغامرة لعناصر البرجوازية الصغيرة التى تتعجل الانتصار .. اليسارى القديم الاجوف يقف فى شرفة الطابق الرابع ويطرح على من يمشى فى الارض السؤال الخالد
-هل ننزل للجماهير ؟ .. ام نترك الجماهير تصعد لنا ؟ .
و(المصعد) مُعطل , أسبوع كامل وانا اجد عليه تنويه ((المصعد تحت الصيانة)) فكيف تصعد لنا الجماهير ؟ , كان يجب عليهم ان يضعوا عليه التنويه الاتى ((ممنوع البول يا حمار)) .

Post: #2
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-02-2013, 09:20 PM
Parent: #1

لم يبق فى اللغة الحديثة هامش للاحتفال بمن نحب
فكل ما سيكون كان
سقط الحصان مُضرجاً بقصيدتى
وانا سقطت مُضرجاً بدم الحصان .
محمود درويش

Post: #3
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-02-2013, 09:34 PM
Parent: #2

223.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

عيونك يا حمادة فيها حاجة
رواية

SNB_4.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



حتى اننى اخجل من نفسى لاننى نسيت الاسم الثلاثى يا (خالد) , بحثت دون جدوى عن زملاء مدرسة حلفا الثانوية الأكاديمية لكى اعرف منهم , من عثرت عليهم لم يتذكروا حتى أسمى كاملاً الا بصعوبة بالغة .
ولهذا فان الاهداء كما يلى :-
الى (خالد) , الشاب الحلفاوي طويل القامة , الوسيم فى هدوء , الذى خرج معنا فى مظاهرة ضد (مايو) فى احتضارها الاخير , ومات بطلقة صوبها عسكرى ارعن على قلبه تماماً بتهمة محاولة أشعال النار فى محطة البنزين الواقعة فى قلب السوق التجارى بـ (حلفا الجديدة) .
و (البشر) فى نهاية المطاف لا يتذكرون الاسماء الثلاثية لمن سقطوا فى سعيهم المغامر المجنون لتحقيق حلم جماعى لن يتحقق .
لو تغيرت تصاريف القدر , وكنت انا الذى ذهبت الى (المشرحة) فى ذلك اليوم الملتهب الحرارة , وانت الذى رجعت سالماً الى اهلك وشعاراتك واوهامك .. فهل كنت ستتذكر أسمى ثلاثياً حتى الان ؟ .

Post: #4
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-02-2013, 09:50 PM
Parent: #3

100070_1769538907_1_450.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

1

1985

ح م ا د ة
عندما تتسلم هذا الخطاب يا حبيبى سوف اكون فى (القاهرة) , وبعدها لا ادرى اين يستقر بنا المطاف انا وزوجى واطفالى
لا احب تلك الجملة الشهيرة
- مع السلامة .
لن استطيع النظر فى عينيك وانا انطقها .. صدقنى سوف انهار واتراجع عن السفر
اخيراً يا (حمادة) بعد القلق الطويل والسؤال المحير
- حـ تعملى شنو ؟ .
اغادر السودان ربما الى الابد .. زوجى مع (نميرى) فى القاهرة , لا يستطيع العودة , ولن يستطيع .. وابنائى معى فى السودان .. وانت فى السودان .. وفى الاذاعة اصبحت اسمع نغمة (تطهير بقايا مايو) و (السدنة) كأنها نشيد يومى سخيف ومُقرر , حكيت لك عن ذلك , وعن المعاملة المُهينة القذرة من جانب البعض , ادركت ان هذه ما عادت بلدى .. خلاص يا (حمادة) انتهت ايامى هنا.. هل تتذكر عندما طلبت منى ان اطلب الطلاق ؟ .. اقول لك كما قلت سابقاً , مستحيل .
انت ما زلت شاباً صغير السن وانا ام لبنتين وولد , هم فى حوجة الى ابيهم - مهما كانت درجة احتقارى له -
واكبر منك بسبع سنوات كاملة , تتذكر خوفى من هذا الموضوع .. اعرف اننى لن اجد شخصاً احبه ويحبنى مثلك .. بينى وبينك الاطفال الثلاثة يا حبيبى .. بينى وبينك (علوية) طفلتى المعاقة ذهنياً .. هل تعرف معنى عذاب ان تصبح مسئولاً عن كائن حى حتى اخر لحظة من عمرك او عمره ؟ , عن الاكل والشرب وتنظيف الفضلات حتى اخر نفس فى صدرك ؟ .
انت الذى ايقظ فى جسدى معنى الانوثة , علمتنى معنى مختلف للجنس .. انا من بعت جسدى وشبابى وجمالى لصاحب المنصب الكبير .. قطعة جميلة يعرضها فى فخر على مجتمع كاذب .
احبك يا (حمادة) احبك .. سوف اظل اتذكر كل لمسة من يدك على جسدى .. اتذكر كل لحظة حميمة .. ستمر الايام , سوف تتزوج , وتنسى .. واطلب منك ان تنسى (ابتسام فيصل خليل) , هذا رجاء وطلب فى نفس الوقت .
حبيبى , اترك لك هذا الخطاب فى منزل صديقك (مصطفى) لاننى خوافة كما تعرف
اعتنى بنفسك من اجلى ارجوك .. ارجوك اهتم بصحتك .
ربما تجمعنا الاقدار من جديد , وقد اصبحنا عجوزين تماماً , ربما .
سامحنى حبيبى .
/ بسبوسة /
الخرطوم فى 2 سبتمبر 1985 .
ملحوظة : تركت لك فى ثنايا الخطاب خصلة من شعرى .

Post: #5
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-02-2013, 10:12 PM
Parent: #4

1nudeartsudanwww_cute-pictures_blogspot_comsudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

2


اين انتِ يا (ابتسام) ؟ .. اين طعم الجسد ؟ .. ابحث عنك فى الشوارع .. سافرت لبلاد النفط الصحراوية وانتِ فى داخلى , وعدت الى بلاد النيل الكالحة وانتِ فى دواخلى
افتش عن خارطة جسدك الانثوى .. انهمكت فى البحث عنها فى أجساد الاوروبيات والافريقيات والاسيويات ولم اعثر عليك .. اين انتِ ؟ .. يا يمامة الجنس البديع , شهقة الذروة الانثوية النادرة عندما يلتحم الجسدان
- اها .
2000

شقتى فى حى (كوبر) هى معقلى , زنزانتى وحصنى الحصين .. لا احد يدخل فيها الا من ارغب انا ان يدخلها .. حصاد ضياع العمر فى الخليج .. اقف فى شرفتها انظر للناس فى احتقار وقرف , بينى وبينهم ما صنع الحداد .. (مصطفى شكرى) هو الوحيد الذى كان يقتحم وحدتى دون سابق انذار , يتجول فى الشقة ويعبث فى الكتب المتناثرة باهمال فى الأركان , كتب قرفت منها وهربت
- فردية مطلقة يا حمادة .
- برافو عليك يا مناضل يا صنديد .. وانتا الجماعية المطلقة عملت ليك شنو ؟ .
- لازم يكون عندك هدف فى الحياة , اى هدف , انشاءالله انو المريخ يفوز ببطولة الدورى .. لكن كده يا حمادة دى حياة ما عندها طعم , حياة سخيفة ومُملة .
- انتا هدفك شنو ؟ .
- هدفى ميادة بتى تعيش كويس وعزيزة تكون مبسوطة وافتش عن مفاهيم جديدة لافكارى .
- طظ فى كل حاجة .
- اتزوج يا حمادة .. صدقنى ده احسن حل لحالة انعدام الوزن بتاعتك .
- قصة الزواج دى انا حسمتها وانتهيت .
- بتمارس جنس ؟ .
- عندك رغبة ؟ .
- هاهاهاها .. مشكلتك لسانك طويل .. المذيعة ديك وين ؟ , هى كان اسمها اخلاص ولا بسمات ولا شنو ؟ .
- ابتسام فيصل .
- كسرت قلبك .. يا مهترش فى زول يحب عضوة اتحاد اشتراكى .
- ما كان عندها علاقة بالاتحاد الاشتراكى .
- المهم كانت مايوية .
- الحب والجنس ما عندهم علاقة بالسياسة يعنى انتا لو لقيت امبريالية عريانة فى السرير ما حـ تنوم معاها ؟ .
- ممكن انوم معاها عشان اقنعها تبقى اشتراكية , وبكده الواحد يستمتع ويخدم رسالته الفكرية فى نفس الوقت .. هاهاهاها .. والله انتا كلك محن يا حمادة قوم اعمل لى شاى انا مصدع وعندى ضيق نفس .
- بالجد يا مصطفى ما حصل خنتا عزيزة .
- انا قبل عزيزة مارستا الجنس مرتين .. وبعد ارتباطى بيها فى تانية جامعة ولحدى هسع ما لمستا مرأة غيرها .
- woow .. كده انتا حـ تخش الجنة بدون اى كلام .
- عندى احساس انى ما حـ اعيش كتير يا حمادة .. عارف كده ؟ .
- عليك الله انا براى زهجان ما تقلبها لى امينة رزق , القصة ما ناقصة .
- لا والله .. تعرف .. عندى احساس قوى .. صحتى فى النازل يا حمادة .
- انت ارهقتا نفسك فى كلام فارغ وشعارات عبيطة .. متابع مع الدكتور ؟ .
- متابع يا سيدى وبيقول كلو تمام التمام وما فى حاجة وخلى البخاخة طوالى جنبك كلام دكاترة ما عندهم شغلة زيك كده .
- اتشاكلتا مع عزيزة ؟ .
- كالعادة .
- عشان قصة مرقتك من الحزب ؟ .
- ما فى موضوع غيرو اليومين ديل فى البيت , بتقول نصلح من الداخل وانا بقول تنظيم جديد .
- انتو الاتنين دراويش .
- انت كرهتا السياسة لشنو يا حمادة ؟ .
- ما فى زول يستاهل تضحى عشانو .
- جميل انو لسه فى نظريات جديدة لنج للحياة .. خلى الخستكة بتاعتك دى وقوم اعمل الشاى .
عندما عدت من المطبخ حاملاً (صينية) الشاى كان (مصطفى) يغط فى نومه العميق وصوت تنفسه المتقطع يُغطى اركان شقتى , بدا لى وهو فى ملابسه الداخلية كأنه قديس نائم يحلم بمستقبل افضل للآخرين , وينسى نفسه .. لو أيقظته لشرب الشاى فسوف ينهض للتبشير بالاشتراكية , من الافضل تركه نائماً .

شاهين شاهين

Post: #6
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-02-2013, 10:43 PM
Parent: #5

zdzislawsudan20beksinski.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

3

1980

شمس الصيف التى لا ترحم , اتصبب عرقاً , وهذه (الخرطوم) كئيبة كما هى العادة فى هذا الفصل من السنة , أصوات الهتافات البعيدة , الرائحة الخانقة لمسيل الدموع تُعبق الجو , جنود مدججين باسلحة , ورجال فى ملابس مدنية يُحدقون فى الناس بارتياب
- ماشى امدرمان ؟ .
لم أعتقد انها تتحدث معى .. أبتعدت خطوتين عن سيارتها التى وقفت بجوارى تماماً
- يا زول انا بتكلم معاك .. ماشى امدرمان .
تمد راسها من النافذة الامامية , نظارة شمسية كبيرة تُغطى نصف وجهها
- انا ؟ .
- يعنى فى زول غيرك واقف هنا ؟ .. ماشى امدرمان ؟ .
اندهشت من العرض
- أأأيوه .
- اتفضل اركب , انا ماشية لحدى الاذاعة .
فتحت الباب الامامى , وصعدت بجوارها وانا فى قمة الحرج
- معليش ازعجتك .
كانت تنظر لى , او ربما كانت تنظر لاتجاه آخر مختلف , عيونها كانت محجوبة عنى بالعدسات السوداء اللامعة
- مالك مسكين كده ؟ .. البلد فيها مُظاهرات وما حـ تلقى مواصلات بسهولة .
على جنبات الطريق كان العسكر يرتدون خوذات ثقيلة معدنية رصاصية اللون رغم حرارة الطقس !
- موظف ؟ .
- أستاذ ثانوى عالى .. لغة انجليزية .
- no .. yes , خشمك ما بيتعب من الانجليزى .
- اتعودنا .
تخوفت ان تكون رائحة عرقى ثقيلة بما يكفى لكى تصل الى أنفها , وهى كأنها خرجت لتوها من (الحمام) , رائحة ناعمة لطيفة تنبعث من بشرتها
- وانتى موظفة ؟ .
- مذيعة فى الاذاعة .. ابتسام فيصل .. ما سمعتا بالاسم ده قبل كده ؟ .
- معليش انا اكتر حاجة بسمع اذاعة لندن .
ندمت على اننى قلت ذلك
- الظاهر عليك مثقف كبير .. اذاعتنا دى سجمانة ساكت .. متزوج ؟ .
- لا ابداً .
فرحت لاننى قلت ذلك
- غريبة رغم انك وسيم وعيونك خضرا .
- شـ شـ شكرا .
- الاسم منو بالمناسبة ؟ .
- حمادة .
- لا بالجد اسمك منو ؟ .
- بالجد والله حمادة .
- ح م ا د ة .
قالتها بحروف متقطعة
- طيب واسم الدلع شنو ؟ .
- محمد .
- هاهاهاها .
- متزوجة ؟ .
- متزوجة .. للاسف الشديد .
شعرت بحسرة لا ادرى لها سبب
- تاجر ؟ .
- هاهاهاها .. يعنى عشان راكبة عربية ؟ .. لا , متزوجة عميد فى جهاز الامن .
- يا ساتر .. يا ساتر .
- يا ود ما تخاف .. الدنيا لسه بخير .
على مدخل (الكبرى) العتيق اوقفونا , وانحنى عسكرى مُرهق على نافذتها الامامية , قال فى لهجة روتينية ثقيلة
- ماشيين وين ؟ .
خلعت نظارتها الشمسية , ظهر وجهها كاملاً , جمال طبيعى ناعم بدون رتوش او مساحيق , قالت فى ثقة
- انا أبتسام فيصل خليل , مذيعة فى الاذاعة , وده الاستاذ محمد مخرج مشهور , وماشيين الاذاعة نسجل برنامج مع الرئيس نميرى .
تراجع العسكرى فى ذعر , حتى اوشك على القاء التحية العسكرية علينا
- معليش يا أساتذة .
صاح بصوت مرتفع
- خلى العربية دى تمر .
انفجرنا فى الضحك ونحن فى منتصف (الكبرى) العتيق
- عساكر وهم .. انا شيطانة , مش كده ؟ .
- شديد .. انا بحب الناس الدمها خفيف .
- ساكن وين فى امدرمان ؟ .
- الموردة .
- احسن ناس يا باشا , رأيك شنو اعزمك شاى فى كفتريا الاذاعة .
- شاى وقت الغداء ؟ .
- اممممم .. انا زولة بخيلة .
على الطريق شاهدت شاباً صغير السن , يتم ضربه بوحشية بالغة , يحاولون ادخاله داخل عربة تقف فى منتصف الطريق , وهو يُقاوم فى بسالة
لو تعود تلك الأيام .. أيام الايمان بالشعب غير المؤمن .

شاهين شاهين

Post: #7
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-03-2013, 04:34 PM
Parent: #6

C21N1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

4

1997

حمادة الحمار
خامس خطاب وانت لا ترد .. اخبرنى (الواثق) انك كنت تعبان نفسياً فى الفترة الاخيرة وعندك مشاكل فى الشغل , ارجو ان تكون الامور الان تمام التمام , حاول ان ترد على بخطاب يتيم يتم ارساله على عنوان (مدرسة امدرمان الثانوية النموذجية بنات ليد الاستاذة/ عفاف مكى ) .. (عفاف) هى صديقة (عزيزة) فى المدرسة .. طبعا يا حمار لو ارسلت الخطاب باسم (عزيزة) سوف يستمتع ناس جهاز الامن الا وطنى بخطك البديع واسلوبك الرشيق .
ايها - الواطى الكبير - , اخبارى كما هى لا جديد تحت الشمس , ما زلت فى الاختفاء غير المفهوم ومقابلاتى لـ (عزيزة) و (ميادة) تتم عبر مغامرات اشبه بقصص (اجاثا كريستى) .
هذه الايام لا حديث لنا غير (الخاتم عدلان) , اريد منك معلومات بالتفصيل الممل عن المؤتمر الصحفى الذى عقده فى (لندن) قبل سنتين .. لا اثق فى كلام عجائز الحزب عنه هنا , ولا اثق حتى فى الصحف السودانية .
(الواثق) تحدث عن ابتعادك عن الجالية السودانية وانك لا تحب ان تذهب لاحد .. ما الذى يحدث لك ؟ .
انا هنا ايضاً تعبان نفسياً بشكل حاد , التكاليف الحزبية اصبحت روتينية بلا طعم ولا لون او رائحة مثل من يقوم بنقل كومة هائلة من الرمل بقبضة يده الوحيدة , لو تحدثت عن التجديد والتحديث وانتخاب القيادة يتم اتهامك فوراً بانك من مجموعة (اولاد الخاتم) .
اصبحت مع مطلع شمس كل يوم جديد , اتساءل عن معنى النضال ! .
هل هذه الاجتماعات التى لا تقدم ولا تأخر , هى النضال ؟ .
هل الثرثرة التى لا تنتهى حول حتمية انتصار الارادة الشعبية , هى النضال ؟ .
توزيع البيانات هو النضال ؟ .
هل يشعر الناس بما نفعل ؟ .. وهل لما نفعل اساساً اى قيمة فى زحزحة جبل القهر والتخلف الجاثم على الصدور ؟ .
اسئلة تدق فى الراس مثل الشواكيش , والراس من الاساس مُتعب من الاسئلة .
هل صحيح انك تفكر فى العودة النهائية للسودان ؟ .
شكراً , شكراً , شكراً , على ال 150 الف جنيه التى ارسلتها مع (الواثق) لان (ميادة) تحتاج فعلا لرسوم دراسية عاجلة - هل تتذكر ايام الدراسة المجانية فى هذا الوطن الانتيكة ؟ - .
صحتى عال العال , مثل الحصان , مواصل مع (البخاخة) اللعينة التى اصبحت مثل عشيقتى , فقط اتعب ايام الغبار الشديد .
كل التحايا يا حمار .. ارجو الرد السريع .
/مصطفى شكرى/

Post: #8
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: درديري كباشي
Date: 04-03-2013, 04:55 PM
Parent: #7

متابع بشدة يا شاهين يا فنان

واكثر حاجة شدتني حكاية الزمن المعكوس دي

Post: #9
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-03-2013, 05:14 PM
Parent: #7

iman.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

5

1999

- انا عاهة مُستديمة فى جسد الحياة .
(نجوى كمبال) , واحدة من الكوارث البشرية التى مرت فى حياتى , تقف عارية على سريرى وترفع يديها وهى تنظر لسقف الغرفة فى حركة مسرحية تعود للقرن الثامن عشر , وتنطق الجملة الخالدة
- انا عاهة مُستديمة فى جسد الحياة .
بعد عودتى النهائية من الخليج بفترة قصيرة , قابلت هذه الكارثة , كنت اقود سيارتى اليابانية بلا هدف , مُستمتعاً بجهاز تبريد الهواء الذى يحول السيارة الى جنة مُصغرة فى لهيب صيف (الخرطوم) الكريه .. كانت تقف تحت ظل شجرة كبيرة واضعة يديها فى صدرها على جانب الشارع المرصوف .. وقفت على بعد نصف متر منها - قليل من قلة الادب فى هذا الصيف مُفيدة للصحة - .. جاءت فى خطوات بطيئة , فتحت الباب الامامى وجلست بجوارى
- برجوازى متعفن .
كانت تفوح منها رائحة سجائر رخصية
- ماشية وين ؟ .
- اى حتة يا برجوازى , ما عندى مانع .
- عندى شقة فاضية .. افتكر دى حتة مناسبة , مش كده ؟ .
- فاضية , مليانة , اى حتة .
- طالبة ؟ .
- نجوى كمبال من مدنى , طالبة فى جامعة الاحفاد بدرس علم نفس , عمرى 20 سنة , بحب الجنس وبوب مارلى .. عندك فى الشقة سجاير ؟ .
- اتشرفنا , ما بدخن .
- بنقو ؟ عرقى ؟ بيرة ؟ .
- يا بت الناس انا ما زول منحرف للدرجة دى , انتى كمان ما تبالغى .
- برجوازى تعشق فقط لحم نساء الفقيرات ؟ .
- ما شاء الله , ما شاء الله , اختنا فى الله ماركسية ؟ .
- كارل ماركس ده انسان يمينى منحرف .. الثورة ما محتاجة تنظير , الثورة محتاجة شلالات دم .. لازم 99 فى المية من الشعب يموت عشان الباقيين يبدوا صاح .
- انتى عيانة نفسياً ولا شنو ؟ .
شاعرة فاشلة , وفنانة تشكيلية رسمت لوحتين , تكتب مسرحيات لا تعرف البداية من النهاية فيها , وتفكر فى انشاء تنظيم سياسى اعضائه من ماسحى الورنيش والمشردين و (ستات الشاى) .
- وده حـ يكون حزب سياسى ولا وزارة شئون اجتماعية ؟ .
نموذج غريب من جيل يتخبط بلا هدف .. مارست معها الجنس مرتين.. وبعد ذلك لم اقترب منها , تركتها تتجول فى الشقة عارية كما ولدتها امها عندما تزورنى
- مالك يا عمو ؟ .. زهجتا من جسدى ؟ .
- لا ابداً , بس حصل لى ضعف جنسى بعيد عنك .
- ضعف جنسى فجأةً كده ؟ .
- فجأةً كده .
كنت اجلس وانا اراقبها .. قرد فى حديقة حيوان
- مقطع اول
نجوم فى تخوم السماء
أأأأأه
ابتعاد
سنبلة قمح
نص قصير
طاغية
جهازى التناسلى
يختلط فى جهاز خلط الفواكه
جان جاك روسو
لوحة مرسومة بالزيت على اوراقى
مقطع ثانى
أأأأأأه .
- ده شنو يا بت ؟ .. ده نص ادبى بيعمل وجع راس عديل .
- انا تلميذة ادونيس .
- و ادونيس ده ما لقى زولة غيرك تكون تلميذتو ؟ .
- انتا طبعا يا عمو من انصار مدرسة الشعر العمودى , ناس عنترة والمتنبى والكلام الفارغ ده .
شعلة الضياع والا جدوى تنتقل من يد جيل الى يد جيل اخر بكل سلاسة ويسر واخلاص .

شاهين شاهين

Post: #10
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: ابراهيم عبدالناصر
Date: 04-03-2013, 05:36 PM
Parent: #9

سيدي ش.ش

المرة دي اتمنى ان يكون العمل مكتملاً مش تعلقنا

العبد لله كاتب هذه الحروف معلق من 2008 في العمل ده

اضافة الى

احلام حسب الرسول

المرحاض

وغيرها ..

شد حيلك شوية سيدي ش.ش

Post: #11
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-03-2013, 09:57 PM
Parent: #10

abstract-paintings-for-modern-homes-by-laura-warburton.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

6

- عارف انو لونك كاكاوى ؟ .
- يا بت انا بحب الشاى .
كانت تنام على صدرى عارية تماماً .. احبها بعد الانتهاء من الجنس , بعد الشهقة الاخيرة
- اها .
بعد الوصول للذروة , تنقلب طفلة وديعة , مُبتلة بالعرق .. اداعب شعرها المتوحش المجنون فى الامكنة الحساسة .. اجعلها تنام على جسدى .. تنطق اسمى متقطعاً
- ح م ا د ة .
تريد المزيد واريد المزيد .. اقلبها على ظهرها بعنف .. انظر لها
- لا يا حمادة عيونك بتدوخ .. لا .
انطق اسمها كأنها بعيدة عنى فى صحراء خالية من البشر
- ابتسام .. ابتسام .
1991

منذ 2 أغسطس 1990 , وانا ابذل جهداً خرافياً مُضاعفاً فى هذه المؤسسة الاعلامية الضخمة , عملى فى قسم الترجمة يُسعدنى , والراتب الشهرى يجلب المزيد من السعادة , وموقف حكومة بلادى من احداث الغزو ادخل القلق لنفسى
منذ فترة والهمس يدور عن تصفية رعايا الدول التى ساندت موقف (العراق) , عن طردهم من المؤسسة لاسباب واهية , وتأكد الهمس باقالة المدير التنفيذى فى قسم الاعلانات , حظه العاثر اوقعه فى حمل جنسية (جمهوريةاليمن) التعيسة , كانت بيننا مودة ورحمة , وأحاديث سرية نسخر فيها من أهل البلد ومن عنجهيتهم البترولية الفارغة , شعرت باننى خسرت ظهر وسند , هو نفسه من مواليد (بيت المال) وعنده ذكريات لا تنتهى عن (دكان) ابيه هناك , وعلم زوجته كيفية عشق (الفول بزيت السمسم) , قال لى وهو يُغادر مكتبه للابد بيت شعر جميل
- يمانيون فى المنفى
ومنفيون فى اليمنِ
جنوبيون فى صنعاء
شماليون قى عدنِ .
عندما اخبرتنى (نهاد الحلوانى) السكرتيرة الشخصية لصاحب المؤسسة , ان الشيخ (جاسم) يُريد مقابلتى فوراً , سقط قلبى بين قدمى
- فى شنو يا نهاد خير ؟ .
قالت فى شك
- مش عارفة والله يا حمادة .. هو كده الشيخ جاسم عندو جنونة فى راسه .. وربنا يجعلها خير وتكون ترقية يا عم .
دخلت على مكتبه لاول مرة فى حياتى , نظرت لى (نهاد) نظرات تضامنية وهمست فى نبرة اخوية صادقة
- ربنا معاك يا ابن النيل .
قالوا انه لا يتحدث مع أحد الا وهو يرفع راسه فى اتجاه السقف , ربما انتظاراً للوحى
الشيخ (جاسم بن ظافر) له عيون (صقر) , فيها الكثير من الفحولة والشهوانية والرجولة البدوية القاسية , أنف طويل معقوف , وأثار (جدرى) قديم على وجهه .. كل ذلك جعل منه شخصية كارزمية بشكل او آخر
كأنه ينتظر الوحى .. والوحى توقف عن الهبوط للبشر منذ فترة بعيدة , قال ونظره مُركز على السقف
- صدام هذا يا شيخ ملعون , والله امرمط بامه الارض .. عثرة تشلج ما بعدها يقوم .
هل أجلس ؟ , ام اظل واقفاً ؟ .. عن من يتحدث بالظبط , هل يتحدث عن (صدام حسين) ؟
- أأأه يا كويت أأأه .. نعلوا الخيل يت الخنفسانة وقالت نعلونى .
هل يتحدث معى انا ؟ .. فضلت ان التزم الحذر والصمت والوقوف , فربما هو الان فى نوبة لوثة عقلية
وهم لهم احياناً لهجة تحتاج لقاموس
اخيراً أستقر الرأس المُعذب فى مكانه الطبيعى بين الكتفين , رمانى بنظرة سريعة وكسول
- يا حمادة .. يا حمادة .. رمس يا حمادة , شبلاك ؟ , استريح .
(رمس) تعنى عندهم تكلم , عن ماذا اتكلم بالتحديد ؟ , جلست على المقعد الذى امامى وانا فى حيرة
- عندج أسلوب رفيع راقى فى الترجمة , ترجمة كشخة .
حمدت الله فى سرى ان هناك ثناء لمجهودى , اذاً الامر لا يتعلق بالاقالة او الاستقالة او بموقف بلدى من (الكويت) , شعرت بارتياح كبير .. والثرثرات الحذرة التى سمعتها اعلمتنى ان كل هذه المؤسسة هى فى الحقيقة مملوكة بالكامل لزوجته الشيخة (وجدة) الشقيقة الكبرى للاسرة التى تتحكم فى مفاصل الوطن وأبار النفط , عرفت انه الزوج الرابع , بعد ان فضل من سبقه الرحيل الى السماء , وانها تفوقه فى السن , فارق يقترب من العشر سنوات او ربما فى روايات مُغرضة آخرى الى اكثر من ذلك بكثير , لكن السلطة والمال يصنعان المعجزات , والشيخة على كل حال تعمل على دعم الشباب الناهض بنشاط ملحوظ
قالوا ان مكتبه من تصميم مهندسة ديكور (ايطالية) مشهورة , مزجت فيه بين اللون الابيض والاسود بطريقة انسيابية عبقرية , وقالوا انه حاول اقامة علاقة جنسية معها لكنها هددت بابلاغ سفارة بلدها لحمايتها منه
خرجت من عنده وانا احمل بعض الاوراق , قال انها مقال ! , طلب منى اضافة بعض التواريخ والأحداث والتحليلات التى اجدها فى الصحف الاجنبية , وان استخدم اسلوبى الادبى الخاص
نظرت لى (نهاد) فى حنان وترقب وانا اُغلق الباب خلفى
- خير يا حمادة ؟ .
- لا .. خير .. كل خير يا بت النيل .
سهرت حتى الصباح فى كتابة المقال , كتبته باسلوب مُميز .. ووصلتنى انباء فى ظهيرة اليوم الثانى ان للشيخ (جاسم بن ظافر) مقال قوى عن الوضع فى المنطقة سوف يتصدر عدد الغد من الصحيفة اليومية
26 فبراير 1991 كان تحرير (الكويت) , وهو نفس اليوم الذى طلب منى فيه ان اتزوج عشيقته المصرية (نهاد الحلوانى) , بعد ان امرت الشيخة (وجدة) بطردها فوراً من العمل .
- يمانيون فى المنفى
ومنفيون فى اليمنِ
جنوبيون فى صنعا ء
شماليون فى عدنِ .

شاهين شاهين

Post: #12
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-03-2013, 10:28 PM
Parent: #11

new_paintings_2009_018_210122947.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

7

1980

أخبرت (مصطفى شكرى) عنها , عن اللقاء الاول , والجلوس فى مبنى الاذاعة , عن قفشاتها المرحة , عن شهرتها التى اندهشت لها , الجميع يتودد لها ويسعى لالقاء التحية
كان هو كالمعتاد , مثل حكماء الديانة البوذية , قليل الكلام , يضع اصبعاً على شفته السفلى وينظر لك دون مقاطعة , يستمع لما تقول حتى الصباح
- الناس ديل يا حمادة ما عندهم ضمير , واحدة غنية وزهجانة , حـ تلعب بيك ولما تزهج بتشوف غيرك .
دافعت عنها بحماس
- الناس ديل برضو فيهم ناس كويسين زينا .
- الطفيلية ما عندها اخلاق .
- تانى رجعنا للسياسة يا باشا ؟ .
- فى اخبار عن حملة اعتقالات كبيرة احتمال تبدأ من بكرة , نميرى خلاص انتهى , بقى زى الكديسة المزنوقة فى ركن , عايز يخربش اى زول عشان يتخارج .. تتخيل المجنون ده ممكن يعلن فى اى لحظة قوانين الشريعة الاسلامية .
- ما للدرجة دى كمان يا درش .
- لا , ممكن , الترابى ده ثعلب خطير .. بعدين انتا كمان اعمل حسابك ما تدخل لى فى قصص رومانسية وهبالات مع زوجة عميد فى الامن فى ظروف زى دى , ربنا يستر علينا ويستر على البلد , الايام الجاية دى ايام زفت .
- ما تخاف انا حـ اكون شهيد الحب والحرب والثورة , حاجة كده زى ابطال الثورة البلشفية بتاعين 1917 .
- انتا فى النهاية مصيرك حـ تكون رسبوتين القياصرة .
فى الصباح اعتقلوه .. اخبرتنى زوجته (عزيزة) بنباء الاعتقال وبانها (حامل) فى شهرها الثالث
وانا وجدتها امام باب (المدرسة) .. تقف بثبات وثقة شديدة بالنفس , لم أتخيل , توقعت ان تنسى , تنسانى
- ابتسام فيصل ترحب بكم يا اصحاب العيون الخضراء , وتقرأ على حضراتكم نشرة أخبار الثالثة .
خفق قلبى , كاد ان يسقط
- ابتسام ؟ .
- ح م ا د ة , مش انتهيت من الحصص ؟ .. تعال انا راكنة العربية تحت شجرة .

شاهين شاهين

Post: #13
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-04-2013, 05:34 AM
Parent: #12

glimmerofhope.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

8

امامى مدرسة ثانوية للبنات , وانا على شرفة زنزانتى , ارقبهن , استمع لصخبهن , للضجيج .. فى عيونهن اقبال على الحياة ورغبة فى المغامرة , وشغف للفت لانظار
ادركت ان الحياة مثل القطار , ينزل منها الفرد فى المحطة المكتوبة على تذكرته , ويصعد الركاب الجُدد , يواصلون السيرة والمسيرة , نزول وصعود لا ينتهى .. بلا معنى او مغزى .
1999

يقرأ اسمى المكتوب على الاوراق ثلاثياً
- حمادة الحاج نور العليم .
- نعم استاذ .
رفع راسه الضخم من على اوراقى المبعثرة على مكتبه الابنوسى الفخم , توصية الشيخ (جاسم) لها مفعول السحر
- وهسع يا حمادة لو الزول داير يدلعك يقول ليك شنو ؟ .
- يقول لى محمد .
- هاهاهاها .
سخيفة , سمعتها مليون مرة .. والاستاذ الوغد الكبير (عصام الدين) يظن نفسه (محمد حسنين هيكل ) السودانى .
- عمرك أأأأأأأأ , 46 سنة ؟ .
- نعم استاذى .
- تقريباً نحنا من نفس الجيل .
نفس الجيل ! , يا ابن الـ .. , هل تظن الورنيش على شعرك سيخفى تجاعيد الوجه المنتفخ ؟ .. انت يا ايها الوغد تحدثت مع (اسماعيل الازهرى) يوم رفع علم الاستقلال البائس
- معليش يا حمادة سمعتا انك كنتا يسارى متحمس ايام الجامعة .
- طيش شباب معاليك .
- فعلاً .. فعلاً اليسارية دى زى العادة السرية اى مثقف لازم يجربها .. هاهاهاها .
- فعلاً زى العادة السرية .
انت اكلت فى كل الموائد .. مقالاتك فى (1969) و (1970) احفظها عن ظهر قلب , تفضحك وتعريك , يا ابن ( فلاديمير اليتش) القديم
- طيب وخليت الكتابة فى السياسة ليه ؟ .
- لقيت يا استاذنا انو الكتابة الادبية والاجتماعية والمواضيع الخفيفة اقرب لى من السياسة .
- بس السياسة عندها بريق ونكهة خاصة .
- كفاية فى السودان يكون فى استاذ الاجيال عصام الدين ما بقدر انافس قمم .
ارتج الكرش الضخم من الفرحة ولمعت العيون خلف عدسات النظارة الطبية الشبابية - المنحط معبود النساء الساقطات -
- انتا شاب مليان ذوق واحترام .
- دى حقايق استاذى .
جاء هذا الفيل ايام زمان الى الجامعة .. كنت ايامها عضواً نشطاً فى تنظيم يسارى .. وكان هو صحفى يعرض مؤخرته على رجال ثورة (مايو) الظافرة والمنتصرة بأذن الله .. هتفنا ضده وضربناه بقشر الموز والبرتقال
نظر لى بحدة
- انتا وسيم , الصورة فى الجرايد بتظلمك .
لم اسمع انه شاذ !
- شـ شـ شكرا ده بس من لطفك المعهود .
- لا والله تعرف مرة كنا قاعدين نتكلم عن احلى صحفية , واوسم كاتب صحفى سودانى والناس جابت اسمك .
هكذا اذاً انتهيت !
- ودلوقتى يا اخينا حـ نشوفك كل يوم وده من حظنا السعيد .
لم اسمع ان هذا الحيوان شاذ ّ!
- شكرا يا شهاب الصحافة العربية .
- بس معليش سؤال سخيف .. اول مرة اشوف سودانى عيونه خضرا .. مركب عدسات لاصقة ولا شنو ؟ .. هاهاهاها .
اكره ما اكره ان اضحك للنكتة السمجة .. مكانك الطبيعى ايها المهرج الكبير فى فرقة (الفاضل سعيد)
ابتسمت تقديراً لخفة الدم المُفتعلة
- دى من بواقى جدة تركية من جهة الوالد .
- واللون الكاكاوى بتاع البشرة .
- الوالدة اثيوبية .
- والوالد ؟ .
- جعلى من شندى .
يُريد ان يعرف ؟ .. ام يُريد ان يتأكد ؟
- يا اخى دى خلطة ما حصلت .. عشان كده العصير طلع ممتاز .
هل هذا الفيل شاذ جنسياً ؟
رتب اوراقى دون اهتمام كبير
- انشاء الله تكون معنا فى صحيفة (الشروق) من الاسبوع الجاى , واعتبر من هسع الصفحة الاخيرة كل يوم جمعة بتاعتك , الشيخ جاسم ده انسان عزيز علينا يا حمادة .
- ده شرف لى اكون تلميذك يا استاذى .
الامور تسير على ما يرام , هذه الصحيفة ممولة بشكل كامل من الدولة الخليجية التى كنت فيها , ومقالاتى مدفوعة الاجر سوف تستمر هناك بشكل اسبوعى , مكافأة نهاية الخدمة .

شاهين شاهين

Post: #14
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-04-2013, 10:05 AM
Parent: #13

Paintings-Folk-Art-1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

9

1982

تضع اصبعها على شفتى
- الليلة 6/6 .
- تعادل .
- عيد ميلادك يا حمار .. كل سنة وانتا طيب , الهدية بتاعتك موجودة فى العربية .
6/6/ 1953 .. شقاء جديد ظهر للعالم .. صرخة بائسة لانسان بائس .. هل يحتاج العالم لشخص مثلى ؟
ابن الحبشية .. (لولو) الحبشية .. يا جسد تعذب تحت اجساد الرجال .. من هو ابى ؟
- 29 سنة ؟ .
- 29 زفت .
- وانا 36 زفت يا زفت .
شمعتى على جسدك .. سنواتى .. أعياد ميلادى .. قرابينى وكل ما عندى اضعه هنا , على عتبات كهف افخاذك
- اها .
لو استمرت النشوة دون طعام وشراب ونوم وسياسة .. حتى نتحول هياكل عظمية .. النشوة يا (ابتسام) ورائحة العرق المخلوطة بالروائح
- من بعد بكرة ما حـ تشوفنى .
افزع
- ليه خير ؟ .
- ا ل ع ا د ة يا ح م ا د ة .
دقائق الصمت بيننا كلام
- عارف انا فى الجامعة كنتا ناصرية , قعدتا عضوة فى التنظيم سنة كاملة وبعد داك اعتزلتا الهيصة بتاعت السياسة .
- والله العظيم ؟ .
- والله العظيم , وكنتا بكتب شعر كمان .
- بالجد يا ابتسام ؟ .
- بالجد انتا قايلنى زولة سجمانة وما مثقفة زيك ؟ .. اقول ليك حاجة من اشعارى ؟ .
- يا ريت انا بحب الشعر شديد .
- بس ما تضحك علي .
- ما بضحك .
- وعد ؟ .
- اى والله ما بضحك .
- الليلة يوم الدم
حـ تنور مشانق الشمس
وين فجر الوطن ؟
الناس تفتش عن شمس
الناس تعاين للسماء
دنقرتا نظرى على الارض
يا ناس بفتش عن وطن
راجل عجوز , عاين , ضحك
يا بتى لو ضاع الوطن .. فـ من الصعب نلقاهو فى قش الزمن .
صفقت فى فرحة
- برافو بسبوسة .. برافو .. خطيرة .
نظرت اليها وجدت سحابة من الكآبة على وجهها بدون اى مُناسبة
- قصيدة عويرة ؟ .
- يا بت والله قصيدة حلوة .

شاهين شاهين

Post: #15
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-04-2013, 04:12 PM
Parent: #14

Modern-indian-paintings303.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

10

2004

الا (مصطفى شكرى) .. الا (مصطفى) يا ربى
على ردهة حوداث مستشفى الخرطوم , شاهدت من بعيد (عزيزة) تقف مثل تمثال اغريقى حزين فى ذهول , وابنتها (ميادة) تتلوى على الارض , هرولت عليهما , سقطت أكياس الفاكهة على الارض , داستها الاقدام , صوتى يتقطع
- يا رب .. يا رب .. يا رب .
اعرف , واخاف ان اعرف
- يا رب .. يا رب .. يا رب .
اصطدم بالناس فى طريقى وابعدهم بكل عنف
صاحت عندما اقتربت
- خلاص , خلاص , مصطفى مات يا حمادة .. مصطفى خلاص مات .
لم افهم , لم استوعب , كأننى استمع الى اخبار قيام الحرب العالمية الثالثة
(عزيزة) اداب .. (حمادة) اداب .. (مصطفى) زراعة .. ثلاثى الجبهة الديمقراطية الشهير .. جامعة الخرطوم وسينما النيل الازرق .. الشعارات البلهاء .. والشعب الاشد بلاهة .. المظاهرات .. و(مصطفى) ينتزعنى من براثن ايدى (بتاعين الامن) امام البوابة الرئيسية وانا فى حالة اغماء كاملة , رائحة (البُمبان) الخانقة واصوات طلقات نارية مُرعبة , والهتافات الموسيقية الخالدة التى تشق عنان السماء
- للثكنات يا عساكر .
- الجامعة جامعة حرة والعسكر يطلع بره .
(مصطفى شكرى) عضو الحزب الشيوعى سابقاً .. سنوات الاعتقال والاختفاء والخروج الجريح
- الماركسية انتهت .. لازم نفتش عن مفاهيم جديدة .
الكوميديا السوداء .. خرج هو وبقيت زوجته (عزيزة) عضوة نشطة .. فرعون اركان النقاش مات فى مزبلة مستشفى الخرطوم
- لا .. لا .. ما بصدق يا عزيزة , لا .. لا يا عزيزة .
تشبثت بكلتا يديها القويتين بقميصى
- واااااى يا مصطفى .. واااااى .
وعندما سقطت على الارض كان قميصى مُمزقاً بين اصابعها.. احاط بنا الناس من كل اتجاه , بعضهم حمل (ميادة) , وبعضهم انحنى على الارض لحمل (عزيزة) , وانفضوا من حولى ! , انا الوحيد وقفت وحيداً , وقفت بـ(الفانلة) الداخلية وانا ابكى وانادى عليه مثل طفل فقد امه فى الزحام
- يا مصطفى ماشى وين ؟ , ما عندى زول غيرك اتكلم معاهو .. حرام عليك ماشى وين ؟ .

شاهين شاهين

Post: #16
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-04-2013, 09:34 PM
Parent: #15

36228_extra3.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

11

1999

بعد اشهر معدودة من العمل معه , (هنادى بتى) سقط صريعاً
ازمة قلبية حادة .. سقط تماماً بالقرب من مكتبه , سحب معه اثناء السقوط كل ما هو موجود على سطح المكتب الابنوسى الفخم , تمثال افريقى من العاج , وجهاز راديو صغير , والمستندات ذات الاوراق الكثيرة , وجهاز التليفون
منذ اليوم الاول لعملى فى صحيفة (الشروق) وانا اطلق عليه سراً اسم (هنادى بتى) .. هى ابنته الوحيدة , او على الاصح هى اخر من تبقى من الذرية الطالحة , الكبير (عوض) مات غرقاً فى رحلة ايام عيد , والاوسط (عابد) طفش فى بلاد الله الواسعة وانقطعت اخباره .. كل خمس دقائق كان المرحوم الوغد (عصام الدين عوض) رئيس تحرير جريدة (الشروق) الثورية يتحدث عن الابنة المعجزة
- بتى طالبة فى السنة النهائية فى طب جامعة الخرطوم .
- ماشاء الله استاذى , هذه الشبلة من هذا الاسد .
يرتج الكرش الضخم من الفرحة , وتلمع العيون الضيقة خلف زجاج النظارة الطبية الشبابية
- وانتا ما اتزوجتا لحدى هسع ليه يا حمادة .
- ما لاقى زولة زى الدكتورة هنادى .
- ها ها ها .. يا سلام يا حمادة والله كمية الذوق الفيك تكفى بلد كامل .
هى الخالق الناطق مثل المرحوم الوغد , (فيلة) متحركة , نفس جينات البلاهة
- ممكن اقول ليك انسة هنادى ؟ ولا بتحبى اقول ليك دكتورة هنادى ؟ .
- احسن تقول لى هنو .
- حاضر يا هنو .
ارتج كرشها الضخم من الفرحة ولمعت العيون الضيقة خلف زجاج النظارة الطبية غريبة الشكل
- وانا ممكن اقول ليك حمادة بدون استاذ ؟ .
- يا ريت يا هنو .
اصبحت تاتى الى مقر الصحيفة اكثر من العاملين فيها
- هنادى بتى بتسلم عليك .
- حمادة يا اخى ما تساعد هنادى بتى فى الترجمة .
ننفرد سوياً فى المكتب
- انا يا هنو عندى مشكلة فى ترجمة المصطلحات الطبية .
- انتا بس ورينى الحاجات العارفها .
تضع نهدها - ثمرة البطيخة الصيفية الكبيرة - على كتفى وهى تتنفس بعمق
- هنو لا .. كده غلط , انا زى ابوك .
- معليش ما قادرة .. انا بتعذب .
لديها لثغة طفولية فى نطق بعض الحروف
عندما كانت تنطق جملة (انا بتعذب) كنت اتخيل ان الوغد شخصياً هو من يضع ثمرة بطيخه على كتفى
- هنادى بتى بتشكر فيك كتير يا حمادة وقالت هى ما فهمت الا منك .
- لا شكر على واجب .. نحنا تحت الخدمة .
صراع (المنشية) و (القصر) قصم ظهره
- يا جماعة الحاصل شنو ؟ .. يعنى كده شيخ حسن طار ولا شنو ؟ .
فى ثالث ايام الخلاف الشهير انزل مقاله حول مفاهيم الخلاف داخل الاسرة الواحدة الكبيرة وتحدث فى غباء عن ضرورة تجاوز الازمة وان السودان فى حاجة الى جهود (حسن الترابى) و (عمر البشير) معاً
فى نفس اليوم جاءت مكالمة قصيرة للغاية من جماعة (القصر) , ومكالمة اكثر طولاً من جماعة (المنشية) ادرك عندها الوغد الكبير انه قد دخل المصيدة
- حمادة , حمادة .. تحليلك للوضع السياسى شنو ؟ .
- والله يا استاذى انا بعدتا عن السياسة لى فترة طويلة وما بقدر أأأ .
يُقاطعنى فى انفعال
- معقول , معقول تكون مسرحية ؟ .. الزول يقيف مع منو ؟ .
فى يوم وفاته مر من امامى دون ان ينظر لى
- صباح الخير استاذى .. دكتورة هنادى كيف ؟ .
- كويسة يا حمادة كويسة .
ارتفعت الهمهمات عن الاقالة
- الزول ده ركب التونسية , اصحاب الجريدة كانوا مراهنيين على حسن الترابى , وبعد كده لازم عصام الدين يزح ويجى احتمال فى رئاسة التحرير نوح جمعة لانو عندو علاقة كويسة مع على عثمان محمد طه .
ارتفعت الصرخات فى مكتب الوغد الكبير وهو يستقبل مكالمة الاطاحة به من رئاسة التحرير , سقط بالازمة القلبية
- معليش ما قادرة .. انا بتعذب .

شاهين شاهين

Post: #17
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: ابراهيم عبدالناصر
Date: 04-04-2013, 09:40 PM
Parent: #16

متابعه لصيقة

البوست بالبوست

واصل

Post: #18
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-05-2013, 05:46 AM
Parent: #17

Thecompositionofnature.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

12

2005

- الو .. عمو حمادة , الحقنى ماما تعبانة شديد .. الحقنى بسرعة عمو .
منذ رحيل (مصطفى) و (عزيزة) تعانى تدهور صحى متعاقب .. صدمة الرحيل قاسية وموجعة هو الذى اعطنا انا وهى معنى جديد , غريب , مختلف , للحياة .
لو تعود تلك الايام ! .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .
احيانا عندما كنت اعود فى اجازاتى المتباعدة من الخليج , كانت (عزيزة) تدبر لنا اللقاء ويخرج هو من الاختفاء لمقابلتى
- لسه ما زهجتا من النضال يا مصطفى ؟ .
يضحك ويمسح فخذى بيده الرقيقة
- لسه يا حمادة .. انتا عامل شنو فى الخليج ؟ .. طبعا هناك مافى يسار .
- مصطفى انا ممكن اشوف ليك طريقة انتا وعزيزة وميادة .. كفايك بهدلة وضياع عمر فى كلام فارغ .. يا مصطفى حرام عليك الايام بتجرى .
- معاك سجاير مستوردة ؟ .. مشتاق ليك يا ابو عيون خضرا يا عواليق .
يغير الموضوع ويتهرب
- اعمل حسابك الناس ديل لو لموا فيك بقتلوك .. وبعدين وشك اصفر كده ليه ؟ .. ناس الحزب الخراء ديل ما بياكلوك ولا شنو ؟ .
ينظر لى فى حيرة واندهاش
- انتا اتغيرتا كتير يا حمادة !! .. رغم كده انتا اكتر واحد بحبو فى حياتى , عندى يا سيدى مشاكل فى التنفس .. تعرف يوم من الايام ممكن اموت بعدم التنفس .
- عليك الله تعال معاى الخليج .. كفاية سياسة وزفت .
لا يا حمادة , لا .. انا لو طلعتا بره السودان شبر واحد باموت .
- فى مليون الف شيوعى قاعدين بره مرتاحين ومواصلين نضالهم زى الترتيب .. اشمعنى انتا دينك يطلع براك هنا ؟ .
- ديل قاعدين بره لانهم ما مصطفى شكرى .. وبعدين تعال هنا يا ود الـكـلـب انتا ما اتزوجتا لحدى هسع ليه ؟ .. اوعا المكنة بتاعتك تكون باظت .
لم تتغير كثيراً , نفس الجمال , نفس طريقة الكلام , نفس الجدية فى التعامل مع الحياة
- عزيزة مالك سلامتك ؟ .
- ميادة يا حمادة .. ميادة اتقدم ليها واحد عايش فى استراليا وعايزة تمشى تعيش معاهو هناك .. اعمل شنو .. يعنى لا القى مصطفى , لا القى ميادة .
هى الحياة يا عزيزتى (عزيزة) .. هى الحياة اللذيذة .. كلنا لها .. فى النهاية , فى نهاية المطاف تنغلق الدائرة العبثية علينا باحكام ونتخبط فى ظلام الوحدة .. يوم لا ينفع مال , لا اهل , لا ابناء , لا احزاب .. ننزل الى لحد القبر وحدنا .. ينسانا الناس , وتتبول الكلاب على شاهد قبرنا .
ذات مرة فى ازمنة سحيقة ضربونا بالبمبان , سقطت العبوة جوارى تماماً وانفجرت فى ازيز , لم استطع الرؤية اصابنى شلل بصرى , سقطت على الارض ومن المجهول امتدت فجأةً يد طرية وعفية من بين سحابات الدخان كريه الرائحة
- انا عزيزة يا حمادة , انا جنبك ما تخاف غمض عيونك .. زول يجيب قميص مبلول بـ موية .
مددت لها يدى
- ما تخافى يا عزيزة انا جنبك ,, خلى ميادة تختار حياتها .. غمضى عيونك وحاولى تنومى انتى تعبانة .
اين انت يا (مصطفى) ؟
- الزملاء والزميلات .. الجبهة الديمقراطية تدعوكم الى ركن نقاش حول الوضع السياسى الراهن .
ليرحمنا الله جميعاً .

شاهين شاهين

Post: #19
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-05-2013, 11:41 AM
Parent: #18

art-painting-vangogh_starry_wallcoo_com.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

13

2002

عندى فى يوم (الجمعة) طقوسى الخاصة منذ عودتى من الخليج .. ابدأ يومى بالاستماع لصوت (عبدالباسط عبدالصمد) وهو يتلو القرآن .. يجعل الصوت من هذا اليوم يوماً شجياً
كثيراً ما حاولت ان اصلى ولكننى فشلت , حتى اننى لا تذكر الان كيفية الصلاة الصحيحة, عدد الركعات , والفرق بين صلاة الجهر والسر .. عند عودتى النهائية لارض الجحيم , اشتريت من الخليج سجادة صلاة فارسية غالية الثمن وسبحة من الكهرمان , والمصحف المرتل بصوت البديع (عبدالباسط) .. قررت ان اتصوف , ان انتمى .. نعم , مشكلتى هى عدم الانتماء لشيء , اى شيء
اضع السبحة الكهرمان حول رقبتى
- دى شنو الموضة الجديدة دى كمان يا حمادة ؟ .
- انتا يا مصطفى زول ملحد ما بتفهم فى الحاجات الروحية .
- وهى الحاجات الروحية الا الزول يلبس سبحة فى رقبتو ؟ .
- عايز اخش الطريقة السمانية .
- الا منتمى يبحث عن الانتماء .
- انا جاد .
- واشمعنى يعنى الطريقة السمانية ؟ ليه ما العركية او التيجانية ؟ .
- عشان ناس الطريقة السمانية قريبين من شقتى .
- هاهاهاها.. خلاص بالله اعزمنى فى الحضرة عشان اضرب الزلابية وشاى اللبن .. هاهاهاها .
- اصلو الزول ما يتكلم تانى معاك فى موضوع جاد .
احسد اصحاب الطرق الصوفية , القناعة والايمان الراسخ الذى لا يتزعزع , جذورهم راسخة فى الارض السمراء بكل اقتناع وبلا طموح او تنطع , احسدهم انا الهوائى فى تهويماتى العجيبة
اجلس على سجادتى الفارسية غالية الثمن
- يا رب عايز اصلى .. عايز الايمان يخش قلبى .. يا رب عايز ارتاح .
الدعوة لا تستجاب , لا تصل حتى الى السماء
- شوف ليك جمعية بتاعت اطفال مشردين ساهم فيها او اتبنى ليك طفل يتيم , كده ممكن تلقى جرعة روحانية وانسانية انتا محتاج ليها .
- عايز اصلى يا مصطفى , عايز اصلى , انا تعبان شديد .
- شاعر بيك .. والله العظيم شاعر بيك يا حمادة .. بس للاسف ما عندى حل او اجابة .
- عايز اصلى .
- يا حمادة ما تعمل لى صداع , اهى ديك الماسورة امشى اتوضأ وصلى .. ما عايز امام ؟ .
- يا اخى انتا زول ملحد ود حرام ساكت .
- هاهاهاها .

شاهين شاهين

Post: #20
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-06-2013, 05:45 AM
Parent: #19

IMG_5129_subdued_colorists.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

14

2001

- معاى زول بره .
- زول ؟ .. زول منو ؟ .
(نجوى كمبال) اصبحت تعرف مواعيد تواجدى فى الشقة .. اتركها تاتى كيفما اتفق لها , تغيب بالشهور وتظهر .. تتعرى وتتجول , (طرزان) فى غابته الابدية بدون قطعة الجلد التى تغطى نصفه الاسفل .. اصبحت بالنسبة لى تسلية , بوهيمية مثل شعرها , غجرية تتمنى ان تكون (حلبية) تسكن الخيام وتتسول بالقرب من (الجامع الكبير) وتمارس الجنس مع العسكر فى ميدان (عبدالمنعم)
- واحد اسمو الكنج .
- وده كمان كنج فى ياتو مملكة ؟ .. احنا مش دولة جمهورية ؟ .
- ده زول بتاع ورنيش من حزام الفقر الافريقى واقف تحت .
- وعايز منى شنو بتاع الحزام والورنيش ؟ .. ما عندى جزمة عايزة تتورنش .
- خلى خفة الدم دى .. الزول ده امنية حياتو انو يمارس جنس مع زولة شمالية , ودى حاجة من حقو لاننا على ما اعتقد دولة موحدة بمنطوق الدستور .
- وانتى قررتى تقومى بالمهمة الدستورية دى نيابة عن الشماليات ؟ .
- بالظبط كده .
- نجوى كمبال .. الجنون عندو حدود , انا شقتى ما بيت دعارة .. عايزة توحدى السودان شوفى ليك خرابة فاضية او اى مكان تانى , ما تكررى الحركة دى تانى معاى هنا , مفهوم ؟ واتفضلى اطلعى بره .
- برجوازى مُخنث رقيع .. تـافـه .. شمالى حقير , اتفو عليك .
بصاقها ارتطم بوجهى
- اطلعى بره يا زبالة , يا منحطة .. بره .
دفعتها بقوة اختل توازنها, سقطت , وارتطم راسها بعنف على مقبض الباب الخارجى , نهضت ووجهها تغطيه الدماء
- ده دم ؟ .. حيوان , حيوان وسـخ .
اخذت تبكى وهى تضربنى بحقيبة يدها الجلدية على وجهى .. احتضنتها
- انا اسف نجوى .. انا اسف .. ما كان قصدى .
- زح منى .. زح منى .
حملتها بين ذراعى , ريشة صغيرة ضائعة .. ضحية من ضحايا هذا الوطن الغبى .. ايها الوطن الحقير ها هى قرابين التعاسة
- تعالى اغسل ليك الدم واشوف لو كان جرح كبير نمشى مستوصف .. انتى لسه بت صغيرة , ليه البشتنة دى يا نجوى ؟ .
اخذت تترنم شعراً وهى دائخة !
- من يفهمنى فى هذا العالم ؟
انظر كم فرداً فيه
كم انسان ؟
لكنى احتاج لفرداً واحد
يا هذا العالم احتاج لانسان
هل اطلب لبن الطير ؟ .
- لا حول ولا قوة .. ده ما وقت شعر , دنقرى راسك فى الحوض عشان اغسل ليك الدم .
- جسدى ملك للفقراء
ادفع فاتورة هذا القبح
يا هذا القبح .. هذا جسدى
فتعال لتغسل قبحك .. يا قبح .
- انتى الظاهر حصل ليك ارتجاج فى المخ , غسلى البلوزة من الدم بسرعة عشان نمشى اقرب مستوصف .

شاهين شاهين

Post: #21
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-07-2013, 09:55 PM
Parent: #20

colourful-abstract-colorful-paintings-hi-310206.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

15

1999

- شوفتا الـمنحـط ده عمل لى شنو ؟ .
- خلاص استاذى .. حصل خير .
- انا الزول التـافـه ده يضرب لى يدى وما داير يسلم .. هو قايل نفسو شنو ؟ .
واقفين كنا خارج نادى الضباط .. دعوة للاعلاميين بمناسبة عودة شاعر تقدمى كبير عارض نظام مايو بجسارة متناهية .. وخرج من السودان بعد 1989 , وبعد ان ادرك ان النظام لن يسقط عاد يُجرجر اذيال الهزيمة والخيبة ويتمسح فى افخاذ السادة الجدد .. النظام فرح به , وقرروا تكريمه , مارس كل العهر الموجود فى الدنيا من اجل ان يُقنع جمهوره الحبيب بان البطولة كانت فى معارضة (مايو) , وان البطولة الحقيقية الان تتجسد فى التعاون مع (الانقاذ) ضد الاستهداف الخارجى الطامع بطبيعة الحال فى ثروات هذه البلد الطاهرة
ذهبت مع رئيس تحريرى الوغد الكبير (عصام الدين)
- يا حمادة لازم تعرف الناس , اهم حاجة فى الصحافة العلاقات العامة , هى راسمال الصحفى الحقيقى .
عندما دخلنا النادى , كانت جميع الوجوه المشبوهة موجودة , الشامى على المغربى , وجوه تبتسم فى سعادة وتتحدث عن مخاطر العولمة على القيم الاسلامية السمحة
عندما دخل الشاعر الكبير ضجت القاعة بالتصفيق وهرول الجميع للمصافحة , جلست فى مقعدى ارقب مسرح العبث هذا واقول لنفسى
- مثقف سودانى , يواصل مسيرة السلف فى الزحف المقدس نحو طريق التعريص العريض .. من سيبقى فى اليسار والجميع يشدون الرحال نحو اليمين ؟ .
عندما حان دور استاذى الصحفى الخطير فى تقديم فروض الولاء والطاعة لنجم العهد الجديد , ضرب الشاعر التقدمى الكبير يده بعنف
- انا ما بسلم على المايويين .. ابعد يدك الملوثة بدم ابناء الشعب السودانى .
ولان الجميع ايديهم ملوثة بالدماء , فقد تكهرب الجو وحدثت ضجة .. خرج استاذى وهو يسب ويسخط
- شوفتا عمل شنو ؟ .. عايزك تنبذو بكرة فى مقال .. انا عارف فضايحو كلها .
- خلاص استاذى .. حصل خير .. ده اصلو انسان كـلـب .
انفجرت الدموع فى الوجه السمين
- ديل كلهم ناس تـافـهين .. كلهم دايرين يبيعوا .. كلهم والله العظيم يا حمادة .. الفرق بس فى التوقيت فى ناس باعت وهى لسه شباب , وفى ناس قررت تبيع بعد ما وصلت الستين .
وضعت يدى اربت على كتفه
- انا بعرف اربى الواطى ده كيف , انا عصام الدين عوض بعرف اتعامل مع الاشكال دى كويس .
عندما ذهب بسيارته .. وقفت وحيداً امام بوابة النادى .. بدأ الشاعر التقدمى فى القاء قصيدة قديمة مشهورة , كانت قديماً طازجة وكانت تلهب حماسنا ايام الجامعة , اصبحت الان جافة مثل رغيف الخبز البايت
جلست على مُقدمة سيارتى من الخارج
- حكمة اليوم .. فى ناس باعت وهى لسه شباب , وفى ناس قررت تبيع بعد ما وصلت الستين .

شاهين شاهين

Post: #22
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-08-2013, 09:20 AM
Parent: #21

light-painting.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

16

2003

- معقول !! نجوى كمبال شخصياً ! .
- شخصياً .. ممكن ادخل ؟ .. ولا برضو حـ تطردنى ؟ .
- اطردك كيف ؟ .. انا مشتاق ليك شديد .
كانت شاحبة وهزيلة .. تحمل اطارين من الخشب تغطيهما بورق صحف يومية
- عندى ليك هدية .. عيد ميلادك كان قبل اسبوع مش كده ؟ .
- متذكرة يوم عيد ميلادى ؟ .
اشعر بالذنب منذ اليوم الذى دفعتها بقسوة , اثر الجرح القديم ما زال واضحاً اعلى حاجبها الايسر
- وغطسانة وين الزمن ده كلو ؟ .. رجعتى مدنى ؟ .
- قاعدة فى الخرطوم التعيسة .
بدات فى التجرد من الثياب .. تعجبنى حركاتها وهى تلقى بالثياب بعيداً على الارض فى اهمال لذيذ
- لسه عندك ضعف جنسى ؟ .
- احتمال اكون اتعالجتا .
وقفت عارية تماماً بعد ان كورت اخر قطعة من ثيابها الداخلية بين يدها والقت بها بعيداً
- عايزة حمام بارد وكباية قهوة تقيلة .
جلست امامى تتمطى مثل قطة صغيرة
- انتى بتحبى تقلعى هدومك ليه ؟ .
- الهدوم دى يا عزيزى مسألة متخلفة , انتا عارف الناس دى بتلبس الهدوم لشنو ؟ .
- افتينا يا شيخة .
- الهدوم دى اساساً عشان المناخ , يعنى تحميك من البرد والشمس وكده , ومادام الزول قاعد فى جو لطيف معتدل مافى داعى للهدوم .
شعرت فجأة برغبة قوية ان اعتصر شفتيها , جذبتها نحوى وقبلتها
- لا , انتا الظاهر عليك اتعالجتا بالجد .
- عارفة يا نجوى , واحد من اتنين يا اما الناس دى كلها مجنونة وانتى العاقلة الوحيدة , او العكس .
جذبت بنطال (الجينز) من على الارض واخرجت علبة السجائر , اشعلت واحدة
- لسه زعلانة منى ؟ .
اطلقت من فمها سحابة كبيرة من الدخان
- عادى .. فى بلد متخلف رجعى زى السودان الزولة ممكن تتوقع اى حاجة , احنا بنعيش فى مجتمع ذكورى مغفل .. عاين هديتك .
جردت الاطارين من ورق الصحف
- دى يا سيدى اللوحتين الرسمتهم فى حياتى .. لو بتحب الفن التشكيلى .
شعرت بامتنان غريب نحوها
- ياالله , يا نجوى دى هدية قيمة جداً , اشكرك عليها .
- اعمل ليك قهوة معاى ؟
- يا ريت .
اعطتنى ظهرها وهى تتجه (للمطبخ) لديها جسم بديع ومؤخرة صبيانية صلبة ومُتماسكة فى تحدى وقـح .. جاء صوتها من هناك
- البن والسكر وين ؟ .
- فوق راس التلاجة .
شعور غريب .. ان تسمع صوت انثى تتحدث معك من (المطبخ) .. شعور غريب , ان تأتى الى انفك رائحة قهوة تصنعها لك انثى وانت تحدق بغباء فى لوحة فن تشكيلى بدون (راس او قعر) جاء صوتها من جديد
- ممكن ابيت معاك الليلة يا عمو ؟ .
رددت بسرعة كأن شخص اخر هو الذى يتحدث
- يا ريت يا نجوى , انا زهجتا من النوم براى .
- بالمناسبة , انا خلاص اتخرجتا واتخارجتا من الجامعة ومن سخافة التعليم الاكاديمى الرسمى الفارغ .

شاهين شاهين

Post: #23
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-08-2013, 09:58 PM
Parent: #22

painting4closeup.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

17

1992

منذ الايام الاولى لزواجى من المصرية (نهاد الحلوانى) , اكتشفت كم هى مسكينة ومكسورة الجناح .. من (طنطا) تلك المدينة الفلاحية .. قالت ان زوج امها الضريرة تسلل يوماً الى فراشها - حصيرة على الارض - وهى طفلة وجعل الدم يسيل بين فخذيها
- عارف يا حمادة كان عندى حداشر سنة , بس كنت زى فلاحات طنطا جسمى اكبر من سنى .
زوج امها فحل زنيم , يمتلك دكان خردوات , يعشق (الحشيش) , وفى ساعات الصهللة والمزاج العالى يُصبح زبوناً دائماً للطفلة التى تنام على الحصيرة
- دلوقتى لما اتذكر الايام دى , مش عارفة سكت ليه ؟ .. يمكن اكون كنت خايفة انو امى تعرف .. او يمكن اكون كنت عايزة الحاجة اللى هو بيعملها .. مش عارفة .
جدعة , اصيلة , علمت نفسها بنفسها , ودخلت معهداً للسكرتارية
- عندى دبلوم عالى ودرست فرنساوى وانجليزى .. لما كنت فى المعهد حبيت استاذ عبدالمنصف .. اول واخر حب فى حياتى , كان انسان وسيم وبسيط وطيب , هو اساساً صعيدى من سوهاج , لبست الحجاب عشان خاطرو .. فى يوم اعتقلوه بتهمة انو من الاخوان المسلمين , ومات من التعذيب فى مباحث امن الدولة .. متعرفش ده عمل فى نفسى شرخ اقد ايه .. كرهت مصر وحسنى مبارك .
تصنع شاياً مصرياً رائقاً , يجعلك تشتاق لان تسمع (ام كلثوم) وانت ترتشفه
- بكره الخليج , وبكره مصر , عايزة اسافر فى دولة محترمة .. بلد ما يكونش فيها جوز امى او الشيخ جاسم .
وجه ابيض ناصع .. ابنة شعب تعرض للظلم والاضطهاد عبر مسيرة الـ 7000 سنة حضارة
- فضلت ازن فى ودن عبدالرحمن اخويا عايزة اجى الخليج جنبك واشتغل , شاف لى الشغلانة دى , قلت فى نفسى يا بت احمدى ربك واعملى لنفسك قرشين سافرى بيهم اى دولة محترمة بعيد عن التخلف والوساخة .. من اول اسبوع وحياتك الشيخ فارس ابن الوسـخة مسك بزازى وهو بيتكلم معايا , يا كده يا ارجع للبهدلة وقلة القيمة فى مصر .
عاشت مصر والسودان تحت تاج سحق الاحذية الخليجية .. ليست اللغة ولا الدين او النيل والتاريخ الطويل والمصير الواحد .. العامل الرئيسى بين الدولتين هو سحق كرامة ابناء ادم الاعزاء بين الدولتين الشقيقتين
- عارف يا حمادة , الانسانة مننا لو اقدرت تعيش فى ظروف محترمة عمرها ما تنحرف .
مشغولاً عنها كنت اكتب المقال الجديد (حقوق الانسان فى الاسلام بين الواقع والتطبيق) بقلم الشيخ (جاسم بن ظافر)

شاهين شاهين

Post: #24
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: ابراهيم عبدالناصر
Date: 04-08-2013, 11:45 PM
Parent: #23

استاذي شاهين

كتاباتك تصنع يومي بشكل متجدد ..

واصل ..



Quote: - عارف يا حمادة , الانسانة مننا لو اقدرت تعيش فى ظروف محترمة عمرها ما تنحرف .




Post: #25
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-09-2013, 11:43 AM
Parent: #24

464594225_161.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

18

2005

اليوم هو يوم زواج (ميادة مصطفى شكرى) انطق الاسم ثلاثياً لاعرف انها ابنة الغالى .. يوم واحد فقط وكان من الممكن ان تكون ابنتى انا
- عزيزة عايز اتكلم معاك فى موضوع .
فى لحظة شجاعة نادرة قررت ان ابوح لها , وليحدث ما يحدث
- معليش يا حمادة بعد المحاضرة ماشية زراعة , مصطفى قال عايزنى ضرورى .
يوم واحد فقط وكنتى ستصبحين زوجتى يا (عزيزة)
- مصطفى طرح لى يا حمادة .
- طرح ليك كيف ؟ .
- قال انو بحبنى .
القلب النازف اصلاً , ازداد نزفاً .. قلب ابن الحرام الموجوع من الدنيا .. ابن (لولو) الحبشية
- ووووانتى رايك شنو ؟ .
- محتارة .. ما عارفة .. اصلى ما اتخيلتا انو مصطفى ممكن يحبنى .
- يازولة مصطفى ده انسان راقى وابن ناس .. والف زولة تتمنهو .. انا شخصياً لو كنتا بت كنتا حبيتو .. هاهاهاها .
بيننا حواجز الطبقات , انا أبن الحبشية , العبد الفقير لله مجهول النسب
والان ماذا يا موجوع ؟ .. (حمادة) اداب , (عزيزة) اداب , و (مصطفى) زراعة .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .. اوجعتنى يا حبيبى (مصطفى) , اوجعتنى .. دون ان تدرى طعنتى فى الصميم يا صديقى , يا ابن (الموردة) يا شيوعى .. كانت حلمى الشخصى والخاص جداً ابنة الطبيب الشهير (راشد الفاضلابى) .. (عزيزة راشد الفاضلابى) , زهرة جامعة الخرطوم , قصيرة القامة , شعر ينسدل على الاكتاف , عيون مُستديرة شديدة السواد , وثقة فى النفس تعطى الجمال الانثوى بريقاً خاصاً
اليوم زواج (ميادة) .. العريس خروف (استرالى) حقير وسمين .. واحد من تلك الـكلاب السودانية التى اخذت حق اللجوء السياسى دون ان تعرف حتى معنى السياسة او الوطن .. جاء يتحدث انجليزية شوارع ثقيلة ويستعرض فى حماقة الجواز الاجنبى .. فى المقابلة الاولى اخذ يحشر بين اضراسه كلمات انجليزية دون اى مبرر , و(ميادة) المسكينة مبهورة بهذا الـ(مايكل وست) السخيف .. شعرت برغبة مجنونة فى كسر انف استعراضه القذر
- بالمناسبة انا وعزيزة عندنا ماجستير فى اللغة الانجليزية .
عندها عاد الى قواعده سالماً مُتحدثاً لغة القرآن الكريم بلهجة ابناء الجزيرة
- وشغال شنو هناك يا ابنى ؟ .
- شغال فى شركة كبيرة .
- شركة بتاعت توزيع بيتزا ؟ .
- لا .. استيراد وتصدير .
- ماشاء الله عليك رافع راس البلد .. وانتا ماسك الاستيراد ولا التصدير ؟ .
عرف اننى اسخر منه .. كـلاب اللجوء السياسى .. ماسحى المراحيض العمومية , مُنظفى بصاق الخواجات فى الشوارع .. كلاب اللجوء السياسى , زبالة المجتمع السودانى , يحفظون عشر كلمات من لغة اجنبية ويمتلكون جواز سفر اجنبى ويعتقدون انهم انبياء الله فى التحضر والثقافة !
فى يوم العرس واصل (الخروف الاسترالى) ابهار الغلابة بنقود مسح مراحيض (سدنى) الخاصة والعامة , صالة افراح باهظة الثمن , وفنان مشهور بالشذوذ غالى الثمن فى الجنس والغناء .. (عزيزة) كانت جميلة فى ثوبها الوقور , تبتسم دون اى مناسبة
- حمادة ما تخلينى براى .
كانت خائفة من فراق ابنتها الوحيدة ربما الى الابد .. (عزيزة) اداب , ذات مرة قال لها خواجة فى محاضرة عامة
- انتى يا سيدتى تتحدثين الانجليزية افضل من الملكة اليزابيث شخصياً .
اهل (الخروف) كانوا مُحتشدين فى صالة الافراح , معجبين بانجازات ابنهم العظيم ماسح خراء الاستراليين فى جمع النقود واختيار اليمامة
انحنيت عليها هامساً
- بالجد راجل بتك ده عايش فى استراليا .
- ليه ؟ .
- اصلو بنطط فى الرقيص زى الكنغر .
ضحكت تلك الضحكة القديمة الصافية .. ضحكة ايام الايمان بالشعب غير المؤمن
فجأة ودون مقدمات نظرت فى عيونى مباشرةً وهمست لى
- بالمناسبة انتا لسه وسيم زى زمان يا حمادة .
يوم واحد فقط وكنتى ستصبحين زوجتى يا (عزيزة راشد الفاضلابى) .
شاهين شاهين

Post: #26
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-09-2013, 10:22 PM
Parent: #25

original.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

19

2006

عجوز تماماً انت الان يا حمادة .. عجوز ووحيد .. لا زوجة , لا اطفال .. كم تبقى من العمر ؟ , وكم تبقى للقبر ؟ .. سنة ؟ , سنتان ؟ , ايام مُعددوة ؟ .
اثناء التصفح الروتينى للصحف التى صدرت اليوم , جحظت عيونى , والخبر امامك يتراقص صغيراً على الصفحة الاخيرة .. السطور تتداخل .. صدق او لا تصدق !
يُرحب الاعلاميين السودانيين بالعودة النهائية للاعلامية السابقة والقديرة د/ ابتسام فيصل خليل , بعد هجرة طويلة فى الولايات المتحدة الامريكية , مبروك الدكتوراه , مبروك العودة لارض الوطن الحبيب .
تعود (ابتسام) وهى فى التاسعة والخمسين من العمر ! .. عجوز مثلك يا دكتورة .. تسربت عقارب الساعة .. نضبت العادة الشهرية .. توارت النشوة خلف الباب .. مد الفراغ لسانه , الا جدوى , والا معنى
د/ ابتسام فيصل خليل تعود لارض الوطن الحقير
يا فرحتى ما زلت احيا
- ثنية لو فاضية عايزك شوية .
هى التى تعرف جميع اسرار وفضائح قبيلة الاعلاميين .. (ثنية) المسكينة تعرف من صعد على الاكتاف وكيف صعد .. تحفظ اسماء الصحفيات , تعرف من خلعت سروالها الداخلى لرئيس التحرير , وكم مرة خلعته , وكم كان الثمن , مُصيبة مُتحركة تمشى على قدمين , هى التى تجعل من ساعات عملى فى جريدة (الشروق) ساعات مُحتملة
- الشمارات شنو يا ثنثن ؟ .
تكفى حتى اعرف ما يدور داخل الدهاليز فى (الخرطوم) , واعرف تفاهة الاسماء الرنانة
- الزول الكريه داك بتاع عمود للشرف والامانة .. قبضوا مراتو مع طلبة من جزر القمر بيدرسوا فى جامعة افريقيا العالمية .. لكن الجماعة الطيبين طفوا الموضوع بسرعة عشان هو محسوب عليهم .
- وهى المعفنة دى ما لقت غير ناس جزر القمر المضربوين بالايدز ؟ .. مش كان اخير ليها الطلبة الخليجين ؟ على الاقل كانت لقت ليها قروش بالعملة الصعبة .
- تقول شنو , هى ذاتها صعبة فى القصص دى .. الظاهر بتحب الفحولة الافريقية .
- الله يودينا جزر القمر .
- هاهاهاها .. والله يا حمادة انتا شكلك ثعلب مكار .
- ثنثن فى اعلامية قديمة جات من امريكا اظن اسمها ابتسام او ابتهاج حاجة زى كده .
- ابتسام فيصل ؟ .
دق قلبى , وتسارعت انفاسى
- ايوه , ايوه .. ابتسام فيصل .. عايز نمرة تلفونها .
رفعت النظارة (قعر الكباية) الى بداية انفها
- انتا بتعرفها من وين ؟ .
يا بت الحرام تريدين مادة خصبة للنميمة
- لا بس عايز اكتب عن الاعلاميين الـ اشتغلوا بره السودان , واظن هى اشتغلت فترة طويلة فى اذاعة صوت امريكا .
- يا زول الزولة دى كانت متزوجة ايام ناس مايو عميد مهم فى جهاز الامن , وكانت شنة ورنة فى الاذاعة عشان راجلها .
- اصلو ما معقول ؟ .
- اى والله , شوفتا الدنيا دى بت كـلب كيف , ما بتدى حريف , زوجها رجع معاها خردة , بعيد عنك جلطة وراقد فى السرير اكتر من خمسة سنين .
- طيب نمرة تلفونها ممكن القها وين ؟ .
- عندى فى الموبايل , سجلتها لما قابلتها .
- قابلتيها وين ؟ .
- اجى يا ناسى , وين شنو ؟ .. الزولة دى درست معاى فى الفرع , صحبتى الانتيم وبعرفها زى جوع بطنى .
يا الهى هل هذا العالم صغير لهذه الدرجة ؟
عندما اخرجت هاتفها المحمول بحثاً عن الرقم .. وقف شعر راسى .

شاهين شاهين

Post: #27
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: اسامة محمد ابوبكر
Date: 04-09-2013, 11:57 PM
Parent: #26

الصمت في حضرة الجمال اصدق تعليق
كل ما استطيع ان اقوله يا رجل مملوء جمالاً

Post: #28
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-10-2013, 07:03 AM

philip_noyed_0256_l.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

20

1997

حبيبى درش
تحيات حارة من مدنية اسمنتية خرساء وحارة
البشر هنا يا (مصطفى) يُدركون عقدتهم التاريخية .. انهم شعب بدون حضارة ولا تحضر .. بدو , رغم انهم - لسه ما بدوش - .. تخيل رغم الازياء الباريسية الراقية والعربات الفارهة , الا انهم يشعرون فى قرارة انفسهم انهم اقل من شعوب اخرى كثيرة , هذه هى حالة تحديث التخلف بامتياز
(الواثق) هنا هو النسمة الراقية التى اذهب اليها عند حوجتى لجرعة استنشاق اوكسجين نقى .. باقى الجالية السودانية هنا لا احبهم ولا احب ان اعرفهم او ان اعرف قصصهم المكررة , ووسـاخاتهم , وضربهم تحت الحزام لبعضهم البعض فى جلسات النميمة , الانسان السودانى تغير كثيراً فى الداخل والخارج يا عزيزى , والاقتراب منه اصبح مثل التدخين ضار جداً بالصحة
افكر فى العودة الى السودان .. ليس حباً فيه , ولكن تحت شعار مُكرهُ اخاك لا بطل
كيف هى (عزيزة) والحلوة (ميادة) .. صحتك كيف ؟ .. هل ما زلت تحلم بالثورة التى لن تأتى ؟
انا تركت هذه الاوهام خلف ظهرى منذ زمن بعيد , واكتشفت ان امامى صحراء قاحلة ! .. كده ووب , كده ووبين .. لا ادرى ماذا افعل
هذا خطاب قصير ليس لاننى مشغول بل لانى غير راغب فى ان اكتب اى كلام على الاطلاق
عندما تنتهى حالة القرف من الورقة والقلم سوف اقوم بكتابة خطاب اطول من لسانك
مع السلامة حتى نلتقى , لو مُحتاج اى حاجة نحنا تحت الخدمة
اعمل حساب لـ صحتك ايها الوغد الكبير .
/حمادة/

Post: #29
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-10-2013, 07:31 PM
Parent: #28

Ana-Gabriela-Tristan_newsfull_h.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

21

1973

مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية يا (بيت المال) , والدماء طازجة , دماء تنبعث رائحتها الثقيلة فى كل ارجاء العاصمة , والهدف المحلى والاقليمى والعالمى هو انتهاز الفرصة وتصفية الحزب من الجذور
بيت متواضع من (الجالوص) , الاجتماع الاول
التحرك بحذر , قتلتنا الردة .. انكسرت الظافرة , والمرتد مُنتشى بيوم عودته العظيم .. مهمة الديمقراطيين والشيوعيين هى المحافظة على الجسم الهيكلى , المهم هو امتصاص الضربة , اللجنة المركزية للحزب تطلب من الجميع الخطوات المدروسة
فى شوارع (بيت المال) تنبعث رائحة مياه الاستحمام من برك الطين الصغيرة
- ما تمشى البيت طوالى , امشى مسافة معقولة , وبعد ما تتأكد انك ما مراقب , ادخل بدون ما تدق الباب .
رجل عجوز طيب اسمر اللون , يجلس تحت اشجار (النيم)
- السلام عليكم يا حاج , الواثق موجود .
تشع ابتسامة على الاسنان التى انهكتها الازمنة ودخان السجائر
- حبابك عشرة , ادخل طوالى يا ابنى .
يظهر (الواثق) مُتواضع مثل بيت ابيه
- اتفضل يا زميل .
ظلت كلمة زميل تحمل الشجن فى الدواخل طويلاً
كانوا فى داخل الغرفة , اربعة , (عزيزة) الانثى الوحيدة , مثل الهة جبال اغريقية عصية على التسلق
التأمين , التأمين , مفتاح اى (قدة) , هذا هو الدرس الاول , هذا هو الدرس الاساسى
- ما فى ورقة تتكتب , اى زول معاهو وثيقة يتخلص منها , احنا هنا عشان الواثق امها عيانة وهو صاحبنا فى الجامعة , ونحنا كلنا من شندى .
اجواء مُدهشة , انظر للرمل الاحمر الانيق على الارضية , مرشوش فى عناية , بخور مثل بخور (لولو) الحبشية , يسافر بك لازمنة (على بابا) القديمة
- الزميل مفروض يختار اسم حركى .
حدقت نحوى اربعة ازواج من العيون المؤمنة بالطبقات الكادحة
- أأأأ .. اسد الدين .
- عديل كده ! .
رنت ضحكات حذرة وساخرة .. اوشكت على البكاء .. شعرت الهة جبال اغريق بورطتى
- تعرف يا زميل لو قبضونا حـ يقولوا نحنا من الاخوان المسلمين .
(الواثق) يحمل اكواب الشاى دون كلل , يرفض دخول التنظيم , ويفتح بيته وقلبه للزملاء .. اصرار وحماس طاغى , وتحايا حارة من السكرتير العام الجديد (محمد ابراهيم نقد) من مخبائه الغامض .

شاهين شاهين

Post: #30
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-10-2013, 09:52 PM
Parent: #29

3d87b340dc1bd1964d7be34ed12aaa61.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

22

2006

الايام التى مرت .. والايام التى ستأتى .. الرعب من انقلاب الحلم الجميل الى كابوس مُريع
احدق فى رقم الهاتف .. ضغطة واحدة واسمع الصوت ينساب عبر الاثير , ويعود الماضى الشبح , يعود كائناً حياً يسعى على قدمين .. ضغطة واحدة ولا اضغط , حالة من حالات تعذيب النفس
ماذا لو انها لا تتذكر ؟
- حمادة ؟ .. حمادة منو ؟ .
بالامس حلمت بك يا (ابتسام) , فى نفس الصورة القديمة , وانا كما كنت فى التاريخ البعيد , بدون تجاعيد الوجه اللعينة, ارتدى قميص احمر اللون , هديتك لواحد من اعياد ميلادى الكثيرة المنسية
نجلس على شاطى نيلنا العجوز الغجرى .. تفتحين ازرار قميصى وتداعبين شعر صدرى فى اشتهاء مُلتهب
تتسلل اصابعى بين فتحات (البلوزة) تصل الى كرة اللحم النافرة ذات الحلمة القرمزية
- احى .. يا ود , الناس بشوفونا .
- مش قلت ليك مليون مرة تلبسى سنتيان .
- لا , ما بحب البسو .
ماذا فعلت بك السنوات ؟ .. انا هنا فى قلعتى فى حى (كوبر).. انظر الى المدرسة الثانوية الخاصةالتى على يمين شقتى , ارقب ضجة المراهقات وصخبهن .. فى عيونهن الرغبة فى الحب والجنس ولفت الانظار , ادرك ان الدنيا مثل قطار متهالك ناخذ منه النصيب ويلفظنا فى اول المحطات ليصعد اخرين .. لعبة لا تنتهى الا لتبداء من جديد .. سخيفة , مُكررة
كنت احب ان اتفلسف عن معنى الحياة امام (مصطفى شكرى) , كان ينظر لى فى جمود وحيرة
- الماركسى القديم تحول لـ سارترى عبثى .. وطبلة جوفاء .
كنت اطارده واضايقه عن معنى الحياة
- الله فى ولا ما فى ؟ .
- عندك قروش ؟ عايز اشترى بخاخة .
عندما مات ادركت اننى فقدت لوحة تنشين غالية ,كنت اطلق عليها سهام الاكتئاب والقلق من الدنيا وما فيها
- انت يا خراء ما عندك زول غيرى تفك فيهو دبرستك ولا شنو .
ضغطة واحدة واسمع الصوت ينساب عبر الاثير .. ضغطت برفق , ضغطت وقلبى يدق , يدق , دورتى الدموية تدور بجنون
- الو .
صوت من الثريا يهبط على الارض .. سكت لم ارد
- الو.. معايا منو ؟ .
قالتها فى نرفزة
اخيراً استطعت النطق بعد ان ابتلعت ريقى
- مساء الخير .. وحمدالله على السلامة .
- حمادة ؟ .
ماضى يخرج مُندهشاً من صفحات كتاب تاريخ مدرسى
- ما نسيتى صوتى يا ابتسام ؟ .
- عمرى , عمرى ما نسيتك ولا لحظة .. لا انتا , ولا صوتك , ولا اى ثانية كنا فيها مع بعض .
- مرت كم سنة بسبوسة ؟ .
- ياااااه .. ياااااه يا حمادة , مشتاقة شديد اسمع كلمة بسبوسة من خشمك .
اخيراً بعد الانتظار الطويل .. سلحفاة تريد قطع صحراء (العتمور) فى صيف قائظ .. اخيراً انفجرت شجيرات الصبار عن ازهار صفراء لطيفة بين الاشواك
ننطق فى نفس اللحظة , نفس السؤال الكئيب
- عاملة شنو ؟ .
- عامل شنو ؟ .
حبل غسيل مثقل بالملابس البيضاء النظيفة المبتلة يُريد ان يسقط على ارض قذرة , تمتد ايدى مُسرعة متلهفة لمنعه من السقوط
فترات صمت قلقة .. حوار متخبط بلا ترتيب او اعداد مسبق
- عجزنا .
- هاهاهاها .
ضحكة خافتة سريعة , مثل رصاصة مُنطلقة من سلاح كاتم للصوت .. اخيراً بعد التردد الطويل .. محاولة بناء جسر يعبر هاوية السنوات السحيقة
- اتزوجتا ؟ .
- معقول ! .
- ليه ؟ .
- عشان بحبك .
صمت فى الطرف الاخر , صوت مُكيف هواء يهدر فى نعومة مصحوباً مع صوت مرتفع لتلفاز يأتى واضحاً فى اذنى , مسرحية (شاهد ما شفش حاجة)
- انا اخاف م الكـلب يطلعلى اسد .
ضجة جمهور ضاحك , بلا هموم او اسئلة كبيرة
- ابتسام .
اقفز على حاجز الصمت
- ايوه يا حمادة .
صوت جرس الباب فى شكل زقزقة عصفور حزين
- حمادة الظاهر فى ضيوف .. بضرب ليك بعد شوية , مش دى نمرتك ؟ .
رددت فى خشونة غريبة عنى
- ايوه دى نمرتى .
شعرت فجأة اننى تسرعت فى الاتصال الهاتفى .. يا قوس قزح السماء الملون البديع , كيف يستطيع الانسان قبضك باليد البشرية ؟
- دقيقة , دقيقة , عايزة اقول ليك حاجة .
- شنو ؟ .
- ح م ا د ة .
تنهار جبال الثلج
- ابتسام عايزك .. تعالى .. انا محتاج ليك شديد .
- يلا يا حمادة .. عشان الناس الواقفين فى الباب , بعد شوية بضرب ليك .
زقزقة العصفور تتواصل فى الحاح عنيد
لو تعود تلك الايام .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .

شاهين شاهين

Post: #31
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-11-2013, 01:44 PM
Parent: #30

IMG_5129_subdued_colorists1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

23

2001

الكهرباء المقطوعة .. لا حزمة ضوء تدخل لشقتى , ظلام دامس , (الشمعة) احترقت عن اخرها , تركت فقط رائحة غريبة فى ارجاء الشقة .. الحرارة الخانقة , (مصطفى شكرى) يرقد على السرير المقابل , لا حديث بيننا , معادلة بسيطة اكتشفناها , فقط ان نبقى جوار بعضنا البعض , هذا يكفى
- نومتا يا درش ؟ .
- انوم كيف مع السخانة دى ؟ .
ظلام المعتقلات المتعددة , جعل منه كائن يتكيف مع كل الظرف الصعبة
- زعلان لسه من ناس الحزب ؟ .
- انا ما اشتغلت سياسة عشان عايز تقدير من زول .
كان الهجوم قاسيا , النبرات الحادة , السخرية المغلفة بالاحتقار
- ده ما وقتو .. ما وقت الكلام عن الاصلاح او التخلى عن الماركسية .. اى نقد للحزب فى الظروف دى خيانة , واى زول عندو نقد باب النقاش مفتوح داخلياً .
تحول البيت لجحيم , الصداقات القديمة بدات فى الانسحاب المنظم
- مصطفى صحبك باع القضية .
- ملعون ابو امك .
- طبعا ما انتا زيو .
مددت يدى
- مصطفى .
جاء الصوت بعيداً
- ايوه يا حمادة .
الاختلاف والتلاسن الهمجى بين (الحاج وراق) و (الخاتم عدلان) حول التنظيم اليسارى الصغير الطرى الذى كان فرحاً به / رغم انه لم يسعى للغوص فى وحله / , حوله لكومة رماد
لمست يدى كتفه العارى
- اعمل الحاجة الـ انتا مقتنع بيها وما تشتغل بـ زول .
- بقيت فيلسوف يا ود .
- انتا عارف انتا بالنسبة لى شنو فى الدنيا دى ؟ .
- شنو ؟ .
- حاجة كبيرة .
- كم كيلو ؟ .
- خلى التعـرصـة .. انا بتكلم جد .. مرات كتيرة كنتا بتمنى اكون زيك .. بتمنى انى اكون سياسى مُعتقل , عندى هدف , اى هدف .
- الحياة دى غريبة يا حمادة .
- لغز .
سطعت الغرفة بالاضاءة , عادت الكهرباء من جديد , (مصطفى) بالملابس الداخلية يضع راسه تحت (المخدة)
- الكهرباء جات .
اريد ان يمتد الحوار , اريد ان اغسل عنه الهموم .. ان احمل سيفى واغرزه فى كل انسان يتحدث عنه بسخرية فى الحزب القديم او فى التنظيم الجديد الذى تحول لشظايا شريرة
- عندك عشاء ؟ .
احيانا اشعر انه لا يُريد ان اصل الى اعماق احزانه
- فى فول وجبنة .
- عشاء مناضلين حقيقيين .. هاهاهاها .
اخرج راسه من تحت (المخدة)
- تعرف يا ود يا خايب انتا وعزيزة وميادة الناس الوحيدين لى فى الدنيا المعفنة دى .

شاهين شاهين

Post: #32
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-11-2013, 04:04 PM
Parent: #31

il_fullxfull_312266855.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

24

2007

- ثنثن .. صباح الورد يا وردة .
(ثنية) تجلس قبالة مكتبى , اعرف انها تريد (الفضفضة) .. نتحدث عن كل شىء ولا نتحدث فى النهاية عن شىء مهم
(وكالة رويتر) , هذا هو اسمها السرى هنا فى صحيفة (الشروق) .. تعشق النميمة والانتقال مثل نحلة لتلقيح الاذان بالفضائح التى تحدث لقبيلة الاعلاميين - وهى كثيرة بالمناسبة -
ابنة كـلب حقيقية
مع مرور السنوات قام جسر غريب بينى وبينها , تجاوزت الخمسين منذ فترة طويلة .. دميمة , عاقر , تضع فى حقيبتها صورة طفل المانى اشقر سمين يبتسم فى وجه الكاميرا .. زوجها عربيد , تحاول المحافظة عليه حتى يتبقى لها على الاقل مظهر اجتماعى وحيد فى مجتمع بليد
محاولة الـ new look فشلت فشلاً ذريعاً , وخلفت لها جراح نفسية غائرة .. استبدلت النظارة الطبية (قعر الكباية) بـعدسات لاصقة , وانتهت المحاولة بعيون دائمة الاحمرار
- يا ثنثن احنا الجو هنا غبار وشمس وقرف , العدسات اللاصقة عايزة هواء ما ملوث وطقس بارد .
التقينا فى المحيط الاطلسى .. سفينتان فى يوما عاصف , ضلتا الطريق , فقدنا البوصلة , ادركنا ان العودة للمسار الصحيح مستحيلة , اقتنعنا بالمصير , والضياع الابدى
فى كل احتفال بمناسبة نجاح باهر لابن غبى من ابناء طاقم الصحيفة اللعين , كانت تتمترس بالقرب من مكتبى , شعور اننى مثلها مقطوع بلا جذور اوغصان مُرتفعة للسماء , كان يُعطيها الثقة انها ليست وحدها فى التعاسة
- الشمارات شنو يا ثنثن ؟ .
نتحدث عن كل شيء .. وفى النهاية لا نتحدث عن شيء مُهم
الزوج الذى يدرك المحنة ويتعامل على هذا الاساس .. شاهدت ذات مرة اثار سياط جلدية على ظهرها
- الزول ده مريض نفسى عديل كده .. اطلبى الطلاق يا ثنثن .
نظرت لى بعيون دائمة الاحمرار
- اطلق عشان امشى وين يا حمادة ؟ .
ابحث معها عن معنى كلمة سعادة .. ما معنى ان يكون الانسان سعيد ؟
تخصصت فيها صحفية شابة لعينة اوصلتها افخاذها البيضاء الطرية لصدر الصفحة الاولى
- انتى يا ثنية ما بتعرفى معنى الاسرة السعيدة .. عشان كده جنك شمارات وشرمطة فى اى زولة ناجحة فى بيتها وشغلها .
عندما تحاصرها الريح العاتية تقترب من سفينتى فى خضم امواج المحيط الاطلسى , مثلها لا اعرف معنى الاسرة السعيدة
تنظر لى من خلال (قعر الكباية) .. عيون دائمة الاحمرار , حائرة
- امشى وين يا حمادة ؟ .
انا شخصياً عندى ملايين الاسئلة , ولا اجد حتى نصف اجابة
- والله ما عارف يا ثنثن .

شاهين شاهين

Post: #33
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-12-2013, 12:17 PM
Parent: #32

flatsudan550x550sudan075sudanf1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

25

1980

- احنا ماشيين وين ؟ .
- ماشيين ود نوباوى .. عازماك غداء .. عندك مانع ؟ .
- غداء عند منو ؟ .
- خالتى ساكنة هناك نمشى نسلم عليها ونتغداء معاها .
- حـ تقولى ليها انا منو ؟ .
- دى حاجة ما تخصك .
اريد ان امضى فى المغامرة , واريد ان اتوقف
- ما خايفة من راجلك ؟ .
- اخاف لـ شنو ؟ .
- يعنى .. عميد فى الامن وكده .
- ملعون ابوه , وملعون ابو الامن , وملعون ابوك انتا كمان .
تضرب بيديها على مقود السيارة , تغنى اغنية قديمة فى صوت هامس جميل
- الشوق والريد
والحب البان فى لمسة ايد .
تلمس يدى دون ان تنظر فى اتجاهى
- صوتك جميل .
- اكيد , عشان كده انا مذيعة .. تعرف , اول مرة شوفتك واقف فى الشارع مسكين ومنتظر المواصلات قلتا ده الزول الكنتا بحلم بيهو من ايام الثانوى العام .
- معقولة ؟ .
- اسمك حلو زيك .. ح م ا د ة .
تبدأ فى الضغط على فخذى بقوة بيد وتقود السيارة باليد الاخرى
- ابتسام .. الناس فى الشارع .. خليكى عاقلة , كده ممكن نعمل حادث .
اضع يدها على مقود السيارة
- جبـان .. لما نكون برانا برضو حـ تكون كده ؟ .
- انتى الظاهر عليك مجنونة رسمى .
- الذ حاجة فى الدنيا الجنون .. هسع عليك الله الدنيا دى فيها شنو عشان نقعد نتصرف ب عقل ؟ .. بكرة نكبر ونعجز ونندم على الايام دى .
تقرصنى فى فخذى قرصة مؤلمة
- اقعدى ساكت يا ابتسام الناس فى الشارع .
تواصل الغناء .. مجنونتى الجميلة
- ليك يا هاجر
ليك رسالة
لو روحك يوم تنسى دلالها
تشوفنا قريب ما تتعالى
تسالنا ونسال عن حالها .
- بالمناسبة يا حمادة انا ممكن ابوسك هنا قدام كل العالم الوهم ديل ؟ .
- حـ انزل منك وتانى ما حـ تشوفينى .
- سجمى .. ده اول حادث اغتصاب المراة تكون هى المعتدية .
اعجبتنى النكتة .. ضحكت
- نخلى الحب يسرح بينا
يبقى جناحين ويطير بينا .

شاهين شاهين

Post: #34
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-12-2013, 09:33 PM
Parent: #33

841594251_PevKlbfc_l.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

26

2006

تلك (الكافتريا) الراقية , رذاذ معطر الجو يفوح فى المكان ويصل للانف قوياً .. نسمات هواء باردة , منعشة .. بيننا على المنضدة الرخامية اكواب مياه معدنية وعصير مانجو طازج
(ابتسام فيصل خليل) ترتدى النقاب الاسود الكامل .. فقط العيون هى التى تظهر من الجسد العائد للقرون البعيدة .. عيون غريبة , قلقة , تنظر فى كل اتجاه
صمت بارد احمق .. ارتباك .. محاولة يائسة لاجراء تنفس صناعى لجثة ماتت وتحللت منذ عشرات السنين .. اجابات عن اسئلة لم تطرح , واسئلة بدون اجابات .. مونولوج نفسى طويل , وديالوج وجد الابواب مُغلقة , عصية , مفاتيحها سقطت فى قاع سحيق لبحر هائج
- ليه كده يا ابتسام ؟ .
- الخلاص الروحى يا حمادة .. الاخرة هى الباقية .. الدنيا دى مجرد جسر .. عربية توصلك لحاجة اهم ومحطة تقدر ترتاح فيها بشكل ابدى .
- عايز اشوف وشك .. ممكن ؟ .. ارجوك .
- انا قبل ما اجى السودان مشيت الحج .. فى الطواف سمعتا صوت قال لى البسى النقاب يا ابتسام يا بت فيصل .. البسى النقاب وانتى حـ ترتاحى .
- ده سيدنا جبريل ؟ .
رشقتنى بنظرة حادة , غاضبة , توغلت فى مستنقع الدروشة والهروب من المجتمع الحديث .. مسكينة ؟ او ربما سعيدة ؟
أأأأه من تلك العيون الغريبة والبعيدة منى .. أأأأه من جسد كان ملكى , افعل فيه وبه ما اشاء , جسد تمترس خلف حصون قماش داكن كثيف , حقير , مرعب , جسد اصبح عصياً على الامساك
قمت بمغامرة مجنونة , كانت يديها ترتاح على سطح المنضدة , وضعت فى حركة سريعة يدى العجوز ذات العروق النافرة على يديها .. يديها ذات القفازات القطنية السوداء .. جفلت منى
- ارجوك لا يا حمادة .. ارجوك .. احترم خياراتى الدينية .
مجنون يبحث عن حلم عاش عليه , وها هو الان يتناثر دون شفقة
- عندى ليك هدية يا حمادة .
اخرجت اسطوانة كمبيوتر زاهية اللون مكتوب عليها ( الطريق الى الله ) كان وجه (عمرو خالد) مطبوعاً وهو يبتسم تلك الابتسامة الانثوية الرقيقة
وضعت الاسطوانة فى جيبى .. يا مسكينة , الحادى لا حل له .. وايمانى بالله والشعب مستحيل - رغم كل محاولاتى الفاشلة - .. سجادة صلاتى الفارسية غالية الثمن , ضاجعت فيها (نجوى كمبال) فى مساء تعيس , وبقيت فيها اثار حيواناتى المنوية صفراء باهتة .. سبحتى الكهرمان سرقوها منى
- عايز اشوف وشك بسبوسة .. ارجوك .
اخر ما اريد التحدث عنه هو كيفية النجاة من الجحيم .. انا ابن الجحيم فيه ولدت وفيه اعيش واليه اعود .. سلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حياً
نظرت حولها .. (كافتريا) شبه خالية , وطاقم الخدمة مشغول بمتابعة مباراة تـافهة فى كرة القدم على شاشة تلفاز كبير .. رفعت ببطء قطعة القماش .. اطل الوجه المستحيل .. وجه امرأة ضاعت فى ساعات سن اليأس المريرة , تجاعيد حول العيون والفم , شعر اشيب ناصع البياض .. ملامح بعيدة لـ (ابتسام) القديمة .. ارتجفت اصابعى وهى تلمس الوجه الذى نام على صدرى العارى سنوات كثيرة .. وجه امرأة عجوز .. وجه اشتاق اليه منذ 1985
- كبرتا يا حمادة .. مش كده ؟ .. انا على عتبات الستين .
لوعة التمسك بشباب لا يدوم
ابعدت يدى فى رفق لطيف , واسدلت الستار
- ح م ا د ة .. دى اخر مرة حـ تشوف وشى .. ودى اخر مرة حـ نتقابل فيها لو سمحتا .
فى هذه اللحظة احرز منتخب (السودان) الوطنى هدفاً قاتلاً فى مرمى منتخب افريقى حزين وفقير .. ضج عمال المكان والشارع بالتصفيق والتهليل
- اتهزمنا يا ابتسام .. اتهزمنا .
نظرت هى الى كوب عصير المانجو فى اسى .

شاهين شاهين

Post: #35
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-13-2013, 07:16 AM
Parent: #34

colorful-abstract-painting-no286-drinka-mercep.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

27

2004

يوم دفن جثمان (مصطفى شكرى) .. انا بقميصى الذى تمزق بين يدى (عزيزة) فى ردهة المستشفى , اشعر كأننى غريب , ونحن نقوم بغسل الجثمان كانت هناك نظرات تسأل فى صمت
- من انت ؟ .
انا ذلك الجسد المسجى البارد يا اغبياء .. انا هو , وهو مثل (المسيح) الذى مات من اجل خطايا الملايين
لحظة الخروج كانت الاصعب .. خروج (مصطفى) فى (عنقريب) خشبى بليد .. محاولات (عزيزة) و (ميادة) بايقاف الزحف .. محاولات الخروج من الرمال المتحركة التى تسحب ببطء قاتل
- مصطفى .. مصطفى .
اكفكف دموعى .. احاول ان امسك طرف ساق (العنقريب) الخشبى , ان اجعله يشعر اننى هنا فى المحنة
- ما تخليهم يمشوا بيهو يا حمادة .. يا حمادة .
تتشبث بامل بقاء الجسد داخل المنزل
- يا حمادة يا زميل .
الخروج من المعتقل .. يرتدى قميصاً مُزركشاً , يبدو نحيفاً وسيماً
- حمدالله على السلامة .
- مبروك دخولك الجبهة الديمقراطية .. عقبال الحزب .
اول مرة اضع كفى فى كفه .. اول مرة يبتسم فى وجهى .. كيمياء من المودة تتدفق من عيون مُجهدة من الزنزانة الرطبة
- انا اول زول رشحتك .. عارف كده ؟ .
شعرت بالفخر
- شـ شـ شكراً .
نزلت فى القبر .. استقبلت الجثمان فى احضانى , وضعت راسى عليه
- مع السلامة يا مصطفى .
رفضت ان اترك الجسد , رفضت .. رفضت
- يا زول صلى على النبى .
- استغفر الله .. كلنا لها .
رفضت .. اغبياء .. اغبياء .. اغبياء .
ماذا تعرفون انتم عن اجتماعات (بيت المال) ؟.. عن القلق الفكرى والعذاب ؟ .. عن اب روحى يصمت عن اخطائك ؟ .. يمسح لك شعر راسك فى حنان اخرجونى بالقوة , تركوا الجسد ينزلق فى فتحة مُعتمة
- أأأأخ يا مصطفى .. أأأأخ .
امسكونى مثل (عجل) ذهبوا به للذبح
- أأأأخ يا مصطفى .
خجلت ان احكى له قصتى مع (نهاد الحلوانى) , خجلت ان احكى له اننى بعت قلمى وجسد زوجتى الفلاحة للشيخ الخليجى .

شاهين شاهين

Post: #36
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: Emad Eldeen Ali
Date: 04-13-2013, 10:24 AM
Parent: #35



يا سلام عليك يا جميل


Post: #37
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-13-2013, 07:36 PM
Parent: #36

il_fullxfull_381343257_s1w8.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

28

2008

رائحة موت , وفناء قديم .. اخيرا قررت ان ازور (لولو) الحبشية , امى , وسبب الشقاء
هذا ما جناه ابى علي , وما جنيت على احد
لو فقط حدث الاجهاض قبل الميلاد , لما كانت مسيرة الاحباط هذه .. كم بلغت الان من العمر يا (حمادة) ؟ .. اشتكت منك (نجوى كمبال) ! الانتصاب لم يعد مثل ما كان .. وحبة (الفياجرا) الزرقاء خطر على القلب العليل
- ما قادر تشد زى زمان .
- التوتر وضغط العمل .
تكذب يا كذاب .. بعد الاربعين يُصبح الجنس جحيم .. اين ايام الشباب ؟ , و (ابتسام فيصل) تذوب بين ضرباتك السريعة , العفية
- واى , واى , حـ اموت .. حمادة حرام عليك .
وانت تمضى .. ما فات اكثر من الذى سيأتى
اسير فى (المقابر) القديمة المغلقة .. يُريدون بيعها ! اصبحت فى موقع استثمارى خطير , لا مكان لعظام الموتى فى هذه البلد الحقيرة .. اين قبر (لولو) ؟ اصبحت هيكلا عظمياً الان .. اريد ان اضع جمجمتها قربى فى السرير , انظر واتحدث اليها .. اقف عاجزاً - مثل ما كنت طيلة حياتى - .. تشابهت اكوام التراب , كلاب ضالة مُصابة بالجرب عشقت رائحة الجثث المتحللة , فتاة صغيرة تتبول وهى تنظر لى فى تحدى وقـح
وقفت احاول تحديد القبر , اين كان ؟ هل هى سعيدة الان ؟ على حبات العرق السائل من بين الفخذين اقف الان , كهلاً مُتداعى , طبلة جوفاء , يسارى قديم , وملحد حائر , كاتب صحفى تعلم التعريص بواسطة الحروف المكتوبة , انسان وحيد , خائف , ينظر للناس من علياء شرفته العاجية
- تعرف يا حمادة اخطر حاجة انو الزول الشيوعى يتحول لكائن نخبوى .
انت يا (مصطفى شكرى) وشعاراتك الحمقاء .. المظاهرات فى تاريخك القديم ! هل انت على استعداد لدخول المعتقل الان وفى هذه اللحظة بالذات ؟ .
ارفع يدى وارسم علامة الصليب
- مع الرب ذلك حسناً جداً .
اخرج نحو السور المتهالك .. اصبحت عندى مشكلة فى الانتصاب , ومشاكل فى معنى الحياة .. و (ابتسام فيصل خليل) اختفت خلف نقاب اسود غليظ , و (عزيزة راشد الفاضلابى) اختفت فى ظروف غامضة ! .. وانا اخرج ادركت ان لا احد سيبحث عن قبرى عندما اموت بازمتى القلبية .

شاهين شاهين

Post: #38
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-13-2013, 11:05 PM
Parent: #37

IMG_2781copy.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

29

2006

اخيراً تسافر (ميادة مصطفى شكرى) .. تغادر ارض وطن غير رحيم , محطتها الاولى فى (القاهرة) لاجراء سلسلة روتينية طويلة من الاجراءات ثم من بعد ذلك غزو القارة البعيدة
مُثقلة بالحزن انتِ يا سيدتى .. يا (عزيزة)
- حـ تجى معنا المطار يا حمادة .
- ما بحب تفاصيل الوداع والهبالات بتاعت البكاء , وقصة مع السلامة والتفاصيل دى .
- عليك الله ده ما وقت فلسفة انا محتاجة انك تكون معاى .
- ok خلاص اقفلى الخط ربع ساعة بكون معاك .
مُثقلة انتِ بجراحات الغياب والفقد
تحركنا مثل من سقطت مدينتهم فى يد الاعداء .. انا وهى فقط .. اهل (الخروف الاسترالى) اصروا ان تنطلق صفارة البداية من منزلهم غير العامر .. (ميادة) هناك عندهم .. بروفة الوحدة يا (عزيزة) , وحدة خانقة , قاتلة
- يدك بترجف لـ شنو يا عزيزة ؟ .
- مافى حاجة .
انطلقت تباشير موشحات البكاء والنهنهة
- ياااا الله .. عشان كده ما كنتا عايز اجى .
- خلاص , خلاص .
مسحت عيونها بمنديل ورقى
- متذكرة يوم , كنتا قلتا ليك عايزك ضرورى ؟ .
- متين ؟ .
- فى الجامعة .
- انتا ما عندك موضوع .
- فعلاً ما عندى موضوع .
- كنتا عايزنى فى شنو ؟ .
- لا ابداً بس ما عايزك تقعدى تبكى لى وانا سايق .. عشان كده بتكلم معاك فى كلام خارم بارم .
صمت ثقيل .. هل شعرت ذلك اليوم ؟ .. هل تعرف بواسطة الغريزة الانثوية انها كانت حلم حياتى الشخصى فى يوم من الايام
- انا عطشان حقو اركن هنا ونشرب حاجة باردة .. تشربى كولا ؟ .
- سفن اب او اسبريت .. ما بحب الكولا , ومعاك اسبرين عليك الله , عندى صداع عنيف .
عدت حاملاً زجاجتى المياه الغازية
- اليوم البتتكلم عنو فى الجامعة هو نفس اليوم الطرح لى فيهو مصطفى مش كده ؟ .
مددت لها زجاجة (الكولا)
- لا انا حقتى التانية , والاسبرين وين ؟ .. مصطفى كان بقول انو مشكلتى انى ذكية زيادة عن اللزوم .
- اقول ليك حاجة .. احسن تبكى بدل الكلام المسيخ ده .

شاهين شاهين

Post: #39
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-14-2013, 09:29 PM
Parent: #38

milky-way-1024x768.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

30

2007

- تعال بسرعة يا حمادتى .
(نجوى كمبال) , رفيقة الرحلة المتبقية لى فى هذا الكوكب البشرى المخيف
لدينا لعبة منذ اشهر عديدة .. التفكير فى الانتحار
- حاجة كده زى روميو وجوليت ؟ .
- انا بتكلم جد , جادة جدا .. عارف فى حاجة اسمها تناسخ الارواح , يعنى لو متنا ممكن جدا روحنا تمشى فى جسد سعيد .
- طيب لو روحنا مشت فى جسم كـلب ولا غنماية نعمل شنو ؟ .
- دى حـ تكون مشكلة بالجد .
- ما بتخافى من الموت ؟ .
- لا .. وانتا ؟ .
- ما عارف .. لكن قصة الضلام فى ود اللحد والدود الـ بيدخل من فتحات الجسم دى صعبة شوية .
- مرات فى حياة احسن منها الموت , مش كده ؟ .
- كتير .
- انتا عارف الفرق بين الشعوب المتقدمة والمتخلفة شنو ؟ .
- شنو ؟ .
- نسبة الانتحار .. هنا فى السودان مثلا تلقى الواحد دينو طالع ومع كده اطلاقا ما بيفكر فى الانتحار .. فى امريكا واليابان والسويد نسبة الانتحار عالية جدا , يعنى مثلا واحد زى الكاتب الامريكى همنجوى انتحر بكل بساطة , واحدة زى مارلين مونرو انتحرت بكل بساطة .. الحيوانات هى الوحيدة الما بتنتحر .
- واحنا فى العالم التالت حيوانات ؟ .
- اكيد , واحتمال اقل من كده كمان .
اصبحت لعبتنا المفضلة .. نجلس ساعات طويلة نحدق فى شاشة (الاب توب) , نبحث عن قصص الانتحار فى ارجاء العالم , شخصيات مشهورة و شخصيات تخترع اديان مجنونة .. نتشاجر حول افضل طريقة للرحيل
- عارف احسن حاجة نقفل الشقة ونفتح انبوبة البوتجاز ونرقد فوق بعض عريا .
- يعنى موت وفضيحة ! .. احسن طريقة موت وبدون الم هى الحبوب المنومة .. نبلع كمية كبيرة ونقعد نقرأ فى شعر لحدى ما ننوم نومة ابدية .
لعبة وفى قرارة انفسنا حل حقيقى
- تعال بسرعة حمادتى .
ترقد عارية على بطنها وامامها شاشة (الاب توب)
- شوف ده .. انتحار مراهق يابانى فى السادسة عشر من عمره , ويقوم بتصوير عملية انتحاره .
- يعنى اصغر منى بـ تمنية وتلاتين سنة ! .
كان وجهه الاسيوى المشرق يبتسم فى حزن غريب .

شاهين شاهين

Post: #40
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-15-2013, 06:03 PM
Parent: #39

abstract-colorful-art-3.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

31

1973

- حمادة الحاج نور العليم .. ازيك .
- أأأهلا وسهلا .
- انا عزيزة راشد الفاضلابى .. طالبة معاك هنا فى اداب , برلومة .
- اهلا , شايفك كتير .
- فى اركان النقاش ؟ .
- يعنى .. فى اركان النقاش وفى الكلية .
- بتعرف مصطفى شكرى بتاع زراعة ؟ .
- مش الزول الشيوعى البتكلم فى الاركان ؟ .
- ايوه هو ذاتو , عارف انو الامن اعتقلو امبارح من الداخلية ؟ .
- شايف الملصقات .
كثيرة وكبيرة , بخط جميل احمر واصفر - اطلاق سراح المناضل مصطفى شكرى - .. - يا حكومة الردة والدماء ارفعى يدك الملوثة بدماء الديمقراطيين والشيوعيين الشرفاء عن طلاب الجامعة -
كانت هناك رسومات لحمامات بيضاء ترفرف عالياً فى سماء زرقاء صافية .. ويد ضخمة تحاول فتح شباك زنزانة
- فى مظاهرات الليلة داخل الحرم الجامعى .. حـ تشترك معنا ؟ .
- انتى شيوعية ؟ .
ضحكت ضحكة صافية
- يعنى تقدر تقول حاجة زى كده .. انا ابوى طبيب شيوعى معتقل من 71 .
- بس انا عندى محاضرات مهمة .
- فى حاجات اهم من المحاضرات ومن حياتنا نفسها .. مش كده ؟ .
- وووالله ما عارف .
- لا , لازم تعرف .. احنا يا حمادة ما جينا الجامعة عشان ندرس وبس , احنا زبدة المجتمع السودانى ولازم نكون صوتو فى وش الطغيان .
نظرت لها , عندها عادة غريبة عندما تتكلم , تنظر فى عيونك مباشرة ولمدة طويلة
- اعزمك شاى ممكن ؟ .
- مافى مانع .
عادت تحمل كوبين
- عارف مصطفى مسميك شنو ؟ .
- هو بعرفنى من وين ؟ .
- شايفك فى اى ركن هو بتكلم فيهو .. بقول عليك الزول الكديسة الـ بتابع الاركان حقتنا طوالى , عشان عيونك خضرا زى الكديسة .. عندك جذور اجنبية ؟ .
- جدتى تركية .
- الاختلاط بين الاجناس البشرية حاجة راقية شديد , عشان كده الاممية بتدعو انو نقيف مع كل شعوب الارض المظلومة .
انشغلت ارسم باصبعى دوائر وهمية على كوب الشاى الزجاجى .. كلمات غريبة , مُدهشة , الاممية , تيار اليسار العالمى , تشى جيفارا , الجديد ينفى القديم , مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية , 19 يوليو , الاتحاد السوفيتى الصديق , المطرقة والسندان , الطبقة العاملة , عمال عطبرة يخرجون من الورش حالمين بدولة المستحيل وبصفارات قطاراتهم تدوى فى كل شبر من ارجاء شبه القارة السودانية
- معليش عملتا ليك صداع .. انا زولة جنى كلام فى السياسة .
- لا بالعكس .. انا بحب اسمع كلامكم .
- شكرا ليك كتير يا حمادة .. واحنا ذاتنا ملاحظين كده .. انتا زول كويس شديد وعايزنك تكون صديق لينا .. ممكن ؟ .
رفعت راسى من دوائرى الوهمية على سطح الكوب .. كانت تنظر لى دون ان يرف لها جفن .. هززت راسى
- ممكن .

شاهين شاهين

Post: #41
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-15-2013, 10:41 PM
Parent: #40

colorful-abstract-painting-pink-purple-yellow-no240-drinka-mercep.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

32

2007

ما كنت اخاف منه يا (ابتسام) قد حدث
كنت اخاف على الحلم القديم .. اتشبث به مثل طفل عنيد .. كنتِ انتِ الماضى والحاضر , او ربما انتِ ماضى اتمسك به فى مواجهة حاضر لا احبه , ومستقبل غامض لا اريده
لماذا اعتقدت انك نفس (الزولة بتاعت زمان) ؟ .. نفس الشكل والضحكة وغمزة العين .. نفس الشبق القديم , والفخذ البنى اللحيم فى استدارة رائعة
انتِ ادركتِ لعبة الزمن .. وانا ركبت آلة الزمن الجهنمية , اعود بها عندما اشاء للحظات بهيجة عشتها
انتِ واقعية .. وانا مُجرد حالم اخرق
عندما شاهدتك ترتدين النقاب , انفطر قلبى تماماً
عيون غريبة باهتة تطل من خلال ثياب سوداء كثيفة تحجب التفاصيل والمشاعر
- ربنا يا حمادة .. ده هو الحب الحقيقى , واللذة الجسدية الما بتنتهى .
- وانا يا ابتسام ؟ .
تركتى السؤال مُعلق
فى شقتى , معقلى , وحصنى الحصين .. اُعيد تركيب الالغاز .. لماذا يتغير الناس ؟ .. لماذا تغيرت انا ؟ .. لماذا تغيرت (عزيزة) ؟ ولماذا اهتزت قناعات (مصطفى) الفكرية , وهى كانت قناعات راسخة وخرسانية , لماذا تغيرت وتغير ؟
- معقول رجعتى من امريكا انصارية سنة ؟ .
تبتسم ابتسامة حزينة
- ربنا يا حمادة عايز كده .. صدقنى لو حبيتو حـ تتغير وترتاح زى ما انا مرتاحة .
(ابتسام فيصل خليل) تعود من الولايات المتحدة الامريكية وقد ارتدت النقاب !
يا فرحتى مازلت احيا
والقلب العليل .. والخطوات الحائرة غير الواثقة والموجوعة .. سنوات العمر التى تسربت من الصنبور واوشكت على النفاذ
لمحت (ابتسام فيصل) امس .. لمحتها من بعيد , مغروسة فى كتلة بشرية تتحرك فى بلاهة وبلا هدف محدد .. من بعيد كان حلم العمر يمشى على قدمين .. خيمة سوداء بالكامل , عرفتها من طريقة مشيتها , لها طريقة خاصة جداً
وقفت انظر لها تختفى رويداً , رويداً , حتى بهتت تماماً عن مرمى بصرى عند نهاية شارع (الجمهورية)
ندمت اننى لم اهرع اليها , ندمت اننى لم اُوقفها
- لسه بتكتبى شعر ؟ .
حبى للشعر اضمحل , انزوى بعيداً فى اقصى الدماغ , مثل زائدة دودية بلا معنى
احمل قلمى وورقى لجرد حساب رحلة العمر .. صفر كبير , هو الحساب النهائى يا (حمادة)
قصيدة بعيدة كتبتها فى ازمنة الحلم
- براك واقف
وتل الرملة فى وشك
وزى ضلك
كما الشجر العنيد شكك .
ارددها ولا اصدق اننى كتبتها فى سن صغيرة للغاية
- ما تخلى الشعر يا حمادة .
- بقى كلام فارغ يا مصطفى .. يعنى معقول فى زول حـ يفهم ؟ .
- المهم انو انتا تفهمو , وترتاح لما تكتبو .
كل الاشياء اصبحت رخيصة يا صديقى , الانسان , والادب , والحب , والقيم النبيلة
يا وجعى .

شاهين شاهين

Post: #42
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-17-2013, 07:56 AM
Parent: #41

art312.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

33

1992

مدد يا سيدى (البدوى) , مدد
دخلنا (طنطا) فى المساء .. ميدان فسيح هادىء , كانت المساجد تصدح باذان العشاء , اصوات جميلة رائعة تغمرنى بحالة من الشجن والا توازن بين الالحاد والايمان
(نهاد) كانت سعيدة بالعودة للوطن ومسقط الراس - والتى لا تعنى عندى الكثير -
منذ البداية كان الاتفاق غير المكتوب بيننا واضح , الجسد ملك للشيخ الخليجى , والعقل وحكاية الذكريات ملكى
وبينى وبينها كان الاتفاق غير المكتوب ان نقبل بعضنا هكذا دون تعقيدات لا لزوم لها على الاطلاق , ودون طرح مفاهيم جوفاء عن الخطوط الحمراء للشرف والاخلاق وما يجب وما لا يجب , ولا حتى طرح سؤال علم (المنطق) الشهير
- لماذا نفعل هذا ؟ .
ركبنا عربة (بيجو) بيضاء كبيرة من (القاهرة) وانطلقنا .. اجازة فى (مصر) هدية كتابة المقالات والزواج من العشيقة .. يموت الشيخ (جاسم) لو عرفت زوجته شيخة (وجدة) بامر مُغامرته الجنسية , هى الاقرب للاسرة المالكة وهى صاحبة راس المال الحقيقى والنفوذ الحديدى .. اين انت يا صديقى القديم (كارل ماركس) ؟ حتى تعرف ماذا تصنع النقود فى البشر , خضع للقرار وطردها فوراً من العمل , لكنها بقيت سراً فى بلد الرمل الممزوج بلعاب خام النفط الاسود , دون علم الشيخة
(طنطا) مدينة تحبها من اول نظرة .. (احمد عدوية) بحباله الصوتية المصنوعة من الذهب يُغنى مواويل شعبية حزينة , ومقاهى تنبعث منها رائحة (شيشة) لطيفة وروادها ينظرون لمخاليق الله التى تسير فى الشوارع فى فضول طفولى
شقة اهل (نهاد) فى الدور الثانى من بناية مُتهالكة , كانت مُزدحمة بالاهل فى انتظار الهدايا والفرجة على الزوج السودانى , ما كسر قلبى فى هذا الزحام والدتها الضريرة وهى تلمس وجه الابنة وتبكى بكاءً حاراً .. عرفت عندها ان صديقى القديم المعتوه كان مُحقاً عندما تحدث عن الهم المشترك بين الفقراء فى كل ارجاء الدنيا
(نهاد الحلوانى) كانت مُتوهجة , فلاحة ورثت جينات الاضطهاد من سلالة غابرة .. انزويت بعيداً عن هذا الفرح الباكى , حتى انتهبت لى اخيراً وصاحت فى فخر
- ده حمادة جوزى .
مدت امها الضريرة ذراعيها مفتوحتان عن اخرهما فى الهواء
- يا حبيبى , تعال فى حضن امك .
ارتميت عليها فى شوق حقيقى , انا اليتيم مجهول الاب , رائحة عرقها كانت فيها طيبة ورضا بالمكتوب
مدد يا سيدى (البدوى) , مدد .

شاهين شاهين

Post: #43
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: garjah
Date: 04-17-2013, 11:36 AM
Parent: #42

ما أجملك !!!

Post: #44
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-17-2013, 08:34 PM
Parent: #43

awesome-colors-paintings-rainbow-swirl-Favim_com-150301.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

34

2007

ازمتى القلبية .. ذبحتى الصدرية الاولى
شعرت بألم خفيف ضاغط خلف القفص الصدرى وانا اجلس امام شاشة (الاب توب) قرب منتصف الليل مُتصفحاً المواقع الاخبارية الغربية, اغلقته واتجهت نحو سريرى , قمت باطفاء النور , وتمددت فى صمت , اخاف من المرض والعجز , واكره ان يحملنى احدهم الى دورة المياه لقضاء حاجتى , وانا لا استطيع ان افعل ذلك لو شعرت ان شخص يقف بالقرب من الباب فما بالك لو كان معى بالداخل ! , قضاء الحاجة بعيداً عن سمع وبصر اى انسان واحدة من اهداف حياتى , وهى من اخص خصوصياتى الشخصية , واحمد الله انه لم يتم اعتقالى طيلة حياتى لهذا السبب بالذات
الألم الخفيف انتشر الى الرقبة والفكين
- يا رب .
ثم تلاشى كل شيء كما بدأ , داعب النوم جفونى وانا افكر فى امراض الشيخوخة وفى ايمانى فى لحظات ضعفى
- يمة عطشان , عطشان .. افتحى الباب يمة الشمس سخنة , يمة .
ينزاح الحجر الضخم من على ظهر الباب الحديدى المتأكل بالصداء .. (لولو) مثل فرسة جامحة , كاكاوية
- معليش يا حمادة حبيبى , تعال , معليش .
سن الذهب يلمع فى الوجه المشرق .. تسحبنى من يدى للغرفة الطينية البائسة .. رجل ممدد فى (العنقريب) الخشبى غارق فى دمائه الحمراء , اتراجع مذعوراً
- ده شنو يمة ؟ .
- ده ابوك .. ما تخاف حمادة حبيبى .
ينهض ابى مذبوحاً
- انتا ولد حرام .. انتا ما ولدى .
اصرخ فى عنف
- حررررامى .
اجرى فى الشارع , حافى القدمين , اجرى , اجرى .. الناس تنظر لى فى استغراب
- حررررامى .
اسقط على الارض بعد ان اتعثر
انهض مُبتلاً بالعرق , ألم لا يُطاق يُحطم قفصى الصدرى بوخزات قوية مثل دبوس حاد للغاية , اتخبط فى الظلام , مفتاح النور , اهرع لجهاز هاتفى المحمول وانا انثنى من الألم
- عزيزة .. عزيزة انا بـ موت .
- فى شنو حمادة ؟
انظر لساعة الحائط , الثالثة صباحاً
صوت (عزيزة) ملتاعاً وعالياً
- حمادة حاصل شنو ؟ .
- تعبان شديد , مصطفى وين ؟ .
تذكرت انه قد مات منذ سنوات .. يسقط من يدى جهاز الهاتف
- حمادة .
اضاءة خافتة جميلة .. غرفة غريبة عنى , افتح عيونى فى فزع
- حمادة انا عزيزة حمدالله على سلامتك .
- حصل شنو عزيزة ؟ .
- ازمة ..
تختنق بالبكاء
- ازمة قلبية يا حمادة .
- انا وين ؟ .
- نحنا فى المستشفى .
- معقول كبرتا للدرجة دى ؟ .
- كلنا كبرنا .. ما تتكلم كتير .
- عارفة زمان فى الجامعة فى يوم كنتا عايز اتكلم فيهو معاك عن موضوع .
- عارفة حمادة .. عارفة .
- عارفة شنو .
- عارفة اى حاجة .. عليك الله ارتاح .
وضعت شفتيها على فمى .. قبلتنى بشفتين مكتنزتين
- اوعا تموت حمادة انا محتاجة ليك .
(عزيزة راشد الفاضلابى) زهرة جامعة الخرطوم فى السبعينيات .

شاهين شاهين

Post: #45
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-18-2013, 07:35 PM
Parent: #44

Entwined___Oil_Painting_ART_by_ArtsSpot.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

35

1995

بعد كل هذه السنوات تتحقق رغبتها وهدفها النهائى فى الحياة , تغادر (نهاد الحلوانى) بصمت الى حيث التحضر والانسانية القحة .. بعد اجراءات معقدة وفتح حساب بنكى ساهمت فيه معها بسخاء على ان اسحبه بعد فترة معقولة من سفرها , تغادر على جناح اوراق زيارة الى (الدنمارك) من صديقة عزيزة فى تلك البلاد البعيدة عرفتها هى وساعدتها خلال عملها فى الدولة النفطية .. والشيخ (جاسم) قد ضجر على ما يبدو من اللحم الفلاحى او انه قد عثر على صيد جديد , وترك الحمامة تغادر بكل هدوء على الرغم من اننا كنا قلقين من ردة فعله حيث ان هروبها دون ان يدرى سوف يتسبب فى مشاكل لى انا شخصياً .. انا من قمت باخباره برغبتها فى الخروج النهائى والاخير , وهو من وافق على انهاء صك العبودية الحديثة دون حتى التفوه باى كلمة , فقط هزة صغيرة بالراس من اعلى لاسفل
تجولنا فى (القاهرة) الكبيرة المزدحمة , تمتعنا بقهوة عند (جروبى) وحاولت ان تجرب (الشيشة) فى مقهى راقى بوسط البلد لكنها فشلت ودخلت فى نوبة سعال مُضحكة , زرنا المتحف المصرى ومتحف الشمع , قبلتها فى فمها لاول واخر مرة فى حديقة (الاورمان) , وسهرنا حتى الصباح فى (الحسين) ونحن نتحدث عن انفسنا , عزمتها فيلم كوميدى لنجم سينمائى شهير ومسكت يدى ونحن نجلس فى ظلام القاعة دون ان نضحك , لم نضحك حتى النهاية رغم ان من يجلسون بجوارنا كانوا مُستغرقين فى موجات ضحك هستيرى !
كانت سعيدة , وردية الخدود, فلاحة تغادر كل هذا الجهل والقذارة , تنجح فى الهروب من مستنقع العالم الثالث
انهينا فى الشهر العقارى مُعاملات الطلاق الروتينية , سكبنا فيها دمعتان
- تعال معايا يا حمادة .
- كل الارض منفى .
- فى اى لحظة زهجت من الخليج , انا ممكن اساعدك وتيجى عندى .
الايام التى قضيناها معا فى (القاهرة) , خلقت بيننا خيط متين .. كلانا يشعر اننا قد عشنا تجربة لا انسانية من نوع خاص , وكلانا يشعر باننا شركاء فى جريمة لن نتحدث فيها مع احد
- قانون عصابات المافيا يا نهاد , السكوت الابدى .
ذهبنا الى (الموسكى) واتحفتنى بحقيبة جلدية فاخرة
- دى عشان تتذكرنى .
كنا نتجول فى الشوارع حتى منتصف الليل
- مش عارفة حـ ارجع مصر تانى امتى .. يمكن ما ارجعش خالص .
خطتها كانت واضحة من (الدنمارك) ستدخل الى (السويد) وتطلب حق اللجوء السياسى
زرنا للوداع الاخير قبر (عبدالمنصف) حبيب قلبها الوحيد الذى سقط ميتاً بين ايدى مباحث امن الدولة , بكت حتى سقطت على الارض , وانا قرأت الفاتحة على روحه بكل اخلاص !
- والنبى تيجى معايا .
- عايزك تبدى حياة جديدة وتنسى الماضى يا نهاد .. اتولدى من تانى , ارمى الفات كله وراء ضهرك .
تركت لى ورقة صغيرة عليها حروف بلغة غريبة وطلبت منى مراسلتها بانتظام على هذا العنوان
عندما سافرت شعرت ان (القاهرة) قد اصبحت بالفعل مدينة مُوحشة .

شاهين شاهين

Post: #46
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-19-2013, 10:13 AM
Parent: #45

original_abstract_painting_2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

36


2007

انك ميت وانهم ميتون , فكيف تبصر القذى الذى فى عين اخيك ولا تبصر الخشبة التى فى عينك ؟
فى المستشفى هنا قررت ان اكتب قصة حياتى .. كتبت الاسم على صفحة بيضاء (مرثية جيل) رواية بقلم (حمادة الحاج) , لم يُعجبنى العنوان , يبدو متعاليا وقريب الشبه من كتاب (كفاح جيل) , يعذبنى اختيار الاسم المناسب .. رغبتى تشتد مع مرور الايام ان اكتب قبل ان اموت عن (لولو) الحبشية , امى الحبيبة .. عن (ابتسام فيصل) حبى المرسوم على الجبين مثل شلوخ قبائل الشمال .. اكتب عن (عزيزة راشد) و (مصطفى شكرى) , ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .. عن ضعفى وقوتى , الحادى وايمانى .. عن ابى المجهول .. (نهاد) المصرية زوجتى وعشيقة غيرى .. اين قبر امى الان ؟ .. عن (نجوى كمبال) هذا الجيل الاشد تعاسة منذ 1956 .. قصة حياتى دون تزوير او رتوش
فتحت الباب واطلت بوجهها المجنون
- عمو , عمو , عمو .. بابا فين ؟ .
انعشنى حضورها
- سبحان الله يا نجوى هسع كنتا قاعد افكر فيك .
- حمد الله على سلامتك يا عمو .
جلست على حافة سريرى , ونامت على صدرى
- يا نجوى , اعقلى , احنا فى مستشفى دولة اسلامية ما ناقصين رجم بالحجارة .. امشى اقعدى على الكرسى هناك .. عرفتى كيف انى فى المستشفى ؟ .
- سألت بتاع البقالة التحت العمارة .. عندك شنو ؟ .
- ازمة قلبية .. ومرزوع هنا تحت الملاحظة لى اسبوع كامل .. اليوم عندهم بـ 250 الف جنيه وهم دايرين قروش يحلوا بيها ازمات السودان الكتيرة .
- حـ تموت ؟ .
- احتمال كبير .
شبكت يديها على ركبتها اليسرى ونظرت الى الارض فى حزن حقيقى
- انا رسمتا لوحة جديدة امبارح .
- بالجد ؟ , كده يكونوا تلاتة .
اخرجت من حقيبة يدها الجلدية - التى ضربتنى بها ذات ليلة فى وجهى - ورقة سميكة
- عاين , رايك شنو ؟ .
كانت خضراء بالكامل وعلامة استفهام كبيرة باللون الازرق السماوى فى المنتصف , واسفل اللوحة كتبت : (عيونك يا حمادة فيها حاجة) ثم الامضاء بخط اسود رقيق (نجوى ك)
- رايك شنو فى اللوحة ؟ .
- ممتازة يا بت .. كده انا لقيت اسم لـ رواية بكتب فيها , وكمان لقيت لوحة الغلاف الرئيسية .
- حـ تمرق متين ؟ .
- الليلة .
- نرجع سوا ؟ .
- معليش يا نجوى فى ناس اصحابى برجع معاهم .
- منو ؟ .
- اصحابى من ايام الجامعة .
انفتح الباب عن الثنائى الحبيب , صاح (الواثق) فى تهليل
- براءة يا عجوز .
وقالت (عزيزة) فى لؤم انثوى
- معاك ضيوف ؟ .
- دى نجوى كمبال , فنانة تشكيلية وشاعرة معروفة .
مدت لها (عزيزة) يدها فى برود سخيف للغاية شعرت معه بالحرج , بينما غمز لى (الواثق) بعينه دون ان يلاحظ احد , توتر الجو قليلاً قبل ان تعلن (نجوى) انسحابها بكل ثبات بعد ان شعرت بالسلوك العدائى , وقفت وقالت وهى تنظر لـ (عزيزة) باحتقار واضح
- طيب بعد اذنكم يا جماعة , ربنا يكتب لينا سلامة استاذ حمادة .
نظرت لها فى حزن وتعاطف وهى تخرج مهزومة , وشعرت ان (عزيزة) تنظر لى فى غضب
اخرج اليوم من المستشفى الخاص .. هدوء نفسى لذيذ يجتاحنى , سعيد بعودتى لشقتى , زنزانتى , معقلى , حصنى الحصين .. سعيد بوجود (عزيزة) و (الواثق) .. شلة الجامعة , ازهار كبيرة صامدة , تتحدى الزمن وتقف فى وجه رياح الحاضر المثقلة بذرات غبار خانق .. لم يكن ينقصنا الا (مصطفى شكرى)
(عزيزة) مشغولة بترتيب اغراضى الصغيرة فى حقيبة جلدية انيقة - هدية نهاد قبل رحيلها للسويد -
- المعجون وفرشة الاسنان وين ؟ .
- فى الحمام .
(الواثق) يثرثر فى هاتفه المحمول حول بيع قطعة ارض فى مكان ما من هذه العاصمة القذرة .. هو الوحيد الذى ظل على وفاق نفسى كامل واتصال مع جميع الاطراف التى خرجت من الحزب , والتى خانت الحزب , والتى بقيت فيه .. (مسيح) يضع يده دون استعلاء او قرف على الابرص والاعمى والكسيح , ويرفض رجم الزانية
كل المحاولات القديمة لضمه لـ (الجبهة الديمقراطية) او الحزب فشلت ايام الجامعة فشلاً ذريعاً , ولكنه ظل صديقاً وفيا للناس .. وظل فى نظر الجميع زول كويس شديد حتى الان , يُحب اليساريين هكذا دون اى غرض شخصى ! .. بكى فى سماعة الهاتف عندما خرج (الخاتم عدلان) .. وبعد تخرجه من (قانون) لم يطرح اى اطروحات عبيطة .. شد الرحال الى بلاد نفط صحراوية وتزوج من (شايقية) حمقاء , ابنة خالته , ارنبة ذات رحم خصب لا تفهم الا فى الطبخ والكنس والمسح والانجاب ووضع المشغولات الذهبية حول يديها واصابعها وجيدها , وضعت له فى العش ستة من الذكور .. لكنه ظل لصيقاً بالناس , هو من قدم لى فرصة العمل فى الخليج , هو من وقف مادياً ومعنوياً مع (مصطفى) , وهو من بكى عندما ترك الاخير الحزب خلف ظهره
عاد (للسودان) صاحب مكتب عقارى ضخم فى (اركويت) .. يتحدث عن الاسعار الفلكية للاراضى وعندما يأتى دور السياسة يتحدث فى مرارة وزهد , اصر على دفع ما تبقى من حساب السلخانة البشرية
خرجنا نحن الثلاثة , خرجنا ونحن نمسك ايدى بعضنا البعض .. قال فى صوت قريب من صوت (مصطفى)
- الزملاء والزميلات .. ترحب بكم الجبهة الديمقراطية فى ركن نقاش هام .
(عزيزة) هى اول من احتضننى ثم جاء (الواثق) .. تكومنا على بعضنا مثل فريق رياضى يتعهد افراده على النصر قبل بداية المباراة
- الله يرحمك يا مصطفى .. حمدالله على سلامتك حمادة .
عرفت ان هناك من يُحبنى فى صفيحة القمامة هذه والتى تعرف باسم الوطن
يا فرحتى ما زلت احيا

شاهين شاهين

Post: #47
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-19-2013, 08:21 PM
Parent: #46

cubism-painting-heartbrokentolive.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

37
2008

قارة (اطلنطا) التى ابتلعتها المياه .. استيقظ الناس ذات صباحاً كالح ولم يجدوها
اختفت (عزيزة راشد الفاضلابى) , رحلت عن خارطة من تعرفهم ويعرفونها
امكث فى شقتى اياماً طويلة دون ان اخرج , اقول ربما ستأتى , انتفض مع كل صوت لخطوات آدمية على (بلاط) الردهة الخارجية
احسب الساعات والثوانى , اكملت اليوم شهرها الثالث بالتمام والكمال .. تحول البحث عنها الى قضية سماوية , نعمل انا و (الواثق) لنشرها على الارض
يوم (سبت) ثقيل , ماتت (ميادة مصطفى شكرى) ودخل زوجها (الخروف الاسترالى) فى غيبوبة عميقة لمدة اسبوع قبل ان يُقرر اخيراً ان يصعد هو الاخر الى الملكوت الالهى
تفاصيل غير مترابطة , اخبار مُتناثرة وروايات مُتضاربة , شباب مراهق ابيض اللون طاردهما بواسطة سيارة رياضية سريعة , تم تبادل كلمات عنصرية وقـحة قبل الدهس .. اتخيل وجه (ميادة) المرعوب , اتخيل تفاصيل النهاية , اطارات مطاطية تحطم قفصها الصدرى , دمها النازف بشدة على اسفلت قارة بعيدة , انجليزيتها البدائية .. اضعها على قدمى طفلة تحب البسكويت
- بتويت .. بتويت .
اجلب لها منه اشكال والوان , طفلة ذات ضفيرة .. اضحك عليها شابة من معاناتها مع اللغة الانجليزية
- مش عيب عليك يا ميدو ؟ ماما اشهر استاذة لغة انجليزية وانتى بليدة فى الانجليزى .
- ما بحبو .
كانت هذه علامة التمرد الاولى على المؤسسة العائلية التى تضع الخطوط الحمراء والصفراء والبنفسجية
(ميادة مصطفى شكرى) .. كم مرة تبولتى على بنطالى ؟ .. كم مرة تحدثتى معى عن ماما (عزيزة) ؟
- ماما ما دايرة تقتنع انى بقيت زولة كبيرة يا عمو حمادة , لسه قايلة انى شافعة صغيرة .
- معليش ميدو .. انتى بتها الوحيدة فى الدنيا ولازم تحبك شديد .
- بس فى فرق بين الحب والامتلاك .. يعنى ما ممكن ماما ترسم لى طريق حياتى .
- ممكن تفرضى رأيك ووجهة نظرك بدون حدة وعصبية , ودايما حاولى تخليها تحس انك بتحبيها زى ما هى بتحبك .. فاهمنى يا ميدو .
وصل الخبر نفس يوم (السبت) الثقيل .. حاولت (اجلال) الشقيقة الكبرى وزعيمة آل (الفاضلابى) تخفيف وقع الصدمة الكارثية على (عزيزة) , قالت انها لم تذرف دمعة واحدة , وكأنها تحت تأثير تنويم مغناطيسى طلبت هاتفها المحمول وارسلت لى رسالة قصيرة
(حمادة , ميادة ماتت فى حادث حركة فى استراليا البركة فينا)
وبعدها اختفت من المنزل .. بحثنا عنها فى كل شبر من (الموردة) .. بحثنا عنها فى مشرحة المستشفيات العامة وعنابرها المختلفة , بحثنا عنها فى اقسام البوليس .. وضعنا احتمال الاعتقال , قام (الواثق) باجراء اتصالات مع شخصيات رفيعة المستوى فى الاجهزة الامنية , انتهت كل المحاولات بالفشل الذريع
خرجت ولم تعد , مثل الملصقات الورقية فى حوائط السوق العربى , خرجت ولم تعد
للشهر الثالث على التوالى , ابحث عنها كالمجنون فى الشوارع
منذ ان طبعت قبلتها على شفتى فى المستشفى وهى ترفض ان تنظر فى عيونى مُباشرةً مثل ايام زمان , شعرت بالندم
اين انتِ ؟ .. اين ؟
(اجلال) زعيمة أل (الفاضلابى) اعتبرت ما حدث فضيحة صادمة فى تاريخ اسرة امدرمانية عريقة , ان تختفى امرأة فى ظروف غامضة
اعرف معنى العذاب يا (عزيزة) تعالى نتزوج ونضع صورة (مصطفى) و (ميادة) فى غرفة نومنا .. ارجوكِ تعالى
مثل الاساطير القديمة تبخرت (عزيزة راشد الفاضلابى) فى الهواء الطلق .

شاهين شاهين

Post: #48
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: ابراهيم عبدالناصر
Date: 04-19-2013, 10:40 PM
Parent: #47


Post: #49
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-22-2013, 02:11 PM
Parent: #48

joan-marie-morning-has-broken.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

38



1999

حمادة العسل
اخبرنى (الواثق) فى واحدة من احاديثه الضعيفة انك ستعود الى التى كانت بلدنا فى يوم من الايام , قال انك ستعود نهائياً يوم 25 مايو القادم ! , هل هذا صحيح , ولماذا هذا التاريخ الزاهى بالذات ؟ .. شبح تلك المذيعة المايوية يُطاردك اليس كذلك ؟
اكتب لك والبيت خالى الوفاض من البشر , واكتب لك لاننى لا اجد ما افعله بصراحة غير ان اكتب خطاب لشخصك الواطى فلا اجد امامى تلفزيون او كتاب او صحيفة ,لقد خرجت من الاختفاء وظهرت للعلن بقرار فردى منى , اخبرتهم بقرارى قبل اسبوعين من التنفيذ , وهم طلبوا منى الانتظار – انتظار الوحى القادم من اعلى – حتى تتم الترتيبات المطلوبة فى مثل هذه الحالات المعقدة , لكننى فى بداية فبراير الحالى وفى ليل ليلة باردة حملت ما يُمكن ان تسميها تهذيباً شنطة (هاند باق) ووضعت فيها ما يُمكن ايضاً ان تسميها ملابسى
- دا طرفى من الاختفاء .
شكرت بحرارة الاسرة التى ارهقتها وارهقتنى طيلة هذه السنوات الكثيرة فى انتظار سقوط النظام , وذهبت الى منزلى الى اسرتى الحقيقية زوجتى وابنتى وجارتى الارملة التى تتحرش بى جنسياً دون يأس منذ ان كنت طالباً فى الجامعة
انا الان فى انتظار قرار الفصل , لكنهم دخلوا معى فى لعبة الا سلم والا حرب , يبدو انهم يتباحثون حول الاقالة او الاستقالة
ما احزننى هو موقف (عزيزة) منى , لا اعرف على وجه الدقة ما يقولونه لها عنى , سألتها ذات يوم فردت ببرود
- دى حاجات تنظيمية خاصة بالحزب ما عندك فيها شغلة , انتا مُجمد .
تخيل !
لكن يبدو انهم يقومون بتشويهى بالكامل لها ولكل من يعرفنى من الزملاء والأصدقاء (باستثناء القديس الواثق فهم يخافون جداً من الحديث عنى امامه)
ما زاد الطين بلة هو حضور افراد من الجهاز بعد ايام من ظهورى , اعتقدنا ان اعتقال طويل المدى هو المتوقع لكن المفاجأة السارة كانت انه احتجاز استمر لمدة ساعة فقط , كانت المعاملة فيه لطيفة للغاية ! , شربت معهم (قهوة) وحدثونى عن انهم يعرفون اننى على خلاف مع حزبى ! , وشجعونى عليه وطلبوا منى ان اكتب فى الصحف حول هذا الموضوع ! , وقالوا انهم اصدقائى الحقيقيين وعلى استعداد للدفاع عنى فى اى وقت ضد اى انسان يستهدف حرية تفكيرى ! , واوصلونى بنفس العربة الى المنزل مرة اخرى ! , وطبعاً لا احتاج القول اننى لم اوافق الا على شرب (القهوة) فقط , وهم فى الحزب بالطبع لن يقصروا فى تقديم تحليل مادى مُتماسك حول دعوة (القهوة بالجنزبيل) المسائية
تخيل !
(عزيزة) بمناسبة ودون اى مناسبة تتحدث عن خروج مُشرف , وانا لا افهم بالتحديد معنى هذه العبارة
حاولت ان اشرح لها الف مليون مرة بان القضية ليست ابيض واسود فقط هناك غابة من الالوان فى هذا الكوكب المجنون باللوحات , القضية ليست اما صفقة مع الجهاز او الخضوع لمشيئة الالهة الماركسية القابعة فى الظلام ومجهولة المكان , الخضوع لمشيئتها فى الاختفاء او عدم الاختفاء , او فى التفكير او عدمه حول جدوى ما نفعل , او فى غسل اليدين قبل وبعد الاكل
حاولت ان اشرح لها الف مليون مرة ان هذه الاسرة الصغيرة (مصطفى) و (عزيزة) و (ميادة) وجارتنا الارملة , ليست فرعاً من فروع الحزب , هى شجرة مُستقلة تماماً , وكل فرد فيها من حقه ان يُغير من انتمائه او طريقة تفكيره دون ان يعنى هذا نسف الاسرة السعيدة من الاساس
حاولت ان اشرح لها الف مليون مرة اننى لم انحرف او اتراجع , والحديقة الاشتراكية ذات الطقس المعتدل وذات انهار اللبن والعسل والخبز للجميع , هى مقصدى وهدفى ولكننى فقط اقترح تغيير الطريق وتغيير وسيلة المواصلات
لكنها تعاقبنى , وانت تعرف نفور اليساريين الابدى من حريات الليبراليين فى التفكير , تذهب لمنزل شقيقتها (اجلال) وتجبر (ميادة) على الذهاب معها وتتركنى فى الحبس المنزلى المنفرد لساعات طويلة عن قصد
هناك وعود من اصحاب اكثر من مدرسة خاصة بان اعمل لديهم أستاذ (رياضيات) , العمل وحده هو القادر على اعادة التوازن لى والى اعادتى الى (السيستم) السخيف من جديد , وانا على ثقة كبيرة ان (عزيزة) لن تتخلى عنى واننى سوف اموت بين يديها القويتان .. سوف اموت وهى زوجتى وعلى ذمتى
يوم 25 مايو القادم وعندما اعرف مواعيد الطائرة سوف اكون فى انتظارك بالمطار حتى نهتف سوياً ضد (نميرى) زى ايام زمان !
بحبك يا وغد يا صاحب عيون الكديسة
/ مصطفى شكرى / .

Post: #50
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-22-2013, 06:20 PM
Parent: #49

jupiter-41-mozart-580.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

39



2007

تعلمت الخوف .. ازمتى القلبية والمحاذير الطبية السخيفة .. لا افراط فى الجنس / ولا تفريط بطبيعة الحال / , النوم المبكر , عدم الاجهاد الجسدى والذهنى , لا تدخين , الاكل الصحى , التقليل بقدر الامكان من المنبهات مثل (الشاى) و (القهوة)
اخاف من الموت .. تحولت وحدتى لجحيم , اول مرة يُحدثنى (الواثق) امس عن الزواج , طيلة هذه السنوات كان يرفض الخوض فى تفاصيل حياتى الخاصة بتهذيبه العالى المعروف
- حمادة انا قلقان عليك .
- ما تخاف .. ان الكلاب طويلة الاعمار .
اغتصبت ابتسامة مصنوعة وباهتة على الشفتين , وتجهم هو
- فى زول عندنا فى الحلة فى اركويت مات ومافى زول جاب خبرو لحدى ما الجثة ريحتها طلعت .
- انا جثتى حـ تكون ريحتها كالونيا .
- عليك الله اتزوج يا حمادة , يا اخى حرام عليك , الزول يشيل هم شغلو واسرتو , وكمان يشيل همك .
- انا زى الحديد يا الواثق .
- بالله لا حديد لا صفيح , بكل صراحة وما تزعل منى , عزيزة بقت وحيدة وانتا وحيد .
- خليت السمسرة وبقيت خاطبة ؟ .
- على الاقل انتو بتعرفو بعض كويس خالص , ودى اعظم هدية ممكن تقدمها لـ مصطفى , انك تشيل عزيزة فى عيونك وتحميها من الوحدة والزمن .
انا لا اعرف ما اريد يا (الواثق) .. انظر لزحام الناس فى الشوارع , هل يعرفون اهداف وخطط معينة يعيشون من اجلها ؟
حالة عقاب النفس هذه تجعلنى فى منتهى السعادة .. لو عرفت ماذا اريد من الدنيا كنت ساكون انسان طبيعى مثل الجميع , يتزوج ويخون ويموت
الغروب والوحدة , خيوط الشمس الذهبية وهى تنعكس على شرفتى , البخار يتصاعد من كوب الشاى امامى مثل (كوبرا) تتراقص على انغام فقير (هندى)
وحيداً , انظر للناس فى الشارع , يتكلمون بحماس منقطع النظير فى مواضيعهم التـافهة المعتادة .. من بعيد شاهدت (نجوى كمبال) , لديها (بنطلون جينز) اسود و (تى شيرت) ابيض مرسوم عليه (ميكي ماوس) وهو يبتسم , رفعت بصرها نحو شقتى فى الطابق الثالث , التقت العيون , رفعت يدها نحوى فى تهليل صبيانى بهيج .. شعور متناقض اجتاحنى , شعور انها ستجعل من ليلتى قوس قزح مُلون , والرغبة فى ان ابقى وحيداً
سمعت صوت فتح الباب - اصبحت تمتلك الان مُفتاحاً -
- حمادة .. حى انا منك .
احتضنتى بشدة
- يا بت احنا واقفين فى البلكونة .
حملت كوب الشاى وتبعتها داخل الغرفة
- الحمام بسرعة عايزة ابول .
كتلة من الحركة والتناقض .. احياناً افكر عندما اضع جسدى العجوز على جسدها الشاب , كم مرة مارست الجنس هذا اليوم ؟ , ومع كم شخص ؟
غضبت عندما استعملت ذات مرة (العازل الطبى)
- انا ما عندى ايدز .
- خايف عليك تحملى منى .
- لا ما تخاف يا عمو , انا بعمل حسابى بالحبوب .. مرة تانية ما تستعمل العازل .
جاء صوتها وهى تتبول
- قلبك كويس .
- حديد .
متى ستأتى الازمة الثانية ؟
- لو موتا حـ تبكى يا نجوى ؟ .
- لو انتا موتا انا حـ انتحر ؟ .. بالمناسبة صحبتك الكانت فى المستشفى شكلها بتغير عليك .
كلام , كلام .. لا احد ينتحر , ولا احد يتذكر احد
خرجت عارية من الحمام , جسمها البرونزى قادر على اشعال النار فى جميع اعضائى , اصوم عنه شهور واسابيع واعود اليه اكثر نهماً
دفعتها بقوة نحو سريرى
- تعالى نموت سوا .
ارتميت عليها
- ح ح حمادة .
فجأةً جاء صوت (ابتسام فيصل خليل) يغمر الغرفة , اعود شاباً يُعلم التلاميذ اللغة الانجليزية وهو لم يتعلم لغة الحياة !
- ح م ا د ة .
(ابتسام) التى ضاعت فى دروب الدروشة
- اها .

شاهين شاهين

Post: #51
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: Emad Eldeen Ali
Date: 04-22-2013, 07:35 PM
Parent: #49



حماده و مصطفى سعيد

حياتكم عجيبه جداً ياخ.............................



كتاباتك يا أستاذ زي ال Roller-cost بس ديك للجسد أما بتاعتك للمشاعر
كل نظره طالعه من عيون حماده لجزئيه معينه فى حياته إحساسها وفهمها براه

حاجه زي ما تكون محلق فى العواصف
فجأة تهبط فى السكون


تسلم يا مبدع يا شاعر يا فنان....


Post: #52
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-23-2013, 09:12 PM
Parent: #51

flatsudan550x550sudan075sudanf_u1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

40


2009

عادة غريبة تملكت (مصطفى شكرى) , كان يشعل السيجارة بين اصبعيه ويتركها تحترق حتى النهاية دون ان تقترب من شفتيه
- ممنوع من التدخين بـ أمر الاطباء .. وممنوع من السياسة بـ أمر الحكومة .
كان يغضب لو لم احضر له من الخليج علب السجائر غالية الثمن
- وليه العذاب ده يا مصطفى ؟ .
- عشان بتكيف من شعور العجز , حاجة بين ايدك وما قادر ترفعها لخشمك .. حاجة زى العلاقة بين قوى التحديث والشعب .
- عليك الله ما عايزين كلام فى السياسة , بلا شعب بلا كلام فارغ .
من هو الشعب ؟
ايام مراهقتى السياسية , كانت هذه الكلمة تعنى لى الكثير .. الان اصبحت بلا طعم مثل طعام مستشفيات القطاع العام .. اكره خطابات السادة الاشاوس فى الحكم والمعارضة عن الشعب الذى يفهم ويعى .. هل لو كان يفهم ويعى , كنا سنصل لهذا الانحطاط ؟
افهم تماماً الان الحكمة فى سجائر (مصطفى) المحترقة بين اصبعيه
- حليلك يا درش .
وانا لم اصل الا بعد وفاة (مصطفى) , ولم اصل الا بعد وفاة (الواثق)
حتى انت يا (بروتس) ؟
حتى انت يا سندى , وعكازى ؟
يا شاى المغرب بالحليب الابيض المغذى , حتى انت ؟ .. ونحن نتحدث عن (عزيزة) , عن الاختفاء الغامض .. صوتك المتهدج
- يا حمادة انتا وين ؟ مشتاق ليك شوق مطر .. تعال لى الليلة فى البيت .
(الواثق) يسقط بالجلطة .. اخر الانباء فى اذاعة تعاستى الخاصة
شبكة غريبة التفت حول عنقه , شيكات بدون رصيد , تزوير فى اوراق قطعة ارض كبيرة المساحة فى منطقة راقية للغاية
(الشايقية) الحمقاء تتحدث معى عبر سماعة الهاتف دون انقطاع
- الواثق فى الحراسة .. اولاد الحرام ديل دبروا ليهو خازوق عشان يطلع من السوق , فى واحد من الاولاد الشغالين معاهو فى المكتب هو العمل فيهو المقلب ده .
- الواثق هسع فى ياتو حراسة .
كنت اسمع منه كلام غير مترابط عن مكتب عقارات مجاور له فى (اركويت)
- المكتب ده بتاع وزير من الباطن , كوز لطخ , عرضوا على نوحد الشغل , تعرف هددونى عديل كده .
ذهبت اليه فى محبسه الاجبارى .. اسد الغابة نزعوا منه الصولجان خلف القضبان
- مافى عوجة .. مافى عوجة يا حمادة .
- الشيكات بـ كم ؟ .
- حمادة ما تشغل بالك .. بس خليك قريب من زوجتى والاولاد .
- طيب وقصة الاوراق المزورة ؟ .
- حمادة ده كلام ما حـ تفهموا .. بس عايزك تعرف حاجة واحدة , انا ما حرامى .
طعنتنى العبارة الاخيرة فى الصميم
- انا ممكن اعمل شنو ؟ .
- بس خليك قريب من الاولاد .. تمام ؟ .
اتذكر اجتماعات (بيت المال) , والده , والدته , اخته الصغيرة ذات القدم الواحدة
- ما قدرتا تقنع الواثق يخش لا الحزب لا الجبهة الديمقراطية يا مصطفى ! .
- الواثق ده حالة خاصة جدا يا حمادة .. انسان نادر بشكل حقيقى لما يقول ما داير يعمل حاجة لازم الزول يحترم رغبتو .
فى المساء صرخت (الشايقية) فى سماعة هاتفى
- ووب علي .. ووب علي .. صحبك وقع بـ جلطة فى الحراسة وهسع فى الحوداث .. امشى وين انا ؟ امشى وين ؟ .
عندما خرجت مُهرولاً فى الشارع اكتشفت اننى ارتدى ملابسى الداخلية فقط
يا فرحتى ما زلت احيا
اقود بجنون , لكننى تأخرت
تذكر انك انت من اخترت الرحيل .. تذكر ذلك جيداً .. عباراتك ترن فى اذنى
- لما تكون مضايق وزهجان تعال لى نتونس سوا عشان ما تجن .
اذهب اليك فى المكتب العقارى الفخم .. اداهمك على حين غرة جالساً على سجادة صلاة هادئة الالوان .. جالساً فى خشوع غير مُزيف , خشوع غريب عنى .. خشوع اشتاق اليه واشتهيه
- هسع يا الواثق انتا مقتنع انو فى جنة ونار ؟ .
حركة صغيرة من العيون اُدرك انك لا تحب النقاش فى هذا الموضوع الحساس
يا ابن (مروى) رحلت وتركتنى للفراغ .. اصبحت مثل موظف مكتب الاحصاء اُحصى عدد الذين رحلوا عن ارضى المهتزة التى اقف عليها
- اقتل جنا الشايقى وخلى جنا الدابى .
حركة صغيرة من العيون اُدرك اعتزازك باصلك وفصلك , وانك لا تحب التهريج فى هذا الموضوع
رحلت ليلاً .. و (مصطفى) رحل فى ظهيرة ساخنة .. فى تباشير خريف رحلت انت , حتى ان جثمانك كان مُبتلاً برذاذ مطر نقى
تركتهم فى طقوس صلاة جنازتهم , وقفت فى الصف الاول , احدق بين طيات الظلام فى جثمانك , الان اصبح عدد احبابى من الموتى اكثر من الاحياء
- الواثق حسن مختار .
نقف بين (مصطفى) و (عزيزة) فى يوم عرسهم .. رباعى لا علاقة له بهذا الزحام الصاخب
انت يا من حملت همى واخرجتنى للخليج
اندفعوا بعد الدفن مثل الجراد يتسابقون للمغادرة , اولاد الحرام يتركونك وحدك هنا فى الخلاء يا (مسيح) , صعد معى فى سيارتى اربعة اشخاص مُتجهمين لا اعرفهم ولا احبهم , تحركت سيارتى فى بطء .. افكر فيك , وفينا .. الصمت الخشبى الذى حل محل الدموع بعد حذفها .. ارفع هاتفى المحمول , اطلب رقمك الخاص
- هذا المشترك لا يمكن الوصول اليه حاليا .
من قال ذلك ؟
- يا جماعة معليش , اتفضلوا انزلوا هنا انا راجع المقابر تانى .
نظرت الوجوه المتجهمة الى فى خوف وحذر واندفعوا للخروج فى خطوات سريعة
- يا حاج حسن السلام عليكم .. الواثق موجود .
تشع ابتسامة من الاسنان التى انهكتها الازمنة ودخان السجائر
- اتفضل يا حمادة يا ابنى .
اخته الصغيرة ذات القدم الواحدة تجلس على الرمل ترسم اشكالاً عجيبة
- الواثق حسن مختار .
لو تعود تلك الايام .. ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .

شاهين شاهين

Post: #53
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: سلمى تاور
Date: 04-24-2013, 04:32 AM
Parent: #52


Post: #54
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-25-2013, 10:02 PM
Parent: #53

colorful-abstract-painting-no286-drinka-mercep1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

41

1979

فى الايام التى ماتت فيها , طلبت منى قراءة بعض صفحات من (الانجيل) .. قرأت لها وانا فى اندهاش
- انتى رجعتى مسيحية تانى ؟ .
- كلو كلام الرب حبيبى .. كلو كلام واحد .
فى يوم ثلاثاء عصراً ماتت (لولو) .. فى نفس يوم الثلاثاء صباحاً احتضنت (الانجيل) على الصدر الضامر وقالت الكلمات الاخيرة لها فى هذه الدنيا قبل الدخول فى الغيبوبة الابدية
- انا عارفة انك عارف .. سامحنى , ما كان عندى طريقة تانية .. معليش حبيبى معليش .. اغفر لى .
هل كانت تتكلم معى , ام مع الرب ؟
ليغفر الله لنا الخطايا ويرحمنا جميعاً
حتى فى الموت كانت غامضة
بعد مراسم الدفن وانفضاض الناس .. ركعت على قبرها واضعاً يدى على كومة التراب الكبيرة .. قرأت لها من (الانجيل) صفحات عديدة
عاشت مسلمة وماتت مسيحية , ودفنت فى مقابر المسلمين الفقراء
يا جسد تعذب تحت اجساد الرجال
ارحمنا يا رب , ارحم امى الحبيبة
(لولو) الحبشية .. اين مشاوير الزيت والسكر والشاى ؟ .. اين نقود الحلوى .. والشخصيات عجيبة الاشكال ؟
- حمادةامشى حلاوة .
اذهب واعود , اطرق الباب المغلق .. لماذا اغلقت امى الباب , لماذا ؟
- حمادة امشى جيب زيت من الدكان .
اذهب واعود , والباب مغلق .. لا احد يفتح .. اجلس بجوار الباب وابكى
- يمة .. يمة .. افتحى لى عليك الله .. الـواطـة سخنة يمة .
ينزاح الحجر الضخم من على ظهر الباب الحديدى المتأكل بالصداء
- تعال حمادة , معليش حبيبى .. معليش .
مُرهقة فى لباس شفاف .. قوية مثل فرسة .. كاكاوية .. ينسدل الشعر المجعد على الاكتاف
عشت تفاصيل العذاب , الاب العاطل المدمن القاسى , شرس فى صحوته وفى غيبوبة سكره , جلاد فى حجرة تعذيب يضربنى ويضرب امى بقسوة غريبة للغاية
يضع قدمه على رقبتها وهى مُمددة تنزف من انفها على الارض
- داير قروش يعنى داير قروش .
وانا فى العاشرة من عمرى شاهدت كل شيء من خلال النافذة الخشبية القديمة .. الصراخ والشتائم البذئية .. ارتفاع الصوت وانخفاضه , هو السكران دائماً , وهى التى نبتت فيها مخالب لبؤة شرسة .. البحث الدائم عن النقود , لا ياتى الا من اجلها .. يختفى اسابيع ويعود , المدمن الذى لا يعرف الرب والرحمة
فجأة صرخ
- لا , لا , لا .
ارتفع (الساطور) مُحطماً الجمجمة .. امى تمتلك قوة بدنية هائلة .. ارتفع (الساطور) فى رشاقة بديعة وهوى على الراس السكران
- أأأأأأأأأأأخ .
نوافير الدم تصاعدت .. اتذكر كلما شاهدت مهرجانات الالعاب النارية , الدم وهو يتطاير من راس من يُفترض انه ابى
جريت .. جريت .. جريت .. جريت , حافى القدمين , مرعوب , اللسان لا ينطق ولا يتكلم
- يمة لا .. يمة لا .. يمة لا .
كثيراً ما ذهبت الى الشارع الذى جريت فيه تلك الليلة , امشى فيه مُتمهلاً , اتذكر الطفل حافى القدمين وهو يجرى وامه ترتكب جريمة قتل كان يجب ان تكون .. امى الذكية , ندمت اننى لم اعرف منها كيفية ارتكاب جريمة دون عقاب !
عندما عدت فى المساء مرعوباً كانت هناك حشود هائلة من البشر امام البيت
- ابوك مات يا حمادة شد حيلك .. انتا هسع راجل .
سمعت من الهمهمات انه تشاجر فى (الانداية) .. كانت هناك فى العيون مؤامرة .. وصمت خفى , حتى الفقراء يعرفون كيفية التحايل على قوانين البرجوازية المتعفنة
كيف خرج وذهب (للانداية) بعد تلك الضربة القوية على الراس ؟
- لا حول ولا قوة الا بالله .. اللهم اغفر له وارحمه .
الغرفة التى تمت فيها المذبحة كانت نظيفة دون اى قطرة دم .. ظللت ابحث اسابيع طويلة عن (الساطور) دون جدوى
- حمادة حبيبى .. بتفتش على شنو ؟ .
يا لصوته الصاخب
- حمادة ده ما ولدى ؟ .. ده ولد حرام , ولد عيونو خضرا يكون ولدى كيف ؟ .

شاهين شاهين

Post: #55
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-25-2013, 10:14 PM
Parent: #54

4602758_orig.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

42

2009

ستة من الذكور وقفوا يسدون عين الشمس
- الفاتحة .
يقفون فى حركة واحدة متناسقة , مثل فرقة راقصة للفنون الشعبية موحدة الايقاع
- الفاتحة .
انظر لهم فى قلق .. ستة من الذكور الاصحاء , الاقوياء .. ابناء (الواثق حسن مختار) .. اشعر اننى غريب بينهم , علامة لا معنى لها فى جملة غير مفيدة
- خليك مرتاح يا خال .
حتى وقفتى معهم فى طقوس (الفاتحة) العجيبة , طلبوا منى ان ارتاح !
- ما فى تحديد نسل يا ابو الشباب ؟ .
- الله اكبر عليك .. خمسة وخميسة .
- لا بالجد والله , يعنى العالم ناقص ناس ؟ .
- نحنا فى الصداقة وحاجات زمان واحد .. لكن فى النظرة للحياة الخاصة , نحنا مدرستين مختلفات .
- كيف مدرستين مختلفات ؟ .. بنين , وبنات ؟ .
- انا بحب العزوة , تخيل كده يوم موتك , ستة شباب يكونوا واقفين فى الصيوان ويشيلوا الفاتحة على روحك .
- هسع بعد ما الزول يموت .. الفرق شنو بين انك ما تلقى زول يدفنك , او العالم كلو يقيف يشيل الفاتحة على روحك , فى النهاية انتا ميت .. مش كده ؟ .
- وجهة نظر غبية .
- شكرا على ذوقك يا سمسار الاراضى .
- عارف معنى الحياة شنو ؟ .
- انا لو كنتا بعرف معنى الحياة , ما اظن كنتا بتكلم معاك .
- الاسرة يا حمادة .. تخيل ! .. حاجات كتيرة بتتراجع فى اهتماماتك كل ما العمر مشى , وفى النهاية كل تفكيرك بيكون فى اولادك .
- وجهة نظر غبية .
- ده قانون الطبيعة .
- ده عشان نحافظ على النسل , غريزة موجودة فى كل الحيوانات , عشان ما تنقرض , وافتكر الانسان احسن ينقرض .
- على الاقل بيكون فى تبرير انك عايش لشنو .. ده عيان , ده سقط فى الامتحان , ده داير يتونس معاك فى السياسة .. يعنى باختصار بتلقى نفسك بتعمل فى حاجة مفيدة .. عزوة يا حمادة , اكتاف من لحمك ودمك واقفة جنبك لو قلتا أأأخ .
(لولو) الحبشية تقبض يدى فى الماضى السحيق .. وصوت شجارها مع الجارة اللعينة , الابناء الخمسة ضربونى حتى سال الدم من فمى وانفى , تجمعوا حولى واوسعونى ركلاً
- يعنى عشان حمادة وحيد ما عندو اخوان ؟ .. اتفو عليكم , بهايم ما عندكم رحمة .
- الفاتحة .
ستة من الذكور يقفون فى حركة مُتناسقة بديعة .

شاهين شاهين

Post: #56
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 08:20 AM
Parent: #55

abstract-art-original-landscape-colorful-painting-first-snow-fall-by-madart-megan-duncanson.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

43

2011

الحلم يأتى ويذهب .. لا يريد ان يختفى .. يُعذبنى مثل حرقة الجمر على القدم العارى
استيقظ على جسد ضخم يرتدى قميص ناصع البياض فى الظلام الدامس , ينظر لنا انا وامى من على حافة السور الخارجى للمنزل , يقف على السور الطينى المتأكل .. اريد ان اصرخ
- حررررامى .
ينعقد اللسان من الخوف , والجسد يهبط الى حوش المنزل , ضخم , بقميص وسروال .. ينظر لى ويتقدم نحو سرير امى .. اتخبط فى العرق والهلع .. اتكلم دون ان افتح فمى
- يمة , يمة , اعملى حسابك .. حررررامى .
اللسان لا ينطق والجسد الضخم ينحنى على امى , وهى تقاوم فى ضراوة , يرفع ساقيها مُحاولاً تعريتها فى الجزء الاسفل
- ووب علي , ووب علي .. عليك الله لا .. حمادة ولدى بشوفنا , حمادة امشى الدكان اشترى حلاوة .
اصرخ بكل قوتى
- حررررامى .
تنهض امى مفزوعة
- حمادة بسم الله .. بسم الله حبيبى .
تضع راسى الصغير على صدرها الريان
- ده حلم يا حمادة .. اعوذ بالله من شر الاحلام .. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
تقرأ على اذنى بصوتها الذى ارهقته السنوات
- قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق .
يا للمذاق الباهت لحبوب (النيتروغليسرين) تحت اللسان
وخزات الدبوس الحادة كانت تطعن فى الصدر , ثم انتقلت الى الذراع اليسرى
وانا هنا للمرة الثانية , نفس المستشفى الخاصة , ونفس غرفة المرة الاولى بالمصادفة البحتة !
لكن لن ينفتح الباب عن احد هذه المرة , حتى (نجوى كمبال) تعرفت على عجوز فرنسى فى ردهات المركز الثقافى الفرنسى , تحدثا كما قالت لى ذات مرة عن اهمية توطين الفن التشكيلى فى مناطق النزاعات الاثنية فى عموم القارة الافريقية , عجوز فى بدايات تسعينيات عمره , تزوجته , وهى معه الان فى (باريس) منذ عام ونصف , قالت انها ستعود لرعايتى من جديد بعد وفاته , لكن يبدو اننى من سوف اموت فى البداية
- بابا .. وين family ؟ .
السستر (الفلبينية) تتعاطف معى وتندهش اننى وحيد ومقطوع من شجرة , كل الغرف الاخرى تضج بالحياة , خروج ودخول الناس فيها , الضحكات المكتومة , اكياس (حلاوة) وفاكهة وصحف يومية , سندوتشات دسمة تدخل خلسة مع زائر للمرافق , اطفال وشيوخ ومراهقات , احاديث محلية ودولية عبر هواتفهم .. الا انا , لا احد يدخل غرفتى او يتحدث معى غير الطاقم الطبى , احتمى من صمت غرفتى وصمتى بصفحات رواية احضرتها معى Tale of Two Cities , رواية عجوز وقديمة مثلى , فيها رحيق المرحلة التى احبها من عمرى , وعليها فى مُعظم الصفحات الداخلية شخبطة بقلم (رصاص) حول بعض الكلمات الكلاسيكية الصعبة بخط يد (عزيزة) شخصياً
- بابا .. وين family ؟ .
نظرت للائحة الاسماء فى هاتفى , لن اخسر سوى قيودى بهذه المحاولة , طلبت الرقم المنشود , ربما تكون قد ابدلته برقم جديد , انتظرت فى صبر
- الو .
كان صوت رجل
- دى مش نمرة الاستاذة ابتسام فيصل خليل ؟ .
- ايوه , انا ولدها .
- الاستاذة موجودة ؟ .
- الوالدة رجعت امريكا .
- رجعت اجازة ؟ .
- معاى منو لو سمحتا ؟ .
- انا من مكتب قناة الجزيرة وكنا عايزيين نستضيف الاستاذة فى برنامج عن المرأة السودانية .
- ايوه , معليش والله يا استاذ , الوالدة بعد وفاة الوالد زى شوية تعبت صحياً فى السودان ورجعت تانى بشكل نهائى لامريكا ليها زى سنتين .
- وانا ؟ .
- نعم ؟ .
- وانا هسع القى ضيفة وين للبرنامج .
تداعيات مابعد عملية قسطرة القلب تتطلب الراحة التامة فى السرير والابلاغ الفورى عن اى اعراض غير طبيعية مثل التنميل وعدم القدرة على تحريك اصابع اى من الاطرف
الدقة والانضباط , (القلب) واحد من اهم الاعضاء الحساسة فى الجسم , التعليمات لما بعد القسطرة باللغة العربية والانجليزية , ادخل فى الرابعة عصراً , ساعة يدى الذهبية ومفتاح شقتى وبعض الاغراض التـافهة الاخرى وضعتها عند موظفة الاستقبال , شحنت رصيد هاتفى المحمول وطلبت منها الاتصال بجميع الارقام الموجودة فيه لو حدث لى مكروه , ارقام الزملاء الاعداء فى صحيفة (الشروق) , ورقم صاحب البقالة تحت شقتى , ربما يتكرم احدهم فى لحظة شهامة نادرة باجراءات دفنى .. فعلت كل ذلك بثبات
فى دقة توقيت الانقلابات العسكرية الرابعة الا خمس دقائق وضعونى على النقالة المتحركة , يدفها احد من الامام واخر من الخلف , لمحت السستر (الفلبينية) تسير بجوارى بخطوات سريعة
- سستر .
نظرت الى وجهى , قلت وانا احرك راسى مثل الهنود
- انا family مافى .
اشاحت عنى بـ ألم
فى الرابعة تماماً كنت فى منتصف غرفة العمليات
- ح م ا د ة .
لو تعود تلك الايام , ايام الايمان بالشعب غير المؤمن .

شاهين شاهين

Post: #57
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 08:26 AM
Parent: #56

يا رفيقى الحاضر هنا , ما من احد حملك على الفرار .. ولست مسئولا عن ذلك .. لقد بنيت سلامك الشخصى بكثرة ما سددت بالملاط - كما تفعل حيوانات السرف - جميع منافذ النور , لقد تقوقعت فى طمأنينتك البرجوازية , فى رتابتك , فى طقوس حياتك الريفية الخانعة , رفعت هذا السور فى وجه الرياح والمد والنجوم .. انك لا تريد الانشغال بالمعضلات الكبرى .. كلفت نفسك ما يكفيها من عناء لكى تنسى وضعك كانسان .
انطوان سانت اكسوبرى




انـتـهـت الرواية

Post: #58
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 11:20 AM
Parent: #57

knightonhorsesilhouette1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

بيوت من طين
رواية

666904186.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

هذه الرواية هى اهداء خاص جداً لمن يحمل اسمى .
الى (شاهين شريف) , ابن اخى الاصغر , انا ولدت فى 24 فبراير بعيداً عن السودان , وهو ولد يوم 26 فبراير بعيداً عن السودان .
لم يُكمل عامه الثانى بعد , لكنه اصبح صديقى العزيز , استيقظ فجراً لاحمله على كتفى نتفرج على العصافير فى الشجرة الضخمة وهو يحاول ان يقبض على واحدة منها بكفه الصغيرة .
اتحدث معه , ويرد هو ببرطمة مُلغزة , بالحساب البسيط لمتوسط عمر الانسان لن اشهد تحوله لشاب يافع , لكن اتمنى من كل قلبى وهو يصعد للقطار وانا اتجه للمحطة الاخيرة ان يكون حظه افضل منى فى الحياة والمال والزواج والحب , وان يبتعد عن وسـخ السياسة والفلسفة والكتابة والبحث عن معنى كلمة شعب , ان يتجنب كل الحفر التى سقطت فيها ذات يوم .
اتمنى ان اجده بجوارى يوم رحيلى الاخير , واتمنى ان لا يزور قبرى بعد ذلك , وان ينطلق فى ملكوت السعادة والهناء .

Post: #59
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 11:25 AM
Parent: #58

ايها الواقفون على حافة المذبحة
اشهروا الاسلحة
سقط الموت .. وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح
المنازل اضرحة
والزنان اضرحة
والمدى اضرحة
فارفعوا الاسلحة
واتبعونى
انا ندم الغد والبارحة
رايتى عظمتان , وجمجمة
وشعارى الصباح
امل دنقل

Post: #60
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 11:28 AM
Parent: #59

(الزيداب) تلك القرية الصغيرة العجيبة , القرية التى احبها بنفس مقدار كراهيتى لها .
هناك فى جنوب (الخرطوم) .. هى البقعة التى اختارها (زيد الظافر) القائد والجد والمثل الاعلى من على صهوة الجواد الاشهب .
جاء من المغرب العربى وهو يحمل بين اكتـافه تاريخ نضالى غامض وطويل .
البعض قال انه حارب (الفرنسيين) , والبعض يقول ان (زيد) قبل الاحتلال الفرنسى بكثير , جاء ومعه مئة شخص من الرجال والنساء والاطفال , ضربوا خياهم فى هذه المنطقة الخلاء , كانت استراحة محارب , التقاط انفاس ويعود بعدها لحرب تحريره المقدسة , لكنه مات بعد ان وضعت له زوجته الثالثة السم فى الطعام , فقد اجدادى طريق العودة , زرعوا مساحات صغيرة على النيل , واصبحت هذه القرية هى قدرهم الذى لا فكاك منه .

Post: #61
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 11:53 AM
Parent: #60

r.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

1

اطلت امى براسها عبر الشباك الخشبى وقالت بصوتها الحازم
- اسعد ود فضيل الحلبى مات .
ضغطت على زر (الريموت كنترول) دون ان انظر لها , انخفضت درجة الصوت فى جهاز التلفاز تدريجياً حتى تلاشت
- الجنازة طلعت ؟ .
واصلت البحلقة على صور القناة (المغربية) مكتومة الصوت دون ان التفت نحوها
- اقفل الديوان كويس والحق الرجال فى المقابر .. انا ماشية بيت البكا .
خطواتها فى الليل مُميزة , شلل الاطفال يجعلها تجر قدمها اليمنى بشكل غير ملحوظ على الارض الرملية
- عجلتى وين ؟ .
لم تهتم بالرد , ما زالت غاضبة منى بعد ان اخبروها , سمعت صوتها امام الباب الخارجى وهى تتحدث مع (هبنقة)
رفعت صوت التلفاز من جديد , عندى رغبة مجنونة فى تعلم اللهجة (المغربية) , العودة الى الجذور , الحنين للارض الام
وقف ابن خالتى (هبنقة) براسه الضخم على شباكى الخشبى
- العاص .. والليلة وانا مالى , صحبك ود الفضيل مات .
- عارف .
- ماشى المقابر ؟ .
اغلقت التلفاز , نهضت من على المقعد
- كان ماشى اردفنى معاك فى العجلة .
- زح من وشى .
اختصرت المسافة والزمن , قفزت مباشرةً عبر الشباك الى الحوش , وجدت دراجتى الهوائية فى (المطبخ) , الآطار الامامى كان فارغ الهواء تماماً
- هبنقة تعال انفخ لى اللستك ده .
توجهت الى (الادبخانة) المظلمة , رفعت الطرف الاسفل (للجلابية) , وقفت اتبول , فكرت فى مُمارسة العادة السرية لكننى تراجعت سريعاً احتراماً لذكرى المرحوم
- والليلة يا العاص , وانا مالى , اللستك ده مقدود اعمل ليهو رقعة ؟ .
- رقعة شنو يا عوير ؟ , انفخو بالمنفاخ .
اغلقت (الديوان) جيداً , ما يستحق السرقة قليل
- عليك الله اردفنى .
- يا هبنقة ما تزهجنى انتا تقيل .
- وحاة امك حاجة البتول , بس لحدى بيت ناس شامة الحلبية , الباقى بتمو بكراعى لحدى المقابر .
طعننى فى صدرى , (الشامة) انشودة من العذوبة , هى (الزيداب) , تحمل كل ما فيها من بساطة ونقاء ريفى لم يتلوث بعوادم سيارات المدينة
- تعال اركب يا ود الحـرام , بس اوعك تدقر لى .
اخذ يُصفق بيديه وهو يُغنى
- الليلة ساير يا ود القبايل .
- يا زول ! .. نحنا ماشيين بيت عرس ؟ , والله انزلك .
- خلاص والله .. وحاة امك حاجة البتول .
- ما تتلولح , اثبت يا وحش عشان ما نقع .
ضربنى هواء الليل النظيف المنعش فى وجهى , من بعيد كان شارع الاسفلت يرقد مثل ثعبان , هو الذى انقذ (الزيداب) من عزلتها الفريدة فى مواسم الامطار
- المقابر فى الليل فيها شيطان .
- ارض الله واسعة يا هبنقة , يعنى الشيطان المنحوس ده ما يلقى مكان الا الزيداب ؟ .

شاهين شاهين

Post: #62
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 02:15 PM
Parent: #61

ImageReal_255.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


2

كنت ارقب طائرة نفاثة تُحلق على ارتفاع شاهق , خيوط الشروق الاولى كانت تنعكس على جسمها المعدنى فتجعلها تلمع , بينما يتبعها خطان ابيضان بطريقة هندسية بديعة , يلتحمان فى نهاية الامر الى خيط واحد سميك
نادتنى امى من الداخل
- العاص .. العاص .
- ايوه يمة , صاحى , فى شنو ؟ .
- اخوك خالد فى التلفون .
نهضت من سريرى القابع فى منتصف الحوش تماماً, قلت سوف يتحدث معى عن ما حدث ليلة امس فى المقابر, الملاءة التى كنت اتدثر بها من الباعوض وبرد الصباح القارس التفت حول كتفى بينما طرفها الآخر كان يمسح الارض من خلفى
دخلت غرفتها , ناولتنى هاتفها وهى ما تزال مضطجعة على سريرها
- ارفع الملاية من الواطـة .
- ايوه يا خالد صباح الخير .
- الحصل شنو فى المقابر امبارح ؟ .
- الحلب رفضوا يشيلوا الفاتحة مع الزيداب .
- كيف ؟ .
- اى زول يرفع يدو يقول الفاتحة كانوا بقولوا البقاء لله بالخشم بس .
- مختار النواح قالوا كان بيقول كلام ؟ .
- لما الجثمان نزل ود اللحد , مختار النواح كان ببكى وقال المرحوم ده مات مقتول وكان لازم البوليس يعمل تقرير طبى .
- قالوا طردوكم بعد الدفن .
- ما طردونا , بعد الدفن قالوا شكر الله سعيكم , ينتهى العزاء بانتهاء مراسم الدفن .
- امك قالت انتا ماشى ليك كم شهر مع بت حلبية من ناس النواح .
- ما ماشى معاها لو سمحتا .. انا داير اخطبها .
- داير تخطب حلبية ؟ .
ردى كان رجولياً
- ايوه .
صمت هو فى الطرف الاخر لمدة ثوانى
قالت امى بصوت حاد ليسمع من فى الطرف الآخر
- كدى انتهى اول من دراستك فى الجامعة بلا خطوبة بلا كلام فارغ معاك .
واصل الشيخ القاء موعظته الاخلاقية من الدولة الخليجية التى استقر بها منذ اعوام
- داير تعرس زولة مفتوحة يا العاص ؟ .
- مفتوحة كيف يا خالد ؟ .
خرجت من فم امى صوت ضحكة كتمتها بصعوبة
- الزولة دى محترمة ما تقول كلام زى ده , عيب عليك , انتا زول شيخ , ما تقذف الناس بالباطل .
- فى حلبية محترمة ؟ .. احنا بنعرفهم فى الزيداب كلهن مفتوحات , اصلو ما فيهن واحدة مقفولة يا كافى البلاء .
لم ارغب فى صناعة شجار مع تباشير هذا الصباح , فضلت الصمت
- انا نازل اجازة بعد شهرين , بعدين نشوف الكلام الفارغ بتاعك ده , ماشى كيف فى الجامعة ؟ .
- تمام .
- القانون دراسة صعبة ؟ .
- كويسة بس سنة تالتة المواد كتيرة .
- كدى ادينى امك تانى , انتبه لدراستك يا العاص .
- حاضر .
ناولتها الهاتف , خرجت من الغرفة فى خطوات بطيئة
- ارفع الملاية من الواطـة يا ولد .
- حاضر .
فى السماء كانت الطائرة النفاثة قد اختفت , بينما الخيط الابيض الطويل الممتد قد فقد ثنائيته واستقامته واخذ يتجه نحو التلاشى .


شاهين شاهين

Post: #63
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 02:22 PM
Parent: #62

sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

سفر التكوين

يقول شهلوب المكناسي فى مدونته على جلد البقر :-
انه لما كانت السنة الثالثة للوصول لهذه البقعة , غطت قرص الشمس اسراب من الجراد , خرج سيدى قرة العين مولاى (زيد الظافر) على حصانه الاشهب يحمل سيف الذهب المُطعم بالزمرد والياقوت , يلوحه ذات اليمين وذات الشمال , لكن اسراب الجراد كانت من الكثرة بحيث انها حملت الحصان بين اقدامها الشوكية الى مستوى ارتفاع الاشجار , ولم تبقى برهة من الوقت حتى احالت البقعة الخضراء الى يباب .
امرنا سيدى بالصلاة عند غروب الشمس , قال ليقف للصلاة السكران والمراة الحائض , قال هذا عام مسبغة وضنك , عليكم بما يجود به هذا البحر ذو الماء العذب , اصنعوا الشباك وصلوا باحذيتكم من الان فصاعد , وليقف السكران كتفاً بكتف مع المرأة الحائض , هذه ازمنة تشرب فيها المرأة من حليب ثديها , ويحتفظ الرجل ببرازه من اجل وجبة المساء .
اخبرتكم , يقول مولاى وقرة العين (الظافر) , اننى لن اقدم لكم العسل والماء , لن اقدم لكم غير العودة مرة آخرى الى ارضنا الاولى , نقاتل الكفرة , تكاثروا كى نعود الى هناك اكثر عدداً .
وبينما هو يخطب فينا اقبلت سحابة بعيدة من الغبار , حملنا اسلحتنا , وتوجهنا الى مصدرها , كانوا جمعاً غفيراً من اصحاب البشرة البيضاء يركبون على بغال , احطنا بهم احاطة السوار بالمعصم , قال لهم سيدى مولاى قرة العين
- من انتم يا ابناء العم ؟ .. ماذا تفعلون هنا فى ارض السود والعام عام مسبغة ؟ .
تقدم اكبرهم سناً بشعره الطويل المنسدل حتى منتصف ظهره , ركع امام حصان مولاى الاشهب , وقال
- يا مولاى , نحن قوم سلم , لا معرفة لنا بالقتال والاسلحة , نسوح فى بلاد الله , لا نعرف الاستقرار .
- ما اسمك ؟ .
- خادمك نواح .
- ما دينكم ؟ .
- لا دين لنا .. لا ارض لنا .
- ومن تلك يا نواح ؟ .
كانت بعيدة هناك فى منتصف الجمع , صدرها عارى , وفخذاها عجيان فى استدارة , كانت آية فى الجمال والخفة , عرفنا من نظرات عيونها انها حائض للمرة الاولى فى حياتها
قال (نواح) بثبات وهو ما زال راكعاً على الارض
- هذه خادمتك , ابنتى السعيدة .
تقدم منها سيدى مولاى قرة العين باعوامه الثمانين , مسح بيده على نهدها العارى لفترة طويلة من الزمن حتى سقطت من بغلتها دائخة على الارض , عندها وقف قرة العين بقدميه على ظهر الاشهب وقال للجمع الغفير
- قبلت بها زوجةً ثالثة , وادخلتكم الاسلام يا اهل نواح , صلوا من اجل رفع البلاء , وليحمل بعضكم هذه الفتاة فاقدة الوعى الى خيمتى .
من بعيد , فى الضفة الآخرى للبحر عذب المياه كان يلوح سرب جديد من الجراد , صرخ مولاى بكل قوة
- ابعد عنا هذا البلاء يا الخضر .
وشاهدنافى التو واللحظة الجراد وهو يسقط ميتاً فى البحر , فسجد كل من كان حاضراً , الا سيدى قرة العين مولاى (زيد الظافر) , فانه يُصلى بروحه فى الارض المقدسة .

Post: #64
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-26-2013, 07:09 PM
Parent: #63

summer_winds_horse_paintings_by_texas_artist_lauri_b941581c86410142871d577308eedd77.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

3


حتى قبل فترة من مشكلة (الشامة) والحوار بينى وبين امى عبارة عن تلغرافات سريعة مُقتضبة , انتهت بيننا كل تلك الاحاديث المرحة الشيقة عن اخبار الناس واحوالهم .. وقفت خلف ظهرى وانا اتجول بين المحطات الفضائية فى التلفاز
- الحاصل شنو ؟ .
- دى مظاهرات فى تونس .
- بالله .. ديل اولاد عمنا لزم .
- أأأأم .
- مالم ؟ , زادوا ليهم السكر ؟ .
- فى زول حرق نفسو .
- سجمى .. مجنون ولا شنو ؟ .. انا ماشية بيت اختك , لو اتأخرتا العشاء فى راس التلاجة .
ربما منذ ان اخبرنى (خالد) ان (الحمدانى) تاجر المواشى قد طلبها للزواج , والعلاقة بيننا ليست على ما يُرام , لم اعرف الا عندها انها مازالت صغيرة فى السن , فى منتصف اربعينيات عمرها , وانها ما زالت تحتفظ بهالة اسطورية من الجمال , نفس جمال نساء المغرب العربى المعروف
تزوجها امام المسجد الكهل الذى ترهبن ايام شبابه فى حب الله , ويوم عرسها بحثوا عنها ووجدوها تلعب (الحجلة) بقدمها السليمة فى خلاء القلعة الطينية مع الاطفال .. اشهر قليلة فقط من الزواج وبعدها سيطرت على الزوج الذى خلع ثياب الرهبنة فكرة البحث عن السيف الذهبى المُطعم بالزمرد والياقوت , اصبح هدف حياته ومحور خطب صلاة الجمعة الطويلة والتى لا تنتهى الا مع صلاة العصر , السيف يجب ان يعود الى (الزيداب) , سيف سيدنا وجدنا الاول , وبعد صلوات استخارة عميقة , انبثقت الرؤية لابى عندما كان اليوم يوم كسوف الشمس , اظلمت الدنيا حينها رغم ان الوقت كان منتصف الظهيرة , وتدفق شباب (الزيداب) الى حلة (الحلب) يرفعون ملابس نسائهم وفتياتهم ويدخلون اصابعهم فى الامكنة الحساسة من اجسادهن , فاليوم هو اليوم الاخير للحياة على سطح الارض , خرج ابى يصرخ فى شوارع (الزيداب) الخالية
- سيف سيدنا زيد فى مراكش , السيف فى مراكش مع زول ساكن فى المساجد .. زول لما يجوع , يقرأ القرآن يشبع .. لما يعطش , يقرأ القرآن يروى .
سافر لجلب السيف , ولم يعود الا بعد ان نسيه الناس , عاد بنفس الهيئة والملابس التى خرج بها بدون السيف
- ماشاء الله رجع زى ما مشى , مافى اى حاجة فيهو اتغيرت , سبحان الله , بركات سيدى زيد .
وجد ابنه البكر الذى تركه نطفة فى الرحم قد تحول الى شاب مُراهق , جلب معه كرتونة صفراء متوسطة الحجم نسخ فيها بخط يده كل مدونات (شهلوب المكناسي) التى كتبها على جلد البقر , فى كل هذه السنوات كان يقوم باقناع الرجل الساكن فى المساجد بتسليم السيف لاحفاد قرة العين الحقيقين , وبعد كل هذا الجدل اليومى المتواصل وافق الرجل الصالح بتسليم السيف والشرط الوحيد كان قبضة كف من رمل ضريح سيدى (زيد) , عاد ابى لتنفيذ الشرط , وعند استعداده للسفر من جديد , مات وهو يُصلى الصبح حاضراً .

شاهين شاهين

Post: #65
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-27-2013, 04:47 AM
Parent: #64

sudansudansudansudansudansudansudansudansudansudansudan3.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

4

ايقظنى ابن خالتى (هبنقة)
- العاص , اصحى من النوم , ناس المطار فى الحلة .
وقفز من الحائط الخارجى كما دخل .. رغم ضخامة جسده فانه يتمتع برشاقة مدهشة فى القفز من على الحوائط ! , قلت لخالتى مازحاً ذات مرة انه من الممكن ان يضمن مستقبله بسرقة بيوت الناس , فغضبت منى واشتكتنى لنصف اهل (الزيداب) ولكل طوب الارض
- فى شنو يا عوير ؟ , ملعون ابوك .
حاولت العودة للنوم مُجدداً , لكن كانت هناك فى الخارج اصوات جلبة بشرية تأتى بوضوح مختلطة بصوت ضوضاء عدد كبير من السيارات , جاء فى خاطرى ان الحلب قد قدموا شكوى للبوليس , ارتديت (جلابيتى) فوق ملابسى الداخلية , خرجت بسرعة , تذكرت وانا افتح الباب الخارجى اننى لم انظف اسنانى بالفرشاة والمعجون , صاحت امى من داخل غرفتها
- الحاصل شنو بره يا العاص ؟ .. الحلب عاملين مشكلة ؟ .
لم اهتم بالرد عليها .. فى الخارج كانت (الزيداب) كلها فى الشوارع , وكذلك كل سكان حى (السوادنة) , غير اننى لم الحظ وجود اى حلبى فى هذا الحشد الهائل !
- المطار الجديد حـ يكون فى الزيداب .
كانت الاصوات غير مصدقة لما يحدث امام عيونها , مجموعة كبيرة من المهندسين والمهندسات شرعوا فى نصب معدات اشبه بكاميرات الفيديو , بينما وقفت مجموعة من السيارت الفارهة يلتف حولها اشخاص يتحدثون مع بعضهم البعض فى همس غامض , صاح صاحب القامة الطويلة منهم دون اى مناسبة
- ابشروا بالخير يا الزيداب , مطار الخرطوم الجديد حـ يكون فى بلدكم .
ارتفعت زغاريد مثل الرعد من حشد النساء , وجدت امى تقف فى الصف الاول وهى تنظر حولها فى دهشة
- الله اكبر .. الله اكبر .
اختلطت الاصوات , اختلطت الاسئلة , ارتفعت ضحكات لا ادرى على ماذا ؟ , ابتهاج وفرحة مثل صباح عيد الفطر , انضم للحشد من استيقظ على الجلبة , بينما كانت هناك مهندسة تشق الحشود بيديها فى قرف واضح وهى تقوم بعد خطواتها بصوت مسموع
- خمسة وستين , ستة وستين .. واحد يعمل علامة بالجير فى الحتة دى , سبعة وستين , تمانية وستين .. يا نسوان زحن شطوركن دى من وشى دايرين ننتهى قبل السخانة .. تسعة وستين , سبعين , ود الحرام الـ بيعمل علامات الجير مشى وين ؟ .
اخذت طريق العودة للمنزل من اجل التسوك وشرب الشاى ثم الرجوع للمشاركة فى هذا المهرجان , لكن النبؤة ضربتنى مثل مطرقة قبل الوصول للمنزل , تذكرت بكل وضوح السطر الاخير فى مدونة (شهلوب المكناسي) التى نسخها ابى بخط يده
اقول لكم , ان هذه البقعة ستعود كما كانت , خلاء , لا يسكنها بشر او ماشية , وهكذا هى دورة التاريخ

شعرت بالحزن والخوف .. (هبنقة) كان يرقص ويصفق بيديه وحوله مجموعة كبيرة من اطفال (الزيداب) .
شاهين شاهين

Post: #66
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-27-2013, 04:53 AM
Parent: #65

horse53.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

سفر التكوين

يقول شهلوب المكناسي فى مدونته على جلد البقر :-
وانه منذ اليوم الاول لدخول سيدى مولاى قرة العين الى خيمته مع السعيدة ابنة نواح الصغرى لم يخرج الا فى الفيضان الاول الذى اجتاح البقعة بعد السنة الثامنة من الوصول اليها
كان يُراقبنا من خلال ثقب صغير فى الخيمة , امرنا بتوجيه اتجاه القبلة نحو الخيمة بدلاً عن الكعبة حتى يستطيع احصائنا من خلال الثقب فى شعائر الصباح , كنا نُشاهد كل عامين صبى صغير يمشى بصعوبة على قدميه خارجاً من الخيمة والمخاط يُغطى انفه , يصرخ فينا قرة العين من الثقب
- هذا ولدى , هو امانة فى اعناقكم حتى اخرج من اعتكافى القصير ونعود للجهاد ضد الكفرة .
سنوات طويلة ونحن فى شوق الى التكحل برؤية وجهه الورع الخالد , فقط كان صوته هو الذى يرعد فينا مع شروق شمس كل يوم جديد من خلال ثقب الخيمة الصغير
- الصلاة خير من النوم يا اولاد القحبة , انهضوا من فوق فروج نسائكم الداعرات , وصلوا صلاة زاهد ومُودع من اجل العودة .
وفاة (زيد الثانى الابن) كانت اللطمة الاولى وبدايات الاحزان التى لن تنتهى فى تاريخ البقعة , وهو الحدث الذى قدم التأريخ الفعلى للمقبرة باعتباره اول شخص من بلاد المغرب العربى يموت منا فى بلاد السود , اصابته الدوسنطاريا المعروفة هنا , حتى صار فى ايامه الاخيرة يأكل معنا وهو يتبرز , ويُدير شئون البقعة على راس مجلس الحكماء وهو يتبرز , يُعاشر زوجاته السبع والبراز يُلطخ جسده ومؤخرته الكريمة
وعند قدوم بعض القوم السود من اهل البلاد وبما لهم من خبرة فى أعشاب الارض قاموا بعلاج (زيد الثانى الابن) من التبرز , لكنهم عجزوا عن علاج التبول , فاخذ يتبول الدم على مدار ايام كثيرة بلا انقطاع حتى مات
قال لنا قرة العين ان لا نبكى او نحزن , حيث روح الابن الاكبر سوف تعود فى هيئة قطة , وعلينا اكرامها واحترامها وتوفير الحليب واللحم لها , حتى يعود الينا من العدم حياً يُرزق
- اقتسموا اللقمة بينكم , وبين عيالكم , وبين القطط .
وماهى الا فترة وجيزة حتى ازدحمت القطط فى البقعة الى درجة لا تصدق , واصوات شجارها فى الليل منعت الناس من النوم , وعندما اخبرنا قرة العين بشكوى الناس مما يحدث , امرنا بتغيير مواقيت اليوم
- اعملوا اثناء الليل , وناموا اثناء النهار , هذه القطط هى روح السر زيد الثانى الابن , ان ضاعت , ضاع فى مجاهل الابدية .
ومع الفيضان الاول , حملتها المياه على شكل دوائر ضخمة واختفت للابد فى قاع بحر المياه العذبة , ومن بعده عاد الناس لسيرتهم الاولى يعملون فى النهار وينامون فى الليل , وتولى دفة القيادة (زيد الثالث الابن) .

Post: #67
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-27-2013, 04:51 PM
Parent: #66

sudansudansudansudansudan23.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

5

فى 2006 عندما كان وباء انفلونزا الطيور يجتاح العالم , كانت هى المرة الاولى التى اتحدث فيها مع (الشامة) وضربتنى بحجر ضخم على قدمى , شاهدتها قبل ذلك مراراً فى مرورى العابر , لكننى لم اوجه لها حتى تحية
وعندما اعلنت منظمة الصحة العالمية بدايات انفلونزا الخنازير فى 2009 , كانت هى المرة الاولى التى اجلس فيها وجهاً لوجه مع (اسعد فضيل) اطرح عليه الاسئلة ولا اجد اجابات مُقنعة
نحيف , ابيض اللون , وصاحب قامة طويلة فى تناسق , (حب الشباب) على وجهه منحه جاذبية خاصة , وكانت هى المرة الاولى ايضاً التى الحظ فيها نوتة بيضاء ضخمة يحملها بين يديه وعلى الغلاف الخارجى كانت هناك لوحة كبيرة لفراشة مكتوب اسفلها بخط يد انيق وواضح (كيف تتحول الأساطير الى حقائق ؟.)
- دى قصايد شعر يا استاذ ؟ .
ضحك ضحكته المهذبة
- فى استاذ رياضيات بقدر يكتب شعر ؟ , ده كتاب .. لى مدة طويلة بكتبه وما داير ينتهى .
- عن شنو ؟ .
- عن الزيداب .
كان يجلس على الربوة الاولى التى تفصل قلعة سيدى (زيد) الطينية عن ضريحه الاسمنتى , وجدته كثيراً على هذه الحالة , ظهره للقلعة وعيناه على الضريح , هذه المرة القيت عليه التحية وجلست بجواره على الارض
- ممكن اسألك سؤال بايخ ؟ .
- ممكن .
- انتو ما بتحبونا ؟ .
- احنا منو ؟ .
- أأأ الحلب .
- انتا مش العاص ود حاجة البتول ؟ .
- انا ذاتى , انتا ما عرفتنى يا استاذ ؟ .
- ماشاء الله , الايام بتجرى , انا شايفك كتير لكن قايلك خالد .
- خالد اكبر منى بخمستاشر سنة , هو هسع فى السعودية .
- تمام .. تمام .. انا مشكلتى ما بقيت اقعد كتير فى الزيداب .
- انتا هسع أستاذ فى ياتو مدرسة ؟ .
- فى امدرمان , المؤتمر الثانوية .
- الزيداب بقولوا استاذ ود فضيل زول شاطر شديد فى التدريس .
- شكراً , شكراً .. انتو ناس طيبين شديد .
- بتحبونا ؟ .
- هاهاهاها .. المشكلة فى التاريخ يا العاص .. انتا فى الجامعة ؟ .
- انا بدرس فى الجامعة قانون , ماشى سنة تانية .
- تمام .. تمام , ربنا يوفق الجميع , تعرف انا مفروض ارجع البيت اكوى هدومى عشان شغال بكرة الصباح بدرى .
- بالمناسبة يا استاذ انا عندى ندوة الاسبوع الجاى فى النادى عن انفلونزا الخنازير , لكن المعلومات فى الانترنت كلها بالانجليزى وياريت لو ساعدتنى فى الترجمة .
- والله يا العاص ما اظن الموضوع ده مهم فى الزيداب , شايف فى مواضيع اهم من كده بكتير , لكن كدى بفتش ليك فى الانترنت .
- لا , الموضوع ده ما مهم كيف فى الزيداب ؟ , الكلام ده غلط .
نظر لى فى دهشة وهو ينهض , لم يتعود على اعتراض التلاميذ
- تعرف يا أستاذ اسعد , فيروس الانفلونزا الاسبانية سنة 1918 قتل 100 مليون زول فى العالم , وفيروس انفلونزا هونغ كونغ سنة 68 قتل مليون انسان .
نظرت فى عيونه لمعرفة تأثير استعراض عضلات معلوماتى , وجدت شبح أبتسامة خفيفة على الشفتين
- حااااضر يا العاص , بجمع ليك معلومات من الانترنت وبترجمها ليك , وكمان بحضر الندوة بتاعتك فى النادى .
سئلت فى فرح وفخر
- وعد ؟ .
- تمام .. تمام , وعد يا محامى .
مد كف يده اليمنى لى وتصافحنا فى مودة حقيقية , المرة الاولى التى نتصافح فيها .

شاهين شاهين

Post: #68
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-27-2013, 05:26 PM
Parent: #67

268-nh.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

6

لن تعود (الزيداب) ابداً كما كانت فى السابق
قتل (اسعد فضيل) , وقصة المطار الجديد , بينهما اسبوع واحد فقط , وبعد هذا الاسبوع ظهر الاغراب بكثافة , يسألون عن منازل ومزارع معروضة للبيع , يحملون فى ايديهم اوراق متسخة بالعرق واقلام , يرسمون خرائط لاحياء القرية , البعض قال انهم سماسرة , والبعض قال بوليس سرى , لكن حتى الان لم يُطالب احد بنبش الجثة !
بعد القلعة الطينية والضريح الاسمنتى الابيض , يبدأ حى (السوادنة) , تفوح فى منتصفه رائحة خمور بلدية , ينتهى لتظهر على يساره بعد ميدان واسع , حلة (الحلب)
وانا منذ ايام لا استطيع ان اقود دراجتى الهوائية حتى تلك المناطق , اشعر بضيق حاد فى التنفس , اتوقف قليلاً للاستراحة ثم اواصل الى مشارف شارع الاسفلت
- يا ربى ده بيكون من السجاير ؟ .
اشتريت من المخبز الرئيسى رغيف وجبات اليوم الثلاث , على بابه الاخضر القذر فى اهمال كانت هناك كتابة بخط قبيح للغاية ،، خالى من برومات البوتاسيم والله على ما اقول شهيد ،، .. وجدت (حمدانى) تاجر المواشى يجلس امامه وهو يتحدث بصوته المتحشرج المزعج عن (اسعد فضيل) مع بعض الاغراب , التقت عيوننا وانتظر ان القى عليه السلام لكننى لم افعل
مررت بحلة (الحلب) , توقفت امام منزل (الشامة) , تظاهرت اننى اُريد تفحص الآطار الامامى للدراجة , خرج من منزلهم طفل حلبى صغير عارى حتى نصفه الاسفل , وقف ينظر للدراجة فى انبهار , ثم طلب منى ان اعطيه رغيف , حمله بين يديه وطلب منى فى الحاح نقود لشراء (طحنية) , بحثت عن نقود معدنية كانت فى جيبى لم اجدها , واكتشفت ان هناك ثقب كبير فى البطانة الداخلية لجيب بنطالى
- معليش يا عسل الظاهر قروشى وقعت منى .
اخذ يبكى ويشتمنى , خرجت (الشامة) على صوته , خفق قلبى كانت ترتدى جلباب منزلى اصفر خفيف ومتسخ , سروالها الداخلى الصغير كان يظهر بوضوح من خلاله , لونه ابيض وعليه زهور صغيرة باللون الاحمر , عندما لمحتنى تغيرت تعابير وجهها , ضربت الطفل الصغير عندما شاهدت الرغيف بين يديه
- يا وسـخ , مليون مرة قلنا ليك ما تشيل حاجة من الزيداب .
جرى الى الداخل يبكى , وكان يشتمنى ويشتم اهل (الزيداب)
- يا مغاربة يا عواليق , جدكم الكبير كان همباتى .
تقدمت منى وتعابير الغضب ما زالت على وجهها
- اسمع هنا يا العاص , انا حامل , عارف الكلام ده ؟ .
جف حلقى , وقفت انظر لها فى ذهول
- لازم تشوف ليك حل فى المصيبة دى , رجلك فوق راسك , اوعك من حقارة المغاربة , انا ما مسكينة زى اسعد فضيل , الليلة نتقابل الساعة سبعة , عارف لو ما جيت انا طوالى بمشى اتفهام مع امك , ولو امك ما حلت لى الموضوع ده , انا بمشى افتح فيك بلاغ فى النقطة , انا عمرى 15 سنة , والاعتداء على قاصر فيهو اعدام عشان تكون عارف , افتح لى اضانك دى كويس .
عادت الى المنزل واغلقت خلفها الباب الخارجى بكل عنف
صعدت على دراجتى وانا اشعر اننى عاجز عن التنفس , الطفل الصغير ظهر براسه من على الحائط
- ادينى قروش اشترى طحنية يا مغربى يا معفن .
لم اشعر بنفسى الا وانا اسقط على الارض من دراجتى على مشارف مربوع منزلنا
- الحقونى .. ما قادر اتنفس , ما قادر اتنفس , ما قادر .
بعدها سمعت صوت امى وهى تبكى , وشقيقتى (نورالشام) تصرخ بعصبية كعادتها الدائمة , بينما كانت خالتى تتحدث فى هاتفها المحمول تسأل عن ارقام هواتف عربات الاسعاف .

شاهين شاهين

Post: #69
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-27-2013, 05:34 PM
Parent: #68

mightymarefacesmallpix3.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

سفر التكوين

يقول شهلوب المكناسي فى مدونته على جلد البقر :-
انه لما كان الخروج الثانى من الاعتكاف الاول لمولانا سيدنا قرة عيوننا , بعد الفيضان الاول , لم يتعرف على البقعة , تغيرت كثيراً , كانت اشجار الموالح تُغطى ضفاف بحر المياه العذبة , والخضروات بانواعها المختلفة تبعث البهجة فى النفوس بروائحها ومنظرها الاخضر الخلاب وهى مغروسة فى التربة الطينية الخصبة
تجول قرة العين فى ازقتها الضاجة بالحياة , وامر الناس بالسجود عند رؤيته , وجد جماعة اهل نواح وهم منهمكين فى صناعة ادوات الطهى من المعادن الرقيقة ونسائهم يبيعون العطور النفاذة وقوارير زجاجية غريبة الشكل فيها مياه مُقدسة تشفى من البرص
وجد السود من اهل البلاد يقومون بالتفانى فى زراعة الارض بسيقانهم النحيلة مثل سيقان نبات الذرة , وفى نهاية الحصاد يقومون بأخذ خُمس المحصول , يُنفقونه فى خمور كريهة الرائحة
- أأأه , يا لدوران عجلة الزمان , أأأه يا لتبدل المكان .. كم عام وانا فى خيمتى يا شهلوب ؟ .
- سنوات كثيرة يا قرة العين .
- الوقت وقت صلاة , صلوا من اجل العودة الى بلادنا من جديد .
الدواب بحركتها الكثيفة فى طرقات الازقة الضيقة كانت تُطلق سحابات الغبار وهى تحمل على ظهرها بضائع من بلاد الحجاز , حرارة الشمس كانت لا تُطاق , صيف البقعة لهيب .. خطب فينا بعد الصلاة وهو يحمل سيفه الذهبى المُطعم بالزمرد والياقوت
- لا تتزوجوا من الاغراب حتى لا يختلط الحابل بالنابل وتفتر الهمة لقتال الكفرة , ليبقى اهل المغرب كما هم , انقياء فى سلالتهم , المهمة المقدسة هى لنا , وحدنا فقط , سوف اعود للاعتكاف الثانى من اجل الراحة , واخرج لكم عما قريب للعودة الواجبة , تدربوا على سيوفكم, اتركوا الاعمال الشاقة لقوم نواح والسود من اهل هذه البلاد , فالمهمة الاشق فى انتظاركم , قلت لكم ليس عندى عسل او ماء , عندى لكم طريق المخاطر , من يُريد النساء ليقضى وطره منهن بالغريبات , اتركوا نسائكم للانجاب , نحن فى حوجة للرجال الاشداء , كلما ازداد العدد , كلما اقترب الخلاص .. اقول قولى هذا واستغفر الله لى , فاستغفروا من اجلى يا اهل البقعة الكرام حتى اجد لكم طريق النجاة .
وكان المسجد الاول على ارض هذه البقعة , فى المكان الذى صلينا فيه .. مسجد قرة العين .

Post: #70
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-29-2013, 03:38 PM
Parent: #69

28367.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

7

عالجنى (وهبة) تمرجى المركز الصحى فى نهاية المطاف , يقولون انه كان طالب طب نابغة فى جامعة (الخرطوم) , لكنه فى امتحان السنة الاخيرة وبعد قراءة ورقة الامتحان الاولى اخذ يضحك ويمزقها وانطلق يجرى فى الشارع ولم يتوقف الا فى (الزيداب) , متزوج من امرأة نحيفة للغاية , كلما تعاطت حبوب التسمين كلما ازدادت نحافة , لديها هواية غريبة عندما تتشاجر معه حيث تخرج من المنزل بملابسها الداخلية المثقوبة من كل الاتجاهات , تشتمه بكلمات غاية فى البذاءة وتسب له الدين وهى تقف فى منتصف الشارع تماماً , شاهدتها مرة فى هذه الحالة واندهشت ان حجم صرتها اكبر من حجم ثدييها , كلاهما تعود عليهما اهل (الزيداب) , وتعودنا على اكاذيبهما , فهما مرة (شوايقة) ولديهما ابنة وحيدة تعيش فى واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق , ومتزوجة من شيوعى كبير ممنوع من دخول قارة افريقيا كلها , ومرة آخرى هما (رباطاب) ولديهما ابن عبقرى كان اول الشهادة السودانية يدرس فى ماليزيا علوم طيران وهندسة كمبيوتر تتربص به الأستخبارات العالمية لنبوغه الافت فى هذا المجال
وكنت اسمع كثيراً الحديث الغامض الذى يدور بين النساء حول اصرار (وهبة) على حقنة فيتامين فى العضل وراء الستارة لكل من تذهب للمركز شاكيةً من علة ما
قال ان حالتى هى ارهاق عام
- اها .. بتدق حلاوة كتير يا بطل .
- لا , ما كتير شديد يا دكتور .
- كم مرة فى الاسبوع ؟ .
- ستة مرات فى اليوم .
- شنو ؟ .. معقول ؟ .
- وبعد ده برضو بمشى بيوت السوادنة زى خمسة مرات فى الاسبوع .
- لا حول الله يا ابنى , انتا كده حـ تموت عديل .
ظهرت نبرات الغيرة فى صوته
انتابتنى رغبة عارمة للضحك , وقررت مضايقته
- انا بكتب ليك شوية فيتامينات .
- بس اوعا تكون فى العضل يا دكتور .
تغير لون وجهه
- شنو ؟ .. قصدك شنو ؟ .
- أأأ , انا ما بحب الحقن , عندى حساسية منها .
- لا دى زفت حبوب زيت سمك , بتدخن ؟ .
- خمسة علب فى اليوم .
- يا ولد انتا بتهظر معاى ؟ .
- والله العظيم , انا بتكلم جد يا دكتور .
- امشى اطلع بره انتا شكلك كده ود حـرام ما عندك ادب ولا موضوع , اصرف الحبوب دى من الاجزخانة , وارتاح ليك كم يوم كده فى السرير ما تتحرك كتير , اهم حاجة توقف العادة السرية والتدخين عشان ما تدمر صحتك , وتانى ما اشوف وشك هنا , مفهوم ؟ .
- مفهوم .
التى دخلت بعدى كانت امرأة سمينة من اهلى ذات ارداف هائلة ترتج فى ابداع مع خطوات قدميها , قالت لى بصعوبة من خلال فمها الذى تحول الى كرة قدم بفعل الورم ان ضرسها يؤلمها بشدة , سمعته من الداخل يقول لها فى لهفة
- اتفضلى وراء الستارة يا هانم , اتفضلى عليك الله .
هذه المرة اخذت اضحك بشدة وانا اتنفس بصعوبة
الايام التى رقدت فيها على السرير , كان قلبى يخفق كلما سمعت طرق على الباب الخارجى , كان عندى خوف حقيقى من تنفيذ (الشامة) لتهديدها , اخاف ان تعرف امى , خوف حقيقى من ان افقد احترامها وحبها لى للابد .

شاهين شاهين

Post: #71
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: Emad Eldeen Ali
Date: 04-29-2013, 08:55 PM
Parent: #70



عزيزي شاهين,,,

تسلم علي قدر حد الإبداع والدهشه, وهي سلامة إن حلت عليك لأصبحت خالداً مخلداً فى الدنيا البت ###### دي.

رواية بيوت من طين واللي بتمنى المره دي تنزلها كامله, عندي إستفسار مهم وشاغل بالي.

الزيداب دي وين؟؟؟

صدقني من شده الواقعيه الموجوده فيها واللي بتعبر عنها اسلوب تعامل المجتمع العجيب و تفاعله المدهش فى بعضه,
زي الكأنو القريه دي موجوده فعلاً و الشخوص حقيقيين, وبرضو بشوف إنها من كل السودان شايله لمحه,
حاجه جميله كده زي امدرمان.

وبراك شايف خايني التعبير كيف, بالله عليك قبل ما تبدى كلمنا عن الروايه دي شويه.

تحياتي


Post: #72
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-30-2013, 11:14 AM
Parent: #71

womanandchairloarge.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

8

دفعت امامى دراجتى الهوائية وانا اتجه للخروج
- ماشى وين يا ولد انتا لسه عيان ؟ .
- ماشى لـ نور الشام , زهجتا من الرقدة .
عندما خرجت للشارع , وجدته بلجبابه الابيض المتسخ يسير نحو اتجاه المسجد , يرتدى كما هى العادة (سفنجته) خضراء اللون والتى تتحدى الزمن
(مختار النواح) هو اشرسهم , ضخم الجثة بشكل غير طبيعى , يقولون عندنا انه يشبه (النواح) الكبير , الخالق الناطق , وله نفس الشعر الطويل المنسدل , له كفين ثقيلتين , عندما يضرب بهما احجار الدومينو البيضاء على سطح المنضدة فى امسيات النادى المملة , ترتج الحوائط الطينية
لم احبه , لا اعرف لماذا , رغم انه لا يعرف القراءة او الكتابة الا ان لديه ذكاء فطرى مدهش , قال ذات مرة دون اى مناسبة
- اسعد فضيل هو عقل الحلب , وانا العضلات .
خلق لهم نوع من الهيبة فى المنطقة , وقنع من كل ضجيج الحياة بدكان صغير الحجم يقوم فيه بصناعة الاطباق المعدنية واكواز شرب المياه التى عفى عليها الزمن / فكيف ينتهى ابناء الالهة الاسطوريين ! / , له لسان فاحش يقوم بتحوير اى حديث عادى الى تلميحات جنسية فجة
- ممكن ادخل ليك الكوز ده فى الزير بتاعك عشان التجربة وكده .. هاهاهاها .
عندما يُصادفنى ينظر لى فى تحدى وقـح
- ازيك يا افندى .
- اهلاً يا خال .
لا اعرف هل يسخر منى , ام انه يحترمنى فعلاً ؟
رغم هذا يظل هو الوحيد من بين كل الحلب الذى استطاع خلق صداقات حقيقية مع رجال وشباب (الزيداب) , يقولون ان لديه مرهم سحرى اسمه سهر الليالى يجعل الانتصاب قائماً مهما تعددت مرات القذف , وهناك حديث ان (جعفر) ابن الماذون الشرعى قد استخدم المرهم يوم عرسه لان زوجته طلبت الطلاق فى اليوم الثانى مباشرةً
لدينا انا و (الشامة) طريقة نقوم فيها بتحديد مواعيد اللقاء , وبما انها مثل اغلبية (الحلب) لا تمتلك هاتف محمول , واشك فى الاساس انها تعرف كيفية استخدامه , فاننى اتجه نحو عمود انارة اسمنتى مُعين , اكتب بقطعة فحم على سطحه , وبيننا قسم ان تمر كل يوم خميس على العمود لتعرف المواعيد وتأكيدها , او الاعتذار عنها .. وقفت امامه وكتبت رسالتى الجديدة
- بكرة , الساعة 7 , فى التاكسى , ضرورى , معليش عيان .
(الشامة) هى حياتى , ومن فى احشائها هو فى نهاية المطاف ابنى , ويبدو اننى مثل جدى (زيد الظافر) اعشق الحلبيات , ونهايتى ستكون على يد واحدة منهن
(نور الشام) كانت مشغولة بالدخول والخروج من غرف المنزل المتعددة بدون هدف واضح , بيننا فارق فى توقيت الخروج للدنيا ليس اكثر من دقائق , شقيقتى التوأم
- الدنيا مقلوبة فى تونس يا العاص , مظاهرات شديدة .
- أأأأم .
- بقيت كيف ؟ .
- كويس .
- امتحاناتك متين فى الجامعة ؟ .
- فى نص شهر خمسة .
- كده يكون فضل ليك سنة واحدة .
- أأأأم .
- انتا بالجد بتحب زول حلبية ؟ .
- ما داير اتكلم فى الموضوع ده يا نور عليك الله .
- فى رز باللبن والزبيب فى التلاجة , اجيب ليك صحن ؟ .
كانت لدى رغبة الحديث معها عن ورطتى , لكننى فضلت مُتابعة اخبار الرئيس التونسى .

شاهين شاهين

Post: #73
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-30-2013, 11:17 AM
Parent: #72

sudan16.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

سفر التكوين

يقول شهلوب المكناسي فى مدونته على جلد البقر :-

انه لما كان يوم الغربان السود , لم ننتبه , أعتقدنا انها من الامور الاعتيادية , لكن الاذكى فينا تنبه .. قال لنا (زيد الظافر الثالث الابن) ان الامر جلل .
خرج سيدى مولانا قرة العين (زيد الظافر) من خيمته بعد غيبة , واخبرنا باختفاء (السعيدة) ومعها سيف الذهب المُطعم بالزمرد والياقوت , وبدأ الدم يخرج من انفه وفمه واذنيه مثل ينابيع الماء .
كانت الغربان تُغطى كل الأشجار والامكنة المرتفعة فى البقعة , خاف الناس على محاصيلهم , كان النذير بالشؤم القادم .
- هذه الغربان السوداء الملعونة .. اعلموا يا اهل البقعة الكرام ان الغربان نذير أيام تسيل فيها الدماء مثل البحور , تسيل منى ومن الأخرين .
امرنا قرة العين بشنق (نواح) , ومعه كل ابن او بنت له من صُلب (السعيدة) , فكثرت يومها الاجساد المتدلية من على فروع الاشجار , نهشتها صقور بلا رحمة , هجمنا على تجمعات اهل (نواح) وما تركنا امرأة عجوز او فتاة او طفلة الا وادخلنا مراودنا فى مكاحلهم , كان يوم الغضب العظيم , احرقنا خيامهم وجلدنا رجالهم مئة جلدة لكل واحد منهم .
كانت المواجهة قاسية بين قرة العين و (نواح) المقيد بالخيوط السميكة , كان جاف الشفتين يرتعد فى هدواء , راكعاً تحت قدمى مولاى .
- ما طلباتك يا غجرى قبل الصعود للسماء ؟ .
- ان تعود هذه البقعة خلاء لا يسكنها بشر او ماشية .
- لك ما تُريد , لتعود كما كانت , فاللعنة قد بدات ايها المجوسى النجس باختفاء السيف النبوى الشريف .
قال لنا قرة العين وهو يمتطى ظهر جواده الاشهب , ان من وضعت السم فى الطعام سوف تركع تحت قدميه , سوف يبحث عنها ويجعلها جارية , عبدة حتى آخر ايام حياتها .
خرج وحيداً ينزف من كل فتحات جسده العلوية والسفلية . تبعته اسراب الغربان فى ضجة , لكنه لما كان اليوم الرابع لخروجه الجليل , عاد الاشهب وحده , فقال (زيد الظافر الثالث الابن) قولته التى سارت مثلاً عند اهل البقعة
- ان الامر جلل .
وانتظرنا عودة قرة العين فهو يعيش الف عام .

Post: #74
Title: Re: عيونك يا حمادة فيها حاجة .
Author: shaheen shaheen
Date: 04-30-2013, 07:28 PM
Parent: #73

834.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

9

كنت انتظرها فى قلق وترقب بالغ , وعندما لاح شبح جسدها النحيل من بعيد فى الظلام خفق قلبى
اقتربت منى دون كلام
- كيفك يا الشامة ؟ .
لم ترد , فتحت الباب الخارجى ودخلت خلفى دون تردد , هنا عش الغرام , لا احد يقترب من هذا المنزل , وأشجار (الدوم) الكثيرة المتناثرة داخله تجعله مكاناً ملائماً لتصوير افلام الرعب , ومما يزيد من رهبته وضعه الجغرافى الذى جعله بعيداً عن بقية البيوت فى حى (المغاربة) , يقف وحيداً بائساً شاهداً على التراجيديا التى حدثت لاهله
فتحت ابواب عربة (التاكسى) الصدئة , احدثت ضجيجها المعتاد , صعدنا على الهياكل الحديدية للمقاعد الامامية
مشتاق ليك .
وضعت يدى على فخذها , ابعدتها فى عنف
- بلا مشتاق بلا كلام فارغ معاك .. حـ تعمل شنو فى المصيبة دى ؟ .
عندما كان وباء انفلونزا الطيور يجتاح العالم , شاهدتها لاول مرة وتعلقت بها , كنا لجنة طافت البيوت كلها فى (الزيداب) , يجب ذبح كل الطيور الداجنة الموجودة , الرفض الوحيد الذى اصطدمنا به كان فى حلة (الحلب) , والمقاومة الشرسة العنيفة كانت من اهل منزلهم بالذات , قالوا ان سرب (البط) الذى يملكونه هو بمثابة ابنائهم ولن يقبل انسان غير سيدنا (ابراهيم) ان يذبح ابنائه , قذفونا بالحجارة وكان نصيبى ضربة حجر ضخم على قدمى من يديها , تحولت الساحة التى امام منزلهم الى (ضفة غربية) , أحجار وزجاجات مياه غازية وهتافات ولم يبقى لهم الا استخدام الغاز المُسيل للدموع , كانت هى فى مقدمة المعركة صانعة للعنف ولهتاف
- يا مغاربة يا عواليق .. نحنا نموت والبط يعيش .
انسحبنا فى ارتباك وعلى اجساد كل اعضاء اللجنة جروح صغيرة , وكادت (الزيداب) كلها ان تشتعل فى اتون حرب اهلية صغيرة
- الحلب اولاد الكـلـب ديل دقوا اولادنا ودايرين يقتلونا بالفيروس .
كان الحل بين يدى (اسعد فضيل) فى نفس مساء ذات اليوم , قدم لنا الاعتذار الواجب فى المسجد وقام بنفسه بالاشراف على ذبح كل الطيور الموجودة عند (الحلب)
- انا كنتا عاين الايام الفاتت .
- انشاء الله تموت .
- صدقينى انا ما ممكن اتخلى عنك .
قلتها وانا فى حيرة كبيرة من امرى
- هاهاهاها, شاطر والله , ضحكتنى لكن يا ولد .
- بس ادينى شهر يا الشامة ارتب الحاجات واتكلم مع ناس البيت .
أمسكت بمقود العربة العجوز التى شهدت اول تجربة جنسية لنا معاً , كان بحالة جيدة , تخيلت اننى اقودها بسرعة هائلة فى شوارع نظيفة وفارغة من البشر وحولنا بساتين خضراء وعصافير ملونة صغيرة ونحن نستمع لاغنية عاطفية هادئة .. صاحب هذه العربة اختفى فى ظروف غامضة فى بدايات سبعينيات القرن الماضى بعد اسبوع من وفاة طفله الاول والاخير , هكذا بكل بساطة اختفى للابد , (مشوار) مع زبون من (المطار) الى جهة غير معلومة فى (امدرمان) ولم يظهر بعدها , وجدوا عربته (التاكسى) هذه بعد أسابيع فى منطقة خلاء وهى بحالتها دون سرقة اى شيء منها , تحدثت (الزيداب) طويلاً بعد ذلك عن عصابة تقوم بالخطف وسحب الدم البشرى من الضحية حتى اخر قطرة ثم بيعه بعد ذلك باسعار خرافية , قالوا ان الانسان خلال عملية السحب هذه يتحول الى هيكل عظمى فى ثوانى معدودة
- شهر تانى كتير , انا هسع حامل لى شهر .
- خلاص ممكن اسبوعين ؟ .
زوجته لم تتحمل صدمة رحيل الابن والزوج , تركت الدنيا بما فيها لمن فيها , ذهبت للحرم المكى الشريف وجاورت هناك , كانت تعود على مدار فترات زمنية مُتباعدة للغاية لزيارة الاهل وقد التفت (السبح) الملونة باحجام مختلفة حول يديها وعنقها , اطلقنا عليها اسم (ام السبح) , وفى واحدة من زياراتها لامى اعطتنى مفتاح الباب الخارجى لمنزلها , طلبت منى الاعتناء بالمنزل وباشجار (الدوم) حتى لا تموت من العطش
- لسه بتحبينى يا الشامة ؟ .
هزت كتفيها فى استهزاء
- يمكن .
مدد يا سيدى قرة العين .. مدد .

شاهين شاهين